المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

الريمي

مقدمة التحقيق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة التحقيق إن الحمد للَّه نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ باللَّهِ من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102). (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1). (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71). أما بعد: فإن الله عز وجل أراد بهذه الأمة خيرًا حين قيَّض لها أئمة هداة صالحين، جعلوا نصب أعينهم قول الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين". وقد لقى الفقه الْإِسْلَامى من عناية هؤلاء النفر من العلماء وحرصهم ودأبهم وإخلاصهم ما يسر الله به لكل ذي حاجة طلبها ولكل ذي مسألة جوابها. وكان من ذلك نقل الصحابة رضى الله عنهم أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - والعمل بمدلول ألفاظها وما تقتضيه، فكانوا أئمة هداة، ونقلت أقوالهم وفتاويهم وحفظت عن طريق أتباعهم وتلاميذهم، فحفظوا أقوالهم وأفتوا، لأنهم خير من فهم عن رب العزة وعن نبيه - صلى الله عليه وسلم - وصارت فتاويهم وأقوالهم نبراسًا لمن بعدهم من التلاميذ والاتباع، فتوارث الأتباع جهد المتبوعين وعلمهم، ثم توارث أتباع الأتباع علم الأتباع وأقوالهم التي خرجت من المشكاة الأولى فحفظوها وتداولوها إلى أن وصل علمهم أئمة فقهاء جهابذة ناصرين للسنة وقامعين للبدعة، وهؤلاء هم الإمام أبو حَنِيفَةَ رحمه الله، والإمام مالك رحمه الله، والإمام العلم القدوة الشَّافِعِيّ رحمه الله،

والإمام المبجَّل، إمام أهل السنة ناصر الحديث وقامع البدعة الإمام أَحْمَد بن حنبل عليه رحمة الله، فحفظ هؤلاء علمهم، واستناروا بأفهامهم وأقوالهم، مع حيازتهم التامة لأدوات الاستنباط وعلوم الاستدلال فجاء علمهم محكمًا متينًا. ومن تمام فضل اللَّه علينا أن قيَّض لنا علماء حفظوا أقوال هؤلاء الأئمة ونقحوها وبينوا مشكلها والصحيح، وما كان ذلك إلا بعد جهد جهيد وعمل مضن شديد، سهروا من أجله الليالى، وطووا لأجله المفاوز، فحفظ اللَّه لهم جهدهم وأفاد الله الخلق بعلمهم، فاللهم اجزهم عنا خير الجزاء. ومن هؤلاء الأئمة الذين اهتموا بجمع أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المقتدين: 1 - الإمام العلامة المحقق المتقن الحافظ المفسر الكبير الشأن ابن المنذر - رحمه الله - فى كتابه الأوسط، وهو بحق كتاب الْإِسْلَام الذي من وعاه كان إمامًا في الْإِسْلَام. 2 - الإمام الكبير مُحَمَّد بن جرير الطبري في كتابه اختلاف الفقهاء. 3 - كذلك ابن المنذر في كتابه الإشراف على مذاهب الأشراف، واختلاف الفقهاء. 4 - كذلك الإمام الحافظ المجتهد مُحَمَّد بن نصر المروزي في كتابه اختلاف الفقهاء. 5 - كذلك الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه اختلاف الفقهاء. 6 - كذلك الإمام سيف الدين القفّال الشاشي في كتابه حلية العلماء. 7 - كذلك القاضي عبد الوهاب في كتابه الإشراف. وغيرها كثير. 8 - كذلك الإمام الوزير ابن هبيرة في كتاب الإفصاح. 9 - والإمام المبجل المحقق العلامة موفق الدين بن قدامة في كتابه العظيم المغني. 10 - والإمام المحقق الحافظ ابن حزم الأندلسي في كتابه الكبير المحلَّى. ثم جاء خاتمة هؤلاء وهو الإمام الريمي في كتابه "المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة" فضمن كتابه كل ما جمعه هؤلاء الأئمة واعتمد عليهم وأتى ما تفرق في كتبهم فكان كتابًا جامعًا وأضفى على التراث الْإِسْلَامى المجيد لبنة جديدة في لبناته الشامخة.

منهج الإمام الريمي فى الكتاب

منهج الإمام الريمي في الكتاب 1 - ذكر الإمام الريمي في بداية الكتاب أنه رتبه على ترتيب المهذب للشيخ الإمام العلامة أبي إِسْحَاق الشيرازي، إلا أنه خالف أحيانًا وسار على ترتيب الحلية للقفال الشاشي. 2 - كما ذكر أنه سيبدأ بالشَّافِعِيّ في بداية كل مسألة، وهذا طبعًا لأنه شافعي، وكأنه لتقرير المذهب الشَّافِعِيّ أولاً. 3 - قليل ما كان يعلق الإمام الريمي على المسائل لأنه ذكر في مقدمة الكتاب أنه أعرض عن ذكر الأدلة، وهذا طبعًا يقتضي قلة التعليق. 4 - لم يهتم الإمام بتفسير الألفاظ المبهمة إلا القليل النادر. 5 - اعتمد الإمام في ذكر المذاهب على الشاشي وابن الصباغ في كتابه الشامل وكذلك ابن أبي الخير العمراني في كتابه البيان، وكذلك صاحب الدر الشفاف. 6 - كذلك اعتمد في نقل مذاهب الصحابة والتابعين على كتب ابن المنذر، وإن لم يصرح بذلك، إلا أني كنت أجد هذه النقولات كما هي في كتاب الأوسط لابن المنذر. هذا وأرجوا من اللَّه السميع العليم أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يثيبنى عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأرجو أن أكون وفقت في تخريج الكتاب في صورة طيبة، ولا يدعى أحد لنفسه الكمال، إنما الكمال لله وحده، فمن وجد خطأ فليصوب ويسامح، ومن وجد صوابًا فأرجو من الله وحده الثواب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وكتبه الفقير إلى عفو ربه سيد مُحَمَّد مهنى

عملي فى الكتاب

عملي في الكتاب 1 - قمت بفضل الله تعالى بنسخ المخطوط حسب القواعد الإملائية المتعارف عليها. 2 - قمت بإصلاح بعض الأخطاء التي قد تكون سبق يد من الناسخ كتكرار كلمة أو كتابتها زائدة حرفًا أو ناقصة حرفًا كالكوسج كتب والكوشى وغيرها. وقد اعتمدت في قراءة بعض الكلمات الصعبة على المراجع التي اعتمد عليها المؤلف نفسه كحلية العلماء وغيره. 3 - قمت بتخريج وعزو الأقوال لأصحابها، وذكرت عند الاختلاف في العزو نص الكتب التي ذكرت قول الإمام سواء كان الشَّافِعِيّ أو غيره من الصحابة والأئمة، وذلك حسب الجهد والوقت. 4 - كما قمت بالتعليق على بعض المسائل التي تحتاج إلى البسط، وعندما وجدت كلامًا لأحد الأئمة وهو الحق في المسألة فكنت أذكره كشيخ الْإِسْلَام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وابن المنذر وابن قدامة والماوردي - رحمهم الله جميعًا -. 5 - كما قمت بشرح بعض الألفاظ الغامضة والمبهمة، واعتمدت في ذلك على لسان العرب وترتيب القاموس وغيرهم. توثيق الكتاب لا شك في نسبة الكتاب للإمام الريمي، فقد جاء في غلاف المخطوطة ما نصه: كتاب المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة للإمام الهمام الكامل العامل المحقق المتقن جمال الدين مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر بن أبي السعود المشهور بالريمي. كما ذكره كل من ترجم له كالحافظ ابن حجر، وابن العماد، وصاحب هدية العارفين، والزركلي. * * * وصف المخطوطة المخطوطة تقع في 216 ورقة من القطع الكبير، وهو واضحة الخط مقروءة، وإن كان فيها بعض الكلمات الصعبة التي بفضل الله استطعت قراءتها. وتاريخ نسخها سنة (807 هـ) وهي بخط قلم معتاد مهملة النقط أحيانًا، وعلى حواشيها بعض التعليقات مذكور في أغلبها مذهب أهل البيت. وهي محفوظة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء (كتب الوقف) 660 أئمة المذاهب وغيرهم.

ترجمة المصنف

ترجمة المصنف اسمه: ترجم له الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر بقوله: مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر الحثيثى -بمهملة ومثلثتين مصغر- الصردفي. وقال ابن العماد في الشذرات: مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الله بن أبي بكر، وذكره فى الدرر أيضًا بمثل ما ذكره في إنباء الغمر. وقال في الأعلام: مُحَمَّد بن عبد الله. كنيته: وكناه في الدرر بقوله أبو عبد الله. لقبه: يلقب بـ "جمال الدين" كما ذكر الحافظ وابن العماد والزركلي. نسبه: قال الحافظ: الصردفي الريمي، وكذا ذكر ابن العماد، وكذا الزركلي - رحمهم الله تعالى -. وصردف: بلد في شرق الجند من اليمن. وريمة: قال ياقوت: بفتح الراء، ريمة الأشابط: مخلاف باليمن كبير. وريمة أيضًا: من حصون صنعاء لبني ربيد غير الأول، والظاهر أنها التي منها الإمام الريمي، لأنه ذكر في الصفحة الأولى من المخطوط أنه ربيدي مسكنًا. مولده: ولد الريمي سنة 710 هـ كما ذكر ذلك الحافظ،. شيوخه: لم تسعفني المصادر التي وجدت فيها ترجمة الريمي عن شيء من شيوخ الريمي الذين أخذ منهم إلا ما ذكره الحافظ ابن حجر، قال: وتفقه على جماعة من مشايخ اليمن وسمع الحديث من الفقيه إبراهيم بن عمر العلوي. تلاميذه: كذلك لم تسعفني المصادر بشيء من تلاميذ الريمي إلا ما ذكره الحافظ ابن حجر في الدرر، قال: وكثرت طلبته ببلاد اليمن واشتهر ذكره وبعد صيته. ثناء العلماء عليه: قال ابن العماد: اشتغل بالعلم وتقدم في الفقه فكانت إليه الرحلة في زمانه. وقال الحافظ ابن حجر: اشتغل بالعلم وتقدم في الفقه فكانت إليه الرحلة في زمانه، وكأن ابن العماد نقل هذه الجملة عن الحافظ ابن حجر - رحمهما الله. توليه القضاء: قال الحافظ: ولي قضاء الأقضية بزبيد دهرًا من ذي الحجة سنة تسع وثمانين إلى أن

وفاته:

مات في أواخر المحرم، وقيل في أول صفر. مؤلفاته: 1 - المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة، وهو كتابنا هذا، ووقع في إنباء الغمر والشذرات: المعاني الشريفة، ولكن كتب على غلاف المخطوطة المعاني البديعة، وكذا ذكره بهذه التسمية صاحب كشف الظنون. 2 - شرح التنبيه لأبي إِسْحَاق الشيرازي، وسماه في الأعلام وكشف الظنون التفقيه فى شرح التنبيه، ذكر الحافظ أنه يقع في أربعة وعشرين سفر، وذكر في الدرر "وشرح التنبيه في نحو من عشرين مجلدًا". وذكر الحافظ وابن العماد أن الملك الأشرف أثابه على إهدائه إليه أربعة وعشرين ألف دينار ببلادهم، يكون قدرها ببلادنا أربعة مثقال ذهبًا. 3 - خلاصة الخواطر، ذكره الحافظ في الإنباء. 4 - بغية الناسك في المناسك، ذكره الحافظ أيضًا. 5 - اتفاق العلماء، ذكره صاحب هدية العارفين. 6 - المضان، ذكره صاحب هدية العارفين أيضًا. وفاته: توفى الريمي سنة 792 كما ذكر ذلك صاحب هدية العارفين، الزركلي في الأعلام، والحافظ في الإنباء، إلا أن الحافظ في الدرر ذكر أنه توفى سنة 791 فالله أعلم. حادثة وقعت للإمام الريمي - رحمه الله: قال الحافظ في إنباء الغمر: قال لي الجمال المصري: كان الرَّيمي كثير الإزدراء بالنووي، فرأيت لسانه في مرض موته، وقد اندلع لسانه واسود، فجاءت هرة فخطفته، فكان ذلك آية للناظرين، رب سلِّم. مصادر الترجمة: 1 - إنباء الغمر بأنباء العمر (3/ 4). ط/ دار الكتب العلمية. للحافظ ابن حجر. 2 - الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر (3/ 106). ط / دار الكتب الحديثة. 3 - الأعلام للزركلي (6/ 236). ط/ دار العلم للملايين. 4 - شذرات الذهب لابن العماد (5/ 325). ط/ دار الفكر. 5 - هدية العارفين (6/ 173). ط/ دار الكتب العلمية.

صور المخطوط

صور المخطوط

مقدمة المصنف

[مقدمة المصنف] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد وآله وسلم الحمد لله الذي رفع أقدار العلماء وشرفها بمعاليها الذاتية والاسمية. ونور بمانيرهم بالعلوم الشرعية والحكمية. وأيدهم بالحقائق العلمية والفقهية، ونزههم بفضله عن الأمور الوهمية. نحمده حمد من فاز بالأمنية والقسمية. ونشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، شهادة تمحو الحادثات الإثمية. ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث بشرف الهمة والحمية، صلى الله عليه وعلى آله ما أشرقت الأنوار الشمسية والنجمية. أما بعد: فإنه لما كان خلاف العلماء في الشريعة المطهرة واقعًا بين الصحابة والتابعين والأئمة المهديين رضي الله عنهم أجمعين. كان ذلك من اتساع الرحمة، وتيسيرًا من الله تعالى للأمة. قال اللَّه تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت بالحنيفية السمحة السهلة" وقال ابن عَبَّاسٍ رضى اللَّه عنه "الرحمة صدقة من الله تعالى فلا تردوا على اللَّه صدقته". وقيل: إن الله تعالى يحاسب العبد على أيسر الوجوه. ولما نظرت في كتاب ابن حزم رحمه الله، الذي جمعه في إجماع الأئمة، وأورد ما فيه الخلاف ظاهرًا، وادعى الوفاق فيه، وأورد ما فيه الوفاق ظاهرًا، وادعى الخلاف فيه. وجاء في كل من الأمرين بما ينافيه، وقد نبهت على ذلك في نسختي منه بالحواشي إزاء المسائل التي ذكرها في الكتاب. وجئت بما فيه إن شاء الله تعالى عين الصواب، رجاء فضل اللَّه وجزيل الثواب. أحببت أن آتي بكتاب فيه الخلاف بين الصحابة، والتابعين، والأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين، وإلى نحو ذلك بالأقوال القوية الأكيدة. والوجوة الضعيفة البعيدة،

لئلا تحرج الأمة، ولا يقع مسكين في غياهب الظلمة. وسميته: "المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة". كتابًا شافيًا، وكلامًا وافيًا، يحتوي على الكمال ويبعد عن مقاربة الإشكال، ورتبته على ترتيب المهذب للشيخ أبي إِسْحَاق الشيرازي تبركًا به. وجعلت أول كل مسألة ميمًا بالحمرة علامة لأولها، وانفصالاً عما يقدمها، ليسهل على الطالب. وأهملت ذكر دلائل الترجيح. إذ عند كل من الأئمة أن نظره الصحيح، فلا حاجة إلى ذكر التفصيل والتصحيح. وإنَّما اعتمدت في الترتيب على الشيخ أبي إِسْحَاق المذكور، لأنه في الشَّافِعِيَّة من الصدور، وبدأت بذكر الشَّافِعِيّ في المسطور، وتوكلت على الله في كل الأمور وأسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق، والهداية إلى أرشد طريق التحقيق، إنه ولي ذلك والقادر على ما هنالك. ثم اعلم أن السبب الذي أوجب الخلاف بين العلماء، وإن كان الكتاب واحدًا والنبي - صلى الله عليه وسلم - واحدًا، إنما هو في الطريق المؤدية إلى الحق لا في الحق نفسه، والموجب لذلك في كل مسألة يطول شرحه، ونحن نشير إلى ما تيسر من ذلك. وهو ثمانية أسباب: وكل ضرب متولد منها، ومتفرع عنها: الأول: اشتراك الألفاظ مثل لفظ القرء في الآية، لأن العرب تطلقه تارة على الطهر وتارة على الحيض، وغير ذلك من الألفاظ الواقعة على الشيء وضده، وكذا لفظ الأمر هل يحمل على الوجوب أو الندب، ولفظ النهي هل يحمل على التحريم أو كراهة التنزيه، وكذا اشتراك المعاني كاللمس فإن العرب تطلقه تارة على اللمس باليد، وتارة تكنى بها عن الجماع، فحمله الشَّافِعِيّ رضي الله عنه في الآية على اللمس باليد، فينقض به الوضوء في لمس الأجنبية، وحمله أبو حَنِيفَةَ على الجماع فلم ينقض الوضوء إلا بذلك. الثاني: الحقيقة والمجاز، مثل لفظ النكاح هل هو حقيقة في العقد مجاز في الوطء أو عكس ذلك، أو مشترك. الثالث: إطلاق اللفظ أو تقييده مثل تقييد الرقبة في العتق بالإيمان تارة وإطلاقها أخرى.

الرابع: ما يعرض من جهة العموم والخصوص. الخامس: ما يعرض من قبيل الرِّوَايَة، كالإرسال والرفع والإسناد، وغير ذلك مما يقدح فيها. السادس: ما يعرض من قبيل القياس فيما عدم النص فيه من الكتاب وهو أشهر الأسباب وبه قطع البندنيجى في خطبة كتابه. السابع: ما يعرض من جهة النسخ، كالخلاف في الأخبار، هل يجوز نسخها كالأمر والنهي أم لا؟ وهل يجوز نسخ السنة بالقرآن وبالعكس أم لا؟ وكالخلاف في مواضع في القرآن والسنة، ذهب بعضهم إلى نسخها، وبعضهم إلى عدمه. الثامن: ما يعرض من قبيل الإباحة كالخلاف في القراءات السبع، والتكبير على الجنازة، وتكبير أيام التشريق، ونحو ذلك. فهذه أسباب الخلاف الواقع بين العلماء لا يسع أحد جهلها ولم يخل منها هذا الكتاب. والله الموفق للصواب. * * *

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة باب المياه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الطهور: هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، والطاهر: هو الطاهر في نفسه غير مطهر لغيره. وعند الأصم وبعض الحنفية وأبي بكر بن داود الطهور والطاهر بمعنى واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ومُحَمَّد وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجزئ إزالة النجاسة بشيء من المائعات، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يجوز.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الوضوء بشيء من الأنبذة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، وعند الثَّوْرِيّ والحسن والْأَوْزَاعِيّ يجوز إذا عدم الماء في السفر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في الأصح عنه. وعند مُحَمَّد نجمع لذلك بين الوضوء به والتيمم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء لا يجوز رفع الحدث وإزالة النجس بالمائع الطاهر، وعند ابن أبي ليلى والأصم يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وابن عَبَّاسٍ وأكثر الصحابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز رفع الحدث وإزالة النجس بماء البحر، وعند عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو لا تجوز عند عدمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تكره الطهارة بما قصد إلى تشميسه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك َوَأَحْمَد لا يكره وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة واختاره النواوي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تكره الطهارة بالماء المسخن وعند مجاهد يكره، وعند أَحْمَد إن سخن بوقود نجس كره وإن سخن بطاهر فلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع البرد والثلج على أعضاء الطهارة وهو صلب لا يحل منه الماء لم يجزئه، وعند الْأَوْزَاعِيّ يجزئه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره رفع الحدث بماء زمزم وعند أَحْمَد يكره في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر العلماء لا يكره الطهارة بما تغير بطول المكث، وعند ابن سِيرِينَ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بالماء المتغير أحد أوصافه بالطاهر ما لم يرد إجراؤه على أجزائه، أو يثخن بحيث يمنع من جريانه، وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وعند الزُّهْرِيّ إذا بل فيه كسر الخبز جاز والوضوء به تغير أو لم يتغير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع في الإناء ما لا نفس له سائلة في تنجيسه قَوْلَانِ: أصحهما لا ينجس، وبه قال الْمُزَنِي وأبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وعامة العلماء، والثاني: ينجسه، وبه قال مُحَمَّد بن المنكدر ويَحْيَى بن أبي كثير.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ موت الضفدع والسرطان في الماء يفسده إذا كثر، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفسده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز رفع الحدث بالماء المستعمل في فرض الطهارة، وبه قال مالك في رِوَايَة، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم، وعند الحسن البصري وعَطَاء ومَكْحُول والزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ والنَّخَعِيّ وداود ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر يجوز، وبه قال مالك في الرِوَايَة الصحيحة، والشَّافِعِيّ في قول قديم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد وَأَحْمَد وإِسْحَاق، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان الماء أقل من قلتين وهو راكد ووقعت فيه نجاسة نجسته وإن لم يتغير، وإن كان قلتين أو أكثر لم ينجس إلا إذا تغيَّر، وعند ابن عباس وحذيفة وأبي هريرة والحسن البصري وسعيد بن المسيب وعكرمة وابن أبي ليلى وجابر ابن زيد وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وداود والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ، واختاره ابن المنذر أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وسواء كان قليلاً أو كثيرًا، وعند عبد الله بن عمر ومُحَمَّد بن المنكدر إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس، وعند مَسْرُوق والحسن بن صالح بن حُيي والْإِمَامِيَّة إن كان كثيرًا لم ينجس، وعند ابن سِيرِينَ إن كان كرًا نجس، وعند ابن عبَّاس إذا كان الماء ذنوبين لم ينجس، وعند عكرمة أيضًا إن كان ذنوبًا أو ذنوبين لم ينجس، وعند الزُّهْرِيّ إذا كان أربعين دلوًا لم ينجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأكثر

الزَّيْدِيَّة وأبي العبَّاس وعَطَاء كلما وصلت إليه النجاسة، أو غلب على الظن وصولها إليه حكم بنجاسته وإن لم يتغير، سواء كان قليلاً أو كثيرًا، قال أبو حَنِيفَةَ: والطريق إلى معرفة وصولها إليه إن كان الماء إذا حُرِّك أحد جانبيه تحرك الجانب الآخر، فإن النجاسة إذا حصلت في أحد جانبيه غلب على الظن أنها وصلت إلى الجانب الآخر، وإن كان لا يتحرك الجانب الآخر لم يغلب على الظن وصولها إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو كان هناك قلتان منفردتان، في كل قلة واحدة منهما نجاسة، فخلطتا وهما غير متغيرتين أو كانتا متغيرتين وهما منفردتان فخلطتا، وزال التغير حكم بطهارتهما، وعند الحنفية والحنبلية لا يحكم بطهارتهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن وجماعة من الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الماء المستعمل في الأحداث طاهر يجوز شربه واستعماله في غير الطهارة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة ونصره مشايخ بلخ، وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة أنه نجس وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، ونصره مشايخ بلخ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القلتان خمسمائة رطل بالبغدادي، وعند إِسْحَاق القلتان ست قرب، وعند أَبِي ثَورٍ خمس قرب ولم يذكر صغارًا ولا كبارًا، وعند أبي عبيد القلال هى الحباب، ولم يحدوها بشيء، وعند عبد الرحمن بن مهدي ووكيع ويَحْيَى بن

آدم القلة هي الجرة، ولم يحدوها بشيء، وعند الثَّوْرِيّ القلة هي الكوز، وعند بعض أهل اللغة هي مأخوذة من استقلال الإنسان بحمله، وأقله إذا أطاقه وحمله، ولذلك تسمى الكيزان قلالاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا وقعت في الماء الكثير نجاسة ولم تغيره فهو طاهر موضع النجاسة وغيره، سواء كان الماء جارٍ أو راكد، وعند سائر الزَّيْدِيَّة موضع النجاسة ينجس وما جاوره، أو جاور مجاوره، وأما المجاور الثالث فيكون طاهرًا، وإنَّما يعرف المجاور الثاني والثالث بقدر النجاسة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد، إلا أن عندهما أن المجاور الثاني طاهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا وقع في بئر نجاسة فالحكم فيها إن تغير الماء نجس، وكذا إن كان دون قلتين نجس وإن تغيّر، وإن كان قلتين أو أكثر لم ينجس، وعند علي وابن الزبير وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة أنها تنزح ما لم تغلب، وعند الحسن والثَّوْرِيّ في الإنسان يموت في بئر تنزح كلها، وعند أَحْمَد إذا كان الماء يمكن نزحه ووقع فيه بول الآدميين وعذرتهم المائعة فإنه ينجس بكل حال تغير أو لم يتغير في أصح الروايتين، ولا فرق عنده بين أن يكون قلتين أو أكثر، وعند عَطَاء في الجرذ تنزح عشرون دلوًا إن لم ينفسخ، وإن تفسَّخ فأربعون دلوًا، وعند النَّخَعِيّ في الفأرة تنزح

أربعون دلوًا، وعند الشَّافِعِيّ في الدجاجة تنزح تسعون دلوًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الفأرة والعصفور تخرج حين تموت ويستقى عشرون أو ثلاثون، وإن كان سنورًا أو دجاجة أخرجت حين موتها ينزح أربعون دلوًا أو خمسون. وإن كانت شاة فانزحها حتى يعليك الماء، فإن انتفخ شيء من ذلك أو تفسَّخ فانزحها، وعند الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث في الماء المغير إذا وجد فيه ميتة ولم يتغير الماء استقى منه دلوًا، وإن تغير طعمه أو ريحه استقى منه حتى تصفو أو يطيب، وعند الثَّوْرِيّ في الوزغ تقع في بئر ينزح منها دلوًا، وعند الْإِمَامِيَّة أن ماء البئر تنجس بما يقع فيها من النجاسة، وإن كان كرم ويطهر ماءها بنزح بعضه. * * *

باب الشك في نجاسة الماء والتحري فيه

بابُ الشكِ في نَجَاسَةِ المَاءِ والتَحَرِي فيهِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا لم تأكل الهرة نجاسة جاز الوضوء بسؤرها ولم يكره، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سؤر البغل والحمار طاهر فيجوز الوضوء به، وعرقه طاهر، وعند أَبِي حَنِيفَةَ سؤرهما مشكوك فيه، فلا يجوز الوضوء به عند وجود غيره، وعرقهما نجس، وعند أَحْمَد سؤرهما نجس في أصح الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره سؤر الفرس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ويَحْيَى وسعيد والثَّوْرِيّ وبكير الأشج سؤر السباع كلها طاهر إلا الكلب والخنزير، وبه قال مالك، إلا أنه لا يترك سؤر الكلب لنجاسته وإنما استحسانًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد سؤرها كلها نجس إلا الهرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا اشتبه عليه الماء الطاهر بالنجس، أو الثوب الطاهر بالنجس جاز له التحري في ذلك سواء كان عدد الطاهر أكبر أو النجس، أو كانا سواء، وعند الْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وداود لا يتحرى في المياه، ولا في الثياب، بل

ينتقل في المياه إلى التيمم، وبه قال أَحْمَد في المياه، وعنه في التيمم قبل إراقة الماء رِوَايَتَانِ، وقال في الثياب: يصلي في كل واحد منها بعدد النجس وزيادة صلاة، وعند الْمَاجِشُون ومُحَمَّد بن مسلمة يتوضأ بأحدهما ويصلي ثم يتوضأ بالثاني ويصلي، وكذا في الثياب يصلي بكل واحدة منهما، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتحرَّى في الثياب، وكذا في المياه إن كان عدد الطاهر أكثر تحرى فيها، وإن كانا سواء، أو عدد النجس أكثر لم يتحرّ وبه قال جماعة من الحنابلة، واختلف أصحاب مالك، فمنهم من جوز التحري، ومنهم من منعه، وقالوا: يتيمم، ومنهم من قال: يصلي بطهارة من كل إناء، ومنهم من قال: يتوضأ ويصلي، ثم يعود فيغسل الأعضاء بالإناء الآخر ويتوضأ ويصلي، وهكذا في جميع الأواني، وعند مالك لا ينجس الماء إلا إذا تغيّر أحد أوصافه كما سبق، وعند يَحْيَى القطان وابن المنذر يتوضأ بهما، وبكل واحد منهما إذا لم يتغير الماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ بماء نجس، ثم علم به أعاد الوضوء والصلاة بعد غسل ما أصابه من الماء النجس، وعند مالك يعيد في الوقت ولا يعيد بعد خروجه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجن العجين بماء نجس لم يجز أكله ويطعم البهائم، سواء ما يؤكل لحمها وما لا يؤكل، وعند الحسن بن صالح بن حيي وَأَحْمَد يطعم ما لا يؤكل لحمها دون ما يؤكل لحمها. * * *

باب الآنية

بَابُ الآنِية مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن مسعود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يطهر بالدباغ جميع جلود الميتات، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة عنهما إلا جلد الكلب والخنزير، وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الرِوَايَة الصحيحة عنه أنه يطهر جلد الكلب بالدباغ، وبه قال مالك في رِوَايَة، وعند داود يطهر بالدباغ جلود الميتات، وعند أَبِي يُوسُفَ يطهر جلد الخنزير بالدباغ، وعند أَحْمَد في الرِوَايَة الصحيحة عنه والْإِمَامِيَّة لا يطهر شيء منها بالدباغ، وبه قال عمر وابن عمر وعائشة، وكذا مالك في رِوَايَة، وعنه رِوَايَة أخرى أنه يطهر ظاهر الجلد دون باطنه، فتجوز الصلاة عليه ولا تجوز فيه، ويجوز عنده استعماله في الأشياء اليابسة دون الرطبة، وعند أَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ يطهر جلد ما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يطهر بالذكاة جلد ما لا يؤكل لحمه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يطهر جلد السباع والكلب بذلك، وكذا عند أَبِي حَنِيفَةَ يطهر بذلك جلد الحمار وسائر ما لا يؤكل لحمه غير الآدمي والخنزير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز الانتفاع بجلد الميتة قبل الدباغ ولا بيعه، وعند الزُّهْرِيّ يجوز الانتفاع به قبل الدباغ، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيعه قبل الدباغ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ولا يجوز الدباغ بالتراب والشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز بيع جلد الميتة بعد الدباغ في قوله الجديد، ولا يجوز في قوله القديم، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ماتت شاة وفي ضرعها لبن، أو لها أنفحة ينجس اللبن بموتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وداود لا ينجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا ماتت دجاجة وفي جوفها بيضة قد فصلت قشرتها نجس ظاهر القشر، ويطهر بالغسل، ويحل أكلها، وعند علي رضي الله عنه لا يحل أكلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة العلماء يكره استعمال أواني الذهب والفضة للرجال والنساء في الأكل والشرب والبخور والوضوء وغير ذلك من وجوه الاستعمال. وعند داود وأهل الظاهر لا يكره غير الشرب وحده. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن المضبَّب بالفضة إن كان قليلاً للحاجة لم يكره، وإن كان للزينة كره، وإن كان كثيرًا للحاجة كره، وإن كان للزينة حرم. وعند

أَبِي حَنِيفَةَ أنه مكروه بكل حال ولا يحرم، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد لا يجوز إذا كثر، وإن قل لم يجز إلا فيما لا حاجة إليه كالحلقة، ويجوز في الضبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز اتخاذ أواني الذهب والفضة لغير الاستعمال في أحد الوجهين، ويجوز في الآخر، وهو مذهب مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه يصح الوضوء من أواني المشركين الذين لا يتدينون باستعمال النجاسة والصلاة في أثيابهم. وعند أَحْمَد لا يصح. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ في الذين يتدينون باستعمال النجاسة من المشركين وجهان: الصحيح أنه يجوز استعمال أوانيهم وثيابهم التي لا يعلم طهارتها ولا نجاستها وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة السيد أبو طالب والمؤيد بالله. والوجه الثاني: لا يجوز، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الْإِمَامِيَّة سؤر اليهودي والنصراني وكذا كل كافر نجس، وكذا عند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة الكافر نجس وكذلك سؤره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة صوف الميتة ووبرها وشعرها وعظامها وسنها وقرنها وريشها وظلفها وظفرها نجس. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْمُزَنِي هو طاهر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيد بالله. وعند الحسن

البصري واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وحماد وعَطَاء يطهر شعرها وصوفها ووبرها بالغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأنفحة تنجس بالموت، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تنجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد عظم الفيل وأنيابه نجسة فإذا ذُكّي طهر. وعند مالك وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكل طاهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ العظام فيها حياة وتنجس بالموت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا حياة فيها ولا تنجس بالموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الزَّيْدِيَّة شعر الكلب والخنزير نجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ شعر الكلب طاهر. وعند بعض الشَّافِعِيَّة والزَّيْدِيَّة شعرها طاهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز الانتفاع بشعر الخنزير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيد. وعند مُحَمَّد من الزَّيْدِيَّة يجوز ذلك. * * *

باب السواك

بَابُ السُّوَاكِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء السواك سنة ولا يجب. وعند داود وأهل الظاهر هو واجب ولا يمنع تركه صحة الصلاة. وعند إِسْحَاق إن تركه عامدًا بطلت صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره السواك للصائم بعد الزوال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وجماعة لا يكره. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يكره ذلك آخر النهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئ السواك بالأصبع. وعند مالك يجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الختان واجب في حق الرجال والنساء. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هو سنة في حق الجميع. * * *

باب نية الطهارة

باب نية الطهارة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك ورَبِيعَة واللَّيْث وإِسْحَاق وداود وأَبِي ثَورٍ وعلي رضى اللَّه عنه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه لا تصح طهارة الحدث في الوضوء والغسل والتيمم إلا بالنية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يصح الوضوء والغسل بغير نية ولا يصح التيمم إلا بالنية. وعند الحسن بن صالح بن حُيي يصح الجميع بغير نية. وعند الْأَوْزَاعِيّ رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الحسن، والأخرى كقول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ الكافر أو تيمم ثم أسلم لم يصح وضوءه ولا تيممه وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح وضوءه دون تيممه بناءً على أصله أن الوضوء يصح بغير نية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى قطع الوضوء أو الخروج منه لم يبطل، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يبطل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي أبو عبد الله. * * *

باب صفة الوضوء

بابُ صِفَة الوُضُوءِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وضَّأه غيره ولم يوجد منه غير النية أجزأه، وعند داود لا يجزئه، وعند الْإِمَامِيَّة يجزئه إذا كان متمكنًا من تولى ذلك بنفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة التسمية في الطهارة غير واجبة، وعند داود وأهل الظاهر هي واجبة، فإن تركها عمدًا أو سهوًا لم تصح طهارته. وعند إِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة هي واجبة، فإن تركها عمدًا لم تصح طهارته، وإن تركها سَهوًا صَحت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة غسل الكفين فى أول الوضوء مستحب ولا يجب، سواء قام من النوم أم لا. وعند الحسن وداود هو واجب، وعند أَحْمَد هو مستحب في نوم النهار واجب في نوم الليل، فإن غمسهما

فى الماء قبل الغسل أراقه. وعند الحسن إن غمسهما فيه قبل الغسل نجس الماء، سواء كان من نوم الليل أو نوم النهار. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا أدخل غير يديه من الأعضاء في الماء نجس الماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا نوى بوضوئه رفع الحدث صح وضوءه وجاز له أداء الفرض الثاني والنفل، وكذا إذا نوى بوضوئه أداء النوافل أو صلاة الجنازة، أو أداء صلاة بعينها صح وضوءه وجاز له أن يؤدي به ما شاء من الفرائض والنوافل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم يحيى ومُحَمَّد بن يحيى إذا نوى بوضوئه رفع الحدث لا يصح وضوءه، وإذا نوى أداء فرض بعينه لا يجوز له أداء الفرض الثاني، ويجوز له أداء النفل، وإذا نوى النفل أو صلاة الجنازة لا يجوز له أداء الفرائض، ويجوز له أداء النوافل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتقد أنه على وضوء فجدَّد الوضوء، ثم بان أنه كان محدثًا أجزأه. وعند مالك لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والزُّهْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الاستنشاق والمضمضة في الوضوء والغسل سنة ولا يجبان. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن أبي ليلى وعَطَاء وحماد وابن جريج وإِسْحَاق وعبد الله بن الْمُبَارَك وسائر الزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في الرِوَايَة الصحيحة يجبان في ذلك. وعند أَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي ثَورٍ وداود يجب الاستنشاق

فى ذلك دون المضمضة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وزيد بن علي يجبان في الغسل دون الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع المضمضة والاستنشاق في كف واحد جاز، وإن فرقهما فهو مستحب. وعند بعض العلماء يجزئ ذلك. وعند بعضهم لا يجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب غسل باطن العين في الوضوء، ولا يستحب. وعند بعض أصحابه وبعض الزَّيْدِيَّة يستحب. وعند بعض الزَّيْدِيَّة يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ البياض الذي بين العذار والأذن هو من الوجه. وعند مالك هو من الرأس. وعند أَبِي يُوسُفَ إن كان قد حال بين البياض والوجه شعر لم يجب غسلهما، وإن كان أمرد وجب غسله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كانت بشرة الوجه ظاهرة تصفها اللحية وجب

غسلهما وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وزيد بن علي من كان شعر لحيته وعارضيه كثيفًا استحب له تخليل ذلك، ولا يجب عليه. وعند أَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي وعَطَاء وسعيد بن جبير وسائر الزَّيْدِيَّة يجب عليه ذلك. وعند أَحْمَد إن سها عن التخليل فهو جائز. وعند إِسْحَاق إن تركه ناسيًا أو متأولا أجزأه، وإن تركه عمدًا أعاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب إفاضة الماء على ما استرسل من اللحية طولاً وعرضًا قَوْلَانِ: أصحهما: يجب، وبه قال أَحْمَد وَمَالِك وأبو يوسف وجماعة من الزَّيْدِيَّة. والثاني: لا يجب وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة واختاره الْمُزَنِي وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة إن أمكن تخليل اللحية دون غسلها، وإن لم يمكن تخليلها إلا بغسل ما استرسل وجب غسلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجب الترتيب بين غسل اليدين في الوضوء وعند فقهاء الشيعة والْإِمَامِيَّة يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وكافة العلماء أن المتوضئ مخير بين الابتداء في اليدين

بالأصابع أو بالمرافق، وعند الْإِمَامِيَّة تجب البداية بالمرافق والانتهاء بالأصابع وعند بعض الْإِمَامِيَّة أنه مسنون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يجب إدخال المرفقين في غسل الوضوء. وعند زفر وابن داود لا يجب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئ في مسح الرأس ما يقع عليه الاسم، وعند مالك والْمُزَنِي وأكثر الزَّيْدِيَّة يجب مسح جميعه، وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند مُحَمَّد بن مسلمة إن ترك ثلثه جاز، وهو الرِوَايَة الثانية عن أحمد. وعند بعض المالكية إن ترك اليسير منه ناسيًا جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ثلاث روايات: إحداهن يجب مسح ربعه، والثانية: مسح الناصية، وبها قال زيد بن علي والباقر والصادق، والثالثة: مسح قدر ثلاث أصابع بثلاث أصابع، وعند زفر وأبي يوسف لا يجوز أقل من الثلث أو الربع، وعند الْإِمَامِيَّة يجب مسحه ببلة اليد، فإن استأنف ماءً جديدًا لم يجزئه، حتى أنهم يقولون: إذا لم يبق في يده بلة أعاد الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وجماعة من الزَّيْدِيَّة أن غسل موضع الريح من القبل أو الدبر في الوضوء سنة ولا يجب. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة يجب ذلك، ومنهم مُحَمَّد بن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وسائر العلماء أنه إذا حلق شعر رأسه أو لحيته لا تبطل طهارته بذلك. وعند ابن جرير وعبد العزيز بن سلمة ومجاهد والحكم وحماد أنه تبطل طهارته بذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسن التثليث في غسل الأعضاء. وعند مالك يسن الاقتصار على مرة مرة. وعند ابن أبي ليلى التثليث واجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأنس وعَطَاء وَأَحْمَد في رِوَايَة يسن مسح الرأس ثلاثًا، كل مرة بماء جديد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والحسن ومجاهد وَمَالِك وابن الْمُبَارَك وجعفر بن مُحَمَّد وسفيان وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة فمن بعدهم يسن الاقتصار فى ذلك على مرة واحدة، واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. وعند ابن سِيرِينَ يمسحه مرتين مرة فرضًا، ومرة سنة. وعند الْإِمَامِيَّة المسنون في تطهير العضوين المغسولين وهما الوجه واليدان مرتان، ولا تكرار في الممسوحين عندهم وهما الرأس والرجلان. مسألة: الصحيح من الوجهين في مذهب الشَّافِعِيّ أن غسل الرأس بدل عن المسح يجزئ عن المسح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والوجه الثاني: لا يجزئ، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة وجماعة من الصحابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا اقتصر على مسح العمامة في الوضوء ولم يمسح على الرأس لم يجزئه. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وحكيم بن جابر وداود وعمر بن عبد العزيز ومَكْحُول والحسن وقتادة وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق وأبي بكر وعمر وسعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء وأبي أمامة وأنس يجزئه. وعند أَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ يجزئه إذا لبسها على طهارة كالخف. وعند بعض أصحاب أَحْمَد لا يجزئه إلا إذا كان شيء منها تحت الحنك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر والحسن وعَطَاء أن الأذنين ليسا من الرأس ولا من الوجه. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسائر الزَّيْدِيَّة وسعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبد العزيز والنَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ وسعيد بن جبير وقتادة والثَّوْرِيّ

وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من أصحابه ومن بعدهم هما من الرأس، فيمسحان معه إلا أن مالكًا يقول: إن الأفضل أن يأخذ لهما ماء جديدًا ويمسحان مع الرأس. وعند الزُّهْرِيّ هما من الوجه فيغسلان معه. وعند الشعبي والحسن بن صالح وإِسْحَاق ما أقبل منهما من الوجه فيغسل مع الوجه، وما أدبر منهما من الرأس فيمسح معه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر مسح الأذنين سنة وليس بفرض. وعند إِسْحَاق وسائر الزَّيْدِيَّة هو فرض. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجب ذلك ولا يسن، بل هو بدعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز تفريق الوضوء في أحد القولين، وهو الجديد الصحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وداود وابن عمر وسائر الزَّيْدِيَّة، ولا يجوز في القول القديم، وبه قال عمر واللَّيْث وَمَالِك وجماعة من الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. وعند قتادة والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد يجوز في الغسل، ولا يجوز في الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وجمهور الفقهاء والمفسرين يجب غسل الرجلين في الوضوء. وعند ابن عَبَّاسٍ وأنس وعكرمة وأبي جعفر مُحَمَّد بن علي الباقر وأبي العالية والشعبي وغيرهم والْإِمَامِيَّة من الرافضة يجب مسحهما ولا يجزئ غسلهما. وعند ابن جرير والحسن البصري هو مخيَّر بين غسلهما ومسحهما. وعند بعض أصحاب داود يجمع بين الغسل والمسح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب إدخال الكعبين في الغسل. وعند زفر وابن داود لا يجب.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ أن الكعبين هما العظمان الناتئان فى مفصل الساق من القدم. وعند الحنفية ومُحَمَّد وبعض أصحاب الحديث وبعض المالكية وثعلب: في ظهر الرجل ومقدمها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وقتادة وأبي عبيد يجب الترتيب في الوضوء. وعند مالك والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسعيد بن المسيب والحسن وعلي وابن مسعود وعَطَاء والزُّهْرِيّ ومَكْحُول وداود وعامة أهل العلم أنه لا يجب، واختاره الْمُزَنِي وصاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تنشيف الأعضاء من بلل الوضوء والغسل جائز ولا يستحب ولا يكره. وعند مالك والثَّوْرِيّ أنه لا يكره، وبه قال عثمان وأنس والحسن بن علي وبشير بن أبي مسعود. وعند ابن أبي ليلى وابن المسيب والزُّهْرِيّ أنه يكره، وبه قال ابن عمر. وعند ابن عَبَّاسٍ لا يكره في الغسل ويكره في الوضوء. * * *

باب المسح على الخفين

باب المسح على الخفين مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز المسح على الخفين في الوضوء. وعند الخوارج والْإِمَامِيَّة وابن داود لا يجوز ذلك. وعند مالك في ذلك روايات: إحداهن: يجوز المسح عليه مؤقتًا كقول الشَّافِعِيّ الجديد. والثانية: يجوز المسح عليه أبدًا كقول الشَّافِعِيّ في القديم. والثالثة: يمسح عليه في الحضر دون السفر. والرابعة: أنه يمسح عليه في السفر دون الحضر، وهي الصحيحة عنده. والخامسة: أنه يكره المسح على الخفين. والسادسة: أنه أبطل المسح في آخر أيامه كقول الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ غسل الرجلين أفضل من المسح على الخفين وعند الشعبي وإِسْحَاق والحكم وحماد المسح عليهما أفضل من الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في القول الجديد الصحيح أن المسح على الخفين بتوقيت فيمسح المقيم يومًا وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وبه قال علي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعَطَاء وشريح والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق والصحابة والتابعين وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والقول القديم للشافعي أنه غير مؤقَّت، وبه قال عمر وابن عمر وعائشة والشعبي وأبو سلمة واللَّيْث ورَبِيعَة ومالك، وحكى عن الشعبي أنه قال: يمسح خمس صلوات، وهو قول أبي إِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ. وعند سعيد بن جبير يمسح من غدوة إلى الليل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن ابتداء المدة من حين يحدث بعد لبس الخف لا من حين اللبس ولا من حين الطهارة بعد الحدث. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي ثَورٍ وداود أن ابتداءها من حين المسح. وعند الحسن البصري أن ابتداءها من حين اللبس.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق أنه إذا مسح في الحضر ثم سافر أتم مسح مقيم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ له أن يمسح مسح مسافر، وهي رِوَايَة أخرى عن أحمد. وعند مالك ليس للمسح حد محدود لا لمقيم ولا لمسافر، بل يمسح ما شاء ما لم ينزعهما أو تصبه جنابة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو أحدث في الحضر، ثم سافر قبل المسح وقبل خروج وقت الصلاة مَسَح مَسح مسافر. وعند الْمُزَنِي يمسح مسح مقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مسح في السفر ثم أقام قبل إكمال مدة مسح المقيم أتم مسح مقيم. وعند الْمُزَنِي يمسح ثلث ما بقي له من المدة من حين الإقامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز المسح على الخف المخرق الذي لا يمكن متابعة المشي عليه قَوْلَانِ: القديم جوازه، وبه قال داود وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأبو ثور. والجديد الصحيح لا يجوز، وبه قال أحمد. وعند مالك وسفيان الثَّوْرِيّ إن كبر الخرق وتفاحش لم يجز المسح عليه، وإن كان دون ذلك جاز المسح عليه، وهو قول قديم للشافعي أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن تخرَّق قدر ثلاث أصابع لم يجز المسح عليه، وإن كان دونها جازه. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن ظهر منه أصبع أو طائفة من رجله أو كلها مسح على الخف وعلى كل ما ظهر من الرجل. وعند الحسن إذا خرج الأكثر من أصابعه لم يجز المسح عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ أن الجورب الذي لا يمكن متابعة المشي عليه، بأن لا يكون منعَّلاً، أو كان منعَّلاً لكنه من خِرِقٍ رقيقة لا يجوز المسح عليه.

وعند عَطَاء والحسن البصري وابن المسيب وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والأعمش والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد والحسن بن صالح بن حُيي وابن الْمُبَارَك يجوز المسح عليه على أي حال كان. وبه قال عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وعمار وبلال وأبو أمامة وأنس والبراء وسهل ابن سعد. وعند أَبِي ثَورٍ إذا أمكن المشي عليه جاز المسح. وعند أَحْمَد يجوز المسح عليه إذا كان رقيقًا. وعند أكثر المتأخرين من أصحاب أَحْمَد لا يجوز المسح عليه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يجوز إذا كان ثخينًا بحيث لا يشف. وعند مالك في رِوَايَة يجوز المسح عليه إذا كان مجلدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز المسح على الجرموق، وهو خف كبير فوق خف صغير قَوْلَانِ: القديم جوازه، وبه قال الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والحسن ابن صالح وَمَالِك في رِوَايَة وإِسْحَاق والْمُزَنِي، والقول الجديد الصحيح لا يجوز، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز المسح على الخف إلا أن يلبس على طهارة كاملة، فلو غسل إحدى رجليه وأدخلها الخف، ثم غسل الرجل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح حتى ينزع الخف الذي لبسه قبل كمال الطهارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ويَحْيَى بن آدم والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وداود يجوز المسح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء يجوز للمستحاضة أن تتوضأ وتمسح على الخفين وتصلي به فريضة واحدة وما شاءت من النوافل. وعند زفر لها أن تصلي به يومًا وليلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وعمر بن عبد العزيز والزُّهْرِيّ وَمَالِك وإِسْحَاق وغير واحد من الصحابة والتابعين وابن الْمُبَارَك السنة أن يمسح أعلى الخف وأسفله. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والحسن وعروة بن الزبير وعَطَاء والنَّخَعِيّ والشعبي وأنس وجابر بن عبد الله السنة مسح أعلاه دون أسفله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجزئه مسح القليل من أعلى الخف، سواء كان بيده أو ببعضها أو بخشبة أو بخرقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئه إلا أن يمسح قدر ثلاث أصابع بثلاث أصابع، حتى لو مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحد لم يجزئه عنده. وعند زفر إذا مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحد أجزأه. وعند أَحْمَد لا يجزئه إلا أن يمسح أكثر القدم. وعند إِسْحَاق يمسح بكفيه إلا أن يكون بإحدى يديه علة فيجزئه أن يمسح بما أمكنه منها للضرورة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئه إلا المسح حتى لو أصاب الخف بلل مطر أو نضح عليه الماء لا يجزئه. وعند أصحابه في قيام غسل الخف مكان مسحه وجهان، وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ يجزئه بلل المطر ونضح الماء. وعند إِسْحَاق إن نوى بذلك المسح أجزأه وإلا فلا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأهل الرأي إذا فاض الماء وأصاب ظاهر الخف أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انقضت مدة المسح وهو على طهارة المسح أو خلع خفيه في أثناء المدة وهو على طهارة المسح لم يجز له أن يصلي بتلك الطهارة. وعند الحسن

البصري وقتادة وسليمان بن حرب لا يبطل المسح ويصلي بها إلى أن يُحدث، فإذا أحدث لم يمسح. واختاره ابن المنذر وعند داود يجب عليه نزع الخفين إذا انقضت مدة المسح ولا يصلي فيهما، فإذا نزعهما صلى بطهارته إلى أن يحدث. وعند أبي حَنِيفَةَ وعَطَاء والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب عليه غسل قدميه، وهو أصح القولين عند الشَّافِعِيّ، وهو قول أَحْمَد في رِوَايَة. والقول الثاني: يستأنف الوضوء، وهو قول الزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ ومَكْحُول وابن أبي ليلى والحسن بن صالح والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أيضًا وإِسْحَاق. وعند مالك إن غسل رجليه عقيب الخلع أجزأه وإن تطاول الفصل استأنف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج رجله من قدم الخف إلى ساق الخف ولم يبن شيء من محل الفرض إن مسح لا يبطل، وإن ظهر منها شيء من محل الفرض بطل مسحه. وعند القاضي أبي حامد والقاضي أبي الطيب من أصحابه أنه يبطل، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ ما لم يخرجها من الساق لا يبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ أنه إذا نزع إحدى الخفين من إحدى الرجلين لا يجوز له المسح على الثانية. وعند الزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ له أن يمسح عليها. * * *

باب الأحداث التي تنقض الوضوء

باب الأحداث التي تنقض الوضوء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينتقض الوضوء بخروج النادر من أحد السبيلين. وعند مالك والنَّخَعِيّ ورَبِيعَة وقتادة لا ينتقض الوضوء بذلك إلا بدم الاستحاضة. وعند داود لا ينتقض الوضوء بخروج الدم والدود. وعند الْإِمَامِيَّة أن المذي والودي لا ينقضان الوضوء بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق إذا خرج ريح من فرج المرأة أو ذكر الرجل انتقض الوضوء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينتقض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء وَأَحْمَد في رِوَايَة أنه إذا نام زائلاً عن مستوى الجلوس في غير الصلاة مضطجعًا على جنبه، أو مستلقيًا على قفاه، أو متكئًا على أحد جنبيه، أو مستندًا على حائط أو غيره انتقض وضوءه، وإن نام جَالسًا متمكنًا من الأرض بمقعدته لم ينتقض وضوءه. وعند أبي موسى الأشعري وأبي مجلز وحميد الأعرج وعمرو بن دينار وابن المسيب أن النوم لا ينقض حتى يتحقق خروج الخارج منه، وهو قول فقهاء الشيعة الْإِمَامِيَّة. وعند الحسن البصري وعائشة وابن عَبَّاسٍ وأنس بن مالك وأبي هريرة رضي الله عنهم والْمُزَنِي وإِسْحَاق أن النوم ينقض الوضوء على أي حال كان، وبه قالت الْإِمَامِيَّة أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وداود وأهل الرأي لا ينقض إلا إذا نام مضطجعًا، فإن نام على حالة من أحوال الصلاة لم ينتقض وضوءه. وعند مالك وَأَحْمَد ورَبِيعَة والزُّهْرِيّ أنه إذا نام قليلاً قاعدًا لا ينتقض وضوءه،

وإن تطاول انتقض. وعن أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه ينتقض بالنوم اليسير في حق الراكع والساجد خاصة، وهو قول مالك. ورِوَايَة أخرى أيضًا عن أَحْمَد أنه لا ينتقض بالنوم اليسير في أي حالةٍ كان من أحوال الصلاة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وداود. وعند إِسْحَاق إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وابن عمر والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وزيد بن أسلم إذا لمس امرأة يحل له الاستمتاع بها بلا حائل بينهما انتقض وضوء اللامس منهما، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة، عامدًا كان أو ساهيًا، وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وعَطَاء وطاوس والحسن ومَسْرُوق وابن داود وابن عباس، وهو رِوَايَة عن أَحْمَد أنه لا ينتقض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ أيضًا إذا وطئها فيما دون الفرج وأنشر، أو وضع فرجه على فرجها وإن لم يولج انتقضت الطهارة. وعند مالك وَأَحْمَد فى رِوَايَة والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق والشعبي والنَّخَعِيّ والحكم وحماد ورَبِيعَة واللَّيْث إن لمسها بشهوة انتقض، وبغير شهوة فلا. وعند داود وأهل الظاهر إن قصد لمسها انتقض، وإن لم يقصد فلا. وعند الْأَوْزَاعِيّ اللمس باليد ينقض الوضوء، وبغير اليد لا ينقض الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وَمَالِك وغير واحد من الصحابة والتابعين أنه يجب الوضوء من قبلة المرأة الأجنبية. وعند سفيان الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل الكوفة أنه لا يجب الوضوء من ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لمس شعر المرأة أو سنها لا ينقض الوضوء. وعند مالك ينقض.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا ينتقض الوضوء بغسل الميت. وعند أحمد ينتقض بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ينتقض الوضوء بلمس ذوات المحارم على أحد القولين. وينتقض في القول الثاني، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ينتقض وضوء الملموس على القول الأصح، وهو قول مالك ولا ينتقض على القول الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لمسها من وراء حائل لم ينتقض الوضوء، سواء كان صفيقًا أو رقيقًا، بشهوة أم بغير شهوة. وعند مالك إن لمسها بشهوة من وراء حائل رقيق انتقض وضوءه، وإن كان صفيقًا لم ينتقض. وعند اللَّيْث ورَبِيعَة إذا لمسها بشهوة انتقض وضوءه وإن كان بينهما حائل، سواء كان صفيقًا أو رقيقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وابن المسيب وأبان بن عثمان وعروة بن الزبير وسليمان ابن يسار والزُّهْرِيّ ومجاهد وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ أن الرجل إذا مس ذكره ببطن كفه، أو مست المرأة فرجها ببطن كفها انتقض وضوءهما بذلك، وبه قال عمر وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وعائشة وأبو هريرة وابن عباس. وعند مالك إن مسه بشهوة انتقض وإلا فلا، وسواء عنده كان ذلك ببطن كفه أو بظهره أو بغيره من سائر أعضائه هذا هو الرِوَايَة الصحيحة عنه، وفي رِوَايَة عنه ينتقض وضوء الرجل دون وضوء المرأة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والحسن البصري وقتادة ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد فى رِوَايَة لا ينتقض الوضوء بذلك، وبه قال علي وابن مسعود وعمار وعمران بن الحصين وأبي الدرداء، وإحدى الروايتين عن سعد بن أبي وقاص وابن عباس. وعند جابر بن زيد ومَكْحُول، ورِوَايَة عن مالك إن تعمد مسه انتقض وضوءه، وإن لم يتعمده

فلا، وعند أَحْمَد وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ إن مس ذكره بساعده أو بباطن يده أو بظاهرها انتقض. وعند طاوس وسعيد بن جبير وحميد الطويل إن مسه لا يريد وضوءً فلا شيء عليه. وعند داود ينتقض وضوءه بمس ذكره دون ذكر غيره. واعتبر أَحْمَد أن يكون المس بظاهر اليد أو باطنها بشهوة. وعند أَحْمَد رِوَايَة توافق الشَّافِعِيّ في اعتبار باطن الكف لنقض الوضوء. وعند داود وأهل الظاهر إذا مس ذكره أو ذكر غيره عامدًا انتقض وضوءه، وإن مسهما غير عامد لم ينتقض. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا مس ذكره بيده أو برجله أو بعضو يجب غسله عند الحدث انتقض وضوءه، وإن مس ذلك بفخذه أو ساقه لم ينتقض. وعند عَطَاء انتقض الوضوء إذا مس ذكره بأي موضع من بدنه كان، إلا بفخذه فإنه لا ينتقض للضرورة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مس فرج غيره من كبير أو صغير أو حي أو ميت انتقض وضوء الماس. وعند داود لا ينتقض وضوءه بمس ذلك من غيره. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك لا ينتقض الوضوء بمس ذلك من الصغير. وعند إِسْحَاق بن راهويه لا ينتقض بمس ذلك من ميت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في القول الجديد الصحيح ينتقض الوضوء بمس حلقة الدبر، والقديم لا ينتقض بذلك، وهو مذهب مالك وداود. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مس أنثييه، أو أليته، أو عانته لم ينتقض وضوءه، وعند ابن الزبير أنه ينتقض وضوءه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ينتقض الوضوء بمس فرج البهيمة على القول الصحيح

والقول الثاني ينتقض، وهو قول اللَّيْث وعند عَطَاء ينتقض بمس فرج الحمار دون فرج الجمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن المسيب ومَكْحُول ورَبِيعَة وَمَالِك أن دم الفصد والحجامة والرعاف والقيح والقيء لا ينقض الوضوء، سواء كان قليلاً أو كَثيرًا، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وابن أبي أوفى وأبو هريرة وعائشة وجابر بن زيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وزفر وعَطَاء وعلقمة وقتادة وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن كل نجس خرج من البدن فإنه ينقض الوضوء إذا سال، وإن وقف على رأس الجرح لم ينقض، وقالوا في القيء إن ملأ الفم نقض الوضوء، وإن كان دونه لم ينقض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر وأبي موسى وداود وعَطَاء وعروة والزُّهْرِيّ ومَكْحُول وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه ليس في قهقهة المصلي وضوء. وعند الشعبي والحسن والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه، وكذا الْأَوْزَاعِيّ في رِوَايَة أنها تنقض الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والخلفاء الأربعة وابن عَبَّاسٍ وأبي أمامة وأبي الدرداء وابن مسعود وعامر بن أبي رَبِيعَة وأبي بن كعب وأكثر الصحابة ومن بعدهم من التابعين وأبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وسفيان وإِسْحَاق وَأَحْمَد أنه لا يجب الوضوء بكل ما مسته النار. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ وعمر بن عبد العزيز وأبي مجلز وأبي قلابة وابن عمر وأبي طلحة وأنس وأبي موسى وعائشة وزيد بن ثابت وأبي هريرة ويَحْيَى بن أبي يعمر

أنه يجب الوضوء بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في القول الجديد الصحيح أنه لا ينتقض الوضوء بأكل لحم الجزور، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وفي القديم ينتقض بذلك، وهو قول أَحْمَد وداود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي لا يجب الوضوء من الغيبة والشتم وقذف المحصنات والكبائر، وكذا الصغائر وإن كثرت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعائشة والشعبي يجب الوضوء بذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على يقين الطهارة، سواء كان في الصلاة أو خارجها. وعند مالك يبني على الحدث سواء كان في الصلاة أو خارجها. وعند الحسن إن كان في الصلاة بنى على يقين الطهارة، وإن كان في غيرها بنى على يقين الحدث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز مس المصحف وحمله، بعلاقة وبغير علاقة إلا لطاهر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. وعند داود ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد يجوز ذلك لغير الطاهر. وعند الحكم وحماد يجوز حمله لغير الطاهر. وعند أَحْمَد يجوز له حمله بعلاقة وغير علاقة، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وحماد وعَطَاء والحسن يجوز حمله بعلاقة ولا يجوز بغير علاقة. وعند بعض أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ الخراسانيين يجوز مس حواشيه التي لا كتاب فيها ومس جلده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ أو تيمم، ثم ارتد لم تبطل طهارته وتيممه في وجه، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والوجه الثاني: أنهما تبطلان بذلك، وهو قول الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ. وعند أَبِي ثَورٍ أيضا أنه يستحب له الغسل. * * *

باب الاستطابة

بَابُ الاسْتِطَابةَ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وابن عمر والعبَّاس بن عبد المطلب وجماعة من الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز استقبال القبلة واستدبارها عند البول والغائط في الصحراء، ويجوز في البناء، وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أخرى وأَبِي ثَورٍ وأبي أيوب الأنصاري لا يجوز في البناء ولا في الصحراء. وعند عروة ورَبِيعَة وداود وجماعة من الزَّيْدِيَّة يجوز في البناء والصحراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة أنه يجوز الاستدبار في البناء والصحراء، ولا يجوز الاستقبال فيهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الجماع مستقبل القبلة ولا مستدبرها، وهو قول ابن القاسم المالكي. وعند ابن حبيب المالكي يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر ورافع بن خديج وحذيفة وسفيان الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأفضل أن يستنجي بالأحجار أولا ثم بالماء بعده. وعند ابن المنذر وسعد بن أبي وقاص وابن الزبير وحذيفة أيضًا، أنهم كانوا لا يرون استعمال الماء. وعند سعيد بن المسيب ما يفعل ذلك إلا النساء. وعند عَطَاء غسل الدبر محدث. وعند الحسن أنه لا يغسل ذلك الموضع بالماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأكثر الصحابة إذا أراد الاقتصار على الأحجار جاز سواء كان الماء موجودًا أو معدومًا. وعند قوم من الزَّيْدِيَّة

والقاسمية لا يجوز الاقتصار على الأحجار مع وجود الماء. وعند الْإِمَامِيَّة أنه لا يجوز الاقتصار على الأحجار مع وجود الماء في البول خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وداود يجب الاستنجاء من الغائط، وهي رِوَايَة عن مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب ذلك إذا لم تكن النجاسة متعدية للموضع، وهي الرِوَايَة الأخرى عن مالك، وحكى ذلك عن الْمُزَنِي وابن سِيرِينَ، وجعل أبو حَنِيفَةَ ذلك أصلاً لجميع النجاسات. وقدَّر المخرج بالدرهم البغلى، فقال: لا يجب إزالة قدر ذلك إذا كان على البدن والثوب، ويعتبر ذلك عنده بالدور والمساحة لا بالسمك والعلو. وعند الزَّيْدِيَّة الاستنجاء بالأحجار سنة مع وجود الماء واجب عند عدمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب الاستنجاء من البول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز الاستنجاء بما يقوم مقام الحجر من الطاهرات الجامدات وعند داود وأهل الظاهر وَأَحْمَد وزفر لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وبعض الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الاستنجاء إلا بثلاثة أحجار أو بحجر له ثلاثة أحرف، فيَستنجى بكل حرف منها، فإن أنقى وإلا زاد رابعة أو خامسة حتى ينقى، وعند مالك وأهل العراق إذا أنقى بحجر واحد أجزأه. وعند داود يكفيه الإنقاء ولا يعتبر العدد. وروى عنه أنه يعتبر العدد ولا يكفيه عنده حجر له ثلاثة أحرف تعبدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاستنجاء مستحب، ويعتبر في ذلك عنده بالإنقاء، وبه قال زيد بن علي وجماعة من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز الاستنجاء بالجامد النجس، ولا بالطعام، ولا بما له حرمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز الاستنجاء بالعظم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انتشر الخارج إلى باطن الأليتين لم يجز فيه الحجر في أحد القولين، وبه قال مالك، ويجزئ في الآخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ يكره أن يذكر الله تعالى في الخلاء، وعند عكرمة يذكر الله تعالى بقلبه ولا يذكره بلسانه. وعند النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ لا بأس بذكر الله تعالى في الخلاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه في أصبعه خاتم عليه اسم الله تعالى وأراد دخول الخلاء خلعه. وعند ابن المسيب والحسن وابن سِيرِينَ يرخص في ذلك. وعند عكرمة َوَأَحْمَد وإِسْحَاق يجعل فصه في كفه ويقبض عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يبول جَالِسًا، ويكره ذلك قائمًا. وعند ابن سرِين وعروة بن الزبير وعلي وأنس وأبي هريرة وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل بن سعد الساعدي يبول قائمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وقوم من العلماء يكره البول في المغتسل فإن عامة الوسواس منه. وعند ابن سِيرِينَ وبعض العلماء لا يكره ذلك. وعند ابن الْمُبَارَك لا يكره إذا جرى الماء في المغتسل. * * *

باب ما يوجب الغسل

باب ما يوجب الغسل مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وعائشة وأبي هريرة والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وكافة العلماء من الفقهاء والتابعين فمن بعدهم أنه إذا أولج في الفرج وجب الغسل، سواء أنزل أم لم ينزل. وعند عروة وداود وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي أيوب الأنصاري ورافع بن خديج وأبي سعيد الخدري أنه لا غسل عليه إذا لم ينزل، وقيل: إن أبيًّا وزيد بن أرقم رجعا عن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الاعتبار في الجنابة بالتقاء الختانين وهو التحاذي لا الانضمام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة جماعة منهم النَّاصِر والمؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا اغتسل ثم خرج منه المني ثانيًا وجب عليه الغسل سواء خرج قبل البول أو بعده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والحسن وزيد بن علي وجماعة من الزَّيْدِيَّة إن خرج قبل البول وجب إعادة الغسل، وإن خرج بعده لم يوجب وعند مالك والزُّهْرِيّ واللَّيْث وعَطَاء وسعيد بن جبير وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي يوسف لا غسل عليه، وإنَّما عليه الوضوء، سواء خرج قبل البول أو بعده. وعند المؤيد من الزَّيْدِيَّة وجماعة منهم لا يصح الاغتسال من الجنابة حتى يبول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق إذا وجد في ثوبه بللاً ولم يذكر أنه احتلم فلا غسل

عليه، إلا أن يتيقن أنه مني وعند عَطَاء والشعبي وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ وابن عباس وسفيان وَأَحْمَد يجب عليه الغسل وعند الحسن إذا تنفس إلى أهله في أول الليل ثم وجد فلا غسل عليه، وإن لم يكن ذلك فعليه الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أولج ذكره في دبر بهيمة، أو في فرجها، أو في فرج امرأة ميتة، أو في دبرها وجب عليه الغسل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خروج المني يوجب الغسل، سواء خرج بشهوة أو بغير شهوة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأكثر الزَّيْدِيَّة لا يوجب الغسل، إلا إذا خرج بتدفق وشهوة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج المني من فرج المرأة وجب عليها الغسل. وعند النَّخَعِيّ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استدخلت المرأة المني، ثم خرج لم يجب عليها الغسل. وعند الحسن البصري يجب عليها الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ فيما دون الفرج فسبق الماء إلى فرج المرأة لم يجب عليها الغسل وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ وعمرو بن شعيب يجب عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحس الإنسان بانتقال المني منه من الظهر إلى الإحليل ولم يخرج فلا غسل عليه. وعند أَحْمَد عليه الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج ماء الرجل من فرج المرأة بعد الغسل فلا غسل عليها وعند الحسن عليها الغسل. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ولدت المرأة ولم ترى دمًا في وجوب الغسل عليها

وجهان: أحدهما لا يجب، والثاني يجب، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المغمى عليه لا غسل عليه إذا أفاق وعند بعض المتقدمين عليه الغسل وعند ابن حبيب عليه الغسل إذا طال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب الغسل بخروج المذي ولا بخروج الودي، ويجب منه الوضوء وغسل الموضع الذي يصيبه لا غير. وعند مالك يجب عليه غسل جميع الذكر، وهو رِوَايَة عن أحمد، وزاد غسل الأنثيين مع الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أسلم الكافر ولم يجب عليه في حال كفره غسل فلا غسل عليه. وعند أَحْمَد وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ وابن المنذر يجب عليه الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء إذا ارتد عن الْإِسْلَام لم يجب عليه الغسل وعند مالك يجب عليه الغسل.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والصحابة والتابعين والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز للجنب أن يقرأ شيئًا من القرآن. وعند أَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق له قراءة صدر الآية ولا يتمها. وعند مالك يقرأ الآية والآيتين على سبيل التعوذ وعند داود والزُّهْرِيّ وابن المسيب وابن المنذر يقرأ ما شاء من القرآن وعند الْإِمَامِيَّة يجوز لهما قراءة ما شاءا من القرآن إلا عزائم السجود، وهي سجدة لقمان عندهم، وسجدة الحواميم، وسورة النجم، وسورة العلق وعند ابن عَبَّاسٍ يقرأ ورده، وعند الْأَوْزَاعِيّ يقرأ آية الركوب والنزول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأكثر الصحابة والتابعين والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للحائض ولا للنفساء قراءة القرآن، وعند مالك يجوز لهما ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن الحنفي وَمَالِك والنَّخَعِيّ لا يكرهُ قراءة القرآن في الحمام، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا تنجس فمه، ففي تحريم القراءة عليه وجهان، ويكره له ذلك، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وعَطَاء وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود يجوز للجنب العبور في المسجد، وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز له ذلك، إلا أن يحتلم فى المسجد فيعبر فيه ليخرج وعند الثَّوْرِيّ يتيمم ثم يخرج منه وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا

توضأ الجنب جاز له اللبث في المسجد. وعند الْمُزَنِي وداود لا يجوز له اللبث فيه، واختاره ابن المنذر. * * *

باب صفة الغسل

بابُ صِفَة الغُسْلِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الواجب في غسل الجنابة النية وإيصال الماء إلى البشرة الظاهرة وما عليها من الشعر، وما زاد على ذلك سنة وعند داود وأَبِي ثَورٍ يجب الوضوء، واختاره أهل العلم وعند مالك والْمُزَنِي يجب إمرار اليد على ما تعاله اليد من البدن وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب المضمضة والاستنشاق وعند الْإِمَامِيَّة يجب ترتيب غسل الجنابة، فيبدأ بغسل الرأس أولًا ثم الميامن من الجسد ثم المياسر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الدلك في الوضوء والاغتسال سنة وعند مالك يجب، وبه قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة إن أمكن تدليك الأعضاء وتنقية البدن بدون الدلك لم يجب الدلك، وإن لم يمكن إلا بالدلك وجب الدلك وادَّعى بعض الزَّيْدِيَّة أن هذا أحد قولين للشافعي، ولم يعرف أصحاب الشَّافِعِيّ هذا عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للمرأة ضفائر، فإن كان الماء يصل إليها من غير نقض لم يجب عليها نقضها، وإن كان لا يصل إليها إلا بنقضها وجب عليها نقضها وعند النَّخَعِيّ يجب عليها نقضها بكل حال، وعند أَحْمَد أن الحائض تنقض شعرها وفي الجنابة لا تنقضه وعند الحسن وطاوس يجب عليها نقضها في غسل الجنابة دون الحيض، كذا نقله عنهما صاحب البيان ونقل عنهما صاحب المعتمد وجوب النقض في غسل الحيض دون الجنابة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا توضأ بدون المد، أو اغتسل بدون الصاع وأسبغ أجزأه وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يجزئه الوضوء بدون المد ولا الغسل بدون الصاع، وبه قال عمر في الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وسائر الزَّيْدِيَّة أن الغسل هو ما جرى عليه الماء، والمسح هو دون ذلك وعند أَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وأبو عبد الله الداعي والحكم، الغسل: هو استيعاب البدن بالدلك كالدهن للأعضاء، والمسح دون ذلك، وهو أصاب ما أصاب وأبقى ما أبقى والفرق بين المسح والغسل أن ما يكون بالاستيعاب فهو الغسل، وما يعدم الاستيعاب فهو المسح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وسفيان وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يتوضأ الرجل والمرأة أحدهما بفضل الآخر وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ يجوز للمرأة أن تتوضأ وتغتسل

بفضل الرجل وبفضل المرأة، ولا يجوز للرجل أن يتوضأ أو يغتسل بفضل المرأة إذا خلت به وعن أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه يكره ذلك وعند أبي هريرة أنه ينهى الرجل والمرأة عن الاغتسال من إناء واحد وعند الحسن وسعيد بن المسيب وعبد الله بن سرجس أن المرأة تتوضأ وتغتسل بفضل طهور الرجل، ولا يتوضأ الرجل ويغتسل بفضل طهورها وروى عن الحسن وغنيم بن قيس أنهما قالا: لا بأس بفضل شراب المرأة وبفضل وضوئها ما لم تكن جنبًا أو حائضًا، فإذا خلت به فلا يقربه وعند الْأَوْزَاعِيّ لا بأس أن يتوضأ كل واحد بفضل صاحبه ما لم يكن أحدهما جنبًا، أو المرأة حائضًا وعنده أنه يتوضأ به عند عدم غيره، ولا يتيمم وعند جابر بن زيد لا يتوضأ بسؤر الحائض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يدخل الحدث الأصغر في الأكبر، وبه قال النَّاصِر للحق من الزَّيْدِيَّة، واستحسنه غيره منهم، وعند بعض الشَّافِعِيَّة والزَّيْدِيَّة وصححه منهم يَحْيَى أنه لا يدخل، بل يجب إعادة الوضوء إذا أراد الصلاة عقيب الاغتسال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع على المرأة غسل جنابة وغسل حيض كفاها لهما غسل واحد وعند داود تحتاج إلى غسلين، وكذا عند الحسن والنَّخَعِيّ وعَطَاء في إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يندب للمغتسل تأخير غسل الرجلين إلى آخر الغسل فيه

قَوْلَانِ وعند أَبِي حَنِيفَةَ يندب له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أحدث في أثناء الغسل لا يلزمه استئناف الغسل وعند الحسن البصري يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الكتابية إذا كانت تحت مسلم أجبرها على غسل الحيض، ولا يجبرها على غسل الجنابة وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجبرها على واحد منهما وعند الْأَوْزَاعِيّ يجبرها على الغسلين جميعًا، ورواه ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ، وليس بمعروف عن الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اغتسل الجنب أجزأه عن الوضوء وعند أَبِي ثَورٍ وداود لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب غسل داخل اللحية في الجنابة وعند مالك في رِوَايَة لا يجب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الوضوء والشرب بسؤر الحائض وعند النَّخَعِيّ يكره الشرب ولا يكره الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وعلي وابن عباس وأبي سعيد وشداد بن أوس وعائشة يستحب للجنب إذا أراد النوم أن يتوضأ وعند سعيد بن المسيب وأهل الرأي إن شاء توضأ، وإن شاء لم يتوضأ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا توضأ الجنب لم يجز له اللبث في المسجد وعند أَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر يستحب للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يتوضأ، وبه قال ابن عمر، إلا أنه قال: لا يغسل قدميه وعند مجاهد والزُّهْرِيّ يغسل كفيه وعند سعيد بن المسيب وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأهل رأى يغسل كفيه ويتمضمض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ إذا وطئ ثم أراد العود قبل الغسل فلا بأس به وعند عمر وابن عمر إذا أراد العود توضأ وعند أَحْمَد يعجبه أن يتوضأ فإن لم يفعل فلا بأس به، وبه قال إِسْحَاق، وقال لابد من غسل فرجه. * * *

باب التيمم

باب التيمم مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والشعبي والحسن وإبراهيم وَمَالِك في رِوَايَة والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ وسفيان وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن التيمم هو مسح الوجه واليدين إلى المرفقين بضربتين فصاعدًا، وبه قال ابن عمر وجابر، وهو رِوَايَة عن علي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيد بالله، وكذا القاسم على الصحيح من مذهبه وعند الزُّهْرِيّ أنه ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المنكبين وعند ابن سِيرِينَ وابن المسيب أنه ضربة للوجه وضربة للكفين وضربة للذراعين وعند عَطَاء ومَكْحُول والْأَوْزَاعِيّ والشعبي َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وابن جرير وعلي وعمار وابن عَبَّاسٍ ضربة واحدة للوجه واليدين إلى الكفين، واختاره ابن المنذر من الشَّافِعِيَّة وعند علي أنه ضربة للوجه وضربة لليدين إلى الكفين، وهي الرِوَايَة الأخرى عن مالك، وهذا قول قديم للشافعي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الباقر والصادق والنَّاصِر، وكذا القاسم في رِوَايَة عنه

وعند مالك أيضًا الاختيار ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، فإن اقتصر على ضربة واحدة للوجه واليدين واقتصر على مسحهما إلى الكوعين جاز وعند الْإِمَامِيَّة هو مسح الوجه إلى طرف الأنف من غير استيعاب له ومسح ظاهر الكف، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ في الاقتصار على ظاهر الكف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ التيمم ضربتان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنه ثلاث ضربات، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيد والقاسم وعند الْإِمَامِيَّة أنه ضربة واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الصادق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وَمَالِك وعامة العلماء يجوز التيمم عن الحدث الأصغر والأكبر، وبه قال علي وابن عَبَّاسٍ وابن ياسر وأبي موسى الأشعري وعند النَّخَعِيّ أنه لا يجوز التيمم للحدث الأكبر، وبه قال عمر وابن مسعود، وقيل: إنهما رجعا عن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح التيمم بتراب مستعمل وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وكافة العلماء أن الجنب إذا وجد الماء بعد التيمم لزمه

استعماله وعند أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه لا يلزمه استعماله بل يصلي بتيممه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يصح التيمم عن النجاسة، فإذ لم يجد الماء صلى على حسب حاله وأعاد وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصلي وعند أَحْمَد يصح التيمم عنها إذا كان متطهرًا ويصلي ولا يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود وأَبِي يُوسُفَ لا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار يَعْلَقُ بالوجه واليدين وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز التيمم بالتراب، وبكل ما كان من جنس الأرض، كالكحل والنورة والزرنيخ والحصى، والغبار عنده ليس بشرط، بل لو ضرب يده على صخرة ملساء أو حائطًا أملس أجزأه، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ولا يُجزئه أيضًا عنده التيمم بالشجر والذهب والفضة والحديد والرصاص وعند مالك يجوز التيمم بالأرض، وبما كان متصلاً بها أو غير متصل وهذا أعم المذاهب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز التيمم بتراب خالطته نجاسة وعند داود أنه إذا لم يتغير بالنجاسة صح التيمم به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز التيمم بالتراب السبخ وعند إِسْحَاق لا يجوز، وبه قال بعض الناس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ضرب بيده على ثيابه أو على أداته أو ظهره فعلق بهما غبار فتيمم به صح وعند أَبِي يُوسُفَ وَمَالِك لا يصح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن التيمم لا يرفع الحدث وعند الكرخي وداود وأصحابه وبعض أصحاب مالك أنه يرفع الحدث، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه لا يصح التيمم إلا بالنية وعند الْأَوْزَاعِيّ والحسن بن صالح يصح بغير نية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والهادي من الزَّيْدِيَّة لا يصح التيمم للفريضة إلا بنية الفريضة وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح للفريضة بنية استباحة الصلاة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الزَّيْدِيَّة إذا بقي في التيمم لمعة من وجهه يمر التراب عليها لا يصح تيممه وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا مسح أكثر وجهه صح تيممه، وبه قال من

الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند سليمان بن داود هو كمسح الرأس إذا لم يصب بعض وجهه بعض بدنه أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ للمسافر الذي لا ماء معه وللمُغرب في إبله أن يجامع أهله وإن لم يكن معه ماء، وبه قال ابن عَبَّاسٍ وعند علي وابن عمر وابن مسعود أنه ليس له أن يصيب أهله وعند مالك يستحب له أن لا يصيب أهله إلا ومعه الماء وعند الزُّهْرِيّ المسافر لا يصيب أهله، والمغرب يصيبهم وعند عَطَاء إن كان بينه وبين الماء أربعة أيام فأكثر فله أن يصيب أهله، وإن كان بينه وبين الماء ثلاثة أيام فما دونها فليس له إصابتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا تيمم للفريضة معتقدًا أنه محدث، ثم ذكر أنه كان جنبًا أجزأه وعند مالك وَأَحْمَد لا يجزئه وعند الحنفية رِوَايَتَانِ كالمذهبين وعند ابن القصَّار أنه يجزئه، وإن فعل ذلك ذاكرًا للجنابة ففيه رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وداود لا يصح التيمم للصلاة إلا بعد دخول وقتها وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح ذلك قبل دخول وقتها

وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح التيمم إلا عند ضيق الوقت والخوف من فوت الصلاة متى لم يتيمم، فإن عدمه على الوقت لم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز التيمم للنافلة وعند أبي مخرمة وأصحابه لا يتيمم إلا للمكتوبة وكره الْأَوْزَاعِيّ أن يمس المصحف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نوى بتيممه صلاة النافلة لم يستبح الفرض وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستبيح بذلك الفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم للفريضة صلى الفريضة وما شاء من النوافل قبلها وبعدها، وفيه قول أنه لا يصلي قبلها، وهو قول مالك وَأَحْمَد وعند مالك يجوز أن يصلي عقبيها، ولا يصلي إن أخرها عن الفريضة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح التيمم إلا لعادم الماء والخوف من استعماله وأما الواجد له القادر على استعماله فلا يصح تيممه، سواء خاف أو لم يخف وعند مالك أيضًا رِوَايَة أنه يصلي بالتيمم ويعيده وعند أَبِي حَنِيفَةَ

إذا خاف فوت صلاة الجنازة أو العيد جاز له التيمم لهما، وإن كان واجدًا للماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح التيمم لعادم الماء إلا بعد الطلب وإعواز الماء، وهو رِوَايَة عن أَحْمَد وعن أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يحتاج إلى الطلب، بل إذا كان مسافرًا لا يعلم وجود الماء جاز له التيمم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يلزمه الطلب إلا في مواضعه وحواليه، فإن أخبر بموضع الماء وجب عليه المضي إليه إذا لم يخف فوت الرفقة وخروج الوقت وأمن على نفسه ورحله وعند ابن عمر أنه إذا كان الماء منه على غلوتين عدل عنه ولم يمض إليه ويتيمم وعند الْأَوْزَاعِيّ ينتاب الماء على غلوتين من طريقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يلزمه الطلب أنه إذا عدم الماء بعد الطلب جاز له التيمم والصلاة، سواء علم وجود الماء آخر الوقت أم لا وعند الزُّهْرِيّ لا يجوز له التيمم إلا إذا خاف فوت الوقت قبل وجود الماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا لم يجد الجنب الماء إلا في المسجد جاز له الدخول وإخراجه والاغتسال خارج المسجد، وجاز له الاغتسال في المسجد وعند الزَّيْدِيَّة يجب عليه التيمم خارج المسجد، ثم يدخل المسجد لاستقاء الماء ويغتسل خارجه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ واللَّيْث ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في أصح الروايتين

وَمَالِك في رِوَايَة أنه إذا عدم الماء والتراب، أو وجدهما وهما نجسان وجب عليه أن يصلي على حسب حاله ويعيد وعند مالك في رِوَايَة أخرى وداود لا يجب عليه أن يصلي ولا يقضي وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ يحرم عليه أن يصلي، ولكن يقضي، وأصح الروايتين عن أَحْمَد أنه يصلي ولا يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وُهِبَ لعادم الماء ثمنه، أو وهب للعاري السترة لم يلزمه قبوله، وكذا لو وهب له مالاً ليقضي به دينه لم يلزمه قبوله، وبهذا قال بعض الزَّيْدِيَّة، وهو الظاهر من مذهبهم وعند مالك يلزمه القبول في ذلك كله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق، وبعض الشَّافِعِيَّة في مسألة السترة لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا خاف من استعمال الماء تلف نفس أو عضو، أو حدوث مرض يخاف منه ذلك جاز له التيمم مع وجود الماء وعند عَطَاء والحسن أنه لا يجوز له التيمم مع وجود الماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض بدنه صحيحًا وبعضه جريحًا غسل الصحيح،

ويتيمم عن الجريح ولا إعادة عليه وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الصحيح أكثر اقتصر على غسله ولا يلزمه التيمم، وإن كان الجريح أكثر اقتصر على التيمم ولا يلزمه غسل الصحيح وعند مالك إن كان أكثر أعضائه جريحًا يتيمم وأجزأه عن الغسل، وإن كان أكثرها صحيحًا فغسل الصحيح، ومسح على العصائب والجبائر المشدودة على جراحه وقروحه أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يخف من المرض تلف نفس ولا عضو ولكن يخاف إبطاء البرء، فقَوْلَانِ: أصحهما يجوز له التيمم، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والثاني لا يجوز له ذلك، وبه قال أَحْمَد وعَطَاء والحسن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا لم يجد المريض من يناوله الماء صلى على حسب حاله وأعاد ولا يتيمم، وإذا لم يستطع أن يتوضأ بنفسه وضَّأه غيره، وإن لم يجد من يوضئه صلى وأعاد ولا يتيمم وعند مالك والثَّوْرِيّ إذا لم يجد من يناوله الماء تيمم وصلى ولا يعيد، واختاره الْمُزَنِي والطحاوي وعند الحسن إذا لم يجد من يوضئه وخاف خروج الوقت تيمم وعند إِسْحَاق وأصحاب الرأي إذا لم يستطع المريض الوضوء بنفسه يتيمم وعند زفر لا يتيمم ولا يصلي حتى يجد الماء، وهي رِوَايَة شاذة عن أَبِي حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّخَعِيّ وقتادة ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وعبد اللَّه بن عمرو وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه ليس للمتيمم أن يصلي بتيمم واحد فريضتين من فرائض الأعيان، سواء كان ذلك في وقت أو وقتين، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة، ومنهم النَّاصِر، وزيد بن علي، والصادق، والباقر وعند أبي حَنِيفَةَ وأصحابه والْمُزَنِي وَأَحْمَد في رِوَايَة والثَّوْرِيّ وداود والحسن وابن سِيرِينَ ويزيد ابن هارون له أن يصلي بذلك ما شاء من الفرائض إلى أن يحدث كالوضوء، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة على الصحيح من مذهبه وعند أَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد له أن يجمع بين فوائت في وقت، ولا يجمع بين فرائض في أوقات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أن يصلي بتيمم واحد ما شاء من النوافل، وصل بعضها ببعض، أو قطع بعضها عن بعض وعند مالك إذا قطع بعضها عن بعض لم يجز أن يصلي بتيمم واحد، ويعيد لكل صلاة تيمم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا تيمم لعدم الماء ثم وجده، أو توهم وجوده قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه وعند أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه لا يبطل.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وكذا أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة أن المتيمم إذا عدم الماء في الحضر تيمم وصلى وأعاد وعند زفر أنه لا يصلي، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أَبِي حَنِيفَةَ وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي والطحاوي يصلي ولا يعيد واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن المتيمم في السفر الطويل لعدم الماء إذا صلى ثم وجد الماء لا يعيد الصلاة وعند طاوس عليه أن يتوضأ ويعيده وعند مالك والحسن البصري وعَطَاء ومَكْحُول والقاسم بن مُحَمَّد والزُّهْرِيّ وابن سِيرِينَ ورَبِيعَة أنه يعيد إذا كان الوقت باقيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وداود أن المتيمم في السفر الطويل لعدم الماء إذا وجده وهو في الصلاة لا تبطل صلاته، وهي رِوَايَة عن أَحْمَد وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي وكذا ابن سريج من الشَّافِعِيَّة أنها تبطل، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: لا تبطل صلاة الجنازة والعيدين، ولا تبطل الصلاة عنده بروثة

سؤر البغل والحمار وعند الْأَوْزَاعِيّ تصير صلاته بديلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ من سبقه الحدث في صلاة العيد توضأ واستأنف وعند أَبِي حَنِيفَةَ له أن يتيمم ويبني عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد بعض ما يكفيه من الماء هل يلزمه استعماله؟ فيه قَوْلَانِ: القديم: لا يلزمه ذلك، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وداود والْمُزَنِي وبعض الزَّيْدِيَّة والقول الجديد الصحيح يلزمه ذلك، وبه قال أحمد ومعمر بن راشد والحسن بن صالح وعَطَاء وسائر الزَّيْدِيَّة وعند الحسن البصري وعَطَاء أيضًا إذا وجد من الماء ما يكفيه لوجهه ويديه غسلهما به وأغناه عن التيمم وعند عَطَاء وحده إذا كان معه ما يكفي وجهه غسله، ومسح بدنه بالتراب، وأجزأه وعند أحمد أيضًا الجنب يستعمل الماء ولا يستعمله المحدث، ومن أصحابه من سوى بينهما وعند أصحاب الظاهر رِوَايَتَانِ كالقولين.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن من نسي الماء في رحله ثم تيمم وصلى هل يجزئه؟ قَوْلَانِ: القديم يجزئه، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وداود والقول الجديد لا يجزئه، وبه قال أَحْمَد وأبو يوسف وَمَالِك في رِوَايَة أخرى، والمؤيد من الزَّيْدِيَّة وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إن كان في الوقت أعاد، وإن كان بعده لم يعده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم ثم علم أن في رحله ماء، فقَوْلَانِ: أحدهما: يعيده، وبه قال أبو يوسف وَأَحْمَد وكذا مالك إذا كان في الوقت، والثاني: لا يعيد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تيمم ولم يذكر الجنابة صح تيممه، وعند مالك لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المتيمم إذا وجد الماء في آخر الوقت فهل له الأفضل التقديم أو التأخير؟ قَوْلَانِ: أصحهما التقديم له أفضل والثاني: التأخير أفضل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وعلى رضي الله عنه وعند مالك يتيمم في وسط

الوقت لا يعجله ولا يؤخره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع ميت وجنب وحائض وهناك ماء مباح أو للغير، وأراد أن يجود به على أحدهما والماء لا يكفي إلا لأحدهما فالميت أولى وعند أبي حَنِيفَةَ الحي أولى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن المرض اليسير لا يبيح التيمم وعند داود وبعض المالكية أنه يبيحه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم لأجل البرد في الحضر وجبت الإعادة، وإن كان في سفر طويل فقَوْلَانِ في الإعادة وعند عَطَاء والحسن لا يتيمم ويغتسل وإن مات وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وَمَالِك لا إعادة عليه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يجد الماء في الحضر تيمم وصلى وأعاد: وعند أَبِي حَنِيفَةَ يؤخر الصلاة إلى أن يجد الماء ولا يتيمم، فإن صلى بالتيمم لم يعد. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالمذهبين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء المسح على الجبائر مشروع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى وعند الظاهر من الزَّيْدِيَّة أنه لا يمسح عليها، واختاره منهم المؤيد بالله. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يقتصر في المسح على الجبائر على ما يقع عليه الاسم في وجه، ويجب الاستيعاب في الوجه الثاني، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الماسح على الجبيرة إذا وضعها على غير طهر أعاد، وإن وضعها على طهر ففي الإعادة قَوْلَانِ: أحدهما: يلزمه، والثاني: لا يلزمه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة والْمُزَنِي لا يعيد بحال وعند أكثر العلماء وكذا أَحْمَد وَمَالِك في روايتهما لا تعتبر الطهارة في وضعها، ولا يصلي ولا يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ من تيمم وهو محبوس في مصر فعليه الإعادة إذا قدر على الماء وعند مالك لا إعادة عليه، وهو رِوَايَة أخرى عن أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم ثم نزع الخف لا يبطل تيممه وعند أَحْمَد يبطل تيممه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الطهارة شرط في صلاة الجنازة، ولا يجوز أن يتيمم لها في

الحضر مع وجود الماء، وإن خيف فواتها مع الإمام لو اشتغل بالوضوء، بل يتوضأ ويصليها منفردًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى على الصحيح في مذهبه وعند الشعبي وابن جرير ليس من شرطها الطهارة وعند اللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز التيمم لها إذا خيف فواتها مع الإمام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند ابن عمر وابن عَبَّاسٍ والحسن والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ ويَحْيَى بن سعيد ورَبِيعَة وسعد بن إبراهيم إذا حضرت الجنازة ولم يكن على طهارة تيمم لها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف الحاضر خروج الوقت إذا ذهب إلى الماء لم يجزئه التيمم، ويلزمه المضي إليه وإن خرج الوقت وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ يتيمم ويصلي، وحكى ذلك عن مالك، إلا أنه يحكى عنه أنه يعيد إذا توضأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بذل له الماء بأكثر من ثمن المثل لم يلزمه شراؤه، وكان له أن يتيمم قلَّت الزيادة أو كَثرت وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إن كانت الزيادة قليلة لزمه الشراء، وإن كانت كثيرة لم يلزمه وعند الحسن إذا لم يجده إلا بماله كله وجب عليه شراؤه وعند مالك إن كان مضيَّقًا لم يلزمه شراؤه إذا أغلى عليه، وإن كان متسعًا لزمه شراؤه ما لم يجحف بماله وعند أَحْمَد يلزمه شراؤه إن كان متسعًا، إلا أن يخاف على نهبته فلا بأس وعن أَحْمَد أيضًا رِوَايَة لا يلزمه الشراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف فوات صلاة العيد مع الإمام لو اشتغل بالوضوء لم يجز له التيمم، بل يتوضأ ثم يصليها منفردًا، وهذا هو الصحيح من مذهب يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يتيمم لها، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. * * *

باب الحيض

باب الحيضِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم على الحائض قراءة القرآن وعند مالك لا يحرم عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز مباشرة الحائض فيما بين السرة والركبة وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والصحابة والتابعين وأَبِي ثَورٍ ومُحَمَّد بن الحسن وأصبغ المالكي وداود وابن المنذر والنَّخَعِيّ والشعبي وعَطَاء وعكرمة والحكم أنه يجوز، وهو قول أبي إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه ورَبِيعَة واللَّيْث بن سعد

وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة أن زوج الحائض إذا وطئها وهو عالم بتحريمه فلا شيء عليه سوى الاستغفار لأنه كبيرة، وعند الْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق والحسن وسعيد بن جبير وَأَحْمَد إن كان ذلك في أول الدم لزمه أن يتصدق بدينار، وإن كان فى آخره فبنصف دينار، وإن كان في وسطه فبثلثي دينار، وهو قول قديم للشافعي وعند الْإِمَامِيَّة يتصدق بدينار، وفي وسطه بنصف دينار، وفي آخره بربع دينار وعند محمد ابن الحسن يتصدق بدينار أو بنصف دينار وعند بعض الْإِمَامِيَّة أيضًا أنه يلزمه أن يتصدق بثلاثة أمداد من طعام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هذا الدينار هو مثقال الْإِسْلاَم وعن الحسن البصري وعَطَاء وسعيد بن جبير يجب في ذلك ما يجب على المجامع في رمضان، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة الخراسانيين، كذا نسبه إليهم صاحب الشاشي، ونسبه صاحب المعتمد إلى عَطَاء الخراساني، وهذه النسبة الأخيرة هي الصواب إن شاء الله تعالى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ

وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طهرت الحائض لا يحل وطؤها حتى تغتسل وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن انقطع دمها لأكثر الحيض جاز وطؤها قبل الاغتسال، وإن انقطع لدون ذلك لم يحل وطؤها حتى تغتسل وعند داود والْأَوْزَاعِيّ إذا غسلت فرجها حل وطؤها وعند جماعة من أهل الظاهر إذا طهرت حل وطؤها، وإن لم تمس الماء، وبه قالت الشيعة الْإِمَامِيَّة وعند طاوس ومجاهد وعَطَاء إذا توضأت حل وطؤها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم تجد الماء تيممت وحل وطؤها وعند مَكْحُول وَمَالِك لا يحل وطؤها بالتيمم وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل وطؤها حتى تصلي به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحيض له سن مخصوص وقدر مخصوص والمرجع فيه إلى الوجود وعند بعض الناس لا يرجع في ذلك إلى الوجود. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن أقل الحيض يوم وليلة، وبه قال أحمد

والطريقة الثانية في مذهب الشَّافِعِيّ أنه يوم، وهو قول داود وأَبِي ثَورٍ وعَطَاء بن أبي رباح وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل الكوفة ثلاثة أيام وهذا هو الأصح عند الزَّيْدِيَّة وعن أَبِي يُوسُفَ يومان، وعند مالك وداود أيضًا وجماعة من الزَّيْدِيَّة ليس لأقله حد ويجوز أن يكون ساعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وداود والْأَوْزَاعِيّ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وكافة الزَّيْدِيَّة عشرة أيام وعند سعيد بن جبير تسعة عشر يومًا وهي رِوَايَة أيضًا عن مالك وَأَحْمَد وعن مالك رِوَايَة أيضًا أنه لا حد لأكثره وعند مَكْحُول والشعبي أكثره سبعة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن مسلمة المالكي أن أقل الطهر الفاصل بين الحيضتين خمسة عشر يومًا وعند عبد الملك الْمَاجِشُون خمسة أيام وعند أَحْمَد ثلاثة أيام، وعنه ثلاثة عشر يومًا وعند يَحْيَى بن أكثم سبعة عشر يومًا وعند

ابن حبيب المالكي والْإِمَامِيَّة والزَّيْدِيَّة عشرة أيام وعند مالك أنه لا يعلم بين الحيضتين وقتًا يعتمد عليه وروى عن ابن القاسم أنه قال: ما تعلم النساء أزمنة تكون طهرًا أو أن الخمسة والسبعة لا تكون طهرًا وحكى عن مالك أيضًا أن أقله خمسة أيام وعند بعضهم أقله ثمانية أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الدم الذي تراه الحامل قَوْلَانِ: أصحهما أنه حيض، وبه قال مالك، والثاني: دم فساد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد والزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأت يومًا وليلة دمًا ويومًا وليلة نقاءً لم تعتبر الخمسة عشر فقَوْلَانِ: أصحهما أن الجميع حيض، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، وأهل العراق والثاني أيام النقاء طهر، وهو قول مالك وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصفرة والكدرة في أيام العادة أو غيرها حيض وعند أبي ثور إن تقدم الصفرة أو الكدرة دم أسود كانت حيضًا وعند أَبِي يُوسُفَ الصفرة حيض

والكدرة إن تقدمها دم أسود فهي حيض وعند داود لا تكون الصفرة والكدرة حيضًا بحال وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إن كان في أيام الحيض فهو حيض بكل حال، وإن لم يكن فيها فليس بحيض، وكذا في أيام إمكان الحيض، وبه قال زيد بن علي ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد ويَحْيَى وعند القاسم من الزَّيْدِيَّة إن كان فيما بين دفعات الدم كان حيضًا وإن لم يكن بين دفعاتها لم يكن حيضًا وعند النَّاصِر منهم إن كان في أيام الحيض التي هى أيام العادة كان حيضًا، وإن كان ذلك في أيام الإمكان كان فيه التفصيل الذي ذكره القاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المبتدأة وهي التي ترى الدم أول ما طرقها بصفة واحدة، وغير الخمسة عشر يومًا فيها قَوْلَانِ: أحدهما ترد إلى أقل الحيض، وهو يوم وليلة، وبه قال زفر وأبو ثور، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة والثاني إلى غالبه وهو ست أو سبع، وهو الصحيح، وبه قال الثَّوْرِيّ وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرد إلى أكثر الحيض، وهي عشرة أيام، وهي رِوَايَة ثالثة عن أَحْمَد وعند أَبِي يُوسُفَ يؤخذ في الصلاة والصوم بأقل الحيض، وفي تحريم الوطء بأكثر الحيض وعند مالك ثلاث روايات: إحداهن ترد إلى عادة لداتها والثانية إلى عادة نسائها،

وتستطهر بعد ذلك بثلاثة أيام ما لم يجاوز مجموع ذلك خمسة عشر يومًا والثالثة أنها تقعد خمسة عشر يومًا، وهذه الرِوَايَة تجرى في المعتادة التي لا تمييز لها، وهي رِوَايَة عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طهرت الحائض واغتسلت ثم رأت بعد يوم أو أيام دمًا فهو حيض ما لم يجاوز خمسة عشر يومًا وعند عَطَاء وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد لا تدع الصلاة وتفعل ما تفعل المستحاضة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحابه أن لانقطاع الدم غاية، وهو خمسة عشر يومًا وعند أَحْمَد ما زاد على الستين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك أن المستحاضة المميزة، وهي التي ترى الدم وتجاوز الخمسة عشر، وكان في مدة الخمسة عشر على لونين قوى وضعيف، فإنها تحيض أيام القوى بشرط أن لا تنقص القوى عن أقل الحيض، ولا يزيد على أكثره وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد لا اعتبار بالتمييز، وإنما الاعتبار بالعادة، فإن لم يكن لها عادة ردت إلى أكثر الحيض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تثبت العادة في قدر الحيض بمرة على الصحيح والثاني تثبت بمرتين، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ المستحاضة المعتادة التي لا تمييز لها ترد إلى عادتها وعند مالك لا اعتبار بالعادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المعتادة إذا كان عادتها أن تحيض الخمس الثانية من الشهر، فرأت الدم في أيام عادتها، وخمسًا قبلها، وخمسًا بعدها أن الجميع حيض وعند أبي حَنِيفَةَ الخمسة التي بعدها حيض، والتي قبلها لا تكون حيضًا، إلا أن تتكرر وعند أحمد الذي تراه قبل العادة أو بعدها لا يكون حيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المعتادة المميزة ترد إلى التمييز على الصحيح، وبه قال

مالك والْأَوْزَاعِيّ والثاني: ترد إلى العادة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعَطَاء والشعبي وداود أن أكثر النفاس ستون، وغالبه أربعون يومًا وعند ابن سريج وأبي علي الطبري الشَّافِعِيّين أكثره أربعون يومًا، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق واللَّيْث بن سعد وأبو عبيد وأكثر الفقهاء وابن الْمُبَارَك، واختاره الْمُزَنِي وعند الحسن البصري خمسون يومًا وعند ابن عمر وابن

عبَّاس وعثمان بن أبي العاص وأنس بن مالك وعائذ بن عمرو وأم سلمة وَمَالِك في رِوَايَة تجلس أقصى ما تجلس النساء، ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة منهن وعند قتادة وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ تقعد كامرأة من نسائها وعند الضحاك ينتظر إذا ولدت سبع ليال أو أربع عشرة، ثم تغتسل وتصلي وعند أهل دمشق أن النفاس من الغلام ثلاثون ليلة، ومن الجارية أربعون ليلة وعند بعض الناس سبعون يومًا وعند الْإِمَامِيَّة ثمانية عشر يومًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس لأقل النفاس حد، وقد تلد المرأة ولا ترى الدم وعند الثَّوْرِيّ أقله ثلاثة أيام وعند أَبِي يُوسُفَ أقله أحد عشر يومًا؛ ليزيد أقله على أكثر الحيض عنده وعند أَبِي حَنِيفَةَ أقله خمسة عشر يومًا وعند الحسن إذا رأت النفساء الطهر بعد عشرين يومًا فإنها طاهر فتصلي وعند الضحاك إذا رأت النفساء الطهر في سبعة أيام اغتسلت يوم السابع وصلت.

مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ولدت توأمين بينهما الدم فثلاثة أوجه: أحدها يعتبر أول النفاس وآخره بالولد الأول، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وأبو يوسف الثاني: يعتبر أول النفاس وآخره بالثاني، وهو الصحيح، وبه قال مُحَمَّد وزفر. والثالث يعتبر ابتداؤها من الأول ثم تستأنف المدة من الثاني. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا رأت النفساء ساعة دمًا، ثم طهرت خمسة عشر يومًا، ثم رأت يومًا وليلة دمًا فوجهان: أحدهما أن الدم الأول نفاس. والثاني حيض وما بينهما طهر، وبه قال أبو يوسف ومُحَمَّد وسائر الزَّيْدِيَّة. والثاني أن الجميع نفاس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وزيد بن علي والنَّاصِر للحق وعند أَحْمَد الدم الأول نفاس، والثاني مشكوك فيه، فتصوم وتصلي ولا يطأها الزوج، وتقضي الصوم والصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأت النفساء يومًا وليلة دمًا، ثم طهرت ثلاثة عشر يومًا ونصفًا، ثم رأت الدم نصف يوم، فإنه يضم إلى الأول وعند أَحْمَد أن الدم الأول نفاس، والثاني مشكوك فيه فتصوم وتصلي، ولا يأتيها زوجها، وتقضي الصوم والصلوات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طهرت النفساء واغتسلت ثم رأت الدم في زمان النفاس كان نفاسًا وعند مالك إن كان الدم الثاني بعد الطهر بيوم أو يومين وثلاثة ونحو ذلك كان ذلك نفاسًا، وإن تباعد ما بين الدمين كان حيضًا وعند أَبِي ثَورٍ إن رأت الدم بعد الطهر بأيام كان دم فساد، ولا تدع الصلاة إلى خمسة عشر ليلة، وإن رأت بعدها دمًا فهو دم حيض. مسألة: ومذهب الشَّافِعِيّ إذا رأت النفساء ساعة دمًا، ثم طهرت خمسة عشر يومًا، ثم رأت ساعة دمًا فوجهان: أحدهما أنه نفاس، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ

والثاني أنه دم فساد؛ وهو قول زفر ومحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انقطع دم النفساء لدون الستين ثم عاد، فإن كان ما بينهما من النقاء مدة طهر كامل فالأول نفاس، والثاني حيض، والنقاء بينهما طهر، وإن كان ما بينهما ليس بطهر صحيح فالأول والثاني نفاس، وما بينهما فيه قَوْلَانِ، بناءً على الطهر بين دمي الحيض وعند أَحْمَد الأول نفاس والثاني مشكوك فيه، وما بينهما من النقاء طهر وعند أَبِي حَنِيفَةَ الجميع نفاس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا انقطع دم النفاس لدون أربعين يومًا لم يكره وطؤها وعند أَحْمَد وعلي وابن عَبَّاسٍ وعائذ بن عمرو يكره واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: لا يتعجل وطئها، وعند الهادي والقاسم والمؤيد لا يتعجل وطئها حتى يكمل طهرها عشرًا، فإذا مضت العشر فحينئذ يطأها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وعلي وعائشة وابن مسعود وابن عبَّاس وسائر الصحابة والتابعين أن المستحاضة غير المتحيرة لا يجب عليها إلا غسل واحد عندما يحكم لها بانقطاع دم الحيض، وأنما يجب عليها الوضوء وعند ابن عمر وابن الزبير يجب عليها أن تغتسل لكل صلاة، وهو رِوَايَة أيضًا عن علي وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعند عائشة في رِوَايَة عنها أنها تغتسل لكل يوم غسلاً واحدًا وعند ابن المسيب والحسن تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ أن المستحاضة لا يجوز لها أن تصلي بالوضوء أكثر من فريضة واحدة وما شاءت من النوافل، سواء كان ذلك في وقت أو وقتين وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز لها أن تجمع بين فرضين في وقت واحد، وتبطل طهارتها بخروج

وقت الصلاة وعند أَحْمَد تبطل طهارتها بدخول الوقت وعند رَبِيعَة وَمَالِك لا وضوء على المستحاضة وعند الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث تجمع في طهارتها بين الظهر والعصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة مفروضة وعند أَحْمَد تتوضأ لكل صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن طهارة المستحاضة لا تصح إلا بعد دخول الوقت وعند أبي حَنِيفَةَ تصح إذا لم يكن ذلك وقت صلاة، فإن كان وقت صلاة بأن توضأت لصلاة العصر عند صلاة الظهر وأرادت أن تصلي بهذا الوضوء العصر لم يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز لزوج المستحاضة وطؤها، وإن كان الدم جاريًا وعند الحكم وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ لا يجوز له وطؤها وعند أَحْمَد لا يجوز له وطؤها إلا أن يخاف على نفسه العنت.

باب إزالة النجاسات

بابُ إِزَالة النَّجَاسَاتِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن بول بني آدم وعذرتهم نجسة. وعند داود بول الغلام الذي لم يطعم الطعام طاهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وعمر وابن عَبَّاسٍ يجب غسل المذي وعند أَحْمَد يجزئ فيه النضح، والغسل مستحب مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر والْأَوْزَاعِيّ أبوال البهائم، وأوراثها نجسة، سواء في ذلك ما يؤكل وما لا يؤكل. وعند النَّخَعِيّ أبوال البهائم كلها طاهرة وعند مالك

والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وزفر بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر، وهذا وجه لبعض الشَّافِعِيَّة، وعند اللَّيْث ومُحَمَّد بوله طاهر وروثه نجس وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكل نجس إلا ذرق الحمام والعصافير وما لا يمكن الاحترار منه فإنه طاهر وعند اللَّيْث بن سعد ومُحَمَّد بن الحسن بول ما يؤكل لحمه طاهر، وروثه نجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ذرق الطيور نجسة وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد طاهر، إلا أن مالكًا يقول: إذا أكلت الخرء فأصاب الثوب من ذرقها أعاد الصلاة في الوقت استحسانًا وعند الحسن لا تعاد الصلاة من خرء الدجاج وعند أبي جعفر والحكم وحماد أنه يرخص في ذرق الطير وعند أكثر الزَّيْدِيَّة خرء الدجاج والبط والأوز نجس وعند يَحْيَى منهم أنه طاهر، إلا خرء الجلَّالة التي تأكل النجاسات فإنها نجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن البلغم الخارج من المعدة نجس وعن أَبِي حَنِيفَةَ ومحمد طاهر، كذا نقله صاحب البيان، والشاشي وصاحب المعتمد، والشيخ أبي إِسْحَاق في كتب الخلاف ونقل الشيخ أبي علي في شرح التلخيص في ذلك وجهين، والأظهر أنه طاهر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ والثاني أنه نجس، وهو قول أَبِي يُوسُفَ. مسألة: عن الشَّافِعِيّ المشهور أن مني الآدمي طاهر ما لم يصبه نجاسة، وبه قال من

الصحابة ابن عَبَّاسٍ وسعد بن أبي وقاص وعائشة، وبه قال داود، وهو أظهر الروايتين عند أَحْمَد وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ والْإِمَامِيَّة هو نجس يجب غسله رطبًا ويابسًا وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق هو نجس يجب غسله إن كان رطبًا، وإن كان يابسًا أجزأه الفرك، وهذا هو الرِوَايَة الأخرى عن أَحْمَد وعند الحسن بن صالح أنه لا تعاد الصلاة من المني فى الثوب، وتعاد في المني في البدن وإن قل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الآدمي لا ينجس بالموت على أصح القولين، والقول الثاني أنه ينجس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ غير أنه يطهر بالغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ جميع الدماء نجسه، وكذا دم السمك على وجه، وبه قال أبو يوسف في رِوَايَة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد والوجه الثاني: أنه طاهر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ ومحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والشَّافِعِيّ ومن الزَّيْدِيَّة جماعة دم ما لا نفس له سائلة كالنمل والبراغيث والبق طاهر في إحدى الروايتين عن أحمد وعند أكثر الزَّيْدِيَّة هو نجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة الخمر نجسة وعند اللَّيْث ورَبِيعَة والحسن

البصري والْإِمَامِيَّة هي طاهرة، وإن حرم شربها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النبيذ نجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ طاهر، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعروة بن الزبير وعمر وعمرو بن العاص وأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد في إحدى الروايتين والقاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة أن الكلب والخنزير وما تَوَلَّدَ منهما أو من أحدهما نجس الذات ونجس السؤر، وما سواهما طاهر

الذات والسؤر، ولا يكره سؤر الهرة عند الشَّافِعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعند الزُّهْرِيّ ومالك وداود أنها كلها طاهرة الذات وسؤرها طاهر، غير أنه يجب الغسل من ولوغ الكلب تعبدًا لا للنجاسة واختاره ابن المنذر وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ سؤر ما لا يؤكل لحمه نجس سوى الآدمي وعند أَبِي حَنِيفَةَ الآسار أربعة أضرب: نجس، وهو سؤر الكلب والخنزير وسائر السباع فإنها نجسة عنده، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وزيد بن علي وضرب مكروه، وهو حشرات الأرض وجوارح الطير والهرة وضرب مشكوك فيه، وهو سؤر البغل والحمار وضرب طاهر غير مكروه، وهو سؤر ما يؤكل وعند أَحْمَد كل حيوان يؤكل لحمه فسؤره طاهر، وكذلك الهرة وحشرات الأرض وعنه في السباع رِوَايَتَانِ، وبالطهارة قال الشَّافِعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وكذا في البغل والحمار رِوَايَتَانِ أصحهما: أنه نجس والثانية أنه مشكوك فيه يتوضأ به ويتيمم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه طاهر، وبه قال الشَّافِعِيّ وعند ابن عمر ويَحْيَى الأنصاري وابن أبي ليلى يكره التوضأ بسؤر الهرة وعند أبي هريرة وابن المسيب يغسل مرة أو مرتين وعند الحسن وابن سِيرِينَ يغسل مرة وعند طاوس يغسل سبع مرات وعند عَطَاء هو بمنزلة الكلب وعند النَّخَعِيّ والشعبي وابن سِيرِينَ وابن عمر يكره الوضوء بسؤر الحمار وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ يكره الوضوء بسؤر البغل والحمار وعند الثَّوْرِيّ إذا لم يجد إلا سؤر البغل والحمار توضأ به وتيمم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز تخليل الخمر، وإذا خللت بخل وملح وما أشبه ذلك لم تطهر وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستحب تخليلها لتطهر، وإذا خللت، فتخللت حتى لو ألقى خمر أو خل فغلب عليها بحيث لم يوجد طعم الخمر فإنه يحل بذلك وعند مالك يكره تخليلها، إلا أنها إذا خللت فتخللت طهرت وعند الْإِمَامِيَّة إذا انقلبت بنفسها خلاً أو بفعل آدمي إذا طرح فيها ما تنقلب به إلى الخل حلَّت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرقت العذرة أو السروجين أو عظام الميتة فصار رمادًا، أو طرح كلبًا ميتًا في مملحة فصار ملحًا، أو طرح السروجين في التراب فصار ترابًا لم يطهر شيء من ذلك وعند أَبِي حَنِيفَةَ يطهر جميع ذلك، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وأكثر العلماء أنه إذا ولغ الكلب في إناء فيه مائع أو ماء دون القلتين، أو دخل فيه عضوًا، أو

وقع فيه شيء من دمه أو بوله أو روثه وجب غسله للنجاسة سبع مرات إحداهن بالتراب وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب غسله، إلا أن السبع لا تجب، بل يغسل حتى يغلب على الظن طهارته، فلو غلب على الظن طهارته بمرة أو مرتين حكم بطهارته وعند مالك وداود يغسل من الولوغ كذلك تعبدًا، ولا يغسل مما عدا الولوغ وعند الحسن وَأَحْمَد في رِوَايَة يغسل سبعًا بالماء والثامنة بالتراب وعند الزُّهْرِيّ والْإِمَامِيَّة يغسل ثلاث مرات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حكم الخنزير حكم الكلب في غسل الإناء وعند مالك في إحدى الروايتين لا يغسل من ولوغه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب أن يكون التراب في غسله ثامنة، بل في أي السبع جعل التراب جاز، والأفضل أن يكون فيما قبل السابعة وعند الحسن وَأَحْمَد يجب أن يكون التراب في غسلة ثامنة وعن مالك رِوَايَة أنه يجب الغسل من ولوغه ثماني مرات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ولغ الكلب في إناء فيه طعام وشراب كالماء واللبن وغيرهما نجس الإناء، ونجس ما فيه ووجب إراقته، ولا يحل شربه ولا أكله وعند مالك والزُّهْرِيّ وداود ينجس ما في الإناء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعلي وأم سلمة وغير واحد من الصحابة والتابعين أنه يجزئ في بول الصبي الذي لم يطعم الطعام النضح، وهو أن يبله بالماء، وإن لم يزل عنه، ويغسل من بول الجارية، فيصب عليه الماء حتى يزل عنه وعند الْأَوْزَاعِيّ يطهر بولهما جميعًا بالرش عليه وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب غسل بول الصبي أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ سائر النجاسات يستحب غسلها ثلاثًا، ويجب مرة واحدة وعند أَحْمَد يجب في جميع النجاسات سبع مرات وعنه في رِوَايَة ثلاث مرات، إلا الأرض إذا أصابتها نجاسة واختلف أصحابه في ضم التراب إليه وعند أبي حَنِيفَةَ إن كانت النجاسة مرئية فإنها تغسل إلى أن يغلب على الظن زوالها كالكلب سواء، ومن أصحابه من قدَّره بثلاث وعند بعض الزَّيْدِيَّة في النجاسة الحكمية إلى أن يغلب على ظنه طهارتها ولا اعتبار بالعدد وعند بعض الزَّيْدِيَّة أيضًا يجب الغسل ثلاثًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأكثر العلماء إذا أصاب الأرض نجاسة ذائبة وكاثرها الماء أجزأه وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن كانت الأرض رخوة ينزل فيها الماء وصبه عليها

أجزأه، وإن كانت صلبة لم تجزه إلا بحفرها ونقل التراب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا أصاب الثوب دم الحيض أو غيره من الدماء استحب حته بعود، ثم يقرصه بين أصبعيه، ثم يغسله بالماء، فإن غسله من غير حت ولا قرص أجزأه وعند أهل الظاهر لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا غسل ذلك وبقي له أثر لا يزول إلا بالقطعفإنه يعفى عنه وعند ابن عمر يقطع بالمقراض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصابت النجاسة الأشياء الصقيلة كالمرآة والسكين والسيف لم تطهر بالمسح، وإنما تطهر بالغسل وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تطهر بالمسح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصابت الأرض نجاسة ذائبة فطلعت عليها الشمس وهبت عليها الريح فذهب أثرها بالشمس والريح طهرت في القديم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومحمد، والقول الجديد الصحيح أنها لا تطهر، وبه قال مالك وَأَحْمَد وأكثر العلماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصاب أسفل الخف نجاسة فلا تطهر إلا بالماء في قوله الجديد، وبه قال مالك في العذرة والبول، وفي أرواث الدواب رِوَايَتَانِ: إحداهما تغسل والثانية تمسح. والقول القديم عند الشَّافِعِيّ أنه إذا دلكه بالأرض كان عفوًا وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان يابسًا جاز الاقتصار فيه على الدلك، وإن كان رطبًا لم يجز وعند أحمد رِوَايَتَانِ كالقولين. وعنه رِوَايَة ثالثة يعفى عنه، إلا أن يكون بولاً أو عذرة رطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الماء المزال به النجاسة إذا انفصل غير متغير ثلاثة أوجه: أحدها طهارته والثاني: إن حكم بطهارة المحل فهو طاهر، وهو قول مالك، وإن لم يحكم بطهارة المحل فهو نجس والثالث: الحكم بنجاسته، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. * * *

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المرتد تجب عليه الصلاة في حال الردة، ويؤمر بقضائها إذا أسلم وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الردة تسقط عنه فرض الصلاة في حال الردة، فلا يؤمر بقضائها بعد الْإِسْلَام وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة أن المرتد إذا أسلم، وكان قد أتى بحجة الْإِسْلَام في إسلامه قبل الردة أنه لا يلزمه القضاء وعند أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ترك المسلم الصلاة، ثم ارتد، ثم أسلم لزمه القضاء وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يلزم الصبي فعل الطهارة ولا فعل الصلاة وعند أحمد وإِسْحَاق يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الإغماء إذا كان بغير معصية أسقط فرض القضاء، وإن كان بمعصية لم يمنع الوجوب ولا القضاء وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا زاد الإغماء على يوم وليلة يسقط فرض القضاء، وإن كان في يوم وليلة فما دون لم يمنع الوجوب وعند أَحْمَد وعَطَاء وطاوس ومجاهد الإغماء لا يمنع وجوب القضاء وعند مالك وسائر الزَّيْدِيَّة يصلي صلاة وقته الذي أفاق فيه وعند زيد بن علي يلزمه قضاء ثلاثة أيام، وإن

زاد عليها سقطت الزيادة وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يصلي صلاة يومه الذي أفاق فيه، فإن أفاق ليلاً أعاد صلاة ليلته التي أفاق فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المجنون إذا أفاق لم يجب عليه قضاء ما فاته في أيام الجنون وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ في ذلك. والمعروف عنه موافقة الشَّافِعِيّ وعند أَحْمَد يلزمه القضاء قل الجنون أو كثر. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن الصبي إذا بلغ في أثناء الصلاة أو الصوم، أو بلغ بعد الفراغ من الصلاة وقبل خروج وقتها أنه يجزئه ذلك عن الفرض، ولا إعادة عليه وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة يجب عليه الإعادة بكل حال في الصوم والصلاة، واختار الْمُزَنِي أنه يعيد الصلاة، ولا يعيد الصوم وعند أَحْمَد يكون نافلة أيضًا وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح للصبي صلاة أصلاً، وأصل الاختلاف بين أَبِي حَنِيفَةَ والشَّافِعِيّ في ذلك يعود إلى أن للصبي صلاة شرعية أم لا؟ فعند الشَّافِعِيّ له صلاة شرعية وعند أَبِي حَنِيفَةَ إنما يؤمر بها ليتمرن على فعلها، وليست بصلاة شرعية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك أن من ترك الصلاة بعد اعتقاد وجوبها كسلاً وأصر على ذلك قتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى وَأَحْمَد بن عيسى ومُحَمَّد بن يَحْيَى وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والْمُزَنِي لا يقتل، فأبو حَنِيفَةَ يقول: يحبس حتى يصلي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي والمؤيد، والْمُزَنِي يقول: يضرب ولا يقتل، والثَّوْرِيّ يقول: لا يتعرض له؛ لأنها أمانة في عنقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن هذا التارك للصلاة بعد اعتقاد وجوبها كسلًا إذا قتل فإن قتله يكون حدًا لا كفرًا وعند أَحْمَد وداود وإِسْحَاق وعمر وعلي وبعض الشَّافِعِيَّة أنه يقتل لكفره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أنه إذا ترك الصلاة في حال فسقه وجب عليه القضاء، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة وعند داود وعبد الرحمن ابن بنت الشَّافِعِيّ لا قضاء عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب والقاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم الحربي في دار الحرب، ولم يعلم بوجوب الصلاة عليه ومضى عليه زمان ثم علم بذلك لم يلزمه القضاء وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى وعند المؤيد منهم يلزمه القضاء.

باب مواقيت الصلاة

بابُ مَواقِيتُ الصَّلاةِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن أول الظهر إذا زالت الشمس وعند بعض الناس لا يجوز أن يصلي حتى يصير الفيء مثل الشراك بعد الزوال وعند مالك المستحب أن يؤخر الظهر بعد الزوال بقدر ما يصير الظل ذراعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجوز افتتاح صلاة الظهر قبل الزوال، وعن ابن عَبَّاسٍ رِوَايَة أنه يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعائشة وابن عَبَّاسٍ وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة أن الدلوك هو الزوال وعند أَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن مسعود أن الدلوك هو الغروب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وداود أن آخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله، ويعتبر المثل من حد

الزيادة على الظل الذي كان عند الزوال، وهو رِوَايَة عن أَبِي حَنِيفَةَ وعنه رِوَايَتَانِ أخرتان سنذكرهما وعند عَطَاء وطاوس وَمَالِك يدخل وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله، ولا يذهب وقت الظهر بل يمتزج الوقتان إلى غروب الشمس وعن مالك أيضا رِوَايَة إذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، فإذا زاد على المثل زيادة بينة خرج وقت الظهر واختص الوقت بالعصر وعن مالك أيضًا وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله وقتًا مختارًا، ووقت الأداء آخره إذا بقي إلى غروب الشمس بقدر أربع ركعات وعند عَطَاء أنه لا يكون مفرطًا بتأخيرها حتى تصير فى الشمس صفرة وعند طاوس أنه لا يفوت حتى الليل وعند ابن جرير الطبري والْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق يمتزج الوقتان بقدر أربع ركعات من حين يصير ظل كل شيء مثله، ثم يصير الوقت بعد ذلك للعصر وحده وعند أَبِي حَنِيفَةَ ثلاث روايات: إحداهن وعليها يعتمدون، أن وقت الظهر باق إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه والثانية أنه باق إلى أن يصير ظل كل شيء دون مثليه. والثالثة أن آخره إذا صار ظل كل شيء مثله، ويدخل وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثليه ويكون ما بينهما فصلاً بين الوقتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ أن أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله غير الظل الذي يكون له وقت الزوال، وزاد أدنى زيادة وآخر وقتها المختار إذا صار ظل كل شيء مثليه وعند أَبِي حَنِيفَةَ أن أول وقت العصر إذا

صار ظل كل شيء مثليه، وآخره إذا اصفرت الشمس وعند ابن المنذر وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد آخر وقت العصر إذا تغيبت الشمس وعند إِسْحَاق آخر وقت العصر إذا بقي إلى غروب الشمس قدر ركعة وعند ابن عَبَّاسٍ وعكرمة آخر وقت العصر غروب الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة أهل العلم من الصحابة والتابعين وقت المغرب يدخل بغروب الشمس بتواري القرص وشعاع الشمس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يدخل وقتها إلا بظهور كوكب من كواكب الليل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في امتداد وقت المغرب قَوْلَانِ: الجديد أنه بعد غروب الشمس بمقدار ما يتوضأ ويستر العورة ويقصد المسجد ويؤذن ويقيم ويدخل فيها، فإن فاته الابتداء في هذا الوقت أثم، وكان قاضيًا، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك والقول القديم وهو الصحيح أنه يمتد وقتها إلى غيبوبة الشفق الأحمر، واختاره من أصحابه ابن المنذر والزبيري، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود ويَحْيَى بن آدم وأبو ثور وعند مالك يمتد وقت المغرب إلى طلوع الفجر

الثاني، فيكون إلى غيبوبة الشفق يختص بالمغرب، ثم من بعد ذلك تشترك هي والعشاء وروى أيضًا عن مالك أنه قائل بما قال به القول الجديد وروى عن مالك أيضًا أن وقت اختيار المغرب وقت واحد ويتسع إلى وقت العشاء، ووقت الأداء باق إلى أن يبقى من الليل قبل طلوع الفجر قدر أربع ركعات وعند طاوس لا يفوت المغرب والعشاء إلا بطلوع الفجر وعند عَطَاء لا يفوت المغرب والعشاء إلا بالنهار. مسألة: لا خلاف بين العلماء أن وقت العشاء يدخل بغيبوبة الشفق واختلفوا في ذلك الشفق ما هو؟ فقال الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وداود وأبو يوسف ومُحَمَّد وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبو هريرة وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس: أنه الأحمر وقال أبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والْمُزَنِي وزفر: أنه الأبيض ورواه ابن المنذر عن أنس بن مالك وأبي هريرة وابن عَبَّاسٍ وعمر بن عبد العزيز وعن أَحْمَد رِوَايَة أيضًا

أنه إن كان في الصحراء فهو الأحمر، وإن كان في البنيان فهو الأبيض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في آخر وقتها المختار قَوْلَانِ: القديم إلى نصف الليل، وبه قال أهل العراق وأبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبو ثور في رِوَايَة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إن ذلك لا يخرج وقت العشاء. والجديد إلى ثلث الليل، وبه قال مالك وعمر ابن الخطاب وأبو هريرة وعمر بن عبد العزيز، وهي رِوَايَة عن أَحْمَد وعند النَّخَعِيّ إذا ذهب ربع الليل وعند ابن عَبَّاسٍ وطاوس وعَطَاء وعكرمة يمتد وقتها إلى طلوع الفجر، وبه قال الزَّيْدِيَّة في حق أهل الضرورات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره النوم قبل صلاة العشاء قال ابن الْمُبَارَك: وعليه أكثر الأحاديث وعند بعض العلماء لا يكره وعند بعض العلماء لا يكره في رمضان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره السهر بعد صلاة العشاء، إلا إذا كان في معنى العلم والخير فلا يكره وعند بعض العلماء يكره مطلقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن صلاة الصبح من صلاة النهار وعند بعض الناس أن من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ليس من الليل، ولا من النهار وعند

حذيفة والأعمش والشعبي أن الليل من غروب الشمس إلى طلوعها، فصلاة الصبح عندهم من صلوات الليل وعندهم لا يحرم على الصائم الطعام والشراب حتى تطلع الشمس، وعند مالك أن وقت الظهر المختص به بعد الزوال إلى مضى أربع ركعات لا مدخل للعصر فيه، وما بين هذين وقت مشترك بينهما في باب الإجزاء لأهل الضرورات، وكذا بعد المغرب ثلاث ركعات خاص بها؛ لأنها لا تشركها فيه العشاء، وقبل الفجر أربع ركعات خاص للعشاء، وما بينهما وقت مشترك بينهما وبين المغرب وخالفه في ذلك الشَّافِعِيّ وأبو حَنِيفَةَ وقد قدمناه في صدر الباب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ومُحَمَّد بن شجاع من الحنفمِة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الصلوات المفروضة تجب بأول الوقت وجوبًا موسعًا على معنى جواز التأخير إلى آخر الوقت حتى يستقر الوجوب بإمكان الأداء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وأبو الطاهر ويَحْيَى وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تجب الصلاة بآخر الوقت، وإنَّما أول الوقت وقت لجواز فعل الصلاة فيه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم واختلفوا في وقت الوجوب، فذهب أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومُحَمَّد إلى أنها تجب إذا بقي من آخر الوقت قدر تكبيرة وذهب زفر إلى أنها تجب إذا بقي مقدار ما يصلي فيه صلاة الوقت، فأمَّا إذا صلى في أوله، فذهب أكثرهم إلى أنها تقع مراعاة، فإن بقي إلى آخر الوقت وهو على صفة

تلزمه الصلاة تبين بذلك أنها كانت فريضة، وإن خرج عن أن يكون من أهل وجوب الصلاة في آخر الوقت تبين بذلك أنها كانت نفلاً، ومنهم من يقول؛ إنها تقع نفلاً بكل حال، غير أنها تمنع توجه الفرض عليه في آخر الوقت، فعلى هذه الطريقة يخرج من صلى في أول الوقت من الذنب، ولم يتوجه عليه فريضة في الصلاة بحال، وقال الكرخي: لا يختلف قولهم أن الوجوب يتعلق بقدر صلاة الوقت، وما ذكره من قدر التكبيرة إنما هو في حق المعذورين ثم اختلف النقل عن الكرخي فنقل عنه الشاشي وصاحب الشامل والشيخ أبي إِسْحَاق في كتب الأصول أنه إذا فعلها في أول الوقت تقع واجبة، فيكون الوجوب عنده متعلقًا بوقت معين وهو أحد أمرين: بالدخول في الصلاة، أو بآخر الوقت ونقل عنه صاحب البيان أنه إذا صلَّى في أول الوقت كان نفلًا، فإن بقي إلى آخر الوقت وهو من أهل الوجوب منع ذلك النفل وجوب الفرض عليه، وهذا الثقل عنه من صاحب البيان ليس بصحيح، بل هذا قول بعض الحنفية غير الكرخي كما قدمناه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وابن الزبير وأنس وأبي موسى وأبي هريرة وعلي وابن مسعود وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الأفضل تقديم صلاة الصبح في أول وقتها إذا تحقق طلوع الفجر وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وابن مسعود أيضًا الإسفار بها أفضل، إلا أن يحس بطلوع الشمس فيكره تأخيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق أن الإسفار الوارد في الحديث معناه أن يتضح الفجر ولا يشك فيه، وليس معناه تأخير الصلاة وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ معنى الإسفار: تأخير الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق من أدرك ركعة قبل طلوع الشمس كان مدركًا للصبح وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون مدركًا، ولو أدرك قبل غروب الشمس ركعة كان

مدركًا للعصر باتفاق العلماء؛ لأنه خرج إلى وقت تحل فيه الصلاة، بخلاف مسألة إدراك الصبح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أنّ المستحب الإبراد بالظُّهِر في الحَرِّ وعند مالك التعجيل أفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الظهر في غير وقت الحر تقديمها أفضل وعند مالك الأفضل تأخيرها حتى يصير الفيء قدر الذراع وعند أَبِي حَنِيفَةَ تعجيلها في الشتاء أفضل، وتأخيرها في الصيف أفضل، ولا يراعى الإبراد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ شرط الإبراد بالظهر أن يكون في موضع ينتابه الناس من البعد، فأمَّا المصلي وحده والذي يصلي في مسجد قومه فلا يستحب له تأخير الصلاة فى شدة الحر وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك لا يشترط ذلك، وبه قال جماعة

من أهل العلم قال الترمذي: وفي الحديث ما يدل على خلاف ما ذهب إليه الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعبد الله بن مسعود وعائشة وأنس وعبد الله ابن الْمُبَارَك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق تعجيل العصر في أول وقتها أفضل وعند مالك يؤخرها يسيرًا وعند الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وأبي هريرة وابن مسعود تأخيرها إلى آخر الوقت أفضل ما دامت الشمسُ بيضَاء واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه الشاشي وصاحب المعتمد وغيرهما أن تقديمها في الغيم أفضل، وتأخيرها في الصحو أفضل ما دامت الشمس بيضاء نقية، ونقل صاحب البيان والدر الشفاف عنه موافقة الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وكافة العلماء والصحابة والتابعين تقديم المغرب فى أول وقتها أفضل وعند الروافض تأخيرها إلى اشتباك النجوم أفضل وعند أبي حَنِيفَةَ تأخيرها في الغيم أفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل الأفضل تقديم العشاء في أول الوقت أو تأخيرها؟ قَوْلَانِ: القديم وهو الصحيح أن تقديمها أفضل. والقول الجديد تأخيرها أفضل، وبه قال

أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والصحابة والتابعين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا كان يوم غيم استحب تأخير الصلاة إلا أن يخشى إن أخر عن ذلك خرج وقت الصلاة وعند عمر يؤخر الظهر ويعجل العصر، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء وعند ابن مسعود يعجل الظهر والعصر ويؤخر المغرب وعند ابن سِيرِينَ يعجل العصر ويؤخر المغرب وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يؤخر الظهر ويعجل العصر ويؤخر المغرب ويعجل العشاء وينور بالفجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمؤيد بالله من الزَّيْدِيَّة إذا اجتهد المجتهد في وجوب الوقت وصلى أجزأه، سواء وقعت صلاته في الوقت أو بعد خروجه، ولا يراعى بقاء الوقت ومضيه وعند أَبِي حَنِيفَةَ وجماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر ويَحْيَى والقاسم والمؤيد أيضًا أنه يراعى بقاء الوقت ومضيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فيما نقله المتقدمون من أصحابه عنه أن الصلاة الوسطى هي الصبح، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وجابر وعلي وَمَالِك وعند عائشة وزيد بن ثابت وأسامة بن زيد وعبد الله بن شداد وأكثر الزَّيْدِيَّة أنها الظهر، وذكر القدُّوري أنه مذهب أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه، وهي رِوَايَة أخرى عن ابن عمر وعند أبي هريرة وَأَحْمَد وأبي أيوب وأبي سعيد الخدري وعبيدة السلماني والحسن والضحاك وابن مسعود ومُحَمَّد بن منصور وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم، ومن الزَّيْدِيَّة السيد أنها العصر، وهي الرِوَايَة الأخرى عن علي وحكاه الطحاوي عن أَبِي حَنِيفَةَ وحكى المتأخرون من الشَّافِعِيَّة أنه مذهب الشَّافِعِيّ وعند أَحْمَد في رِوَايَة وقبيصة بن ذؤيب أنها المغرب.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طلعت الشمس وهو يصلي لم تبطل صلاته وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك من الوقت قدر تكبيرة فهل يلزمه صلاة ذلك الوقت؟ قَوْلَانِ: أحدهما يلزمه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ والثاني لا يلزمه، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أنه إذا أدرك ركعة قبل غروب الشمس لزمه العصر والظهر، وإذا أدرك ركعة قبل طلوع الفجر لزمه العشاء والمغرب، وكذا لو أدرك في الوقت الأول قدر تكبيرة على قول لزمه الثانية، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أن عند أبي حَنِيفَةَ لا تلزمه الأولى بإدراك وقت الثانية وعند مالك إذا أدرك من العصر خمس ركعات بعد فراغه مما يصلح للصلاة كالطهارة والستارة، وغير ذلك لزمه الظهر والعصر، وإذا أدرك أربع ركعات من وقت العشاء بعد الفراغ مما يصلح للصلاة لزمه المغرب والعشاء، وإن أدرك دون ذلك لم يلزمه الظهر ولا المغرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من الزَّيْدِيَّة إذا طرأ عليه العذر بعد أن أدرك ما يتمكن فيه من فعل الصلاة وجب عليه القضاء عند زوال العذر، والحاصل من هذا: أن الاعتبار بدخول الوقت وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وقتادة وإِسْحَاق يجب عليه القضاء بكل حال وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وحماد وابن سِيرِينَ لا يجب عليه حتى يدرك آخر الفرض من غير عذر، وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة، والحاصل من هذا: أن الاعتبار باستغراق الوقت وعند أَحْمَد يستقر وجوب الصلاة بأول الوقت وعند سائر الزَّيْدِيَّة إذا طرأ من العذر وعاد من الوقت ما يمكن فيه الصلاة لا يكون مُقَصِّرًا فلا قضاء، وإن لم يبق ذلك فعليه القضاء، والحاصل من هذا: أن الاعتبار ببقاء الوقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا فاتته صلوات استحب له قضاؤها مرتبًا، فإن ترك الترتيب جاز، وإن ذكر الفائتة وهو في وقت صلاة حاضرة، فإن كان قد ضاق وقت الحاضرة لزمه أن يبدأ بها ثم يصلي الفائتة، وإن كان وقت الحاضرة متسعًا استحب أن يبدأ بالفائنة ثم بالحاضرة، فإن بدأ بالحاضرة قبل الفائتة صح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم والمؤيد وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه يجب الترتيب بكل حال، فيصلي الفائتة ثم الحاضرة، فإن بدأ بالحاضرة بطلت وعند مالك

واللَّيْث أنه لو أدرك الفائتة وقد أحرم بالحاضرة استحب له إتمامها ثم يقضي الفائتة، ثم يجب عليه أن يصلي الحاضرة إلا أن تكون الفوائت ست صلوات فيسقط الترتيب وعند زيد بن علي وزفر يجب الترتيب بين قضاء الفوائت، وفرض الوقت مع سعة الوقت وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أنه إن ذكر الفائتة بعد فراغه من الحاضرة أجزأته، ويقضي الفائتة، سواء كان الوقت ضيقًا أو واسعًا، وإن ذكرها وقد أحرم بصلاة وقته، فإن كان الوقت واسعًا بطلت فيصلي الفائتة ثم يصلي الحاضرة، وإن كان الوقت ضيقًا مضى عليها ولم تبطل، ثم يقضي الفائتة، وإن كان الفوائت ستًّا سقط الترتيب، وفي الخمس عنه رِوَايَتَانِ إحداهما أنهن كالست والثانية أنهن كالأربع وعند أَحْمَد لا فرق بين الصلوات اليسيرة والكثيرة أن الترتيب واجب وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجب ذلك في خمس صلوات فما دون، هذا حقيقة مذهبهما وعند أَحْمَد وإِسْحَاق أنه إن ذكر الفائتة وهو مع الإمام في الحاضرة وجب عليه المضي فيها، ثم يقضي الفائتة، ثم يعيد الحاضرة حتى قال أحمد: إنه إذا ترك الصلاة في شبابه إلى أن شاخ فعليه أن يقضي الفائتة ثم يعيد كل صلاة صلاها قبل قضائها وهل يسقط الترتيب عند ضيق الوقت؟ فيه عند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما يسقط، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ والثانية لا يسقط، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا نسي صلاة من خمس صلوات، ولم يعرف عينها لزمه أن يصلي الخمس الصلوات بخمس نيات وعند محمد ابن الحسن والثَّوْرِيّ أنه يتحرى، فإن لم يغلب على ظنه شيء صلى ركعتين بنية الفجر، وأربعا بنية الظهر والعصر والعشاء إن كان عليه، ثم ثلاثًا ينوي بها المغرب، إن كان عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من نام عن صلاة العشاء حتى فاتت وجب عليه القضاء، ولا كفارة عليه وعند الْإِمَامِيَّة إذا نام عنها حتى مضى النصف الأول من الليل أنه يجب عليه القضاء إذا استيقظ، وأن يصبح صائمًا كفارة عن تفريطه وعند الْمُزَنِي يجوز أن ينوي الفائتة ويصلي أربع ركعات فيجلس في ركعتين، ويجلس في الثالثة، جلس في الرابعة، ويسجد للسهو ويسلم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد والنَّاصِر. * * *

باب الأذان

باب الأذان مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الأذان ثبت برؤيا عبد اللَّه بن زيد وعند الزَّيْدِيَّة ثبت بوحي نزل به جبريل عليه السلام من الله إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: وأما ثبوته برؤيا عبد الله بن زيد فبعيد، فإن صح فإنَّا نقول: الله أراه بعد ثبوته. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن الأذان والإقامة سنتان مؤكدتان، فإن تركها ترك السنة وصلاته صحيحة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ والنَّاصِر للحق من الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وقال بعض أصحاب الشَّافِعِيّ: هما فرض كفاية، وبه قال أَحْمَد وداود وسائر الزَّيْدِيَّة وعند الْأَوْزَاعِيّ ليس بواجب، والإقامة واجبة، فإن

تركها فإن كان الوقت باقيًا أعاد الصلاة، وإن خرج الوقت لم يعدها وروى عن الْأَوْزَاعِيّ أيضًا: إن نسي الأذان وصلى أعاد الصلاة في الوقت وعند عَطَاء إن نسي الإقامة أعاد الصلاة. وعند أهل الظاهر الأذان والإقامة واجبان لكل صلاة، فمنهم من قال: هما شرط في صحة الصلاة، ومنهم من قال: ليستا بشرط. وعند مالك هو واجب في مساجد الجماعات، ومن صلى بغير أذان أجزأه إذا كان في بلد قد أذن فيها، ولا تجزئه إقامتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الصحابة لا يسن الأذان لصلاة الجنازة والعيد والخسوف والتراويح والاستسقاء. وعند معاوية وعمر بن عبد العزيز يسن الأذان لصلاة العيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يسن الأذان للفوائت؟ قَوْلَانِ: الجديد لا يسن، وبه قال مالك والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق. والقديم وهو الأصح يسن ذلك، وبه قال أَحْمَد وأبو ثور، واختاره ابن المنذر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أذّن لكل فائتة فحسن، وإن ترك فجائز. وروى عنه أيضًا أنه إذا فاتته صلوات أذن وأقام لكل واحدة منهن. وعند مالك يقيم لكل صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع بسفر أو مطر جمع تقديم أذن وأقام للأولى، وأقام للثانية من غير أذان، وإن جمع بينهما جمع تأخير أقام لكل واحدة منهما. وفي الأذان للأولى الخلاف الماضي في الأذان للفوائت، ولا يسن الأذان للثانية قطعًا. وعند أبي

حَنِيفَةَ لا يجمع إلاَّ في موضعين: بمزدلفة بين العشائين في وقت الثانية بأذان وإقامة، فإن تطوع بينهما فبأذان وإقامتين. والموضع الثاني: بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الأولى، ويكون بأذان وإقامتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في بيته هل يصلي بلا أذان ولا إقامة؟ قَوْلَانِ: أحدهما يصلي بغير ذلك، وبه قال الشعبي والأسود وأبو مجلز ومجاهد والنَّخَعِيّ وعكرمة. والثاني الجديد يؤذن ويقيم. وعند ميمون بن مهران وسعيد بن جبير وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وعَطَاء تجزئه الإقامة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ يجزئه أذان المصر. وعند الحسن إن شاء أقام. وعند ابن سِيرِينَ تجزئه الإقامة، إلا في الفجر فإنه يؤذن ويقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل مسجد قد صُلِّيَ فيه أذن وأقام في نفسه، وبه قال أسلمة، بن الأكوع. وحكى ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ أنه قال: أذان المؤذنين وإقامتهم

كافية. وعند عَطَاء وطاوس ومجاهد والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك يقيم ولا يؤذن. وعند الحسن والشعبي وعكرمة وأَبِي حَنِيفَةَ لا يؤذن ولا يقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وداود وأَبِي يُوسُفَ وأبي ثور وإِسْحَاق وأهل الشام وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يؤذن للصبح قبل دخول وقتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ ومُحَمَّد لا يجوز ذلك قبل وقتها. وعند بعض أصحاب الحديث إذا كان للمسجد مؤذنان جاز أن يؤذن أحدهما قبل الفجر والآخر بعده. وعند أَحْمَد يكره ذلك في رمضان خاصة لئلا يمنع من السحور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب الأذان للمنفرد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يستحب له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأذان تسع عشرة كلمة في غير الصبح، وهو: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول اللَّه أشهد أن محمدًا رسول الله يخفض صوته ثم يقول بهؤلاء الأربع كلمات من الشهادة، ثم يرجع فيمد صوته فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول اللَّه حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح اللَّه أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. وعند مالك الأذان تسع عشرة كلمة، فأسقط من التكبير في أول الأذان تكبيرتين، وأثبت الترجيع. وكذا أثبته أيضًا إِسْحَاق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ الأذان خمس عشرة كلمة، فأسقط

الترجيع، وهو أربع كلمات. وعند أَبِي يُوسُفَ الأذان ثلاثة عشر كلمة، فأسقط تكبيرتين في أول الأذان كمالك، وأسقط الترجيع. وعند أَحْمَد إن رجَّع فلا بأس، وإن ترك فلا بأس. وعند الخرقي الأذان من غير ترجيع. وعند إِسْحَاق أنه قد ثبت أذان بلال، وأذان أبي محذورة، وكلٌّ سنة. وعند الْإِمَامِيَّة يقول بعد قوله حي على الصلاة حي على خير العمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن لفظ التكبير في أول الأذان أربعًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق والسيد المؤيد. وعند مالك هو دفعتان كآخره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن التهليل في آخر الأذان مرة واحدة. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والباقر والصادق وموسى وإسماعيل بن جعفر وعلي بن موسى الرضى أن التهليل في آخره مرتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وزيد وعمر وابن عمر وعمار وأنس وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن التثويب في أذان الصبح سنة، وهو أن يقول: حي على الصلاة، الصلاة خير من النوم مرتين. وعند النَّخَعِيّ يستحب التثويب لكل صلاة. وعند الحسن يثوب للعشاء والصبح. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في النقل عنه، فحكى الطحاوي عنه في التثويب كقول الشَّافِعِيّ. وحكى عنه مُحَمَّد بن شجاع الثلجي التثويب الأول في نفس الأذان، والثاني بين الأذان والإقامة. وقال مُحَمَّد بن الحسن: كان التثويب الأول الصلاة خير من النوم مرتين بين الأذان والإقامة، ثم أحدث الناس بالكوفة حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين بين الأذان والإقامة وهو حسن. واختلف أصحابه فيه فمنهم من اختار ما ذكره مُحَمَّد بن شجاع. ومنهم من اختار ما ذكره الطحاوي ولا يحفظ. وعند الْإِمَامِيَّة يكره التثويب في أذان الصبح وغيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وبعض الصحابة وبعض التابعين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الإقامة إحدى عشر كلمة فرادى، سوى لفظ الإقامة فإنها مرتين.

وفى قول قديم للشافعي لفظ الإقامة أيضًا مرة، وبه قال مالك وداود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن الْمُبَارَك وأهل الكوفة والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة الإقامة مثنى مثنى كالأذان، ويزيد على الأذان بلفظ الإقامة مرتين، فتصير الإقامة عندهما تسع عشرة كلمة أكثر من الأذان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب لمن سمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول، إلا أن يكون السامع في الصلاة فيؤخر ذلك ويقول بعدها. وعند مالك واللَّيْث إن كان السامع في صلاة النفل قال مثل ما يقول إلا في الحيعلتين، وإن كان السامع في صلاة الفرض لم يقل ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يصح أذان الصبي الذي تصح صلاته ويعتد به للرجال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يعتد بأذانه للبالغين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن لا يزيد على أربعة مؤذنين. وعند مالك يزيد على ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة يصح أذان المحدث والجنب وإقامتهما، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن يَحْيَى. وعند مجاهد وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أخرى وإِسْحَاق لا يعتد بأذانهما وإقامتهما. وعند مالك يعتد بأذانه ولا يعتد بإقامته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وبعض العلماء يكره الأذان على غير وضوء. وعند أَحْمَد وسفيان الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض العلماء لا يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بلغ المؤذن إلى الحيعلة لَوَّى عنقه ورأسه يمينًا وشمالاً، وأما سائر بدنه وقدميه فلا تلتوي، وذلك سواء كان على الأرض أو على المنارة. وعند ابن سِيرِينَ لا يستحب ذلك. وعند أَحْمَد إن كان على المنارة فعل ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق لا يكره له أن يدور في مجال المنارة، ويكره له ذلك على الأرض. وعند مالك أنه لا بأس باستدارة المؤذن على يمينه وشماله إذا أراد الإسماع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ يستحب أن يُدخِلَ المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان والإقامة. وعند جماعة يدخل أصبعيه في أذنيه في الأذان لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة أهل العلم أنه إذا تكلم في الإقامة لم تبطل: وعند

الزُّهْرِيّ تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان وسائر الصحابة والتابعين يكره الخروج من المسجد قبل الصلاة، وبعد الأذان إلا لعذر. وعند النَّخَعِيّ يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يستحب للمؤذن أن يجلس بين الأذان والإقامة للمغرب جلسة خفيفة بقدر ركعتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجلس. مسألة: إذا ارتد في أثناء أذانه، ثم عاد في الحال إلى الْإِسْلَام بنى على أذانه على الأصح. والثاني لا يبني لأنه قد بطل بالردة، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره أذان الراكب وإقامته. وعند مالك في رِوَايَة يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب الأذان قائمًا ويكره قاعدًا، إلا أن يكون به علة فلا يكره. وعند عَطَاء وَأَحْمَد لا يؤذن قاعدًا إلا أن يكون به علة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق يسن الأذان والإقامة في السفر. وعند الثَّوْرِيّ وعلي هو بالخيار إن شاء أذن وإن شاء أقام وعند القاسم بن مُحَمَّد والحسن تجزئه الإقامة. وعند ابن عمر يقتصر على الإقامة، إلا في الصبح فإنه يؤذن ويقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتد بأذان المرأة للرجال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتد به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يسن للمرأة الإقامة. وعن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم. وعند إِسْحَاق أنهن يؤذن ويقمن لصلواتهن. وعند الْأَوْزَاعِيّ يقمن. وعند أنس وابن عمر ليس عليهن أذان ولا إقامة، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري ومُحَمَّد بن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبو ثور وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأولى أن يكون المقيم هو المؤذن وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إقامة غير المؤذن كإقامة المؤذن. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أنه يجوز عقد الإجارة على الأذان، وبه قال مالك، والثاني لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. * * *

باب طهارة البدن وما يصلي فيه وعليه

باب طهارة البدن وما يصلي فيه وعليه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن طهارة البدن والثوب التي يصلي عليها شرط فى صحة الصلاة. وعند مالك إذا صلَّى مع النجاسة أعاد في الوقت، ولا يعيد بعد فواته. وحكى عنه أن إزالة النجاسة واجبة إلا يسير الدم. وعند ابن عَبَّاسٍ وأبيّ وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ أنه ليس على الثوب جنابة، وروى عنهم خلاف هذا. وروى عن ابن عَبَّاسٍ أنه إذا تفاحش الدم يعيد الصلاة. وعن النَّخَعِيّ يعيد من قدر الدرهم من الدم. وعن سعيد بن جبير أنه ينصرف من الصلاة إذا كان من الدم أكثر من الدرهم. وعن ابن مسعود أنه نَحْر جزورًا فأصابه من فرثه ودمه فصلى ولم يغسله. وعن سعيد بن جبير أيضًا أنه إذا صلى وفي ثوبه نجاسة أنه لا تضره، وقال: اقرأ الآية التي فيها غسل [الثوب] من النجس. وعند مالك إذا كان الحيض كثيرًا وجب غسله، وإن كان قليلًا فرِوَايَتَانِ: إحداهما يعفى عنه. والثانية يجب غسله. وعن طاوس أنه رأي

فى ثوبه دمًا كثيرًا فصلى ولم يبال به. وعند ابن أبي ليلى والعكلى لا تعاد الصلاة من ذلك. وعند أهل الرأي أن دم الحلمة نجس. وعند الشعبي والحكم وحماد وحبيب لا بأس بدم الخفاش ودم البق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الدم أقل من الدرهم وجب غسله. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض التابعين إذا كان أكثر من الدرهم أو قدر الدرهم فلم يغسله وصلى فيه أعاد الصلاة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وبعض التابعين لا إعادة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن دم غير ما لا نفس له سائلة، وغير دم الكلب والخنزير يعفى عن قليله، وهو القدر الذي يتعافاه الناس في الأصح. وعند مالك يعفى عن قليل الدم، ولا يعفى عما تفاحش. وعنه في دم الحيض رِوَايَتَانِ: إحداهما كغيره من الدماء. والثانية أنه يستوى قليله وكثيره. وعند أَحْمَد أن اليسير متفاحش، وعنه أيضًا أنه يعفى عن النقطة والنقطتين. واختلف عنه فيما بين ذلك. واختلف الزَّيْدِيَّة في اليسير من الدم هل هو نجس أو طاهر؟ فعند النَّاصِر والصادق والباقر والمؤيَّد هو نجس لكنه معفو عنه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند يَحْيَى هو طاهر، واليسير عندهم هو مقدار حب الخردل، ومثل رءوس الإبر. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يعفى عن ما لا يتفاحش من غير الدم كالبول والعذرة، واختلفوا في قدر التفاحش، فقال الطحاوي: التفاحش ربع

الثوب. ومنهم من قال: ذراع في ذراع. وقال أبو بكر الرازي: شبر في شبر. وعند مالك يعفى عما دون النصف من الثوب. وعند النَّخَعِيّ وحماد يعفى عما دون الدرهم. وعند سعيد بن جبير يعفى عن قدر الدرهم. وعن قتادة يعفى عما دون درهم، وعنه عما دون الظفر. وعند الْإِمَامِيَّة أن الدم الذي ليس بدم حيض يجوز الصلاة في ثوب أو بدن أصابه منه ما ينقص مقداره عن سعة الدرهم الوافي المضروب من درهم وثلث، وما زاد على ذلك لا تجوز له الصلاة فيه وفرقوا بين الدم في هذا الحكم وبين سائر النجاسات من بول وعذرة ومني، وحرَّموا الصلاة في القليل منه والكثير، فصارت التفرقة بين الدم وسائر النجاسات منفردين بها. ويقرب بما قالوه ما ذكره زفر أن الدم إذا كان أكثر من درهم لا تجوز الصلاة معه، وإن كان دون ذلك جازت الصلاة معه، ولم يعتبر ذلك من النوافل، بل قال: لا تصح الصلاة مع قليله وكثيره. ويوافق ما ذكروه ما ذكره الحسن بن صالح بن حيي أن الصلاة لا تصح مع قدر الدرهم من الدماء، وتصح مع دون ذلك، وأنها لا تصح مع قليل البول والغائط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعفى عن قليل البول. وعند مُحَمَّد بن الحسن ينضح على الثوب من البول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان على فرجه دم يخاف من غسله صلى وأعاد على أصح القولين. وفي القديم لا يعيد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، واختاره المزني. وعند الزَّيْدِيَّة عليه الإعادة وفي الوقت ولا يجب خارج الوقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جبر عظمه بعظم نجس والتحم عليه اللحم، ولم يخف

التلف من قلعه لزمه قلعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه، وبه قطع الغزالي في كتبه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف التلف من قلعه لزمه قلعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يلزمه قلعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه ثوب بعضه طاهر وبعضه نجس فلبسه وصلى فيه، والموضع النجس منه موضوع في الأرض لم تصح صلاته. وعند أَبِي ثَورٍ تصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن لم يتحرك بحركته صحت صلاته. وعند الزَّيْدِيَّة إذا بسط على النجاسة صحت صلاته إذا لم تلتصق النجاسة بالمبسوط ولم تتحرك تحته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى وعلى رأسه عمامة وطرفها على نجاسة لم تصح صلاته، سواء كانت متضاعفة فوق النجاسة أو غير متضاعفة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لم تتحرك بحركته صحت صلاته. وعند الْإِمَامِيَّة تصح صلاة من في قلنسوته نجاسة أو نكتة أو ما جرى مجراهما مما لا تتم الصلاة به على الانفراد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تصح الصلاة في ثوب الصوف والشعر والوبر إذا كان طاهرًا. وعند الْإِمَامِيَّة والشيعة لا تصح الصلاة إلا على ما تخرج الأرض من قطن أو كتان أو قصب أو حشيش، ولا تصح في وبر الأرانب والثعالب، ولا في جلودها وإن ذبحت ودبغت الجلود. وعندهم أيضًا لا يصح السجود على الثوب المنسوج من أي جنس كان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للمرأة أن تصل شعرها بشعر نجس، ولا بشعر آدمي، وما سوى ذلك من الشعور فيجوز لها وصله بشعرها إذا كان لها زوج أو سيد، وإن لم يكن لها ذلك كره لها ذلك. وعند أَحْمَد يكره لها ذلك بكل حال، قال: ولا بأس بالقرامل، وهي الخيوط التي توصل في شعر الصغار ليطول، وهو قول سعيد بن جبير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه ثوب عليه نجاسة غير معفو عنها، ولم يجد ما يغسلها به، ولم يجد سترة غيره فقَوْلَانِ: الصحيح أنه يجب عليه أن يصلي عريانًا ولا

يعيد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والطاهر عن يَحْيَى. والثاني: يصلي فيه ويعيد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن شاء صلى عريانًا، وإن شاء صلى في الثوب النجس من غير اعتبار مقادير النجاسة، وهذه رِوَايَة أَبِي يُوسُفَ عنه. ورَويَ عنه مُحَمَّد أنه إذا كان الدم في بعض الثوب لم يجزئه أن يصلي عريانًا ويصلي فيه. وإن كان جميعه نجسًا بالدم، فإن شاء صلى فيه، وإن شاء صلى عريانًا. وعند أبي يوسُف أيضًا إن كان ربعه طاهرًا صلى فيه، وإن نقص عن ذلك فهو بالخيار إن شاء صلى فيه، وإن شاء صلى عريانًا. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ ومُحَمَّد يصلي في الثوب النجس ولا يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه ثوبان أحدهما نجس واشتبها تحرى فيهما، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد لا يتحرى فيهما ويصلي في كل واحد منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ طهارة الموضع الذي يصلي فيه شرط في صحة الصلاة. وعند مالك ليست بشرط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن وضع قدميه على نجاسة أكثر من الدرهم لم تصح صلاته، وإن وضع ركبتيه أو راحتيه على ذلك صحت صلاته، وإن وضع جبهته على أكثر من الدرهم فعنه رِوَايَتَانِ: إحداهما رِوَايَة مُحَمَّد أنها تبطل. وراوية أبي يوسف لا تبطل استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى على موضع طاهر من البساط، وفي موضع منه نجاسة لا تحاذيه صحت صلاته، وإن كان تتحرك بحركته لم تصح صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا كان مربوطًا على خشبة أو محبوسًا في حش أو موضع نجس، وهو متوضأ أنه يلزمه أن يصلي على حسب حاله. وحكى الطحاوي عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يلزمه أن يصلي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا صلى في المواضع السبعة المنهي عن الصلاة فيها صحت صلاته. وعن أَحْمَد ثلاث رويات: الصحة والفساد، والثالثة إن كان عالمًا بالنهي أعاد الصلاة وإلا فلا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصلاة في المقبرة التي يتحقق عدم نبشها مكروهة وتصح. وعند مالك تجوز الصلاة في المقبرة ما لم يعلم فيها نجاسة. وعند أَحْمَد لا تصح، وفي كراهية استقبالها رِوَايَتَانِ. وعند بعض أهل الظاهر لا تجوز الصلاة في المقبرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في موضع طاهر من الحمام صحت صلاته. وعند أَحْمَد لا تصح الصلاة فيه ولا على سطحته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء تصح صلاة الغاصب في الأرض المغصوبة، والثوب المغصوب. وعند داود وَأَحْمَد لا تصح. وعند الزَّيْدِيَّة لا يصلي في الثوب المغصوب إلا إذا خاف التلف من نزعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى وفرغ من صلاته، ثم رأى على ثوبه أو موضع صلاته نجاسة غير معفو عنها كانت موجودة حال الصلاة، ولم يكن علم بحالها وجبت الإعادة على أصح القولين، وبه قال أبو قلابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني: لا يعيد، وبه قال عَطَاء وابن المسيب وطاوس وسالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي والزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ ويَحْيَى الأنصاري وإِسْحَاق وأبو ثور والْأَوْزَاعِيّ. وعن أَحْمَد روايتين كالقولين. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه الشاشي موافقة القول الأصح. ونقل عنه صاحب المعتمد موافقة القول الآخر. * * *

باب ستر العورة

بَابُ ستر العَوْرة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل العراق وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ سترة العورة عن العيون شرط في صحة الصلاة. وعند مالك سترها واجب في الصلاة وغيرها، وليس شرط في صحة الصلاة. فإن صلى مكشوف العورة صحت صلاته. وعند بعض المالكية هي شرط في صحة الصلاة مع الذكر خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والخرقي الحنبلي إذا انكشف شيء من العورة مع القدرة على السترة لم تصح الصلاة. وعند أَحْمَد إذا بان اليسير من العورة لم تبطل الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا بان من عورة الرجل المغلظة، وهي القبُل والدبر قدر الدرهم في الصلاة لم تبطل الصلاة، وإن بان منها أكثر من ذلك بطلت، وإن بان من العورة المخففة، وهي ما عداهما أقل من الربع لم تبطل، وإن بان الربع فما زاد بطلت، ويعتبر ذلك من العضو الواحد. وأما المرأة فإن انكشف ربع رأسها، أو ربع فخذها، أو ربع بطنها بطلت صلاتها، وإن كان أقل من ذلك لم تبطل. وعند أَبِي يُوسُفَ إن انكشف أقل من النصف من عورتها لم تبطل، وإن كان النصف فما زاد بطلت.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وإحدى الروايتين عن أَحْمَد أن عورة الرجل ما بين السرة إلى الركبة، وليست الركبة والسرة من العورة. وعند أبي حَنِيفَةَ وعَطَاء الركبة من العورة دون السرة. وعند داود وإحدى الروايتين عن أَحْمَد أن العورة هي القبل والدبر لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك أن جميع بدن الحرة عورة إلا الوجه والكفين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم والمؤيد. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه أن قدمها ليس بعورة، واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي والباقر والنَّاصِر والصادق، وكذا الداعي عن يَحْيَى والقاسم. وعند داود وَأَحْمَد أن جميع بدنها عورة إلا الوجه. وعند أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أحد الفقهاء السبعة أن جميع بدنها عورة حتى ظفرها.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ تقبيل اليد وما بين العينين والرأس جائز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند المؤيد منهم يكره تقبيل اليد كتقبيل الرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الأمة ومن فيها جزء من الرق لا يجب عليها تغطية رأسها. وعند الحسن إذا تزوجت الأمة، أو اشتراها سيدها، أو ولدت وجب عليها تغطية رأسها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن حكم أم الولد في العورة حكم الأمة القنية. وعند ابن سِيرِينَ وَمَالِك أنها تتقنَّع بثوب يثبت الحرية لها، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين أقل ما يجزئ الرجل في الستر مئزرًا وسراويل. وعند أَحْمَد لا يجزئه حتى يطرح على عاتقه منه شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في قميص واسع الجيب تُرَى العورة منه من غير سراويل ولم يزره عليه لم تصح صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للرجل أن يصلي في ثوب حرير ولا على ثوب حرير، فإن صلى فيه أو عليه صحت صلاته. وعند أَحْمَد والْإِمَامِيَّة لا تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمؤيد إذا لم يجد إلا الثوب الحرير وصلى عريانًا مع وجوده لم تصح صلاته. وعند أَحْمَد تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا صلى في ثوب حرير لا يعيد. وعند داود يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك يكره السدل في الصلاة. وعند أَحْمَد لا يكره ذلك فوق القميص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يجد السترة صلى عريانًا قائمًا. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة والْمُزَنِي يلزمه أن يصلي قاعدًا. وحكى أنه قول للشافعي. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان والمعتمد موافقة الْأَوْزَاعِيّ، ونقل عنه الشاشي موافقة الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن شاء صلى قاعدًا، وإن شاء قائمًا، وهو رِوَايَة عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وجد العريان السترة تريبة منه لم تبطل صلاته بأخذها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل بذلك.

باب استقبال القبلة

باب استقبال القبلة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا تجب النية في استقبال القبلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وأبو طالب، وعند بعض الشَّافِعِيَّة تجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد بالله وأبو عبد اللَّه الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تصح صلاة الفرض والنفل فى الكعبة. وعند ابن جرير لا يصح ذلك. وعند مالك وَأَحْمَد يصح فيها النفل دون الفرض، وعن مالك رِوَايَة أخرى أنه تصح صلاة الفرض في جوفها. وعند الزَّيْدِيَّة الصلاة في جوفها أفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى على ظهر الكعبة ولم يكن بين يديه سترة متصلة بالبيت لم تصح صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف اجتهاد رجلين في القبلة فلا يقلد أحدهما الآخر، ولا يجوز أن يأتم أحدهما بالآخر. وعند أَبِي ثَورٍ يجوز أن يأتم أحدهما بالآخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من لا يعرف أدلة القبلة، أو إذا عُرّف لا يعرف، فحكمه حكم الأعمى يقلد من يجتهد لهما. وعند داود يسقط عنهما استقبال القبلة، ويصليان حيث شاءا. واختلفت الرِوَايَة في ذلك فقال النَّاصِر وأبو طالب يرجعان إلى خبر غيرهما، فإن لم يجدا من يخبرهما رجعا إلى محاريب البلد التي نصبها أهل المعرفة. وقال المؤيد بالله يرجعان أولاً إلى محاريب البلد، فإن لم يكن فإلى من يخبرهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل الفرض في القبلة إصابة العين أو الجهة؟ قَوْلَانِ: أصحهما

إصابة العين، وهو قول الجرجاني من الحنفية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي. والثاني الجهة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وسائر أصحابه وعمر وعلي وابن عبَّاس وابن عمر وابن الْمُبَارَك وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا اجتهد في القبلة فأداه اجتهاده إلى جهة فصلى إلى غيرها، أو صلى من غير اجتهاد ثم بان أنها القبلة لم تصح صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد بالله. وعند أَبِي يُوسُفَ تصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب ويَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى إلى جهة بالاجتهاد، فلما فرغ من صلاته تيقن أنه إلى غير جهة القبلة فقَوْلَانِ: أصحهما تلزمه الإعادة، وبه قال المؤيد باللَّهِ من الزَّيْدِيَّة. والثاني لا تلزمه، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وَأَحْمَد وأكثر العلماء، ومن الزَّيْدِيَّة الباقر والقاسم ويَحْيَى، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز التنفل على الراحلة في السفر الطويل وفي القصير على أصح القولين، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني لا يجوز، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يصلي على راحلته في الماء والطين. وعند مالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان المسافر ماشيًا جاز له التنفل إلى جهة مقصده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتنفل على الراحلة يلزمه أن يستقبل القبلة حال الإحرام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق والباقر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة لا يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الصحيح عدم جواز ترك استقبال القبلة في النفل في الحضر. والثاني يجوز، وهو رِوَايَة عن أَبِي يُوسُفَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وكافة العلماء من الصحابة والتابعين إذا مر بين يدي المصلي مار لم تبطل صلاته. وعند الحسن تبطل صلاته. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق ومجاهد وعَطَاء وطاوس ومَكْحُول أن من مر بين يديه كلب أسود أو امرأة حائض أو أتان بطلت صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للمصلي إذا لم يكن مصلى ولا غيره أن يخط بين يديه خطًّا في الطول. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يكره له ذلك.

باب صفة الصلاة

بابُ صفة الصلاة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن من صلّى قبل دخول الوقت لا تصح صلاته. وعند الحسن تصح صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القيام في السفينة السائرة، وفي صلاة يعجز في بعضها يجب عليه القيام فيما يقدر عليه منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القيام في المسألتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ إذا فرغ المؤذن من الإقامة قام الإمام والمأموم إلى الصلاة. قال أحمد: هذا إذا كان الإمام حاضرًا، فإن كان غائبًا فهل يقومون أو ينتظرون حتى يروه؟ على روايتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا قال المؤذن حي على الصلاة قاموا في الصف، فإذا قال: قد قامت الصلاة كبَّر الإمام وكبَّر القوم. وعند زفر إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة مرة نهض الإمام. وقامُوا في الصف، فإذا ثنى المؤذن وقال: قد قامت الصلاة كبَّر الإمام وكبر القوم، فإذا قال المؤذن: الله أكبر إلى آخره، أخذ الإمام في القراءة، وهو قول الحسن بن زياد. وعند الطحاوي أن محمدًا موافق لأَبِي يُوسُفَ في هذه المسألة. وعند أبي بكر الرازي أن محمدًا موافق لأَبِي حَنِيفَةَ فى هذه المسألة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد لا يكبر المأموم حتى يفرغ الإمام

من التكبير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسفيان الثَّوْرِيّ ومُحَمَّد يجوز أن يكبر مع تكبير الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي تكبيرة الإحرام لم تجز الصلاة. وعند سعيد بن المسيب والحسن وقتادة والنَّخَعِيّ والحكم والْأَوْزَاعِيّ لا إعادة عليه وتجزئه تكبيرة الركوع، وهو رِوَايَة عن حماد بن أبي سليمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي الإمام تكبيرة الإحرام فإنه يقطعها بالتسليم ويستأنف التكبير ويتابعه. وعند مالك أنه يعتد بتكبيرته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك المسبوق الإمام راكعًا كبر تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، فإن كبر تكبيرةً واحدة نوى بها الافتتاح والركوع لم يجزئه. وعند سعيد بن المسيب والحسن وعَطَاء والنَّخَعِيّ وميمون والحكم والثَّوْرِيّ وابن عمر وزيد بن ثابت يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينوي حال التكبير لا قبله ولا بعده. ومعناه أن تكون نيته ذكرًا بقلبه مقترنة بالتكبير من أوله إلى آخره، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة في رِوَايَة عنه. وعند داود يجب أن تتقدم النية على التكبير، وإن نوى مع التكبير لم

يجزئه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا تقدمت النية على التكبير بزمان يسير انعقدت الصلاة، كذا ذكره أبو بكر الرازي، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة. وذكر الطحاوي والكرخي أن مذهب أَبِي حَنِيفَةَ كمذهب الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن إذا نوى الفرض والنفل لم تنعقد صلاته وعند أَبِي حَنِيفَةَ تنعقد بالفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك إذا نوى الخروج من الصلاة أو قطعها أو شك هل يخرج منها أم لا، بطلت صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن تكبيرة الإحرام فرض لا تنعقد الصلاة إلا بها. وعند الزُّهْرِيّ والحسن بن صالح أنها تنعقد بمجرد النية من غير لفظ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وسفيان وداود وأَبِي ثَورٍ لا يجزئه في تكبيرة

الإحرام إلا قوله: اللَّه أكبر أو الله الأكبر. وعند مالك وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة لا تنعقد بقوله اللَّه الأكبر، وتنعقد بقوله الله أكبر لا غير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد تنعقد بكل اسم لله على وجه التعظيم، كقوله الله العظيم، أو الله الجليل، وكقوله الحمد للَّهِ أو سبحان الله، وبهذا قال زيد بن علي. فأمَّا الدعاء كقوله: اللهم ارحمني واغفر لي فلا تنعقد به الصلاة، وإن قال: الله أو الرحمن فعن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ، روى الحسن بن زياد عنه أنه يجوز، وظاهر رِوَايَة الأصول عنه أنه لا يجوز، فلابد من ذكر الصفة، وبه قال مُحَمَّد بن الحسن. وعند أَحْمَد بن يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة تنعقد بقوله: الله أجل أو أعظم. وعند أبي عبد الله الداعي منهم إن سبح أو هلل لم يكن داخلاً في الصلاة. وعند أبي طالب منهم الأولى انعقادها بالتهليل، وإن لم تنعقد بالتسبيح. وعند أَبِي يُوسُفَ تنعقد بلفظ التكبير، فيضيف الله الكبير، ولا تنعقد بما سوى ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تكبيرة الإحرام من الصلاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أنه ليس منها، وإنما هو شرط من شروطها.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النية من الصلاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أنها ليست من الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز أن يكبر بالفارسية ولا بغيرها مع القدرة على العربية. وكذا سائر الأذكار فيها مثل التسبيح والتشهد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يكبر بغير العربية مع قدرته على العربية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي سعيد الخدري وابن الزبير وأنس والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وَمَالِك يستحب أن يرفع يديه في تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه. وعند داود يجب ذلك. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة لا يرفع يديه فى شيء من الصلاة. وعند الْإِمَامِيَّة يجب رفع اليدين في كل تكبيرات الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وَمَالِك في رِوَايَة يرفع يديه في تكبيرة الافتتاح، ولا يرفع في الركوع، ولا في الرفع منه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. قال المؤيد: إلا في صلاة الجنازة فإنه يرفع فيها في التكبيرات كلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والقاسم من الزَّيْدِيَّة والْأَوْزَاعِيّ وعمر وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب رفع يديه حتى تجاوز كفَّاه منكبيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرفعهما حيال أذنيه. وعند الثَّوْرِيّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يرفع يديه حتى يكون إبهامه حذو أذنيه. وعند بعض أصحاب الحديث وَأَحْمَد أيضًا في رِوَايَة هو بالخيار بين أن يرفع يديه حذو منكبيه أو يرفع حيال أذنيه. وعند بعض الزَّيْدِيَّة يرفع يديه إلى الهامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أن المرأة كالرجل فى هذا الرفع. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ترفع إلى حذاء صدرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين فمن بعدهم يأخذ كوعه الأيسر بكفه الأيمن، وبه قال مالك في رِوَايَة، والرِوَايَة الثانية عنه أنه مباح. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ وابن الزبير يرسل يديه إرسالاً، وهو رِوَايَة أخرى عن مالك. وعند اللَّيْث بن سعد أنه يرسل يديه إلا أن يطيل القيام فيغير. وعند الْأَوْزَاعِيّ من شاء فعل، ومن شاء ترك. وعند الْإِمَامِيَّة يكره وضع الْيَمِين على الشمال في الصلاة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يضعهما تحت صدره وفوق سرته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق يجعلهما تحت سرته، وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة وَمَالِك في رِوَايَة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ فى ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يستحب أن يكون نظره في جميع صلاته إلى موضع سجوده. وعند مالك ينظر أمام قبلته. وعند شريك بن عبد اللَّه ينظر في القيام إلى موضع سجوده، وفي الركوع إلى قدميه، وفي السجود إلى أنفه، وفي القعود إلى حجره، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسن أن يأتي بدعاء الاستفتاح عقب الإحرام، وهو قوله: "وجهت وجهي للذى فطر السماوات والأرض .. إلى آخره"، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الباقر والصادق والمؤيد وزيد بن علي. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والقاسم ويَحْيَى وأبي طالب وأبي عبد الله الداعي يفتتح قبل التكبير. وعند مالك لا يسن ذلك، بل يكبر ويفتتح القراءة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وعمر وابن مسعود ومُحَمَّد بن الحسن السنة أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. وعند أَبِي يُوسُفَ وجماعة من الشَّافِعِيَّة يسن أن يجمع بين هذا الدعاء وبين ما قبله. وعند أَحْمَد بن عيسى والقاسم من الزَّيْدِيَّة أنه يخير بينهما. وعند جماعة منهم أبو ثور يقول بعد التكبير: الله أكبر كبيرًا والحمد للَّهِ كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلاً. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب استفتاح الصلاة بسبع تكبيرات يفصل بينهن بتسبيح وذكر للَّهِ تعالى فهو مسطور، وهو من السنن الذكور عندهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسن أن يتعوذ قبل القراءة وبعد دعاء الاستفتاح. وعند النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ وأبي هريرة يتعوذ بعد القراءة وعند مالك لا يتعوذ إلا في قيام رمضان بعد القراءة. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: التعوذ بعد الافتتاح كقول الشَّافِعِيّ، وقال يَحْيَى: قبل الافتتاح. وحاصل مذهبهم: أنه يقرأ وجهت وجهي ثم يتعوذ ثم ينوي ويكبر. وعند يَحْيَى منهم يؤذن ويقيم، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم، ثم يقرأ وجهت وجهي ثم ينوي ويكبر. وعند القاسم منهم يقرأ وجهت وجهي، ثم ينوي ويكبر، ثم يتعوذ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب. وعند المؤيد كقول الشَّافِعِيّ، وهو أن يؤذن ويقيم، ثم ينوي ويكبر، ثم يقرأ وجهت وجهي، ثم يتعوذ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن صفة التعوذ أن يقول: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم. وعند الثَّوْرِيّ يقول: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم. وعند الحسن بن صالح وابن سِيرِينَ يقول: أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم. وعند أحمد يقول: أعوذ باللَّهِ السميع العليم من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أنه يتعوذ في كل ركعة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وابن سِيرِينَ، وهو في الأولى آكد. والثاني لا يتعوذ إلا في الأولى، وقطع به الشيخ أبو إِسْحَاق في التنبيه، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك قراءة فاتحة الكتاب فرض فى الصلاة، وبه قال عمر وابن عَبَّاسٍ وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين وعثمان بن أبي العاص وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وخوّاتُ بن جبير وغيرهم. وعند الحسن بن صالح والأصم القراءة في الصلاة سنة ولا تجب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه القراءة واجبة في الصلاة، إلا أنها لا تتعين. واختلفوا في ما يجزئه منها، فالمشهور من مذهبه أن الواجب آية طويلة أو قصيرة ورُوِيَ عنه ما يقع عليه اسم القراءة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إن قرأ آية طويلة كآية الكرسي، أو آية الدين أجزأه، وإن كانت قصيرة لم يجزئه إلا ثلاث آيات وعند أبي العالية الرياحي أنه تجزئه آية قصيرة كـ (مُدْهَامَّتَانِ). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعَطَاء والزُّهْرِيّ وإِسْحَاق وعبد الله بن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه يجب أن يبتدئ القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، وهي آية من الفاتحة، ومن وسط النمل، وليست آية من أول براءة، وهل هي آية من أول كل سورة غير ما ذكرناه؟ فيه خلاف في مذهب الشَّافِعِيّ، والصحيح أنها آية في كل سورة. وعلى هذا هل هي آية مستقلة بنفسها أو بانضمام شيء إليها من تلك السورة؟ فيه وجهان. إذا قلنا إنها آية مستقلة. وأما بانضمام شيء إليها فهل ذلك على سبيل القطع

أو على سبيل الحكم؟ وجهان. فإن قلنا على سبيل القطع كفَّرنا رادها، وإن قلنا على سبيل الحكم فسَّقناه لا غير. هذا تحقيق مذهب الشَّافِعِيّ. وكان ابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد بن حنبل والفراء وابن عباس يقولون: من ترك بسم اللَّه الرحمن الرحيم فقد ترك مائة آية وثلاث عشرة آية من القرآن. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنها ليست من القرآن، إلا في سورة النمل فإنها بعض آية منها، وفي سائر السور إنما ذكرت تبركًا بها، ولا تقرأ في الصلاة إلا في قيام رمضان فإنها تقرأ في ابتداء السورة بعد الفاتحة، ولا تقرأ في ابتداء الفاتحة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أنها ليست بآية من الفاتحة، وليست شرطًا في صحة الصلاة؛ لأن القراءة لا تتعين عندهم، إلا أنه يستحب له قراءتها في نفسه سرًّا. واختلف أصحابه في مذهبه، فقال بعضهم: مذهبه كمذهب مالك وأنها ليست من القرآن إلا في النمل بعض آية، وهو الظاهر من مذهبه وقال بعضهم: مذهبه أنها آية تامة في كل موضع ذكرت فيه، إلا أنها ليست من السورة، ويختارون هذا ويناظرون عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعبد الله بن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عَبَّاسٍ وإحدى الروايتين عن عمر وابن الزبير، وبه قال عَطَاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير أنه يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم في أول الفاتحة، وفي أول السورة فيما يجهر به من القراءة في الصلاة ويسر بها فيما يسر بالقراءة في الصلاة، وإلى هذا كان يميل إِسْحَاق ابن راهويه. وعند الشَّافِعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن مسعود وعمار وأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وبه قال أَحْمَد إلا أنه يقول هي من القرآن ولكن يسر بها. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ لا يقرأها في الصلاة، لأنها ليست من القرآن عندهما، إلا في النمل فإنها بعض آية منها.

وعند ابن أبي ليلى والحكم وإِسْحَاق إن جهر بها فحسن، وإن أسر بها فحسن. وعند النَّخَعِيّ الجهر بها بدعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وَأَحْمَد وابن أبي أوفى وداود أن التأمين عقب الفاتحة يسن لكل قارئ للفاتحة، سواء كان في الصلاة أو في غيرها، وسواء كان إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا، وبه قال غير واحد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وَأَحْمَد بن عيسى من الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يؤمن الإمام والمأموم. وعند مالك في رِوَايَة لا يؤمن الإمام، ويؤمن المأموم، وهي الأظهر عندهم. وعند الْإِمَامِيَّة يكره التأمين. وعند النَّاصِر وسائر الزَّيْدِيَّة تبطل الصلاة بالتأمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كانت الصلاة يجهر فيها جهر المنفرد والإمام بالتأمين قطعًا، وكذا المأموم على الصحيح. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه

يخفيه الإمام والمأموم. وعند مالك المأموم يقولها في نفسه، وفي رِوَايَة يخفيه الإمام. وعند عَطَاء وداود يجهر به الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعلي وجابر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجب قراءة الفاتحة في كل ركعة. وعند مالك تجب القراءة على الإمام والمنفرد في معظم الصلاة. فإن كانت رباعية قرأ في ثلاث منها، وإن كانت ثلاثية قرأ في ركعتين، وإن كانت ركعتين قرأ فيهما. وروى عنه أيضًا كقول الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد في رِوَايَة القراءة إنما تجب في الركعتين الأولتين، فأمَّا الأخرتان فهو فيهما بالخيار إن شاء قرأ، وإن شاء سبَّح أو سكت، فإن لم يقرأ في الأولتين قرأ في الأخرتين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي. وعند علي أنه يقرأ في الأولتين ويسبح في الأخرتين، وبه قال النَّخَعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة تجب القراءة في الركعتين الأولتين، ويتخير في الركعتين الأخرتين بين القراءة والتسبيح. واختلفت الزَّيْدِيَّة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية، والثالثة من الثلاثية: فقال النَّاصِر والمؤيد: يستحب قراءة الفاتحة فى ذلك، وهو أولى من التسبيح. قال الباقر أيضًا إنما إن سبح في ذلك. وعند أحمد والحسن البصري وبعض أهل الظاهر تجب القراءة في الصلاة في ركعة واحدة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإحمد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأكثر الصحابة والتابعين

تجب القراءة على المأموم خلف الإمام في الصلاة السرية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب عليه القراءة خلف الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية على الجديد الصحيح، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ وابن عون وأبو ثور والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومالك، هكذا نقله الترمذي في جامعه، وبهذا قال جماعة من الصحابة والتابعين. وفي القديم: لا تجب عليه القراءة، وهو قول مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وسفيان بن عيينة وابن مسعود وابن عمر وأنس وسائر الزَّيْدِيَّة أنه لا يجب على المأموم القراءة، سواء كانت سرية أو جهرية، وبه قال أحمد أيضًا. فإن قلنا: إن القراءة لا تجب على المأموم استحب له أن يقرأ فيما لا يجهر فيه الإمام خاصة، وبه قال مالك. وقال أبو حَنِيفَةَ لا يستحب له القراءة أصلاً، فإن قرأ، قال أبو عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة: بطلت صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وعامة الفقهاء لا يقوم تفسير القراءة ولا

العبارة عنها بالفارسية مقامها، ولا تجزه في الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المصلي بالخيار إن شاء قرأ القرآن، وإن شاء قرأ معنى القرآن وتفسيره بالعربية أو الفارسية وغير ذلك، سواء كان يحسن القراءة أم لا يحسنها. واختلف أصحابه إذا قرأ المصلي معنى القرآن وتفسيره هل يكون قد قرأ القرآن؟ فمنهم من قال: إذا قرأ معنى القرآن فقد قرأ القرآن، وعلى هذا يناظرون. ومنهم من قال: لا يكون قرأ القرآن، وإنما يكون في الحكم يقوم مقامه. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إن كان المصلي يحسن القرآن لم يجز أن يقرأ معنى القرآن، وإن كان لا يحسنه جاز أن يقرأ معناه، ومعبر عن القرآن بعبارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان لا يحسن شيئًا من الفاتحة ولا من غيرها فإنه يأتي مكانها بالذكر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه ويقوم ساكتًا. وعند مالك لا يلزمه الذكر ولا القيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يسن بعد الفاتحة قراءة سورة. وعند عمر ابن الخطاب تجب القراءة بعد الفاتحة وأقله ثلاث آيات. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تجب سورة من المفصل، أو ثلاث آيات، وتجزئ آية طويلة كآية الدَّين. وعند عثمان بن أبي العاص تجب القراءة بعد الفاتحة، وأقله ما يقع عليه الاسم. وعند الْإِمَامِيَّة تجب قراءة السورة

بعد الفاتحة. وعندهم أيضًا إذا ابتدأ بسورة الإخلاص، أو بـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) كره له الرجوع إلى غيرهما، وإن كان له أن يرجع عن كل سورة إلى غيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وسائر العلماء المستحب في صلاة الصبح أن يقرأ بطوال المفصل، وهو السبع الأخير من القرآن، مثل الحجرات وقاف والواقعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرأ في الأولى من ثلاثين آية إلى ستين آية، وفي الثانية من عشرين إلى ثلاثين آية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي حنيفة أنه يقرأ في الظهر مثل ما يقرأ في الصبح. وعند الشَّافِعِيّ يقرأ في العصر والعشاء بأوساط المفصل كسورة "الجمعة" والمنافقون، وما أشبه ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرأ في العصر في الأولتين في كل ركعة بعد الفاتحة عشرين آية وكذا في العشاء. وعند أَحْمَد يقرأ خمسة عشر آية، وذلك نحو قول الشَّافِعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب أن يقرأ ليلة الجمعة بسورة الجمعة وسبح اسم ربك الأعلى في المغرب وفي العشاء الآخرة، وفي صلاة الغداة بالجمعة وسورة وفي الظهر والعصر إذا صلاهما من غير قصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تكره القراءة المنكوسة في الصلاة، كما إذا قرأ فى المغرب في الركعة الأولى بعد الفاتحة بالإخلاص ثم يقرأ بعد الفاتحة في الثانية بـ قل يا

أيها الكافرون. وعند علي والزَّيْدِيَّة أن هذه القراءة على هذا الوضع لا تكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في استحباب قراءة السورة بعد فيما زاد على الركعتين قَوْلَانِ: القديم: وهو الصحيح لا يستحب، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والجديد: يستحب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يسوِّي بين الركعات في القراءة ولا يفضل أولى على ثانية، ويستحب في الآخر من الحذف والإيجاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يستحب أن يطيل الأولى على الثانية في الفجر خاصة. وعند الثَّوْرِيّ ومُحَمَّد يستحب فى جميع الصلوات تطويل كل ركعة على التي بعدها، وهو قول الماسرجسي من الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد يطيل في الأولتين من الظهر والعصر، ويطيل الأولى من الفجر على الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز في الصلاة قراءة الآية أو السورة التي فيها سجدة من السجدات. وعند مالك يكره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرأ ذلك فيما يجهر به من الصلوات دون ما لا يجهر فيه. وعند الْإِمَامِيَّة يمنع في صلاة الفريضة من القراءة بعزائم السجود، وهي سجدة لقمان، وسجدة الحواميم، وسورة النجم، وسورة العلق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للمنفرد أن يجهر بالقراءة في الصبح، والأولتين من المغرب، والأولتين من العشاء، ويسر فيما سوى ذلك من الصلوات الخمس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد الله الداعي والمؤيد. وادعى صاحب البيان الإجماع في ذلك، وليس كما ادعى، بل عند أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يسن له الجهر في ذلك. وعند ابن أبي ليلى، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى يجب الجهر والمخافتة في ركعة واحدة، إمامًا كان أو

منفردًا إذا كان ذلك أو قضاء. وقال الداعي منهم: لو ترك الجهر في موضع الجهر والمخافتة في موضعها بطلت صلاته عند يَحْيَى. مسألة: الصحيح من الوجهين في مذهب الشَّافِعِيّ أن فائتة الليل والمقضية بالنهار أنه يسر بها. والثاني: أنه يجهر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في الإمام وأبو ثور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن فائتة الليل المقضية بالليل يجهر فيها. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن شاء جهر، وإن شاء أسر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وجابر بن عبد الله ومن بعدهم من التابعين وعامة الفقهاء والعلماء يستحب التكبير في كل خفض ورفع إلا عند الرفع من الركوع فإنه يقول سمع اللَّه لمن حمده. وعند سعيد ابن جبير وعمر بن عبد العزيز والقاسم وسالم لا يكبر إلا عند الافتتاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض العلماء من الصحابة ومنهم ابن عمر وجابر بن عبد الله وأبو هريرة وأنس وابن عَبَّاسٍ وابن الزبير، ومن التابعين الحسن البصري وعَطَاء وطاوس ومجاهد ونافع وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير وغيرهم يستحب أن يرفع يديه حذو منكبيه في هذا التكبير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والثَّوْرِيّ لا يرفع يديه إلا في تكبيرة الافتتاح. وعند

مالك في ذلك رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وداود تجب الطمأنينة في الركوع والسجود، وهو أن يلبث بعد أن بلغ حد الإجزاء لبثًا ما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب الطمأنينة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر أكمل الركوع أن يقبض على ركبتيه بيديه، ويفرق أصابعه، ويجافي مرفقيه عن جنبيه، ويمد ظهره وعنقه، ولا يقنع رأسه، ولا يخفضه، ولا يطبق يديه بين ركبتيه. وعند ابن مسعود والأسود بن يزيد وعبد الرحمن بن الأسود وشريك وأبي عبيدة يطبق بين يديه ويجعلهما بين ركبتيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثًا. وعند الحسن البصري يقول خمسًا أو سبعًا. وعند الثَّوْرِيّ يقول الإمام ذلك خَمسًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب التسبيح في الركوع والسجود، وهو قول كافة أهل العلم. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة التسبيح واجب مرة واحدة، وكذلك التكبيرات، وكذلك سمع الله لمن حمده ورب اغفر لي ما بين السجدتين، فإن تركه ناسيًا لم تبطل صلاته، إلا أن يكون عامدًا، وبه قال داود، إلا أنه قال: إذا تركه لم تبطل صلاته وإن كان عامدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأولى أن يقول سبحان ربي العظيم وبحمده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والقاسم والصادق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يقول وبحمده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد باللَّه وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب إذا رفع رأسه من الركوع أن يعتدل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب، بل لو انحط من الركوع إلى السجود أجزأه. واختلف أصحاب مالك في مذهبه فمنهم من قال: هو واجب عنده كقول الشَّافِعِيّ. ومنهم من قال: مذهبه أنه ليس بواجب عنده كقول أَبِي حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء ومُحَمَّد بن سِيرِينَ وإِسْحَاق بن راهويه يستحب للإمام والمأموم عند الرفع من الركوع أن يقول سمع اللَّه لمن حمده، وعند الاستواء ربنا لك الحمد ملء السموات إلى آخر الدعاء المشهور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الإمام يقول: سمع الله لمن حمده لا يزيد عليه، والمأموم يقول ربنا لك الحمد، ولا يقول سمع اللَّه لمن حمده، واختاره ابن المنذر. واختلف الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر وزيد بن علي يجمع بين قوله سمع الله لمن حمده وقوله ربنا لك الحمد إمامًا كان أو منفردًا، إن كان مؤتمًا اقتصر على قوله ربنا لك الحمد. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يقتصر على قوله سمع الله لمن حمده، إلا المؤتم فإنه لا يقول ذلك، ولكن يقتصر على قوله ربنا لك الحمد. واختلف النقل عن الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومحمد، فنقل صاحب الشامل والدر الشفاف عنهم أن الإمام يقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، والمأموم يقول ربنا لك الحمد لا يزيد عليه. ونقل عنهم صاحب البيان فقال: إن الإمام يأتي بهما، والمأموم يقتصر على قوله سمع اللَّه لمن حمده. ونقل عنهم الشاشي فقال: الإمام لا يزيد على قوله سمع اللَّه لمن حمده، ولا يزيد على قوله ربنا لك الحمد. ونقل عنهم صاحب المعتمد أن الإمام يأتي بهما، والمأموم يقتصر على قوله ربنا لك الحمد. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب الشامل والمعتمد موافقة أَبِي حَنِيفَةَ، ونقل عنه صاحب البيان موافقة الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وموافقوهما. ونقل الشاشي عن أَحْمَد وَمَالِك موافقة أَبِي حَنِيفَةَ فيما نقلناه عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يمد التكبير من ابتداء انحنائه إلى السجود حتى تكون آخر تكبيره مع أول السجود على الأصح. والقول الثاني: أنه لا يمد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن الخطاب وابن عمر والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد وإِسْحَاق والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب أن يكون أول ما وقع منه على الأرض فى السجود ركبتاه، ثم يداه، ثم جبهته وأنفه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يستحب أن يضع يديه ثم ركبتيه. وعند مالك وأصحابه إن شاء وضع اليدين أولا، وإن شاء وضع الركبتين أولاً، ووضع اليدين أحسن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يستحب أن يقول في سجوده سبحان ربي الأعلى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي والمؤيد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة وهم النَّاصِر ويَحْيَى

والقاسم والصادق يقول سبحان ربي الأعلى وبحمده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والثَّوْرِيّ والحسن وابن سِيرِينَ وعَطَاء وطاوس وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إن اقتصر في السجود على الجبهة دون الأنف أجزأه. وعند الْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة وسعيد بن جبير وعكرمة والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى يجب السجود عليهما، ولا يجوز الاقتصار على أحدهما. قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدًا سبقه بهذا القول ولا قال به أحد بعده، لهذا قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الاقتصار على الأنف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يكره السجود على المنسوج واللبود، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد والمؤيد. وعند يَحْيَى منهم يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وعبادة بن الصامت وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجزئه السجود على حائل متصل به مثل كور عمامته، أو طرف منديله أو ذيله أو كفّه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق والحسن ومَكْحُول وعبد الرحمن بن يزيد وشريح وعمر وعَطَاء وطاوس وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئه السجود على ذلك. واختلف النقل عن مالك َوَأَحْمَد، فنُقِلَ في البيان عنهما كقول الشَّافِعِيّ، ونقل صاحب الشامل والمعتمد والشاشي عنهما كقول أَبِي حَنِيفَةَ. وعند الزَّيْدِيَّة لا يجوز السجود على كور العمامة، فإن خشي من الحرِّ والبرد وثنى طرف العمامة، أو أرسل طرفها على الجبهة عند السجود فله ذلك، وأما إذا ثنى طرفيها واسترسل على الجبهة من غير عذر فسدت صلاته عند النَّاصِر، وعند المؤيد لا تفسد ولو كان لغير عذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب السجود على اليدين والركبتين والقدمين قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر الفقهاء. والثاني يجب، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق ومَسْرُوق وسليمان بن داود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب كشف الكفين في السجود قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب الطمأنينة في السجود، وهو أن يلبث لبثًا مَا. وعند أبي حَنِيفَةَ لا تجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْإِمَامِيَّة يرفع رأسه من السجود مكبرًا حتى يعتدل

جالسًا، ويجب عليه الطمأنينة في هذا الاعتدال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب عليه الطمأنينة فيه، فمتى رفع رأسه رفعًا ما أجزأه، حتى حكى عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه قال لو رفع جبهته بقدر ما يدخل بين جبهته والأرض سمك سيف أجزأه. ومالك يعتبر ما كان أقربه إلى الجلوس، وكذلك يقول في الاعتدال في الركوع ما كان أقربه إلى القيام. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل الأفضل كثرة الركوع والسجود أم القيام أفضل منهما؟ فيه خلاف. وعند إِسْحَاق هما بالنهار أفضل من القيام، وبالليل هو أفضل منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره الإقعاء في الجلوس، وبه قال على وابن عمر وأبو هريرة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند العبادلة عبد الله بن عمر وعبد الله بن العبَّاس وعبد الله بن الزبير أنه من السنة، وبه قال نافع وطاوس ومجاهد وعَطَاء وسالم. وقال أحمد: أهل مكة يفعلونه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وَأَحْمَد وإِسْحَاق يسن أن يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني وأجبُرني وارفعنى واهدني وارزقني واهدني للسبيل الأقوم وعافني، هكذا ورد به الحديث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس فيه ذكر مسنون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تسن جلسة الاستراحة على أصح القولين، وبه قال بعض

العلماء. والثاني لا تسن، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الزَّيْدِيَّة هو بالخيار إن شاء جلس للاستراحة، وإن شاء لم يجلس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق يستحب إذا أراد القيام إلى الركعة الثانية إما من السجدة الثانية وإما من جلسة الاستراحة أن يقوم معتمدًا على الأرض بيديه. وعند الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وعلي وابن مسعود رضي الله عنهما وَأَحْمَد أنه لا يعتمد على الأرض بيديه، وإنَّما يعتمد على صدور قدميه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة أهل العلم أن التشهد الأول

والجلوس فيه سنتان. وعند اللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وأَبِي ثَورٍ والْإِمَامِيَّة هما واجبان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الجلسات في الصلاة أربع، وهن: الجلسة بين السجدتين، وجلسة الاستراحة، والجلسة للتشهد الأول، والجلسة للتشهد الأخير. والسنة عنده في الثلاث الأول أن يجلس مفترشًا، وهو أن يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها ويفضي ببطون أصابعه إلى الأرض. وفي الجلسة الأخيرة يتورك، وهو أن يخرج رجله اليسرى من تحت وركه ويفضي بمقعدته إلى الأرض وينصب قدمه اليمنى، وهو قول أحمد وإِسْحَاق ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك السنة أن يتورك في جميعها. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السنة أن يفترش في جميعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ الأفضل أن يتشهد بالمروي عن ابن عَبَّاسٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو: التحيات الْمُبَارَكات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين الأفضل أن يتشهد بالمروي عن ابن

مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو: التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وعند مالك الأفضل أن يتشهد بالمروي عن عمر بن الخطاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات للَّه الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله. وعند الزَّيْدِيَّة المختار أن يتشهد بالمروي عن على - رضي الله عنه - وهو بسم الله وخير الأسماء كلها لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإلى رسوله التحيات للَّهِ والصلوات والطيبات الطاهرات الزاكيات الغاديات الرائحات الناميات الحسيبات الْمُبَارَكات للَّه ما طاب وزكى وطهر وما خبث فلغيره اللهم صل على مُحَمَّد وعلى آل مُحَمَّد إلى آخره. واختلف النقل عن الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد، فنقل عنهما الشاشي كقول الشَّافِعِيّ، ونقل عنهما صاحب المعتمد والبيان كقول أَبِي حَنِيفَةَ. ولا خلاف بين العلماء أن له أن يتشهد بما أحب من هذه التشهدات، وإنما الخلاف في الأفضل لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه أن التسمية قبل التشهد ليست بمستحبة. وعند عمر وابن عمر وأبي داود السجستاني ويَحْيَى بن سعيد وهشام وعلى أنها تستحب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في استحباب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول قَوْلَانِ: أحدهما لا يستحب، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وعَطَاء والنَّخَعِيّ والشعبي وإِسْحَاق. والثاني يسن، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يدعو في التشهد الأول بل يقتصر على التشهد لا غير. وعند مالك وابن عمر يدعو بما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قام إلى الثالثة ابتدأ بالتكبير من ابتداء القيام ويمده إلى حال استواءه. وعند مالك أنه لا يكبر حتى يستوى قائمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره تقديم إحدى رجليه عند النهوض في الصلاة. وعند مالك لا بأس به. وعند مجاهد وإِسْحَاق أنه يرخص في ذلك للشيخ الكبير.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والحسن البصري والشعبي وعمر وابن عمر وأبي مسعود البدري أن التشهد الأخير والجلوس فيه والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجب، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وسعيد بن المسيب والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وعلي بن أبي طالب لا يجب شيء من ذلك، بل إذا فرغ من الركعة الأخيرة فقد تمت صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة أن التشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجبان، وبه قال أكثرهم في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما الجلوس فيجب منه بقدر قراءة التشهد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يدعو في آخر التشهد الأخير قبيل السلام بما شاء من أمر الدِّين والدنيا، وبما يجوز أن يدعو به خارج الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يدعو إلا بالأدعية المأثورة أو ما شابه ألفاظ القرآن. ومن أصحابه من قال: ما لا يطلب إلا من الله يجوز أن يدعو به في الصلاة وما يجوز أن يطلب من المخلوقين إذا سأله من الله في الصلاة أفسدها وبه قال الحسن البصري، وروى عنه أنه أباح الدعاء في التطوع وكرهه في المكتوبة. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ يكره أن يدعو له باسمه في صلاته. وعند مالك والْإِمَامِيَّة يجوز الدعاء في الصلاة المكتوبة أين شاء المصلي فيها. وعن مالك أنه قال: لا بأس بالدعاء في الصلاة المكتوبة في أولها ووسطها وآخرها، وحكى ابن القاسم عنه أنه يكره الدعاء في الركوع، ولا يرى به بأسًا في السجود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأكثر أهل العلم أن السلام واجب في الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه

والنَّخَعِيّ والنَّاصِر والمؤيد باللَّه من الزَّيْدِيَّة السلام ليس واجب، وإنما على المصلي إذا وقف قدر التشهد أن يخرج من الصلاة بما ينافيها من قيام أو كلام أو حدث أو سلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وسائر الزَّيْدِيَّة وأكثر أهل العلم أن السلام من الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ليس هو من الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا قال في السلام سلام عليكم لم يجزئه على الصحيح، وهو قول مالك. والثاني يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المصلي إذا كان في مسجد صغير ولا لغط هناك، أو كان منفردًا فقَوْلَانِ: الجديد الصحيح أنه يسن تسليمتان إحداهما عن يمينه والأخرى عن يساره، وبه قال أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعمار بن ياسر والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. والقول القديم: يسن تسليمة واحدة تلقاء وجهه، وبه قال ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة والحسن البصري وابن سِيرِينَ وعمر بن عبد العزيز وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة يسلم تسليمة واحدة مستقبل القبلة وينحرف بوجهه قليلًا إلى يمينه، وإن كان مأمومًا يسلم تسليمتين واحدة عن يمينه والأخرى عن شماله، إلا أن تكون جهه شماله خالية من أحد فيقتصر على التسليم عن يمينه، ولا يترك السلام على جهة يمينه على كل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأكثر أهل العلم الواجب تسليمة واحدة. وعند الحسن بن صالح وَأَحْمَد في أصح الروايتين عنه الواجب تسليمتان. وعند مالك

الاختيار للإمام، وللمنفرد الاقتصار على واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التسليمة الثانية سنة، وهو رِوَايَة عن أحمد والرِوَايَة الثانية عنه أنها واجبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى والحسن بن صالح والخلفاء الأربعة وأنس وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن السنة القنوت في صلاة الصبح في جميع الدهر. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وابن مسعود وأبي الدرداء أنه لا يسن ذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا قنت الإمام فاقنت معه. وعند أَحْمَد أيضًا القنوت للأئمة يدعون للجيوش، فإن ذهب ذاهب إليه فلا بأس. وعند إِسْحَاق هو سنة عند

الحوادث لا تدعه الأئمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ محل القنوت في صلاة الصبح بعد الركوع في الثانية، وبعدما يقول سمع الله لمن حمده إلى آخره. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى محله قبل الركوع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صلى خلف من يقنت في الفجر تابعه في الدعاء، وهو التأمين. وأصحاب الشَّافِعِيّ يقولون: ما كان ثناء على الله فيباركه فيه، وما كان دعاء يُؤَمَّن عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسكت ولا يتابعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْإِمَامِيَّة يسن القنوت في صلوات الفرض للنوازل. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يسن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم لا يقنت في المغرب. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة، وهم النَّاصِر والباقر والصادق يقنت فيها في الركعة الثالثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم لا يقنت في شيء من الصلوات التي يجهر فيها، ولا في صلاة الجمعة. وعند النَّاصِر عن الزَّيْدِيَّة يقنت في الصلوات التي يجهر فيها، وفي الجمعة، إلا في العتمة فإنه لا يقنت فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الدعاء في القنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره. وعند مالك: اللهم إنا نستعينك إلى آخره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ يرفع يديه في القنوت. وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك وسائر الزَّيْدِيَّة وبعض الشَّافِعِيَّة لا يرفع يديه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المرأة كالرجل في أفعال الصلاة إلا في بعض الهيئات، وهو ما يكون في فعله ترك الستر، وقعودها كقعود الرجل. وعند الشعبي تجلس كما تيسر لها، وكان ابن عمر يأمر نساءه أن يجلسن متربعات في التشهد. * * *

باب صلاة التطوع

باب صلاة التطوع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السنن التابعة للفرائض غير الوتر ثماني ركعات: ركعتان قبل الصبح، وركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب. وعند بعض أصحابه الزيادة على ذلك ركعتان بعد العشاء. وعند بعض أصحابه أيضًا زيادة على هذه العشر ركعتان قبل الظهر. وعند بعض أصحابه ثماني عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وأربع بعدها، وركعتان قبل الصبح، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وأربع قبل العصر. واختلفت الزَّيْدِيَّة في ذلك فعند النَّاصِر أربع وثلاثون ركعة: ثماني ركعات قبل الظهر، وثمان بعدها، وأربع بعد المغرب، وثماني ركعات في جوف الليل، وثلاث ركعات الوتر، وركعتي الفجر، وركعتان من قعود بعد صلاة العتمة بعد أن يوتر بواحدة. فهذه مع الفرائض إحدى وخمسون ركعة، واختار هذا الباقر والصادق. وعند زيد بن علي خمسون ركعة لا غير. وعند سائر الزَّيْدِيَّة المؤكد من ذلك ركعتان بعد

الظهر، وركعتان بعد المغرب، وثلاث للوتر، وركعتا الفجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض الصحابة يسن ركعتين قبل صلاة المغرب بين الأذان والإقامة. وعند بعض الصحابة لا يسن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد وأكثر أهل العلم أن الوتر سنة، وليس بواجب ولا فرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وحده أنه واجب، وليس بفرض؛ لأن الواجب عنده ما ثبت بدليل غير مقطوع به، والفرض ما ثبت بدليل مقطوع به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أقل الوتر ركعة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات. وعند مالك أقله ركعة، وليس لما بعدها من الشفع حد، وأقله ركعتان ويكره أن يوتر بثلاث ركعات بتسليمة، إلا أن يكون مع إمام فيوتر بوتره ولا يخالفه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وعمر وعلي وأبي بن كعب وأنس وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وأبي أمامة وعمر بن عبد العزيز الوتر ثلاث لا يسلم إلا في الأخيرة، ولا تجوز الزيادة عليها ولا النقصان، وعند أَحْمَد أقله ركعة، وأفضله ثلاث

ويفصل بينهما سلام، فإن أوتر بأكثر من ذلك من أربع أو ست أو تسع أو نحو ذلك لم يجلس إلا في الأخيرة، ثم يجلس ويسلم ويوتر بواحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وابن عمر الأفضل أن يفصل بين ركعة الوتر وما قبلها من الشفع. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن فصل بينهما فحسن، وإن لم يفصل فحسن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفصل بين الركعة والركعتين. وعند مالك في الإمام الذي يوتر بالناس في رمضان بثلاث لا يسلم أرى أن يصلي خلفه ولا يفارقه. وقال مالك: كنت مرة أصلى معهم فإذا كان الوتر انصرفت فلم أوتر معهم. وعندي أنه إن كان لا يتهجد فالأولى أن يصلي مع الإمام، وإن كان يتهجد فالأولى أن لا يصلي معه. وعند ابن المنذر يوتر معه بكل حال، وهذا أحب إلى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السنة القراءة في الوتر في الأولى بعد الفاتحة بـ (سبح اسم ربك الأعلى)، وفي الثانية بعد الفاتحة بـ (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثالثة بعد الفاتحة بـ (قل هو الله أحد) والمعوذتين. وعند مالك ليس في الشفع قراءة معينة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقرأ

المعوذتين بل يقتصر على سورة الإخلاص. وعند الزَّيْدِيَّة يقرأ سورة الإخلاص في كل ركعة بعد الفاتحة ثلاث مرات، إلا في الركعة الثالثة فإنه يقرأها خمسًا، فإن قرأها مرة فى كل ركعة أجزأه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وأبي بن كعب وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السنة أن يقنت في الركعة الأخيرة من الوتر في النصف الأخير من رمضان لا غير. وروى أيضًا عن أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك يقنت فى الوتر في جميع السنة، وهو قول الزبيري من الشَّافِعِيَّة، وبه قال الحسن والنَّخَعِيّ وإِسْحَاق وأبو ثور وابن مسعود. وروى عن الحسن أنه لا يقنت في جميع السنة كلها، وهو قول قتادة. وروى عن ابن عمر رِوَايَة أخرى أنه لا يقنت في الوتر ولا في الصبح. وعند طاوس القنوت في الوتر بدعة. وعند مالك في رِوَايَة لا يقنت في الوتر. وعند مالك في رِوَايَة لا يسن في رمضان.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك المستحب أن يقنت فيه بالمروي في الصبح، وهو اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق والمؤيد. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة لا يقنت في شيء من الصلوات إلا بآية من القرآن. وعند أبي حَنِيفَةَ يقنت في الوتر بسورتين في القنوت. مسألة: نص الشَّافِعِيّ على أن محل هذا القنوت بعد الركوع، وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأيوب السختياني وَأَحْمَد. والوجه الثاني محله قبل الركوع

وهو قول علي وابن مسعود وأبي موسى والبراء وأنس وابن عَبَّاسٍ وعبيدة السلماني وعمر بن عبد العزيز وحميد الطويل وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومالك وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك إذا أوتر أول الليل ثم نام ثم قام للتهجد لا ينتقض وتره. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وعلي وابن عمر وكذا ابن عَبَّاسٍ في رِوَايَة أنه ينتقض الوتر فيصلي ركعة ويضيفها إلى الوتر ليصير شفعًا، ثم يتهجد، ثم يوتر بركعة بعد التهجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا اعتقد أنه صلى العشاء فأوتر، ثم ذكر أنه لم يكن صلى العشاء يعيد وتره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يعتد بما قد أوتره. وعنده أيضًا يجزئه إذا صلَّاه قبل العشاء عمدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وابن الْمُبَارَك أن التراويح عشرون ركعة بعشر تسليمات. وعند مالك وأهل المدينة وبعض العلماء هي ستة وثلاثون ركعة. ونقل الترمذي عن أَحْمَد أنه قال: نُقِلَ في هذا ألوان، ولم يقض

فيه بشيء. وعند الْإِمَامِيَّة يصلي في كل ليلة من رمضان عشرين ركعة: منها ثمان بعد صلاة المغرب، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الأخيرة. وإذا كان في ليلة تسع عشرة صلى مائة ركعة، ويعود في ليلة العشرين إلى الترتيب الذي تقدم. ويصلي في ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة، وفي ليلة اثنين وعشرين ثلاثين ركعة منها ثمان بعد المغرب، والباقي بعد العشاء، ويصلي في ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة، وفيما بقي من الشهر ثلاثين ركعة في كل ليلة على الترتيب الذي ذكرناه. ويصلي في كل يوم جمعة من الشهر عشر ركعات، أربع منها صلاة علي - عليه السلام - يقرأ في كل ركعة الفاتحة مرة، وسورة الإخلاص خمسين مرة، وركعتين من صلاة فاطمة - عليها السلام - وصفتها أن تقرأ في أول كل ركعة (الحمد) مرة، و (إنا أنزلناه في ليلة القدر) مائة مرة، وفى الثانية (الحمد) مرة وسورة الإخلاص مائة مرة، ثم يصلي أربع ركعات صلاة التسبيح، وتعرف بصلاة جعفر الطيار. وصفتها معروفة، ويصلي في كل آخر جمعة من الشهر عشرين ركعة من صلاة علي - عليه السلام - المتقدم صفتها. وفي ليلة آخر سبت من الشهر عشرين ركعة من صلاة فاطمة - عليها السلام - وقد مضى صفتها فيكمل له بذلك ألف ركعة. مسألة: الصحيح المنصوص في مذهب الشَّافِعِيّ إن فعلها جماعة أفضل، واختاره ابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وإِسْحَاق. والوجه الثاني فعلها في البيت أفضل، وهو قول مالك. والوجه الثالث إن لم يصبه كسل عن ذلك فالبيت أفضل، وإلا فالجماعة أفضل، وهو قول أَبِي يُوسُفَ. وعند الْإِمَامِيَّة يمنع من الاجتماع لهذه الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن آكد الراوتب ركعتا الفجر والوتر. وعند ابن عبد الحكم وأصبغ من أصحاب مالك أن ركعتي الفجر ليست بسنة، وإنَّما هي من الرغائب. وعند أشهب هما سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل الآكد ركعتا الفجر أو الوتر قَوْلَانِ: القديم ركعتا الفجر، وبه قال أحمد. والقول الجديد الصحيح أن الوتر آكد. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه الشاشي موافقة القول الجديد. ونقل عنه صاحب البيان موافقة القديم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الكلام بعد ركعتي الفجر وإن لم يكن ذكرًا. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وجماعة من العلماء يكره الكلام بعد ركعتي الفجر إذا لم يكن الكلام ذكرًا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وبعض العلماء: الأربع التي قبل الظهر يفصل بينهم بالسلام. وعند الثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصليها بتسليم واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الأربع التي قبل العصر يفصل بينهن بالسلام. وعند إبراهيم النَّخَعِيّ لا يفصل بينهن بالتسليم، بل بالتشهد لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جزأ الليل ثلاثًا، فالثلث الأوسط أفضل. وعند مالك الجزء الأخير أفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الأفضل أن يسلم في الركعتين، سواء في ذلك صلاة الليل أو النهار، وهو قول أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وسيأتي خلاف أَبِي حَنِيفَةَ في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ تجوز صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وثلاثًا وأربعًا، وخمسًا، وستًا، وأكثر بسلام واحد، إلى أي عدد شاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يصلي نوافل النهار مثنى مثنى، وأربعًا أربعًا، فإن زاد على ذلك بطلت صلاته، والأربع أفضل. ونوافل الليل مثنى مثنى، وأربعًا، وستًا، وثمانيًا، ولا تجوز الزيادة على ذلك، والأربع أفضل. وعند مالك لا تجوز الزيادة على ركعتين ليلاً كان أو نهارًا. وعند أبي يوسف ومُحَمَّد صلاة الليل مثنى مثنى. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق صلاة الليل ركعتين ركعتين، وبالنهار أربعًا. وثبت عن ابن عمر أنه كان يصلي بالنهار أربعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد يجوز أن يتطوع بواحدة لا غير. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعمر وعلي وابن مسعود وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وابن عَبَّاسٍ وأبي ذر وجماعة من التابعين يكثر تعدادهم وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، واختاره ابن المنذر أنه يجوز التنفل وفعل الرواتب مع الفرائض في السفر. وعند ابن عمر وعلي بن الحسين وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب أنه لا يفعل ذلك في السفر، لا قبل الفريضة ولا بعدها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته شيء من السنن الراتبة هل يقضيها قَوْلَانِ: أحدهما لا يقضي، وبه قال مالك. والثاني يقضي، وبه قال أَحْمَد في إحدى الروايتين، واختاره الْمُزَنِي، وهو الصحيح. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه صاحب البيان أنها تقضى، ونقل عنه صاحب المعتمد إن فاتت مع الفرائض قضيت، وإن فاتت وحدها فلا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وعمر وابن عمر وأبي هريرة إذا دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة لم يصلِّ التحية ولا غيرها من السنن. وعند ابن مسعود ومَسْرُوق ومَكْحُول والحسن ومجاهد وحماد أنه يصلي ذلك. وعند مالك إن لم يخف أن يفوته الإمام بركعة فليركع خارجًا قبل أن يدخل، وإن خاف فوات الركعة فليدخل مع الإمام. وعند الْأَوْزَاعِيّ وسعيد بن عبد العزيز اركعهما في ناحية المسجد ما تيقنت أنك تدرك الركعة الأخيرة، وإن خشيت فواتها فادخل مع الناس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا خاف فوات الركعة الثانية من صلاة الصبح اشتغل بركعتي الفجر خارج المسجد، ولا يصلي في المسجد خشية أن يحمل ذلك على الوهن عن الجماعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي صلاة الصبح حتى طلعت الشمس صلى ركعتي السنة ثم صلى الصبح. وعند مالك يبدأ بالفرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن صلى الفرض ولم يكن صلى ركعتي السنة فذكرهما بعد ذلك فلا قضاء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وقت ركعتي الفجر من طلوع الفجر الثاني، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والباقر والصادق وقتهما من طلوع الفجر الأول. وقبل طلوع الفجر الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك إذا فاتته سنة الصبح يصليهما بعد الصبح، ويمتد وقتها إلى الزوال، وبه قال ابن عمر والقاسم بن محمد، ومن أصحابه من قال: يمتد وقتها إلى طلوع الشمس. وعند مالك إن شاء قضاهما إلى نصف النهار، وإن شاء تركهما ولا يقضيهما بعد الزوال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أحب قضاهما عند ارتفاع الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة وقت الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني، فمن أخَّره إلى طلوع الفجر فقد فاته، فيأتي به قضاء. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأيوب السختياني وحميد الطويل وابن عمر وعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وحذيفة وعائشة وابن عَبَّاس أنه يوتر بعد طلوع الفجر. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والحسن والنَّخَعِيّ والشعبي يوتر ما لم يصل الصبح. وعند طاوس وسعيد بن جبير يوتر وإن صلى الصبح. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والصادق والباقر أن وقته من ثلث الليل إلى طلوع الفجر الثاني، وبه قالت الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي الوتر فذكره وهو في صلاة الصبح مضى في صلاته

وأتى به بعد فراغه من الصلاة. وعند الحسن البصري وَمَالِك ينصرف فيوتر ثم يصلي الصبح، وكذا يفعل إن كان خلف الإمام. مسألة: إذا قلنا محل القنوت قبل الركوع ففي مذهب الشَّافِعِيّ أنه يكبر إذا فرغ من القراءة، ثم يقنت ويكبر للركوع بعده، وبه قال علي وابن مسعود والبراء بن عازب. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد لا يكبر قبل القنوت. وعند سعيد بن جبير أنه يقنت بعد الركوع فى الوتر ويكبر قبل القنوت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب رفع اليدين في هذا القنوت، وهو قول عمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود. وعند مالك بن أنس وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ ويزيد بن أبي مريم أنه لا يرفع اليد فيه. وعند الْأَوْزَاعِيّ أيضًا إن شئت فأشر بأصبعيك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي هذا القنوت سجد للسهو. وعند حماد بن أبي سُليمان وَمَالِك وإسماعيل بن علية لا يسجد. وعند أَحْمَد إن كان ممن تعود القنوت سجد للسهو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس بعد الوتر صلاة. وعند أَحْمَد إن صلى ركعتين بعده فلا أضيق عليه. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن شاء صلاهما، واختاره ابن المنذر. ومن الشَّافِعِيَّة صاحب المعتمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وبعض الصحابة يجوز الوتر على الراحلة. وعند بعض أهل الكوفة. وبعض العلماء لا يجوز ذلك على الراحلة، بل ينزل عنها ويوتر على الأرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز التنفل بركعة واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. * * *

باب سجود التلاوة

باب سجود التلاوة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد وكافة العلماء أن سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق هو واجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من سمع القارئ من غير استماع لا يتأكد السجود في حقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ السامع والمستمع سواء في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قرأت المرأة السجدة لم يسجد الرجل، ولو قرأ الرجل سجدت المرأة. وعند النَّخَعِيّ يسجد الرجل لقراءة المرأة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان القارئ في الصلاة والمستمع خارجها لم يسجد المستمع معه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان القارئ خارج الصلاة والمستمع في الصلاة لم يسجد

المستمع لذلك بعد فراغه من الصلاة. وعند الحكم وحماد يسجد. وعند النَّخَعِيّ يسجد إلا أن يكون ساجدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن سِيرِينَ يسجد إذا فرغ من الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استمع المتطهر لقراءة المحدث لم يسجد المستمع. وعند أبي حَنِيفَةَ يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سجد للتلاوة في مجلس، ثم أعاد تلك السجدة في ذلك المجلس سجد على الأصح. والثاني لا يسجد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قرأ صبي أو كافر آية سجدة لم يسجد المستمع. وعند أبي حَنِيفَةَ يسجد، قلت: وفيما ذكره الشَّافِعِيّ في الصبي إشكال من حيث أنه يسن له التطوع بالصلاة وتصح إمامته، فكيف لا يسن له ولمن سمعه السجود، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قرأ آية السجدة في الصلاة فلم يسجد حتى خرج منها قضى السجود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقضيه. قلت: وفيما ذكره الشَّافِعِيّ إشكال من حيث أنه لابد من النظر إلى طول الزمان وقصره، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره للإمام قراءة آية السجدة في الصلاة. وعند مالك يكره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكره في السرية دون الجهرية، حتى قال أحمد: لو أسر

بها لم يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الجديد الصحيح أن سجدات التلاوة أربع عشرة سجدة، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وهو رِوَايَة عن مالك. وفي القديم أنها إحدى عشرة سجدة، ولم تثبت سجدات المفصل، وبه قال مالك في الرِوَايَة الأخرى وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن. وعند علي وابن مسعود أربع سجدات من العزائم، سجدتان في الحج وآخر النجم وآخر العلق. وعند ابن عَبَّاسٍ السجدات عشر فأسقط، سجدة (ص) من الأحد عشرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وعمر وابن عمر في الحج

سجدتان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وسعيد بن جبير والحسن والنَّخَعِيّ وجابر ابن زيد وَمَالِك ليس فيها إلا سجدة واحدة، وهي الأولى، وأسقطوا الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن مواضع السجود من هذه السجدات معروفة لا خلاف فيها إلا سجدة (حم) فإن أبا حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومالكًا وابن عَبَّاسٍ وكذا الثَّوْرِيّ في إحدى الروايتين عنه وأهل المدينة وابن عمر والحسن فإنهم قالوا: إنها (ص) عند قوله (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود سجدة (ص) ليست من عزائم السجود، وإنَّما هي سجدة شكر. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وكذا أَحْمَد هي من عزائم السجود في رِوَايَة. وعند إِسْحَاق سجدات التلاوة خمس عشرة، وعدَّ سجدة (ص) منها عند

قوله: (وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)، واختاره ابن سريج وأبو إِسْحَاق المروزي الشَّافِعِيّين وأكثر العلماء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هي من عزائم السجود، وعزائم السجود عنده أربع عشرة سجدة فأسقط الثانية من الحج، وجعل هذه من عزائم السجود. وعند أَبِي ثَورٍ سجدات التلاوة أربع عشرة سجدة فعد سجدة (ص) ولم يعد سجدة النجم. وعند مالك أنها إحدى عشرة كما ذكرنا عنه، إلا أنه أسقط الثانية من الحج وجعل عوضها سجدة (ص). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والحسن البصري يكره اختصار السجود. وعند مالك وجماعة لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكبر لسجود التلاوة تكبيرتين، تكبيرة افتتاح وتكبيرة سجود. وعند طائفة من العلماء إنما يكبر للرفع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتد بالإيماء عن السجود. وعند أَحْمَد والحسن البصري إذا سمع السجدة أومأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حكم سجود التلاوة حكم صلاة النفل في الشروط. وعند عثمان بن عفان وسعيد بن المسيب أن الحائض تومئ برأسها إلى السجود وتقول: اللهم لك سجدت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا كان المستمع على غير طهارة لم يسجد. وعند

الشعبي يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا قرأ آية سجدة أو سمع آية سجدة وهو محدث توضأ وسجد. وعند النَّخَعِيّ يتيمم ويسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يقوم الركوع مقام السجود في سجود التلاوة. وعند أبي حَنِيفَةَ هو بالخيار إن شاء ركع وإن شاء سجد استحسانًا لقوله تعالى: (وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي ثَورٍ وأبي بكر وعلي وكعب بن مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تجددت عنده نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة استحب له أن يسجد شكرًا لله تعالى. وعند مالك والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ سجود الشكر مكروه، وهو إحدى الروايتين عن أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ. وروى عنه أنه قال: لا أعرف سجود الشكر. وعند مُحَمَّد لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة يستحب للمصلي إذا مرت به آية رحمة أن يسألها، وإذا مرت به آية عذاب أن يتعوذ منه، سواء كان إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا.

وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى يستحب ذلك في النفل دون الفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قرأ الماشي آية سجدة سجد على الأرض. وعند الأسود بن يزيد وعلقمة وأبي عبد الرحمن وعَطَاء ومجاهد لا يسجد. * * *

باب ما يفسد الصلاة ويكره فيها

باب ما يفسد الصلاة ويكره فيها مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سبقه الحدث وهو في الصلاة فقَوْلَانِ: الجديد الصحيح تبطل صلاته، وبه قال ابن سِيرِينَ والمسور بن مخرمة وَأَحْمَد في رِوَايَة. والقديم لا تبطل فيتوضأ ويبني على صلاته، وبه قال عمر وعلي وابن عمر وأبو حَنِيفَةَ وابن أبي ليلى والْأَوْزَاعِيّ وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ قال: إذا غلبه المني أو شجه آدمي فخرج منه الدم بطلت صلاته. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه الشاشي وصاحب الدر الشفاف. وغيره موافقه القول الجديد، ونقل عنه صاحب البيان موافقة القول القديم. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة ثالثة إن كان حدث به رعافًا أو قيئًا توضأ وبنى، وإن كان بولاً أو ريحًا أو ضحكًا أعاد الصلاة والوضوء. وعند مالك الرعاف ليس بحدث، فيغسل الدم ويبني على صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء لا بأس أن يصلي وبه غائط أو بول ما لم يشغله ذلك عن الصلاة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والصحابة والتابعين لا يقوم إلى الصلاة وهو يجد شيئًا من الغائط أو البول، فإن دخل في الصلاة فوجد شيئًا من ذلك فلا ينصرف ما لم يشغله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وابن الزبير وأنس وأكثر العلماء أن المصلي إذا تكلم عامدًا عالمًا بتحريمه لمصلحة الصلاة بطلت صلاته. وعند

مالك والْأَوْزَاعِيّ لا تبطل. وعند الخرقي من أصحاب أَحْمَد لا تبطل في حق الإمام خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عباس وابن مسعود وابن الزبير وأنس وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المصلي إذا تكلم ناسيًا أو جاهلاً بالتحريم أو سبق لسانه إليه ولم يطل لم تبطل صلاته. وهو رِوَايَة عن أحمد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سعيد بن المسيب وقتادة والنَّخَعِيّ وحماد بن أبي سليمان وأبي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك تبطل صلاته، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة تبطل بالكلام ولا تبطل بالسلام ناسيًا في غير محله. وعند عبيد الله بن الحسن العنبري أنه تبطل صلاته بكلام الناسي. وعند أبي

حَنِيفَةَ في السلام من نسيان، إن قصد به الخروج من الصلاة وكان عنده أنه أتمها بطلت صلاته، وإن كان سلم ساهيًا غير قاصد السلام لم تبطل صلاته، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد عن يَحْيَى. وعند أبي طالب منهم عن يَحْيَى أنها تبطل إذا سلم تسليمتين بكل حال، وإن سلم واحدة لم تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق أن المصلي إذا قصد إلى الكلام وهو يجهل أن الكلام محرم في الصلاة لا تبطل صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المصلي إذا تنحنح أو أَنَّ أو تنفس أو نفخ فبان منه حرفان بطلت صلاته، وإن لم يبن منه حرفان لم تبطل، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة، وعند أبي ثور لا بأس به إلا أن يكون كلامًا مفهومًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا نفخ بطلت صلاته بكل حال، وإن تأوَّه أو أنَّ لمرض بطلت، وإن كان لخوف من الله تعالى لم تبطل وإن بان منه حرفان، وبه قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا تنحنح متعمدًا بطلت، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا نفخ في

صلاته لم تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا قرأ من المصحف في الصلاة لم تبطل صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل إلا أن تكون آية قصيرة. وعن أَحْمَد في رِوَايَة أنه يقرأ في النافلة خاصة وقال أصحابه: وهذا على طريق الاستحباب وإلا فهما سواء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شمَّت المصلي العاطس بإشارة مفهمة لم تبطل صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تبطل، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا ناب المصلي شيء في صلاته سبَّح الرجل وصفقت المرأة. وعند مالك يسبِّح الرجل والمرأة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نبه بذلك الإمام جاز، وإن نبه غير الإمام بطلت صلاته.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره للمصلي أن يلتفت في صلاته، وإذا التفت لم تبطل. وعند الحكم من تأمل مَنْ على يمينه وشماله حتى يعرفهُ فليس له صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن مسعود وأبي ذر وأبي هريرة لا يكره مسح الحصى في الصلاة مرة. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا أفهم غير إمامه بالتسبيح أو التكبير أو التهليل أو القرآن لم تبطل صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نبه إمامه والمارُّ بين يديه لم تبطل صلاته، وإن نبه غيرهما بطلت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى. وعند يَحْيَى والقاسم أيضًا لا يجوز الفتح على الإمام إلا بالآية التي أشكلت عليه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد. وعند النَّاصِر والمؤيد منهم أيضًا يجوز أن يفتح بسائر الآيات والتسبيح والتهليل ورفع الصوت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا فتح على غير الإمام لم تبطل صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دُعى المصلي فأجاب بقرآن، أو دعا منبهًا أنه في الصلاة لم تبطل صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند يَحْيَى منهم أنها تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المصلي إذا أكل أو شرب عامدًا عالمًا بالتحريم بطلت

صلاته. وعند سعيد بن جبير وطاوس أنه لا بأس بشرب الماء في النافلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى عاقصًا شعرَهُ وجامِعًا ثَوبَهُ كره له وأجزأته صلاته. وعند الحسن يلزمه إعادة الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء يكره التثاؤب في الصلاة. وعند إبراهيم النَّخَعِيّ لا يكره ذلك ويرد ما استطاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا أخبر في الصلاة بأمر يسوؤه فقال: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، وقصد به قراءة القرآن لم تبطل صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد في رِوَايَة تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر يكره السلام على المصلي، وحكاه ابن المنذر عن جماعة منهم عَطَاء. وعند أَحْمَد وابن عمر لا بأس به. وعن مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما يكره. والثانية لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ إذا سلم على المصلي ردَّ

بالإشارة بيده أو برأسه، ولا تبطل صلاته بذلك، وقال به من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق. وعن مالك رِوَايَتَانِ. وعند أَحْمَد لا بأس بذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يرد عليه، فإن رد عليه بطلت، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء والثَّوْرِيّ أنه يرد عليه بعد فراغه. قال الثَّوْرِيّ: إن كان حاضرًا رد عليه، وإن كان غائبًا تبعه بالرد. وعند النَّخَعِيّ يرد عليه في قلبه. وعند سعيد بن المسيب والحسن وقتادة يرد عليه لفظًا، ولا تبطل صلاته، وبه قالت الْإِمَامِيَّة الشيعة، إلا أنهم يقولون: يجب أن يقول المصلي في رد السلام مثل ما قاله المسلم بسلام عليكم، ولا يقول وعليكم السلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عمل في صلاته من جنسها في غير محله عمدًا بطلت صلاته، بأن يسجد في محل الركوع، أو ركع في محل السجود، أو قعد في محل القيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل ما لم يقيد الركعة بسجدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فعل ذلك ساهيًا عاد إلى الركن، وصحت صلاته، ويسجد للسهو، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. وعند النَّاصِر منهم يستأنف الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك الإشارة المفهمة لا تبطل الصلاة إذا لم يتكلم، ولا كثر الفعل باليد والرأس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كانت مفهمة بطلت صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زاد في صلاته ركوعًا أو سجودًا عمدًا بطلت صلاته، سواء

كان على وجه التحري أم لا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل، وبه قال مالك والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء يكره الاختصار في الصلاة. وعند بعض العلماء يكره أن يمشي الرجل مختصرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وبعض الصحابة وبعض التابعين يجوز قَتلُ الحية والعقرب في الصلاة ولا يكره. وعند النَّخَعِيّ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عد الآية في الصلاة عقدًا ولم يتلفظ به لم تبطل صلاته،

والترك أحب إليه. وعند مالك والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى لا بأس به. وعند أَبِي يُوسُفَ لا بأس به في التطوع. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ ومحمد، فنقل عنهما في البيان موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنهما في الشامل وصاحب المعتمد أنه يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يجوز للمصلي أن يدفع المارَّ بين يديه، ويقتل الحية، ويحمل الصبي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز ذلك. * * *

باب سجود السهو

باب سجود السهو مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شك الإمام في عدد الركعات أو فرض من فروض الصلاة غير النية وتكبيرة الإحرام لا يرجع إلى المأمومين، قلوا أو كثروا، بل يبني على يقين نفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع إلى قول واحد. وعند مالك وَأَحْمَد يرجع إلى قول اثنين، فإن لم يرجع إلى قولهما بطلت صلاته وصلاتهما. وعند الْإِمَامِيَّة لا سهو في الركعتين الأولتين من كل صلاة، ولا سهو في صلاة الفجر أو المغرب أو صلاة السفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ورَبِيعَة وما لك وأبي بكر وعمر وعلي وابن عمر وابن مسعود والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المصلي إذا شك وهو فى الصلاة هل صلى ركعة أو ركعتين أو ثلاثًا أو أربعًا فإنه يأخذ بالأقل ويبني على صلاته، ويسجد للسهو، وبهذا قال أَحْمَد في المنفرد، وعنه في الإمام رِوَايَتَانِ: إحداهما

أنه يبنى على اليقين. والثانية على غالب ظنه. وعند الشعبي وشريح وسعيد بن جبير وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ وابن عمر وعبد الله بن عمرو وابن عَبَّاسٍ تبطل صلاته. وعن سعيد بن جبير رِوَايَة أنه يعيد المكتوبة، ويسجد سجدتي التطوع. وروى عن سعيد بن جبير أيضًا وعَطَاء وميمون بن مهران أنهم كانوا إذا شكوا في الصلاة أعادوها ثلاث مرات، فإذا كانت الرابعة لم يعيدوا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ، إن لحقه ذلك أول دفعة بطلت صلاته، وإن تكرر ذلك منه اجتهد وعمل على ما يؤديه اجتهاده إليه، فإن لم يؤده اجتهاده إلى شيء عمل على اليقين. وعند الحسن البصري وأبي هريرة وأنس يذهب على وهمه ويسجد للسهو. ونقل الشاشي عن الحسن البصري أنه يأخذ بالأكثر ويسجد للسهو. وعند النَّخَعِيّ في الإمام لا يدري كم صلى ينظر

ما يصنع مَنْ وراءه. وعند الْإِمَامِيَّة إذا اعتدل في ذلك ظنه بنى على الأكثر وهي الثلاث، فإذا سلَّم صلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس مقام ركعة واحدة، وإن كان الذي بنى عليه هو الصحيح كان ما صلَّاه نافلة وإن كان ما أتى به لثلاث تكون الرابعة جبرًا لصلاته. وكذلك قولهم فيمن شك ولا يدرى أصلى ثلاثًا أو أربعًا، أو من شك بين الثنتين والثلاث والأربع أيضًا بنى على الأكثر، فإذا سلَّم صلى ركعتين من قيام وركعتين من جلوس حتى إن كان بناؤه على الصحيح، فالذي فعله نافلة له، وإن كان الذي صلاه اثنتين كانت الركعتان من قيام جبرًا لصلاته، وإن كان الذي صلاه ثلاثًا فالركعتان من جلوس، وهي مقام واحدة جبران صلاته. واختلفت الزَّيْدِيَّة، فعند النَّاصِر إن كان من أهل التحري تحرى وبنى على غالب ظنه، وإن لم يكن من أهل التحري بنى على الأقل، سواء كان الشك أول عارض، أو كان مبتلى بكثرة الشك، فإن استوى الطرفان بنى على الأقل. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن كان الشك أول عارض فإنه يعيد لكل حال، وإن كان كثير الشك لا يخلو إما أن يكون مبتلى بكثرة الشك أو لا يكون مبتلى به، فإن لم يكن مبتلاً به عمل على ظنه، فإن استوى طرفاه بنى على الأقل، فإن كان مبتلاً به تحرى وبنى على غالب ظنه، ثم إن استوى طرفاه بنى على الأقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سبح المأموم للإمام لنسيان لم يلزمه الرجوع إلى قولهم، ويبني على يقينه خاصة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع إلى قولهم، أو قول واحد منهم. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما، وبها قال مالك أن يرجع إلى قولهم بكل حال في الزيادة والنقصان، سواء قلنا يجب على المصلي أن يبني على اليقين أو غالب الظن. والثانية إن لم يرجع إلى قولهم لم تبطل صلاته ولم يتبعوه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قام من الركعة الأولى إلى الثانية وإن لم يتيقن أنه ترك سجدة من الأولى، أو شك في تركها لم يحتسب له بما فعله من الثانية حتى تتم الأولى. وعند مالك إذا ذكر بعد الركوع والسجود في الثانية صحت الركعة الثانية وبطلت الأولى، وإذا ذكر قبل الركوع سجد وتمت له الأولى. وعند أَحْمَد إذا ذكرها بعد القراءة في الثانية بطلت الأولى وتمت الثانية، وإن ذكرها قبل القراءة في الثانية يسجد لتمام الأولى كقول الشَّافِعِيّ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وإِسْحَاق الكوسج إذا ذكر في الركعة الرابعة أنه نسي من كل ركعة سجدة، وكان قد جلس عقيب كل سجدة جلسة الفصل حصل له ركعتان وبقي عليه ركعتان. وعند مالك تصح له الرابعة إلا سجدة، ويلغو ما تقدم. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ. إحداهما كقول مالك، والثانية يبطل الجميع، وهو رِوَايَة أيضًا عن مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحسن البصري والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ أنه يأتي في آخر صلاته بأربع سجدات ويجزئه. وعند الحسن بن صالح وشريك بن عبد اللَّه أنه لو نسي ثماني سجدات أتى بهن متواليات وأجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قام من الثانية ناسيًا إلى الثالثة، وترك التشهد الأول ثم ذكره، فإن ذكر بعد انتصابه قائمًا لم يعد إليه، وإن ذكر قبل انتصابه قائمًا عاد إليه. وعند مالك إن قام أكثر القيام لم يرجع، وإن قام أقله رجع. وحكى ابن المنذر عنه أنه إذا فارقت إليتاه الأرض لم يرجع. وعند النَّخَعِيّ يرجع ما لم يشرع في القراءة. وعند الحسن البصري يرجع ما لم يركع. وعند حماد إذا ذكر ساعة يقوم جلس. وعند أحمد يرجع قبل أن يستوى قائمًا، وإن استوى قائمًا فهو بالخيار إن شاء رجع، وإن شاء لم يرجع. مسألة: وعند الشَّافِعِيّ والحسن وعَطَاء والزُّهْرِيّ وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وأَبِي ثَورٍ إذا قام المصلي من ركعة إلى ركعة خامسة ساهيًا ثم ذكر في القيام، أو فى الركوع، أو في السجود فإنه يلزمه العود إلى الجلوس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ إن ذكر قبل السجود في الخامسة رجع إلى الجلوس كقول الشَّافِعِيّ وإن ذكر بعد ما سجد في الخامسة، فإن كان قد قعد في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته، ويضيف إلى هذه الركعة ركعة أخرى تكون له نافلة، لأنه لا يجوز التنفل بأقل من ركعتين، وإن لم يكن قد قعد في الرابعة قدر التشهد بطل فرضه، وصار الجميع نفلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رجع وجلس قبل الانتصاب فقَوْلَانِ: أحدهما يسجد للسهو، وبه قال أَحْمَد وأنس بن مالك. والثاني لا يسجد، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ والأسود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك التشهد الأول ثم ذكر وقد انتصب قائمًا لم يجز له أن يعود، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد ويَحْيَى. وعند أَحْمَد إن ذكر قبل الشروع في القراءة استحب له أن لا يعود فإن عاد لم تبطل صلاته. وعند أبي عبد اللَّه الداعي من

الزَّيْدِيَّة أنه يعود وإن شرع في القراءة. وعند النَّاصِر منهم لو عاد بطلت صلاته. وعند مالك إن ارتفعت أليتاه من الأرض لم يعد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جلس في الأولى وفي الثانية وتشهد سجد لسهو. وعند علقمة والأسود لا يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صلى نافلة فقام إلى ثالثة جاز أن يتمها أربعًا، وجاز أن يرجع إلى الثانية ويساوي ذلك فعل، سجد للسهو، والأولى أن يرجع إلى الثانية، ولا فرق في ذلك بين صلاة الليل وصلاة النهار. وعند حماد إن كانت صلاة نهار فالأولى إتمامها أربعًا، وإن كانت صلاة ليل فالأولى العود إلى الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تعمد ترك ما يقتضي تركه السجود سجد للسهو، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ لا يسجد، وهو قول لبعض الشَّافِعِيَّة، وبه قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والنَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة إذا ترك شيئًا من هيئات الصلاة ناسيًا، كدعاء الاستفتاح وقراءة السورة بعد الفاتحة، والتكبيرات في الصلاة للركوع، والسجود، والرفع وتكبيرات العيد، والجهر والإسرار وغير ذلك من هيئات، فإنه لا يسجد للسهو، وبه قال أَحْمَد في تكبيرات العيد، وقراءة السورة، وفيما إذا جهر في موضع الإسرار، أو أسر في موضع الجهر. وعنه رِوَايَة أخرى أنه يسجد في ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ والثَّوْرِيّ إذا ترك تكبيرات العيد سجد للسهو، ولا يسجد لترك سائر التكبيرات، وإن ترك الجهر والإسرار سجدَ إذا كان إمامًا. وعند قتادة والْأَوْزَاعِيّ يقضي تكبيرات الصلاة والتسبيح في الركوع والسجود ودعاء الافتتاح. وعند الحكم وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ يسجد لذلك. وعند ابن أبي ليلى إذا جهر في موضع الإسرار أو أسرَّ في موضع الجهر بطلت صلاته. وعند النَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ وَمَالِك عليه السجود، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي وأبو عبد الله الداعي وَأَحْمَد بن عيسى. وحكى ابن المنذر عن مالك أنه إذا جهر في صلاة الظهر وأطال سجد، وإن لم يطل فلا شيء عليه. وعند أَحْمَد إن سجد فحسن، وإن ترك فلا بأس. وعند أَحْمَد أيضًا إذا قرأ في الأخرتين من الظهر والعصر والعشاء الأخيرة بالحمد وسورة ساهيًا، أو صلى على النبي في التشهد الأول، أو دعا فيه بما يدعو به الأخير، أو قرأ في موضع تشهده أو ركوعه أو سجوده أو تشهد في موضع قيامه، أو قال في

ركوعه سمع الله لمن حمده ونحو ذلك سجد للسهو. وعنه رِوَايَة أخرى أنه لا يسجد، وبها قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يسجد لترك تكبيرات الخفض والرفع والتسبيح في الركوع والسجود وقول سمع اللَّه لمن حمده، ربنا لك الحمد. وعند أَحْمَد يسجد. وعند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ إن ترك التشهد الأول ودعاء القنوت سجد للسهو، وإن ترك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير سجد للسهو، واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه الشاشي إن جهر في موضع الإسرار سجد سجدتين بعد السلام، وإن أسرَّ في موضع الجهر سجد قبل السلام، ونقل عنه صاحب المعتمد أن من جعل مكان سمع الله لمن حمده، الله أكبر رجع إليه، فإن لم يرجع سجد للسهو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ترك من الصلاة المفروضة ما هو مسنون متعمدًا لم تبطل صلاته، إلا إذا تركه استخفافًا، وبه قال بعض أصحاب النَّاصِر وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم أنها تبطل بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أهل العلم أنه إذا اجتمع عليه في صلاته سهوان أو أكثر كفاه للجميع سجدتان. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن كانا من جنس واحد تداخلا، وإن كانا من جنسين لم يتداخلا. وعند ابن أبي ليلى وداود يسجد لكل سهو سجدتين. وعند أبي حرام وابن الْمَاجِشُون إن سها سهوًا مختلفًا سجد لكل سهو منه سجدتين، إحداهما قبل السلام، والثانية بعد السلام. وعند الزَّيْدِيَّة إن سها الإمام سجد المأموم مرتين، مرة لسهوه ومرة لسهو الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وكافة العلماء وزيد بن علي والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة والمؤيد منهم إذا سها خلف الإمام فلا سجود عليه، وإن سها إمامه سجد معه. وعند مَكْحُول أنه يقوم عن قعود مع الإمام ويسجد سجدتي السهو، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وإحدى الروايتين عن أَحْمَد إذا لم يسجد الإمام سجد المأموم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والنَّخَعِيّ وعَطَاء والقاسم وحماد والثَّوْرِيّ لا يسجد، وهو قول الْمُزَنِي وأبي حفص بن الوكيل الشَّافِعِيّين، والرِوَايَة الأخرى عن أحمد، وبه قال زيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أهل العلم إذا سها الإمام ثم لحقه مسبوق فأحرم بعده لزم

المأموم حكم سهو الإمام، فإذا سجد الإمام لسهوه لزم المأموم متابعته في السجود. وعند ابن سِيرِينَ لا يلزمه السجود معه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سلَّم الإمام قبل أن يسجد، ثم سجد الإمام بعد الصلاة، قام المأموم إلى ما بقي من صلاته ولم يتابع الإمام في سجود السهو. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه متابعته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلَّى المغرب أربع ركعات ساهيًا سجد للسهو وأجزأته صلاته. وعند قتادة والْأَوْزَاعِيّ يضيف إليها أخرى كيلا تكون شفعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سها في سجود السهو فلا سهو عليه. وعند قتادة عليه السهو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك مأموم الإمام بعد الرفع من الركوع فإنه يحرم ويتبعه فيما بقي من الركعات بين السجدتين، ولا يحتسب له بها، فإذا فرغ الإمام أتى بما بقي عليه من الركعة، ولم يسجد لذلك السهو. وعند ابن عمر وابن الزبير وأبي سعيد الخدري وعَطَاء وطاوس يمجاهد وإِسْحَاق أنه يسجد للسهو في آخر صلاة نفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا صلى الظهر خمسًا ناسيًا سجد للسهو وأجزأته صلاته. وعند طائفة يضيف إليها ركعة فتصير ستًا فيكون ظهره أربعًا، وركعتين بعدها، وكذلك الصبح إن صلاها ثلاثًا أضاف إليها رابعة فتصير ركعتين فرضًا وركعتين تطوعًا، ويسجد للسهو وهو جالس. وعند حماد إن لم يكن جلس في الرابعة أضاف إليها ركعة فتصير ستًا ويسلم، ويستأنف الصلاة. وعند الثَّوْرِيّ إذا لم يجلس في الرابعة فالمستحب أن يعيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن جلس قدر التشهد أضاف إليها ركعة وتشهد وسجد سجدتين ثم يسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سجود السهو سنة وليس واجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد هو واجب، وليس بشرط في صحة الصلاة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك إن كان لنقصان فهو واجب، وإن كان لزيادة فليس بواجب. وعند أَحْمَد وداود هو واجب بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وأكثر الفقهاء من أهل المدينة كيَحْيَى بن سعيد أن محل سجود

السهو قبل السلام، سواء كان لزيادة أو نقصان، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة والنَّاصِر أيضًا في رِوَايَة عنه. وعند مالك وابن الْمَاجِشُون والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي وَأَحْمَد في رِوَايَة أنه إن كان السهو لنقصان فمحله قبل السلام، وإن كان لزيادة فمحله بعد السلام، وهو قول قديم للشافعي أيضًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وجعفر، وقال النَّاصِر أيضًا: إن سجد بعد السلام مطلقًا فجائز. وعند أبي حَنِيفَةَ وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والحسن البصري والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ والحسن بن صالح وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وأنس بن مالك وابن الزبير وابن عَبَّاسٍ وعمار أن محلهُ بعد السلام، سواء كان لزيادة أو نقصان. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق لا يسجد قبل السلام إلا في المواضع التي لم يرد فيها الأثر وفي سائر المواضع التي ورد فيها الأثر يسجد على ما ورد به الأثر، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع عليه سهوان، سهو زيادة وسهو نقص، قال الشَّافِعِيّ: يسجد قبل السلام سجدتين لا يزيد عليهما، وصححه أصحابه، وقطع به المتولى من أصحابه. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يسجد بعد السلام سجدتين، وبه قطع البندنيجي من أصحابه، وهو قول مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي لا يزيد على سجدتين بعد السلام للنقصان، وتصير الزيادة كأن لم تكن. وعند الْأَوْزَاعِيّ والْمَاجِشُون يسجد أربع سجدات اثنتين قبل السلام واثنتين بعده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سلم ناسيًا لسجود السهو، فإن ذكر على القرب سجد، وإن تطاول الفصل فلا يسجد على الجديد، ويسجد على القديم، وفي القرب والبعد قَوْلَانِ: الجديد المرجع فيه إلى العرف والعادة. والقديم القرب ما لم يقم من مجلسه، والبعد هو إذا قام من مجلسه. هذا تحقيق مذهب الشَّافِعِيّ. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ يسجد ما لم يلتفت من محرابه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يسجد ما لم يتكلم أو يخرج من المسجد. وعند مالك يسجد متى ذكره، ولو بعد شهر، فإن كان قبل السلام بنى فيما قرب من ذلك، وإن تباعد ابتدأ الصلاة. وعند أَحْمَد ما لم يخرج من المسجد فعليه أن يسجد، وإن خرج من المسجد لم يسجد. وعنه رِوَايَة يسجد وإن خرج وتباعد. وعند الحكم وابن شُبْرُمَةَ إن خرج من المسجد أعاد الصلاة. وعند أَبِي ثَورٍ إن تركه عامدًا فسدت صلاته إذا كانت قبل السلام. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر ويَحْيَى: يسجد وإن تطاولت المدة به عن مصلاه، وقال المؤيد: إن كان قريبًا من مصلاه عاد

وسجد، وإن بعد عنه فلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سجد بعد السلام فإنه يسجد ويسلم على الأصح، وبه قال مالك في رِوَايَة. والوجه الثاني يسجد ثم يتشهد ثم يسلم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك فى الرِوَايَة الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يسجد بعد السلام للزيادة كبَّر وتشهد وسلَّم، وإن قلنا يسجد قبل السلام فنسي وسجد معه كبّر وسجد وسلَّم، ولا يتشهد، وقيل: يتشهد. وعند الحسن وعَطَاء وأنس لا يتشهد ولا يسلم. وعند قتادة والحكم وحماد والنَّخَعِيّ واللَّيْث والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وابن مسعود فيهما تشهد وسلام. وعند يزيد بن عبد الله بن قسط فيهما تشهد وسلام. وعند ابن سِيرِينَ يسلم منهما ولا يتشهد. وعند عَطَاء أنه إن شاء تشهد وسلم وإن شاء ترك. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن سجد بعد السلام تشهد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سجد للسهو بعد السلام فإنه يسلم بعد سجود السهو تسليمتين. وعند النَّخَعِيّ لا يسلم إلا تسليمة واحدة، وكذا قال في صلاة الجنازة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه يسجد للسهو في صلاة النفل على الأصح. والثاني لا يسجد لذلك فيها، وهو قول ابن سِيرِينَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قام ليقضي ما فاته مع الإمام فنسي أو دخل في التطوع. فإن كان ما عمل في التطوع قليلًا رجع إلى المكتوبة فأتمها سجد للسهو، وإن تطاول بطلت المكتوبة وعليه إعادتها. وعند الحسن وحماد إذا دخل في التطوع بطلت المكتوبة واستأنف. وعند مالك الأحب أن يبتدأ به. وعند الحكم والْأَوْزَاعِيّ وأنس إن نسي ركعة من صلاة الفريضة حتى دخل في التطوع فذكر صلى بقية صلاة الفرض، ثم يسجد سجدتين وهو جالس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى أن يصلي ركعتين تطوعًا فقام منهما، فإن وصلهما حتى تكون أربعًا سجد سجدتين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يمضي فيهما، فإذا صلى أربع ركعات سجد سجدتين وهو جالس، فإن كان في صلاة الليل فقام فتذكر قبل أن يركع الثالثة رجع فتشهد وسلم ولم يسجد. وعند مالك يمضي في صلاة الليل والنهار حتى يتم الرابعة ثم يسجد سجدتين. * * *

باب الساعات التي نهى عن الصلاة فيها

باب السَّاعَاتِ التي نهى عن الصلاة فيها مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خمسة أوقات، ثلاثة نهى عن الصلاة فيها لأجل الوقت، وهو إذا طلعت الشمس حتى ترتفع قيد رمح. وعند الاستواء حتى تزول. وعند الاصفرار حتى تغرب. واثنان نهى عن الصلاة فيها لأجل الفعل، وهو ما بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر. وعند ابن المنذر لا يكره فعل النوافل بعد العصر ما لم تصفر الشمس. وعند داود يجوز فعل النوافل إلى غروب الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق أنه لا بأس بالصلاة والطواف بعد العصر وبعد الصبح بمكة. وعند الثَّوْرِيّ وَمَالِك إذا طاف بعد العصر لم يصل حتى تغرب الشمس، وكذا إن طاف بعد صلاة الصبح لم يصل حتى تطلع الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز قضاء الفوائت في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والنَّاصِر ويَحْيَى. وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز بعد الفجر والعصر خاصة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي وأبو عبد الله الداعي، وأشار إليه منهم السيد المؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعلي بن أبي طالب أن من نسي الصلاة يصليها متى ذكرها في وقت وغير وقت. وعند قوم من أهل الكوفة وأبي بكرة أن من نام عن صلاة العصر واستيقظ عند غروب الشمس لا يصليها حتى تغرب الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نذر صلاة مطلقة، أو عينها بوقت وفات جاز فعلها فى الأوقات الخمسة المنهي عن الصلاة فيها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز، وهو قول أحمد فى رِوَايَة أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزبير وابنه وعائشة وأبي أيوب والنعمان بن بشير وتميم الداري لا يحرم في هذه الأوقات فعل الصلاة الواجبة والسق وصلاة الجنازة وسجود التلاوة. وعند مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يقضي الفرائض في هذه الأوقات ولا يقضي فيها السنن، وبه قال أحمد، إلا أنه أجاز فيها ركعتي الطواف وصلاة الجنازة مع إمام الحي. واختلف عن مالك في صلاة الكسوف، وسجود القرآن في وقت النهي، وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ موافقون للشافعي على جواز فعل الصلاة التي لا سبب لها بعد صلاة الصبح. وبعد

صلاة العصر، وأما الأوقات الثلاثة فقال: لا يجوز فعل الصلوات إلا عصر يومه. وعند الزَّيْدِيَّة يكره قضاء النوافل التي لها أوقات في هذه الأوقات. وعند بعضهم لا يكره ذلك. مسألة: الظاهر من مذهب الشَّافِعِيّ أنه يكره التنفل بعد طلوع الفجر، وبه قال ابن عمر وعبد الله بن عمر وابن المسيب والنَّخَعِيّ وأبو حَنِيفَةَ. والوجه الثاني في مذهب الشَّافِعِيّ لا يكره، وبه قال مالك. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن من صلى ركعتي الفجر كره له التنفل وبه قال كافة العلماء وأبو حَنِيفَةَ. والوجه الثاني لا يكره التنفل بعدهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره التنفل بما لا سبب لها يوم الجمعة عند استواء الشمس لمن حضر الجامع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وجماعة من الصحابة والتابعين لا يكره التنفل فى أوقات النهي بمكة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَمَالِك والثَّوْرِيّ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يكره التنفل بالصلاة بعد طلوع الشمس قدر رمح إلى زوالها. وعند الْإِمَامِيَّة يحرم التنفل بها في هذا الوقت، إلا في يوم الجمعة خاصة. * * *

باب صلاة الجماعة

باب صلاة الجماعة مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن الجماعة فرض على الكفاية، وبه قال أبو عبد اللَّه الداعي من الزَّيْدِيَّة. والوجه الثاني أنها سنة: وبه قال أكثرهم، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد المؤيد وبمذهب الشَّافِعِيّ قال الثَّوْرِيّ وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وإِسْحَاق وسائر الفقهاء. وقال الْأَوْزَاعِيّ وعَطَاء وَأَحْمَد وأبو ثور وداود وابن المنذر: الجماعة فرض على الأعيان، وليست شرطًا فيها. وقال بعض أهل الظاهر الجماعة شرط في الصلاة، ولا تصح صلاة المنفرد، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقيمت الصلاة وحضر العَشاء، وكانت نفسه تتوق إليه بدأ بالطعام وأكل منه قدر ما يسد به نفسه، وإن لم تتق نفسه إليه بدأ بالصلاة. وعند مالك يبدأ بالصلاة، إلا أن يكون الطعام خفيفًا. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وابن عمر يبدأ بالطعام بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق أنه يستحب للنساء الجماعة في الصلوات التي يسن لها الجماعة، إلا أنها لا تتأكد في حقهن كتأكدها في حق الرجال. وعند قتادة والنَّخَعِيّ والشعبي تكره لهن الجماعة في الفرائض، ولا تكره فى النوافل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ أنه لا بأس بحضور العجائز الجماعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره إلا الفجر والعشاء والعيدين. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن المصلي إذا خرج إلى الصلاة أن يمشي على سجية مشيه وعليه السكينة ولو فات الجماعة والتكبيرة الأولى، وبه قال زيد بن ثابت وأنس وأَبِي ثَورٍ. والثاني أنه يسرع إلى ذلك، وبه قال ابن عمر وابن مسعود والأسود ابن يزيد وعبد الرحمن بن يزيد وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك أنه لا بد من نية الجماعة في حق المأموم، ولا تفتقر إلى نية الإمام لها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد المؤيد. وعند الثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد لا تصح الجماعة حتى ينوي الإمام الإمامة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا تصح صلاة المأموم حتى ينوي الإمام أنه إمام.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر وَمَالِك أنه لا يشترط على الإمام إذا أمَّ نساءً نية إمامته لهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن أمَّ الرجل رجالاً لم يشترط نية الإمام أن يكون إمامًا لهم، وإن أمَّ نساءً لم تصح صلاتهن خلفه حتى ينوي الإمام أنه إمامهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وابن الْمُبَارَك والثَّوْرِيّ إذا كان للمسجد إمام راتب وأقيمت الجماعة كره إقامة جماعة أخرى فيه إذا لم يكن المسجد على قارعة الطريق وكان في المحلة، ويجوز في مساجد الأسواق التي تتكرر فيها الجماعات. وعند عَطَاء والحسن والنَّخَعِيّ وقتادة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وابن المنذر وأنس وابن مسعود يندب إلى إقامة جماعة بعد جماعة وإن كان للمسجد إمام راتب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز بلا أذان ولا إقامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقل المنفرد صلاة من الانفراد إلى جماعة، بأن نوى الدخول مع الجماعة في الصلاة صحت صلاته على الجديد الصحيح، واختاره الْمُزَنِي. والقديم لا يصح، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وأبي الدرداء وابن المسيب والحسن البصري والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق ومُحَمَّد بن الحسن والزُّهْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أن ما أدركه المأموم مع الإمام فهر أول صلاة المأموم فعلاً وحكمًا، واختاره ابن المنذر. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الصحيحة ما أدركه مع الإمام فهو آخر صلاته، وما يقضيه بعد سلام الإمام فهو أول صلاته حكمًا وآخرها فعلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه لا يحتاج إلى أن ينوي أنها أول صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد وصححه جماعة منهم. وعند النَّاصِر ويَحْيَى منهم أنه يحتاج إلى ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وحذيفة وأنس بن مالك أن المصلي إذا صلى صلاة ثم أدركها في جماعة استحب له أن يعيدها مع الجماعة، سواء صلى الأولى منفردًا أو في جماعة، إلا أن حذيفة وعليًا وأنسًا قالوا في المغرب: إذا أعادها وسلم الإمام أضاف إليها أخرى ويسلم، وبه قال أَحْمَد وسعيد بن جبير وابن المسيب والزُّهْرِيّ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ. وعند الشَّافِعِيّ لا يضيف إليها أخرى. وعند الحسن البصري وأَبِي ثَورٍ أنه يعيد الصلوات كلها إلا الصبح والعصر، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند ابن مسعود ومالك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وابن عمر وأبي مجلز وأبي مسعود وأبي موسى يعيد كل

صلاة صلاَّها إلا المغرب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعيد إلا الظهر والعشاء. وعند أَحْمَد أيضًا يعيد الصبح والعصر مع إمام الحي دون غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعادها هل يسقط الفرض بالأولى والثانية تطوّع؟ أو الثانية هي الفرض أو يحتسب الله له بأيهما شاء؟ القول الجديد الصحيح الأول، وبه قال علي وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند الشعبي والْأَوْزَاعِيّ الجميع فرض. وعند مالك الفريضة واحدة لا يعينها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحسَّ الإمام وهو راكع بداخل يريد الصلاة فهل يكره أن ينتظره قَوْلَانِ: أحدهما يكره ذلك، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ. والثاني: لا يكره، وهو قول أَحْمَد وإِسْحَاق والشعبي، ونقله في البيان عن أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا. وعند محمد ابن الحسن أنه قال: أخاف أن أنتظره قد أُشرِك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فارق المأموم الإمام من غير عذر هل تبطل صلاته قَوْلَانِ: أحدهما تبطل، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والزَّيْدِيَّة. والثاني لا تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج نفسه من الجماعة بعذر صحت صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب، وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حضر المصلي وقد فرغت صلاة الجماعة استحب لأحدهم أن يصلي معه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب لأحدهم ذلك، بل يكره له. * * *

باب صفة الأئمة

باب صفة الأئمة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض العلماء أن الإمام إذا عجز عن القيام صلى قاعدًا، والمأموم القادر يصلي خلفه قائمًا. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وجابر ابن عبد الله وأسيد بن حضير وأبي هريرة وجماعة من الصحابة يصلي المأموم خلفه قاعدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تصح إمامة الصبي المميز العاقل للبالغين في الفرض والنفل، وكذا في الجمعة على أصح القولين. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا تجوز إمامته في الفرض، وفي النفل رِوَايَتَانِ: أحدهما وهو قول مالك والثَّوْرِيّ يجوز أن يكون إمامًا في النفل دون الفرض، وبه قال أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ. وعند ابن عَبَّاسٍ أنه لا يؤم الغلام حتى يحتلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صلَّى الكافر لم يحكم بإسلامه، سواء صلى فرادى أو في جماعة. وعند القاضي أبي الطيب من أصحاب الشَّافِعِيّ أنه إذا صلى في دار الحرب حكم بإسلامه. وعند المحاملي من أصحاب الشَّافِعِيّ أيضًا يحكم بإسلامه في الظاهر، ولكن لا يلزمه حكم الْإِسْلَام بذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا صلى في جماعة إمامًا كان أو مأمومًا حكم بإسلامه، وإن صلى مفردًا لم يحكم بإسلامه. وعند مُحَمَّد إن صلى في مسجد منفردًا حكم بإسلامه، وكذا إذا أذن حيث يؤذن مؤذن المسلمين، أو حج، أو طاف حكم بإسلامه عنده. وعند أَحْمَد يحكم بإسلامه بالصلاة بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تصح إمامة الفاسق إلا أنها تكره. وعند مالك والْإِمَامِيَّة لا تصح خلف الفاسق بغير تأويل كشارب الخمر والزاني، ومن فسق بتأويل كمن سبَّ السلف وكفَّرهم صحت الصلاة خلفه. وعند أَحْمَد لا تصح الصلاة خلف الفاسق على أصح الروايتين. وعند الزَّيْدِيَّة لا تصح صلاة الفاسق خلف الفاسق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تكره الصلاة خلف ولد الزنا، وخلف من لا يعرف أبوه وتصح خلفه. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وكذا مالك في رِوَايَة أنه لا يكره، واختاره ابن المنذر، وبه قالت عائشة. وعند الْإِمَامِيَّة تكره الصلاة

خلفه ولا تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا تكره الصلاة خلف الأبرص والمجذوم والمفلوج، وخلف كل ذي عاهة، وعند الْإِمَامِيَّة تكره الصلاة خلفهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجوز إمامة المرأة للرجال ولا للخناث. وعند الْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ ومُحَمَّد بن جرير الطبري يجوز أن تؤم الرجال في التراويح إذا لم يكن قارئ غيرها وتقف خلف الرجال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن عباس، ومن التابعين الحسن والنَّخَعِيّ وابن جبير، ومن الفقهاء الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ أنه إذا صلى الجنب أو المحدث بقوم بطلت صلاته، علم بحدثه أو لم يعلم، ولا تبطل صلاة من خلفه إذا لم يعلموا. وعند أَحْمَد إن كان عالمًا بحدث نفسه أعادوا بكل حال، وإذا لم يعلم ثم علم بعد الفراغ أعاد الإمام خاصة، وفي أثناء الصلاة يعيد هو، وفي إعادتهم رِوَايَتَانِ. وعند مالك إن علم بحدث نفسه أو جنابته بطلت صلاته وصلاة من خلفه، وإن لم يعلم بذلك بطلت صلاته، ولا تبطل صلاة من خلفه، وقيل هذا قول للشافعي، وليس بمشهور. وعند الشعبي وابن سِيرِينَ وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ تبطل صلاته وصلاة من خلفه. وعند عَطَاء إن كان جنبًا صحت صلاة من خلفه، وإن كان محدثًا أعادوا في الوقت، فإن خرج لم يعيدوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر الصحابة والتابعين والفقهاء يجوز أن يصلي المتوضئ خلف المتيمم، لكن تكره. وعند علي بن أبي طالب وقوم آخرين لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمحبوس والمربوط في الجذع والمصلي بالإيماء للعري والمتيمم ومن يطلب مكانًا يتأتى السجود له فعليه الصلاة في أول الوقت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيد المؤيد. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يصلون إلا في آخر الوقت حتى قالوا: المريض لا يصلي قاعدًا إلا في آخر الوقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يستطع الإمام القيام صلى جالسًا والمؤتم به قائمًا، وهو رِوَايَة عن مالك. والرِوَايَة الثانية عنه لا تجوز صلاة القائم خلف القاعد، وهو قول مُحَمَّد بن الحسن. وعند الْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق َوَأَحْمَد والْمُزَنِي يصلي من خلفه قعود، واختاره ابن المنذر. وعند أَحْمَد لا يؤم القادر

على القيام بالعاجز عنه إلا مع إمام الحي إذا كان يرجى بُرؤه، فإن صلى بهم إمام الحي جالسًا صلوا جلوسًا. وعند الشَّافِعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن صلوا جلوسًا بطلت صلاتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمومئ أن يؤم القاعد والقائم. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أم الأمي القارئ فثلاثة أقوال: أصحها لا تصح، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وسائر الزَّيْدِيَّة. والثاني تصح، وهو قول الثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ، واختاره الْمُزَنِي وابن المنذر ورواه عن عَطَاء وقتادة. والثالث يجوز في الصلاة السرية، ولا يجوز في الجهرية. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا صلى الأميّ بالقارئ فى أول الوقت بطلت صلاتهما جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى أميّ وقارئ خلف أميّ صحت صلاة الأميّ، وفي صلاة القارئ الأقوال المتقدمة. وعند أَحْمَد وَمَالِك تبطل صلاة القارئ وحده. وعند أبي حَنِيفَةَ تبطل صلاة الجميع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وطاوس والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل، والتنفل خلف المفترض، والمفترض خلف من يصلي غير فرضه. وعند الزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وَمَالِك ويَحْيَى الأنصاري إذا اختلفت نية الإمام والمأموم لم يجز أن يأتم به بحال. وعند الحسن وأبي قلابة يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وكذا أَحْمَد في الرِوَايَة الصحيحة يجوز للمتنفل أن يصلي خلف المفترض، ولا يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل، ولا خلف من يصلي غير فرضه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمؤيد باللَّه من الزَّيْدِيَّة يجوز للقاضي أن يأتم بالمؤدى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الأفقه أولى بالإمامة من الأقرأ. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن سِيرِينَ الأقرأ أولى واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذِن رب الدار وإمام المسجد لمن حضر معه أن يتقدم في الصلاة فله أن يتقدم. وعند إِسْحَاق لا يجوز.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة ومُحَمَّد بن أبي بكر وعروة بن الزبير لا تكره إمامة العبد للأحرار. وعند أبي مجلز وأَبِي حَنِيفَةَ تكره. وعند مالك لا يؤم في جمعة ولا عيد. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يؤم الناس، ويؤم مولاه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجوز إمامة الأعمى، وهو والبصير سواء. وروي عن ابن عباس أنه كان يؤم وهو أعمى وعتبان بن مالك وقتادة. وروي عن ابن عَبَّاسٍ أنه كان يقول: كيف أكون إمامهم وهم يعدلوا بي إلى القبلة. وعن أنس بن مالك أنه قال: وما حاجتهم إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يصلي الكاسي خلف العاري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إمامة الأعرابي جائزة. وعند أبي مجلز تكره إمامته. وعند مالك لا يؤم الأعرابي وإن كان أقرأهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صلى خلف كافر أو امرأة ولم يعلم بحالهما ثم علم أعاد الصلاة. وعند أَبِي ثَورٍ وبعض أصحاب الظاهر لا إعادة عليه. وعند الْمُزَنِي مثل قولهم في الكافر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحدث الإمام بطلت صلاته وينوي من خلفه مفارقته، ويبني على صلاته، وإن بان ذلك بعد الفراغ فلا إعادة على المأمومين. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة تبطل صلاة من خلفه. * * *

باب موقف الإمام والمأموم

باب موقف الإمام والمأموم مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من العلماء لا يكره الصف بين السواري. وعند أحمد وإِسْحَاق وجماعة من العلماء يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الفقهاء إذا كان المأموم واحدًا وقف عن يمين الإمام. وعند سعيد بن المسيب يقف عن يساره. وعند النَّخَعِيّ يقف وراءه، فإن جاء آخر وقف معه، فإن ركع الإمام ولم يجيء أحد تقدم ووقف عن يمين الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعلي بن أبي طالب وكافة العلماء إذا كان مع الإمام اثنان اصطفا خلفه. وعند ابن مسعود والنَّخَعِيّ يصطف واحد عن يمينه، وآخر عن يساره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للإمام إذا أراد تعليم المأمومين الصلاة أن يصلي على موضع مرتفع ليروه ويتعلموا صلاته. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يكره ذلك. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يجوز ذلك، فتبطل صلاتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَمَالِك يكره أن يصلي وحده خلف الصف وتصح صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الفاسم ويَحْيَى. وعند النَّخَعِيّ والحكم والحسن بن صالح بن حيي وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وجماعة من العلماء تبطل صلاته. واختاره ابن المنذر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد المؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تقدم على المأموم لم تصح صلاته على القول الجديد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، وتصح في القول القديم. وهو قول مالك وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا صلى جماعة في المسجد الحرام جاز لبعض المأمومين أن يقفوا قُدام الإمام متوجهين إلى الإمام في أصح الطريقين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والطريقة الثانية: قَوْلَانِ: أحدهما هذا. والثاني لا تصح صلاة من وقف قُدَّام الإمام مستقبلاً بوجهه إليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا لم يجد في الصف فرجة فهل يصلي وحده ولا يجذب رجلاً إليه؟ أو يجذب رجلاً إليه؟ وجهان: الأول أنه لا يجذب ويصلي وحده

وهو المنصوص، وقول القاضي أبي الطيب وابن الصباغ من الشَّافِعِيَّة وَمَالِك وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق. والثاني يجذب، وهو قول الشيخ أبي حامد والمحاملي وسليم الرازي من الشَّافِعِيَّة وعَطَاء والنَّخَعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وقفت امرأة في الصف بين الرجال لم تبطل صلاتها ولا صلاة واحد منهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل من على يمينها وشمالها ومن خلفها من المأمومين ولا تبطل صلاتها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر بالله. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تبطل صلاتها أيضًا، وهو الأولى من مذهب النَّاصِر. وعند داود تبطل صلاتها خاصة. وعند أبي بكر الحنبلي تبطل صلاة من يليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت وابن مسعود وزيد بن وهب إذا ركع دون الصف ومشى إلى الصف كره له ذلك وأجزأته صلاته. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ إن كان قريبًا من الصفوف فعل، وإن كان بعيدًا لم يفعل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأنس إذا كان مع الإمام رجل وامرأة جعل الرجل عن يمينه والمرأة من خلفه. وعند الحسن البصري يصلون متواترين بعضهم خلف بعض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا افتتح الصلاة منفردًا ثم صار إمامًا لم تبطل صلاته. وعند أَحْمَد في رِوَايَة تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا صلى في الصحراء اعتبر أن يكون بين الإمام وبين المأموم في الصف الذي يليه ثلاث مائة ذراع فما دون، فإن كان أكثر من ذلك لم تصح صلاة المأموم. وعند عَطَاء والحسن البصري والنَّخَعِيّ يجوز له أن يأتم به إذا علم بصلاته، قريبًا كان أو بعيدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا كان بينه وبين الإمام حائل يمنع المشاهدة والاستطراق، كحائط المسجد لم يجز الائتمام به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز الائتمام به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بين المأموم وبين الإمام، أو بين الصفوف وبين آخر الصفوف طريق أو بئر لم يمنع صحة الائتمام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يمنع، وهو قول الفوراني من الشَّافِعِيَّة. وعند مالك إذا لم تمنعهم رؤية الصفوف وسماع التكبير جاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في سفينة الفرض صلى قائمًا، إلا أن يخاف دوران

الرأس والغرق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يصلي قاعدًا بكل حال. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في سفينة بإمام في سفينة أخرى ولا حائل بينهما يمنع الاستطراق والمشاهدة وكانتا متصلتين صح، وكذا إذا كانتا منفصلتين وبينهما ثلاث مائة ذراع أو أقل صح ذلك على قول أكثر الشَّافِعِيَّة. وعند أبي سعيد الإصطخري منهم لا تصح، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يصلي في داره بصلاة الإمام إذا لم تتصل الصفوف بداره. وعند مالك يجوز إلا في الجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صلى في بيته بصلاة الإمام وهو لا يرى الإمام، ولا يرى من خلفه لأجل الحائط لم تصح صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح ما لم يكن بينهما طريق. * * *

باب صلاة المريض

باب صلاة المريض مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عجز عن الركوع لعلة في ظهره، ولم يعجز عن القيام لم يسقط عنه القيام، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يسقط عنه فرض القيام. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه صاحب البيان والمعتمد أنه بالخيار إن شاء صلى قائمًا، وإن شاء صلى قاعدًا، ونقل عنه الشاشي أنه سقط عنه فرض القيام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد والداعي وأبو طالب ويَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في كيفية الجلوس إذا أراد أن يصلي قاعدًا قَوْلَانِ: أحدهما يصلي متربعًا، وروى ذلك عن ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأنس، وهو قول مالك واللَّيْث والثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومحمد، وحكاه الحسن بن زياد عن أَبِي حَنِيفَةَ، وقال: إذا أراد أن يركع ثنى رجله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيد. والثاني يصلي مفترشًا وهو قول زفر، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وحكى عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه يجلس كيف شاء. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا لم يستطع أن يصلي قاعدًا في كيفية اضطجاعه وجهان: أصحهما وهو المنصوص نص عليه يكون على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع صلى مستلقيًا ورجلاه إلى القبلة، وروى ذلك عن عمر ورِوَايَة عن ابن عمر، وهو قول أَحْمَد وَمَالِك والثَّوْرِيّ في رِوَايَة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره منهم المؤيد. والثاني يصلي مستلقيًا ورجلاه إلى القبلة، وبه قال ابن عمر والثَّوْرِيّ في إحدى الروايتين عنهما والْأَوْزَاعِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى وأبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا عجز عن الإيماء ولم يمكنه تحريك لسانه عند القراءة وعقله معه نوى الصلاة وعرض القراءة على قلبه ونوى، وكذا يعرض سائر أفعال الصلاة على قلبه، وينويها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره منهم المؤيد. وعند أبي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى يسقط عنه فعل الصلاة في هذه الحالة. ونقل ابن الصباغ وصاحب المعتمد والدر الشفاف والغزالي والزَّيْدِيَّة خلاف أَبِي حَنِيفَةَ

وصاحبيه فيما إذا لم يستطع أن يومئ برأسه في الركوع والسجود، قالوا: فإنه عند الشَّافِعِيّ يومئ بطرفه وحاجبيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا تجب عليه الصلاة في هذه الحالة، وما حكوه عن أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه في هذه الحالة لا يصح عنهم، وإنما خلافهم فى الحالة التي ذكرناها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كانت السفينة سائرة لم يسقط القيام عن المصلي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط عنه القيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك وأكثر أهل العلم إذا افتتح الصلاة قاعدًا ثم قدر على القيام لزمه وبنى على صلاته. وعند مُحَمَّد تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا افتتح الصلاة مومئًا، ثم قدر على القيام والقعود لزمه الانتقال إليهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والزَّيْدِيَّة تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا افتتح العريان الصلاة ثم قدر على السترة ستر وبنى على صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تبطل صلاته. مسألة: الذي يجيء على أصل الشَّافِعِيّ أنه إذا كان بعينه رمد، فقيل له: إن صليت مستلقيًا أمكن مداواتك فلا يجوز له ذلك، وهو قول مالك والْأَوْزَاعِيّ. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز له ذلك، وهو قولٌ لبعض الشَّافِعِيَّة. * * *

باب صلاة المسافر

باب صلاة المسافر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يترخص بشيء من رخص السفر في سفر المعصية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والْمُزَنِي يجوز له الترخص بجميع الرخص، حتى لو خرج مع الحاج ليسرقهم ولا ينوي حجًّا ولا عمرة جاز له أن يترخص، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك له أن يأكل الميتة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أنه لا يشترط في القصر الخوف. وعند داود وأهل الظاهر والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يشترط ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أهل العلم أنه يترخص في السفر المباح والطاعة كما يترخص في السفر الواجب. وعند ابن مسعود لا يجوز قصر الصلاة إلا في السفر الواجب وعند عَطَاء لا يجوز القصر إلا في سفر الطاعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأكثر أهل العلم لا يجوز القصر في أقل من مسيرة يومين، وهو ستة عشر فرسخًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الباقر. وعند ابن مسعود وسويد بن علقمة وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والحسن بن صالح بن حُيي لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل، وهي أربعة وعشرون فرسخًا، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي والسيد المؤيد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة أقل المسافة أربعة فراسخ، منهم القاسم ويَحْيَى وَأَحْمَد بن عيسى. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأنس يقصر في مسيرة يوم. روى الْأَوْزَاعِيّ عن أنس أنه كان يقصر في خمسة فراسخ. وعند الزُّهْرِيّ وابن عمر يقصر في مسيرة يوم تام، وهو ثلاثون ميلاً. وعند قبيصة بن ذؤيب وهانئ بن كلثوم وعبد الله بن محيريز يقصر فيما بين الرملة وبيت المقدس. وعند داود وأهل الظاهر يقصر في طويل السفر وقصيره مع الخوف، ولا يقصر مع الأمن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وداود وعثمان وسعد بن أبي وقاص وعائشة وابن عمر وابن عَبَّاسٍ القصر رخصة، وهو بالخيار إن شاء قصر، وإن شاء أتم، إلا أن القصر أفضل إذا كانت المسافة ثلاثة أيام. وعند الْإِمَامِيَّة يقصر في بريدين، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاث أميال، فالجملة أربعة وعشرون ميلاً. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ

وصاحبيه وبعض أصحاب مالك وطائفة من العلماء وعمر وعلي وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة القصر عزيمة لا يجوز التمام، حتى قال أبو حَنِيفَةَ: إذا صلى أربع ركعات، فإن جلس للتشهد الأول أجزأته الركعتان الأولتان، وإن لم يجلس للتشهد أعاد الصلاة. وعند الحسن بن حيي إذا صلى أربعًا متعمدًا أعاد إذا كان منه الشيء اليسير، فإذا طال ذلك في سفره وكثر لم يعد. وعند حماد إذا صلى أربعًا أعاد. وعند الْإِمَامِيَّة تجب عليه الإعادة وإن كان متعمدًا على كل حال، وإن كان أتم ناسيًا أعاد ما دام في الوقت، وبعد خروج الوقت لا إعادة عليه. وهذا الكلام مبهم يقرب مما قاله الحسن بن حيي وحماد. وعند الحسن البصري إذا افتتح الصلاة على أنه يصلي أربعًا أعاد، وإن نوى أن يصلي أربعًا بعد أن افتتح الصلاة بنية أن يصلي ركعتين ثم بدا له وسلم في الركعتين أجزأته صلاته. وعند مالك إذا صلى المسافر أربعًا فإنه يعيد ما دام في الوقت، فإذا مضى الوقت فلا إعادة عليه، وقال: لو أن مسافرًا افتتح المكتوبة ينوي أربعًا، فلما صلى ركعتين بدا له فسلم أنه لا يجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وزيد بن علي إذا نوى السفر لم يجز له القصر حتى يفارق بنيان البلد أو القرية التي يسكنها. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما أن يفارق بنيان بلده، ولا يحاذيه عن يمينه ولا عن يساره منه شيء. والثانية أن يكون من المصر على ثلاثة أميال. وعند عَطَاء له أن يقصر وإن لم يخرج عن بيوت القرية. وحكى أن الحارث بن رَبِيعَة أراد سفرًا فصلى بهم ركعتين في منزله وفيهم الأسود بن يزيد وغير واحد من أصحاب عبد الله بن مسعود. وعند قتادة إذا جاوز الجسر أو الخندق قصر. وعند مجاهد إن خرج نهارًا لم يقصر إلى الليل، وإن خرج ليلاً لم يقصر إلى النهار. واختلفت الزَّيْدِيَّة في ذلك، فقال النَّاصِر: يقصر إذا خرج من وطنه ميلاً، وقال السيد المؤيد عن يَحْيَى: يقصر إذا توارى تفاصيل بيوت أهله لا جملته. وعند النَّاصِر الأقرب أن له القصر وإن تجاوز البينان بقدر الميل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للبلد الذي يقصده طريقان يقصر في أحدهما لطوله دون الآخر، فسلك الأبعد لا لغرض سوى القصر، فإنه يجوز له القصر في أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد واختاره الْمُزَنِي. والقول الثاني لا يقصر، واختاره أبو إِسْحَاق المروزي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ملاح السفينة له القصر، وإن كان ماله وأهله

وولده فيها. وعند أَحْمَد والحسن وإِسْحَاق وعَطَاء وأبي أيوب لا يجوز له القصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان سفره مسيرة ثلاثة أيام كان القصر أفضل من الإتمام على أحد القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد. والقول الثاني الإتمام أفضل، وبه قال الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى الكافر والصبي السفر إلى مسيرة ثلاثة أيام، فسارا يومين فأسلم الكافر وبلغ الصبي جاز لهما أن يقصرا فيما بقي من سفرهما. وعند بعض أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ لا يقصر دون الصبي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز له القصر حتى ينويه عند الإحرام بالصلاة. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يفتقر إلى نية القصر، لأن القصر عنده عزمة. وعند الْمُزَنِي لا يختص القصر بأول الصلاة، بل يجوز أن ينويه في أثنائها. وعند المغربي من أهل الظاهر يجوز له القصر وإن نوى الإتمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ائتم المسافر بمتم في جزء من صلاته لزمه الإتمام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق وزيد ابن علي. وعند طاوس والشعبي وإِسْحَاق يجوز له القصر. وعند مالك والحسن وقتادة والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ إن أدرك ركعة لزمه التمام، وإن كان دونها لم يلزمه التمام. وعند المؤيد من الزَّيْدِيَّة له الاقتداء، إلا أنه يسلم من ركعتين. وعند القاسم ويَحْيَى منهم لا يجوز له الائتمام بالمتم إلا فيما يتفق فيه فرضاهما كالمغرب والفجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى إمام بمسافرين ومقيمين، فأحدث واستخلف مقيمًا لزم المسافرين الإتمام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمهم الإتمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا دخل المسافر في صلاة المقيم ثم أفسدها وزاد، وقضاها في سفره أو حضره فعليه أن يتمها أربعًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصليهما قصرًا. وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي والقاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان بن عفان واللَّيْث وسعيد بن المسيب في رِوَايَة ومالك وأَبِي ثَورٍ إذا نوى المسافر أن يقيم في بلد أربعة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج انقطعت رخص سفره، فيتم الصلاة ولا يقصر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا نوى إقامة خمسة عشر يومًا مع اليوم الذي يدخل فيه واليوم الذي يخرج فيه أتم الصلاة، ولا يجوز له القصر، وإن نوى دون ذلك قصر، وهي إحدى الروايات عن ابن عمر،

واختاره الْمُزَنِي. وعند سعيد بن جبير واللَّيْث أنه إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يومًا أتم الصلاة، وإن نوى دون ذلك قصر. وعند علي وابن عَبَّاسٍ والحسن بن صالح بن حيي والْإِمَامِيَّة إن نوى إقامة عشرة أيام أتم، وإن نوى دون ذلك قصر. وعند رَبِيعَة إن نوى إقامة يوم وليلة أتم الصلاة، وإن نوى دون ذلك قصر. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن نوى إقامة اثني عشر يومًا أتم، وإن نوى دون ذلك قصر، وهي الرِوَايَة الثالثة عن ابن عمر. وعند إِسْحَاق إن نوى إقامة سبعة عشر يومًا أتم، وإن نوى دون ذلك قصر، وهي رِوَايَة أخرى عن ابن عباس. وعند أَحْمَد إن نوى إقامة مدة يفعل فيها أكثر من عشرين صلاة أتم، وهذا قريب من مذهب الشَّافِعِيّ، واختاره ابن المنذر. وعند الحسن البصري إذا دخل المسافر البلد أتم الصلاة. وعند عائشة إذا وضع المسافر رحله أتم الصلاة، سواء كان في البلد أو خارجًا منه. وعند سعيد بن المسيب رِوَايَة ثانية كقول الثَّوْرِيّ، وثالثة إذا وطنت نفسك بأرض أكثر من ثلاث فأتم الصلاة. ورابعة إذا أقام المسافر ثلاثًا أتم الصلاة. وفي الترمذي: أن أهل العلم أجمعوا على أن للمسافر أن يقصر ما لم يجمع إقامة، وإن أتى عليه سنون. قلت: وفي دعوى الإجماع هنا نظر، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من كان سفره أكثر من حضره كالملاَّحين والجمَّلين ومن جرى مجراهم أن لهم القصر. وعند الْإِمَامِيَّة لا قصر لهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا نوى إقامة في صلاته أتمها ولا يستأنفها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي ويَحْيَى. وعند أبي عبد الله الداعي منهم عن يَحْيَى أنه يستأنف الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الصحابة إذا نوى الإقامة في موضع لا يصلح للإقامة كمفازة من الأرض كان، كما لو نوى الإقامة في بلده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه الإتمام، وهو قول ضعيف للشافعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك المسافر قرية فأقام بها أربعة أيام من غير نية الإقامة لم يكن له أن يقصر بعدها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقصر ما لم ينو الإقامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاتته صلاة في الحضر فقضاها في السفر أتم. وعند الحسن رِوَايَة كذلك. وعنه رِوَايَة أنه يقصرها. وعند الْمُزَنِي أنه يقصرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاتته صلاة في السفر فقضاها في الحضر فقَوْلَانِ: القديم:

له قصرها، وهو قول الحسن وَمَالِك وحماد والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. والجديد يتمها، وهو قول الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وداود وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إن فاتته صلاة السفر المقضية في السفر يقضيها مقصورة على أصح القولين، وهو قول مالك. والقول الثاني يقضيها تامة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الصحيح إذا سافر بعد دخول وقت الصلاة جاز له القصر، ومقابله أنه إذا سافر وقد بقي من وقت الصلاة قدر الصلاة لم يكن له القصر، وهو قول أحمد، وكذا الْمُزَنِي في رِوَايَة عنه، والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن بقى قدر ركعة أو أكثر فسافر صلى قصر، وإن لم يبق هذا القدر أتم القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل بلدًا لينجز حاجةً ونوى أنه متى نجزت رحل، فله القصر إلى سبعة عشر يومًا أو ثمانية عشر يومًا في أحد القولين. والقول الثاني: يقصر أيضًا، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأكثرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى المحارب إقامة أربعة أيام أو أكثر فقَوْلَانِ: القديم يقصر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. والجديد يتم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى القصر، ثم نوى الإقامة أو الإتمام في أثناء الصلاة انقطع سفره، ولزمه الإتمام ولزم من خلفه متابعته. وعند مالك لا يجوز فيه الإتمام، ولا يلزم المأمومين الإتمام. وإن لزم الإمام بنية الإقامة بل يقصرون. والأولى عنده إذا نوى الإقامة. وقد صلى ركعة أن يضيف إليها ركعة أخرى ويجعلها نافلة ويسلم ويستأنف صلاة مقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى القصر، ثم نوى الإتمام لزمه الإتمام ولا يجوز له القصر. وعند مالك لا يجوز له الإتمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى القصر فسها فصلى أربعًا أجزأته صلاته وسجد للسهو. وعند بعض المالكية لا تجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نزل المسافر في طريقه على أهله وماله لم يلزمه الإتمام إلا أن ينوي الإقامة أربعة أيام. وعند ابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد أنه يلزمه الإتمام. وعند الزُّهْرِيّ إذا مر بمزرعة له في سفره أتم صلاته. وعند مالك إذا مر بقرية فيها أهله وماله أتم صلاته إذا أراد أن يقيم فيها يومه وليلته.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى خلف من لا يدرى أمقيم هو أو مسافر لزمه الإتمام وإن قصر إمامه، وإن فسدت صلاته لزمه الإتمام أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه الإتمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذ ائتم مسافر بمقيم ثم أفسد صلاته لزمه الإتمام وعند الثَّوْرِيّ لا يلزمه الإتمام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أفسد الإمام صلاته عاد المسافر إلى حاله. وعن أَبِي ثَورٍ رِوَايَتَانِ: إحداهما يتم. والأخرى يقصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي موسى ومعاذ بن جبل وجابر بن سمرة يجوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما في السفر الطويل، وبه قال المؤيد باللَّهِ من الزَّيْدِيَّة. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ ومَكْحُول وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وبعض الزَّيْدِيَّة لا يجوز الجمع بين الصلاتين في السفر بحال، ويجوز لأجل النسك في عرفة ومزدلفة لا غير، واختاره الْمُزَنِي. وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يجوز ذلك للمعذور، كالخائف والمريض والمشتغل بالطاعات. وعند أبي طالب منهم يجوز أيضًا للمشتغل بالمباحات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز الجمع فيما ذكر في السفر القصير على أصح القولين. ويجوز في القول الثاني، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت الأول منهما في الحضر وفي المطر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي لا يجوز. وعند مالك وَأَحْمَد يجوز الجمع في ذلك بين المغرب والعشاء، ولا يجوز بين الظهر والعصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز الجمع في الوحل. وعند مالك وَأَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر للمرض والخوف. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز ذلك في المرض والخوف. وعند ابن سِيرِينَ يجوز في غير مرض أيضًا، واختاره ابن المنذر. وعند عمر بن عبد العزيز يجوز الجمع للريح والظلمة والخائف في الحضر. * * *

باب صلاة الخوف

باب صلاةُ الخَوفِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء صلاة الخوف ثابتة في وقتنا لم تنسخ. وعند أبي يوسف والْمُزَنِي كانت جائزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم نسخت في آخر زمانه وفي حق غيره، فلا يجوز لأحد فعلها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: لم تنسخ، وإنَّما كانت خاصة للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون من بعده، وهذا ما نقله في البيان هكذا. ونسب في المعتمد والشاشي الوجه القائل بأنها كانت خاصة للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون من بعده إلى أَبِي يُوسُفَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد صلاة الخوف جائزة في الحضر والسفر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز إلا في السفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يؤثر الخوف في عدد الركعات للصلاة. وعند ابن عَبَّاسٍ والحسن البصري وطاوس يؤثر فتكون صلاة الخوف ركعة لكل طائفة، وللإمام ركعتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجوز صلاة الخوف في القتال المحرم. وعند أبي حَنِيفَةَ تجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ تجوز صلاة الخوف في أول الوقت. وعند الزَّيْدِيَّة لا تصلي إلا في آخر الوقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود إذا كانوا في السفر وكان العدو في غير جهة القبلة، ولم يأمنوهم، وكان في المسلمين كثرة فرَّقهم الإمام فرقتين، فيجعل طائفة بإزاء العدو وفرقة تصلي معه فيحرم بهم ويصلي بهم ركعة، فإذا قام إلى الثانية نووا مفارقته وصلوا ركعة أخرى لأنفسهم وتشهدوا وسلموا، ثم ذهبوا ووقفوا بإزاء العدو، وجاءت الفرقة التي بإزاء العدو والإمام منتظرٌ لهم. فيحرمون معه ويصلي بهم ركعة، فإذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة قاموا فأتموا لأنفسهم والإمام ينتظرهم جالس، فإذا تشهدوا سلم بهم، وبهذا قال سائر الزَّيْدِيَّة، ومنهم النَّاصِر والصحيح عند النَّاصِر أنه يصلي بالطائفة الأولى ركعة، ثم يقوم ويصلي الركعة الثانية ولا يسلمون لكنهم ينصرفون إلى وجه العدو، وتأتي الفرقة الثانية ويصلي بهم الإمام ركعة ثانية، ثم يصلون باقي صلاتهم والإمام ينتظرهم جالسًا، فإذا أتموا لأنفسهم سلم الإمام بالطائفتين جميعًا.

وعند مالك وَأَحْمَد والحكم كذلك إلا في شيء واحد، وهو أنه إذا صلى الإمام بالفرقة الثانية الركعة التي بقيت عليه فإنه يتشهد بهم ويسلم، فإذا سلم أمر الطائفة الثانية يقضون ما عليهم ويسلمون لأنفسهم كالمسبوق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصلي بالطائفة الأولى ركعة، فإذا قام الإمام إلى الثانية مضت هذه الطائفة إلى وجه العدو وهم في الصلاة، وجاءت الطائفة الأخرى إلى مكان الأولى فيصلي بهم الإمام ركعة ثانية ويتشهد بهم ويسلم الإمام وحده، فإذا فرغ من السلام قامت الطائفة أو مضت إلى وجه العدو وهم فى الصلاة، ثم جاءت الطائفة إلى مكانها فأتمت صلاتها وسلمت ومضت إلى وجه العدو، وجاءت الطائفة الثانية إلى مكانها فأتمت صلاتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الصلاة مغربًا في الخوف صلى بالطائفة الأولى ركعتين وبالأخرى ركعة في أحد القولين، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه، وفي القول الثاني يصلي بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند الحسن يصلي بكل طائفة ثلاث ركعات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ والْإِمَامِيَّة والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا كان العدو في جهة القبلة افتتح الإمام الصلاة بهم جميعًا، ولا يجعلهم فرقتين، ثم يقرأون جميعا ويركع بهم، فإذا سجد الإمام سجد الذين يلونه والصف الأخير قيام يحرسون، فإذا رفع الإمام رأسه من السجدتين سجد الصف الذي حرس بعد تأخر الصف الذي يلي الإمام إلى مقام الصف الثاني ويقدم الصف الأخير مقام الصف الأول، ثم قرأوا جميعًا وركع وقام الآخرون يحرسونهم، فإذا جلس الإمام والصف الذي يليه سجد الآخرون، ثم جلسوا جميعًا فسلم بهم الإمام جميعًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة الحكم في ذلك إذا كان العدو في غير جهة القبلة من غير فرق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الصلاة في الحضر واحتاج الإمام إلى صلاة الخوف، بأن ينزل العدو على باب البلد فيخرج الناس ليقاتلوهم جاز للإمام أن يصلي بهم صلاة الخوف. وعند مالك لا يجوز. وعند أصحابه لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أيجب حمل السلاح في صلاة الخوف؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجب، وهو قول داود. والثاني لا يجب، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، وهو الصحيح وبه قالت الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا استبد الخوف وأحاط العدو بالمسلمين ولم يمكن

تفرقتهم صلوا كيف شاءوا رجالاً وركبانًا، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، ويومئون بالركوع والسجود، ولا يجوز لهم إخراج الصلاة عن وقتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز لهم تأخير الصلاة عن وقتها، فإذا زال ذلك صلوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلوا ركبانًا جاز لهم أن يصلوا جماعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز ترك القيام في صلاة الخوف. وعند مُحَمَّد إذا لم يستطع القيام لأجل الخوف جاز له أن يصلي قاعدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى ركعة راكبًا صلاة شدة الخوف، ثم أمن لم يجز له فعلها راكبًا، فإن نزل ولم ينحرف عن القبلة بنى عليها، وإن صلى ركعة على الأرض وهو آمن، ثم لحقه شدة الخوف فركب استأنف على الصحيح. وعند أَبِي ثَورٍ يبني في حال النزول والركوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأوا إبلاً أو سوادًا أو غبارًا فظنوا ذلك عدوًا، أو أخبرهم مخبر بالعدو فصلوا صلاة شدة الخوف، ثم بان أنه لم يكن عدوًا لزمهم الإعادة في أحد القولين، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، واختاره الْمُزَنِي والثاني لا تلزمهم الإعادة. * * *

باب ما يكره لبسه

باب ما يكره لبسه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم على الرجال استعمال الحرير في اللبس والجلوس عليه والاستناد إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم اللبس خاصة دون ما سواه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الصحيح يجوز لبس الثوب المخلوط من الحرير والقطن والكتان إذا كان القطن أكثر، وبه قال كافة العلماء. وعند الْإِمَامِيَّة يحل وإن كان الغالب الحرير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز لبس الحرير إذا كان سَدأة اللحمة من القطن أو الكتان، ولا يجوز إذا كانت اللحمة حرير. وروى الطحاوي عن الشَّافِعِيّ أنه أباح لبس القباء المحشو بالقز. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة إذا كان نصفه من حرير ونصفه من قطن لا تجوز الصلاة فيه. وعند جماعة منهم أنه يكره ويجزئ. وعندهم أيضًا لا يجوز للرجل أن يصلي وقد شد وسطه بمشد من حرير إلا إذا خاف من حله ولم يجد غيره. وعندهم أيضًا إذا تقلَّد مصحفًا وحمالته من حرير فلا يجوز. * * *

باب صلاة الجمعة

باب صلاةُ الجُمُعة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن عمر وأنس وعبد الله بن سمرة وعامة الفقهاء لا تجب الجمعة على المسافر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي والمؤيد. وعند الزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ إذا سمع النداء وجبت عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا أبو عبد اللَّه الداعي وأبو طالب عن القاسم ويَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك لا تجب الجمعة على العبد والمكاتب. وعند داود تجب الجمعة عليهما، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند الحسن وقتادة تجب على المكاتب وعلى العبد الذي يؤدي الضريبة دون من لم يؤد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن المسيب وَأَحْمَد وإِسْحَاق وقتادة وأَبِي ثَورٍ أنه تجب الجمعة على أهل المصر سمعوا النداء أو لم يسمعوا، ومن كان خارج المصر إذا سمع النداء من الموضع الذي تجوز فيه إقامة الجمعة وجب عليهم، وإن لم يسمعوا النداء لم تجب عليهم. وعند ابن عمر وأنس وأبي هريرة وأَبِي يُوسُفَ وأبي ثور أيضًا تجب الجمعة على من يمكنه إتيان الجمعة ويأوي إلى منزله بالليل. وعند عَطَاء تجب الجمعة على من كان من المصر على عشرة أميال. وعند الزُّهْرِيّ تجب على من كان من المصر على ست أميال. وعند رَبِيعَة ومُحَمَّد بن المنكدر تجب على من كان من المصر على أربعة أميال. وعند رَبِيعَة أيضًا أنها تجب على من إذا نودي للصلاة خرج من بيته ماشيًا أدرك الصلاة. وعند مالك واللَّيْث على ثلاثة أميال. وعند أَحْمَد أيضًا على فرسخ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي لا تجب على من كان خارج المصر، ولو كان بينه وبين المصر خطوة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند القاسم ويَحْيَى منهم يجب حضورها على من سمع النداء بلديًا كان أو قرويًا حضريًا كان أو بدويًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ إذا كانت قرية فيها أربعون نفسًا توجد فيهم شرائط وجوب الجمعة لزمهم إقامة الجمعة في مواضعهم. وعند عمر بن عبد العزيز والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث إذا كانت قرية عليها أمير جمع فيها. وعند النَّخَعِيّ والحسن وابن سِيرِينَ والثَّوْرِيّ وزيد بن علي وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وعلى لا تصح الجمعة إلا في مصر جامع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند عمر بن عبد العزيز أيضًا أي قرية اجتمع فيها

خمسون رجلاً فليصلوا الجمعة. وعند مَكْحُول إذا كانت القرية فيها الجماعة صلوا الجمعة. وعند مالك القرية التي اتصلت دورها أنه تجمع فيها الجمعة كان فيها والي أم لم يكن. وعند مالك أيضًا يجوز أداؤها في المناهل والقرى إذا كان مسجدًا يجمع فيه ويمكن أن تقوم فيه أربعة أنفس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند الزَّيْدِيَّة أيضًا إذا كان في الصحراء أو في المفازة بيت له حصيرة مثل المسجد والبيت جاز إقامتها فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ البيع يوم الجمعة بعد الزوال وقبل ظهور الإمام على المنبر مكروه، ولا يحرم. وعند الضحاك ورَبِيعَة وَأَحْمَد يحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن هذا التحريم يختص بأهل فرض الجمعة فأمَّا من لم يكن من أهل فرض الجمعة كالمسافرين أو العبيد والنساء فلا يحرم عليهم. وعند مالك يحرم عليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إن كان موضع حرّم فيه البيع ووقع فيه صح البيع. وعند مالك وَأَحْمَد وداود لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن تقام الجمعة خارج المصر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز إذا كان الموضع قريبًا منه، نحو الموضع الذي يصلي فيه العيد. وعند أَبِي ثَورٍ كسائر الصلوات إلا أن فيها خطبة فحيث ما أقيمت جاز. وعند ابن عمر وعمر بن عبد العزيز أن أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الفقهاء أنه إذا اجتمع عيد وجمعة في يوم واحد لا تسقط الجمعة بفعل العيد في حق أهل الأمصار. وعند عَطَاء والشعبي والنَّخَعِيّ تسقط الجمعة بفعل العيد. وعند أَحْمَد وابن الزبير وعمر وابن عَبَّاسٍ وعلي وعبد الرحمن السلمى أنه يسقط عنهم حضور الجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المعذور إذا صلى الظهر في أول الوقت صحت صلاته وسقط عنه الفرض، فإذا سعى إلى الجمعة وصلاها كانت له نافلة في القديم يحتسب الله بأيهما شاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا سعى إلى الجمعة بطلت صلاته. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تبطل صلاته بالإحرام بالجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه يستحب للمعذورين الجماعة في الظهر يوم الجمعة. وعند

مالك وأَبِي حَنِيفَةَ تكره لهم الجماعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زالت الشمس يوم الجمعة لم يجز له السفر إذا لم يخف فوات الرفقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له. وعند أَحْمَد يجوز له سفر الجهاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز السفر في يوم الجمعة قبل الزوال قَوْلَانِ: القديم الجواز، وهو قول عمر والزبير وأبي عبيدة بن الجراح والحسن بن صالح وابن سِيرِينَ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه. والجديد لا يجوز إذا لم يخف فوات الرفقة، وهو قول ابن عمر وعائشة وَأَحْمَد، إلا أن أَحْمَد يقول: يجوز إذا كان سفر الجهاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العدد شرط في الجمعة، ولا خلاف أنها لا تنعقد بواحد. واختلف العلماء في أقل العدد والذي تنعقد به الجمعة. فعند الشَّافِعِيّ وعمر بن عبد العزيز وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وَأَحْمَد أنها تنعقد بأربعين رجلاً والإمام محسوب منهم، ولا تنعقد بدون ذلك. وعند رَبِيعَة تنعقد باثني عشر رجلاً، ولا تنعقد بما دون ذلك. وعند عكرمة تنعقد بتسعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ ومحمد تنعقد بأربعة: إمام وثلاثة مأمومين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد عن يَحْيَى، واختاره المؤيد. وعند الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ، وكذا الثَّوْرِيّ أيضًا أنها تنعقد بثلاثة إمام ومأمومين، وهو قول قديم للشافعي أيضًا، وبه قال أبو عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة عن الهادي. وعند الحسن بن صالح أنها تنعقد بإمام ومأموم. وعند الْإِمَامِيَّة تنعقد بخمسة الإمام أحدهم. وعند مالك العدد غير معتبر، ولا حد في ذلك، وإنما يعتبر عدد تتقرى بهم قرية ويجلبهم المقام فيها والبيع والشراء. وإذا كانت قرية وفيهم سوق ومسجد انعقدت بهم الجمعة، ومنع ذلك في الثلاثة والأربعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم الإمام في الجمعة بأربعين، ثم أنفضى عنه بعضهم أتمها ظهرًا في أصح القولين، وهو قول أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن انفضوا بعد ما صلى بهم ركعة بسجدة أتمها جمعة، وإن انفضوا قبل ذلك أتمها ظهرًا. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد إذا انفضوا بعد ما أحرم أتمها جمعة وإن بقي وحده. واختلفت الزَّيْدِيَّة في ذلك، فقال النَّاصِر وأبو عبد الله الداعي عن الهادي: إن انفضوا قبل أن يقعد في آخر الصلاة بمقدار التشهد، ولم يبق معه ثلاثة أنفس بنى عليها صلاة الظهر وأتمها ظهرًا. وقال المؤيد: إذا أدركوا الخطبة وافتتحوا الصلاة ثم انفضوا صلاَّها جمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع أربعون عبيدًا ومسافرين وعقدوا جمعة بانفرادهم لم

تنعقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تنعقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن من عليه فرض الجمعة إذا صلى الظهر قبل فعل الإمام الجمعة لا تصح في أصح القولين، وهو الجديد، وبه قال مالك وإِسْحَاق وزفر، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة. والقول القديم تصح، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، وأصل القولين هل الجمعة أصل والظهر بدل عنها، أو الظهر أصل والجمعة بدل عنه؟ فيه القَوْلَانِ، وبالأول قال مُحَمَّد بن الحسن، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد بالله، وبالثاني قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يلزمه السعي إلى الجمعة، وإذا سعى إليها بطل ظهره. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يبطل بالإحرام لا بنفس السعي. وعند أبي إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة أن الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن صلاته جائزة، وإن حضر الجمعة لم ينتقض ظهره، فإذا أتى بالجمعة قال الشَّافِعِيّ: يحتسب الله له بما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك العدد مشروط في الجمعة مشروط في الخطبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة يجوز أن يخطب وحده، ثم يحضر العدد بعد ذلك ويصلي بهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من أدرك الإمام قبل الركوع في الثانية صحت له الجمعة وإن لم يسمع الخطبة، وبه قال زيد بن علي ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند عَطَاء وطاوس من لم يدرك شيئًا من الخطبة صلى الظهر أربعًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الفاسم ويَحْيَى والنَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة أول وقت جواز فعل الخطبة إذا زالت الشمس. وعند أَحْمَد يجوز فعلها قبل الزوال. واختلف أصحابه فى وقتها، فمنهم من قال: أول وقتها وقت صلاة العيد، ومنهم من قال: يجوز فعلها فى الساعة السادسة. وعند مالك يجوز فعل الخطبة قبل الزوال، ولا يجوز فعل الصلاة قبل الزوال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج وقت الجمعة قبل الفراغ منها لم يجز أن يتمها جمعة ويتمها ظهرًا، ولا يحتاج إلى تجديد النية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل صلاته، ولا تجزئه النية، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند عَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد يتمها جمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القيام في الخطبة مع القدرة شرط، فإن خطب قاعدًا مع القدرة

لم تصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد القيام ليس بشرط فيها بحال. وعند مالك القيام فيها واجب بالسنة، فإن خطب جالسًا كره له ذلك وأجزأه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي وأبو طالب عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الجلوس بين الخطبتين واجب. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد هو مستحب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في اشتراط طهارة الحدث والنجس وسترة العورة في الخطبة قَوْلَانِ: القديم لا يشترط ذلك، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد. والجديد يشترط ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أقل ما يجزئ في الخطبة الحمد للَّهِ ويصلي على نبيه ويوصي بتقوى الله، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويقرأ آيةً من القرآن، وفي الثانية يحمد الله ويصلي على نبيه ويوصي بتقوى الله، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات. وعند الْأَوْزَاعِيّ والحسن وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يجزئ ما يسمى خطبة في العادة. وعند أبي حَنِيفَةَ يجزئ في الخطبة التحميدة والتسبيحة. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما: إن هلل وسبح أعاد ما لم يصل والثانية: لا يجزئه إلا ما تسميه العرب خطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الزبير إذا صعد الإمام على المنبر استقبل الناس بوجهه وسلم عليهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يكره له هذا السلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا خطب استحب له أن يقبل على الناس بوجهه، ولا يلتفت يمينًا وشمالاً. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلتفت يمينًا وشمالاً كالمؤذن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز شرب الماء في حال الخطبة للعطش أو التبرد. وعند مالك َوَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ لا يجوز. قال الْأَوْزَاعِيّ: فإن شرب بطلت جمعته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الجمعة، وفى الثانية بعد الفاتحة سورة المنافقين. وعند مالك يقرأ في الأولى سورة الجمعة، وفي الثانية (هل أتاك حديث الغاشية). وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تتعين القراءة المستحبة فيهما، ويقرأ بما شاء. * * *

باب هيئة الجمعة والتبكير

باب هيئة الجمعة والتبكير مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة أهل العلم غسل الجمعة سنة وليس بواجب. وعند الحسن البصري وداود وأهل الظاهر هو واجب، وروي عن كعب الأحبار أنه قال: لو لم أجد في يوم الجمعة صاعًا إلا بدينار اشتريته واغتسلت به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وقت غسل الجمعة بعد الفجر فإن اغتسل قبله لم يجزئه. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا اغتسل قبل الفجر وراح عقيبه أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اغتسل بعد طلوع الفجر للجمعة وراح عقيبه إليها فقد أتى بالأفضل، وإن لم يرح عقيبه أجزأه. وعند مالك لا يجزئه إلا إذا راح عقيبه. وعند أكثر الزَّيْدِيَّة من شرط الإجزاء ألا يحدث بين الاغتسال والرواح. وعند بعضهم لا يشترط ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الغسل مسنون في حق من حضر الجمعة دون من لم يحضر. وعند أَبِي ثَورٍ مسنون في حق الجميع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يسن للمرأة الغسل إذا أرادت حضور الجمعة. وعند أَحْمَد لا يسن لأنها لا تختلط بالرجال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اغتسل للجنابة وللجمعة غسلاً واحد ونوى لهما أجزأه. وعند مالك لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نوى بغسله الجمعة عن الجنابة لا يجزئه. وعند مالك لا يجزئه في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن كل عذر يسقط الجماعة يسقط الجمعة، من وحل ومطر وغير ذلك. وعند مالك أن المطر ليس بعذر في ترك الجمعة، ورواه عنه ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وجماعة وابن عمر لا يكره الاحتباء في حال الخطبة. وعند بعض أصحاب الحديث يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ينقطع التنفل يوم الجمعة حتى يجلس الإمام على المنبر، ولا ينقطع الكلام إلا بابتداء الإمام في الخطبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا خرج الإمام. حرم

الكلام والتنفل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر في رِوَايَة لا يكره الكلام عند فراغ الإمام من الخطبة قبل اشتغاله بالصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحكم وابن عَبَّاسٍ يكره ذلك، وهي الرِوَايَة الأخرى عن ابن عمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره لمن دخل وقد ازدحم الناس أن يتخطى رقابهم، ويصلي حيث انتهى به المجلس، إلا أن لا يجد موضعًا يصلي فيه فلا يكره له التخطي، وكذلك إذا كان هناك فرجة ولا يحتاج في الوصول إليها إلا أن يتخطى الواحد والاثنين فيجوز ذلك، فإن كانوا أكثر من ذلك كره له. وعند قتادة يتخطاهم إلى مجلسه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يتخطَّاهم إلى السبعة. وعند مالك يكره له إذا خرج الإمام وقعد على المنبر فأمَّا قبل خروجه فلا يكره له. وعند ابن بطة يجوز أن يتخطاهم بإذنهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن ومَكْحُول وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا دخل والإمام يخطب فإنه يصلي ركعتين خفيفتين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد اللَّه الداعي والقاسم ومُحَمَّد بن يَحْيَى. وعند عَطَاء وابن سِيرِينَ وشريح والنَّخَعِيّ وقتادة وَمَالِك واللَّيْث بن سعد والثَّوْرِيّ وسعيد بن عبد العزيز وأَبِي حَنِيفَةَ يكره ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند أبي مجلز إن شئت ركعت، وإن شئت جلست. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن كان قد ركع في بيته لم يصلي، وإن لم يكن قد صلى في بيته ركع ركعتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يجب الإنصات عند الخطبة أو يستحب؟ قَوْلَانِ: أحدهما: وهو القديم يجب، وبه قال عثمان وابن عمر وابن مسعود وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ َوَأَحْمَد وزيد بن علي، واختاره ابن المنذر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وهو الجديد يستحب ذلك ولا يجب، وبه قال عروة بن الزبير والنَّخَعِيّ والشعبي والثَّوْرِيّ. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالقاسم وابنه مُحَمَّد ومُحَمَّد بن يَحْيَى وأبي عبد الله الداعي لا بأس بالكلام الخفى الذي لا يشغله عن سماع الخطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يرد السلام ويشمت العاطس؟ يبنى ذلك على القولين: فإن حرَّمنا الكلام لم يجز رد السلام، ولا تشميت العاطس، وهو قول مالك والْأَوْزَاعِيّ وإن أجزنا الكلام جاز رد السلام وتشميت العاطس، وهو قول الحسن والشعبي والحكم

وحماد والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند قتادة لا يشمت العاطس ويرد السلام ويسمعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا الكلام محرم في حال الخطبة حرم في حق من كان قريبًا يسمع الخطبة، ومن كان بعيدًا لا يسمعها إلا أن البعيد بالخيار إن شاء سكت، وإن شاء قرأ القرآن، فإن سبح فلا بأس. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ يؤمر بالسكوت. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا عطس حمد الله في نفسه. وعند ابن الزبير لا بأس بالكلام لمن لا يسمع الخطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قرأ الإمام في الخطبة (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ... ) الآية جاز للمستمع أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويرفع بها صوته. وعند مالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق يصلي عليه في نفسه ولا يرفع صوته، وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ السكوت أحب إليهما، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا بأس بالإشارة إلى من يتكلم في حال الخطبة، ويكره الحصب بالحصى. وعند ابن عمر من تكلم والإمام يخطب يُحصب، وربما أشار إليه. وعند طاوس تكره الإشارة إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ ومُحَمَّد وابن عمر وابن مسعود وأنس والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم إذا أدرك ركعة من الجمعة أتمها بجمعة. وإن أدرك دون الركعة أتمها ظهرًا. وعند النَّخَعِيّ والحكم وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا أدرك جزءًا من الصلاة ولو كان في سجدتي السهو أتمها جمعة. وعند عمر وعَطَاء وطاوس ومجاهد ومَكْحُول لا يدرك الجمعة إلا بإدراك الخطبتين، ومن لم يدرك الخطبتين لم يدرك الجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل مع الإمام ولم يدر أجمعة هي أم ظهر فصلى معه ركعتين لم يجزئه ذلك عن جمعة ولا ظهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا علق نيته بنية الإمام أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا زحم المأموم عن السجود، فإن أمكنه أن يسجد على ظهر إنسان أو جزء منه فعل، وإن لم يمكنه ذلك صبر حتى يزول الزحام. وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ وَمَالِك لا يجوز له أن يسجد على ظهر إنسان، بل ينتظر حتى يزول الزحام، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. وعند الحسن البصري

هو بالخيار إن شاء سجد على ظهر إنسان، وإن شاء وقف حتى يزول الزحام ويسجد على الأرض، وهو قول قديم للشافعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زال الزحام والإمام راكع فهل يشتغل بقضاء ما فاته أو يتابعه فى الركوع؟ فيه قَوْلَانِ. أحدهما لا يتابعه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ واختاره الشيخ أبو حامد. والثاني يتابعه وهو قول مالك، واختاره القفال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يكون العبد إمامًا في الجمعة إذا كان زائدًا على الأربعين. وعند مالك لا يجوز، وهو رِوَايَة عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المسافر يجوز أن يكون إمامًا في الجمعة إذا كان زائدًا على الأربعين. وعند أَحْمَد وَمَالِك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز الاستخلاف للإمام في الصلاة قَوْلَانِ: القديم لا يجوز، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة والجديد الجواز، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا خرج من المسجد قبل الاستخلاف جاز لهم أن يستخلفوا، أو يتموا فرادى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وجماعة من الزَّيْدِيَّة إذا خرج ولم يستخلف بطلت صلاتهم، سواء استخلفوا أو لم يستخلفوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صلى بقوم، ثم تأخر وقدم رجلاً جاز وعند أبي يوسف ومُحَمَّد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استخلف امرأة فلم يقتدوا بها لا تبطل صلاتهم. وعند أبي حَنِيفَةَ تبطل صلاتهم بنفس الاستخلاف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استخلف الإمام جنبًا، ثم استخلف الجنب رجلاً طاهرًا لم يجز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحدث في الصلاة قبل الركوع جاز له أن يستخلف من أحرم معه، وإن لم يكن يسمع الخطبة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ لا يجوز له أن يستخلف إلا من سمع الخطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجوز الصلاة نصف النهار يوم الجمعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد

يكره ذلك في الصيف والشتاء، وهو قول ابن الْمُبَارَك، إلا أن ابن الْمُبَارَك يقول: إذا علمت ذلك، فأمَّا إذا لم أعلم، ولا أستطيع أن أنظر فإني أراه واسعًا واسعًا. وعند عَطَاء يجوز ذلك في الشتاء دون الصيف. وعند مالك لا أثني عليه ولا أحبه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأكثر أهل العلم لا تفتقر إقامة الجمعة إلى إذن الإمام. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تقام إلا بإذن الإمام، وهو قول قديم للشافعي غير مشهور. وعند مُحَمَّد إن مات الإمام فقدم الناس رجلاً يصلي بهم الجمعة جاز ذلك، لأنه موضع ضرورة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا يُقَامُ في البلد الواحد إلا جمعة واحدة، وإن عظم. وعند أَبِي يُوسُفَ إن كان البلد جانبين، بأن كان في وسطه نهر جاز أن تقام فيه جمعتان، وإن كان جانبًا واحدًا لم تقم فيه إلا جمعة واحدة. وعند مُحَمَّد تقام فيه جمعتان، وإن كان جانبًا واحدًا. وروي عنه ثلاث جمع. وعند أَحْمَد يجوز أن تقام جمعتان وثلاث وأكثر إذا دعت الحاجة إلى ذلك كبغداد والبصرة وغيرهما. وعند عَطَاء وداود تجوز إقامة الجمعة في كل مسجد. وأهل الخلاف يذكرون أن مذهب أَبِي حَنِيفَةَ فيها كمذهب الشَّافِعِيّ، قال الشيخ أبو حامد: والذي يدل عليه كلام الشَّافِعِيّ أن مذهب أَبِي حَنِيفَةَ كمذهب محمد. مسألة: الذي يجيء على أصل الشَّافِعِيّ أن الذي يُصلى بعد الجمعة هو الذي يصلي بعد الظهر. وعند النَّخَعِيّ وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ وابن مسعود والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك يصلي أربعًا. وعند عَطَاء ومجاهد وحميد بن عبد الرحمن وعلي وابن عمر وأبي موسى يصلي ركعتين ثم يصلي أربعًا. وعند أَحْمَد إن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صلى أربعًا، وعند ابن عمر والنَّخَعِيّ رِوَايَة أخرى أنه يصلي ركعتين، وعند إِسْحَاق إن صلى في المسجد يوم الجمعة صلى أربعًا وإن صلى في بيته صلى ركعتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي والنعمان بن بشير والمغيرة بن شعبة وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن القنوت في الجمعة غير مشروع. وعند عمر بن عبد العزيز وبني أمية، وكذا النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة أنه مشروع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن لا تكره الصلاة في المقصورة. وعند الأحنف بن قيس وابن محيريز والشعبي وَأَحْمَد وإِسْحَاق يكره ذلك، إلا أن إِسْحَاق يقول: تجزئ الصلاة. وروى عن ابن عمر أنه كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى المسجد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المسافر إذا أدرك التشهد في صلاة الجمعة صلى أربعًا. وعند إِسْحَاق يصلي ركعتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك ركعة من الجمعة فذكر بعد سلام الإمام أنه فاتته سجدة فيها، سجد سجدة وأتى بثلاث ركعات، وعند أَحْمَد إن لم يكن انتقل بالثانية سجد سجدة وأضاف إليها ركعة أخرى وأجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يحرم الكلام في الخطبة فلا يجوز الكلام بين الخطبتين إذا سكت الإمام. وعند الحسن البصري لا بأس به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر في رِوَايَة لا يكره الكلام عند فراغ الإمام من الخطبة قبل اشتغاله بالصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحكم وابن عَبَّاسٍ يكره ذلك، وهو رِوَايَة عن ابن عمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مر الإمام بآية سجدة وهو على المنبر جاز له أن ينزل ويسجد على الأرض، فإن تركه كان أولى. وعند عثمان بن عفان وأبي موسى الأشعري وعمار ابن ياسر والنعمان بن بشير وعقبة بن عامر أنه ينزل ويسجد. وعند مالك أنه لا يحمل على ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ترك المسبوق مع الإمام ركعة عن الجمعة، ثم خرج الوقت فهل يتمها ظهرًا أو جمعة؟ فيه وجهان. وعند مالك يجوز أن يتبدئ الجمعة بعد خروج الوقت بناء على أصله. * * *

باب صلاة العيدين

باب صلاةُ العيدين مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن صلاة العيد سنة، وبه قال زيد بن علي والنَّاصِر والمؤيد. والوجه الثاني أنها فرض على الكفاية، وبه قال أحمد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو العبَّاس والسيد المؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ واجبة وليست بفرض، وبه قال مُحَمَّد بن القاسم من الزَّيْدِيَّة، واختاره أيضًا منهم السيد المؤيد. وعند الْإِمَامِيَّة هي واجبة على كل من وجبت عليه صلاة الجمعة وملك الشروط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأفضل أن يصلي صلاة العيد في المسجد إلا أن يضيق بالناس فيخرجوا إلى الصحراء وعند مالك الأفضل أن يصلي في المصلَّى بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحضرن العجائز صلاة العيد وصلاة الجماعة وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحضرن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وقت الغسل لصلاة العيد قَوْلَانِ: أحدهما بعد طلوع الفجر الثاني، وهو قول أحمد. والثاني يجزئه ذلك قبل طلوعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة أهل العلم أنه لا يسن الأذان والإقامة لصلاة العيد. وعند معاوية ومروان وابن الزبير وزياد أنه يسن لها، وأحدثه الحجاج. واختلف العلماء في أول من أحدث هذا، فقال سعيد بن المسيب: هو معاوية، وقال ابن سِيرِينَ: هو مروان، وقال أبو قلابة: هو ابن الزبير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعلي وابن عمر وعائشة وأبي هريرة وزيد بن ثابت وابن عَبَّاسٍ والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق واللَّيْث وداود وأهل المدينة وَمَالِك أيضًا في رِوَايَة أنه إذا فرغ من دعاء الاستفتاح كبَّر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الثانية خمس تكبيرات قبل القراءة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والداعي وأبو طالب. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي يكبر في الأولى ستًا وفي الثانية خمسًا. وعند سائر العلماء من الزَّيْدِيَّة هي ركعتان بتكبيراتها الزوائد، منفردًا كان أو مع الإمام. وعند النَّاصِر منهم يصليها بتكبيراتها الزوائد مع الإمام، وبغير تكبيرات إذا كان منفردًا، وبه قال زيد بن علي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن مسعود وأبي موسى وحذيفة والْمُزَنِي والثَّوْرِيّ يكبر ست تكبيرات، ثلاث في الأولى قبل القراءة، وثلاث في الأخرى بعد القراءة.

ونقل عن أَحْمَد موافقة الشَّافِعِيّ أيضًا. وعند سعيد بن المسيب والنَّخَعِيّ وابن عباس أيضًا والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك يكبر في الأولى تسعًا وفي الثانية تسعًا. وعند ابن عبَّاس أيضًا أنه يكبر في الأولى في الفطر سبع، منهن تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع، وفى الثانية ست تكبيرات منهن تكبيرة الركوع. وعند الْإِمَامِيَّة يكبر في الأولى تسع تكبيرات، وفي الثانية خمس من جملتهن تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع. وعند الحسن يكبر في الأولى خمس تكبيرات، وفي الأخرى ثلاث سوى تكبيرة الركوع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند جابر يكبر في الأولى أربع تكبيرات سوى تكبيرة الصلاة، وفي الثانية ثلاث تكبيرات بعد القراءة سوى تكبيرة الصلاة. وعند المؤيد من الزَّيْدِيَّة يكبر في الأولى خمسًا، وفي الثانية أربعًا. وعند الحسن رِوَايَة أيضًا أن التكبير في الأضحى والفطر واحد، يكبر في الأولى ثلاثًا غير تكبيرة الافتتاح، وفي الثانية ثلاثًا بعد القراءة منها تكبيرة الركوع. وعن على أيضًا أنه يكبر في الفطر إحدى عشرة تكبيرة، يكبر واحدة، ثم يقرأ، ثم يكبر خمسًا ويركع بإحداهن، ثم يقوم فيكبر، ثم يكبر خمسًا يركع بإحداهن، وكان يكبر في الأضحى تكبيرة واحدة التي توجب لها الصلاة، ثم يقرأ، ثم يكبر بثنتين يركع بإحداهما، ثم يقوم فيقرأ، ثم يكبر بثنتين يركع بإحداهما. وروى عنه أيضًا أنه كان يكبر في الفطر اثني عشر، وفي الأضحى خمسًا. وعند يَحْيَى ابن يعمر يكبر في الأضحى تكبيرتين في الأولى ثم يقرأ في الأخرى مثل ذلك، وفي الفطر مثل قول ابن مسعود. وعند حماد بن أبي سليمان ليس في تكبيرات العيد شيء يوقّت. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَة أخرى أن التكبير يوم الفطر، ويوم النحر تسع تكبيرات وأحد عشر وثلاثة عشر كل سُنَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتد بتكبيرة الافتتاح والركوع في جملة التكبيرات. وعند مالك يعتد في الركعة الأولى بتكبيرة الافتتاح في جملة التكبيرات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب أن يرفع يديه في كل تكبيرة من هذه التكبيرات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرفعهما إلى شحمة أذنيه. وعند مالك والثَّوْرِيّ لا يرفع يديه إلا في تكبيرة الافتتاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والزَّيْدِيَّة يقف بين كل تكبيرة بين ساعة يدعو الله ويذكره في نفسه. وسئل الْأَوْزَاعِيّ هل بين التكبيرتين شيء؟ فقال: ما علمت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكبر متواليًا ولا يقف. وعند الْإِمَامِيَّة يجب القنوت بين كل تكبيرتين.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد بن الحسن وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كبَّر تكبيرة الافتتاح قرأ بعدها دعاء الاستفتاح، ثم يأتي بالتكبيرات السبع، ثم يتعوذ بعدها قبل القراءة. وعند أَبِي يُوسُفَ يتعوذ عقيب دعاء الافتتاح. وعند الْأَوْزَاعِيّ يأتي بدعاء الافتتاح بعد فراغه من التكبيرات كلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك التكبيرات في الركعتين قبل القراءة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه القراءة في الركعة الثانية قبل التكبير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ. وعند الْإِمَامِيَّة القراءة في الركعتين قبل التكبيرات، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي تكبيرات العيد فذكرها قبل الركوع فقَوْلَانِ: القديم يأتي بها، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. والجديد لا يأتي بها، وهو قول مالك وأَبِي ثَورٍ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا أدرك المأموم الإمام وقد فاته بعض تكبيرات العيد قضى ما فاته على القديم، وكذا إذا أدركه وهو يقرأ، ولا يقضيها في قوله الجديد، وإن أدركه في حال الركوع لم يقضها قطعًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يكبر فى الركوع تكبيرات العيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي تكبيرة من تكبيرات العيد لم يسجد للسهو. وعند أبي ثور وَمَالِك يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة ب (ق)، وفي الثانية بعد الفاتحة (اقتربت الساعة). وعند مالك وعمر وأَبِي ثَورٍ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة يقرأ فى الأولى بـ (سبح اسم ربك الأعلى)، وفي الثانية بعد الفاتحة (هل أتاك حديث الغاشية). وفى رِوَايَة عن مالك يقرأ في الأولى بـ (سبح اسم ربك)، وبها قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس في صلاة العيد قراءة معينة، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أحمد، وبها قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند ابن مسعود أنه يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة من المفصَّل. وعند أبان بن عثمان يقرأ في الأولى بـ (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية (اقرأ باسم ربك). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجهر بالقراءة فيهما. وعند علي لا يرفع صوته ويسمع من بله.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وابن عَبَّاسٍ وأبي مسعود البدري والمغيرة بن شعبة وَأَحْمَد أن صلاة العيد قبل الخطبة. وعند ابن الزبير ومروان بن الحكم أنه يخطب ثم يصلي، وهو رِوَايَة عن عثمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأنس وأبي هريرة وسهل بن سعد وجابر بن عبد الله ورافع بن خديج يكره للإمام التنفل قبل صلاة العيد وبعدها، ويجوز ذلك لغير الإمام قبلها وبعدها. وعند الشعبي ومَسْرُوق والضحاك بن مزاحم والقاسم بن محمد وسالم والزُّهْرِيّ ومعمر وَمَالِك وَأَحْمَد وعلي وابن مسعود وحذيفة وابن عمر وابن أبي أوفى وجابر أيضًا لا يتنفل قبل الصلاة ولا بعدها. وفي المسجد رِوَايَتَانِ عن مالك. وعند علقمة والأسود ومجاهد وابن أبي ليلى والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ والحسن وأبي مسعود البدري يكره التنفل قبلها ولا يكره بعدها. وعند إِسْحَاق يصلي قبلها ويصلي بعدها إذا رجع إلى بيته أربعًا، ولا يصلي في الجبان شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صلاة العيد قَوْلَانِ. أصحهما: وهو الجديد يصليها المنفرد والمسافر والمرأة والعبد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى. والثاني لا تقام إلا حيث تقام الجمعة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي وَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام صلاها ركعتين وحده كصلاة الإمام. وعند أَحْمَد وابن مسعود يصلي أربعًا. وعند الثَّوْرِيّ إن شاء صلى، وإن شاء ترك، وإن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صلى أربعًا، وهي رِوَايَة أخرى عن أحمد. وعند الْأَوْزَاعِيّ يصلي ركعتين ولا يجهر فيهما، ولا يكبر كما يكبر الإمام. وعند إِسْحَاق إن صلاها في الجبان صلى ركعتين كصلاة الإمام، وإن لم يصلها في الجبان صلاها أربعًا. * * *

باب التكبير

باب التَّكبير مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة التكبير في العيدين سنة. وعند داود هو واجب في عيد الفطر. وعند النَّخَعِيّ إنما يفعل ذلك الجوَّاكون. وعند ابن عباس يكبر مع الإمام، ولا يكبر المنفرد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة لا يكبر في عيد الفطر، ويكبر في عيد الأضحى. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: هو بعد غروب الشمس من ليلة الفطر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكبر يوم الأضحى في ذهابه إلا المصلي ويجهر به، ولا يكبر يوم الفطر. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يكبر من المغرب ليلة الفطر بعدها وبعد العشاء وبعد الصبح والظهر والعصر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يكبر للفطر حين يخرج الإمام إلى أن يبتدئ الخطبة. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ لا يكبر ليلة الفطر، وإنَّما يكبر عند ذهابه إلى المصلي في العيدين جميعًا. وعند مالك أيضًا يكبر في المصلي إلى أن يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام قطع التكبير، ولا يكبر إذا رجع. وعند الْإِمَامِيَّة يجب على المصلي التكبير في ليلة الفطر، وابتداؤه من دبر صلاة المغرب إلى رجوع الإمام من صلاة العيد، فيصير التكبير خلف أربع صلوات، أولاهن مغرب الفطر، وآخراهن صلاة العيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وقت انقطاع تكبير الفطر ثلاثة أقوال: أحدها: إلى أن يظهر الإمام في المصلي. والثاني: إلى أن يحرم بالصلاة. والثالث: إلى أن يفرغ من الصلاة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما: إلى أن يفرغ من الخطبتين. والثانية: حتى يأتي المصلي ويخرج الإمام، وبها قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ التكبير في التشريق مستحب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند النَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أنه واجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في ابتداء التكبير في الأضحى ثلاثة أقوال أصحها: يبتدأ التكبير بعد صلاة الظهر يوم النحر، وآخره بعد صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، وروى ذلك عن عثمان وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عَبَّاسٍ وأبي سعيد الخدري، وهو قول مالك وعمر بن عبد العزيز. والثاني يكبر بعد المغرب من ليلة النحر إلى الصبح من آخر أيام التشريق، وهو قول الثورى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ ومحمد، واختاره ابن

المنذر،. وروى ذلك عن عمر وعلي. والثالث يكبر من بعد صلاة الفجر يوم عرفة ويقطعه بعد العصر آخر أيام التشريق. وعن أَحْمَد رِوَايَة وهي الصحيحة عنده أنه يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق، فإن كان محرمًا فمن الظهر يوم النحر. وعند علقمة والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يكبر بعد الصبح يوم عرفة إلى بعد العصر يوم النحر، وبه قال ابن مسعود في رِوَايَة، وروي عنه أيضًا إلى الظهر يوم النحر. وعند الْأَوْزَاعِيّ والْمُزَنِي ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري يكبر من الظهر يوم النحر إلى الظهر من اليوم الثالث من أيام التشريق. وعند داود والزُّهْرِيّ وسعيد بن جبير وابن عَبَّاسٍ يكبر من الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق. وعند الحسن يكبر من الظهر يوم النحر إلى الظهر من النفر الأول. وعند سفيان بن عيينة أهل منى يكبرون من الظهر يوم النحر، وأهل الأمصار يكبرون غداة يوم عرفة. واختلف القول عن أبي وائل فروى عنه مثل قول الْأَوْزَاعِيّ، وروى عنه أنه قال: يكبرون من الظهر يوم عرفة إلى الظهر من يوم النحر. وعند الْإِمَامِيَّة يجب التكبير على كل من كان بمنى في عيد الأضحى عقب خمس عشرة صلاة، أولاهن صلاة الظهر من يوم العيد، ومن كان في غير منى من سائر الأمصار يكبر عقب عشر صلوات، أولاهن صلاة الظهر من يوم العيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكبر خلف الفرائض في الأمصار، ويكبر المقيم والمسافر والرجل والمرأة، سواء صلى جماعة أو منفردًا، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند أبي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ التكبير مسنون للرجال ومن أهل الأمصار إذا صلوا الفرض في جماعة. وأما أهل السواد والقرى والمسافرون ومن صلى منفردًا فلا يكبرون. ومن صلى في جماعة فإنما يكبر عقيب السلام، فإن أتى بما ينافي الصلاة، مثل أن يتكلم، أو خرج من المسجد لم يكبر، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكبر خلف النوافل وصلاة الجنازة في أصح القولين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. والثاني لا يكبر خلفها، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وصاحباه وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي التكبير أتى به متى ذكره. وعند مالك إن ذكره قريبًا أتى به، وإن تباعد فلا شيء عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن تكلم أو خرج من المسجد يسقط التكبير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السنة في التكبير الذي يكبر به خلف الصلوات أن يقول: الله

أكبر اللَّه أكبر الله أكبر ثلاثًا أو سبعًا، وما زاد على ذلك من ذكر فهو حسن. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وابن مسعود يكبر مرتين وفي آخره مرة عند أَبِي حَنِيفَةَ، ومرتين عند أحمد. وعند ابن عَبَّاسٍ أنه يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وعند الحكم وحماد ليس فيه شيء مؤقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك مع الإمام بعض الصلاة، فإذا سلَّم الإمام لم يكبر معه وقضى ما عليه من بقية الصلاة، فإذا سلَّم كبَّر. وعند الحسن وابن أبي ليلى يكبر ثم يقضي ما عليه من بقية الصلاة. وعند مجاهد ومَكْحُول يكبر ثم يقضي ما عليه، فإذا سلَّم أعاد وكبر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد شاهدان بوفاء الثلاثين بعد الزوال أن الهلال رؤي من الليل ليلة الثلاثين وعُدِّلا بعد الزوال، فالحكم فيها واحد، فيفطر الناس في الحال، وقد فات وقت الصلاة فهل تقضى؟ فيه قَوْلَانِ: أحدهما تقضى، وهو قول مالك وأَبِي ثَورٍ وداود والْمُزَنِي. والثاني لا تقضى، وهو قول أَحْمَد وأبي العبَّاس من الزَّيْدِيَّة. وعند أبي حَنِيفَةَ تقضى في الفطر في اليوم الثاني، وفي الأضحى في اليوم الثاني والثالث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم. وعند مالك لا تصلي في غير يومها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إن أمكن جمع الناس في زمن بأن كان البلد صغيرًا جمع الناس وصلى بهم، وإن لم يمكن جمع الناس لكبر البلد أخرها إلى الغد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يؤخرها إلى الغد بكل حال. * * *

باب صلاة الكسوف

باب صلاة الكسوف مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء صلاة كسوف الشمس والقمر سنة مؤكدة ولا تقضى إذا فاتت. وعند الخفاف من الشَّافِعِيَّة هي فرض على الكفاية. وعند الْإِمَامِيَّة هي واجبة، ومن فاتته هذه الصلاة وجب قضاؤها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ السنة في صلاة الكسوف فعلها في الجماعة والإقامة، فإن فعلها منفردًا أو مسافرًا جاز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند الثَّوْرِيّ ومُحَمَّد لا يجوز فعلها منفردًا. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصلي ركعتين فرادى، وبه قال القاسم من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يسن الصلاة لخسوف القمر كما يسن لكسوف الشمس، إلا أنه يجهر في خسوف القمر ويسرّ في كسوف الشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصلي في خسوف القمر فرادى، ويكره أن يصلي جماعة. وعند مالك لا يصلي في خسوف القمر، وروي عنه مثل قول أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان وابن عَبَّاسٍ وعلي وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ واللَّيْث وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان، وفي رِوَايَة عن أَحْمَد في كل ركعة أربع ركوعات وعند الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يصلي ركعتين كصلاة الصبح، وبه قال جماعة من الشَّافِعِيَّة. وعند حذيفة أنها تصلَّى ست ركعات وأربع سجدات. وعن ابن عَبَّاسٍ كذلك فى رِوَايَة. وعند علي في رِوَايَة والحسن البصري والْإِمَامِيَّة يصلي ركعتان في كل ركعة خمس ركوعات وسجدتان. عند بعض الناس في كل ركعة ركوعان وثلاثة وأربعة، وله أن يفعل ما شاء، واختاره ابن المنذر. وعند العلاء بن زياد أنه يقوم فيكبر ويركع، وإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده نظر فإن لم تنجل قرأ ثم ركع، فإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده نظر فإن تُجلى سجد ثم شفع إليها ركعة أخرى، وإن لم تنجل لم يسجد أبدًا حتى تنجلى. وعند إِسْحَاق يصلي أربع ركوعات في ركعتين، وست ركوعات في ركعتين، وثمان ركوعات في ركعتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يسر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس، ولا

يجهر بها في كسوف القمر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند النَّاصِر والمؤيد منهم هو بالخيار فيهما، وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وعلي وعبد الله بن يزيد والبراء بن عازب وزيد بن أرقم، واختاره ابن المنذر أنه يجهر فيها بالقراءة ونقل الترمذي عن مالك موافقة أَحْمَد وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يخطب بعد فراغه من صلاة الكسوف. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد لا يخطب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره صلاة الكسوف في الوقت المنهي عنه الصلاة فيه. وعند الحسن وعَطَاء وعكرمة وابن أبي مليكة وعمرو بن شعيب وأبي بكر بن عمرو بن حزم وقتادة وأبي إسماعيل بن أبي أمية والثَّوْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يُصلي، بل يذكرون الله تعالى ويدعونه. وعند إِسْحَاق يجوز الصلاة بعد ما لم تتضيف الشمس للغروب، وكذلك بعد الفجر ما لم يطلع حاجب الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يسن هذه الصلاة لغير الكسوف من الآيات، كالزلازل والظُّلم والريح والشدة والمطر والبرد وغير ذلك، بل يكبرون ويدعون، فإن صلَّوا منفردين لئلاَّ يكونوا غافلين فلا بأس. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ يسن الصلاة لذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الصلاة لذلك حسنة. * * *

باب صلاة الاستسقاء

باب صلاة الاستسقاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعامة العلماء الاستسقاء الأكمل يكون بالصلاة والخطبة والدعاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تسن الصلاة في الاستسقاء وإنما يسن الدعاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره إخراج أهل الذمة إلى مستسقى المسلمين، فإن خرجوا لم يمنعوا، إلا أنهم لا يختلطون بالمسلمين ويكونوا متميزين. وعند مَكْحُول ويزيد بن عبد الملك لا بأس بإخراجهم للاستسقاء مع المسلمين. وعند إِسْحَاق لا نأمرهم ولا ننهاهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب ومَكْحُول وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين صلاة الاستسقاء كصلاة العيد. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وزيد بن علي. وعند الزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ َوَأَحْمَد في الرِوَايَة الثانية أنها كصلاة الصبح من غير تكبير زائد. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة أنها أربع ركعات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تسن الصلاة في الاستسقاء، وإنَّما يسن الدعاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يخطب بعد الصلاة. وعند ابن الزبير والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وعمر بن عبد العزيز واللَّيْث بن سعد وعمر بن الخطاب أنه يخطب قبل الصلاة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا تسن الخطبة بعد هذه الصلاة، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة، والرِوَايَة الثانية أن فيها خطبة واحدة. وأما الشاشي فقال: لم يذكر أَحْمَد الخطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب خطبتين يفصل بينهما بجلسة خفيفة وعند عبد الرحمن ابن مهدي يخطب خطبة خفيفة يعظهم ويحثهم على الخير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا خطب الخطبة الثانية استقبل القبلة وحول رداءه ونكسه إن أمكنه. والتحويل أن يجعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر ويجعل ما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن. والتنكيس أن يجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه، ويفعل ذلك المأمومين. وعند مالك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحول ولا ينكَّس، وهو قول قديم للشافعي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وصححه وخصه بالإمام دون المأمومين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحول رداءه ولا ينكسه. وعند عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب ومُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ يستحب ذلك للإمام دون المأمومين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يبدأ بالصلاة أولًا ثم يدعو. وعند أَحْمَد يتخيَّر بين أن يبدأ بالصلاة أو الدعاء.

كتاب الجنائز

كتاب الجنائز باب غسل الميت مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من شق ثوبه في موت ولده أو زوجته أنه لا كفارة عليه. وعند الْإِمَامِيَّة عليه كفارة يمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أخذ الأجرة على غسل الميت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. وعند المؤيد والنَّاصِر منهم لا يجوز أخذ الأجرة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء للزوجة غسل زوجها إذا مات. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أنها لا يجوز لها غسله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات رجل وزوجته حامل فوضعت قبل غسله حل لها غسله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل لها ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وعلي وأكثر العلماء يجوز للزوج غسل زوجته إذا ماتت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والْمُزَنِي لا يحل له ذلك. مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا مات عن طلقة رجعية فليس لها غسله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد لها غسله. وعند مالك رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ماتت المرأة بين رجال ليس لها فيهم محرم، أو مات رجل بين نسوة ليس له منهن محرم وجهان: أحدهما يتيمم ولا يغسل ويدفن، وهو قول سعيد بن المسيب وحماد بن أبي سليمان وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة. والثاني يجعل على الميت ثوب ويصب الماء عليه من تحت الثوب ويمر الغاسل بخرقة، وهو قول قتادة والزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أحمد. وعند الحسن وإِسْحَاق يصب الماء عليه من فوق الثوب. وعند الْأَوْزَاعِيّ وابن عمر ونافع لا يتيمم ولا يغسل بل يدفن، واختاره صاحب المعتمد من أصحاب الشَّافِعِيّ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا ماتت أم ولده أو أمته جاز له أن يغسلها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة في أم الولد يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه ليس له ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة في أم الولد النَّاصِر وزيد بن علي، واتقفت الزَّيْدِيَّة على أنه يغسل أمته ومدبرته ومكاتبته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز للرجل غسل ذوات محارمه من النساء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا مات السيد جاز لأم ولده غسله في إحدى الوجهين، ولا يجوز له في الوجه الآخر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للرجال والنساء غسل الصغير الذي لا يميز من الذكور والإناث. وعند الحسن سنه ما لم يفطم أو قد فطم. وعند مالك وَأَحْمَد دون سبع سنين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ما لم يتكلم. وعند الْأَوْزَاعِيّ أربع سنين أو خمس. وعند إِسْحَاق ثلاث سنين إلى خمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا لم يكن للمشرك قريب من المشركين جاز لقريبه من المسلمين غسله ودفنه. وعند أَحْمَد وَمَالِك ليس له غسله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب أن يغسل الميت في قميص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأفضل أن يجرد ولا يغسل في قميص، واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه الشاشي وصاحب المعتمد موافقة أبي حَنِيفَةَ. مسألة: عئد الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وبعض الزَّيْدِيَّة يكره تسخين الماء إذا لم يكن الزمان باردًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبه يستحب تسخينه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب المضمضة والاستنشاق في حق الميت، وهو أن يمسح ظاهر أسنانه وباطن شفتيه بخرقة، ويدخلها بأصابعه في فمه وأنفه فيزيل ما هنالك. وعند سعيد بن جبير والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب المضمضة والاستنشاق في حق الميت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يبدأ بغسل رأسه ثم بلحيته. وعند النَّخَعِيّ يستحب أن يبدأ بلحيته قبل رأسه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجب ترتيب غسل الميت. وعند الْإِمَامِيَّة يجب ذلك فيبدأ برأسه ثم بميامنه ثم بمياسره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت متلبدة استحب له أن يسرحها بمشط مفرَّج الأسنان وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الواجب في غسل الميت مرة، والمستحب ثلاث، فإن لم ينقى غسل خمسًا أو سبعًا إلى أن ينقى، ويكون جملة الغسلات وترًا. وعند أَحْمَد لا تزاد على سبع. وعند مالك لا اعتبار بالإنقاء ولا اعتبار بالعدد. وعند سعيد بن المسيب والحسن والنَّخَعِيّ يغسل ثلاثًا. وعند عَطَاء يغسل ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يغسل المرة الأولى بالسدر، ويجعل في كل ماء قراح كافورًا، فإن لم يفعل وجعل في الآخرة أجزأه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب السدر ولا الكافور، قال: ولا أعرفهما. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يغسل في الأولى بالحرض والسدر. وفي الثانية بالماء القراح، وفي الثالثة بالكافور، وعند النَّاصِر والصادق منهم يغسل في الأولى بالحرض والخطمى، وفي الثانية بماء وشيء من الكافور، وفي الثالثة بالماء القراح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يغسل رأس الميت بالخطمى عند عدم السدر. وعند سعيد بن المسيب يغسل بالحرض، وقال مرة بورق اللعيثران. وعند الثَّوْرِيّ بالحرض أو غيره. وعند حفصة بنت سِيرِينَ يغسل بالخطمى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يمر يده على بطنه إمرارًا بليغًا في كل غسلة إلا الغسلة الأخيرة. وعند الثَّوْرِيّ يمسح بطنه مسحًا رقيقًا بعد الغسلة الأولى. وعند أَحْمَد يفعل ذلك بعد الغسلة الثانية. وروى عن الضحاك بن مزاحم أنه يوصي أن لا يعصر بطنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للجنب والحائض غسل الميت. وعند الحسن وابن سِيرِينَ وعَطَاء يكره ذلك، وعند مالك لا يغسَّل الجنب الميت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا خرج من الميت شيء بعد فراغ الغسل غسل الموضع ولم يعد الغسل. وعند أَحْمَد يعاد غسله كله، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات الجنب والحائض غسل غسلاً واحدًا. وعند الحسن يغسلان غسلين. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يستحب تقليم أظفار الميت وحلق عانته ونتف إبطه

وقص شاربه، وفي كراهة ذلك قَوْلَانِ: القديم يكره، وهو قول أَكْثَر الْعُلَمَاءِ ومالك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. والقول الجديد لا يكره ذلك، وهو قول أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يضفر شعر المرأة ثلاثة قرون ويلقى خلفها. وعند أبي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ لا يضفَّر، بل يلقى بين ثدييها ويشد خمارها عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يستحب تغطية وجه الميت في حال الغسل. وعند مُحَمَّد بن سِيرِينَ وسليمان بن يسار وأبي داود السجستاني يستحب تغطيته بخرقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وَمَالِك لا يجب الوضوء من مس الميت. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وسعيد بن المسيب وابن سِيرِينَ يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الغسل من غسل الميت قَوْلَانِ: أحدهما يستحب ولا يجب وهو الصحيح، وبه قال مالك وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وعائشة وسائر الزَّيْدِيَّة. والثاني يجب وبه قال علي وأبو هريرة وسعيد بن المسيب وابن سِيرِينَ. * * *

باب الكفن

باب الكفن مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأكثر أهل العلم يجب الكفن ومؤنة الغسل والدفن من رأس مال الميت مقدمًا على الدَّين، سواء كان موسرًا أو معسرًا. وعند الزُّهْرِيّ وطاوس إن كان موسرًا فمن رأس المال، وإن كان معسرًا فمن ثلثه، وعند خلاس بن عمرو يجب من ثلثه بكل حال. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ في كفن المرأة المزوجة وجهان: أحدهما في مالها، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأبي عبد الله الداعي في نقله عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يستحب في كفن الرجل القميص ولا العمامة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستحب القميص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يكفن الصغير في ثلاثة أثواب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكفن في خرقتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب في صفة الكفن أن يكفن في ثلاثة أثواب بيض رباط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون فيها برد حبرة. وعند ابن الْمُبَارَك يستحب أن يكفن في ثيابه التي كان يصلي فيها. واختلفت الزَّيْدِيَّة فعند النَّاصِر يكفن في أربعة أثواب إن كان رجلاً. قميص وملحفة وإزار وعمامة إن لم يكن عليه دَين، وإن كانت امرأة كفنت بملحفة وخمار. وعند يَحْيَى إن شاء كفن في خمسة أثواب أو سبعة أو ثلاثة. وعند المؤيد يكفن في ثلاثة أثواب إن كان رجلاً ملحفة وقميص غير مخيط وإزار يبلغ من سرته إلى ركبته، وإن كانت امرأة يزاد لها خمار وخرقة تبسط على صدرها فيكون خمسة أثواب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يكره أن تكفن المرأة في المعصفر والمزعفر. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يكون وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة إذا حنط بالمسك والعنبر فلا بأس. وعند عَطَاء وطاوس وداود لا يحنط بالمسك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عباس وعَطَاء والثَّوْرِيّ وَمَالِك في رِوَايَة

َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود لا ينقطع الإحرام بالموت ولكن حكمه حكم الحي فلا يلبس المخيط ولا يشد عليه أكفانه ولا يخمر رأسه ولا يقرب طيبًا في يديه وثيابه ولا يجعل الكافور في الماء الذي يغسل به، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي وَأَحْمَد بن عيسى والمؤيد ومالك. وعند ابن عَبَّاسٍ وعائشة والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي ينقطع الإحرام بالموت ويكون حكمه حكم سائر الموتى فيفعل فيه ما ذكرناه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يستحب أن يدرج مع الميت في أكفانه شيئًا من جريد النخل. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب أن يدرج معه في أكفانه جريدتان خضروان رطبتان من جريد النخل طول كل واحدة عِظَم الذراع. * * *

باب الصلاة على الميت

باب الصلاة على الميت مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة يكره النداء على الميّت، وهو أن ينادى في الناس ألا إن فلان قد مات ليشهدوا جنازته، ولا بأس بتعريف أصدقائه بذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والنَّخَعِيّ لا بأس بالنداء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأب مقدَّم على الابن في الجنازة. وعند مالك الابن مقدَّم على الأب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الزوج لا ولاية له على زوجته في صلاة الجنازة. وعند عَطَاء والشعبي وعمر بن عبد العزيز وإِسْحَاق وابن عَبَّاسٍ وأبي بكر وَأَحْمَد هو أولى من القريب. وعند الحسن والْأَوْزَاعِيّ الأب مقدَّم على الزوج، والزوج مقدَّم على الابن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ولاية للزوج، إلا أنه إذا كان لها منه ابن قدِّم على ابنه، لأنه يكره أن يتقدم الابن علي الأب، فنقدم الزوج هاهنا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع الوالي والولي في جنازة فالولي أولى من الوالي في القول الجديد، وبه قال أبو يوسف، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وزيد بن علي، حتى لو كان صلَّى الأجنبي بغير إذن الولي يعيدها. وفي القديم الوالي أولى، وهو قول مالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وعلقمة والأسود وسويد بن غفلة والحسن بن مالك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى الميت أن يصلي عليه نجله لم يقدم على الأولياء. وعند أنس بن مالك وزيد بن أرقم وأبي برزة وسعيد بن زيد وأم سلمة وابن سِيرِينَ َوَأَحْمَد والنَّخَعِيّ وإِسْحَاق الوصي أحق. وعند مالك إن كان الوصي ممن يرجى دعاؤه قُدم على الولي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غاب الولي الأقرب واستناب من يصلي، فالذي استنابه أولى من القريب البعيد الحاضر وعند أَبِي حَنِيفَةَ القريب الحاضر أولى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات رجل ولم يكن هناك إلا نسوة صلين عليه فرادى، فإن صلين عليه جماعة قامت إمامتهن وسطهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصلين جماعة.

مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء أن من شرط صحة الجنازة الطهارة بالماء عند وجوده، أو التيمم عند عدمه أو الخوف من استعماله. وعند الشعبي وابن جرير والشيعة من الْإِمَامِيَّة أن ذلك ليس شرط في صحتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا خشي فواتها باستعماله بالطهارة بالماء تيمم لها مع وجود الماء. وقد ذكرناه عنه في باب التيمم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره الصلاة على الجنازة في المسجد. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ تكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره الصلاة على الجنازة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ يكره ذلك. وعند مالك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وجماعة من الصحابة لا يجوز في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها لأجل الوقت، وهي عند طلوع الشمس، وعند الاستواء، وعند اصفرار الشمس، ويجوز في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها لأجل الفعل، وهي بعد الصبح حتى يسفر، وبعد صلاة العصر حتى تصفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا اجتمع جنائز مختلفة اعتبر في التقديم إلى الأمام بالذكورة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى وزيد بن علي. وعند بعض الزَّيْدِيَّة الاعتبار بالحرية. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمعوا ذكورًا فوجهان: أصحهما أن الصبي يقدم على البالغ إن جاءت جنازته أولاً. وإن جاءت جنازة البالغ أولاً قدمت، وإن جاءوا معًا أقرع. والوجه الثاني يقدم البالغ على كل حال، وبه قال الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد السنة أن يقف الإمام عند رأس الرجل وعجيزة المرأة. وعند أَحْمَد يقف عند صدر الرجل، وهو قول أبي علي الطبري من الشَّافِعِيَّة. ونقل الترمذي عن أَحْمَد موافقة الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقف عند صدره رجلاً كان أو امرأة، وعند مالك يقف عند وسط الرجل ومنكب المرأة. وعند الحسن يقف حيث شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعثمان وعلي وابن عمر وابن عَبَّاسٍ والحسن والحسين وزيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة وطائفة من الصحابة أنه إذا اجتمعت جنائز رجال ونساء قدم الرجال إلى الأمام والنساء تلي الرجال. وعند الحسن البصري

وسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله والقاسم بن مُحَمَّد يحمل الرجال إلى القبلة والنساء ما يلى الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح الصلاة على الجنازة من قعود مع القدرة على القيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح. وفي الشاشي عن أَبِي حَنِيفَةَ أنها لا تصح. وعن أصحابه صحتها راكبًا كسجود التلاوة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعمر وزيد بن ثابت وجابر والحسن بن علي وابن أبي أوفى وأبي هريرة والبراء بن عازب وعقبة بن عامر والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وداود تكبيرات الجنائز أربع. وعند ابن عَبَّاسٍ وأنس بن مالك وجابر بن يزيد وابن سِيرِينَ يكبر ثلاثًا. قال ابن سِيرِينَ: إنما كان التكبير ثلاثًا فزادوا واحدة. وقال ابن مسعود كبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعًا وسبعًا وخمسًا وأربعًا. فكبروا ما كبر الإمام. وروى عن علي أنه كبر على أبي قتادة سبعًا وكان بدريًّا، وكبَّر على سهل بن حنيف ستًا وكان بدريًا، وكبر على غيرهما من الصحابة خمس تكبيرات، وكبر على غير الصحابة من سائر الناس أربعًا. وعند زيد بن أرقم وحذيفة بن اليمان وابن أبي ليلى والشيعة من الْإِمَامِيَّة يكبر خمسًا. ويروى عن أَحْمَد أيضًا أنه لا يزاد على سبع، ولا ينقص عن أربع. وعند بكر بن عبد الله لا يزاد عن سبع، ولا ينقص من ثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين يرفع يديه حذو منكبيه مع كل تكبيرة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة لا يرفع يديه إلا في الأولى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء أنه يقبض يمينه على شماله كما يفعل في الصلاة وعند ابن الْمُبَارَك أنه لا يقبض يمينه على شماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كبر الإمام أكثر من أربع لم يتابعه المأموم في الزيادة ويقف حتى يسلم فيسلم معه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يتابعه. وعند الثَّوْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ ينصرف المأموم إذا كبر أربعًا ويسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وابن الزبير وابن عمر وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود قراءة الفاتحة واجبة في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الأولى. وعند عَطَاء وطاوس وابن سِيرِينَ وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والشعبي ومجاهد والحاكم وحماد

وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والْأَوْزَاعِيّ ليست فيها قراءة، فمالك يقول: يكره فيها القراءة، وأبو حَنِيفَةَ يقول: يحمد الله ويمجده، ورواه عن ابن عمر وأبي هريرة، وبهذا قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الحسن بن علي وابن سِيرِينَ وشهر ابن حَوشب يقرأ فيها فاتحة الكتاب ثلاث مرات. وعند الحسن البصري يقرأ فاتحة الكتاب فيها في كل تكبيرة. وعند المسور بن مخرمة يقرأ في التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب وسورة قصيرة. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يقرأ الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، و (قل هو الله أحد) بعد الثانية، و (قل أعوذ برب الفلق) بعد الثالثة، ثم يدعو للميت بعد الرابعة، ويسلم بعد الخامسة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الصحيح أنه لا يأتي في صلاة الجنازة قبل القراءة بدعاء الافتتاح والتعوذ، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند القاضي أبي الطيب من أصحاب الشَّافِعِيّ أنه يأتي بذلك بعد التكبيرة الأولى وقبل الفاتحة. وعند الثَّوْرِيّ وإِسْحَاق يستحب أن يقال بعد التكبيرة الأولى: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحابه والحسن بن حُيي يسلم تسليمتين تسليمة عن يمينه وتسليمة عن يساره. وعند ابن سِيرِينَ والحسن البصري وسعيد بن جبير والثَّوْرِيّ وابن عيينة وابن الْمُبَارَك وعيسى بن يونس ووكيع وابن مهدي وإِسْحَاق وجابر وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وواثلة بن الأسقع وابن أبي أوفى وأبي هريرة وأبي أمامة وأنس بن مالك يسلم تسليمة واحدة. عند مالك يسلم الإمام واحدة ويسمع من يليه، ويسلم من ورائه واحدة فى أنفسهم، وإن أسمعوا من يليهم فلا بأس. وعند الْإِمَامِيَّة لا يسلم في صلاة الجنازة، بل إذا كبر الخامسة خرج من الصلاة بغير سلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك المأموم الإمام وقد فاته بعض التكبيرات كبَّر ودخل معه فى الصلاة ولم ينتظر تكبيره. وعند الحارث بن زيد والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن إِسْحَاق لا يكبر حتى يكبر الإمام. وعن مالك رِوَايَتَانِ. وعن أَحْمَد القَوْلَانِ معًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سلم وبقي على المأموم بعض التكبيرات، فإنه يقضيها. وعند الْأَوْزَاعِيّ والحسن وأيوب السختياني وابن عمر لا يقضيها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لم ترفع الجنازة قضاها، وإن رفعت بطلت صلاته. وعند أَحْمَد المستحب أن يقضيها متتابعًا، فإن لم يقضيها لم تبطل صلاته في أصح الروايتين عنده.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن سِيرِينَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وعمر وعلي وأبي موسى وعائشة وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر. وعند النَّخَعِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يصلي على القبر، إلا أن يدفن ولم يصلِّ عليه فيصلي على القبر إلى ثلاثة أيام، وبعد الثلاث لا يجوز. وإن صلى عليه لم يصلِّ على القبر، إلا الولي والوالي وإمام الحي. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصلي على القبر إلا إذا دفن بغير صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ تجوز الصلاة على الغائب بالنية، فيتوجه المصلي إلى القبلة ويصلي على الغائب، سواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن في جهة القبلة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا تجوز الصلاة على الغائب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلى متى يصلي على القبر؟ فيه أوجه: أحدها إلى شهر، وهو قول أحمد. والثاني ما بقي في القبر منه شيء. والثالث من كان من أهل فرض الصلاة عليه عند الموت. والرابع أبدًا. وعند إِسْحَاق يصلي عليه إلى شهر للغائب يقدم من سفر، وإلى ثلاثة أيام للحاضر. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ إنما تجوز الصلاة على القبر إذا كان قد دفن ولم يصلِّ عليه إلى ثلاثة أيام. ومنهم من قال: إن شككنا في تغيره لم يصل عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصلي على القبر إلا الوالي والولي إذا لم يكن صليا، ولا يصلي عليه بعد ثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وجد بعض الميت غسل وصُلي عليه، سواء وجد أكثر البدن أو الأقل. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وجد النصف فما دون لا يصلي عليه، وإن وجد النصف صلى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استهل السقط صارخًا، ثم مات غسل وصُلي عليه. وعند سعيد بن جبير لا يصلي على من لم يبلغ. وعند بعض الناس يصلي عليه إن كان قد صُلي. وعند الْإِمَامِيَّة أن الأطفال ومن جرى مجراهم ممن لم يكلف في نفسه الصلاة ولا يكلف غيره تمرينه عليها لا تجب الصلاة عليه إذا مات. وحدُّوا من لم يصل من الصغار بأن لم يبلغ ست سنين فصاعدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يستهل السقط صارخًا، ولكن تحرَّك أو اختلج في نفسه فحكمه حكم الذي يستهل صارخًا. وعند مالك لا يصلي عليه إلا أن يطول ذلك وتتبيَّن حياته. فحاصل هذا أن الاستهلال عند الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ هو الصوت والحركة. وعند

مالك هو الصوت والبكاء دون الحركة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ إذا استكمل السقط أربعة أشهر غسل ولا يصلي عليه في الجديد. وفي القديم يصلي عليه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يغسل ويصلي عليه. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يستهل لم يغسَّل ولم يصل عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اختلط موتى المسلمين بموتى الكافرين ولم يتميزوا، فإنه يصلي على واحد واحد وينوي الصلاة عليه إن كان مسلمًا، سواء كان المسلمون أكثر أو أقل. وكذا إذا صلى صلاة واحدة ونوى بها الصلاة على المسلمين منهم صح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن كان المسلمون أكثر صلى عليهم، وإن كانوا أقل لم يصل عليهم. وهذا كله إذا لم يكن ثم أمارة يعرف بها المسلم كالختان والخضاب ولبس السواد، لأن الكفار لا يخضبون ولا يلبسون السواد، وإن كان بعضهم يختتنون وهم اليهود والنصارى دون المجوس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأهل المدينة المقتول من المسلمين في معركة الكفار لا يغسل ولا يصلي عليه. وكذا من مات من المسلمين بسبب من أسباب القتال بأن وقع من دابته أو من جبل، أو رجع عليه سلاحه فمات فهو شهيد وحكمه حكمه. وعند سعيد بن المسيب والحسن البصري يغسل ويصلي عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يغسل ويصلي عليه، وهو الرِوَايَة الأخرى عن أحمد وعند أَحْمَد إن مات بسبب من أسباب القتال كالتردية ورفسة الفرس، أو عاد عليه سلاحه، فإنه يغسَّل ويصلَّى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا فرق في الشهيد بين الذكر والأنثى، وقال به من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد اللَّه الداعي والقاسم. وعند أبي طالب منهم أن الأنثى تغسَّل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ينزع عن الشهيد ما لم يكن من لباس الناس من حديد أو جلود أو محشى أو فرو. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا ينزع عنه بقية ثيابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ من جرح في الحرب ومات بعد انقضاء الحرب فالمشهور أنه ليس شهيد، يغسل ويصلي عليه، سواء أكل أو لم يأكل ولم يشرب، وصَّى أو لم يوص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أكل وشرب لم يثبت له حكم الشهادة، وإن مات قبل ذلك ثبت له حكم الشهيد. وعند مالك إن أكل أو شرب، أو بقي يومين أو ثلاثة فليس

شهيد، وإن لم يأكل ولم يشرب ولم يبق فحكمه حكم الشهيد. واختلفت الزَّيْدِيَّة أيضًا فقال النَّاصِر وزيد بن علي: إذا مات في اليوم أو في الغد كان شهيدًا. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن مات في المعركة كان شهيدًا ولا فلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من مات من السبي قبل التلفظ بالشهادتين غسل وصلي عليه. وعند مالك لا يغسل ولا يصلى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انكشف الصفَّان على مقتول من المسلمين لم يغسل ولم يصلى عليه، سواء كان به أثر أو لم يكن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إن لم يكن به أثر غسل وصُلِّي عليه، وإن خرج منه دم، فإن كان من عينيه أو أذنه أو رقبته لم يغسَّل، وإن خرج من أنفه أو دبره أو ذكره غسّل وصُلِّي عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ وزفر ومُحَمَّد الشهادة ثبتت في حق الصغير والكبير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي عن القاسم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تثبت في حق من لم يبلغ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعلي بن العبَّاس والسيد وأبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الشهيد إذا كان جنبًا فلا يغسل ولا يصلى عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن الهادي، واختاره وصححه. وعند أَحْمَد يغسل ولا يصلى عليه، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يغسل ويصلى عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة من قتل في غير معترك المشركين لم يثبت له حكم الشهادة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قتل ظلمًا بحديدة ثبت له حكم الشهادة، وإن قتل بمثقل فلا، وهو قول أَحْمَد في رِوَايَة. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وصاحب الوافي أنه لا يغسل. وقال أبو طالب منهم: إن مذهب يَحْيَى يحتمل الأمرين. يحتمل أن لا يغسل ويحتمل أن يغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل أهل البغي رجلاً من أهل العدل، فأصح القولين أنه يغسل ويصلى عليه، وبه قال مالك، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة. القول الثاني لا يغسل ولا يصلي عليه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل أهل العدل رجلاً من أهل البغي

غسّل وصلى عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يغسل ولا يصلي عليه عقوبة له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ولد الزنا يغسل ويصلى عليه. وعند أبي قتادة لا يغسل ولا يصلى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النفساء إذا ماتت تغسَّل ويصلى عليها. وعند الحسن لا تغسل ولا يصلى عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق من قتل نفسه، أو غل من الغنيمة ومات وجب غسلهما والصلاة عليهما. وعند أَحْمَد لا يصلي عليهما الإمام. وعند الْأَوْزَاعِيّ من قتل نفسه لا يغسَّل ولا يصلي عليه. وكره عمر بن عبد العزيز الصلاة على الغَال من الغنيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصلى على من لم تبلغه الدعوة. وعند سعيد بن جبير لا يصلى عليه. * * *

باب حمل الجنازة والدفن

باب حمل الجنازة والدفن مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من الأفضل في حمل الجنازة أن يجمع من التربيع والحمل بين العمودين، فإن اقتصر على أحدهما فالحمل على العمودين أفضل من التربيع. وعند مالك هما سواء. وعند أَحْمَد التربيع أفضل. وعند الحسن والنَّخَعِيّ يكره الحمل بين العمودين. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه في الشامل والشاشي والمعتمد موافقة النَّخَعِيّ، ونقل عنه في البيان موافقة أحمد. واختلف النقل أيضًا عن الثَّوْرِيّ، فنقل عنه في البيان موافقة أحمد، ونقل عنه في المعتمد موافقة النَّخَعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد المستحب في الحمل في التربيع أن يبدأ بياسرة مقدمة السرير فيجعلها على عاتقه الأيسر. وعند إِسْحَاق وسعيد بن جبير والثَّوْرِيّ وأيوب السختياني وابن مسعود وابن عمر ويروى أيضًا عن أَحْمَد أنه يبدأ بياسرة المقدمة، ثم بياسرة المؤخرة كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، ثم يأخذ يمين المؤخرة ثم يمين المقدمة. وعند الْأَوْزَاعِيّ يبدأ بأيهما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب الإسراع بالمشي في الجنازة ولا يبلغ به الخبب وإنما يزيد فوق سجية مشي العادة بحيث لا يشق المشي على الضعفاء معها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبلغ به الخبب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك يكون رأسه في المحمل مقدمًا ورجليه مؤخران. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسجى الميت رأسه إلى أعلى ورجليه إلى أسفل. وكذلك عند غسله ودخول قبره، وتحمل رجليه يليا القبلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ وَمَالِك وأبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر وأبي هريرة والحسن بن علي وابن الزبير وأبي قتادة والقاسم بن مُحَمَّد وشريح وسالم وابن أبي ليلى وأبي أسيد الساعدي وعبيد بن عمير المشي أمام الجنازة أفضل للماشي والراكب من المشي خلفها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسعيد بن جبير والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق المشي خلفها. واختلف النقل عن أحمد، فنقل عنه في البيان والشاشي والمستعجل موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه الغزالي والفوراني وصاحب الدر الشفَّاف وتهذيب النكت والمعتمد وابن هبيرة إن كان ماشيًا فأمامها أفضل، وإن كان راكبًا فخلفها أفضل. واختلف النقل عن الثَّوْرِيّ أيضًا، فنقل عنه صاحب البيان الراكب خلفها والماشي أمامها، ونقل عنه

صاحب الشامل والشاشي والمعتمد الراكب خلفها والماشي حيث شاء. وعند أنس بن مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب أن يمشي قريبًا منها، فإن حبس بعد عنها جلس حتى تأتي، إن سبق إلى المقبرة لم يجب عليه القيام لها، بل هو بالخيار إن شاء قام، وإن شاء قعد. ونقل الترمذي عن إِسْحَاق موافقة الشَّافِعِيّ. وعند أبي مسعود البدري وجماعة أنه يجب القيام لها. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وابن عمر وابن الزبير وأبي هريرة والحسن بن علي لا يجلس حتى توضع عن أعناق الرجال، فإن جلس كره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مرت به الجنازة فلا يقوم لها. وعند أبي مسعود البدري وأبي سعيد الخدري وقيس بن سعد وسهل بن حنيف وسالم بن عبد الله أنه يجب القيام لها. وعند أَحْمَد إن قام لم أعبه، وإن قعد فلا بأس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المشي مع الجنازة أولى من الركوب، وإن ركب فلا بأس، ويكون أمامها. وعند علقمة والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق الراكب خلف الجنازة. وعند ابن عَبَّاسٍ الراكب مع الجنازة، كالجالس في أهله. يدل على أنه لا ثواب له. وعند عبد الله بن رباح للماشي خلف الجنازة قيراطان، وللراكب قيراط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الدفن بالنهار أولى، ولا يكره بالليل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات في البحر فإنه يفعل به جميع ما يفعل بالميت، فإن كانوا قريبين من الساحل ترك حتى يصلوا إلى الساحل ويدفنوه، وإن كانوا في اللجّة جعلوه بين لوحين وألقوه في البحر. وعند عَطَاء وَأَحْمَد ينقل ويلقى في البحر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن مسعود وأبي أمامة وعائشة أنه يكره للنساء اتباع الجنائز، وعند أبي الزناد ورَبِيعَة والزُّهْرِيّ أنه لا يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يعمِّق القبر قدر قامة وبسطة. وعند مالك لا حد فيه، بل يعمق حتى يغيب عن الناس. وعند عمر بن العزيز إلى السرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب ستر القبر بثوب عند الدفن رجلاً كان أو امرأة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يستحب ذلك في حق المرأة دون الرجل. وعند عبد الله بن يزيد وشريح وَأَحْمَد يكره ذلك في حق الرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعمر وأنس وعبد الله بن يزيد الأنصاري أنه يستحب

أن يجعل رأس الجنازة عند رجل القبر ويسلَّ الميت من قِبل رأسه سلاًّ ويدخل في القبر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وعلي وابن الحنفية المستحب أن توضع الجنازة على جانب القبر مما يلي القبلة ويؤخذ الميت فيدخل القبر متعرضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء والمعتزلة أن البيت الذي دفن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لعائشة. وعند الزَّيْدِيَّة كان له - صلى الله عليه وسلم -. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الزَّيْدِيَّة السنة في القبر التسطيح. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد والثَّوْرِيّ السنة التسنيم، واختاره ابن أبي هريرة من أصحاب الشَّافِعِيّ. وقطع به الغزالي في الوجيز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والحسن البصري يجوز تطيين القبور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا دفن الميت من غير غسل، أو إلى غير القبلة نبش وغسل ووجه إلى القبلة ما لم يتغير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أهلَّ عليه التراب لم ينبش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ماتت ذمية حامل دفنت بين مقابر المسلمين والمشركين، وجعل ظهرها إلى القبلة، لأنه يقال: وجه الجنين إلى ظهرها. وعند عمر أنها تدفن في مقابر المسلمين، وبه قال مَكْحُول وإِسْحَاق، غير أن أحدهما قال: في الحاشية، والآخر قال: في أدنى مقابر المسلمين. وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ تدفن مع أهل دينها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه لا يكره المشي في المقبرة بنعلين. وعند أحمد يكره ذلك بالنعال، ولا يكره ذلك بالخفاف والكمشكات. مسألة: عند ابن سريج من أصحاب الشَّافِعِيّ إذا ماتت امرأة وفي بطنها جنين حي شق جوفها وأخرج. وعند أَحْمَد يسطوا عليها القوابل، فإن خرج وإلا ترك. وعند مالك نحوه، وقال: لا يجوز شق جوفها. وعند جماعة من الشَّافِعِيَّة تعرض على القوابل، فإن يكن مثله يعيش شق جوفها وأخرج ولم يترك. مسألة: قال صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة: ليس للشافعي نص في نقل الميت من بلد إلى بلد. والذي يشبه عندي أنه يكره ذلك. وروى ذلك عن عائشة. وسئل الزُّهْرِيّ عن ذلك فقال: قد حمل سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من العقيق إلى المدينة. وقال ابن عيينة: مات ابن عمر هاهنا وأوصى أن لا يدفن بها وأن يدفن بسرف.

باب التعزية والبكاء على الميت

باب التعزية والبكاء على الميت مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وقت التعزية من حين يموت الميت إلى أن يدفن، وبعد الدفن عقيبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ لا يعزَّى بعد الدفن بل قبله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يكره أن يطأ القبر أو يجلس عليه أو يبكى عليه. وعند مالك أنه لا يكره ذلك، إلا أن يكون لبول أو غائط. * * *

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس في المال حق سوى الزكاة، وعند الشعبي والنَّخَعِيّ

ومجاهد يجب في الزرع عند الحصاد أن يخرج شيء من السبيل. وعند جذاذ النخل يخرج شيء من الشماريخ، ويخرج الزكاة عند الكمال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وابن عمر لا تجب الزكاة في مال المكاتب، لا على السيد ولا على المكاتب، وعند أَبِي ثَورٍ يجب عليه جميع الزكوات. وعند أبي حَنِيفَةَ يجب العشر في زرعه وثماره، ولا تجب الزكاة في ماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ارتد بعد وجوب الزكاة لم تسقط الزكاة عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط عنه بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مضى عليه حول في حال الردة فالزكاة مبنية على ملكه، وفيه أقوال: أحدها أنه باقي فتجب فيه الزكاة. والثاني أنه موقوف، فتكون الزكاة موقوفة. والثالث أنه زائل، وهو قول ابن عمر وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأهل العراق فلا تكون فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وعلي وابن عمر وعائشة وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون والمعتوه، ويخرجها الولي من مالهم. وعند ابن مسعود والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ تجب ولكن لا تخرج حتى يبلغ الصبي ويفيق المعتوه والمجنون فيؤديها. وعند ابن شُبْرُمَةَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن عبَّاس وأهل العراف والثَّوْرِيّ وعبد الله بن الْمُبَارَك لا تجب الزكاة في ماله، وإنَّما تجب زكاة الفطر والعشر في مالهم، وبهذا قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تمكن من أداء الزكاة وجب أداؤها على الفور ويأثم

بتأخيرها، وهو قول الكرخي من الحنفية، وعند الرازي من الحنفية تجب على التراخي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد لا تسقط الزكاة بالموت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأكثر العلماء تسقط بالموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا تمكن من أداء الزكاة وأخَّرها ضمنها، فلا تسقط عنه بتلف المال، وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط بتلف المال، ولا تصير مضمونة. * * *

باب صدقة المواشي وأحكام الملك

باب صدقة المواشي وأحكام الملك مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وَمَالِك وعَطَاء َوَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والْأَوْزَاعِيّ وعلي وابن عمر وعمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب زكاة العين في الخيل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر وحماد بن أبي سليمان إن كانت الخيل ذكورًا وإناثًا وجبت فيها الزكاة، وإن كانت ذكورًا أو إناثًا ففيها رِوَايَتَانِ. ويعتبر بحول ولا يعتبر فيها النصاب، والخيار في زكاتها إلى ربها إن شاء أخرج عن كل فرس دينارًا أو عشرة دراهم، وإن شاء قوَّمها وأخرج ربع عشر قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب الزكاة في المتولد بين الغنم والظباء، سواء كانت الأمهات من الظباء أو من الغنم، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إن كانت الأمهات غنمًا والفحل ظبيًا وجبت فيها الزكاة، وإن كانت الأمهات من الظباء والفحل من الغنم لم تجب فيها الزكاة. وطرد أبو حَنِيفَةَ هذا التفصيل في إجزائها في الأضحية وفى وجوب الجزاء. وعند أَحْمَد يجب فيها الزكاة بكل حالة، وهي رِوَايَة عن مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب الزكاة في بقر الوحش. وعند أَحْمَد تجب فيها الزكاة فى إحدى الروايتين.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب ماله، أو ضاع، أو أودعه فجحده المودع، أو وقع فى بحر لا يمكنه إخراجه، أو دفنه في موضع ونسي موضعه حتى حال عليه الحول وأحوال لم يلزمه إخراج الزكاة عنه قبل أن يرجع إليه. وهل يجب عليه إذا رجع إليه من غير نماء، قَوْلَانِ: القديم لا تجب الزكاة وسقط حوله. وهو قول قتادة وأَبِي حَنِيفَةَ وإحدى الروايتين عن أَحْمَد والجديد يجب إخراجها، وهو قول زفر، والرِوَايَة الثانية عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عاد إلى يده وقلنا تجب زكاته، وكان ذهبًا وفضة زكَّاه في الحال لما مضى، وعند مالك يزكيه بحول واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه نصاب من مال الزكاة وعليه مثله دين لم يجب عليه الزكاة في أحد القولين وهو قول الحسن وسليمان بن يسار واللَّيْث والثَّوْرِيّ وعَطَاء وطاوس وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، إلا أن أَحْمَد روى عنه فى الأموال الظاهرة رِوَايَتَانِ ويجب عليه في القول الثاني الجديد، وهو قول رَبِيعَة وابن أبي ليلى وحماد. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ إذا كان الدين دراهم أو دنانير لم تجب عليه، وإن كان مواشي أو زرع أو ثمار وجبت عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الذي يتوجه فيه المطالبة تمنع وجوب الزكاة، إلا العشر فإنه لا يمنعه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك إذا قلنا الدين يمنع وجوب الزكاة، وكان معه خمس من الإبل ومائتي درهم، وكان عليه مائتي درهم وخمس من الإبل، وله أيضًا دار أو عروض فيها مائتي درهم وجبت عليه الزكاة في المائتي الدرهم، ومضت الإبل بالإبل والزائد والعروض بالدين، وعند أَبِي حَنِيفَةَ ورِوَايَة عن أَحْمَد ويمضي الإبل من الدراهم والدين من الدراهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات صاحب المال لم يبن وراثه الحول على حوله في القول الجديد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، وبه قال بعض الزَّيْدِيَّة. وفي القول القديم يبنى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ واللَّيْث وسفيان وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وعلي ومعاذ وجابر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه لا تجب الزكاة في المعلوفة ولا في العوامل، وإنما تجب فى السائمة والإبل والبقر والغنم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وعند قتادة ومحكول ورَبِيعَة وَمَالِك وداود، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. تجب الزكاة في المعلوفة والعوامل، إلا معلوفة الغنم فإنه قال داود: لا يجب فيها الزكاة. وعند حماد تجب الزكاة في ثمنها إذا بيعت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قدر ما يسقط الزكاة عن السائمة إذا علفت ثلاثة أوجه: أحدها ثلاثة أيام. والثاني إذا نوى أن يعلفها وأعلفها مرة سقطت الزكاة. والثالث يعتبر الغالب، فإن كان الغالب السوم لم تسقط الزكاة، وإن كان الغالب العلف سقطت الزكاة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أنه لا يجب في المواشي ولا في النقد زكاة حتى يحول عليه الحول. وعند ابن عَبَّاسٍ ومُحَمَّد بن الحنفية وابن مسعود والحسن والزُّهْرِيّ أنه إذا استفاد مالاً زكَّاه في الحال، ثم إذا حال عليه الحول زكَّاه مرة أخرى وكان ابن مسعود إذا أخذ عطاعه زكَّاه، وبهذا قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستفاد من غير ما عنده لا يضم إلى ما عنده في الحول، سواء كان من جنس ما عنده أم لا. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يضم إذا كان من جنسه، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم إن كان المستفاد ناقصًا عن النصاب وكان قد أدى الزكاة عن النصاب الأول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السخال المتولدة في أثناء الحول تضم إلى ما عنده في الحول إذا كانت الأمهات نصابًا. وعند النَّخَعِيّ وداود والحسن البصري والْإِمَامِيَّة لا تضم إلى ما عنده، ويبتدئ لها حول مستأنف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يضم المستفاد إلى الأصل بكل حاله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينعقد الحول على السخال بانفرادها إذا كانت نصابًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينعقد الحول عليها بانفرادها، وهو رِوَايَة عن أحمد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تضم السخال على الأمهات حتى تكون الأمهات نصابًا، وعند مالك وَأَحْمَد تضم إليها وإن لم يكن نصابًا إذا كملت بالسخال نصابًا، ويزكى بحول الأمهات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا تلفت الأمهات في أثناء الحول وبقيت السخال نصابًا ما لم ينقطع الحول فيها. وعند أبي القاسم الأنماطي من الشَّافِعِيَّة إذا انقضى نصاب الأمهات انقطع الحول في السخال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن بقي من الأمهات واحدة لم ينقطع الحول في السخال، وإن لم يبق منها شيء انقطع الحول في السخال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في المتمكن من الأداء قَوْلَانِ: القديم أنه شرط في الوجوب، وهو قول مالك. والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة والمؤيد عن يَحْيَى منهم، والجديد أنه شرط في الضمان، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب وأبو عبد الله الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا تلف المال بعد الحول أو قبل إمكان الأداء من غير تفريط منه لم يضمن الزكاة قطعًا. وعند أَحْمَد يلزمه ضمانها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تمكن من أداء الزكاة ولم يؤدها حتى تلف المال ضمن وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الأموال الظاهرة لا يلزمه الإخراج حتى يطالبه الإمام أو الساعي، فإن تلف المال قبل ذلك لم يلزمه ضمان الزكاة. وإن طالبه الإمام أو الساعي فلم يخرجها حتى تلف المال لزمه الضمان. حكاه عنه البغداديون من أصحابه. وحكى عنه الخراسانيون منهم أنه لا ضمان عليه. وعنده في الأموال الباطنة إذا تمكن من أداعها ولم يخرج زكاتها حتى تلف المال فلا ضمان عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بادل ما تجب الزكاة في عينه بما لا تجب الزكاة في عينه انقطع الحول فيه واستأنف الحول في الآخر، وسواء كان في جنسه أو من غير جنسه،

وسواء في ذلك الماشية والذهب والفضة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الماشية مثل قول الشَّافِعِيّ، وفي الذهب والفضة يبنى حول أحدهما على الآخر. وعند مالك إذا بادل الجنس بالجنس يبنى حول أحدهما على الآخر. وعند أَحْمَد في الماشية يبنى الحول على جنسه، ولا يبنى على غير جنسه، ويبنى حول الذهب على الفضة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الزكاة تجب في غير المال، ويستحق الفقراء أجزاءً منه فى قوله الجديد، وهو قول مالك. وفي قوله القديم تجب في الذمة، ويكون المال مرتهنًا بها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتعلق بغير المال إلا أنه لا يستحق الفقراء جزءًا من المال، ولكنها تتعلق تعلق أرش الجناية في رقبة العبد، ولا يزول ملكه عن شيء من المال إلا بالدفع إلى المستحقين، وهي إحدى الروايتين عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد نقصان النصاب في بعض الحول يسقط الزكاة، واستثنى الشَّافِعِيّ عروض التجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كمل في الطرفين لم يمنع نقصانه في الوسط من الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصدق زوجته أربعين شاة من الغنم معينة ملكها بنفس العقد، وجرت في الحول، فإذا حال عليها الحول وجبت عليها الزكاة، قبضتها أو لم تقبضها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليها الزكاة ما لم تقبضها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والقاسم من الزَّيْدِيَّة إذا أبرأت المرأة زوجها من صداقها قبل القبض لم تسقط الزكاة بالإبراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يضمن قدر الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيد المؤيد والنَّاصِر، وهو الصحيح من مذهب الزَّيْدِيَّة حتى قال المؤيد لو مات الزوجان عن أولاد، وكان للمرأة مهر على الزوج والمال في يد الأولاد فيكون قبضهم للمال قبضًا عن الدين الذي هو المهر، ولا يكون قبضًا عن الإرث، فيلزمهم إخراج زكاة المهر للسنين الماضية.

باب صدقة الإبل السائمة

باب صدقة الإبل السائمة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الصحابة والفقهاء أنه يجب في كل خمس من الإبل شاة إلى أربع وعشرون، فإذا صارت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض، وعند علي يجب فيها خمس شياه، فإذا صارت ستًا وثلاثين وجب فيها بنت لبون. وعند الْإِمَامِيَّة يجب في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وداود وإِسْحَاق ورِوَايَة عن أَحْمَد ويَحْيَى والزَّيْدِيَّة في رِوَايَة إذا زادت الإبل على عشرين ومائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون، وتستقر الفريضة في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة. وعند مالك في رِوَايَة، وكذلك أَحْمَد في رِوَايَة لا يتعين الفرض حتى تبلغ ثلاثين فيكون في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، وبه قالت الْإِمَامِيَّة. وهو قول أبي عبيد ومُحَمَّد بن إِسْحَاق صاحب المغازي. وعند مالك في رِوَايَة أخرى إذا زادت على عشرين ومائة واحدة تعين الفرض، ويكون الساعي بالخيار، فيتخير بين حقتين وبين ثلاث بنات لبون. وعند النَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأكثر الزَّيْدِيَّة إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استوفيت الفريضة في كل خمسٍ شاة مع الحقتين إلى أن

تبلغ مائة وخمسًا وأربعين ففيها حقتان وبنت مخاض، فإذا بلغت خمسين ففيها ثلاث حقاق وبنت مخاض إلى ست وثمانين، فإذا بلغتها ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون، فإذا بلغتها ففيها أربع حقاق، ثم تستأنف الفريضة هكذا أبدًا. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ويَحْيَى في رِوَايَة أنه يجب في كل خمسين حقة، ولا يجب في أربعين بنت لبون. وعند علي وابن مسعود أن الفريضة تستأنف. وعند جرير الساعي مخير بين مذهب الشَّافِعِيّ ومذهب أَبِي حَنِيفَةَ، وعند حماد إذا بلغت خمسًا وعشرين ومائة ففيها حقتان وبنت مخاض. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا زادت الإبل على عشرين ومائة بعض بعير، فهل يتغير الفرض؟ فيه وجهان: أحدهما يتغير، وهو قول أبي سعيد الإصطخري. والثاني لا يتغير، وهو المنصوص وقول أكثر الشَّافِعِيَّة، وبه قال مالك. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الوقص، وهو ما بين النصابين على قولين: أحدهما الأوقاص عفو، فلا يتعلق الفرض بها، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وعامة الفقهاء، واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب. والثاني أن الفرض يتعلق بالنصاب وبما زاد عليه، وهو قول محمد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أيضًا النَّاصِر. وعند مالك رِوَايَتَانِ كالقولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه خمس وعشرون من الإبل، فتلف منها خمس بعد الحول وقبل التمكن من الأداء، فإن قلنا الإمكان من شرائط الوجوب وجب أربع شياه، وإن قلنا التمكن والأداء ليس من شرائط الوجوب وجب فيها خمس شياه الضمان يسقط

خُمس بنت مخاض، ووجب أربعة أخماسها، واختلف النقل عن أَبِي يُوسُفَ ومحمد، فنقل الشاشي عنهما أنهما قائلان بالثاني، ونقل صاحب المعتمد عنهما أنهما قائلان بالأول، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه أربع شياه، وجعل التالف كأن لم يكن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء إذا كانت إبله دون الخمس والعشرين جاز إخراج بنت مخاض عنها. وعند مالك وَأَحْمَد وداود لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج عما دون خمس وعشرين الغنم اعتبر غالب نوع الضأن، أو غالب نوع المعز. وعند مالك إن كان غالب غنم البلد المعز فعليه إخراج المعز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى إذا كان عنده خمس وعشرون من الإبل وجب عليه بنت مخاض فإن لم يكن معه بنت مخاض فابن لبون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والنَّاصِر والزَّيْدِيَّة لا يجوز أن يقام ابن لبون مقامها إلا أن يكون في قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئ ابن لبون عن بنت مخاض مع وجودها. وعند أبي حَنِيفَةَ يجزئ مع وجودها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة مُحَمَّد والنَّاصِر، ويكون بالقيمة لا بالبدل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن في إبله بنت مخاض ولا ابن لبون، فهو بالخيار إن شاء اشترى بنت مخاض، وإن شاء اشترى ابن لبون. وعند مالك وَأَحْمَد ليس له أن يشتري ابن لبون، ويلزمه شراء بنت مخاض، وهو قول صاحب التقريب من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الجبران الذي بين شيئين شاتان، أو عشرون درهمًا. وعند علي والثَّوْرِيّ وأبي عبيد وإِسْحَاق في إحدى الروايتين عنه شاتان أو عشرة دراهم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجب عليه سن وعدمها وعدم السن الذي يليها، ووجد السن الذي دونهما، والسن الذي أعلى منهما فلرب المال الطلوع ويعطيه الساعي الجبران، أو النزول ويدفع هو للساعي الجبران، وعند بعض الناس لا يجوز، واختاره ابن المنذر. * * *

باب صدقة البقر

باب صدقة البقر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أول نصاب البقر ثلاثون، ولا شيء فيها قبل ذلك، وعند سعيد بن المسيب والزُّهْرِيّ أنه يجب في كل خمس من البقر شاة إلى ثلاثين كالإبل. وعند أبي قلابة يجب في كل خمس منها شاة إلى عشرين، ثم لا شيء فى زيادتها حتى تبلغ ثلاثين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا بلغت أربعين ففيها مسنة، وإذا بلغت ستين ففيها تبيعان، ثم يستقر الحساب، فيجب في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة. وعند ابن المسيب وأبي قلابة أنه يجب في كل خمس شاة إلى خمس وعشرين، فإذا بلغتها ففيها بقرة إلى خمس وسبعين، فإذا جاوزت فبقرتان إلى عشرين ومائة، فإذا جاوزت ففي كل أربعين بقرة بقره. وعند حماد في ثلاثين جذعة أو جذع، وفي أربعين مسنة، فإذا بلغت خمسين فبحساب ذلك، وهو قول الحكم إلا أنه يقول: في خمسين مسنة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ثلاث روايات فيما زاد على أربعين: إحداها مثل قول الشَّافِعِيّ، وبها قال مالك وَأَحْمَد وحماد ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ. والثانية بحساب ذلك. والثالثة لا شيء فيها حتى تبلغ خمسين، فيجب فيها مسنة وربع مسنة، وهو قول النَّخَعِيّ وحماد. وفى الستين ناقة، والله أعلم بغيبه. * * *

باب صدقة الغنم

باب صدقة الغنم مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وعبد الله بن عمر وكافة العلماء أنه لا شيء في الغنم حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت ففيها شاة ثم لا شيء فيها حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين، فإذا بلغتها ففيها شاتان إلى مائتين وشاة، فإذا بلغتها ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، ثم لا شيء فيها حتى تبلغ أربعمائة، ثم تستقر الفريضة في كل مائة شاة شاة. وعند النَّخَعِيّ والحسن بن صالح فيما نقله عنهما صاحب البيان والشامل والمعتمد أنها إذا زادت على ثلاثمائة واحدة وجب فيها أربع شياه إلى أربع مائة، فإذا زادت فيها واحدة وجب فيها خمس شياه. ونقل عنهما الشاشي أنه يجب في ثلثمائة أربع شياه، وفي أربعمائة خمس شياه، وعلى هذا. وعند معاذ بن جبل أن الشياه إذا بلغت مائتين لا تغبر حتى تبلغ أربعين وثلاثمائة، فإذا بلغت ذلك أخذ منها أربع شياه. مسألة: عند الشافعه وَأَحْمَد السن للشاة الواجبة هي الجذعة في الضأن، أو الثنية في المعز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الثنى أو الثنية منهما، هذه رِوَايَة الأصول عنه. وروى الحسن بن زياد عنه كقول الشَّافِعِيّ وعند مالك يجزئه الجذعة منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ وإِسْحَاق إذا كانت الماشية كلها معيبة، أو صغارًا، أو مرضاء أخذ الفرض منها على صفتها، وعند مالك يأخذ من المعيب والمراض صحيحه، ومن الصغار كبيره، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا زكاة في الصغار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عزل الفرض من ماله ليدفعه إلى الفقراء أو إلى الساعي،

فتلف لم يجزئه وكان عليه ضمانه. وعند مالك لا يضمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الإبل كلها ذكورًا لم يؤخذ منها إلا أنثى. وعند مالك يجوز أخذ الذكر منها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الأربعين في البقر ذكورًا جاز أخذ الذكر منها. وعند مالك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت من البقر ثلاثين جاز أخذ الذكر منها، سواء كانت كلها إناثًا، أو كلها ذكورًا، أو بعضها ذكورًا وبعضها إناثًا، وعند مالك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كانت الغنم كلها ذكورًا وإناثًا لم يجز إخراج الذكر منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الماشية نوعًا واحدًا يسن الفرض، فإن كانت متفقة الصفة، فإن الساعي يختار الواجب منها للفقراء ولا يفرق، وعند الزُّهْرِيّ وعمر يفرق الغنم فرقتين، فرقة لرب المال، وفرقة يختار الساعي منها ما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الماشية أنواعًا من جنسين كالضأن والمعز في الغنم، وكالمميزة والأرحبية والمعتدية في الإبل، والجواميس والعراب في البقر، فقَوْلَانِ: أحدهما تؤخذ الزكاة من الأكثر، فإن تساويا أخذ من أحدهما ما هو أحظ للفقراء، وهو قول عكرمة وَمَالِك وإِسْحَاق، إلا أنهما قالا: إذا تساويا أخذ من أيهما شاء. والثاني يؤخذ منهما بالقسط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان له أربعون من الغنم في بلدين وجب عليه قيمتها شاة. وعند أَحْمَد إن كان البلدان متباعدان لم يجب فيها شيء. وعنده أيضًا إذا كان له في بلد أربعون وجب فيها شاتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للساعي أن يأخذ الحامل، ولا سنًا أعلى من سن الفرض، كابن لبون أو حقة عن ابن مخاض إلا برضى رب المال، فإن رضي أجزأ ذلك. وعند داود لا يجزئ وإن رضي رب المال.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز إخراج القيمة في الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد يجوز. وعند مالك يجوز إخراج الذهب عن الفضة على وجه البدل لا على وجه القيمة. وعنه في إخراج الفضة عن الذهب رِوَايَتَانِ. وعند أَحْمَد في إخراج الذهب عن الفضة بالقيمة رِوَايَتَانِ. * * *

باب صدقة الخلطاء

باب صدقة الخلطاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا كان لاثنين أربعون من الغنم وخلطاها حولاً كاملاً وجب عليهما شاة. وكذا إذا كان ثمانون لكل واحد منهما أربعون وخلطاها حولاً كاملاً وجب عليهما شاة واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأهل العراق ليس للخلطة تأثير في الزكاة، بل يزكي كل واحد من الشريكين زكاة المنفرد. وعند مالك للخلطة تأثير في الزكاة إذا كان ملك كل واحد نصابًا كقول الشَّافِعِيّ، وإن كان ملك كل واحد منهما ناقصًا عن النصاب فلا تأثير لها في الزكاة كقول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ شرائط خلط الأوصاف المراح والمشرب والراعي أن يكون من أهل وجوب الزكاة كقول أَبِي حَنِيفَةَ وأن يكون يبلغ ملكاهما نصابًا. والنية والمحلب على أحد الوجهين، واختلف أصحاب مالك، فمنهم من قال: يكفي شرطان الراعي والمرعي، ومنهم من قال يكفي شرط واحد وهو الراعي، وعند يَحْيَى الأنصاري والْأَوْزَاعِيّ يكفي ثلاث شرائط الفحل والمراح والراعي، وعند عَطَاء وطاوس إذا عرف كل واحد منهما ما له فليسا بخليطين. وهذا يدل منهما أن خلطة الأوصاف لا تأثير لها فى الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ملك من يجب عليه الزكاة أربعين شاة وخالط مكاتبًا أو ذمّيًّا لم تصح الخلطة، ووجب على الحر المسلم زكاة المنفرد. وعند أَبِي ثَورٍ تصح الخلطة مع المكاتب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب على الحر المسلم زكاة المنفرد، كما لا يجب على شريكه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اتفقا في الحول، وثبت لكل واحد منهما حكم الانفراد بأن اشتريا في شهر واحد وأقامت في يد كل واحد منهما شهرًا ثم خلطا، ففيه قَوْلَانِ:

أحدهما يزكيان زكاة الخلطة، وهو القديم، وبه قال مالك. والثاني وهو الجديد يزكيان زكاة المنفرد، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل تصح الخلطة في غير المواشي والذهب والفضة والزرع والثمار؟ قَوْلَانِ: أحدهما وهو القديم لا تصح، وبه قال مالك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وأبو عبيدة وأبو ثور. والثاني وهو الجديد تصح، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. فعلى هذا إذا اشتركا في زراعة حنطة أو شعير وبلغ خمسة أوسق وجبت الزكاة عليهما. وعند النَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة وأبي طالب ويَحْيَى لا تجب عليهما حتى تبلغ عشرة أوسق. * * *

باب زكاة الثمار

باب زكاة الثمار مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والحسن البصري وابن سِيرِينَ والشعبي وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ والحسن بن صالح وابن الْمُبَارَك ويَحْيَى بن آدم وأبي عبيد تجب الزكاة في ثمرة النخل والكرم دون غيرهما من الثمار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر تجب الزكاة في جمع الثمار في جميع ما تنبته الأرض. ويقصد بزراعته ثمارها، إلا الحطب والحشيش والقصب الفارسي. وعند أَبِي يُوسُفَ تجب الزكاة في جميع الثمار. وعند أَحْمَد يجب الزكاة في سائر الثمار التي تكال، فأوجبها في الموز وأسقطها في الجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب الزكاة في الزيتون قَوْلَانِ: القديم وجوبها، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ واللَّيْث. والجديد لا تجب، وبه قال ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو عبيدة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوجبنا الزكاة في الزيتون، فإن كان مما لا يقصد منه الزيت بل يقصد منه الزيتون أخرج عشره زيتونًا، وإن كان مما يقصد منه الزيت فهو بالخيار، إن شاء أخرج عشره زيتًا، وإن شاء زيتونًا، والزيت أولى. وهذا إذا بلغ الزيتون خمسة أوسق بالكيل، فإن نقص في ذلك فلا شيء فيه. وعند الزُّهْرِيّ واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ يخرج عنه زيتًا صافيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما لا تجب فيه الزكاة من الخضروات إذا بيعت لم يجب في ثمنها شيء حتى يحول عليها الحول. وعند الزُّهْرِيّ والحسن إذا بيعت وقبض ثمنها وكان نصابًا وجبت فيها الزكاة في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وابن حُيي ثمانية أرطال. وعند شريك بن عبد الله الصاع أقل من ثمانية وأكثر من سبعة. وعند الْإِمَامِيَّة الصاع تسعة أرطال. وعند النَّاصِر والزَّيْدِيَّة الصاع سبعمائة درهم إلا ستة دراهم وثلثي درهم. وعنه أيضًا أن الصاع ستمائة درهم وأربعون درهم. وحمل منه هذا على نفس الصاع لا على ما يكال به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر وابن عمر وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة لا تجب الزكاة في ثمرة النخل والكرم حتى تبلغ بالسنة خمسة أوسق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر والحسن بن صالح تجب في

كل قليل وكثير، فلو كانت حبة واحدة وجب عشرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النصاب ألف وستمائة رطل البغدادي. وعند أَحْمَد وأبي يوسف ثلثمائة وستون رطلاً. وعند أَبِي يُوسُفَ أيضا يجب في كل عشرة أرطال رطل، ولا شيء فيما دونه. وعند مُحَمَّد مائة وثمانون رطلًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء لا يجب العشر في ورق التوت. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يجب فيه. وعند سائرهم إذا كان يعالج به دود القز لا يجب، إلا إذا بلغت قيمته نصابًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب العشر فيما سقى بغير مؤنة ثقيلة، فإن سقى بمؤنة ثقيلة وجب فيه نصف العشر، وإن سقى نصفه بهذا ونصفه بهذا وجب فيه ثلاثة أرباع العشر، وإن سقى بأحدهما أكثر فقَوْلَانِ: أحدهما يؤخذ من الأكثر في الغالب، وهو قول عَطَاء وَأَحْمَد. والثاني يؤخذ بالقسط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب الزكاة في العسل قَوْلَانِ: القديم وجوبها. والجديد لا تجب، وهو قول مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان في غير أرض الخراج وجبت فيه الزكاة، وإن كانت في أرض الخراج لم تجب فيه الزكاة. وعند أَحْمَد ومَكْحُول وسليمان بن موسى وإِسْحَاق تجب الزكاة فيه بكل حال. واختلفت الزَّيْدِيَّة، فقال النَّاصِر يجب الخمس فيه، سواء استخرج من العياص أو الكوارة. وكذا يجب الخمس لما يترك فى الكوارة شفقة على النحل. وقال القاسم ويَحْيَى إن كان مستخرجًا من العياص ففيه الخمس، وإن كان مستخرجًا من الكوارة ففيه العشر إذا بلغت قيمته نصابًا. وعند أبي حَنِيفَةَ وزيد بن علي يجب العشر في قليله وكثيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوجبنا الزكاة في العسل اعتبر فيه النصاب، وبه قال أَحْمَد وصاحباه، وبه قال زيد بن علي والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. والقول الثاني لا يصح

قدر نصيب أرباب الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم وأبو عبد الله الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره الفرار من الزكاة، وهو أن يبيع جزءًا من مال الزكاة قبل الحول بغير حاجة يقصد بذلك أن يحول الحول والنصاب ناقص، فلا تجب عليه الزكاة، وهو قول أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَحْمَد وَمَالِك وبعض التابعين والْإِمَامِيَّة يحرم عليه ذلك، ولا تسقط عنه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رب المال الثمرة قبل بدو الصلاح لم تجب عليه الزكاة لذلك إن كان القطع لعذر كالأكل، أو ليبيعها، أو ليخفف عن النخل والكرم وإن كان للفرار عن الزكاة وكانت تبلغ نصابًا لو بقيت كره ذلك ولا يحرم. وعند مالك وَأَحْمَد يحرم عليه ذلك، ولا تسقط عنه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وَأَحْمَد وإِسْحَاق وَمَالِك يستحب الخرص للثمرة بعد بدو الصلاح، ويستفاد به جواز التضمين على رب المال. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل العراق لا يجوز الخرص ولا يتعلق به حكم. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يجوز الخرص تعريفًا لرب المال حتى لا ينقصها ولا يتلفها. ولا يجوز أن يخرصها ليضمنها. وعند الشعبي الخرص بدعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختار رب المال ضمان حق الفقراء بعد الخرص، ثم تلفت الثمرة بجائحة لم تسقط الزكاة. وعند مالك تسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يجزئ أن يكون الخارص واحد أو لابد من اثنين، قَوْلَانِ وبأولهما قال أَحْمَد ومالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأصح لا يؤخذ العشر من العنب حتى يصير زبيبًا، ولا من

الرطب حتى يصير تمرًا، وهو رِوَايَة عن أحمد. والرِوَايَة الثانية عنه أنه يوسق رطبًا وعنبًا لا تمرًا وزبيبًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن مؤنة الجفاف على رب المال. وعند عَطَاء يتقسط على الزكاة والمال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجب الزكاة في الثمرة المحبس أصلها في سبيل الله، كالمساجد والرباطات والقناطر، وكذلك ما توقف على الفقراء والمساكين. وحكى ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ أيضًا أن الزكاة تجب في جميع ذلك، وعند أَحْمَد لا تجب فيما حبس على الفقراء، وتجب فيما حبس على ولده، وعن أبي عبيد قريب من هذا، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ما يأكل رب المال من الثمرة يحسب عليه ويؤخذ منه في حق الفقراء. وعند أَحْمَد ما يؤكل بالمعروف لا يحسب عليه، وما يطعم صديقه وجاره يحتسب به عليه. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يحتسب عليه بما يأكل ولا بما يطعم صديقه وجاره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أحيا المسلم مواتًا في حيز أرض الصلح بما ساقه من نهر احتفره الأعاجم، أو بعين استخرجها منها، أو قناة، أو دجلة، أو فرات فلا خراج عليها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في النهر عليه الخراج، وفي بقية المواضع لا خراج عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يكره للرجل أن يشتري صدقته، فإن اشتراها صح. وهذا هو الظاهر من قول أحمد. ومن أصحاب أَحْمَد من قال: يبطل البيع وحكى أصحابنا ذلك عن أحمد، وأنكره أصحابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا كانت الثمرة أنواعًا مختلفة قليلة أخذ من كل نوع بقسطه. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ يؤخذ من الجبر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الأنواع كثيرة أخذ من أوسطها، وبه قال مالك في رِوَايَة. والرِوَايَة الثانية يؤخذ من كل نوع بقسطه. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ يؤخذ من الأغلب. * * *

باب زكاة الزروع

باب زكاة الزروع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك تجب الزكاة في الحبوب التي تقتات في حال الاختيار وتدخر، كالحنطة والشعير والذرة والجاورس والأرز، وكذلك القطنية وهي اللوبيا، والهرطمان، والبلسن، والماش، والعتر والباقلاء. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ والشعبي وابن أبي ليلى وسفيان والحسن بن صالح وابن الْمُبَارَك ويَحْيَى بن آدم وأبي عبيد وَأَحْمَد لا تجب الزكاة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب. وعند أبي ثور تجب في الحنطة والشعير والذرة. وعند ابن عمر تجب الزكاة في السلت. وهو صنف من الشعير، فهو موافق لقولهم، وهو قول النَّخَعِيّ، إلا أنه ضم إلى هذه الأصناف الذرة، وروى ذلك عن ابن عَبَّاسٍ إلا أنه لم يذكر الذرة. وعند عَطَاء تجب في النخل والكرم والحبوب كلها. وعند إِسْحَاق كل ما وقع عليه اسم الحب المأكول، وهو مما يبقى في أيدي الناس ويصير في بعض الأزمنة عند الضرورة طَعَامًا فهو حب يؤخذ منه العشر، وعند مالك في الحبوب المأكولة غالبًا من الزرع. وعند أَبِي يُوسُفَ تجب في الحبوب المأكولة والقطن. وعند أَحْمَد تجب في الحبوب التي تكال، أنبته أو نبت بنفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب في كل مزروع ومغروس من فاكهة وبقل وخضرة. وعند مالك الحبوب كلها فيها الزكاة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يجب العشر إلا فيما له ثمرة باقية، ولا شيء في الخضروات. وعند الْإِمَامِيَّة لا تجب الزكاة إلا في تسعة أصناف: الدنانير، والدراهم، والحنطة، والشعير، والزبيب، والإبل، والبقر، والغنم، ولا زكاة فيما عدا ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجب الزكاة في الترمس والسمسم وبذر الكتان وحب الفجل وما أشبهه مما تقتاته العرب في حال الاضطرار. وعند مالك تجب في ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن كل ما زرع وجب فيه الزكاة، فلا تجب فيه حتى يكون يابسه خمسة أوسق، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب في القليل والكثير. وعند النَّاصِر والزَّيْدِيَّة لا يعتبر النصاب فيما عدا التمر والزبيب والحنطة والشعير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأصناف التي تجب فيها الزكاة لا يضم صنف إلى صنف في إكمال النصاب، بل تعتبر كل صنف بنفسه إلا السلت فإنه يضم إلى الشعير على وجه. والمنصوص للشافعي أنه لا يضم إلى الشعير، والعلس يضم إلى الحنطة، وتضم الأنواع من صنف واحد بعضها إلى بعض وكذلك القطنيات مثل الباقلاء واللوبيا والحمص والعدس وما أشبه ذلك كل صنف منها معتبر بنفسه في النصاب، ولا يضم بعضها إلى بعض كالحبوب سواء، به قال داود. وعند الحسن والزُّهْرِيّ وَمَالِك يضم الشعير إلى الحنطة. وكذلك السلت ولا يضم إليه القطنيات، وتضم القطنيات بعضها إلى بعض. وعند مالك رِوَايَة أنها أجناس كالربا. وعند طاوس وعكرمة وَأَحْمَد في إحدى الروايتين تضم الحنطة والشعير والقطنيات بعضها إلى بعض ويؤخذ منها الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجوز الزكاة في قشر الأرز ولا في التبن. وعند النَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة تجب في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجب العشر في غلة الأراضي الموقوفة على الفقراء والمساكين والمساجد والطرق، وتجب في غلة الأراضي الموقوفة على رجل معين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الداعي منهم يجب في جميع ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا تؤخذ الزكاة إلا بعد التصفية ومؤنة الدنانير، والتصفية على رب المال. عند عَطَاء تقسط المؤنة على جميع المال.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أخرج العشر عن الحب والثمار لم يجب فيه عشر آخر. وعند الحسن البصري يجب فيه العشر في كل سنة ما دام باقيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجب العشر على ذمي ومكاتب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان الزرع لواحد والأرض لآخر وجب العشر على مالك الزرع كالمستأجر مع المؤاجر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب العشر على المؤاجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة يجتمع العشر والخراج في الأرض الخراجية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجتمعان، فإذا أخذ الخراج لا يؤخذ العشر. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجتمعان، بل يثبت العشر ويسقط الخراج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك يجوز للإمام أن يزيد في الخراج على وظيفة عمر رضي الله عنه وينقص منها. وكذا في الجزية. وعن أَحْمَد ثلاث روايات: إحداها لا يجوز. والئانية الجواز، وبها قال أبو بكر من أصحابه ومُحَمَّد بن الحسن الحنفي. والثالثة يجوز الزيادة والنقصان. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز النقصان خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اشترى الذميّ أرضًا عشرية صح شراؤه، ولا يجب عليه الخراج ولا العشر. وعند مالك لا يصح الشراء، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح الشراء، ويجب عليه الخراج. وعند أَبِي يُوسُفَ يجب عليه عشران، وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند مُحَمَّد عشر واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر الإمام المشركين على أراضيهم وضرب عليهم الخراج باسم الجزية وأسلموا سقطت عنهم الجزية. ووجب عليهم العشر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تسقط عنهم الجزية ولا يجب عليهم العشر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ضرب على نصارى بنى تعلب العشرين في زروعهم مكان الجزية، ثم أسلموا وباعوا الأرض لمسلم سقط أحدهما، وأخذ الآخر على طريق الزكاة. وكذا الذميّ إذا ضربت على أرضه الجزية ثم أسلم سقطت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تسقط. * * *

باب زكاة الذهب والفضة

باب زكاة الذهب والفضة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وَأَحْمَد في رِوَايَة لا تجب الزكاة في غير الذهب والفضة من الجواهر، كالياقوت والفيروز واللؤلؤ والزبرجد والمرجان والصفر والنحاس، وكذا لا تجب في المسك ولا فيما يستخرج من البحر، إلا أن يكون ذلك كله للتجارة، فتجب فيه زكاة للتجارة، أو ركاز، أو معدن الذهب، أو فضة فيجب فيه حق الركاز والمعدن. وعند الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وأَبِي يُوسُفَ ومحمد وإِسْحَاق يجب في العنبر الخمس، وعند عبيد الله بن الحسن العنبري وَأَحْمَد في رِوَايَة يجب الخمس في كل ما استخرج من البحر إلا السمك. وعند الزُّهْرِيّ يجب في العنبر واللؤلؤ الخمس. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر ويَحْيَى يجب الخمس في المسك والعنبر والنفط والملح أي ملح كان والغاز، وعند المؤيد منهم لا خمس في الملح والنفط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تجب الزكاة على الذهب والفضة، سواء كان مطبوعًا أو غير مطبوع. وعند الْإِمَامِيَّة أنها لا تجب إلا في المطبوع من ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تجب الزكاة في الذهب والفضة حتى يبلغ نصابًا. ونصاب الذهب عشرون مثقالاً، ونصاب الفضة مائتي درهم بدراهم الْإِسْلَام،

فإن نقص عن ذلك شيء لم تجب الزكاة. وعند المغربي من أهل الظاهر وبشر المريسي يعتبر العدد دون الوزن. وعند مالك إذا نقص ذلك حبة أو حبتين في جميع الموازين فلا زكاة عليه، وإن نقصت في ميزان دون ميزان فعليه الزكاة. وروى عنه في الموطأ إذا نقص ذلك كله حبة أو حبتين فعليه الزكاة. وروى عنه إذا نقص ثلاثة دراهم وجبت الزكاة. وعند مُحَمَّد بن مسلمة وَأَحْمَد إن نقص ذلك ثلاثة دراهم لم تسقط الزكاة. وروى عن أَحْمَد أيضًا إذا نقصت دانق أو دانقان وجبت الزكاة. وعند طاوس والزُّهْرِيّ ومجاهد وأيوب السختياني وسليمان بن حرب أن نصاب الذهب معتبر بالفضة، فيعتبر أن يبلغ فيه الذهب مائتا درهم، حتى لو كان معه خمسة عشر مثقالاً من الذهب يبلغ قيمتها مائتا درهم وجبت فيها الزكاة، وإن كان معه عشرون مثقالًا لا يساوى مائتا درهم لم يجب فيه شيء وعند الحسن البصري وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة واختارها عبد العزيز من أصحابه لا يضم الذهب إلى الفضة في إكمال النصاب. وعند الحسن وقتادة ومالك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يضم أحدهما إلى الآخر في النصاب، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أَحْمَد واختلفوا في كيفية الضم، فقال أبو حَنِيفَةَ: يضم أحدهما إلى الآخر بالقيمة، وقال الياقوت: يضم أحدهما إلى الآخر بالأجزاء، فإذا كان معه عشرة مثاقيل ومائة درهم وجبت عليه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وزفر الأموال التي تجب الزكاة في عينها كالمواشي والذهب والفضة يعتبر النصاب فيها من أول الحول إلى آخره، فإن نقص من النصاب شيء في جزء من الحول لم تجب فيه الزكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاعتبار بالنصاب فى طرفي الحول، فإن نقص في أثنائه لم ينقطع الحول إذا بقي من المال شيء بنى به إذا كان معه أربعون شاة في أول الحول فهلك الجميع إلا واحدة في أثناء الحول، ثم ملك فى آخره تسعًا وثلاثين مع الباقية من الأربعين وجبت عليه الزكاة عند تمام الحول من حين ملك الأربعين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وداود ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وعلى

وعمر وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب فيما زاد على النصاب في الذهب والفضة بحسابه فى قليله وكثيره، وعند الحسن وعَطَاء وابن المسيب وطاوس والشعبي ومَكْحُول وعمرو ابن دينار والزُّهْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا شيء في الزيادة على نصاب الذهب حتى تبلغ الزيادة أربع دنانير، ولا يجب في الزيادة على نصاب الفضة حتى تبلغ الزيادة أربعين درهمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا كان عنده ذهب مغشوش أو فضة مغشوشة، ويبلغ الخالص في كل واحد منهما نصابًا وجبت فيه الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الغش أكثر، أو كان أسوأ لم تجب الزكاة. وإن كان العشر أقل وجبت فيه الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد بالله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج خمسة دراهم مغشوشة عن مائتي درهم جيدة لم يجزئه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزيه، وعند أَبِي يُوسُفَ إن كانت الفضة رديئة أجزأته، وإن كانت مغشوشة لم يجزئه، وعند مُحَمَّد وَأَحْمَد يجزئه ما فيها من الفضة، وعليه أن يخرج الفضل ما بينهما وبين الفضة الجيدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وجابر بن عبد الله إذا كان له دين على ملي مقرٌّ به في الظاهر والباطن، باذلٌ إذا طلبه وجب فيه الزكاة، ووجب إخراجها عنه. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ لا يجب إخراج الزكاة عنه حتى يقبضه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند ابن المنذر وعائشة وعكرمة وعَطَاء أنه لا زكاة في الدين حتى يقبضه صاحبه ويحول عليه الحول من يوم قبضه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي عن مُحَمَّد بن يَحْيَى، وعند عَطَاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وعَطَاء الخراساني وأبي الزناد وَمَالِك يزكِّيه إذا قبضه لسنة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الدين على مقرٍّ به في الباطن جاحدًا له في الظاهر وجبت الزكاة فيه، ولا يجب إخراجها عنده حتى يقبضه. وعند أَبِي يُوسُفَ لا تجب فيه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الدين المأيوس منه قَوْلَانِ: أحدهما لا تجب الزكاة فيه حتى يقبضه ويحول عليه الحول. والثاني تجب فيه الزكاة، فإذا قبضه زكاه لما مضى، وهو قول الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد. وعند عمر بن عبد العزيز والحسن واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ يزكيه لسنة واحدة إذا قبضه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الدين على أحد له في الباطن والظاهر وله بينة، أو علمه الحاكم وجبت فيه الزكاة. وعند مُحَمَّد إن علمه الحاكم وجبت فيه الزكاة، وإن لم يعلمه وله بينة لم تجب فيه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب الزكاة في الحلي المباح وهو ما يتخذه الرجل لحلية نفسه كالمنطقة المحلاة بالفضة، والقبيعة المصوغة، والخاتم من الفضة، وكذا ما تتخذه المرأة لتلبسه من خلاخل الذهب والفضة والدمالج والمغانق وغيرها قَوْلَانِ: أحدهما تجب فيه الزكاة، وبه قال عمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعبد الله بن عمرو والقاسم بن مُحَمَّد وعبد الله بن شداد وميمون بن مهران ومجاهد وجابر بن زيد والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. والثاني لا تجب، وبه قال ابن عمر وجابر وعائشة وأسماء وَمَالِك وإِسْحَاق وَأَحْمَد ومجاهد وأبو ثور وأبو عبيد وأنس. واختلف النقل عن الحسن البصري والشعبي، فنقل عنهم صاحب الشامل والمعتمد أنهم قائلون بالقول الأول. ونقل عهم صاحب البيان أنهم قائلون بالقول الثاني. واختلف النقل عن سعيد ابن السيب، فنقل عنه صاحب البيان وابن الصباغ أنه قائل بالقول الثاني، ونقل عنه صاحب المعتمد أنه قائل بالقول الأول، واختلف النقل عن الزُّهْرِيّ فنقل عنه صاحب البيان والمعتمد أنه قائل بالقول الأول، ونقل عنه ابن الصباع أنه قائل بالقول الثاني، واختلف النقل عن سعيد بن جبير وابن سِيرِينَ وعَطَاء، فنقل عنهم ابن الصباع أنهم قائلون بالقول الثاني، ونقل عنهم صاحب المعتمد أنهم قائلون بالقول الأول. وعند أنس ابن مالك يزكى عامًا واحدًا، وعند عبد الله بن عيينة وقتادة زكاته عاريته، وبه قال أَحْمَد والحسن في إحدى الروايتين عنهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز تمويه السقوف بالذهب والفضة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اتخذ الحلي للكرى ففي وجوب زكاة الحلي قَوْلَانِ: أحدهما لا تجب، وبه قال مالك. والثاني تجب، وهو قول أحمد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز اتخاذ أواني الذهب والفضة في أحد القولين، وبه قال مالك ويجوز في الآخر، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا خالف واتخذها فعليه الزكاة وتعتبر بالقيمة لا بالوزن. وكذلك الحلي الذي تجب فيه الزكاة وعند مالك الاعتبار بالوزن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بادل الأثمان بعضها ببعض انقطع الحول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إخراج زكاة الفضة ذهبًا، ولا زكاة الذهب فضة، وعند مالك يجوز ذلك ويكون بدلاً لا قيمة. وقد ذكرناه فيما تقدم. واختلف أصحاب مالك في كيفية الإخراج بالقيمة أو بالبديل. * * *

باب زكاة التجارة

باب زكاة التجارة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وجابر وعائشة وفقهاء المدينة السبعة والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وابن حُيي وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء تجب الزكاة في مال التجارة. وعند ابن عَبَّاسٍ وداود والْإِمَامِيَّة لا تجب فيها الزكاة، وهو القياس. وعند عَطَاء ورَبِيعَة وَمَالِك لا زكاة فيها حتى تُنض دراهم أو دنانير، فإذا نفقت أخذ منها زكاة عام واحد. وعند اللَّيْث إذا ابتاع متاعًا للتجارة فبقي عنده أحوالاً فليس عليه إلا زكاة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا اشترى عرضًا ولم ينو به التجارة حال الشراء لم يصر للتجارة. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ يصير للتجارة إذا نوى بعد العقد أنه للتجارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وكافة العلماء إذا اشترى عرضًا للتجارة يعرض للقنية وعرض القنية من غير أموال الزكاة، وجرى في الحول من يوم

الشراء ووجبت فيه الزكاة إذا حال عليه الحول، وعند مالك لا تجب فيه الزكاة، لأن عنده أنها لا تجب إلا فيما اشترى بالدراهم والدنانير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم ينض رأس المال والربح إلا بعد حولين وأكثر، ولم يكن زكَّاه في كل حول، زكَّى عن الأحولة كلها. وعند عَطَاء وَمَالِك لا يزكّى إلا لحول واحد، إلا أن يكون مدثرًا لا يعرف حول ما يبيع ويشتري، فإنه يجعل لنفسه شهرًا في السنة يقوِّم ما عنده وتركته مع فائض أمواله، وإن كان من يتربص بسلعته النفاق والأسواق لم يجب تقويمها حتى يبيعها بذهب أو ورق يزكى لسنة فقط. قلت: قال أهل اللغة: المدثر هو الرجل الكثير المال، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى عرضًا للتجارة بما دون النصاب يعرض من الأثمان قوّم بجنس ذلك على أصح القولين، وبه قال أبو يوسف. وفي الوجه الثاني يقوَّم بغالب نقد البلد، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يقوّم الأحظ للفقراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع زكاة العين وزكاة التجارة، بأن اشترى نصابًا من الماشية وهي سائمة، أو اشترى نخلاً للتجارة فأثمرت في يده، أو اشترى أرضًا للتجارة فزرعها، فإنه لا يجب إلا واحدة منها. واختلف قوله في أيهما تجب، فقال في الجديد تجب زكاة العين، وهو قول مالك. وقال في القديم تجب زكاة التجارة، وهو قول أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول في النخل والزرع كقوله الجديد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى عرضًا للتجارة انعقد الحول عليه من حين اشترى، سواء كان المشتري نصابًا أو لم يكن، وسواء كان قيمة العرض نصابًا أو دونه. وإذا حال عليه الحول وبلغ نصابًا وجبت فيه الزكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتبر وجود النصاب في جميع الحول وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا ملك عرضًا بخلع أو نكاح أو صلح عن دم عمد ونوى به التجارة حين التملك ففيه الزكاة. وعند مُحَمَّد وبعض الشَّافِعِيَّة لا زكاة فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ملك العرض بهبة ونوى بها التجارة لم يصر للتجارة. وعند

أَحْمَد يصير للتجارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن زكاة التجارة تجب في القيمة على القول الجديد، وهو قول مالك وَأَحْمَد. وفي القديم تجب في العين، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. واختلف قول الشَّافِعِيّ في المخرج في زكاة التجارة على ثلاثة أقوال: أحدها يخرج من القيمة، والثاني من العرض، وهو قول أَبِي يُوسُفَ ومحمد، إلا أنهما يقَوْلَانِ: إن نقص قيمة العرض بعد الحول أخرجها ناقصًا. والثالث هو بالخيار إن شاء أخرج من العرض، وإن شاء أخرج من القيمة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. ويقول: يتعين بالإخراج ويعتبر قيمة المخرج حال الوجوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ زكاة التجارة وزكاة الفطر يجتمعان فى العيد، فإذا كان له عبد للتجارة وأهلَّ عليه هلال شوال وجب عليه زكاة فطرته، وإن حال عليه حول زكاة للتجارة وجب فيه زكاة التجارة. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه زكاة التجارة، ولا يجب عليه زكاة فطره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العامل في القراض لا يملك شيئًا من الربح قبل القسمة، ولا تجب الزكاة في حصته في أحد القولين وعند أَبِي حَنِيفَةَ يملك حصته بالظهور، وتجب منها الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نضَّ من العروض للتجارة في أثناء الحول استؤنف الربح حول في أحد القولين، وزكَّى في الربح لحول الأصل في القول الآخر، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان عنده عرض للتجارة فنوى به القنية صار للقنية بمجرد النية، وانقطع الحول فيه. وعند أَحْمَد وَمَالِك في إحدى الروايتين عنهما لا يصير للقنية بمجرد النية. * * *

باب زكاة المعدن والركاز

باب زكاة المعدن والركاز مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب حق المعدن على المكاتب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب حق المعدن على الذي لا يملكه، ولا شيء عليه فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا لم يأذن له الإمام في العمل لم يملك ما أخذه، وإذا أذن له أخذ منه الخمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يتعلق حق المعدن بغير الذهب والفضة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتعلق بالذهب والفضة، وبكل ما ينطيع إذا طيع، كالحديد والرصاص والصفر، ولا يتعلق بما لا ينطيع كالفيروز والزجاج، وفي الزئبق عنه رِوَايَتَانِ وعند أَحْمَد يتعلق بكل ما يستخرج من المعدن حتى الصفر والكحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجب الخمس على الحطب والحشيش، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند يَحْيَى منهم يجب فيها الخمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا وجد في داره معدنًا ففيه ما في

الموات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا شيء فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب في المستخرج من المعدن شيء إذا لم يبلغ نصابًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعتبر النصاب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ حق المعدن زكاة، وعند أبي حَنِيفَةَ ليس بزكاة، ويصرف مصرف الفيء، وهو قول الْمُزَنِي وأبي حفص بن الوكيل من الشَّافِعِيَّة. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في قدر الواجب في المعدن على ثلاثة أقوال أحدها ربع العشر، وهو قول أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وَمَالِك في رِوَايَة. والثاني الخمس، وهو قول الزُّهْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي. والثالث يختلف باختلاف المؤنة، فإن وجد بذرة واحدة لا يلزمه عليه مؤنة ففيه الخمس، وإن كان يلزمه عليه مؤنة لزمه ربع العشر، وهو قول عمر بن عبد العزيز والْأَوْزَاعِيّ، وكذا مالك في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتبر الحول في حق المعدن على أصح القولين، وبه قال

مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وعامة أهل العلم، ويعتبر ذلك في حق ذلك في القول الآخر، وبه قال إِسْحَاق، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مؤنة التمييز والإخلاص في خاص رأس المال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المؤنة من المعدن جميعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد لا يجوز صرف المعدن إلى من وجبت عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الواجب في الركاز الخمس، سواء أظهره أو كتمه. وعند أبي حَنِيفَةَ هو بالخيار بين أن يكتمه ولا شيء عليه، وبين أن يظهره ويخرج منه الخمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب حق الركاز على الذمي. وحكى ابن المنذر عن مالك وأهل المدينة والثَّوْرِيّ وأهل العراق وأصحاب الرأي والْأَوْزَاعِيّ وداود وأَبِي ثَورٍ ورواه عن الشَّافِعِيّ أنه يجب على الذمي الخمس فيما يجب من الركاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصبي والمرأة إذا وجدا ركازًا كان لهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما وجد في موات دار الْإِسْلَام أو العهد أو الحرب فهو ركاز، ويكون لواجده، ويجب عليه الخمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ما وجد في موات دار الْإِسْلَام أو العهد فهو ركاز يجب فيه الخمس، وما وجد في موات دار الحرب فهو ملكه غنيمة له ولا يخمَّس. وعند مالك بين الجيش. وعند الْأَوْزَاعِيّ يؤخذ الخمس، والباقي بين الجيش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وجده في أرض مملوكة في دار الحرب فإنه يكون غنيمة. وعند أَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ أنه ينفرد به الواجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن عليه علامة لمسلم ولا لكافر، ووجد في موات دار الحرب كان غنيمة، وعند أَبِي يُوسُفَ وأَبِي ثَورٍ هو ركاز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ فيما وجد من الركاز غير الذهب والفضة، فقال في القديم: يجب الخمس، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد وإحدى

الروايتين عن مالك. وقال في الجديد: لا يجب فيه شيء. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الركاز هل يعتبر فيه النصاب أم لا؟ فقال في القديم: لا يعتبر، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد وقال في الجديد: يعتبر ذلك. وعند الحسن إن وجد في دار الحرب ففيه الخمس، وإن وجد في أرض الحرب ففيه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اكترى من رجل دارًا فوجد فيها ركازًا، فادَّعى كل واحد منهما أنه له فالقول قول المكترى. وعند الْمُزَنِي القول قول المكرى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا وجد ركازًا في ملك الغير فهو لمالك الموضع. وعند الحسن بن صالح وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ هو للواجد. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا استأجر رجلاً ليحفر له في داره فوجد كنزًا فهو للأجير، وإن استأجره ليحفر له رجاء أن يجد كنزًا وسمّاه له فوجد كنزًا فهو له، وللأجير الأجرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة المأخوذ من الركاز زكاة، ومصرفه مصرف الزكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد مصرفه مصرف الفيء، وبه قال الْمُزَنِي وابن الوكيل من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أمر السيد عبده بإخراج ركاز، أو وجده من غير أمر السيد كان ملكًا للسيد وعليه زكاته إن كان ممن تجب عليه الزكاة، وإن قال له السيد خذه لنفسك، فإن قلنا: إن العبد يملكه إذا ملك فهو للعبد ولا زكاة عليهما فيه، وإن قلنا: إنه لا يملك فهو للسيد وعليه الزكاة فيه. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأبي عبيد إذا وجد

العبد ركازًا صح له منه ولم يعطه كله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ هو له بعد الخمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ورِوَايَة عن أَحْمَد أنه إذا وجد ركازًا في داره سئل عن الذي انتقلت عنه حتى يصل إلى الأول ممن ملكها فيكون له. وعند مُحَمَّد وأبي يوسف ورِوَايَة عن أَحْمَد أنه يكون ملكًا لصاحب الدار. * * *

باب زكاة الفطر

باب زكاة الفطر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ زكاة الفطر واجبة مفروضة. وعند الأصم وابن علية وقوم من أهل البصرة ليست بواجبة، وهو قول ابن اللبان من الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأهل العراق هي واجبة وليست بفرض، لأن الفرض عنده ثابت بالأخبار المتواترة، والواجب ما ثبت بخبر الواحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ زكاة الفطر لا تجب في مال المكاتب ولا على سيده. وروى أبو ثور عن الشَّافِعِيّ أنها تجب على سيده، وهو قول عَطَاء ومالك. وعند أَبِي ثَورٍ يجب على المكاتب زكاة رقيقه. وعند أحمد يجب عليه في ماله، وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب زكاة الفطر على كل مسلم صلى وصام أم لا، أطاق الصلاة والصوم أم لا. وعند الحسن البصري وسعيد بن المسيب لا تجب إلا على من صام وصلى. وعند علي لا تجب إلا على من أطاقهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب زكاة الفطر إلا على من فضل عن قوته وقوت من يلزمه نفقته ليلة الفطر ويومه ما يؤدى

فى الفطر. ولا يعتبر ملك النصاب بعد القوت، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب إلا على من ملك نصابًا من الذهب أو الورق، أو ما قيمته نصاب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معسرًا حال الوجوب، ثم أيسر يوم الفطر لم يلزمه الإخراج بل يستحب له. وعند مالك يلزمه الإخراج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ أن الولد الصغير الموسر نفقته وفطرته من ماله. وعند مُحَمَّد بن الحسن وَأَحْمَد وزفر تجب نفقته من ماله وفطرته على أبيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له ابن ابن وابن بنت صغير معسر فإنه يلزم الجد نفقته وفطرته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب عليه فطرة والده وولده الكبير إذا كانا زمنين معسرين، فإن كانا صحيحين معسرين فقَوْلَانِ: أحدهما تجب. والثاني لا تجب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب عليه فطر من لا ولاية له عليه، فلا يجب عليه فطرة الوالدين ولا على الأب فطرة الولد البالغ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تطوع بالنفقة على إنسان لم يلزمه زكاة فطره. وعند أَحْمَد تلزمه زكاة فطره. وعند الْإِمَامِيَّة إذا أضاف غيره جميع شهر رمضان وجب عليه إخراج زكاة الفطر عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب على السيد إخراج زكاة الفطر عن عبده المسلم. وعند داود لا يجب على السيد، بل تجب على العبد، وعلى السيد أن يتركه ليكسب ما يؤدى في الفطرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا ملك عبيدًا أخرج عن كل واحد صاعًا، واختاره الخرقي وأبو بكر الحنبليان. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئه صاع واحد للجميع، وهو قول أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب عليه إخراج زكاة فطرة الآبق، علم بمكانه أو لم يعلم إذا علم حياته. وعند الزُّهْرِيّ وَأَحْمَد يخرج عنه إذا كان يعلم بمكانه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يخرج عنه إذا كان في دار الْإِسْلَام. وعند عَطَاء والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه أن يخرج عن عبده الآبق. وعند مالك إذا كانت غيبته قريبة ويرجى رجوعه أخرج عنه، وإن طال إباقه وآيس منه لا يخرج عنه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد والزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان عبدًا بين شريكين، أو بين جماعة وجبت عليهم زكاة فطرته على قدر الملك صاعًا واحدًا. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين يجب على كل واحد منهما صاعان. وعند الحسن وعكرمة والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يجب زكاة العبد المشترك على أحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن إذا كانت جارية بين رجلين فأتت بولد فادَّعياه وجبت فطرته عليهما، وبه قال الداعي من الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي يُوسُفَ يجب على كل واحد منهما صاع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان نصفه حرًا ونصفه عبدًا وجبت زكاة فطره عليه وعلى سيده، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه ولا على سيده. وعند مالك يجب على السيد نصف فطرته، ولا شيء على العبد. وعنه رِوَايَة أخرى كقول الشَّافِعِيّ. وعند عبد الملك الْمَاجِشُون يجب على السيد جميع فطرته. وعند مُحَمَّد بن مسلمة أنه إن لم يكن للعبد مال زكَّى السيد عنه، وإن كان له أخرج السيد نصف فطرته وعليه نصف فطرته. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يؤدي السيد عن نفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب فطرة العبد الذي في أيد العامل للفراض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجب على الزوج زكاة فطر زوجته. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا تجب عليه، بل هي واجبة عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان لليتيم مال وجب عليه زكاة الفطر، ويؤديها عنه الوصي من ماله. وعند مُحَمَّد بن الحسن لا تجب في مال الصغير صدقة يتيمًا كان أو غير يتيم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومن التابعين الضحاك بن عثمان وعثمان ابن نافع وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب على السيد في عبده الكافر زكاة الفطر. وعند عَطَاء وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأبي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق تجب عليه زكاة الفطر عن عبده الكافر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان العبد مسلمًا والسيد كافرًا تجب على السيد زكاة فطر عبده السلم في أصح الوجهين. ولا تجب عليه في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وصَّى برقبة عبد لواحد وبمنفعته لآخر كان زكاة فطره على مالك الرقبة. وعند عبد الملك على مالك المنفعة إذا كان الزمان طويلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على السيد زكاة فطرة عبده المغصوب. وعند أَبِي ثَورٍ لا شيء عليه. مسألة: اختلف قول الشافعى في وقت وجوب الفطرة، فقال في الجديد: تجب بآخر جزء من شهر رمضان، وبه قال الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وهي إحدى الروايتين عن مالك. وقال في القديم: تجب بطلوع الفجر من يوم الفطر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه وأبو ثور، وهي إحدى الروايتين عن مالك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وأبو طالب. وقال بعض أصحاب مالك تجب بطلوع الشمس من يوم الفطر،

وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز إخراج الفطرة في جميع شهر رمضان، ولا يجوز إخراجها قبله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجوز إخراجها قبل شهر رمضان بسنة أو بسنتين، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد يجوز إخراجها قبل الفطر بيوم أو يومين، ولا يجوز قبل ذلك. وعند مالك والثَّوْرِيّ لا يجوز إخراجها قبل وجوبها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، ومن الحنفية الحسن بن زياد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز تأخير زكاة الفطر عن يوم الفطر، وإن أخرها عنه أثم ويجزئه. وعند ابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ أنهما كانا يرخصان في تأخيرها عن يوم الفطر. وعند أَحْمَد أنه لا بأس به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر يجب عليه إخراج زكاة فطرة عبده الذي يكون في حائطه وماشيته وزرعه. وعند عبد الملك بن مروان لا يجب عليه فطرة عبده الذي يكون فى الماشية والزرع والحائط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الخيار في بيع العبد للمشتري، وأهل عليه شوال كانت زكاة فطره عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن استقر الملك على المشتري كانت عليه، وإن فسخ البيع كانت على البائع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على السيد إخراج زكاة عبيده إذا لم يكن قد ملَّكهم إيَّاهم، أو ملكهم وقلنا هم لا يملكون إذا ملكوا، فإما إذا قلنا إنهم يملكون فلا يلزمه زكاة فطرهم. وحكى ابن المنذر عن أبي الزناد وَمَالِك وأصحاب الرأي أنه لا يلزمهم فطرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن العبد إذا بيع بيعًا فاسدًا كان زكاة فطرته على البائع، قبضه المشتري أو لم يقبضه، أعتقه أو لم يعتقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قبضه المشتري أو أعتقه فعليه زكاة فطرته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصدق زوجته عبدًا معينًا، وأهل عليه شوال ثم طلقها قبل الدخول لزمها زكاة فطرته قبضته أم لم تقبضه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قبضته لزمتها زكاة

فطرته، وإن لم تقبضه فلا زكاة عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الزبير زكاة الفطر واجبة على أهل البادية، وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة لا تجب عليهم زكاة الفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والحسن البصري وأبي سعيد الخدري وأبي العالية وأبي الشعثاء وجابر بن زيد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الواجب في صدقة الفطر صاع من أي جنس كان من الطعام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وسعيد بن المسيب وعَطَاء وطاوس ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير وعروة ابن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي قلابة وعبد الله بن شداد ومصعب بن سعد وأبي بكر الصديق وعثمان بن عفان وابن مسعود وجابر بن عبد اللَّه وأبي هريرة وابن الزبير ومعاوية وأسماء أنه يجزئ نصف صاع من بر، ولا يجزئ مما سوى ذلك إلا صاعًا. قال ابن المنذر: لا يثبت ذلك عن أبي بكر وعثمان. وعن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَة أخرى أنه يجزئ نصف صاع من الزبيب. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لا يجزئ من الزبيب إلا صاعًا. واختلفت الرِوَايَة عن علي وابن عَبَّاسٍ والشعبي، فروى عنهم نصف صاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد ثمانية أرطال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أن يعطى الفقير من الفطرة القليل والكثير من غير تحديد، وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز أن يعطى الفقير الواحد أقل من صاع، وإن جاز أن يعطى أكثر من ذلك. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ فيما إذا عدل عن قوته وقوت بلده إلى قوت أدنى على القولين أحدهما يجزئه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ واختاره أبو إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة، والثاني لا يجزئه، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت في البلد أقوات متساوية عالية، فالأفضل أن يخرج

من أفضلها، ومن أيّها أخرج جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والزَّيْدِيَّة لا يجوز إلا من الأجناس الخمسة المنصوص عليها، والاعتبار بقوته لا بغالب قوت بلده. وإن اختار غير هذه الخمسة أخرجه على وجه القيمة، إلا أن يكون ذلك قوتهم فيخرج منه بنفسه صاعًا لا على وجه القيمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يؤديها على وجه القيمة عن الخمسة أبدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا يجوز إخراج السويق والدقيق في زكاة الفطر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز، ويكون ذلك أصلاً لا قيمة، وبه قال الأنماطي من الشَّافِعِيَّة. وعند أكثر الزَّيْدِيَّة يجوز بطريق البدل. وعند النَّاصِر منهم يجوز بطريق القيمة. مسألة: المنصوص للشافعي أنه يجزئ إخراج الأقط، وبه قال مالك. وفيه قول مخرَّج أنه لا يجزئ، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ لكنه يقول: لا يجزئ أصلا بنفسه، وإنما تجزئ قيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إخراج صاع عن واحد من جنسين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد يجوز، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: على سبيل القيمة. وَأَحْمَد يقول: هو أصل. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في أفضل الأقوات، فالقول الصحيح عنده أنه البر، وبه قال جماعة من العلماء. والثاني أنه التمر، وهو قول أَحْمَد وَمَالِك وجماعة. وعند القاضي أبي الطيب من الشَّافِعِيَّة أفضلها أغلاها ثمنًا وأنفسها عند الناس. واستحب مالك إخراج العجوة والتمر. وكان ابن عمر يخرج التمر إلا مرة واحدة فإنه

أخرج شعيرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يخرج الفقير فطرته إلى الفقير، ثم يخرجها ذلك الفقير عن فطرته إلى الفقير الذي أعطاه أولا. وعند مالك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للزوجة تسليم فطرتها إلى زوجها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من مات بعد وجوب الفطرة عليه لا تسقط عنه. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك تسقط عنه بالموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أن تصرف الفطرة للمخالف والفاسق. وعند الْإِمَامِيَّة لا تجوز. * * *

باب تعجيل الزكاة

باب تعجيل الزكاة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ كل مال وجبت فيه الزكاة بالنصاب والحول إذا ملك النصاب جاز تعجيل الزكاة فيه قبل مُضي الحول، وكذا يجوز تعجيل كفارة الْيَمِين قبل الحنث. وبعد الحنث. وعند رَبِيعَة وداود والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجوز التقديم فيهما، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز تقديم الزكاة قبل الحول، ولا يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث. وعند مالك يجوز تقديم الكفارة، ولا يجوز تقديم الزكاة قبل الحول، وبه قال أبو عبيد بن حرب من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وزفر إذا كان معه نصاب واحد لم يجب تعجيل زكاة نصابين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز ذلك. وينهاه على أصله وهو أن المستفاد يضم إلى ما عنده في الحولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المخرَّج في الزكاة المعجَّلة يضم إلى ماله ويجعل في الحكم كأن ملكه لم يزل عنه، حتى إذا عجَّل شاة من أربعين كانت كانها باقية على ملكه، فإذا حال عليه الحول أجزأته. وكذا إذا عجَّل شاة من مائة وعشرين شاة نتجت شاة قبل الحول لزمه شاة أخرى إذا حال الحول، وكذا إذا عجَّل عن مائتي شاة شاتين ثم نتجت شاة قبل وجوب الحول لزمه شاة أخرى إذا حال الحول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يزول ملكه عن المخرج، فإذا عجَّل شاة من الأربعين نقص النصاب، فإذا حال الحول فلا تجب الزكاة، ولا تكون الشاة المخرجة زكاة، فإن ولدت شاة منها كانت أربعين عند الحول أجزأت المدفوعة عن الزكاة عند الحول. وكذا إذا عجَّل شاة عن مائة وعشرين ثم نتجت شاة قبل الحول لم يلزمه شاة أخرى، وكذا إذا عجَّل عن مائتي شاة شاتين ثم نتجت واحدة من ما عنده لم تضم الشاتين المخرجتين إلى ما عنده في النصاب، فلا يلزمه شاة أخرى. وعنده أيضًا لا يجوز أن يعجل عن النصاب شاة ما لم تكن زيادة على النصاب

قدر الفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا عجَّل الزكاة، ثم أخرج رب المال عن أن يكون من أهل الزكاة بالموت، أو الردّة، أو تلف النصاب، أو خرج الفقير عن أن يكون من أهل الاستحقاق بالردة أو الموت، أو استغنى بغير الزكاة جاز له استرجاعها إذا تبيَّن عند الدفع أنها زكاة معجَّلة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة ليس له استرجاعها، إلا أن تكون في يد الإمام أو الساعي، ونقول: إن تغيَّر حال رب المال كان تطوعًا وإن تغيَّر حال الفقير أجزأت عن الفرض ووقعت موقعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الزكاة المعجلة تكون موقوفة بين الإجزاء والاسترجاع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تكون موقوفة بين الإجزاء والتطوع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قبض الإمام الزكاة من غير مسألة أرباب الأموال أو الفقراء قبل الحول فتلفت في يده بتفريط أو غير تفريط ضمنها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمنها، وهو قول بعض أصحاب أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استسلف الإمام الزكاة ودفعها إلى المسكين، ثم أُسِر، أو ارتد، أو مات، ثم حال الحول ورب المال موجود، والنصاب موجود، فإنها لا تجزئ ويسترجعها، وبه قال بعض أصحاب أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنها تجزئ، وبه قال أكثر أصحاب أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ثبت له الرجوع، فكانت العين تالفة وهي من ذوات القيم وجب على القابض قيمتها يوم القبض على أحد الوجهين، وهو قول أحمد. والثاني يوم التلف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز إخراج العشر عن الثمرة قبل وجود الطلع. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز. * * *

باب قسم الصدقات

باب قسم الصدقات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجوز للشخص الواحد أن يتولى الدفع والقبول للزكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة يملك ذلك، فعلى هذا لو قال الإمام اعزل زكاة مالك، فعزل، ثم تلف قبل الوصول إلى الإمام لم يضمن. وعند الشَّافِعِيّ والنَّاصِر يضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الإمام جائرًا لم يجز دفع الزكاة إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه دفعها إليه. وعند مالك إن أخذها منه فهو إجزاء، وإن دفعها إليه باختياره لم يجز. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الأموال الظاهرة هل يفرق رب المال زكاتها بنفسه، أو يدفعها إلى الإمام، فقال في القديم. يدفعها إلى الإمام ولا يجزئه أن يفرقها بنفسه، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. وقال في الجديد. يفرقها بنفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب لقابض الزكاة أن يدعو لباذلها، ولا يجب ذلك. وعند داود وأهل الظاهر يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الإمام عادلاً يأخذ قدر الزكاة ويضعها في مواضعها، فإنه يأخذ الزكاة من المانع والغال، ويعزِّره على ذلك. وعند مالك وَأَحْمَد يؤخذ منه الزكاة وشطر ماله، وهو قول قديم للشافعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للساعي إذا قبض الماشية ولم يؤذن له في تفرقتها في الحال أن يسمها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره له ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء لا يجزئه أداء الزكاة إلا بالنية. وعند الْأَوْزَاعِيّ وداود لا يفتقر أداؤها إلى النية كالدَّين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تصدَّق بجميع ماله ولم ينو بشيء منه الزكاة لم يجزئه عن الزكاة. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ نية الإمام لا تقوم مقام نية المزكي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقوم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى فأخرج فتلف قبل الدفع لا يجزئه. وعند ابن سِيرِينَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا تصدَّق ببعضه لم يجزئه أيضًا. وعند محمد يجزئه من زكاة البعض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد إذا أخرج خمسة دراهم ونوى بها الزكاة والتطوع لم تجزئه عن الزكاة، ووقع ذلك تطوعًا. وعند أَبِي يُوسُفَ تجزيه عن الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حال الحول على ماله فأفرد الزكاة ليحملها ويدفعها إلى أهلها فهلكت في الطريق لم يجزئه عن الفرض. وعند مالك يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن عبد العزيز والزُّهْرِيّ وعكرمة وَأَحْمَد في رِوَايَة يجب صرف الزكاة إلى الأصناف الموجودين المذكورين في الآية، ولا يجوز الاقتصار

على بعضهم. وعند الحسن البصري والشعبي وعَطَاء والضحاك وسعيد بن جبير وأبي عبيد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحاب الرأي وحذيفة وابن عَبَّاسٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد يجوز صرفها إلى بعضهم، حتى جوَّز أبو حَنِيفَةَ صرفها إلى واحد منهم، وعند النَّخَعِيّ إذا كانت كثيرة فرَّقها على الأصناف، وإن كانت قليلة دفعها إلى صنف واحد. وعند مالك يدفعها إلى أمسهم حاجة. وعند أَبِي ثَورٍ إن قسَّمها الإمام قسَّمها على من سمى الله تعالى، فإن قسَّمها أرباب الأموال رجوت أن يجزئهم إذا دفعوها إلى واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك في رِوَايَة وَأَحْمَد وجماعة من أهل اللغة الفقير أمسُّ حاجة من المسكين، وهو الذي ليس له شيء، أو شيء يسير لا تقع موقعًا من كفايته سأل أو لم يسأل. والمسكين هو الذين يجد ما يقع موقعًا من حاجته، مثل أن يحتاج إلى عشرة فيكتسب ستة إلى ما دون العشرة. وعند الضحاك الفقراء فقراء المهاجرين، والمساكين هم الذين لم يهاجروا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَمَالِك ومُحَمَّد بن مسلمة والفراء وثعلب وابن قتيبة وكثير من الفقهاء المسكين أمس حاجة من الفقير، واختاره أبو إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان لرجل كتب لا تبلغ قيمتها مائتي درهم حلَّ له قبض الزكاة، لأنها بمنزلة أثاث البيت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيد المؤيد وأبو طالب. وعند السيد وجعفر بن مُحَمَّد منهم أنه لا يحل له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وَأَحْمَد إذا كانت له حرفة يكتسب بها ما يمونه ويمون عياله على الدوام لم يجز له أخذ الزكاة. وعند مالك يدفع إليه إذا كان فقيرًا من المال، وإن كان مكتسبًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إذا لم يملك نصابًا جاز له أخذ

الزكاة. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا كان له خمسون درهمًا لم يجز له أخذ الزكاة. مسألة: المنصوص للشافعي وغيره من الفقهاء والعلماء أن المسكين إذا ملك نصابًا بحرفته ولم يحصل منه كفايته، أو صنعة يستغلها ولا تكفيه فإنه يعطى ما تزول به حاجته ويحصل به الكفاية على الدوام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان مالكًا لنصاب من الأثمان لم يجز له أخذ الزكاة. وكذلك إذا كان مالكًا لقيمة نصاب ويفضل عن مسكنه وخادمه لم يجز له أخذ الزكاة. وعند ابن عمر وعلي وسعد بن أبي وقاص والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وابن حُيي والعنبري وإِسْحَاق إذا ملك خمسين درهمًا لم تحل له الزكاة. وعند الحسن وأبي عبيد لا يعطى من الصدقة من له أربعون درهمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن تدفع الزكاة إلى مؤلفة الكفار، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعنه في رِوَايَة أخرى أنه يجوز الدفع إليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مؤلفة المسلمين أربعة أضرب: ضرب لهم شرف وسؤدد يرجى بعطيتهم إسلام نظرائهم. وضرب لهم شرف وطاعة نبيهم في الْإِسْلَام ضعيفة. وضرب فى طرف بلاد الْإِسْلَام ويليهم قوم من الكفار. فإن أعطوا قاتلوهم ودفعوهم عن المسلمين، وإن لم يعطوا لم يقاتلوهم واحتاج الإمام إلى مؤنة في تجهيز الجيوش إليهم، وضرب يليهم قوم من المسلمين عليهم زكاة لا يؤدونها إلا خوف ممن يليهم من المسلمين، فإن أعطاهم الإمام شيئًا جبوا الزكاة ممن يليهم وأدوها إلى الإمام، وإن لم يعطهم الإمام شيئًا احتاج إلى مؤنة ثقيلة في تجهيز من يجيبها منهم. فالضربان الأولان فى إعطائهم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - قَوْلَانِ: أحدهما لا يعطون، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. والثاني يعطون، وهو قول أحمد. والضربان الأخران يعطون. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وغيرهم، وكذا أَحْمَد في ما نقله عنه الترمذي قد سقط سهم المؤلفة فلا سهم لهم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وسعيد بن جبير واللَّيْث والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة أن الرقاب في الآية هم المكاتبون، فيعطون من الزكاة ما يؤدونه في الكتابة. وعند الحسن وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعبيد اللَّه بن الحسن العنبري وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ وابن عَبَّاسٍ والْإِمَامِيَّة يشتري من الزكاة عبيدًا ويعتقوا ابتداءً وعند الزُّهْرِيّ يجعل نصيبهم نصفين، نصفًا للمكاتبين، ونصفًا يشتري به عبيدًا ممن صلى وصام وقدم إسلامهم فيعتقوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من كرم لإصلاح ذات البين في تحمل مال هل يعطى مع الغناء قَوْلَانِ: أحدهما لا يعطى، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني يعطى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غرم لمصلحة نفسه وناب أُعطي مع الفقراء على أحد الوجهين. والثاني لا يعطى، وبه قال قتادة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان لرجل على معسر دين، فأراد من له الدَّين أن يحتسب بدينه عليه من زكاته فوجهان: أصحها لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأبو عبيد، وقطع به الغزالي في البسيط ذكره في كتاب الهبة، فعلى هذا يدفع إلى المعسر بقدره من الزكاة ليعيده إليه عن دينه، والثاني تجوز، وبه قال الحسن وعَطَاء وَمَالِك واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة، وقطع به. وعند اللَّيْث تحتسب ببعضه من الزكاة، والباقي يصرف إلى أهل السهام. مسألة: مذهب الشَّافِعِيّ إذا مات رجل وعليه دين ولا تركة له، ففي جواز قضاء ذلك من سهم الغارمين وجهان: أحدهما لا يجوز، وبه قال النَّخَعِيّ وأبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد. والثاني يجوز، واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة وقطع به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن سبيل الله المذكور في الآية هم المجاهدون الذين يغزون إذا نشطوا دون المرتزقين المرتبين في ديوان السلطان، ولا تصرف إلى سائر وجوه القرب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر واختاره منهم المؤيد. وعند أَحْمَد وابن عمر وابن عَبَّاسٍ أن سبيل الله هو الحج. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يجوز

صرفه إلى بناء المساجد وإصلاح الطرق وما شاكلهما من وجوه القرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز دفع سبيل الله إلى المجاهد وإن كان غنيًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر على الأصح إذا كان الدافع هو الإمام، واختاره منهم المؤيد بالله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا كان غنيًا لا يجوز صرفه إليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى، وكذا النَّاصِر في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تصرف إلى الغازي مع الغنى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تدفع إليه مع الغنى، وكذا في الغارم لإصلاح ذات البين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة ابن السبيل المذكور في الآية هو المختار والمنشئ للسفر من بلده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هو المختار دون المنشئ للسفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان سفر ابن السبيل معصية فلا يعطى شيء. وعند أبي حَنِيفَةَ يعطى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز لابن السبيل المنشئ للسفر أن يأخذ من الزكاة مع الفقر دون الغناء ولا يلزمه الاستقراض، ويجوز لابن السبيل المختار الأخذ من الزكاة مع الغنى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. وعند النَّاصِر منهم لا يجوز له الأخذ مع التمكن من الاستقراض، ولا مع الغنى على الصحيح، واختاره منهم السيد المؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وسلمة بن الأكوع إذا أخذ الخوارج الزكاة أجزأت وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا ظهر الخوارج على قوم وأخذوا منهم الزكاة أجزأ عنهم. وإن مرَّ إنسان بعسكر الخوارج فعسروه لم يجزأه عن زكاته. وعند أبي عبيد لا يعتد بما أخذه الخوارج من الزكاة وعلى أرباب الأموال الإعادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يصدق الساعي أرباب الأموال فيما يخبرون به وكان ذلك مخالفًا للظاهر، فإنه يحلِّفَهم. وهل هو واجب أو مستحب؟ وجهان. وعند طاوس

والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد لا يحلِّفَهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وقاضي قضاة الزَّيْدِيَّة وعبيد الله بن الحسن لا حد لما يعطى الفقير، ويعطى ما تحصل به كفايته وتزول به حاجته قليلاً أو كثيرًا. وعند الثَّوْرِيّ لا يعطى أكثر من خمسين درهمًا، إلا أن يكون غارمًا. وعند أَحْمَد لا يأخذ أكثر من خمسين درهمًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وبعض الزَّيْدِيَّة يكره أن يعطى مائتي درهم إذا لم يكن عليه دين ولا عيال، وإن أُعطي أكثر من ذلك ولو بلغ ألفًا جاز. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز أن يعطى الفقير الواحد أقل من خمسة دراهم. صروى عنهم أن الأقل درهم واحد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة، وهم النَّاصِر وأبو طالب ويَحْيَى لا يجوز دفع النصاب إليه بل يكون دونه. وعند المؤيد منهم يجوز دفع النصاب إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أقل ما يجزئ في الدفع أن يقتصر من كل صنف على ثلاثة منهم، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز أن يدفع ذلك كله إلى واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا دفع إلى اثنين من كل صنف مع القدرة على الثالث ففيما يضمنه قَوْلَانِ: أحدهما الثلث، وبه قال أحمد. والثاني أقل جزء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز نقل الصدقة عن الأصناف من بلد المال في غيره قَوْلَانِ: أحدهما الجواز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو العالية وَمَالِك في رِوَايَة. والثاني وهو الأصح لا يجوز، وبه قال عمر بن عبد العزيز وَأَحْمَد وَمَالِك والثَّوْرِيّ وطاوس وسعيد ابن جبير والحسن والنَّخَعِيّ، إلا أن الحسن والنَّخَعِيّ قالا: يجوز نقلها لذوي قرابته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ذوا القربى الذين يحرم عليهم الزكاة، بنو هاشم وبنو عبد المطلب وعند أَبِي حَنِيفَةَ يختص التحريم ببني هاشم. وعند أَبِي يُوسُفَ والْإِمَامِيَّة يجوز

لذوي القربى أخذ زكاة بعضهم بعضًا، وإنَّما حرم عليهم أخذ زكاة غيرهم لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه لا تجوز الزكاة إلى ذوي القربى، وهم بنو هاشم وبنو المطلب. ولو منعوا حقهم من خمس الخمس. وعند بعض أصحابه يجوز إذا منعوا حقهم من خمس الخمس، وبه قالت الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز صرف الزكاة إلى غير المسلمين، وعند الزُّهْرِيّ وابن شُبْرُمَةَ وابن سِيرِينَ يجوز صرفها إلى المشركين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز صرف زكاة الفطر خاصة إلى أهل الذمة دون زكاة المال. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز صرفها لها إلا إلى الإمام ولا تسقط بدفعها إلى مخالف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز صرفها إلى الفساق وأصحاب الكبائر. وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيد المؤيد. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز صرف الكفارات والنذور إلى الكفار. وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز صرف الكفارات دون كفارة القتل، ودون النذور إلى الكفَّار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز للزوجة أن تدفع زكاتها إلى زوجها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز صرف الزكاة إلى موالي بنى هاشم في أحد القولين وبه قال أحمد. ويجوز في القول الثاني.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ جيران الشخص أحق بزكاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أقاربه أحق بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع رب المال الزكاة إلى من ظاهره الفقر ثم بان أنه غني فقَوْلَانِ: أحدهما لا يجزئه، وبه قال الثَّوْرِيّ والحسن بن صالح وَمَالِك وأبو يوسف. والثاني يجزئه، وبه قال الحسن البصري وأبو عبيد وأبو حَنِيفَةَ. وعن أَحْمَد روايتين كالقولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى من ظاهره الْإِسْلَام أو الحرية، فبان كافرًا أو عبدًا ففي وجوب الغرم قَوْلَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يغرم. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز أن يكون العامل فى الصدقات من ذوي القربى ولا كافر ولا عبد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة في مسألة ذوي القربى. وعند أَحْمَد يجوز أن يكون العاملين من ذوي القربى وكافر وعبد أو صبي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في مسألة ذوي القربى وبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز دفع الزكاة إلى كافر زوج على أحد الوجهين، وبه قال أَحْمَد لكنه شرط يسار الزوج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا فرق بين يساره وإعساره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يعطى العامل مع الغنى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعطى مع الغنى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز صرف الفيء إلى أهل الصدقات، ولا صرف الصدقات إلى أهل الفيء. وعند مالك يجوز كلا الأمرين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجوز صرف الزكاة إلى كفن الموتى، ولا إلى قضاء دين الموتى. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز دفع الزكاة إلى عبد له مولى فقير، إلا إذا وكَّله الولي بالقبض له، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره منهم المؤيد وصاحب الوافي على أصل يَحْيَى، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي والسيد وأبو طالب. * * *

باب صدقة التطوع

باب صدقة التطوع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز لبني هاشم وبني المطلب دفع صدقة التطوع إلى بعضهم بعضًا، ويجوز لغيرهم دفع ذلك إليهم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد وبعض أصحاب النَّاصِر، وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجوز لغيرهم ذلك على الصحيح، ونقله الداعي عن يَحْيَى أيضًا. * * *

كتاب الصيام

كتاب الصيام مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على المرتد قضاء ما فاته في حال الردة إذا أسلم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه قضاء ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أفاق المجنون بعد مضي شهر رمضان لم يلزمه قضاء شهر رمضان. وعند مالك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يلزمه قضاؤه، واختاره أبو العبَّاس بن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفاق المجنون في أثناء شهر رمضان لم يلزمه قضاء ما فاته، ولا يلزمه قضاء ذلك اليوم، ولا يجب عليه إمساك بقية النهار، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يلزمه قضاء ما فاته من الشهر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن كان الجنون طارئًا وجب القضاء لكل حال كان أفاق بعد انسلاخ الشهر أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم الكافر في أثناء شهر رمضان لزمه صوم ما بقي منه، ولا يلزمه قضاء ما فاته، ولا يلزمه قضاء اليوم الذي أسلم فيه، وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يلزمه قضاؤه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند عَطَاء والحسن في إحدى الروايتين عنه يلزمه قضاء ما مضى من الشهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أطاق الصبي الصوم أمر به استحبابًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح صومه. وعند عبد الملك الْمَاجِشُون يجبر على الصوم، فإن أفطر فعليه القضاء إلا فى علة أو عجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة أهل الأعذار كالمسافر يَقدُم، والصبي يبلغ، والمجنون يفيق، والحائض والنفساء يطهران من الدم، والكافر يسلم إذا أكلوا وشربوا، ثم زال عذرهم لم يلزمهم الإمساك واستحب لهم ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد في رِوَايَة والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ يجب عليهم الإمساك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة فى بلوغ الصبي وإسلام الكافر.

مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن الصبي إذا بلغ مضطرًا لم يجب عليه قضاء ذلك اليوم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وعند مُحَمَّد إذا بلغ مجنونًا فأفاق في أثناء الشهر وجب عليه قضاء ما مضى منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بلغ صائمًا لزمه إتمامه ويجزئه. وفيه أوجه أنه لا يجزئه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يلزمه قضاء ما مضى إن كان مطيقًا للصوم، وإن لم يكن مطيقًا لم يلزمه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الشيخ الهمّ والعجوز الهمّة إذا أفطرا فقَوْلَانِ: أحدهما لا يجب عليهما الفدية، وبه قال مالك ورَبِيعَة ومَكْحُول وأبو ثور. والثاني عليهما الفدية، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وطاوس وسعيد بن جبير وَأَحْمَد وأكثر العلماء إلا أن أَحْمَد قال: يطعم عن كل يوم نصف صاع من حنطة، أو صاعًا من تمر. وقال أَحْمَد أيضًا يطعم مدًّا من بر أو نصف من تمر أو شعير. وعند الشَّافِعِيّ يطعم عن كل يوم مدًّا من طعام. وعند الْإِمَامِيَّة إذا بلغ إلى حد يتعذر معه الصوم وجب عليه الإفطار بلا كفارة ولا فدية، وإن كان لو يكلف الصوم تم له لكن بمشقة شديدة يخشى المرض منها والضرر العظيم كان له أن يفطر ويكفر عن كل يوم بمد من الطعام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المريض الذي لا يرجى زواله إذا أجهده الصوم فهو كالشيخ الذي يجهله الصوم، وإن كان مرضه يسيرًا لا يشق معه الصوم لم يجز له الإفطار. وعند داود يجوز له الإفطار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف المريض التلف والزيادة في العلة جاز له أن يفطر. وعند عَطَاء وَأَحْمَد لا يفطر حتى يغلب. وعند الشعبي إذا خشي أن يغلب جاز له أن يفطر. وعند الشَّافِعِيّ أيضًا إذا خشي على نفسه جاز له أن يشرب الماء.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ لا يجوز للمسافر أن يفطر في رمضان إلا في السفر الطويل، وهو الذي يقصر فيه الصلاة، وبه قال النَّاصِر والزَّيْدِيَّة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له الفطر في أقل من مسيرة ثلاثة أيام، وبه قال ابن عمر في رِوَايَة وعند سائر الزَّيْدِيَّة من وجب عليه القصر جاز له الإفطار. وعند بعض الناس يجوز له الإفطار في السفر القصير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأنس وأبي سعيد وسائر الصحابة يصح صوم المسافر. وعند أبي هريرة وداود وأهل الظاهر والشيعة من الْإِمَامِيَّة لا يصح صومه، وعند سعيد بن جبير وابن عمر يكره الصوم في السفر. وعند ابن عمر أيضًا إن صام في السفر قضاه في الحضر، وبه قالت الْإِمَامِيَّة أيضًا. وعند ابن عون الصائم في السفر كالمفطر في الحضر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأنس وعثمان بن أبي العاص وحذيفة وعائشة وَمَالِك وأبي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المسافر إذا كان لا يجهده الصوم فالأفضل له الصوم. وعند سعيد بن المسيب وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وابن عمر وابن عباس الفطر أفضل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، وعند عمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة أفضلهما أيسرهما للمرء واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الفقهاء إذا صام المسافر في رمضان عن غير رمضان كالنذر والكفارة والقضاء لم يصح صومه ولم يقع عن رمضان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، ويقع عما نواه. وفي التطوع رِوَايَتَانِ عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم جاز له أن يسافر في أثناءه، ولا يتحتم عليه الصوم في سفره، بل هو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر. وعند عبيدة السلماني وسويد بن غفلة يتحتم عليه الصوم بقية شهره. وعند أبي مجلز إذا حضر شهر رمضان فلا يسافر أحد، وإن كان لا بد فليصم إذا سافر.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أصبح صائمًا في الحضر ثم سافر لم يجز له أن يفطر. وعند داود وإِسْحَاق وَأَحْمَد في إحدى الروايتين والشعبي والحسن وعمرو بن شرحبيل والْمُزَنِي يجوز له أن يفطر، واختاره ابن المنذر، حتى قال الحسن: إن شاء أفطر في بيته ثم خرج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدم المسافر في أثناء نهار رمضان وهو مفطر، أو برئ المريض وهو مفطر لم يلزمهما إمساك بقية النهار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدم المسافر وهو مفطر، فوجد امرأته قد طهرت من الحيض فى ذلك اليوم جاز له وطئها. وعند الْأَوْزَاعِيّ وسعيد بن عبد العزيز لا يجوز له وطئها، ولا يأكل بقية يومه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه لا يرخص للمحارب عند لقاء العدو في الإفطار. وعند عمر وبعض العلماء يرخص له في ذلك. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما، فهل يلزمهما الكفارة مع القضاء، فيه ثلاثة أقوال: الأصح يجب عليهما الكفارة عن كل يوم مد من طعام، وبه قال أحمد، إلا أنه يقول: من بُر أو مُدَّان من تمر أو شعير. والثاني: تجب الكفارة على المرضع دون الحامل، وبه قال اللَّيْث وَمَالِك في إحدى الروايتين. والثالث: لا كفارة على واحدة منهما، وبه قال الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ والحسن، وإحدى الروايتين عن مالك والنَّخَعِيّ والضحاك وعَطَاء ورَبِيعَة وأبو ثور وأبو عبيد وداود والْمُزَنِي وابن المنذر وعند ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وسعيد بن جبير عليهما الكفارة دون القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الفقهاء أنه لا يجب صوم رمضان إلا برؤية الهلال، أو باستكمال شعبان ثلاثين يومًا. وعند بعض الناس يعلم دخوله بذلك، ويعلم بالحساب والنجوم أن الهلال قد أهلّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا عرف هلال رجب، وغم عليهم هلال شعبان ورمضان فإنه لا حكم لرؤية هلال رجب ويعد من شعبان ثلاثون يومًا، ثم يصوم بعد ذلك. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والباقر والصادق يعد من رجب تسعة وخمسون يومًا، ويصوم يوم الستين بالنية عن رمضان.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصبحوا يوم الثلاثين من شعبان وهم يظنوا أنه من شعبان، ثم قامت البينة أنه من رمضان لزمهم قضاؤه وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا نووا الصوم أجزأهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا رأى الهلال بالنهار فهو لليلة المستقبلة، سواء رأى قبل الزوال أو بعده، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ وابن أبي ليلى إن رأى قبل الزوال فهو لليلة الماضية، وإن رأى بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة، سواء كان في أول الشهر أو آخره وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي وأبو عبد الله الداعي، ومن الحنفية الحسن بن زياد. وعند أَحْمَد إن كان في أوله ورأي قبل الزوال فهو للماضية، وإن رأى بعد الزوال فهو للمستقبلة. وإن كان في آخر الشهر، فإن رأي بعد الزوال فهو للمستقبلة، وإن رأى قبل الزوال فيه رِوَايَتَانِ إحداهما أنه للماضية والثانية أنه للمستقبلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعكرمة وسالم والقاسم وإِسْحَاق إذا رأى الهلال أهل بلد ولم يره أهل بلد آخر، فإن كانا في إقليم واحد لزم من لم ير الهلال حكم رؤية من رأي الهلال. وإن كانا من إقليمين لم يلزمهم ذلك. وعند أَحْمَد واللَّيْث إذا رآه أهل البلد لزم أهل البلد سائر البلاد حكم رؤيته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الشهادة التي تثبت بها هلال رمضان قَوْلَانِ: أصحهما: يثبت بعدل واحد، وبه قال أَحْمَد وابن الْمُبَارَك. والثاني: لا يثبت إلا بعدلين، وبه قال عمر بن عبد العزيز وعَطَاء وَمَالِك وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق والْمَاجِشُون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إن كان في الغيم ثبت بشهادة الواحد، وإن كان فى الصحو لم يثبت إلا بشهادة الاستفاضة، وهو العدد الكثير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد والصادق. وعند النَّاصِر والهادي منهم تقبل شهادة العدلين وإن كانت السماء مصحية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قبلنا شهادة العدل الواحد فلا نقبل شهادة العبد والمرأة. وعند أَبِي ثَورٍ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يقبل ذلك. وعند الْإِمَامِيَّة يقبل فيه شهادة النساء مطلقة. وعند علي ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يقبل فيه رجل وامرأتان. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يقبل ذلك. وكذا الخلاف بينهم جاز في هلال ذي الحجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه لا يقبل في شوال وغيره من سائر الشهور إلا شاهدين. وعند أَبِي ثَورٍ وطائفة من أهل الحديث أنه يقبل في شوال عدل واحد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا صاموا بشهادة واحد وقبلناها وتغيمت السماء فى آخر الشهر ولم يروا الهلال أفطروا. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يفطرون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا شهد برؤية الهلال واحد ولم يقبل الحاكم شهادته وجب عليه أن يصوم، وإن جامع فيه وجب عليه الكفارة. وعند أَبِي ثَورٍ والحسن وعَطَاء وإِسْحَاق وابن سِيرِينَ وَأَحْمَد لا يلزمه الصوم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الصوم، وإذا جامع فيه لم تلزمه الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا رأى هلال شوال وحده أفطر سرًا وعند أحمد وَمَالِك لا يجوز له الفطر. وعند الحسن البصري لا يصوم وحده ولا يفطر وحده، بل إن صام الناس بشهادته صام، وإن لم يصوموا لم يصم، وإن أفطر الناس بشهادته أفطر، وإن لم يفطروا لم يفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشتبهت الشهور على أسير فتحرَّى ووافق رمضان أو بعده أجزأه. وعند الحسن بن صالح لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غمت الشهور على أسير فإنه يصوم رمضان بالاجتهاد، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد. وعند داود لا يصوم إلا بيقين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وافق الأسير صوم شوال وكان تسعًا وعشرين يومًا ورمضان تسعًا وعشرين يومًا لزمه قضاء يوم. وعند الحسن بن صالح يلزمه قضاء يومين، واختاره الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وافق صوم الأسير شهرًا قبل شهر رمضان، وبان له بعد فوات رمضان لزمه قضاؤه على أحد القولين، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وكثر العلماء. والثاني لا يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن النية شرط في صحة الصوم فرضًا كان أو تطوعًا. وعند عَطَاء ومجاهد وزفر إن كان الصوم متعينًا عليه بأن يكون صحيحًا مقيمًا لم يفتقر إلى النية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يفتقر صوم رمضان كل يوم منه إلى نية من الليل، وبه قال أكثر العلماء وَأَحْمَد في رِوَايَة. وعند مالك والْإِمَامِيَّة وَأَحْمَد في إحدى الروايتين أنه إذا نوى فى أول ليلة منه صوم جميع الشهر أجزأه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وابن عمر وحفصة بنت عمر والزَّيْدِيَّة وأكثر العلماء أن الصوم الواجب لا يصح إلا بنية من الليل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح صوم رمضان والنذر المعين منه من النهار قبل الزوال. وعند عبد الملك الْمَاجِشُون أنه إذا أصبح يوم الثلاثين من شعبان، وقامت البينة أنه من رمضان، ولم يكن أكل ولا نوى الصوم فإنه يلزمه الإمساك ويجزئه صومه، ولا يجب عليه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تعيين النية واجب للصوم، وهو أن ينوي أنه صائم غدًا عن رمضان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجب تعيين النية في صوم رمضان ولا صوم النذر إذا كان في فور زمان تعينه، ثم قال أبو حَنِيفَةَ: فإن نوى مطلقًا أو نفلاً أو صومًا غيره انصرف ذلك إلى الفرض إذا كان مقيمًا، وإن كان مسافرًا فإن نوى نفلاً ففيه رِوَايَتَانِ: إحداهما تنصرف إلى النفل. والثانية إلى رمضان. وإن نوى صومًا غيره كالنذر والكفارة والقضاء وقع عما نواه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن إذا نوى أنه صائم غدًا قضاء رمضان أو تطوعًا لم يصح عن القضاء، ووقع عن التطوع. وعند أَبِي يُوسُفَ يصح عن القضاء: لأن التطوع لا يفتقر إلى تعيين النية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى ليلة الثلاثين من شعبان فقال: أصوم غدًا عن رمضان أو تطوع، وكان من رمضان لم يصح. وإن قال: إن كان غدًا من رمضان فأنا صائم عن رمضان، وإن لم يكن من رمضان فأنا صائم عن تطوع فكان من رمضان لم يصح، وإن قال: ليلة الثلاثين من رمضان إن كان غدًا من رمضان فأنا صائم عن رمضان، وإن لم يكن من رمضان فأنا مفطر، فكان من رمضان صح صومه. وإن قال: إن كان غدًا من رمضان فأنا صائم عن رمضان أو مفطر، وكان من رمضان لم يصح صومه. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر إذا قال: أصوم غدًا من رمضان إن كان من رمضان، فإن لم يكن فمن شعبان فلا يصح، ويصح بنية غير مشروطة بأن يقول: أصوم غدًا من رمضان إن كان من رمضان، ولا يقول بعدها شيئًا آخر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا نوى الخروج من الصوم بطل على أصح الوجهين، وبه قال بعض أصحاب مالك وَأَحْمَد. والوجه الثاني يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن مسعود وأبي الدرداء وأبي

يوسف وحذيفة وأبي طلحة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح صوم التطوع بنية من النهار، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى، وعند مالك والْمُزَنِي وداود وجابر بن زيد وابن عمر لا يصح بنية من النهار، وبه قال النَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة، إلا أن مالكًا يقول: إن كان ممن يسرد الصوم فيجوز له أن ينوي من النهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح صوم النفل بنية بعد الزوال على أصح القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والقول الثاني يصح وبه قال الثَّوْرِيّ والْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وعلى أنه يدخل في الصوم بطلوع الفجر الثاني، ويخرج منه بغروب الشمس. وعن حذيفة وابن مسعود أنهما تسحّرا بعد طلوع الفجر الثاني ثم صليا الصبح. وقال مَسْرُوق: لم يكونوا يعدُّون الفجر فجركم هذا، إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق، وعن الأعمش وإِسْحَاق أنه يجوز الأكل إلى طلوع الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي ذر وأبي الدرداء وزيد بن ثابت وعائشة أنه إذا جامع قبل طلوع الفجر، أو أصبح جنبًا من غير جماع فى شهر رمضان أو غيره أنه لا يؤثر في صومه ويصح صومه. وعند الحسن وسالم بن عبد الله وأبي هريرة يصوم ويقضي. وعند طاوس وعروة بن الزبير إن علم بجنابته ففرَّط فى الغسل حتى أصبح بطل صومه، وإن لم يعلم بجنابته حتى أصبح لم يجب عليه قضاؤه، وروى هذا عن أبي هريرة أيضًا. وعند النَّخَعِيّ والحسن بن صالح بن حُيي يجزئه في التطوع ويقضيه في الفريضة. وبهذا قالت الْإِمَامِيَّة، وأوجبوا عليه القضاء والكفارة، وبعضهم أوجب القضاء دون الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طهرت الحائض قبل الفجر وأخرت الغسل حتى أصبحت لم يؤثر ذلك في صومها. وعند الْأَوْزَاعِيّ عليها القضاء، فرطت في تأخير الغسل أو لم تفرط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان مجامعًا، أو في فيه طعام فرأى أمارات الفجر فنزع مع طلوع الفجر، أو لفظ الطعام لم يفسد صومه. وعند مالك والْمُزَنِي َوَأَحْمَد وزفر يفسد صومه، وأوجب أَحْمَد عليه الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَأَحْمَد المستحب لمن شك في

طلوع الفجر أن لا يأكل ولا يشرب، فإن أكل وشرب ولم يبن له طلوع الفجر جاز له فعله، وصح صومه، ولا قضاء عليه. وعند مالك يفسد صومه وعليه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا استعط، أو صب الماء في أنفه فوصل إلى دماغه أفطر. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وداود لا يفطر، إلا أن ينزل إلى حلقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا احتقن الصائم، أو قطر في إحليله شيء وأدخل فيه ميلاً أفطرته، سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل. وعند الحسن بن صالح لا يفطر بما يصل إلى جوفه من غير الفم والأنف. وعند داود لا يفطر بما يصل إلى القبل والدبر، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يفطر بالتقطير في الإحليل. وعند مالك في الاحتقان رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا داوى جرحه، فوصل الدواء إلى جوفه أو دماغه أفطر، سواء كان الدواء رطبًا أو يابسًا. وعند مالك وداود ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لا يفطر. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه الشاشي موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه صاحب البيان موافقة الشَّافِعِيّ إن كان الدواء رطبًا، ومخالفته إن كان يابسًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جرح نفسه أو جرحه غيره بإذنه فوصلت السكين إلى دماغه أفطر. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يفطر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نفذت الطعنة إلى الجانب الآخر أفطر، وإن لم تنفذ لم يفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحصل الفطر بأي شيء تناوله الصائم من مأكول ومشروب، وغير ذلك من ما لا يقصد إلى أكله كالبثرات وبلع الحصى وغير ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفطر الصائم بابتلاع حصاة أو جوهرة أو دينار ونحو ذلك. وعند الحسن بن صالح ابن حُيي لا يفطر إلا بما كان مأكولاً أو مشروبًا، وعن أبي طلحة الأنصاري الصحابي أنه كان يشتَّف البرد وهو صائم، ويقول: إنه ليس بطعام ولا شراب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان بين أسنانه طعام من لحم أو خبز أو غير ذلك، فحصل في فيه متميزًا عن ريقه فابتلعه فسد صومه. وعن أَبِي حَنِيفَةَ لا يفطر، وقدَّره أصحابه بقدر حمصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وزيد بن أرقم وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق

َوَأَحْمَد في رِوَايَة إذا استدعى القيء فتقيَّأ أفطر وعليه القضاء ولا كفارة، وإن غلبه القيء لم يفطر، سواء رجع إلى حلقه شيء أم لا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يفطر ما لم يرجع إلى حلقه شيء، سواء كان عامدًا أو بدره القيء، فإذا رجع إلى حلقه من غير اختيار، أو كان قد تقيأ عامدًا، أو بدره القيء، فإذا رجع إلى حلقه عامدًا فسد صومه عندهم. وعند عَطَاء وأَبِي ثَورٍ إذا تقيأ عاملًا قضى وكفر في إحدى الروايتين عن الحسن. وعند أَبِي ثَورٍ أيضًا إذا ذرعه القيء قضى ولا كفارة عليه. وعند بعض أصحاب مالك وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وأنس لا يفطر، سواء كان القيء عامدًا أو غلبه. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ عنه أيضًا: إحداهما إذا تقيًا ملء فمه أفطر. والثانية إذا تقيَّأ نصف فمه أفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ من ذرعه القيء لا قضاء عليه. وعند بعض العلماء عليه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قبل ولمس فأمذى لم يفطر، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، والنَّاصِر منهم أيضًا. وعند مالك وَأَحْمَد يفطر. وبه قالت الْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نظر وتلذذ فأنزل لم يفطر، سواء كرر النظر أو لم يكرر. وعند مالك والحسن بن صالح إذا كرر النظر فأنزل أفطر وقضى وكفَّر، وإن أنزل من النظرة الأولى أفطر ولا كفارة عليه. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين عنه عليه القضاء والكفارة، وفي الأخرى عليه القضاء دون الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ فيما دون الفرج وقبل أو لمس فأنزل فسد صومه. وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعليه القضاء ولا كفارة عليه، وعند الحسن وعَطَاء وَمَالِك وابن الْمُبَارَك وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة عليه القضاء والكفارة. وعند أَحْمَد عليه الكفارة إذا جامع دون الفرج، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وإذا قبل أو لمس ففيه رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وكز فأنزل فلا شيء عليه. وعند مالك يفسد صومه، وبه قال بعض الحنابلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أكل وشرب، أو جامع ناسيًا لم يبطل صومه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي وَأَحْمَد بن عيسى. وعند رَبِيعَة واللَّيْث

وَمَالِك يجب عليه القضاء بالأكل والجماع دون الكفارة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك رِوَايَة أخرى أن عليه في الجماع الكفارة، وعند عَطَاء والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث يجب عليه القضاء بالجماع دون الأكل. وعند أَحْمَد والْمَاجِشُون يجب عليه القضاء والكفارة بالجماع، ويجب في الأكل القضاء لا غير. ونقل الترمذي عن أَحْمَد موافقة الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تمضمض فوصل الماء إلى حلقه، أو استنشق فوصل الماء إلى دماغه ففيه قَوْلَانِ: أحدهما يفطر، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة، واختاره الْمُزَنِي. والثاني وهو الأصح لا يفطر، وبه قال عَطَاء وقتادة والحسن بن صالح ورَبِيعَة والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن أبي ليلى والْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن عبَّاس والشعبي والنَّخَعِيّ إن كان ذلك في طهارة لمكتوبة لم يفطر، وإن كان في طهارة لنفل أفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ واللَّيْث وعامة العلماء إذا ظن أن الفجر لم يطلع فأكل أو شرب، ثم بانَ أنه قد طلع، أو ظن أن الشمس قد غابت فأكل وشرب، ثم بانَ أنها لم تغرب لم يصح صومه وعليه القضاء. وعند الحسن البصري وعَطَاء وعروة بن الزبير ومجاهد وإِسْحَاق وداود لا يفسد صومه. وعند مالك إن كان الصوم تطوعًا مضى فيه ولا شيء عليه، وإن كان واجبًا فعليه قضاؤه. وعند الْإِمَامِيَّة إن أكل ولم يتأمل الفجر ولم يراعه فعليه القضاء، وإن رصده ورعاه ولم يأكل فلا قضاء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود إذا أفطر بغير جماع من الأكل والشرب والمباشرة فيما دون الفرج مع الإنزال وجب عليه القضاء، ولا يجب عليه الكفارة، وعند عَطَاء والحسن والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب عليه الكفارة ككفارة الجماع. وعند ابن عَبَّاسٍ يجب عليه عتق رقبة أو صوم شهر أو إطعام ستين مسكينًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أفطر بما يقصد إلى تناوله أو بالجماع فعليه الكفارة والقضاء، وإن أفطر بما لا يقصد إلى تناوله كابتلاع الحصى والتراب والفستق بقشره فلا كفارة وعليه القضاء. وعند مالك تجب الكفارة لكل ما يحصل به هتك الصوم إلا الردة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا وجب القضاء على المفطر، فإنه يجب بدل كل يوم يومًا. وعند علي وابن مسعود لا يقضيه صوم الدهر إن صامه. وعند سعيد بن

المسيب يصوم عن كل يوم شهرًا. وعند النَّخَعِيّ يصوم عن كل يوم ثلاثة آلاف يوم. وعند رَبِيعَة يصوم عن كل يوم اثنا عشر يومًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وعامة أهل العلم أنه إذا جامع في نهار رمضان عامدًا عالمًا بالتحريم وهو حاضر فسد صومه، وعليه القضاء والكفارة. وعند قتادة وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والشعبي عليه القضاء دون الكفارة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمسافر أن يفطر بالأكل والشرب والجماع وعند أحمد يجوز الفطر فيه بالأكل والشرب دون الجماع. فإن أفطر بالجماع فعليه الكفارة مع القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا لاط بغلام، أو وطئ امرأة في دبرها لزمه القضاء والكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في أشهر الروايتين عنه لا كفارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ بهيمة بطل صومه، وفي الكفارة الخلاف المشهور في الجديد، وبهذا قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا شيء عليه إلا أن ينزل فيقضي حسب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كفر الواطئ لم يسقط عنه القضاء في أصح القولين، سواء كفَّر بالعتق، أو بالإطعام، أو الصوم. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن كفَّر بالعتق والإطعام لم يسقط عنه القضاء، وإن كفر عنها بالصوم سقط عنه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز عن خصال الكفارة ففي ثبوتها في ذمته قَوْلَانِ: أحدهما لا تثبت، وبه قال أحمد. والثاني تثبت، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وأما جزاء الصيد فيثبت في الذمة عند الشَّافِعِيّ قطعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأصح الروايتين عن أحمد، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن كفارة إفساد الصوم بالجماع على الترتيب، فالواجب العتق، فإن عدم فصوم شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكينًا وعند داود ليس فيها إطعام مقدَّر، وإنما يجب فيها الإشباع. وعند الحسن هي على التخيير بين العتق وبين أن ينحر بدنة، أو يطعم عشرين صاعًا لأربعين مسكينًا. وعند عَطَاء عليه تحرير رقبة، فإن لم يجد فبدنة أو بقرة، أو عشرين صاعًا من طعام يطعم المساكين. واختلفت الزَّيْدِيَّة في

كفارة الصوم، فقال النَّاصِر: هو أن يطعم عن كل يوم نصف صاع من بر أو قيمته. وقال يَحْيَى: نصف صاع من أي جنس كان. وقال المؤيد: إن كان من البر فنصف صاع، وإن كان من سائر الحبوب فصاع، وهو الصحيح من مذهب النَّاصِر، وهكذا اختلفوا في الكفارة لصلاة يوم وليلة. وعند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء لا كفارة في الصلاة، بل يجب القضاء لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الواجب في الإطعام من الكفارة كل مسكين مد من جميع الحبوب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأهل العراق من البر نصف صاع، ومن غير البر صاع، وفي الزبيب رِوَايَتَانِ. وعند مالك كفارة الْيَمِين يطعم بها بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي كفارة الظهار بمد هشام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرع في الصوم ثم قدر على العتق لم يلزمه العتق، بل يستحب له، وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي يجب عليه ولا يجزئه الصوم. اختلف قول الشَّافِعِيّ في الكفارة التي تجب في الجماع على ثلاثة أقوال: أحدها يجب عليه دونها، وبه قال أحمد. والثاني يجب عليه كفارة واحدة عنه وعنها. والثالث يجب كفارتان، كفارة عليه وكفارة عليها، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وأبو ثور وَأَحْمَد في إحدى الروايتين عنه، واختاره ابن المنذر والقاضي أبو الطيب من الشَّافِعِيَّة، وبه قال أكثر العلماء. وعن أَحْمَد رِوَايَة ثالثة: أنه يلزمهما الكفارة في الحج دون الصيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا جامع في يومين أو أيام من رمضان وجب عليه لكل يوم كفارة، سواء كفر عن الأول أو لم يكفر. وعند الْأَوْزَاعِيّ والزُّهْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. إن لم يكن كفَّر عن الأول لزمه لكل يوم كفارة، وإن كان قد كفَّر عن الأول لزمه للثاني: كفارة. وعن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَة أخرى أنه لا كفارة عليه. وعنه إذا وطئ في يومين من رمضان روايتين إحداهما: يجب عليه كفارتان وهي المشهورة. والثانية كفارة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وطئ في يوم واحد مرتين لزمه للأول كفارة، ولا يلزمه للثاني كفارة، وعند أَحْمَد إن كفر عن الأول لزمه للثاني كفارة، وإن لم يكفر كفر عن الأول وأجزأه كفارة واحدة عنهما، وتوقف في يومين إذا لم يكن قد كفر عن الأول. واختلف أصحابه فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا علم بطلوع الفجر وهو مجامع، فلم ينزع

واستدام الجماع لم يصح صومه ولزمه القضاء والكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي لا كفارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا جامع في اليوم الذي ردت شهادته فيه برؤية الهلال وجب عليه الكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا كفارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصبح المقيم صائمًا ثم سافر فجامع في ذلك اليوم وجب عليه الكفارة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا كفارة عليه، وهي إحدى الروايتين عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في الرِوَايَة الصحيحة عنه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شاء الصوم فى السفر، ثم جامع لا كفارة عليه. وعند مالك يجب عليه الكفار في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع في نهار رمضان ثم جن أو مرض، أو حاضت المرأة، أو نفست في ذلك اليوم فقَوْلَانِ: أحدهما لا تسقط عنه الكفارة، وبه قال مالك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني تسقط، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ. وعند زفر الجنون والحيض يسقط الكفارة، والمرض لا يسقطها. وعند الْمَاجِشُون المالكي السفر يسقطها، والمرض والجنون لا يسقطها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ امرأته وهي نائمة لم يبطل صومها، وعليه القضاء والكفارة. وكذلك إذا أكرهها وغلبها على نفسها ولم يمكنها دفعه عن نفسها. وإذا خوَّفها وطاوعته ففيه قَوْلَانِ. وكذلك إذا أوجر الطعام في فيه فإنه لا يبطل صومه، وإذا خُوِّف حتى أكل ففيه قَوْلَانِ. وهكذا إذا أخذ رجلاً فرمى به على رجل فقتله، فإنه لا يجب على المرمى به قصاص. فإذا خوفه فقتله ففيه قَوْلَانِ. وهكذا إذا حمل الحالف وأدخل إلى الموضع المحلوف عليه لم يحنث. وإذا خوَّف فدخل ففيه قَوْلَانِ. وأما الكفارة فلا تجب في هذه المسائل: فإنها لا تجب مع الإكراه، وهذه المسائل كلها من جنس واحد، وذكرها الشَّافِعِيّ متفرقة في أبوابها. وجمعها هنا موضعًا واحدًا ليعم بفهمها وتقرب انتوالها على طالبها، وعند الحسن والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ في المستكرهة عليها القضاء ولا كفارة. وعند مالك عليه القضاء والكفارة، وعليه القضاء وعليه الكفارة عنها. وعند أَبِي ثَورٍ ليس عليها قضاء ولا كفارة إذا استكرهت وجومعت وهي نائمة. وعند أَحْمَد المكره يفطر بالجماع، فإن كان رجلاً فعليه الكفارة، وإن كانت امرأة لم يجب عليها كفارة. وإن أكره على الأكل لم يفطر. وقد مضى الكلام معه في الجماع ناسيًا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع في قضاء رمضان لم يجب عليه الكفارة. وعند قتادة تجب عليه الكفارة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا أفطر فيه بغير عذر وكان إفطاره بعد الزوال وجبت عليه الكفارة، وهي إطعام عشرة مساكين وقضاء يوم بدله، وإن لم يقدر على الإطعام أجزأه أن يصوم ثلاثة أيام عن ذلك، وإن كان إفطاره في هذا اليوم قبل الزوال كان عليه قضاء اليوم، ولا كفارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفاق المغمى في جزء من النهار، وكان قد نوى الصوم صح صومه في أحد القولين، سواء كان عند طلوع الفجر مغمى عليه أو مفيقًا، وبه قال أحمد. وعند مالك إن كان مغمى عليه عند طلوع الفجر لم ينعقد صومه، وإن أفاق في أوله أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أغمي عليه في بعض اليوم فثلاثة أقوال أحدها إن كان مفيقًا فى أوله صح صومه، وإن لم يكن مفيقًا في نصف اليوم، وبه قال مالك. والثاني: إن كان مفيقًا في جزء من النهار صح صومه، وسواء كان ذلك أوله وآخره وأوسطه وبه قال أحمد. والثالث: لا يصح صومه بكل حال. وعند الْمُزَنِي وأَبِي حَنِيفَةَ يصح صومه، وإن لم يفق في جزء من النهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للصائم أن يصب على رأسه الماء وينغمس فيه ما لم يصل إلى حلقه أو دماغه، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يكره. وعند الْإِمَامِيَّة يفطر بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ يجوز للصائم أن يكتحل، ولا يكره له وإن وجد طعمه في حلقه لم يفطر. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك والثَّوْرِيّ يكره له، وإن وجد طعمه في حلقه أفطر. وعند سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وأصحاب مالك أن الكحل يفطر. وعند قتادة يكره الاكتحال بالصبر دون الإثمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وداود وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأنس وزيد بن أرقم وأبي سعيد الخدري وأم سلمة وابن مسعود والحسن بن علي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره للصائم الاحتجام ولا يفطر بذلك. وعند أبي هريرة وعائشة والْأَوْزَاعِيّ وعَطَاء والحسن يفطر المحتجم. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يفطر الحاجم والمحجوم، واختاره ابن المنذر ومُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خزيمة، وعن أَحْمَد في وجوب الكفارة رِوَايَتَانِ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ أن من حركت القبلة شهوته وهو صائم حرم عليه أن يقبِّل، ومن لم تحرك القبلة شهوته لم يحرم عليه ذلك وتركها أولى. وعند مالك وعمر وابن عمر تحرم عليه القبلة بكل حال، ورخص في ذلك عَطَاء والحسن والشعبي وإِسْحَاق وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وأبو هريرة وعائشة، ورواه ابن المنذر عن عمر أيضًا. واختلفت الرِوَايَة عن ابن مسعود، فروى عنه مثل ذلك، وبها قطع في البيان عنه، وروى ابن المنذر عنه أنه قال: يقضي يومًا مكانه. يعنى إذا قبَّل وهذا يبعد، إلا أن يكون المراد إذا أنزل. وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للصائم أن ينزه صومه عن اللفظ القبيح كالغيبة والكذب وغير ذلك، فإن شاتمه أحد أو قاتله لم يجبه وقال إني صائم. وعند بعض الناس لا يتلفظ بقوله إني صائم، بل يقوله في نفسه. وعند الْإِمَامِيَّة والْأَوْزَاعِيّ الكذب على اللَّه تعالى وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجب على الصائم به ما يجب في اعتماد الأكل والشرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا شاتم الصائم، أو تلفظ باللفظ القبيح لم يفطر. وعند الْأَوْزَاعِيّ يفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يكره للصائم الوصال، وهو ترك الأكل والشرب بالليل. وكان مباحًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو من خصائصه. وعن ابن الزبير وأبي نعيم أنه لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وَأَحْمَد وابن مسعود وإِسْحَاق يكره للصائم السواك بعد الزوال، وعند النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ وعروة بن الزبير وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعمر وابن عَبَّاسٍ وعائشة يكره له ذلك في جميع النهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يكره للصائم السواك بالعود الرطب. وعند قتادة وَأَحْمَد في رِوَايَة والشعبي والحكم وعمرو بن شرحبيل ومالك وإِسْحَاق في إحدى الروايتين يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يمكنه قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر قضى ما عليه ولا فدية عليه. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن عمر وسعيد بن جبير وقتادة يطعم ولا يقضي الصوم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وَأَحْمَد وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وأبي هريرة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا لم يكن له عذر في التأخير أنه يصوم رمضان الحاضر، ثم يقضي ما عليه بعده، ويلزمه مع القضاء عن كل يوم مد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى على الصحيح من مذهبه. وعند الحسن والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والمزني يقضي الصوم ولا فدية عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي، واختاره منهم المؤيد أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا نذر صيام شهر بعينه فلم يصمه لعذر أو لغير عذر وجب عليه القضاء، ولا يلزمه مع القضاء كفارة يمين. وعند أَحْمَد إن تركه لغير عذر ثم صام لزمه مع القضاء كفارة يمين، وإن تركه لعذر وصام لزمه مع القضاء كفارة يمين على رِوَايَة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا أفطر لغير عذر وجب عليه القضاء والكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد يستحب أن يقضي ما عليه متتابعًا. وعند الطحاوي التتابع والتفريق سواء. وعند داود لا يصح إلا متتابعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي هريرة وأنس ومعاذ ورافع بن خديج وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وسائر الزَّيْدِيَّة وزيد بن علي والْأَوْزَاعِيّ لا يجب التتابع في قضاء رمضان. وعند علي وابن عمر وعائشة والحسن البصري وعروة بن الزبير والنَّخَعِيّ وداود من أهل الظاهر التتابع واجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وسواء أفطر متتابعًا أو متفرقًا، فإنه إذا قضى غير متتابع لم يصح قضاؤه إلا إذا كان عن علة وعذر، إلا أن داود قال: التتابع ليس بشرط في صحة القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا مات من عليه قضاء رمضان ولم يكن قد أمكنه فعله فلا شيء عليه، وبه قالت الزَّيْدِيَّة. وعند طاوس وقتادة يطعم عنه لكل يوم مسكين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات بعد أن تمكن من قضائه ففيه قَوْلَانِ: القديم يصوم عنه وليه، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعائشة وأبو ثور والزُّهْرِيّ وداود والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد ابن حنبل، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد والنَّاصِر. والقول الجديد الصحيح عند الشَّافِعِيّ أنه يطعم عنه كل يوم مسكين، وبه قال مالك والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وزيد بن علي. وهذا الحكم جاز في كل صوم واجب. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وابن عباس إن كان قضاء رمضان أطعم عنه، وإن كان صومًا غيره صام عنه وليه. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ لا يصام عنه ولا يطعم عنه. وعند الْإِمَامِيَّة يطعم عنه لكل يوم مد من طعام، فإن

لم يكن له مال صام عنه وليه، فإن كان له وليان فأكبرهما. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا مات بعد إدراكه رمضان آخر لزمه في تركته مدان على أصح الوجهين. والثاني مد واحد، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته صوم جميع رمضان جاز أن يقضيه في شهر ذي الحجة. وعند علي والحسن والزُّهْرِيّ لا يجوز أن يقضيه في ذي الحجة. * * *

باب صوم التطوع والأيام التي نهى عن الصوم فيها وليلة القدر

باب صوم التطوع والأيام التي نهى عن الصوم فيها وليلة القدر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بست من شوال، ويستحب تتابعها. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره ذلك خوفًا أن يلحق بالفريضة. قال مالك: ما رأيت أحدًا يصومها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب صوم يوم عرفة لغير الحاج، ولا يستحب للحاج. وعند عائشة وابن الزبير وعمر بن الخطاب وعثمان بن أبي العاص يستحب صومه. وعند عَطَاء يصوم في الشتاء ويفطر في الصيف. وعند يَحْيَى الأنصاري يجب الفطر يوم عرفة. وعند قتادة لا بأس أن يصومه إذا لم يضعفه عن الدعاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستحب صيامه إلا أن يضعفه عن الدعاء ويقطعه عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب صوم عاشوراء، وهو يوم العاشر من المحرم. وعند بعض الناس هو اليوم التاسع من المحرم. ولأجل هذا الاختلاف استحب الشَّافِعِيّ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق صوم العاشر والتاسع من المحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ صوم عاشوراء لم يكن واجبًا في ابتداء الْإِسْلَام. وعند بعض أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ كان واجبًا، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره صوم الدهر إذا أفطر الأيام التي ينهى عن الصوم فيها. وعند بعض الناس يكره. وعند أَبِي يُوسُفَ إنما نهى عن العبادات التي تشبه التبتل الذي نهى عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وجابر وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وداود إذا دخل في صلاة تطوع أو صوم تطوع استحب له إتمامه، ويجوز له الخروج منه بعذر وبغير عذر، وإذا خرج منه فلا قضاء عليه، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة

القاسم والنَّاصِر ويَحْيَى والمؤيد، وهو الأصح. وعند الحسن والنَّخَعِيّ ومَكْحُول والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يلزمه المضي في ذلك، ولا يجوز له الخروج منه من غير عذر، وإذا خرج منه لزمه القضاء بعذر كان أو بغير عذر، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي وأبو عبد الله الداعي والنَّاصِر أيضًا. وعند مُحَمَّد أنه إذا حضر عند أخيه فحلف عليه جاز له أن يفطر وعليه قضاؤه. وعند مالك إن خرج منه بعذر لم يلزمه قضاؤه، وإن خرج منه بغير عذر لزمه قضاؤه في إحدى الروايتين، وبه قال أبو ثور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وعمر وعلي وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وحذيفة وعمار وأبي وائل لا يجوز صوم الشك بكل حال، سواء صامه عن رمضان أو تطوع، أو إذا قيده كان إلا أن يوافق عادة له وكان يصوم الدهر، أو يتقدمه بيومين. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث ومُحَمَّد بن مسلمة وإِسْحَاق لا يكره صومه عن شعبان. ونقل الترمذي عن أَحْمَد وإِسْحَاق موافقة الشَّافِعِيّ. وعند ابن عمر وابن العاص وأنس بن مالك ومعاوية وأبي هريرة وعائشة وأسماء بنت أبي بكر وعمر في إحدى الروايتين وطاوس ومجاهد وميمون بن مهران ومطرف وابن أبي مريم وبكر بن عبد الله الْمُزَنِي وَأَحْمَد إن كانت السماء مصحية كره صومه، وإن كانت معتمة وجب صومه عن شهر رمضان. واختلف أصحاب أَحْمَد في صيام يوم الشك. وروى عن عائشة وأسماء أنهما قالتا: يجوز صوم يوم الشك على الإطلاق. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب صومه على الإطلاق. وعند الحسن وابن سِيرِينَ إن صام الإمام صامت الرعية، وإن لم يصم الإمام لم تصم الرعية، وروى ذلك عن أَحْمَد أيضًا، وروى عنه مثل قول الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ والزُّهْرِيّ وأبي هريرة وأكثر أصحاب الشَّافِعِيّ أنه يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر صوم يوم الفطر ويوم النحر لم ينعقد نذره ولا يلزمه بهذا النذر شيء، وبه قال زفر، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق. وعند أبي حَنِيفَةَ وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة ينعقد نذره ويلزمه أن يصوم غيرهما، فإذا صام فيهما أجزأه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وقال السيد أبو طالب منهم: لا يجزئه. وعند أبي

حَنِيفَةَ إن صام فيهما عن نذر مطلق لم يجزأه. وعند أَحْمَد لا يصمه وعليه كفارة يمين، وعنه رِوَايَة أخرى يقضي ويكفَّر. وعنه رِوَايَة أخرى إن صامه أجزأه ولا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يجوز أن يصوم المتمتع في أيام التشريق فيه قَوْلَانِ: القديم يجوز، وبه قال مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عمر وعائشة والقول الجديد لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند ابن الزبير وابن عمر والأسود بن يزيد أنه يجوز صوم أيام التشريق مطلقًا. وقال أنس كان أبو طلحة قلما رأيته يفطر إلا يوم فطر أو أضحى، وكان ابن سِيرِينَ لا يرى بأسًا بصوم الدهر غير ذلك اليومين، وعند أَحْمَد لا يجوز صيامهما مطلقًا، وعنه رِوَايَة أخرى أنه يجوز صيامهما عن الفرض خاصة. وعند الشَّافِعِيّ ومالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق أنه إذا أفطر الأيام التي يحرم الصوم فيها وصام باقي السنة أنه لا يكره صوم الدهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وآكدها عند الشَّافِعِيّ ليلة الحادي والعشرين، وعند أَحْمَد آكدها ليلة الخامس والعشرين. وعند الْمُزَنِي أنها تختلف في كل سنة في العشر الأواخر. وعند عمر هي ليلة ثلاث وعشرين. وعند أبي بن كعب أنها ليلة الخاص والعشرين أو السابع والعشرين. وعند أبي قلابة أنها تتقلب في كل ليلة منها. وعند مالك هي في العشر الأواخر، وليس فيها تعيين. وعند ابن عَبَّاسٍ هي ليلة سابع وعشرين واختلفت الزَّيْدِيَّة في كلٍ، فقال النَّاصِر: هي ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو سبع وعشرين، وهو الأصح عنده. وقال سائر الزَّيْدِيَّة هي ليلة ثلاث وعشرين، أو سبع وعشرين. * * *

باب الاعتكاف

باب الاعتكاف مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن الزوج لزوجته، أو السيد لعبده في الاعتكاف وكان تطوعًا فدخلا فيه كان للزوج منع زوجته، وللسيد منع عبده منه. وعند مالك ليس للزوج ولا للسيد منعهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ للسيد منع عبده، وليس للزوج منع زوجته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمكاتب أن يعتكف بغير إذن مولاه. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ لا يجوز له، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المسجد شرط في صحة الاعتكاف

للرجل والمرأة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وله قول قديم أنه يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وهو الذي جعلته لصلاتها، وهو أفضل من المسجد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها فلا يصح للرجل في أحد الوجهين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والوجه الثاني يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر أن يعتكف في مسجد المدينة، أو في المسجد الأقصى، ثم أراد أن يعتكف في غيرهما لا يجزئه على أحد القولين، وبه قال أحمد. والثاني يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح الاعتكاف في جميع المساجد، سواء أقيم فيها الجماعة أم لم تقم، وعند حذيفة لا يصح الاعتكاف إلا في ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الأقصى. وعند الزُّهْرِيّ لا يصح إلا في مسجد يقام فيه الجمعة، وهو قول قديم للشافعي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وَمَالِك في رِوَايَة لا يصح إلا في مسجد يقام فيه الجماعة. وعند علي بن أبي طالب وحماد لا يصح إلا في المسجد الحرام. وعند عَطَاء لا يصح إلا في المسجد الحرام ومسجد المدينة. وعند مالك لا يصح إلا في المسجد الجامع. وفي رحاب المساجد التي يجوز الصلاة فيها. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح إلا في مسجد صلى فيه إمام عادل بالناس الجمعة، وهي أربعة مساجد المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن مسعود وأبي مسعود البدري والحسن البصري َوَأَحْمَد وإِسْحَاق يصح الاعتكاف بغير صوم، ويستحب فيه الصوم، ويجوز الاعتكاف فى الأيام التي لا يصح الصوم فيها كيوم الفطر والأضحى وأيام التشريق، ويجوز إفراد الليل بالاعتكاف. وعند ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعائشة وعروة والزُّهْرِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وإِسْحَاق وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح بغير صوم، ولا يصح في الأيام المنهي عن الصوم فيها، ولا بالليل دون النهار، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا دخل فيه من الليل وصام النهار صح الاعتكاف التبع على سبيل التبع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ليس لأول الاعتكاف حد، ويجوز أن يعتكف ساعة، وإذا نذر أن يعتكف لزمه ما يقع عليه الاسم وهو ساعة. وعند مالك لا يصح أقل من

يوم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، والثانية كقول مالك. وعند مالك في رِوَايَة لا أقل من اعتكاف عشرة أيام. وعند الْإِمَامِيَّة لا يكون أقل من ثلاثة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا نذر أن يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان فإنه يدخل في أول ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان، وهو غروب الشمس من يوم العشرين، سواء كان نذرًا أو تطوعًا. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأبي ثور وإِسْحَاق وَأَحْمَد في ظاهر قوله يدخل في أول اليوم الحادي والعشرين. ومن أصحابه من حمل كلامه على الأيام المطلقة. وأما المعينة فقوله فيها كقول الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء إذا اعتكف تطوعًا ثم قطع اعتكافه لم يجب عليه قضاؤه. وعند مالك وبعض العلماء يجب عليه قضاؤه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر اعتكاف شهر بعينه، ولم يشترط التتابع وجب أن يأتي به على الولاء، فإن أخل بيوم منه لزمه قضاؤه، ولا يلزمه الاستئناف. وعند أَحْمَد في رِوَايَة يلزمه الاستئناف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا نذر اعتكاف شهر مطلقًا ولم يشرط التتابع جاز أن يأتي به متفرقًا، والأولى أن يأتي به متتابعًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يلزمه أن يأتي به متتابعًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد والنَّاصِر أيضًا وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ في نذر الصوم المطلق: إحداهما يلزمه التتابع في الاعتكاف رِوَايَة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر اعتكاف ثلاثين يومًا وشرط فيها التتابع لزمه، وإن أطلق النذر أو قال متفرقًا، فإن اعتكف متتابعًا أجزأه، وإن اعتكف متفرقًا أجزأه أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئه، وهو قول مخرَّج في المطلق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر أن يعتكف يومين وشرط التتابع، أو نواه لزمه أن يعتكف يومين متتابعين والليلة التي بينهما، ولا يلزمه الليلة المستقبلة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه أن يعتكف يومين وليلتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا جامع المعتكف في الفرج عامدًا فسد اعتكافه ولا كفارة عليه. وعند الحسن والزُّهْرِيّ عليه كفارة كالمجامع في نهار رمضان. وعند

مجاهد يتصدق بدينار. وعند أَحْمَد إن وطئ عامدًا أو ساهيًا وجب عليه كفارة يمين فى إحدى الروايتين. وعند الْإِمَامِيَّة إذا جامع نهارًا كان عليه كفارتان، وإذا جامع ليلاً فكفارة واحدة. وإن أكره الزوجة وهي معتكفة نهارًا كان عليه أربع كفارات، وإن كان ليلاً فكفارتان، والكفارة هي كفارة المجامع في نهار رمضان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع في الفرج ساهيًا لم يفسد اعتكافه. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يفسد اعتكافه. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء يجوز للمعتكف إذا خرج من المسجد أن يستظل تحت السقف حتى يعود إلى المسجد، سواء كان ممره فيه أم لا، ولا يبطل اعتكافه. وعند الثَّوْرِيّ والْإِمَامِيَّة ليس له ذلك. وعند الثَّوْرِيّ أيضًا إذا كان أكره تحت السقف جاز له، ولا يبطل اعتكافه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قبَّل سهوًا أو جامع فسد اعتكافه، وإن لم ينزل لم يفسد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقت المعتكفة، أو مات زوجها خرجت واعتدت، وإذا فرغت من العدة رجعت وبنت. وعند مالك ورَبِيعَة تمضي في اعتكافها، فإذا فرغت منه خرجت واعتدت، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا شرط التتابع في اعتكافه فخرج من المعتكف بغير حاجة بطل اعتكافه قل الخروج أو كثر. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يبطل حتى يكون خروجه أكثر من نصف يوم. مسألة: عند الشَّافِعِيّ يجوز أن يخرج إلى منزله للأكل والشرب، ولا يبطل اعتكافه بذلك. وعند أبي مجلز وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ ليس له الخروج لذلك، فإن خرج بطل اعتكافه، واختاره ابن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر اعتكافًا متتابعًا يكون فيه الجمعة، فاعتكف في غير الجامع لزمه الخروج إلى الجمعة، وبطل اعتكافه بالخروج إليها، وفيه قول آخر أنه لا يبطل اعتكافه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر أن يعتكف اليوم الذي يقدم فيه فلان صح نذره، وإن قدم نهارًا لزمه أن يعتكف من حين قدومه، ولا يلزمه قضاء ما فاته. وعند الْمُزَنِي أنه يقضي ما فاته منه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره التطيُّب للمعتكف ولا للمعتكفة، ولا لبس الرفيع، ولا الأكل الطيب. وعند أَحْمَد يكره له لبس الرفيع. وعند معمر يكره له التطيُّب. وعند عَطَاء لا تتطيب المعتكفة إلا أنه لا يقطع ذلك الاعتكاف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للمعتكف تعليم القرآن ودراسة العلم أو تعليمه، وهو أفضل من صلاة النافلة. وعند مالك وَأَحْمَد لا يستحب له قراءة القرآن وتعليم العلم، بل يشتغل بذكر الله تعالى والتسبيح والصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يكره للمعتكف الخياطة في المسجد وما أشبهها، إلا أن يخيط ثوبه وما يحتاج إلى لبسه فلا يكره. وعند مالك إن كانت الخياطة حرفته لم يصح اعتكافه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق يكره البيع والشراء في المسجد. وعند بعض العلماء لا يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز للمعتكف التجارة والبيع والشراء، وعند مالك والْإِمَامِيَّة لا يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وكافة العلماء إذا نذر أن يعتكف مرة لم يجز له عيادة المريض، ولا اتباع الجنائز، ولا شهود الجمعة. وعند سعيد بن جبير والحسن بن يحيى والنَّخَعِيّ وعلي والْإِمَامِيَّة يجوز له ذلك. قال ابن المنذر: لا يثبت ذلك عن على. وعند إِسْحَاق إن اشترط ذلك فله أن يتبع الجنازة، ويعود المريض وإلا فلا. وعند الثَّوْرِيّ يجوز له عيادة المريض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يشترط في الاعتكاف الواجب التتابع أنه متى عرض له عارض من عيادة مريض وشهود جنازة وغير ذلك من الانشغال مما لا ينافي الاعتكاف خرج إليه، فإذا عرض له عارض وخرج إليه عاد وأتم ما عيَّنه. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك لا يجوز الشرط. واختلف فيه عن أحمد، فمنع مرة، وقال مرة: أرجو أن لا بأس به. وعند إِسْحَاق يجوز في التطوع، ولا يجوز في الواجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات وعليه اعتكاف واجب فثلاثة أقوال: أصحها: لا يعتكف عنه ولا يطعم إلا أن يكون الاعتكاف بصوم فيطعم لأجل الصوم لا لأجل الاعتكاف والثاني يطعم عنه من تركته لكل يوم مد. والثالث يعتكف عنه وليه كما في

الصوم، وبه قال أبو ثور وعائشة وابن عباس. وعند الحكم إذا كان عليه اعتكاف ثلاثين يومًا يطعم ستين مسكينًا، ثلاثين لأجل الاعتكاف وثلاثين لأجل الصوم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يطعم عنه كل يوم نصف صاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان فإنه يخرج منه بغروب الشمس من آخر يرم من شهر رمضان. وعند أبي قلابة وأبي مجلز وأبي بكر بن عبد الرحمن والمطلب بن حنطب وَأَحْمَد يستحب للمعتكف أن يكون انصرافه من موضع معتكفه إلى مصلاه يوم الفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حاضت المعتكفة خرجت إلى منزلها وعادت إذا طهرت وبنت، وعند أبي قلابة أنها لا تخرج إلى منزلها بل تضرب جناحًا على باب المسجد فإذا طهرت رجعت إلى المسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر أن يعتكف شهرًا بصوم فاعتكف شهرًا صائمًا في قضاء لم يجزه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن ينكح المعتكف وينكح، وعند بعض الفقهاء لا يجوز. * * *

كتاب الحج

كتاب الحج مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب العمرة قَوْلَانِ الجديد وجوبها، وبه قال عَطَاء

وطاوس ومجاهد وابن سِيرِينَ وسعيد بن جبير وأبو بردة ومَسْرُوق وعبد الله بن شداد َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو عبيد والثَّوْرِيّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وداود وجابر، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر. والقول القديم أنها سنة، وبه قال الشعبي وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ والنَّخَعِيّ وأبو ثور وابن مسعود وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الحج والعمرة لا يجبان بالشرع في العمر إلا مرة واحدة. وعند بعض الناس يجبان في كل سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل مكة لتجارة أو زيارة، أو كان من أهل مكة وكان غائبًا وقدم، فهل يجوز له أن يدخل بغير إحرام؟ قَوْلَانِ: أحدهما لا يجوز، وبه قال ابن عبَّاس وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة. والثاني يجوز، ويستحب له الإحرام، وبه قال ابن عمر َوَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسواء كانت داره وراء الميقات أو دونه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا

كانت داره وراء الميقات لم يجز أن يدخل الحرم من غير إحرام، وسواء كان لقتال أو غيره، وإن كان داره دون الميقات جاز له أن يدخل بغير إحرام، وعند أَبِي يُوسُفَ ليس لمن داره وراء الميقات أن يدخل مكة إلا محرمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا ليس له أن يدخل الحرم إلا بإحرام فتركه لم يلزمه القضاء ولا الدم، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه القضاء والدم فيحرم بحج أو عمرة، إلا أن يحج من سنته حجة الْإِسْلَام، أو منذورة، أو عمرة منذورة فإنه يجزئه، ويدخل فيه الإحرام الذي وجب عليه لأجل الدخول استحبابًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الصبي لا يجب عليه الحج ويصح منه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح الحج من الصبي، وإنَّما يأذن له الولي في الإحرام ليتعلم أفعال الحج، ويتجنب ما يتجنبه المحرم، فإن فعل شيئًا من ذلك فلا فدية عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الكفارة التي تجب بجناية الصبي على الإحرام قَوْلَانِ: أحدهما تجب في مال الولي، وبه قال مالك. والثاني تجب في ماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المغمى عليه لا يصح أن يحرم عنه رفقاؤه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح إحرام العبد بغير إذن سيده. وعند داود وأهل الظاهر لا يصح إحرامه بغير إذن مولاه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أذن السيد لعبده في الإحرام، ثم رجع عن ذلك بعد ما أحرم العبد لم يصح رجوعه، ولم يكن له تحليله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له تحليله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم العبد بإذن سيده، ثم باعه ولم يعلم المشتري بإحرامه يثبت للمشتري الخيار، فإن مضى به لم يكن له أن يحلله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يثبت له الخيار، وله أن يحلله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرم العبد بغير إذن سيده كان له تحليله. وعند أَحْمَد ليس له ذلك في إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق إذا أحرم الصبي والعبد، ثم بلغ الصبي، أو عتق العبد بعرفة أجزأهما عن حجة الْإِسْلَام، وإن بلغ أو عتق قبل الوقوف بعرفة لم يجزئهما عن حجة الْإِسْلَام. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجزئهما

ذلك عن حجة الْإِسْلَام، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة، ولا يتصور الخلاف مع أَبِي حَنِيفَةَ إلا في العبد، فأمَّا الصبي فلا يصح إحرامه عنده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو حج ثم استطاع أجزأه عن حجة الْإِسْلَام، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وأكثر العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة الاستطاعة هي الزاد والراحلة. وعند ابن الزبير وعكرمة وعَطَاء والضحاك وَمَالِك الاستطاعة صحة البدن. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وموسى بن جعفر ومُحَمَّد بن يَحْيَى ومُحَمَّد بن القاسم أنها الزاد والقدرة على المسير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا لم يجد راحلة، أو وجدها بأكثر من ثمن مثلها، أو وجد راحلة لا تصلح لمثله، بأن يكون شيخًا أو شابًا مترفًا لا يقدر على الركوب إلا بالمحمل، أو العمارية لم يجب عليه الحج حتى يجد ذلك. وعند مالك الراحلة ليست شرطًا، فإذا كان قادرًا على المشي أو عادته المشي وجب عليه الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له دار يحتاج إلى سكناها، أو خادم يحتاج إلى خدمته لم يلزمه الحج بذلك، ولا يلزمه بيعهما، ولا صرف ثمنهما إلى الحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الحج وبيعهما، ويصرف ثمنهما في الحج، واختاره الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن له مسكن يسكنه ومعه ما يكفيه للحج بدأ بشراء المسكن، وما فضل ان كان يكفيه للحج وجب عليه الحج وإلا فلا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبدأ بشراء المسكن، بل يجب عليه الحج، واختاره الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يجب عليه بيع مسكنه، ولا يشترى مسكنًا إذا لم يكن له، بل يصرفه في الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه مال يحتاج إليه في بضاعة يتجر بها ليحصل له بها ما يقوم به، أو ضيعة يقوم عليها لكفايته لم يلزمه بيعها للحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه بيعها في ذلك، وبه قال أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا غصب مالاً فحج به، أو حمولة فركبها وحج أثم بذلك، ولزمه ضمان ما غصبه، وأجزأه الحج. وعند أَحْمَد لا يجزئه، ولا يسقط

عنه فرض الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن له طريق إلا في البحر فلا يجب عليه ركوبه على أحد الخلاف عنده. ومن أصحابه من قال: إن كان الغالب منه السلامة لزمه، وإن لم يكن الغالب منه السلامة لم يلزمه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد، الأعمى أو مقطوع اليدين والرجلين إذا وجد الزاد والراحلة وقائد يقوده ومن يركبه وينزله مضى، وكان قادرًا على الثبوت على الراحلة من غير مشقة شديدة وجب عليه الحج، ولا يجوز له أن يستنيب فى الحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في أصح الروايتين عنه يجوز له الاستنابة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة تخلية الطريق وإمكان المسير شرط في وجوب الحج. وعند أَحْمَد ليسا شرط في وجوب الحج، وإنما هو شرط في الأداء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ اعتبار المحرم في حق المرأة ليس بشرط في وجوب الحج، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره المؤيد منهم. وعند النَّخَعِيّ وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ هو شرط في وجوب الحج عليها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة السيد أبو طالب. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في أمر الطريق هل هو من شرائط الوجوب، أو من شرائط الأداء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقمن النساء الثقات مقام المحرم في حق المرأة، وبه قالت الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يقمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا فرق في ذلك بين قصير السفر وطويله. وعند أبي حَنِيفَةَ يختص الطويل، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان يقدر على المشي وعادته أن يسأل الناس لم يلزمه الحج بذلك. وعند مالك يلزمه الحج بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل الأفضل الحج ماشيًا أو راكبًا؟ قَوْلَانِ: وبأولهما قال ابن عبَّاس والحسن بن علي وإِسْحَاق. والثاني قطع به العراقيون من أصحاب الشَّافِعِيّ، وصححه الباقون منهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يمكنه الركوب على الراحلة إلا بمشقة فادحة كالمعضوب، وهو

الزَّمن والشيخ الكبير، ومن كان نحيف الخلقة ضعيف البنية، وكان له مال ووجد من يستأجره لزمه الحج، ووجب عليه أن يستأجره لغرض الحج عنه، ووجب عليه أن يستأجر من يحج عنه. وعند مالك وداود لا يجب عليه الحج، ولا يلزمه أن يستأجر من يحج عنه، وإنما يجب عليه الحج عندهما ان كان مستطيعًا بنفسه خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن للمعضوب مال، ولكن له من يطيعه بالحج، فإنه يلزمه الحج، ويلزمه أن يأذن له أن يحج عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب عليه الحج بطاعة غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ ومُحَمَّد بن الحسن، ومن الزَّيْدِيَّة القاسم يستحب لمن وجب عليه الحج أن يبادر إلى فعله، فإن أخَّره جاز. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ والْمُزَنِي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي وزيد بن علي والمؤيد يجب على الفور، وكان أبو الحسن الكرخي يقول: هذا هو مذهب أَبِي حَنِيفَةَ، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا حج في السنة الثانية كان أداءً، مالك يقول: كان قضاءً. وعند بعض العلماء يكفر بتأخير الحج فإن الله تعالى قال: (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الحج تدخله النيابة عن المحجوج عنه، وهي رِوَايَة الأصول عند أَبِي حَنِيفَةَ، وعنه رِوَايَة شاذة رواها عنه مُحَمَّد أن الحج لا يدخله النيابة، وإذا استناب وقع الحج عن الحاج، وللمحجوج عنه ثواب النفقة، فيفيد أنه إن لم يكن من جهة نفقة لم يسقط عنه الفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للصحيح القادر أن يستنيب في حج التطوع. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات الميت وقد أوصى أن يحج عنه تطوعًا هل تصح الاستنابة في ذلك؟ قَوْلَانِ: أحدهما الصحة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد. والثاني عدم الصحة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المريض إذا لم يكن مأيوسًا منه لا يجوز أن يستنيب في الحج، وكذا المحبوس هو عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يجوز له أن يستنيب، ثم ينظر فإن برئ لزمه إعادة الحج، وإن مات أجزأه، وكذلك قالا في المحبوس.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استناب المأيوس منه، ثم برئ فلا إعادة عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه الإعادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الفقهاء وسائر الزَّيْدِيَّة إذا نذر حجة وعليه حجة الْإِسْلَام قدم حجة الْإِسْلَام، ثم يقيم بمكة إلى السنة القابلة، ثم يحج عن المنذورة، ولا يلزمه الدم بتركه الميقات. وعند علي رضى اللَّه عنه والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا حج بنية حجة الْإِسْلَام أجزأه عنهما جميعًا، وإن حج بنية المنذورة لم تقع عنها، ولو نوى عنهما جميعًا صح عنهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من حج عن ميت وقرن أجزأه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئه، وعليه رد النفقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يجوز لمن عليه حجة الْإِسْلَام أو عمرته، أو حجة نذر أو قضاء أن يحج عن غيره، فإن أحرم عن غيره وقع الحج عن نفسه لا عن المحجوج عنه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَحْمَد وابن عبَّاس رِوَايَة أخرى أنه لا يقع عنه ولا عن غيره، وبه قال داود. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وأصحابه وأيوب السختياني وجعفر بن مُحَمَّد والنَّخَعِيّ وعَطَاء والحسن وداود أيضًا وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يحج عن غيره من عليه فرض الحج أو نذره أو قضاؤه، وإذا أحرم عن غيره وقع الحج عمن أحرم عنه. وعند الثَّوْرِيّ وسائر الزَّيْدِيَّة إن كان قادرًا على الحج عن نفسه لم يجز أن يحج عن غيره، وإن كان غير قادر لعدم الزاد والراحلة جاز أن يحج عن غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وابن عَبَّاسٍ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأبي هريرة لا يسقط الحج بالموت بعد الوجوب والتمكن من الأداء. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة يسقط بالموت، فإن أوصى بالحج حج عنه من يليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحج عنه من الميقات. وعند أَحْمَد من دويرة أهله. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة الحج والعمرة مبنيان على تقديم الأهم فالأهم، فلا يجوز أن يتطوع بالحج أو بالعمرة وعليه فرضهما، وإذا نوى التطوع انصرف إلى الفرض، وكذا إذا كان عليه حجة الْإِسْلَام وحجة منذورة فنوى المنذورة انصرف إلى حجة الْإِسْلَام. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز أن يتطوع بالحج والعمرة وعليه فرضهما، وكذا يأتي بالمنذورة عنهما وعليه فرضهما، وإذا نوى التطوع انعقد

تطوعًا، ولا ينصرف إلى الفرض، وكذلك يجوز تقديم الحجة المنذورة على حجة الْإِسْلَام، وإذا نوى الحجة المنذورة انصرف إليها ولم ينصرف إلى حجة الْإِسْلَام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يصح الحج عن الحي والميت. وعند الأصم لا يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للرجل أن يحج عن الرجل والمرأة، ويجوز للمرأة أن تحج عن الرجل والمرأة. وعند الحسن بن صالح يكره أن تحج المرأة عن الرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ وابن الزبير وابن مسعود وإحدى الروايتين عن علي وابن عَبَّاسٍ وابن عمر أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وتسعة أيام وعشر ليال من ذي الحجة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشرة أيام وعشر ليالي من ذي الحجة، فالخلاف بيننا وبينهم في اليوم العاشر. وعند مالك أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا، وهي الرِوَايَة الأخرى عن على وابن عَبَّاسٍ وابن عمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة يجوز الاستئجار على الحج، وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز الاستئجار على الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: حجوا عني بمائة دينار استؤجر من يحج عنه بالمائة دينار إن كانت أجرة المثل، وإن زادت على ذلك كانت الزيادة من الثلث، وأجرة المثل من رأس المال، وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد يحج عنه حجة، وما فضل يرد إلى الورثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم الأجير من دون الميقات لزمه دم، ويُرد من الأجرة بقدر المسافة التي بين الميقات والموضع الذي أحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ ترد جميع الأجرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر اثنان واحد ليحرم عن أحدهما بالحج وعن الآخر بالعمرة، فأحرم بالحج والعمرة عنهما لم يصح إحرامه عنهما، ووقع إحرامه عن نفسه، وعند أَبِي ثَورٍ يصح إحرامه عنهما، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وابن عَبَّاسٍ وجابر وأَبِي يُوسُفَ وأَبِي ثَورٍ وداود لا يجوز الإحرام بالحج إلا في أشهر الحج، فإذا أحرم به في غير أشهره انعقد ذلك عمرة. وعند مالك والثَّوْرِيّ وابن حيي وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وسائر الزَّيْدِيَّة وأكثر

العلماء يكره أن يحرم بالحج في غير أشهره، فإن أحرم به في غير أشهره صح إحرامه بالحج، ولكن لا يأتي بشيء من أفعاله قبل أشهره. وعند الْإِمَامِيَّة لا ينعقد إحرامه بالحج ولا عمرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز فعل العمرة في جميع السنة، ولا يكره فعلها في شيء من السنة. وعند أَبِي يُوسُفَ يكره فعلها في أربعة أيام: يوم النحر، وأيام التشريق الثلاث، وزاد أبو حَنِيفَةَ إلى هذه الأيام في الكراهية يومًا خامسًا هو يوم عرفة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وعائشة وابن عَبَّاسٍ وأنس وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب الإكثار في كل سنة من فعل العمرة وليس لها عدد محصور. وعند الحسن وسعيد بن جبير وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يفعل العمرة في السنة إلا مرة. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الإفراد والتمتع والقِران أيها أفضل على ثلاث أقوال أصحها: أن الإفراد أفضلها، وبه قال مالك والْأَوْزَاعِيّ، ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة. والثاني: أن التمتع أفضلها، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق َوَأَحْمَد بن عيسى. وعند أيى يوسف وابن حُيي التمتع بمنزلة القِران. والثالث: أن القِرَان أفضلها، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وزفر، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى أيضًا، واختاره من الشَّافِعِيَّة الْمُزَنِي وأبو إِسْحَاق المروزي وابن المنذر، وكره الثَّوْرِيّ أن يقال بعضها أفضل من بعض. وعند أبي عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة القِران أفضل لمن حج، والإفراد أفضل لمن لم يحج على مذهب القاسم منهم فيحصل الخلاف مع أَبِي حَنِيفَةَ في ثلاثة مواضع: أحدها: أن الأصح عند الشَّافِعِيّ أن الإفراد أفضل، وعنده القِرَان أفضل. والثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مفردًا، وعنده أنه كان قارنًا. والثالث: الدم الذي يجب بالقِران دم جبران، وعنده دم نسك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء التمتع والقِران جائزان بالإجماع من غير كراهة. وعند عمر وعثمان التمتع مكروه. وعند سليمان بن رَبِيعَة وزيد بن ضوحان القِران مكروه. وعند الْإِمَامِيَّة التمتع لازم ولا يجزئه مع التمكن من غيره. وصفته عندهم أن يحرم من الميقات بالعمرة، ثم يطوف يسعى ويحل من إحرامه، فإذا كان يوم التروية عند زوال الشمس أحرم بالحج من المسجد الحرام وعليه دم التمتع، فإن عدم الهدْي وكان

واجدًا لثمنه تركه عند من يثق به من أهل مكة حتى يذبح عنه طول ذي الحجة، فإن لم يتمكن من ذلك أخره إلى أيام النحر من العام القابل، ومن لم يجد الهدْي ولا ثمنه صام عشرة أيام قبل يوم التروية ويوم عرفة، فمن فاته ذلك صام ثلاثة أيام التشريق وباقي العشرة إذا عاد إلى أهله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إدخال العمرة على الحج في أصح القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور. ويجوز في القول الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرع في طواف العمرة لم يجز له إدخال الحج عليها. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز إدخال الحج عليها ويصير قارنًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج وأتى بأفعالها في أشهر الحج فقَوْلَانِ: أحدهما لا يكون متمتعًا ولا دم عليه، وبه قال قتادة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وجابر. والثاني: يكون متمتعًا وعليه الدم، وبه قال الحكم والحسن وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ. وعند طاوس إن دخل الحرم في رمضان لم يكن متمتعًا، وإن دخل في شوال كان متمتعًا. وعند مالك وعَطَاء والحسن إذا دخل شوال، أو لم يكن قد تحلل من العمرة كان متمتعًا، وإن كان قد أتى بأفعالها في شوال صار متمتعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج لم يلزمه الدم. وعند طاوس يلزمه الدم. وعند الحسن من اعتمر بعد النحر فهو متمتع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتمتع هو الذي يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج من سنته. وعند أَحْمَد المتمتع الذي يحرم بالحج فيحصر بعدو أو مرض حتى يمضي الحج فيجعلهما عمرة، ويتمتع بحله إلى العام المقبل، ثم يحج ويهدي. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالحج من مكة، ثم خرج من الميقات وهو محرم بالحج قبل التلبس بشيء من أفعال الحج ففي سقوط الدم عنه وجهان: أحدهما يسقط. والثاني لا يسقط، وبه قال مالك. وعند عَطَاء وَأَحْمَد وإِسْحَاق والمغيرة أن المديني إذا سافر سفرًا يقصر فيه الصلاة لم يجب عليه الدم. وعند طاوس ومجاهد وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إن رجع إلى أهله يسقط عنه الدم، وإن لم يرجع لم يسقط عنه الدم. وعند سعيد بن المسيب رِوَايَتَانِ: أحدهما مثل قول مالك، والثانية مثل قول الشَّافِعِيّ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عاد المتمتع إلى الميقات لإحرام الحج سقط عنه الدم. وعند أَحْمَد إذا نوى أن يقرن من حجه وعمرته سفرًا صحيحًا يسقط عنه الدم. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يسقط حتى يلم بأهله من حجه وعمرته. وعند مالك إن عاد إلى بلده أو مسافة بقدر مسافته سقط عنه الدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حاضرو المسجد الحرام الذين لا دم عليهم في التمتع من كان في الحرم، ومن كان بينه وبين الحرم مسافة لا تقصر فيها الصلاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن عَبَّاسٍ والثَّوْرِيّ ومجاهد حاضرو المسجد الحرام من كان بالحرم خاصة لا غير. وعند مالك هم من كان بمكة أو بذي طوى لا غير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هم من كان داره دون الميقات. وعند عَطَاء رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ. والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ. وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة هم أهل المواقيت، ومن دونها إلى مكة، ومن له أن يدخلها بغير إحرام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: المكي من كان داره دون الميقات. وعند عَطَاء رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، ومن كان أهله حاضري المسجد الحرام يصح منه التمتع والقِران فلا يكره له ذلك إلا أنه لا دم عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأبي عبيدة وابن عمر لا يصح منه التمتع والقِرَان، فإن أحرم بهما ارتفصت عمرته، وإن أحرم بالحج بعد ما طاف شوطًا واحدًا للعمرة ارتفص حجه في قول أَبِي حَنِيفَةَ وارتفصت عمرته في قول أَبِي يُوسُفَ ومحمد، وإن أحرم بعد ما أتى بأكثر الطواف مضى فيهما ولزمه دم جبران. وعند الداعي وأبي طالب من الزَّيْدِيَّة من كان ميقاته داره لا يصح منه التمتع، ولا يكون متمتعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يجب على القارن دم، وهو شاة. وعند الشعبي عليه بدنة. وعند طاوس وداود لا دم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب سوق بدنة على القارن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يكون القِرَان إلا بسوق بدنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المكي إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج من مصر من الأمصار أو من ميقات ذلك المصر وحج من سنته لم يلزمه الدم. وعند طاوس يلزمه الدم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتمر الشخص عن نفسه من الميقات، ثم حج عن غيره من مكة، أو حج عن نفسه من الميقات، ثم اعتمر عن غيره من أدنى الحل فعليه الدم في هاتين المسألتين وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دم عليه فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا خرج المكي من مكة إلى الحل وأحرم بالحج منه ومضى إلى عرفة لزمه الدم، وإن عاد إلى مكة سقط عنه الدم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن عاد إلى الحرم ملبيًا سقط عنه الدم، وإن عاد غير ملب لم يسقط عنه الدم. وعند أحمد وَمَالِك لا يلزمه الدم بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا أحرم بالحج لم يكن له فسخه إلى العمرة. وعند أَحْمَد يجوز له ذلك لمن لم يكن معه هدْي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب للمتمتع إذا فرغ من عمرته ومعه هدْي أن يحرم بالحج يوم التروية بعد الزوال متوجهًا إلى منى، وإن لم يكن معه هدْي فليلة السادس من ذي الحجة، والمكي يحرم إذا توجه. وعند أَحْمَد الأفضل أن يؤخر المتمتع الإحرام إلى يوم التروية. وعند مالك، وأَبِي ثَورٍ يستحب له أن يحرم بالحج إذا أهلَّ ذو الحجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وقت وجوب هدْي التمتع إذا فرغ من العمرة وأحرم بالحج. وعند عَطَاء لا يجب حتى يقف بعرفة. وعند مالك لا يجب حتى يرمى جمرة العقبة، فاعتبر كمال الحج. وعَطَاء اعتبر الإتيان بمعظمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأفضل أن لا يذبح هدْي التمتع إلا يوم النحر، فإن ذبح بعد الإحرام بالحج وقبل يوم النحر جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وابن عمر وعائشة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المتمتع إذا أحرم بالحج ولم يجد الهدْي جاز له أن يصوم الثلاث، ولا يجوز أن يصومها قبل الإحرام بالحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له صيامها بعد الإحرام وقبل التحلل منها. وعند عَطَاء يجوز صيامها بعد التحلل من العمرة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثانية كقول عَطَاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته صوم الثلاث قبل يوم النحر لم يسقط صومها إلى الهدى، ويصوم أيام منى على القول القديم، ويصوم بعد أيام منى على القول الجديد.

وعند سعيد بن جبير وطاوس ومجاهد وأَبِي حَنِيفَةَ تسقط ويستقر الهدْي في ذمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته صوم الثلاث قبل يوم النحر فهل يجوز له صومها أيام منى؟ قَوْلَانِ: القديم يجوز، وبه قال ابن عمر وعائشة. وعروة بن الزبير وعبيد بن عمير والْأَوْزَاعِيّ والزُّهْرِيّ، وإِسْحَاق وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، والجديد لا يجوز ذلك، وبه قال علي بن أبي طالب وأَبِي حَنِيفَةَ وعَطَاء والحسن وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فات صيام الثلاثة أيام التي يفعلها المتمتع في الحج فإنه يقضيها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يراجع المُهدى، فإن كان موسرًا أخرجه ويثبت في ذمته إلى أن يوسر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا يجب عليه بتأخير صوم الثلاث شيء. وعند أبي حَنِيفَةَ يلزمه بتأخيرها دم غير الهدْي الذي يستقر عليه بفواتها، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وعنه رِوَايَة أخرى لا يلزمه شيء، ورِوَايَة ثالثة: إن أخره لغير عذر لزم الدم وقضى الصوم، وكذا قال: إذا أخر الهدْي عن سنته لغير عذر لزمه بالتأخير هدْي آخر، وإن أخره لعذر فإنه يقضي ولا دم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عدم الهدْي وشرع في صوم الثلاث، ثم قدر على الهدْي استحب له الخروج منه والانتقال إلى الهدْي، ولا يجب عليه ذلك. وعند الثَّوْرِيّ وحماد وعَطَاء وابن أبي نجيح وأبي حَنِيفَةَ، إذا وجد الهدْي في أثناء الصوم لزمه الانتقال إليه، وإن وجده بعد الفراغ منه دم يلزمه الانتقال إليه، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إن فرغ قبل يوم النحر لزمه الانتقال إليه، وإن وجده بعد يوم النحر لم يلزمه الانتقال إليه وإن لم يتحلَّل. مَسْأَلَةٌ: اختلف قول الشَّافِعِيّ في صوم السبعة متى يصومها على ثلاثة أقوال: أصحها: إذا رجع إلى أهله ووطنه، وبه قال عَطَاء ومجاهد وقتادة وابن عمر والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد في رِوَايَة، واختاره ابن المنذر. والثاني: إذا فرغ من أفعال الحج، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثالث: إذا أخذ في السير، وبه قال مالك وإِسْحَاق، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة، وكذا عَطَاء ومجاهد في رِوَايَة عنهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا إنه يصومها بعد الفراغ من الحج أو في الطريق، فهل الأفضل تأخيرها إلى الوطن؟ قَوْلَانِ: أحدهما تأخيرها إليه أفضل، وبه قال: مالك.

والثاني فعلها أفضل من تأخيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا فرغ المتمتع من عمرته كان له التحلل، سواء ساق الهدْي أم لم يسق الهدْي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا ساق الهدْي لم يكن له أن يتحلل، بل يحرم بالحج حتى يتحلل منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب شاة فذبحها عن تمتعه أو قرانه لم يجزه. وإن وجد من مالكها الرضى في الثاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حج السلم حجة الْإِسْلَام، ثم ارتد عن الْإِسْلَام لم يحبط عمله بنفس الردة، بل يكون مراعًا، فإن مات أو قتل على الردة حكم بإحباط عمله، وإن أسلم لزمه قضاء ما فاته في حال الردة من الصلاة والصوم. وأما الحجة فحجه قبل الردة صحيح لم يجب عليه قضاؤه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يحبط عمله بنفس الردة، فإذا أسلم يجب عليه قضاء الصلاة والصيام ويجب عليه قضاء الحج. * * *

باب المواقيت

باب المواقيت مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت داره دون الميقات إلى مكة فإنه يحرم من موضعه وهو ميقاته. وعند مجاهد إذا كان أهله بين مكة وبين الميقات أحرم من مكة. وعند أبي حَنِيفَةَ يحرم من موضعه، فإن لم يفعل لم يدخل الحرم إلا محرمًا، فإن دخله غير محرم خرج من الحرم، وأحرم من حيث شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لمن مر بذي الحليفة وهو مريد للنسك أن يترك الإحرام منها ويحرم من الجحفة فإن ترك ذلك لزمه الدم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ الأولى أن يحرم من ذي الحليفة، فإن ترك وأحرم من الجحفة جاز ولا دم عليه. وعند عائشة أنه إن أراد الحج أحرم من ذي الحليفة، وإن أراد العمرة أحرم من الجحفة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من كان داره فوق الميقات جاز له الإحرام من داره، وجاز له الإحرام من الميقات، وفي الأفضل قَوْلَانِ: أحدهما الأفضل أن يحرم من بلده، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ وعمر وعلي والشعبي وإِسْحَاق. والثاني الأفضل أن يحرم من الميقات، وبه قال الحسن وعَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد. وعند الْإِمَامِيَّة لا ينعقد الإحرام عند الميقات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاوز الميقات غير مريد للنسك لحاجة دون الحرم، ثم بدا له وأراد النسك بعد أن جاوز الميقات فإنه يحرم من مكانه الذي بدا له أن يحرم منه ولا شيء عليه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يرجع إلى الميقات ويحرم، فإن لم يفعل لزمه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والزَّيْدِيَّة والنَّاصِر ويَحْيَى إذا جاوز الميقات ولم يحرم وهو مريد للنسك فأحرم دونه لزمه الدم، فإن عاد إلى الميقات قبل التلبس بنسك سقط عنه الدم سواء لبَّى أو لم يلب. وعند مالك وَأَحْمَد وزفر لا يسقط عنه الدم، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا إن رجع إلى الميقات ولبَّى يسقط عنه الدم، وإن لم يلب لم يسقط عنه الدم. وعند الحسن، والنَّخَعِيّ، وعَطَاء في أحد قوليه لا شيء على من ترك الإحرام من الميقات. وعند ابن الزبير يقضي حجه ثم يعود إلى الميقات فيهلّ بعمرة. وعند سعيد بن جبير لا حج له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاوز الميقات محلاً ثم أحرم دونه ثم أفسد ثلث الحجة وجب عليه دم ولا يسقط عنه بقضاء الحج في العام المستقبل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يسقط.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الكافر إذا مرَّ بالميقات مريدًا للنسك ثم أسلم وأحرم دون الميقات ولم يرجع إلى الميقات لزمه. وعند الثَّوْرِيّ وعَطَاء وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق لا يلزمه شيء. وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاوز الصبي أو العبد الميقات، ثم بلغ الصبي وعتق العبد وأحرما دونه لزمهما دم إذا لم يرجعا إلى الميقات. وعند أَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد لا دم عليهما، ووافقهما في العبد، وأبو حَنِيفَةَ في الصبي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم الأجير من دون الميقات لزمه دم ورده من الأجرة، وبقدر المسافة التي ما بين الميقات والذي أحرم منه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يرد جميع الأجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالعمرة من مكة وطاف وسعى وحلق ولم يخرج إلى الحل فقَوْلَانِ: أحدهما: لا يجزيه، وبه قال مالك والثاني: يجزيه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وأبو ثور ويجب عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر أجيرًا للحج فأطلق أحرم الأجير من الميقات ويكون من رأس المال وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يحرم من بلده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي، وهو الصحيح من مذهب المؤيد. * * *

باب الإحرام

باب الإحرام مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة الغسل للإحرام بالحج أو بالعمرة مستحب وليس بواجب. وعند الحسن البصري إذا نسي الغسل عند إحرامه اغتسل إذا ذكره، فإن أراد أن ذلك مستحب فهو وفاق، وإن أراد أنه واجب فليس بصحيح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وابن عَبَّاسٍ وابن الزبير وسعد ابن أبي وقاص ومعاوية وعائشة وأم حبيبة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب لمن أراد أن يحرم أن يتطيب قبل إحرامه، وسواء في ذلك ما بقي أثره وعينه كالغالية والمسك والعود وغير ذلك. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يتطيب بطيب يبقى عينه. وعند مالك، وعَطَاء ومحمد، وعمر بن الخطاب يكره له أن يتطيب بطيب تبقى رائحته بعد إحرامه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يحرم عقيب الركعتين في أحد القولين، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد، وسائر الزَّيْدِيَّة. والجديد أنه يستحب أن يحرم حين تنبعث به راحلته إن كان راكبًا، وحين يأخذ في السير إن كان ماشيًا، وعند مالك يحرم حين يشرف على البيداء. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يصلي ست ركعات ثم يصلي الظهر إن كان وقتها ثم يحرم مكانه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك الإحرام ينعقد بمجرد النية ولا يفتقر إلى التلبية ولا بسوق الهدْي إلا أنه يستحب له التلبية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد عن يَحْيَى. وعند ابن خيران والزبيري من الشَّافِعِيَّة والْإِمَامِيَّة يفتقر إلى النية والتلبية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك لا ينعقد إحرامه حتى يضم إلى النية التلبية، أو سوق الهدْي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا السيد أبو طالب عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا لبَّى ولم ينوِ لم ينعقد إحرامه. وعند داود ينعقد إحرامه بالتلبية دون النية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم إحرامًا مطلقًا فله صرفه إلى الحج أو العمرة أو إليهما فإن طاف بعرفة قبل الصرف إلى شيء لم ينصرف إحرامه بنفس الطواف والوقوف، بل لو صرف إحرامه بعد الطواف إلى الحج وقع الطواف عن طواف القدوم. وعند أبي حَنِيفَةَ إذا طاف انصرف إحرامه إلى العمرة، وإن وقف بعرفة انصرف إلى الحج.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد، ومالك، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرم لحجتين أو لعمرتين أو أكثر، أو أحرم لحج ثم أدخل عليه حجًا أو أحرم بعمرة، ثم أدخل عليها عمرة لم ينعقد إحرامه إلا بواحد من النسكين. وعند داود لا يصح إحرامه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينعقد إحرامه بالكل، فإذا أسرع في واحد منهما ارتفصت الأخرى ولزمه قضاءها. واختلفوا فقال أبو يوسف: يرتفص في الحال. وقال أبو حَنِيفَةَ ومحمد: يرتفص إذا أخذ فى السير، فلو أحصر مكانه تحلل منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا استؤجر ليحرم عن اثنين فأحرم عن أحدهما لا يعينه، فإنه ينعقد إحرامه وله صرفه إلى أيهما شاء. وعند أَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد يقع عن نفسه ولم يكن له صرفه إلى غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بنسك معين ثم نسيه هل أحرم لحج أو عمرة أو لهما؟ فقَوْلَانِ: الجديد الصحيح أنه ينوي القِرَان ويصير قارنًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والقديم أنه يتحرى ويلبِّي على ما غلب على ظنه. وعند أَحْمَد يجعل ذلك عمرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد في رِوَايَة أنه يصرف إلى ما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب رفع الصوت بالتلبية في جميع المواضع وفى مسجد منى ومسجد مكة ومسجد إبراهيم بعرفات، وفيما عداها من مساجد الجماعة قَوْلَانِ: القديم لا يلبي، وبه قال مالك، والجديد وهو الأصح يلبي. وعند مالك لا يرفع صوته بالإهلال في مساجد الجماعة ليسمع نفسه ومن يليه إلا في المسجد الحرام ومسجد منى. وعند أَحْمَد لا يستحب إظهار التلبية في الأمصار. مسألة: واختلف قول الشَّافِعِيّ في التلبية في الطواف على ثلاثة أقوال: أصحها لا يلبي. والثاني: تركها أحبُّ، فإن لبَّى فلا شيء عليه. والثالث يلبي ولكن يخفض صوته، وبه قال رَبِيعَة وابن داود وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المستحب أن لا يزاد على تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن زاد لم يكره ولم يستحب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا زاد عليها كان مستحبًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك التلبية في جميع الحج فقد أساء ولا شيء عليه. وعند الحنفية إذا لبَّى مرة فلا شيء عليه وقد أساء. وعند القاسم صاحب مالك عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره للمرأة أن ترفع صوتها بالتلبية. وعند ميمونة ترفع

صوتها بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يلبي بالعربية إن كان يحسنها، وإن كان لا يحسنها لزمه أن يتعلم إن كان الوقت واسعًا، وإن ضاق عليه الوقت أتى به بلغته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يأتي بها بأي لفظ شاء إذا كان يوجد فيه معناها بالعربية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود لا يكره للحلال التلبية. وعند مالك يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء وَمَالِك في إحدى الروايتين أنه يحرم على المحرم حلق شعر بدنه، ويجب به الفدية. وعند أهل الظاهر وإحدى الروايتين عن مالك لا يحرم عليه حلق ذلك، ولا يجب به الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز للمحرم حلق شعر الحلال وتقليم ظفره ولا شيء عليه في ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له ذلك، فإن فعله لزمه أن يتصدق بصدقة قاله عنه صاحب البيان والمعتمد والدر الشفاف، ونقل عنه الشاشي أنه يلزمه الفدية. وعند مالك في إحدى الروايتين يلزمه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وابن الزبير يجوز للمحرم أن يغطي وجهه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن وابن عمر وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز له ذلك، فإن فعله فعليه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر لا يعقد المحرم رداءه. وعند مالك إن فعل ذلك وتطاول فعليه الفدية. وعند سعيد بن المسيب والحاكم يرخص في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أدخل المحرم كتفيه في القباء لزمه الفدية وإن لم يخرج بدنه من كميه. وعند النَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ وبعض الحنابلة لا فدية عليه إلا أن يخرج يديه من كميه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمحرم أن يستظل في المحمل نازلاً وراكبًا. وعند مالك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يجوز له ذلك نازلاً، ولا له ذلك راكبًا، ومتى فعل فعليه الفدية. وعند عبد الرحمن بن مهدي الاستظلال لا يجوز له. وعن ابن عمر: ضحِّ لمن أحرمت له. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز أن يستظل في محمله من

الشمس إلا عند الضرورة، فإن فعل فعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق إذا عدم الإزار جاز له لبس السراويل على جهته، ولا فدية عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لبسه لزمته الفدية، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في جواز لبسه، نقال الطحاوي: يحرم عليه لبسه فيفتقه ثم يلبسه، وقال أبو بكر الرازي: يجوز له لبسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يكره للمحرم لبس المنطقة والهميان. وعند ابن عمر ونافع يكره له ذلك. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه أصحاب الشَّافِعِيّ أنه لا يجوز له ذلك، ونقل عنه أصحابه أنه يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره للمحرم أن يتقلد السيف. وعند الحسن يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يجد المحرم نعلين فليقطع الخفين أسفل من الكعبين ويجعلهما كالشمشكين ويلبسهما ولا فدية عليه، فإن لبسهما على جهتهما لزمه الفدية. وعند عَطَاء بن أبي رباح وسعيد بن سالم َوَأَحْمَد يجوز له لبسهما ولا فدية عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لبس الخف المقطوع من أسفل الكعبين مع وجود النعلين، وكذا لا يجوز لبس الشمشكين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غطَّى بعض عضوٍ لا يجوز تغطيته لزمته الفدية. وعند أبي حَنِيفَةَ لا فدية عليه، إلا أن يغطى الربع فيجب عليه الفدية، وإن غطَّى دون الربع وجب عليه صدقة، والصدقة عنده صاع يدفعه إلى مسكين من أي طعام كان، إلا البر فإنه يجزئ منه نصف صاع، وعنه في التمر رِوَايَتَانِ: إحداهما صاع، والثانية نصف صاع. وعن أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، والأخرى أن الاعتبار بلبس أكثر اليوم، أو أكثر الليلة، أو غطى من ربع الرأس أكثره، فإن لبس نصف يوم أو نصف ليلة، أو غطى نصف ربع رأسه وجبت عليه صدقة. ويقال إن أبا حَنِيفَةَ كان يذهب قديمًا إلى هذا ثم رجع عنه. وعند مُحَمَّد بن الحسن في وجوب كمال الفدية كقول أبي حَنِيفَةَ، وإن لبس أقل من يوم أو أقل من ليلة فعليه بقدر ذلك من الفدية.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز لبس القفازين للمرأة قَوْلَانِ: أصحهما لا يجوز، وبه قال أَحْمَد وعمر وعلي وابن عمر وعائشة، وَمَالِك والزَّيْدِيَّة. والثاني: يجوز، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وسعد بن أبي وقاص. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة هو القياس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل الطيب في الطعام واستهلك فيه ولم يبق له أثر لم يحرم الطعام ولا الشراب على المحرم، ولا تجب عليه الفدية بأكله وشربه، وإن بقيت فيه الرائحة حرم عليه أكله وشربه ولزمته الفدية بذلك، وبه قالت الزَّيْدِيَّة، وإن بقي لونه ولم يبق رائحته فقَوْلَانِ. وإن بقي طعمه فثلاث طرق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك والحميدي وابن عمر وعَطَاء ومجاهد وسعيد بن جبير وطاوس والنَّخَعِيّ إذا طبخه لا يحرم عليه أكله ولا تجب عليه كفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا إذا أكله على جهته من غير طبخ أنه لا فدية عليه، إلا أنه يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تبخَّر المحرم بالطيب فعليه الفدية، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا فدية عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في شم الرياحين قَوْلَانِ: أحدهما وهو الجديد لا يجوز ويلزم الفدية بذلك، وبه قال ابن عمر وجابر وَأَحْمَد في رِوَايَة وأبو يوسف، وكذا سائر الزَّيْدِيَّة إلا إنهم قالوا: لا فدية عليه إذا شمه. والثاني يجوز ولا فدية على من شمه، وبه قال الحسن ومجاهد وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ ومحمد، وكذا النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وعثمان وابن عباس. واختلف في ذلك عن عَطَاء وَأَحْمَد وهذا فيما لا يتخذ منه الطيب، وأما ما يتخذ منه الطيب فيحرم شمه عند الشَّافِعِيّ قولاً واحدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن المحرم لو قال: لا والله، وبلى والله ثلاثًا وهو صادق فلا يجب عليه الدم وعليه التوبة، وإن كان كاذبًا، وهو الأولى على مذهب النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا كان صادقًا فعليه دم، ولا يلزمه بما دون ثلاث مرات شيء، وإن كان كاذبًا فعليه التوبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره للمحرم أن يجلس عند العطار لشم الطيب فإن فعل ذلك فلا شيء عليه. وعند عَطَاء إذا تعمد ذلك لزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ العصفر ليس بطيب فلا يحرم على المحرم لبس ما صبغ به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو طيب، فإذا وضعه على بدنه وجبت عليه الفدية، وإن لبس ثوبًا مصبوغًا به وكان إذا عرق فيه ينفض عليه وجبت عليه الفدية.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الحناء ليست بطيب، ولا تجب على المحرم الفدية باستعماله. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ هو طيب ويجب على المحرم باستعماله الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غسل الثوب المصبوغ بالطيب حتى انقطعت رائحته، أو صبغه بما يغلب على ريح الطيب أو تقادم العهد ولم يبق له رائحته، وصار بحيث إذا رش عليه الماء لا يكون له رائحة جاز له لبسه. وعند مالك يكره ذلك إلا أن يغسله ويذهب لونه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دهن رأسه ولحيته بدهن غير مطيب كالشيرج والزيت والسمن لزمته الفدية، وإن استعمله في بدنه فلا فدية عليه. وعند مالك إذا استعمله في رأسه ووجهه وظاهر بدنه لزمه الفدية، وإن دهن به باطنه فلا فدية عليه. وعند الحسن ابن صالح إذا دهن رأسه ولحيته بما لا طيب فيه فلا شيء عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا استعمل الزيت والشيرج لزمه الفدية، سواء استعمله في بدنه، إلا أن يستعمله على وجه التداوي بجرح وشقوق فإنه لا فدية عليه، وإن استعمل السمن فلا فدية عليه. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثانية لا فدية عليه، وسواء استعمله في رأسه أو في بدنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طيب بعض عضوٍ، أو لبس في بعض يوم وجبت عليه الفدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه صدقة، وقد بينَّاها عنه في تغطية بعض العضو، وخلافه وخلاف صاحبيه مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ في تغطية البعض يعود هنا. وعند مالك إن نزعه في الحال فلا شيء عليه، فاعتبر أن يحصل له انتفاع ما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عمر وزيد بن ثابت وسعيد بن السيب وسليمان بن يسار والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمحرم أن يتزوج ولا يزوِّج غيره بالولاية الخاصة، ولا أن يتوكل للزوج ولا الولي ولا تزوجه المرأة المحرمة. وعند الثَّوْرِيّ والحكم وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ يجوز له أن يتزوج ويزوِّج غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج المحرم أو المحرمة فُرق بينهما بغير طلاق. وعند مالك يفرَّق بينهما بطلقة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا تزوج وهو عالم بأن ذلك محرَّم عليه بطل نكاحه، ولم تحل له المرأة أبدًا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء الإحرام لا يمنع من الرجعة. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين يمنع ذلك الرجعة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قبَّل امرأة لشهوة وأمنى، أو أمذى لا يفسد حجه ويلزمه دم شاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة مجرد القبلة توجب شاة، فإن أمنى فبدنة، فإن أمذى فبقرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة الفقهاء إذا قتل المحرم صيدًا عمدًا أو خطأ وجب عليه الجزاء. وعند مجاهد وبعض أهل الظاهر إن قتله خطأ أو ناسيًا لإحرامه فعليه الجزاء، وإن قتله عمدًا وهو ذاكر لإحرامه فلا جزاء عليه. وعند سعيد بن جبير وطاوس وأَبِي ثَورٍ وداود وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إن قتله خطأ فلا شيء عليه، لان قتله عمدًا فعليه جزاءان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل المحرم صيدًا مملوكًا لزمه القيمة والجزاء لحق الله. وعند مالك والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي وَأَحْمَد في رِوَايَة وداود لا يلزمه الجزاء لحق اللَّه تعالى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب في الصيد المستأنس الجزاء. وعند مالك وداود لا جزاء فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا جرح صيدًا، أو أتلف جزءًا منه وجب عليه الجزاء. وعند مالك وداود لا جزاء عليه في جرح صيد، ولا في قطع عضو منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دلَّ المحرم على صيد محرم أو حلالاً كان مسيئًا ولا جزاء عليه. وعند عَطَاء ومجاهد وحماد وَأَحْمَد يضمن المحرم الصيد بالدلالة، فإن كانا محرمين كان الجزاء بينهما، وإن كان الدال محرمًا والمدلول عليه حلالاً كان الجزاء على الدال، وإن كان الدال حلالاً والمدلول حرامًا كان الجزاء على المدلول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يجب الجزاء على كل واحد منهما جزاء كامل إذا كانا محرمين والدلالة خفية بأن يكن المدلول لا يعلم بموضع الصيد، وإن كان الدال حلالاً والمدلول محرمًا كان الجزاء على المدلول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دلَّ حلالاً على صيد في الحرم فقتله المدلول فلا جزاء على الدال. وعند أَحْمَد عليه الجزاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان المدلول ممن يجب عليه الجزاء

لم يجب على الدال شيء، وإن كان ممن لا يجب عليه كالصبي والكافر وجب عليهما الجزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان بن عفان وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لحم الصيد محرَّم على المحرم إذا كان قد اصطاده، أو كان له فيه سبب مثل الإعانة والإشارة وإعارة السلاح، وكذا ما صيد له أذن فيه أو لم يأذن، فأمَّا إذا لم يُصَد لأجله ولم يكن له فيه أثر فهو حلال له. وعند عمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبي هريرة ومجاهد وعَطَاء أنه يحل أكل لحم الصيد للمحرم، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ، إلا أن عند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم عليه ما اصطاده وما كان له فيه سبب لا يستغنى عنه كإعارة السلاح والدلالة الخفية، بأن يقول: هو في موضع كذا وكذا، ولم يكونوا قد علموا بذلك، فأمَّا إذا صيد من أجله فإنه لا يحرم، وكذا إذا كان له فيه سبب يستغنى عنه كالدلالة الظاهرة، وهو أن يثير إلى الصيد وهم يرونه، أو يعيرهم سلاحًا لا يحتاجون إليه، وهو عند القياس لا يجوز للمحرم أكل الصيد بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ذبح المحرم صيدًا ففيه قَوْلَانِ: قال في الجديد: هو ميتة فلا يحل أكله، وبه قال الحسن والقاسم وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وقال في القديم: ليس بميتة فيحل لغيره أكله ولا يحل له، وبه قال الحكم وسفيان الثَّوْرِيّ وأبو ثور، واختاره ابن المنذر. وعند عمرو بن دينار وأيوب السختياني يحل أكله للحلال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذ الأكل من لحم صيد له فقَوْلَانِ: الجديد لا جزاء عليه. والقديم: يلزمه الجزاء بقدر ما أكل، ويلزمه مثله من لحم الغنم، وبه قال أَحْمَد ومالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ذبح المحرم صيدًا له لزمه الجزاء، فإن أكل من لحمه شيئًا لم يلزمه جزاء آخر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ مما نقل عنه الشاشي يلزمه جزاء آخر، وعنه فيما نقله عنه صاحب البيان والمعتمد يلزمه قيمة ما أكل من لحمه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند عَطَاء يلزمه كفارتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم وفي ملكه صيد فقَوْلَانِ: أحدهما يزول ملكه عنه. والثاني لا يزول، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَبِي يُوسُفَ يجب عليه إرساله.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا لا يزول ملكه عنه فله أن يتصرف فيه بجميع التصرفات إلا بالقتل، فإذا قتله لزمه الجزاء. وعند مجاهد وعبد الله بن الحارث وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يزول عند بدء المشاهدة، ولا يلزمه إزالة اليد الحكمية، ومعناه أنه لا يجوز له إمساكه في يده، وبجوز له إمساكه في بيته من غير تصرف فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا ضمان على من أزال يد المشاهدة عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان الصيد غير مأكول ولا متولد من مأكول لم يحرم قتله بالإحرام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم قتل كل شيء بالإحرام، ويجب الجزاء بقتله إلا الذئب. وعنده في الضبع يضمن بأقل الأمرين من قيمته أو شاة. وعند مالك السباع المبتدئة الضرر من الوحش والطير كالذئب والفهد والغراب والحدأة لا جزاء فيها، فخالف حينئذ مالك الشَّافِعِيّ فيما لا يؤكل ولا يؤدى إلى الضرر كالثعلب والصقر والباز، فإن عند مالك فيها الجزاء، وعند الشَّافِعِيّ لا جزاء فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخذ قملة من ظاهر بدنه أو ثوبه فلا شيء عليه، وإن أخذها من رأسه ولحيته فداها، وبأي شيء فداها فهو خير منها، وهو استحباب لا وجوب. وعند مالك وابن عمر وعَطَاء وقتادة إذا قتل قملة فداها بحفنة من طعام. وعند إِسْحَاق َوَأَحْمَد وطاوس وسعيد بن جبير وأَبِي ثَورٍ ورِوَايَة عن عَطَاء لا يجب فيها شيء. وعند إِسْحَاق يجب فيها تمرة فما زاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعمر وابن عَبَّاسٍ يجوز للمحرم أن يقرد بغيره. وعند مالك وابن عمر لا يجوز. وعند سعيد بن المسيب إذا قتل قرادًا يتصدق بتمرة أو تمرتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء كل صيد وجب على المحرم الجزاء بقتله وجب عليه الجزاء بإتلاف بيضه وهو قيمته. وعند مالك يلزمه عشر قيمة الصيد. وحكى ابن المنذر عن الحسن في بيض النعام جنين من الإبل، ولم يوجب في بيض الحمام شيئًا. وعند الْمُزَنِي وداود وأهل الظاهر لا يلزمه شيء. وعند عَطَاء رِوَايَتَانِ: إحداهما كبش، والثانية درهم هذا في النعام، وفي الحمام كل بيضة درهم. وعند داود والْمُزَنِي وَمَالِك لا يضمن بيض الطيور. وعند الْإِمَامِيَّة يجب في بيض النعام من نتاج الإبل بعدد ما كسر

من ذلك هديًا للبيت، فإن لم يجد ذلك فعليه لكل بيضة شاة، فإن لم يجد فإطعام عشرة مساكين، فإن لم يجد صام عن كل بيضة ثلاثة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلب المحرم لبن صيد ضمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمنه إن لم ينقص الصيد بذلك، وإن نقص الصيد ضمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صال عليه صيد ولم يندفع عنه إلا بقتله لم يجب عليه الجزاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وبعض الحنابلة يجب عليه الجزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انكسر ظفره فقطعه فلا شيء عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الدم. وعند القاسم صاحب مالك إذا احتاج إلى مداواة قرحة، ولا يمكنه ذلك إلا بقطع أظفاره فقطعها فلا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق شعره ناسيًا لزمه دم. وعند إِسْحَاق لا شيء عليه، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا احتاج إلى اللبس أو الطيب أو الحلق ففعله فعليه الفدية، وعند داود لا فدية عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشتبك الجراد في طريقه ولم يكن له طريق غيره فوطئه فقتله فقَوْلَانِ: أحدهما لا جزاء عليه، وهذا قول عَطَاء. والثاني عليه الجزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وعَطَاء والزُّهْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا لبس أو تطيَّب أو دهن رأسه أو لحيته ناسيًا أو جاهلاً بالتحريم فلا فدية عليه، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والْمُزَنِي وإحدى الروايتين عن الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأكثر العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة عليه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لبس ناسيًا، ثم ذكر فإنه ينزعه من قبل رأسه. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وأبي قلابة يشقه ويجعله من أسفل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق شعر المحرم بإذنه وجبت الفدية على المحلوق، ولا يجب على الحالق شيء محلًّا كان أو محرمًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان الحالق محرمًا فعليه صدقة، وعلى المحلوق فدية. وعند عَطَاء إن كان الحالق محرمًا لزم الحالق والمحلوق الفدية.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حُلِق شعر المحرم مكرهًا أو نائمًا لزمته الفدية في أحد القولين، محرمًا كان أو محلاً، وبه قال مالك وَأَحْمَد. والقول الثاني يجب الفدية على المحلوق، ويرجع بها على الحالق، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. واختلف أصحابه هل يرجع بها على الحالق؟ فقال أكثرهم لا يرجع، وقال أبو حازم: يرجع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع جاهلاً بالتحريم أو ناسيًا فقَوْلَانِ: القديم يفسد حجه ويلزمه الكفارة، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والجديد لا يفسد حجه، ولا يلزمه الكفارة، وبه قالت الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا كان على بدنه وسخ جاز له إزالته في الحمام وغيره ولا فدية عليه. وعند مالك لا يجوز له إزالته، وإذا أزاله لزمته الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز للمحرم أن يغسل رأسه بالسدر والخَطمى، ويكره له ذلك، فإن فعل ذلك فلا فدية عليه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يلزمه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة لا يكره للمحرم النظر في المرآة. وعند عَطَاء الخراساني وَمَالِك وإحدى الروايتين عن عَطَاء بن أبي رباح أنه يكره له ذلك، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ لا يكره للمحرم غسل ثيابه. وعند مالك يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمحرمة لبس الثياب التي فيها زينة، وكذا لبس الديباج، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز لها ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء للمحرمة لبس الحلي، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء ومجاهد ليس لها ذلك حتى خاتم ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسعيد بن المسيب يكره للمحرم الاكتحال. وعند مالك لا يجوز له ذلك وعليه الفدية، وللشافعي قول أيضًا لا يكره له ذلك، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء والزَّيْدِيَّة يجوز للمحرم أن يفتصد ويحتجم إذا لم يقطع شيئًا من شعره. وعند مالك يجب عليه الفدية إذا فعل ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انغمس في الماء حتى غطى رأسه فلا شيء عليه. وعند مالك عليه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دمى رجله لإخراج الشوكة منها فلا شيء عليه ولو قطع الجلدة. وعند الزَّيْدِيَّة عليه الدم، والله تبارك وتعالى أعلم بالصواب. * * *

باب ما يجب من محظورات الإحرام

باب ما يجب من محظورات الإحرام مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق المحرم من رأسه ثلاث شعرات فما زاد فعليه الفدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن حلق ربع رأسه لزمه دم، وإن حلق أقل من الربع فعليه صدقة، ويريد بالصدقة نصف صاع من طعام. وعند أَبِي يُوسُفَ إن حلق نصف رأسه لزمه دم، وإن حلق ما دونه لزمه صدقة. وعند مالك إن حلق من رأسه ما يحصل به إماطة الأذى فعليه دم، وإن حلق ما لا يحصل به ذلك فلا دم عليه. وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، والثانية لا يجب الدم إلا بحلق أربع شعرات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق من رأسه أقل من ثلاث شعرات فهو مضمون. وعند مجاهد وعَطَاء أنه ليس بمضمون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق شعرة أو شعرتين فثلاثة أقوال: أحدها عليه في الشعرة مد، وفي الشعرتين مُدَّان، وبه قال الحسن. والقول الثاني في الشعرة درهم، وفي الشعرتين درهمان. والثالث في الشعرة ثلث دم، وفي الشعرتين ثلثا دم. وعند أحمد ثلاث روايات: أحدها في الشعرة مد. والثانية كف من طعام. والثالثة درهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حكم الأظفار حكم الشعر حرفًا بحرف، فإذا قلَّم أقل من ثلاثة أظفار كان فيه الأقوال الثلاثة التي في الشعر، وإن قلَّم ثلاثة فما زاد فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إن قلَّم خمسة أظفار من عضو واحد لزمه دم، وإن قلَّم دون ذلك لم يلزمه دم وعليه صدقة، وإن قلَّم خمسة من عضوين فعليه صدقة. وعند مُحَمَّد إن قلَّم خمسة أظفار لزمه دم، سواء كان من عضو أو من عضوين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تطيب، أو لبس المخيط، أو غطى رأسه عامدًا وجب عليه الفدية، سواء طيب عضوًا كاملاً أو بعض عضو، وسواء استدام اللبس يومًا كاملاً أو بعض يوم، وكذا إذا ستر جزءًا من رأسه زمانًا يسيرًا أو كثيرًا فالحكم فيه واحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن طيب عضوًا كاملاً فعليه الفدية، وإن طيب أقل من عضو فعليه صدقة، وهو نصف صاع، وإن لبس المخيط يومًا كاملاً فعليه الفدية، وإن لبس أقل من يوم فعليه صدقة. وعنه رِوَايَة أخرى أنه إذا لبس أكثر النهار فعليه الفدية. وبه قال أبو يوسف، ورجع عنه أبو حَنِيفَةَ إلى اليوم، ثم قال: إن ستر ربع رأسه يومًا كاملاً فعليه

الفدية، وإن ستر أقل من الربع أو أقل من اليوم فعليه صدقة. وعند مُحَمَّد إن ستر نصف رأسه يومًا فعليه الفدية. وإن ستر جميع رأسه فعليه الفدية، وإن ستر أقل من النصف فعليه صدقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الفدية التي تجب بحلق الرأس على التخيير، إن شاء أهدى دمًا، وإن شاء صام ثلاثة أيام، وإن شاء أطعم ستة مساكين كل مسكين مدين من بُر وغيره. وعند الثَّوْرِيّ من البر نصف، ومن التمر والشعير والزبيب صاع. وعند أحمد من البر مد، ومن التمر نصف صاع. وعند الحسن وعكرمة ونافع الصيام عشرة أيام، والصدقة على عشرة مساكين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فدية الأداء على التخيير مع العذر وعدم العذر، وكذا أيضًا إذا تطيب أو لبس. وعند أَبِي ثَورٍ إذا فعل ذلك مع عدم العذر لزمه دم ولا تخيير له، وحكاه عن أَبِي حَنِيفَةَ، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلق شعر رأسه وبدنه في حالة واحدة لزمه كفارة واحدة. وعند أَحْمَد كفارتين، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تطيب في حلق وقلَّم الأظفار فإنه يلزمه بكل واحدة كفارة، والى أو لم يوال، كفر عن الأول أو لم يكفر، وكذا إذا تطيب ولبس. وعند الحسن الطيب واللباس جنس واحد، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند عَطَاء وعمرو بن دينار إذا حلق وتطيب ولبس لزمه كفارة واحدة فرَّق أو لم يفرق. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا حلق وتطيب وقلَّم الأظفار في وقت واحد لزمه كفارة واحدة، وإن فرَّق ذلك لزمه لكل واحدة كفارة واحدة. وعند مالك أيضًا فيمن لبس الثياب ينوي بها إلى زوال عذره فجعلها بالليل ولبسها بالنهار لزمه كفارة واحدة، وإن طال ذلك، وهو أحد قولي الشَّافِعِيّ. والثاني يلزمه كلما خلع ولبس كفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا تطيَّب وحلق ولبس وقصد بذلك رفص الإحرام، أو كان ذلك لغرض واحد لزمه كفارة واحدة، وإن لم يقصد بذلك رفص الإحرام وكان شبيههما مختلفًا وكان في مجلس واحد لزمه أيضًا كفارة واحدة، وإن كان في مجالس مختلفة لزمه لكل واحدة كفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فعل محظورات الإحرام على طريق الرفص لإحرامه لزمه بكل محظور كفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ كفارة واحدة. وعند مالك في الصيد كفارات، وفي بقية المحظورات كفارة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا كرَّر المحظورات في الإحرام في مجلس واحد بأن لبس ثم لبس، وتطيب ثم تطيب قبل أن يكفر عن الأول كفاه كفارة واحدة، وإن كفَّر للأول لزمه للثاني كفارة أخرى، وإن كان ذلك في مجالس. بأن فعل الثاني بعد أن كفَّر عن الأول لزمه للثاني كفارة أخرى، وإن فعله قبل أن يكفر عن الأول وكان السبب واحدًا فقَوْلَانِ: القديم يجزئه كفارة واحدة، والجديد يلزمه لكل واحد كفارة، وإن كان السبب مختلفًا فطريقان: أحدهما يجب كفارتان قولا واحدًا، والثانية قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد يلزمه فى ذلك كفارة واحدة ما لم يكفر، فإن كفر فكفارة ثانية، وفيه رِوَايَة أخرى: إن اختلفت الأسباب فكفارات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان في مجلس فكفارة، وإن كانت في مجالس فكفارات. وعند مالك في الوطء كفارة، وفي بقية المحظورات كفارات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع المحرم في مجالس قبل أن يكفر عن الأول كفاه فيهما كفارة واحدة في أحد الأقوال، وبه قال مالك، ويلزمه بدنة في القول الثاني، وشاة في القول الثالث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا جامع مرارًا في مجلس واحد فعليه كفارة واحدة، وإن كان في مجالس فعليه لكل مرة كفارة وعند مُحَمَّد والثَّوْرِيّ عليه كفارة واحدة ما لم يكفر عن الأول. وعند الْإِمَامِيَّة يكرر الكفارة، سواء كان ذلك في مجلس واحد أو مجالس، وسواء كفر عن الأول أو لم يكفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق ثم حلق في مجلس واحد ولم يكفر عن الأول أجزأه عنهما كفارة واحدة في أحد القولين، ويلزمه كفارتان في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا وطئ المحرم في الفرج عامدًا قبل الوقوف بعرفة أو بعد الوقوف وقبل التحلل الأول فسد حجه، ووجب عليه بدنة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن وطئ قبل الوقوف بعرفة فسد حجه وعليه شاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، فإن وطئ بعد الوقوف لم يفسد حجه وعليه بدنة. وعند أهل العراق إذا وطئ بعد الوقوف بعرفة فلا يفسد حجه وعليه بدنة. وعند مالك في رِوَايَة شاذة أنه إن وطئ بعد الرمي فسد إحرامه. وعند الْإِمَامِيَّة إذا وطئ بعد الإحرام وقبل التلبية فلا شيء عليه. وعند الْإِمَامِيَّة أيضًا إن وطئ قبل الوقوت بالمشعر الحرام فعليه بدنة والحج من قابل، ويجري عندهم مجرى من وطئ قبل الوقوف بعرفة، وإن وطئ بعد وقوفه بالمشعر الحرام لم يفسد حجه وعليه بدنة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا وطئ

قبل الرمي فسد حجه، وبعد الرمي لا يفسد. وعند النَّاصِر أيضًا إذا جامع قبل طواف الزيارة فسد حجه وهو الأصح، وبه قال منهم زيد بن علي والباقر والصادق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ بعد التحلل الأول لم يفسد حجه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعليه بدنة في أحد القولين، وشاة في القول الآخر. وعند الحسن وابن عمر عليه الحج من قابل. وعند الزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ وحماد عليه الهدْي مع حج من قابل. وعند عكرمة ورَبِيعَة وَمَالِك في رِوَايَة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يفسد ما مضى ويفسد ما بقي، وعليه أن يحرم بعمرة حتى يأتي بالطواف في إحرام صحيح، وعليه هدْي، إلا أن إِسْحَاق لم يرو عنه أنه قال عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ في العمرة قبل التحلل فسدت عمرته وعليه القضاء وبدنة. وعند أَحْمَد عليه القضاء وشاة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط فسدت عمرته وعليه القضاء وشاة، وإن وطئ بعد أن طاف أربعة أشواط لم تفسد عمرته وعليه شاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوطء الثاني في الحج قبل التحلل الأول أو في العمرة هل يجب له بدنة وشاة؟ قَوْلَانِ: وبالأول قال أحمد، وبالثاني قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة أهل العلم إذا فسد حجه أو عمرته لزمه المضي فى الذي أفسده، ولا يخرج منه، ويلزمه الكفارة بما يأتي فيه من المحذورات، وحكمه حكم الصحيح إلا في الإجزاء. وعند الحسن وطاوس ومجاهد وَمَالِك يصير الحج عمرة، وعليه الهدْي والقضاء من قابل. وعند عَطَاء وداود وأهل الظاهر يخرج منه، ويلزمه المضي فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ في النسك الفاسد ولم يكن كفَّر عن الأول فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا شيء عليه، وبه قال عَطَاء وَمَالِك وإِسْحَاق، والثاني: عليه بدنة، وبه قال أبو ثور. والثالث: شاة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن البدنة إذا أطلقت في كتب الفقه والحديث فالمراد بها البعير ذكرًا كان أو أنثى، وبه قال الأزهري فقال: لا يكون إلا من الإبل خاصة، وقال به جمهور المفسرين، ومن الزَّيْدِيَّة السيد أبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد أنها تقع على الإبل والبقر، ولا فاصل بينهما إلا النية، وبه قال أكثر أهل اللغة وجابر

وعَطَاء، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند بعض العلماء تقع على الإبل والبقر والغنم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة وأهل اللغة أن الهدْي يقع على الثلاثة: وهي الإبل والبقر والغنم. وعند ابن عمر لا تقع على الغنم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وابن عَبَّاسٍ إذا أراد الإحرام بالقضاء فإنه يجب عليه أن يحرم من أبعد المكانين، وهما الميقات الشرعي، أو الوضع الذي أحرم منه بالنسك الذي أفسده. وعند النَّخَعِيّ يحرم من الوضع الذي جامع فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه أن يحرم في الحج من الميقات، وفي العمرة من أدنى الحل بكل حال. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحرم من الميقات ولو كان إحرامه من أبعد منه، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وطئ القارن قبل التحلل فسد إحرامه، وعليه قضاء الحج والعمرة وبدنة، ولا يسقط عنه القِرَان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا وطئ قبل أن يطوف للعمرة فسد إحرامه، وعليه قضاء الحج والعمرة، وشاة لفساد الحج، وشاة لفساد العمرة، وشاة للقران، وإذا وطئ بعد ما طاف أربعة أشواط للعمرة لم تفسد عمرته، ولزمه شاة وفسد حجه، وعليه شاة وشاة للقِران، وإن وطئ بعد أن طاف وسعى فعليه بدنة، وبناه على أصله أن القارن كالمفرد في الطواف والسعي، وعلى أن المفسد للنسك يلزمه شاة، وإذا لم يفسد فعليه بدنة بالوطء. وعند الثَّوْرِيّ إذا جامع بعد الطواف والسعي للعمرة فعليه شاة لعمرته، وعليه بدنة لحجه، والقضاء من قابل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القارن إذا قضى الحج والعمرة على الانفراد لم يسقط عنه دم القِرَان. وعند أَحْمَد يسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ [إذا] لمس لشهوة أو قبل أو جامع فيما دون الفرج أنزل أو لم ينزل لم يفسد حجه، وعليه شاة. وعند سعيد بن جبير والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ عليه بدنة. وعند عَطَاء والحسن والقاسم بن مُحَمَّد وَمَالِك وإِسْحَاق إذا أنزل فسد حجه. واختلف فيه عن أحمد، فروى عنه أنه يفسد الحج، وروى عنه أنه توقف فيه، وروى عن عَطَاء وسعيد بن جبير أنهما قالا في القبلة: يستغفر اللَّه تعالى ولا شيء عليه، وروى عن سعيد بن جبير رِوَايَة أخرى أنه يفسد حجه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أن المفسد إذا قضى الحج هو وزوجته فوجهان: أحدهما يجب أن يفرق بينهما إذا بلغا إلى المكان الذي أفسدا فيه، ولا يجتمعان حتى يفرغا من

نسكهما، وهو قول أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والثاني يستحب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وعَطَاء. وعند مالك وابن عَبَّاسٍ وسفيان يفرق بينهما من حيث يحرمان. وعند الْإِمَامِيَّة يفرق بينهما من وقت الإفساد، فلا يجتمعان إلى أن يعودا إلى المكان الذي وقع عليهما فيه من الطريق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة البدنة الواجبة على الترتيب، فيجب بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد فسبع من الغنم، وإن لم يجد قوَّم البدنة بمكة دراهم، والدراهم طَعَامًا ويتصدق به، فإن لم يجد صام عن كل مد يومًا. وعند ابن عمر أنها على التخيير فيما ذكرناه بين الخمسة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، وَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْإِمَامِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وطئ امرأة في دبرها أو لاط بغلام أو أتى بهيمة فسد حجه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ فيمن أتى بهيمة لا يفسد حجه، وفيمن لاط بغلام أو أتى امرأة في دبرها رِوَايَتَانِ: إحداهما: يفسد حجه ويلزمه بدنة، والثانية لا يفسد حجه ويلزمه شاة، وبه قال سعيد بن جبير، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق ووافق مالك أبا حَنِيفَةَ في البهيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كرر النظر حتى أمنى فلا شيء عليه. وعند الحسن وَمَالِك وعَطَاء عليه الحج من قابل وهدى. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ: إحداهما عليه بقرة. والثانية بدنة، وحجته تامة. وعند سعيد بن جبير يريق دمًا، واستحب أحمد ذلك في رِوَايَة، وفي رِوَايَة أخرى بدنة وفي رِوَايَة شاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ زوجته وهي محرمة فسد إحرامهما، وعليهما القضاء، ويلزمه نفقتهما في القضاء على ظاهر نصه، وفي الكفارة ثلاثة أقوال: أحدها: على كل واحد منهما هدْي، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ وسعيد بن المسيب والضحاك والحكم وحماد والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ. وعند النَّخَعِيّ وَمَالِك على كل واحد منهما بدنة. والثاني يجب عليه دونها. والثالث يجب عليها كفارة واحدة يتحملها الزوج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكرهها على الوطء بأن غلبها على نفسها لم يفسد إحرامها، وإن أكرهها حتى مكنت من نفسها لم يفسد أيضًا على أحد القولين، وفسد في الثاني، ويكون حكمه حكم ما لو طاوعته. وعند عَطَاء وَمَالِك إذا أكرهها على الوطء لزمه أن

يحج بها، ويهدي عنها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل المحرم صيدًا له مثل من طريق الخلقة وجب فيه مثله من النعم، وهي الإبل والبقر والغنم. وعند أبي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ الصيد كله مضمون بقيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ كل صيد حكمت فيه الصحابة والتابعون بأن له مثلاً من النعم فإنه يجب ذلك الثل من غير اجتهاد فيه. وعند مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجتهد فيه، ولا يجب الحكم بما حكموا به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يكون القاتل أحد المجتهدين. وعند مالك لا يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صغار الصيد بماله مثل من النعم مثله. وعند مالك يجب فى صغار الصيد كبير من مثله من النعم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قتل صيدًا معيبًا فداه بمعيب من مثله من النعم. وعند مالك يفديه بمثله صحيح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وبعض العلماء أن الضبع صيدٌ يؤكل، ويجب به الجزاء إذا أتلفه المحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يؤكل، ولا يجب الجزاء على المحرم بقتله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل صيدًا له مثل فهو مخيَّر بين أن يخرج المثل وبين أن يقوَّم المثل بدراهم ويشترى بالدراهم طَعَامًا ويتصدق به، وبين أن يقوم الدراهم طَعَامًا ويصوم عن كل مدٍ يومًا. وإذا قتل ما لا مثل له من النعم فإنه يقومه بالدراهم، ويكون بالخيار بين أن يشتري بها طَعَامًا ويتصدق به، وبين أن يقوم الدراهم طَعَامًا ويصوم عن كل مد يومًا. وإذا قتل ما لا مثل له من النعم فإنه يقومه بالدراهم ويكون بالخيار بين أن يشتري طَعَامًا ويتصدق به، وبين أن يقومها طَعَامًا ويصوم عن كل مد يومًا، وبه قال مالك، إلا إنه قال: يقوم الصيد لا المثل. وعند زفر وابن سِيرِينَ والْإِمَامِيَّة والحسن وابن عَبَّاسٍ والنَّخَعِيّ وابن عياض وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وهو على الترتيب، وهو قول قديم للشافعي، فإن قدر على المثل لم يجز أن يقومه، وإذا قدر على إخراج الطعام لم يجز له الصوم. وعند الثَّوْرِيّ إن لم يجد هديًا أطعم، وإن لم يجد طَعَامًا صام عن كل نصف صاع يومًا. وعند سعيد بن جبير والحسن بن

مسلم إنما جعل الطعام والصيام فيما لا يبلغ ثمن الهدْي. وعند أبي إِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ َوَأَحْمَد في رِوَايَة يقوَّم جزاعه دراهم، والدراهم طَعَامًا، ويصوم عن كل نصف صاع يومًا. وعند سعيد بن جبير الصيام من ثلاثة أيام إلى عشرة أيام. وعند ابن عياض أن أكثر الصيام إحدى وعشرون يومًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يخرج بعض الطعام ويصوم عن البعض، وعند مُحَمَّد بن الحسن إذا عجز عن بعض الطعام جاز له أن يصوم عن كل مسكين يومًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب في حمار الوحش بقرة. وعند أبي عبيدة وابن عباس والنَّخَعِيّ بدنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الأرنب عناق. وعند ابن عَبَّاسٍ جمل. وعند عَطَاء شاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الضبِّ جدى. وعند جابر بن عبد اللَّه وعَطَاء شاة. وعند مجاهد حفنة من طعام. وعند قتادة صاع من طعام. وعند مالك قيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الحمامة مضمونة بشاة، وفرخها مضمون بصغير من ولد شاة. وعند أبى حَنِيفَةَ يضمن بقيمتها. وعند مالك حمامة الحرم مضمونة بشاة، وحمامة الحل مضمونة بقيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في العصافير والجراد والعنابر والبلابل قيمته، وعند داود لا يجب في ذلك شيء. وعند الْأَوْزَاعِيّ في العصفور مد. وعند عَطَاء نصف درهم، وروى عنه أيضًا أنه قال: يحكم به ذو عدل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فيما هو أكبر من الحمام كالبط والوز الكرخي والحجل والحبارى والقطا والكركى والكروان وابن الماء ودجاج الحبش قَوْلَانِ: الجديد وجوب القيمة في ذلك، والقديم يجب شاة، وهو قول عَطَاء. وعند ابن عَبَّاسٍ وجابر في الحجل والقطا والحبارى شاة شاة. وعند أَحْمَد لا شيء في دجاجة الحبش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وابن عمر وابن عَبَّاسٍ تجب في الجراد قيمته. وعند أبي سعيد الخدري لا جزاء فيه. وعند عروة الجراد نثره حوت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل صيدًا بعد صيد وجب لكل واحد جزاء. وعند ابن عبَّاس والحسن وشريح وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والنَّخَعِيّ وداود يجب الجزاء بقتل الأول، ولا يجب بالثاني، ولا بالثالث شيء. وعند أَحْمَد في رِوَايَة عنه أنه إن لم

يكفر عن الأول تداخلا، ولزمه جزاء واحد، وإن كفَّر عن الأول لزمه للثاني جزاء آخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إن قصد بالقتل رفص الإحرام والتحلل لزمه جزاء واحد، وإن لم يقصد ذلك لزمه لكل واحد جزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء والزُّهْرِيّ وسليمان بن يسار وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وعبد الرحمن بن عوف وابن عمر إذا اشترك جماعة من المحرمين في قتل صيد وجب عليهم جزاء واحد. وعند الحسن والنَّخَعِيّ والشعبي وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب على كل واحد منهم جزاء واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان تكفير المشتركين بالصوم وجب على كل واحد منهم قسطه، فيتبعَّض في حقهم، واختاره من الحنابلة ابن حامد. وعند أَحْمَد وأصحابه يلزم كل واحد صيام تام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جرح صيدًا وغاب عنه، ولم يعلم هل سرت الجناية إلى نفسه أم لا؟ فإنه يلزمه ضمان الجرح دون النفس. وعند مالك وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة يلزمه ضمان جميعه، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو إِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك إذا قتل القارن صيدًا، أو ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام لزمه جزاء واحد وكفارة واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه جزاءان وكفَّارتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يجب الجزاء بقتل صيد الحرم. وعند داود لا يجب. وعند الْإِمَامِيَّة إذا قتل المحرم صيدًا في الحرم تضاعفت عليه الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر بن عبد الله وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك المحل إذا صاد صيدًا فى الحل وأدخله الحرم جاز له التصرف فيه، ولا يجب عليه الجزاء بقتله. وعند عَطَاء وطاوس وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعائشة لا يجوز له التصرف فيه، ويجب الجزاء بقتله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع طائر على غصن شجرة وأصلها في الحرم والغصن في الحل فقتله قاتل لا جزاء عليه، وإن كان غصنها في الحرم وأصلها في الحل فعليه الجزاء. وعند الْمَاجِشُون عليه الجزاء في المسألتين جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض الصيد في الحل وبعضه في الحرم كان مضمونًا.

وعند الحنفية إن كانت قوامه في الحل ورأسه في الحرم يرعى فليس بمضمون، وإن كان بعض قوامه في الحرم كان مضمونًا، وإن كان نائمًا ورأسه في الحرم فإنه مضمون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل كلبًا من الحرم على صيد في الحل فقتله، أو أرسل كلبًا من الحل على صيد الحرم فقتله كان عليه الجزاء في المسألتين جميعًا. وعند أَبِي ثَورٍ لا جزاء عليه فيهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الصوم يدخل في ضمان صيد الحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يدخل فيه الصوم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قتل الحلال صيدًا في الحرم فهو ميتة أيضًا. وعند الحنفية أنه ليس بميتة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نتف ريش طائر فعليه ضمان ما نقص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه جزاء، وبه قال مالك إذا خيف على الطير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كسر جناح صيد أو نتف مقدم جناحه وأزاله لامتناعه فقتله محرم فقَوْلَانِ: أحدهما يجب على الجارح جزاؤه صحيحًا، وعلى القاتل جزاؤه مجروحًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني يجب على الجارح ضمان ما نقص، وعلى القاتل جزاؤه مجروحًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خلَّص المحرم حمامة من فم السنور أو سبع، أو شق حائط يحجب فيه، أو أصابها لدع فسقاه درياقًا فماتت فقَوْلَانِ: أحدهما لا ضمان عليه، وبه قال عَطَاء. والثاني عليه الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باض الصيد على فراشه فنقله إلى موضع آخر فلم يحضنه الصيد فقَوْلَانِ: أحدهما لا يضمنه، وبه قال عَطَاء، والثاني يضمنه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا رمى سهمًا في الحل فاخترق الحرم وخرج إلى الحل وقتل صيدًا فوجهان: أحدهما عليه الجزاء، والثاني لا جزاء عليه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ شجر الحرم مضمون. وعند مالك وداود وأَبِي ثَورٍ لا يضمن بالجزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسواء في ذلك الشجر ما أنبته الله تعالى، أو أنبته الآدميون مما

كان أصله في الحرم. وعند بعض الشَّافِعِيَّة ما أنبته الآدميون يجوز قطعه. وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان من جنس ما أنبته الآدميون جاز قطعه، نبت بنفسه أو بفضل آدمي، وإن كان مما لا يُنبت الآدميون جنسه، فإن أنبته الآدمي جاز قطعه، وإن نبت بنفسه لم يجز قطعه. وعند أَحْمَد لا يجب ضمان ما أنبته الآدميون بالجزاء، ويجوز قطعه، وما نبت بنفسه يضمنه، سواء كان من جنس ما ينبته الآدميون أو لم يكن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ شجر الحرم يضمن بقدر، فيجب في الشجرة الكبيرة بقرة، وفي الصغيرة شاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن بقيمتها بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع غصنًا منها ضمنه بما نقص من قيمتها. وعند مجاهد وعَطَاء وعمرو بن دينار يجوز قطع المسواك منها، وحكاه أبو ثور عن الشَّافِعِيّ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز رعي حشيش الحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إخراج تراب الحرم وأحجاره. وعند بعض الناس يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة يحرم قتل صيد حرم المدينة واصطياده، وكذا شجرها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يحرم ذلك، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل صيدًا في المدينة أو عضد شجرها فيه قَوْلَانِ: أحدهما لا يضمنه، وهو قول مالك ورِوَايَة عن أحمد. والثاني يضمنه بسلب الصائد، وهو قول أَحْمَد وابن أبي ذئب. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لمن يكون السلب وجهان: أحدهما يكون للسالب ينفرد به، وبه قال أحمد. والثاني يتصدَّق به على فقراء المدينة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم صيد وِج، وفي الجزاء قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد لا يحرم صيده وشجره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما وجب من دم أو طعام لأجل الإحرام كدم التمتع والقِرَان ودم الطيب وجزاء الصيد وجب ذبحه في الحرم ولا يفرقه على مساكين الحرم، فإن ذبحه في الحرم وفرقه في الحل لم يجز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يجزئه. وعند أكثر العلماء الذبح خاصة يختص بالحرم. * * *

باب صفة الحج والعمرة

باب صفة الحج والعمرة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره دخول مكة ليلاً. وعند النَّخَعِيّ وإِسْحَاق الأولى أن يدخلها نهارًا. وعند عَطَاء لا يجوز دخولها ليلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المستحب أن يرفع يديه في الدعاء عند رؤية البيت، وكان مالك لا يرى ذلك. وقال جابر: ما يفعله إلا اليهود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ طواف القدوم سُنة، وعند أَبِي ثَورٍ هو نسك ويجب بتركه الدم. وعند مالك إن تركه مرهقًا - أي معجَّلاً - فلا شيء عليه، وإن تركه مطيقًا فعليه الدم. وبعض أصحاب مالك يعبر عنه بالوجوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة إذا أحرم بالحج من مكة طاف للقدوم حين يحرم. وعند مالك وكذا أَحْمَد في رِوَايَة لا يطوف حتى يرجع من عرفات ومنى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الطهارة عن الحدث والنجس وستر العورة شرط في صحة الطواف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس ذلك بشرط في صحته. واختلف أصحابه هل هي واجبة أم لا؟ فقال ابن شجاع: هي سنة وليست بواجبة، وقال غيره: هي واجبة، واتفقوا أنه يجبر ذلك بالدم. وعند أَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى إن أقام بمكة أعاد، وإن عاد إلى بلده أجزأه وجبره بدم. وعند الزَّيْدِيَّة إذا طاف طواف الزيارة جنبًا أو محدثًا جبره بالدم، وهو شاة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجزئه الطواف حتى يطوف سبع طوفات، فإن ترك طوفة من ذلك لم يعتد به حتى يأتي بما ترك، ولا يقوم الدم مقامه، سواءكان بمكة أو خارجًا منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أتى بأكثر الطواف وأربع طوفات، فإن كان بمكة لزمه الطواف، وإن خرج منها جبره بالدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الاضطباع سنة. وعند مالك ليس بسنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الطواف المعتد به أن يطوف بالبيت العتيق، وهو المبنى، وستة أذرع أو سبعة من الحجر منه، فإن طاف حول المبنى منه لم يعتد بطوافه، وكذا إذا طاف على شاذروات البيت لم يعتد به. وعند الحسن يعيد

الطواف، فإن كان قد حلّ أراق دمًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا طاف حول البيت المبنى وترك الحجر أجزأه، وعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة المستحب أن يطوف ماشيًا، فإن طاف راكبًا من غير عدد جاز. ولا شيء عليه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن طاف راكبًا لعذر فلا شيء، وإن كان لغير عذر فعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حمل بالغًا في طوافه ونويا جميعًا ففيه قَوْلَانِ: أحدهما يقع على الحامل، والثاني يقع عن المحمول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عنهما جميعًا. وعند أَحْمَد لا يجزئ عن الحامل، وفي المحمول رِوَايَتَانِ: أحدهما يجزئه مع العذر وعليه دم، والثانية لا دم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وطاوس يستحب السجود على الحجر الأسود. وعند مالك السجود على الحجر بدعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب التوجه إلى البيت عند ابتداء الطواف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الترتيب شرط في صحة الطواف، وهو أن يجعل البيت على يساره ويطوف على يمين نفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الترتيب ليس شرط في صحة الطواف، فإن طاف منكسًا صح، وإن كان بمكة أعاد، وإن خرج إلى بلده أجزأه وعليه دم. وعند داود أنه إذا نكَّسه أجزأ ولا دم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب أن يستلم الركن اليماني ويقبل يده ولا يقبله. وعند مالك يستلمه ولا يضع يده على فيه ولا يقبلها. وعند أحمد يقبله، ولا يقبل ما استلمه به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستلمه ولا يقبل يده. وعند الْإِمَامِيَّة السنة استلامه وتقبيله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يمكنه تقبيل الحجر الأسود استلمه بشيء، ثم قبل ذلك الشيء. وعند مالك يتركه على فيه من غير تقبيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر ومعاوية لا يستحب استلام الركن العراقي والشامي ولا تقبيلهما. وعند جابر وابن عَبَّاسٍ وابن الزبير وأنس بن مالك والحسن والحسين أنه يستلم ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا ترك الرمل والاضطباع والاستلام والتقبيل والدعاء في الطواف عامدًا أو ساهيًا بعذر أو بغير عذر جاز وقد أساء، ولا يلزمه بذلك شيء. وعند الحسن البصري والثَّوْرِيّ وعبد الملك الْمَاجِشُون يجب عليه الدم بتركها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة قراءة القرآن في الطواف أفضل من الذكر غير المأثور، والذكر المأثور أفضل منه. وعند الحسن وعروة وَمَالِك في إحدى الروايتين يكره قراءة القرآن في الطواف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب القراءة في الطواف. وعند مجاهد يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحدث في أثناء الطواف توضأ وبنى مع الفصل، ومع طوله قَوْلَانِ: القديم يبطل ويستأنف، وبه قال أحمد، والقول الجديد لا يبطل طوافه ويبني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وابن مسعود وابن الزبير سنة الرمل أن يرمل من الحجر إلى الحجر. وعند عَطَاء ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله أنه يمشي بين الركنين اليمانيين ولا يرمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شك في عدد الطواف بنى على يقين نفسه وهو الأقل ولا يقلد غيره. وعند عَطَاء والفضيل بن عياض له أن يقلد الذي لا يشك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمسور وعائشة لا يكره الجمع بين أسابيع في الطواف ويركع لكل واحد منها. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ وعروة وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عمر وأَبِي ثَورٍ ومجاهد يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حضرت صلاة الجنازة وهو في الطواف لم يخرج إليها واستقل بطوافه، فإن خرج إليها بنى على طوافه ولا يستأنف. وعند أَبِي ثَورٍ أنه يستأنف الطواف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يكره تلفيق أسابيع الطواف. وعند أَحْمَد في رِوَايَة لا يكره، وعنه رِوَايَة أخرى لا يكره بشرط أن يقطع على وتر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره للمرأة أن تطوف وهي متقنعة، وفعلته عائشة. وعند طاوس وجابر يكره لها ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يطاف بالمريض ويجزئ ذلك عنه. وعند عَطَاء في إحدى الروايتين يستأجر له من يطوف عنه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طاف بصبي ونوى بالطواف عنه وعن الصبي، فإن الطواف يقع للمحمول دون الحامل، وإن نوى عن الصبي ولم ينو عن نفسه فقَوْلَانِ: أحدهما يقع عنه. والثاني يقع على الصبي. وعند مالك يقع للحامل دون المحمول. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يقع عن الحامل والمحمول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الرمل والاضطباع من الهيئات. وعند سفيان هو من الواجبات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ركعتا الطواف سنة في أحد القولين، وهو قول مالك وَأَحْمَد، وواجبة في القول الآخر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يصلي هذه الصلاة خلف المقام، فإن فاته ففي الحرم، فإن فاته الحرم ففي أي موضع شاء. وعند الثَّوْرِيّ إن لم يفعلهما خلف المقام لم يعتد له بهما. وعند مالك يجب عليه الدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي ركعتي الطواف حتى خرج من الحرم، أو رجع إلى بلده ركعها حيث شاء من حل أو حرم. وعند مالك إن لم يركعهما حتى رجع إلى بلده فعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجزئ الصلاة المكتوبة عن صلاة الطواف. وعند عَطَاء وجابر ابن زيد والحسن البصري وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن الأسود وإِسْحَاق وَأَحْمَد أنها تجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للرجل أن يرمل على الصفا والمروة ولا يستحب ذلك للمرأة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد اللَّه الداعي والهادي وأبو طالب. وعند النَّاصِر منهم ترمل المرأة عليهما كالرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يصلي عن الصبي الذي لا يعقل الصلاة ركعتي الطواف. وعند مالك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعائشة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السعي ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، ولا ينوب عنه الدم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ هو واجب وليس بركن، وينوب عنه الدم. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين لا شيء عليه، وفي الرِوَايَة الأخرى عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يضطبع في السعي. وعند أَحْمَد لا يضطبع.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب أن يسعى بين الصفا والمروة، يبدأ بالصفا وإذا بلغ إلى المروة احتسب له واحدة، وعند ابن جرير لا يحتسب له واحدة حتى يعود إلى الصفا، وهو قول أبي بكر الصيرفي وابن خيران الشَّافِعِيّين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بدأ بالمروة لم يعتد به بذلك الشوط. وعند عَطَاء في إحدى الروايتين إن جهل أجزأ عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدَّم السعي على الطواف لم يجزئه. وعند عَطَاء وبعض أصحاب الحديث يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يسعى ماشيًا ويجوز راكبًا لعذر ولغير عذر. وعند عروة بن الزبير وعائشة يكره له ذلك راكبًا. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجزئه وعليه إعادته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعيد إن كان بمكة، وإن رجع إلى بلده أجزأه وعليه دم. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وابن عمر إذا أقيمت الصلاة وهو في السعي جاز له قطع السعي ويشتغل بالصلاة، فإذا فرغ منها بنى من حيث قطع. وعند مالك يمضي في سعيه ولا يقطعه إلا أن يخاف فوات وقت الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يسعى متطهرًا، فإن سعى محدثًا أجزأه. وعند الحسن إن ذكر قبل أن يحل فليعد السعي، وإن ذكر بعد ما حل لا شيء عليه. وعند الثَّوْرِيّ لا يجوز السعي إلا بطهارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز لمن أحرم من مكة إذا طاف طواف الوداع عند خروجه إلى منى أن يسعى بين الصفا والمروة ويجزئه ذلك، والأولى أن يؤخره ليأتي عقب طواف الزيارة. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يجوز لمن أحرم من مكة أن يقدم السعي بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى منى، فإن فعل ذلك لم يجزه، ويلزمه الإعادة. وإنما يجوز ذلك للقادم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يسنُّ لأهل مكة الرمل والطواف. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق لا يسنُّ لهم ذلك. مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا قدَّم السعي رمل في الطواف ولا يعيده في طوافه للإفاضة، وإن أخَّر السعي إلى يوم النحر رمل في طواف الإفاضة. وعند الشَّافِعِيّ أيضًا وَأَحْمَد وعبد الملك الْمَاجِشُون وأصحابه وابن عمر وجابر بن عبد الله وعَطَاء وطاوس ومجاهد

والحسن ورَبِيعَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق القارن بين الحج والعمرة يقتصر على طواف واحد ويسعى، ويستحب له طوافين وسعيين. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وجابر ابن زيد وعبد الرحمن بن الأسود والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والحسن بن صالح بن حيي وعلي وابن مسعود يجب عليه أن يأتي بطوافين وسعيين، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وشرح مذهب أَبِي حَنِيفَةَ أنه إذا دخل مكة طاف وسعى للعمرة، ولا يحلق حتى يطوف ويسعى يوم النحر، ثم يحلق ويتحلل منهما في حالة واحدة، فإن لم يطف ولم يسع للعمرة حتى وقف بعرفة ارتفصت عمرته، وصح له الحج، ولزمه قضاء العمرة ويجب عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وقف القارن بعرفة قبل طواف العمرة لم ترتفص عمرته، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ترتفص عمرته، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب للإمام أن يخطب في اليوم السابع من ذي الحجة بمكة بعد صلاة الظهر، ويأمر الناس بالعدو إلى منى من الغد. وعند أَحْمَد لا تسن الخطبة في اليوم السابع من ذي الحجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زالت الشمس يوم التاسع خطب خطبة خفيفة وجلس، ثم يقوم إلى الخطبة الثانية ويأخذ المؤذن في الأذان والإمام في الخطبة الثانية حتى يكون فراغ الإمام مع فراغ المؤذن من الأذان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يأمر المؤذن بالأذان، ثم يخطب بعده كالجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فاته الجمع بعرفات مع الإمام جمع وحده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له أن يجمع وحده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أهل مكة ومن فيها من المقيمين لا يجوز لهم القصر، وكذا لا يجوز للإمام إذا كان مقيمًا القصر، ويتم من خلفه من المسافرين. وعند مالك يجوز القصر بعرفة للمسافرين وأهل مكة ومن بها من المقيمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وادي عرفة ليس هو من عرفة، فمن وقف به لم يجزه. وعند مالك هو من عرفة، ويجوز الوقوف به وعليه دم، وبه قال ابن الصبَّاغ من الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة أهل العلم أن أول وقت الوقوف من زوال الشمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر. وعند مالك الاعتماد في الوقوف هو الليل، والنهار تبع له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك جزءًا من زمان الوقوف أجزأه، ليلا كان أو نهارًا. وعند مالك إن وقف بالليل دون النهار أجزأه. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجزئه، وبه قال ابن الوكيل من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقف وهو مغمى عليه لم يجزه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأى هلال ذي الحجة واحد أو اثنان فرد الحاكم شهادتهما. فإن الشهود يقفون يوم التاسع على حكم رؤيتهم، ويقف الناس يوم العاشر عندهما، فإن وقف الشاهدان مع الناس يوم العاشر ولم يقفا يوم التاسع عندهما لم يجزهما ذلك. وعند مُحَمَّد إن وقفا يوم العاشر مع الناس أجزأهما، وإن وقفا يوم التاسع لم يجزهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخطأ عرفة من وقف بها في غير عرفة لم يجزه. وعند عَطَاء والحسن وأَبِي حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ذهب من عرفات قبل غروب الشمس ولم يعد إليها حتى طلع الفجر الثاني من يوم النحر أراق دمًا، وهل هو واجب أو مستحب؟ قَوْلَانِ: أحدهما أنه واجب، وبه قال عَطَاء والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأبو ثور وَأَحْمَد، والثاني أنه مستحب. وعند الحسن يلزمه هدْي من الإبل. وعند ابن جريج يلزمه بدنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عاد إلى عرفات قبل طلوع الفجر من يوم النحر سقط عنه الدم. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ إن عاد قبل غروب الشمس فأقام حتى غربت الشمس يسقط عنه الدم، وإن عاد بعد ذلك لم يسقط عنه الدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وابن جريج ويَحْيَى بن سعيد القطان لا يجوز لأهل مكة أن يقصروا الصلاة بمنى. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن مهدي أنه يجوز لهم أن يقصروا الصلاة بمنى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دفع من عرفات

فالمستحب أن يؤخر المغرب إلى وقت العشاء ليجمع بينهما بالمزدلفة، فإن صلى كل واحدة منهما في وقتها جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وجابر ومُحَمَّد لا يجوز أن يصلي المغرب في وقتها، فإن صلاها في وقتها أعاد بالمزدلفة في وقت العشاء. وعند الزَّيْدِيَّة لا يجوز أن يصلي المغرب والعشاء في غير المزدلفة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة أقام لكل واحدة منهما، وهل يؤذن للأولى؟ فيه الأقوال التي قدمناها في باب الأذان. وعند أَحْمَد وأَبِي ثَورٍ يؤذن أذانًا واحدًا ويقيم لكل واحدة منهما. وعند مالك وعمر وابن مسعود يصليهما بأذانين وإقامتين. وعند الثَّوْرِيّ وابن عمر يجمع بينهما بإقامة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء المبيت بمزدلفة نسك واجب وليس بركن في الحج. وعند الشعبي والحسن البصري وَمَالِك والنَّخَعِيّ هو ركن لا يتم الحج إلا به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع من المزدلفة قبل نصف النهار أراق دمًا، وفي وجوبه قَوْلَانِ: أحدهما أنه واجب، وبه قال عَطَاء والزُّهْرِيّ وقتادة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور. والثاني أنه مستحب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وابن عمر المستحب أن يأخذ الحصى لرمي جمرة العقبة من المزدلفة. وعند عَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد يأخذ الحصى من حيث شاء. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء أن الوقوف على المشعر الحرام ليس بركن من أركان الحج ولا واجب فيه، بل هو سنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والمؤيد. وعند الْإِمَامِيَّة هو ركن من أركان الحج جاز مجرى الوقوف بعرفة. وعند القاسم من الزَّيْدِيَّة هو واجب. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء أن من فاته الوقوف بعرفة وأدرك الوقوف بالمشعر الحرام أنه لا يجزئه عن الوقوف بعرفة. وعند الْإِمَامِيَّة أن ذلك يجزئه عن الوقوف بعرفة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل. وعند أبي حَنِيفَةَ يجب عليه أن يقيم بالمزدلفة حتى إلى طلوع الفجر، فإن دفع قبل طلوع الفجر لعذر فلا شيء عليه، ولغير عذر فعليه دم. وعند مالك إن مرَّ بها فعليه دم وإن نزل بها ثم دفع عنها فلا دم عليه، سواء دفع قبل نصف الليل أو بعده.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وعكرمة وَأَحْمَد المستحب أن يرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس، ويجوز رميها بعد نصف الليل إلى غروب الشمس. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز رميها إلا بعد طلوع الفجر الثاني. وعند مجاهد والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأكثر الصحابة والتابعين لا يجوز رميها إلا بعد طلوع الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء ما بين جمرة العقبة وموضع الرامي ليس بمقدَّر. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يتقدر بخمسة أذرع. وعند القاسم منهم يتقدر بعشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة يستحب أن يرمي جمرة العقبة في يوم النحر راكبًا. وعند القاسم من الزَّيْدِيَّة يرميها ماشيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقطع الحاج التلبية إلا مع أول حصاة يرمي بها جمرة العقبة، ويبتدئ بالتكبير، وكذا المعتمر لا يزال يلبي حتى يفتتح الطواف، وبهذا قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وابن عمر لا يلبي الحاج بعد الوقوف، بل يقطعها عند زوال الشمس يوم عرفة، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق. وعن مالك رِوَايَة أخرى كقول الشَّافِعِيّ. وأما المعتمر فإن أنشأ العمرة من الميقات فإنه يقطع التلبية إذا دخل الحرم، وإن أحرم بها من أدنى الحل قطع التلبية إذا رأى البيت، وبهذا قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة والصادق والْإِمَامِيَّة. وعند عروة بن الزبير والحسن وابن عمرو أيضًا إذا دخل المعتمر الحرم قطع التلبية، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق والْإِمَامِيَّة. وعند سعيد بن المسيب يلبي المعتمر حتى يرى عروش مكة. وعند سعد بن أبي وقاص وعائشة في الحاج أنه يقطع التلبية إذا راح إلى الموقف. وعند على وأم سلمة يقطع الحاج التلبية ظهر يوم عرفة. وعند الحسن البصري يلبي الحاج حتى يصلي الغداة يوم عرفة، فإذا صلى الغداة أمسك عنها. وعند ابن عَبَّاسٍ وميمونة وعَطَاء وطاوس وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ يقطع التلبية إذا فرغ من الجمرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الرمي إلا بالحجر، فإن رمى بغيره من الكحل والزرنيخ والتوت وإن كان متحجرًا، أو رمى بذهب أو فضة لم يجزه ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز الرمي بكل ما كان من جنس الأرض كالكحل والزرنيخ والتوت إلا الذهب والفضة، فإنه لا يجوز الرمي بهما. وعند داود

وأهل الظاهر يجوز الرمي بكل شيء حتى لو رمى بعصفور ميت أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يتعين صورة الحذف في الرمي بل يستحب ذلك لا غير. وعند الْإِمَامِيَّة يتعين ذلك فلا يجزئه غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره أن يرمي بما رمى به، فإن رمى به أجزأه، سواء كان هو الذي رمى به أو غيره. وعند أَحْمَد لا يجزئه. وعند الْمُزَنِي يجوز أن يرمي بما رمى به غيره، ولا يجوز أن يرمي بما رمى هو به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والفقهاء إذا رمى سبع حصيات دفعة واحدة لم يجز إلا عن حصاة واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند عَطَاء يجزئه لكن يكبر لكل حصاة تكبيرة، وعند الأصم يجزئه وعند الحسن إذا كان جاهلاً أجزأه. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجزئه ويلزمه استئناف السبع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رمى بحصاة فوقعت على ثوب إنسان فنفضها فوقعت في المرمى لم يجزه وعند أَحْمَد يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء يستحب أن يرمي يوم النحر راكبًا، وكذا في يوم الثالث من أيام التشريق، ويرمي في اليومين الأولين من أيام التشريق ماشيًا. وعند أكثر العلماء يستحب أن يرمي ماشيًا في جميع ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحلاقة نسك أو استباحة محظور قَوْلَانِ: أصحهما أولهما، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والقول الثاني أنه استباحة محظور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أقل ما يجزئ أن يحلق ثلاث شعرات، والمستحب حلق جميعه. وعند مالك وَأَحْمَد يجب حلق جميعها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ - رحمه الله - أقل ما يجزئه الربع، وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئ ما يجزئ في مسح الرأس في الطهارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أراد الحلق بدأ الحالق بشقه الأيمن ثم الأيسر. وعند أبي حَنِيفَةَ يبدأ بشقه الأيسر، فاعتبر الشَّافِعِيّ يمين المحلوق، واعتبر أبو حَنِيفَةَ يمين الحالق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يكن على رأسه شعرًا استحب له إمرار الموسى على رأسه ولا يجب ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب أن يبدأ يوم النحر بالرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يطوف، فإن قدم الطواف على الرمي، أو النحر على الرمي أجزأه

ولا شيء عليه، وإن حلق قبل أن يرمي فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قدَّم الحلق على النحر، فإن كان مفردًا فلا شيء عليه، وإن كان قارنًا أو متمتعًا فعليه دم. وعند أحمد الترتيب فيما ذكرنا واجب، فإن حلق قبل الذبح أو قبل الرمي، فإن كان ناسيًا أو جاهلاً فلا شيء عليه، وإن كان عامدًا فعليه دم في إحدى الروايتين. ونقل الترمذي عن أحمد موافقة الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أخَّر الحِلَاق عن أيام التشريق فلا دم عليه. وعند أبي حَنِيفَةَ عليه دم، وهو رِوَايَة أيضًا عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب أن يكون نحر الهدْي في موضع التحلل، فإن كان معتمرًا فعند المروة، وإن كان حاجًّا فبمنى، وحيث نحرا من فجاج مكة أجزأهما، وعند مالك لا يجزئ المعتمر النحر إلا عند المروة، والحاج إلا بمنى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يخطب الإمام بعد الظهر يوم النحر بمنى ويعلم الناس المناسك. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يستحب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أول وقت طواف الزيارة من النصف الثاني من ليلة النحر، وآخره ليس بمحدود، ففي أي وقت طاف أجزأه ولا دم عليه. وعند أبي حَنِيفَةَ أول وقته طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، وآخره اليوم الثاني من آخر أيام منى، فإن أخره إلى اليوم الثالث من أيام منى لزمه دم، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا تركه وخرج من مكة فلا دم عليه. وعند الهادي منهم عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يطف طواف الزيارة وطاف للوداع وقع عن طواف الزيارة. وعند أَحْمَد لا يجزئه ويقع عما عيَّنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن تعيين النية لا يجب في طواف الزيارة وعند أَحْمَد يجب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتمتع يحل بعد الفراغ من العمرة، سواء ساق الهدْي أم لا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا ساق الهدْي لا يصير حلالاً حتى يفرغ من أعمال حجه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تحلل التحلل الأول فلا يباح الوطء في الفرج قولاً واحدًا. وفى دواعيه وعقد النكاح والاصطياد والطيب قَوْلَانِ. ويباح له ما عدا ذلك قولاً

واحدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يباح له جميع المحظورات إلا الجماع في الفرج خاصة، وظاهر كلام أصحاب أَحْمَد أنه يمنع من الوطء ودواعيه، ونقل الترمذي عن أحمد وإِسْحَاق موافقة الشَّافِعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة إذا طاف طواف الزيارة فقد تحلل من كل شيء كان منه محرمًا إلا النساء، وليس له وطئهن إلا بطواف آخر متى فعله حللن له، وهو الذي يسمونه طواف النساء. وعند يَحْيَى منهم لا يحل له الوطء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ يستحب رفع اليدين في الدعاء عند رمي الجمرتين. وعند مالك لا يرفع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك الوقوف للدعاء عند الجمرتين فلا شيء عليه. وعند الثَّوْرِيّ يطعم أو يهرق دمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك لا يجوز رمي الجمار إلا مرتبًا، يبدأ بالأولى وهي التي تلي مسجد الخيف، ثم بالوسطى، ثم بالسفلى وهي جمرة العقبة. وعند عَطَاء والحسن وأَبِي حَنِيفَةَ هذا الترتيب مستحب، فإن رمى منكسًا أجزأه. وعند أحمد رِوَايَة في الناسي أنه يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وقت الرمي من أيام التشريق بعد الزوال، فإن رمى قبل ذلك لم يعتد به. وعند عَطَاء إن جهل فرمى قبل الزوال أجزأه. وعند طاوص إن شاء رمى أول النهار ونفر. وعند عكرمة إن شاء رمى من أول النهار ولكن لا ينفر إلا بعد الزوال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يرمي في اليوم الثالث قبل الزوال استحسانًا، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وحكى عن أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أيضًا في اليوم الأول والثاني الرمي من قبل الزوال، والمشهور عنه الأول. وعند إِسْحَاق إن رمى في اليوم الأول والثاني قبل الزوال أعاد، وإن رمى في اليوم الثالث قبل الزوال أجزأه. وعنده أيضًا إن رمى بعد طلوع الشمس يوم النفر الأول فلا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخر الرمي إلى الليل فإنه لا يلزمه شيء، فإن رمى بالليل أجزأه، وإن أخره إلى الغد ورمى من الغد أجزأه على أصح القولين، وبه قال أحمد. وعند ابن عمر وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق إذا فاته الرمي حتى غربت الشمس لم يرم بالليل، ويرمى من الغد بعد الزوال. وعند عَطَاء لا يرمى بالليل إلا رعاء الإبل، وأما التجار فلا. وعند مالك والثَّوْرِيّ إذا تركه بالنهار رماه ليلاً وعليه دم. وعند أَحْمَد إن تعمَّد تركه إلى الليل رمى وعليه دم. وعنده أيضًا إذا أخر رمي جمرة العقبة متعمدًا

فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أخر إلى الليل رمى بالليل ولا شيء عليه، فإن لم يذكر بالليل حتى جاء الغد فعليه أن يرميها وعليه دم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أبي يوسف ومُحَمَّد لا دم عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك حصاة من اليوم الثالث فيها ثلاثة أقوال ذكرناها في السعي، وإن ترك ثلاث حصيات فما زاد لزمه دم، وإن ترك جميع الجمرات فأصح القول أن عليه دم واحد. وعند أَحْمَد إن ترك حصاة فيها روايات: إحداها: مد من طعام. والثانية: قبضة من طعام. والثالثة: لا شيء عليه. والرابعة: عليه دم، وبها قال مالك، ووافق أَحْمَد الشَّافِعِيّ في أنه إذا ترك ثلاث حصيات يلزمه دم. وعند مالك في الموطأ إذا نسي جمرة في بعض أيام منى فلم يذكرها حتى صدر فعليه دم الهدْي، وحكى القاسم عن مالك أنه إن ترك حصاة أراق دمًا، أما في جمرة أو في الجمار كلها فبدنة، فإن لم يجد فبقرة وعند الحسن البصري إذا ترك جمرة واحدة تصدق على مسكين. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا رمى الجمار بست فلا شيء عليه. وعند مجاهد إن ترك حصاة أو حصاتين فلا شيء عليه. وعند طاوس من رمى الجمار بست يطعم تمرة أو لقمة. وعند الحكم وحماد والْأَوْزَاعِيّ وعبد الملك الْمَاجِشُون إن ترك حصاة أو حصاتين فعليه دم. وعند عَطَاء من رمى الجمار بست فإن كان موسرًا أراق دمًا، وإن كان معسرًا صام ثلاثة أيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن ترك حصاة أو حصاتين أو ثلاثًا أو أربعًا فعليه صدقة نصف صاع لكل حصاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا ترك المبيت ليالي منى أيام التشريق فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دم عليه. وعند أَحْمَد ثلاث روايات: إحداها كقول الشَّافِعِيّ. والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثالثة عليه صدقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تختص الرخصة لأهل السقاية بأهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعند مالك تختص، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يخطب الإمام بعد ظهر اليوم الثاني من أيام التشريق يوم النفر الأول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يستحب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يتعجل في اليوم الثاني حتى غربت الشمس لزمه المقام والمبيت حتى يرمي في اليوم الثالث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن يتعجل قبل طلوع الفجر ولا دم عليه. وعند الحسن البصري وداود إن أقام حتى دخل وقت العصر

لم يلزمه أن يتعجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الرمي واجب فيجبر بالدم عند فواته وليس بركن، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وعند عبد الملك الْمَاجِشُون هو ركن لا يتم الحج إلا به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النزول بالمحصَّب - وهو موضع بين منى ومكة - ليلة الرابع عشر مستحب وليس بنسك. وعند عمر بن الخطاب وأَبِي حَنِيفَةَ أنه نسك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز المريض عن الرمي بنفسه جاز أن يستنيب غيره في الرمي، ويجزئ عنه ولا شيء عليه. وعند مالك يجزئه وعليه دم، وحين يرمى عنه فيكبر سبع تكبيرات لكل جمرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل طواف الوداع نسك يجب بتركه الدم؟ قَوْلَانِ: أحدهما أنه نسك يجب بتركه الدم، وبه قال الحسن وعَطَاء والحكم وحماد والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور. والثاني أنه ليس بنسك ولا يجب بتركه الدم بل يستحب، وبه قال مالك. واختلفت الرِوَايَة عن مجاهد فروى عنه مثل قول الحسن ومن وافقه، وروى عنه مثل قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب طواف الوداع على كل من خرج إلى منزله قريبًا كان من مكة أو بعيدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب على من كان في المواقيت أو دونها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طاف للوداع، ثم حضرت صلاة مكتوبة فصلاها لم يلزمه إعادة الطواف، وعند عكرمة يلزمه إعادة الطواف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طاف الوداع ثم أقام بمكة لشراء متاع، أو عيادة مريض، أو زيارة صديق وما أشبه ذلك لزمه إعادة الطواف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه أن يعيد ولو أقام شهرًا أو شهرين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا فرغ الأفاقي من أفعال الحج ونوى الإقامة بمكة فإنه لا وداع عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نوى الإقامة بعد أن رحل له النفر الأول لم يسقط عنه طواف الوداع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج ولم يطف طواف الوداع عاد وطاف، فإن كانت المسافة التي عاد منها لا يقصر فيها الصلاة سقط عنه الدم، وإن كانت تقصر فيها الصلاة لم يسقط عنه الدم، وعند عَطَاء إن عاد بعد ما خرج من الحرم لم يسقط عنه الدم، وإن

عاد قبل أن يخرج من الحرم يسقط عنه الدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس على المعتمر الخارج إلى التنعيم وداع. وعند الثَّوْرِيّ إن لم يودع فعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز للحائض أن تنفر بغير وداع. وعند عمر وابن عمر وزيد بن ثابت عليها أن تقيم حتى تطهر، ثم تطوف للوداع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحبس الجمَّال لأجل المرأة الحائض إذا لم يكن طاف طواف الإفاضة ويقال لها احملي مكانك مثلك. وعند مالك تحبس أيضًا ما يحبسها الدم، ثم تستظهر بثلاثة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء مكة أفضل من المدينة. وعند مالك، ثم أَحْمَد في رِوَايَة المدينة أفضل من مكة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك لا يكره المجاورة بمكة بل يستحب. وعند أبي حَنِيفَةَ يكره. * * *

باب الفوات والإحصار

باب الفوات والإحصار مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عَبَّاسٍ من فاته الحج لزمه أن يتحلل بعمل عمرة، وهو الطواف والسعي والحلاق، ولا ينقلب ذلك إلى عمرة، ويسقط عنه توابع الحج وهو المبيت والرمي ويلزمه القضاء وشاة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إلا في الفدية فإنهما قالا: لا فدية عليه. وعند أَحْمَد وأبي يوسف ينقلب إحرامه إلى العمرة ويتحلل بها ويجزئه عن عمرته، ولا دم عليه، ويقضي الحج من قابل. وعن مالك ثلاث روايات: إحداهن كقول الشَّافِعِيّ، والثانية لا قضاء عليه كالمحصر، والثالثة يبقى على إحرامه إلى العام القابل، وبها قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وبعض أصحاب أحمد. وعند الْمُزَنِي يلزمه أن يأتي بما بقي من أفعال الحج من المبيت والرمي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا فاته حج التطوع كان عليه القضاء. وعند أَحْمَد في رِوَايَة لا قضاء عليه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل يخرج الدم في سنة القضاء أو في سنة الفوات؟ وجهان، وبأولهما قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالعمرة وأحصر جاز له التحلل، وعند مالك لا يجوز له التحلل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صد عن الحرم فتحلل، وكان الحصر عامًا والحج الذي أحرم به تطوعًا فلا قضاء عليه، وإن كان واجبًا في هذه السنة فلا قضاء عليه، وإن كان وجوبه سابقًا فهو باق في ذمته. وعند مجاهد والشعبي وعكرمة وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يلزمه القضاء، سواء كان الإحرام تطوعًا أو واجبًا. وعند عَطَاء إن شاء أتى بحجة، وإن شاء أتى بعمرة، والحج أحب إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أهل مكة المقيمون بها إذا أحرموا بالحج وصدوا عن عرفة جاز لهم التحلل. وعند مالك لا يجوز لهم ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الإحصار بالعدو دون المرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون الإحصار

بهما أو بأحدهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمحصر أن يتحلل بغير هدْي. وعند مالك يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المحصر في الحل إذا لم يمكنه سوق الهدْي إلى الحرم جاز له نحره في الحل ويتحلل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له نحره في الحل، ويلزمه أن يبعث به إلى الحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن يذبح ويتحلل قبل يوم النحر، لكن أبا حَنِيفَةَ يقدر له مدة، فإذا مضت تلك تحلل، فإن وافق التحلل بعد الإحرام حلَّ، وإن وافق قبل النحر لم يحل. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يجوز له نحره إلا في يوم النحر، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عدم المحصر الهدْي هل له بدل؟ قَوْلَانِ: أحدهما ليس له بدل ينتقل إليه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وأصحهما له بدل ينتقل إليه، وبه قال أحمد ومالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا لا بدل له فليس له التحلل قبل وجود الهدْي، أو الصوم على أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثاني: يتحلل في الحال ويثبت الهدْي في ذمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا له بدل ففي ذلك البدل ثلاثة أقوال: أحدها الصوم، وبه قال أحمد. والثاني الطعام. والثالث يتخير بين الطعام والصيام. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا بدله الصوم فما هو؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدها صوم المتمتع وهو عشرة أيام، وبه قال أحمد. والثاني: صوم التعديل. والثالث: صوم فدية الأذى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمحرم أن يتحلل بالمرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أحصر عن البيت بعد الوقوف بعرفة فله التحلل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له ذلك.

مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يشرط التحلل لغرض صحيح بأن يقول: إذا مرضت تحللت على أصح الطريقين، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة. ولا يجوز ذلك فى القول الآخر، وبه قال الزُّهْرِيّ وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ وعائشة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأمة المزوجة ليس لها أن تحرم بغير إذن زوجها وسيدها، ولا يجزئها في الإحرام إذن أحدهما. وعند مُحَمَّد بن الحسن إذا أذن لها السيد جاز لها أن تحرم، وإن لم يأذن لها الزوج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ للزوج منع زوجته الحرة من الحج الواجب في أحد القولين، وليس له منعها في القول الثاني، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم العبد بإذن سيده، ثم باعه لم يكن للمشتري أن يحلله. وعند أَبِي يُوسُفَ له أن يحلله مع قوله أن السيد الأول ليس له أن يحلله. وعند مُحَمَّد لا يكره له تحليله مع قوله أن السيد الأول يكره له تحليله. * * *

باب الهدي

باب الهدْي مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك وابن عمر إذا كان الهدى بدنة أو بقرة استحب له تقليده نعلين وإشعاره، وعند سعيد بن جبير لا يشعر البقر، وهو قول مالك إذا لم يكن لها سنام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الإشعار لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن عمر الإشعار هو أن يشق صفحة سنامه الأيمن. وعند سالم بن عبد اللَّه وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ يشق صفحة سنامه الأيسر. وعند مجاهد وَأَحْمَد وإِسْحَاق يشق من أي جانب شاء، وبالوشم يشم من أي جانب شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا كان الهدْي من الغنم استحب تقليدها خرب القرب، وهي عراها: الخلقة البائسة، ولا يقلدها النعال ولا يشعرها. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ لا يستحب تقليدها الخرب ولا النعال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الهدْي نذرًا معينًا زال ملكه عنه ولم يجز له التصرف فيه ولا إبداله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يزول ملكه عنه وله التصرف فيه وإبداله، فإن باعه اشترى بثمنه هدْيًا مكانه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الهدْي تطوعًا فهو باق على ملكه وتصرفه إلى أن ينحر. وعند بعض المالكية أنه يصير بالإشعار والتقليد واجبًا حتى أنه لو كان قد أحرم بالعمرة وساق هدْيًا تطوعًا ثم أحرم بالحج لم يجز أن يصرفه إلى قرانه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض الصحابة والتابعين إذا قلد هدْيه لم يصر بذلك محرمًا. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن عمر والنَّخَعِيّ والشعبي وابن المنذر أنه يصير بذلك محرمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا نذر هدْيًا وساقه وهو مما يركب فلا يركبه إذا لم يضطر إلى ذلك، وتركه إذا اضطر إليه، وله أن يركبه من إعياء، وإن نقص منه شيء بالركوب ضمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له ركوبه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز له أن يشرب من لبنه ما يفصل عن ولده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يشرب من لبنه شيئًا، بل يرش على الضرع الماء

حتى ينقطع اللبن إذا لم يكن ثَم ولده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف المهدي الهدْي المنذور، أو أخر ذبحه حتى مات لزمه ضمانه بأكثر الأمرين من قيمته، أو هدْي مثله. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه قبضه يوم التلف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر هدْيًا فذبحه آخر بغير إذنه وقع الموقع على أصح القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ويلزم الذابح أرش ما نقص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه ذلك. والقول الثاني إن شاء جعله عن الذابح وأخذ قيمته، وإن شاء أخذه وما نقص من قيمته. وعند مالك لا يلزمه المهدي، ويلزمه هدْي بدله، وأضحية إن كانت أضحية وله على الأجنبي الأرش ويكون شاة لحم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ إذا ضلَّ الهدْي الذي عيَّنه عما في ذمته لزمه إخراج ما في ذمته، فإذا عاد الضال لزمه إخراجهما جميعًا. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ الأفضل أن ينحرهما جميعًا، فإن نحر الأول وباع الآخر أجزأه، واختاره من الشَّافِعِيَّة القاضي أبو الطيب. وعند الحسن وعَطَاء إن نحر الأخير ثم وجد الضال فعل به ما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن عَبَّاسٍ ليس من شرط الهدْي إيقافه بعرفات، وروى عن ابن عمر أنه كان لا يرى الهدْي إلا ما عرف به، ووقف مع الناس لا يدفع به حتى يدفع الناس. وعند سعيد بن جبير البدن والبقر لا يصلح ما لم يعرف. وعند مالك يستحب للقارن أن يسوق هدْيه من حيث يحرم، فإن ابتاعه دون ذلك مما يلي مكة فلا بأس بذلك بعد أن يوقفه بعرفات، وقال في هدى المجامع: إن لم يكن ساقه فيستره بمكة، ثم ليخرجه إلى الحل وليسقه منه إلى مكة ولينحره بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا عطب الهدْي فلا يأكل هو ولا أحد من أهل رفقته، ويخفَى بينه وبين المساكين يأكلونه، وقد أجزأ عنه، فإن أكل منه شيئًا غرم مقدار ما أكل منه. وعند بعض العلماء يضمن ما أكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الهدْي الواجب الذي يجب إبداله إذا عطب يجوز له التصرف فيه بجميع التصرفات من الأكل والبيع وغير ذلك. وعند مالك لا يجوز له التصرف فيه بالبيع.

مسألة: لا يختلف العلماء أن الأيام المعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وأما الأيام المعلومات فعند الشَّافِعِيّ أنها العشر الأول من ذي الحجة وآخرها يوم النحر. وعند مالك الأيام المعلومات يوم النحر ويومان بعده، الحادي عشر والثاني عشر عنده من المعلومات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المعلومات ثلاثة أيام يوم عرفة ويوم النحر ويوم بعده. وعند علي وابن عبَّاس المعلومات أربعة أيام: يوم عرفة، ويوم النحر، ويومان بعده. وروى عن أحمد وعن ابن عمر أن الأيام المعلومات أربعة: يوم النحر، وثلاثة أيام بعده واستحسن ذلك أحمد. وفائدة هذا الخلاف أنه يجوز عند الشَّافِعِيّ ذبح الهدايا والضحايا في أيام التشريق كلها. وعند مالك لا يجوز في اليوم الثالث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر هديَا لا يعينه، ثم ذبح هدْيًا وتلف اللحم بسرقة ونحوها لزمه الإعادة وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا إعادة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يأكل من الهدْي الواجب ويأكل من هدْي التطوع. وعند ابن عمر لا يؤكل من النذر ولا من جزاء الصيد. وعن الحسن قول ثان: أنه يأكل من جزاء الصيد ونذر المساكين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يكره أن يؤكل من الهدْي ما كان من جزاء الصيد وفدية الأذى أو كفارة، ويؤكل ما كان من هدْي التطوع أو استمتاع أو نذر. وعند الحكم يأكل من الجميع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يأكل من هدْي القِرَان والتمتع والتطوع، ولا يأكل مما سوى ذلك. وعند جابر لا يؤكل من هدْي التطوع، فإن أكل منه وجب الغرم على الآكل. * * *

باب الأضحية

باب الأضحية مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وبلال وسعيد بن المسيب وعَطَاء وعلقمة والأسود وَأَحْمَد وإِسْحَاق وسويد بن غفلة وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَمَالِك في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأضحية سنة وليست بواجبة. وعند رَبِيعَة والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك هي واجبة، كذا نقله عنهم صاحب البيان والمعتمد، ونقل الشاشي عن أَبِي حَنِيفَةَ وجوبها على المقيمين من أهل الأمصار، قال: ويعتبر في وجوبها النصاب، قال: وهو قول مالك والثَّوْرِيّ. ثم قال: ولم يعتبر مالك الإقامة، وهذا النقل أصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء تصح الأضحية عن الميت. وعند بعضهم لا تصح عنه. وعند ابن الْمُبَارَك الأحب أن يتصدق عنه ولا يضحى، فإن ضحَّى عنه فلا

يؤكل منها شيء، ويتصدق بها كلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وقت الأضحية إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد والخطبتين، فإذا مضى ذلك جاز أن يضحى، سواء صلى الإمام أو لم يصلِّ. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد هي مرتبة على فراغ الإمام من الصلاة والخطبتين، فما لم يصل الإمام ويخطب لا يضحى. وروى أشهب عن مالك أنه قال: لا ينحر حتى ينحر الإمام، فإذا ذبح قبل الإمام أعاده. وعند الثَّوْرِيّ إذا فرغ الإمام من الصلاة جاز له أن يضحي والإمام يخطب. وعند عَطَاء وقتها إذا طلعت الشمس. وعند ابن الْمُبَارَك وبعض العلماء إذا طلع الفجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لأهل السواد البادية أن يضحوا قبل طلوع الشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وعَطَاء يجوز لهم ذلك. وعند مالك وقتها في حقهم يعتبر بأقرب البلاد إليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وقت الأضحية يوم النحر وأيام التشريق بعده. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وأنس وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يوم النحر ويومان بعده. وعند سعيد بن جبير يوم النحر لأهل الأمصار خاصة وأيام التشريق، وبوم النحر لأهل السواد، وعند جابر بن زيد لأهل الأمصار يوم واحد وثلاثة أيام، وروى أيضًا عن سعيد بن جبير. وعند النَّخَعِيّ يضحي في يوم النحر ويوم بعده. وعند ابن سِيرِينَ لا يجوز التضحية إلا في يوم النحر خاصة. وعند أبي سلمة بن عبد الرحمن وقتها من يوم النحر إلى آخر ذي الحجة، وروى هذا أيضًا عن النَّخَعِيّ والحسن البصري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة يكره أن تذبح الأضحية وغيرها ليلاً، فإن ذبح أجزأه. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجزئه وتكون شاة لحم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره لمن أراد أن يضحى إذا دخل عليه عشر ذي الحجة أن يأخذ شعره وظفره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكره له ذلك. وعند أَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق يحرم عليه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئ في الأضحية الوحشي، وإنَّما يجزئ الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم. وعند أَحْمَد يجزئ الوحشي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يجزئ

المتولد بين الوحشي والأهلي إذا كانت الأم من الأهلي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئ في الأضحية إلا الثني من الإبل والبقر والمعز، والجذع من الضأن. وعند الزُّهْرِيّ وابن عمر لا يجزئ الجذع من الضأن. وعند الْأَوْزَاعِيّ يجزئ الجذع من جميع الأجناس. ونقل في البيان عن عَطَاء موافقة الْأَوْزَاعِيّ. وعند الحسن يجزئ الجذع من الإبل والبقر، ونقل في المعتمد موافقة عَطَاء له فى الإبل. وعند أنس بن مالك أنه يجزئ الجذع من البقر عن ثلاثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد الأفضل في الضحايا الإبل ثم البقر ثم الجذع من الضأن، ثم الثني من المعز، والشاة أفضل من مشاركة السبعة في بدنة أو بقرة. وعند مالك الأفضل الجذع من الضان، ثم الثني من البقر، ثم الثني من الإبل. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجزئ العضباء وهي التي انكسر ظاهر قرنها، وكذلك القصماء وهي التي انكسر باطن قرنها. وعند مالك إن كانت العضباء يخرج من قرنها الدم لم يجز. وعند النَّخَعِيّ وَأَحْمَد لا يجوز التضحية بالعضباء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره التضحية بمقطوعة الأذن وتجزئ. وعند أَحْمَد لا تجزئ الأضحية بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره التضحية بالجلحاء، وهي التي لم يخلق لها قرن وتجزئ. وعند النَّخَعِيّ لا تجزئ التضحية بالجلحاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العرجاء البين عرجها لا تجزئ في الأضحية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجزئ ما دامت تمشي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجزئ التضحية بالعمياء. وعند بعض أهل الظاهر أنها تجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وعامة العلماء لا تجزئ الشاة إلا عن نفس واحدة، وأما في الأجر فتجزئ اشتراك أهل البيت في ذلك. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق تجزئ عن الشخص وعن أهل بيته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره أن يستنيب في ذبح أضحيته أو هديه يهوديًا ويجزئه. وعند مالك لا يجوز، فإن استناب من ذكرناه وذبحها لم يجزه وكانت شاة لحم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعَطَاء وَمَالِك يستحب التسمية في الذبيحة ولا يجب ذلك، فإن تركها لم يؤثر وحل أكلها، سواء تركها عمدًا أو سهوًا، وعند الشعبي وأَبِي ثَورٍ وداود هي شرط في الإباحة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه هى شرط في الإباحة مع الذكر دون النسيان. وعند أَحْمَد لا يشترط مع النسيان، ومع الذكر رِوَايَتَانِ. وعند أصحاب مالك إذا تركها عمدًا غير متأول حرم أكلها، واختلفوا، فمنهم من قال: هي سنة، ومنهم من قال: هي شرط مع الذكر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - على الذبيحة ولا يكره. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يكره ذلك. وعند أَحْمَد لا يشرع ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يقول على الذبيحة: اللهم منك وإليك فتقبل مني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اشترى شاة بنية أنها أضحية ملكها بالشراء ولم تصر أضحية. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ تصير بذلك أضحية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوجب أضحية زال ملكه عنها، ولم يجز بيعها ولا إبدالها بغيرها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وعَطَاء وعكرمة ومجاهد وَأَحْمَد لا يزول ملكه عنها، ويجوز بيعها وإبدالها. وعند مالك في الأضحية يجوز إبدالها، وفى الهدْي لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يأكل من أضحية المتطوع بها ولا يجب. وعند بعض الناس يجب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان ما يذبحه واجبًا عليه، فإن كان متعلقًا بالإحرام لم يجز له الأكل منه. وعند مالك يجوز أن يأكل من الجميع إلا ما كان إتلافًا، كدم الحلق، وتقليم الأظفار، وجزاء الصيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يأكل من دم المتمتع والقِرَان دون غيرهما. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما كمذهب أَبِي حَنِيفَةَ، والأخرى كمذهب مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي هريرة لا يجوز بيع شيء من الهدْي في الأضحية من الجلد أو اللحم نذرًا كان ذلك أو تطوعًا. وعند عَطَاء لا بأس ببيع أهب الأضاحي. وعند الْأَوْزَاعِيّ والنَّخَعِيّ يجوز بيع جلودها بآلة البيت التي تعار كالقدر والفأس والمنجل

والميزاب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيع ما شاء منها إلا أنه يتصدق بثمنه، فإن باعه بآلة البيت جاز له الانتفاع بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ يجوز أن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة في الهدي والأضحية، سواء كانوا متطوعين أو مفترضين، أو بعضهم متطوعًا وبعضهم مفترضًا، وسواء كانوا أهل بيت أو أهل بيوت، وكذا لو كان بعضهم يريد اللحم وبعضهم يريد القربة فالكل جائز. وعند مالك لا يجوز اشتراكهم في الهدْي الواجب، ويجوز في التطوع، وكذا قال: لا يجوز اشتراكهم في الأضحية الواجبة، ويجوز في المتطوع بها إن كانوا أهل بيت واحد، وإن كانوا أهل بيوت شتى لم يجز. وعند أبي حَنِيفَةَ إن كانوا كلهم متقرّبين جاز، وإن كان بعضهم متقربًا وبعضهم يريد اللحم لم يجز. وعند إِسْحَاق بن راهويه تجزئ البدنة عن عشرة، والبقرة عن عشرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا اشترك ناس في بقرة ظنوا أنهم سبعة فبان أنهم ثمانية لم يجزهم، وعليهم الإعادة. وعند أَحْمَد يذبحون شاة وتجزئ عنهم. وعند إِسْحَاق يجزئهم، وإن ذبحوا شاة فهو الأفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس لولي اليتيم أن يضحى عنه من ماله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضحى عنه من ماله. وعند مالك له أن يضحي إذا كان يملك ثلاثين دينارًا شاة تكون بنصف دينار ونحوه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا أتلف الأضحية التي أوجبها على نفسه، أو فرط في تأخيرها حتى تلفت لزمه أغلظ الأمرين من قيمتها ومثلها يوم التضحية. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يلزمه قيمتها يوم التلف خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز شرب ما فضل من اللبن عن كفاية ولد الأضحية والهدْي، وكذا إذا مات ولدها جاز له أن يشرب من لبنها. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يجوز له ذلك، ويرش على ضرعها الماء حتى ينقطع اللبن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ولدت الأضحية ذبح ولدها معها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يذبح ويدفع إلى الفقراء وهو حي، فإن ذبحه أخرجه، وقيمة ما نقص بالذبح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أوجب أضحية فحدث بها عيب، لو كان في الابتداء منع حن إجزائها أجزأه ذبحها، ولم يمنع ذلك من ذبحها، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قلع عين الهدْي تصدق بالأرش. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يباع ويشترى بالجميع هدْيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عيًن عما في ذمته أضحية فحدث عيب لم يجزه. وعند أبي حَنِيفَةَ إن حدث في حال الذبح أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ضلت أضحيته فوجدها قبل أيام التشريق ذبحها وكانت أداء، وإن وجدها بعد أيام التشريق ذبحها وكانت قضاء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يذبحها ويسلمها إلى الفقراء حية، فإن ذبحها وفرَّق لحمها كان عليه أرش ما نقص بالذبح، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب، وهو الأظهر من مذهب يَحْيَى منهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ذبح أضحية غيره الواجبة بغير إذنه أجزأت عن صاحبها، وكذا في الهدْي الواجب يجزئه ويلزمه ضمان ما بين كونها أضحية في ملكه ومذبوحة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه الضمان، وبه قال أحمد أيضًا. وعند مالك لا تجزئ عن صاحبها وتكون شاة لحم، ويلزمه بدلها، ويرجع على الذابح بقيمتها. وعنده في الهدْي تجزئه. وعند داود تجزئ في الواجب، وفي النفل رِوَايَتَانِ. * * *

باب العقيقة

باب العقيقة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ العقيقة سنة مؤكدة وليست بواجبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أنها ليست بسنة. وعند الحسن البصري وداود والْإِمَامِيَّة هي واجب، وحكى ابن المنذر عن الحسن وقتادة أنهما كانا لا يريان أن تعق الجارية، وروى ذلك عن بريرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد السنة أن يعق عن الغلام بشاتين، وعن الجارية بشاة. وعند مالك وابن عمر عن الغلام شاة، وعن الجارية شاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يلطخ رأس المولود بالزعفران، ويكره تلطيخه بدم العقيقة. وعند الحسن تطلى رأسه بدم العقيقة. وعند قتادة يؤخذ صوفة من صوفها ويستقيل بها أوداجها. ثم يوضع على نافوخ المولود حتى يسيل على رأسه مثل الخيط، ثم تغسل رأسه بعد ذلك ثم تحلق. مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ أنه لا يجزى سوى الغنم. وعند أنس بن مالك وأبي بكر أنه يعق بالجزور وهي من الإبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يعق يوم سابع المولود، فإن قدَّم أو أخَّر جاز متى شاء وتحسب الأيام من يوم ولد. وعند مالك لا يحسب اليوم الذي ولد فيه إلا أن يولد قبل الفجر. وعند عَطَاء وَمَالِك وإِسْحَاق بن راهويه إن أخر عن الثاني أخر عن الثالث. وعن مالك رِوَايَة أخرى إذا فاته يوم السابع لم يعق بعد ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حكم العقيقة حكم الأضحية في الأكل منها والتصدق والإهداء. وعند ابن جريج تطبخ بماء وملح وتهدى إلى الجيران، ولا يتصدق منها بشيء، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن المرأة إذا جزَّت شعرها لا كفارة عليها، وكذلك إذا خدشت وجهها حتى تدميه لا شيء عليها. وعند الْإِمَامِيَّة عليها في جزِّ الشعر كفارة قتل الخطأ، عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينًا، أو صيام شهرين متتابعين وفى خدش الوجه عليها كفارة يمين. * * *

باب النذر

باب النذر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النذر قربة ولا يكره. وعند ابن الْمُبَارَك وجماعة من الصحابة والتابعين يكره ذلك، ومعنى الكراهة في الطاعة والمعصية، وإن نذر الرجل بالطاعة فوفّى به فله فيه أجر، ويكره له النذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال على كذا ولم يقل لِلَّهِ صح نذره في أصح القولين، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. والقول الثاني لا يصح حتى يقول لِلَّهِ على كذا، وبه قال أبو ثور والْإِمَامِيَّة وجماعة من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح النذر المطلق، وبه قال أَحْمَد ومالك، وفيه وجه في مذهب الشَّافِعِيّ أنه لا يصح حتى يعلقه على شيء، وبه قالت الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه كلمة النذر لا تفتقر إلى النية، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر والباقر والصادق من الزَّيْدِيَّة وكذا المتكلمون أنه يفتقر إلى النية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك ومَسْرُوق إذا نذر ذبح ولده، أو نفسه، أو والده، أو عبده لم يصح نذره ولم يلزمه شيء. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أبي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وعَطَاء وَمَالِك وابن عَبَّاسٍ إذا نذر ذبح عبده، أو مكاتبه، أو والده لم يلزمه شيء، وإن نذر ذبح ولده، أو نفسه لزمه شاة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما

يلزمه ذبح كبش، وبها قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وهو قول إِسْحَاق، وروى عنهما أنهما قالا ذلك فيمن نذر ذبح نفسه، والثانية تلزمه كفارة يمين، وبها قال سعيد بن المسيب وسعيد ابن جبير وأبي عبيد. وعند ابن عَبَّاسٍ في رِوَايَة ينحر مائة من الإبل. وعند مالك في رِوَايَة ينحر جزورًا. وعند سائر الزَّيْدِيَّة ينعقد، ويجب عليه ذبح شاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم يوم الفطر أو يوم النحر أو أيام التشريق لم يصح نذره، ولم يلزمه شيء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينعقد نذره ويلزمه أن يصوم في غير هذه الأيام، فإن صام فيها أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْإِمَامِيَّة وكافة الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر معصية، أو نذرت المرأة صوم أيام حيضها لم ينعقد هذا النذر في الصورتين، ولا يلزم الناذر شيء. وعند أَحْمَد وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وجابر يلزم القادر كفارة يمين، وهو قول الربيع من أصحاب الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من أخلف النذر حتى مات فلا كفارة عليه. وعند الْإِمَامِيَّة عليه كفارة، وهي عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا، وهو مخيَّر في ذلك، فإن تعذر عليه الجميع كان عليه كفارة يمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وبعض الصحابة والتابعين إذا كان المنذور لأجله معصية لم ينعقد، ولا يلزمه كفارة يمين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر يلزمه كفارة يمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر فعل شيء من المباحات كالأكل والشرب والنوم وما أشبهه لم يلزمه بذلك شيء، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد ينعقد نذره، ويكون بالخيار بين الوفاء بما نذر وبين كفارة يمين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند يَحْيَى منهم إذا نوى به الْيَمِين لزمته الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعائشة وحفصة وأم سلمة َوَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا نذر قربة في لجاج أو غضب، فإن قال: إن كلمت فلانًا فلله عليَّ صلاة، أو صدقة مالي، أو مالي في سبيل الله، أو صدقة فهو بالخيار بين كفارة يمين وبين الوفاء بما نذر. وعند عَطَاء يلزمه كفارة يمين، وله إسقاطها بأن يفي بما نذر إن كان أكثر من الكفارة، وإن كان أقل لم يكن له ذلك، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا. وعند أبي

حَنِيفَةَ يلزمه الوفاء بما نذر بكل حال، وهو قول للشافعي أيضًا. وعند الزُّهْرِيّ ومالك يتصدق بثلث ماله. وعند النَّخَعِيّ وعثمان البتي يتصدق بجميع ماله، وعند رَبِيعَة وابن عمر يتصدق من ماله بقدر الزكاة، وروى ذلك أيضًا عن ابن عباس. وعند جابر بن زيد إن كان ماله كثيرًا لزمه أن يتصدق بعشره، وإن كان وسطًا تصدق بسبعه، وإن كان قليلاً تصدق بخمسه، والكثير ألفان، والوسط ألف، والقليل خمسمائة. وعند الشعبي والحارث العكلي والحكم وحماد لا يلزمه شيء. وعند قتادة فيمن قال أنا أهدي جاريتي يهدي بدنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة إذا نذر أن يتصدق بماله لزمه أن يتصدق بجميعه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يتصدق بماله الزكاتي دون ما لا زكاة فيه. وعند مالك، وكلذا عند أَحْمَد في أحد الروايتين يلزمه أن يتصدق بثلث ماله من الزكوي وبغير الزكوي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب وأبو عبد الله الداعي والقاسم. وعند أَحْمَد في رِوَايَة يرجع في ذلك إلى ما نواه من مال دون مال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: للَّهِ عليَّ نذر لم يصح حتى يبيِّن المنذور به، ولا يلزمه كفارة يمين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة يلزمه كفارة يمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال للَّهِ علي أن أصوم كذا وكذا، أو أتصدق بكذا وكذا لزمه ذلك، وبه قال مالك وأهل العراق. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: لله عليَّ أن أهدي وأطلق فقَوْلَانِ: أصحهما لا يجزئه إلا ما يجزئ في الهدْي من النعم، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثاني يجزئه ما أهداه مما يتمول من زبيبه أو تمره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صلاة مطلقة فأقل ما يجزئ ركعتين في أحد القولين، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، ورِوَايَة عن أحمد. والثاني يلزمه ركعة، وهو الرِوَايَة الأخرى عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر أن يصلي في المسجد الحرام لزمه أن يصلي فيه، فإن صلى في غيره لم يجزه عن النذر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ

والزَّيْدِيَّة يجوز أن يصلي في غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر المشي إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو إلى المسجد الأقصى لم ينعقد نذره في أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وينعقد في القول الآخر، وبه قال أَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ ومالك. وعند الْإِمَامِيَّة إذا نذر المشي إلى مشهد من مشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو علي - رضي الله عنه - أو أحد الأئمة أو صيام فيه، أو صلاة فيه، أو ذبيحة لزمه الوفاء به. وعند اللَّيْث بن سعد أنه متى حلف الرجل أن يمشي إلى بيت الله عز وجل ونوى ذلك مسجدًا من المساجد أنه يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر أن يصلي في مسجد المدينة والمسجد الأقصى، وقلنا على أحد القولين: إنه ينعقد النذر بالمشي إليهما فإنه لا يجوز أن يصلي في غيرهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يتعين عليه الصلاة فيهما، وله أن يصلي في غيرهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم يوم الخميس بعينه، فصام يومًا قبله لم يجزه. وعند أَبِي يُوسُفَ يجزئه، وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم سنة بعينها لم يلزمه قضاء يوم الفطر والأضحى وأيام التشريق. وعند أَبِي ثَورٍ يلزمه التتابع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم شهر مطلقًا استحب له صومه متتابعًا بعينه فلم يصمه لغير عذر لزمه القضاء ولا كفارة عليه. وعند أَحْمَد يلزمه القضاء وكفارة الْيَمِين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فهل يصح نذره؟ قَوْلَانِ: أحدهما أنه باطل، والثاني أنه صحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم نهارًا وهو مفطر لزمه قضاؤه على القول الذي يقول ينعقد نذره، وبه قال أَحْمَد في إحدى الروايتين، إلا أنه أوجب الكفارة عليه، وفي الرِوَايَة الأخرى لا يلزمه شيء أصلاً، وبه قال أبو يوسف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان صائمًا واجبًا أو متطوعًا يتم صومه وقضى يومًا مكانه، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في إحدى الروايتين عنه، إلا أنه أوجب عليه الكفارة، وفى الرِوَايَة الأخرى لا تجب الكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ لا قضاء عليه. وعند أُبي إذا وافق قدومه يومًا من رمضان فلا قضاء عليه، واختاره الخرقي من الحنابلة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدم ليلاً لم يلزمه شيء، والأولى أن يصوم صبيحة تلك الليلة. وعند ابن القاسم المالكي يلزمه صوم صبيحة تلك الليلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نذر صيام رجب فصام عنه جمادى لم يجزه. وعند أَبِي يُوسُفَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جُنَّ في جميع رجب لم يلزمه القضاء. وعند أبي يوسف يجب القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم يوم بعينه، فأفطر لعذر لزمه قضاؤه. وعند مالك إذا أفطر لمرض لم يلزمه قضاؤه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم عشرة أيام جاز صومها متتابعًا ومتفرقًا. وعند داود يلزمه التتابع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم سنة أو شهرًا، ثم حضرته الوفاة في يومه لم يلزمه الكفارة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يلزمه لكل يوم نصف صاع من بُرٍّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: لِلَّهِ عليَّ أن أصوم غدًا، وكان الغد أول يوم من رمضان فصام بنية رمضان لم يجزه عن نذره، علم حين النذر أنه من رمضان أو لم يعلم. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يجزئه عنه وعن نذره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر المشي إلى بيت الله الحرام لزمه أن يمشي إليه بحج أو عمرة، ويحرم من دون أهله في وجه، ويحرم من الميقات في الوجه الثاني، وهو قول أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر نذرًا ولم يسم شيئًا ولم ينوه لم يلزمه شيء. وعند ابن عبَّاس ومجاهد عليه أغلظ الكفارة عتق رقبة، أو صوم شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا. وعند ابن عَبَّاسٍ أيضًا أنه يلزمه في النذر عتق رقبة، أو كسوة عشرة مساكين، أو إطعام ستين مسكينًا، فإن لم يجد فصيام شهرين. وعند النَّخَعِيّ والشعبي وعَطَاء والحسن والقاسم بن مُحَمَّد وسعيد بن جبير وعكرمة وطاوس وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ ومُحَمَّد بن الحسن وابن مسعود وجابر عليه كفارة يمين. وعند بعض الناس إن شاء صام يومًا وإن شاء أطعم مسكينًا، وإن شاء صلى ركعتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر المشي إلى بيت الله الحرام لزمه قصده بحج أو عمرة،

وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة ومنهم النَّاصِر أيضًا. وعنده أيضًا أنه يجزئه كفارة يمين ولا يلزمه المشي إلى البيت، وبه قال منهم أَحْمَد بن عيسى ومُحَمَّد بن منصور المرادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو نذر المشي إلى الصفا والمروة أو إلى بقعة من بقاع الحرم لزمه قصد الحج أو عمرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا نذر المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام فحكمه حكم من نذر المشي إلى بيت الله الحرام. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يلزمه شيء، إلا إذا نذر المشي إلى بيت الله أو إلى مكة أو إلى الكعبة استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نذر أن يذهب إلى البيت، أو يخرج إليه لزمه الإتيان بنسك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يلزمه شيء. * * *

باب الأطعمة

باب الأطعمة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ حمر الوحش حلال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي، وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ابن حمر الوحش حلال، وابن حمر الأهلي لا يحل. وعند سائر الزَّيْدِيَّة ابن حمر الوحش والأهلي حرام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل لحم الخيل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وابن عَبَّاسٍ يكره أكلها، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: كراهة يتعلق بها الإثم، ولا يقول إنها حرام. وعند مالك أيضًا والحكم بن عتيبة لا يؤكل، وخرج الحكم أنها حرام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء يحرم أكل لحوم الحمر الأهلية. وعند ابن عبَّاس وَمَالِك وعكرمة وأبي وائل والْإِمَامِيَّة هو حلال. وعند مالك أيضًا يحرم ولا يكره، ومن أصحابه من قال: هي حرام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبي هريرة وعلي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل أكل الضبع. وعند سعيد بن المسيب والثَّوْرِيّ واللَّيْث ومالك يكره أكله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم كله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل كل الثعلب. وعند عَطَاء وَمَالِك في إحدى الروايتين يكره أكله. وعند الحسن والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأبي هريرة والْإِمَامِيَّة وَأَحْمَد في إحدى الروايتين لا يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد يحل أكل اليربوع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل، وهو رِوَايَة أخرى عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل ابن عرس والوبر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يحرم أكلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وعمر بن الخطاب وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل أكل الضبُّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْإِمَامِيَّة ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في إحدى روايتيه لا

يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة وكافة العلماء يحل أكل الأرنب. وعند عمرو بن العاص والْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في إحدى روايتيه لا يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين ما يتقوى نيابه من السباع كالأسد والفهد والنمر وغير ذلك لا يحل أكله، وكذا ما يتقوى بمخلب كالعقاب والنسر والبازي والشاهين والباشق فإنه يحرم أكله. وعند مالك وداود يكره ذلك ولا يحرم، وكذا قال في الكلب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة يحل أكل الجراد، سواء مات بسبب أو بغير سبب. وعند سعيد بن المسيب واللَّيْث يكره أكلها. وعند مالك لا يحل إلا إذا مات بسبب، وهي إحدى الروايتين عن أحمد، وحكى عن مالك أيضًا أنه يعتبر قطف رأسها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء والزَّيْدِيَّة لا يحل أكل السنور. وعند اللَّيْث يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة وكافة العلماء يحرم أكل الفيل. وعند الشعبي يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دود الجبن وذباب الباقلاء حلالان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند النَّاصِر ويَحْيَى منهم أنهما حرامان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في أحد قوليه يحرم أكل حشرات الأرض كالفأرة والحية والعقرب والخنفساء والعناكب والوزغ والعظاء واللحكاء، وهي دويبة كالسمكة يسكن الرمل، وغير ذلك من الحشرات. وعند مالك يكره ذلك ولا يحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحل أكل الغربان. وعند قتادة وأبي هشام يحل، وبه قال أصحاب الحديث إلا الأبقع. وعند النَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يحل الغراب الصغير. وذكر مُحَمَّد بن الحسن الراع أيضًا، وهو غراب الزرع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ووافقه حماد والحكم في الزاد. وعند مالك لا بأس بأكلها، وكذلك يقول في جميع الطير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره أكل الجلَّالة، سواء كانت من الإبل والبقر والغنم أو الدجاج، وهي التي أكثر أكلها العذرة. وعند أَحْمَد لا يجوز أكل لحمها وشرب لبنها وبيضها، وبه قال القفال من الشَّافِعِيَّة. وكذا قال أَحْمَد في الزرع الذي

يطرح في النجاسة. وعند عمر وابن عمر أنه يكره الركوب عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حبست الجلَّالة وأطعمت الطاهرات حتى زالت رائحة بدنها زالت الكراهة، وليس لذلك حد وعند بعض العلماء تحبس البقرة أربعين يومًا، والشاة سبعة أيام، والدجاجة ثلاثة وقيل سبعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سقى الزرع والثمار بالماء النجس لم يحرم أكل ثمرها، وعند أَحْمَد يحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يحل أكل جميع ما يعيش في البحر ولا يعيش في البر إلا الضفادع في أحد الوجوه، وزاد الشيخ أبو حامد السرطان، وزاد القاضي أبو الطيب النسناس، وهو قول مالك وَأَحْمَد، واستثنى أَحْمَد الضفادع والتمساح، ولا يحل في الوجه الثاني منه شيء إلا السمك وما كان من جنسه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، ويحل في الوجه الثالث ما يؤكل شبهه في البر، ولا يحل ما لا يؤكل شبهة في البر. وعند أحمد فى إحدى الروايتين لا يحل ما عدا السمك إلا بزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد السمك حلال، سواء مات بسبب أو بغير سبب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن مات بسبب حل، وإن مات بغير سبب لم يحل. وإن مات بسبب حر الماء أو برده فقد اختلفت الرِوَايَة عنه فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمضطر أن يشبع من الميتة في أحد القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة عنهما، ولا يزيد على سد الرمق في القول الآخر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، وكذا مالك وَأَحْمَد في الرِوَايَة الثانية عنهما، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن مع المضطر مال، ووجد مالاً لإنسان لزم صاحب الطعام أن يبذله بثمن ماله في ذمته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد، وعند أحمد يلزمه أن يبذله بغير عوض، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير أكل طعام الغير وترك الميتة في أحد الوجهين، وبه قال عبد الله بن دينار. والوجه الثاني يأكل الميتة، وبه قال سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد المحرم ميتة وصيدًا أكل الميتة في أحد القولين، وبه قال الحسن وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن ويأكل الصيد في القول الثاني، وبه قال

الشعبي وأبو يوسف والْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وجد المضطر آدميًا ميتًا جاز له أكله. وعند مالك َوَأَحْمَد وابن داود لا يجوز. واعترض ابن داود على الشَّافِعِيّ وقال: أباح الشَّافِعِيّ أكل لحوم الأنبياء، فعارضه أصحاب الشَّافِعِيّ وقالوا: أباح ابن داود الأنبياء ولم يجعل لهم حرمة لأنهم إذا اضطروا منعوا عن ذلك ماتوا جوعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز شرب الخمر للعطش ولا للجوع ولا للتداوي، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ والثَّوْرِيّ يجوز شربه لذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر في التداوي. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يجوز شربه للعطش خاصة، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة أيضًا يجوز شرب اليسير منه للتداوي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز شرب أبوال الإبل، ولا بول ما يؤكل لحمه لا للتداوي ولا لغيره. وعند مُحَمَّد وَمَالِك والثَّوْرِيّ وزفر والْإِمَامِيَّة يحل شرب هذه الأبوال للتداوي وغيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز أن يأكل من ثمرة غيره بغير إذنه من غير ضرورة. وعند الحسن والزُّهْرِيّ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إذا مر ببستان غير محفوظ وفيه ثمرة رطبة جاز له أن يأكل منه من غير ضرورة، والرِوَايَة الأخرى لا يأكل إلا لضرورة، ولا ضمان عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من العلماء لا يجوز أن يشرب من لبن ماشية غيره إلا بإذنه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وبعض العلماء إن كان صاحبها فيها استأذنه وحلب وشرب، وإن لم يكن فيها أحد صوَّت ثلاثًا فإن أجابه أحد استأذنه، وإن لم يجبه فليحتلب ويشرب ولا يحمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز استعمال شعر الخنزير في خرز ولا غيره، ومتى أصاب شيئًا رطبًا نجَّسه. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يجوز استعماله في الخرر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقعت نجاسة في دهن جامد ألقيت وما حولها، وإن كان مائعًا نجس جميعه، ولا يجوز بيعه ولا أكله، ويجوز الاستصباح به. وعند جماعة من أصحاب الحديث لا يجوز الاستصباح به. وعند داود إن كان سمنًا فذلك حكمه، وإن

كان غيره لم ينجس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيعه، وهو أظهر قولي الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن اليهود أو النصارى أو غيرهم من الكفار إذا تولوا إصلاح الطعام لا يحرم أكله. وعند الْإِمَامِيَّة يحرم أكله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الضيافة للمسلمين بعضهم على بعض مستحبة، وليست بواجبة. وعند أَحْمَد هي واجبة إذا اجتارتهم المسافرون. ومدة الواجب ليلة، والمستحب ثلاث، ومتى امتنع المقيم من ذلك كان دينًا في ذمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كسب الحجام ليس بحرام. وعند بعض أصحاب الحديث هو حرام على الحر، حلال للعبد. مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ وصرح به ابن عمر وعبد الملك بن مروان َوَأَحْمَد وإِسْحَاق أنه يكره خصي الدواب، وروى عن عمر أنه نهى عن ذلك. والْأَوْزَاعِيّ قال: كانوا يكرهون خصي كل شيء له نسل، وروى عن أنس وابن عباس أنهما قالا في قوله تعالى: (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) هو الخصي. وروى ابن عَبَّاسٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن خصي البهائم". وعند الحسن وطاوس وَمَالِك يرخص في ذلك في ذكور الغنم، وخصي ابن الزبير بغلاً له، وأمر عمر بن عبد العزيز بخصي الخيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة يحل شرب ألبان الأتن، ورخص في ذلك عَطَاء وطاوس والزُّهْرِيّ. وعند إِسْحَاق يجوز التداوي به للضرورة ويغسل فمه للصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحل شرب شيء من الأبوال، وعند النَّخَعِيّ وعَطَاء وقتادة وَمَالِك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة ما أكل لحمه فلا بأس ببوله، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ الشحوم المحرمة على اليهود إذا تولوا ذكاتها لم يحرم أكلها. وعند بعض الحنابلة هي محرمة، وهي إحدى الروايتين عن مالك وَأَحْمَد، والرِّوَايَة الأخرى عنهما يكره ذلك ولا يحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الشرب قائمًا. وعند الحسن وأنس يكره ذلك. * * *

باب الصيد والذبائح

باب الصيد والذبائح مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين ما لا يعتبر فيه الذكاة كالسمك والجراد، وما يحل من دواب البحر فيحل أكل ما مات بحرِّ الماء أو برده، أو مات حتف أنفه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة يفتقر ما عدا السمك مما يؤكل لحمه إلى الذكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن مات بسبب، إما بضرب، أو بحبس الماء حل أكله، وإن مات ببرد الماء أو بحرِّه فهل يحل؟ رِوَايَتَانِ. وإن مات حتف أنفه لم يحل، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وهذه المسألة هي المشهورة بأكل السمك الطافي. وعند الْإِمَامِيَّة إن طفى على ظهره فهو ميتة لا يؤكل، وإن طفى على وجهه فهو مذكًّا فيؤكل، وطردوا هذا التفصيل فيما إذا وجدت سمكة على ساحل البحر أو شاطئ نهر ولم يعلم هل هي ميتة أو ذكية، قالوا: فتلقى على الماء فإن طفت على ظهرها فهي ميتة فلا تؤكل، وإن طفت على وجهها فهي مذكاة فتؤكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أكل ما اصطاده المجوسي من السمك والجراد. وقد روى عن الحسن البصري أنه قال: رأيت رجالاً من الصحابة كلهم يأكلون صيد المجوسي من الحيتان والجراد، لا يتلجلج في صدورهم شيء من ذلك، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند إِسْحَاق يؤكل صيد المجوسي في البحر ولا يؤكل في البر. وعند عَطَاء يكره ذلك.

وعند مالك ما صاده المجوسي من الجراد والحيتان فمات في يده فإنه لا يؤكل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند اللَّيْث وكذا مالك أيضًا يحل السمك دون الجراد. واختلفت الرِوَايَة عن مجاهد وعَطَاء وكذا النَّخَعِيّ أيضًا فأباحوه في إحدى الروايتين، ولم يبيحوه فى الرِوَايَة الأخرى، وروى ذلك عن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تحل ذبائح أهل الكتاب. وعند الْإِمَامِيَّة لا تحل ذبائحهم ولا التصرف فيها. وكذا عندهم لا يحل ما يصيدونه بكلب أو غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وَأَحْمَد في رِوَايَة وعلى لا تحل ذبائح النصارى العرب، وهم تنوخ وبهرا وتغلب وبنو وائل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تحل، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان أبوه كتابي وأمه مجوسية أو وثنية فقَوْلَانِ: أحدهما لا تحل، وبه قال أحمد. والثاني تحل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند مالك الاعتبار بكون الذابح مسلمًا أو ذميًا، وإن كان أبواه أو أحدهما على غير ملته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الذكاة بالسن والظفر، سواء كانا متصلين أو منفصلين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجوز الذكاة بهما، فإن خالف وذكَّى بهما، فإن كانا متصلين لم تحصل الذكاة بهما، وإن كانا منفصلين حصلت بهما، وحكى ابن القصَّار عن مالك كقول الشَّافِعِيّ، وحكى عن بعض أصحابه أنه مباح بالعظم مكروه بالسن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السُّنة في الإبل النحر، وفي البقر والغنم الذبح، فإن ذبح الابل ونحر البقر جاز. وعند مالك لا يجوز في الإبل خاصة. وعند داود لا يجوز مطلقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السُّنة أن تنحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى. وعند عَطَاء ينحرها باركة لئلا يترشش الدم على الناحر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في إحدى الروايتين يجزئ في الذكاة قطع الحلقوم والمريء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئ أقل من ثلاثة، أو الودجين مع الحلقوم، أو مع المريء، أو الحلقوم والمريء وأحد الودجين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة زيد بن على. ومن أصحابه من قال: مذهبه أن قطع الأكثر من كل واحد من الحلقوم والمريء والودجين شرط في الإجزاء، وهو الظاهر من مذهبه، وبه قال محمد، ومن الزَّيْدِيَّة

الداعي. وعند الآخرين منهم إذا بقي سير من كل عرق حلَّ أكلها. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه الشاشي وصاحب البيان أنه يشترط قطع الأربعة، وهي الودجين والحلقوم والمريء، وهي رِوَايَة أخرى عن أحمد، وبهذا قال جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر. ونقل عنه صاحب المعتمد أنه يشترط قطع الحلقوم والودجين، ولا يشترط قطع المريء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره المبادرة إلى تقطيع الذبيحة وسلخها قبل خروج روحها وسكونها، فإن خالف في ذلك حلَّ أكلها. وعند عَطَاء وعمرو بن دينار لا تحل القطعة التي تقتطع منها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رأسها قبل ما ذكرناه كره ذلك ولا تحرم. وعند سعيد ابن المسيب تحرم الذبيحة بذلك. مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا ذبح الحيوان من قفاه نظر، فإن كان قبل قطع الحلقوم والمريء وبعد قطع الرقبة فيه حياة مستقرة حلَّ أكله، وإن لم يبق فيه حياة مستقرة لم تحل. وعند أَحْمَد وَمَالِك لا تحل بكل حال. وعند علي إن كان ذلك سهوًا حل، وإن كان عمدًا لم تحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره ذبيحة السارق. وعند عكرمة وإِسْحَاق وطاوس تكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شق السبع بطن شاة وأبان حشوتها، ولم يبق فيها حياة مستقرة إلا حركة المذبوح فذكيت لم تحل. وعند الشعبي والحسن وقتادة والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك واللَّيْث إذا مصعت بذنبها، أو طرفت بعين، أو ركضت برجل فذكيت لم تحل. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا كان فيها الروح فذكيت حلَّت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أكل الطحال والقضيب والخصيتين والرحم والمثانة والكليتين. وعند الْإِمَامِيَّة يحرم ذلك إلا الكليتين فإنه يكره أكلها، واختلفت الزَّيْدِيَّة، فقال النَّاصِر ويَحْيَى: يكره أكل الطحال، وقال القاسم: لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء استقبال القبلة بالذبيحة مستحب غير واجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الْإِمَامِيَّة يجب ذلك عند إمكانه، وعند ابن عَبَّاسٍ يكره ذلك. وعند أبي طالب من الزَّيْدِيَّة إذا اعتقد غير هذه القبلة أنها قبلة فاستقبل إليها بنفسه أو بالذبيحة لا تؤكل لكفره، وكذا لو ترك الاستقبال استخفافًا، حرم لكفره.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز الاصطياد بسباع البهائم التي يمكن أن تعلم الاصطياد كالكلب والفهد والنمر، وسباع الطير كالصقر والبازي والباشق والعقاب وغير ذلك. وعند ابن عمر ومجاهد والْإِمَامِيَّة لا يجوز الاصطياد إلا بالكلب وحده. ونقل الترمذي عن مجاهد موافقة الشَّافِعِيّ. قاله مُحَمَّد بن عبد الله الرَّيمي عفا الله عنه. وعند الحسن وقتادة وإِسْحَاق لا يجوز الاصطياد بالكلب الأسود البهيم. وعند بعضهم يكره صيد البازي - قاله مُحَمَّد بن عبد اللَّه الرَّيمي عفا الله عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أشلى الشخص كلبه فاستشلى وحبس الصيد ولم يأكل، وفعل ذلك مرة بعد مرة صار معلّمًا، وليس لتكرر ذلك عدد محصور، وإنَّما الاعتبار بعرف الناس وعادتهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا تكرر منه مرتين صار معلَّمًا. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا تكرر ذلك منه ثلاثًا صار معلَّمًا. وعند بعض الناس إذا دعا الكلب صاحبه فأجابه وأغراه واتبع الصيد وأمسك فهو معلم بأول فعلة يفعلها، وبه قال الحسن البصري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعَطَاء وَمَالِك يستحب التسمية على الإرسال على الصيد وعلى الذبيحة، ولا يجب ذلك. وعند الشعبي وأَبِي ثَورٍ وداود هي شرط في الإباحة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه هي شرط في الإباحة مع الذكر دون النسيان. وعند أَحْمَد ثلاث روايات في الصيد: إحداها كقول الشعبي، والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ، والثالثة تجب عند إرسال الجارحة ولا تجب عند إرسال السهم. وعنده فى الذبيحة لا يشترط مع النسيان، ومع الذكر رِوَايَتَانِ. وعند أصحاب مالك إذا تركها عامدًا غير متأول حرم أكلها، واختلفوا فمنهم من قال: هي سنة، ومنهم من قال: هي شرط مع الذكر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا أرسل المسلم جارحة علمها مجوسي حل أكل ما صادته. وعند الحسن البصري وعَطَاء ومجاهد والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وجابر لا يحل. وكره الحسن كلب اليهودي والنصراني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل مسلم كلبًا مجوسي على صيده فقتله حلَّ، وإن أرسل مجوسي كلب مسلم لم يحل. وعند ابن جرير الطبري أن الاعتبار بمالك الكلب دون مرسله.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ردَّ كلب المجوسي الصيد على كلب المسلم حلَّ أكله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استرسل الكلب المعلَّم بنفسه، ثم أغراه صاحبه فزاد في عدوه واحتد وقتله لم يحل صيده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يحل. وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استرسل الكلب بنفسه واصطاد وقتل الصيد لم يحل. وعند الأصم يحل. وعند عَطَاء والْأَوْزَاعِيّ يحل إذا كان صاحبه أخرجه للصيد. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل مسلم الجارحة، ثم أغراها مجوسي فازداد عدوها، وأخذت الصيد وقتلته فهل يحل؟ وجهان: أحدهما يحل، وبه قال الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة وَأَحْمَد. والثاني لا يحل، وبه قال القاضي أبو الطيب من الشَّافِعِيَّة وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل كلبه فشاركه كلب آخر فقتلا الصيد لم يحل، وعند الثَّوْرِيّ يكره أكله. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن شاركه كلب معلَّم حلَّ، وإن شاركه كلب غير معلم لم يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذ أكل الكلب المعلَّم من الصيد لم يحرم في أحد القولين، وهو قول عَطَاء وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وسلمان الفارسي، ويحرم ذلك في القول الثاني، وهو قول الحسن وسعيد بن جبير والشعبي وأَبِي ثَورٍ والنَّخَعِيّ وقتادة وعكرمة وعَطَاء في رِوَايَة، وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وأَبِي يُوسُفَ وزفر ومُحَمَّد وأَبِي حَنِيفَةَ. وعند الْإِمَامِيَّة إذا كان بادرًا أو شاذًّا، وكان الأغلب أنه لا يأكل حل الأكل في ذلك الصيد، وإن كثر أكله منه وتكرر فإنه لا يحل الأكل منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل الجارحة الصيد بثقله أو شدة صدمته من غير جرح حلَّ فى أحد القولين، وهي رِوَايَة الحسن بن زياد عن أَبِي حَنِيفَةَ. ولا يحل في الثاني، وبه قال أحمد، وهي رِوَايَة أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد عن أَبِي حَنِيفَةَ، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يحرم ما أكلت منه الجارحة لم يحرم ما تقدم من صيوده

قولاً واحدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن جارحة الطير والكلب والفهد وغيرها سواء إذا أكلت من الصيد. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ والحكم وحماد بن أبي سليمان وأبي جعفر مُحَمَّد بن على والثَّوْرِيّ وابن عَبَّاسٍ وأَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي لا يحرم ما أكلت منه جارحة الطير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حسى الجارحة من دم الصيد ولم يأكل منه لم يحرم قولاً واحدًا. وحكى ابن المنذر عن النَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ أنهما كرها ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصيد والذبيحة إذا أصابهما ووقعا في الماء لم يحلا. وعند ابن الْمُبَارَك وبعض العلماء يحل ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا رمى طائرًا وجرحه، ثم وقع على الأرض ووجده ميتًا حل أكله، سواء مات في الهواء، أو بعد ما وقع على الأرض، أو لم يعلم كيف مات. وعند مالك إن مات في الهواء قبل أن يسقط على الأرض حل، وإن مات بعد ما سقط على الأرض لم يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عثر الصيد ولم يقتله فأدركه وفيه حياة مستقرة، غير أنه مات قبل أن يتسع الزمان لذكاته فإنه يحل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا ضرب صيدًا فقطعه اثنين ومات حل أكل جميعه، سواء كان القطعتان متساويتين أو أحدهما أكثر من الأخرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانتا متساويتين، أو التي مع الرأس أقل حلتا، وإن كانت التي تلي الرأس أكثر حلت دون الأخرى. وعند مالك إذا مات عضوًا منه لم يحل العضو، وحلَّ الباقي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل كلبه أو رمى سهمه فعقر الصيد ولم يوجد وغاب عنه، ثم وجده فطريقان: يحل قولاً واحدًا، وقَوْلَانِ: أحدهما هذا، والثاني لا يحل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن تشاغل بطلبه عقيب العقر حل أكله، وإن أخر طلبه لم يحل، وعند مالك إن وجده في يومه حل، وإن وجده بعد يومه لم يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أرسل كلبه على صيد بعينه فأصاب غيره وقتله، فإن كان في طريقه وسننه وسمته حل أكله، وكذا إن كان في غير طريقه على أحد الوجهين. وعند مالك لا يحل أكله.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعَطَاء وطاوس والشعبي وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا توحَّش أهلي كالبعير أو البقر إذا بدا وتردَّى ببئر، أو شردت الشاة ولم يقدر على ذكاته في الحلق واللبة كان حكم ذلك حكم الوحشي في سقوط اعتبار محل الذكاة، وتكون ذكاته حيث أصاب منه كالوحشي. وعند سعيد بن المسيب ورَبِيعَة وَمَالِك لا يجوز ذكاته في الحلق واللبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وكافة الصحابة والتابعين وَأَحْمَد فى إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ذكّى ما يؤكل لحمه فوجد في جوفه جنينًا ميتًا حل أكله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل. وعند مالك إن كان تام الخلقة ذُكِّي بذكاة أمه، وإن كان خلقه لم يتم وشعره لم ينبت لم يحل أكله. وعند الْإِمَامِيَّة إن كان كاملاً، وعلامة كماله أن ينبت شعره إن كان من ذوات الشعر، أو بظهور وبره إن كان من ذوات الوبر فإنه يحل أكله وذكاة أمه ذكاة له، وإن لم يبلغ هذا الحد وجبت تذكيته ذكاة منفردة إذا خرج حيًا، وإن لم يخرج حيًا فلا يؤكل، ولا خلاف أنه إذا خرج حيًا وتطاولت حياته أنه يحتاج إلى الذكاة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أخذ الكلب صيدًا ثم انفلت منه قبل أن يدركه صاحب الكلب لم يملكه بذلك، وإن كان بعد ما أدركه فوجهان: أحدهما لا يملكه، والثاني يملكه، سواء كان الصيد طائرًا أو غيره، وسواء لحق بالبراري أو لم يلحق، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وكافة الزَّيْدِيَّة. وعند مالك إن كان النظير في البلد وحوله فهو على ملك من كان بيده، وإن لحق بالبراري وعاد إلى أصل التوحش زال ملكه عنه وكان لمن اصطاده، واستحسنه بعض الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء والزَّيْدِيَّة يحل أكل ما صيد بالمعراض إذا موَّق بحده وقتل، ولا يحل إذا قتل بعرضه ولا ما صيد بالحجر والبندق، وعند عمر وابن عمر لا يحل صيد المعراض. وعند سعيد بن المسيب وابن أبي ليلى يحل ما صيد بالبندق والحجر إذا قتل. مسألة: مذهب الشَّافِعِيّ يقتضي أنه إذا رمى الصيد بسهم مسموم وكان يعلم أنه لا يستضر بأكل لحمه لم يحل، وبه صرح صاحب المعتمد من أصحابه. وعند الثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا علم أن سمه أعان على قتله لم يحل. وعند بعض الناس إن أدركه

وفيه حياة مستقرة فذكَّاه حلَّ، وإن لم يكن فيه حياة مستقرة لم يحل. وعند مالك إن أدركه وفيه حياة فذكَّاه فلا يعجبه أكله ولا ينهى عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يحل أكل صيد أهل الكتاب. وعند مالك لا يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رمى إلى ما يظن أنه حجر فبان أنه صيد فقتله حلَّ أكله. وعند مالك وَأَحْمَد لا يحل أكله. وعند مُحَمَّد بن الحسن إن ظن أنه حيوان حلَّ أكله، إلا أن يظن أنه إنسان فلا يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج صيد الحرم إلى الحل حلَّ اصطياده. وعند مالك لا يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحل صيد الأحبولة إذا مات. وعند الحسن البصري لا بأس به إذا جرحته وكان قد سمى حين نصبها. مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ أنه إذا رمى الصيد في الحل وهو في الحل فأصابه ودخل الحرم ومات أنه يحل ولا شيء عليه. وكرهه أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ حكم الجراد حكم السمك إذا مات. وعند مالك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إذا مات من غير سبب لم يحل أكله. وحكى عن مالك أيضًا أنه لا يحل إلا بذكاته، وذكاته قطف رأسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تصح ذكاة المجنون والسكران. وعند مالك لا تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل جماعة كلابهم وقتلوا الصيد ولم يعلم أيهم قتله حلَّ أكله، فإن اختلفوا، فإن كان الكلاب كلها متعلقة به فهو بينهم بالسواء، وإن كان أحدهم متعلقًا به فهو لصاحب الكلب، وإن لم يكن واحد منهم متعلقًا به وقف الصيد حتى يصطلحوا، فإن خيف عليه الفساد بيع ووقف ثمنه. وعند أَبِي ثَورٍ يقرع بينهم فمن خرجت قرعته فهو له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكله السبع إذا كانت الحياة التي بقيت معها كحركة المذبوح لم يبح بالذكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يباح. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا كان الجرح الذي بها موجبًا لا تعيش لم تحل بالذكاة، وإن لم يكن

موجبًا حلَّ بالذكاة. ولا يعتبر طول الزمان وقصره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا أتت الذكاة على الصيد في المحطوط القاتل فحمل نفسه حتى وقع في ماء أو تردَّى من جبل فإنه يباح، وكذا الصيد إذا كان جرحه موجبًا. وعن أَحْمَد رِوَايَة أنه لا يباح، واختارها الخرقي من أصحابه. * * * قال مؤلفه متع به: انتهى تأليف ربع العبادات في أول يوم من شهر جمادى الآخرة سنة تسع وستين وسبعمائة. * * *

كتاب البيوع

كتاب البيوع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لا يصح بيع الصبي، سواء كان بإذن الولي أو بغير إذنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح بيع الصبي المميز بإذن الوَلي. فإن باع بغير إذن وليِّه كان عند أَبِي حَنِيفَةَ موقوفًا على إجازة الوَلي. وعند أَحْمَد يبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لا ينعقد البيع إلا بالإيجاب والقبول، ويكونان بالقول إما بلفظ البيع، أو بلفظ التمليك، أو بلفظ الصرف، أو بلفظ السلم، وكذلك سائر العقودات، وكذلك الهبة والهدايا، فإنها لا تنعقد إلا بالقول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ التعاطي بيع، وهو قول للشافعي، واختاره جماعة من أصحاب الشَّافِعِيّ للفتيا، وهو المختار، وبه قالت الزَّيْدِيَّة وخصوه بالمحقرات بقدر دانق وما دونه. وعند مالك كل ما يعده

الناس بيعًا فهو بيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة ينعقد البيع بلفظ الاستدعاء، وهو أن يقول: بعني، فيقول البائع: بعتك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَأَحْمَد لا ينعقد البيع بلفظ الاستدعاء، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وأبي برزة والشعبي وسعيد بن المسيب والحسن وطاوس وعَطَاء والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي ثور خيار المجلس ثابت في البيع ما لم يتفرقا أو يخيِّر أحدهما صاحبه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند النَّخَعِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة لا يثبت خيار المجلس في البيع، ويلزم البيع بمجرد الإيجاب والقبول، وإنما يثبت الخيار بالشرط.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأبي عبيد وبعض الصحابة والتابعين التفرق الذي يلزم به البيع هو التفرق بالأبدان دون الكلام. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ هو الكلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شرط الخيار إلى الليل لم يدخل فيه الليل، وإن شرط الخيار إلى النهار لم يدخل فيه النهار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يدخل الليل والنهار في الشرط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز شرط الخيار أكثر من ثلاثة أيام. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وداود يجوز أن يشترطا ما شاءا من غير تحديد. وعند الْإِمَامِيَّة: يثبت الخيار في بيع الحيوان خاصة، وإن لم يشترط ثلاثة أيام. وعند مالك يجوز أن يشرطا على حسب الحاجة، فإن كان مما يدرك معرفته في يوم شرط يومًا، ولم يجز أن يشرطا زيادة على ذلك. وإن كان لا يمكن معرفته إلا بما زاد على الثلاث جاز أن يشرطا قدرًا يمكن معرفته به، فيتقدَّر عنده بالحاجة. وإن كان المبيع ثوبًا جاز أن يشترطا ساعة، ولا يجوز أكثر. وإن كان المبيع قرية أو ضيعة جاز أن يشترطا ما تدعو الحاجة إليه من شهر وأكثر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ابتاع نفسان بشرط الخيار كان لأحدهما أن يفسخ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح حتى يفسخا جميعًا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر وأَبِي حَنِيفَةَ: إذا شرطا الخيار أكثر من ثلاثة أيام فسد العقد، ولا يلحقه الضرر بإسقاط ما زاد على الثلاث. وعند الْإِمَامِيَّة وابن أبي ليلى يجوز أكثر من ثلاثة أيام بعد أن يكون مدة محدودة. وعند الحسن يرجى إذا قال البائع للمشتري: اذهب فأنت فيه بالخيار فهو بالخيار أبدًا حتى يقول: قد رضيت واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ، فقال البغداديون: العقد فاسد، فإن أسقطا الزائد على الثلاث قبل الشروع فيه لحق العقد الصحة، وإن أسقطاه بعد الشروع فيه لم يسقط ولم يلحق العقد الصحة. وقال الخراسانيون: يقع العقد موقوفًا، فإن أسقطا الزائد قبل الشروع تبينَّا أن العقد وقع صحيحًا، وإن أسقطاه بعد الشروع تبينَّا أنه وقع فاسدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. إذا تبايعا بشرط الخيار إلى الأبد فالبيع والشرط باطلان. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أخرى هما صحيحان. وعند مالك يكون الخيار إلى مدة يختبر المبيع إلى مثلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا شرطا خيارًا مجهولاً بطل الشرط والبيع. وعند ابن أبي ليلى الشرط باطل والبيع صحيح. وعند ابن شُبْرُمَةَ يصح البيع والشرط جميعًا، وهو ظاهر قول أحمد. وعند مالك إن لم يققر الخيار جاز وجعل لهما من الخيار قدر ما يختبر به المبيع في العادة. وعند الحسن بن صالح إذا لم يعيق أجل الخيار كان له الخيار أبدًا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء من ابتاع شيئًا وشرط الخيار ولم يسم وقتًا ولا أجلاً مخصوصًا بل أطلقه إطلاقًا فإنه لا يصح الشرط ويبطل البيع. وعند الْإِمَامِيَّة له الخيار ما بينه وبين ثلاثة أيام ثم لا خيار له بعد ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ البيع فاسد، فإن أجازه في مدة الثلاثة الأيام صَحَّ، وإن لم يجزه حتى مضت لم يصح. وعند أبي يوسف ومُحَمَّد له أن يخير بعد الثلاثة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يكره نقد الثمن في مدة الخيارين. وعند مالك يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تبايعا على أنه إن لم ينقده الثمن في مدة خيار الثلاث فلا بيع بينهما، فإن هذا الشرط فاسد يفسد العقد ولا يثبت به خيار الثلاث، وكذا إذا قال البائع: بعتك على إن زدت الثمن بعد خيار الثلاث فلا بيع بيننا، فإن هذا الشرط فاسد يفسد العقد ولا يثبت به خيار الثلاث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح هذا الشرط والبيع، ويكون في المسألة الأولى الخيار للمشتري وحده. وفي المسألة الثانية الخيار للبائع وحده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شرطا في البيع شرطا فاسدًا فسد البيع. وعند أحمد رِوَايَة أخرى أنه يبطل الشرط خاصّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن اتفقا على إسقاطه عقيب البيع سقط الشرط وصح العقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وزفر وَأَحْمَد يجوز لمن له الخيار أن يفسخ من غير حضور صاحبه، وكذا إذا كان الخيار لهما فيجوز لكل واحد منهما أن يفسخ من غير حضور صاحبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يجوز له أن يفسخ بغير حضور صاحبه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا انقضت مدة الخيار ولم يفسخا العقد بمجرد مضي المدة فلا يحتاج في لزومه إلى إجازتهما. وعند مالك لا يلزم العقد بمضي مدة الخيار حتى يخيرا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ خيار الثلاث لا يسقط بالموت، بل ينتقل إلى الورثة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وداود وَأَحْمَد يسقط بالموت، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الزيادة المنفصلة حدوثها في أيام الخيار لا تبطله. وعند أبي حَنِيفَةَ تبطله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فسخ المشتري العقد في أيام الخيار فتلف الثمن في يد البايع لا يبطل الفسخ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تسليم البيع في مدة الخيار لا يبطل الخيار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبطله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تفاسخا في مدة الخيار ثم فات المبيع قبل الاسترداد لم يعد البيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعود البيع ويبطل الفسخ. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الملك متى ينتقل إلى المشتري في خيار المجلس، وفى خيار الثلاث إذا شرطاه على ثلاثة أقوال: أحدها: ينتقل بنفس العقد، وهو قول أحمد. والثاني: ينتقل بالعقد والتصرف في خيار المجلس. والثالث: بالعقد وانقضاء مدة الخيار، وإن لم يفسخا تبينا بأن الملك ينتقل بنفس العقد، فإن فسخا قبل التصرف أو قبل انقضاء مدة الخيار تبينا أن الملك لم ينتقل عن ملك البائع.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الخيار للمشتري وحده ففيه الأقوال الثلاثة المذكورة أولًا، إذا كان الخيار لهما أو للبائع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يزول ملك البائع ولا يدخل في ملك المشتري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق البائع البيع في مدة خياره نفذ. وعند أَحْمَد لا ينفذ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق المشتري البيع والخيار للبائع لم ينفذ. وعند أحمد ينفذ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع عبدًا بجارية بشرط الخيار فأعتقهما جميعًا في حالة واحدة نفذ العتق في العبد دون الجارية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتقان جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وطئ البائع الجارية المبيعة في مدة الخيار كان فسخًا للبيع ولا حد عليه. وعند أَحْمَد إن كان ذلك قبل الفسخ وهو عالم بالتحريم فعليه الحد. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا شرط خيار الثلاث لأجنبي، فإن شرط أنه وكيله صح، وإن لم يشرط أنه وكيل له ففيه وجهان: أحدهما يصح، وهو ظاهر قول الشَّافِعِيّ. والثاني لا يصح وهو قول مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا شرط لأجنبي صح الخيار وكان الأجنبي وكيلاً له. وعند عبد الوهاب بن نصر أن الصحيح من مذهب مالك أنه لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أتلف البيع في مدة الخيار، أو كان عبدًا فأعتقه المشتري لم يبطل الخيار. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين يبطل، واختارها من أصحابه الخرقي وأبو بكر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قتلت الأمة المشتري في مدة الخيار لم يبطل خياره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبطل. * * *

باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز

باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بيع الكلب، سواء كان معلمًا أو غير معلم ولا يجب على متلفه قيمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند النَّاصِر وزيد بن علي والمؤيد والقاسم منهم يجوز بيع الكلب المعلم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَة أخرى أنه لا يجوز بيع الكلب العقور. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ وجابر بن عبد الله يجوز بيع كلب الصيد دون غيره. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان أنه لا يحل بيعه وأخذ ثمنه ويجب على متلفه القيمة. ونقل عنه صاحب المعتمد أنه يكره بيع الكلاب كلها، ونقل عنه صاحب المعتمد أيضًا أنه أوجب على من قتل كلب الصيد أو الماشية قيمته. وعند بعض أصحاب مالك لا يجوز بيعه. وعند بعض أصحاب مالك أيضًا أن المأذون له في إمساكه يجوز بيعه له وإن كره. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يصح بيع المصادر على الصحيح من الوجهين. وصورته: أن يصادر على مال بعينه ولا يمكنه إلا ببيع ماله فباعه، والثاني يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند جماعة منهم النَّاصِر الأصح أن يقال: إنه ينعقد وله الخيار بعد ذلك إذا تخلَّص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للإنسان أن يبتاع متاعًا أو غيره نقدم أو

نسيئةً على أن يسلف البائع شيئًا أو يقرضه مالاً إلى أجل أو يستقرض منه. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع الخمر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمسلم أن يوكل ذميًا بيعها وشرائها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز بيع السرجين وجلد الميتة قبل الدباغ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز بيع الفقاع وابتياعه. وعند الْإِمَامِيَّة يحرم. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع الزيت النجس في أصح الوجهين، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ويجوز في الآخر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعامة أهل العلم أنه لا يجوز بيع أم الولد. وعند داود وأَبِي ثَورٍ والْإِمَامِيَّة والشيعة وعبد الله بن الزبير وعلي وكذا ابن عَبَّاسٍ في إحدى الروايتين أنه يجوز بيعها، وهو قول قديم للشافعي. وعن ابن عَبَّاسٍ رِوَايَة أيضا أنها تجعل في سهم ولدها لتعتق عليه. وصح رجوع علي رضي الله عنه عن جواز بيعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان السفل للمالك والعلو لآخر فاستهدم العلو وأراد مالكه بيعه صح ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعائشة وعمر بن عبد العزيز يجوز بيع المدبَّر، سواءٌ كان التدبير مطلقًا أو مقيدًا. والمطلق أن تقول: إذا مت فأنت حر، والمقيد أن تقول إن مت من مرضي هذا أو سفري هذا، ونحو ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز بيع المدبَّر إذا كان مطلقًا، ويجوز إذا كان مقيدًا. وعند مالك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ لا يجوز بيعه مطلقًا كان أو مقيدًا. وعند أَحْمَد يجوز بيعه في إحدى الروايتين في الدين خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع رقبة المكاتب في قوله الجديد، وهو قول مالك

وأَبِي حَنِيفَةَ، ويجوز في قوله القديم، وهو قول عَطَاء والنَّخَعِيّ وَأَحْمَد. وعند الزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وأَبِي يُوسُفَ يجوز بإذن المكاتب ولا يجوز بغير إذنه. وحكى ابن المنذر عن مالك أنه قال: المكاتب أحق باشتراء كتابته ممن اشتراه إذا نوى أنه يؤدي إلى سيده الثمن الذي بيع به. وعند الْأَوْزَاعِيّ يكره بيع المكاتب للخدمة، ولا بأس ببيعه للعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز بيع السنّور. وعند أبي هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد أنه يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز بيع لبن الآدميات. وعند الأنماطي من الشَّافِعِيَّة لا يجوز بيعه، وإن جاز شربه للصغار، ولا يجوز لغير الصغار شربه لنجاسته عنده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو طاهر، غير أنه لا يجوز بيعه، وهو قول مالك، وكذا أحمد فى رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لبن ما لا يؤكل لحمه نجس إلا لبن الآدميات. وعند ابن جرير كل لبن طاهر إلا لبن الكلب والخنزير. وعند مالك كل لبن طاهر إلا لبن الخنزير، وعنه رِوَايَة أن لبن الخنزير طاهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز بيع دور مكة وهبتها ورهنها وإجارتها، وهي مملوكة إلا ما كان موقوفًا منها. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ في أصح الروايتين، وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لا يجوز بيعها وإجارتها، وهي غير مملوكة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد يصح بيع دود القزّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز، وعنه رِوَايَة أخرى أنه يجوز بيعه مع القز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ابتاع سلعة بفلوس فكسدت الفلوس

لم يبطل البيع، وعليه قيمة الفلوس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبطل البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باعه ثوبًا على أنه عشرة أذرع فبان أنه اثنا عشر ولم يقل كل ذراع بكذا فقَوْلَانِ: أصحهما يصح البيع، ويكون البائع بالخيار بين أن يسلم جميع الثوب ويجبر المشتري على قبوله، وبين أن يفسخ البيع. والثاني يبطل البيع. وعند أبي حَنِيفَةَ البيع صحيح، ويثبت الخيار للمشتري. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إن قال كل ذراع بكذا وجب عليه قسط الزائد من الثمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا اشترى شيئًا بثمن مُعين ولم يقبضه ولا قبض ثمنه وفارقه أن البيع صحيح. وعند الْإِمَامِيَّة إذا فارقه قبل قبضه أو قبض ثمنه فالمبتاع أحق به ما بينه وبين ثلاثة أيام، وإن مضت ثلاثة أيام ولم يحضر المبتاع الثمن كان البائع بالخيار إن شاء فسخ البيع وباعه من غيره، وإن شاء طالبه بالثمن على التعجيل والوفاء، وليس للمبتاع على البائع في ذلك خيار. فلو هلك المبيع في مدة الأيام الثلاثة كان من مال المبتاع دون البائع، فإن هلك بعد الثلاثة الأيام كان من مال البائع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجوز بيع الموقوف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيعه ما لم يتصل به حكم حاكم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المملوك إذا كان مشركًا جاز بيعه من مسلم ومشرك، صغيرًا كان أو كبيرًا. وعند أَحْمَد لا يجوز بيع المملوك الصغير من المشرك. * * *

باب ما نهي عنه من بيع الغرر وغيره

باب ما نُهِيَ عنه من بيع الغرر وغيره مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يصح بيع ما لم يملكه بغير إذن مالكه ولا ولاية عليه، ولا يصح أن يشتري لغيره شيئًا بغير وكالة ولا ولاية، ولا يقف على إجازة المالك ولا إجازة من اشتُرِي له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح في الصورتين، ويقف على إجازة المالك إن نفَّذه نفذ وإن ردّه بطل. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ البيع الموقوف على الإجازة صحيح. وأما الشراء فلا يوقف عند أَبِي حَنِيفَةَ. وعند مالك يوقف البيع والشراء على إجازة المالك والمشتري له. وللشافعي قول قديم موافق لذلك في البيع والشراء. وعند الأكثرين لا يوقف الشراء على الإجازة، ويكون للمشتري دون المشتري له. وعن أحمد رِوَايَتَانِ في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ ومُحَمَّد بن الحسن وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بيع المبيع قبل القبض بحال. وعند مالك يجوز بيع ما عدا الطعام قبل القبض. وادعى الترمذي أن أَكْثَر الْعُلَمَاءِ على ذلك. وعند عثمان بن عفان وَأَحْمَد وإِسْحَاق وسعيد بن المسيب إن كان المبيع مكيلاً أو معدودًا أو موزونًا لا يجوز بيعه قبل القبض، وما عدا ذلك يجوز بيعه قبل القبض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إن كان المبيع مما ينقل ويحول فلا يجوز بيعه قبل القبض، وإن كان المبيع مما لا ينقل ويحوّل كالعقار فإنه يجوز بيعه قبل القبض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ابتاع طَعَامًا مكايلة لم يجز بيعه قبل كَيْله، وهكذا فى المزارعة وسواها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في المكيل والموزون كذلك، وعند أَحْمَد في المزروع يجوز، وفي المعدود رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الصداق أو عوض الخلع عينًا فلا يجوز بيعه قبل قبضه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يجوز. وعند أَحْمَد إن كان يتعيّن حقها فيه كالعُروض جاز لها بيعه قبل القبض، وإن كان مما لا يتعيّن لم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق يجوز أن يبيع بالذهب ويأخذ عوضه الورق،

ويجوز أن يبيع بالورق ويأخذ عوضه الذهب، ولا يكره ذلك. وعند بعض العلماء من الصحابة والتابعين يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة القبض مما ينقل بالنقل، وفي العقار والشجر بالتخلية. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد قبض جميع الأشياء بالتخلية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز توكيل البائع بقبض المبيع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره منهم المؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحيى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة لا يجوز بيع العبد الآبق والجمل الشارد والفرس الغائر. وعند ابن عمر يجوز بيع الآبق. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز شراء العبد الآبق مع غيره، ولا يشتري وحده إلا إذا كان بحيث يقدر عليه المشتري. وعند ابن سِيرِينَ إن عرف موضعه جاز بيعه، وإن لم يعرف موضعه لم يجز بيعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع العبد الآبق، ثم رجع لم يجز تسليمه في هذا العقد ويستأنف فيه العقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح تسليمه في هذا العقد لأن البيع عنده ثلاثة أضرب: بيع صحيح، وبيع فاسد لا تلحقه الصحة، وهو بيع الطير في الهواء والسمك فى الماء، لأنه غير مقدور على تسليمه، وبيع فاسد تلحقه الصحة، وهو البيع بشرط أكثر من ثلاثة أيام، وهذا البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يصح بيع عبد من عبدين أو ثلاثة أو أكثر. وعند أبي حَنِيفَةَ يصح ذلك في عبد من اثنين أو ثلاثة فقط، ولا يصح من أربعة فما زاد. وعند مالك إذا باعه عبدًا من عبيد، أو ثوبًا من ثياب، أو شاة من شياه، فكانت كلها متقاربة الصفة غير متفاوتة وشرط الخيار للمشتري صح البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بيع العين الغائبة إذا جهل جنسها ونوعها، بأن يقول: بعتك ما في هذا الجراب، أو بعتك ما في بيتي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ فى إحدى الروايتين يصح بيع العين الحاضرة المشار إليها، وإن كانت غير مشاهدة، ولا تفتقر إلى ذكر الجنس، وإن كانت غائبة صحّ بيعها إذا ذكر الجنس. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ فيما إذا ذكر بيع العين الغائبة الجنس والنوع بأن قال: بعتك عبدي التركي أو الرومي، ولم ير ذلك المشتري أو البائع فأحد القولين: أن البيع

صحيح، وبه قال الحسن والشعبي والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وعبيد الله بن الحسن العنبري وإِسْحَاق. والقول الثاني: أن البيع باطل، وهو الصحيح، وبه قال الحكم وحماد. وعند مالك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح البيع إذا وصفه بصفات السلم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا ذكر الجنس ولم يذكر النوع صح البيع، وثبت للمشتري الخيار إذا رآه، فإن لم يذكر الجنس. فاختلف أصحابه فيه، فمنهم من قال: لا يصح. مسألة: عند بعض الشَّافِعِيَّة وَأَحْمَد يحتاج إلى ذكر جميع الصفات التي يختلف لأجلها الثمن. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يجزئه أكثرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صححنا بيع العين الغائبة مع وصفها أو دون وصفها ووجدها دون ما وصف ثبت له الخيار. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا خيار له، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم ير البائع العين المبيعة وباعها ثم رآها ففي ثبوت الخيار للبائع وجهان: أحدهما لا يثبت، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني يثبت له الخيار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تقدمت رؤية البائع والمشتري على العقد فإنه يصح العقد، وإن لم يره حال العقد. وعند الحكم وحماد لا يصح، وبه قال الأنماطي من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم ير المشتري داخل البيت أو الحانوت لم يصح الشراء. وعند زفر وابن أبي ليلى له الخيار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تكون هذه الرؤية لظاهر البيت كرؤية المثل. وعند المؤيد من الزَّيْدِيَّة تكون رؤية ظاهر السفينة كرؤية باطنها ورؤية البيت لا تكون كرؤية ظاهره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح بيع الأعمى ولا شراؤه، إلا ما قد شاهده ثم عمي بعد ذلك، وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز ذلك وأثبت له أبو حَنِيفَةَ الخيار إلى معرفة المبيع إما أن يحسُّ أو يذوقه أو يشمه أو بأن يُوصف له.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له بركة يحبس فيها الماء ويجتمع فيها السمك، فإن كان الماء صافيًا يشاهد فيه السمك ويمكن أخذه من غير مؤنة فإنه يجوز بيعه في الماء، وإن كان الماء كدرًا لا يمكن مشاهدته فيه ويحتاج في أخذه إلى مؤنة وتكلف فإنه لا يجوز بيعه في الماء. وعند عمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى يجوز بيعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع الباقلاء في قشرته، وكذا لا يجوز بيع الجوز واللوز وعليهما قشرتاهما العليا حتى تزول عنهما. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز بيع ذلك كله مع القشرة العليا، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك الماء مملوك ويجوز بيعه في العيون والأنهار والبرك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره المؤيد منهم، ونقله أيضًا المؤيد عن مذهب القاسم ويَحْيَى. وعند بعض الشَّافِعِيَّة هو غير مملوك فلا يجوز بيعه. وعند الداعي وأبي طالب من الزَّيْدِيَّة عن يَحْيَى أنه لا يجوز بيعه إلا بعد الإحرار والاستقاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة لا يجوز بيع تراب الصاغة وتراب المعادن بما يخالفهما بالوزن إن كان ذهبًا يدًا بيد ويعرض إلى أجل، ولا يجوز بيع تراب الصاغة بكل حال، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة المسك طاهر يجوز بيعه. وعند بعض الناس هو نجس لا يجوز بيعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بيع ما بَطَن من الثمار، وكذا الجزر والكراث حتى يُقلع ويُشاهد. وعند مالك يجوز، وبه قالت الزَّيْدِيَّة، وأثبتوا له الخيار إذا قُلع ورآه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في بيع الحنطة مع سنبُلها قَوْلَانِ: القديم يجوز، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والجديد، وهو الصحيح لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع صبرة من طعام مشاهدة بثمن معلوم صحّ البيع، سواء علم البائع قدرها أم لم يعلم. وعند مالك وَأَحْمَد إذا علم البائع قدرها لم يصح البيع حتى يبين للمشتري قدرها، وإن لم يعلم قدرها جاز البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال: بعتك هذه الصبرة كل قفيز منها بدرهم، أو هذا القطيع كل رأس منه بدرهم، أو هذه

الدار كل ذراع منها بدرهم فإنه يصح البيع في المسائل الثلاث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح البيع في القطيع والدار، ويصح من الصبرة في قفيز واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: بعتك عشرة أقفزة من هذه الصبرة، وهما يعلمان أنها أكثر من ذلك فإن البيع يصح، وعند داود لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا هلكت الصبرة إلا قدر المبيع لم يجب على البائع تسليم الباقي منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال: بعتك عشرة أذرع من هذه الدار، وهي مائة ذراع صح البيع في عشرها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا باع صبرة طعام مجازفة، وانفرد البائع بمعرفة مبلغها صح ذلك ولزم. وعند مالك وَأَحْمَد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا استثنى معلومًا من مجهول فى البيع، مثل أن يقول: بعتك ثمرة هذا البستان إلا قفيزًا منها، أو هذه الصبرة إلا قفيزًا منها، وهما لا يعلمان قِفزانها، أو هذه الدار أو هذا الثوب إلا ذراعًا منه وهما لا يعلمان عدد الذراعات لم يصح البيع. وعند مالك وسالم بن عبد الله ومُحَمَّد بن سِيرِينَ يصح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: بعتك ثمرة هذا البستان إلا ربعها صَحَّ. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: بعتك ثمرة هذا الحائط إلا ثمرة عشر نخلات منها ولم يعينها لم يصح. وعند مالك إن كانت بقدر ثلث الثمرة فما دونه جاز، وكان له عشر نخلات وسط. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال: بعتك هذا السمن مع الطرف كل رطل بدرهم، وهما لا يعلمان وزن كل واحد منهما فوجهان: المشهور لا يصح البيع، والثاني يصح، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يجوز بيع النخْل إذا كان محبوسًا في كندوجة غير ممتنع وهو مشاهد، وفي كندوجة من غير حبس وجهان: وكذلك يجوز بيع دود القز من غير قز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. وعنه رِوَايَة أخرى أنه يجوز بيع دود القز مع القز، والنحل مع الكندوج. وعند أَحْمَد يجوز بيعها منفردًا عن كواراتها إذا شاهدها في الكوارات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع عشرة أقفزة من صبرة وكالها وسلمها إلى المشتري، ثم ادّعى المشتري بعد ذلك أنها تسعة أقفزة، قَوْلَانِ: أحدهما القول قول المشتري، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني القول قول البائع، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع حيوانًا بشرط أنه لبون صح البيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا باع بقرة واستثنى لبنها الموجود في الضرع تلك

الحالة لم يجز، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يصح. قالوا: وهو الأصح من مذهب النَّاصِر أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع اللبن في الضرع مفردًا. وعند سعيد بن جبير يصح. وعند الحسن وَمَالِك ومُحَمَّد بن مسلمة يصح أن يشتري لبن هذه الشاة شهرًا إذا كان لها يومئذٍ لبن، إلا أن مالكًا يقول: إذا عرف حلابها، هذا شرطه عنده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع حيوانًا بشرط أنه حامل فقَوْلَانِ: وإن باع حيوانًا بشرط أنه يحلب في كل يوم كذا فرجهان. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يبطل البيع. وعند يَحْيَى منهم يصح البيع، والأصح من مذهب النَّاصِر أيضًا أنه إن وجد اللبن كما شرط ثبت البيع وإن لم يجده على ما شرط فله الرد، ويرد قيمة اللبن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع رجلاً من رجلين عبدًا بألف قبل أحدهما نصفه لخمسمائة صح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بيع الصوف على ظهر الحيوان. وعند سعيد بن جبير وَمَالِك واللَّيْث ورَبِيعَة وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تبايعا بيع التلجئة، وهو أن يُظهر العقد، ولم يكن تبايعا وفعلا ذلك لغرض إما لخوف ولغير ذلك، فإن تبايعا بعد ذلك فإنّ ذلك الاتفاق لا يمنع صحة البيع، وكذا إذا اتفقا على أن يتبايعا بألف ويُظهّر ألفين فتبايعا بألفين، فإن البيع يلزم بألفين. وروى ذلك أبو يوسف عن أَبِي حَنِيفَةَ، وأورد مُحَمَّد عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يصح البيع إلا أن يتفقا على ألف فيتبايعا بمائة دينار فيصح البيع استحسانًا، ويكون الثمن مائة دينار، واختاره أبو يوسف ومحمد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أظهرا ثمنًا وأبطنا خلافه فالاعتبار بما أظهراه، وكذا الحكم في الصداق. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد العقد يقع بما أبطناه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في البيع كقول الشَّافِعِيّ، وفي النكاح كقول مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تعاملا بنقد ثم حرم السلطان المعاملة به قبل قبضه وجب تسليم ذلك النقد المتعامل به. وعند أَحْمَد يلزم تسليم قيمته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ: إحداهما أنه يجعل بمنزلة تلف المبيع فيبطل العقد المتعامل فيه. والثانية لا يبطل، بل يطالب بالنقد الذي استحدثه السلطان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى أرضًا أو ثوبًا بملء كفه دراهم أو دنانير وهما لا يعلمان عَددها صح البيع، وكذا يجوز عند الشَّافِعِيّ بيع الدراهم والدنانير جزافًا. وعند مالك لا يصح في المسألتين، وجوَّز ذلك في البقرة والتبر والحلي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: بعتك هذه الغنم كل شاة بدينار وهما لا يعلمان عددها وقت البيع صح العقد. وعند داود لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع حزتين وثلث من الرطبة. وعند مالك يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع الفصيل شرط تركه إلى أن يدرك. وعند سفيان الثَّوْرِيّ يأخذ رأس ماله ويعطي الباقي المساكين إذا اشترى فصيلاً فصار شعيرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع العاج، وهو أنياب الفيلة. وعند ابن سِيرِينَ وعروة وابن جريج وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيع ذلك. وعند الحسن لا بأس بالانتفاع بأنياب الفيلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بيع العربون غير جائز، وهو أن يدفع درهمًا أو دينارًا إلى البائع على أنه إذا أخذ السلعة يكون ذلك من الثمن، وإن رد السلعة ولم يدفع الثمن كان ذلك للبائع. وعند ابن سِيرِينَ وَأَحْمَد وابن عمر يصح هذا البيع، ولا بأس به.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال: بعتك بألف مثقال ذهب وفضّة لم يصحّ البيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، ويكون الثمن نصفه ذهب ونصفه فضّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان في يد الشخص مال حرام وحلال كرهت مبايعته والأخذ منه. وقال مالك: إذا علم أن أكثر ماله حرام لم يجز مبايعته، ولا الأخذ منه، وإن كان الأكثر حلالاً جاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يكره بيع المصحف من المسلم. وعند أحمد رِوَايَتَانِ: إحداهما يكره، والثانية يبطل، وبها قال أصحابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع العنب لمن يعصره خمرًا أو السيف لمن يقطع به الطريق، فإن كان يتيقن أنه يفعل ذلك فالعقد صحيح والبيع محرم، وإن كان يشك في ذلك فالعقد مكروه. وعند الحسن والثَّوْرِيّ لا بأس بهذا البيع. وعند مالك وَأَحْمَد لا يصح البيع، وكذا قال أَحْمَد فيمن اشترى جارية يتخذها للغناء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع العبد المسلم أو المصحف من الكافر، وكذا لا يجوز أن تباع منه كتب السنن والفقه، وبجور بيع كتب أَبِي حَنِيفَةَ نفسه منهم دون كتب أصحابه، فإن خالف وباع منهم ما ذكرناه ففي الصحة قَوْلَانِ: أحدهما لا يصح، وبه قال أَحْمَد وَمَالِك في إحدى الروايتين، وبهذا قال أيضًا من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى. والثاني لا يصح ولا يقر عليه ويجبر على إزالة ملكه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ

وَمَالِك في الرِوَايَة الأخرى، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب ويَحْيَى. فلو دخل الكافر بهذا العبد المسلم دار الحرب فعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق عليه، وعند أبي طالب من الزَّيْدِيَّة لا يعتق بل يبقى على ملكه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز أن يبيع شاة ويستثنى منها كجلدها ورأسها وكوارعها. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز ذلك. وعند أَحْمَد يجوز ذلك، وتوقف في استثناء الشحم. وعند مالك يجوز ذلك في السفر دون الحضر. وعن مالك أيضًا جواز استثناء جلدها مطلقًا، وعنه يجوز استثناء النصف، أو الثلث، أو الربع. وعنه جواز استثناء الجلد أو الرأس في السفر دون الحضر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا باع حيوانًا واستثنى حملها لم يصح البيع. وعند الزَّيْدِيَّة يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز التفرقة بين الأم وولدها المملوك في البيع والهبة فيما دون سبع سنين قولاً واحدًا، وفي السبع إلى الخمس عشرة في أحد القولين، وإذا فعل لم يصح البيع، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والقول الثاني يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد هل يختص ذلك بما قبل البلوغ أو به وبما بعده رِوَايَتَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يختص بما قبل البلوغ. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما يختص بما قبل البلوغ والثانية ما لم يثغر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا ابتاع جارية وولدها، ثم ظهر على عيب بأحدهما ردهما أو أمسكهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له رد المعيب خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا تعلق بأحدهما حق مال كالجناية والدَّين ونحوهما لا يفرَّق بينهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يفرق بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز التفرقة بين الأخوين ويكره ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز لكنه إذا فعل ذلك صح البيع اتفاقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تختص التفرقة بالوالدين وإن عليا، والولد وإن سفل. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ تعم التفرقة كل ذِي رحم محرم. وعند مالك تختص بالأم مع

ولدها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال: هذا عبدي وصدَّقه العبد على ذلك وباعه، ثم بان أنه حر كانت العهدة على البائع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان البائع حاضرًا أو غائبًا غيبة ترجى عودته كانت العهدة عليه، وإن كانت لا ترجى عودته كانت العهدة على العبد المبيع. والله أعلم. * * *

باب ما يفسد البيع من الشروط وما لا يفسده

باب ما يفسد البيع من الشروط وما لا يفسده مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا باع عبدًا بشرط أن يعتقه المشتري صح الشرط والبيع. وفيه قول للشافعي أن الشرط والبيع صحيح، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وسائر الزَّيْدِيَّة. وطردوا ذلك فيما إذا اشتراها على أن يتخذها أم ولد وأن لا يطأها، وفيه قول آخر للشافعي أيضًا: أن الشرط والبيع باطلان، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا قبضه المشتري ملكه ملكًا ضعيفًا، فإذا أعتقه نفذ عتقه ويلزمه الثمن. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تلزمه القيمة، وهي رِوَايَة شاذة عن أَبِي حَنِيفَةَ. والمشهور عن أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أن البيع فاسد، إلا أن الرِوَايَة المشهورة عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه مضمون بالثمن المسمّى في العقد. وعند الزَّيْدِيَّة أيضًا لكل شرط يدخل في البيع وفيه منفعة البائع بأن يبيعه بشرط أن يتركه البائع مدة، أو ينفع المشتري، وهو أن يشتريه بشرط أن يحمله البائع إلى منزل المشتري، أو ينفع المبيع بأن يبيعه عبدًا بشرط أن يعتقه، فكل هذا عندهم يفسد العقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى ناقة وشرط على البائع أن يجدوها لم يصح الشراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ابتاع فهدًا على أنه صيود، أو دابة على أنها مُهَمْلَجة، فالبيع والشرط صحيحان. وعند مُحَمَّد بن الحسن هما باطلان.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا باعه عبدًا على أن لا يعتقه، أو على أن لا يبيعه، أو على أن ما خسر فيه فضمانه على البائع، أو بَاعَهُ جاريةً بشرط أن لا يطأها وما أشبه ذلك، فالشرط باطل والبيع باطل. وعند ابن أبي ليلى والحسن البصري والنَّخَعِيّ والشعبي والحكم وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد يصح البيع ويفسد الشرط. وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا. وعند ابن شُبْرُمَةَ وابن سِيرِينَ وحماد يصح البيع والشرط. وعند إِسْحَاق َوَأَحْمَد وعمر وابن مسعود إن قال البائع: إن لم تأتني بنقدي غدًا فلا بيع بيني وبينك فهو على شرطه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من اشترى سلعة على أن لا خيار عليه في ثمنها كان البيع فاسدًا، ولو قبضها فأعتقها كان العتق فاسدًا. وعند أَحْمَد يصح البيع ويفسد الشرط. وعند مالك ينفذ تصرفه وتلزمه القيمة وإن لم يقبضه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن اشترى عبدًا بخمر أو خنزير وأعتقه قبل القبض لم يعتق، وإن كان بعد القبض عتق، وإن اشتراه بميتة أو دم لم يعتق قبل القبض وبعده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اشترى دارًا وشرط البائع سكناها لنفسه شهرًا، أو عبدًا واستثنى خدمته مدّة معلومةً، أو جَملاً واشترط أن يركبه إلى موضع معين، أو شرط البائع على المشتري أن لا يتصرف في المبيع، فالشرط فاسد والبيع فاسد. وعند أَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق يصح الشرط والبيع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ القبض في البيع الفاسد لا يحصل به الملك ويجب على المشتري رده إلى البائع مع النماء المتصل والمنفصل، ولا ينفذ تصرفه فيه، بعتق ولا ببيع، وإذا تلف في يد المشتري ضمنه بالقيمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة

النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا قبض المبيع بإذن البائع، وكان قد سمى لهُ عوضًا له قيمة ملكَهُ بالقبض ملكًا ضعيفًا، وكذا إذا قال: بعتك ولم يذكر العوض، فإنه يملكه بالقبض، وللبائع أن ينتزعه منه ويرده مع النماء المتصل والمنفصل، فإن تصرّف فيه المشتري تصرفًا يمنع البائع من الانتزاع، كالبيع والهبة والعتق والكتابة نفذ تصرفه، وكان للبائع عليه ثمنه. وفيه رِوَايَة شاذة عن أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا أن عليه قيمته. وإن اشتراه بما لا قيمة له كالدم والميتة لم يملكه بالقبض، وكذا إذا قال: بعتك بغير عوض، لم يملكه بالقبض، وإن كانت جارية فوطئها ردها مع المهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ المأخوذ من البائع على وجه السّوم يضمنه الآخذ بقيمته يوم قبضه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائرهم حكمه حكم الوديعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتت الأمة المبيعة بيعًا فاسدًا بولد ضمن قيمته يوم الولادة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن قيمته يوم المحاكمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع عبدًا بيعًا فاسدًا بثمن وتقابضا، ثم أتلف البائع الثمن وجب على المشتري رد العبد، ولم يكن له إمساكه إلى أن يأخذ الثمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد له إمساكه، وهو أحق به من سائر الغرماء. * * *

باب تفريق الصفقة

باب تفريق الصفقة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع بين ما يجوز بيعه وبين ما لا يجوز بيعه فقَوْلَانِ: أحدهما يبطل في الجميع. والثاني يصح فيما يصح بيعه، ويبطل فيما لا يصح بيعه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ما لا يجوز بيعه ثبت بالنص أو بالإجماع، أو بغيرهما، كالحر والعبد، وبين أن يكون مالاً، أو بين أن لا يكون مالاً كالخل والخمر، وبين أن يبيع مَاله ومال غيره، وبه قالت الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وداود يبطل في الكل، إلا أن مالكًا قال: إذا باع مَالَهُ ومال غيره فإنه يصح البيع في ماله، وفي مال غيره يقف على الإجازة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان ما لا يجوز بيعه ثبت بالنص أو بالإجماع كالحر والعبد فسد في الكل، وإن كان ثبت بغير النص أو الإجماع، مثل أن يبيع أمته وأم ولده، أو عبده وعبد غيره فإنه يصح البيع في عبده وأمته، ويكون البيع في أم ولده وعبد غيره موقوفًا على الإجازة. وقال في بيع المذكِّى وما ترك التسمية يبطل في الجميع، وخالفه أبو يوسف ومحمد. وقال هو وصاحباه فيمن باع عبدًا بخمسمائة نقدًا وبخمسمائة دينًا على غيره، أو إلى العَطَاء فسد البيع في الكل. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كقولي الشَّافِعِيّ في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد بيع المريض من وارثه في مرض موته بعوض المثل صحيح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. * * *

باب الربا

باب الربا مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء: الربا يجري في الأعيان الستة المنصوص عليها، وهي الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح، وكل ما في معنى الأعيان الأربعة سوى الذهب والفضة يجري فيه الربا، أو حكمه حكم المنصوص خاصة. وهذه الأعيان الستة لم ينص عليها لأعيانها، وإنما نصّ عليها لمعنى وُجد فيها، فمتى وُجد ذلك المعنى في غيرها حرِّم فيه الربا. وعند ابن حزم وطاوس وقتادة أن ما عدا الستة يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلاً. وعند داود ونفاة القياس إنما نص عليها لأعيانها، ولا يحرم الربا في غيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن هذه الأعيان الستّة معلَّلة، فالعلة في الذهب والفضة أنهما من جنس الأثمان غالبًا، وهذه العلة واقفة لا تتعدى إلى غيرها، وبما قاله الشَّافِعِيّ في علة الذهب والفضة قطع به أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَحْمَد وبعض الشَّافِعِيَّة تتعدَّى إلى الفلوس. وعند الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تتعدى إلى الفلوس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد العلة فيهما الوزن في جنس واحد، وقاسا عليهما كل موزون، مثل الرصاص والحديد. ومن أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ من يقول: العلة تقدير الشرع في الجنس. والرازي

يقول: العلة في فساد البيع زيادة وزن في جنس واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز بيع سكين بسكينين. وعند أَحْمَد لا يجوز إلا أن يتساويا في الوزن. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في علة تحريم التفاضل في الأعيان الأربعة المنصوص عليها، وهي البر والشعير والتمر والملح على قولين، فقال في القديم: العلة فيها كونها معلومة مكيل جنس أو مطعومة موزون جنس، وهو قول أَحْمَد في رِوَايَة، فعلى هذا العلة ذات ثلاثة أوصاف، وبه قال سعيد بن المسيب. وقال في الجديد العلة فيها أنها مطعومة جنس، وهو الصحيح، وهو قول أَحْمَد في رِوَايَة. فعلى هذا العلّة ذات وصفين، فيحرم الربا في كل ما يطعم قوتًا أو تفكُّهًا. وعند أَحْمَد رِوَايَة ثالثة: العلة أنه مكيل جنس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأكثر الزَّيْدِيَّة العلة فيها أنها مكيلة جنس، أو موزونة جنس. فعلى هذا يجوز عندهم بيع تمرة بتمرتين، وبيع كف حنطة بكفين، لأنَّ ذلك غير مكيل ولا موزون، ولا يجوز عندهم بيع الجصّ والنورة والحديد والرصاص بعضه ببعضٍ متفاضلاً، لأنه مكيل أو موزون، حتى لو باع ثوب قطن بديباج أو كساءٍ لا يشترط التقابض في المجلس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند أبي طالب منهم عن يَحْيَى اشتراط التقابض فيه في المجلس. ومن أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ من يقول: العلة في فساد البيع زيادة كيل في جنس واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بيع تمرة بتمرتين ولا كف حنطة بكفَي حنطة، وبه قال بعض أصحاب الهادي من الزَّيْدِيَّة. وعند مالك العلة فيها أنها مكيلة، مقتاتة، جنس، فعلى هذا يحرم الربا عنده فيما كان قوتًا أو يصلح للقوت. وعند رَبِيعَة بن عبد الرحمن العلة فيها أنها جنس واحد تجب فيها الزكاة، فعلى هذا لا يجوز بيع ما تجب فيه الزكاة بعضه ببعض متفاضلاً من الحيوان وغيره. وعند سعيد بن جبير والْمَاجِشُون العلة فيها تقارب المنفعة، فكل شيئين تقاربَ الانتفاع بهما لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً، كالتمر بالزبيب والحنطة بالشعير والدُّخن بالجاورس.

وعند ابن سِيرِينَ العلة فيها الجنس فقط، فإذا اختلف الجنس لم يكن فيها ربا، فأعم العلل علَّة سعيد بن جبير، لأنها تتناول الجنس والجنسين، ثم بعدها علة ابن سِيرِينَ، ثم علة الشَّافِعِيّ للقول الجديد، ثم علة أَبِي حَنِيفَةَ، ثم علة مالك ثم علة الشَّافِعِيّ للقول القديم، وأبعدها علة رَبِيعَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين يجوز بيع البر بالشعير متفاضلًا إذا كان يدًا بيد. وعند مالك وجماعة من العلماء لا يجوز ذلك إلا مثلاً بمثل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما سوى الذهب والفضة والمأكول والمشروب لا يحرم فيه الربا، ويجوز بيع بعضه ببعض متفاضلًا ونسيئة، ويجوز أن يشتري حيوانًا بحيوانين، سواء أريد بهما الربح أم لم يرد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين لا يجوز بيع الجنس الواحد بعضه ببعض إلى أجل ولا إسلام أحدهما في الآخر، كالثوب بالثوب والعبد بالعبد. وعند مالك يحرم النَّسَا في الجنس الواحد والجنسين إذا اتفق الغرض فيهما أو المنفعة بهما، فلا يجوز عنده بيع حيوان بحيوانين من جنسه بصفة يقصد بهما أمر واحد، إما الربح وإما غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك والثَّوْرِيّ وأكثر العلماء من الصحابة والتابعين ما حرم فيه الربا بعلّة واحدة وأريد بيع بعضه ببعض، كالذهب بالذهب والفضة بالفضة فلا يجوز بيعهما إلا مثلا بمثل، ولا يجوز إسلام أحدهما في الآخر، ولا بيع أحدهما بالآخر إلى أجل، وإليه ذهب ثلاثة عشر نفسًا من الصحابة. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن الزبير وزيد بن أرقم وأسامة بن زيد والبراء بن عازب أنه لا يثبت الربا في التفاضل، فيجوز بيع الجنس بجنسه متفاضلًا، وإنما يثبت الربا فيه من جهة النسا لا غيره.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز بيع المضروب والمصوغ بالتبر متفاضلاً. وعند مالك يجوز بيعه بقيمته من جنسه متفاضلاً، وأصحابه ينكرون ذلك عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأعيان التي يجري فيها الربا ويحرم بعلة واحدة يحرم فيها التصرُّف قبل القبض وشرط خيار الثلاث، فيجوز أن يعقد العقد بصرف دراهم بدنانير في الذمة ثم يحضر ذلك في المجلس قبل التفرق، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة. وعند زفر ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يجوز العقد في الذمة، بل حتى يُحضر المعقود عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحرم فيها التصرُّف قبل القبض، ويجوز شرط خيار الثلاث فيها إذا عينَّا ذلك، إلا الذهب والفضّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة ما ليس بمكيل ولا موزون لا يحرم فيه النسَا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة الجنس بانفراده يحرِّم النسا. وعند أَحْمَد رِوَايَة ثالثة العروض بانفرادها تحرم النسا، واختارها من أصحابه الخرقي. وظاهر هذا أنه لا يجوز النسا إلا فيما أخذ عوضه الأثمان. وعند مالك الجنس الواحد يحرم فيه النسا إن كان متفاضلاً، فأمَّا الجنسين فلا يحرم بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الدراهم والدنانير إذا وقع العقد على عينهما تعيّنا بالعقد ولم يجز إبدالهما، وإذا تلفا قبل القبض انفسخ العقد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وهو المشهور عن مالك أنهما لا يتعينان بالعقد، وإذا وقع العقد على عينهما جاز إبدالهما، وإذا تلفا قبل القبض لم ينفسخ العقد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن يَحْيَى والنَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الثمن تارة يكون معيَنًا وتارة غير معيَّن، بناءً على أصله في الأولى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ما تعيَّن في العقود فهو مبيع، وما لم يتعين فهو ثمن بناءً على أصله في الأولى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وبعض الصحابة والتابعين يجوز بيع الحيوان بحيوان نسيئة. وعند أَحْمَد والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وبعض الصحابة والتابعين لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من الصحابة والتابعين يجوز بيع عبد بعبدين نسيئة. وعند جماعة من الصحابة والتابعين لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع الدراهم المغشوشة بعضها ببعض، وبجوز أن يشترى بها سلعة في أظهر الوجهين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان الغش غالبًا لم يجز، واستحسنه القاضي حسين من الشَّافِعِيَّة. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد إذا تصارفا، ثم ظهر عيب في الجنس كالوضوح في الذهب والسواد في الفضة، وكان العقد على العين فليس له الإمساك أو الفسخ وليس له المطالبة بالبدل، ولا فرق بين أن يكون قبل الافتراق وبعده. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: له المطالبة قبل التفرُّق بالبَدَل، ويجدد العقد على ذلك، وعند سائرهم إذا أبدل ذلك في المجلس فلا يحتاج إلى تجديد العقد، وهو الأولى عند النَّاصِر منهم أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تصارفا في الذمة وتقابضا وتفرَّقا، ثم وَجَد أحدهما بما قبضه عيبًا في جنسه، كالمشوبة واضطراب السَّكة فقَوْلَانِ: أحدهما يجوز إبداله، وبه قال أبو يوسف ومُحَمَّد وَأَحْمَد. والثاني لا يجوز إبداله، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة، واختاره الْمُزَنِي. وعند أَحْمَد رِوَايَة ثالثة أن البيع قد لزم ولا حقَّ له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ أن القصد إلى الربا من غير مباشرة لا يحرم، كما إذا كان معه دراهم صحاح فباعها بذهب، ثم اشترى بالذهب دراهم مكسرة أكثر وزنًا من الصحاح التي كانت معه، فإنه يجوز ذلك، سواء فعَل مرة أو تكرّر منه الفعل. وعند مالك إن فعل ذلك مرّة جاز، وإن تكرر منه الفعل لم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان دينار صحيح فدفعه إلى الصراف ليأخذ بنصفه دراهم، فإن ذلك جائز، ويسلِّمه إلى الصراف فيكون نصفه له بالبيع ونصفه وديعة وعند مالك لا يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع ذهبًا بذهب جزافًا لم يصح، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا علما

التساوي قبل التفرق صح، وإن علما ذلك بعد التفرُّق لم يصح. وعند زفر يصح بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وبعض الصحابة والتابعين لا يجوز بيع سيف محلَّى أو منطقة محلاّة بذلك، وما أشبه هذا بدراهم حتى يُميّز ويفصَّل. وعند بعض الصحابة والتابعين يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الربا يجري بين الولد ووالده، وبين الزوج وزوجته، وبين العبد ومولاه، وبين الذمي والمسلم. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجري الربا بين من ذكرناه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك يثبت الربا بين السيد وعبده المأذون له. وعند الزَّيْدِيَّة لا يثبت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة يجري حكم الربا في دار الحرب بين المسلمين وبين المسلم والكافر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومحمد ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يجري الربا في دار الحرب بين المسلم والحربي، وهل يجري بين المسلمين؟ فيه رِوَايَتَانِ عند أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الحنطة والشعير جنسان يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلًا. وعند مالك واللَّيْث والحكم وحماد وَأَحْمَد في رِوَايَة الحنطة والشعير جنس واحد، ولا يجوز بيع بعضها ببعض متفاضلان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن خلّ العنب والتمر جنسان، فيجوز التفاضل بينهما. وعند مالك جنس واحد. وعند أَحْمَد مثله في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في اللحمان والألبان قَوْلَانِ: أحدهما أنها جنس واحد، وبه قال أبو ثور وَأَحْمَد في رِوَايَة، واختارها الخرقي. والثاني وهو الصحيح أنها أجناس،

وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة، واختاره الْمُزَنِي وبعض الحنابلة. وعند مالك اللحمان ثلاثة أصناف: الإنسي والوحشي صنف، والطير صنف، ولحوم ذوات الماء صنف، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، إلا أنّ أَحْمَد جعل الوحشي جنسًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما حرم فيه التفاضل لا يجوز بيع بعضه ببعض وزنًا. وعند مالك يجوز بيع ما يكال في البادية دون الحضر بالحزر والتخمين دون ما يوزن، فإنه لا يجوز فيه ذلك حتى يتساويا في الوزن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بيع الموزونات بعضها ببعض جزافًا. وعند مالك يجوز في جميع الموزونات، إلا الذهب والفضة خاصة، فإنهم يكرهون ذلك فيهما. واختلف أصحابه، فمنهم من قال: يجوز ذلك عند عدم الميراث فى السفر ونحوه، ومنهم من قال: يجوز بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما لا يكال ولا يوزن من المطعومات فيه قَوْلَانِ: القديم لا ربا فيها، وبه قال سعيد بن المسيب، فعلى هذا حكمها حكم الثياب. والقول الجديد فيها الربا، فعلى هذا إن كان مما يدّخر ويجفَّف كالأنجاص والمشمش والخوخ فإنه لا يجوز بيع رطبه برطبه ولا يابسه بيابسه إذا كان جنسًا واحدًا، ويجوز يابسه بيابسه متساويًا نقدًا، وإن كان مما لا يدّخَرُ ولا يجفَّف كالقثاء والبطيخ، فقَوْلَانِ: أحدهما لا يجوز بيع الجنس الواحد بعضه ببعض، والثاني يجوز، ويجري هذان القَوْلَانِ في الرطب إذا لم يجئ منه تمر، وفي العنب إذا لم يجيء منه زبيب. هذا تفصيل مذهب الشَّافِعِيّ وعند

مالك إن كان من الفاكهة ما يبس ويصير فاكهة يابسة يدخر ويؤكل لا يباع بعضه ببعض إلا يدًا بيد مثلاً بمثل إذا كان من صنف واحد، وإن كان من صنفين مختلفين لا بأس أن يباع اثنان بواحد يدًا بيد، وما يكون رطبًا وإن يبس لم يكن بفاكهة كالبطيخ والأترجُّ والقثاء فلا بأس أن يؤخذ منه اثنان بواحد من صنفه يدًا بيد. وعند الحسن البصري لا بأس بأخذ البيضة بالبيضتين والجوزة بالجوزتين، وكذا عند مجاهد في البيضة بالبيضتين يدًا بيد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد، وزاد أبو يوسف وأبو حَنِيفَةَ الفلس بالفلسين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد الحنطة والتمر وسائر المكيلات لا يجوز بيع بعضها ببعض وزنًا بل كيلاً، وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز. مسألة: مذهب الشَّافِعِيّ ما لم يكن مكيلاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن كان له عرف في الحجاز اعتبر به، وإن لم يكن له عرف في الحجاز رد إلى الأقرب تهاميتها في أحد الوجهين، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وإلى العرف والعادة في سائر البلاد على الوجه الثاني، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الأدهان التي أعدت للطيب، كدهن البنفسج ودهن الورد ودهن الحبرى والياسمين واللينوفر يجري فيه الربا، وهو الوجه الثاني للشافعية، فيجوز بيع دهن الورد بدهن البنفسج متفاضلاً، وكذلك دهن الحبرى بدهن اللينوفر، وكذلك قالت الحنفية: يجوز بيع الدهن المطيّب بالدهن الذي ليس بمطيّب متفاضلاً. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يجوز التفاضل في الماء على أحد الوجهين، وبه قال مُحَمَّد بن الحسن، ويجوز في الوجه الثاني، وهو المشهور من مذهب مالك، وبه قال أحمد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ كل جنس فيه الربا لا يجوز بيع بعضه ببعض ومع كل واحد منهما غيره، أو مع أحدهما، مثل أن يبيع مدّ تمر ودرهم بمُدَّي تمر، أو بمدِّ تمر ودرهم، وكذلك لا يجوز بيع نوعين مختلفي القيمة بنوع واحد، مثل أن يبيع دينارًا جيدًا ودينارًا رديئًا بدينارين جيّدين أو رديئين، وكذلك قفيز جيد وقَفيز رديء بقفيزين جيدين أو رديئين وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز بيع ذلك كلّه، إلا أنه يجوز بيع نوعين مختلفين بنوع واحد على الإلحاق، ووافقه في ذلك أحمد. وإذا كان مع أحدهما غيره فيعتبر أن يكون العوض الذي ليس معه غيره يزيد على العوض الذي معه غيره حتى تقابل الزيادة ذلك الغير، ويكون ما بقي مقابلاً للعوض الآخر، مثاله أن يبيع دينارًا ومعه خريطة أو قرطاس بمائة دينار، فإن ذلك جائز، فيكون دينارًا في مقابلة دينار وتسعة وتسعين في مقابلة الخريطة أو القرطاس، وإن باع خريطة أو قرطاسًا فيه مائة درهم بمائة درهم لم يصح، لأن الخريطة أو القرطاس لا تغرى عن ثمن، فإذا أخذ ذلك قسطًا من المائة كانت الدراهم التي في الخريطة أو القرطاس مبيعة بأقل منها من المائة الأخرى فلم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد لو راطل مائة دينار عُتق مروانية ومائة دينار من ضرب مكروه بمائتي دينار وسط لم يجز، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيّب وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بيع الرطب بالتمر على وجه الأرض، وكذلك كل ما فيه الربا لا يجوز بيع رطبه بيابسه، كالعنب بالزبيب على الأرض وسائر الفواكه لا يجوز بيع رطبها بيابسها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيع الرطب بالتمر على وجه الأرض كيلًا، ويجوز بيع العنب بالزبيب وبيع الحنطة الجافة بالمبلولة، وبيع كل فاكهةٍ يابسةٍ برطبها، ووافقه أبو يوسف ومُحَمَّد في الحنطة المبلولة بالجافّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ كل ما يدَّخر يابسه كالرطب والعنب لا يجوز بيع رطبه برطبه، وفي الرطب الذي لا يجيء منه تمر، أو العنب الذي يجيء منه زبيب قول آخر أنه يجوز بيع بعضه ببعض. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ والْمُزَنِي يجوز.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق بيع العرايا جائز، وهو بيع الرطب على رءوس النخل خرصًا بالتمر على وجه الأرض كيلاً، وبه قال أَحْمَد في إحدى الروايتين وأكثر العلماء. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز بيعها في موضع مخصوص، وهذا إذا كان قد وهب رجل لرجل نخلة من بستانه وشقَّ عليه دخول الموهوب له إلى بستانه. فيجوز له أن يشتري منه الثمرة بالتمر يعجَّله له. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ فنقل عنه صاحب المعتمد والشاشي والدر الشفَّاف أنه لا يجوز بيع العرايا بحال. ونقل عنه صاحب البيان جوازها، وصورتها عنده أن يهب صاحب البستان ثمرة نخلة بعينها من رجل ولم يقبضها الموهوب له، فإن الهبة لا تلزم عنده. وعند الشَّافِعِيّ إلا بالقبض، فيكره هذا الواهب أن يرجع في هبته ويخاف ضرر المشاركة إن أقبض، فيقول الواهب أعطيتك بدل هذه الثمرة تمرًا فسُمي هذا بيعًا على سبيل المجاز، وبهذا قالت الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز ذلك من الواهب وغيره. وعند مالك يختص بالواهب، وصورته ما ذكرناه عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز ذلك نقدًا، ولا يجوز نسيئة. وعند مالك يجوز نسيئة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز بيع العرايا من الأغنياء قَوْلَانِ: الصحيح الجواز. والثاني لا يجوز، وبه قال أحمد، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء المحاقلة، وهو بيع الحنطة في سنبلها بحنطة موضوعة على الأرض. والمزابنة هو بيع التمر بما زاد على خمسة أوسق من التمر على الأرض. وعند مالك المحاقلة استكراء الأرض ببعض ما يخرج منها. والمزابنة أن يقول الرجل لصاحبه: كم صبرتك هذه فيقول أكثر من خمسين قفيزًا، فيقول الآخر: بل فيها أقل من خمسين قفيزًا، فيقول لمالكها: تكال الآن فإن نقصت عن خمسين قفيزًا فعليَّ

تمامها، وإن زادت على الخمسين فلي الفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بيع العرايا جائز دون خمسة أوسق، ولا يجوز فيما زاد عليها، وفى خمسة أوسق قَوْلَانِ: أحدهما يجوز، وبه قال مالك. والثاني لا يجوز، وبه قال أحمد، واختاره المزني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يبيع من الواحد عريتين أو ثلاثة وأكثر ولو أتى على جميع حائطه. وعند أَحْمَد لا يجوز أن يبيع من واحد إلا عريَّة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع رجل تسعة أوسق على رءوس النخل من رجلين بتسعة أوسق تمر وفي عقد واحد جاز، وعند أَحْمَد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز بيع العرايا في العنب على الشجر بالزبيب على وجه الأرض كما في الرطب على النخل، وعند اللَّيْث لا تجوز العرايا إلا في النخل خاصة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل يجوز بيع العرايا فيما سوى الرطب والعنب من سائر الثمار كالفرسك والمشمش والإجاص؟ طريقان، ومنهم من قال قَوْلَانِ: أحدهما

يجوز، وبه قال مالك والْأَوْزَاعِيّ. والثاني لا يجوز. ومنهم من قال يجوز قولاً واحدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا باع قفيزًا من الطعام بدينار نسيئة فلما حلَّ الأجل ابتاع من المشتري بذلك الدينار طَعَامًا جاز. وعند أَحْمَد وَمَالِك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع اللحم النيئ بالمطبوخ، ولا بيع المطبوخ بالمطبوخ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيع النيئ بالمطبوخ متماثلاً، ولا يجوز متفاضلاً. وعند مالك يجوز متماثلاً ومتفاضلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وحماد والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز بيع الحنطة بدقيقها متماثلاً ولا متفاضلاً لا كيلاً ولا وزنًا. وعند رَبِيعَة وَمَالِك واللَّيْث والنَّخَعِيّ وقتادة وابن شُبْرُمَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز بيعها بدقيقها متماثلاً كيلاً بكيل. وعند الْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يجوز بيعها بدقيقها وزنًا بوزن. وعند أَبِي ثَورٍ الحنطة والدقيق جنسان يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع الدقيق بالدقيق من جنس واحد، وفيه قول أن يجوز، وبه قال أَحْمَد وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز إذا تساويا في النعومة والخشونة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز بيع الحنطة بالسويق، وكذلك لا يجوز بيع الحنطة بالخبز، ولا بيع الدقيق بالخبز. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد َوَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز بيع الحنطة بالسويق متماثلان ومتفاضلان، وكذلك قالوا في

الدقيق بالخبز. وعند اللَّيْث وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ يجوز بيع الدقيق بالخبز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع السويق بالسويق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع الدقيق بالسويق من جنسه، وهو الصحيح من مذهب أَبِي حَنِيفَةَ. وروى عنه أبو يوسف رِوَايَة شاذة أنه يجوز. وعند أَبِي يُوسُفَ وَمَالِك يجوز متفاضلاً ومتماثلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز بيع خبز الحنطة بالحنطة، ولا بدقيقها. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يجوز متفاضلاً، وهو تياس قول أَبِي ثَورٍ في الحنطة بالدقيق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع الخبز بالخبز من جنس واحد متماثلاً ولا متفاضلًا إذا كانا رطبين أو أحدهما رطبًا. وعند مُحَمَّد بن الحسن يجوز بيعهما متماثلين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع الخبز بالخبز من جنس واحد وإن كانا يابسين على الصحيح من القولين، ويجوز في القول الآخر متماثلًا. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأبي ثور يجوز بيع الخبز بالخبز بعضه ببعض متماثلًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأبي بكر الصديق وفقهاء المدينة السبعة وَمَالِك لا يجوز بيع لحم إبل بإبل، ولا لحم غنم بغنم، ولا لحم بقر ببقر، وإن باعه بغير جنس. بُني على أن اللحمان أجناس، أو جنس واحد؟ فإن قلنا أجناس، وهو الصحيح جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ والْمُزَنِي يجوز بيع اللحم بالحيوان مطلقًا حتى لو باع رطل لحم بحيران جاز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز بيع اللحم بالحيوان مطلقًا. وعند مُحَمَّد يجوز إذا كان اللحم أكثر من لحم الحيوان حتى تكون الزيادة بإزاء الجلد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بيع اللحم بالحيوان غير المأكول كالحمار والبغل وغير ذلك لا

يجوز في أحد القولين، ويجوز في القول الآخر، وهو قول مالك وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا باع لحم جنس من الحيوان بجنس غيره من الحيوان المأكول، كبيع لحم الإبل بالغنم أو البقر. فإن قلنا: اللحمان جنس لم يصح البيع، وإن قلنا: اللحمان أجناس فقَوْلَانِ: أحدهما لا يجوز، وبه قال مالك وَأَحْمَد. والثاني يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز بيع شاة فيها صوف بصوف، وكذلك ما فيها لبن بلبن. وعند أَحْمَد لا يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بشرط أن يكون اللبن والصوف أكثر مما في الحيوان. * * *

باب بيع الأصول والثمار

باب بيع الأصول والثمار مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال: بعتك الدار بقبابها فالبيع باطل. وعند محمد وأَبِي يُوسُفَ يصح. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا باع شجرًا المقصود منه ورقه كالتوت، فإن لم يتفتح ورقه فهو للمشتري، وإن تفتح فوجهان: أحدهما أنها للبائع. والثاني أنها للمشتري. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وأبو ثابت وأبو طالب تدخل الأغصان في بيع التوت إذا لم يكن على الأغصان أوراق. وإن كان مما يقطع كل سنة. وعند المؤيَّد لا يدخل، فعلى هذا إذا اشترى أغصان التوت أو أوراق الخضروات يجب أن يقول أبيعها بحقوقها حتى لا يؤمر برفعها إلى الوقت المعهود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا باع نخلاً وعليها طلع، فإن كانت قد أُبِّرت فهي للبائع إلا أن يشرطها المبتاع، وإن لم تؤبَّر فهي للمبتاع

إلا أن يشرطها البائع. وعند ابن أبي ليلى هي للمشتري سواء أُبِّرت أو لم تؤبَّر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هي للبائع سواء أُبِّرت أو لم تؤبَّر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أُبِّر البعض فالجميع للبائع. وعند أبي بكر من الحنابلة ما أُبِّر يكون للبائع خاصة، ونقله عن أَحْمَد أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع الأرض بحقوقها وفيها زرع لم يدخل الزرع في البيع، ويبقى هذا الزرع للبائع في الأرض إلى أن يُستحصد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجبر على أخذه في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا باع أصلاً وعليه ثمرة للبائع لم يكلَّف البائع قطع ثمرته قبل أوان قطعها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجبر على قطعها في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وكافة العلماء يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها شرط القطع، ولا يجوز بشرط التبقية، ولا مطلقًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأبي

يوسف لا يصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وغيره يصح بيعها مطلقًا بعد بدو صلاحها، ويلزم البائع تبقيتها إلى أوان الجذاذ والحصاد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزم المشتري نقلها في الحال. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة لا يجوز بيعها حتى يبدو صلاحها، وهم النَّاصِر ويَحْيَى والقاسم. وعند المؤَيد منهم وأَبِي حَنِيفَةَ إن أمكن الانتفاع بها جاز بيعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد إذا اشترى ثمرة قبل بدو الصلاح بشرط القطع فلم يقطعها حتى بدا صلاحها وأتى عليها أوان الجذاذ لم يبطل الشرط. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين يبطل البيع، وتعود الثمرة مع زيادتها إلى البائع. وعند أحمد رِوَايَة ثالثة أنه يتصدَّق بالثمار. وعنه أيضًا يشتركان فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا باع ثمرته بعد بدو صلاحها وما يحدث بعد ذلك من الثمرة، لم يصح البيع في الموجودة ولا في المعدومة. وعند مالك يصح فى الجميع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بدو الصلاح في الرطب أن يحمَّر أو يصفَّر، وفي العنب أن يسود أو يحمَّر إن كان مما يحمر، وإن كان مما لا يتلون كالعنب الراذقي والتفاح وغير ذلك، فبان تدور فيه الحلاوة. وعند بعض الناس، أو بعض الفقهاء أن بدو الصلاح فى الثمرة هو طلوع الثريا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اشترى ثمرة فاجرة الجذاذ على المشتري. وعند أبي يوسف على البائع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى قثاءً أو بطيخًا أو نحوها بشرط أن ما يحدث فهي للمشتري لم يصح البيع وعند مالك يصح ويكون للمشتري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا بدا الصلاح في نوع ولو بثمرة واحدة جاز بيع جميع ذلك النوع من ذلك البستان، ولا يجوز بيعه من بستان آخر. وهل يضم إليه نوع آخر من ذلك الجنس؟ وجهان. وعند مالك يبيعه بما يجاوره من بستان آخر، وبه قال أحمد. وفى رِوَايَة أخرى أنه إذا بدا الصلاح في جنس تبعه ثمرة جميع ذلك البلد من ذلك الجنس وعند اللَّيْث إذا بدا الصلاح في جنسه تبعه جميع ثمرة ذلك البلد. وعند أبي بكر من الحنابلة يجوز بيع تلك الشجرة التي بدا صلاحها خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحشيش النابت في ملكه ملك له قبل القطع وبعده سواء كان له قيمة أو لم يكن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند السيد المؤيد منهم أن هذا إن كان له قيمة، وإن لم يكن فهو لمن أخذه. وعند الداعي منهم أن بيع الحشيش قبل القطع والإجذاذ لا يجوز، سواء كان نابتًا في أرض مملوكة أو في أرض مباحة، ومن أخذه فهو له، واللَّه أعلم. * * *

باب بيع المصراة والرد بالعيب

باب بيع المصرَّاة والرد بالعيب مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة والحسن وَمَالِك واللَّيْث وإِسْحَاق وابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ وزفر وَأَحْمَد والزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التصرية عيب يُثبت خيار الرد، وهو جمع اللبن في ضرع الناقة أو الشاة أو البقرة، يدلِّس البائع ليظن المشتري أنها لبون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد التصرية ليست بعيب ولا يثبت بها خيار الرد. وعند داود يثبت الرد في الناقة والشَّاة دون البقرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق خيار الرد يتقدر بثلاثة أيام بعد الحلب. وعند بعض المدنيين له الخيار في شراها مصرَّاة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا ردَّ المصرَّاة رد معها بدل اللبن صاعًا من تمر. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ يرد قيمة اللبن. وعند الزَّيْدِيَّة يرد اللبن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى جارية جعِّد شعرها أو سوِّد، ثم بان أنها سبطة الشعر، أو بيضاء الشعر، أو حمراء الشعر ثبت للمشتري الخيار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا

خيار له في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من ملك عينًا وعلم بها عيبًا، وأراد بيعها وجب عليه أن يعلم المشتري بعيبها، فإن لم يفعل وباعها أثم بذلك وصح البيع. وعند داود لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حدث العيب في يد المشتري ولم يسند حدوثه إلى سبب قبل القبض لم يكن له الرد. وعند مالك عهدة الرقيق ثلاثة أيام في الجذام والبرص والجنون، فإن ذلك إذا ثبت إلى ستة ثبت له الخيار. واختلف النقل عن قتادة، فنقل عنه صاحب البيان أنه ثبت له الرد في جميع المبيعات، ونقل عنه صاحب المعتمد أنه إذا رأى عيبًا في مدة ثلاث إذا قبض المشتري المبيع ثم ظهر به عيب في يده في مدة الثلاث ليال رد بغير بينة، وإن رد بعد ثلاث لم يستطع رده إلا ببينة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا استند حدوث العيب إلى سبب قبل القبض، بأن قطعت يده بسرقة كانت في يد البائع فوجهان: أحدهما أنه يرده، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني لا يرده ويرجع بالأرش، وبه قال أبو يوسف ومحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى عبدًا أو أمة فوجد أحدهما قد كان زنى في يد البائع ثبت له الردُّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو عيب في الجارية دون العبد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى عبدًا أو أمة فوجد أحدهما أبخر ثبت له الرد، سواء كان ذلك البخر في فم الجارية أو في فرجها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو عيب في الجارية دون العبد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى عبدًا أو جارية فوجده ولد زنا لم يكن له الرد.

وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت له الرد في الجارية دون العبد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى جارية فوجدها مغنية لم يكن له الرد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى عبدًا أو أمة مطلقًا فخرج يهوديًا أو نصرانيًا أو مجوسيًا لم يثبت له الرد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت له الرد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى أمة فخرجت مزوجة، أو عبدًا فخرج متزوجًا لم يثبت له الرد. وعند مالك يثبت له الرد بذلك، وبه قال ابن الصبَّاغ من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا غبن أحد المتبايعين الآخر فليس للمغبون خيار، سواء غبن بقليل أو كثير. وعند مالك وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إن كانت بثلث قيمة المبيع أو دونه لم يثبت له الخيار، وإن كان أكثر من ذلك ثبت له الخيار، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَحْمَد في رِوَايَة إن كان المغبون مسترسلاً غير عارف بالمبيع، ولا هو ممن له توقف لمعرفته فغبن ثبت له الخيار. وعند أبي ثور إذا غبن بما لا يتغابن الناس بمثله فالبيع باطل. وعند داود البيع باطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى عبدًا فوجده مأذونًا له في التجارة، وقد ركبته الديون لم يثبت له الخيار. وعند مالك يثبت له الخيار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبطل البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة أهل العلم إذا وجد المشتري في المبيع عيبًا كان موجودًا به في يد البائع فله الرد وله الإمساك، ولا يطالب بأرش ذلك. وعند مالك وَأَحْمَد هو بالخيار بين الرد وبين الإمساك والمطالبة بالأرش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أراد أن يرد بالعيب فإنه لا بعتبر حضور صاحبه ولا رضاه، ولا حكم الحاكم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خيار الرد على الفور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد على التراخي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استخدم العين المبيعة بعد الاطلاع على العيب وقبل الرد سقط حقه في الرد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند مُحَمَّد بن الحسن لا يسقط حقه في الرد بذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن الهادي، وهو الأصح من مذهب النَّاصِر أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ثبت رد المبيع بالعيب فصالحه البائع على الأرش والإمساك لم يجز. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز. وبه قال ابن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى رجل من رجل عينين في عقد واحد، فوجد بإحداهما عيبًا بنى على القولين في تفريق الصفقة. فإن قلنا إن الصفقة لا تفرق فليس له أن يرد المعيب ويمسك الصحيح، بل هو بالخيار إن شاء رد الجميع وإن شاء أمسك الجميع، وإن قلنا إن الصفقة تُفرَّق كان له رد الجميع وكان له رد المعيب منهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان ذلك قبل القبض لم يجز له رد المعيب وإمساك الصحيح، بل يرد الجميع أو يمسك الجميع، وإن كان بعد القبض، فإن كان مما تختلف أجزاؤه ولا يلحق الضرر بتبعيضه، كزوجي الخف ومصراعي الباب، فليس له رد المعيب وإمساك الصحيح، وإن كان مما تتساوى أجزاؤه كالطعام، فإن كانا في ظرف واحد لم يجز له رد المعيب دون الصحيح، وإن كانا في ظرفين جاز له رد المعيب دون الصحيح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وَمَالِك في إحدى الروايتين عنهما إذا وجد المشتركين للعبد صفقة واحدة من رجل بالعبد عيبًا فأراد أحدهما الرد والآخر الإمساك كان لهما ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد فى إحدى الروايتين ليس لهما ذلك، وليس لأحدهما أن ينفرد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان المبيع بهيمة حائلاً فحملت في يد المشتري فولدت ثم وجد بها عيبًا، أو كانت جارية حائلاً فحملت في يد المشتري ثم ولدت، ثم وجد فيها عيبًا، كان له رد الأصل بالعيب، وإمساك النماء بغير عوض. وعند مالك يكون له رد الثمن دون الولد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ حصول هذه الزيادة يبطل حق المشتري في الرد، فيرجع بأرش العيب على البائع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ابتاع أمة حاملاً فوضعت في يده فقَوْلَانِ: أحدهما يأخذ الولد ويرد الأم ويسترد النماء. والثاني يردهما. وعند أَحْمَد يردها وولدها، فإن أراد إمساكها بقسطها من الثمن ففيه رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأبي ذر وعثمان البتي وزيد بن ثابت وإحدى الروايتين عن أَحْمَد إذا كان المبيع جارية ثيّبًا، فوطئها المشتري ثم علم بها عيبًا يردها ولا يرد معها شيئًا. وعند ابن سِيرِينَ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ وعلي - رضي الله عنه - يبطل حقه في الرد، ويرجع بالأرش. وعند ابن أبي ليلى وعمر يردها ويرد معها مهر مثلها، والمهر في قولهما يأخذ العشر ونصف العشر من قيمتها، فيجعل المهر نصف ذلك. وعند شريح والنَّخَعِيّ يردها ويرد معها نصف عشر ثمنها. وعند الشعبي يردها ويرد معها حكومة. وعند سعيد بن المسيًب يردها ويرد معها عشرة دنانير. وعند الْإِمَامِيَّة ليس له رد الأمة بعد الوطء وله طلب الأرش، إلا أن يكون عيبها من خبل وله ردها بعد الوطء ويرد معها إذا وطئها نصف عشر قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان المبيع جارية بكرًا، فأقبضها المشتري ثم وجد بها عيبًا، فإنه لا يردها قهرًا على البائع، ويجب على البائع أرش العيب. وعند مالك وَأَحْمَد فى إحدى الروايتين له أن يردها ويرد معها أرش البكارة. وعند شريح والنَّخَعِيّ يردها ويرد معها عشر ثمنها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حدث بالمبيع عيب عند المشتري ووجد به عيبًا كان موجودًا حال البيع لم يكن أن يرد، إلا أن يرضى به البائع، وإن لم يرض به البائع فللمشتري أن يطالبه بالأرش. وعند حماد وأَبِي ثَورٍ يرده ويرد معه أرش العيب الحادث

عنده. وعند الحكم وعثمان البتي يرده، ولا شيء عليه في قطعه إن كان ثوبًا. وعند مالك وَأَحْمَد المشتري بالخيار إن شاء رد المبيع ورد معه أرش العيب الحادث عنده، وإن شاء أمسكه ورجع بالأرش، ونقله أبو ثور عن الشَّافِعِيّ. وعند إِسْحَاق وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إن كان ثوبًا فقطعه ثم رأى عيبًا كان المشتري بالخيار، إن شاء رد القميص ويرجع عليه البائع بنقصان القطع، وإن شاء حسَّنه ورجع على البائع بقدر الثمن الذي نقص من القيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى مأكولاً كالبطيخ والرانج وما أشبه ذلك، فكسره ثم وجد فيه عيبًا فهل له الرد مع الكسر، فيه قَوْلَانِ: أحدهما ليس له ذلك، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين، واختاره المزني. والثاني له الرد، وبه قال أحمد فى رِوَايَة. فإن قلنا ليس له الرد فله المطالبة بالأرش، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند مالك َوَأَحْمَد في إحدى الروايتين ليس له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اشترى عبدًا فقبضه ثم مات العبد، أو وقفه، أو أعتقه، أو قتله، أو كان المبيع طَعَامًا فأكله ثم علم به عيبًا كان في يد البائع فله أن يرجع على البائع بالأرش. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قبله لم يرجع عليه بالأرش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اشترى عبدًا أو أمة على أنه كافر فخرج مسلمًا ثبت له الخيار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والمزني لا خيار له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا علم بالعيب بعد ما باع السلعة لم يكن له الرد ولا المطالبة بالأرش. وعند مالك الصحيح أن له المطالبة بالأرش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رد عليه المبيع بالعيب جاز له رده على بائعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن ردَّه بغير قضاء قاض لم يجز له الرد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ابتاع ثوبًا فصبغه، ثم ظهر به عيب فأراد المطالبة بالأرش كان الخيار للبائع بين أن يأخذه وعليه قيمة الصبغ، وبين أن يدفع الأرش. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجبر البائع على دفع الأرش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في بيع العبد الجاني قَوْلَانِ: أحدهما يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ

َوَأَحْمَد، واختاره الْمُزَنِي. والثاني لا يجوز. وبه قال أبو بكر من الحنابلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كانت الجناية خطأ أو عمدًا وعفا المجني عليه على المال لزم البائع الفداء. وعند الشَّافِعِيَّة لا يلزمه، بل هو بالخيار بين أن يفديه، وبين أن لا يفديه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ أنه إذا قبل بعد أن قبضه المشتري كان بمنزلة الاستحقاق، فيرجع المشتري على البائع بالثمن. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يرجع بالأرش لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع بشرط البراءة من العيوب فأقوال: أحدها لا يبرأ من شيء من العيوب، وبه قال شريح وعَطَاء وطاوس والحسن وَأَحْمَد وإِسْحَاق. والثاني يبرأ من الجميع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو ثور وابن عمر وزيد بن ثابت، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد. والثالث يبرأ من عيب باطن في الحيوان لم يعلم به البائع، ولا يبرأ من العيب الباطن الذي علم به، ولا من العيب الظاهر الذي لم يعلمه، وبه قال مالك وعثمان. وعن أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه يبرأ من عيب لم يعلمه في الحيوان أو غيره، ولا يبرأ من العيوب، وبهذه الرِوَايَة قال مالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا شرط البراءة جائز، فباع بشرط البراءة تم إبرائه، ثم لو حدث به عيب بعد العقد وقبل القبض فإنه لا يبرأ منه. وعند أَبِي يُوسُفَ يبرأ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح البيع بشرط البراءة من الحمل في المليحة والقبيحة. وعند أَحْمَد لا يصح. وعند مالك لا يصح ذلك في المليحة ويصح في القبيحة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ابتاع ثوبين أو عبدين فتلف أحدهما ثم لم يبن على عيب فى الآخر، فأراد ردَّه واختلفا في قيمة التالف فقَوْلَانِ: أحدهما القول قول المشتري، وبه قال أحمد. والثاني القول قول البائع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. * * *

باب بيع المرابحة

باب بيع المرابحة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة أهل العلم بيع المرابحة جائز، وهو أن يخبر البائع المشتري بثمن السلعة ويقول له بعتك به، واربح درهم في كل عشرة، أو اربح درهم لكل عشرة. وعند ابن عمر وابن عَبَّاسٍ ومَسْرُوق وعكرمة والحسن وسعيد بن جبير وعَطَاء بن يسار أنه يكره ذلك. وعند إِسْحَاق لا يصح البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يكره بيع ده يازده ومعناه بعتك بمائة، واربح لكل عشرة درهم. وعند أَحْمَد يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وزيد بن أرقم إذا باع سلعة بثمن إلى أجل فإنه يجوز أن يشتريها منه بمثل ذلك الثمن، وبأقل منه، وأكثر منه قبل نقد الثمن وبعده، وكذلك إذا اشتراها بنقد فباعها منه إلى أجل فإنه يجوز أيضًا وكذلك إذا اشتراها بأجل فإنه يجوز بيعها منه بأكثر من ذلك الأجل. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعائشة وابن عَبَّاسٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن كان نقد الثمن جاز أن يبيعها منه كيف شاء، وإن لم يكن نقد الثمن فيجوز أن يبيعها منه بمثل ذلك الثمن وبأكثر، ولا يجوز بأقل منه، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إن باعها منه بعوض أقل من ذلك الثمن جاز، وإذا اشتراها له وكيله بأقل من ذلك الثمن جاز، فأمَّا إذا كان قد اشتراها بدراهم فباعها بدنانير أقل من الثمن، أو اشتراها بدنانير فباعها بدراهم بأقل من ذلك الثمن فإنه لا يجوز، وكذا إذا اشتراها والد البائع أو ولده أو من تُردُّ شهادته له لنفسه، فإنه لا يجوز بأقل من ذلك الثمن، وكذلك إذا اشتراها مؤجلاً فباعها إلى أجل بأكثر منه فإنه لا يجوز.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا كان عليه مال مؤجَّل فلا يجوز إن اتفقا على تعجيله بنقص شيء منه. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا باع شيئًا مؤَجلاً بأكثر من قيمته صح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند النَّاصِر ويَحْيَى منهم لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا اشترى عينين بثمن واحد وأراد بيع إحداهما مرابحة جاز، ويقسَّم الثمن على قدر قيمتهما، ويخبره بما يخصهما من الثمن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إن كانتا مما تتساوى أجزاؤهما كالمكيل والموزون جاز، وإن كانتا مما لا تتساوى أجزاؤهما كالعبدين والثوبين لم يجز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح بيع المرابحة إلا أن يكون رأس المال معلومًا والربح معلومًا، فإن قال: بعتك من رأس مالي أيما اشتريت وربح درهم لكل عشرة وهما لا يعلمان رأس ماله، ولا ما اشترى به لم يصح الشراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حطَّ البائع للمشتري بعض الثمن، فإن كان ذلك في حالة المجلس أو مدة خيار الثلاث أخبر بما بقي من الثمن إذا أراد بيع ذلك مرابحة، وإن كان بعد لزوم العقد أخبر بجميع الثمن الذي اشترى به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يخبر بما بقي من الثمن، وهذا بناء على أصله وأن الحط بعد لزوم الثمن يلحق بالعقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا زاد في الثمن أو نقص منه بعد لزوم البيع لم يلحق بالعقد، وكذا إذا كان الدين حالاً فأجله إلى مدة، أو كان مؤجَّلًا فزاد في الأجل أو نقص منه لم يلزم ذلك كله ولا يلحق بالعقد، وسواء كان ذلك من قرض أو إجارة أو صداق أو غير ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن الزَّيْدِيَّة

القاسم ويَحْيَى والمؤيَّد إذا زاد في الثمن أو نقص منه لحق بالعقد ما لم يسقط الجميع، وكذا إذا جعل له جُعلاً وراد في الأجل أو نقص منه، فإن ذلك كله يلحق بالعقد إلا في القرض، فإنه لا يلحق بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا لحق بالعقد بعد لزومه زيادة تفسد العقد كالأجل المجهول والزيادة المجهولة فإنها لا تلحق به. وعند مُحَمَّد تلحق، وتجعل كأنها مذكورة في العقد فيفسد العقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تلف المبيع وألحق بالعقد زيادة لم تلحق، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وعند مالك تلحق بالعقد بعد لزومه الأجل قرضًا كان أو غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا أسلم في ثوبين بصفة واحدة فقبضهما ثم أراد بيع أحدهما مرابحة فإنه يخبر بحصته من الثمن وهو النصف، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبيع أحدهما مرابحة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى سلعة بثمن مؤجَّل فباع ذلك مرابحة، ولم يخبر المشتري بذلك ثبت للمشتري الخيار، إن شاء فسخ وإن شاء أمسك. وعند الثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ إن كان المبيع باقيًا كان له الخيار إن شاء أمسك وإن شاء ردَّ، وإن كان تالفًا لزمه الثمن. وعند ابن سريج وابن سِيرِينَ والْأَوْزَاعِيّ يلزم المبيع ويثبت في ذمته الثمن مؤجَّلاً. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن كان الثمن باقيًا فإن شاء أمسك ذلك إلى الأجل، وإن كان تالفًا حشَّ من الثمن بقدر الأجل الذي كان للبائع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا واطأ غلامه الحر فباع منه ما اشتراه بعشرة، ثم اشتراه منه بعشرين وأخبر بالعشرين كره ذلك لا غير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يخبر إلا بالثمن الأول أو يبيعها مساومة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والداعي عن الهادي. وعند أبي طالب منهم هو بالخيار بين أن يبيعها بالثمن الأول وبين أن يبيعها بالثمن الثاني.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا اشترى بعشرة ثم باعه بخمسة عشر، ثم عاد فاشتراه بعشرة، ثم أراد بيعه مرابحة أخبر بالثمن الثاني وهو عشرة، ولا يضم إلى العشرة الربح في البيع الأول وهي خمسة، فيحطها من الثمن الثاني ويخبر بخمسة. وعند ابن سِيرِينَ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يضم الربح في البيع الأول إلى الثمن الذي اشترى به ويحط منه ويخبر بخمسة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا اشترى شيئًا. من ابنه أو من أبيه أو مكاتبه جاز أن يبيعه مرابحة ولا يلزمه أن يبين ممن اشترى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز حتى يبيَّن ممن اشترى. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أنفق على السلعة كأجرة الخيَّاط والقضاء والتطريز فإنه يضمه إلى ثمن السلعة ويخبر بالكل إذا أراد بيعها مرابحة، إلا أنه يقول: هي عليَّ بكذا وكذا، أو قامت على بكذا وكذا، ولا يقول: ابتعتها بكذا وكذا، وهل له أن يقول رأس مالي فيها كذا وكذا؟ وجهان: وعند الحسن وسعيد بن المسيب وابن سِيرِينَ وطاوس والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ لا تضم النفقة التي أنفقها على السلعة إلى الثمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى سلعة بمائة، فاستغلاها فأخبر أنه اشتراها بتسعين، فإن البيع صحيح، وقد أساء بالكذب. وعند إِسْحَاق بن راهويه هذا كذب إذا كانت إرادته أنها قامت عليه بتسعين.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان ثمن السلعة مائة درهم فباعها مرابحة بوضع كل عشرة درهم، أو لكل عشرة درهم، أو قال: ده يازده، فإن الوضيعة تكون من كل إحدى عشر درهمًا درهم، فيكون ذلك تسعة وجزءًا من أحد عشر جزءًا من درهم، ويكون الباقي تسعين درهمًا وعشرة أجزاء من إحدى عشر درهمًا من جزء. وعند أَبِي ثَورٍ وأبي أيوب ومُحَمَّد بن الحسن أن الوضيعة تكون عشرة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: اشتريت هذه السلعة بمائة وبعتكها بمائة، وربح كل عشرة درهم، ثم بان أنه قد اشتراها بتسعين فالبيع صحيح، وبه قالت الزَّيْدِيَّة. وعند مالك باطل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبكم يأخذ في هذه المسألة قَوْلَانِ: أحدهما يأخذ بجميع الثمن وهو مائة وعشرة أو يرد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد. والثاني يأخذها بما ثبت أنه رأس المال وحصته من الربح، وهو تسعة وتسعون، وبه قال ابن أبي ليلى وأبو يوسف وَأَحْمَد والزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا أنه يأخذ بما ثبت أنه رأس المال وهلكت السلعة فإنه يأخذ به. وهل يثبت له الخيار؟ قَوْلَانِ: أحدهما يثبت له ذلك، وبه قال مُحَمَّد والزَّيْدِيَّة فيرد القيمة ويسترجع الثمن. والثاني لا يثبت له، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وابن أبي ليلى وأبو يوسف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أخبر بثمن السلعة وأنه مائة، ثم باعها مرابحة برأس ماله، وربح درهم في كل عشرة، ثم قال البائع أخطأت، وإنما

كان الثمن مائة وعشرة والربح يكون أحد عشر لم يقبل منه ولو أقام البينة على ذلك. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا أقام البينة على ذلك كان المشتري بالخيار إن شاء أخذ بما أخبر به. وقامت عليه البينة، وإن شاء فسخ. * * *

باب النجش وبيع الحاضر للبادي والتسعير

باب النجش وبيع الحاضر للبادي والتسعير مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد النجش محرَّم، وهو أن يزيد في السلعة ولا يريد شرائها ليغتر المشتري، فإن اغترَّ به المشتري واشترى كان الشراء صحيحًا. وعند مالك يكون باطلاً، وهو رِوَايَة عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا جلب إلى بلد متاع والناس يحتاجون إليه، وقال المجلوب إليه: دعه حتى أبيعه لك بعد هذا الوقت على مهل فيزيد لك الثمن، فإن هذا لا يجوز وإذا باع صح البيع. وعند أَحْمَد لا يصح البيع. وعند جماعة من أهل الظاهر لا يجوز للحاضر أن يبيع للبادي، ويجوز أن يشتري له. وعند جماعة منهم أن الذي في هذا منسوخ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التسعير محرَّم، وهو أن يأمر الوالي أهل الأسواق أن لا يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا، سواء كان في بيع الطعام أو غيره، وسواء كان في حال الرخص أو الغلاء. وعند مالك يجوز التسعير بكل حال.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سعَّر السلطان على الناس فباع أحدهم متاعه وهو لا يقدر على ترك البيع كان مكرهًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إكراه السلطان يمنع صحة البيع، وإكراه غيره لا يمنع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان في السوق رجل يخالف أهل السوق في أسعارهم فيبيع بزيادة على ذلك أو بنقصان، لم يكن للناظر في أمور المسلمين أن يقول له: إما أن تبيع بسعر السوق أو تمتنع من البيع في السوق وتبيع في بيتك. وعند مالك له ذلك فيقال له: إما أن تلحق بالناس، وإما أن تمتنع. واختلف أصحابه في معنى هذه اللفظة فقال بعضهم: أراد من حط سعرًا، كما إذا ابتاع الناس بعشرة فباع بثمانية، ومنهم من قال: إذا باع الناس بثمانية باع بعشرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يكره إحكار الطعام. وعند بعضهم لا يكره في غير الطعام. وعند ابن الْمُبَارَك لا بأس به في القطن والجلود ونحو ذلك. * * *

باب اختلاف المتبايعين وهلاك المبيع

باب اختلاف المتبايعين وهلاك المبيع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن أو جنسه، فقال البائع: بعتك بألف، وقال المشتري: اشتريت بخمسمائة، أو قال اشتريت بدراهم، فقال البائع بل بما قيل، فإنهما يتحالفان، سواء كانت السلعة قائمة أو تالفة في يد المشتري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إن كانت السلعة قائمة تحالفًا، وإن كانت تالفة فالقول قول المشتري، وهي الرِوَايَة الثانية عن أحمد. وعند مالك ثلاث روايات: إحداها كقول الشَّافِعِيّ. والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثالثة إن كان قبل القبض تحالفا، وإن كان بعد القبض فالقول قول المشتري. وعند الشعبي وشريح القول قول البائع بكل حال. واختلفت الزَّيْدِيَّة فالصحيح في مذهب المؤيد أن البيع يبطل. وعند يَحْيَى منهم إن اختلفا في الجنس والصفة بطل البيع، وإن اختلفا في المقدار فالبينة على البائع فيما يدعيه من الزيادة، سواء كانت السلعة قائمة أو مستهلكة، وهو مذهب النَّاصِر منهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا اختلف المتعاقدان في زيادة الأجل ونقضانه ونقصان المسلَّم فيه وزيادته، أو زيادة رأس المال ونقصانه، فإن كان لكل واحد منهما بينة تعارضتا، وإن كان لأحدهما بينة حكم له، وإن لم يكن لأحدهما بينة تحالفا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند النَّاصِر منهم على المدَّعي للزيادة البينة، والْيَمِين على الآخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا اختلف المتبايعان في قدر المبيع، فقال البائع: بعتك هذا الثوب بألف، وقال المشتري: بل بعتني هذين الثوبين بألف، فإنهما يتحالفان، وكذا إذا اختلفا في الأجل، أو في قدره، أو في الخيار، أو في قدره، أو في الرهن أو في قدره، أو في الضمان، أو في العهدة، فإنهما يتحالفان في كل ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يتحالفان في ذلك، بل القول قول من ينفي ذلك.

مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل يبدأ بيمين البائع أو بالمشتري؟ فيه طريقان: طريقة تقول: ثلاثة أقوال: أحدها يبدأ بيمين البائع، وبه قال أحمد، والثاني يبدأ بالمشتري، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثالث أنهما سواء فيبدأ بأيهما شاء. والطريقة الثانية: يبدأ بيمين البائع قولاً واحدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا مات المتبايعان واختلف ورثتهما تحالفوا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان المبيع في يد ورثة البائع تحالفوا، وإن كان المبيع في يد ورثة المشتري لم يتحالفوا، وكان القول قول ورثة المشتري. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف البائع والمشتري، فقال البائع: لا أسلِّم المبيع حتى أقبض الثمن، وقال المشتري: لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع فطريقان: أحدهما يجبر البائع على تسليم المبيع قولاً واحدًا، والطريق الثاني ثلاثة أقوال: أحدها هذا، والثاني يجبران على التسليم دفعة واحدة، والثالث لا يجبر واحد منهما وأيهما بدأ بالتسليم أخذ الآخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يجبر المشتري أولاً على تسليم الثمن، ثم يجبر البائع على إحضار السلعة. وحكاه بعض أصحاب الشَّافِعِيّ قولاً رابعًا عن الشَّافِعِيّ. وعند أَحْمَد يجبر البائع على تسليم المبيع بجبر المشتري، وعنه رِوَايَة أخرى إن كان الثمن في الذمة أجبر البائع على تسليم المبيع، وإن كان معيَّنًا جعل بينهما عدل يقبض منهما. وعند سعيد بن سالم القدَّاح أنه ينصب الحاكم أمينًا عدلاً لهما ويأمر

كل واحد منهما بتسليم ما عليه إليه، وحكاه في الحاوي قولاً للشافعي أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اشترى رجل من رجل عينًا بثمن في ذمتهما يسلم أحدهما نصف الثمن إلى البائع، فعلى البائع أن يسلم إليه نصف العين، وإن سلَّم أحدهما إليه جميع الثمن برئ شريكه مما عليه من الثمن، ولم يسلم نصيب الشريك الذي لم يدفع الثمن إلى الناقد بل إلى المالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا سلَّم أحدهما نصف الثمن لم يجبر البائع على تسليم شيء من المبيع إليه، وإن سلَّم إليه جميع الثمن وجب عليه تسليم جميع المبيع إلى الدافع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات أحد العبدين تحالفا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يتحالفان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والشعبي ورَبِيعَة وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا تلف المبيع قبل القبض بآفة سماوية انفسخ البيع ورجع المشتري بالثمن إذا كان قد سلَّمه، سواء كان البائع عرضه على المشتري فلم يقبل، أو كان المشتري قد سأل ذلك ومنعه البائع، فإنه يتلف من ضمان البائع. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ إن كان مكيلًا أو ورنًا أو معدودًا فهو من ضمان البائع، وإن كان غير ذلك فهو من ضمان المشتري، ولا ينفسخ البيع. وعند مالك أيضًا ينظر إن لم يطلب المشتري ذلك، أو كان البائع قد عرض عليه العين فلم يقبضها حتى تلفت فلا شيء على البائع، كالوديعة إذا تلفت عنده. وإن كان المشتري قد دفع الثمن وطالب بالسلعة المبيعة فلم يفعل البائع وجب على البائع قيمتها كالغاصب، وإن كان المشتري لم يدفع الثمن وطالب بالسلعة، فقال البائع: لا أسلمها حتى أقبض الثمن، ثم تلفت السلعة في يده كان كالرهن إذا تلف في يد المرتهن وحكم الرهن عنده إذا هلك في يد المرتهن ينظر فيه، فإن كان هلاكه بأمر ظاهر فهو من ضمان المرتهن. وعند النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ إن سأل المشتري القبض فامتنع البائع من إقباضه حتى هلك المبيع كان من ضمان البائع، وإن لم يسأل المشتري ذلك فهو من ضمان المشتري. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق أيضًا لا ينفسخ البيع، ويكون من ضمان المشتري، وإن كان المشتري طالب البائع بالمبيع فلم يقبضه حتى تلف كان من

ضمان البائع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى بثمن معين فتلف الثمن في يد المشتري قبل القبض بطل البيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبطل. وهذا بناه على أصله أن الثمن لا يتعيَّن، وقد مضى الكلام معه فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ابتاع من رجل طَعَامًا بعينه ودفع إليه غرائر فقال ضعه فيها فهلك فهو من ضمان البائع. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ هو من ضمان المشتري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الإقالة فسخ وليست ببيع على القول الجديد، سواء كان قبل القبض أو بعده، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أنه يقول: هي بيع في حق غير المتعاقدين فثبت بها الشفعة، وبهذا الاستثناء قالت الزَّيْدِيَّة، وبالجديد قال منهم الداعي وأبو طالب عن يَحْيَى. والقديم أنها بيع، وبه قال مالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيَّد عن يَحْيَى. واختاره المؤيَّد أيضًا. وعند أَبِي يُوسُفَ هي قبل القبض فسخ وبعده بيع، إلا في العقار فإنها بغ فيه قبل القبض وبعده. وعند مُحَمَّد هي فسخ إلا أن يكون بأكثر من الثمن الأول وبجنس آخر. وعند وقر فسخ على كل حال. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين عند الشَّافِعِيّ. وعند الزَّيْدِيَّة أيضًا لا تصح الإقالة إلا بعد القبض، ولا تصح مع بقاء المبيع، وإن كان المبيع شيئين فتلف جازت الإقالة على الباقي بحصته من الثمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا تجوز الإقالة بأكثر من الثمن ولا بأقل منه ولا بجنس آخر. ومتى تقائلا على ذلك كانت الإقالة فاسدة، وكان المبيع باقيًا على ملك المشتري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح الإقالة ويسقط الشرط ويرد الثمن المسمى في العقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر لا تجوز الإقالة على عوض عن الثمن. وعند مالك إن كان النادم البائع، فسأل المشتري على أن يفسخ البيع ويعطيه شيئًا فذلك جائز، وإن كان النادم المشتري فسأل البائع أن يقبله على أن يعطيه شيئًا فلا جبر فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف المبيع بفعل أجنبي ففيه قَوْلَانِ: أحدهما ينفسخ البيع ويكون من ضمان البائع. والثاني لا ينفسخ البيع، ويكون المشتري بالخيار إن شاء فسخ العقد واسترجع الثمن، وإن شاء أقر العقد ورجع ببدله على الجاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد والزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رجل يد عبد لغيره، ثم باعه السيد فقبضه المشتري،

ثم مات من ذلك القطع ضمن القاطع للمشتري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب للمشتري شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف البائع المبيع انفسخ البيع على أحد الطريقين، ولا ينفسخ على قول. وعند أَحْمَد لا ينفسخ البيع، ويرجع على البائع بمثله إن كان له مثل، وبقيمته إن لم يكن له مثل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وطء المشتري الجارية المشتراة ليس بقبض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو قبض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ البائع الجارية المبيعة قبل القبض فعليه المهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا مهر عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان المبيع جارية فقبضها المشتري قبل تسليمه الثمن بغير إذن البائع، ثم قطع البائع يدها وهي في يد المشتري وماتت من القطع لم ينفسخ البيع، بل يجب على البائع قيمتها، وبجب على المشتري جميع الثمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينفسخ البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع الثمرة على رءوس النخل وسلمها إلى المشتري بالتخلية بينه وبينها، فتلفت قبل القطع ففيها قَوْلَانِ: القديم ينفسخ البيع ويكون من ضمان البائع، وبه قال أحمد. والقول الجديد أنها من ضمان المشتري، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وسواء على القولين تلفت بآفة سماوية أو بالنهبة أو بالسرقة. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة إن كان التالف دون الثلث فهو من ضمان المشتري، وإن كان الثلث فزاد فهو من ضمان البائع. وعند أَحْمَد في رِوَايَة إن كان التالف بآفة سماوية فهو من ضمان البائع، وإن كان بالنهب أو السرقة فهو من ضمان المشتري. * * *

باب السلم

باب السلم مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وأَبِي ثَورٍ واختاره ابن المنذر يجوز السلم حالاً. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح السلم حالاً، والأجل شرط فى صحته. واختلفوا في الأجل، فقال مالك: أقله ما له رقم كالشهر وما زاد. وقال الْأَوْزَاعِيّ: أقله ثلاثة أيام. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ، فمنهم من قال: أقله ساعة، ومنهم من قال أقله ثلاثة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز السلم فى المعدوم إذا كان مأمون الانقطاع عند المحل، وإن كان منقطعًا حال العقد وما بعده، إلا أن المسلَّم فيه حالاً يعتبر وجوده حال العقد. وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ شرط السلم أن يكون المسلَّم فيه موجودًا من حين العقد إلى حين المحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة يجوز أن يكون رأس مال السلم الدراهم والدنانير وغيرها. وعند زفر، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يجوز أن يكون من غير النقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يكون رأس المال جزافًا في أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والقول الثاني يجوز، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يشترط قبض رأس المال في المجلس، فإن أبرأه عن بعضه قبل التفرُّق بطل السلم في ما تقابل ما لم يقبض من رأس المال، ولا

يكتفى بالبراء عن القبض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبطل، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز السلم في الدراهم والدنانير، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وسعيد بن المسيَّب والحسن البصري والنَّخَعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ كل حيوان جاز بيعه وضبط بالصفة، كالرقيق والأنعام والجمل والبغال والحمير جاز السلم عليه. وعند ابن مسعود والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يجوز السلم في الحيوان بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أنه يجوز السلم في المكيل والموزون وفى غيرهما، كالثياب والأكسية. وعند زفر، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يجوز إلا في المكيل والموزون، حتى لا تجوز في الثياب والأكسية. وعند النَّاصِر منهم أيضًا الأصح أنه لا يجوز السلم في الثياب إذا ضبطت بالوصف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يجوز السلم في رءوس ما يؤكل لحمه غير المشوية والمطبوخة؟ قَوْلَانِ أحدهما: يجوز وبه قال مالك وَأَحْمَد. والثاني لا يجوز وهو الصحيح وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز السلم في اللؤلؤ والجواهر. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ يجوز وزنًا إن كان أهل الصياغة يتعارفون ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يشترط في السلم في التمر سبعة أشياء: الجنس، والنوع، واللون، ودقة الحبة أو كبرها والبلاد، والجودة أو الرداءة، والعِتق أو الحدوثة. وعند الحنفية يذكر الجنس والنوع والجودة لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ السلم في اللحم جائز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز السلم إلى الحصاد، أو الدباش، أو العَطَاء، أو الموسم، أو قدوم الحاج، أو الشتاء، أو الصيف، أو إلى عيد من أعياد اليهود كالفطير والتعليق، أو إلى أعياد النصارى كالفصيح والشعانين. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ يصح السلم إلى العَطَاء أو الحصاد أو الدباش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل الأجل في يوم أو في شهر أو في سنة، بأن قال: سلِّمه في يوم كذا في شهر كذا، أو في سنة كذا لم يصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح،

ويحمل على أول اليوم، وأول الشهر، وأول السنة، وبه قال أبو علي بن أبي هريرة من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سلم في شيء وشرط أنه حالاً ثم اتفقا على تأجيله، أو أسلم إلى مؤجَّل ثم اتفقا على حلوله، أو زادا في الأجل أو نقصا منه، وكان ذلك بعد لزوم العقد بالتفرق أو التخاير لم يلحق بالعقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلحق بالعقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم في جنس إلى أجلين أو آجال، أو في جنسين إلى أجل أو آجال فقَوْلَانِ أحدهما: لا يصح. والثاني يصح وهو الصحيح، وبه قال مالك. مسألة: اختلف أصحاب الشَّافِعِيّ في بيان موضع التسليم وما يجب تسليم المسلَّم فيه إذا كان مؤجَّلاً على ثلاث طرق: فمنهم من قال: إن كان موضع العقد يصلح للتسلم لم يجب بيان موضع التسليم، ولا يجب تسليم المسلَّم فيه في موضع العقد، وإن كان موضع العقد لا يصلح للتسليم، بأن كان العقد في فلاة وجب بيان موضع التسليم. ومنهم من قال: التسليم إن كان بحمله مؤنة وجب بيان موضع التسليم، وإن لم يكن بحمله مؤنة لم يجب بيان موضع التسليم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. ومنهم من قال: فيه قَوْلَانِ أحدهما: يجب بيان موضع التسليم، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو يوسف وَأَحْمَد. والثاني لا يجب. وعند أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه لا يجب شرطه، وهو قول إِسْحَاق وطائفة من أصحاب الحديث. وإذا شرط بيان موضع التسليم فسد العقد. وعند أحمد فى رِوَايَة أخرى أنه يجوز شرطه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد من شرط صحة السلم قبض رأس المال في المجلس، فإن تفرقا من غير قبض لم يصح العقد. وعند مالك وإن تأخَّر بعد افتراقهما يومًا أو يومين أو ثلاثة جاز ما لم يشترطا ذلك، وإن تأخر أكثر من ذلك بطل.

مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في رأس مال السلم إذا كان معيَّنًا على قولين: أحدهما يفتقر إلى معرفة قدره وضبط صفته، وبه قال مالك وَأَحْمَد، وكذا أبو حَنِيفَةَ فى المكيل والموزون. والثاني لا يفتقر إلى معرفة قدره وضبط صفته، واختاره الْمُزَنِي وأبو يوسف ومُحَمَّد وأبو حَنِيفَةَ في غير المكيل والموزون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قبض بعض رأس المال في المجلس ثم تفرَّقا من غير قبض الباقي بطل العقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق يصح العقد بقدر ما قبض من رأس المال، ويفسد فيما لم يقبض. وهو وجه حكاه في الحاوي عن بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أخرى أنه لا يبطل إذا ردَّ إليه بدلها في المجلس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَة أخرى إن كان جميعها أو كثرها زيوفًا فردها بطل العقد، وإن كان الأقل زيوفًا ردها وأخذ بدلها في مجلس الرد لم يبطل. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لا يبطل الرد بحال. وعند مالك إن تأخر الباقي يومين أو ثلاثة جاز، وإن كان ذلك عن شرط لم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان رأس مال السلم ألف درهم فأقبضه بعضها وقاضه بالباقي بما في ذمته لم يصح السلم، وكذا إن أقبضه البعض وأحاله بالباقي لم يصح. وعند أَحْمَد يصح فيما قبضه في الصورتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح في الأولى، ويبطل فى الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج فيما قبضه المسلم إليه من رأس المال زائف فسد

العقد. وعند أَحْمَد والثَّوْرِيّ يتم من المسلم بقدر ما قبض من الجيد. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ له أن يبدله ولا يبطل السلم. واختلف القول عن إِسْحَاق، فروى عنه مثل قول الثَّوْرِيّ، وروى عنه مثل قول أَبِي ثَورٍ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان وجد زائفًا فالاستحسان أن يبدله ويأخذ غيره، وإن كانت مزيَّفة ردها وحط عنه بقدره. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إن كان زيوفًا كلها فالاستحسان أن يبدلها والسلم على حاله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز السلم في الجوز والبيض واللوز وزنًا، ولا يجوز عددًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يجوز ذلك عددًا، ووافقهما مالك في الجوز، وقال: إن كان له عادة يكال فلا بأس به كيلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز السلم في الفواكه كلها وزنًا، وكذلك في القثاء والبطيخ والبقل والروس إذا جوَّزنا السلم فيها أسلم فيها وزنًا، ولا يجوز كيلاً ولا عددًا. وعند إِسْحَاق وَأَحْمَد يجوز السلم في الرمان والسفرجل والخيار. لكن أحمد يقول هل يجوز ورنًا أو عددًا فيه رِوَايَتَانِ. وعند الْأَوْزَاعِيّ يجوز السلم فيما يتفاوت من ذلك ولا يتفاوت كثيرًا عددًا كالبيض والرمان والسفرجل والباذنجان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز السلم في الخبز. وعند أَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز السلم في القصيل جزمًا. وعند مالك يجوز السلم فيه جزمًا وحبالًا معروفة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم في شيء وشرط أن يأخذه في أيام متفرقة كل يوم شيئًا معلومًا فإنه لا يجوز على أحد القولين، ويجوز على القول الثاني، وبه قال مالك. وعند أَحْمَد لا بأس أن يأخذ من الخيار رطلاً بعد رطل إذا لم يعجَّل له ليرخص عليه. * * *

باب تسليم المسلم فيه

باب تسليم المسلم فيه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تعيَّن موضع التسليم إما بالشرط أو بمطلق العقد، أو قلنا يقتضي إطلاق العقد التسليم في موضع العقد فجابه في غير ذلك الموضع لم يلزمه قبوله، فإن دفع له أجرة ليحمله إلى ذلك الموضع لم يجز له أخذ الأجرة. وعند أبي ثور يجوز له أخذ الأجرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجوز التولية والشركة في المسلم فيه. وعند مالك تجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قبض المسلم المسلَّم فيه فحدث فيه عنده عيب، ثم وجد به عيب آخر لم يكن له رده بالعيب، وكان له المطالبة بأرش العيب. وعند أبي حَنِيفَةَ يلزمه إمساكه، وليس له المطالبة بالأرش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع المسلم إليه إلى المسلم رهنًا، وقال ابتع به طَعَامًا واستوف حقك من تحت يدك لم يجز. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تعذر تسليم المسلم فيه، بأن عدم في ذلك العام، أو هرب المسلَّم إليه فقَوْلَانِ: أصحهما لا ينفسخ العقد ويثبت للمسلم الخيار إن شاء فسخ العقد، وإن شاء أقر العقد إلى العام الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والقول الثاني أنه ينفسخ العقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وطاوس وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وهو المعروف تصح الإقالة في بعض المسلم فيه. وعند ابن أبي ليلى تكون إقالة في الجميع. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ وَمَالِك ورَبِيعَة واللَّيْث وابن عمر لا تصح الإقالة في بعض المسلم فيه، وبه قال أيضًا ابن أبي ليلى وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وهو رِوَايَة عن أحمد

أيضًا. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تقايلا عقد السلم ملك المسلم التصرُّف في الثمن قبل استرجاعه من المسلم إليه. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا يملك التصرف قبل استرجاعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أخذ الرهن والكفيل في السلم. وعند سعيد بن جبير والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وزفر وأَبِي ثَورٍ وعلي بن أبي طالب يكره ذلك. واختلفت الرِوَايَة عن ابن عمر وابن عَبَّاسٍ والنَّخَعِيّ، فروى عنهم جواز ذلك، وروى عنهم كراهة ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أخذ العوض عن رأس السلم إذا تفاسخا عقد السلم مع بقائه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز ذلك استحسانًا. وإن كان السلم فاسدًا جاز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحضر له جنسًا غير الجنس الذي أسلم فيه، مثل أن يسلم فى التمر، فيحضر له زبيبًا فلا يلزمه قبوله، ولا يجوز له قبوله. وعند مالك لا بأس بذلك، إلا الطعام فإنه لا يجوز أن يكون عنه آخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم بمائة درهم في كرٍّ من الطعام على أن يكون خمسين منها نقدًا والثاني دينًا في ذمته للمسلم إليه لم يصح الدين، وفي النقد يكون على القولين في تفريق الصفقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح في النقد بحصته من المسلم فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أحضر له أجود من المسلم فيه وقال له تعطيني العوض في مقابلة الزيادة وهي الجودة لم يجز ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان ذلك في المكيل والموزون لم يجز، وإن كان في المزروع والمعدود جاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ استصناع الخف والسمسكات والنعال والأواني من خشب أو صفر أو نحاس والقماقم والطسوت والأباريق لا يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. * * *

باب القرض

باب القرض مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أقرضه شيئًا إلى أجل لم يلزم الأجل وكان حالاً، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا أبو طالب والمؤيد عن يَحْيَى واختاراه، وهو قول الداعي منهم، وكذا لو كان له عنده ثمن حال فأجله، أو كان مؤجلاً فزاد في أجله لم يلزمه ذلك. وعند مالك يدخل الأجل في ابتداء القرض بأن يقرضه إلى أجل، ويدخل في انتهائه بأن يقرضه حالاً ثم يؤجله له فيتأجل. ووافقنا أبو حَنِيفَةَ في أن الأجل لا يدخل في القرض، قال: وأما الثمن الحال فيتأجَّل بالأجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز قرض غير الجواري من الحيوان كالعبيد والأنعام وغيرها مما يصح ببعها ويضبط وصفها، وقرض ما لا مثل له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح قرض الحيوان، ولا قرض ما لا مثل له كالشَّاة وغيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز استقراض من لا يحل له وطئها بنسب أو رضاع أو مصاهرة، ولا يجوز لمن يحل له وطئها. وعند الْمُزَنِي وابن داود وابن جرير الطبري يجوز

قرض الجواري لمن يحل له ولمن لا يحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا أقرض عبدًا فتلف عنده أو أتلفه ضمن. وإن أقرض صبيًا فأتلفه فلا ضمان عليه. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ عليهما الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز قرض الخبز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز، وبه قال بعض أصحاب الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز وزنًا، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند أَحْمَد في رِوَايَة ومُحَمَّد يجوز عددًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استقرض فلوسًا نافقةً ثم كسرت فعليه قيمتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرد الفلوس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان في ذمته دين لشخص فقال له: تصدق به أو حج به عني لم يبرأ بذلك الفعل. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يبرأ. * * *

كتاب الرهن

كتاب الرهن مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء يجوز أخذ الرهن في الحضر والسفر. وعند مجاهد وداود يجوز في السفر ولا يجوز في الحضر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز أخذ الرهن عن دين السلم بعد صحته، وقبل قبض رأس المال، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند زفر ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يجوز الرهن عنه قبل قبض رأس المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز أخذ الرهن في مال الكتابة. وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز أخذ الرهن عن الأعيان كالثمن المعين، والأجرة المعينة، والعواري، والغصوب، والمقبوضة على وجه السوم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ

يصح أخذ الرهن لكل عين كانت مضمونة بنفسها - يريد مضمونة بمثلها أو قيمتها. وأما البيع فلا يجوز عنده أخذ الرهن به، لأنه مضمون عنده بالثمن، وعنده يجوز أخذ الرهن بالمهر وعوض الخلع، لأنه يضمن بمثله ويضمنه، وكذا الصلح عند دم العمد، فإنه يجوز أخذ الرهن به عنده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يصح الرهن قبل ثبوت الحق، وهو أن يدفع إليه عينًا لتكون رهنًا بما يدفعه إليه من الغد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح ذلك، فإذا دفع إليه الحق من الغد صار رهنًا بالعقد، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة لا يلزم الرهن من جهة الراهن إلا بالقبض بإذن من الراهن. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر بمجرد الإيجاب والقبول، فمتى رهن شيئًا أجبر على إقباضه، وكذا قال في الهبة، وبه قال أَحْمَد إذا لم يكن الرهن مكيلًا أو موزونًا، فأمَّا إذا كان مكيلًا أو موزونًا فإنه لا يلزم إلا بالقبض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رهنه دارًا فخلى بينه وبينها فيها، ثم خرج الراهن منها صح القبض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح القبض حتى يخلى بينه وبينها بعد خروجه منها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رهنه دارًا فسلمها إليه وفيها قماش للراهن صح القبض في الدار، ولا يمنع ذلك من القبض. وكذلك إذا رهنه دابة فسلَّمها إليه وعليها حمل فإنه يصح القبض، ولا يمنع الحمل من القبض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يمنع القماش من قبض الدار، وكذا الحمل من قبض الدابة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس من شرط صحة الرهن استحقاق دوام اليد. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك هو شرط في صحته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رهنه دارين فقبض إحداهما ولم يقبض الأخرى كانت

المقبوضة رهنًا بجميع الدين. وكذا إذا قبض المرتهن الرهن كان وثيقة بالدين، ولكل جزء منه، فإذا رهنه عبدين بألف وقبضهما المرتهن فتلف أحدهما كان الباقي رهنًا بجميع الألف، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ فيما روى عنه في الأصول، وروى عنه في الزيادات أن الدَّين يسقط على الرهن. * * *

باب ما يجوز رهنه وما لا يجوز

باب ما يجوز رهنه وما لا يجوز مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ رهن المشاع جائز، وهو أن يرهن شريكًا له في دار، أو في أرض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة لا يصح من غير شريكه، ومن شريكه عنه رِوَايَتَانِ، وكذلك عنده إذا طرأت الإشاعة على الرهن بأن يبيع بعضه بإذن المرتهن هل يبطل الرهن؟ رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز زيادة الرهن بعقد على عقد قَوْلَانِ: القديم جوازه، وبه قال مالك وأبو يوسف والْمُزَنِي. والقول الجديد أنه لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صحة رهن الجاني الخلاف في بيعه وعند أَحْمَد يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رهنه أو أجَّره أرضًا عليها خراج، فالخراج على مالك الأرض دون المرتهن والمستأجر، فإن دفع المرتهن أو المستأجر الخراج بغير أمر من وجبت عليه لم يرجع به عليه. وعند مالك يرجع به عليه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن الخطاب وَأَحْمَد لا يجوز تخليل الخمر، فإن خُلِّلت لم تطهر، ولم يجز بيعها ولا رهنها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك ورَبِيعَة تطهر، فيجوز شربها وبيعها ورهنها. وعند كافة الزَّيْدِيَّة لا يجوز تخليلها. واختلفوا فيها لو خُللت مع التحريم، هل يحل تناولها؟ فعند النَّاصِر وزيد بن علي وَأَحْمَد بن عيسى والمؤيَّد يحل تناولها وشربها. وعند يَحْيَى والقاسم لا يحل، بل هو نجس محرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط في البيع رهنًا مجهولاً لم يصح الرهن، وكذا البيع فى أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني يصح، وبه قال مالك، وكذا الخلاف في الضامن المجهول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال بعتك عبدي بمائة على أن ترهن به رهنًا غير معين ولا موصوف لم يصح هذا الشرط. وعند مالك يصح، ويرجع فيه إلى العادة فيما يرهن بمثل ذلك الثمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إذا اتفق المتراهنان على أن يكون الرهن على يد عدل جاز ذلك وصح الرهن. وعند الحكم والحارث وقتادة وابن أبي ليلى وداود لا يصح الرهن. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اتفقا على وضع الرهن على يد عدلين، فأراد أحد العدلين أن يجعل الجميع في يد الآخر فوجهان: أصحهما لا يجوز. والثاني يجوز، فعلى هذا إذا تشاحا فيه وكان ممن ينقسم جاز أن يقسماه، فيكون عند كل واحد منهما النصف، فإن اقتسماه فسلَّم أحدهما ما حصل معه إلى الآخر ففيه وجهان: أحدهما لا يجوز. والثاني يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان مما لا ينقسم جاز لكل واحد منهما إمساك جميعه، وإن كان مما ينقسم لم يجز ويقسمانه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يجوز أن يضعاه في يد أحدهما بكل حال. وعند أَحْمَد ليس لأحدهما الانفراد بحفظه بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وكَّلا العبد في بيع الرهن عند محل الحق وعزله الراهن صحَّ عزله، ولم يكن له بيعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك لا ينعزل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا باع العدل الرهن بإذن الراهن والمرتهن فتلف الثمن فى يده، أو استحق الرهن، فإن العهدة تكون على الراهن، فيرجع المشتري بالثمن

عليه، ويرجع به على الراهن. وعند مالك لا عهدة على العدل، ولكن يرجع المشتري على المرتهن ولعود دين المرتهن إلى ذمة الراهن كما كان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وكَّل العدل في بيع الرهن فباعه وقبض الثمن فإن الثمن يكون في يده من ضمان الراهن إلى أن يسلمه إلى المرتهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو من ضمان المرتهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا خرج الرهن مستحقًا بعد ما دفع الثمن إلى المرتهن رجع بالعهدة على المرتهن، فإن كان المشتري ردَّه بعيب لم يرجع بالعهدة على المرتهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع على العدل، ولكون العدل بالخيار إن شاء رجع به على المرتهن وإن شاء رجع به على الراهن، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع الوصي مال الميت، فأخذ الثمن وقضى دين الميت ثم استحق المال من يد المشتري، فالمشتري يرجع بالثمن على مال الميت دون الوصي والغريم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يرجع على الوصي، والوصي يرجع على تركة الميت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استحق بعض الرهن كان الباقي رهنًا في أحد القولين، وبه قال ابن أبي ليلى وَمَالِك وأبو ثور، ويثبت للبائع الخيار إن كان مشروطًا في البيع. ويبطل في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى الوكيل أن الثمن ضاع بغير تفريط قبل منه، ويكون مضمونًا على الراهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون مضمونًا على المرتهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى الوكيل وهو من عُدِّل الرهن تحت يده وأذن له في بيعه دفع الثمن إلى المرتهن وأنكر المرتهن ذلك لم يقبل قول الوكيل على المرتهن، وعليه إقامة البينة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد القول قول العدل مع يمينه، فإذا حلف سقط حق المرتهن، ولا يكون ذلك سببًا للقبض في حق المرتهن، وإنما يجعل ذلك كأنه تلف في يده، لأنه أمين، ويقبل قوله بإسقاط الضمان عن نفسه، ولا يقبل قوله في إيجاب الضمان على غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا باع العدل الرهن فليس له إبراء المشتري عن الثمن، وكذا سائر الوكلاء بالبيع ليس لهم إبراء المشتري من الثمن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة

المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ للوكيل إبراءه، ويضمن هو للموكل مثله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات العدل لم يجز للحاكم أن يدفع الرهن إلى المرتهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وكّل الراهن المرتهن في بيع الرهن عند محل الحق لم تصح الوكالة ولا يصح بيعه. وعند ابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد فى رِوَايَة وإِسْحَاق تصح الوكالة ويملك بيعه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا علق عتق عبده بصفة توجد قبل حلول الحق لم يجز رهنه قولاً واحدًا، وإن كان يجوز أن توجد قبله ويجوز أن توجد بعده فطريقان: لا يجوز قولاً واحدًا. وقَوْلَانِ: أحدهما لا يجوز. والثاني يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يصح رهن الأشياء الرطبة على أحد القولين. ويصح فى القول الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. * * *

باب ما يدخل في الرهن وما لا يدخل وما يملكه الراهن وما لا يملكه

باب ما يدخل في الرهن وما لا يدخل وما يملكه الراهن وما لا يملكه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ النماء الحادث بعد الرهن، كالولد والثمرة واللبن وسائر منافعه لا يدخل في الرهن، بل هي ملكٌ للراهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند قوم من أصحاب الحديث وأَبِي ثَورٍ نماء الرهن ومنافعه ملك لمن ينفق عليه، فإن كان الراهن هو الذي ينفق عليها ملكها، وإن كان المرتهن هو الذي ينفق عليها فالنماء ملكٌ له. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق لبن الرهن ملكٌ للمرتهن، فله حلبه وشربه، وسائر النماء ملك للراهن، ولا يدخل في الرهن عند أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والحسن بن حيي وسائر الزَّيْدِيَّة الثمرة واللبن الحادث بعد الرهن ملكٌ للراهن، إلا أنه يدخل في الرهن، ولا يدخل في الكسب والغلة. وعند مالك الولد الحادث يكون رهنًا كقول أَبِي حَنِيفَةَ، وأما الثمر والكسب فلا يكون رهنًا كقول الشَّافِعِيّ. وعند اللَّيْث إذا كان الدين حالاً دخلت الثمرة في الرهن، وإن كان إلى أجل فالثمرة لصاحب الأصل. وروى عنه أنها لا تدخل فيه إلا أن تكون موجودة يوم الرهن. وعند الْإِمَامِيَّة إذا رهن حيوانًا حاملاً فأولاده خارجون عن الرهن، فإن حمل الحيوان في الارتهان كان أولاده رهنًا مع أمهاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد يجوز للراهن أن ينتفع بالرهن، وليس

للمرتهن منعه منه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ليس للراهن ولا للمرتهن أن يتتفعا بالمرهون بل تترك المنافع تتلف على ملك الراهن. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز إلا بإذن المرتهن. وعند أَحْمَد رِوَايَة حكاها الخرقي عنه أنه إذا أنفق المرتهن على الرهن كان له أن ينتفع بقدر ما أنفق، وإن لم يأذن له الراهن في النفقة، وعنه رِوَايَة أخرى أنه لا يرجع في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح رهن الثمرة بعد بدو صلاحها دون الأصل. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يصح رهنها دون الأصل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ليس للراهن تزويج العبد المرهون، ولا الأمة المرهونة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح بيع المرهون بعد القبض بغير إذن المرتهن، وبه قال أبو ثابت من الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم يقف لزوم البيع في فكاك الرهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق الراهن العبد المرهون فثلاثة أقوال: أحدها لا يعتق موسرًا كان أو معسرًا، وبه قال عَطَاء وعثمان البتي وأبو ثور. والثاني ينفذ موسرًا كان أو معسرًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وشريك والحسن بن صالح، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: يستسعى العبد بقيمته إن كان معسرًا ويرجع بها على الراهن. الثالث وهو الصحيح، وبه قال مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة ينفذ إن كان موسرًا، ولا ينفذ إن كان معسرًا، إلا أن عند مالك إذا طرأ له مال وهو معسر نفذ إذا قضى المرتهن وإلا لم ينفذ عتقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا لا ينفذ العتق فقضى الحق من غيره، أو عاد إليه بعد ما باعه فإنه لا يعتق. وعند مالك يعتق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يحل للمرتهن وطء الجارية المرهونة ولو أذن له الراهن وعند عَطَاء يحل له الوطء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وطئ المرتهن الجارية كالمرهونة ولم يدَّع الجهل بالتحريم فعليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في إحدى الروايتين لا حدَّ عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئها بإذن الراهن وادَّعى الإباحة فهل يجب عليه الحد

والمهر، أو لا حد ولا مهر؟ قَوْلَانِ، وبالثاني قال أحمد، وبالأول قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاءت بولد فهو حر، وفي وجوب قيمته قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد هو حر، ولا قيمة عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو رقيق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا أذن المرتهن للراهن مطلقًا في بيع الرهن فباعه صح البيع، وسقط حق المرتهن من الرهن، ولم يتعلق حق بثمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد يتعلق الحق بثمنه، ويكون رهنًا مكانه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن الراهن للمرتهن في بيع على أن يكون ثمثه رهنًا مكانه قَوْلَانِ: أحدهما الشرط فاسد والبيع فاسد. والثاني يصح البيع والشرط، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحاب أَحْمَد والْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن المرتهن للراهن في بيع الرهن قبل محل الحق بشرط أن يعجل له الحق فإن البيع والشرط فاسدان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي يسقط الشرط ويصح البيع، ويكون ثمنه رهنًا فلا يجب التعجيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا غاب الراهن وأنفق المرتهن على الرهن كان متطوعًا. وعند أَحْمَد لا يكون متطوعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على الراهن ما يحتاج إليه الرهن من نفقة وكسوة وعلف وكفن ومؤنة تجهيز وأجرة حافظة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب ذلك على المرتهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جُني على المرهون كانت المداواة على الراهن إن شاء ما لم يكن في الدواء أضرار، ولا يجبر عليها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون على المرتهن إذا كانت قيمة الرهن بقدر الدين، وإن كانت قيمته أكثر من الدين فما زاد يكون على الراهن، وما كان بقدر الدَّين يكون على المرتهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أجرة من يرد الرهن الآبق على الراهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تكون بقدر الأمانة على الراهن، وبقدر الضمان على المرتهن.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رهن أرضًا فيها شجر أو بناء لم يدخل ذلك في الرهن بإطلاق العقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يدخل البناء والشجر في الرهن بإطلاق العقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح إفراد البناء والغراس في الرهن دون مواضعها، فإذا أطلق لم تدخل مواضعها في العقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح إفراد البناء، ويصح إفراد الغراس، فيبيع مواضعه، لأن الغراس عبارة عنه وعن موضعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط في الرهن شرطًا فاسدًا، فإن كان نقصانًا في حق المرتهن بطل قولاً واحدًا. وإن كان نقصانًا في حق الراهن فقَوْلَانِ: أحدهما يفسد الرهن. والثاني لا يفسد الرهن ويفسد الشرط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبطل الرهن بالشروط الفاسدة. وعند أَحْمَد الشرط والرهن صحيحان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا إن الرهن يفسد بالشروط الفاسدة، فهل يفسد البيع إذا كان مشروطًا أم لا؟ فيه قَوْلَانِ: أحدهما يفسد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني لا يفسد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جنى العبد المرهون تعلقت الجناية برقبته وقدّمت على حق المرتهن، فإذا فداه السيد وأسقط المجني عليه حقه كان رهنًا بحاله، وإن فداه المرتهن بإذن الراهن ليكون مضافًا إلى الدين ويكون رهنًا بهما جاز ذلك وهل يكون رهنًا بهما؟ فيه قَوْلَانِ مضيا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا جنى العبد المرهون كان مضمونًا على المرتهن، فإن فداه كان رهنًا بحاله، ولا يرجع بالفداء على السيد، وإن بيع في الجناية أو فداه السيد سقط حقه من الدين إن كان بقدر ذلك أو دونه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر الراهن بأن العبد المرهون جنى قبل الرهن وصدقه المقر له بالجناية وكذبه المرتهن فقَوْلَانِ: أحدهما: يقبل إقراره، وبه قال مالك، إلا أن مالك

يشترط يسار المقر. والثاني لا يقبل إقراره، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ واختاره المزني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى العبد المرهون فالخصم في الجناية هو الراهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الخصم هو المرتهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا جنى المرهون ففداه المرتهن مع غيبة الراهن لم يحسب له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحسب له الملك لا الرهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رهنه عصيرًا حلوًا فاستحال خمرًا بطل الملك فيه والرهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبطل الملك ولا الرهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رهنه عصيرًا فصار خمرًا بطل الرهن وزال الملك، فإن زالت النبيذة فهو على الملك والرهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يزول الملك ولا يبطل الرهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والهادي إذا استحال الخمر خلاً بصنعة آدمي لم تطهر بذلك وزالت الخمرية عنه، ويكون خلاً نجسًا لا يحل شربه، ولا يعود ملك الراهن فيه ولا الرهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون طاهرًا ويحل شربه، والرهن فيه بحاله. وعند مالك

رِوَايَتَانِ كالمذهبين. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان المرهون حيوانًا فمات في يد المرتهن وأخذ جلده ودبغه ففي عود الملك في الجلد وجهان: أحدهما: لا يعود. والثاني يعود الملك ويعود الرهن، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وعَطَاء وَأَحْمَد وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ وعمر بن الخطاب وإحدى الروايتين عن على أن الرهن أمانة في يد المرتهن غير مضمون، فإذا تلف في يد المرتهن من غير تفريط لم يضمنه ولا يسقط من دينه شيء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، إلا في مسألة واحدة وهو أن للمرتهن حبسه إلى اقتضاء حقه، فإنه ليس بأمانة في حق الحبس. وعند زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة أنه أمانة، إلا في مسألتين إحداهما: في وجوب الضمان، والثانية في الحبس. وعند القاسم منهم لا يضمن. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه هو مضمون على المرتهن بأقل الأمرين من قيمته أو قدر الدين، فإذا هلك وكان الدين مائة وقيمة الرهن تسعين ضمنه بتسعين وبقى له من دينه عشرة، وإن كان الدين تسعين. وقيمة الرهن مائة سقط جميع دينه، ولا يرجع الراهن عليه بشيء، وإن تساويا لم يسقط الدين. وعند إِسْحَاق الرهن مضمون على المرتهن بكمال قيمته ثم يترادان، وهي الرِوَايَة الأخرى عن علي. وعند الشعبي والحسن البصري وشريح والنَّخَعِيّ أنه إذا هلك في يد المرتهن سقط دينه، سواء كانت قيمته أكثر من الدين أو أقل، أو كانا متساويين وعند مالك يضمن من الرهن ما خفي هلاكه كالعروض والذهب، وما ظهر هلاكه كالعقار والحيوان فلا يضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن البصري فوائد الرهن غير مضمونة على المرتهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وأبو العبَّاس وأبو طالب، وكان السيد منهم يستضعف ذلك، وتوقف في ذلك جماعة من الفقهاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قضى الراهن الدين أو أبرأه منه المرتهن كان الرهن في يد المرتهن أمانة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قضاه كان الرهن مضمونًا، وإن أبرأه المرتهن أو وهبه له لم يكن مضمونًا استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار الراهن من المرتهن الرهن لينتفع به فتلف في يده كان

مضمونًا عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ظهر بالرهن عيب فقال الراهن حدث عند المرتهن، وقال المرتهن أنه حدث عند الراهن فلا شيء على المرتهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة القول قول الراهن. * * *

باب اختلاف المتراهنين

باب اختلاف المتراهنين مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اختلف الراهن والمرتهن فى قدر الرهن، أو ما رهن به، مثل أن يقول: رهنتك أحد هذين العبدين اللذين في يدك بمائة، وقال: بل رهنتني العبدين معًا بمائة، أو يقول الراهن: رهنتك هذا العبد بخمسين، فيقول المرتهن: بل رهنتنيه بمائة، فالقول قول الراهن في المسألتين معًا. وكذا إذا اختلفا في أصل الدين فالقول قول الراهن. وعند الحسن وقتادة إن كان الرهن بقدر الدين فالقول قول المرتهن، وإن كان أكثر من الدين فالقول قول الراهن. وعند إياس بن معاوية إن كانت له بينة أنه دفع الرهن إليه فالقول قول الراهن، وإن لم تكن له بينة والرهن في يد المرتهن فالقول قول المرتهن. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب المعتمد والدر الشفاف كقول الحسن وقتادة. ونقل عنه صاحب الشامل والشاشي أن القول قول المرتهن إلى قدر الدين، وإن ادَّعى أكثر من ذلك فالقول قول الراهن. ونقل عنه صاحب البيان أن القول قول الراهن فإن كان العبد الذي أقرّ الراهن برهنه في المسألة الأولى يساوي مائة أو دونها ويرهن مثله بمائة، فالقول قول الراهن، وإن كان لا يساوي مائة ولا يرهن مثله بمائة في العادة فالقول قول الراهن مع يمينه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا أقرَّ الراهن أنه سلَّم العين المرهونة ثم أنكر وطلب يمين المرهون له أنه قبض وجب عليه ذلك، وكذا إذا أقر بتسليم الرهن ثم أنكره، وكذا في الثمن، وأخذ به جماعة من أصحاب الشَّافِعِيّ، ومنهم من لم يأخذ بظاهره، وهو الأشبه عندهم. وعند أَحْمَد ومُحَمَّد بن الحسن أنه لا تجب عليه الْيَمِين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باعه شيئًا بشرط أن يرهنه عصيرًا، فرهنه العصير وقبضه

المرتهن فوجده خمرًا، فقال المرتهن: أقبضتنيه خمرًا فلي الخيار في فسخ البيع، وقال الراهن: بل صار خمرًا بعد أن قبضته فلا خيار لك، فقَوْلَانِ: أحدهما القول قول المرتهن مع يمينه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والْمُزَنِي. والثاني القول قول الراهن وهو الصحيح، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن أقرَّ الراهن على عبده بأنه جنى جناية توجب المال، وأنه أتلف مالاً، وصدقه المقر له وكذبهما المرتهن فقَوْلَانِ: أحدهما القول قول الراهن. والثاني وهو الصحيح القول قول المرتهن، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلَّ الحق وامتنع الراهن من قضاء الدين طولب ببيع الرهن، فإن امتنع عزَّره، فإن امتنع باع عليه الحاكم بنفسه أو بأمينه وصرف في الدين. وعند أبي حَنِيفَةَ ليس للحاكم بيعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار عبدًا ليرهنه، فرهنه فتلف في يد المرتهن، أو جنى فبيع في الجناية، فإن قلنا إنه ضمان لم يرجع السيد على الراهن بشيء، وإن قلنا إنه عارية رجع عليه بقيمته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع عليه بما سقط من حق المرتهن. * * *

باب التفليس

باب التفليس مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان عليه دين مؤجل وأراد سفر الجهاد ويحلُّ الدين قبل رجوعه، فليس لمن له الدين منعه من السفر ولا مطالبته بالكفيل. وعند مالك له منعه من السفر حتى يقيم له كفيلاً أو رهنًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان الدين حالاً ومن عليه الدين معسرًا وثبت اعساره خلَّاه الحاكم، ولم تجز مطالبته به ولا ملازمته عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس للغريم مطالبته وله ملازمته، فيسير معه حيث سار، ويجلس معه حيث جلس، إلا أنه لا يمنعه من الاكتساب. وإذا رجع إلى داره، فإن أذن لغريمه في الدخول معه دخل معه، وإن لم يأذن له بالدخول كان للغريم منعه من الدخول.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إذا لم يف مال المفلس بديونه وكان ممن يقدر على الاكتساب فإنه لا يجبر على إجارة نفسه، بل إن اكتسب وحصل معه تفضُّل عن نفقته ونفقة من تلزمه نفقته قضى به الدين. وعند عمر بن عبد العزيز وسوار بن عبد الله القاضي وعبيد الله بن الحسن العنبري وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجبر على إجارة نفسه لقضاء الدين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا كان لمن كان عليه الدين مال ظاهر وامتنع من بيعه باعه الحاكم عليه، وإن شاء ألزمه بيعه، وإن قضى الحاكم للغريم شيئًا من مال من عليه الدين جاز. وعد أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز للحاكم أن يبيع عليه ماله، ولكن يحبسه حتى يقضي الدين بنفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى الإعسار وكان الدين لزمه بمعاملة، فلا بد من البينة على إعساره، وهو الصحيح عند الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر ويَحْيَى منهم أنه إذا كان ظاهر الإفلاس فبينة اليسار على المدَّعى لليسار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ تسمع البينة على إعسار المعسر إذا كانت من أهل المعرفة المتقادمة والخبرة الباطنة. وعند مالك لا تسمع البينة على إعساره بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تسمع بينة المعسر في الحال ويحبس شهرين. وروى عنه ثلاثة أشهر. وروى عنه أربعة أشهر. وقال الطحاوي: شهرًا. ومنهم من قال: ليس بمقدَّر،

وإنما يحبسه قدرًا يغلب على ظن الحاكم أنه لو كان له مال يظهر. وعند مالك وزيد بن على لا تسمع ولا بعد الحبس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقام المعسر بينة على الإعسار، فقال الغريم: له مال باطن لم تعلم به البينة، وطلب بينة على ذلك فقَوْلَانِ: أحدهما لا يجب عليه أن يحلف، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثاني يجب عليه أن يحلف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يقم بينة على إعساره وجب حبسه إذا سأله الغرماء. وعند عمر بن عبد العزيز واللَّيْث بن سعد لا يجوز أن يحبس أحد على دين. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ في حبس الوالد بدين الولد الخلاف. وعند أَبِي يُوسُفَ يحبس بذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن لا يحبس إلا في نفقة الولد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو العبَّاس ويَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كل موضع حكم بحبسه حُبس، ولا غاية له، بل يحبس حتى يكشف عنه ثلاثًا أو أربعًا، فمتى ثبت إعساره خُلّي، ولا تُغفُّل المسألة عنه. وعند أبي حَنِيفَةَ في رِوَايَة: الأصول تحبس أربعة أشهر، وقال في موضع: ثلاثة أشهر، وقال في موضع: أربعين يومًا، وقال في موضع: شهرًا. قال أصحابه: ليس هذا على سبيل التحديد، وإنما هو على قدر حال المفلس، فإن كان ممن لا يعلم بحاله إلا بحبس أربعة أشهر حبس قدر ذلك، وكذا إذا كان لا يعلم بحاله إلا بحبس ثلاثة أشهر حُبس قدر ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ نفقته في مدة الحبس في ماله، وعند قوم هي على غرمائه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حبس في حق رجل وآخر يدَّعي عليه حقًّا جاز للحاكم أن يحضره ويسمع الدعوى عليه. وعند مالك لا يجوز إخراجه من الحبس بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حبسه لم يغفله ويسأل عن حاله. وعند مالك يجب أن يغفله ولا يتولى الكشف عن حاله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ من حبس لأجل الدين لا يجوز تقييده، ولو خاف

منه الهرب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الحسن عن الهادي. وعند النَّاصِر منهم يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سأل الغرماء أو بعضهم الحاكم الحجر عليه حجر عليه وباع عليه ماله. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يحجر عليه ولا يبيع عليه ماله، بل يحبسه حتى يقضي ما عليه. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجوز له ذلك إلا إذا تمرَّد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يباع عليه ما لا غنى عنه، كعبده الذي يحتاج إلى خدمته، وداره التي يسكنها. وعند أَحْمَد لا يباع عليه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان وعلي وأبي هريرة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وَمَالِك وعروة بن الزبير إذا حجر الحاكم على المفلس تعلقت ديون الغرماء بماله ومنع من التصرف بماله، ومن وجد عين ماله فهو أحق به، وكذلك إذا مات وعليه ديون ولا تفي تركته بحقوقهم، فحكمه حكم المفلس على ما ذكرناه حرفًا بحرف. ووافقنا مالك في المفلس، وخالفنا في الميت. وعند الحسن البصري والنَّخَعِيّ وابن شُبْرُمَةَ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يحجر الحاكم على المفلس، ولا تتعلق حقوق الغرماء بماله، ولا يكون من وجد عين ماله أحق به، وإنما يملك الحاكم أن يحبسه ويأمر بقضاء ديونه، كما يُفعل بالملي، وكذا قالوا في الميت: أن حقوق الغرماء لا تتعلق بماله، ومن وجد منهم عين ماله لا يكون أحق به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حجر على المفلس انقطع تصرفه في ماله، فإن تصرَّف في غير ماله فقَوْلَانِ: أحدهما أنه باطل، وبه قال ابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وَمَالِك واختاره الْمُزَنِي، والقول الثاني أنه صحيح ويكون موقوفًا على ما فضل من قضاء ديونه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا: تصرفه باطل، فالعتق وغيره سواء. وعند أَبِي يُوسُفَ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ ينفذ عتقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرَّ المفلس بعد الحجر بدين لزمه قبل الحجر قبل إقراره.

وهل يشارك الغرماء؟ قَوْلَانِ: أصحهما يشاركهم ويضرب معهم به. والثاني لا يشارك الغرماء، وإنما يدفع إليه ما فضل منهم، وبه قال مالك وعبد الله بن الحسن والثَّوْرِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نصب الحاكم أمينًا لبيع مال المفلس وقبض ثمنه فباع شيئًا منه. وقبض ثمنه، ثم تلف في يده من غير تفريط تلف من ضمان المفلس. وكذا إذا باع العدل شيئًا من مال المفلس وقبض ثمنه، فلو ادعى رجل على المشتري أن العين الذي اشتراها ملكه وأقام على ذلك بيّنة أخذها من يد المشتري، فإن كان الثمن باقيًا في يد العدل رجع به المشتري، وإن كان المال قد تلف في يد العدل بغير تفريط رجع المشتري بالعهدة في مال المفلس. ووافقنا أبو حَنِيفَةَ في هذا. وخالفنا في العدل إذا تلف الرهن في يده، وفي الوكيل والوصيِّ إذا تلف المال في أيديهم بغير تفريط أن الضمان يجب عليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حُجر على المفلس وعليه دين مؤجَّل لم يحل في أحد القولين، واختاره الْمُزَنِي، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ. ويحلُّ في القول الثاني، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وبعض العلماء إذا أفلس المشتري قبل توفير الثمن والسلعة قائمة بعينها كان البائع أولى بسلعته من الغرماء، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه البائع أسوة الغرماء، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا بذل الغرماء للبائع حقه ويترك الرجوع في عين ماله لم يلزمه إجابتهم إلى ذلك. وهكذا الورثة إذا بذلوا له الثمن ويترك الرجوع في عين ماله لم يلزمه إجابتهم إلى ذلك. وعند مالك إذا بذل الغرماء الثمن لزمه قبوله، ولم يكن له الرجوع بعين ماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع عينًا وقبض ثمنها ثم أفلس المشتري، فهل للبائع أن يرجع في بعض العين بقدر ما بقي من الثمن؟ قَوْلَانِ: القديم ليس له ذلك. والجديد له الرجوع في بعض العين بقدر ما بقي من الثمن. واختلف النقل عن مالك فنقل عنه الشيخ أبو حامد موافقة القول القديم، ونقل عنه صاحب الشامل والشاشي والمعتمد والخوارزمي في النكت أنه ليس له الرجوع في بعض العين، بل هو بالخيار إن شاء ردَّ

قيمة ما قبضه من الثمن ورجع في جميع العين، وإن شاء ضَرَب بقدر ما بقي من الثمن مع الغرماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى زيتًا فخلطه بزيته، أو قمحًا فخلطه بقمحه ثم أفلس، فإن كان خلطه بمثله أو بما دونه فالبائع بالخيار إن شاء أخذ كمكيله وزيته منه، أو كمكيله وقمحه، وإن شاء ترك وضرب مع الغرماء. وإن خلطه بأجود منه فقَوْلَانِ: أحدهما لا رجوع له ويضرب مع الغرماء. والثاني يأخذ من الزيت بقدر قيمة زيته. وعند مالك يأخذ زيته بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تغيَّر المبيع، بأن كان حنطة فطحنها، أو غزلاً فنسجه، أو دقيقًا فخبزه لم يسقط الفسخ، وعند أَحْمَد يسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان وعلي وأبي هريرة من مات وعليه دين تعلّق ذلك بماله. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يتعلَّق بماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وعامة أهل العلم إذا مات من له دين إلى أجل وعليه دين إلى أجل، فإن الدين الذي له إلى أجله لا يحلُّ بموته، والذي عليه يحلُّ بموته. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ وطاوس وعمرو بن دينار وَأَحْمَد فى أصح الروايتين لا يحل ما عليه بموته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان غرماء الميت ممن باع منه عينًا، ووجد عين ماله ولم يقبض ثمنها، فإن كانت التركة لا تفي بالدين فللبائع أن يرجع في عين ماله. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يرجع فيها، بل يضرب مع الغرماء بدينه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع حنطة فطحنها المشتري، أو ثوبا فقصَّره المشتري، ثم أفلس فقَوْلَانِ: أحدهما يرجع البائع في الجميع، وبه قال مالك، واختاره الْمُزَنِي. والثاني وهو الصحيح أن المشتري والبائع شريكان في ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحاب مالك إذا قُسِّم مال الميت، أو مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم آخر له دين كان مستحقًّا قبل الحجر رجع على الغريم من سائر الغرماء بما يخصه. وعند مالك يرجع غريم الميت ولا يرجع غريم المفلس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استفاد المفلس مالاً ولم يف بديونه حجر الحاكم عليه ثانيًا وقسَّمه بين غرمائه الأوَّل، وغرمائه الذين حدثوا بعد الإفلاس. وعند مالك يختص به غرماؤه الآخرون دون الأولين، إلا أن يكون استفاده من ميراث أو أرش جناية، فيقسَّم بين الأولين والآخرين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زاد ثمن السلعة بعدما أفلس المشتري لم يمنع ذلك البائع من الرجوع فيها. وعند مالك الغرماء بالخيار بين أن يعطوه ثمنها الذي باعها به وبين أن يسلِّموا إليه السلعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى جارية ثم ولدت عنده، ثم أفلس، فالبائع بالخيار بين أن يرجع في الأمِّ دون الولد وبين أن يترك ويضرب مع الغرماء. وعند أَحْمَد يرجع فيها. وعند مالك للبائع الرجوع في الأمِّ وولدها، إلا أن يختار الغرماء أن يعطوه كمال حقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى أرضًا فبنى فيها، فالبائع بالخيار بين أن يعطي قيمة البناء، ويكون ذلك له، وبين أن يرجع في الأرض دون العمارة وتكون العمارة للغرماء، إلا أن يشاءوا أن يقلعوا العمارة ويكون عليهم ما حصل من النقص. وعند مالك تُقوَّم الأرض وما فيها مما أصلح، ثم ينظر كم ثمن البقعة وكم ثمن البنيان، ثم يكونان شريكين، لصاحب البقعة بقدر حصته، وللغرماء حصة البناء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أجر إبلاً بأعيانها ثم أفلس، فللمكترين أن يركبوا إبلهم، ولا تباع حتى يستوفوا حمولتهم، وبه قال مالك، إلا أنه قال: إلا أن يضمنوا له الغرماء حملانهم، ويكترون له من مَلي، ويأخذوا إبلهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر حمولة لتحمل له طَعَامًا إلى بلد، فمات المكترى، أو أفلس، فإن كان قبل الحمل كان للحمَّال الفسخ، وإن كان بعد الحمل فهو أسوة الغرماء. وكذلك إذا استأجر أجيرًا في حائط أو زرع، ثم أفلس، فالأجير أسوة الغرماء. وعند مالك الحمَّال أولى بالطعام إذا كان تحت يده حتى يستوفى، والأجير أولى بما في يده حتى يقتضي أجرته.

باب الحجر

باب الحجر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعامة أهل العلم يثبت الحجر على البائع إذا كان ضعيف العقل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر لا يثبت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك سن البلوغ في الذكر والأنثى استكمال خمس عشرة سنة. وعند مالك وداود

ليس للبلوغ بالسن حد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ سنَّه في الغلام سبع عشرة سنة في رِوَايَة مُحَمَّد عنه وهو الصحيح، وفي رِوَايَة الحسن اللؤلؤي عنه إذا بلغ ثماني عشرة سنة، وعنده في الجارية سبع عشرة سنة. وعند مالك يحكم فيها بتسع عشرة سنة، أو ثماني عشرة سنة، ويحكم ببلوغ الغلام بسبع عشرة سنة وفي الجارية عنه رِوَايَتَانِ إحداهما: تسع عشرة سنة، والثانية: ثماني عشرة سنة. ومن أصحابه من يقول: إنها رِوَايَة واحدة، وهو أن يستكمل ثماني عشرة سنة، ويدخل في تسعة عشر. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الشعر الخشن الذي ينبت حول ذكر الرجل وحول فرج المرأة، هل هو حقيقة في البلوغ؟! أم هو دلالة على البلوغ؟ على قولين: أحدهما: أنه حقيقة في البلوغ، وبه قال مالك وسائر الزَّيْدِيَّة وزيد بن علي. والثاني أنه دلالة على البلوغ، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه ليس بدلالة ولا حقيقة في حق المسلم ولا الكافر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بلغ الصبي غير مصلح لماله ودينه لم يدفع إليه المال. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وإِسْحَاق يدفع المال إليه إذا كان مصلحًا لماله، وإن لم يكن مصلحًا لدينه، وبه قال من الشَّافِعِيَّة صاحب التتمة، وبه الفتيا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك يجوز للولي أن يأكل من مال اليتيم شيئًا إذا كان فقيرًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له أن يأكل فقيرًا كان أو غنيًّا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا بلغ غير مصلح لماله لم يسلَّم إليه المال ما دام كذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يسلم إليه ماله، لكن إن تصرَّف فيه ببيع أو عتق أو غيره نفذ تصرفه، فإذا بلغ خمسًا وعشرين سنة انفك الحجر عنه ودفع المال إليه وإن لم يكن مصلحًا لماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأكثر أهل العلم إذا بلغت المرأة وأونس منها الرشد انفك عنها الحجر ودفع المال إليها، تزوجت أم لم تتزوج. وعند مالك لا ينفك الحجر عنها ولا يدفع المال إليها حتى تتزوج، ويدخل بها الزوج، وتحبل، وتلد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ وإحدى الروايتين عن أَحْمَد ينفذ تصرف المرأة الرشيدة في مالها بجميع التصرفات بغير إذن زوجها. وعند مالك َوَأَحْمَد ليس لها أن تتصرف في أكثر من ثلث مالها بغير عوض بغير إذن زوجها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان وعلي والزبير وابن الزبير وعبد الله بن جعفر وعائشة وابن عَبَّاسٍ وشريح وعَطَاء وَمَالِك وأهل المدينة وأهل الشام وأَبِي يُوسُفَ ومحمد َوَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا بلغ رشيدًا ودفع إليه المال، ثم صار مفسدًا لدينه وماله، أو ماله أعيد الحجر عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر والنَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ لا يعاد الحجر عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة أهل العلم يصح طلاق السفيه وخلعه ولا ينفذ عتقه. وعند ابن أبي ليلى والنَّخَعِيّ وأَبِي يُوسُفَ لا يصح طلاقه وخلعه ولا ينفذ عتقه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ لا يعاد الحجر على المبذر إلا بحكم الحاكم. وعند مُحَمَّد يصير محجورًا عليه بنفس التبذير، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من لم ينفك عنه الحجر لا ينفذ إقراره ولا تصرفاته. وعند أبي حَنِيفَةَ تنفذ إقراره وتصرفاته. وعند الخرقي من الحنابلة يتبع به إذا فك عنه الحجر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا بلغ الغلام، فهل ينفك الحجر عنه بنفس البلوغ، أو لا بد من حكم الحاكم بالفك؟ فيه وجهان، وبالأول قال أحمد، وبالثاني قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا احتاج أن يأكل من مال اليتيم شيئًا، أنفق أقل الأمرين من حاجته أو أجرة عمله، وفي لزوم العوض له قَوْلَانِ عند الشَّافِعِيّ، ورِوَايَتَانِ عند أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يأكل من ماله شيئًا. * * *

كتاب الصلح

كتاب الصلح مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من العلماء الصلح الموقوف على الإجارة لا يصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وجماعة من العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة يصح بالإجازة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أتلف عليه ثوبًا قيمته عشرة مصالحة منه على خمسة عشر لم يجز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف عليه ما لا مثل له، فإنه تجب على قيمته حالاً، فإن صالحه على أن تكون قيمته مؤجَّلة، مثل أن يكون قيمته عشرة دراهم فقال له: صالحني على أن أدفع إليك عشرة دراهم بعد شهر لم يصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا صالحه على دم العمد على عبد فخرج حرًا رجع إلى قيمته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع إلى الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا ادَّعى على شخص مالاً مجهولاً، فأقرَّ له به وصالحه عليه بعوض معلوم لم يصح الصلح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي والقاسم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الصلح على الإنكار باطل. وهو أن يدعي عينًا في يد إنسان، أو دينًا في ذمته فينكره. وعند مالك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ

مسألة: في مذهب الشافعي إذا قال المدعى عليه للمدعي بعني هذا المدعى؟ فهل يكون إقرارا

وهو جائز. وعند ابن أبي ليلى إن أنكره لم يصح الصلح، وإن سكت صح الصلح. وعند بعضهم لا يصح الصلح إلا على الإنكار. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال المدَّعى عليه للمدَّعي بعني هذا المدَّعى؟ فهل يكون إقرارًا؟ وجهان: الأول وبه قال الشيخ أبو حامد يكون إقرارًا. والثاني وبه قال القاضي أبو الطيب وأبو حَنِيفَةَ لا يكون إقرارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا خرج جناحًا إلى الشارع أو إلى درب ينفذ بحيث لا يستضر به المارة، لم يجب نقضه إذا اعترض عليه أحد المسلمين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب نقضه إذا اعترض علينا آحاد المسلمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس له أن يضع خشبة على حائط مشترك بغير إذن شريكه، ولا على حائط جاره بغير إذنه في قوله الجديد، وبه قال أهل الكوفة وأبو حَنِيفَةَ وأكثر العلماء، وحكاه أصحاب مالك عنه. ويجوز له ذلك في قوله القديم، وحكاه أصحابنا عن مالك، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن كان سطح أحدهما أعلى من الآخر لم يجبر واحد منهما علي بناء شفرة بينهما. وعند مالك يجبر صاحب الأعلى على ذلك.

مسألة: عند الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وأكثر العلماء إذا تنازعا حائطا بين ملكيهما

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز له أن يبني حمامًا بين الدور ويتخذ دكان خبز بين العطارين. وعند أَحْمَد لا يجوز له ذلك في إحدى الروايتين، وهو قول بعض الحنفية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انهدم الحائط المشترك أو السقف المشترك فأراد أحدهما أن يبنيه وامتنع الآخر لم يجبر على الإنفاق عليه في قوله الجديد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة، وكذا مالك في رِوَايَة، ويجبر في قوله القديم، وبه قال مالك في رِوَايَة. وكذا القَوْلَانِ في البئر والعين والقناة والنهر والدولاب. وعند أَحْمَد في رِوَايَتَانِ كالقولين في كل هذه المسائل، وقال: إذا قلنا يجبر فأنفق أحدهما فيما يرجع به على شريكه رِوَايَتَانِ: إحداهما بقيمة البناء. والثانية بما أنفق. وكذا عن أَبِي حَنِيفَةَ كالروايتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجبر على القناة والنهر. وعنده أيضًا إن كان ذلك لا ينقسم لم يجبر على الإنفاق عليه إن امتنع، ولكن يجبر على قسمته، وإن كان مما لا ينقسم أجبر على الإنفاق عليه. وعند مالك يجبر على ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان السفل لواحد والعلو لآخر، وتنازعا السقف الذي على حائط السفل فإنهما يتحالفان، ويكون بينهما نصفين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأكثر العلماء هو لصاحب السفل. وكذا حكاه أصحاب مالك، وحكى أصحابنا عن مالك أنه لصاحب العلو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تنازعا حائطًا بين ملكيهما وإلى أحدهما وجهه وخوارجه وأنصاف اللبن وسود خيوط الخص، فإنه لا ترجح بذلك دعواه. وعند مالك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد ترجح بذلك دعواه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز إخراج الجناح إلى الشارع إذا لم يضر بالمارة، وكذلك الميزاب. وعند أَحْمَد لا يجوز ذلك كله.

مسألة: عند الشافعي وأحمد إذا تنازعا حائطا بين ملكيهما ولأحدهما عليه جذوع لم ترجح بذلك دعواه

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تنازعا حائطًا بين ملكيهما ولأحدهما عليه جذوع لم ترجح بذلك دعواه، ولا يُقدَّم قوله على قول شريكه. وعند مالك تقدم دعواه ولو كان جذعًا واحدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان ثلاثة جذوع قدم بذلك دعواه، وإن كان جذعًا واحدًا لم تقدم دعواه. واختلف أصحابه في الجذعين. * * *

كتاب الحوالة

كتاب الحوالة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء رضى المحتال شرط في صحة الحوالة. وعند أَحْمَد وداود وأهل الظاهر لا يشترط رضاه إذا كان المحال عليه مليًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان على المحال عليه حق فلا يعتبر رضاه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ وداود يعتبر رضاه، وبه قال من الشَّافِعِيَّة الإصطخري وابن القاص، واختاره الْمُزَنِي. وعند مالك إذا كان بين المحتال والمحال عليه عداوة اعتبر رضاه، وإن لم يكن لم يعتبر. مسألة: عند أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ لا تصح الحوالة على من لا حق عليه ولو رضى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة وكافة الزَّيْدِيَّة.

مسألة: عند الشافعي ومالك والليث وأحمد وإسحاق وعلي بن أبي طالب يبرأ المحيل من الحق بالحوالة

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء الحق ينتقل بالحوالة من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه وتبرأ ذمة المحيل. وعند زفر لا ينتقل الحق عن ذمته، وللمحتال مطالبة أيهما شاء، فأجراهما مجرى الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعلي بن أبي طالب يبرأ المحيل من الحق بالحوالة، وليس للمحتال أن يرجع عليه بحال سواء أفلس المحال عليه أو مات أو حُجر. وعند شريح والنَّخَعِيّ والشعبي. يرجع عليه في هذه الأحوال وعند الحكم يرجع عليه إذا مات المحال عليه مفلسًا وآيس من الوصول إلى الحق. وعند مالك إن كان الإفلاس موجودًا عند الحوالة رجع وإلا فلا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع عليه في هذين الحالين، وفي حالة ثالثة: إذا أفلس المحال عليه وحُجر عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة وسائرهم أن المحيل إذا غرَّ المحتال بأن المحال عليه مليء فوجده مفلسًا أنه يرجع عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان عليه دين لرجل فأحاله على من له دين، ثم إن المحيل قضى المحتال صح القضاء، ولا يرجع المحيل على المحال بشيء إذا قضى بغير إذنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه له الرجوع عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أحاله على رجل ولم يشترط أنه مليء أو معسر، وبان أنه معسر لم يرجع المحتال على المحيل، سواء علم بإعساره أو لم يعلم. وعند مالك إذا لم يعلم بإعساره كان له الرجوع.

مسألة: عند أكثر أصحاب الشافعي وأبي حنيفة واختاره المزني أنه إذا اتفق المحيل والمحتال على لفظ الحوالة، ثم اختلفا

مسألة: عند أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ واختاره الْمُزَنِي أنه إذا اتفق المحيل والمحتال على لفظ الحوالة، ثم اختلفا فقال المحيل: وكلتك في القبض، وقال المحتال: بل أحلتني بما في ذمتك أن القول قول المحيل. وعند بعض الشَّافِعِيَّة القول قول المحتال. * * * [انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني وأوله كتاب الضمان] * * *

كتاب الضمان

كتاب الضمان مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح ضمان الدين عن الميت، سواء خلَّف وفاءً لدينه أو لم يخلف. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. لا يصح الضمان عن الميت إذا لم يخلف وفاءً بمال أو بضمان ضامن. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال: أنا بمالك على فلان، أو قال إلى دين فلان لم يكن ذلك صريحًا في الضمان في أحد الوجهين في المسألتين، ويكون صريحًا في الوجه الثاني فيهما، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.

مسألة: عند الشافعي لا يعتبر رضا المضمون له في صحة الضمان في أصح الوجهين

مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال خل عن فلان، والدين الذي عليه لك عندي، لم يكن صريحًا في الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون صريحًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح ضمان المرأة إذا كانت جائزة التصرف بغير إذن زوجها. وعند مالك لا تصلح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتبر رضا المضمون له في صحة الضمان في أصح الوجهين، وبه قال أبو يوسف وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ويعتبر في الوجه الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أن أبا حَنِيفَةَ لا يعتبره في الضمان على المريض إذا ضمن فيه بعض الورثة وكان صاحب الحق غائبًا، وإن لم يسم الحق استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح ضمان الدين اللازم وإن لم يستقر، كالمهر قبل الدخول وثمن البيع قبل قبض المبيع، والأجرة قبل انقضاء الإجارة، ودين السلم. وعند أَحْمَد لا يصح ضمان دين السلم في إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ واللَّيْث وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد لا يصح ضمان المجهول، وهو أن يقول: ضمنت مالك على فلان من الدين وهو لا يعرف قدره، وكذلك لا يصح ضمان ما لم يجب، وهو أن يقول: ضمنت لك ما تداينه فلانًا، وبه قال في مسألة ضمان ما لم يجب النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح ضمان المجهول وضمان ما لم يجب، وهو قول قديم للشافعي، وبه قال في مسألة ضمان ما لم يجب من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد والقاسم ويَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة لا يصح ضمان نجوم الكتابة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح من الحر ضمانها، ويصح من شريكه في الكتابة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح تعليق الضمان على شرط، بأن يقول: إذا جاء رأس الشهر فقد ضمنت لك دينك على فلان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا قال لغيره في البحر عند تموجه وخوف الغرق: ألق متاعك فى البحر وعليَّ ضمانه، فألقاه وجب على المستدعى الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب.

مسألة: عند الشافعي إذا ضمن دينا مؤجلا، فمات قبل حلول الأجل حل الدين عليه وقضى من تركته

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضمن دينًا مؤجلاً، فمات قبل حلول الأجل حلَّ الدين عليه وقضى من تركته، وليس لورثته أن يرجعوا على المضمون عنه حق بحل الأجل. وعند زفر لهم أن يرجعوا عليه في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز شرط خيار الثلاث في الضمان، فإذا شرط فيه أبطله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح الضمان ويبطل الشرط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وعامة أهل العلم الضمان لا ينقل الحق من ذمة المضمون عنه، بل للمضمون له أن يطالب أيهما شاء الضامن والمضمون عنه. وعند ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وأَبِي ثَورٍ وداود يبرأ المضمون عنه بالضمان، ويتحول الحق إلى ذمة الضامن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ للمضمون له مطالبة من شاء من الضامن والمضمون عنه. وعند مالك في إحدى الروايتين وأَبِي ثَورٍ لا يطالب الضامن إلا إذا تعددت مطالبة المضمون عنه. وعند مُحَمَّد بن جرير الطبري أنه بمطالبة أيهما شاء، فإذا بدأ بمطالبة أحدهما لم يكن له مطالبة الآخر، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو علي بن أبي هريرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أبرأ المضمون له الضامن برئ الضامن، ولم يبرأ المضمون عنه. وإن قال المضمون له للضامن: وهبت الحق منك، أو تصدقت به عليك كان ذلك إبراءٌ منه للضامن حتى لا يبرأ المضمون عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون كما لو استوفى منه الحق حتى يبرأ المضمون عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ضمن عنه بإذنه وقضى بإذنه رجع عليه بما أدَّاه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إن قال: اضمن عني هذا الدين أو أنفذه عني رجع عليه، وإن قال: اضمن عني هذا الدين أو أنفذه، ولم يقل عني لم يرجع عليه، إلا أن يكون بينهما خلطة، مثل أن يودع أحدهما الآخر، أو يستقرض أحدهما من الآخر، أو يكون ذا قرابة منه أو زوجته، فالاستحسان أن يرجع عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ضمن عنه بغير إذنه، وقضى عنه بغير إذنه

مسألة: عند الشافعي ضمان العهدة صحيح

لم يرجع عليه وعند مالك في إحدى الروايتين أنه يرجع عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حال الضامن المضمون بالحق على رجل لا دين عليه، وقلنا لا تصح الحوالة فقبض المضمون له الحق من المحال عليه ثم وهبه، فهل يرجع المحال عليه على الضامن؟ وجهان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع عليه، سواء وهبه له أو ورثه منه أو تصدق به عليه. ووافقنا في الإبراء أنه لا يرجع. فعند الشَّافِعِيَّة هبته قبل القبض بمنزلة الإبراء. وعند الحنفية لا تكون بمنزلة الإبراء، بل بمنزلة الإيفاء، فله الرجوع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ضمان العهدة صحيح، وهو أن يضمن الرجل عهدة المبيع إذا خرج مستحقًّا فيضمن للمشتري الثمن، وهذا إنما يصح بعد قبض الثمن. وعند أبي يوسف ضمان العهدة إنما هو كتاب الابتياع. وعند ابن سريج لا يضمن العهدة إلا أحمق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ضمن له قيمة ما يحدثه في المبيع من غراس وبناء لم يصح الضمان، ومن خالف في صحة ضمان ما لم يجب وقال إنه يصح، نقول: إنه يصح هنا هذا الضمان!. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الأعيان المضمونة كالمغصوبة والعواري والمقبوض على وجه السوم لا يصح ضمانها على أحد الوجهين، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة، ويصح في الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع الضامن إلى المضمون له بالحق ثوبًا رجع على المضمون عنه بأقل الأمرين من الحق أو قيمة الثوب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع عليه بنفس الحق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تصح الكفالة بالبدن في غير الحدود والقصاص قولاً واحدًا، وعلى قولين أصحهما أنها تصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وشريح والشعبي

واللَّيْث وعبيد الله بن الحسن العنبري وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح الكفالة إلى أجل مجهول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند المؤيد منهم تصح، ويبطل الشرط المجهول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا تكفَّل ببدن رجل عليه له دين، فمات المكفول به بطلت الكفالة، ولم يلزم الكفيل ما كان على المكفول له من الدين. وعند مالك يلزم الكفيل ما كان على المكفول له من الدين، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو العبَّاس بن سريج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تكفل ببدن رجل إلى مدة فهرب عندها لم يلزمه ما على المكفول به. وعند أَحْمَد يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد إذا تكفَّل ببدن رجل وشرط أنه متى لم يحضره لزمه الحق عليه، أو قال عليَّ كذا وكذا لم تصح الكفالة ولم يجب عليه المال المضمون به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إن لم يحضره وجب عليه المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تكفَّل ببدن رجل بشرط الخيار لم تصح الكفالة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يفسد الشرط، وتصح الكفالة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تصح الكفالة مؤجَّلاً، فإذا حلَّ الأجل وكان المكفول به غائبًا فى موضع معلوم يمكنه إحضاره لزمه إحضاره، فإن امتنع من إحضاره أمهله بقدر المسافة التي يمضي ويجيء به، فإن لم يفعل كان له أن يحبسه. وعند ابن شُبْرُمَةَ له حبسه عند حلول الأجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك تصح الكفالة ببدن المكفول والغائب والمحبوس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا تصح الكفالة ببدن من عليه حدين، ولا حد قذف، أو قصاص على أحد الوجهن، وبه قال أحمد. والثاني تصح، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ.

مسألة: عند الشافعي وأبي يوسف ومحمد إذا تكفل ببدن رجل وأطلق لم يجب تسلمه في موضع العقد

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي يوِسف ومُحَمَّد إذا تكفَّل ببدن رجل وأطلق لم يجب تسلمه في موضع العقد. وإن عيَّن موضعًا أو بلدًا، أو سلمه في غيره لم يلزم المكفول له القبول. وعند أَحْمَد إذا كان في البلد الآخر سلطان فإنه يلزمه القبول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تكفَّل ببدن رجل، وقال: إن أتيتك به وإلا فأنا كفيل برجل سمَّاه لم تصح الكفالة الأولى ولا الثانية. وكذا إن قال: كفلت لك بزيد فإن جئت به وإلا فأنا ضامن كل ما على عمرو فلا يصح الضمان. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يصح ذلك كله في الكفالة والضمان. وعند مُحَمَّد بن الحسن الكفالة باطلة في المال فقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضمن ذمي عن ذمي لذمي خمرًا، ثم أسلمه من عليه الخمر برئ من الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يطالب بالقيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لرجل سلِّم فلانًا ألف درهم ففعل ذلك وسلمها إليه كانت على الأمر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا شيء عليه، إلا أن يكونا شريكين. * * *

كتاب الشركة

كتاب الشركة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره للمسلم أن يشارك الكافر سواء أكان المسلم هو المتصرف، أو الكافر، أو هما. وعند الحسن البصري إن كان المتصرف المسلم لم يكره، وإن كان المتصرِّف الكافر، أو هما كُره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ورِوَايَة عن أَحْمَد لا يصح عقد الشركة على ما لا مثل له، كالعقار والحيوان وما أشبههما. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة يصح عقد الشركة عليهما ويكون رأس المال قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد والحسن يصح عقد الشركة فيما له مثل كالحبوب

مسألة: عند الشافعي لا تصح الشركة حتى يخلط المالان

والأدهان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من شرط صحة الشركة أن يتساوى المالان في المعرفة والجنس والنوع والصفة والسكة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يشترط ذلك فى صحتها، فتصح عنده الشركة على الدراهم والدنانير الصحاح والمكسرة والمعرية والمقتدرية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح الشركة حتى يخلط المالان، ثم يقولا: تشاركنا أو اشتركنا، فإن عقدا الشركة قبل خلط المالين لم يصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح الشركة وإن لم يخلطا المالين، بل مال كل واحد منهما في يده يتصرف فيه كيف شاء، ويشتركان في الربح، وإذا هلك المال كان من ضمان صاحبه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى، وهو اختياره. وعند مالك من شرط صحة عقد الشركة أن تكون أيديهما أو يد وكيلهما على المالين، وإن لم يكونا مخلوطين. وعند أَحْمَد تصح الشركة قبل الاختلاط إذا عيَّنا المال وأحضراه، وإن كان مال كل واحد منهما بيده، وإذا هلك المال كان من ضمانهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يملك الشريك التصرف في نصيب شريكه إلا بإذنه، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يملك ذلك دون إذنه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، َوَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شرطا أن يتساويا في الربح مع تفاضل المالين، وأن يتفاضلا في الربح مع تساوي المالين لم يصح الشرط ولا الشركة. وعند الحسن والشعبي والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة تصح الشركة والشرط جميعان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرطا تفاضل الخسران مع تساوي المالين، أو تساوي الخسران مع تفاضل المالين لم تصح الشركة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تصح الشركة

ويسقط الشرط. وعند الْإِمَامِيَّة يصح العقد والشرط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الشركة فاسدة فإن الربح يقسَّم بينهما على قدر المالين، ويرجع كل واحد منهما على الآخر بأجرة عمله في ماله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يرجع أحدهما على الآخر بأجرة عمله في ماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يثبت المسمى به في الشركة الفاسدة، وكذا المضاربة، فإن عملا فيهما استحقَّا أجرة المثل. وعند أَحْمَد في رِوَايَة المختار عنده ثبوت المسمَّى به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ والْإِمَامِيَّة شركة الأبدان، وهو أن يشترك صانعان كالخيَّاطين والصبَّاغين والخبَّازين فيما يكتسبانه باطل، سواء اتفقت صنعتهما أو اختلفت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والحسن بن حُيَيّ واللَّيْث يصح فيما يضمن بالعقد، كالصِنَع كلها من الخياطة والصباغة وغيرهما، سواء اتفقت صنعتهما أو اختلفت، وما لا يضمن بالعقد كالاحتطاب والاحتشاش والاغتنام فلا يصح عقد الشركة عليه. وعند مالك تصح الشركة إذا اتفقت صنعتهما، ولا تصح إذا اختلفت. وعند أَحْمَد تصح هذه الشركة فى جميع الأشياء حتى في الاصطياد والاحتطاب والاحتشاش والاغتنام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تصح الشركة على الاحتطاب والاختشاب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ شركة المفاوضة باطلة، وهي أن يتساويا في كل ما يملكاه من المال بينهما، وأن يضمن كل واحد منهما ما يجب على

الآخر بغصب أو بيع أو ضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى تصح هذه الشركة. وعند مالك أنها تصح في الجملة، ولا يشترط فيها هذه الشرائط التي سنذكرها عند أَبِي حَنِيفَةَ، وإنما صفتها عنده أن يفوض كل واحد منهما الأمر إلى صاحبه في شراء ما يرى وبيع ما يرى والتوكيل والضمان فيما يرى، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يشترط لها شروطًا ويجعل لها موجبات. فأمَّا الشروط: يتساويا في الدِّين والحرية. وأن يخرج كل واحد منهما جميع ما يملكه من المال الذي تصح فيه الشركة، وهي الدراهم والدنانير، حتى لو استبقى أحدهما مما يملكه درهمًا لم تصح الشركة. ويكون مال أحدهما مثل مال صاحبه. وأما موجباتها: فيشارك كل واحد منهما صاحبه فيما يكسبه، إلا ما يملكه بالإرث ويضمن كل واحد منهما ما ضمن صاحبه من جهة الكفالة والغصب، إلا ما يضمنه بالجناية والاصطياد والاحتشاش والاغتنام. وإذا ورث أحدهما مالاً بعد عقد الشركة من جنس مال الشركة فما لم يقبضه فالشركة بحالها، وإذا قبضه انفسخت الشركة بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك شركة الوجوه باطلة، وهو أن يشتركا على أن يتجرا بوجوههما، ويشتريان في ذمتهما، ويكون ذلك شركة بينهما، وإن لم يذكر كل منهما شريكه عند الشراء ولا نواه، ويكون ما حصل من الربح بينهما أو ما يكون من ضمان فعليهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح توكيل الشريك والمضارب. وعند أَحْمَد يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرطا أن ينقل أحدهما وبعمل الآخر والأجرة بينهما نصفان لم يصح ذلك. وعند أَحْمَد يصح. وعند زفر لا يستحق العامل المسمَّى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال ما اشتريت من شيء فهو بيني وبينك، ولم يذكر وقتًا ولا المال المشترك به، ولا صنفًا من المال لم يجز ذلك. وعند أَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع عرضًا من مال الشركة على رجل بألف درهم في ذمته، ثم إن أحد الشريكين أخذ حصته من الألف، وهو خمسمائة جاز، واختص بها،

ويطالب الشريك الآخر بحصته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس لواحد منهما أن ينفرد بقبض شيء من حقه إلا ويشاركه الآخر فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فضت الشركة وهناك ديون من مال الشركة على غرماء فاقتسماها، واتفقا على أن يكون لكل واحد منهما ما على بعض الغرماء لم يصح ذلك. وعند الحسن وإِسْحَاق يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طالب أحد الشريكين بالدين وأخَّر الآخر حصته جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا دفع رجل إلى الآخر مالا ليتاجر له به على أن الربح بينهما لم تنعقد بذلك الشركة، وله أجرة مثله، وكذا إذا أعطى الإنسان له ثوبًا وشرط له فيه سهمًا من الربح كان له أجرة مثله. وعند الْإِمَامِيَّة الخيار لرب المال في المسألتين، فإن شاء أعطاه ما شرط، وإن شاء منعه وله أجرة مثله. * * *

كتاب الوكالة

كتاب الوكالة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التوكيل

جائز، سواء كان الموكل حاضرًا أو غائبًا، صحيحًا أو مريضًا، رجلاً أو امرأة، سواء في ذلك رضي الخصم أو لم يرض. وعند مُحَمَّد إلا أن يكون الوكيل عدوًا للخصم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح وكالة الصبي، وبه قال ابن نصر المالكي، وقال: لا يعرف فيه عن مالك شيء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح إذا كان يعقل أو يميز. وحكى أبو بكر من الحنابلة عن أَحْمَد أنه إذا وكَّل الصبي في الطلاق لم يطلِّق حتى يبلغ، واختاره المزني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكَّل المسلم ذميًّا في شراء خمر أو خنزير لم يصح، فإذا اشترى له الذمي ذلك لم يصح الشراء للمسلم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح الشراء للمسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء لا تصح الوكالة إلا في تصرف معلوم، فإن قال: وكلتك في قليل أو كثير لم يصح. وعند ابن أبي ليلى يصح، ويملك بذلك كل شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يجوز التوكيل في إثبات القصاص وحد القذف عند الحاكم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يصح التوكيل فيهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز التوكيل في استيفاء الحدود مع غيبة الموكل قولاً واحدًا وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ولا يجوز قولاً واحدًا. وقَوْلَانِ: أحدهما يجوز،

وبه قال أبو حَنِيفَةَ وبعض الحنابلة. والثاني لا يجوز، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لرجلين أيكما باع عبدي فجائز، لم يجز لأحدهما أن يبيعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له قبضه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: بع هذا العبد أو هذا العبد، لم يجز أن يبيع أحدهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكَّله أن يشتري له أمة يطئها فاشترى له أخت أمته لم يلزم الموكل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز تعليق الوكالة على شرط مستقبل، بأن يقول: إذا جاء رأس الشهر فقد وكلتك ببيع عبدي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. ولا خلاف أنه إذا باع بحد تصرفه، وإنَّما الخلاف إن كان قد سمَّى الوكيل جعلاً استحقه عند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ. وعند الشَّافِعِيّ يستحق أجرة المحل لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكل اثنين في طلاق امرأة على الاجتماع، لم يكن لأحدهما أن ينفرد به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له الانفراد بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكله في تصرف يتولاَّه بنفسه وتعذَّر عليه، وقال له الموكل اصنع فيه ما شئت لم يصح توكيله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن أبي ليلى وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وكَّله في الخصومة وثبتت الحقوق ملكهما ولا يملك الإبراء ولا الصلح ولا الإقرار على توكله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يقبل إقراره عليه في مجلس الحكم في غير الحدود والقصاص، ولا يقبل في غير مجلس الحكم. وعند أَبِي يُوسُفَ يقبل في مجلس الحكم وغيره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم والمؤيد على الصحيح عندهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكله في قبض حق له فجحده من عليه الحق، فهل له أن يبينه. فيه وجهان: أحدهما له ذلك، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني ليس له ذلك، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وروى أيضًا عن أَبِي حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا وكَّله في قبض عين فجحدها من هي في يده فهل له تثبيتها؟ وجهان: أحدهما له ذلك. والثاني ليس له، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الوكيل في الخصومة لا يكون وكيلًا في القبض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون وكيلاً في القبض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكله في قسمة نصيبه، أو طلب الشفعة لم يكن له تبيينه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يمكن تبيينه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ لا يصح إبراء الوكيل للمشتري من الثمن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يصح، ويضمنه للموكل، وبه قاله من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي وأبو طالب عن الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكله في بيع عين كان للموكل المطالبة بالثمن. وعند أبي حَنِيفَةَ ليس له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكله في بيع عبدًا أو إعتاقه في وقت مخصوص، لم يملك بيعه ولا إعتاقه في ذلك الوقت المخصوص ولا بعده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح إعتاقه بعده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وكَّله في بيع فاسد لم يملك أن يبيع بيعًا صحيحًا ولا فاسدًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يملك أن يبيع بيعًا صحيحًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للوكيل ولا للوصي ولا للحاكم وأمينه ولا لكل من تولى مال غيره أن يشتري لنفسه من مال من يتولى عليه إلا الأب والجد خاصة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. وعند زفر لا يجوز للأب والجد ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد عن الهادي. وعند الْأَوْزَاعِيّ يجوز لجميعهم أن يشتروا لأنفسهم من أموال من يتولنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يجوز للأب والجد والوصي أن يشتري بأكثر من ثمن المثل بزيادة لا يتغابن بمثلها. وروى عن

أصحاب مالك أنه يوافق الْأَوْزَاعِيّ. وعند زفر أيضًا لا يجوز ذلك لواحد منهم. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أيضًا أنه يجوز لجميعهم ذلك، إلا أنه يشترط أن يدفعها إلى غيره ليوجب له، أو يزد على ثمن مثلها. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للوصي ولا للوكيل أن يبيع من ابن الموكل الصغير، ولا من ابن الموصي الصغير شيئًا، وفي بيعهما من ابنهما الكبير ومن ترد شهادتهما له وجهان: أحدهما يجوز. والثاني لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا وكل عبدًا في شراء نفسه له من سيده فوجهان: أحدهما لا يصح. والثاني يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وكل في شراء سلعة لم يصح أن يشتريها معيبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح حتى لو وكله في شراء عبد فاشترى عبدًا أعمى أو مقطوع اليد والرجل جاز، ولزم في حق الموكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد الوكيل بقبض الثمن ليس له خيار الرؤية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له خيار الرؤية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى الوكيل سلعة على أنها سليمة فخرجت معيبة كان له أن يرد بالعيب من غير علم الموكل، فإن قال البائع للوكيل قد بلغ ذلك موكلك وقد رضي به وأنت تعلم ذلك، وأنكر الوكيل ذلك كان له إحلافه ويحلف على نفس العلم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له إحلافه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال: اشتر لي ما شئت أو ما رأيت لم يصح، وكذلك إذا قال: اشتر لي عبدًا أو ثوبًا فإنه لا يصح ما لم يذكر الجنس وتقدير الثمن، فإن ذكر الجنس ولم يقدر الثمن فوجهان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قال اشتر ما شئت أو ما رأيت جاز، وإذا قال: اشتر عبدًا لم يجز حتى يذكر الثمن، فيقول: ألف، أو يذكر

الجنس فيقول: حبشيًا، ولا يحتاج إلى ذكر الثمن، إلا أنه لا يشتري له إلا ما يشترى به أمثاله، وإذا اشترى من ذلك النوع غاليًا فخرج عن عادة أمثاله لم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكله في عمل يتولاه بنفسه ويقدر عليه لم يجز أن يوكل فيه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وتُوقف على إجازة الموكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكل في بيع عين توكيلاً مطلقًا لم يجز أن يبيع إلا بثمن المثل من نقد البلد حالاً، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا أبو طالب عن الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يجوز أن يبيع بأي ثمن كان قليلاً أو كثيرا، حالاً أو مؤجلاً، بأي نقد شاء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد، وهو الصحيح أيضًا عند النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وكَّله في بيع عبد فباع الوكيل بعضه، فإن لم يقدِّر له الموكل الثمن، أو قدَّر له الثمن فباع بعضه بأقل من الثمن المقدَّر لم يصح البيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وكَّل في بيع سلعة أو شرائها وأطلق لم يجز أن يبيع ويشتري بغير نقد البلد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يبيع بغير نقد البلد وبالعروض، ووافق في مسألة الشراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وكله في البيع حالاً، أو أطلق لم يجز أن يبيع، فإن خالف لم يصح البيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يجوز البيع مؤجلًا ولو إلى ثلثمائة سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للوكيل في البيع أن يبيع بدون ثمن المثل مما لا يتغابن بمثله من غير إذن، ولا للوكيل بالشراء أن يشتري بأكثر من ثمن المثل مما لا يتغابن بمثله من غير إذن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الموافقة في الشراء والمخالفة في البيع، فقال: للوكيل في البيع أن يبيع بدون ثمن المثل ولا غرم عليه. وعند أَحْمَد البيع صحيح وعليه غرم الزيادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى وكيله دراهم وقال: اشتر بها طَعَامًا لم يصح التوكيل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا كان له في ذمة شخص ألف درهم،

فقال له اشتر لي عبدًا بألف، واقبض الألف التي لي عليك في ثمنه فإنه يصح، أو لم يكن له عليه شيء فقال له اشتر لي عبدًا بألف في ذمتي وأنفذه من مالك ويكون قرضًا عليَّ، فإنه يصح أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا عين العقد جاز، وإن لم يتعيَّن لم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اشترى الوكيل للموكل دخل المشتري فى ملك الموكل بنفس العقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يدخل في ملك الوكيل أولًا، ثم ينتقل إلى ملك الموكل. وفائدته أن عند أَبِي حَنِيفَةَ إذا وكل المسلم ذميًا في شراء خمر أو خنزير صح الشراء وملك الوكيل ثم ينتقل إليه. وعند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بخلاف ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وكَّله في شراء طعام فاشترى دقيق الحنطة لم يلزم الموكل قبوله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه قبوله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان له دين في ذمة رجل وعين في يده، فجاء إنسان وقال: أنا وكيله في قبض الدين الذي عليه أو العين الذي في يدك ولم يكن له بينة بالوكالة لم يلزمه الدفع إليه سواء صدَّقه أو كذَّبه. وعند الْمُزَنِي إن صدَّقه وجب عليه الدفع إليه، وإن كذبه كان له إحلافه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن صدقه وكان الحق دينًا وجب عليه الدفع إليه، وكذا إن كان عينًا في أشهر الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لو أنكر من عليه الحق وكالة هذا المدعي لم يلزمه الثمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي يلزمه الثمن. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا صدَّقه ودفع إليه، ثم حضر صاحب الحق وأنكر الوكالة، فعند الشَّافِعِيَّة القول قوله، ويطالب المقر بالدين، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يطالب من شاء منهما، وأيَّهما طالب لم يرجع على صاحبه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عزل الوكيل نفسه بغير حضور الموكل وعلمه انعزل وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز للوكيل أن يعزل نفسه إلا بحضور الموكل وعلمه، فأمَّا بغير علمه وحضوره فلا يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره منهم أيضًا المؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للموكل عزل الوكيل، فإن عزله بحضرته أو غيبته، فإذا علم بالعزل قبل التصرف انعزل، ولم يصح تصرفه، وإن عزله ولم يعلم بعزله فتصرف ففي انعزاله قَوْلَانِ: أحدهما لا ينعزل ويصح تصرفه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والثاني ينعزل واختاره الخرقي من الحنابلة ولهم رِوَايَة أخرى بالقول الأول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. واختلف أصحاب مالك في ذلك كالقولين عند الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا حضر الوكيل عند الحاكم وادَّعى أنه وكيل لفلان، وأقام على ذلك شاهدين سمع الحاكم شهادتهما وثبت عنده وكالته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يسمع الحاكم شهادة شهود الوكيل على إثبات وكالته بغير حضور خصم موكله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حضر الوكيل خصمًا عند الحاكم ابتداء وادَّعى عليه لموكله حقًا لم يسمع الحاكم دعواه حتى تثبت وكالته عنده ببينة أولاً. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أحضر الوكيل خصمًا عند الحاكم وادَّعى أن لموكله عليه حقًا سمع الحاكم دعواه وكلَّف الخصم الإجابة عن دعواه، فإذا أجاب الخصم قال للوكيل ثبتت وكالتك، فإذا أقام الوكيل البينة على وكالته سمعها الحاكم وحكم له بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز للحاكم أن يسمع البينة وتثبت وكالة حاضر بمطالبته لغائب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحكم بهذه الوكالة مع غيبة الذي عليه الحق. وبناه على أصله أنه لا يقضي على الغائب.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا باع الوكيل السلعة وقبض الثمن وهلك في يده، ثم خرج المبيع مستحقًا رجع المشتري بالعهدة على الموكل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع بالعهدة على الوكيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك حقوق العقد تتعلق بالموكل دون الوكيل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. قال: إلا في موضع واحد، وهو إذا باع الوكيل أو اشترى ثم مات الموكل قبل استيفاء الثمن، فإن الحقوق هنا تتعلق بالوكيل حتى أن للغريم مطالبة الوكيل بالثمن دون ورثة الموكل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبه يتعلق بالوكيل. والحقوق هي تسليم الثمن، وقبض المبيع، وضمان الدرك، والرد بالعيب، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وكله أن يشتري عبدًا بثمن معين أو ثمن في الذمة فاشتراه، ثم قال الوكيل: اشتريته بألف فصادقه البائع، وقال الموكل: اشتريته بخمسمائة ولا بينة فقَوْلَانِ: أحدهما القول قول الموكل، والثاني القول قول الوكيل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان الشراء في الذمة فالقول قول الموكل، وإن كان الشراء بغير مال الموكل فالقول قول الوكيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال الوكيل بعت السلعة التي أذنت لي ببيعها من فلان وصدقه المقر له على ذلك، فقال الموكل لم أبعها، أو قال: قبضت منه الثمن فصدَّقه فى الإذن وأنكر في القبض فقَوْلَانِ: أحدهما القول قول الوكيل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وناقض في مسألة واحدة وهي إذا كان قد وكله أن يتزوج له امرأة، فأقَرَّ الوكيل بأنه تزوجها له، وادعت المرأة ذلك وأنكر الموكل العقد. والثاني القول قول الوكيل ولا يقبل قول الموكل عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لحوق الوكيل بدار الحرب بعد ردته لا تبطل وكالته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كانت دعوى الدين من وكيل صاحب الحق وأقام المشهود عليه بالحق بينة بالبراءة منه حكم بها. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا تقبل، وتسقط المطالبة في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع رجل إلى رجل مالاً، وقال: ادفعه إلى فلان في قضاء دين، فدفعه إليه ولم يشهد عليه فأنكر المدفوع إليه فالقول قوله مع يمينه، فإذا حلف

رجع به على الموكل ورجع به الموكل على الوكيل إن كان قد دفعه بغير حضرته، سواء صدَّقه على ذلك أو كذبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن صدَّقه على ذلك لم يرجع به عليه، وإن كذَّبه فالقول قوله مع يمينه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إليه دراهم يشتري له بها طَعَامًا، فاقترض الوكيل الدراهم لنفسه بطلت وكالته ولم يصح أن يشتري للموكل الطعام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل وكالته، ولا يتعيَّن الشراء بتلك الدراهم، ويجوز أن يشتري بمال نفسه ويأخذ الدراهم عوضها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسعيد بن زيد وبعض العلماء إذا دفع إلى رجل دينارًا ليشترى له شاة، فاشترى شاتين وباع أحدهما بدينار، ورد الدينار والشاة على الموكل لم يصح هذا البيع. وعند إِسْحَاق لا يصح هذا البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وكّله في شراء شاة بدينار، فاشترى شاتين بدينار فإنهما تقعان جميعًا للموكل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقع إحداهما للموكل والأخرى للوكيل بنصف دينار، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إليه ألفًا وقال أسلمها في طعام ففعل ولم يسم الوكل، ثم اختلفا فقال الوكيل: أسلمتها لنفسي، وقال الموكل: بل أسلمتها لي فالقول قول الوكيل مع يمينه، فإذا حلف حكم له في الظاهر ورجع الموكل عليه بالألف. وعند الحنفية القول قول الموكل والسلم له، واختلفوا إذا تصادقا ولم يسم الموكل ولا نفسه، فقال أبو يوسف: يكون للموكل، وقال محمد: يكون له - أي: الوكيل. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا شهد الوكيل لموكل بعد العزل فيما وكل فيه، فإن كان خاصم فيه لم تقبل شهادته، وإن لم يكن خاصم فيه فوجهان: أحدهما تقبل شهادته له، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني لا تقبل، وبه قال أبو يوسف ومحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا ثبتت وكالته عند الحاكم وثبت الحق لوكله، فادَّعى من عليه الحق أن الموكل قد أبراه أو قضاه، ولم يدَّع علم الوكيل بذلك لم تسمع دعواه،

وإن ادَّعى علم الوكيل بذلك، فإن صدَّقه الوكيل بطلت وكالته ولم يكن له المطالبة بالحق، وإن كذَّبه فالقول قوله مع يمينه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يحلف. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا امتنع الوكيل بالبيع من تسليم الثمن إلى موكله حتى يشهد فثلاثة أوجه: أحدها ليس له ذلك، والثاني له ذلك. والثالث إن كان قد قبض المال بالإشهاد لم يلزمه الدفع من غير إشهاد، وإن قبضه من غير إشهاد لزمه دفعه من غير إشهاد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شهد سيد الأمة على زوجها أنه وكَّل في طلاقها لم يقبل. وعند أَبِي يُوسُفَ يقبل إذا لم تدَّع الأمة الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الوكالة لا تثبت بخبر الواحد، فإن غلب على الظن صدَّقه تصرَّف شرط الضمان، وكذا بأن أخبره واحد بالعزل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت بخبر الواحد وإن لم يكن ثقة، وكذلك العزل عنده يثبت برسول وإن لم يكن عدلاً، وإن كان مخبرًا عن رسول احتاج إلى رجلين أو واحد عدل. * * *

كتاب الوديعة

كتاب الوديعة مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أودع صبي وديعة فتلفت في يده لم يضمن، وإن أتلفها فوجهان: أحدهما يضمنها. والثاني لا يضمنها، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أودع حر عبدًا وديعة فأهلكها ضمنها في الحال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في المحجور عليه كذلك، والمأذون له يتأخر إلى بعد العتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا شرط مالك الوديعة على المودع عنده الضمان من غير تفريط لم يجب عليه الضمان بذلك. وعند عبيد الله بن الحسن العنبري أنه يجب عليه بذلك الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال صاحب الوديعة ضعها في هذا البيت ولا تضعها في ذلك البيت، فرضعها في البيت المنهي عنه لما رأى فيه من المصلحة والحفظ ضمن، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أودعه وديعة في صندوق وقال لا تقفل عليها فأقفل عليها، أو لا تقفل عليها فأقفل عليها قفلين، أو قال لا تطرح ثيابك فرق الصندوق فخالفه في ذلك، أو قال: لا ترقد عليها، فأصح الوجهين أنه لا ضمان عليه بذلك. والوجه الثاني يضمن بذلك، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للمودع أن يسافر بالوديعة إلا بإذن مالكها، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه له أن يسافر بها وإن لم يأذن مالكها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سلَّم الوديعة إلى خادمه أو إلى زوجته ضمنها. وعند ابن سريج من أصحابه إذا استعان بهم ولم يغب عن بصره لم يضمنها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد لا ضمان عليه بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سافر بالوديعة مع القدرة على صاحبها أو الحاكم أو أمينه ضمنها، سواءً كان السفر آمنًا أو لم ينهه عن السفر أو مخوفًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان السفر آمنًا لم يضمنها، وبه قال ابن أبي هريرة من الشَّافِعِيَّة.

مسألة: عند أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد إذا سافر وأودع الوديعة عند أمين مع القدرة على الحاكم ضمن. وعند بعضهم لا يضمن، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا خلط المودع عنده الوديعة بدراهم أو بذوات الأمثال لزمه الضمان. وعند مالك لا يلزمه الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينقطع حق ضمانها عنها. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لهم أخذ العين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا تعدَّى في درهم من الوديعة وصرفه ثم أعاد عوضه إلى الدراهم، فإن كان هذا المردود متميزًا عن باقي الدراهم لم يضمن باقيها، وإن لم يتميز المردود عن باقي الدراهم ضمن، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند مالك لا يلزمه الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أودعه بهيمة ولم يأمره بعلفها وسقيها، ولا نهاه فإنه يلزم المودع ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج الوديعة لينتفع بها ضمنها بنفس الإخراج وإن لم ينتفع بها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمنها ما لم ينتفع بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أودع الوديعة من غير غدر فهلكت ضمنها، وكان لصاحبها تضمين أيهما شاء، فإن ضمَّن الثاني رجع الثاني على الأول بما ضمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يضمن الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تعدَّى في الوديعة ضمنها، فإذا ترك التعدِّي فيها بأن ردها إلى حرزها لم يسقط عنه الضمان، واختاره الخرقي من الحنابلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى واختاره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يسقط عنه الضمان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي، قال أبو طالب منهم: وهو الصحيح، إلا أن أبا حَنِيفَةَ - رحمه الله - يقول: شرطه أن يرد ذلك بعينه، وَمَالِك يقول: إذا كان له مثل ردّه بعينه، أو ردّ مثله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال المودع للمالك أمرتني بدفع الوديعة إلى فلان فدفعتها إليه، فقال المالك أمرتك أن تدفعها إليه إلا أنك لم تدفعها إليه، فلا يقبل قول المودع في الدفع إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقبل قوله في الدفع إليه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ادعى اثنان عينًا في يد ثالث، فقال المدّعي عليه: هي لأحدهما ولا أعلم لأيهما، ولم يدعيا عليه العلم فلا يمين عليه. وعند أبي حَنِيفَةَ عليه الْيَمِين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ادّعيا عليه العلم وكذباه، وقالا أنت تعلم لأينا هي، حلف لهما يمينًا واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحلف لهما يمينين، كما إذا أنكرهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ: أحدهما تقر في يده حتى يتبين المستحق، والآخر تنزع من يده. وعند أَحْمَد يقرع بينهما، فتسلم إلى أحدهما بالقرعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كسر ختم الوديعة أو حلَّ شدَّها ضمنها، وبه قال أحمد فى رِوَايَة والمنصوص عن أَحْمَد أنه لا يضمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن كسر الختم ولا يضمن الوديعة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال له احفظها في هذا الموضع ولا تنقلها إلى غيره، فنقلها من غير عذر ضمنها سواء نقلها إلى حرز مثله أو أحرز منه. وعند بعض الشَّافِعِيَّة إذا استويا الموضعان في التحصّن والجودة فلا ضمان عليه بالمخالفة. وعند أبي

حَنِيفَةَ إذا نقلها من بيت إلى بيت آخر في الدار لم يضمنها، وإن نقلها من دار إلى دار ضمنها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى رجل مالاً ليودعه فأودعه، وأنكر المدفوع إليه فوجهان: أحدهما يجب عليه الضمان، وبه قال مالك. والثاني لا ضمان عليه صدّقه على الدفع أو كذَّبه، والقول قول المودع مع يمينه، فإذا حلف ضمن الوكيل. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد القول قول الوكيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أذن صاحب الوديعة لمن هي عنده أن يدفع إلى زيد، فقال من هي عنده دفعتها، وأنكر زيد لم يقبل قول المودع إلا ببينة. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يقبل قول المودع، وكذا الخلاف في الوصي إذا ادعى بعد البلوغ الدفع إلى الصبي بعد بلوغه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك في رِوَايَة إذا قال المودع: رددت الوديعة إليك قبل قوله في ذلك. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة إن كان قد أودعه ببينة لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات وعنده وديعة معلومة الصفة ولم يوجد عينها أنه يجب ضمانها في تركته، فإن كان عليه دين فهي والدين سواء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي والمؤيَّد. وعند النَّخَعِيّ تقدَّم الوديعة على الدين. وعند الحارث العكلي يقدم الدين على الوديعة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم. وعند ابن أبي ليلى إذا لم توجد الوديعة بعينها فلا يجب عليه الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد في حساب أبيه أن هذه الوديعة لفلان لم يجب دفعها إليه. وعند أَحْمَد يجب دفعها إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تعدَّى المودع في الوديعة والمضارب في مال المضاربة ضمنا، فإذا اتجرا فيه وحصل لهما ربح كان الربح لهما كالغاصب، وفيه قول آخر أن الربح لرب المال، وبه قال ابن عمر ونافع وأبو قلابة وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الثَّوْرِيّ الأحب أن ينزعه عنه. وعند الشعبي ومجاهد الأحب أن يتصدق، ووافقهم النَّخَعِيّ وحماد في المضارب، ووافقهم أبو حَنِيفَةَ في المودع وقال: ولا ينبغي أن يأكله.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أشكل على المودع من أودعه، وادَّعاها رجلان، فإنه يحلف أنه لا يعلم من أودعه، ويوقف الشيء بينهما حتى يصطلحا أو تقدم البينة لمن هي منهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تنقسم بينهما نصفين ويضمن لهما مثل ذلك. وعند ابن أبي ليلى هي بينهما نصفان، ولا يضمن لهما شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أودعتني ألف درهم وضاعت، وقال رب المال بل غصبتها أو أخذتها بغير أمري، فالقول قول المودع. وإن قال المودع أخذتها منك وديعة، وقال رب المال بل غصبتها وأخذتها بغير أمري، فالقول قول رب المال. وعند مالك القول قول رب المال في المسألة الأولى، وحكى عنه أن القول قول المودع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرقت الوديعة لم يكن للمودع مخاصمة السارق إلا بتوكيل من المودع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له المخاصمة في ذلك. * * *

كتاب العارية

كتاب العارية مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعَطَاء وَأَحْمَد وإِسْحَاق وبعض الصحابة والتابعين العارية مضمونة على المستعير سواء تلفت بتفريط أو غير تفريط، وسواء شرط ضمانها أو أطلق. وعند رَبِيعَة العارية مضمونة على المستعير،

إلا أن تكون حيوانًا فلا يضمنه بحال، سواء مات حتف أنفه، أو أتلف في يد المستعير بتفريط أو بغير تفريط كنهب أو غيره. وعند قتادة وعبيد الله بن الحسن العنبري إن شرط ضمانها كانت مضمونة على المستعير، وإن لم يشترط كانت أمانة في يده. وعند شريح والنَّخَعِيّ والحسن البصري والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه هي أمانة في يد المستعير لا يضمنها إلا إذا فرَّط في تلفها، إلا أن مالكًا يقول: ما يعاب عليه يضمنه، وما لا يعاب عليه لا يضمنه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة إن شرط

إسقاط ضمانها سقط. ونقل الترمذي عن إِسْحَاق موافقة أَبِي حَنِيفَةَ. وعند النَّاصِر ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يجب ردَّ العارية لصاحبها أو من يقوم مقامه، كزوجته وزوجة ابنه وأجيره، فلو استعار دابة فردَّها إلى اصطبل صاحبها من غير إذن صاحبها لم يبرأ من الضمان ما لم تصل إلى يد صاحبها. وعند المؤيد منهم إن كان مثلها يربط فلم تربط حتى تلفت ضمن، وإن كانت مما لا تربط فتلفت لم يضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرجت العين المستعارة مغصوبة يغرم المستعير قيمتها ما لم يرجع على المعير. وإن غرم أجرة المنفعة ففي رجوعه بها على المعير قَوْلَانِ: القديم يرجع، وبه قال أحمد. والجديد لا يرجع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ للمعير أن يرجع في العارية متى شاء، سواء كانت مطلقة أو مقيدة بمدّة. وعند مالك إذا كانت مقيّدة بمدة لم يكن له الرجوع فيها في المدّة، وإذا كانت مطلقة لم يجز له الرجوع فيها حتى يمضي له مدّة ينتفع بمثلها. وبنى ذلك على أصل أن الهبة تلزم بالعقد من غير قبض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يسلم المستعار إلى المالك أو إلى وكيله لم يثبت الرد ولم يبرأ من الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا ردّها إلى دار المالك، أو كانت دابة فردّها إلى اصطبله وشدّها فيه ثبت الرد وإن لم يتسلمها المالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار دابة إلى عسفان فركبها إلى مزيد فإنها تكون عليه مضمونة إلى عسفان ضمان عارية، فإذا جاوز بها عسفان ضمنها ضمان الغصب، وعليه أجرة ذلك، فإذا ردَّها إلى عسفان لم يزل عنه ضمان الغصب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هي أمانة إلى عسفان، فإذا جاوز بها عسفان ضمنها ضمان الغصب، فإذا ردَّها إلى عسفان زال منه الضمان، إلا أنه يقول لا أجرة عليه. وهذا بناه على أصله أن المنافع لا تضمن بالغصب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أعاره أو أجرّه أرضًا للغراس وللبناء، فبنى أو غرس لم يجبر على قلعه إلا بأن يضمن ما نقص بالقلع. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجبر على قلعه من غير أن يضمن ما نقص بالقلع. وضابط مذهب أَبِي حَنِيفَةَ إن كانت

عارية مطلقة فللمعير الرجوع فيها ويقلع البناء والغراس ولا شيء عليه، وإن كانت مدّة معلومة وأخرجه قبلها ضمن، وإن أخرجه بعدها لم يضمن، سواء شرط القلع أو لم يشترط. والكلام في فصلين: أحدهما إذا كانت العارية مطلقة فله عند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد إخراجه بشرط الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ضمان عليه، والثاني إذا كانت مدة معلومة ولم يشترط القلع بعدها فعند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد عليه الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ضمان عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف صاحب الدابة وراكبها، فقال الراكب: أعرتنيها، وقال المالك: بل أجرتكها فقَوْلَانِ: أحدهما القول قول المالك، وبه قال مالك، واختاره الْمُزَنِي. والثاني القول قول الراكب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ليس للمستعير أن يعير المستعار في أصح الوجهين، وبه قال أحمد، والثاني له ذلك، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار دابة ثم اختلفا، فقال الراكب: أعرتنيها إلى بلد كذا، وقال المالك: بل أعرتك إلى بلد كذا فالقول قول المعير مع يمينه. وعند مالك إن كان يشبه ما قال المستعير فالقول قوله مع يمينه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار عينًا ليرهنها بدين وتلفت، فإن قلنا إنها عارية ضمن قيمتها، وإن قلنا إنها ضمان فلا شيء له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع بما سقط به من حق المرتهن. * * *

كتاب الغصب

كتاب الغصب مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ العقار يضمن بالغصب وبه قال

من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن بالغصب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي وأبو طالب عن الهادي. وعن أَحْمَد ما يدل عليه. واختلف النقل عن مُحَمَّد بن الحسن فنقل عنه صاحب البيان موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه الشاشي موافقة أَبِي حَنِيفَةَ، ونقل الشاشي عن أَبِي يُوسُفَ موافقة الشَّافِعِيّ في أول أمره أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المنافع تضمن بالغصب. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تضمن بالغصب، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء إذا ردّ العين ولم ينقص من عينها شيء، ونقصت قيمتها لكساد السوق لم يضمن ما نقص من قيمتها. وعند أبي ثور من الشَّافِعِيَّة يضمن ما نقص من قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب عينًا وحملها إلى بلد آخر ولقيه صاحبها هنالك وطالبه بردِّها إلى البلد التي غصب فيها كان له ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند المؤيد لا يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر وكافة العلماء إذا غصب شيئًا لا مثل له، كالثياب والحيوان وما أشبه ذلك مما لا تتساوى أجزاؤه ولا صفاته ضمنه بالقيمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند عبيد الله بن الحسن العنبري يضمنه بمثله من طريق الصورة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وسائر الزَّيْدِيَّة إن كان المعدود مما لا يتفاوت أجزاؤه ويجوز استقراضه والسلم فيه ضمنه بالمثل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا خرق ثوبًا لشخص أو كسر له طرفًا وجب عليه أرض ما نقص بذلك قليلاً كان أو كثيرًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان الأرش قليلاً فكما قال

الشَّافِعِيّ، وإن كان كثيرًا فمالكه بالخيار بين أن يسلمه إلى الجاني عليه، أو يطالبه بجميع قيمته، وبين أن يمسكه ويطلبه بالأرش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب ثوبًا فقطعه قميصًا ردّه وما نقص من قيمته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا خاطه انقطع حق المالك عنه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى صاحبه بالخيار بين أن يأخذه ولا شيء له، وبين أن يتركه على الغاصب ويأخذ قيمته. وعند مُحَمَّد بن الحسن وزيد بن علي ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر هو بالخيار بين أن يأخذ القميص وأرش النقص، وبين أن يتركه عليه ويطالبه بقيمة الثوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى على طرف العبد كاليد أو الرجل وغير ذلك فإنه يضمنه بمقدَّر من قيمته، كما يضمن طرف الحرّ بمقدر من دينه. وعند مالك يضمن أرش ما نقص من قيمته بذلك، إلا في الموضحة والمنقلة والمأمومة والجائفة فإنها تضمن بمقدر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قطع يديّ عبد لزمه قيمته، ويرد العبد إلى سيّده، ولا يجب تسليم العبد إلى الجاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ السيّد بالخيار بين أن يسلم العبد إلى الجاني ويطالبه بجميع قيمته، وبين أن يمسكه ولا شيء له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد أم الولد تضمن بالغصب كغيرها من الجواري وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تضمن بالغصب، فلا تجب قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا أتلف عضو من أعضاء البهيمة في يد الغاصب، أو أتلفه وجب عليه ردّ البهيمة وما نقص من قيمتها، وبهذا قال مالك فيما

إذا لم يفوّت غرض صاحبها منها، إلا أنه قال: إذا قطع ذنب حمار القاضي لزمه جميع قيمته، لأنه فوّت على القاضي غرضه، وقال في سائر البهائم أيضًا: إذا فوّت غرض صاحبها منها، فإن المجني عليه بالخيار إن شاء رجع بما نقص من قيمتها، وإن شاء سلمها وأخذ قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد الجناية على ذنب حمار القاضي كالجناية على ذنب حمار غيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانت البهيمة مما لها ظهر بلا لحم كالبغل والحمار، أو مما له لحم بلا ظهر كالغنم أن الحكم كما قال الشَّافِعِيّ، وإن كان لها ظهر ولحم كالخيل والإبل والبقر، فإنه إذا قلع عينيها ردّها ونصف قيمتها، وإن قلع إحدى عينيها ردّها وربع قيمتها. وعند أَحْمَد في عين الفرس ربع القيمة، وفي العينين ما نقص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب عبدًا صانعًا فاستغله واستوفى عليه رده، وعليه أجرة مثله، ولا يرد الغلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يردّه، ولا يردّ الغلة. وعند سائرهم لا يجب عليه ردّ الغلة، وعليه أجرة مثله، فإن فضل شيء عن الكراء تصدق بالزائد عندهم. وعند الداعي منهم لا يتصدق به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب عبدًا فأبق من يده، أو بهيمة فضاعت فضمن الغاصب قيمة المغصوب للمغصوب منه لم يملك ذلك، ولم يزل ملك المغصوب منه عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إذا غرم قيمة ذلك للمغصوب منه ملك ذلك، وزال ملك المغصوب عنه، ثم ينظر فيه فإن اتفقا على قدر قيمة ذلك، أو قامت بينة بقدر قيمته استقرَّ ملك الغاصب عليه، وإن اختلفا في قدر قيمته فالقول قول الغاصب مع يمينه في قدره، فإذا حلف ودفع القيمة بيمينه ثم ظهرت العين المغصوبة، فإن كانت قيمتها مثل ما غرم أو أقل استقر ملكه عليها، وإن كانت أكثر كان المغصوب منه بالخيار بين أن يقر حكم المعاوضة ويمسك القيمة، وبين أن يفسخها ويتم رجع العين المغصوبة ويرد ما أخذ من القيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا أخذت الماشية من مرعاها ليلاً أو نهارًا فتلفت ضمنها غاصبها. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إن حبسها ليلاً فتلفت في الليل لم يضمن، وإن حبسها بعد الليل ضمن.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب شيئًا فغيّره عن صفته، بأن كان حنطة فطحنها، أو دقيقًا فخبزه، أو شاة فذبحها فإن ملك المغصوب منه لا يزول عنه، ويلزم الغاصب أن يردّه ناقصًا وما نقص من قيمته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند بعض الشَّافِعِيَّة للمغصوب منه أن يترك الدقيق للغاصب ويطالب بمثل الحنطة. وعند أبي حَنِيفَةَ والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في رِوَايَة اختارها أبو بكر من الحنابلة إذا تغيَّر اسم المغصوب ومنفعته المقصودة بفعل الغاصب ملكه وضمن قيمته للمغصوب منه، وذلك كالحنطة إذا طحنها، وكذا إذا كان دقيقًا فخبزه، أو شاة فذبحها وشواها، أو نقرة فطبعها دراهم، فإنه يملك ذلك أكله، إلا أنه يكره له التصرف فيه قبل دفع القيمة إلى مالكه. وحكى ابن جرير عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه قال: إذا دخل لص دار رجل ولصاحب الدار فيه حنطة ورحا، فأخذ اللص من الحنطة وطحنه بالرحا فإنه يملك الدقيق، فإن جاء صاحب الطعام وأراد أخذه منه كان له منعه ودفعه، فإن لم يمتنع صاحب الدار عن اللص إلا بالقتل فقتله اللص فلا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب حنطة فوزعها، أو نواة فغرسها فصارت نخلة، أو بيضة فحضنها فصارت فرخًا وجب ردّه إلى مالكه ولا ينقطع حقه عنه، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤَيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينقطع حق المالك، ويجب على الغاصب لمالكه قيمة البذور والبيض والنوى، وما حصل من جميع ذلك فهو ملك للغاصب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد إذا غصب من رجل ألف درهم ومن آخر ألفًا أخرى وخلطهما، ولم يتميزا صارا شريكين في ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يملكهما الغاصب، ويجب عليه لكل واحد منهما دراهمه وبناه على أصله في تغيّر المغصوب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب جارية مهزولة فسمنت في يده، أو تعلمت صنعة فزادت قيمتها بذلك، ثم هزلت أو نسيت الصنعة فنقصت قيمتها وعادت إلى الحالة التي كانت عليها ردّها، ولزمه أرش ما نقص. وعند مالك لا يجب عليه أرش نقصها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه أرش نقصها إلا أن يكون طالبه بها في حال السمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب جارية حاملاً ضمنها وضمن ولدها، وكذا إن غصبها حائلاً فحملت في يده ثم تلف الولد في يده ضمنه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَمَالِك لا يضمن الحمل بالغصب، فإن ولدت وتلف الولد لم يضمن، إلا أن يطالب به فيمنعه، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وزفر إذا نقصت بالولادة ضمن الغاصب أرش النقص ولا يجبره الولد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن أرش النقص، ويجبر ذلك الولد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب دراهم واشترى بها سلعة في الذمة ونفذ الدراهم فيها ففي الربح قَوْلَانِ: قال في القديم هو للمغصوب منه. وقال في الجديد وهو الأصح هو للغاصب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند يَحْيَى منهم يجب التصدق بالربح ويرد مثل الدراهم إلى صاحبها،

والأولى من مذهب النَّاصِر أنه إن اتجر مع تعيين الأثمان كانت العقود كلها فاسدة، ويجب ردّ الأرباح إلى مالكها، وإن اتجر من غير تعيين الأثمان كان الربح له، ويضمن الدراهم للمالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب من رجل عصيرًا فصار في يده خمرًا لزمه ضمان الغصب بمثله، فإن انقلب الخمر بيده خلاً لزمه ردّ الخل على المغصوب منه. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يلزمه رده، بل قد ملكه بالانقلاب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا غصب أرضًا وزرع فيها لزمه قلع الزرع وأجرة الأرض وأرش نقص إن حصل بها، ولا يملك أخذه إلا بإذن مالكه. وعند أحمد وإِسْحَاق ليس لصاحب الأرض قلع الزرع، بل هو بالخيار بين أن يدفع البذر والنفقة ويملك الزرع، وبين أن يقره في الأرض إلى أوان الحصاد ويطالب بأجرة أرضه. مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا حفر بئرًا في ملك غيره فرضي المالك بذلك، ولم يكن للغاصب غرض في طمِّها، بأن كان التراب قد جعله في أرض المالك فقال له: أذنت لك في وضع التراب، فإنه لا يبرأ بذلك مما يقع فيها، وله طمّها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ برأ بذلك وليس له طمّها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، واختاره المزني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب ثوبًا وصبغه بصبغ من عنده جاز له قلع الصبغ وعليه أرش نقص الثوب وعند أَبِي حَنِيفَةَ لصاحب الثوب منعه من ذلك، ويكون صاحب الثوب بالخيار، إن شاء أخذ الثوب وضمن للغاصب ما زاد من الصبغ، وإن شاء أخذ قيمته أبيض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند يَحْيَى منهم لا شيء على صاحب الثوب من قيمة الصبغ، وليس للغاصب أن يغسله عن الثوب.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بذل المغصوب منه قيمة الصبغ ليتملكه مع الثوب، فإن رضي الغاصب بذلك جاز، وإن امتنع الغاصب بل أراد القلع لم يجبر الغاصب على قبول القيمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ، صاحب الثوب بالخيار بين أن يعطيه قيمة الصبغ ويأخذه مع الثوب ويجبر الغاصب على قبوله، وبين أن يسلم الثوب إلى الغاصب ويطالبه بقيمته، وروى أيضًا عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه إن كان صبغه بسواد فلا شيء للغاصب، وكان لصاحب الثوب أن يتركه عليه ويأخذ منه قيمته، وإن كان صَبَغهُ بلون آخر من حمرة أو خضرة فعلى ما ذكرناه عنه. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر ويَحْيَى، واختاره المؤيد أنه يأخذ الثوب وأرش النقص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وداود إذا غصب ساجة أو خشبة وبنى عليها وعفنت لم يلزمه ردّها، ويرد قيمتها، وإن لم تعفن لزمه قلعها بنقض

البناء وردّها على مالكها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه نقض البناء، ولا يجب عليه ردّها إذا كانت مغيَّبة في البناء ويلزمه قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا استكره امرأة على الزنا وجب عليه المهر والحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه الحد ولا مهر عليه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أخرى أنهما يجتمعان في حق البكر دون الثيب، واختارها أبو بكر من أصحابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زنى بصبية لا تشتهى مثلها، أو أزال بكارتها بالأصبع وجب عليه أرش البكارة دون المهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب المهر فيهما، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة فيما إذا زنى بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب طَعَامًا وأطعمه إنسانًا، ولم يعلم أنه مغصوب فضمنه المغصوب منه رجع على الغاصب في القديم بما غرمه، ولا يرجع عليه في قوله الجديد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أطعم الغاصب المغصوب منه ولم يعلم المغصوب منه أنه طعامه لم يبرأ الغاصب من الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبرأ، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ إذا غصب عينًا فرهنها المالك عند الغاصب وأذن له في قبضها فقبضها صارت رهنًا، ولا يبرأ الغاصب من ضمانها إلا بتسليمها إلى المالك أو وكيله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد والْمُزَنِي يزول عنه الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود إذا أراق خمرًا على ذمي أو قتل خنزيرًا له لم يضمنه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يضمنه بمثل الخمر أو قيمة الخنزير إن أتلفها ذمي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلفها على مسلم لم يجب عليه ضمانها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يضمنها بقيمتها.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا فتح قفصًا عن طائر ووقف الطائر زمانًا ثم طار، أو حلَّ وثاقًا عن دابة فوقفت زمانًا ثم شردت لم يضمن الطائر والدابة. وعند مالك يضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فتح قفصًا عن طائر فطار عقيب الفتح ضمنه في أحد القولين، وبه قال مالك ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد، ولا يضمنه في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب المغصوب من الغاصب غاصب ثان لم يبرأ الثاني بتسليمه إلى الغاصب الأول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبرأ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الحسينى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ولا يكون للغاصب الأول خصومة في انتزاعه من الثاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له ذلك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مسأله: عند بعض الشَّافِعِيَّة وزفر لو قال رجل غصبنا من رجل ألف درهم، ثم قال كنا عشرة قبل قوله مع يمينه. وعند مُحَمَّد بن الحسن لا يصدَّق، ويلزمه الكل. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أقر أنه غصب من رجل خاتم، ثم ادّعى المقر أن فصَّه له، فوجهان: أحدهما يقبل قوله. والثاني لا يقبل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قصد التمثيل بعبده لم يعتق عليه. وعند مالك وَأَحْمَد يعتق عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف حليًا مباحًا قُوِّم بنقد البلد، فإن كان من غير جنسه جاز، وكذا إن كان من جنسه دون وزنه، وإن كان أكثر من قدره فوجهان: أحدهما لا يجوز التقويم به. والثاني وهو الصحيح الجواز، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا غصب ما له مثل فأوجه: أحدهما، وبه قال أكثر

العلماء وَأَحْمَد في رِوَايَة يضمنه بقيمة المثل وقت المحاكمة في البادية، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد. والثاني يضمنه بقيمة المثل أكثر ما كانت من حين القبض إلى وقت الحكم بالقيمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والثالث يضمنه بقيمة المثل أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين تعذر المثل. وعند أَحْمَد يضمنه بقيمة المثل يوم انقطاعه من أيدي الناس. وعند أَبِي يُوسُفَ ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى يضمنه بقيمته يوم الغصب، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تلف المغصوب عن الغاصب ضمن قيمته أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف، وهذا ما اختاره الخرقي من الحنابلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يضمن قيمته خلا الغصب، وبه قال أَحْمَد في إحدى الروايتين وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد يضمن قيمته حال التلف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يضمن أولاد الجارية المغصوبة، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وعنه رِوَايَة ثانية يضمنه بمثله من الرقيق. وعنه رِوَايَة ثالثة يتخير بين المثل والقيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى جارية مغصوبة من الغاصب وهو لا يعلم أنها مغصوبة، فوطئها المشتري واستخدمها، يضمَّن المغصوب منه المشتري المهر وأجرة المنفعة ورجع بها على الغاصب في القول القديم، وبه قال أحمد، ولا يرجع في الجديد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب حنطة فعفنت في يده أو أتلفها بالماء، فإن كان نقصانها انتهى استقر ردّها وأرش ما نقصت، وإن لم ينته نقصانها فهي كالزيت إذا خلط بالماء، فيكون مستهلكًا، وفيه قول له أنه يلزمه ضمان ما نقصت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المغصوب منه بالخيار، إن شاء تركها وطالب بمثلها، وإن شاء أخذها ولا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كسر عودًا أو مزمارًا أو طبلاً، فإن كان يصلح لمنفعة مباحة بعد زوال التأليف ضمنه، وإن كان لا يصلح لمنفعة مباحة بعد زوال التأليف لم يضمن. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يضمن بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب عبدًا أمردًا فنبتت لحيته عنده ونقصت بذلك قيمته

ضمن أرش ما نقص من ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب عبدًا ثم اختلف هو والمغصوب منه، فقال الغاصب: رددته إليك حيًا ومات في يدك، وقال المغصوب منه: بل مات في يدك، وأقام كل واحد منهما بيّنة على ما ادعاه تعارضت البينتان وسقطتا، وضمن الغاصب العبد. وعند مُحَمَّد تقدَّم بينة الغاصب. وعند أَبِي يُوسُفَ تقدم بينة الملك، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب خشبًا فجعله بابًا، أو غزلا فجعله ثوبًا، فإنه لا يكون شريكًا للمغصوب منه. وعند أَحْمَد فيه رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا غصب ثوبًا فوهبه لآخر فأحرقه الموهوب له، كان للمالك أن يضمن أيهما شاء، فإن ضمن الغاصب لم يرجع، وإن ضمن الموهوب له فوجهان: أحدهما يرجع، وبه قال أحمد. والثاني لا يرجع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيهما ضمن لم يرجع على الآخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا غصب أمة فحملت عنده منه أو من غيره وماتت في النفاس ضمنها. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ماتت بعد الرد فلا ضمان عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا غصب فضة فصاغها لم يزل ملك صاحبها عنها. وعند مالك له مثلها. * * *

كتاب الشفعة

كتاب الشفعة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن الشفعة ثابتة في العقار وعليه بيانها.

وعند الأصم وابن عليّة لا تثبت الشفعة بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء لا تثبت الشفعة فيما ينقل ويحوَّل كالنبات والطعام والعبيد، وما أشبه ذلك. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما تثبت في جميع ذلك، وبها قالت الْإِمَامِيَّة. والثانية أنها تثبت في السفن خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تثبت الشفعة في الثمر والزرع إذا بيع مع الأصل. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ تثبت فيهما الشفعة. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أنها تثبت في كل مشاع، وإن كان مما ينقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ابتاع الأرض بشجرها وثمرها تثبت الشفعة في

الجميع إلا في الثمرة. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اشترط المشتري الثمرة فالشفعة في الجميع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفرد الشجر والنخل بالبيع لم تثبت فيه الشفعة. وعند مالك تثبت الشفعة فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وعلي وابن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز ورَبِيعَة وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وعبيد الله بن الحسن العنبري وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تثبت الشفعة للجار. وعند ابن شُبْرُمَةَ وابن سِيرِينَ وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والزَّيْدِيَّة تئبت الشفعة وتفصيل مذهب أَبِي حَنِيفَةَ في ذلك: أن الرجل إذا باع دارًا، فإن كان له فيها شريك كان أحق بالشفعة من الجار، وإن لم يكن له فيها شريك، فإن كانت في درب غير نافذ فالجار المشارك له في الطريق أحق من الجار الذي لا يشاركه فيه، فإن كان له جاران يشاركانه في الطريق فهما أحق، فإن عصا الجار الذي إلى جنبه عن الشفعة استحق جاره الذي يليه الشفعة إلى آخر الدرب، ولو كان بينهما ألف ذراع، وأما إذا كان الزقاق نافذ استحق الشفعة الجار الملاصق له، فإن عفا لم يستحق الذي يلي العافي الشفعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تثبت الشفعة في الدار لمن يشاركه في الطريق في الدرب المشترك. وعند سوار القاضي وعبيد الله بن الحسن العنبري وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن شُبْرُمَةَ وَمَالِك تثبت الشفعة في ذلك، وبه قال ابن سريج من الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وَأَحْمَد ورَبِيعَة وَمَالِك في رِوَايَة لا تثبت الشفعة في ما لا ينقسم كالبئر والحمام وغيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تثبت الشفعة في ذلك، وخرَّج ابن سريج قولاً عن الشَّافِعِيّ موافق لذلك، وهو رِوَايَة أيضًا عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء تثبت الشفعة في الشقص المملوك بالبيع. وعند

الأصم لا تثبت في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك تثبت الشفعة لكل ما مُلك فيه الشقص بعقد معاوضة، بأن يكون عوضًا في الصلح، أو أجرة في الإجارة، أو مهرًا في النكاح، أو عوضًا في الخلع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا تثبت الشفعة إلا فيما ملك بالبيع وحده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه ليس للإمام ولا لخلفائه المطالبة بشفعة الوقف. التي تحت نظرهم وهي موقوفة على المساكين، أو على المساجد، أو مصالح المسلمين، وكذا كل ناظر بحق في وقف من وصى وولى ليس له طلب الشفعة فيما هو تحت نظره من ذلك الوقف. وعند الْإِمَامِيَّة للخلفاء ولمن ذكر طلب الشفعة بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وصى رجل لرجل بشقص أو وهب له هبة لا تقتضي الثواب لم تثبت الشفعة ولو أثابه الموهوب له، وإن اقتضت الثواب ثبتت الشفعة بقدر الثواب بمثله إن كان له مثل، وبقيمته إن لم يكن له مثل. وعند ابن أبي ليلى وَمَالِك في إحدى الروايتين تثبت فيه الشفعة ويأخذه الشفيع بقيمة الموهوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا وهب شقصًا بشرط العوض المعلوم كان ذلك بيعًا وثبتت فيه الشفعة، تقايضا أو لم يتقايضا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تثبت الشفعة إلا بعد أن يتقايضا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ملك الرجل شقصًا في دار أو أرض، فمات وعليه دين يحيط بالتركة، فباع شريكه الشقص كان للوارث أن يأخذه بالشفعة، لأن الدين لا يمنع انتقال الملك إلى الوارث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الدين يمنع انتقال الملك إلى الوارث، فلا يستحق الوارث أخذ ذلك بالشفعة، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو سعيد الإصطخري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أذن الشفيع بالبيع، أو أبرأ من الشفعة قبل تمام البيع لم تسقط شفعته. وعند عثمان البتي تسقط شفعته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ تثبت الشفعة للذمي على المسلم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي والمؤيَّد. وعند الشعبي والحسن بن صالح َوَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى لا تثبت له الشفعة على المسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء تثبت الشفعة للفاسق على العدل. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا تثبت شفعته عليه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا باع ذمي من ذمي شقصًا بخمر أو خنزير وتعارضا وترافعا إلينا قبل الأخذ بالشفعة حكمنا بسقوط الشفعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تثبت الشفعة، فإن كان مسلمًا أخذ الشقص بقيمة الخمر، وإن كان ذميًا أخذها بمثل الخمر. وبناه على أصله إن كان ذلك لا مال لهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا باع شقصًا فضمن الشفيع العهدة للمشتري لم تسقط بذلك شفعته، وكذا إذا شرطا له الخيار وقلنا أنه يجوز شرط الخيار للأجنبي فاختار إمضاء البيع. وعند مُحَمَّد بن الحسن وأهل العراق تسقط بذلك شفعته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان الشفيع وكيلًا في العقد لم تسقط شفعته، سواء كان وكيلًا للبائع أو للمشتري. وعند بعض الشَّافِعِيَّة إن كان وكيلاً للبائع سقطت شفعته، وإن كان وكيلاً للمشتري لم تسقط. وعند مُحَمَّد بن الحسن وأَبِي حَنِيفَةَ إن كان وكيلاً للمشتري سقطت شفعته. وبناه أبو حَنِيفَةَ على أصله أن الوكيل يملك المشتري ولا يستحق الشفعة على نفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوكيل بالشراء لا يطالبه الشفيع بالشفعة، وإنَّما يطالب الموكل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يطالب بها الوكيل، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختار الشفيع الأخذ بالشفعة كان له أن يأخذ من غير حكم حاكم ولا رضى المشتري، إلا أنه لا يجب على المشتري تسليم الشقص إلى الشفيع حتى يحضر الثمن، فإن تعذَّر عليه الثمن أجَّل ثلاثًا، فإن وجد الثمن وإلاَّ فسخ

عليه الحاكم الأخذ بالشفعة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي والقاسم والمؤيَّد. وعند النَّاصِر ويَحْيَى منهم إذا عرف الحاكم أن له مالاً يحمل إليه أجله على ما يراه ولا يزيد على عشرة أيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يأخذ بالشفعة حتى يحضر الثمن، ولا يقضي له القاضي بها حتى يحضر الثمن وعند مُحَمَّد بن الحسن ومُحَمَّد بن هشام أن القاضي يؤجله يومين وثلاثة، ولا يأخذ إلا بحكم الحاكم أو رضى المشتري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا باع ما فيه الشفعة وما لا شفعة فيه كالسيف والشقص وغيرهما، فإن الشفعة تثبت بالشقص بقسطه من الثمن، ولا تثبت بالسيف. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا تثبت الشفعة في الشقص لتفرق الصفقة على المشتري. وعند مالك تثبت الشفعة فيهما جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى الشقص بعبد فعور في يد البائع أخذه الشفيع بقيمة عبد أعور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يأخذه بقيمة عبد سليم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حطَّ البائع عن المشتري بعض الثمن بعد لزوم العقد لم يثبت ذلك في حق الشفيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت ذلك في حق الشفيع. وعند مالك إن كان يسيرًا يشبه أن يكون الباقي ثمنا للشقص حُطَّ عن الشفيع، وإن كان ثمنًا كثيرًا لا يباع بمثل كان ذلك هبة للمشتري، ولا يحط عن الشفيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا وسائر الزَّيْدِيَّة أن الشفيع يأخذ بما وراء المحطوط إذا علم بالحط وكان الشراء وقع في ذلك الوقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى شقصًا من دار فانهدمت قبل الأخذ بالشفعة، فالشفيع بالخيار بين أن يأخذ جميعها بجميع الثمن وبين أن يترك. وعند أَحْمَد ومالك الشفيع يأخذ الباقي بقسطه من الثمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن تلف بعض الأعيان بفعل المشتري أو بفعل آدمي أخذ الشفيع الباقي بحصته، وإن تلف بآفة سماوية أخذ بجميع الثمن، وبهذا قال بعض الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى شقصًا بمائة مؤجلة إلى سنة فثلاثة أقوال: القديم أن الشفيع يأخذه بمائة مؤجلة، وبه قال مالك وَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والمؤيَّد، إلا أن مالكًا قال: إن كان الشفيع ثقة، وإلا أقام للمشتري ثقة، ويكون الثمن في ذمته، والثاني وهو الصحيح أن الشفيع بالخيار إذا شاء عجّل وأخذ بالشفعة، وإن شاء أخّر إلى حلول الأجل ثم أخذ بالشفعة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى أيضًا، ونصره منهم أبو طالب. والثالث أن الشفيع يأخذ الشقص بسلعة تساوى مائة إلى سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد إذا باع رجل في مرض موته شقصًا له من دار بثمن مثله من وارثه صح البيع، سواء كان الشفيع وارثًا أو غير وارث، ولا يعترض عليه في ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح بيعه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان في هذا البيع الذي على الوارث محاباة ففي صحة البيع خمسة أوجه: أصحها عند الشَّافِعِيّ صحة البيع، ولا يستحق الشفيع إلا نصف الشقص بالألف ويبقى النصف للمشتري بغير ثمن. والثاني يصح البيع في نصفه بألف ويأخذ الشفيع ويبطل البيع في نصفه، فيرجع إلى ورثة الميت، الثالث أن البيع يبطل في الجميع. والرابع أن البيع يصح في جميع الشقص بالألف، ويستحق الشفيع أخذ جميعه بالألف، واختاره الشيخان أبو حامد وأبو إِسْحَاق الشيرازي. والخامس أن البيع يصح في جميع الشقص بالألف وتسقط الشفعة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، واختاره ابن الصباغ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة أهل العلم إذا بيع الشقص بما لا مثل له كالثياب والحيوان وغيرها أخذ الشفيع الشقص بقيمة العرض المُشتَرَى به. وعند الحسن البصري وسوار القاضي لا تثبت الشفعة ها هنا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تعتبر قيمة العرض المشتري به وقت البيع، ولا اعتبار بما حدث بعد ذلك من زيادة أو نقصان. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يعتبر حين استقرار العقد، وهو عند لزومه. وعند مالك تعتبر قيمته يوم المحاكمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصدق امرأته شقصًا، أو خالعها على شقص، أو جعل

الشقص عوض المنفعة في الإجارة ثبتت الشفعة في ذلك، ويأخذه بمهر المثل في الصورتين الأولتين، وبأجرة مثل المنفعة في الصورة الأخيرة. وعند مالك وابن أبي ليلى يأخذه بقيمته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تثبت الشفعة في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وقت الشفعة أربعة أقوال: أحدها على الفور، فإن أخّرها بغير عذر بطلت، وهو قول النَّاصِر والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، إلا أن عندهما يتقدَّر بالمجلس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. والثاني يكون بالخيار ثلاثة أيام، وهو قول ابن أبي ليلى وعثمان البتي والثَّوْرِيّ. والثالث له الخيار على التراضي، ولا يسقط إلا بإسقاطه أو يوجد ما يدل على الرضى بإسقاطه، وبه قالت الْإِمَامِيَّة وشريك. والرابع على التراخي كالقول الثالث، وليس له المطالبة بالأخذ أو الترك، وهو قول مالك، إلا أنه قد روى عن مالك في انقطاعها رِوَايَتَانِ: إحداهما أنها تنقطع بعد سنة. والثانية تنقطع بأن يمضي من الزمان ما يعلم أنه تارك لها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن حُيي أنه متى لم يطلبها مكانه بطلت شفعته. وعند الحسن بن زياد إذا شهد أنه على شفعته ولم تقم بها ما بينه وبين أن يصل إلى القاضي فقد أبطل شفعته. قال الحسن: فأمَّا أبو حَنِيفَةَ فقال: ثلاثة أيام. وروى مُحَمَّد عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه على شفعته أبدًا بعد الشهادة. وعند مُحَمَّد إذا تركها بعد الطلب شهرًا بطلت. وعند أبي حَنِيفَةَ إذا أمكنه أن يطالب بها عند القاضي أو يأخذه فلم يفعل بطلت. وعند الشعبي إذا

أخّر المطالبة بها يومًا بطلت. وعنده أيضًا إذا بيع ما وجبت فيه شفعته وهو شاهد ولم ينكر فلا شفعة له. وعند مُحَمَّد بن الحسن إذا ابتدأ بالسلام قبل المطالبة بالشفعة سقطت شفعته. وعند الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وعبيد الله بن الحسن إذا لم يطلب حين علم بطلت شفعته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا اصطلح الشفيع والمشتري على العوض عن الشفعة لم يصح الصلح، ولا يملك الشفيع العوض. وعند مالك يصح وتسقط الشفعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع أحد الشريكين بعض نصيبه من رجل، ثم باع منه الباقي، ثم علم الشريك بذلك كان له أخذ الأول والثاني، وله أن يأخذ أحدهما ويترك الآخر، فإن ترك الأول وأخذ الثاني شاركه المشتري في الأخذ بالشفعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أخذ النصيبين، بل يأخذ النصيب الأول ونصف الثاني، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن الشفعة تثبت فيما ينقسم، سواء كان عدد الشركاء اثنين أو أكثر. وعند الْإِمَامِيَّة إذا زاد عدد الشركاء على اثنين فلا شفعة. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الشفعة، هل تقسَّم على قدر الأملاك، أو على عدد الروس؟ فيه قَوْلَانِ: أصحهما على قدر الأملاك، وبه قال عَطَاء والحسن وابن سِيرِينَ وَمَالِك وسوار بن عبد الله وعبيد الله بن الحسن العنبري وإِسْحَاق وأبو عبيد وابن المسيب َوَأَحْمَد. والثاني يقسَّم على الرُّوس، وبه قال الشعبي والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وابن شُبْرُمَةَ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه، واختاره الْمُزَنِي، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخذ الشفيع الحاضر الشقص بالشفعة، ثم رده بعيب فقدم الغائب كان له أخذ جميع الشقص وفسخ الرد بالعيب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يأخذ إلا حصته من الشقص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كانت دار بين ثلاثة فباع أحدهما نصيبه من أحد شريكيه ثبتت الشفعة بين الشريك والشريك الآخر. وعند

الحسن البصري وعثمان البتي لا تثبت الشفعة للمشتري، وبه قال من الشَّافِعِيَّة ابن سريج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات وخلف اثنين. فورثاه نصفين، فمات أحدهما وخلف اثنين فورثه ابناه فباع أحدهما نصيبه ثبتت الشفعة لأخيه قولاً واحدًا، وفي ثبوتها للعم مع ابن أخيه قَوْلَانِ: القديم أن الأخ أحق بالشفعة من عمه، وبه قال مالك وعَطَاء. والجديد أن الأخ والعم يشتركان في الشفعة، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه والْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّخَعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قاسم المشتري الشريك وغرس وبنى، فالشفيع بالخيار بين أن يأخذ الشقص بالثمن ويدفع قيمة الغراس والبناء للمشتري إن اختار ذلك المشتري، وبين أن يجبر المشتري على القلع ويضمن له ما نقص بالقلع. وعند الثَّوْرِيّ وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي للشفيع إجبار المشتري على القلع من غير ضمان النقص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ليس للشفيع أن يأخذ الشقص من يد البائع، بل يجبر المشتري على التسليم من البائع، ثم يأخذه الشفيع من المشتري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن يأخذه من البائع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة وكافة الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أخذ الشفيع بالشفعة وخرج مستحقًا رجع بالعهدة على المشتري سواء أخذ الشقص من المشتري أو من البائع، ولا تبطل الشفعة باخذه من يد البائع. وعند مُحَمَّد وأَبِي حَنِيفَةَ إن أخذه من يد المشتري رجع بالعهدة عليه، وإن أخذه من البائع رجع بالعهدة على البائع وانفسخ البيع. وعند ابن أبي ليلى والبتي يرجع بالعهدة على البائع بكل حال.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعبيد الله بن الحسن العنبري وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر أن الشفعة إذا ثبتت لشخص ومات لم تسقط بالموت. وعند الثَّوْرِيّ وابن سِيرِينَ والشعبي وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وإِسْحَاق تسقط بالموت. وعند يَحْيَى وأبي طالب من الزَّيْدِيَّة إن كان بعد الطلب لم تسقط بالموت، وإن كان قبل الطلب بطلت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا اشترى شقصًا فطالب الشفيع بالشفعة، فقال له المشتري: ليس لك فيه شركة فلا تستحق الشفعة، وعليه إقامة البينة أن له شركًا فى الملك. وعند أَبِي يُوسُفَ إن كان في يده شيء من الدور استحق به الشفعة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الدار بين اثنين وأحدهما غائب ونصيبه في يد وكيله، فقال الوكيل: قد اشتريته منه فهل للحاضر أخذه منه بالشفعة؟ وجهان: أحدهما ليس له ذلك. والثاني له ذلك، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أقرَّ المشتري أنه اشترى الشقص بألف وأخذه الشفيع بالألف، ثم قال البائع: إنما بعته بالعين، وصادقه المشتري على ذلك، أو أنكره وأقام عليه البائع البينة بذلك، ثبت الألفان على المشتري، ولا يثبت ذلك على الشفيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قامت البينة بذلك لزم ذلك الشفيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا أقرَّ الشريك أنه باع نصيبه من رجل وأنكر المقر له الشراء، فالقول قول المدَّعى عليه مع يمينه، فإن قال الشفيع: أنا أعلم أنه قد باعه منه وأنا آخذه وأزد الثمن فله ذلك. وعند مالك ليس له، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخَّر المطالبة بالشفعة عقيب العقد بطلت شفعته. وعند أبي حَنِيفَةَ إن طلب في المجلس لم تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخبر الشفيع بالشراء عدل فلم يصدّقه سقطت شفعته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر لا تبطل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخبره عبد أو صبي ولم يصدقه لم تسقط شفعته. وعند أبي يوسف أنها تسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للعامل أن يأخذ الشقص من رب المال بالشفعة. وعند أبي حَنِيفَةَ له ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أظهر المشتري أنه اشترى بثمن كبير، فترك الشفيع الشفعة، ثم بان بعد ذلك أن الثمن أقل من ذلك لم تسقط شفعته. وعند ابن أبي ليلى تسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أظهر المشتري أنه اشترى بدنانير، فترك الشفيع الشفعة، ثم بان أنه كان اشتراه بدراهم لم تسقط شفعته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا كانت قيمة الدراهم مثل قيمة الدنانير سقطت شفعته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عفا الشفيع عن الشفعة ثم تقابلا لم تثبت للشفيع الشفعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تثبت للشفيع الشفعة، وكذلك إذا ردّ العيب بالتراضي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بيع شقص في شركة الصبي والمجنون ثبتت لهما الشفعة، ولوليهما الأخذ إذا رأى في ذلك الحظ لهما. وعند النَّخَعِيّ وابن أبي ليلى والحارث العكلي لا تثبت لهما الشفعة. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ تثبت لهما الشفعة، إلا أن الولي لا يأخذ لهما ويؤخر إلى زوال الحجر عنهما، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وزفر وَأَحْمَد إذا ثبت للصبي الشفعة وله في أخذها حظٌّ لم يملك الولي العفو عنهما، وإذا عفا عنهما لم تسقط، وكان للصبي الأخذ إذا بلغ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا عفا الولي عن الشفعة سقطت، ولم يكن للصبي الأخذ بعد بلوغه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن للولي حظ في الأخذ بالشفعة فعفا الولي عنها فإنها تسقط، وليس للمولى عليه الأخذ بها بعد زوال الحجر عنه. وعند زفر ومُحَمَّد بن الحسن ليس للولي العفو، وإذا عفا لم تسقط، إلا إذا أزال الحجر عنه كان له الخيار إن شاء ترك وإن شاء أخذ، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند النَّاصِر والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة إن ادَّعى أن أباه أو الوصي تركها لا لعدم الثمن أو لا لمصلحة أن عليه البينة وعلى المشتري

الثمن. وعند القاسم وأبي طالب والهادي من الزَّيْدِيَّة أن البينة على المشتري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع بشرط خيار الثلاث للمشتري وحده، فإن قلنا إن الملك لا يتنقل وهو مراعي لم تثبت فيه الشفعة، وإن قلنا ينتقل الملك إلى المشتري تثبت فيه الشفعة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند مالك وَأَحْمَد لا تثبت الشفعة، ونقله الربيع قَوْلَانِ عن الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع شريكان نصيبهما جاز للشفيع أن يأخذ نصيب أحدهما بالشفعة دون الآخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز ذلك بعد القبض، ولا يجوز قبل القبض فى إحدى الروايتين عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع اثنان من واحد جاز للشريك أن يأخذ الكل أو يترك الكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تصرف المشتري بالشقص قبل أن يعلم الشفيع بالشراء صح تصرفه، وكان الشفيع بالخيار بين أن يفسخ عليه تصرفه ويأخذ الثمن الأول، وبين أن يقر العقد على ما هو عليه ويأخذ من الثاني بما تملكه به إن كان تصرفه فيما تثبت فيه الشفعة كالبيع والصداق وإن كان تصرفه فيما لا تثبت فيه الشفعة كالوقف والهبة، أو جعله مسجدًا فإنه يفسخ عليه تصرفه ويأخذه بالثمن، ويكون الثمن للمشتري. وعند مالك يكون الثمن للموهوب له. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والمؤيَّد عن يَحْيَى إن بنى المشتري أو غرس في الشقص المشفوع بعد الطلب نقض الشفيع عليه جميع ما فعل من أنواع التصرف حسًا كان أو حكمًا، وإن كان قبل الطلب يأخذها بقيمتها عندهم بالطلب لا بالعلم بأن لها شفيعًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي أنه إن علم أن لها شفيعًا مطالبًا وفعل جميع ذلك فإنه ينقض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وقف المشتري الشقص لم تسقط الشفعة. وعند أَحْمَد وكذا في إحدى الروايتين عن أَبِي حَنِيفَةَ تسقط، وبه قال من الشَّافِعِيَّة الماسرجسي.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دار بين اثنين فادّعى أحدهما على الآخر أن النصف الذي في يده اشتراه من زيد وصدّقه على ذلك، وأنه يستحق الشفعة، وأنكر الشفيع ذلك، وقال ورثتُه من أبي وقامت البينة أن الملك كان لزيد ورثه من أبيه، ولم يعهد بأكثر من ذلك لم تثبت الشفعة. وعند مُحَمَّد تثبت الشفعة للشفيع، ويقال له: إما أن تسلم الشقص إليه وتأخذ الثمن، وإما أن ترده على البائع لتأخذه منه ويدفع إليه الثمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا شفع ثم ترك المرافعة لم تبطل الشفعة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد والهادي. وعند مُحَمَّد بن الحسن إذا ترك المرافعة والخصومة والإشهاد شهرًا بطلت شفعته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وأبو عبد الله الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد إذا قال الشفيع آخذ بعض الشفعة سقطت شفعته بذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ لا تسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تثبت الشفعة للغائب، سواء كانت غيبته قريبة أو بعيدة ولم يحدُّوها بحد. وعند عثمان البتي إذا كانت الغيبة قريبة تثبت له الشفعة، وإن كانت غيبته منقطعة لم تثبت له الشفعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تثبت الشفعة للبدوي على الحضري. وعند الشعبي وعثمان البتي لا شفعة لمن لا يسكن المِصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تثبت إذا أشهد على الشفعة ثم ترك سقطت شفعته والإشهاد غير واجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي، واختاره منهم المؤيَّد أيضًا. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا تسقط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا أن الإشهاد على طلب الشفعة واجب قدر على الطلب أو لم يقدر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ تجوز الحيلة في إبطال الشفعة. وعند أَحْمَد لا تجوز، وبه قالت الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وهو الصحيح يكره دفع ثبوت الشفعة بالحيل، وبه قال محمد ابن الحسن. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يكره، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بلغ الشفيع البيع، فقال المشتري: بارك الله لك في صفقة يمينك، أو شهد في بيعه لم تسقط شفعته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للشقص شفعاء فحضر أحدهم وغاب الباقون كان له أخذ الجميع بالشفعة. وعند مُحَمَّد لا يأخذ إلا بحصته. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف المشتري والشفيع في الثمن وأقاما البينة، فهل تقدم بينة الشفيع أو المشتري؟ وجهان: وبالأول قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة وبالثاني قال أبو يوسف، وهو الأقرب إلى قول النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تقبل شهادة البائع للمشتري على الثمن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الحنفية، ومن الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى أنه إن كان ذلك قبل قبض البائع الثمن كان ذلك حطًا عن المشتري، ويحطُّ عن الشفيع مثله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا جنى على شخص جنايتين أحدهما خطأ فصالحه منهما على شقص، فالشفعة في كله. وعند أَحْمَد الشفعة في بعضه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط الشفعة في الجميع. * * *

كتاب القراض

كتاب القراض مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة أهل العلم لا يجوز القراض

على غير الدراهم والدنانير. وعند الْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى وطاوس وحماد يجوز بكل مال، فإن كان له مثل ردّ مثله عند المفاصلة، وإن لم يكن له مثل ردّ قيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو قال: خذ من مالي ما شئت مضاربة بيننا على النصف، فأخذ الدراهم صح تصرفه ولا يكون قراضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون قراضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو قال خذ هذه الألف مضاربة على النصف، فأخذها ولم يتكلم لم تصح المضاربة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح المضاربة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يصح القراض على التبر والنقر. وعند أَبِي ثَورٍ تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا تجوز المقارضة على الغشوش من النقدين، سواء قلَّ الغش أو كثر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان الغش أكثر من النصف لم يجز، وإن كان

النصف فما دون ذلك جاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا تجوز المقارضة على الفلوس. وعند مُحَمَّد بن الحسن تجوز استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دفع إليه ثوبًا وقال له بعه، فإذا قبض ثمنه فقد قارضتك عليه، لم يصح القراض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح، وإذا باعه وقبض ثمنه صار قراضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح القراض على مال جزافٍ مشاهدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، فإن اختلفا في قدر رأس المال كان القول قول العامل، إلا أن يكون لرب المال بينة، وإن كان لكل واحد منهما بينة قدمت بينة رب المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال قارضتك على أن لك شركة في الربح أو شركًا فيه لم يصح. وعند مُحَمَّد بن الحسن يكون له نصف الربح. وعند مالك يكون له مضاربة المثل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قارض اثنان شخصًا على أن يكون له نصف الربح يستحق ثلثه من نصيب عمرو وثلثه من نصيب زيد، ويكون لعمرو ثلثا النصف الآخر ولزيد ثلثه صح ذلك. وإن قال على أن لك نصف الربح ثلثه من عمرو، وثلثيه من نصيب زيد، ثم يكون النصف الآخر بين زيد وعمرو لم يصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ َوَأَحْمَد يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا دفع إليه ألفين وقال أضف من عندك ألفًا، فتكون الألفان بيننا شركة، والألف الآخر قارضتك عليها بالنصف جاز ذلك. وعند مالك لا يجوز أن يضيف إلى القراض شركة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال قارضتك على هذا الألف على أن لك ربح نصفها لم يجز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يصح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال قارضتك على أن يكون الربح كله لي، أو على أن يكون الربح كله لك فسد القراض في المسألتين، ويكون الربح كله لرب المال، وللعامل أجرة المثل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في المسألة الأولى يكون كله بضاعة، وفي الثانية يكون قرضًا وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند مالك يكون قراضًا صحيحًا في المسألتين، ويكون الربح كله لمن شرطه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال قارضتك على أن الربح كله لك كان قرضًا. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يكون قراضًا فاسدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط للعامل نصف الربح ثم بعد أيام رده إلى الربع أو إلى الثلث لم يجز ما لم يفسخا العقد الأول ويجددا عقدًا آخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز وإن لم يجددا عقدًا آخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز القراض إلى مدة

لا يجوز له الفسخ قبلها، ولا إذا تمت لا يجوز له بيع المتاع واستئناف الشراء. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن له أن يتصرف في الطعام لم يتجر إلا في الحنطة، ولا يتجر في الدقيق. وعند مُحَمَّد بن الحسن يجوز أن يتصرف في الدقيق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قارضه وقال له اتجر فيما شئت لم يجز للعامل أن يشتري الخمر، سواء كان العامل مسلمًا أو ذميًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان العامل ذميًا جاز له شراء الخمر وبيعها، ويشاركه رب المال في الربع، وإن كان مسلمًا. وبنى ذلك على أصله أن الملك يدخل في ملك الوكيل، ثم ينتقل إلى ملك الموكل. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يصح منه الشراء ولا يصح البيع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع العامل المال إلى رب المال، وقال قارضتك على هذا المال على أن يكون لك نصف الربح الذي تشرطه لي لم يصح ويبطل به عقد القراض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال قارضتك على أن لا تبيع إلا بنسيئة فوجهان: أحدهما يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى العامل زوج رب المال بغير إذنه لم يصح الشراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للعامل أن يسافر بمال القراض بغير إذن المالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يجوز له ذلك إذا كان الطريق آمنًا. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز إلى موضع يمكنه الرجوع قبل الليل. وعند مُحَمَّد بن الحسن يجوز إلى موضع لا يلزمه فيه مؤنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يستحق العامل النفقة في مال المقارضة في السفر في أحد القولين، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق في الآخر، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في العامل متى يملك الربع على قولين: أحدهما

يملكه بالظهور، وبه قال أبو حَنِيفَةَ واختاره الْمُزَنِي. والثاني يملكه بالقسمة، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان المضارب حاضرًا فشرط نفقته على رب المال لم يصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أنفق المضارب من مال نفسه، ثم ادعى ذلك فالقول قوله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقبل قوله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إليه ألفًا فاتجر بها، فصارت ألفين فاقتسما الربح وتفاصلا، ثم تلف الألف الآخر في يد العامل من غير تفريط فلا شيء عليه. وعند أبي حَنِيفَةَ عليه أن يرد ما أخذ من الربح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قارض رجل رجلاً على مال، ثم قارض رجل آخر العامل على مال آخر صح القراض الثاني. وعند أَحْمَد لا يصح الثاني إذا كان فيه ضررٌ على الأول، فإن خالف وربح ردّ الربح إلى مال المضارب الأول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى عند المضاربة على غيره كان للعامل أن يفديه من المال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فسخا عقد القراض وكان المال دينًا لزم العامل أن يتقاضاه، سواء كان في القراض ربح أو لم يكن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان في المال ربح لزمه اقتضاؤه، وإن لم يكن في المال ربح لم يلزمه اقتضاؤه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجب للعامل أجرة المثل في القراض الفاسد، سواء كان فى المال ربح أو لم يكن. وعند مالك إن كان في المال ربح استحق الأجرة، وإن لم يكن فيه ربح لم يستحق. وعند بعض الشَّافِعِيَّة إن كان فساد القراض بقوله قارضتك على أن الربح كله لي لم يستحق العامل الأجرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى رجل مالاً فتلف في يده، ثم اختلفا فقال رب المال: دفعته قرضًا، وقال القابض: قراضًا. وأقام كل واحد منهما بينة، فبينة العامل أولى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ بينة رب المال أولى، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شرط في القراض على أن لا يشتري إلا من واحد بعينه أو لا يشتري إلا سلعة بعينها لم يصح القراض. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إليه ألفين وقال: قارضتك على أن يكون ربح ألف منها لي وربح ألف لك لم يصح القراض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اشترى العامل من يعتق على رب المال بغير إذنه لم يصح الثراء. وعند أَحْمَد يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قارض اثنين على مال واحد، على أن يكون له نصف الربح ويكون النصف الآخر لهما، الثلث لأحدهما والثلثان للآخر جاز ذلك. وعند مالك لا يجوز لأحدهما أكثر من الآخر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إليه ألفًا قراضًا فتلف في يده قبل الشراء انفسخ القراض، وإن تلف بعد الشراء لم ينفسخ القراض، ووقع الشراء لرب المال، ويلزمه أن يدفع إليه ألفًا آخر، فيدفعهما في ثمن المشتري. وهل يكون رأس المال ألف أو ألفان؟ وجهان: أحدهما ألفان، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد. والثاني ألف، وهو الألف الثانية. وعند مالك رب المال بالخيار بين أن يدفع إليه ألف أخرى تكون هي رأس المال دون الأولى، فإن لم يدفع تكون للعامل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إليه ألفًا قراضًا واتجر فيها نضَّت وخسر مائة، فقال العامل لصديق له آخر: أقرضني مائة أضمها إلى المال ليرى ذلك رب المال فلا ينزع المال من يدي، وإذا أبقاه في يدي رددت إليك المائة ففعل، فلما حمل المال إلى رب المال أخذه وفسخ القراض جاز ذلك، ولم يكن للمقرض الرجوع في غير المائة. وعند ابن القاسم المالكي للمقرض أن يرجع بالمائة على رب المال.

مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اختلفا في قدر رأس المال وفي المال ربح لم يتحالفا على أصح الوجهين، ويكون القول قول العامل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ: إحداهما القول قول العامل، وبها قال محمد. والثانية القول قول رب المال، وبها قال زفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات المضارب ولم تعرف المضاربة بعينها فإنها لا تصير دينًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تصير دينًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شرط ضمان المال على العامل بطلت المضاربة. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ضاربه على أن يستدين على مال المضاربة ويكون الربح بينهما صح ذلك. وعند مالك لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اتضع العامل في المضاربة بالمال، أو ضارب به، أو أودعه كان عليه الضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له ذلك سوى المضاربة به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يصح شراء رب المال بشيء من مال المضاربة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين يصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب وأبو عبد اللَّه الدّاعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا ادّعى العامل على رب المال أنه أذن له في بيع النسيئة وأنكر رب المال، فالقول قول رب المال. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ القول قول العامل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلفا في قدر الربح تحالفا. وعند أَحْمَد هل القول قول العامل أم قول رب المال؟ فيه رِوَايَتَانِ. ْمَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا خالف العامل رب المال فاشترى ما نهاه عنه، أو عامل من نهاه عن معاملته لم يستحق الربح المشروط واستحق أجرة المثل. وعند أحمد فى استحقاقه أجرة المثل رِوَايَتَانِ. * * *

كتاب العبد المأذون له

كتاب العبد المأذون له مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح إقرار العبد قبل العمل، سواء كان مأذونًا له فى التجارة أو غير مأذون له فيها. ويؤخذ بذلك في الحال. وعند أَحْمَد لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز للعبد أن يتجر بغير إذن مولاه، فإن رآه المولى يتجر فسكت عنه لم يكن سكوته إذنًا له في التجارة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة يكون ذلك إذنًا له فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أقرَّ العبد المأذون له في التجارة بما لا يتعلق بها، كالقراض وأرش الجناية لم يصح إقراره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا حصل على المأذون له ديون في المعاملة ولم يكن فى يده شيء، فإن الدين يكون في ذمته يطلب به إذا أعتق وأيسر، ولا يتعلق برقبته ولا بذمة السيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يباع العبد فيه إذا طالب الغرماء بيعه. وعند أَحْمَد يتعلَّق بذمة السيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أذن السيد لعبده أن يتصرف في نوع من الأنواع لم يملك أن يتصرف فيما سواه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إذنًا عامًا، فيملك به التصرف فى جميع الأنواع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ العبد المأذون له في التجارة لا يملك أن يؤجر نفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يملك ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن ينجز دعوة ولا يهب بغير إذن سيّده. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز له ذلك. وعند أَحْمَد أيضًا يجوز له ذلك، وكذا هديته، ولا يجوز عنده هبته للدراهم والدنانير، ولا كسوته للثياب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زعم العبد أن سيّده أذن له في التجارة فليس لأحد معاملته حتى يعلم الإذن، أو يغلب ذلك على ظنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زعم العبد أن سيّده قد حجر عليه، وقال السيّد. لم أحجر عليه لم يصح تصرف العبد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان عليه دين يستغرق ما في يده لم يقبل إقراره، وإن لم يستغرق صح إقراره، وتعلَّق بالمال الذي في يده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أبق العبد المأذون له في التجارة لم يبطل إذن سيّده له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أذن لأمته في التجارة فلحقها دين، ثم أتت بولد لم يتعلَّق به الدين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتعلَّق به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا باع السيّد من عبده المأذون له لم يصح البيع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح إذا كان عليه من الدين ما يستغرق قيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للعبد المأذون له أن يشتري من يعتق على مولاه بغير إذنه في أحد القولين، ويجوز ذلك في القول الآخر، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لم يكن دفع إليه المال وإنما أذن له في التجارة صح الشراء وعتق على مولاه. وإن كان دفع إليه مالاً لم يصح الشراء، ورده على مولاه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان عبدًا مأذونًا له في التجارة وقد ارتكبته ديون فإنه لا يثبت له الخيار. وعند رَبِيعَة وَمَالِك يثبت له الخيار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ البيع باطل. وبناه على أصله أن الدين يتعلَّق برقبته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اكتسب العبد مالاً بالاحتطاب، أو الاحتشاش، أو الهبة، أو الوَصِيَّة فإنه لا يملكه ما لم يملكه السيّد، وإنما يدخل في ملك السيّد. وعند مالك

وداود وأهل الظاهر وإِسْحَاق وإحدى الروايتين عن أَحْمَد يدخل في ملك العبد، وللسيّد أن ينزعه منه ولو استقر ملك العبد عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ملَّكه سيّده مالاً فهل يملكه؟ قَوْلَانِ: القديم يملكه، وبه قال عثمان البتي وداود وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة. والجديد لا يملكه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ، والرِوَايَة الأخرى عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للعبد مال وقلنا بالجديد لا يملكه واشترطه المشتري للعبد، فإن كان ذهبًا لم يجز أن يشتريه بذهب، وإن كان دينًا لم يجز أن يشتريه بدين. واشتراه بعوض فلا بد أن يكون المال معلومًا، إما بالمشاهدة، أو بالصفة، فإن كان مجهولاً لم يصح البيع. وعند مالك وإِسْحَاق وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ يصح البيع، ويكون المال للمشتري نقدًا سواء كان المال عرضًا أو دينًا معلومًا أو غير معلوم، سواء كان الثمن نقدًا أو دينًا أكثر من مال العبد أو أقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا باع عبدًا وله مال فماله للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع. وعند الحسن والنَّخَعِيّ ماله للمشتري إلا أن يشترط البائع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع عبدًا وله مال وقلنا إنه يملك وتبعه المال في البيع، فأخذ المشتري المال وأتلفه ووجد به عيبًا فإنه ليس له أن يرده بالعيب، وله المطالبة بالأرش. وعند داود له ردّ العبد وحده دون المال. * * *

كتاب المساقاة

كتاب المساقاة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله والثَّوْرِيّ

والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وداود وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد بن الحسن تجوز المساقاة على النخل، وهو أن يسلمها إلى من يعمل عليها بما يكون فيه مستزاد للثمرة من تنظيف الأجاجير وصرف الجريد والسقي وغير ذلك، على أن له جزء من الثمر يتفقان عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر لا تصح المساقاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجوز المساقاة على الكرم. وعند داود لا تجوز المساقاة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يصح المساقاة على سائر الأشجار المثمرة، كالتين والتفاح والمشمش والرمان والسفرجل والتوت الشامي الآتني قَوْلَانِ: القديم لا يصح، وبه قال أبو يوسف ومُحَمَّد وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وقال في الجديد يصح، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل تصح المساقاة على الثمرة الظاهرة، تنظر إن بدا فيها الصلاح لم يصح، وبه قال الْمُزَنِي، وإن ظهرت ولم يبد فيها الصلاح، فقَوْلَانِ: أحدهما يصح، وبه قال مالك وَأَحْمَد والْمُزَنِي. والثاني لا يصح. وعند أَبِي ثَورٍ إن احتاجت إلى القيام عليها حتى تطيب جاز، وإن لم تحتج لم يجز. وعند أَبِي يُوسُفَ إن كانت تزيد جار، وإن لم تزد لم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجوز المساقاة على المقاثي والمباطخ والباذنجان. وعند مالك تجوز المساقاة عليها قبل بدو صلاحها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط العامل على رب النخل أن يعمل معه غلمان رب النخل صح، وإن شرط أن تكون نفقتهم على سيّدهم صح، وإن شرط أنها على العامل فليس من شرط ذلك تقديرها. وعند مُحَمَّد بن الحسن لا تجوز حتى يقدرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجوز المساقاة إلا على مدة معلومة توجد فيها الثمرة. وعند بعض أصحاب الحديث يصح من غير توقيت. وعند أَبِي ثَورٍ إن لم تقدَّر المدة صحت فى سنة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تبينت خيانة العامل انتزع من يده واكترى العامل من يعمل عليها مكانه إذا لم يمكن حفظها منه، بأن يضم إليه غيره، فإن أمكن حفظها بأن يضم إليه غيره يحفظ عليه ضم إليه غيره ولا ينزعها من يده، وتكون أجرة الأجير على العامل دون رب المال. وعند المالكية لا تنزع من يده ولا يقوم غيره مقامه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك أجرة الجذَّاذ في المساقاة على العامل، وبه قال أَحْمَد في

رِوَايَة. وعند أَحْمَد ومُحَمَّد بن الحسن عليه وعلى رب المال، فإن شرط أنه على العامل جاز. وعند مُحَمَّد شرطه على العامل يبطل العقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف العامل ورب النخل في القدر المشروط بعد ظهور الثمرة، فقال رب المال: شرطت لك الثلث، وقال العامل: شرطت لي النصف، فإنهما يتحالفان. وعند مالك القول قول العامل إذا أتى بما يشبه. وعند أَحْمَد القول قول رب النخل. * * *

باب المزارعة

باب المزارعة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا تجوز المزارعة على ما لا شجر فيه. والمزارعة والمخابرة واحدة، وهو أن يعامله على زراعة الأرض على ثلث ما يخرج منها، أو ربعه، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وكافة الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة المزارعة غير المخابرة، فالمخابرة أن يكون من رب الأرض الأرض، ومن العامل البذر والعمل، والمزارعة أن يكون الأرض والبذر من واحد، والعمل من آخر، فهذا كله باطل عند الشَّافِعِيّ، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك وأبو هريرة وأبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد وعلي وابن مسعود وعمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص ومعاذ وسعيد بن المسيب وابن سِيرِينَ وطاوس وعبد الرحمن بن الأسود وموسى بن طلحة وعمر بن عبد العزيز والزُّهْرِيّ وابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد بن الحسن أن ذلك صحيح لازم. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن كان البذر من رب الأرض جاز، وإن كان من العامل لم يجز، وإن

شرط البذر عليهما أو على العامل لم يصح عند أحمد، وبه قال عمر بن عبد العزيز وابن سِيرِينَ. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز. وعند أَبِي يُوسُفَ أيضًا ومُحَمَّد بن الحسن وجماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر والباقر والصادق وأبو عبد الله الداعي أن المزارعة تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز إجارة الأرض للزراعة بالذهب والورق وغيرهما مما يجوز أن يكون ثمنًا، سواء كان مما تنبته الأرض كالحبوب، أو ما لا تنبته الأرض. وعند الحسن وطاوس لا يجوز ذلك ووافقنا على جواز إجارة الدور والدكاكين. وعند مالك لا يجوز إجارة الأرض بالطعام، سواء أكان مما ينبت فيها أو لا ينبت، كالعسل، ولا بما ينبت فيها من الطعام كالقطن وغيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجوز المزارعة على الأرض التي فيها النخيل والكروم إذا كان البياض أقل من الشجر أو كانا سواء، ويكون البذر من صاحب الأرض. ولا تجوز إذا كان البياض أكثر. وعند مالك تجوز وإن كان البياض أكثر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز إكراء الأرض بالثلث أو الربع مما يخرج منها. وعند أَحْمَد يجوز. * * *

كتاب الإجارة

كتاب الإجارة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة أهل العلم يجوز عقد الإجارة على المنافع المباحة،

مثل أن يؤجر نفسه أو غيره عنده للخدمة، أو داره للسكنى وما أشبه ذلك. وعند عبد الرحمن الأصم والقاشاني لا يصح عقد الإجارة على المنافع المباحة لأنها غرر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز عقد الإجارة على المنافع المحرمة، مثل أن يستأجر رجلاً ليحمل له خمرًا لغير الإراقة. وعند أَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي حَنِيفَةَ يصح. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يجوز شرط خيار الثلاث في الإجارة المعينة وجهًا واحدًا، ولا المعقودة في الذمة في أحد قولين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يجوز شرط الخيار في الإجارتين كليهما، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد لا يجوز أن يستأجر بيتًا ليتخذه بيت نار، أو كنيسة، أو ليبيع فيه الخمر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأكثر أهل العلم إذا استأجر دارًا أو بيتًا ليتخذه مسجدًا يصلي فيه صحت الإجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجوز إجارة الفحل للضراب. وعند مالك تجوز، وبه قال ابن أبي هريرة من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار من رجل فحلاً وأعطاه هدية أو كرامة، جاز لمالك الفحل قبولها. وعند أَحْمَد لا يجوز.

مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يجوز إجارة الدراهم والدنانير في أحد الوجهين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن عين الانتفاع به كان عارية، وإن أطلق ولم يعين جهة الانتفاع كان قرضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ إذا استأجر دارًا سنة، فلما استكمل سكناها خرجت مستحقة لزمه أجرة مثلها، فإن كان الكراء أكثر مما استأجرها به رجع بالفضل على الذي أجَّره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الأجرة للمؤجر على المستأجر، ولا تكون لرب الدار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الاستئجار على كتب المصاحف. وعند علقمة وابن سِيرِينَ يكره ذلك، إلا أن ابن سِيرِينَ يقول: يجوز إن استأجره لغير كتابة المصحف، ثم استكتبه مصحفًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر كتابًا فيه قرآن، أو فقه، أو طب، أو شعر مباح وما أشبه ذلك ليقرأ فيه صح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا استأجر حائطًا ليضع عليه خشبًا معلومًا مدة معلومة صح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد يجوز الاستئجار على استيفاء القصاص في النفس والطرف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز في النفس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أجرة المقتص تجب على المقتص منه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجب على المقتص له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك المعقود عليه في الإجارة هي المنافع وعند أبي إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة هي العين المستوفى منفعتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يستأجر شخصًا ليبيع ثوبًا بعينه ويشتري ثوبًا بعينه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يجوز إجارة الأرض بطعام معلوم لا يخرج منها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند مالك والحسن وطاوس وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة لا يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يجوز للرجل إن استأجر إنسانًا ليحمل له طَعَامًا بثلثه أو بربعه، أو يطحنه بثلثه أو بربعه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي. وعند ابن أبي ليلى يجوز، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ منافع الغير المستأجرة تحدث على مالك المستأجر. وعند أبي حَنِيفَةَ تحدث على مالك المؤجر، ولا يملكها المستأجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره أجرة السمسار. وعند الثَّوْرِيّ وحماد يكره ذلك. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجوز أن يجعل له في الألف شيئًا معلومًا، فإن فعل ذلك فله أجرة المثل. ويجوز أن يستأجره شهرًا يبيع له ويشترى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ نحو ما قال أبو ثور، إلا أنه قال: تكون له أجرة المثل ولا يجاوز بها قدر ما سماه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز إجارة المتاع من الشريك وغيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز من غير الشريك، ومن الشريك رِوَايَتَانِ: أصحهما الجواز. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا تجوز إجارة المشاع بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال: استأجرتك لتخيط لي هذا الثوب يومًا لم يصح. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال آجرتك داري هذه شهرًا، فلا بد من أن يقول من الآن أو من هذا الوقت، فإن أطلق ولم يقل ذلك لم يصح العقد. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح العقد مع الإطلاق، ويحمل على عقيب العقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال آجرتك داري شهر رجب وهو في جماد لم تصح الإجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكرى داره شهرًا لم يجز أن يكرى الشهر الثاني من غير المكترى، وفي المكترى قَوْلَانِ: أحدهما يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي وأبو طالب. والثاني لا يجوز وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد عن يَحْيَى، وكذا لو لم تكن مكراه فأراد أن يكريها الشهر الثاني أو بعد أيام أو يومين أو يوم لم يجز ذلك كله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز ذلك كله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال آجرتك هذه الدار كل شهر بدرهم، ولم يبين عدد الشهور لم يصح على المشهور من القولين، ويصح في الشهر الأول على القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا انقضى الشهر الأول كان لكل واحد منهما الفسخ، فإن لم يفسخا حتى مضى من الشهر الثاني فليس لواحد منهما أن يفسخ. وعند أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يلزم في الشهر الأول، ويلزم فيما بعده بالدخول.

وعند المالكية يجوز الإطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر جملاً ليحمل عليه محملاً فلا بد أن يكون المحمل معلومًا بالمشاهدة، ولا يكفي فيه الصفة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز العقد عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المعاليق التي يحتاج إليها في السفر، مثل القدر والدلو والحبل والقربة والركوة إذا ذكرها المكترى وكانت معلومة له إما بالمشاهدة أو الوصف صح، وإن أطلق لم يصح. وعند بعض الناس يصح استحسانًا ويحمل على العرف. ولأصحاب الشَّافِعِيّ في ذلك طريقان: أحدهما لا يصح. والثاني يصح ويحمل على العرف. وهو الوسط. ومنهم من قال: لا يصح قولاً واحدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع ثوبًا لإنسان ليبيعه له بقدر وما زاد فله فإنه لا تصح الإجارة، ومتى باع صح البيع وله أجرة المثل. وعند ابن سِيرِينَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عبَّاس يجوز ذلك، وقال أحمد: تشبه المضاربة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أراد أن يكرى العين المستأجرة قبل قبضها لم يجز. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر شخصًا ليحمل له متاعًا إلى بلد فبلغ به طرف تلك البلد فللمكرى حط المتاع هنالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه أن يبلغ به إلى منزل المكترى فى ذلك البلد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجرت امرأة عبدًا لخدمة الخلوة لم تصح الإجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح الإجارة، والخدمة حرام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو استأجر امرأة أجنبية لخدمة الخلوة لم تصح الإجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أجره ظهرًا على أن يسلمه إليه بعد مدة لم تصح. وعند مالك إن قل الأجل جاز، وإن كثر لم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إن قلَّ إذا استأجره لحفر قبر فليس عليه ردّ التراب إلى القبر بعد وضع الميت فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز إجارة منفعة بمنفعة، سواء أكانت المنفعة جنسًا واحدًا أو جنسين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز في الجنس الواحد، وهو إذا

أجَّر منفعة دار بمنفعة دار، أو منفعة عبد بمنفعة عبد، ويجوز في الجنسين، وهو أن يؤاجر منفعة دار بمنفعة عبد، أو منفعة عبد بمنفعة بهيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تكره إجارة الحلي بأجرة من جنسه. وعند أحمد تكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز استئجار طريق في دار إنسان إلى داره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا فقد دراهم ولم تختلف قيمتها لم يجز إبدالها في أحد الوجهين، وتجوز في الأجرة، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز استئجار الأجير بنفقته وكسوته، سواء أكان الأجير مرضعة أو غيرها. وعند مالك وَأَحْمَد يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز في المرضعة دون غيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أخذ الأجرة على الحج والأذان. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت بين رجلين حنطة مشتركة بينهما جاز لأحدهما أن يستأجر الآخر على طحن نصيبه منها، أو على عمله إلى موضع آخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الأجرة في الإجارة تجب بنفس العقد، فإن شرط تعجيلها تعجلت، وإن شرط تأجيلها تأجلت، وإن أطلق كانت معجَّلة. وعند أبي حَنِيفَةَ لا تجب بالعقد ولا بالتسليم. والقياس عنده يقتضي أن المكترى كلما قبض جزءًا من المنفعة وجب عليه تسليم ما في مقابلته من الأجر، ولكن يشق ذلك فيجب عليه كلما مضى يوم من المدة تسليم ما في مقابلته من الأجر. وعند مالك لا يستحق إلا بمضي المدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء الأجير المشترك إذا عمل بعض العمل، بأن خاط بعض الثوب استحق بقسطه من الأجر. وعند الزَّيْدِيَّة لا يستحق ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قبض المستأجر العين المستأجرة ومضى زمان يمكن أن يستوفى فيه منفعتها، أو عرض المؤاجر العين المستأجرة على المستأجر فلم يقبضها

ومضى زمان قد كان يمكنه استيفاء المنفعة فيه استقرت الأجرة المسماة على المستأجر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تستقر عليه حتى يستوفى المنفعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا استأجر عينًا إجارة فاسدة وقبضها، فإن انتفع بها وجب عليه أجرة المثل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه أقل الأمرين من المسمى، أو أجرة المثل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا لم ينتفع المستأجر بالعين المؤجرة إجارة فاسدة بعد قبضها وجب عليه أجرة المثل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى منه كحلاً واستأجره ليكحله فقَوْلَانِ، لأنه بيع وإجارة وعند المالكية إذا استأجره ليبني له حائطًا والأجرة من عنده جاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اكترى دابة ليركبها يومًا، ركبها من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ أنه يركبها من طلوع الشمس إلى غروبها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره أجرة الحاسب والقاسم والمعلم والقاضي. وعند ابن عنبسة يكره ذلك. وعند إِسْحَاق أجرة الحاسب والقاسم والقاضي أهون من التعليم. وروي عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلاً يحسب حسابًا بين أهل السوق فنهاه أن يأخذ عليه أجرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز فسخ الإجارة بالأعذار بغير عيب بعد لزومها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز فسخها بالأعذار، كما إذا استأجر حمَّالاً ليحمل عليه. فمرض أو بدا له من الحجج، أو استأجر دكانًا ليبيع فيه البز فهلك، أو اكترى دارًا في بلد ليسكنها فخرج من تلك البلد، وما أشبه ذلك. * * *

باب ما يلزم المتكاريين وما يجوز لهما

باب ما يلزم المتكاريين وما يجوز لهما مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا استأجر عينًا على عمل فاستوفاه، أو استأجرها مدة فمضت تلك المدة وهي في يده لزم المكترى ردّها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والنَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر دارًا للسكنى خابيات للطعام جاز. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر دارًا لم يرها، ووصفت له فقَوْلَانِ: كبيع العين الغائبة التي لم يرها أحد المتعاقدين. وعند أَبِي ثَورٍ إن كانت كما وصفت صحت الإجارة، وإن لم تكن كما وصفت لم تصح الإجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح العقد، ويكون له الخيار إذا رآهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا استأجر دارًا ليسكنها ثم تزوج، أو اشترى جارية فله أن يسكنها معه. وعند أَبِي ثَورٍ ليس له أن يسكنها معه، وقال الهيمري من الشَّافِعِيَّة: وهو القياس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قبض المستأجر العين المستأجرة فله أن يكريها من المكرى ومن غيره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز له أن يكريها من المؤجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ واللَّيْث وعثمان البتي وَمَالِك في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز إجارة المستأجر بمثل الأجرة المستأجر به وبأقل منها وبأكثر. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز أن يؤجرها بأكثر من ذلك إذا اختلف نوع الأجرة، بأن استأجر بدينار فله أن يؤجر بثلاثين درهمًا، وله أن يؤجر بأكثر من قيمتها لدينار عن سائر العروض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والحسن بن حُيي وَأَحْمَد في رِوَايَة والْإِمَامِيَّة وَمَالِك وكذا اللَّيْث وعثمان البتي في إحدى الروايتين يجوز بأكثر من الأجرة التي استأجر بها، إلا أن يكون قد أحدث فيها عمارة فتكون الزيادة على الأجرة في مقابل العمارة، فإن فعل ذلك تصدق بالفضل. وعند الزَّيْدِيَّة لا يجوز أن يؤجرها بأكثر مما استأجرها به، إلا أن يأذن

صاحبها، ولو خالف واستأجرها بأكثر مما استأجرها به من غير إذن صاحبها وسلَّمها إلى المستأجر الثاني فتلفت في يده فالأقرب أن لا ضمان عند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند سائرهم يجب الضمان عليه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر دابة مطلقًا لم يلزمه المسير للرواح في أحد الوجهين. وملزمه في الثاني. وعند مالك إن كانت العادة جارية بذلك لزمه، إلا أن يشترط، أو كان لا يطيق المشي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استدت البالوعة، أو احتاجت البئر إلى تنقية كان ذلك على المكرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القياس أن يكون ذلك على المكترى. والاستحسان أن يكون ذلك على المكرى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استأجر أرضًا ليغرسها مدة معلومة، فغرسها ثم انقضت المدة واختار المستأجر تبعية الغراس في الأرض، فصاحب الأرض بالخيار إن شاء طالبه بالقلع وضمن له ما ينقص بالقلع، وإن شاء دفع إليه ثمن الغراس، وليس له إجباره على القلع من غير ضمان ما ينقص بالقلع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ له مطالبته بالقلع من غير أن يضمن له ما نقص بالقلع، واختاره الْمُزَنِي. وعند مالك المكرى بالخيار بين أن يطالب بالقلع من غير ضمان، أو يدفع قيمته ليكون له، أو يبقيه في الأرض ويكونان شريكين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا تأخر انتهاء الزرع على انتهاء المدة لشدة البرد، أو غير ذلك لم يلزمه نقله، وله تركه إلى أوان الحصاد، وعليه أجرة المثل لتلك المدة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يلزمه قلعه، إلا أن يختار رب المال تبقيته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر أرضًا ليزرعها زرعًا، وسمى ذلك الزرع كان له أن يزرع ما سواه وكل ما كان ضرره ضر ذلك الزرع، ولا يتعيَّن عليه زرع بعينه، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند داود وأهل الظاهر يتعين عليه الزرع الذي سمَّاه، وليس له أن يزرع غيره. * * *

باب ما يوجب فسخ الإجارة

باب ما يوجب فسخ الإجارة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا استأجر عبدًا أو دابة فقبضها المستأجر، ثم ماتت قبل أن يمضي شيء من المدة انفسخت الإجارة وسقطت الأبخرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تنفسخ وتستقر الأجرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان البتي وَمَالِك وإِسْحَاق وَأَحْمَد لا تنفسخ الإجارة بموت المتعاقدين، ولا بموت أحدهما. وعند الثَّوْرِيّ واللَّيْث وأَبِي حَنِيفَةَ تنفسخ بموتهما، أو بموت أحدهما. وعند بعض أهل العراق لوارث الميت الخيار في الفسخ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح بيع المستأجر من المستأجر في أصح القولين، وبه قال مالك. والثاني لا يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، ويقف على إجارة المستأجر فإن أجاز صح، وإن ردّ بطل. وعند أكثر الزَّيْدِيَّة إن باعها لضرورة صح، وإن كان لغير ضرورة لم يصح. وعند أبي طالب منهم ينعقد البيع مع الكراهة، ولكن لا يتم لتعذُّر التسليم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أجر داره شهرًا وسلمها إلى المستأجر نصف شهر، ثم غصبه عليها وحال بينه وبينها في النصف الآخر استحق عليه أجرة ما سكن. وعند أَحْمَد لا يستحق أجر ما سكن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز للرجل أن يستأجر زوجته لإرضاع ولده. وعند أَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أجرت نفسها ثم تزوجت لم يكن للزوج فسخ الإجارة. وكذا إذا أجر عبده، ثم أعتقه لم يثبت للعبد الخيار في فسخ الإجارة. وهل يرجع على سيّده بأجرة المثل في المدة؟ قَوْلَانِ: وكذا إذا أجر الصبي وليه، ثم بلغ قبل انقضاء المدة، فإنه ليس له الفسخ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت له خيار الفسخ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أبرأ المؤجر المستأجر من الأجرة قبل قبضها صح. وعند أبي يوسف لا يبرأ من الأجرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجره ليكحله في المدة ولم تبرأ عينه استحق الأجرة. وعند مالك لا يستحق الأجرة إذا لم تبرأ عينه.

باب تضمين المستأجر والأجير

باب تضمين المستأجر والأجير مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اكترى دابة للركوب أو الحمل، فضربها الضرب المعتاد في سير مثلها، أو كبحها باللجام حسب العادة فلا ضمان عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اكترى ظهرًا من الجنر إلى عدن فركبه إلى عدن، ثم ركبه من عدن إلى أبير فإن عليه الأجرة المسماة، وعليه أجرة المثل بركوبه من عدن إلى أبير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه أجرة المثل لما زاد بناءً على أصله أن النافع لا تضمن بالغصب. وعند مالك إذا جاوز بها إلى مسافة بعيدة، مثل إن اكتراها إلى واسط فركبها إلى البصرة فصاحبها بالخيار بين أن يطالبه بأجرة المثل وبين أن يطالبه بقيمتها يوم التعدي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يجب ضمان الظهر على المكترى من حين جاور من عدن إلى أبير، وإن ردّه من أبير إلى عدن لا يزول عنه الضمان حتى يرده إلى يد مالكه أو وكيله. وعند مُحَمَّد وزفر يزول عنه الضمان. مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا تلفت العين في يد الأجير الشترك بغير تفريط، فهل يضمن؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجب عليه الضمان، وبه قال مالك وابن أبي ليلى وعمر وعلى. وأصحهما لا يجب، وبه قال عَطَاء وطاوس وزفر وَأَحْمَد وإِسْحَاق والمزني. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وعبيد الله بن الحسن إن تلفت العين بأمر ظاهر كالحريق والنهب فلا ضمان عليه، وإن تلفت بغير ذلك ضمن. وعند مالك الصناع خاصة يضمنون إذا انفردوا بالعمل دون الأجرة، فإن قامت بينة لهم سقط الضمان. وعند الْإِمَامِيَّة الصنَّاع ضامنون للمتاع، إلا أن يظهر هلاكه، أو يشتهر، أو تقوم بينة بذلك، وهم أيضًا ضامنون لما جبته أيديهم على المتاع بتعد وغير تعد، وسواء كان الصانع مشترك أو غير مشترك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن تلفت بفعله ضمنها وإن كان الفعل مأذونًا فيه، وإن تلفت بغير فعله فلا ضمان عليه. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يضمن القصَّار الحريق، ويضمن الأجير المشترك إذا لم يشرط أنه لا ضمان عليه. وعند الحسن بن حُيى من أخذ الأجرة فهو ضامن تبرأ أو لم يتبرأ. ومن أعطى الأجرة فلا ضمان عليه وإن شرط، ولا يضمن الأجير المشترك من عدو أو موت. وعند اللَّيْث بن

سعد الصنَّاع كلهم ضامنون لما أفسدوا أو هلك عندهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر ثوبًا ليلبسه، أو دابة ليركبها جاز أن يلبس الثوب ويركب الدابة غيره إذا كان في مثل حاله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلبس غيره، ولا يركب الدابة غيره مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم إلى حائك غزلاً لينسج له ثوبًا طوله عشرة أذرع وعرضه أربعة، فنسجه دون الطول والعرض المذكورين استحق من الأجرة بحصة ما عمل من المسمى، وإن نسجه أكثر مما قدر له لم يستحق زيادة على المسمى. وعند محمد ابن الحسن إن جابه أطول أو أقصر من ذلك فصاحب الثوب بالخيار بين أن يأخذ الثوب ويعطيه بحسابه من الأجرة، وبين أن لا يأخذ الثوب ويطالبه بمثل غزله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجره لينسج له غزلا ثوبًا صفيقًا فنسجه رقيقًا كان له أجرة المثل، وإن استأجره لينسجه رقيقًا فنسجه صفيقًا فله المسمى، ولا شيء له للزيادة فى العمل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن قيمة الغزل في الحالين والثوب له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جحد النسَّاج الغزل، ثم نسجه ثوبًا فالثوب لمالك الغزل، ولا شيء للأجير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الثوب للنسَّاج، وعليه قيمة الغزل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا ضمان على من استؤجر على حمل شيء فتلفت بغير تفريط، طَعَامًا أو غيره. وعند مالك يضمن الطعام دون غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع القصَّار ثوبًا إلى غير صاحبه فقطعه المدفوع إليه يظن أنه ثوبه، فإذا جاء صاحب الثوب فإنه يأخذ ثوبه وأرش ما نقص من أيهما شاء، من القصَّار أو من القاطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو بالخيار، إن شاء ضمَّن القاطع قيمة الثوب ويرجع القصَّار بما ضمنه على القاطع، وإن شاء ضمَّن القاطع قيمة الثوب وسلم له الثوب، ويرجع القاطع على القصَّار بثوبه، وهذا مبناه على أصله وهو إذا كان قد تلفت معظم منفعة الثوب كان صاحب الثوب بالخيار بين أن يضمنه جميع القيمة ويسلم إليه الثوب، وبين أن يأخذ الثوب ويطالبه بأرش ما نقص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر رجلاً ليحمل إلى رجل كتابًا ويرد الجواب، فأوصل الأجير الكتاب إلى المكتوب إليه، فمات المكتوب إليه قبل ردّ الجواب فللأجير من الأجر

بقدر ذهابه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا شيء له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجره ليحمل له الكتاب إلى رجل ولم يقل وبرد الجواب فلم يجد الأجير المكتوب إليه استحق الأخير الأجرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال استأجرتك لتخيط هذا الثوب، فإن خطته روميًا فلك درهم، وإن خطته فارسيًا فلك نصف درهم لم تصح الإجارة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد تصح، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وزفر وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال إن خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم، وإن خطته غدًا فلك نصف درهم فالعقد فاسد، فإن خاطه كان له أجرة المثل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الشرط الأول جائز، والثاني فاسد، فإن خاطه في اليوم الأول استحق الدرهم، وإن خاطه في اليوم الثاني استحق أجرة المثل، لا يزاد على درهم ولا ينقص عن نصف درهم. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد الشرطان جائزان، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفسد الأجير الإحرام في الحج بالوطء انقلب الإحرام إلى الأجير، وعليه أن يمضي في فاسده ويلزمه بدنة، ويلزمه القضاء. وعند المزني لا ينقلب إلى الأجير، بل يمضي فيه الأجير على المستأجر، ولا يجب القضاء على أحدهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالحج عن اثنين وقع عن نفسه، وكذا إذا أحرم عن أبويه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إن أحرم عن أبويه صح، وكان له أن يجعله عن أيهما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا استأجره اثنان للحج عنهما، فأحرم عن أحدهما لا بعينه انعقد إحرامه وله أن يصرفه إلى أيهما شاء قبل التلبس بشيء من أفعال الحج. وعند أَبِي يُوسُفَ تقع عن نفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات الأجير في الحج بعد قطع بعض المسافة والإحرام ولم يفعل شيئًا من أفعال الحج، ففي استحقاقه شيئًا من الأجر قَوْلَانِ: أحدهما لا يستحق، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وهو الصحيح عند يَحْيَى، وبه أبو حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات بعد أن فعل بعض الأركان استحق بقدر ما فعل، وبه قال أبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة الداعي والنَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز البناء على فعل الأجير الأول على القول الجديد الصحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وله ذلك في القول القديم، وبه قال أبو يوسف ومحمد وسائر الزَّيْدِيَّة. * * *

باب اختلاف المتكاريين

باب اختلاف المتكاريين مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى خياط ثوبًا فقطعه قباء، ثم اختلفا فقال ربُّ الثوب: أذنت لك أن تقطعه قميصًا ولم آذن لك أن تقطعه قباء، وقال الخياط: بل أذنت لي أن أقطعه قباء، ولم تأذن لي بقطعه قميصًا، ففيه ثلاثة أقوال: أحدها يتحالفان. والثاني القول قول الخياط، وبه قال ابن أبي ليلى وَمَالِك وَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. والثالث القول قول رب المال، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ إذا دفع إلى خياط وقال له إن كان يقطع لي قميصًا فأقطعه فقال هو لا يقطع، فلم يقطع فلا شيء عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن قيمة الثوب، ثم قال أبو حَنِيفَةَ: ولو قال للخياط انظر إلى هذا الثوب، هل يكفيني قميصًا؟ فقال نعم، فقال اقطعه، فقطعه فإذا هو لم يكفيه لم يضمن، قال الشَّافِعِيّ: وهذه مناقضة لأنه لا فرق بين المسألتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن المكرى للمكترى بالعمارة، ثم اختلفا في قدر الإنفاق فالقول قول المكرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القول قول المكترى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يدفع إلى الحائك غزلاً على أن يعمل منه ثوبًا على أن يكون له منه ثلثه أو ربعه. وعند عَطَاء وقتادة والزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ ويعلي بن حكيم َوَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز ذلك. وعند ابن سِيرِينَ لا بأس بالثلث ودرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع ثوبًا إلى صباغ ليصبغه فصبغه، ثم اختلفا. وقال صاحب الثوب: أمرتك أن تصبغه أحمر، وقال الصباغ: أمرتني أن أصبغه أصفر، فالقول قول رب الثوب. وعند مالك القول قول الصباغ، إلا أن يدعي ما لا يستعمل مثله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلفا في قدر المدة والمسافة والأجرة تحالفا، وفسخ الحاكم بينهما إن كان قبل مضي المدة، وإن كان بعد مضيها فله أجر المثل وسقط المسمَّى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان ذلك قبل مضي شيء من المدة تحالفا، وإن كان بعد انقضاء المدة كان القول للمستأجر. وبنى ذلك على أصله في المبيع إذا كان قائمًا تحالفا وإن كان تالفًا فالقول قول المشتري.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع المريد أرضه وبذره إلى رجل يزرعها على ما يخرج من الزرع يكون بينهما، فخرج الزرع وقتل المريد، فإنه يبني ذلك على زوال ملك المريد وعدمه، فإن قلنا يزول، انتقل ذلك بعينه إلى بيت المال فيئًا. وعند أَبِي ثَورٍ جميع ما يخرج من ذلك الزرع يكون فيئًا، وعلى الإمام ردّ كراء العامل. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد هو بين العامل وورثة المريد على ما شرطا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ جميع ما يخرج من الزرع للزارع، وعليه ما نقص من الأرض ومثل البذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر أرضًا بياضًا وفيها نخلات على أن يكون ثمر النخلات للمكترى لم يصح ذلك. وعند مالك يصح إذا كانت النخلات الثلث فما دون الثلثين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زرع أرض غيره بغير إذنه قلع زرعه، وإن لم يقلع حتى استحصد فالزرع له وعليه أجرة مثله. وعند أَحْمَد إن كان الزرع قائمًا أخذه صاحب الأرض وردّ عليه نفقته، وإن حصد الزرع كان الزرع للزارع، وعليه أجرة المثل لصاحب الأرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يستأجر مراعي أرض ليرعى فيها دوابه. وعند مالك لا بأس بذلك إذا كانت مدة معلومة، وطابت مراعيه وبلغت أن ترعى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجره لحفر بئر عشرة أذرع، وبقي الباقي ومات، قُوِّم ما حفره، وما بقي فتقسَّط الأجرة المسامة على قيمة الجميع، فما قابل المحفور فهو الذي يستحقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تضاعف الأذرع المعقود عليها بعدد مسافتها، ثم تقسَّم الأجرة على ما اجتمع منها، فيجعل الذراع الأول ذراعًا واحدًا، ويجعل الذراع الثاني ذراعين، لأن نقل التراب يكون من ذراعين، والثالث ثلاثة أذرع، والرابع أربعة أذرع، والخامس خمسة أذرع، فتجتمع مجموع ذلك خمسة عشر درهمًا، فإن كان قد حفر ذراعًا استحق درهمًا، وإن حفر ذراعين استحق درهمين. وعند بعض المحققين من الشَّافِعِيَّة المذهب هو ما بين مذهب الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ، فتقسَّط الأجرة على الحفر والنقل، فما قابل الحفر يقسَّم على عدد الأذرع، وما قابل النقل يقسَّم على ما تنتهي إليه مسافة الأذرع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قلة المدة المعقود عليها الإجارة ثلاثة أقوال: أحدها يزاد على سنة، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني لا يصح. والثالث لا يزاد على ثلاثين سنة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يجوز العقد على أكثر من سنة فعقد بأجرة واحدة، ففي وجوب بيان قسط كل سنة قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثاني لا بد من بيان ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز الاستئجار على الحجامة، وبه قال أحمد فى رِوَايَة. وعند أَحْمَد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حمل الراكب معه أرطالاً من الزاد، فهل له إبدال ما يأكله فى الطريق؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجوز، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استأجر دابة ليركبها جاز أن يؤجرها لمن يساويه في الطول والقصر والسمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز إلا لمن يساويه في معرفة الركوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أتلف القصَّار أو الصباغ الثوب بعد إيقاع الصبغة فيه، فصاحبه بالخيار من أن يضمنه إيَّاه بقيمته بالصبغ ويدبع إليه الأجرة، وبين أن لا يعطيه الأجرة، ويضمنه إياه بقيمته قبل الصبغة. وعند زفر يضمِّنه إيَّاه مصبوغًا من غير خيار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استأجر شخص جرَّة ماء من الفرات إلى منزله فانكسرت في الطريق، فله من الأجرة بقدر ما عمل، وعليه قيمتها موضع الكسر، إلا أن أَحْمَد يشترط أن يكون تعدى في كسرها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن شاء فعل هذا، وإن شاء ضمنه القيمة من الفرات ولا أجرة له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا استأجر شيئًا سنة، فإن كان مستهلَّ شهر منها فهي محسوبة بالأهلَّة، وإن كان في أثنائه فالصحيح أن الأول بالأيام، والثاني بالأهلة. وعند أَحْمَد رِوَايَة أخرى أن الجميع بالأيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا استأجر بدراهم، ثم دفع عنها دنانير وتقابلا تصح بما تعاقدا عليه. وعند مالك بما قبض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا امتنع عن تسليم العين المؤجرة في أثناء المدة، ففيه قَوْلَانِ: أحدهما ينفسخ العقد في الماضي. والثاني لا ينفسخ وينفسخ في المستقبل قولاً واحدًا. وعند أَحْمَد تسقط الأجرة فيما مضى. وعند كثر العلماء لا تسقط. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى رجل ثوبًا فخاطه ولم يذكر له أجرة، فأربعة

أوجه: أحدها تلزمه الأجرة، وبه قال الْمُزَنِي وَأَحْمَد. والثاني إن قال له خطه لزمه. وإن بدأ الرجل وقال أعطني لأخطه لم يلزمه. والثالث إن كان الصانع معروفًا بأخذ الأجرة على الخياطة لزمه ذلك، وإن لم يكن معروفًا لم يلزمه. والرابع لا يلزمه بحال وهو الصحيح. * * *

باب الجعالة

باب الجعالة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ردّ عبدًا آبقًا، ولم يكن سيد العبد شرط له العوض لم يستحق شيئًا، سواء ردَّه من موضع قريب أو ردَّه من بعيد، وسواء أكان معروفًا بردِّ الضَّوَالِّ أم لا. وعند مالك إن كان معروفًا برد الأباق استحق أجرة المثل، وإن لم يكن

معروفًا بذلك فلا شيء له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القياس أنه لا يستحق عليه الجعل، ولكن يعطى عليه جعلاً استحسانًا. فإن ردّه من مسيرة ثلاثة أيام فما راد وهو يساوي أكثر من أربعين درهمًا استحق أربعين درهمًا، وإن ردَّه من دون ثلاثة أيام استحق أجرة مثل عمله، وإن رده من ثلاثة أيام وقيمة العبد أربعون درهمًا استحق أربعين درهمًا إلا درهمًا، فإن كانت قيمته عشرة دراهم استحق عشرة دراهم إلا درهمًا. وعند أبى يوسف ومُحَمَّد يعطى أربعين درهمًا بكل حال، حتى لو كانت قيمته عشرة دراهم. وعند أَحْمَد مقدار الجعل دينارًا واثني عشر درهمًا، سواء عنده في ذلك المسافة القصيرة والطويلة، وخارج المصر وداخله. وعنده في رِوَايَة أخرى من داخل المصر عشرة دراهم، ومن خارجه أربعون درهمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أبق لرجل عبد وهو بمكة، فحصل في يد حاكم مصر فجعله في الضَّوَالِّ، فأقام صاحبه شاهدين عند حاكم مكة أن العبد حصل في يد حاكم مصر له، فكتب حاكم مكة إلى حاكم مصر، فهل يجب تسليمه؟ قَوْلَانِ: أحدهما: يجب، وبه قال أَحْمَد وأبو يوسف إلا أن أبا يوسف قال: يأخذ به كفيلاً. والثاني: لا يجب تسليمه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يكون الجعل مقدَّرًا. وعند مالك يتقدَّر بأجرة المثل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا مات العبد المردود قبل تسليمه إلى مولاه لم يستحق الراد شيئًا. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ إن كان الراد من ورثة المولى استحق الجعل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رده من المصر استحق الجُعل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحق شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ما ينفقه على الآبق في مدة ردَّه لا يحتسب به على مالكه. وعند أحمد: يحتسب به عليه. * * *

كتاب السبق والرمي

كتاب السبق والرمي مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجوز المسابقة على الرمح والسيف. وعند أَحْمَد لا تجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ في جواز المسابقة على الفيل وجهان: أحدهما لا تجوز، وبه قال أحمد. والثاني الجواز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا تجوز المسابقة على الأقدام بعوض. وعند أهل العراق وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا تجوز المسابقة على الصراع بعوض. وعند أهل العراق

وأَبِي حَنِيفَةَ تجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز أن يخرج السبق آحاد الرعية من ماله. وعند مالك لا يجوز أن يخرج السبقة [إلا الإمام]. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز أخذ العوض على المسابقة، ومن أصحابه من أنكر ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال أحدهما: أينا يسبق فله عشرة، فإن سبقت أنت فلك عشرة، وإن سبقت أنا فلا شيء عليك، فإن ذلك جائز. وعند مالك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج كل واحد منهما عشرة، وأدخلا بينهما محللاً، ولا يخرج شيئًا إنما يقيم ولا يغرم، فإنه جائز. وعند مالك لا يجوز، وبه قال من الشَّافِعِيَّة ابن خيران. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عقد المسابقة لازم أحد القولين وجائز في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط كل واحد من المتناضلين أن من سبق أطعم المسبق أصحابه كان العقد فاسدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد سقط العقد ويصح الشرط، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. * * *

كتاب إحياء الموات

كتاب إحياء الموات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كانت الأرض ملكًا لقوم في دار الْإِسْلَام، ثم باد أهلها وخربت لم تملَّك بالإحياء. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ تملك، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان المحيي الأول موجودًا لم يملكه الثاني. وعند مالك يملكه. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يفتقر إحياء الموات إلى إذن الإمام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والمؤيَّد، وهو الصحيح عندهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يفتقر إلى إذن الإمام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى أيضًا. وعند مالك إن كان قريبًا من العمران في موضع يتشاح الناس فيه افتقر إلى إذن الإمام، وإلا لم يفتقر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحيا مواتًا فصفة الإحياء إن كان مزرعة فحتى يزرعها، أو يستخرج لها ماءً وإن كانت للسكنى فحتى يقطعها بيوتا ويسقفها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة مُحَمَّد بن يَحْيَى. وعند أَحْمَد إذا أحاط على الموات حائطًا ملكه، واختاره الخرقي من أصحابه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ صفة الإحياء أن يبيضها بقلع الأحجار أو بقلع الأشجار، وإن

كانت صحراء لا حجر فيها ولا شجر فإحياؤها أن يخندق حواليها أو يحوِّط، فإذا فعل ذلك ملكها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حفر بئرًا في موات للتملك ملكها بحقوقها وحقوقها ما تحتاج إليه من الانتفاع بها، وهو على حسب الحاجة فإن انتفع بها بالشواني فقدر ما تحتاج الشواني إليها، وإن كان باليد فقدر ما يقف فيه المستقى، وإن كان بالدولاب فقدر ما يدور فيه الدولاب، وليس ذلك بمقدر إلا بحسب الحاجة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يوسف حريم البئر العطن أربعون ذراعًا، وحريم العين خمسمائة ذراع. وعند أبي يوسف حريم البئر الناضح ستون، إلا أن يكون رشاؤها أبعد من ذلك. وعند أحمد حريم البئر خمسة وعشرون ذراعًا، إلا أن تكون عادية، فيكون حريمها خمسون ذراعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة يملك الحشيش والكلأ لمالك الأرض. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ والهادي من الزَّيْدِيَّة لا يملكه بذلك، ومن أخذه ملكه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا جرى على أرض ملك مسلم غير معين لم يجز إحياؤها في أحد الوجهين، ويجوز في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند مالك إذا مات وتركها ثم أحياها غيره كان الثاني أحق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حفر رجل بئرًا في موات، فحفر بئرًا وراء حريمها فنضب ماء الأولى لم تُطم الثانية. وعند مالك تطم بئر الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لابد للنهر من الحريم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى، فعلى هذا إذا كان لرجل نهر ولآخر أرضٌ وبينهما حافة، فالحافة لصاحب النهر دون صاحب الأرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد لا حريم لصاحب النهر، لانها لصاحب الأرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حد الموات ما ليس بعامر، ولا هو من حقوق العامر قرب من العامر أو بعد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الموات كل أرض لا يبلغها الماء وتبعد من العامر. وعند أَبِي يُوسُفَ الموات أرض لو وقف على أقصاها ونادى بأعلى صوته لم يسمعه أقرب الناس إليها من العامر. وعند مالك الموات كل الذي يقرب من العامر أهل العامر أحق بإحيائه من غيرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز إحياء الموات بقرب العامر. إذا لم يكن (من

مرافق العامر، ويجوز للإمام أن يقطعه لمن يحييه. وعند مالك لا يجوز. إحياء ذلك بغير إذن الإمام) ولم يحده بحد. وعند أَحْمَد رِوَايَة أخرى لا يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يَحْيَى إلا مدى الصوت، والصوت من العامر بأن يصيح إنسان في العامر فالذي ينتهي إليه صوته من الموات لا يجوز إحياؤه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك في رِوَايَة وبعض الحنابلة الكافر الذمي والحربي لا يملك الإحياء في دار الْإِسْلَام، وليس للإمام أن يأذن له في ذلك. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد يجوز للإمام أن يأذن له في الإحياء، وإذا أحيا ملك به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يملك بالإحياء مرافق المحيا تبعًا له، فيملك طرقها ومفيض مياهها، ويبذر زرعها، وما لا يستغنى عنه من مرافقها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يملك مرافقها ما لم يبلغه ماؤها، وبعد منها. وعند أَبِي يُوسُفَ حريمها ما انتهى إليه صوت المنادى من حدودها. * * *

باب الإقطاع والحمى

باب الإقطاع والحمى مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للإمام أن يحمى موضعًا لنفسه. وهل يجوز أن يحمى لخيل المسلمين ومواشيهم؟ قَوْلَانِ: أحدهما لا يجوز، والثاني وهو الصحيح يجوز، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يجوز له الحمى، فإنه يحمى لخيل المجاهدين وإبل الصدقة الضَّوَالِّ، ونعم الجزية. وعند مالك لا يحمى إلا لخيل المجاهدين، وأنكر أصحابه ذلك، ونقلوا عنه كقول الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ممن يملك الأشياء كغيره. وعند بعض الناس ما كان يملك شيئًا، ولا يتأتى منه الملك، وإنما أبيح له ما يأكله وما يحتاج إليه. وأما يملك شيئًا فلا. * * *

باب حكم المياه

باب حكم المياه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا فضل عن الحاجة من الماء في البئر التي يملكها وجب عليه بذله بغير عوض لماشية غيره إذا كان بقربه عشب لا يمكن الماشية رعيه إلا بشرب الماء، ولا يجب عليه بذله لزرع غيره. وعند بعض الناس يلزمه بذله بعوض. وعند أبي عبيد بن حربويه من الشَّافِعِيَّة يستحب له ذلك ولا يجب عليه. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين يلزمه بذله لزرع غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان النهر مشتركًا بين عشرة، فأرادوا أن يحفروه كان على الجماعة أن يشتركوا في الحفر، أوله فإذا جاوز الأول كان على الباقين دونه وعلى هذا. وعند أَبِي يُوسُفَ يشتركون في جميعه. * * *

كتاب اللقطة

كتاب اللقطة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة لقطة الحرم تُلتقط للحفظ، ولا تلتقط للتملك. وعند ابن عَبَّاسٍ وعمر وعائشة وسعيد بن المسيب وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد

وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تلتقط للتملك كغيرها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يجب أخذ اللقطة أو الأفضل ترك الأخذ؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجب أخذها، والثاني، وبه قال أَحْمَد الأفضل الترك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الالتقاط للأمين. وعند عَطَاء وجابر بن زيد ومالك َوَأَحْمَد وابن عمر وابن عَبَّاسٍ يكره له الالتقاط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ردّ اللقطة إلى الموضع الذي أخذها منه لم يبرأ من الضمان. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه الشيخ أبو حامد أنه موافق على ذلك، ونقل عنه ابن الصباغ والشاشي أنه يبرأ بذلك، ونقل عنه صاحب المعتمد والشيخ أبو إِسْحَاق في التعليقة وصاحب الدر الشفاف أنه إذا أخذها للحفظ، ثم ردّها إلى موضعها برأ بذلك، وإن أخذها لنفسه لم يبرأ بذلك، وكذا عنده إذا أخذ دراهم من كم نائم، أو خاتمًا من يده، ثم ردّ في تلك النومة فلا ضمان عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب الإشهاد على اللقطة، وإذا تلفت لم يضمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب، وإذا لم يشهد عليها ضمنها به، وحكى عنه موافقة الشَّافِعِيّ. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يجب الإشهاد عليها. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه صاحب المعتمد موافقة أَبِي حَنِيفَةَ في وجوب الإشهاد والضمان بتركه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما تبتغيه النفس وتطلبه يجب تعريفه، وما لا تبتغيه النفس ولا تطلبه يجوز تملكه من غير تعريف. وعند بعض الشَّافِعِيَّة الدينار وما دونه لا يجب تعريفه. وعند الحسن بن صالح العشرة الدراهم فما فوقها يجب تعريفها حولًا. وعند إِسْحَاق ما دون الدينار يعرِّفه جمعة. وعند الثَّوْرِيّ يعرف الدرهم أيامًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي بن أبي طالب وابن عَبَّاسٍ إذا أراد تملك اللقطة فإنه

يعرَّفها سنة. وعند أَحْمَد يعرِّفها شهرًا. وعند آخرين يعرِّفها ثلاثة أيام. وعند شاذ من الفقهاء يعرِّفها ثلاثة أحوال. وعند عمر بن الخطاب ثلاث روايات غير ما تقدم: أحدها: يتركها ثلاثة أيام، ثم يعرِّفها سنة والثانية: يعرِّفها ثلاثة أعوام. والثالثة: يعرفها ثلاثة أشهر. وعند النَّاصِر والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة يعرِّفها سنة قلت قيمتها أو كثرت. وعند الهادي منهم حكمها حكم الوديعة، فيجب حفظها إلى اليأس من صاحبها إلى مائة وعشرين سنة إلى خمسين سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز إنشاد الشعر في المساجد ولا يكره. وعند قوم آخرين يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجب تعريف ما دون عشرة دراهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعمر وابن مسعود وعائشة أن الملتقط إذا عرَّف اللقطة. سنة فهو بالخيار إن شاء حفظها على صاحبها، وإن شاء تملكها وكان عليه ضمانها، وسواء في ذلك الغنى والفقير، وسواء كان من آل النبي - عليه السلام - أو من غيرهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك إن كان فقيرًا فهو بالخيار إن شاء حفظها على صاحبها، وإن شاء تملَّكها، إلا أن يكون من ذوي القربى، وإن شاء تصدق بها وتكون موقوفة على إجازة صاحبها، وإن كان غنيًا لم يجز تملكها، وكان بالخيار بين أن يتصدق بها وبين أن يحفظها على صاحبها. وعند مالك يتملكها الغنى ولا يتملكها الفقير. وعند بعض المالكية يكره تملكها بعد التعريف، فإن فعل جاز، ولم يفرف بين الغني والفقير. وعند سعيد بن المسيب والحسن وطاوس والشعبي وعكرمة وعلي وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة يتصدق به، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند ابن عمر لا يتملكها بعد مضي الحول، بل يضعها في بيت المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد إذا عرَّف اللقطة حولاً وتملكها وتلفت في يده، ثم جاء صاحبها لزمه أن يضمن له بدلها. وعند داود لا يلزمه شيء، وبه قال الكرابيسي من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا عرَّف اللقطة حولاً دخلت في ملكه وعليه بدلها، سواء كان غنيًا أو فقيرًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يدخل في ملكه إلا باختيار التملُّك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ولا ينتفع بها إلا إذا كان

فقيرًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند داود يملكها ولا يثبت بدلها في ذمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة أهل العلم إذا وصف اللقطة بحيث يغلب على ظن الملتقط صدقه جاز له دفعها إليه ولا يجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند الهادي منهم لا يجوز ردّها بالصفة. وعند مالك وداود وَأَحْمَد وبعض أصحاب الحديث يجب دفعها إليه، ونقل صاحب المعتمد عن أَبِي حَنِيفَةَ موافقة مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان يمتنع من صغار السباع لقوته كالإبل والبقر والخيل والبغال والحمير، أو يبعد أثره في الأرض لخفته كالظباء والغزلان والأرانب، أو لطيارنه كالحمام لم يجز التقاطها للتملك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز التقاطها لذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان الحيوان مما لا يمتنع من صغار السباع بنفسه كالغنم وصغار الإبل والبقر والشَّاة وما أشبه ذلك فإنه يجوز التقاطه في الصحراء، ويكون بالخيار إن شاء أكله وغرمه لصاحبه إذا جاء، وإن شاء باعه وحفظ عليه ثمنه، وإن شاء حفظه لصاحبه وأنفق عليه من ماله، وإن شاء عرَّفه سنة، وأنفق عليه من ماله. وعند مالك وأهل الظاهر إذا أكلها فلا غرم عليه. وعند أَحْمَد إذا طرح البهيمة في المهلكة فوجدها إنسان فأحياها ملكها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ما لا يمتنع من صغار السباع لا يملك إلا بعد الحول والتعريف. وعند مالك وداود إذا أخذها من فلاة أو مفازة ملكها في الحال وانتفع بها. وعند أَحْمَد هل يملك بعد الحول؟ فيه رِوَايَتَانِ وعنده أن ذلك يختص بالغنم دون جميع الأشياء ما عدا الدراهم والدنانير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يصح التقاط العبد؟ قَوْلَانِ: أحدهما يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثاني لا يصح، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح التقاط الفاسق. وهل تقرُّ في يده؟ قَوْلَانِ: أحدهما لا تقر في يده، بل ينزعها الحاكم ويجعلها في يد أمين. والثاني تقر في يده، ويضم الحاكم إليه أمينًا يشرف عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَحْمَد تقرُّ في يده، ولا يضم إليه أمين يشرف عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجَد ضالة وأنفق عليها لم يرجع بها على صاحبها. وعند عمر بن عبد العزيز وَمَالِك يرجع بها عليه. وعند أَحْمَد في العبد الآبق ينفق عليه في

حال رجوعه إلى سيّده، ويرجع به عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن اللقطة التي تملك بعد الحول لا فرق فيها بين الدراهم والدنانير والعروض والحلي والغائبة والضالة. وعند أَحْمَد يختص ذلك بالدراهم والدنانير. * * *

كتاب اللقيط

كتاب اللقيط مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الولد يتبعُ الأم في الْإِسْلَام. وعند مالك لا يتبعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرَّ الملتقط أن اللقيط ابنه لحقه نسبه ويكون ابنًا له. وعند مالك إن كان قد تعسَّر عليه الولد لم يثبت نسبه منه، وإن لم يتعسَّر عليه الولد ثبت نسبه منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أنفق على اللقيط من غير إذن الحاكم كان متبرعًا، وبه قال كافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند الهادي منهم لا يصير متبرعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ادّعى رجلان بنوة لقيط لم يلحق بهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلحق بهما. وعند الطحاوي من الحنفية يلحق نسبه باثنين، ولا يلحق بأكثر. وعند أَبِي يُوسُفَ يلحق بثلاثة وأكثر على حسب الدعوى. وعند المتأخرين من الخنفية: يجوز أن يلحق الولد بمائة أب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تنازع رجلان اللقيط ووصف أحدهما به علامة، كالشامة على ظهره، أو كالخال على يديه وما أشبه ذلك لم تقدم بذلك دعواه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقدم بذلك دعواه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تنازع حر وعبد ومسلم وذمي نسب اللقيط فهما فيه سواء، ولا يقدم أحدهما على الآخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقدم الحر على العبد والمسلم على الكافر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا بلغ اللقيط وباع واشترى ونكح وطلَّق، ثم أقر بالرق فطريقان: إحداهما قَوْلَانِ: أحدهما يثبت رقه بإقراره، والثاني لا يثبت. والطريق الثانية الرق قولاً واحدًا، وفي الأحكام قَوْلَانِ: أحدهما تثبت أحكام الرق فيما له وما عليه، والثاني يثبت ما عليه دون ما له، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حكم بإسلام اللقيط بالدار، ثم بلغ ووصف بالكفر فلا يقتل ولا يجبر على الْإِسْلَام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يُقرُّ على الكفر، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمالكية إذا أسلم الصبي المراهق المميز لم يصح لكن يفرق بينه وبين أبويه، فإذا بلغ ووصف بالْإِسْلَام كان مسلمًا من حين وصف بعد البلوغ، وكذا لا تصح ردته. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يصح إسلامه في الظاهر دون الباطن، فيفرق بينه وبين أبويه، فإذا بلغ ووصف الْإِسْلَام كان مسلمًا من حين وصف قبل بلوغه. وعند بعض الشَّافِعِيَّة وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وبعض المالكية يصح إسلامه ظاهرًا وباطنًا وتصح ردته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يثبت للملتقط على اللقيط ولاء. وعند عمر رضي الله عنه عليه الولاء. وعند بعض الناس له عليه الولاء، فإذا مات ورثه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له عليه الولاء إذا حكم له الإمام بولائه. وعند مالك ولاؤه ثابت لجميع المسلمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ تصح دعوى المرأة النسب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد في رِوَايَة لا يصح إذا كان لها زوج، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات اللقيط، فادعى نسبه رجل ثبت نسبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ. لا يثبت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جَنى على اللقيط فيما دون النفس لم يملك الإمام الاستيقاد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ. يملك ذلك، وبه قاله أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد لقيط في دار الْإِسْلَام فهو مسلم، فإن امتنع بعد بلوغه

من الْإِسْلَام زجر عن الكفر، فإن أقام عليه أخذت منه الجزية ان كان كفره مما يقر عليه بجزية، وإلا لحق بدار الحرب. وعند أَحْمَد إذا امتنع بعد بلوغه من الْإِسْلَام أجبر عليه ولم يقبل منه إلا الْإِسْلَام أو القتل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أنه لا يقتله عند الامتناع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجت المجهولة النسب ثم أقرت بالرق فالأولاد الخالصون قبل الإقرار أحرار، ولا يلزم الزوج قيمتهم، والحادثون بعده أرقاء. وهذا إذا قلنا الإقرار فيما بصر بالعين في المستقبل، فإن لم يقبل فاحتمالان عند أصحاب الشَّافِعِيّ أحدهما يحكم بحريتهم، والثاني برقهم، وهو ظاهر إطلاق باقي أصحاب الشَّافِعِيّ. وعند أحمد وأَبِي يُوسُفَ يقبل قولها في الرق، ولا يقبل قولها في زوال النكاح واسترقاق الأولاد، ولا في ولد يأتي به بعد ذلك لدون ستة أشهر. وعند مُحَمَّد ما يأتي به بعد ذلك حر أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادعى الكافر نسب لقيط لحق به نسبًا. وهل يتبعه في الدين؟ قَوْلَانِ وعند أَحْمَد يتبعه في النسب دون الدين. * * *

كتاب الوقف

كتاب الوقف مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وعامة الفقهاء إذا وقف في حال حياته صح ولزم من غير قبض ولا حكم حاكم. وعند مُحَمَّد بن الحسن وابن أبي ليلى يصح الوقف، ولكن يفتقر إلى القبض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ. لا يصح الوقف أصلًا، ولكن أصحابه استشنعوا هذا فقالوا: يصح، ولكن لا يلزم، وللواقف الرجوع فيه، وإذا

مات رجع فيه ورثته إلا أن يوصي به بعد موته فيلزم أو يحكم بلزومه حاكم. وروى ذلك عن علي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ، لا يلزم وقف المنقولات، وإن أُخرج مخرج الوَصِيَّة: وعند مالك في الكراع والسلاح رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يصح وقف كل عين ينتفع بها مع بقاء عينها، كالحيوان والعروض والعقار والكراع والسلاح والرقيق وغير ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح وقف الحيوان وإن حكم به الحاكم. وعند أَبِي يُوسُفَ يصح وقف العقار، ولا يصح وقف الحيوان والعروض والرقيق. ويجوز وقف الكراع من الخيل والسلاح والغلمان والبقر على سبيل البيع للأرض وعند مُحَمَّد بن الحسن يصح الوقف في الحيوان إلا في الخيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح وقف الطعام. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ يصح وقف المصاحف وكتب الأدب والعلم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر وابن أبي ليلى لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ يصح وقف المشاع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة علي بن العباس، وكذا المؤيَّد عن يَحْيَى، وعند مُحَمَّد بن الحسن لا يصح وقف المشاع وبناه على أصله، وهو أن الوقف يفتقر إلى القبض، والقبض لا يصح في المشاع. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يصح فيما يتأتى قسمته، واختاره منهم المؤيَّد. وعند أبي طالب منهم عن يَحْيَى أن ما يتأتى قسمته على وجه الإقرار من غير التقويم يصح وقفه، وما يحتاج إلى التقويم عند القسمة لا يصح وقفه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ومُحَمَّد بن الحسن لا يصح وقف الرجل على نفسه، ولو ذكر بعده جهة عامة، وبه قال الْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد يصح، وبه قال من الشَّافِعِيَّة ابن سريج والزبيرى، ومن الزَّيْدِيَّة سائرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الوقف متصل الابتداء منقطع الانتهاء فقَوْلَانِ: أصحهما يصح، وبه قال مالك وَأَحْمَد وأبو يوسف، والثاني لا يصح، وبه قال مُحَمَّد بن الحسن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا إنه يصح فانقرض الموقوق عليهم رجع إلى أقرب الناس إلى الواقف. وعند أَبِي يُوسُفَ يرجع إلى الواقف ملكًا إن كان باقيًا، وإلى وارثه إن كان

ميتًا، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يرجع إلى المصالح لا إلى الواقف، واختاره منهم المؤيَّد. وعند يَحْيَى منهم يرجع إلى الواقف، أو ورثته وقفًا. وعند مُحَمَّد يعود ملكًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جعل علو بيته مسجدًا. دون سفله، أو سفله دون علوه صح ذلك وبه قال بعض الحنفية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ. لا يصح وله بيعه. وعند بعض الحنفية. إن أفرد العلو بالوقف لم يصح، وإن أفرد السفل بالوقف صح الوقف. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: إذا جعل سفل البيت مسجدًا صار العلو مسجدًا. وقال المؤيَّد يؤمر برفع العُلو، ثم قالت الزَّيْدِيَّة: إذا جعل في داره مسجدًا، وجعل تحت المسجد سردابًا، أو فوقه بيتٌ أو حجرة لم يكن مسجدًا لكنه لا يملكه، لأن للناس فيه شركة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ألفاظ الوقف الصريح: حَبَستُ وسَبَلتُ ووقَفْتُ. وعند الزَّيْدِيَّة هذه الألفاظ كتابة فيضيف إليها لله أو للفقراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بنى مسجدًا وأذن للناس بالصلاة فيه لم يكن مسجدًا حتى يوقفه بلفظه، وكذا إذا بنى مقبرة وأذن بالدفن فيها لم يصر مسبلة حتى يوقفها بلفظه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تصير المقبرة بذلك وقفًا، وفي المسجد إذا فتح مع ذلك بابه إلى الشارع صار وقفًا وزال ملكه عن المقبرة والمسجد. وعند أَحْمَد إذا جعل وسط داره مسجدًا، وأذن للناس بالصلاة فيه صح الوقف. مسألة: المشهور عند الشَّافِعِيّ يزول ملك الوارث عن الوقف. وعند مالك لا يزول ملكه عنه، وحكاه ابن سريج قولاً عن الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ لا يعتبر في زوال ملك الواقف إخراج الوقف عن يده. وعند مُحَمَّد بن الحسن يعتبر ذلك، وبه قال مالك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين عنهما. وعند مالك في الرِوَايَة الأخرى إن كان يصرف منفعته في الوجوه التي وقفها عليه إلى أن مات فهو صحيح، ولا تختلف الرِوَايَة عن مالك أنه إن لم يصرفها فى وجوهها أنه لا يصح. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إلى من ينتقل الملك في الوقف فيه طريقان: أحدهما إلى الله تعالى، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثانية قَوْلَانِ: أحدهما هذا، والثاني ينتقل إلى الموقوف عليه، وبه قال أحمد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط بيع الوقف متى شاء، أو شرط فيه الخيار لم يصح. وعند الْإِمَامِيَّة إذا شرط أنه يبيعه إذا احتاج إليه كان له ذلك وينتفع بثمنه. وعندهم أيضًا يجوز لأرباب الوقف بيعه إذا دعتهم ضرورة إلى ذلك، ولا يجوز لهم مع فقد الضرورة. وعند أَبِي يُوسُفَ يصح في إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقف وقفًا على أنه إذا احتاج إليه باعه وانتفع بثمنه فالوقف باطل. وعند مالك والْإِمَامِيَّة لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقف وقفًا في سبيل الله كان ذلك وقفًا على الغزاة الذين يغزون إذا نشطوا دون المرتبين في ديوان الإمام. وعند أَحْمَد يدخل فيه الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقف شيئًا ولم يذكر سبيله فقَوْلَانِ: أحدهما يصح ويصرفه فى وجوه البرّ، وبه قال أَحْمَد ومالك، والثاني لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقف شيئًا على وجوه البر صرف إلى ما اختاره الناظر من الفقراء والمساكين والمساجد والقناطر وسائر مصالح المسلمين. وعند بعض العلماء يصرف إلى من يستحق الزكاة سوى العاملين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: وقفت على أولادي وأولاد أولادي دخل فيه ولد البنات. وعند أَحْمَد وعيسى بن أبان وأبي حازم من الحنفية لا يدخل فيه أولاد البنات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقف على قرابته، أو على أقاربه، أو على ذي رحمه، أو أرحامه، أو كان ذلك في الوَصِيَّة صرف ذلك إلى من يعرف بقرابته من قبل الآباء والأمهات، فإن كان له جد يعرف له عند عامة الناس صرف إلى من ينتسب إلى ذلك الجد دون من ينتسب إلى ذلك الجد، ولا من ينتسب إلى أخي ذلك الجد، كالشَّافِعِيّ إذا وقف على قرابته فإنه يصرف إلى من ينتسب إلى شافع بن السائب، ولا يصرف إلى من ينتسب إلى علي وعبَّاس ابني السائب، ولا إلى من ينتسب إلى السائب بن عبيد، ويدخل فيه بنات الواقف وأولاد بناته، ويدخل فيه أمهات الواقف وآباء أمهاته وأخواله وخالاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يدخل فيه كل ذي رحم محرم بالنسب، مثل الآباء والأمهات والبنين والبنات وأولادهم، والإخوة والأخوات، والأعمام والعمات دون بنيهم. وعند مالك يدخل فيه من يرث الواقف لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا وقف على عقبه، أو نسله، أو ولد ولده، أو

على ذريته، أو ولد ولده لصلبه دخل فيه ولد البنات. وعند أَحْمَد وَمَالِك ومُحَمَّد بن الحسن لا يدخلون، واختاره الخرقي من الحنابلة. واختار أبو بكر من الحنابلة ما قاله الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا وقف على مواليه وله موالٍ من أعلى وموالٍ من أسفل فثلاثة أوجه: أحدها: يكون لهما، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثاني يكون للمولى من أعلى والثالث يبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد بن الحسن إذا وقف شيئًا وشرط أن ينفق منه على نفسه لم يصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وأصحاب أَحْمَد يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا وقف على زيد وعمرو وبكر، ثم على الفقراء، فمات واحد منهم كان الوقف للآخرين. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يكون للفقراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وقف في مرضه اعتبر من ثلثه، فإن كان على أجنبي لزم الوقف في الثلث، وما زاد على الثلث فهو موقوف على إجازة الورثه، وإن كان على الوارث وقف على إجازة الورثة، سواء زاد على الثلث أو لم يزد، وكذلك إذا أوصى بالوقف. وعند أَحْمَد في أصح الروايتين إن لم يزد على الثلث لزم، ولم يقف على إجازة الورثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ إذا وقف مسجدًا في محلة فخربت المحلة أو وقف دارًا فخرب وتعطلت منافعه لم يبطل الوقف فيها. وعند أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا خربت المحلّة جاز نقض المسجد وصرف آلته في مسجد آخر، ويجوز بيع الدار وصرف ثمنها إلى دار أخرى. وعند مُحَمَّد يبطل الوقف فيهما، ويكون ملكًا للواقف. وعند سفيان إذا خرب المسجد وخربت المحلّة لا يعود إلى ملكه، ولكن يباع ويشرى بثمنه موضعًا في محلّة عامرة، فيجعل مسجدًا. وعند الْإِمَامِيَّة إذا خرب الوقف بحيث لا يجدي جاز للموقوف عليه بيعه والانتفاع بثمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل داره مسجدًا كان فيه كسائر الناس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو أحق بالأذان والإمامة فيه. * * *

كتاب الهبة

كتاب الهبة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وأكثر العلماء، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر يستحب للواقفين أن يسويا بين أولادهما في الهبة، ذكَرهم وأُنثاهم فيها سواء. وعند بعض الزَّيْدِيَّة التسوية واجبة. وعند شريح وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومُحَمَّد بن الحسن المستحب أن يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وبه قال بعض

الشَّافِعِيَّة، وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وهب لبعض أولاده دون بعض، أو فاضل بينهم صحّ ولم يأثم، غير أنه فعل مكروهًا. وعند طاوس َوَأَحْمَد وإِسْحَاق لا تصح الهبة. وعند داود يصح، لكن يجب عليه أن يرجع عليه فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح هبة الدَّين من غير من هو عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لو وهبه من الأجنبي ووكله بقبضه جاز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب ويَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وهب الدَّين ممن هو عليه صحّ، وكان إبراءً، فلا يحتاج إلى القبول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند زفر يحتاج إلى القبول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد وبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. وصاحبيه وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الهبة والصدقة والهدية لا تلزم إلا بالقبض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند الحسن وحماد هبة الزوج لزوجته لا تفتقر إلى القبض وعند أَحْمَد في أصح الروايتين إن كانت معينة فإنها تلزم من غير قبض. وعند مالك وابن أبي ليلى وأَبِي ثَورٍ الهبة تلزم بالإيجاب والقبول من غير قبض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى، فإن امتنع الواهب من الإقباض رفعه الموهوب له إلى الحاكم ليجبره على الإقباض، كما قال في الرهن، وقال أيضًا: إذا أعار رجلاً داره شهرًا فقد لزم المعير، وليس له أن يرجع في العَارَية قبل انقضاء الشهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الهبة تفتقر إلى القبول على الفور. وعند ابن سريج من أصحابه يجوز على التراخي. وعند الحسن لا تفتقر الهبة إلى القبول كالعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قبض الموهوب له الموهوبَ بغير إذن الواهب لم يصح القبض، سواء كان في المجلس أو بعد القيام من المجلس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان

قبل القيام من المجلس صح القبض بغير إذن الواهب، وإن كان بعد القيام من المجلس لم يصح القبض بغير إذنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أهدى فمات المهدي أو المهدَى إليه قبل قبول الهدية كانت الهدية راجعة إلى المهدي أو إلى ورثته. وعند مالك والحارث العكلي وحماد إذا دفعها إلى إنسان وبعث بها فهي للمهدى له، فإن مات فهي لورثته. وعند الحكم وَأَحْمَد وإِسْحَاق إن كان بعث بها إلى المُهدَى إليه مع رسوله فمات المهدى إليه قبل وصولها إليه رجعت إلى المهدي، وإن كان بعثها مع رسول المُهدَى إليه، كانت للمهدَى إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال رجل لآخر: كسوتك هذا الثوب، ثم قال لم أهبه قُبِل قوله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقبل. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال: أطعمتك هذا الطعام فاقبضه، ثم قال: لم أرد الهبة فوجهان: أحدهما لا يقبل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني يقبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لرجل: لك هذه الأرض فاقبضها لم يكن صريحًا في الهبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون صحيحًا فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: منحتك هذه الدار أو هذا الثوب، فقال: قبلت وأقبضه كان ذلك هبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون هبة إلا أن يريدها، وتكون عارية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هبة المشاع جائزة. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يجوز فيما ينقسم، ويجوز فيما لا ينقسم. وإذا وهب ما ينقسم بين اثنين لم يصح عند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر، ويصح عند أَبِي يُوسُفَ ومحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان بين رجلين فوهباها لرجل صحت الهبة. وإجارة المشاع عند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح من الشريك ولا من غيره، ورهن المشاع عنده لا يصح بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ هبة المجهول لا تصح. وعند مالك تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وهب لابنه البالغ هبة لم تصح حتى يقبل الابن الهبة، أو وكيله، فإن قبل الأب الهبة له لم يصح. وعند ابن أبي ليلى يصح إذا كان يعوله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وهب جارية حاملاً، واستثنى حملها لم تصح الهبة. وعند أَبِي ثَورٍ تصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح الهبة، ويسقط الاستثناء، ويكون حملها للموهوب له.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز للوالدين الرجوع فيما وهبا لولديهما حقيقة كان ولدهما أو مجازًا، كولد الولد، وسواء في ذلك ولد البنين أو ولد البنات. وعند الزَّيْدِيَّة إذا وهب من ابنه الصغير جاز له الرجوع عليه عند الحاجة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا وهبا له وأقبضاه إياه فليس لهما الرجوع فيه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أيضًا إن كان الولد قد استحدث دينًا، أو كانت أنثى سقط حق الأب من الرجوع، وبه قال مالك. وعند مالك أيضًا وَأَحْمَد يجوز لهما الرجوع فيما وهبا لولديهما لصلتهما دون ولد الولد ما لم ينتفع به، فإن انتفع به بأن أمنه الناس فبايعوه، أو زوجوه، أو غير ذلك من الانتفاع لم يكن لهما الرجوع فيه. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: الهبة لا تقبل الرجوع بحال، إلا إذا وهبها من ابنه الصغير فإنها تقبل الرجوع عند الحاجة، وفي سائر المواضع لا تقبل الرجوع. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تقبل الرجوع إلا في ثلاثة مواضع: أحدها إذا وهب للَّهِ تعالى، والثاني إذا وهب على عوض معلوم، والثالث لصلة الرحم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هبة الزوجين كل واحد منهما لصاحبه لازمة، وليس له الرجوع فيها. وعند شريح والشعبي والْأَوْزَاعِيّ يجوز للمرأة أن ترجع فيما وهبته للزوج، وليس للزوج أن يرجع فيما وهبه لها، وحكاه الزُّهْرِيّ عن القضاة. وعند اللَّيْث ترجع الزوجة فيما وهبت لزوجها، إلا أن يكون سألها أن تهب له ثم طلقها مكانه أو بعد ذلك بيوم أو نحوه. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يرجع فيما وَهَب لمولى، ولا لبائع له، ولا لذي رحم، ولا لامرأة، ولا السلطان لمن دونه، ويرجع فيما سوى ذلك، فإن كانت الهبة قد تمت وزادت عند صاحبها فقيمتها يوم وهبها. وعند الحسن بن حيي إذا لم يرد بالهبة ثواب الدنيا لم يرجع إذا قبض، ولا يرجع فيما وهب لذي رحم محرم، فإن وهب لغير ذي رحمٍ محرمٍ يريد بها ثواب الدنيا فله أن يرجع فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمرأة الرشيدة أن تهب وتعطي العطايا بغير إذن زوجها، سواء ولدت أم لم تلد، أقامت حولاً في بيت زوجها أو أقل من ذلك. وعند شريح والشعبي وَأَحْمَد وعمر وإِسْحَاق ليس لها في مالها أمر حتى تلد ويحول عليها الحول في بيت زوجها. وعند النَّخَعِيّ إذا ولدت جاز لها أن تهب وتعطي. وعند الشعبي أيضًا إذا حال عليها الحول في بيتها جاز لها ما صنعت. وعند طاوس وأنس بن مالك ليس لها أن تعطى من مالها شيئًا إلا بإذن زوجها. وعند مالك البكر تعطي من مالها وهي في

سترها لم تتزوج، وإذا أرادت الرجوع كان لها ذلك، إلا أن يكون الشيء يسيرًا، فإن تزوجت، ثم أقامت على التسليم، ثم أرادت الرجوع فيما أعطت لم يكن لها ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وهب لغير ولده، أو ولد ولده وإن سفل فليس له أن يرجع في هبته له بعد إقباضه، سواء كان ذا رحم محرم أو أجنبيًا، وبه قال أَحْمَد في الهبة المُطلّقة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا وهب لغيره ولم يقصد به وجه الله تعالى جاز له الرجوع فيه، ولا فرق عندهم بين الأجنبي وذي الرحم. وعند داود له الرجوع سواء وهب لأجنبي أو قريب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا وهب لذي رحم محرم بحيث لو كان أحدهما أنثى والآخر رجلاً لم يجز نكاحها، مثل أن يهب لابنه أو جده أو لعمه أو لخاله لم يجز له الرجوع عليه بعد الإقباض. وهكذا إذا وهب أحد الزوجين للآخر. وإن وهب لغير ذي رحم محرم، مثل أن يَهَبَ لابن عمّه، أو لابن خاله، أو لابنة عمه، أو كان أجنبيًا منه جاز له أن يرجع عليه في هبته لهُ بعد الإقباض ما لم يثب منها، أو يرتد على الشيء في نفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إذا وهب من الأجنبي صح رجوعه إلا إذا تحقق المانع بأن يرتد في الموهوب أو يموت الموهوب له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ليس للوالد أن يأخذ من مال ولده إلا قدر حاجته عند نزولها. وعند أَحْمَد يجوز له أن يأخذ ما شاء عند الحاجة وغيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يملك الابن مطالبة الأب بما ثبت له في ذمته بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا زاد الموهوب في يد الموهوب له زيادة لا تتميز، كالسمن والطول وتعلم الصنعة وغير ذلك لم يمنع من الرجوع فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يمنع من الرجوع فيه، إلا أن تكون الزيادة بتعليم القرآن أو إسلام أو قضاء دين عنه، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند مُحَمَّد بن الحسن يمنع ذلك الرجوع بكل حال، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، وكذا عند مُحَمَّد لو كان كافرًا فأسلم، أو كان عليه دين فأدَّاه الموهوب له. وعند زفر إذا علمها الموهوب له القرآن أو الكتابة أو المشط فحذقت في ذلك فله أن يرجع فيها. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يرجع. وعند عثمان البتي إذا أعطى الرجل عطية لآخر لا يتبين أنه مستغرر فعطيته جائزة، وليس له أن يرجع فيها. وعند مالك الأمر المجمع عليه أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له بالثواب بزيادة أو نقصان فإن على الموهوب له أن يعطى الواهب قيمتها يوم قبضها. وعنده أيضًا في الواهب يكون لورثته مثل ما كان

له من الثواب إن تبعوه. وعند اللَّيْث إذا وهب للثواب رجع فيها مثل قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ يجوز الرجوع في الهبة من غير قضاء القاضي، فيقول: ارتجعته منك أو رجعت فيما وهبت لك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وكذا المؤيَّد عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ لا يصح الرجوع إلا بقضاء القاضي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وهب الأب لابنه الصغير وقبضه له لزمت الهبة، سواء كان عرضًا أو ذهبًا أو فضة. وعند مالك إن كان مما يتعين كالعروض جازت هبته له وقبضه، وإن كان مما لا يتعين كالدراهم والدنانير فلا يجوز إلا أن يضعها على يد غيره ويشهد عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وصب الأدنى من الأعلى كالفقير يهب للغني، وآحاد الرعيّة يهب للسلطان فقَوْلَانِ: أحدهما فهو القديم يقتضي الثواب، وبه قال مالك، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب، والثاني هو الجديد لا يقتضي الثواب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه َوَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا الهبة تقتضي الثواب ففي قدره ثلاثة أوجه: أحدها إلى أن يرضى، والثاني قدر قيمته، وبه قال مالك، والثالث ما يكون ثواب مثله في العادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط الثواب، فإن قلنا بالجديد وأن الهبة لا تقتضي الثواب فهل يبطل العقد؟ قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ الشرط صحيح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو وهب هبة على العوض كان كالبيع في أحد القولين، فلا رجوع فيها وله المطالبة بالرجوع، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، وهو الأصح عند النَّاصِر منهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه له الرجوع ما لم يقبض العوض، وبعد القبض لا رجوع له، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العوض إذا كان مشروطًا في العقد كان عوضًا على الحقيقة، فإن كان ملحقًا في العقد بأن يهب منه هبة فيهب الموهوب منه هبة، وجعلها عوضًا عن الأولى ومكافأة فإنها لا تلحق بالعقد ولا توجبه الشفعة، ولا تقبل الرجوع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة يلحق بالعقد. * * *

باب العمرى والرقبى

باب العمرى والرقبى مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ العمرى جائزة، وهو أن يقول: أعمرتك هذه الدار عمرك، أو عمرى، أو حياتك، أو حياتي، أو ما عشت، أو ما عشت ولعِقبك بعدك، فإذا قال الآخر: قبلت وأذن له بالقبض فقبض صح ذلك وكان هبة. وعند بعض الناس لا تجوز العمرى، واختاره من الشَّافِعِيَّة الزبيرى. وعند مالك يكون للمعمر السكنى، فإذا مات عادت إلى المعمر، فإن قال: له ولعقبه كانت السكنى لهم، فإذا انقرضوا عادت إلى المعمر، أو إلى ورثته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: أعمرتك هذه الدار وجعلتها لك عمرك أو ما عشت، أو ما حييت وأطلق ولم يقل لعقبك من بعدك فقَوْلَانِ: الجديد يصح، وتكون للمعمر فى حياته ولورثته من بعده، ولا ترجع إلى المعطى، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وهو الأصح. واختلف أصحاب الشَّافِعِيّ في القول القديم، فقال أبو إِسْحَاق: قوله القديم أنها تكون للمعمر في حياته فإذا مات رجَعَت إلى المعطي أو ورثته، وبه قال مالك، وقال أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ: القول القديم أن العطية فاسدة ولا تجوز للمعمر ولا لورثته من بعده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق الرقبى جائزة، وهو أن يقول: أرقبتك هذه الدار وجعلت داري لك رقبى، ومعناه أنها لك مدة حياتك، فإن مت قبلي عادت إليَّ، وإن مت قبلك فهي لك ولورثتك من بعدك، فعلى القول الجديد في العمرى تكون هنا للمرتب في حياته ولورثته من بعده، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، وعلى ما حكاه أبو إِسْحَاق عن القديم تكون له حياته، فإن مات والمعطي حي رجعت إليه، وإن مات المعطي أولًا كان للمرتب حياته ولورثته بعده، وعلى ما حكاه أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ عن القديم تكون العطية باطلة. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ هي باطلة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد الرقبى لا تملك، وتكون عارية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مجاهد الرقبى أن يقول: هذه الدار للآخر مني ومنك موتًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط في العمرى أو الرقبى الرجوع بعد موت المعمر والمرتب بطل الشرط، وفي العقد قَوْلَانِ: الجديد صحته. وعند أَحْمَد لا يبطل العقد،

وفى بطلان الشرط رِوَايَتَانِ: أصحهما بطلانه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ليس من شرط البراءة من الدَّين قبول من عليه الدَّين. وعند مُحَمَّد يشترط، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وزفر وَمَالِك إذا ردّ من عليه الدَّين البراءة لم يَعُد الدَّين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وكافة الزَّيْدِيَّة يعود الدَّين. * * *

كتاب الوصايا

كتاب الوصايا مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يوصي بالنظر في حق الصغار مع وجود الجد.

وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز ذلك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة من الخراسانيين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أوصى الذمي بثلث ماله لبناء كنيسة أو بيعة أو بعمارة لهما، أو بشراء خنازير أو خمر فيتصدق بهما فهو باطل لا تصح الوَصِيَّة به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة تصح الوَصِيَّة بذلك كله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا أوصى إلى شخص بالنظر في أمر أولاده الصغار وتزويج بناته لم يكن للوصي تزويجهن، سواء كنّ البنات صغارًا أو كبارًا، عين له الزوج أو لم يعينه، بل إن كان للبنات ولي مناسب، زوجهن، وإلا فالحاكم يزوجهن. وعند أَحْمَد تصح الوَصِيَّة في تزويجهن ويملك الوصي ذلك. وعند أَبِي ثَورٍ الوصي أولى بتزويجهن من الولي المناسب. وعند مالك إذا أوصى إليه في تزويج بناته مطلقًا كان الوصي أحق بإنكاحهن من الناسب، فإن كن كبارًا لم يزوجهن إلا بإذنهن، وإن كن صغارًا لم يزوجهن الوصي إلا إن عين له المُوصي الزوج. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تستحب الوَصِيَّة للأقارب الذين لا ميراث لهم في الجملة، أو لحاجب حجبهم ولا يجب ذلك. وعند الزُّهْرِيّ والضحاك وأبي مجلز وداود وابن جرير الوَصِيَّة لهم واجبة واختاره أبو بكر من الحنابلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الوَصِيَّة للوارث قَوْلَانِ: أحدهما أنها باطلة، وبه قال زفر، والثاني أنها صحيحة إذا رضي بها سائر الورثة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأكثر العلماء، وإن لم يرضوا بطلت، وبه قال زيد بن علي، واختاره من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند الْإِمَامِيَّة هي صحيحة وليس للورثة ردّها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة مُحَمَّد بن يَحْيَى والقاسم والصادق والباقر والنَّاصِر، وكذا الداعي وأبو طالب عن الهادي، وهو اختياره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود إذا أذنت الورثة لمورثهم أن يوصي بالثلث لبعض الورثة، أو بالثلثين لغير الورثة فإن ذلك لا يلزمهم، ولهم الرجوع في ذلك بعد موت الموصي. وعند الحسن وعَطَاء والزُّهْرِيّ وابن أبي ليلى وعبد الملك بن يعلى ورَبِيعَة وحماد والْأَوْزَاعِيّ يلزمهم ذلك، وليس لهم الرجوع بعد موته. وعند مالك إذا أذنوا له فى حال الصحة لم يلزمهم ذلك، لان أذنوا له في حال مرضه لزمهم ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى لعبد وارثه بثلثه، فإنه يكون موقوفًا على إجازة

الورثة كالوَصِيَّة للوارث. وعند مالك إن كان ذلك يسيرًا جاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى لعبد نفسه كان كما لو أوصى لعبد وارثه، فيقف على إجازة الورثة. وعند الحسن وابن سِيرِينَ إذا أوصى لعبده بالثلث كان ذلك في رقبته، فإن كان الثلث أكثر من رقبته عتق ودفع إليه ما بقي، وإن كان الثلث أقل من ثمنه عتق وسعى له فيما بقي. وإن أوصى له بدراهم، فإن شاء الورثة أجازوا، وإن شاءوا لم يجيزوا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أوصى له بدراهم لم يجز، وإن أوصى له برقبته جاز، وإن أوصى له بثلث رقبته سعى له فيما بقي، وعند مالك إن أوصى له برقبته، فإن حمله الثلث أعطى ما فضل من الثلث عن رقبته. وإن أوصى له بوصيه جاز إذا حمله الثلث، وليس للورثة أن ينزعوه. وعند الثَّوْرِيّ وإِسْحَاق إن أوصى له بدراهم جاز وإن أوصى برقبته بطلت الوَصِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأهل المدينة وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوصى من لا وارث له مُعَين بما زاد على الثلث بطلت الوَصِيَّة فيما زاد على الثلث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد في رِوَايَة وعبيدة السلماني والحسن ومسروق وإِسْحَاق وابن مسعودٍ تصح الوَصِيَّة فى الكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا مات الموصي، ثم مات الموصى له قبل القبول والرد لم تبطل الوَصِيَّة، ويقوم وارثه مقامه في القبول أو الرد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. وعند النَّاصِر والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة أنها تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وشريح وطاوس والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تصح الإجازة من الورثة في حال حياة الموصي، سواء أجازوا ذلك في صحّة الموصي أو مرض موته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد والهادي. وعند الحسن وعَطَاء والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة تصح الإجازة. وعند مالك وابن أبي ليلى والْأَوْزَاعِيّ إن أجازوا ذلك في صحة الموصي لم تصح، وإن أجازوا ذلك في مرض موته صحت إجازتهم، وعند النَّاصِر والهادي من الزَّيْدِيَّة إن أجازوا قبل موته، ثم أرادوا الرجوع بعد موته لم يكن لهم الرجوع في ذلك، ويصح رجوعهم قبل موته، وبه قال عثمان البتي والحسن البصري والزُّهْرِيّ وعَطَاء ورَبِيعَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إجازة الورثة تنفيذ أو ابتداء هبة فيه قَوْلَانِ: أصحهما أولهما، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي بن أبي طالب وأهل العراق إذا أوصى بثلث ماله، ثم استفاد مالاً كان للموصى له ثلث جميع ما كان موجودًا عند الموت. وعند مالك تتعلق الوَصِيَّة بثلث ما كان موجودًا عند الوَصِيَّة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أحمد وإِسْحَاق إن استفاد مالاً من غير دينه دخل في الوَصِيَّة، وإن كان من جهة الدية بأن قتل خطأ لم تدخل الدية في الوَصِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى لواحد بجارية حامل فوضعت قبل موت الموصي بستة أشهر فصاعدًا من حين الوَصِيَّة، فإن الولد يكون للموصي، وينتقل إلى ورثته، وهكذا إذا وضعت لأقل من ستة أشهر فصاعدًا من حين الوَصِيَّة، وقلنا إن الحمل لا حكم له، فإنه يكون الولد للموصي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون الولد للموصى له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى لواحد بأمة، وأتت بولد بعد موت الموصي، وقيمتها وقيمة الولد سواء، ولا مال له غيرهما وقبل الموصى له، فإنه يكون للموصى له ثلث الجارية، وثلث الولد تابع لملكه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون له ثلثا الجارية، وثلث الجارية والولد يكون للورثة. وعند أَحْمَد يكون الولد والأم للموصى له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح وَصِيَّة الصبي المميز والمحجور عليه لسفه في أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه وابن عباس، ومن الزَّيْدِيَّة زيد بن علي وأبو العبَّاس عن الهادي، ويصح في القول الآخر، وبه قال مالك وَأَحْمَد وشريح وعمر بن عبد العزيز والزُّهْرِيّ وعَطَاء والنَّخَعِيّ والشعبي وعمر بن الخطاب، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد تصح الوَصِيَّة للحربي بغير السلاح. وعند أبي حَنِيفَةَ لا تصح، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تصح الوَصِيَّة للقاتل في أحد القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن الهادي، واختاره، ولا تصح في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه وَأَحْمَد في إحدى الروايتين، ومن الزَّيْدِيَّة الداعي وأبو طالب عن الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تصح الوَصِيَّة للميت، سواء ظنه حيًا أو علمه ميتًا. وعند مالك إن ظنه حيًا فبان أنه ميت بطلت الوَصِيَّة، وإن علمه ميتًا صحت الوَصِيَّة وتكون لوارثه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى له ثانية لم يلزمه قبوله، وهو بالخيار إن شاء قبله وإن شاء لم يقبل. وعند بعض الناس يلزمه قبوله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خصَّ المريض مع بعض الغرماء بالقضاء لم يكن للباقين مخاصَّته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لهم ذلك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة وكافة الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تصح الوَصِيَّة بالمنافع التي تباح بالإجارة والإباحة، كسكنى الدار، وخدمة العبد، وثمرة البستان وما أشبهه. وعند ابن أبي ليلى لا تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وقت ملك الموصى به، إذا كانت الوَصِيَّة لمعين ثلاثة أقوال: أحدها يملك بموت الموصي بغير اختياره، والثاني يملكه بموت الموصي والقبول، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والثالث أنه مراعى، فإن قبل الموصى له تبيَّنا أنه ينتقل إليه بالموت، وإن ردّ تبيَّنا أنه لم يملك، وبه قال مالك وهو الصحيح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض الحنابلة إذا مات الموصى له بعد موت الموصي وقبل القبول والرد قام وارثه مقامه في القبول والرد. وعند أَحْمَد وبعض الشَّافِعِيَّة أنها تبطل. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه الشاشي وصاحب المعتمد والدر الشفاف أن الوَصِيَّة تلزم وتدخل في ملك الموصى له بغير قبول، ويسقط القبول، وينتقل إلى ورثة الموصى له. ونقل عنه صاحب البيان أن الوَصِيَّة تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي بن أبي طالب إذا مات الموصى له قبل موت الموصي بطلت الوَصِيَّة، ورجع الموصى به إلى ورثة الموصي. وعند الحسن البصري تكون لوارث الموصى له، وعند عَطَاء إن علم الموصي بموت الموصى له ولم يحدث في الموصى به شيئًا فهو لورثة الموصى له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أقرّ لأجنبية بمال في مرض الموت، ثم تزوجها لم يبطل الإقرار. وعند زفر يبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أوصى للمسجد صحت الوَصِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح حتى يقول تنفق عليه. * * *

باب ما يعتبر من الثلث

باب ما يعتبر من الثلث مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هبات المريض وعتقه يعتبر من الثلث إن لم يجز الورثة. وعند داود ومَسْرُوق والْإِمَامِيَّة يعتبر من رأس المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود إذا أعتق عبده في مرضه ولا مال له غيره نفذ العتق في ثلثه، ويبقى ثلثاه رقيقًا إذا لم يجز الورثة. وعند شريح والنَّخَعِيّ يعتق ثلثه، ويُستسعى في ثلثيه. وعند مَسْرُوق ينفذ في جميعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى أن يعتق عنه رقبة بجميع ماله، ولم يجز الورثة، فإنه يشترى بثلث ماله رقبة تعتق عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل الوَصِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى أن يعتق عنه رقبتان بمال معلوم ولم يخرجا من الثلث، أعتق منه بقدر الثلث. وعند عَطَاء يعتق عنه واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يوسف لا يعتق شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بالحج من لم يحج كان من رأس المال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وسائر الزَّيْدِيَّة يكون من ثلث المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا التحم الحرب، واختلف الطائفتان للقتال وكانتا متساويتين متقاربتين في التكافؤ، أو وقع أسيرًا في يد من يرى قتل الأسارى، أو ركب البحر في حال اضطرابه. فالكل في هذه المسائل مخوَّف، وإذا قدم لاستيفاء القصاص فليس بمخوَّف ما لم يجرح. ومن أصحاب الشَّافِعِيّ من حكى في هذه المسائل الأربع قولين: أحدهما أنه ليس بمخوَّف، والثاني أنه مخوَّف، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ والحسن ومَكْحُول والْأَوْزَاعِيّ والشعبي وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن الهادي. وعند النَّاصِر وأبي طالب منهم عن الهادي أن ذلك يكون من رأس المال إذا لم يكن متعلقًا بما بعد الموت، إلا إذا باشر القتال فيكون من الثلث حينئذ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الأسير في يد من جرت عادتهم بقتل الأسارى، فعطاياه من الثلث، وإن كان في يد من لم تجر عادتهم بالقتل فعطاياه من رأس المال. وعند الزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق عطايا الأسير من ثلثه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن ثابت الحمل قبل الطلاق ليس بمخوّف، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند سعيد بن المسيّب وعَطَاء وقتادة هو مخوف. وعند مالك واللَّيْث إذا بلغت ستة أشهر فهو مخوف، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العطايا المنجّزة المعتبرة من الثلث إذا كانت جنسًا واحدًا غير العتق، فإنه يقدَّم السابق منها إذا لم يتسع الثلث لها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هما سواء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أعتق، ثم حابى قدم العتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتحاصان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كانت العطايا المنجزة أجناسًا مختلفة، فإنه يقدم السابق منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة تقدم المحاباة على العتق إذا كانت سابقة، وإن كان العتق هو السابق سوى بينه وبين المحاباة، ولو حابى، ثم أعتق، ثم حابى كان نصف الثلث للمحاباة الأولى، ونصفه بين العتق والمحاباة الثانية هما فيه سواء. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يقدَّم العتق بكل حال تقدم أو تأخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان بعض التبرعات منجَّزة، وبعضها مؤخرة قدمت المنجزة، سواء تقدمت أو تأخرت، عتقًا كان أو غيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أعتق عبدًا فى مرضه، ثم أوصى بعتق آخر ولم يحملها الثلث سوى بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بوصايا قدم العتق على غيره في أحد القولين، وبه قال ابن عمر وأبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وسوى بين العتق وغيره في القول الثاني، وبه قال ابن سِيرِينَ والشعبي والنَّخَعِيّ والحسن وأبو ثور، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند الحسن إذا أوصى برقبة تشترى له وتعتق عنه كانت كسائر الوصايا. وإن أوصى بعتق عبد في مرضه قدّم على غيره من سائر الوصايا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بوصايا، كالمحاباة والهبة والعتق فهي والعتق سواء، وفى تقديم العتق قَوْلَانِ: أحدهما يقدم العتق عليهما، والثاني لا يقدم. وعند أبي حَنِيفَةَ إذا أوصى بزكاة واجبة أو حج واجب قدم على غيره، وما عداها من حج التطوع والصدقة وغير ذلك تبدأ فيه بما تبدأ منهما في اللقطة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء إذا أوصى لرجل بثلث عين من ماله من دار، أو أرض، أو عبد، ثم مات الموصى استحق ثلث العين الموصي بها. وعند أَبِي ثَورٍ

وزفر لا يستحق الموصى له إلا ثلث ما بقي من العين الموصى بها وهو يسعها، وبه قال من الشَّافِعِيَّة ابن سريج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع في مرضه شيئًا من الوارث بثمن المثل جاز. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوصى أن يعتق عنه عبدًا بمائة، ولم تخرج المائة من الثلث اشترى عبدًا بما يخرج من الثلث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل الوَصِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوصى بعين من أعيان ماله يخرج من ثلث ماله وبقية ماله غائب، لم يكن للموصى له المطالبة بالعين قبل قدوم الغائب، فإن طلب بثلث العين لم يسلم إليه شيء قبل حضور المال الغائب. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يسلم إليه ثلثها. وعند مالك الورثة بالخيار إن شاءوا سلموا إليه العين قبل حضور المال الغائب، وإن شاءوا أبطلوا الوَصِيَّة في ثلثي العين، وتجعل وصيته في ثلث جميع المال مشاعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والشعبي والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ نكاح المريض صحيح، وصداق المثل من رأس المال، وما زاد عليه فهو محاباة، فإن كانت وارثة لم يصح ذلك إلا لإجازة الورثة، وإن لم تكن وارثة بأن كانت ذمية، أو مملوكة، أو قتلته، أو ماتت قبله، أو أبانها، وقلنا لا يرث، فإن خرج من الثلث صح لها، وإن لم يخرج من الثلث وقف على إجازة الورثة. وعند الزُّهْرِيّ يصح نكاحه، ولا ترثه الزوجة. وعند رَبِيعَة يصح ويكون المهر من الثلث وإن لم يزد على مهر مثلها. وعند مالك لا يصح النكاح. * * *

باب جامع الوصايا

باب جامع الوصايا مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أوصى لجيرانه صرف إلى أربعين دار من كل جانب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون ذلك للجار الذي يلاصقه. وعند مُحَمَّد جيرانه أهل محلته الذين يجمعهم المسجد الذي يصلي فيه الموصي. وعند أَبِي يُوسُفَ هي لأهل الدرب في المحلّة، وإن تفرقوا في مسجدين متقاربين. وعند قتادة جاره: الدار والداران. وعند سعيد بن جبير جاره هو الذي يسمع الإقامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا أوصى بثلث ماله لزيد وللفقراء والمساكين كان نصفه لزيد ونصفه للفقراء والمساكين. وعند مالك يعطى زيد ما أدى اجتهاد الحاكم إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لزيد الثلث، وللفقراء الثلث، وللمساكين الثلث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: بع أرضي وفرق ثمنها في الفقراء والمساكين فباعها بالدنانير، ثم أخذ مكان الدنانير الدراهم، أو عروضًا لم يجز ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد في أول الأمر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه أنه يجوز، وبه قال المؤيَّد من الزَّيْدِيَّة في آخر الأمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بثلث لقرابته، أو ذوي رحمه، أو لقرابة فلان، أو لرحمه، أو لأرحامه دخل فيه كل من ينتسب إليه من قبل أبيه وأمه الذين ينتسبون إلى الأب الأدنى نسبهُ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أوصى لقرابته استحق بذلك كل ذي رحم محرم، ولا يدخل فيه الولد والوالد، ويقدَّم الأقرب فالأقرب. وعند أَحْمَد أنه يكون لقرابة الأب الأدنى دون قرابة الأم، ويكون لمن ينتسب إلى الأب الثالث ولا يجاوزه، ويختص بذلك المسلمون حتى إذا كان له قريب كافر لم يستحق. وعند مالك هم كل من جاز أن يرث دون من لا يرث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد هو كل من جمعه وإياهم أول أب في الْإِسْلَام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا فرق بين الغني والفقير. وعند مالك يختص به الفقير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا فرق بين الذكر والأنثى. وعند الحسن وقتادة يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى للأجانب، وله قرابة لا يرثون صحت الوَصِيَّة لهم،

واستقرت عليهم. وعند الحسن وطاوس وعبد الملك بن يَعْلِى يُنزع المُوصَى به للأجانب ويُرد منهم على قرابته الذين لا يرثونه. وعند سعيد بن المسيب وجابر بن زيد وإِسْحَاق يعطى ثلث ما وصَّى له به، ويرد ثلثاه على قرابته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال: ضع ثلثي حيث شئت، أو حيث رأيت لم يجز له صرفه إلى أحد من ورثة الميّت، ولا لنفسه، ولا لبعض أولاده، وإن كانوا بالغين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ له ذلك، إلا أن أبا ثور يقول: إن دفعه إلى أحد من ورثة الميت جاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أوصى لمواليه، وله موالٍ من أعلى وموالٍ من أسفل، فإنهم يشتركون في ذلك. وعند أصحاب الشَّافِعِيّ خلاف قدمناه في الوقف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل الوَصِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يدخل فيهم موالى أبيه. وعند زفر يدخلون. وعند أَحْمَد إذا لم يكن له موال استحق موالى أبيه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يستحقون شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لوصيه حُجَّ عني بألف، فأحج عنه بخمسمائة، وكان الألف يخرج من الثلث، فإنه يحجج عنه أيضًا بالباقي من حيث بلغ، ولا يرد إلى الورثة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند المؤيَّد منهم على الوصي التوسعة في الإنفاق، فمتى أحلَّ بها وأحج بدون ذلك ضمن للورثة ما يعطى في المعاقد، وعليه الحج للميّت بمثل ما أوصى في السنة القابلة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرد الباقي إلى الورثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى لقبيلة لا تنحصر كبني هاشم وبني تميم وبني بكر فإنها تصح في أحد القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد وكافة الزَّيْدِيَّة، ويدفع إلى ثلاثة منهم، ولا يصرف في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى لأولاد زيد صرف إلى أولاده الموجودين يوم عقد الوَصِيَّة دون من يولد بعده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصرف إلى الموجودين يوم موت الموصى، وقيل إنه قول الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى لبني فلان بثلث ماله اختص به الذكور دون الإناث. وعند الحسن والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ يدخل فيه الذكور والإناث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ إذا أوصى لأم ولده بألف درهم على أن لا تتزوج،

أو على أن تثبت مع ولده ففعلت ما شرط عليها بعد موته يومًا استحقت الوَصِيَّة، فإن تزوّجت بعد ذلك رجع عليها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل الوَصِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوصى بجزء، أو نصيب دفع إليه الوارث ما شاء. وعند مالك أنه كالسهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بسهم من ماله فإنه لا حدَّ له، وأي شيء دفع إليه الوارث أجزأ وإن قلّ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد عن الهادي. وعند ابن سريج من الشَّافِعِيَّة يدفع إليه سهم واحد من سهام الفريضة. وعند أَبِي ثَورٍ يعطى سهمًا من أربعة وعشرين سهمًا. وعند عَطَاء وعكرمة إذا لم يبين السهم فلا شيء له. وعند أبي يوسف ومُحَمَّد يدفع إليه مثل نصيب أقل ورثته نصيبًا، ما لم يكن نصيب أقل ورثته أقل من الثلث، فإن كان أقل من الثلث أعطي الثلث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ روايات: إحداها: يُعطى أقل الأمرين من الثلث، أو مثل أقلهم نصيبًا. والثانية: أكثر الأمرين من السدس أو أقلهم نصيبًا. والثالثة: أن له مثل أحسن ورثته نصيبًا ما لم يكن أقل من السدس، فإن كان أقل من السدس أعطي السدس. والرابعة: أن له مثل أحسن ورثته نصيبًا ما لم يزد على السدس، فإن زاد على السدس كان له السدس. وبهذه الرِوَايَة قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن يَحْيَى. وعند إياس بن معاوية والحسن والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد السهم في لغة العرب عبارة عن السدس. وعند مالك ثلاث روايات: إحداها: الثمن، والثانية: السدس، والثالثة: ما انقسمت عليه بالأصل والضرب فيعطى سهمًا منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال في وصيته: إن مت من مرضى هذا، أو في هذا السفر فأعطوا زيدًا كذا وكذا، فصح من مرضه، أو قدم من سفره بطلت الوَصِيَّة. وعند مالك إن كتب كتابًا، ثم صح من مرضه، ثم أقر الكتاب فالوَصِيَّة بحالها، وإن قال قولاً ولم يكتب كتابًا، ثم صح، أو قدم من سفره بطلت الوَصِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوصى بمثل نصيب ابنه وله ابن واحد كانت الوَصِيَّة بالنصف، فتلزم الوَصِيَّة بالثلث، وتوقف في الثلثين على إجازة الورثة. وعند مالك تكون الوَصِيَّة بجميع المال، فتلزم في الثلث، وتوقف في الثلثين على إجازة الورثة، وبه قال زفر وداود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال: أوصيت له بنصيب ابني لم تصح الوَصِيَّة. وعند مالك وَأَحْمَد تصح، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له ذكور ونساء، فأوصى لآخر بمثل نصيب أحد أولاده دفع إليه مثل نصيب أقلهم نصيبًا، وهو الثلث كما إذا كان ابنان وبنت، فالفريضة من خمسة، ويزاد للموصى له سهم سادس. وعند مالك يعتبر عدد رءوسهم، فيكون للموصى له الربع في مسألتنا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى له بمثل نصيب أحد أولاده أعطى مع الاثنين الثلث، ومع الثلاثة الربع. وعند مالك يكون مع الاثنين النصف، ومع الثلاثة الثلث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أوصى بضعف أحد ورثته، فإنه يعطى مثل نصيب أقل ورثته نصيبًا. وإن خلف بنتًا وبنت ابن وأختًا لأب وأم، كان لابنة الابن السدس ويزاد للموصى له مثل نصيبها وهو سهمان، فتقسّم التركة من ثمانية: للابنة ثلاثة، وللأخت سهمان، ولابنة الابن سهم، وللموصى له سهمان. وعند أبي عبيد القاسم بن سلام وَمَالِك والزُّهْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. الضعف عبارة عن مثل الشيء مرّة واحدة، فيكون للموصى له سهم مثل نصيب بنت الابن لا غير، وتصح القسمة من سبعة أسهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بثلث ماله لزيد وعمرو، فمات عمرو بعد الوَصِيَّة فى حياة الموصي، كان لزيد نصف الثلث، وكذا إن كان ميتًا عند الوَصِيَّة. وعند أبي حَنِيفَةَ لزيد جميع الثلث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى له بضعفي نصيب أحد ورثته، كان له ثلاثة أمثال نصيب أقل ورثته نصيبًا. وعند أَبِي ثَورٍ الضعفان عبارة عن أربعة أمثال نصيب أقلهم، فيكون له أربعة أمثال نصيب أقل ورثته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال: لفلان وفلان مائة درهم وأحدهما ميت، كان جميع المائة للحي. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يكون للحيّ خمسون درهمًا، ولا وَصِيَّة لميت. وكذا قالا إذا قال لفلان وفلان مائة درهم، ووافقهما في هذا القول الثَّوْرِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: أعطوه عشرة من إبلي، وكانت إبله مائة دُفع إليه عشر منها. وعند مالك تقوَّم الإبل ويعطى عشر قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الحسن والنَّخَعِيّ وَمَالِك وابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ ومحمد

وإِسْحَاق وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوصى لرجل بنصف ماله ولآخر بثلث ماله، فإن أجاز الورثة قسمت التركة على ستة أسهم، للموصى له بالنصف ثلاثة، للموصى له بالثلث سهمان، وللورثة سهم، وإن لم يجيزوا، قسم المال على خمسة عشر سهمًا: للورثة عشرة، ولصاحب النصف ثلاثة، ولصاحب الثلث سهمان، وعند أَبِي حَنِيفَةَ من أوصى له بزيادة على الثلث سقطت الزيادة على الثلث، وصارت بالثلث لا غير فيكون الثلث بين الموصى لهما سواء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بنصف ماله ولآخر بربع ماله، فإن أجاز الورثة الوصايا قسمت التركه على ثلاثة عشر سهمًا. للموصى له بالنصف ستة، ولصاحب الثلث أربعة، ولصاحب الربع ثلاثة. وإن لم يجيزوا قسّم الثلث على ثلاثة عشر سهمًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضارب الموصى له بالنصف إلا بالثلث، فتقسَّم التركة على أحد عشر سهمًا، للموصى له بالنصف أربعة، وللموصى له بالثلث أربعة، وللموصى له بالربع ثلاثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوصى لرجل بجميع ماله، ولآخر بثلث ماله، فإن أجاز الورثة قسم المال على أربعة أسهم، للموصى له بالكل ثلاثة، وللموصى له بالثلث سهم. وإن لم يجيزوا قسّم الثلث على أربعة. وعند داود الموصى له بالكل الثلثان، ثم يقسّم الثلث بينه وبين الموصى له بالثلث وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لم يجز الورثة، فالثلث بينهما نصفان، لأن عنده ما زاد على الثلث لا يضارب به الموصى له به. فإن أجازوا فثلاث روايات: إحداها كقول الشَّافِعِيّ، والثانية لصاحب الكل خمسة أسداس المال، ولصاحب الثلث سدسه، والثالثة: يكون الثلث بينهما نصفين، ويكون لصاحب الجميع نصف المال يأخذه من الثلثين، والسدس يكون بينهما، فيجعل لصاحب الثلث ربع المال، ولصاحب الجميع ثلاثة أرباعه. وهذا الخلاف بين العلماء يجري فيما إذا أوصى لرجل بجميع ماله ولآخر بنصفه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى لأجنبي ووارث ولم يجز الورثة بطل في حق الورثة، وصح في حق الأجنبي. وعند مالك ما يخص الوارث يبطل، ويرجع إلى الورثة ويكون ما بقي للأجنبي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أوصى بعبد من عبيده، أو شاة من غنمه، فللورثة أن يدفعوا ما يقع عليه الاسم. وعند الخرقي من الحنابلة يخرجوا بالقرعة. وعند مالك

يدفعوا جزءًا منهم بالقيمة، فإن كانوا أربعة فربعهم، وعلى هذا ما زاد ونقص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أوصى لزيد وللمساكين فهو بينهما نصفان. وعند مُحَمَّد لزيد سهم، وللمساكين سهمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا أوصى للمساكين، أو للفقراء، أو للمساجد فأقل ما يجزئ أن يدفع إلى ولاته منهم. وبه قال: كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد يجزئ الدفع إلى واحد. وعند مُحَمَّد اثنان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الموصى له بالخدمة له إجارة العبد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ نفقة الموصى به بخدمته على الورثة في أحد الوجوه، وبه قال أحمد، وعلى الموصى له في الوجه الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وكافة الزَّيْدِيَّة، وفى كسبه في الوجه الثالث. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قتل العبد الموصى بخدمته ففي من يستوفى قصاصه وجهان: أحدهما: مالك الرقبة، والثاني: مالك الرقبة والمنفعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال يخدم عبدي فلان سنة، ثم هو حر، فقال الموصى له بالخدمة: قد وهبت له الخدمة، أو ردَّ الوَصِيَّة فإنه لا يعتق في الحال. وعند مالك إذا وهب المنفعة يعتق في الحال. وإن ردَّها لم يعتق حتى تمضي سنة ويخدم فيها الورثة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعتق ويصير رقيقًا للورثة. وعند أَحْمَد يعتق في الحال. * * *

باب الرجوع في الوصية

باب الرجوع في الوَصِيَّة مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بثوب فقطعه، أو بقطن فأمر بغزله، أو نقضه فباعها لم يكن ذلك رجوعًا عن الوَصِيَّة في أحد الوجهين، وفي الوجه الثاني يكون رجوعًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بثوب، ثم باعه، ثم اشتراه، كان ذلك رجوعًا عن الوَصِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون رجوعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوصى بعين لشخص وأوصى بها لآخر، فإنها تجعل بينهما. وكذا أوصى بثلث ماله لواحد، ثم أوصى بثلث ماله لآخر، أو أوصى بجميع ماله لواحد، ثم أوصى بجميع ماله لآخر، فإنهما يتساويان في المُوصى به. وعند الحسن وعَطَاء وطاوس يكون هذا رجوعًا عن الوَصِيَّة الأولى، وتثبت الوَصِيَّة للثاني. وعند داود الوَصِيَّة للأول دون الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة إذا جحد الموصى الوَصِيَّة كان رجوعًا. وعند مُحَمَّد بن الحسن وَأَحْمَد لا يكون رجوعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى لبعض ورثته، وقال إن أجاز الورثة فهو له، وإن لم يجيزوا فهو في سبيل الله، فلم يجيزوا كان في سبيل الله. وعند مالك يرجع ذلك إلى الورثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بدارٍ، ثم أعمرها وبنى فيها لم يكن رجوعًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون رجوعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى بعبد لأحد رجلين لم تصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح. * * *

باب الأوصياء

باب الأوْصيَاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا تصح الوَصِيَّة إلى مسلم فاسق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح. وإذا تصرف نفذ تصرفه، إلا أنه يجب على الحاكم أن يخرجه من الوَصِيَّة. وعند أَحْمَد في رِوَايَة تصح ويُضم إليه أمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تصح الوَصِيَّة إلى العبد بحالٍ. سواءٌ أوصى إلى عبد نفسه أو عبد غيره، بإذن سيّده أو بغير إذنه، وسواء كان ورثته صغارًا أو كبارًا، أو بعضهم صغارًا وبعضهم كبارًا. وعند مالك تصح الوَصِيَّة إلى عبده وعبد غيره إذا أذن له السيّد. وعند أَحْمَد تصح الوَصِيَّة إلى العبد. وعند الْأَوْزَاعِيّ وابن شُبْرُمَةَ تصح إلى عبد نفسه، والى عبد غيره، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح إلى عبد غيره، وتصح إلى عبد نفسه إذا لم يكن في ورثته رشيدًا، وإذا كان فيهم رشيدًا لم تصح. وعند الزَّيْدِيَّة يصح الإيصاء إلى عبد الغير إذا كان مأذونًا له، وإن كان محجورًا فالصحيح عندهم أنه لا يصح. وإن أوصى إلى عبد نفسه، فعند النَّاصِر منهم أنه يجوز، وعند الداعي وأبي طالب عن الهادي أنه لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تصح الوَصِيَّة إلى المرأة. وعند عَطَاء بن أبي رباح لا تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوصى إلى اثنين فقال لهما: أوصيت إليكما ولم يزد على ذلك، فإنهما يتصرفان على الاجتماع، وليس لأحدهما أن ينفرد بالتصرف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد القياس أن لا يملك أحدهما التصرف على الانفراد، واستحسنا أن ينفرد كل واحد منهما بسبعة أشياء. شراء كفن الميت، وقضاء ديونه، وإنفاذ وصاياه معينة كانت أو غير معينة، ورد الوديعة إذا كانت بعينها، والغصوب، وشراء ما لابد منه للصغير من الكسوة والطعام، وقبول الهديّة عن الصغير، وإطعام اليتيم، والخصومة عن الميت فيما يدعى عليه وما يدعيه له. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز لكل واحد منهما الانفراد. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا أوصى إليهما وشرط أن لا يقوم أحدهما إلا مع صاحبه فهو كما شرط، وإن أوصى مطلقًا إليهما، فالصحيح عند النَّاصِر وعند سائرهم أنه لا بأس لأحدهما أن يقوم بذلك دون الآخر، سواء أوصى

إليهما أو أوصى إلى كل واحد منهما وحده ما لم يشترط الاجتماع، إلا في بيع المال فإنه لا يجوز عند النَّاصِر إلا بمشورة صاحبه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد إذا أوصى إليه في شيء مدة لم يصر وصيًا بعد انقضاء المدة، وإن أوصى إليه في جهة من التصرف لم يصر وصيًا له في غيره من الجهات. كما إذا أوصى إليه في تفرقة ثلثه وقضاء دينه، فإنه لا يكون وصيًا على أولاده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون وصيًا في كل ما يملكه الموصى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد إذا أوصى إليه في شيء لم يصر وصيًا في غيره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وزيد بن علي والباقر َوَأَحْمَد بن عيسى والهادي والقاسم وأبي العبَّاس وأبي طالب يصير وصيًا على العموم، وكذا لو خصّص لا يتخصص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا أوصى إلى رجل ولم يأذن له أن يوصى، فللوصي أن يتصرف ما عاش، وليس له أن يوصي إلى غيره به. وعند الثَّوْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة للوصي أن يوصى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: أوصيت لك وأذنت لك أن توصى إلى من شئت، أو من وصيت إليه فهو وصى لم يملك الوَصِيَّة في أحد القولين. ويملك في الآخر، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان في الورثة صغير وكبير واحتاج الصغير إلى شيء من التركة، فإنّ للوصي أن يبيع مال الصغير دون مال الكبير، وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الجمع أحظ لهما جاز للوصي بيعه بغير إذن الكبير. وكذا إذا أوصى إليه في تفرقة ثلثه، وكان بيع الكل أحظ باعه، كذا في قضاء الديون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يثبت للجدّ ولاية على الصغار في المال وغيره. وعند مالك وَأَحْمَد ليس للجد ولاية على الصغار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز للوصي أن يخرج نفسه من الوَصِيَّة بعد القبول، سواء كان بحضرة الموصي أو بغيبته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان في حال حياة الموصي جاز أن يخرج نفسه بحضور الموصي، وإن كان بعد موت الموصي أو في غيبته لم يجز له أن يخرج نفسه من الوَصِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قبل الوصي الوَصِيَّة بعد موت الموصي، ثم عزل نفسه انعزل ورفع الأمر إلى الحاكم ليقيم غيره مقامه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة ليس له ذلك بحال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إذا مات الموصي وقبل الوصي الوَصِيَّة لزمت الوَصِيَّة إليه، فلا يملك عزل نفسه، ولا يملك الحاكم عزله، إلا بأن يعجز أو يقر بالعجز، أو يموت فيقيم الحاكم مقامه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يلحق الميت ثواب الدعاء والصدقة. وعند بعض أهل الكلام لا يلحقه بعد موته ثواب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحابهُ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن القراءة والصلاة والذكر لا يلحق الميت ثوابها بفعل الغير، إلا أنه إذا قرئ القرآن عند القبر أو الميت، فإن ثواب القراءة للقارئ، ولكن الرحمة تنزل حيث يقرأ القرآن، ويرجى أن تعم الرحمة الميت، لأنه كالجالس بينهم. وعند أَحْمَد بن حنيل وعَطَاء وإِسْحَاق أنه يلحق الميت ثواب ما يفعل عنه من الصلاة والقراءة والذكر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتقل لسانه فقرئ عنه كتاب الوَصِيَّة فأشار بها صحت الوَصِيَّة، ووجب تنفيذها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا تصح الوَصِيَّة، إلا أن يكون ما يُشار من نطقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بلغ المُولَّى عليه رشيدًا، واختلف هو والولي في دفع المال إليه، فقال الوصي: دفعت إليك المال، وقال المُولَّى عليه لم يدفع إلى المال فالقول قول المولى عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد القول قول الوصي، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف المولَى والأب والجد والحاكم في دفع المال إليه فالقول قول المولَّى عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد القول قول الأب والجد والحاكم. وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز للوصي أن يشتري من مال اليتيم شيئًا لنفسه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة يجوز إذا وكَّل في بيعها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن يشتري بأكثر من ثمن مثله. وعند مالك يشتري بالقيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب وصيته وختم عليها وقال للشهود: اشهدوا عليَّ بما في هذا الكتاب، لم يجز للشهود أن يشهدوا بذلك حتى يعلموا ما فيه ويقرأ عليه فيُقرُّ به.

وعن عبد الملك بن يعلى ومَكْحُول ونُمير بن إبراهيم وَمَالِك بن أنس واللَّيْث بن سعد والْأَوْزَاعِيّ ومُحَمَّد بن مسلمة وأبي عبيد وإِسْحَاق يجوز للشهود أن يشهدوا بذلك، وتجوز هذه الشهادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى الوصي للايتام طَعَامًا، أو كسوة من مال نفسه ليرجع فى مالهم لم يكن له الرجوع في مالهم، وكان متطوّعًا بذلك. وعند أَبِي ثَورٍ وأبي حَنِيفَةَ وأصحابه له الرجوع في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الوَصِيَّة صحيحة فيما لم يعلمه الموصي من ماله. وعند مالك لا تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى له بمن يعتق عليه فقتله في مرض موته عتق. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يرث في المسائل الثلاث. * * *

كتاب العتق

كتاب العتق مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يحتاج اللفظ الصريح في العتق إلى القصد إليه. وعند الْإِمَامِيَّة يحتاج إلى ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يصح العتق مع الغضب الشديد الذي لا يملك معه الاختيار. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يصح العتق على جهة الْيَمِين. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن العتق يصح، وإن لم يقصد به وجه القربة، حتى لو قصد به وجه الإضرار وقع. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقع إلا إذا قصد به وجه الله والقربة إليه، ولم يقصد به غير ذلك من الوجوه، مثل الإضرار، أو ما يخالف القربة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يصح العتق من السكران على أصح الطريقين. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لرقيقه: أنت لله، ونوى العتق عتق. وعند أبي حَنِيفَةَ في إحدى الروايتين لا يعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد إذا قال: كل عبد لي حر عتق عبده المأذون له

فى التجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لم يكن على المأذون دين ونواه عتق، وإن لم يكن له نية لكن عليه دين لم يعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لأمته: طلقتك، أو أنت طالق ونوى العتق عتقت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تعتق وإن نوى، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده: لا سبيل لي عليك، أو لا ملك لي عليك، ونوى به العتق عتق. وعند الزَّيْدِيَّة لا يعتق في الأولى، ويعتق في الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال: آخر عبد اشتريته فهو حر، فاشترى عبدًا، ثم اشترى عبدًا آخر، ثم مات فإن الثاني يعتق وقت الشراء، وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد يعتق قبل موت المولى بلا فصل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأهل المدينة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان عبد بين نفسين، فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان معسرًا بقيمة باقيه عتق نصيبه ورق نصيب شريكه. وإن كان موسرًا بقيمة نصيب شريكه سرى عتقه إلى نصيب شريكه، وعتق عليه، وقوم عليه نصيب شريكه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يسرى، وإنما يستحق إعتاق نصيب الشريك، فإن كان المعتق معسرًا كان المالك للنصيب مخيرًا بين شيئين، بين أن يعتق نصيب نفسه ويكون الولاء منهما، وبين أن يستسعى العبد في قيمة نصيبه، فإذا أدَّاه عتق عليه وكان الولاء بينه وبين شريكه، وإن كان المعتق موسرًا كان شريكه مخيَّرًا بين ثلاثة أشياء: بين أن يعتق نصيبه، وبين أن يستسعى العبد في قيمة نصيبه ويكون الولاء بينهما فى هذين، وبين أن يضمن شريكه المعتق قيمة نصيبه، ويكون جميع الولاء للشريك المعتق، ثم يرجع المعتق في سعاية العبد بما كرمه من قيمته. وعند زفر وبشر المريسي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر أنه تجب السعاية على العبد لشريك مولاه موسرًا كان المولى أو معسرًا، استأذن شريكه في عتقه أم لا. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن أعتقه بإذن شريكه فلا ضمان لشريكه بحال، وإن أعتقه بغير إذن شريكه فعليه الضمان إن كان موسرًا، وإن كان معسرًا سعى العبد للشريك. وعند ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأبي يوسف ومُحَمَّد يسري العتق في الحال بكل حال، فإن كان المعتق موسرًا غرم قيمة نصيب شريكه، وإن كان معسرًا استسعى العبد في قيمة نصيبه. وقال ابن المنذر وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ: فإذا استسعى العبد في نصف قيمته، ثم أيسر المعتق رجع عليه بنصف القيمة. وعند رَبِيعَة لا يعتق نصيب الشريك بحال إلا أن يرضى الشريك. وعند

عثمان البتي لا يعتق نصيب الشريك بحال. وعند الْإِمَامِيَّة يعتق نصيب المعتق، فإن كان موسرًا طولب بشراء حصة شريكه، فإذا اشتراها عتق جميع العبد. وإن كان المعتق معسرًا استسعى العبد في باقي ثمنه، فإن أدَّاها عتق جميعه، فإن عجز العبد عن التكسب والسعاية كان بعضه حرًا وبعضه رقيقًا، وخدم مالكه بحساب رقه، ويتصرف لنفسه بحساب ما عتق منه. وأجرى الْإِمَامِيَّة هذا الحكم في تدبير نصيبه من العبد المشترك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ متى يعتق نصيب الشريك؟ فيه ثلاثة أقوال: أصحها: يعتق بنفس اللفظ، وبه قال أَحْمَد وأبو يوسف ومُحَمَّد والثَّوْرِيّ. والثاني: يعتق في حالة واحدة بدفع القيمة، وبه قال مالك. والثالث أنه مراعى، فإن أدّى القيمة تبيَّنا أن العتق وقع في الحال، وإن لم يؤد القيمة تبيَّنا أن العتق لم يقع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق الشريك نصيبه من العبد قبل أن يدفع القيمة إليه لم يصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، وبه قال ابن أبي هريرة من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قال لعبده: إن بعتك فأنت حر، فمتى باعه عتق في الحال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند يَحْيَى إذا باعه استقاله، فإن أقاله وإلا ابتاعه، ثم أعتقه. وعند الآخرين أن ذلك مستحب لا على سبيل الوجوب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومن الزَّيْدِيَّة الهادي أنه إذا باعه بيعًا فاسدًا عتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق مسلم عبدًا كافرًا يلحق بدار الحرب، وظهر المسلمون على دار الحرب لم يكن لهم أن يسترقوه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لهم ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان عبد بين ثلاثة أنفس لأحدهم نصفه، وللآخر ثلثه، وللآخر سدسه، فأعتق صاحب النصف والسدس في حالة واحدة سرى إلى نصيب الثالث، وضمناه بالسوية. وعند مالك في إحدى الروايتين يضمنا على قدر الإملاك، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق في مرضه المخوّف عبدًا اعتبر من ثلثه. وعند مَسْرُوق يعتبر من رأس المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا قال لعبده: أنت حر وعليك ألف عتق العبد ولم يلزمه شيء، وإذا قال لعبده: أنت حرٌّ على ألفٍ، فقبل العبد عتق

وعليه الألف، وإن لم يقبل لم يعتق. وعند أَحْمَد يعتق في المسألتين جميعًا، ولا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد بن الحسن إذا جعل العوض في خدمته شهر، ثم مات قبل كمال المدة فعليه قيمة ما بقي من الخدمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يؤخذ العبد بما بقي من الشهر من قيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لعبده: أنت حرٌّ كيف شئت عتق في الحال. وعند أَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد لا يعتق حتى يشاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في إحدى الروايتين إذا أعتق شركًا في عبد في مرض موته، عتق نصيبه من ثلث تركته، وقوّم عليه نصيب شريكه إن احتمله الثلث، وإن لم يحتمله عتق منه بقدر ما يحتمله. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين لا يقوَّم عليه نصيب شريكه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا قال لأمته: إذا ولدت ولدًا فهو حر فولدت ولدًا حيًا عتق، وإن ولدت ولدًا آخر بعده لم يعتق. وإن ولدت ولدًا ميتًا انحلت الصفة به، فإذا ولدت حيًا لم يعتق هذا الحي الثاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يعتق، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عَلَّق عتق عبده بعضو من أعضائه كيدٍ أو رجلٍ أو غير ذلك، بأن قال: يدك، أو رجلك، أو سائر أعضائك حر عتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا كان العضو يعبر به عن الجملة كالرأس والفرج وقع العتق، وإلاَّ لم يقع. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقع العتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من أعتق عبدًا كافرًا نفذ عتقه. وعند الْإِمَامِيَّة لا ينقذ عتقه. والخلاف المذكور بين هؤلاء الأئمة فيما ذكر في العتق في هذه المسألة جاز فى نظيره في باب التدبير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا كان عبده مقيدًا فحلف سيّده بعتقه أنّ فى قيده عشرة أرطال، وحَلف بعتقه أنه لا يحلّه، ولا أحد من الناس، فشهد شاهدان عند الحاكم أن قيد العبد فيه خمسة أرطال، فحكم الحاكم بعتقه وَحَلَّ القيد فوجد فيه عشرة أرطال، فإن العبد يعتق، ولا يغرم الحاكم ولا الشهود شيئًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب

على الشهود قيمة العبد، وبناه على أصلهِ أن حكم الحاكم ينفذ في الباطن، وإن كانوا شهود زور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان له أعبد، فأعتق واحدًا منهم لا يعينه، وكان له أن يعيّن العتق في أيهم شاء. وعند أَحْمَد يقرع بين العبيد، فمن خرجت عليه القرعة عتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عقد العتاق قبل الملك بأن قال: كل عبد أملكه فهو حر لم تنعقد هذه الصفة، ولا يعتق ما يملكه. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا يدخل في ذلك ما يملكه بعد عتقه. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يعتق ما يملكه بعد الحريّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة العلماء إذا ملك أحد والديه وإن علا، أو أحد ولده وإن سفل عتق عليه. وعند داود لا يعتق عليه بالملك أحد ممن ذكر، ولا من غيرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود إذا ملك سوى الوالدين والمولدين من سائر القرابة لم يعتق عليه. وعند مالك يعتق عليه الإخوة والأخوات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يعتق عليه كل ذي رحم محرم بالنسب، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء إذا ولدت المرأة ولدًا من الزنا، ثم ملكه الزاني بها لم يعتق عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى له بمن يعتق عليه، أو وهب له، أو قدر على شرائه استحبّ له أن يقبل الوَصِيَّة أو الهبة، أو يشتريه ليعتق عليه. ولا يجب عليه ذلك. وعند بعض الناس يجب عليه قبول الوَصِيَّة أو الهبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لعبده الذي هو أكبر منه سنًا هو ابني لم يعتق عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق عليه ولا يثبت نسبه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى نصف والده أو نصف ولده عتق عليه ما اشتراه وقوّم عليه نصيب شريكه ان كان موسرًا وعتق جميعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق جميعه، ولا يغرم لشريكه شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لأمتيه إحداكما حرة، فوطئ إحداهما كان تعيينًا للعتق في الأخرى، واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من

الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى لا يكون تعيينًا للعتق في الأخرى، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لملوكه أنت حر إن شاء اللَّه تعالى لم يعتق عدلاً كان أو فاسقًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يعتق إن كان فاسقًا، وإن كان عدلاً عتق، وهو الأصح عند النَّاصِر منهم أيضًا. * * *

باب القرعة

باب القرعة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وابن سِيرِينَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أعتق ستة أعبد في مرضه المخوَّف في حالة واحدة ولا مال له غيرهم، ولم يجز الورثة فإنهم يجزَّأون ثلاثة أجزاء، جزءًا للعتق، وجزأين للرق، فيقرع بينهما فمن خرجت عليه قرعة الرق عتق، ورق الأربعة الباقون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقرع بينهم، بل يعتق من كل واحد منهم ثلاثة، ويستسعى كل واحد منهم في قيمة باقيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح عتق الحربي لعبده الكافر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر، ثم باعه، ثم اشتراه، ودخل الدار لم يعتق في أحد القولين، وإن وجدت الصفة بعد زوال ملكه لم يعتق قولًا واحدًا. وعند أَحْمَد عكس ذلك، وهو أنه إذا باعه وعاد إلى ملكه عادت الْيَمِين رِوَايَة واحدة. وإن وجدت الصفة ففي عود الْيَمِين رِوَايَتَانِ، وأظهرهما العود، والأخرى لا يعود، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وروى عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه يعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال في صحته لعبده إن دخلت الدار فأنت حر، فدخل الدار في مرضه الذي مات فيه عتق من رأس المال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق من ثلثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عتق عبده في المرض وعليه دين يستغرقه لم ينفذ العتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينفذ العتق، ويستسعى العبد بقيمة الدين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أعتق ثلاثة مملوكين له في مرض موته ولا مال له غيرهم، ثم مات أحدهم قبل موت السيّد، أقرع بين الجميع ويخرج أحدهم بالقرعة. وعند مالك يقرع بين الحيين، ويجعل كأنَّ له غيرهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لعبده أنت حر وهذه البهيمة، أو قال: أحدهما حر عتق عبده. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يعتق. ً* * *

باب المدبر

باب المدبَّر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يصح من السيّد تدبير عبده، سواء قصد السيّد القربة أم لا، وسواء كان في حال الغضب أو السكر، أو على جهة الْيَمِين. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح إلا مع القصد إليه والاختيار له، ولا يقع مع الغضب أو الإكراه، أو السكر، أو على جهة الْيَمِين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وابن المسيب والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَمَالِك وأبي حَنِيفَةَ وأصحابه والْأَوْزَاعِيّ والحسن بن حُيي يعتبر عتق المدبَّر من الثلث. وعند ابن مسعود وسعيد بن جبير ومَسْرُوق والنَّخَعِيّ وداود وزفر واللَّيْث بن سعد وشريح يعتبر من رأس المال. وعند الْإِمَامِيَّة إن كان التدبير واجبًا فهو من رأس المال، وإن كان تطوعًا فهو من الثلث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صحّة تدبير الصبي المميز ووصيته قَوْلَانِ: أحدهما لا يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، واختاره الْمُزَنِي. والثاني يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دبَّر أحد الشريكين نصيبه لم يسر إلى نصيب شريكه في أحد القولين، ويسرى في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند الْإِمَامِيَّة الحكم فيه كالحكم فيما ذكروه في عتق نصيبه من العبد المشترك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان عبد بين شريكين فدبَّراه فأعتق أحدهما نصيبه فهل يسري إلى نصيب شريكه قَوْلَانِ: أحدهما يسري والثاني لا يسري، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وبناه على أصله أنه لا يباع. مسألة: عند الشَّافِعِيِّ وعائشة وعمر بن عبد العزيز وطاوس ومجاهد وإِسْحَاق

وعثمان البتّي وإحدى الروايتين عن أَحْمَد يجوز بيع المدبَّر وهبته ووقفه، سواء كان التدبير مطلقًا أو مقيدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز بيعه إذا كان مطلقًا، ويجوز إذا كان مقيًّدًا. وروى عن أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا أنه لا يجوز بيعه سواء كان مطلقًا أو مقيَّدًا، وبه قال ابن أبي ليلى وسائر أهل الكوفة والحسن بن حُيي. وعند مالك لا يجوز بيعه مطلقًا كان أو مقيدًا في حال الحياة ويجوز بعد الموت في الدين، فإن لم يكن عليه دين فهو كسائر العطايا يعتبر من الثلث، حتى قال مالك: إذا باع المدبرة فأعتقها فالعتق جائز، وينتقض التبدير والولاء للمعتق. وكذلك إن وطئها فحملت منه صارت أم ولد وبطل التدبير. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يباع المدبَّر إلا من نفسه، أو من رجل يعجَّل عتقه ووَلاؤه لمن اشتراه ما دام الأول حَيًا، فإذا مات الأول رجع الولاء إلى ورثته. وعند الْإِمَامِيَّة إن كان التدبير تطوعًا أو تبرعًا جاز بيعه بكل حالٍ في دين أو غيره، وإن كان التدبير واجبًا بأن نذره فقال: إن برئتُ من مرضي، أو قدم غائبي دبَّرت، فوجد ذلك لم يجز بيعه. وعند أَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى يجوز بيعه في الدين خاصة. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في ولد المدبَّرة إذا حدث بعد التدبير على قولَيْن: أحدهما يتبعها في العتق، وبه قال عمر وابن عمر وابن مسعود وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة. والثاني لا يتبعها، وبه قال جابر ابن زيد واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل حربي إلى دار الْإِسْلَام بأمان ومعه عبد فدبَّره، ثم أسلم العبد، وعاد الحربي إلى دار الحرب لم يكن له رده إلى دار الحرب. وهل يجبر على بيعه؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجبر على بيعه، والثاني لا يجبر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ على أصله أن المدبّر لا يجوز بيعه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لو قال: إذا شئت فأنت حر إذا متُّ كان تدبيرًا معتبرًا بالمشيئة، والمشيئة على الفور. وهل يعتبر في الفور مشيئة الترك أو مشيئة التخيير؟ وجهان: أحدهما: مشيئة الفور، والثاني: مشيئة المجلس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك َوَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز للسيّد تدبير عبده الكافر. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز. * * *

كتاب المكاتب

كتاب المكاتب مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز للسيّد أن يكاتب عبده الكافر. وعند

الْإِمَامِيَّة لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وَأَحْمَد وكافّة العلماء لا يجب على السيّد أن يكاتب عبده، وإن سأله الكتابة. وعند عَطَاء وعمرو بن دينار والضحاك وأَبِي حَنِيفَةَ وداود يجب عليه أن يكاتبه. واختاره أبو بكر من الحنابلة، وحكاه عن أَحْمَد أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح كتابة الصبي والمجنون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح كتابة الصبي المميّز.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وعمرو بن دينار أن المراد بقوله عز وجل (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) الاكتساب والأمانة وعند ابن عَبَّاسٍ وابن عمر وعَطَاء ومجاهد أن المراد به الاكتساب خاصة. وعند الحسن البصري والثَّوْرِيّ أنه الأمانة والدِّين خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عدم الكسب والأمانة في العبد لم تكره مكاتبته. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وابن عمر وسليمان ومَسْرُوق إذا عدم الكسب كرهت مكاتبته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر من الحنابلة لا يصح أن يجعل العبد المطلق عوضًا فى الكتابة. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح الكتابة حتى يتلفظ بالعتق أو النية. وعند أبي إِسْحَاق من الشَّافِعِيَّة إن كان فقيهًا لم يحتج إلى نية العتق، وإن لم يكن فقيهًا احتاج إليها. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تفتقر إلى ذلك، وهذا الخلاف جميعه جارٍ في لفظ التدبير، هل هو صريح أو كتابة يحتاج إلى النية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان عبد بين شريكين فكاتبه أحدهما في نصيبه منه بغير إذن شريكه لم تصح الكتابة. وعند الحكم وابن أبي ليلى والعنبري والحسن بن صالح وَأَحْمَد يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتبه بإذن شريكه فقَوْلَانِ: أحدهما: لا تصح، واختاره الْمُزَنِي، والثاني: تصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: يتضمَّن إذنه أن يؤدي مال الكتابة من جميع كسبه ولا يرجع الإذن في شيء منه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا أذن له صار جميعه مكاتبًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك في رِوَايَة لا تصح الكتابة الحالة ولا تصح إلا

مؤجّلاً، وأقله نجمان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب والداعي عن يَحْيَى. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تصح الكتابة الحالة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيَّد عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز شرط خيار الثلاث في الكتابة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يكاتب أمته، ويستثني ما في بطنها. وعند النَّخَعِيّ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يكاتب نصف عبده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يجعل العمل المطلق عوضًا في الكتابة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتبه على خدمة شهر ودينار، وشرط أن يكون الدينار قبل الشهر لم يصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب ثلاثة أعبد على عوض واحد لم يجز ذلك. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز. وهو قول أيضًا للشافعي، فعلى هذا يكون المسمّى مقسومًا عليهم على قدر قيمتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا تصح كتابة الأعبد على عوض واحد، فأدى واحد منهم ما يخصه عتق، ولا يصير كل واحد منهم ضامنًا عن الباقين. وإن شرط في العقد أن يضمن كل واحد منهم عن الباقين فسدت الكتابة، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، لكن أَحْمَد يقول: إذا حكمنا ببطلان الشرط لم تبطل الكتابة به. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يصير كل واحد منهم ضامنًا عن الباقين، ولا يعتق واحد منهم إلا بأداء جميع المال. وإذا شرط في العقد أن يضمن كل واحد منهم عن الباقين لم يفسد العقد. وعند مالك أيضًا إذا امتنع أحدهم عن اكتساب وهو مكتسب أجبره الباقون على الاكتساب، وإذا أعتق السيّد أحدهم وهو مكتسب لم ينفذ عتقه، وإن لم يكن مكتسبًا نفذ عتقه. وعند مالك أيضًا إذا جنى واحد منهم لزم الباقين أن يضمنوا معه أرش جنايته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للولي أن يكاتب عبد المُولَّى عليه ولا يعتقه على مال،

وسواء كان الولي أبًا أو جدًا أو حاكمًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد للولي أن يكاتب عبد المُولَّى عليه، وراد أَحْمَد له عتقه على مالٍ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب حاضرًا أو غائبًا فقبل الحاضر عن الغائب لم تصح الكتابة في حق الغائب، وفي حق الحاضر قَوْلَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح في حق الغائب، ويكون المال على الحاضر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب اثنان عبْدًا وَجَبَ أن يكون العوض بينهما على قدر ملكيهما، ولا يجوز أن يتفاضلا في العوض مع تساوى الملكين، ولا يتساويا في العوض مع اختلاف الملكين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز ذلك كله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ والبتي ومالك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث بن سعد أن المكاتب عبْد ما بقي عليه من كتابته درهم، حتى إذا شرط السيّد على مكاتبه أنه متى بقي عليه من مال الكتابة شيء رَجَعَ رقيقًا صح الشرط. ولو شرط عليه أنه إذا بقي عليه شيء عتق منه بقدر ما أدى وبقي باقيه رقيقًا لم يصح الشرط. وإن أطلق ولم يشرط شيئًا وأدى البعض كان رقيقًا، ولا يعتق منه بقدر ما أدى. وعند الثَّوْرِيّ إذا أدَّى المكاتب النصف أو الثلث من كتابته فلا يرد إلى الرق. وعند الشعبي وشريح وعبد الله إذا أدَّى الثلث فهو غريم. وعند عبد الله أيضًا إذا أدَّى المكاتب قيمة رقبته فهو غريم. وعند الْإِمَامِيَّة إذا شرط عليه السيّد أنه إذا بقي عليه من مال الكتابة شيء رجع رقيقًا كان الشرط صحيحًا، وإن شرط عليه أنه متى أدى البعض وبقى البعض عتق منه بقدر ما أدّى صحّ الشرط، وبقى الباقي رقيقًا، وإن لم يشرط شيئًا من ذلك بل أطلق وأدّى المكاتب البعض عتق منه بقدر ما أدى وبقي الباقي رقيقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وزيد بن ثابت وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين إذا مات المكاتب وقد بقي عليه شيء من مال الكتابة مات رقيقًا، وكان جميع ما خلفه للمولى، سواء خلَّف وفاءً بما عليه أو لم يخلف. وعند كافة الزَّيْدِيَّة يعتق منه بقدر ما أدّى، ويورث عنه، ويبقى رقيقًا فيما لم يؤد ولا يورث عنه. وعند عَطَاء وطاوس والنَّخَعِيّ والحسن بن صالح بن حيي وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إن خلَّف وفاءً بما عليه لم تنفسخ بالكتابة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا خلف وفاءً أدّى عنه مال الكتابة، وعتق في آخر جزء من أجزاء حياته، وإن لم يخلف وفاءً حكم الحاكم بعجزه، وانفسخت الكتابة، وبهذا قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وهو رِوَايَة عن أَحْمَد أيضًا. وَمَالِك يقول:

إن كان له ولد حر انفسخت الكتابة، وإن كان مملوكًا للمكاتب دخل معه في الكتابة أجبر على دفع المال إن كان له مال، وإن لم يكن له مال أجبر على الاكتساب والأداء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يملك المكاتب فسخ الكتابة متى شاء. وعند بعض أصحابه ليس له ذلك، وقطع به المحاملي من أصحابه أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ لا يملك إذا كان معه وفاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب الذمي عبده الكافر كتابة صحيحة في شرعنا صحت وعتق المكاتب بأداء ما كوتب عليه، وإن كانت فاسدة في شرعنا كما إذا كاتبه على خمر أو خنزير وما أشبهه فإن تقابضا قبل الْإِسْلَام نفذ ذلك وعتق المكاتب، وإن لم يتقابضا قبل الْإِسْلَام وتقابضا بعده عتق المكاتب بالصفة وثبت التراجع بينهما، كالكتابة الفاسدة بين المسلمين، وإن تقابضا البعض في الْإِسْلَام والبعض قبله حُكم بفساد الكتابة وعتق المكاتب بالصفة وثبت التراجع بينهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كاتبه على خمر ثم أسلم لم يبطل العقد ويؤدى إليه قيمة الخمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب الحربي عبده صحت الكتابة. وعند مالك لا يملك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ملكه ناقص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كتابة المرتد في حال الردّة صحيحة على أحد القولين، وبه قال أبو يوسف. والقول الثاني ليست بصحيحة، فإذا قلنا بصحتها ثم قُتل على الردة بطلت، وبه قال أحمد. وعند مُحَمَّد هي بمثابة كتابة المريض. * * *

باب ما يملكه المكاتب وما لا يملكه

باب ما يملكه المكاتب وما لا يملكه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صحة هبة المكاتب لعين من أعيان المال قَوْلَانِ: أحدهما: يصح، وبه قال أحمد. والثاني: لا يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للمكاتب أن يشتري من يعتق عليه كوالده أو ولده بغير إذن سيّده. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجوز له شراؤهما ولا يجوز له بيعهما. وقال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه فيمن عداهما ممن يعتق عليه برحمٍ كالأخ والعم ويجوز له بيعهم. وعندَهُ وصاحبيه أيضًا يجوز أن يشتري من يعتق عليه بإذن سيّده، وإذا اشتراه دخل في كتابته، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للمكاتب أن يعتق ولا يكاتب بغير إذن سيّده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن يكاتب ولا يعتق. وعند أَحْمَد يجوز له أن يكاتب ويعتق على مال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن السيّد للمكاتب في العتق أو الكتابة وقلنا يصح ذلك فأعتق وأدَّى المكاتب عتق، وفي ولائه قَوْلَانِ: أحدهما: يكون للسيد؟ والثاني: يكون موقوفًا بين السيّد والمكاتب، فإن أدَّى المكاتب المال عتق ويكون ولاؤه له، وإن عجز ورجع إلى الرق كان ولاؤه للسيّد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك. وعند أَحْمَد يكون ولاء الثاني للسيّد الأول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا شرط على مكاتبه أن لا يأخذ الصدقة فالشرط ساقط. وعند مالك وَأَحْمَد الشرط لازم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا وطئ السيّد مكاتبته أثم وعصى ولا حد عليه سواء علم بالتحريم أم لا. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ يجب عليه الحدّ إذا علم تحريم وطئها. وعند الزُّهْرِيّ أيضًا يجلد مائة بكرًا كان أو ثيبًا. وعند قتادة يجلد مائة سوط إلا سوطًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شرط في الكتابة وطء المكاتبة لم يصح الشرط ولا العقد. وعند مالك يصح العقد ويبطل الشرط. وعند سعيد بن المسيب وَأَحْمَد يصح العقد والشرط جميعًا. وعند بعض الناس، للسيّد أن يطأ مكاتبته من غير شرط في

الأوقات التي لا يشغلها بالوطء عن السعي فيما هي فيه. وعند اللَّيْث إن طاوعته تبطل كتابتها وعادت إلى الرق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئها في هذا العقد الفاسد وكانا جاهلين بالتحريم لم يجب عليه الحد. وعند بعض أصحابه إن طاوعته لم يجب عليه المهر، وإن أكرهها وجب عليه المهر. وعند مالك لا مهر عليه بكل حال. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن كاتب بكرًا فعليه عشر قيمتها، وإن كاتب ثيبًا فعليه نصف العشر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ولد المكاتبة من زوج أو زنا مملوك لا يسري إليه عقد الكتابة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسري إليه عقد الكتابة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ولد ولد المكاتبة حكمه حكم ولد المكاتبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتبع أمه ولا يتبع جدته. وعند أيى يوسف ومُحَمَّد ولد البنت يكون داخلاً في كتابة جدته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ السيّد المكاتبة فحملت صارت أم ولد له، ولا تبطل كتابتها. وعند الحكم بن عُتيبة تبطل كتابتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يملك المكاتب تزويج أمته بغير إذن السيّد. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ يملك ذلك، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للسيّد في ذمّة المكاتب دين من غير مال الكتابة كثمن مبيع أو أرش جناية فباعه على أجنبي لم يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط السيّد على المكاتبة أن يكون ما تلده مملوكًا له فيبنى على القولين، فإن قلنا: إن ما تلده مملوكًا له جاز الشرط، وإن قلنا: يكون موقوفًا على كتابتها يعتق بعتقها ويرق برقها لم يصح الشرط وتفسد الكتابة. وعند عَطَاء وابن جريج يصح الشرط. وعند الثَّوْرِيّ يبطل الشرط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود الإيتاء واجب في الكتابة، وهو أن يدفع السيّد إلى المكاتب من مال الكتابة شيئًا أو يبرأه منه وليس ذلك بمقدَّر. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هو مستحب وليس بواجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ الإيتاء مقدَّر ويجري فيه ما يقع عليه الاسم من

قليل وكثير. وعند إِسْحَاق وَأَحْمَد قدره ربع الكتابة، واستحسنه الثَّوْرِيّ. وروى عن على أيضًا. وعند قتادة قدره عشر كتابته. وعند أسيد بن حضير سدس كتابته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل للمكاتب أن يسافر السفر الطويل أو القصير؟ فيه قَوْلَانِ: أحدهما: ليس له ذلك، والثاني: له ذلك، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح تزويج المكاتب بغير إذن سيّده. وعند الثَّوْرِيّ يصح ويكون موقوفًا، فإن أدَّى كتابته جاز النكاح، وإن عجز بطل النكاح. وعند الحسن بن صالح بن حُيي له أن يتزوج ويتسرَّى وليس للسيد منعه من ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح للمكاتب أن يكاتب عبده بغير إذن سيّده وعند أبي حَنِيفَةَ يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح كفالة المكاتب. وعند مالك تصح، إلا أن للسيد إبطالها قبل عتقه، فإن لم يبطلها حتى عتق لزمت في حق العبد. * * *

باب الأداء والعجز

باب الأداء والعجز مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وزيد بن ثابت وعائشة وأم سلمة وابن المسيب والحسن والزُّهْرِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يعتق المكاتب ولا شيء منه بالكتابة حتى يؤدي جميع الكتابة. وعند ابن مسعود إذا أدَّى قيمته عتق وكان زعيمًا بالباقي بعد عتقه. وعند علي رِوَايَتَانِ: إحداهما: أنه إذا أدّى نصف ما عليه عتق كله وطولب بالباقي، والثانية: أنه يعتق منه بقدر ما يؤدّي. وعند شريح إذا أدّى ثلث ما عليه عتق كله وأدّى الباقي في حال حريته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أبرأ أحد الوارثين المكاتب من نصيبه برئ وعتق نصيبه، وكذا إذا أعتقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعتق إلا بأداء جميع مال الكتابة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب اثنان عندهما كتابة صحيحة فقبض أحدهما أكثر من حصته بغير إذن شريكه لم يصح القبض وكان لشريكه أن يرجع بما قبض من حصّته، وإن قبض ذلك بإذن شريكه ففي صحة القبض قَوْلَانِ: أحدهما: لا يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ واختاره الْمُزَنِي، والثاني: يصح قبضه وهو الأصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وزفر إذا كاتبه على ألف في نجمين إلى أجلين فجاءه بخمسمائة قبل المحل ثم قال خذ هذه على أن تبرئني من الخمسمائة الأخرى ففعل، أو قال له السيّد: عجَّل لي خمسمائة حتى أبرئك عن الباقي أو صالحني على خمسمائة معجلة لم يصح القبض ولا الصلح ولا الإبراء ولا يعتق العبد بذلك. وعند أَحْمَد والنَّخَعِيّ ورَبِيعَة وعبد الله بن هرم والزُّهْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلَّ نجم المكاتب وعجز عما عليه كان للسيد فسخ الكتابة. وعند ابن أبي ليلى، والحكم والحسن بن صالح وأَبِي يُوسُفَ ليس للسيد الفسخ حتى يتوالى عليه نجمان وعند الحسن يستسعى بعد عجزه سنتين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يستسعى به شهرين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز للمكاتب أن يعجز نفسه مع القدرة على الأداء، وللسيّد تعجيزه إذا امتنع على الأداء ويرده إلى الرق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع نجوم الكتابة التي في ذمة العبد. وعند مالك

يجوز. وهو قول للشافعي أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيعها من المكاتب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع رقبة المكاتب في قوله الجديد، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. ويجوز في قوله القديم، وبه قال عَطَاء والنَّخَعِيّ وَأَحْمَد. وعند الزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وأَبِي يُوسُفَ يجوز بإذن المكاتب ولا يجوز بغير إذنه. وحكى ابن المنذر عن مالك أنه قال: المكاتب أحق باشتراء كتابته ممن اشتراه إذا نوى أن يؤدي إلى سيّده الثمن الذي بيع به. وعند الْأَوْزَاعِيّ يكره بيع المكاتب للخدمة ولا بأس ببيعه للعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإذا أقرَّ المكاتب بجناية الخطإ لم تقبل في الحال في أحد القولين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقبل في الحال. فإن عجز تأخَّر إلى أن يعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القصاص في قتل عبد المكاتب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح ضمان مال الكتابة. وعند ابن أبي ليلى والزُّهْرِيّ وإِسْحَاق يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح أن يشترط المولى على المكاتب أن يخدمه مدّة بعد العتق. وعند عَطَاء وابن شُبْرُمَةَ يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحابه إذا عجل المكاتب نجومة قبل محلها نظر، فإن كان مما يخشى عليه التلف أو لنقله مؤنة لم يلزم السيّد قبوله، وإن كان مما لا يخشى عليه التلف ولا لنقله مؤنة كالدراهم والدنانير والصفر والنحاس والرصاص وغير ذلك، فإن كان البلد آمنًا لزمه قبوله، وإن كان خائفًا يخاف نهبه، فإن كان حال العقد آمنًا لم يلزمه قبوله، وإن كان حال العقد مخوفًا فوجهان: أحدهما يلزمه قبوله، والثاني لا يلزمُه. وعند رَبِيعَة والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يلزمه قبوله بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز المكاتب وفي يده فضل من المال فهو للمولى. وعند شريح ومَسْرُوق والنَّخَعِيّ يجعل السيّد ما أعطاه الناس في الرقاب. وعند إِسْحَاق ما أعطى في حال الكتابة يرد على أربابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز المكاتب وعليه ديون قضيت الديون مما في يده، فإن لم يكن في يده شيء أتبع بها إذا أعتق ولا يتعلَّق برقبته. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق

وأَبِي حَنِيفَةَ تتعلق الديون برقبته، فإن شاء السيّد فداه وإلا سلمه للغرماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز المكاتب كان للسيد فسخ الكتابة بنفسه ولا يفتقر إلى الحاكم. وعند ابن أبي ليلى وَمَالِك لا يجوز عجزه إلا عند السلطان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى المكاتب جناية توجب المال وعجز بيع فيها إن لم يفده المولى في أحد القولين، وبه قال أحمد. والثاني: تبقى كتابته موقوفة إن أدّى لزمت، وإن عجز بطلت حتى يعتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه في الكتابة أن يستسعى فيها ولا تبطل كتابته، فإن عجز بطلت، سواء قضى بها حاكم أو لم يقض. وعند الحسن والزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ تتعلق برقبته. وعند اللَّيْث إن كانت جنايته أكثر من كتابته أو مثلها بطلت كتابته وسلم إلى المجني عليه، وإن كانت جنايته أقل من كتابته سعى فيها ولم تبطل كتابته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتبه على عوض فأفاد إليه العوض وعتق ثم وجد السيّد بالعوض عيبًا كان له الرد بالعيب، وإذا ردّه بذلك بطل العتق وعاد إلى الرق. وعند أَحْمَد لا يبطل العتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى الكافر العبد المسلم وقلنا إنه يصح شراؤه وبجبر على إزالة ملكه وكاتبه فقَوْلَانِ: أحدهما: لا تصح الكتابة، والثاني: تصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب عبده وله مال فماله لسيده. وعند الحسن وعَطَاء وعمرو بن دينار وابن أبي ليلى والنَّخَعِيّ وَمَالِك وسليمان بن موسى هو للعبد. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن لم يستبقه فهو للمكاتب. وإن استبقاه فهو للسيد. * * *

باب الكتابة الفاسدة

باب الكتابة الفاسدة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب عبده كتابةً فاسدة ومات السيّد بطلت الصفة، فإذا أدّى المكاتب إلى وارث السيّد لم يعتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان فساد الكتابة لكون العوض خمرًا أو خنزيرًا عتق بأدائه إلى السيّد لوجود الصفة ويرجع عليه السيّد بقيمة نفسه، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد لا يرجع عليه بشيء. * * *

باب اختلاف المولى والمكاتب

باب اختلاف المولى والمكاتب مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا اختلف السيّد والمكاتب في قدر العوض أو الأجل والنجوم، ولا بينة لواحد منهما تحالفا على النفي والإثبات كتحالف المتبايعين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أبي قاسم القول قول المكاتب. وعن أَحْمَد ثلاث روايات: إحداهن: كقول الشَّافِعِيّ، والثانية: كقول أَبِي حَنِيفَةَ، وبها قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والثالثة: القول للسيّد، وبها قال الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات السيّد وخلف اثنين فادّعى العبد أنه مكاتب فصدقه أحدهما وكذبه الآخر، ولم يكن للمكاتب بينة وحلف الذي كذبه كان النصف الذي كذبه رقيقًا والنصف الذي صدقه مكاتبًا، ويكون كسبه بينهما، وإن طلب أحدهما المهاياة لم يلزم الآخر إجابته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب المهايأة فإذا طلب أحدهما المهايأة وامتنع الآخر أجبر الممتنع على المهايأة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اشترى المكاتب زوجته من سيّده أو من غيره انفسخ نكاحها، وكذا إذا اشترت المكاتبة زوجها انفسخ نكاحها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينفسخ النكاح في الصورتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زوَّج الرجل ابنته من مكاتبه برضاها، ثم مات السيّد قبل أن يعتق المكاتب، فإن لم ترث هذه من أبيها بأن كانت ذميّة أو قاتلة فالنكاح بحاله، وإن ورثت من أبيها شيئًا انفسخ نكاحها لانتقال الملك في المكاتب إلى الورثة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينتقل إلى الورثة ولا ينفسخ النكاح. * * *

كتاب عتق أمهات الأولاد

كتاب عتق أمهات الأولاد مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد، وبه قال عمر وعثمان وعائشة وعامة الفقهاء وسائر الزَّيْدِيَّة إذا علقت الأمة من سيدها ثبت لها حكم الاستيلاد ولم يجز بيعها ولا هبتها ولا رهنها، وإذا مات عتقت من رأس المال. وعند ابن عباس وعلي وابن الزبير وجابر وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود والوليد بن عقبة وسويد بن غفلة وعمر بن عبد العزيز ومُحَمَّد بن سِيرِينَ وابن الزبير وعبد الملك بن يعلى واللَّيْث بن سعد وداود والشيعة أنه يجوز بيْعها، وهو قول للشافعي أيضًا، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وجعفر الصادق ومُحَمَّد بن علي. وعند ابن عَبَّاسٍ أيضًا رِوَايَتَانِ: إحداهما: أنها كشاتك وبعيرك، والثانية: أنه قال: تجعل في سهم الولد تعتق عليه. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز بيعها بعد وفاة ولدها ولا يجوز وولدها حي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا علقت بمملوك في غير ملك من زوج أو زنا لم تصر أم ولد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه تصير أم ولد له إذا ملكها ولحقه نسب ولدها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا أبو طالب عن يَحْيَى. وعند المؤيَّد منهم عن يَحْيَى أيضًا إن ملكها وهي حامل منه صارت أم ولد له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تزوج أمة وأحْبلها واشتراها وهي حامل لم تصر أم ولد له. وعند مالك إن اشتراها حاملاً ووضعت في ملكه صارت أم ولد له، وإن اشتراها بعد ما ولدت لم تصر أم ولد له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وضعت الأمة ما لم يتبين فيه صورة آدمي فشهد أربع نسوة من القوابل الثقات أن فيه صورة خفية ثبت لها حكم الاستيلاد. وإن قلن ليس فيه صورة إلا أنه مبتدأ خلق آدمي ولو بقي لتصور فطريقان: لا يثبت حكم الاستيلاد قولاً واحدا. وقَوْلَانِ: أحدهما: هذا، والثاني: يثبت ذلك. وعند حماد والْأَوْزَاعِيّ إذا وضعت مضغة ثبت لها حكم الاستيلاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يملك السيّد تزويج أم ولده؟ فيه ثلاثة أقول: أصحها:

يملك ذلك برضاها وغير رضاها، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد، وكذا مالك في رِوَايَة. والثاني: يملك برضاها ولا يملك بغير رضاها. والثالث: لا يملك ذلك بكل حال، وبه قال مالك في الرِوَايَة الأخرى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أسلمت أم ولدٍ نصراني فإنه يحال بينه وبينها، وتجعل على يد امرأة ثقة وتنفق عليها من كسبها، فإن لم يفِ كسبها بنفقتها كُلفت الأمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد في إحدى الروايتين تعتق وتستسعى بقيمتها. وعند مالك رِوَايَتَانِ إحداهما: تعتق في الحال ولا شيء عليها، والثانية: تباع. وعند الْأَوْزَاعِيّ تقوَّم وتؤدي شطر قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استولد المكاتب أمته لم يملك بيعها وكانت موقوفة على عتقه في أحد القولين، وبه قال أحمد، والثاني: يملك بيعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ الأب جارية ابنه فأحبلها صارت أم ولد له في أحد القولين، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ ويجب عليه قيمتها ومهر مثلها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه مهرها ويجب عليه قيمتها. وعند أَحْمَد لا يجب مهرها ولا قيمتها ولا تصير أم ولد له في القول الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خلَّى السيّد أم ولده ثم مات كان ذلك للورثة. وعند الْأَوْزَاعِيّ هو لها من غير الثلث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتلت أم الولد سيدها عمدًا فعفا الأولياء عن القصاص، أو كان القتل خطأً لزمها ديته. وعند أَحْمَد يلزمها قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان له جارية فأعتقها وجنى عليها، أو أخذ منها مالاً واختلفا فقالت الجارية: كان ذلك بعد الحرية، وقال السيّد: قبلها، فالقول قوله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القول قولها. * * *

باب الولاء

باب الولاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء لا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا الوَصِيَّة به. وعند عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب والشعبي والنَّخَعِيّ أنه يصح بيعه وهبته.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا أعتق المسلم عبدًا له كافرًا ثبت له عليه الولاء ولا يرثه. وعند مالك لا ولاء له عليه. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد يرثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق الكافر عبدًا مسلمًا ثبت له عليه الولاء ولا يرثه. وعند مالك يكون الولاء مراعى، فإن أسلم كان الولاء له، وإن مات على الكفر لم يثبت له ولاء ولم يرثه. وروى عن مالك أنه لا يثبت له عليه الولاء أصلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق حربي عبدًا حربيًا صحّ عتقه وثبت له عليه الولاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح عتقه ولا ولاؤه، وله أن يوالي من شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أسلم كافر على يد مسلم وعاقده ووالاه ثبت له عليه ولاء. وعند إِسْحَاق يثبت له عليه الولاء ولا يرثه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنه يرثه، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند أَحْمَد في رِوَايَة ثالثة أنه بمجرد الْإِسْلَام يستحق الإرث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أعتق عبدًا سائبةً عتق وكان ولاؤه له. وعند أَحْمَد لا ولاء عليه، ويكون ولاؤه مصروف في الرقاب على ما ذكره الخرقي من الحنابلة. وعن أَحْمَد أيضًا أن المعتق سائبة يضع ماله حيث شاء. وعند مالك يكون ولاؤه للمسلمين، وبناه على أصله إذا أعتق عن غيره بغير إذنه كان ولاؤه للمعتق عنه عبدهُ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أعتق عن غيره بغير إذنه كان الولاء للمعتق. وعند مالك الولاء للمعتق عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أعتق عن واجب، كالكفارة ونحوها ثبت له الولاء. وعند الْإِمَامِيَّة وَأَحْمَد لا يثبت له الولاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا مات العبد المعتق وخلَّف ابن مولاه وابنة مولاه، أو أخ مولاه وأخت مولاه فإن الميراث لابن المولى دون ابنة المولى ولأخي المولى دون أخت المولى. وعند شريح وطاوس يكون الميراث بين ابن المولى وبنت المولى وبين أخي المولى وأخته. وعند شريح وطاوس يكون الميراث بينهما نصفين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اجتمع ابن مولى وأبو مولى كان الميراث كله لابن المولى دون أبي المولى. وعند النَّخَعِيّ والشعبي وشريح

والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يكون لأبي المولى السدس والباقي لابن المولى. وعند الثَّوْرِيّ المال بينهما نصفين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع جد مولى وأخو مولى فقَوْلَانِ: أصحهما: أن الأخ مقدم على الجدّ، وبه قال مالك وزيد بن ثابت. والثاني: أنهما سواء، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ وأبو يوسف ومُحَمَّد وإِسْحَاق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ الجد أحق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن المولى من أسفل لا يرث المولى من أعلى. وعند طاوس وشريح إذا لم يكن للميت عصبة ولا مولى من أعلى ولا عصبة مولى ورثه المولى عن أسفل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وزيد وعلي وابن مسعود وابن الزبير والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق أنه إذا تزوَّج عبد لرجل بمُعْتقة لآخر، فأولد منها ولدًا فإن الولد ينعقد حرًا تبعًا لحرية أمه ويكون ولاؤه لمولى أمه ما دام الأب مملوكًا، فإن أعتق الوالد أُنجز ولاء الولد عن موالي أمه إلى موالي أبيه. وعند عكرمة ومجاهد والزُّهْرِيّ ورافع بن خَديج وَمَالِك بن أوس بن الحدثان وداود أن الولاء لا ينجز عن مولى الأم بحال. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد إذا كان الأب حيًا مملوكًا وأعتق الجد فهل يجز ولاء ولد ولده وجهان: أشبههما أنه لا يجز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثاني: أنه يجز، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوّج عبد بمعتقة لقوم وأولدها ولدًا ثبت الولاء عليه لموالي أمّه، فإن عُدموا فللْعصبة، فإن عدموا فمولى ابنه. فإن انقرض المولى وعصبته كان ميراثه لبيت المال ولا يعود إلى مولى الأم. وعند ابن عَبَّاسٍ يكون ذلك لموالي الأم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوّج عبد لرجل بمعتقة لآخر فأولدها ولدًا ثم أعتق الأب نجز ولاء الولد إلى موالى ابنه ثم لعصبة المولى، فإن عدم مولى الأب ومن يرث بسببه العصبات والموالي كان مال الميت لبيت المال ولا يكون لموالي أمه. وعند ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يكون ذلك لمولى أبيه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا تزوّج عبد بمعتقة قوم وأولدها ولدًا ثبت لهم عليه الولاء. وهل ينجز ولاء نفسه بعتق الأب عن موالى أمه وَجْهان: أحدهما أنه ينجز، وبه

قال مالك وأبو حَنِيفَةَ، والثاني أنه لا ينجز ولا ولاء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تزوج حر لا ولاء عليه بمعتقةٍ لرجل وأولدها ولدًا، فإن الولد حر لا ولاء عليه لأحد، سواء كان الأب عربي الأصل أو عجمي الأصل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان الأب عربي الأصل فلا ولاء على الولد، وإن كان أعجمي الأصل ثبت الولاء على الولد لمولى أمه، وبناه على أصله في جواز استرقاق عبدة الأوثان من العجم دون العرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الرجل مملوكًا لشخْص وله ابن مملوك لآخر وابن ابن مملوك لأخر، فتزوّج ابن الابن بمعتقة وأولدها ولدًا، فإن هذا الولد حر وولاؤه لمولى أمّه، فإن أعتق بعد ذلك أبو هذا الولد وجده وجد أبيه أنجز ولاء الولد عن موالى أمه إلى موالى أبيه دون مولى جدّه وجد أبيه، فإن مات هذا الولد ولا مناسب له كان ماله لمولى أبيه أو لعصبة مولى أبيه، فإن عدم مولى أبيه ومن يدلي به من عصبة أو مولى فماله لبيت المال ولا يرثه مولى جده ولا مولى جد أبيه. وعند الحسن البصري يرثه مولى جده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عدم المولى وعصباته ومولى المولى وعصباته وعلى هذا أبدًا كان المال لبيت المال. وعند مالك ينتقل إلى مولى الأب. * * *

كتاب الفرائض

كتاب الفرائض مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوارث يملك بنفس موت المورث لا بالقسمة، وبه قال من

الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يملك إلا بالقسمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وزيد بن ثابت وابن عمر وعمر في إحدى الروايتين وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وداود وأهل الشام وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ عدم توريث ذوي الأرحام. وعند علي وابن مسعود وأبي الدرداء ومعاذ أنهم يرثون ويقدَّمون على الموْلى والرد وهو الصحيح عن عمر. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعَطَاء ومجاهد وشريح وَأَحْمَد وإِسْحَاق أنهم يرثون ويقدم عليهم المولى والرد. مسألة: إذا قلنا بتوريث ذوي الأرحام، فاختلف أصحاب الشَّافِعِيّ فمنهم من أخذ بمذهب أهل التنزيل، وبه قال أحمد، ومنهم من أخذ بمذهب القرابة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ موالي النعمة ترث المال كله ويقدم على ذوي الأرحام الذين ليس لهم سهم ولا تعصيب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند ابن مسعود لا يرث مولى النعمة مع ذوي الأرحام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن وافقه في عدم توريث ذوي الأرحام لا يرث مع ذوي الفروض ما فضل عن فروضهم إذا لم يكن عصبة، بل يجعل في بيت المال. وعند من يُورث ذوي الأرحام يُرد عليهم على قدر فروضهم إلا الزوجين. وعند ابن مسعود لا يرد علي بنات الابن مع بنات الصلب، ولا على الأخوات للأب مع الأخوات للأب والأم، ولا على ولد الأم مع الأم، ولا على الجدة مع ذوي رحم له سهم. ووافقه ابن

عبَّاس في الجدّة. وعند الْإِمَامِيَّة يرد عليهم ما خلا الزوجين بقدر أنصبائهم، كمن خلف بنتًا وأبًا، وللبنت النصف وللأب السدس والباقي وهو ثلث المال يُرد عليهما بقدر أنصبائهما، فللبنت ثلاثة أرباعه وللأب ربعه فيصير المال مقسومًا على أربعة أسهم، للبنت ثلاثة أسهم من أربعة وللأب سهم من أربعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع العم والخالة فالمال كله للعم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند النَّاصِر منهم المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع أولاد البنين والبنات فلا شيء لأولاد البنات والمال كله لأولاد البنين، وكذا المال بين بني الإخوة دون بني الأخوات، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لأولاد الابن سهمان ولأولاد البنت سهم ولبني الإخوة سهمان ولبني الأخوات سهم التنزيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت والحسن البصري والشعبي والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك إذا تعاقد اثنان على أن يرث كل واحد منهما صاحبه ويعقل كل واحد منهما عن صاحبه لم يكن لهذا حكم ولا يتعلَّق به إرث. وعند النَّخَعِيّ يلزم بكل حال ويتعلق به التوارث والعقل ولا يكون لأحدهما فسخه بحال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو عقد صحيح ولكل واحد منهما أن يرجع فيه ما لم يعقل أحدهما عن صاحبه، فإذا عقل أحدهما عن صاحبه لزم، وإذا مات ولا وارث له غيره ورثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وعمر وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة الفقهاء أن المسلم لا يرث الكافر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي والقاسم والمزيد. وعند معاذ ومعاوية وإِسْحَاق ومَسْرُوق وسعيد وعبد الله بن المغفل والْمُزَنِي والْإِمَامِيَّة وعبد الله وجعفر وابن عمر وجماعة، ومُحَمَّد بن الحنفية ويَحْيَى بن معمر، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ومُحَمَّد الباقر يرث المسلم الكافر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وزيد بن ثابت وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأكثر العلماء الكفر ملة واحدة يرث بعضهم بعضًا، ويرث اليهود النصارى والمجوس، ويرثونه إذا جمعتهم الذمّة أو كانوا حربًا لها. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك وابن أبي ليلى َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وشريح وابن أبي سفيان لا يرث أهل ملة أهل ملة أخرى، فلا يرث اليهودي النصراني ولا النصراني اليهودي، وإن جمعتهما الملة وإنَّما يرث النصراني النصراني واليهودي اليهودي.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات ذمي يهودي وخلف أمًّا يهودية وابنا مسلمًا وأربعة إخوة، وهما ذمّيان يهودي ونصراني ومجوسي معاهد ووثني حربي، فلأمه السدس والباقي لابنه المسلم. وعند مالك لأمه الثلث والباقي لأخيه اليهودي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لأمّه السدس. والباقي بين إخوته اليهودي والنصراني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وعلي في إحدى الروايتين وعمر ورَبِيعَة ومالك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا مات المرتد أو قتل كان ماله فيئًا، سواء في ذلك ما اكتسبه في حال الردة أو في حال الْإِسْلَام. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وابن مسعود وإحدى الروايتين عن على وَأَحْمَد يكون ذلك لورثته، سواء كسبه قبل الردة أو بعدها. وعند عمر بن عبد العزيز وقتادة وعلقمة يكون ميراثه لأهل ملته التي انتقل إليها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ ما اكتسبه في حال الْإِسْلَام لورثته من المسلمين، وما اكتسبه في حال ردته يكون فيئًا، وإن لحق بدار الحرب كان لحوقه كموته. وعند داود لورثته من أهل الدِّين الذين ارتد إليهم، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة ثالثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة أهل العلم العبد لا يرث. وعند ابن مسعود والحسن يشتري رقبته ببعض التركة فيعتق ثم يُدفع إليه الباقي. وعند طاوس العبد يرث ويدفع إلى مولاه. وعند الْإِمَامِيَّة إذا مات الرجل وخلف مالاً وأبًا مملوكًا وأمًّا مملوكة فإن الواجب أن يشتري أمه وأبوه من تركته ويعتقا عليه، ويورثا باقي التركة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك من نصفه حر ونصفه عبد لا يرث. وعند أَحْمَد وعلى ابن أبي طالب وابن أبي ليلى وعثمان البتي والْمُزَنِي يرث بنصفه الحر. وعند ابن عباس وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يرث جميع ماله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو يعتق جميعه بالسعاية ويرث ويورث، ولا يتصور الخلاف معه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من نصفه حر ونصفه عبد يورث عنه ما يجمعه بحريته في قوله الجديد، وبه قال أحمد، وعند ابن عَبَّاسٍ إذا كتب صحيفة المكاتب وصار حرًا يرث ويورث. وعند علي يعتق منه بقدر ما أدّى ويرق منه بقدر ما بقي ولا يرث به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجميع العلماء من الصحابة والتابعين وغيرهم أن الأنبياء لا تورث وعند الشيعة يورثون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر أهل العلم إذا مات مسلم حر وله

ثلاثة بنين أحدهم مسلم وآخر كافر وآخر رقيق فإنه يرثه المسلم دون الكافر والرقيق، فإن أعتق الرقيق أو أسلم الكافر قبل قسم التركة لم يشاركوا في الميراث. وعند عمر وعثمان والحسن ومَكْحُول وقتادة وجابر بن زيد وَأَحْمَد يشاركوا في الميراث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دية المقتول يرثها جميع الورثة ويُقضى منها دينه وتنفذ منها وصاياه. وعند علي ترثها عصباته الذين يعقلون عنه دون غيرهم. وعند أَبِي ثَورٍ لا يُقضى منها ديونه ولا تنفذ منها وصاياه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن الخطاب وابن عَبَّاسٍ وعمر بن عبد العزيز وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يرثُ القاتل بكل حالٍ، سواء كان عامدًا أو مخطئًا مكلفًا أو غير مكلف، وسواء قتله بحق أو بغير حق مباشرًا أو بسبب، كوضع الحجر أو حفر البئر أو شرب دواءً فمات وكيفما أضيف القتل إليه. وعند بعض أصحابه لا يرث إذا كان القتل مضمونًا عليه، وإن لم يكن مضمونًا عليه ورث. وعند بعض أصحابه أيضًا لا يرث إذا لحقته في قتله تهمة بوجه مَا. وعند الأصم وابن علية يرث القاتل. وعند مالك وعَطَاء وعثمان البتي وابن المسيب والْأَوْزَاعِيّ والْإِمَامِيَّة إن كان القتل عمدًا لم يرث من ماله ولا من ديته، وإن كان خطأ ورث من ماله ولا يرث من ديته. وعند الحسن وابن سِيرِينَ يرث من الدية أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إن قتله مباشرة فلا يرثه، سواء قتله عمدًا أو خطأ إلا أن يكون القاتل صبيًا أو مجنونًا أو عاد، قتل باغيًا فإنه يرث. وإن قتله بسبب مثل أن حفر بئرًا أو نصب سكينًا فوقع فيها مورثه، أو كان يقود دابة أو يسوقها فرفسته فإنه يرثه، وإن كان راكبًا لِدابة فرفست مورثه أو وطئتة فمات فعند أبي حَنِيفَةَ لا يرثه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يرثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلَّق امرأته في المرض بائنًا، ومات قبلها فهل ترثه؟ قَوْلَانِ: القديم أنها ترثه، وبه قال عمر وعثمان وعلي ورَبِيعَة وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وعامة الفقهاء. والجديد أنها لا ترثه، وبه قال عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن الزبير وأبو ثور واختاره الْمُزَنِي. وعند الْإِمَامِيَّة أنها ترثه ما لم تتزوج، فإن تزوجت فلا ميراث لها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في مرض موته ولم يكن دخل بها فعلى القولين: أحدهما ترث ولها نصف الصداق، وبه قال عمر بن العزيز والزُّهْرِيّ والشعبي والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وابن عباس. وعند الحسن وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد لها الميراث والصداق

كاملاً وعليها العدة. وعند جابر بن زيد لها الصداق كاملاً، ولا ميراث لها ولا عدة عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا ترثه فإلى متى؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها ما دامت في عدتها منه فإذا انقضت عدتها لم ترثه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وإحدى الروايتين عن أحمد. والثاني أنها ترثه ما لم تتزوج، وبه قال ابن أبي ليلى وهي الرِوَايَة الثانية الصحيحة عن أحمد. والثالث ترثه أبدًا، سواء تزوجت أو لم تتزوج، وبه قال مالك وأبو واقد اللَّيْثي ومُحَمَّد بن الحسن ورَبِيعَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا إنها ترث في حال العدة فلا تنتقل إلى عدة الوفاة. وعند زفر تنتقل إليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرَّ في حال مرضه أنه طلقها ثلاثًا في حال صحته فلا ترثه قولاً واحدًا، وقَوْلَانِ: أحدهما ترثه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثاني لا ترثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في المرض ثم صح ثم مرض لم ترثه قولاً واحدًا. وعند الزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وزفر ترثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها: إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق، أو إذا قدم زيد فأنت طالق، ثم مرض وجاء رأس الشهر أو قدم زيد وقع الطلاق ومات وهي في العدة لم ترثه قولاً واحدًا. وعند مالك وزفر ترثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا سألته الطلاق الثلاث فقال لها: أنت طالق ثلاثًا إن شئت، فقالت: شئت، أو جعل أمرها إليها وطلَّقت نفسها طلاقًا تبين به لم ترثه. وعند مالك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأبي عبيد ترثه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا طلق زوجته في مرضه. فارتدت ثم عادت إلى الْإِسْلَام لم ترثه. وعند مالك ترثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في مرضها وماتت لم يرثها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ، يرثها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في مرضها اعتدت بثلاثة أقراء. وعند أَبِي ثَورٍ تعتد بأقصى الأجلين من ثلاثة أقراء أو أربعة أشهر وعشرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذفها في حال الصحة أو المرض ولاعَنَها ومات في مرضه

ذلك لم ترثه قولاً واحدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إن قذفها في حال المرض ولاعَنَها فى حال المرض ورثته، وإن قذفها في حال الصحهّ فعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ترثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سمعت المرأة طلاقها وجحد الزوج ثم مات لم ترثه. وعند الحسن ترثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وزيد بن ثابت ومالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الغرقى والهدمى إذا ماتا معًا أو عُلم موت أحدهما قبل الآخر، ثم أشكل أيهما سبق أو لا يعلم السابق منهما فالحكم في هذه المسائل سواء، لا يرث أحدهما من الآخر شيئًا بل يرث كل واحد منهما ورثته غير الميت معه، فإن كانوا ثلاثة إخوة غرقوا ولهم أم وابن عم فإن للأم الثلث من كل واحد منهم والباقي لابن العم. وعند علي بن أبي طالب أنه يرث كل واحد منهم الآخر، ثم ترثه ورثته، ثم ترث الأم من كل واحد منهم السدس، وبه قال عَطَاء وشريح وَأَحْمَد وإياس بن عبد الرحمن والحسن وابن أبي ليلى وشريك ويَحْيَى بن أبي ذؤيب وإِسْحَاق وهو إحدى الروايتين عن عمر وابن عَبَّاسٍ وزيد بن ثابت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الغرقى والهدمى لا يحجب بعضهم بعضًا، لأنهم لا يتوارثون، وكذا لا يحجبون أحدًا. وعند داود وأَبِي ثَورٍ يحجبون من هم يحجبونه لو لم يكونوا غرقى ولا هدمى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا مات رجل وخلف ولدًا أسيرًا في أيدي الكفار فإنه يرث ما دام تعلم حياته. وعند النَّخَعِيّ لا يرث الأسير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم تعلم حياة الأسير فحكمه حكم المفقود، وحكم المفقود أنه إذا فقد رجل وانقطع خبره لم يقسم ماله حتى يعلم موته، أو يمضي عليه من الزمان من حين وُلد زمان لا يعيش في مثله، فحينئذ يحكم الحاكم بموته، ويقسَّم ماله بين ورثته الأحياء يومئذ دون من مات من ورثته قبل ذلك. وعند مالك إذا مضى له من العمر ثمانون سنة قُسِّم ماله. وعند عبد الملك بن الْمَاجِشُون إذا مضى له تسعون سنة حكم الحاكم بموته. وعند الحسن بن صالح وأَبِي حَنِيفَةَ ينتظر إلى أن يصير له مائة وعشرون سنة، وحكى أن ذلك مذهب الشَّافِعِيّ. وعند عبد الله بن الحكم ينتظر إلى سبعين سنة. وعند الْإِمَامِيَّة ينتظر إلى أربع سنين. * * *

باب ميراث أهل الفرض

باب ميراث أهل الفرض مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الصحابة والفقهاء، ومن الزَّيْدِيَّة الهادي أن الأم إذا كان معها اثنان من الإخوة أو الأخوات أو معهما فلها السدس. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يرث أحد من الإخوة والأخوات مع الأم. وعند ابن عَبَّاسٍ ومعاذ لها الثلث، لأن عندهما لا يحجبها عن الثلث إلى السدس إلا بثلاثة من الإخوة والأخوات. ولابن عبَّاس خمس مسائل في الفرائض انفرد بها هذه إحداهن. وعند الْإِمَامِيَّة لا يحجبها عن الثلث إلى السدس إلا الإخوة من الأب والأم، أو من الأب، وأما الإخوة من الأم فإنهم لا يحجبونها عن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انفردت الأم أخذت ثلث المال. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لها المال جميعه لا بالرد. وعند الهادي منهم لها ثلث المال والباقي بالرد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء والصحابة للأم ثلث ما بقي في زوج وأبوين وزوجة وأبوين بعد فرض الزوج والزوجة. وعند ابن عَبَّاسٍ وشريح وداود والْإِمَامِيَّة للأم جميع المال في المسألتين معًا، فعندهم تكون القسمة في فريضة الزوج من ستة وفي فريضة الزوجة من اثني عشر. وعند ابن سِيرِينَ وأَبِي ثَورٍ لها ثلث ما بقي من فريضة الزوج وثلث جميع المال من فريضة الزوجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الصحابة والفقهاء أن الجدة ترث السدس سواء كانت من قبل الأب أو من قبل الأم. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَة شاذة عنه أن الجدة أم الأم ترث الثلث، لأنها بدلى بالأم فورثت ميراثها، كالجد يرث ميراث الأب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الفقهاء أن أم أبي الأم لا ترث. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن سِيرِينَ وجابر بن زيد ترث. وعند الحسن وابن مسعود رِوَايَتَانِ أشهرهما أنها لا ترث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أم الأب وأمهاتها يرثن. وعند داود أم أم الأب لا ترث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن عَبَّاسٍ أن الجدات وإن كثرن يرثن إذا كن في درجة واحدة. وعند مالك وابن أبي ذئب وأَبِي ثَورٍ وداود لا يرث إلا جدتان أم الأم وأم الأب. وأمهاتهما وإن علون، ولا ترث أم الجد وإن انفردت. وعند الْأَوْزَاعِيّ َوَأَحْمَد يرث ثلاث جدات اثتثان من قبل الأب وهي أم أبيه وأم أم أبيه، وواحدة من قبل

الأم وهي أم أمّه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أم أبي الأب ترث في أشهر القولين، وبه قال علي وابن مسعود وعامة الصحابة في إحدى الروايتين عن زيد بن ثابت، وبه قال أيضًا الحسن البصري وابن سِيرِينَ وأهل الكوفة والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه، ولا ترث في القول الثاني، وبه قال زيد بن ثابت في إحدى الروايتين وسعد بن أبي وقاص وأهل الحجاز والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ، وهي الرِوَايَة الثانية عن أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلى وزيد وجميع الفقهاء إذا اجتمع أم أب وأم أبي الأب فإن السدس يكون لأم الأب وتسقط أم أبي الأب. وعند ابن مسعود في إحدى الروايتين عنه تشتركان في السدس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع جدتان وكانت القربى منهما من قبل الأب ففيهما قَوْلَانِ: أحدهما أن البعدى سقطت بالقربى، وبه قال علي بن أبي طالب، وكذا زيد بن ثابت في رِوَايَة، وأهل الكوفة وأَبِي حَنِيفَةَ، والثاني وهو الصحيح لا تسقط البعدى بالقربى، بل تشتركان في السدس، وهي الرِوَايَة الثانية عن زيد، وبه قال مالك والْأَوْزَاعِيّ. وعند ابن مسعود رِوَايَتَانِ: إحداهما أن القربى والبعدى سواء، وإن كانتا من جهة واحدة، والثانية أن القربى أولى. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أنه إذا اجتمع جدّتان متحاذيتان في درجة واحدة ولإحداهما قرابتان، مثل أن تزوج رجل بابنة عمته فيولدها ولدًا، فإن جدة هذا الولد أم أبي أبيه، هي جدته أم أم أمه، فإذا اجتمع معها أم أم أبي هذا الولد فالصحيح أنهما سواء في السدس، وبه قال أبو يوسف. والوجه الثاني، وهو قول أبي العبَّاس بن سريج وأبي عبيد بن حربويه أن السدس يقسم بينهما على ثلاثة أسهم، وبه قال الحسن بن صالح ومُحَمَّد بن الحسن والحسن بن زياد وزفر وشريك بن عبد الله فيكون لصاحبة القرابتين ثلثاه، وثلثه للأخرى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الصحابة والفقهاء للابنتين فصاعدًا الثلثان. وعند ابن عبَّاس رِوَايَة شاذة للابنتين النصف وللثلاث فصاعدًا الثلثان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الصحابة والفقهاء إذا استكمل البنات الثلثين سقط بنات الابن إلا أن يكون معهن ذكر في درجتهن أو أسفل منهن، فيعصبهن ويكون للذكر مثل

حظ الأنثيين. وعند ابن مسعود يكون الباقي للذكور دون الإناث. وعند الأصم إن كان فى درجتها عصبها وإن كان أسفل منها لم يعصبها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء والصحابة إذا ترك ابنةً وبنات ابن وابن ابن فللابنة النصف، والباقي لبنات الابن وابن الابن للذكر مثل حظ الأنثيين. وعند ابن مسعود لبنات الابن الأقل من المقاسمة أو السدس، فإن كان السدس أقل كان لهن السدس والباقي لابن الابن، وإن كانت المقاسمة أقل من السدس فلهن المقاسمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا خلف بنتًا وأختًا لأب وأم أو لأب كان للبنت النصف والباقي للأخت بالتعصيب. وعند الْإِمَامِيَّة وجابر بن عبد الله وعبد الله بن الزبير والطبري والنَّخَعِيّ وابن عَبَّاسٍ وداود أن المال للبنت ولا شيء للأخت. مسألة: وعند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة إذ اجتمع البنت والعم كان للابنة النصف والباقي للعم، وكذا في سائر العصبات مع البنت. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة المال للبنت وسقط العم، وكذا يسقط سائر العصبات بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا خلَّف الرجل بنتًا وعمًا، أو خلَّف ابنتين، أو كان مع العم ابن عم، فإن للبنت النصف والباقي للعم، أو للابتتين الثلثان والباقي للعصبة. وعند الْإِمَامِيَّة لا شيء للعم والمال كله للبنت أو للبنتين بالفرض والرد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لو خلَّف الميت أعمامًا وعمات، أو بني عم فالمال للذكور من هؤلاء دون الإناث. وعند الْإِمَامِيَّة يرث الذكور والإناث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الصحابة والفقهاء الإخوة للأب يقاسمون أخواتهم فيما بقى بعد فرض الأخت للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين. وعند ابن مسعود للأخوات للأب مع إخوتهن الأضرُّ بهن من المقاسمة، أو السدس كما قال في بنات الابن وابن الابن مع بنت الصلب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا خلف الميت بنتًا وأما وأبًا كان للبنت النصف وللأم السدس وللأب الباقي وهو الثلث وعند الْإِمَامِيَّة للبنت النصف وللأبوين السدسان وما بقي يرد عليهم على حساب سهامهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الميت إذا خلف ابنتيه وأمه وابن ابن أن للابنتين الثلثين وللأم السدس والباقي لابن الابن. وعند الْإِمَامِيَّة أنه لا شيء لابن الابن

ويرد السدس على البنتين والأم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الصحابة والفقهاء الأخت للأب والأم أو الأخوات للأب مع البنت أو البنات أو بنت الابن أو بنات الابن عصبة يأخذن ما فضل عن حقهن. وعند ابن عَبَّاسٍ وداود لا ترث الأخت ولا الأخوات مع البنت، أو البنات، أو بنت الابن، أو بنات الابن شيئًا، ويكون الفاضل عن فرض من ذكرنا للعصبة، كابن الأخ والعم وابن العم وغيره. وعند الشيعة الْإِمَامِيَّة لا يرث مع البنت، أو البنات، أو بنت الابن، أو بنات الابن أحد إلا الزوج، أو الزوجات والأبوان، فأمَّا الأخ والأخت فلا يرثان مع من ذكروا، ويريدون بذلك أن يكون ميراث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة دون العباس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من الصحابة وغيرهم أن الإخوة للأب، أو الأخوات للأب يرثون مع الإخوة للأب والأم ومع الأخوات للأب والأم. وعند الْإِمَامِيَّة لا يرث الإخوة للأب ولا الأخوات للأب مع الأخت للأب والأم، ولا مع الأخوات للأب والأم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن الأم يحجبها عن الثلث إلى السدس الإخوة من أي الجهات كانوا. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة أن الإخوة والأخوات لا يحجبون الأم من الثلث إلى السدس. وعند الْإِمَامِيَّة أن الإخوة للأم لا يحجبونها عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الزوج لا يرث المال كله إلا إذا كان عصبة. وعند الْإِمَامِيَّة يرثه كله إذا لم يكن لها ولد من سواه فالنصف له بالقسمة والباقي بالرد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الزوجة تأخذ نصيبها من التركة في العقار وغيره. وعند الْإِمَامِيَّة تُعطى بقيمة نصيبها من البناء والآلات دون قيمة الغراص والرباع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الأخت للأب والأم ترث معها غيرها. وعند الْإِمَامِيَّة لا يرث معها من الإخوة للأب ولا الأخوات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء من الصحابة وغيرهم أن للواحد من الإخوة للأم السدس وللابنتين فصاعدًا الثلث ذكورهم وإناثهم فيه سواء. وعند ابن عَبَّاسٍ في رِوَايَة شاذة يفضل الذكر على الأنثى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وشريح

والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الأب يحجب أم نفسه. وعند عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبي بكر الصديق وأبي موسى الأشعري وعمران بن حصين والشعبي وإِسْحَاق وَأَحْمَد وابن جرير وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة والشيعة أنه لا يحجبها بل ترث معه. وعند الْإِمَامِيَّة لا يرث مع الوالدين ولا أحدهما سوى الولد والزوج أو الزوجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الولد الذكر مع إخوته وسائر الورثة ممن يرث معه لا يفضل عليهم شيء. وعند الْإِمَامِيَّة يفضل بسيف أبيه وخاتمه ومصحفه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن ولد الصلب الأدنى لا يحجب من كان أهبط منه. وعند الْإِمَامِيَّة أنه يحجب من هو أهبط منه، سواء كان ولد الصلب ذكرًا أو أنثى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الصحابة والفقهاء أن من لا يرث كالكافر والقاتل والمملوك وذوي الرحم يحجب غيره. وعند ابن مسعود أنهم لا يحجبون حجب الحرمان ويحجبون حجب النقصان. ويريد أنه لا يحجب حجب الإسقاط وبحجب الزوجين والأم من فرض إلى فرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا كان أبوان وثلاثة إخوة يكون للأم السدس والباقي للأب ولا شيء للإخوة وعند ابن عَبَّاسٍ في رِوَايَة أن السدس الذي يحجبون الأم عنه يكون للإخوة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ. وكافة العلماء من الصحابة وغيرهم وسائر الزَّيْدِيَّة إذا زحمت الفروض ولم يتسع المال لها فإنها تعال الفريضة، فيدخل النقص على جميعهم، فيقسم المال عليهم على قدر فروضهم. وعند ابن عَبَّاسٍ وعَطَاء بن أبي رباح وداود، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وكافة الْإِمَامِيَّة من الشيعة وغيرهم لا تعال الفريضة ويدخل النقص على البنات والأخوات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت وَمَالِك والزُّهْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اجتمع في المجوسي قرابتان ورث بأقوى القرابتين، ولا يرث بالأخرى، مثل أن يخلف أمًّا وهي أخت ورثت بالأمومة دون الأخوَّة. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند عمر بن عبد العزيز وقتادة والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وعلي وابن مسعود يرث بالقرابتين جميعًا، واختاره من الشَّافِعِيّه ابن سريج، وبه

قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ المجوسي ابنته وأولدها بنتًا فإن ماتت البنت العليا وهي الأم ورثتها بنتها بكونها بنتًا النصف، وهل ترث الباقي بكونها أختًا وجهان: أحدهما لا ترث والثاني ترث، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ المجوسي ابنته فأولد منها ابنًا وابنة، ثم مات الابن وخلَّف أمًّا هي أخت لأب وأخت لأب وأم، فللأم الثلث ولا شيء لها بكونها أختًا لأب، وللأخت للأب والأم النصف، والباقي للعصبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ للأخت للأب والأم النصف، وللأم بكونها أمًّا السدس، ولها بكونها أختًا لأب السدس، فوافق الشَّافِعِيّ في الجواب وخالفه في المعنى. * * *

باب ميراث العصبة

باب ميراث العصبة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وابن مسعود وزيد بن ثابت وشريح ومالك وإِسْحَاق وسعيد بن المسيب والزُّهْرِيّ وابن سِيرِينَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان في المسألة زوج وأم وأخوان لأم وأخوان لأب وأم كان للزوج النصف وللأم السدس وللأخوين من الأم الثلث يشاركهم فيه الأخوان من الأب والأم، وتسمى هذه المسألة الحمارية والمشتركة. وعند علي وابن عَبَّاسٍ وأبي موسى الأشعري وأبي بن كعب وابن مسعود في إحدى الروايتين والشعبي والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وداود يسقط الأخوان للأب والأم ولا يشاركان ولد الأم في فرضه. وعند الْإِمَامِيَّة للزوج النصف وللأم باقي المال بالتسمية والرد، وليس للإخوة والأخوات حظ في هذا الميراث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع أخت لأب وأم وأخ لأب كان للأخت النصف والباقي للأخ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند النَّاصِر منهم المال كله للأخت للأب والأم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر في رِوَايَة وعلي وزيد بن ثابت وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا مات الشخص وخلَّف ابني عم أحدهما أخ لأم فإن للذى هو أخ لأم السدس بالفرض، والثاني بينه وبين ابن العم الآخر نصفان بالتعصيب، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند عمر وابن مسعود وشريح والحسن البصري وعَطَاء وجماعة وأبي ثور المال لابن العم الذي هو أخ لأم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خلف بنتًا وابني عم، أحدهما أخ لأم للبنت النصف، وما بقي بينهما. وعند ابن مسعود يكون لابن العم الذي هو أخ لأم. وعند سعيد بن جبير يكون لابن العم الذي ليس بأخ لأم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الفقهاء إذا لاعَنَ الرجل زوجته ونفى الولد ثم كذَّب نفسه وأقر به أنه يرثه ويرث منه الولد. وعند الْإِمَامِيَّة يرث منه الولد ولا يرث منه الوالد شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عباس وزيد بن ثابت وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. أن ولد الملاعنة إذا مات وخلَّف أمه كان لها الثلث والباقي لمولاه إن كان له مولى، وإن لم يكن له مولى كان الباقي لبيت المال، وإن كان له أخ لأم كان له السدس، ولأمه الثلث والباقي لمولاه إن كان له مولى أو لبيت المال إن لم يكن له مولى، وإن كان له أخوان لأم وأم كان لهما الثلث ولأمه السدس والباقي لمولاه أو لبيت المال. وعند علي وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وابن مسعود والحسن وابن سِيرِينَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد ولد الملاعنة ترثه أمه، وعصبة أمه عصبته، فعلى هذا إذا خلف أمًّا وخالاً كان للأم الثلث والباقي للخال في إحدى الروايتين عن أَحْمَد وابن مسعود، وفي الرِوَايَة الأخرى عنهما أن أمه عصبته، فعلى هذا إذا خلَّف أمًّا وخالاً كان المال كله للأم بالتعصيب. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه صاحب المعتمد وكتاب المستعجل موافقة علي وابن عباس، ونقل عنه صاحب البيان والدر الشفاف أنه يكون للأم فرضها، ويأخذ الباقي بالرد، بناء على أصله في ذلك. وعند علي رِوَايَتَانِ إحداهما موافقة الشَّافِعِيّ، والثانية أنها تحرز ميراث من لاعنت عليه، ونقل في الشاشي عن أَبِي حَنِيفَةَ موافقة هذه الرِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتت الملاعنة بتوأمين فنفاهما الزوج باللعان توارثا بالأم على الصحيح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لهما السدس بالفرض والباقي بالرد. وعند مالك يتوارثان بالأم والأب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الخنثى المشكل إذا كان يبول من أحد الفرجين أكثر فوجهان: أحدهما يعتبر بالأكثر، وبه قال أبو يوسف ومحمد، والثاني لا يعتبر به. وعند أبي حَنِيفَةَ يحكم بالمبال فقال له أبو يوسف: أرأيت إن كان يبول بهما فقال لا أدرى، فقال أبو يوسف: لكني أرى أن يحكم بأسبقهما بولاً، فقال أبو حَنِيفَةَ لو استويا في الخروج، فقال أبو يوسف: بأكثرهما، فقال أبو حَنِيفَةَ: يكال أو يوزن فسكت أبو يوسف. وعند الْإِمَامِيَّة إن خرج بوله من فرج الرجال ورث ميراث الرجال، وإن خرج بوله من فرج النساء ورث ميراث النساء. وإن خرج منهما نظر إلى الأغلب والأكثر منهما وعمل عليه وورث به، فإن استويا في الخروج من الموضعين اعتبر بعدد الأضلاع، فإن اتفقت ورث

ميراث الإناث، وإن اختلفت ورث ميراث الرجال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خلف خنثى مشكلاً فإنه يدفع إليه اليقين وهو نصف المال ويوقف الباقي إلى أن تبين حاله بأن يصطلحوا عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعطى الخنثى ما يتيقن أنه له وهو سهم أنثى ويصرف الباقي إلى العصبة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند ابن عَبَّاسٍ والشعبي والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وطائفة من البصريين يعطى نصف نصيب الذكر ونصف نصيب الأنثى، وهو ثلاثة أرباع المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا انفصل الولد ولم يستهل، ولكن علمت حياته بحركته أو غير ذلك، ثم مات فإنه يرث. وعند مالك وَأَحْمَد لا يرث ما لم يستهل وإن تحرك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بدل الجنين يورث عنه. وعند اللَّيْث لا يورث عنه ويكون لأمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الولد لا يلحق بالزاني وإن ادعاه. وعند الحسن البصري يلحقه إذا ادعاه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن تزوجها قبل وضعها لحقه، وإن لم يتزوجها لم يلحقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خلف ابنًا وبنتًا وحملاً وقف الميراث ولم يعط الابن ولا الابنة شيئًا حتى يوضع الحمل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وشريك إذا كان ابنًا دفع إليه الخمس وأوقف الباقي، لأن أكثر ما تلد المرأة أربعة وبهذا قال من الشَّافِعِيَّة المسعودي وابن اللبان والغزالي والإمام وجماعة. وعند أَحْمَد ومُحَمَّد يدفع إليه الثلث، لأن أكثر ما تلد المرأة اثنين. وعند أَبِي يُوسُفَ يدفع إليه النصف، لأن الغالب أن المرأة تلد واحدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا مات ميت وخلف من الورثة من له فرض لا يستغرق المال كالأم والابنة والأخت، فإن صاحب الفرض يأخذ فرضه وما بقي عن فرضه كان لعصبته إن كان له عصبةٌ، وإن لم يكن له عصبةٌ كان للمولى، فإن لم يكن له مولى كان الباقي لبيت المال فيصرفه الإمام فى مصالح المسلمين وعند علي والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه ونقل الزُّهْرِيّ عن أَكْثَر الْعُلَمَاءِ موافقة هؤلاء يرد ذلك على ذوي الفروض إلا على الزوجين فلا يرد عليهما، فإن لم يكن أحد من أهل الفروض صرف ذلك إلى ذوي الأرحام، فيقام كل واحد من ذوي الأرحام مقام من يدلي به، واختاره بعض الشَّافِعِيَّة إذا لم يكن هناك إمام عادل.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا اجتمع العم والعمة فالمال للعم ولا شيء للعمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند النَّاصِر منهم المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين بالتنزيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك من لا وارث له ينتقل ماله إلى بيت المال إرثًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينتقل إلى بيت المال لا على وجه الإرث. * * *

باب الجد والإخوة

باب الجد والإخوة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن الجد يحجب الإخوة من الأم. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة أنه لا يحجبهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وعمران بن الحصين وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الجد لا يسقط الإخوة للأب والأم. ولا للأب. وعند أبي بكر وابن عَبَّاسٍ وعائشة وأبي الدرداء وأبي حَنِيفَةَ وعثمان البتي وابن جرير وداود وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ أنه يسقطهم، واختاره الْمُزَنِي، وبه قال ابن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت وابن مسعود وسائر الزَّيْدِيَّة أنه إذا اجتمع الجد مع الإخوة والأخوات للأب، والأم ولم يكن في الفريضة ذو فرض كان كأحد الإخوة الأحظ من المقاسمة، أو ثلث جميع المال، فإن كان معه أخ واحد فالأحظ له هاهنا المقاسمة، وإن كان معه أخوان استوت له المقاسمة والثلث. وإن كان معه ثلاثة إخوة فما زاد فالأحظ هاهنا أن ينفرد بثلث جميع المال، وبه قال علي في زمن عمر رضي الله عنهما بالمدينة. وعند عمران بن الحصين والشعبي وأبي موسى الأشعري له المقاسمة إلى نصف سدس جميع المال، وليس هذا بحد وإنما يقاسمونه أبدًا حتى إذا كان معه عشرة إخوة فالمقاسمة خير له، وإن كانوا أحد عشر استوت له المقاسمة ونصف السدس. وعند علي لما صار إلى العراق قاسمه ما لم تنقص عنه المقاسمة من الثلث، فإن نقصته عنه فرض له السدس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعنه أيضًا أنه يكون سابع الستة الإخوة. وعنه أيضًا أنه يكون ثامن السبعة الإخوة، والمشهور عنه الرِوَايَة الأولى الموافقة للشافعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت أنه إذا اجتمع مع الجد الأخوات الجد للأب والأم أو للأب منفردات أن حكمهن حكم الإخوة مع الجد فيقاسمهن، يكون المال بينه وبينهن للذكر مثل حظ الأنثيين ما لم تنقصه المقاسمة عن الثلث، فإن نقصته عنه أفرد بثلث جميع المال. وعند علي وابن مسعود يفرض للأخوات فروضهن مع الجد ويكون الباقي له فيفرض للواحدة النصف وللاثنتين فصاعدًا الثلثان.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت إذا كان الورثة بنتًا وأختًا وجدًّا أن للبنت النصف والباقي بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين. والمقاسمة هنا خير للجد. وعند على وابن مسعود للبنت النصف وللجد السدس والباقي للأخت، فأما عليٌّ فبناه على أصله وهو أن الأخت لا تقاسم الجد وإنما يفرض لها معه ولم يفرض لها هاهنا، لأنها مع البنات عصبة. وأما ابن مسعود فأصله أيضًا أن يفرض لها مع الجد، إلا أنها والجد مع البنات عصبة، ولو انفرد كل واحد منهما أخذ ما بقي، فإذا اجتمع تقاسماه كالأخوين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت إذا كان الورثة زوجة وجد وأم أن للزوجة الربع والأم الثلث والباقي للجد. وعن عمر رِوَايَتَانِ: إحداهما أن للزوجة الربع وللأم ثلث ما بقى والباقي للجد. والثانية للزوجة الربع وللأم السدس والباقي للجد. وعن ابن مسعود ثلاث روايات: هاتان الرِوَايَتَانِ، والثالثة للزوجة الربع والباقي بين الأم والجد نصفان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت إذا كان في المسألة قبلها بدل الزوجة زوج، فللزوج النصف وللأم الثلث والباقي للجد. وعن عمر للزوج النصف وللأم ثلث ما بقى والباقي للجد. وعند ابن مسعود للزوج النصف والباقي بين الجد والأم نصفان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت إذا خلَّف الرجل زوجة وأختًا وجدًا، كان للزوجة الربع سهم من أربعة والباقي بين الأخت والجد للذكر مثل حظ الأنثيين. وعند أبي بكر وابن عَبَّاسٍ للزوجة الربع والباقي للجد. وعند عمر وابن مسعود للزوجة الربع سهم وللأخت النصف سهمان وللجد ما بقي وهو سهم. وتعرف هذه المسألة بالربعة، فإنهم اختلفوا في قدر ما يرث كل واحد من الجد والأخت، واتفقوا على أن أصلها أربعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت إذا خلف الرجل أمًّا وأختًا وجدًا كان للأم الثلث والباقي بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين وتصح من تسعة. وعند أبي بكر وابن عَبَّاسٍ وعائشة ومن قال الجد يسقط الإخوة للأم الثلث والباقي للجد وتسقط الأخت. وعن عمر رِوَايَتَانِ: إحداهما أن للأخت النصف وللأم السدس والباقي للجد. والثانية أن للأخت النصف وللأم ثلث ما بقي والباقي بين الجد والأخت نصفان. وعند ابن مسعود ثلاث روايات: رِوَايَتَانِ مثل روايتي عمر، والثالثة للأخت النصف والباقي بين الجد والأم نصفان. فيكون على هذه الرِوَايَة من مربعاته. وعند عثمان يقسم المال كله على ثلاثة: للأم سهم وللأخت سهم وللجد سهم. وعن على للأم الثلث وللأخت

النصف وللجد السدس. وهذه المسألة تعرف بالخرقى لكثرة اختلاف الصحابة فيها وأنها خرقت عليهم أقوالهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحابه وزيد بن ثابت إذا كان الورثة زوج وأم وأخت وجد كان للزوج النصف وللأم الثلث وللأخت النصف وللجد السدس، فتعول إلى تسعة، ثم يضم سهام الأخت إلى سهام الجد، وهي أربعة ويقسم بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، فتصح من سبعة وعشرين للزوج تسعة وللأم ستة وللجد ثمانية وللأخت أربعة. وعند أبي بكر وابن عَبَّاسٍ للزوج النصف وللأم الثلث والباقي للجد وتسقط الأخت. وعند عمر وابن مسعود للزوج النصف وللأخت النصف وللأم السدس وللجد السدس، وعند علي للزوج النصف وللأم الثلث وللأخت النصف وللجد السدس، وتعول إلى تسعة، وتأخذ الأخت ثلاثة وتعرف هذه المسألة بالأكدرية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت إذا اجتمع أخ لأب وأم وأخ لأب وجد، فإن الأخ للأب والأم يعاد الجد بالأخ من الأب ولا يعطيه شيئًا فيقسم المال على ثلاثة ثلث للجد وثلث للأخ من الأب والأم وثلث للأخ من الأب، ثم يرجع الأخ من الأب والأم على الذي في يد الأخ من الأب، ويأخذ منه ولا يعطيه شيئًا. وعند ابن مسعود وعلي وابن عبَّاس يقسم المال بين الأخ من الأب والأم وبين الجد نصفين. ولا يعاد بالأخ للأب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أخت لأب وأم وأخ وجد فالمقاسمة خير له فيكون المال بينهم على خمسة، للجد سهمان وللأخت سهمان ونصف وللأخ من الأب نصف سهم، فيضرب اثنين في خمسة فيصير للجد أربعة وللأخت خمسة وللأخ سهم. وعند ابن مسعود للأخت النصف والباقي للجد ويسقط الأخ للأب. وعند علي للأخت النصف والباقي بين الجد والأخ للأب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن بني الإخوة لا يقاسمون الجد ولا يرثون معه. وعند الْإِمَامِيَّة هم يقومون مقام آبائهم في مقاسمة الجد. قال مؤلفه أبقاه الله: تم ربع المعاملات، وهو الربع الثاني في الرابع عشر من رجب سنة تسع وستين وسبعمائة. وشرعت في الربع الثالث وهو ربع المناكحات في التاريخ المذكور. * * *

كتاب النكاح

كتاب النكاح مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة: النكاح مستحب وليس بواجب. وعند داود: هو واجب في العمر مرة واحدة على الرجل والمرأة، فإذا كان الرجل خائفًا للعنت واجدًا لمهر حرة - وجب عليه التزويج بحرة أو التسري بأَمَةٍ، وإن كان عادمًا لمهر حرة وجب عليه التزويج بأَمَةٍ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الناس في النكاح على أربعة أضرب: ضرب تتوق نفسه إليه، ويجد أهبته من النفقة والمهر وما يحتاج إليه، فيستحب له أن يتزوج وضرب تتوق نفسه إليه، ولا يقدر على المهر والنفقة، فلا يستحب له ذلك. وضرب لا تتوق نفسه إليه، ويقدر على مؤنه، ويريد التخلي للعبادة؛ فلا يستحب له ذلك. وضرب لا تتوق نفسه إليه، ويقدر على مؤنه، ولا يريد التخلي للعبادة؛ وفي استحباب النكاح له قَوْلَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: النكاح مستحب بكل حال، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة وكافة الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لا يصح من الصبي والمجنون والسفيه بغير إذن وليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح نكاح الصبي المميز والسفيه، ويكون موقوفًا على إجازة الولي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء: يجوز للحرِّ أن يجمع بين أربع زوجات حرائر، ولا يجوز أن يجمع بين أكثر من أربع، ويستحب أن لا يزيد على واحدة لا سيما في زماننا هذا! وعند القاسم بن إبراهيم وشيعته القاسمية: يحق له أن يجمع بين تسع حرائر، ولا يجوز أكثر من ذلك. وعند طائفة من الشيعة الْإِمَامِيَّة: يجوز له أن يتزوج أي عدد شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف والحسن وعَطَاء وَأَحْمَد وإِسْحَاق واللَّيْث وفقهاء الكوفة وابن شُبْرُمَةَ وابن أبي ليلى وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأكثر

العلماء: لا يجوز للعبد أن يجمع بين أكثر من امرأتين، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند الْأَوْزَاعِيّ وداود وأَبِي ثَورٍ وأهل المدينة كالزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وَمَالِك وسائر الزَّيْدِيَّة: يجوز له أن يجمع بين أربع كالحرِّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا أراد أن يتزوج امرأة فإنه يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها، بإذنها وبغير إذنها، ولا يجوز أن ينظر إلى ما هو عورة منها. وعند مالك - في رِوَايَة - لا يجوز له ذلك إلا بإذنها. وعند المغربي: لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها. وعند داود: له أن ينظر إلى جميع بدنها، إلا إلى فرجها، وحكى عنه: أنه ينظر إلى ما ينظر في ابتياع الأمة، وبه قال مالك في رِوَايَة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: أنه ينظر إلى وجهها وكفيها وربع الساق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعائشة والحسن البصري وابن المسيب وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وشريح والنَّخَعِيّ وعمر بن عبد العزيز وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك: لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها، ولا تزوج غيرها، ولا يزوجها إلا وليها: إمّا مناسب، أو مولى، أو حاكم، فإن أذنت لغير وليها فزوجها؛ لم يصح نكاحها، سواء كانت: صغيرة أو كبيرة، بكرًا أو ثيبًا، نسيبة أو غير نسيبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ والشعبي والْإِمَامِيَّة: إذا كانت بالغة عاقلة زوجت نفسها - بغير إذن وليها - بكفؤٍ، فإن وضعت نفسها في غير كفؤٍ كان لوليها فسخ النكاح. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد: الولي ليس بشرط في عقد النكاح، ولكنه يفتقر إليه؛ فإن عقدت نفسها بغير إذنه في غير كفؤٍ كان للولي فسخه، وإن كان فى كفؤٍ فعليه إجازته، فإن لم يجزه أجازه الحاكم. عند داود: إن كانت بكرًا زوجها، وإن كانت ثيبًا زوجت نفسها. واختلف النقل عن مالك: فنقل عنه صاحب اللسان والمعتمد: أنها إن كانت شريفة زوجها وليها، وإن كانت عامية زوجت نفسها. ونقل عنه الترمذي موافقة الشَّافِعِيّ. ومدار مذهب مالك: أنها لا تنكح نفسها ولا غيرها، وهل تأذن لغير وليها في نكاحها؟ فيه ثلاث روايات: أحدها: الجواز، والثانية المنع، والثالثة: يجوز إذا كانت غير شريفة، لا يعرف لها نسب. فمن هذا اختلف النقل عن مالك. وعند أَبِي ثَورٍ: لا يجوز لها أن تزوج نفسها إلا بإذن وليها، فإن أذن لها جاز، وبه قال أبو يوسف، غير أن عند أَبِي يُوسُفَ يقف على إجازة الولي. ونقل عن الشاشي: أنها إذا كانت ذات شرف وجمال أو مال يرغب في مثلها - لم يصح نكاحها إلا بولي، وإن

كانت بخلاف ذلك جاز أن يتولى نكاحها أجنبي برضاها، ولا تتولى بنفسها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: لا يجوز للمرأة أن تزوج معتقتها وأمتها، بل يزوجها ولي المرأة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وهو الأصح عندهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يجوز، وبه قال أَحْمَد - في رِوَايَة - في الأمة خاصة. وعند مالك: توكل السيدة - في ذلك النكاح - رجلاً بالتزويج، ولا تلي النكاح، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك - في رِوَايَة -: النكاح الموقوف على الإجازة لا يصح، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. سواء كان موقوفًا على إجازة الولي أو الزوج أو الزوجة. فالموقوف على إجازة الولي: أن يتزوج الرجل امرأة من رجل ليس بولى لها؛ فيكون موقوفًا على إجازة وليِّها، أو تزوج الأمة نفسها أو العبد نفسه بغير إذن السيِّد؛ ويكون موقوفًا على إجارة السيّد. وأما الموقوف على إجازة الزوج: فأن يزوِّج رجلٌ لرجل امرأةً بغير إذنه. ويكون موقوفًا على إجازة السيّد. وأما الموقوف على إجازة الزوجة: فإن تزوج امرأة - يشترط إذنها - بغير إذنها؛ ويكون موقوفًا على إجازتها. وبمذهب الشَّافِعِيّ فى جميع ذلك وجميع العقود الموقوفة قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَأَحْمَد - في رِوَايَة -: تصح هذه الأنكحة، فإن أجاز ذلك الموقوف على رضاه لزم، وإن ردَّه بطل. وبمذهب أَبِي حَنِيفَةَ في جميع ذلك وجميع العقود الموقوفة قال زيد ابن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك: يجوز أن يقف النكاح مدة قريبة، فإن طال الزمان بطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لا يصح أن تُتوكَّل المرأة في قبول النكاح ولا إيجابه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح أن تتوكَّل في قبوله أو في إيجابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا دفع إلى عبده مالاً، وأذن له في التجارة، فاشترى العبد جارية فإن كان على المأذون له دين لم يزل ملك السيّد عن المال والجارية التي في يد العبد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: إذا كان الدين يستغرق ما في يده زال ملك السيّد عما في يد العبد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا اشترى العبدُ المأذون له في التجارة أمة - لم يملك تزويجها. وعند مالك: الأخ مقدَّم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا اجتمع الأخ من الأب والأم فهو الوليُّ دون الأخ من الأب

فى أصح القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والقول الثاني - وهو القديم -: هما سواء، وبه قال أَحْمَد وَمَالِك وأبو ثور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الأخ لأم لا يزوج أخته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يجوز له ذلك، فى إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الابن لا يزوج أمه إلا أن يكون من عصبتها أو حاكمًا أو مولى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: يجوز له أن يزوج أمه. واختلفوا في ترتيب ولايته: فعند مالك وأَبِي يُوسُفَ وإِسْحَاق: أنه مقدم على الأب. وعند مُحَمَّد وَأَحْمَدة الأب مقدَّم عليه. وعند أَحْمَد في الجد رِوَايَتَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: هما سواء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في ولاية الفاسق قَوْلَانِ: أصحهما عند الأكثرين: أنه لا ولاية له، وبه قال أَحْمَد وأصحهما عند جماعة منهم الغزالي: أن له ولاية. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: تصح ولايته بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: لا يصح تزويج الولي الأبعد مع حضور الأقرب. وعند مالك: يصح إذا لم يتشاحا إلا في الأب في حق البكر، فإن زوجها الأبعد من غير كفؤٍ - كان للأقرب الاعتراض عنده، وإن أذنت للأجنبي في تزويجها من غير كفؤٍ - ففيه رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء: أن الأب مقدم على الجد في ولاية الصغيرة. وعند الْإِمَامِيَّة: الجدُّ مقدَّم عليه، فإن سبق الأب بالعقد لم يكن للجد الاعتراض عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا كان الولي على مسافة تقصر فيها الصلاة - زوجها الحاكم، ولا تزول ولاية الغائب. وكذا إن كانت المسافة مما لا يقصر فيها الصلاة - عند بعض أصحابه؛ وبهذا قال زفر. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إن كانت الغيبة منقطعة زالت ولايته؛ وانتقلت إلى الأبعد، ولا يزوِّجها الحاكم، وإن كانت الغيبة غير منقطعة لم تزل ولايته. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في حد المنقطعة: فمنهم من قال: من الرقة إلى البصرة. ومنهم من قال: من بغداد إلى الرِّي، فقيل: بقدر مائة وخمسين فرسخًا. ومنهم من قال: هو الموضع الذي لا تجيء القافلة منه في السنة إلا مرةً واحدة. وعند محمد: إذا سافر من إقليم إلى إقليم، كمن سافر من الكوفة إلى

بغداد، فهي منقطعة. وإذا كان من إقليم واحد فهي غير منقطعة. وعند النَّاصِر ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة وكذا المؤيَّد منهم - في رِوَايَة: - إذا كانت الغيبة منقطعة وعَضِلَهَا الولي - زوجها الأبعد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في الغائب دون العاضِل. وعند المؤيَّد من الزَّيْدِيَّة: فى الغيبة: تنتقل إلى الأقرب، وفي العضل: إلى القاضي، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: الصغيرة التي لم تبلغ لا يصح إذنها. وعند أحمد: إذا بلغت اليتيمة أو غيرها تسع سنين - صح إذنها في النكاح وغيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الأب والجد يملكان إجبار البكر الصغيرة، ومن سواهما لا يملك ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة: النَّاصِر، ويَحْيَى والمؤيَّد. وعند مالك وَأَحْمَد: يملك ذلك الأب دون الجد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم. وعند الحسن وعمر بن عبد العزيز وعَطَاء وطاوس - وقتادة وابن شُبْرُمَةَ والْأَوْزَاعِيّ: إذا زوَّج الصغيرة غيرُ الأب - ثبت لها الخيار إذا بلغت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة يملك تزويجها إجبارًا جميع العصبات والحاكم، إلا أنه إذا زوجها الأب والجد لا يثبت لها الخيار إذا بلغت، وإذا زوَّجها غيرهما ثبت لها الخيار إذا بلغت - في إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وغيرهما من العلماء: لا يجوز إنكاح اليتيمة حتى تبلغ، ولا يجوز الخيار في النكاح. وعند بعض العلماء من التابعين وغيرهم يقف نكاحها على البلوغ، فإذا بلغت فلها الخيار في إجازته أو فسخه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق: إذا بلغت اليتيمة تسع سنين فزُوِّجت، فرضت؛ فالنكاح جائز، ولا خيار لها إذا أدركت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ: ليس للمسلم ولاية في النكاح على ابنته الكافرة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك: له ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: سكوت البكر مع البكاء إذن، فإن صرخت مع البكاء لم يكن إذنًا - عند الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا يكون السكوت مع البكاء إذنًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: للأب والجد إجبار البكر البالغة على النكاح، وإن أظهرت الكراهة. وعند مالك واللَّيْث: للأب إجبارها دون الجد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والْإِمَامِيَّة وأَبِي ثَورٍ وأبي عبيد وَأَحْمَد - في رِوَايَة -: ليس للجد إجبارها على النكاح. وعند أكثر أهل العلم

من أهل الكوفة وغيرهم أن الأب إذا زوَّج البكر، وهي بالغة، بغير أمرها، فلم ترض بتزويج الأب - فالنكاح مفسوخ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء: البنت الصغيرة لا يجوز لأحد من الأولياء تزويجها قبل البلوغ، سواء كان الوليُّ أبًا أو جدًّا أو غيرهما، وبه قال من الحنابلة ابن حامد وابن بطة. وعند مالك: يملك الأب دون الجد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأبي بكر من الحنابلة: يجوز للأب والجد وغيرهما من الأولياء إجبارها على النكاح، والإجبار عندهم يختلف بصغر المنكوحة وكبرها. فعند الشَّافِعِيّ: - يختلف ببكارتها وثيوبتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن حامد من الحنابلة ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر: إذا ذهبت بكارتها بالزنا كان حكمها حكم الثيب بالوطء في النكاح في الإذن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: حكمها حكم البكر، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يكفي في تزويج العم والأخ ممات الأب - في أحد الوجهين، ويكفي ذلك في الوجه الثاني، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يصح التوكيل في النكاح من غير إشهاد. وعند الحسن بن صالح بن حيي، لا يصح إلا بحضرة شاهدين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ: إذا ادعى رجل أن فلانًا وكله في تزويج امرأة، فتزوجها، وضمن عنه المهر، ثم أنكر الموكل ذلك - كان القول قوله مع يمينه، وإذا حلف لا يلزمه النكاح ولا المهر، ولا يقع للوكيل، ولكن يلزمه نصف المهر، وعند محمد: يلزمه جميع المهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يصح التوكيل في النكاح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لا يجوز للولي أن يزوج وليته من نفسه، ويتصور ذلك في ابن العم والمعتق والوكيل في إيجاب النكاح، بل يزوجها منه الحاكم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الحسن ورَبِيعَة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسائر الزَّيْدِيَّة: يجوز له ذلك، ويكفي أن يقول: زوَّجتها من نفسي. وعند أَحْمَد والمغيرة بن شعبة: له أن يزوجها منه، ولا يتولى ذلك في نفسه. وعند قتادة وعبيد الله بن الحسن العنبري: يجعل أمرها إلى أقرب الناس بعده فيزوجها منه، إلا أن

قتادة يقول: إذا كره أن لا يزوجها من نفسه جاز. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: الصحيح لا يجوز للجد أن يزوج بنت ابنه بابن ابنه، ليتولى الطرفين إيجابًا وقبولاً، وفيه وجه آخر: أنه يجوز، وبه قالت الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا غاب رجل عن امرأته، فجاءها رجل يذكر أن زوجها طلَّقها طلاقًا بانت به دون الثلاث. وأنه وكله في استئناف العقد عليها بألف، فعقد عليها، وضمن الوكيل ذلك، ثم قدم الزوج، وأنكر ذلك - فالقول قوله مع يمينه، والنكاح الأول بحاله، وترجع الزوجة على الوكيل بالألف، وبه قال مالك وزفر ومحمد َوَأَحْمَد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا ترجع الزوجة بذلك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا رضيت المنكوحة بأقل من مهر المثل لم يكن للأولياء الاعتراض عليها، وبه قال الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لهم الاعتراض عليها، فإن زوجت نفسها بأقل من مهر مثلها، أو زوجها واحد منهم بذلك - ألزموا الزوج مهر مثلها، ولم يكن لهم فسخ النكاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا زوَّج الأب أو الجد الصغيرة بدون مهر مثلها كان لها مهر المثل. وكذلك إذا زوَّج ابنه الصغير بأكبر من مهر المثل ردّ إلى مهر المثل. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد: يلزمه ما سماه في الصورتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: ليس للأب قبض مهر ابنته البالغة الرشيدة. وعند أكثر العلماء: يجوز ذلك استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد - في رِوَايَة -: الكفاءة ليست شرطًا في صحة النكاح، فإذا زوجت بغير كفؤٍ برضاها ورضا سائر الأولياء - صح النكاح. وعند سفيان وَأَحْمَد وعبد الملك بن الْمَاجِشُون: هي شرط في صحة النكاح، فلا يصح هذا النكاح المذكور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء: الكفاءة معتبرة. وعند بعض الفقهاء: لا تعتبر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: إذا زوَّج الأب أو الجد من غير كُفؤٍ برضاها، أو زوّجها أحد الأولياء بغير كُفؤٍ برضاها من غير رضا سائر الأولياء - ففي صحة النكاح ثلاث صور: منهم من قال: قَوْلَانِ، ومنهم من قال: يبطل قولاً واحدًا، والثالث: يفرق بين علم الوليّ بالكفاءة وعدمها. فإذا قلنا: يصح النكاح، وكانت صغيرة - ثبت لها الخيار

إذا بلغت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا خيار لها، وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح النكاح، وليس لبقية الأولياء الاعتراض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ: لبقية الأولياء الاعتراض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم، وهو الأولى من مذهب النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: العرب ليسوا بأكفاء لقريش. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ: فنقل عنه صاحب "البيان": أنهم أكفاء لهم، ونقل عنه صاحب "الشامل": أنهم ليسوا بكفائهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: سائر قريش لبسوا بأكفاء لبني هاشم وبني الطلب، وبنو هاشم وبنو المطلب أكفاء لبعضهم البعض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: قريش بعضهم أكفاء لبعض، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ: إذا تزوجت قرشية بمولى برضاها ورضي الأولياء صح. وعند مالك: لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - في رِوَايَة -: شرائط الكفاءة ستة: الدين، والنسب، والحرية، والسلامة من العيوب المثبتة للخيار، والصنعة، واليسار - على قول -. وعند مالك وعمر بن عبد العزيز وابن سِيرِينَ وحماد وعبد بن عمير: الكفاءة: الدين وحده، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند أحمد: الكفاءة: الدين، والنسب، وهذا هو الصحيح عند الزَّيْدِيَّة. وعنه رِوَايَة أخرى: أن الكفاءة: هي الدين، والصنعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: الكفاءة: الدين، والنسب والحرية، واليسار. وعند مالك أيضًا: أن الكفاءة: الدين، والحرية، والسلامة من العيوب المثبتة للخيار. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ: الكفاءة فى: الدين، والنسب، والمال، وهي إحدى الروايتين عن أَبِي حَنِيفَةَ. وعند محمد: الدين ليس بشرط في الكفاءة، إلا أن يكون يسكر، ويخرج متظاهرًا، ويسخر منه الصبيان، ويولعوا به. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في الصنعة: فمنهم من قال: إنما لم يعتبرها على عادة العرب، فإنها كانت تفعلها لأنفسها ولا تفعلها لغيرها، وأما الآن فيه معتبرة. ومنهم من قال: لم يعتبرها بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: من له أب في الْإِسْلَام كُفُؤٌ لمن له أبوان فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: ليس بكُفُؤ له، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وشريح والحسن البصري والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد

وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا كان للمرأة وليَّان، فأذنت لكل واحد منهما أن يزوجها، ولم تعين الزوج، فزوَّجها كل واحد منهما من رجل، وعلم السابق منهما - فنكاح الأول صحيح، والثاني باطل، سواء دخلا بها أو دخل بها أحدهما. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يعلم بينهم اختلافًا في ذلك. وإن وقع العقدان معًا كان النكاح باطلاً. وعند عمر وعَطَاء والزُّهْرِيّ ومالك: إذا لم يطئها أحدهما، أو وطئاها معًا، أو وطئها الأوّل دون الثاني - فهي للأول، وإن وطئها الثاني دون الأول فالنكاح للثاني دون الأوَّل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا ادَّعى كل واحد منهما علمها بالسابق، فاعترفت لهما - بطل النكاحين. وإن أقرّت بالسبق لأحدهما ففي حلفها للآخر قَوْلَانِ. فإن اعترفت للثاني لم تنزع من الأول، فإن مات الأول: سُلّمَتَ إلى الثاني، واعتدَّت عن الأول. وإن نكلت ردّت الْيَمِين على الثاني، فإذا حلف - وقلنا: حلفه كالإقرار - كان الأول إقرار، ومع الثاني ما يجري مجرى الإقرار. وعند ابن عَبَّاسٍ: يستوفيان فيكونان كإقرارين وقعا في دفعة واحدة. وعند غيره: نكاح الأول بحاله، ويجب على الثاني مهر المثل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا زوّج الوليَّان، ولم يعلم أيُّهما زُوّج أولًا فالنكاح باطل. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ: يجبر الحاكم الزوجين على أن يطلق كل واحد منهما، فإن لم يفعلا فرَّق الحاكم بينهما، وفرقة الحاكم طلقة. وعند شريح وعمر بن عبد العزيز وحماد: تُخيَّر المرأة بين الزوجين، فأيُّهما اختارته فهي زوجته. وعند أَحْمَد - في إحدى الروايتين -: يقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة فهي له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: هل يُجبِرُ السّيدُ عبدَه البالغ على النكاح؟ قَوْلَانِ: القديم: يجبره، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والجديد: لا يجبره، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا طلب العبد النكاح من سيّده أجبر عليه - في أحد القولين - وبه قال أحمد. والثاني: لا يجبر عليه وهو الأصح. وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأكثر العلماء.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا تزوّج العبد بغير إذن وليه لم يصح نكاحه. وعند أبي حَنِيفَةَ: يصح، ويكون موقوفًا على إجازة السيّد. وعند مالك: ينعقد، وللسيّد فسخه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق: إذا تزوج العبد بغير إذن سيّده، ووطئ - وجب عليه مهر المثل. وعند أَحْمَد - في إحدى الروايتين -: يجب عليه خمس المسمى إذا لم يرد على قيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ والحسن البصري وابن المسيب والنَّخَعِيّ والشعبي والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: لا يصح النكاح إلا بحضرة شاهدين ذكرين عدلين. وعند ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن وداود وأهل الظاهر والْإِمَامِيَّة وَأَحْمَد - فى رِوَايَة -: لا يفتقر النكاح إلى الشهادة. وبه قال مالك والزُّهْرِيّ، إلا أنهما قالا: من شرطه أن لا يتواصوا بكتمانه، فإن تواصوا به لم يصح وإن حضره شهود!. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا عقد النكاح سرًا بشاهدين صح ذلك. وعند مالك: لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم: لا يصح النكاح حتى يشهد الشاهدان معًا عند عقد النكاح. وعند مالك وبعض أهل المدينة: إذا شهد واحد بعد واحد جاز إذا أعلنوا النكاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: لا ينعقد النكاح بشهادة فاسقين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: بنعقد بشهادتهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: لا ينعقد النكاح بشهادة عدوين أو شهادة رجل وامرأتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وكذا أَحْمَد - في رِوَايَة -: ينعقد بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يجوز للمسلم أن يتزوح الكتابية من وليها الكافر إذا كان عدلاً فى دينه، ولا يصح إلا بحضرة شاهدين عدلَين مسلمَينِ. وعند أحمد: لا يصح أن يتزوجها إلا من وليها المسلم، وشهادة مسلمَينِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح أن يتزوجها من وليّها الكافر، ويصح أن يكون بشهادة كافرينِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا كتب رجل إلى رجل: زوّجني ابنتك، فقرأه الولي أو غيره بحضرة شاهدين، فقال الولي: زوَّجتُه - لم يصح النكاح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد: يصح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ: إذا قال الولي: اشهدوا أني زوجت ابنتي من فلان؛ فبلغه؛ فقال: قبلت - لم ينعقد النكاح. وعند أَحْمَد - في رِوَايَة - وأبي يوسف: يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وعامة الفقهاء: الخطبة مستحبة، وليست بواجبة. وعند داود: هي واجبة وشرط في صحة النكاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وابن المسيب ورَبِيعَة والزُّهْرِيّ وَأَحْمَد: لا ينعقد النكاح بغير لفظ التزويج والإنكاح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: ينعقد بكل لفظ يتضمن التمليك في حال الحياة: كالبيع، والتمليك، والهبة، والصدقة، وفي لفظ الإجارة عنه رِوَايَتَانِ، ولا ينعقد بلفظ الإباحة والتحليل. وعند مالك: إن ذكر المهر مع الألفاظ التي تقتضي التمليك انعقد بها النكاح، وإن لم يذكر المهر لم ينعقد بها النكاح. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: إذا قال الولي: زوجتك فلانة، أو أنكحتك فلانة، فقال الزوج قبلت، ولم يقل: تزوجها، ولا إنكاحها - فثلاث طرق: أحدها: ينعقد النكاح قولًا واحدًا. والتالية: قَوْلَانِ: أحدهما: ينعقد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثاني: لا ينعقد، وهو الصحيح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا قالت المرأة: وهبت نفسي من فلان، أو قال الولي: زوجت وليتي من فلان، فبلغ الزوج ذلك، فقبل - لم يصح النكاح. وعند أَبِي يُوسُفَ: يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ: إذا قال: زوجني ابنتك، فقال الوليُّ: زوجتك - صحَّ، ولا يفتقر الزوج إلى أن يقول: قد قبلت نكاحها. وإن قال: بعني هذه السلعة بكذا، فقال: بعتك - انعقد البيع، على الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ. وعند أبي حَنِيفَةَ: لا ينعقد حتى يقول: اشتريت أو ما يقوم مقامه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: هل يصح أن يعقد النكاح بالعجمية؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لا يصح. والثاني: يصح. والثالث: إن كان يحسن العربية لم يصح بالعجمية، وإن لم يحسن صحَّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصحُّ، وإن كان يحسن العربيَّة. وعند أحمد: لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: إذا قال الأب: زوجت ولدي الصغير بالأمس -

صدق، وكذا الوكيل، وكذا السيّد في حق عبده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا يصدَّق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: لا يجوز لذوي الأرحام كالأمّ والخالة أن يعقدن النكاح على الصغيرة، ولا يخيرنها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لهن ذلك. * * *

باب ما يحرم من النكاح

باب ما يحرم من النكاح مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه: إذا اشتبهت المزوَّجة بالأجنبية أو المطلَّقة ثلاثًا بالزوجة أو المعتقة بالمملوكة لم يجز التحري في ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب، وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. وعند الداعي ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة: يجوز التحرّي في ذلك، وهو رِوَايَة عن النَّاصِر أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وكافة العلماء: أن الرجل إذا عقد على امرأة حرمت عليه كلُّ أمٍّ لها: حقيقة أو مجازًا، من جهة النسب والرضاع، سواء دخل بها أو لم يدخل. وعند علي - رضي اللَّه عنه - ومجاهد: لا تحرم إلا بالدخول بالبنت كالرَّبيبة. وعند زيد بن ثابت: تحرم بالدخول أو بالموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء: لا تحرم المرأة بالعقد على أمّها حتى يدخل بها، فإذا دخل بها حرمت عليه على التأبيد، سواء كانت في حجره أو لم تكن فى حجره. وعند علي - رضي الله عنه - وداود: لا تحرم عليه إلا إذا كانت في حجره. وعند زيد بن ثابت: تحرم عليه بالدخول بأمها أو بموتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا تزوَّج امرأة وابنتها، ثم مات، ولم يعلم السابق منهما - وقف الميراث والمهر حتى يتبين السابق منهما. وعند أحمد: يقرع بينهما، فمن خرجت قرعته حكم بسبقه منهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: المهر والميراث بينهما نصفان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء لا يعلم بينهم خلاف: أنه يحرم عليه أن يجمع بين المرأة وعمتها: الحقيقة والمجاز، من الرضاع والنسب. ويحرم عليه الجمع بين المرأة وخالتها: الحقيقة والمجاز، من الرضاع والنسب. وعند الخوارج والروافض والْإِمَامِيَّة - من الشيعة -: أنه لا يحرم ذلك، لكن الْإِمَامِيَّة يشترطون أن يستأذنهما أو ترضيا به. وعند الْإِمَامِيَّة: يجوز أن يتزوج العمة وعنده بنت أخيها، وإن لم ترض بنت الأخ، وكذا يجوز عندهم أن يعقد على الخالة وعنده بنت أختها، من غير رضى بنت الأخت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يجوز للرجل أن يجمع بين المرأة وبنت زوجها من غيره. وعند ابن أبي ليلى: لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت وَمَالِك والزُّهْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا أبان زوجته

جاز له أن يتزوج بأختها أو عمتها أو خالتها أو أربع سواها في عدتها. وعند الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ ومجاهد وأَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن عباس: لا يصح ذلك قبل انقضاء العدَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد: إذا أعتق أمَّ ولده جاز له أن يتزوج بأختها في مدة الاستبراء. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ: لا يجوز حتى ينقضي الاستبراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ: إذا جامع صبية لا يشتهى مثلها - لم يثبت تحريم المصاهرة. وعند أَبِي يُوسُفَ: يثبت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد: إذا كان له أمة يطؤها، فَوَطِئَ أختها حرمتا عليه جميعًا حتى يحرم إحداهما ببيع أو نحوه. فإن لحقت إحداهما بدار الحرب أبيحت له الأخرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا تباح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا تزوّج وثنيّ وثنية، ودخل بها ثم أسلم، وأقامت على الشرك؛ فتزوج أختها أو أربعًا سواها - لم يصح. وعند الْمُزَنِي: يكون نكاحهن موقوفًا، فإن أسلمت قبل انقضاء عدتها تبيَّن أن نكاحهن غير صحيح، وإن لم تسلم حتى انقضت عدتها صحَّ نكاحهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء: لا يجوز للرجل الجمع بين الأختين بملك الْيَمِين في الوطء، ولا بين المملوكة وبين عمتها أو خالتها بالملك في الوطء. وعند داود وأهل الظاهر: يجوز، وهي إحدى الروايتين عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا وطئ واحدة ممن ذكرنا حلَّ له وَطْؤُها، وصارت فراشًا له، ولا يحل له وطء أختها ولا عمتها ولا خالتها حتى يحرم الموطوءة: ببيع أو هبة أو عتق أو كتابة أو نكاح. وعند قتادة: إذا اشترى الموطوءة حلَّ له وطاء الأخرى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: إذا وطئ أمته، ثم تزوَّج بأختها أو عمتها أو خالتها - صحَّ النكاح، وحل وطء المنكوحة قبل أن يحرّم المملوكة، وحرم عليه وطء المملوكة. وعند أَحْمَد - في رِوَايَة -: لا يصح النكاح، وهو قول مالك - في إحدى الروايتين -. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح النكاح، ولا يحل له وطئها حتى يحرّم المملوكة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا نظر إلى أمته بشهوة لم يتعلَّق به تحريم المصاهرة. وعند ابن عمر وابن عمرو بن العاص: أنه يتعلَّق بذلك تحريم المصاهرة، فتحرم أمها وبنتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الاستمتاع فيما دون الفرج بشهوة: باللمس أو القبلة - هل

يتعلَّق به حرمة المصاهرة، وتحريم الربيبة على التأبيد؟ قَوْلَانِ: أحدهما: يتعلَّق به، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك. والثاني: لا يتعلَّق به، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا نظر إلى فرجها بشهوة لم يتعلَّق به تحريم المصاهرة، ولا تحريم الربيبة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ: يتعلَّق به تحريم ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن المسيب وعروة بن الزبير والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ: إذا زنى الرجل بامرأة لم ينتشر بها تحريم المصاهرة. فلا يحرم على الزاني نكاح المرأة التي زنى بها ولا أمها ولا ابنتها، ولا تحرم الزانية على آباء الزاني ولا أبنائه، وكذا إذا قبلها بشهوة حرامًا، أو لمسها، أو نظر إلى فرجها بشهوة حرامًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمران بن الحصين: يتعلَّق بالزنا تحريم المصاهرة، حتى قال أبو حَنِيفَةَ: إذا قبَّل امرأة بشهوة حرامًا، أو لمسها بشهوة، أو كشف عن وجهها. فنظر إليه - تعلق به تحريم المصاهرة. مسألة: وإن قبَّل أم امرأته انفسخ نكاح امرأته، وإن قبَّل امرأة أبيه انفسخ نكاح الأب. وعند الْإِمَامِيَّة موافقة أَبِي حَنِيفَةَ في انتشار حرمة الزنا فقالوا: إذا زنى بعمته أو خالته حرمت عليه بنتاهما على التأبيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وابن عَبَّاسٍ وجابر بن عبد الله وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى بامرأة لم يحرم عليه أن يتزوجها، ولا يكره له ذلك. وعند قتادة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد لا يجوز له أن يتزوجها إلا أن يتوبا. وروي عن عائشة وابن مسعود والبراء بن عازب. أنهم قالوا لا يتناكح زانيين ما اجتمعا، وظاهر هذا لا يصح أن يعقد عليها. وعند علي رضى اللَّه عنه والحسن البصري والْإِمَامِيَّة يحرم على الزاني نكاحها على التأبيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من لاط بغلام لا يتعلَّق بذلك تحريم المصاهرة، فلا يحرم بذلك ابنته وأمه على اللائط. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة يتعلَّق بذلك تحريم المصاهرة، فيحرم على اللائط من ذكرنا، وزاد الْإِمَامِيَّة تحريم أخته على اللائط أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره أن يتزوج بابنته من الزنى ولا يحرم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز له

تزوجها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وقال المتأخرون من الحنفية وهو الأصح عندهم: ويحرم أيضًا هذه على أبي الزاني وأبنائه. وعند الحسن وابن سِيرِينَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا استلحقها لحقته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ الوطء بالشبهة بأن رقت إليه غير امرأته فوطئها ظنًا منه أنها زوجته فإنه يوجب حرمة المصاهرة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد بالله. وعند يَحْيَى منهم لا يوجب الحرمة ولا خلاف أن الوطء إذا كان عن شبهة ملك نكاحًا أو يمينًا فإنه يوجب حرمة المصاهرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا زنى رجل بزوجة رجل لم ينفسخ نكاحها. وعند علي بن أبي طالب. والحسن البصري والْإِمَامِيَّة ينفسخ نكاحها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يتزوج ببنت امرأة قد وطئها أبوه. وعند طاوس إن كانت قد ولدتها قبل أن يطئها أبوه جاز أن يتزوجها، وإن ولدتها بعد أن وطئها أبوه لم يجز أن يتزوجها. واختلف في ذلك عن مجاهد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الجمع بين بنات العم. وعند عَطَاء وجابر بن زيد وسعيد بن عبد العزيز يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يفرق بين الزوجين إذا زنى أحدهما. وعند علي وجابر بن عبد الله والنَّخَعِيّ يفرق بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء يجوز نكاح حرائر أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ووطء إمائهم بملك الْيَمِين. وعند القاسم بن إبراهيم والْإِمَامِيَّة من الشيعة لا يجوز له ذلك إلا عند عدم المسلمات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره وطء الأمة الكتابية بملك الْيَمِين. وعند الحسن يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء لا يجوز مناكحة المجوس ولا أكل ذبائحهم. وعند أَبِي ثَورٍ يجوز ذلك. وعند إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة يجوز نكاح حرائرهم إذا قلنا إن لهم كتابًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن مسعود وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية والوثنية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يجوز له نكاح الأمة الكتابية. وعند بعض الناس يجوز للعبد دون الحر.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد من ولد بين وثني وكتابية لا يحل له مناكحته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحل مناكحته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من ولد بين كتابي ووثنية في حلَّ مناكحته قَوْلَانِ: أحدهما لا يحل، وبه قال أحمد، والثاني يحل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وجابر والحسن وعَطَاء وطاوس وعمرو بن دينار والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للحر المسلم أن يتزوج الأمة إلا بشرطين: أن لا يقدر على صداق حرة وأن يخاف الزنا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا لم يكن تحته حرة حلَّ له نكاح الأمة، وإن لم يخف العنت سواء كان قادرًا على صداق حرة أو غير قادر. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ إذا خاف العنت حلَّ له نكاح الأمة وإن لم يعدم الطَّول. وعند عثمان البتي يجوز له أن يتزوج الأمة بكل حال كالحرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلى إذا تزوج الأمة عند عدم الطَّول وخوف العنت، ثم أيسر أو أمن العنت أو تزوج بحرة لم يبطل نكاح الأمة. وعند الْمُزَنِي إذا قدر على طول حرة انفسخ نكاح الأمة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وابن عَبَّاسٍ إذا تزوج الحرة انفسخ نكاح الأمة، وعند الزُّهْرِيّ وَمَالِك إذا لم تعلم الحرة بكون الأمة عنده ثبت لها الخيار. وعند النَّخَعِيّ إذا تزوج بحرة فارق الأمة إلا أن يكون له منها ولد فلا يفارقها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج الحر أمة حيث جاز له لم يجز له أن ينكح أخرى. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ والعكلي يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز نكاح الأمة على الحرة. وعند عَطَاء يجوز نكاحها على الحرة، فإذا اجتمعا كان للحرة ثلثي النفقة وللأمة الثلث. وحكى ابن المنذر عن مالك أنه يجوز ويثبت للحرة الخيار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تزوج أمتين أو ثلاثًا أو أربعًا بعقد واحد لم يصح نكاح واحدة منهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب والنَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَمَالِك يصح نكاح الجميع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع بين حرة وأمة لا يصح نكاحهما في أحد القولين، وفى القول الثاني يصح نكاح الحرة دون الأمة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للعبد أن يجمع بين أربع إماء، وإنما يجوز له اثنتان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجوز له الجمع بين أربع إماء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. وعند النَّاصِر وأبي طالب والمؤيَّد منهم لا يزيد على أمة وحرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن مسعود لا يجوز للعبد المسلم نكاح الأمة الكتابية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز للعبد أن يتزوج بالأمة وعنده حرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز وطء الأمة المجوسية بملك الْيَمِين، ولا وطء إماء من لا يحل له من الكفار. وعند طاوس وأَبِي ثَورٍ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز نكاح الذمية على المسلمة ولا يكره. وعند ابن عباس يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح نكاح الحامل من الزنا. وعند رَبِيعَة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وزفر وأَبِي يُوسُفَ وابن سِيرِينَ وأبي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يجوز له وطئها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند مالك إن وطئها لزمه لها مهر المثل. وعند رَبِيعَة لا مهر عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز لها التزويج ما لم تضع حملها وتطهر من نفاسها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يصح نكاح الشغار، وهو أن يزوج الرجل وليته على أن يزوجه وليته ويكون بضع كل واحدة منهما صداقًا للأخرى ولا يسمى لها مهرًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند الزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وعَطَاء بن أبي رباح وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه النكاح صحيح والمهر باطل فيجب مهر المثل. وعند أبي طالب والداعي من الزَّيْدِيَّة أنه إذا ذكر لكل واحد منهما مهرًا صح النكاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وجميع الصحابة والتابعين والفقهاء لا يصح نكاح الْمُتعة، وهو أن يتزوج رجل امرأة مدة معلومة أو مجهولة بأن يقول: زوجني ابنتك أيام الموسم أو شهرًا. وعند ابن عَبَّاسٍ يجوز وحكى عنه أنه رجع عنه. وعند ابن مسعود وابن جريج ومجاهد وعَطَاء والْإِمَامِيَّة من الشيعة. يجوز ذلك ولا يتعلَّق به أحكام النكاح من الطلاق والإيلاء والظهار واللعان والتوارث،

وادَّعت الْإِمَامِيَّة أن جابر بن عبد الله الأنصاري وسلمة بن الأكوع وأبا سعيد الخدري والمغيرة بن شعبة وسعيد بن جبير كانوا يفتون بجواز نكاح المتعة، وممن قال بجوازه أيضًا زيد بن ثابت وأنس بن مالك ويعلي بن أمية ومعاوية وطاوس وجابر بن زيد. وعمرو ابن دينار. قال بعض العلماء: له شرطان زائدان على الشروط المعتبرة في نكاح الدوام: أحدهما تعيين الأجرة، والآخر تعيين الأجل، فإن ذكر الأجرة دون الأجل كان النكاح داِئمًا، وإن ذكر الأجل دون الأجرة كان النكاح فاسدًا، ذكره أبو الحسن بن علي بن يزيد فى كتابه المعروف بكتاب الأقضية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للرجل أن يتزوج بجارية ابنه من النسب. وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا شرط في نكاح المحلل قبل النكاح أنه إذا أحلَّها للأول طلقها أو تزوجها ونوى في نفسه ذلك وعقد النكاح عقدًا مطلقًا كره ذلك وكان العقد صحيحًا. وعند مالك وأَبِي يُوسُفَ، والثَّوْرِيّ واللَّيْث وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وَأَحْمَد والحسن والنَّخَعِيّ ووكيع وقتادة وعمر وعثمان وابن عمر وغيرهم - رضي الله عنهم - لا يصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجها على أنه إذا وطئها طلقها فقَوْلَانِ: أحدهما لا يصح، وبه قال أحمد، والثاني يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تزوجها على أنه إذا أحلها فلا نكاح بينهما بطل النكاح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا شرط ذلك قبل العقد لم يفسد العقد وإن نواه. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة يفسد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي بن أبي طالب والثَّوْرِيّ وبعض أهل الكوفة أنه إذا شرط على الزوج أن لا تخرج زوجته من مصرها في نفس العقد أنه يفسد الشرط ويصح العقد. وعند أحمد. وإِسْحَاق وعمر بن الخطاب أنه يصح الشرط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوطء في حال الحيض من الزوج الثاني يحل المطلقة ثلاثًا لزوجها الأول. وعند عَطَاء وَمَالِك وداود وَأَحْمَد لا يحلها. وزاد أَحْمَد وطء الصائمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوطء في النكاح الفاسد لا يحصل به الإحلال للزوج الأول.

وعند الحكم يحصل به الإحلال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شرط الخيار في النكاح بطل النكاح. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب على الأب الحد بوطء جارية ابنه. وعند داود يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المعتدات ثلاث: رجعية فلا يجوز لغير زوجها التعريض بخطبتها ولا التصريح، وبائن لا يحل لزوجها فيجوز لغيره التعريض بخطبتها ولا يحق له التصريح بذلك، وبائن تحل للزوج فيما بعد فلا يجوز لغيره التصريح بخطبتها. وفي جواز التعريض قَوْلَانِ. وعند داود لا تحل الخطبة سرًا، وتحل علانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عَرَّض بخطبة امرأة لا يحل له التعريض بخطبتها، أو صَرَّح بخطبتها ثم انقضت عدتها وتزوجها صح النكاح. وعند مالك يبينها بطلقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خطب رجل امرأة في الحالة التي لا يحل له خطبتها فيه وتزوجها صح ذلك. وعند داود لا يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من زنى بامرأة وهي في عدة رجعية من زوج لم تحرم عليه بذلك. وعند الْإِمَامِيَّة تحرم عليه بذلك تحريمًا مؤبدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من عقد بامرأة في عدتها مع العلم بذلك لا يصح، فإذا انقضت عدتها كان له أن يتزوجها ولا تحرم عليه أبدًا. وعند الْإِمَامِيَّة تحرم عليه أبدًا وإن لم يطئها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأة معتدة وهو لا يعلم ودخل بها فرّق بينهما، وفي تحريمها عليه مؤبدًا قَوْلَانِ: الجديد لا تحرم، وبه قال على وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وعامة العلماء، والقديم تحرم عليه مؤبدًا، وبه قالت الْإِمَامِيَّة وَمَالِك ومُحَمَّد والْأَوْزَاعِيّ، واللَّيْث وعمر - رضى اللَّه عنه - وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من طلق امرأته تسع طلقات كل ثلاث في عقد وهي تنكح غيره بعد كل ثلاث لا تحرم أبدًا. وعند الْإِمَامِيَّة تحرم عليه أبدًا. * * *

باب الخيار في النكاح والرد بالعيب

باب الخيار في النكاح والرد بالعيب مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر، وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي ثور النكاح يفسخ بالعيوب الخمسة ثلاثة يشترك فيها الزوجان: الجنون والجذام والبرص. والرتق والقرن يختص بالنساء. والجب والعنة يختص بالرجال. وعند داود لا يفسخ شيء من العيوب. وعند علي وابن مسعود، والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يفسخ النكاح بالعيوب، إلا أن أبا حَنِيفَةَ قال: إذا وجدت المرأة زوجها به جب أو عُنَّة كان لها الخيار، فإن اختارت الفراق فرق الحاكم بينهما بطلقة. وعند الحسن البصري وعَطَاء وابن أبي رباح يثبت الخيار للمرأة بالعتق دون الزوج. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة أنه يفسخ بالجذام والبرص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء لا يثبت الخيار في فسخ النكاح بغير هذه العيوب فإذا وجد الرجل زوجته عمياء أو مقطوعة اليدين أو الرجلين أو شوهاء، أو وجدت المرأة زوجها كذلك لم يثبت به الخيار. وعند زاهر السرخسي إذا وجد الرجل امرأته بخراء أو عذيوطًا وهي التي تبدي الغائط عند جماعها ثبت له الخيار في فسخ النكاح، وبه قال علي بن أبي طالب رضى اللَّه عنه وعند أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يثبت الخيار بسبعة: عيوب الغرور والعتق والعنة، والعيوب الخمسة تعد واحدًا، والبخر والصنان والعذيوط، إلا أن مالكًا لم يجعل العتق عيبًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حدثت العيوب في أثناء النكاح بالمرأة ثبت للزوج خيار الفسخ فيها في قوله الجديد، وبه قال أحمد، ولم يثبت في القديم، وبه قال مالك. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وأبو طالب وموسى بن جعفر إذا حدث العيب بهما جميعًا أو بأحدهما. لكل واحد منهما الخيار. وعند المؤيَّد منهم لا خيار له. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لو أرادت الحرة البالغة العاقلة أن تتزوج بمجذوم أو أبرص فهل للولي منعها، وجهان: أحدهما له ذلك، والثاني وبه قالت الزَّيْدِيَّة ليس له ذلك، فإن منعها صار عاضلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ المعيبة قبل العلم بعيبها ثم علمه كان له فسخ نكاحها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، وهو مذهب النَّاصِر ومذهب يَحْيَى. وعند أبي طالب

والداعي ليس له الفسخ وإنَّما له الطلاق، وبه قال يَحْيَى في كتاب الأحكام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فسخ النكاح بعد الدخول غرم المهر ورجع على من غرَّة في قوله القديم، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ وعمر بن الخطاب ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، ولا يرجع به في قوله الجديد، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ وعلي بن أبي طالب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند مالك أيضًا إن كان الولي محرمًا لها أو ممن يعلم ذلك منها غرم، وإن كان ممن لا يعلم ذلك. فإن لم يكن محرمًا كابن العم أو من العشيرة لم يغرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء أن العنة عيب تثبت للزوجة الخيار في فسخ النكاح. وعند الحكم بن عتيبة - بالتاء المثناة من فوق والياء المثناة من تحت والباء الموحدة - وداود وأهل الظاهر ليست بعيب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة يؤجل العنين سنة سواء كان حرًا أو عبدًا، فإن لم يطأ يثبت للمرأة الخيار. وعند الحارث بن رَبِيعَة يؤجل عشرة أشهر. وعند ابن المسيب يؤجل سنة إن كانت حديثة العهد، وخمسة أشهر إن كانت قديمة العهد. وعند الحكم بن عتيبة وداود يضرب له المدة ولا يثبت لها الخيار. وعند مالك يضرب للعبد نصف سنة. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لا يفرق الحاكم بينهما، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ومُحَمَّد وَأَحْمَد ابنا يَحْيَى وأبو طالب والداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا ادَّعى العنين أنه وطئها وهي ثيب وأنكرت ذلك فالقول قوله. وعند عَطَاء يريهم نطفته. وعند الْأَوْزَاعِيّ تشهده امرأتان ويترك بينهما ثوب ويجامع امرأته، فإذا قام عنها نظرنا إلى فرجها فإن كان فيه رطوبة الماء فقد صدق. وعند مالك مثل قول الْأَوْزَاعِيّ إلا أنه اقتصر على امرأة واحدة صالحة. وعند معاوية يزوج بامرأة ذات جمال صالحة ويدفع إليها المهر من بيت المال ويجمع بينه وبينها فإن أصابها فقد كذبت زوجته التي ادّعت عنته، وإن لم يصبها فقد صدقت، وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما: كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، والأخرى: يترك في بيت معها ويرينا ماءه في قطنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الفرقة الواقعة بالعنة فسخ لا طلاق وعند أَبِي حَنِيفَةَ هي طلقة بائنة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأة فوطئها ثم عجز عن وطئها لم يثبت لها الخيار ولا يحكم لها عليه بالعنة. وعند أَبِي ثَورٍ يضرب له المدة ويثبت لها الخيار. وعند مالك إذا كَفَّ الرجلُ عن الموافقة ولم يطئها من غير عذر ولا يمين رفعت أمرها إلى الحاكم ولا يتركه إلا بالوطء ويفرق بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ العنين في المدة، فإن ادَّعت المرأة بعد ذلك عجزه لم تسمع دعواها. وعند أَبِي ثَورٍ إذا ثبت عذره ضربت عليه المدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجها على أنه عنين ثم سألت أن يؤجل كان لها ذلك ويثبت لها خيار الفسخ إذا ثبتت عنته على الجديد، وفي القديم لا خيار لها، وبه قال عَطَاء والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأبو ثور وابن القاسم وَأَحْمَد. مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ إذا فسخت امرأة العنين النكاح فلا شيء لها. وعند سعيد بن المسيب وعَطَاء والنَّخَعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبي عبيد لها جميع المهر، وحكاه ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ في القديم. وروى عن عمر بن الخطاب والمغيرة بن سعيد. وعند شريح وأَبِي ثَورٍ لها نصف الصداق. مسألة: إذا بان للزوج أنها زنت أو سرقت لم يثبت لها خيار الفسخ بذلك. وعند عَطَاء إذا علم بذلك قبل أن يجامعها فليس له شيء، ويحتمل هذا القول منه أن النكاح لم يصح ويحتمل أن يثبت للزوج الخيار في فسخ النكاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجدت المرأة زوجها عقيمًا لم يثبت لها الخيار. وعند الحسن البصري يثبت لها الخيار. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق ينبغى له أن يبين عسى أن تكون امرأته تريد الولد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج العبد بإذن مولاه حرة وشرط أنه حر فقَوْلَانِ: إحداهما أن النكاح باطل، والثاني يصح وثبت لها الخيار، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأة على أنها حرة فخرجت أمة ففي صحة النكاح القَوْلَانِ الأولان، فإن قلنا إن النكاح صحيح فهل يثبت للزوج الخيار؟ طريقان: منهم من أثبته قولاً واحدًا، ومنهم من قال قَوْلَانِ: أحدهما يثبت وبه قال أحمد، والثاني لا يثبت وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حبلت المرأة من الزوج ووضعته حيًا فهو من حر

للشبهة سواء كان الزوج حرًا أو عبدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الزوج عبدًا انعقد ولده عبدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ويجب عليه قيمته يوم الوضع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يوم التراجع إلى القاضي. وعند أَحْمَد ثلاث روايات: إحداهما يضمنه بمثله من العبيد، والثانية: بالقيمة، والثالث: الخيار إليه في أحد الأمرين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج عربي بأمة فأولاده منها أرقاء لسيد الأمة. وعند ابن المسيب والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وعمر لا يثبت الرق عليهم ويقوموا على الأب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان لرجل أمة مزوجة فباعها سيدها من غير زوجها صح بيعها ولا يكون طلاقًا بل النكاح بحاله. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وأبي بن كعب وأنس وجابر بن عبد اللَّه وسعيد بن المسيب ومجاهد يكون معها طلاقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وعائشة وابن المسيب وسليمان بن يسار وَمَالِك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أعتقت الأمة وهي تحت حر لم يثبت لها الخيار في فسخ النكاح. وعند النَّخَعِيّ والشعبي وطاوس وابن سِيرِينَ ومجاهد وحماد والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يثبت لها الخيار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتقت الأمة تحت عبد ثبت لها خيار الفسخ وفي وقته ثلاثة أقوال: أصحها أنها بالخيار إلى أن يطئها باختيارها، وبه قال ابن عمر وحفصة وسليمان بن يسار وأبو قلابة ونافع والزُّهْرِيّ وقتادة وَمَالِك وَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى على الصحيح عنده، والثاني: على الفور فإن أخرت مع الإمكان سقط خيارها، والثالث: إلى ثلاثة أيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا لمسها بطل خيارها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيّد المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختارت الأمة الفسخ قبل الدخول لم يجب لها شيء. وعند قتادة لها نصف الصداق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق الزوج قبل أن يختار سقط خيارها على أحد القولين، وبه قال أحمد، ولا يسقط في القول الثاني. * * *

باب نكاح المشرك

باب نكاح المشرك مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنكحة أهل الشرك صحيحة وطلاقهم واقع، فإذا نكح مشرك مشركة وطلقها ثلاثًا لم تحل له إلا بعد زوج، ولو نكح مسلم ذمية فطلقها ثلاثًا ثم نكحها ذمي ودخل بها وطلَّقها حلت للمسلم الذي طلّقها بعد انقضاء عدتها، فيتعلق بأنكحتهم سائر الأحكام التي تتعلق بالمسلمين. وعند مالك لا تصح أنكحتهم ولا يقع طلاقهم إلا أن يقرّون عليها بالْإِسْلَام، ووافقه في الطلاق الحسن وقتادة ورَبِيعَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلق المسلم زوجته الذميَّة ثلاثًا فتزوجها ذمي ثم طلقها حلَّت للأول. وعند رَبِيعَة وَمَالِك لا تحل له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق إذا أسلم أحد الزوجين الوثنيين أو المجوسيين وأسلمت المرأة والزوج يهودي أو نصراني، أو لم يسلم الزوج، فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح، وإن كان بعده وقف النكاح فإن أسلم الكافر منهما قبل انقضاء العدة أقرا على النكاح، وإن لم يسلم الكافر منهما حتى انقضت العدة بانت من وقت إسلام المسلم منهما، وسواء كان ذلك في دار الْإِسْلَام أو في دار الحرب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أبي طالب منهم على ما ذكره أبو عبد الله الداعي عن حاصل مذهبهم أنه إذا كان قبل الدخول وقعت الفرقة في الحال، وإن كان بعد الدخول فلا تقع الفرقة إلا بأحد أمرين: إما يعرض الْإِسْلَام على الآخر وأما بانقضاء العدة إن فقد العرض، وإن مضت المدة وقعت الفرقة وتستأنف العدة وعند المؤيَّد منهم لا تستأنف العدة، وذكره منهم مُحَمَّد الفارسي في تعليقه. وعند مالك إن كانت هي المسلمة فالحكم كما قال الشَّافِعِيّ، وإن كان هو المسلم عرض عليها الْإِسْلَام في الحال فإن أسلمت وإلا انفسخ نكاحها. وعند أَبِي ثَورٍ وداود ان أسلم الزوج قبل الزوجة وقعت الفرقة بكل حال. وعند الحسن وطاوس ومجاهد وعكرمة وعمر بن عبد العزيز والحكم وقتادة تقع الفرقة بإسلام أيهما كان. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين ينفسخ النكاح في الحال وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانا في دار الحرب وكان ذلك بعد الدخول فالنكاح موقوف على انقضاء العدة كقول الشَّافِعِيّ، فإذا مضت ولم يجتمعا في الْإِسْلَام وقعت الفرقة وكان عليها استئناف العدة، وإن كانت مدخولًا بها وإن كانا في دار الْإِسْلَام سواء كان

قبل الدخول وبعده فإن النكاح لا ينفسخ بل يعرض الْإِسْلَام على المتأخر منهما فإن أسلم فهما على الزوجية وإن لم يسلم فرَّق الحاكم بينهما بطلقة، وإن لم يعرض الْإِسْلَام على المتأخر منهما وأقاما على الزوجية مدة طويلة فهما على النكاح. مسألة: إذا أسلمت الكافرة قبل الدخول انفسخ نكاحها ولا مهر لها. وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي وأبو طالب والمؤيَّد عن يَحْيَى، وقالوا: إذا أسلم الزوج وأبت هي على الْإِسْلَام كان لها نصف ما سمي لها. وعند قتادة والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجب لها نصف الصداق، وبهذا قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر أيضًا وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أسلم الزوج ولم تسلم هي وكانت غير مدخول بها فلا مهر لها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقع الفرقة بين الزوجين باختلاف داريهما، وإنما تقع باختلاف الدين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا اختلفت الدار بهما فعلاً وحكمًا انفسخ نكاحهما، كما إذا تزوج ذمي ذمية ثم نقض العهد ولحق بدار الحرب وأسلم أحد الحربيين ودخل دار الْإِسْلَام، أو عقد الأمان لنفسه ودخل دار الْإِسْلَام انفسخ نكاحهما، وإن اختلفت الدار بهما فعلاً لا حكمًا لم ينفسخ نكاحهما، كما إذا تزوج ذمي ذمية ثم خرج أحدهما إلى دار الحرب في تجارة ولم ينقض ذمته، أو دخل الحربي دار الْإِسْلَام ولم يعقد لنفسه ذمة ولا أمانًا. وإن اختلفت الدار بهما حكمًا لا فعلاً كما إذا أسلم أحد الحربيين وأقام في دار الحرب فلا ينفسخ نكاحهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الفرقة التي تحصل بين الزوجين باختلاف الدين فسخ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أسلم الزوج وامتنعت هي كانت فسخًا، وإن أسلمت الزوجة وامتنع هو كانت طلاقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومُحَمَّد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أسلم الكافر وتحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه في العدة أو كن كتابيات اختار منهن أربعًا وفارق البواقي، وسواء تزوجهن بعقد واحد أو بعقود مختلفة، وسواء اختار من نكحها أولاً أو آخرًا، إلا أن مالكًا يقول لا يرتفع النكاح في الباقيات إلا بطلاق. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يصح التخيير بحال، بل إن كان تزوجهن بعقد واحد بطل نكاح الجميع ولا يحل له واحدة منهن إلا بعقد مستأنف، وإن تزوجهن بعقود لزمه نكاح الأربع الأوائل وبطل نكاح من بعدهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم وتحته أربع إماء فإن كان على صفة يجوز أن ينكح

الأمة جاز له أن يختار منهن، وإن كان موسرًا لم يجز له أن يختار منهن واحدة بل ينفسخ نكاحهن. وعند أَبِي ثَورٍ يجوز له أن يختار منهن واحدة وإن كان موسرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ نكاحهما في الحال. وعند داود لا ينفسخ النكاح بالردة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك في رِوَايَة إذا ارتد أحد الزوجين بعد الدخول لم ينفسخ نكاحهما في الحال، ووقف على انقضاء العدة فإن عاد للإسلام قبل انقضاء العدة فهما على النكاح وإن لم يعد حتى انقضت العدة انفسخ نكاحهما، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند الحسن وعمر بن عبد العزيز والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَمَالِك في الرِوَايَة الأخرى وأَبِي ثَورٍ وزفر وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينفسخ النكاح فى الحال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي وكذلك الداعي عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا ارتدا معًا فإن كان قبل الدخول انفسخ نكاحهما في الحال، وإن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدة، فإن رجعا إلى الْإِسْلَام قبل انقضائها فهما على النكاح، وإن انقضت قبل إسلامهما بانت منه بالردة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينفسخ العقد استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انتقل اليهودي أو النصراني إلى دين يقر أهله عليه فقَوْلَانِ: أحدهما لا يقر عليه، والثاني يقر عليه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سُبي الزوجان انفسخ نكاحهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينفسخ نكاحهما. * * *

كتاب الصداق

كتاب الصداق مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وابن المسيب والحسن ورَبِيعَة والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة الصداق غير مقدر ويصح في القليل والكثير شرط أن يكون مما يجوز أن يكون ثمنًا، فلا يصح بنواة أو قشرة بصلة أو قمع باذنجانة أو ليطة أو حصاة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يقدر أقله بما يقطع به يد السارق ربع دينار أو ثلاثة دراهم. فعند مالك ربع دينار وعند أَبِي حَنِيفَةَ دينار أو عشرة دراهم، فإن ذكر أقل من ذلك فعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد كملت العشرة، وعند زفر سقط المسمى ويجب مهر المثل. وعند ابن شُبْرُمَةَ أقله خمسة دراهم. وعند النَّخَعِيّ أقله أربعون درهمًا، وروى عنه رطل ذهب. وروى عنه عشرة أو عشرون. وعند سعيد بن جبير أقله خمسون درهمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجميع العلماء أنه لا حد لأكثر الصداق، وهو إجماع لقوله تعالى: (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا) واختلفوا في القنطار فعند ابن عَبَّاسٍ هو سبعون ألف مثقال. وعند أبي صالح مائة رحل. وعند معاذ ألف ومائتا أوقية. وعند أبي سعيد الخدري القنطار ملء مسك ثور ذهبًا، ومسك الثور جلده. وعند الْإِمَامِيَّة أكثره محدد فلا يتجاوز به خمسمائة درهم أو خمسون دينارًا، فإن زاد إلى ذلك ردّ إلى هذه السنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن شفعة الحر تجوز أن تجعل صداقه إلا أن مالك يكره ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يصح أن يجعل ذلك صداقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة والْإِمَامِيَّة يجوز أن يكون تعليم القرآن صداقًا، إلا أن مالكًا يكره ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق يجوز أن يكون تعليم القرآن صداقًا. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عقد النكاح لمهر باطل كالخمر والخنزير والحر أو المجهول سقط المسمى وصح النكاح ووجب مهر المثل،

وبه قالت الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي يُوسُفَ. يجب قيمة الخمر لو كان خلاً والخنزير لو كان شاة والحر لو كان عبدًا، وبه قال بعض الزَّيْدِيَّة. وعند عمر وَأَحْمَد وكذا مالك في إحدى الروايتين لا يصح النكاح، وحكى بعض الشَّافِعِيَّة أنه قول قديم للشافعي وليس بمشهور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تزوجها على أنه لا مهر لها فالنكاح صحيح والشرط فاسد. وعند مالك النكاح باطل، وعنه أنه يصح ولهذا ثلاثة دراهم أو خمسة قراريط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا عقد النكاح بمهر فاسد أو باطل وجب لها مهر مثلها بالغًا ما بلغ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لها الأقل من مهر المثل أو المسمى، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، وعند أَحْمَد يستحق التسمية بالدخول في النكاح كالصحيح سواء وبه قال مالك ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجها على عبد أو ثوب موصوف في ذمته لزمه تسليم ذلك على ما وصف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إن شاء سلَّم العبد بصفته وإن شاء دفع قيمته، وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الثوب رِوَايَتَانِ. إحداهما كقولنا، والثانية كالعبد عنده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج أربع نسوة بصداق واحد، أو خالع أربع نسوة بعوض واحد، أو كاتب أربعة أعبد بعوض واحد فقَوْلَانِ: أحدهما تصح العقود كلها والمهر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، والثاني يصح النكاح والخلع ويفسد العوض فيهما والكتابة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأتين إحداهما لها زوج، فالتي لها زوج نكاحها فاسد والتي لا زوج لها يبنى على تفريق الصفقة، فإن قلنا تفرَّق صح نكاحها. وفي المهر قَوْلَانِ: أحدهما يجب مهر المثل، والثاني يجب لها بالقسط من الألف يتقسط على مهر مثلها، وبه قال أبو يوسف ومُحَمَّد وَأَحْمَد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون الألف جميعه لها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زوَّج الأب والجد الصغيرة أو الكبيرة بلا مهر أو بأقل من مهر مثلها أو وكل رجلاً ليزوجها فزوجها بلا مهر مثلها وبأقل من مهر مثلها صح النكاح ووجب لها مهر المثل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان المسمى لا ينقص عن أقل المهر وهو عشرة دراهم صح المهر.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تزوج ذمّي بذمية وسمى لها خمرًا أو خنزيرًا ثم أسلما قبل التقابض فلها مهر مثلها. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ فنقل عنه صاحب البيان أنه لا يحكم عليه إلا بما سمى، ونقل عنه صاحب المعتمد والدر الشفاف أنه إن كان معيَّنًا فليس لها إلا ذلك، وإن كان غير معيَّن فلها في الخمر والخنزير مهر المثل استحسانًا. وعند مُحَمَّد لها قيمته ذلك في الوجهين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج ذمي ذمية على أن لا مهر لها أو سكت عن ذكره وجب لها بالدخول مهر المثل وكان لها المطالبة بالقرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يثبت لها المهر، وعنه رِوَايَة أخرى إذا سكتت وجب لها مهر المثل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وإِسْحَاق وكذا أَحْمَد في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قالت الأمة لسيدها أعتقني على أن أتزوجك ويكون عتقي صداقي فأعتقها أو قال الرجل لأمته أعتقتك على أن تتزوجي بي ويكون عتقك صداقك وقالت قبلت عتقت، ولا يلزمها أن تتزوج به. وعند الْأَوْزَاعِيّ يلزمها أن تتزوج به فإن لم يفعل أجبرها الحاكم. وعند سعيد بن المسيب وطاوس وأبي سلمة بن عبد الرحمن والنَّخَعِيّ والحسن البصري والزُّهْرِيّ وإِسْحَاق وأنس وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين إذا كان ذلك بحضرة شاهدين انعقد النكاح. وعند أَحْمَد أيضًا وأَبِي يُوسُفَ إذا تزوجته فلا مهر لها سوى العتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لها مهر مثلها إلا أن يكون هناك تسمية فتستحق المسمى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قلنا لا يلزمها أن تتزوج به فيلزمها له قيمتها. وعند مالك وزفر لا يلزمها له شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجها على أن يحج بها لم يصح الصداق ووجب لها مهر المثل. وعند النَّخَعِيّ يصح الطلاق، فإن طلقها قبل الدخول كان لها نصف ما يحج به مثلها، وحكى ذلك أبو عبيد عن مالك والْأَوْزَاعِيّ وسفيان الثَّوْرِيّ. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ إن طلقها قبل الدخول نحو قول النَّخَعِيّ، وهو اختيار الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تزوجها على صداق بعضه عاجل وبعضه آجل ولم يذكر أجلاً معلومًا لم تصح التسمية ووجب لها مهر المثل. وعند الحسن البصري وحماد والثَّوْرِيّ وأبي عبيد ذلك جائز ويكون كله حالًّا. وعند الحسن والنَّخَعِيّ يصح ذلك ويكون الآجل إلى حين الطلاق أو الموت. وعند مالك ينظر إن كان دخل بها وجب لها مهر مثلها نقدًا، وإن كان عادة أهل ذلك البلد تأخيره إلى حين الطلاق أو

الموت وجب لها تأخيره، وإن لم يكن دخل بها فإنه يخير الرجل بين تعجيل المهر وبين فسخ ذلك النكاح. وعند إياس بن معاوية وقتادة يحل الأجل بطلاقها وبإحرامها في مصرها أو بتزويجه عليها، وعند مَكْحُول، وعبيد الله بن الحسن يحل الأجل بعد سنة بعد دخوله بها، وعند أَحْمَد تصح التسمية ويكون الانتهاء بالفرقة أو الموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شرطت المرأة على الزوج أن لا يسافر بها ولا يتسرى عليها فالشرط باطل والنكاح صحيح، وعند أَحْمَد وعمر ومعاوية وشريح وعمر بن عبد العزيز وأبي الشعثاء الشرط صحيح، وإن لم يف لها ثبت لها الخيار في فسخ النكاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجها على ألف إن لم يخرجها من البلد وعلى ألفين إن أخرجها فالمهر فاسد ويجب لها مهر المثل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن وفَّى لها بالشرط الأول كان لها الألف وإن لم يوفِ لها كان لها مهر المثل. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد الشرطان جائزان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يرد الصداق بالعيب الفاحش وبالعيب اليسير مما يعد عيبًا فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لا يرد باليسير ويرد بالمتفاحش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يملك الأب قبض صداق البكر البالغ بغير إذنها. وعند أبي حَنِيفَةَ له أن يقبض صداقها ما لم تنهه. وإن كانت ثيبًا لم يكن له قبضه إلا بإذنها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا تبرعت وسلمت نفسها ووطئها الزوج لم يكن لها أن تمتنع بعد ذلك، بل يجبر الزوج على تسليم الصداق وإن كان موسرًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة: لها أن تمتنع بعد ذلك حتى تقبض صداقها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا عقد بمهر صحيح وزاد بعد العقد خمسمائة ثم طلقها قبل الدخول لزمه نصف الألف فقط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وكذا الأخوان من الزَّيْدِيَّة يلزمه نصف الألف ونصف الخمسمائة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلقها قبل الدخول وقد اشترت بالصداق جهازًا لزمها ردّ نصف الصداق دون الجهاز. وعند مالك له نصف الجهاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الصداق عينًا فأرادت الزوجة أن تتصرف فيها بالبيع

والهبة وما أشبه ذلك قبل القبض لم يصح وعند إلياس يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الصداق عينًا وهلكت في يد الزوج قبل القبض فقَوْلَانِ: الجديد يرجع عليها بمهر مثلها، والقديم يرجع عليه ببدل العين التالفة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأَحْمَد إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا أصدقها عبدًا فخرج حرًا رجعت إلى مهر المثل لأن الحر لا قيمة له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تزوجها ثم خالعها ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول وجب لها نصف المسمى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب لها جميعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الخلوة لا تقرر المهر ولا توجب المهر ولا توجب العدة، ولا يرجح قول من يدعي الإصابة في قوله الجديد، وبه قال ابن عَبَّاسٍ وابن مسعود والشعبي وابن سِيرِينَ وطاوس وأبو ثور وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ واختلف أصحاب الشَّافِعِيّ في قوله القديم فقال بعضهم: يرجح بها دعواها، وهو قول مالك ويستوي في الخلوة بين أن يكون في بيتها أو بيته، ومنهم من قال: تقرر المهر وتوجب العدة وهو المنصوص في القديم، وبه قال على وابن عمر والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وعلي بن الحسين وعروة بن الزبير وزيد بن ثابت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا بالقديم وأن الخلوة تقرر المهر فخلا بها وهو محرم أو صائم، أو هي محرمة أو صائمة أو حائض أو رتقاء فلا يستقر به المهر، وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين يستقر مع وجود ذلك كله. ولأصحاب الشَّافِعِيّ كالروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ المهر بالخلوة في النكاح الفاسد لا يستقر. وعند أَحْمَد يستقر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قلنا الخلوة تقرر المهر فخلا بها وهو محرم أو صائم أو عنين أو مجبوب استقر الصداق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستقر فيما عدا المجبوب والعنين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة الموت في إحدى الروايتين بمنزلة الدخول فيكمل المهر به. وعند النَّاصِر وعبيد الله بن الحسن من الزَّيْدِيَّة هو بمنزلة الطلاق لا بمنزلة الدخول. مسألة: المنصوص للشافعى أن الحرة إذا قتلت نفسها أو قتل السيّد أمته أو قتلت الأمة

نفسها أنه لا يسقط مهر الحرة ويسقط مهر الأمة، ومن أصحابه من قال قَوْلَانِ: أحدهما يسقط مهرها، والثاني لا يسقط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يسقط مهر الحرة ويسقط مهر الأمة إذا قتلها سيدها، وفي قتلها نفسها رِوَايَتَانِ. وعند أَحْمَد لا يسقط مهر الحرة ولا الأمة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يسقط مهر الأمة إذا قتلها مولاها ويكون لها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أصدقها عينًا فزادت زيادة متصلة كالسمن وتعلم الصنعة وغير ذلك ثم طلقها قبل الدخول فالمرأة بالخيار بين أن تعطيه نصف العين مع زيادتها وبين أن تعطيه قيمة العين. وعند مُحَمَّد يرجع عليها بنصف العين مع الزيادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصدقها جارية وسلمها إليها فولدت في يدها ثم طلقها قبل الدخول رجع في نصف الجارية دون ولدها، وهذا إذا كان للولد سبع سنين فإن كان له دون ذلك رجع في نصف الجارية دون ولدها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع بنصف القيمة بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أصدقها جارية أو شاة فولدت في يد الزوج ثم طلقها قبل الدخول كان الولد للمرأة ولا ينتصف بالطلاق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك ينتصف بالطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المرأة تملك الصداق بنفس العقد. وعند مالك تملك نصفه بالعقد وجميعه بالدخول، فحكى عنه أنه قال: إنه مراعى غير مستقر ولا يستحق بمجرد العقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجها بمهر مؤجل ثم دخل بها لم يحل الأجل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند المؤيَّد منهم يحل الأجل بالدخول بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا طلقها قبل الدخول ملك الزوج نصف الصداق بنفس العقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يملكه بالطلاق واختيار الملك، وبه قال أبو إِسْحَاق من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترت المرأة زوجها قبل الدخول سقط مهرها. وعند بعض أصحابه لا يسقط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ينتقل مهرها إلى ثمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تزوجها على عبد وأقبضها إياه ثم طلقها قبل الدخول وأعتق حصته صح العقد، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج في القول الجديد، وبه قال على وجبير بن مطعم وابن المسيب وسعيد بن جبير وشريح ومجاهد وَأَحْمَد وأهل الكوفة والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وفي القول القديم هو الولي وهو الأب والجد، وبه قال ابن عَبَّاسٍ والحسن البصري والزُّهْرِيّ وطاوس ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأة بمهر حرام أو مجهول وجب لها مهر مثلها فإن أبرأته منه وهي لا تعلم قدره لم تصح البراءة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا نقص الصداق في يد الزوجة ثم طلقها قبل الدخول فالزوج بالخيار بين أن يأخذه ناقصًا ولا شيء له وبين أن يأخذ نصف قيمته. وعند أَحْمَد في رِوَايَة له الخيار بين أن يأخذه ناقصًا ويأخذ الأرش وبين نصف قيمته يوم أصدقها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وهبت الصداق له فطلقها قبل الدخول فإن كان الصداق عينًا فقَوْلَانِ: أحدهما: يرجع عليها بنصفه، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وصاحباه وَأَحْمَد في رِوَايَة سواء وهبته له قبل القبض أو بعده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر على الأصح من مذهبه. وهو قول يَحْيَى منهم، والثاني لا يرجع عليها شيء، وبه قال أبو ثابت من الزَّيْدِيَّة وصححه. وإن كان دينًا فأبرأته منه فوجهان مرتبان على القولين، وأولى بأن لا يرجع. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة والْمُزَنِي لا يرجع عليها شيء، وبه قال أبو حَنِيفَةَ فى العين، وقال في الدين. إذا أبرأته لا يرجع عليها، وإذا قبضته ثم وهبته ثم طلقها رجع عليها. وعند زفر لا يرجع في الكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وهبته بعوض رجع عليها بالصداق. وعند الزَّيْدِيَّة لا يرجع بشيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وهبت له نصف الصداق ثم طلقها قبل الدخول وقلنا إن هبة الكل تمنع الرجوع لم يرجع عليها شيء في أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ويرجع عليها نصف الباقي في الثاني وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومحمد، واختاره المزني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لاعَنَها قبل الدخول وجب لها نصف المهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحكم وحماد لها الصداق كاملاً. وعند الزُّهْرِيّ لا شيء لها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب للمفوضة البضع مهرًا بالعقد بل بالدخول، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب لها مهر المثل بالعقد، وهو قول للشافعي. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجب بالدخول أيضًا بل يبقى صداقها بغير مهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ إذا فوضت مهرها، وهي التي تقول زوجتك على أن تقرضني ما شئت أو ما تشاء من المهر، أو سميا تسمية فاسدة فإنه يجب لها مهر المثل بالعقد وينتصف بالطلاق قبل الدخول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى، واختاره المؤيَّد منهم، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا ينتصف ويجب لها المتعة، وبه قال الداعي من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلَّق المفوضة قبل الدخول بعد ما فرض لها وجب لها نصف المفروض ويستقر جميعه بالدخول أو الموت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط المفروض كله ويجب لها المتعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ماتت مفوضة البضع أو مات زوجها لم يجب لها المهر في أحد القولين، وبه قال علي وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وزيد بن ثابت وابن مسعود وأهل المدينة والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وابن أبي ليلى وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وكذا ابن مسعود وَأَحْمَد في رِوَايَة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول يجب لها مهر مثلها بالعقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في رِوَايَة مهر المثل يعتبر بنساء عصباتها كالأخوات وبنات الإخوة والعمات وبنات الأعمام، ولا يعتبر بنساء أرحامها كأمها وخالاتها، ولا بنساء بلدها من غير عصباتها مع وجود عصباتها. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي حَنِيفَةَ يعتبر بنساء أرحامها من الأمهات والخالات، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. واختلف النقل عن مالك فنقل عنه صاحب البيان أنه يعتبر بنساء بلدها، ونقل عنه صاحب المعتمد والشاشي يعتبر بمن كان في مثل حالها ومالها وشرفها من سائر النساء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نكح العبد بغير إذن سيّده لم يصح النكاح. وعند مالك يصح وللسيد فسخه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون النكاح موقوفًا على إجازة السيّد، بناه على أصله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يزوج عبده من أمته من غير ذكر الصداق، والمستحب أن يذكره على أحد القولين، والثاني ذكره وعدمه سواء. وعند الْأَوْزَاعِيّ لابد من ذكره

ولو درهم. وعند مالك لا يجوز ذلك، وإن مات بالدخول مضى النكاح وفرض له ربع دينار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب ذكره ويسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأة شرط أن يكون لأبيها شيئًا يتفقان عليه غير المهر لم يصح ووجب لها المهر. وعند عَطَاء وطاوس وعكرمة وعمر بن عبد العزيز ومالك والثَّوْرِيّ وأبي عبيد يصح الشرط. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يصح ذلك للأب دون الأولياء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأة على أن صداقها ألف إن لم يكن له زوجة أو ألفان ان كان له زوجة لم يصح الصداق ووجب لها مهر المثل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان له زوجة فلها ألفان وإن لم يكن له زوجة فلها مهر مثلها ولا ينقص من الألف شيء ولا يتجاوز بها ألفين. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وإِسْحَاق لها جميع ما سمى لا ينقص منه ولا يزاد عليه في الشرط الآخر والأول كما سمى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجبر المرأة على شراء متاع البيت من صداقها وعند مالك ليس لها أن تقضي به دينًا ولا أن تنفقه لما يصلحها لغير بيتها، إلا أن يكون من الصداق شيئًا كثيرًا فتنفق شيئًا يسيرًا أو تقضى به من دينها شيئًا يسيرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للرجل أن يدخل بالمرأة قبل أن يعطيها شيئًا من مهرها. وعند الزُّهْرِيّ وقتادة وَمَالِك وابن عمر وابن عَبَّاسٍ لا يدخل عليها حتى يعطيها شيئًا من مهرها. قال مالك: وأدناه ربع دينار أو ثلاثة دراهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زوج الأب ابنه الصغير فإن الصداق يكون من مال الابن. وعند الشعبي ويَحْيَى الأنصاري وحماد الصداق على الأب وعند مالك إن لم يكن للغلام مال حين التزويج فالصداق على الأب، وإن كان له مال عند التزويج فالصداق فى ماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج بذات رحم محرم ولم يعلم ثم دخل بها وعلم بعد ذلك فرق بينهما ولها مهر المثل. وعند طاوس لها نصف الصداق. وعند الشعبي لا شيء لها. وعند الحسن يكون لها ما قبضت ويسقط المؤجل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لها الأقل من مهر المثل والمسمى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قبلها بحضرة جماعة لم يستقر المهر. وعند أَحْمَد يستقر. * * *

باب اختلاف الزوجين في الصداق

باب اختلاف الزوجين في الصداق مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ إذا اختلف الزوجان في قدر المهر أو في جنسه أو في عينه أو في أجله ولا بينة لهما ولا لأحدهما تحالفا، سواء كان اختلافهما قبل الدخول أو بعده، وسواء كان قبل الطلاق أو بعده. وعند مالك إن كان الاختلاف قبل الدخول تحالفا وفسخ النكاح. وإن كان بعده فالقول قول الزوج، وعند النَّخَعِيّ وابن شُبْرُمَةَ وابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ القول قول الزوج بكل حال، إلا أن أبا يوسف قال: إلا أن يدعي الزوج مهرًا. مستنكرًا بأن يذكر مهرًا لا يتزوج بمثله في العادة كحبة فلا يقبل، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وسائر الزَّيْدِيَّة إن كان اختلافهما بعد الطلاق فالقول قول الزوج، وإن كان اختلافهما قبله فالقول قول الزوجة، إلا أن يدعى أكثر من مهر مثلها ويكون القول قولها في قدر مهر مثلها. وفي الزيادة القول قول الزوج، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة عليها البينة في جميع الأحوال حتى قال النَّاصِر: إذا اختلفا في الفرض والتسمية كان عليها البينة أيضًا. وقال سائر الزَّيْدِيَّة: إن كان قبل الدخول فعليها البينة، وإن كان بعده فمهر المثل واجب ويجب البينة للزائد على مهر المثل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تحالفا لم ينفسخ النكاح. وعند مالك ينفسخ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف ورثة الزوجين تحالفوا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن مات أحد الزوجين كان كالاختلاف في حياة الزوجين، وإن ماتا جميعًا فالقول قول ورثة الزوج. مسألة: نقل صاحب المعتمد والشاشي عن الشَّافِعِيّ إذا ادَّعى ورثة المرأة التسمية وأنكرها ورثة الزوج لم يحكم عليهم بشيء. وعند مُحَمَّد يحكم بمهر المثل. وعند زفر يحكم بعشرة دراهم. وعند الحنفية لا يقضي بشيء إذا تقادم. وظاهر كلام صاحب الشامل أن مذهب الشَّافِعِيّ التحالف، وأن الذي نقله صاحب المعتمد والشاشي مذهب أَبِي حَنِيفَةَ وهو صحيح كما قال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والشعبي وسعيد بن جبير وَأَحْمَد وأهل الكوفة وابن شُبْرُمَةَ وابن أبي ليلى وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اختلف في قبض الصداق ولا بينة

فالقول قول الزوجة مع يمينها، سواء كان قبل الدخول أم بعده. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ إن كان الاختلاف قبل الدخول فالقول قولها، وإن كان بعده فالقول قول الزوج. وقالت المالكية: إنما قال مالك ما قال إذا كانت العادة تعجيل الصداق كما كان في المدينة، أو كان الاختلاف فيما يعجل منه في العادة. وعند فقهاء المدينة السبعة إن كان الاختلاف قبل الزفاف فالقول قولها وإن كان بعده فالقول قوله. وعند ابن شُبْرُمَةَ أيضًا إذا ولدت منه كان القول قوله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قالت الزوجة: الذي قبضت هدية، وقال: بل مهرك فالقول قوله. وعند مالك إن كان ما جرت به العادة أن يهديه الزوج للزوجة كالثوب والمقنعة والطيب فالقول قولها. * * *

باب المتعة

باب المتعة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ المتعة واجبة. وعند مالك واللَّيْث وابن أبي ليلى هي مستحبة وليست بواجبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتعة واجبة سواء كان الزوجان حرين أو مملوكين، أو أحدهما حرًا والآخر مملوكًا. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا تجب المتعة إلا إذا كانا حرين، فإن كانا مملوكين أو أحدهما لم تجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المفوضة بعد الدخول لها المتعة في القول الجديد، وبه قال عمر وعلي والحسن بن علي وابن عمر ولا يجب في القول القديم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد في إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الواجب في المتعة ما يقع عليه الاسم وإن قل، كالصداق فى أحد الوجهين، وفي الوجه الثاني يقدرها الحاكم على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي، وهي إحدى الروايتين عن أحمد. وعنده في الرِوَايَة الأخرى ما يجزي في الصلاة وعند أَبِي حَنِيفَةَ ثلاثة أثواب: درع وخمار وملحفة، إلا أن يكون نصف مهر مثلها أقل من ذلك فينقصها ما لم ينقص من خمسة دراهم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. * * *

باب الوليمة والنثر

باب الوليمة والنثر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الوليمة فيما عدا العرس لا يجب بل يستحب. وعند أَحْمَد لا يستحب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه أن وليمة العرس واجبة، وعند أَحْمَد وأكثر العلماء مستحبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الإجابة إلى وليمة العرس واجبة. وعند مالك وَأَحْمَد مستحبة، وبه قال بعض فقهاء الشَّافِعِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وعكرمة وابن سِيرِينَ وابن أبي ليلى وَمَالِك وَأَحْمَد يكره النثر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحسن البصري والنَّخَعِيّ وأبي عبيد وابن المنذر وَأَحْمَد في رِوَايَة أنه لا يكره. وعن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَة أنه مستحب. * * *

باب عشرة النساء والقسم

باب عشرة النساء والقسم مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ للزوج أن يجبر زوجته المسلمة والذمية على الغسل من الحيض والنفاس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له إجبار الذمية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجبر الزوج على وطئ زوجته من غير إيلاء. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ إذا طالبت المرأة بالوطء وامتنع جعل له ثلاثة أيام ولها يوم وليلة. وعند مالك إذا امتنع من الجماع من غير عذر أجبر على الوطئ، فإن وطئ وإلا فرق بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وأبي الدرداء ورافع بن خديج ومجاهد والحسن البصري وعكرمة وقتادة وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وأكثر العلماء أن وطء الزوجة في دبرها حرام، وحكاه العراقيون من أصحاب مالك عنه، وحكى البصريون وأهل العرب عنه أنه مباح ونص عليه في كتاب السير. وسئل مالك عن ذلك فقال: الآن اغتسلت منه، ونقله أيضًا الحكم عن الشَّافِعِيّ وخطّأه جميع أصحاب الشَّافِعِيّ في نقله وكذبوه في ذلك. وأباحه ابن أبي مليكة وزيد بن أسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الاستمناء محرم وهو إخراج الماء الدافق بيده. وعند الْإِمَامِيَّة إذا فعل ذلك ضرب بالدرة على يده الضرب الشديد حتى تحمرَّ. وعند كافة العلماء يعزر التعزير المعروف. وعند ابن عَبَّاسٍ نكاح الأمة خير منه وهو خير من الزنا. وعند أَحْمَد وعمرو بن دينار أنه يرخص فيه. وعند أَحْمَد أنه يباح لخوف العنت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وسائر الزَّيْدِيَّة إذا كانت الزوجة أمة جاز له أن يعزل عنها، وهو أن يولج فإذا قارب الإنزال نزع وأنزل خارج الفرج، ولا يحتاج إلى إذنها ولا إلى إذن سيدها. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي يُوسُفَ يفتقر إلى إذنها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا يجوز العزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها. وعند جماعة من الصحابة والتابعين يجوز ذلك بغير إذنها. وعند جماعة من الصحابة والتابعين أنه يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يقسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة. وعند مالك وداود يسوي بينهما.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأنس بن مالك والشعبي والنَّخَعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان عنده زوجة أو زوجات فتزوج بكرًا أقام عندها سبعًا ولا يقضي الباقيات، وإن تزوج ثيبًا فهو بالخيار بين أن يقيم عندها ثلاثًا ولا يقضي أو يقيم عندها سبعًا ويقضي ما زاد على الثلاثة. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ يقضي السبع كلها. وعند الحسن البصري وابن المسيب يقيم عند البكر ليلتين وعند الثيب ليلة. وعند خلاس بن عمرو ونافع مولى ابن عمر والْأَوْزَاعِيّ يقيم عند البكر ليلتين وعند الثيب ليلة. وعند الحكم وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وداود يقيم عند البكر سبعًا وعند الثيب ثلاثًا ويقضي مثل ذلك للباقيات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للرجل أن يسافر بإحدى نسائه بغير قرعة أو بغير رضاهن. وعند مالك في إحدى الروايتين له ذلك بغير قرعة وبغير رضاهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سافر ببعض نسائه بالقرعة لم يقض للباقيات إن كان السفر طويلاً، وإن كان قصيرًا لم يقض على الصحيح. وعند داود يلزمه القضاء للمقيمات في السفر الطويل. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقضي بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سافر بواحدة من نسائه من غير قرعة لزمه أن يقضي المقيمات مدة عينية إذا قدم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك لا يلزمه ذلك. * * *

باب النشوز

باب النشوز مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دعى زوجته إلى فراشه فامتنعت وصرحت بذلك وتكرر منها كان له أن يضربها، وإن امتنعت ولم يتكرر منها ذلك ففيه قَوْلَانِ: أصحهما له ضربها. والثاني لا يضربها وبه قال أحمد. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ هل هما حاكمان أو وكيلان؟ على قولين: أحدهما أنهما حاكمان فيحكمان على ما يريانه من فرقة وإصلاح، وبه قال الشعبي وأبو سلمة ابن عبد الرحمن وسعيد بن جبير وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وعلي وابن عَبَّاسٍ واختاره ابن المنذر، والثاني: هما وكيلان فلا يوقعان الفرقة إلا برضى الزوجين، وبه قال الحسن وعَطَاء وَأَحْمَد. * * *

كتاب الخلع

كتاب الخلع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء الخلع ثابت وليس بمنسوخ. وعند بكر بن عبد الله الْمُزَنِي - أنه منسوخ. وعند ابن المنذر أنه سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح الخلع، وإن كان النشوز من جهة الزوج ويملك العوض إلا أنه لا يحل له أن يتعمد ذلك. وعند ابن عباس وعَطَاء والشعبي والنَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ والقاسم بن مُحَمَّد وعمرو بن شعيب وعروة بن الزبير والزُّهْرِيّ وحميد بن عبد الرحمن وقتادة والثَّوْرِيّ وَمَالِك في رِوَايَة وإِسْحَاق وأبي ثور لا يصح الخلع إذا كان النشور من جهة الزوج ولا يملك العوض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يصح الخلع من غير خوف النشوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند مالك لا يصح الخلع إلا عند خوف النشوز من جهتها وطلبت هي ذلك، فلو خالعها من غير خوف النشوز كان الطلاق والفدية مردود، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى، وهو الظاهر من مذهب سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم تكره من زوجها شيئًا تراضيا على الخلع من غير سبب جاز ولم يكره. وعند الزُّهْرِيّ وعَطَاء وداود لا يصح الخلع بالمهر المسمى وبأقل منه وبأكثر منه، وبه قال المؤيَّد من الزَّيْدِيَّة، وعند طاوس والزُّهْرِيّ والشعبي وعمرو بن شعيب لا يجوز المخالعة على أكثر من الصداق. وعند أحمد وإِسْحَاق وأبي عبيد يصح ذلك ويكره. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى لا يجوز أن يخالع ابنته شيء من مالها. وعند مالك يجوز ذلك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يملك الأب أن يطلق امرأة ابنه الصغير والمجنون بعوض ولا بغير عوض. وعند الحسن وعَطَاء وَأَحْمَد له أن يطلقها بعوض وبغير عوض. وعند مالك له أن يطلقها بعرض ولا يصح بغير عوض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا قال رجل لآخر طلق امرأتك بألف عليَّ وقع

الطلاق بائنًا واستحق الزوج الألف على السائل. وعند أَبِي ثَورٍ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يستحق الألف على السائل ويقع الطلاق رجعيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يصح الخلع من غير حاكم. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ لا يصح إلا بالحاكم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح طلاق السفيه وخلعه ويسلم المال في الخلع إلى وليه. وعند أَبِي يُوسُفَ وابن أبي ليلى لا يصح ذلك منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لفظ الخلع طلاق في أصح القولين وهو الجديد، وبه قال عثمان وعلي وابن مسعود وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه واختاره الْمُزَنِي، وفسخ في القول الآخر وهو القديم، وبه قال ابن عَبَّاسٍ وعكرمة وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ واختاره ابن المنذر، وكذا المسعودي من الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال إن أعطيتني ألفًا فأنت طالق، فإن أعطته ألفًا على الفور طلقت، وإن أخرت لم تطلق. وعند أَحْمَد (إن) و (إذا) على التراخي، فمتى أعطته طلقت. وإن تأخر الإعَطَاء. وعند داود أن لفظة (إذا) على التراخي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا خالصها على غير عوض لم يكن خلعًا وحكمه حكم سائر الكتابات. وعند مالك يكون خلعًا وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة واختارها الخرقي من الحنابلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالعها على خمر أو خنزير أو شاة ميتة وما أشبه ذلك مما لا يصح بيعه وقع الطلاق بائنًا ورجع عليه مهر مثلها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد يقع الطلاق ولا يرجع عليها بشيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالعها على ما في البيت ولا شيء فيه وقع الطلاق بائنًا ورجع عليها بمهر مثلها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يرجع عليها بالمتاع المسمى بالعقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال خالعتك على ما في الجرة من الخل فبان خمرًا وقع الطلاق بائنًا ويستحق مهر المثل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستحق عليها المسمى في العقد. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يستحق مثل المسمى. وعند أَحْمَد يستحق قيمة الخل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالعت الأمة زوجها على عوض معين بغير إذن السيّد

فالخلع صحيح، وهل يرجع الزوج بمهر المثل أم بالمسمى؟ قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد وأبي حَنِيفَةَ يصح الخلع ويستحق الزوج مثل العتق وقيمتها إذا كانت مما لا مثل لها وبيع بذلك بعد العتق. وعند مالك الخلع صحيح ولا يستحق شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالع امرأته على أن يكفل ولدها مدة فمات الولد قبل انقضاء المدة فقَوْلَانِ: أحدهما: يرجع عليها بمهر مثلها، والثاني: لا يرجع بشيء. وعند مالك رِوَايَتَانِ كالقولين بسواء. وعند أَحْمَد يرجع بأجرة المثل تلك المدة. وعند الزَّيْدِيَّة إذا خالعها على نفقة العدة وتربية أولاده كان ذلك خلعًا على مثل نفقة العدة وقدرها، فنفقة العدة ثابتة على الزوج، ومثل نفقة العدة يثبت على الزوجة بدلا للخلع فيقعان قصاصا كل جنس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالعها على حمل جارية أو بهيمة لا يصح الخلع سواء كان الحمل موجودًا أو معدومًا ويقع الطلاق بائنًا ويجب له عليها مهر المثل. وكذا إذا قال خالعتك على ما في بطن هذه الجارية فإن الحكم فيه سواء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في المسألة الأولى إن كان الحمل موجودًا صح الخلع وكان الحمل له، وإن لم يكن موجودًا رجع بالمسمى عليها في العقد. وفي المسألة الثانية إن خرج الولد سليمًا استحقه الزوج، وإن لم يكن شيئًا فلا شيء له، وبه قال مالك، وزاد عليه مالك أنه يجوز أن يخالع على ما تحمل هذه الجارية وهذه الشجرة وعند أَحْمَد مثل قول أَبِي حَنِيفَةَ إذا خالعها على ما في بطن هذه الجارية. مسألة: عند الشافعه إذا قالت له طلقني على ما في جوف هذه الجارية من الحمل فقال أنت طالق وقغ الطلاق بائنًا ورجع عليها بمهر مثلها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن خرج الولد سليمًا استحقه الزوج، وإن لم يكن شيئًا فعليها مهر مثلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وابن عَبَّاسٍ وعروة بن الزبير وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأكثر العلماء المختلعة لا يلحقها الطلاق. وعند ابن المسيب والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يلحقها الطلاق بلفظ الصريح ما دامت في العدة، ولا يلحقها الطلاق بالكناية بحال، وبه قال ابن مسعود وأبو الدرداء، وزاد أبو حَنِيفَةَ إذا كان بلفظ الاعتداد والاستبراء وأنت واجدة يلحقها. وعند مالك والحسن البصري يلحقها الطلاق عن قرب ولا يلحقها عن بعد، والقرب عند مالك أن يكون الطلاق متصلاً بالخلع، والحسن البصري يقول: إذا طلقها في مجلس الخلع لحقها، وإن طلَّقها بعده لم يلحقها.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ الرجعية يلحقها الطلاق إلى أن تستوفي العدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد والداعي. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والباقر والصادق وكذا أبي عبد الله الداعي وأبي طالب عن يَحْيَى لا يلحقها ما لم تتحلل الرجعة بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن البصري والنَّخَعِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ لا تثبت الرجعة في الخلع سواء خالعها بلفظ الطلاق أو لفظ الخلع، وسراء قلنا هو طلاق أو فسخ. وعند ابن المسيب والزُّهْرِيّ الزوج بالخيار إن شاء أخذ العوض ولا رجعة له وإن شاء ترك العوض وله الرجعة. وعند أَبِي ثَورٍ إن كان بلفظ الخلع فلا رجعة له، وإن كان بلفظ الطلاق فله الرجعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالعها على عوض وشرط له عليها الرجعة وقع الطلاق ويثبت له عليها الرجعة، وله قول آخر: إن الرجعة تسقط ويسقط المسمى ويجب عليها مهر المثل، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وكذا مالك في إحدى الروايتين أن الخلع صحيح وتسقط الرجعة ويجب المسمى، وفي الرِوَايَة الثانية تثبت الرجعة ويثبت العوض ويكون عوضًا عن نقصان عدد الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالعت المرأة في مرضها صح الخلع، ثم ينظر فإن كان قدر مهر مثلها كان من رأس مال، وإن كان من ذلك كانت الزيادة من الثلث. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك في إحدى الروايتين يكون جميعه من الثلث. وعند مالك أيضًا وَأَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق يصح الخلع بعد مبرأته منها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالع زوجته قبل الدخول على صداقها قبل القبض أو بعده، أو وهبته منه جميعه قبل القبض ثم طلقها الزوج فإنه يرجع عليها بالنصف في أحد القولين، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة وهو الأصح من مذهب النَّاصِر، والقول الثاني لا يرجع عليها بشيء سواء كان المهر عينًا أو دينًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. * * *

باب جامع الخلع

باب جامع الخلع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قالت طلقني ثلاثًا ولك عليَّ ألف فطلقها ثلاثًا استحق عليها الألف، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحق شيئًا، وإن طلقها طلقة ونصف فوجهان في مذهب الشَّافِعِيّ: أحدهما يستحق ثلثي الألف، والثاني: يستحق نصفه، وبه قال مالك. وعند أَحْمَد لا يستحق عليها شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قالت المرأة طلقني ثلاثًا ولك ألف أو بألف أو على ألف فطلقها واحدة استحق عليها ثلث الألف. وعند أَحْمَد لا يستحق عليها شيئًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قالت طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثًا استحق الألف. وعند محمد أيضًا أن قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحق شيئًا. مسألة: مقتضى مذهب الشَّافِعِيّ أنه إذا قال لها كنت طلقتك أمس بألف ولم تقبلي فقالت قبلت أنه يقع طلقة رجعية ولا يلزمها العوض، وعند مالك القول قول الزوجة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ القول قول الزوج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلفا في قدر العوض أو في صفته أو في عينه أو في جنسه أو في تعجيله أو في تأجيله أو في عدد الطلائق تحالفا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ القول قول المرأة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وَأَحْمَد إذا خالعها وبارأها على عوض ثبت ولم يسقط لكل واحد منهما على صاحبه من حق لم يتناوله الخلع من حقوق النكاح وغيرها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط جميع حقوقها، فإن كان قبل الدخول ولم تقبض الصداق فلا يرجع عليه شيء، وإن كانت قد قبضت لم يرجع عليها بشيء. وأما الديون التي ليست بحقوق الزوجية فيها رِوَايَتَانِ والنفقة لا تسقط. وعند أَبِي يُوسُفَ تسقط حقوقها إذا كان بلفظ المبارأة دون لفظ الخلع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالعها على نفقة عدتها لم يصح العوض ويجب مهر المثل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح ذلك. واختلفت الحنفية في ذلك فمنهم من قال يقع الخلع على نفقة العدة، ومنهم من قال على مثل نفقة العدة ويتقاضان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شرط الخيار في الطلاق على مال لأحد الزوجين

ثبت الطلاق وسقط الخيار، وبه قال أبو حَنِيفَةَ إذا كان الخيار للزوج، وخالف إذا كان للمرأة، وقال: لا تقع الفرقة حتى يسقط خيارها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خالعها على عبد مخرج حلال الدم بردة أو قتل فقتل في يده ففيما يرجع به عليها قَوْلَانِ: أحدهما بقيمته، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، والثاني بمهر المثل. وعند أَحْمَد ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يرجع عليها بالأرش دون قيمته. * * *

كتاب الطلاق

كتاب الطلاق مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وعلي وعائشة وجابر بن عبد الله وشريح وابن المسيب وسعيد بن جبير وعلي بن الحسين وجابر بن زيد وعَطَاء وطاوس والحسن وعروة َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وغير واحد من فقهاء التابعين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم أنه لا تنعقد صفة الطلاق قبل النكاح، سواء عمَّ أو خص. والعموم أن يقول: كل امرأة تزوجتها فهي طالق، والخصوص أن يقول: إن تزوجت فأنت طالق، وإن تزوجت من القبيلة الفلانية فهي طالق، وكذا لا تنعقد صفة العتق قبل الملك بأن يقول: إن ملكت عبد فلان فهو حر، إلا أن أَحْمَد له في العتق رِوَايَتَانِ. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى ورَبِيعَة وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ إن خصص الصفة بأن عين المرأة أو القبيلة انعقدت الصفة، وإذا تزوجها وقع الطلاق، وإن عم لم تنعقد. وعند ابن مسعود والزُّهْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تنعقد الصفة قبل النكاح سواء عين أو عم، وكذلك تنعقد الصفة قبل الملك. وذكر ابن المنذر أنه لا يصح عن ابن مسعود ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ طلاق المريض صحيح. وعند الشعبي لا يقع طلاقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح طلاق الصبي والنائم والمجنون وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين وإِسْحَاق تنعقد صفة الطلاق من الصبي ويقع إذا وجدت الصفة؛ إلا أن إِسْحَاق يقول: إذا جاز اثنتي عشرة سنة يقع طلاقه. وعند سعيد بن المسيب إذا أحصى الصلاة وصام شهر رمضان صح طلاقه. وعند عَطَاء إذا بلغ أن يصيب النساء وقع طلاقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المنصوص وقوع طلاق السكران. وعند أصحابه طريقان يقع قولاً واحدًا. وقَوْلَانِ: يقع، وبه قال: رَبِيعَة واللَّيْث وداود وأبو ثور والْمُزَنِي وعمر بن عبد العزيز، والقاسم بن مُحَمَّد وطاوس ويَحْيَى الأنصاري والعنبري وأبو حَنِيفَةَ ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، وعَطَاء في إحدى الروايتين وعثمان وَأَحْمَد في إحدى الروايتين، والثاني لا يقع، وبه قالت الْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وَأَحْمَد بن يَحْيَى

وأبو طالب والداعي عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرب دواء ليزول عقله وطلَّق وقع طلاقه. وعند الحنفية لا يقع طلاقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عمر وابن الزبير وابن عَبَّاسٍ وشريح والحسن وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ، وعمر بن عبد العزيز وَأَحْمَد، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المكره بغير حق إذا لم ينو إيقاع الطلاق لم يقع طلاقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ والشعبي والزُّهْرِيّ وقتادة وأبي قلابة وبعض الشَّافِعِيَّة يقع طلاقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة التوعد بالقتل والقطع لمن له قدرة وبالضرب والشتم والحبس وأخذ المال ليس بإكراه. وعند شريح هو إكراه، وبه قال أكثر الشَّافِعِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك وَأَحْمَد عدد الطلاق معتبر بالرجال دون النساء، فيملك الحر ثلاث طلقات سواء كانت زوجته حرة أو أمة، والعبد يملك طلقتين سواء كانت زوجته حرة أو أمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وعلي بن أبي طالب والعلماء من الصحابة وغيرهم عدد الطلاق معتبر بالنساء، فإن كانت الزوجة حرة ملك زوجها عليها ثلاث طلقات سواء كان زوجها حرًا أو عبدًا، وإن كانت أمة لم يملك عليها زوجها إلا طلقتين سواء كان حرا أو عبدًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي، وعند سائر الزَّيْدِيَّة حكم العبد حكم الحر في عدد الطلاق سواء كانت زوجته حرة أو أمة، وأنه يملك عليها ثلاثة طلقات كالحر. وادعى الترمذي أن الشَّافِعِيّ يقول: طلاق الأمة بطلقتان، وهذه الدعوى من الترمذي غير صحيحة، بل مذهب الشَّافِعِيّ كما ذكرنا. وادعى الترمذي أيضًا أن أَحْمَد يقول: إن طلاق الأمة تطليقتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وسائر الزَّيْدِيَّة وزيد بن علي وكافة العلماء إذا طلق امرأته في حال الحيض أو الطهر الذي جامعها فيه وقع عليها الطلاق. وعند ابن علية وهشام بن الحكم وبعض أهل الظاهر والْإِمَامِيَّة من الشيعة أن الطلاق لا يقع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق حتى قالوا: لا يقع الطلاق إلا على وجه السنة وهو أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، إلا إذا كان قبل الدخول فإن الطهر غير معتبر وكان ناويًا للطلاق ويشهد على ذلك شاهدين عدلين، حتى لو أخلَّ بواحد من هذه الشروط

بأن كان في غضب أو مزاح أو هزل لم يقع به الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة الإشهاد ليس شرطًا في صحة الطلاق، وكذا الطهر ليس شرطًا فيه بعد الدخول. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر والباقر والصادق الإشهاد والطهر بعد الدخول شرط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعبد الرحمن بن عوف والحسن بن علي وابن سِيرِينَ وَأَحْمَد إذا طلق امرأته ثلاثًا في طهر واحد أو في كلمة واحدة وقع عليها الثلاث وكان مباحًا ولم يكن محرمًا إلا أنه يكره وعند أَبِي حَنِيفَةَ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ جمع الثلاث في وقت واحد محرم ويقع، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا طلقها دفعة ثم راجعها في الحال ثم طلقها ثم راجعها لم يحرم، وعند بعض أهل الظاهر وابن عَبَّاسٍ وطاوس والْإِمَامِيَّة من الشيعة هو محرم. واختلفوا في وقوعه فمنهم من قال لا يقع، وبه قال داود ومنهم من قال يقع واحدة وهم الزَّيْدِيَّة. وعند الحجاج بن أرطأة الطلاق ثلاث ليس بشيء. وعند مُحَمَّد بن إِسْحَاق أن الطلاق الثلاث يرد إلى واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلقها في حال الحيض استحب له أن يراجعها ولا يجب ذلك. وعند مالك يلزمه أن يراجعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق للسنة فانقطع حيضها طلقت للسنة وإن لم تغتسل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن انقطع أكثر الحيض فكذلك، وإن انقطع لأقله لم يقع عليها طلاق حتى تغتسل أو يخرج عنها وقت صلاة أو تتيمم عند عدم الماء وتصلي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق ثلاثًا للسنة، فإن كان في طهر لم يجامعها فيه وقع الثلاث، وإن كان في طهر جامعها فيه أو حائضًا لم يقع عليها الطلاق حتى يأتي زمان السنة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع عليها في كل قرء طلقة، وإن كانت من ذوات الشهور وقع في كل شهر طلقة إلا أن ينوي في الحال فيقع في الحال، وبناه على أصله وهو أن جمع الثلاث بدعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا فوض الطلاق على زوجته فطلقت في المجلس قبل أن يخوض في حديث آخر طلقت. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ وقتادة لها الخيار أبدًا. وعند أَحْمَد هو على التأبيد ما لم يمسها أو يفسخ.

مسألة: عند الشافعى وَأَحْمَد إذا فوض الطلاق إليها فقال لها طلقي نفسك وأمرك بيدك أو اختاري نفسك، ثم رجع عن ذلك قبل أن يطلق أو يختار بطل التفويض والتخيير. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يبطل، وبه قال ابن خيران من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال لها طلقي نفسك ثلاثًا فطلقت واحدة أو طلقتين وقع عليها ما أوقعت. وعند مالك في رِوَايَة وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقع شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا قال لها طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثًا وقع عليها واحدة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يقع شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال دمك أو ريقك طالق لم تطلق. وعند ابن أبي ليلى تطلق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق ثلاثًا إن أحببتهن، فقالت أحب واحدة وواحدة وواحدة وقع عليها ثلاث طلقات وعند أَبِي ثَورٍ لا يقع عليها شيء ويبطل ما جعل إليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أضاف الطلاق إلى جزء من زوجته معلوم أو مجهول، أو إلى عضو من أعضائها بأن قال: نصفك أو بعضك أو يدك أو رجلك أو شعرك أو ظفرك طالق فإنها تطلق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أضاف ذلك إلى جزء منها معلوم أو مجهول أو إلى خمسة أعضاء وهي الرأس والوجه والرقبة والظهر والفرج وقع عليها الطلاق، وإن أضافه إلى سائر أعضائها كاليد والرجل، أو إلى الظفر والشعر لم يقع عليها الطلاق. وعند أَحْمَد إذا أضاف إلى ما ينفصل عنها في حال الحياة كالشعر والسن والظفر لم يقع عليها، وإن أضافه إلى سائر أعضائها وقع عليها الطلاق. وعند الْإِمَامِيَّة أن تعليق الطلاق بجزء من أجزاء المرأة أي جزء كان لم يقع به طلاق لها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعمر وابن مسعود إذا قال لامرأته: أنا منك طالق، أو قال لها طلقي نفسك فقالت أنت طالق فهو كناية في الطلاق فإن نوى الطلاق في الأولى ونوته في الثانية وقع عليها الطلاق وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبي عبيد وابن عَبَّاسٍ لا يقع الطلاق.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل أمرها بيدها وطلقت الثلاث لم يقع حتى ينويه الزوج، وعند أَحْمَد إذا طلقت الثلاث وقع وإن لم ينوه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل أمرها بيدها إلى أجل ملكت ذلك الأجل وعند الحسن وقتادة يملك ذلك ما لم يصبها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل طلاق امرأته إلى رجل لم يملك إلا طلقة واحدة. وعند الحسن والزُّهْرِيّ له أن يوقع ما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ للوكيل أن يطلق في المجلس وبعد القيام من المجلس. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يطلق إلا في المجلس، فإن قام عن المجلس ولم يطلق لم يكن له أن يطلق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ردّ الوكيل ما جعل إليه لم يقع به شيء وعند الحسن يقع واحدة رجعية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فوض طلاق امرأته إلى اثنين وطلق أحدهما واحدة وطلق الآخر ثلاثًا وقعت واحدة وعند أَبِي ثَورٍ لا يقع شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل الطلاق إلى اثنين فطلق أحدهما ولم يطلق الآخر لم يقع الطلاق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع. * * *

باب ما يقع به الطلاق من الكلام وما لا يقع إلا بالكناية

باب ما يقع به الطلاق من الكلام وما لا يقع إلا بالكناية مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الطلاق بالفارسية صريح على الأصح، وبه قال أبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، وهو الظاهر من مذهب الزَّيْدِيَّة. والثاني أنه كناية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والنَّاصِر ويَحْيَى وأبو طالب والداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقع الطلاق بمجرد النية من غير لفظ. وعند الزُّهْرِيّ إذا عزم على ذلك طلقت لفظ به أو لم يلفظ وعند مالك في روايات أشهب عنه أنه يقع الطلاق وعند ابن سِيرِينَ أن الرجل إذا طلق امرأته في نفسه فالسر قد علمه الله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الصريح الذي يقع به الطلاق من غير نية ثلاثة ألفاظ: الطلاق والفراق والسراح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن يَحْيَى واختاره منهم المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ الصريح هو لفظ الطلاق لا غير، وأما الفراق والسراح فهما كنايتان، وإلى هذا أشار الشَّافِعِيّ أيضًا. وأصحاب مالك وافقوا في هذه التسمية، إلا أن عندهم أن الطلاق يقع بهذين اللفظين من غير نية؛ لأن الكنايات الظاهرة لا تفتقر إلى النية عندهم. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقع الطلاق إلا بلفظ واحد وهو قوله: أنت طالق، ولا يقع بقوله فارقتك وسرحتك ولا سائر الكنايات. وعند الْإِمَامِيَّة أيضًا أن هذا اللفظ وهو قوله: أنت طالق لا يقع به الطلاق إلا بالنية، فإن لم ينو لم يقع. وعند داود لا يقع الطلاق بالصريح إلا بالنية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وكذا المؤيَّد عن الهادي. وعند الْإِمَامِيَّة من شرط وقوع الطلاق الإشهاد عليه فمتى فقد الإشهاد عليه لم يقع الطلاق وحاصل مذهب الزَّيْدِيَّة أن كل ما كان ملفوظًا بلفظ الطلاق فهو صريح، إلا أن النَّاصِر منهم يعتبر أن يقول لها طلقتك وأنت طالق أو أنت مطلقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الصريح في لفظ الطلاق ثلاثة: وهي قوله: طلقتك أو أنت طالق وقال أردت به طلاقًا من وثاق، أو قال فارقتك وقال أردت به إلى المسجد، أو قال سرحتك وقال أردت به إلى البيت أو إلى أهلك لم يقبل منه في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى. وعند مالك إن قال هذا في حال الرضى لم يقبل منه في الحكم ويقبل

فيما بينه وبين اللَّه تعالى، وإن قاله في حال الغضب لم يقبل في الحكم ولا فيما بينه وبين الله تعالى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لامرأته أنت طالق لولا أبوك أو لولا الله وقع الطلاق. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ لا يقع الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الكنايات لا يقع بها الطلاق من غير نية سواء كان ذلك في حال الرضى أو حال الغضب، وسواء سألت الطلاق أو لم تسأله. وعند أبي حَنِيفَةَ إن قال ذلك في حال مذاكرة الطلاق وقال لها أنت بائن وبتة وبتلة. وحرام وخلية وبرية والحقي بأهلك فلا يحتاج إلى نية، وإن قال لها حبلك على غاربك واعتدِّي واستبرئي رحمك وتقنعي فإنه يحتاج إلى النية، وإن قال ذلك في حال الغضب احتاج إلى النية إلا في ثلاثة ألفاظ فلا يحتاج إلى النية وهي اعتدِّي واختاري وأمرك بيدك. وعند مالك الكنايات الظاهرة لا تحتاج إلى نية كقوله أنت بائن وبتلة وبتة وحرام وخلية وبرية حتى إذا قال لم أنو بها الطلاق لم يصدق، والفراق والسراح عنده من الكنايات الظاهرة وأما الكنايات الباطنة فتفتقر إلى النية وهو قوله اعتدِّي واستبرئ رحمك وتقنعي واذهبي وحبلك على غاربك وما أشبه ذلك وعند أَحْمَد دلالة الحال في جميع الكنايات تقوم مقام النية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته أنت بتة فإن نوى به طلقة واحدة أو اثنتين أو ثلاثة وقع ما نواه، وإن لم ينو به الطلاق لم يقع شيء. وعند عمر - رضى الله عنه - أنه يقع طلقة نوى أو لم ينو. وعند علي - رضي الله عنه - أنه يقع بذلك الثلاث سواء نوى أو لم ينو وعند الثَّوْرِيّ وأهل الكوفة إن نوى بذلك واحدة فواحدة وإن نوى ثلاثًا فثلاث، وإن ثنتين لم يكن إلا واحدة، وعند مالك إن كان قد دخل بها وقع ثلاث طلقات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة أن قوله أمرك بيدك أو اعتدِّي أو اختاري أو أنت خلية أو برية أو ما شاكل كل ذلك كله من كنايات الطلاق، وعند النَّاصِر منهم أن الثلاثة الألفاظ الأول كناية وما عداها فلا يقع به الطلاق، وبه قال غير واحد من العلماء. وعند عثمان وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما - وَمَالِك وَأَحْمَد القضاء ما قضت وعند ابن عمر إذا جعل أمرها بيدها فطلقت نفسها ثلاثًا وأنكر الزوج وقال لم أجعل بيدها إلا في واحدة استحلف الزوج، وكان قوله مع يمينه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا قال لامرأته لست لي بامرأة ونوى به الطلاق كان طلاقًا، وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يقع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها اعتدِّي ولم ينو به الطلاق لا يقع بها شيء. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك تقع واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال كلي واشربي ونوى بها الطلاق وقع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقع به الطلاق، وبه قال أبو إِسْحَاق من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لامرأته أنت حرة ونوى به الطلاق كان طلاقًا وإن قال لأمته أنت طالق ونوى به العتق كان عتقًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يقع بذلك الطلاق ولا يقع به العتق. مسألة: أصح الوجهين في مذهب الشَّافِعِيّ إذا قال لزوجته أنت بطالق أو أنت طلاق أنه كناية فلا يقع به الطلاق إلا بالنية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، والثاني أنه صريح، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعائشة في إحدى الروايتين عن علي وزيد بن ثابت وبه قال أكثر الفقهاء أنه إذا قال لزوجته اختاري فاختارت زوجها لم يقع عليها طلاق. وعند أَحْمَد والحسن البصري ورَبِيعَة إذا اختارت زوجها وقع عليها طلقة رجعية، وهي الرِوَايَة الثانية عن علي وزيد بن ثابت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وعمر وابن مسعود وَأَحْمَد إذا قال لها اختاري فاختارت نفسها بأن قالت: اخترت نفسي فهو كناية، فإن نويا الطلاق وقع وإن نوى أحدهما دون الآخر لم يقع، وإن نوى الزوج دون الزوجة لم يقع، وإن نويا واتفقا على العدد وقع ما نوياه من العدد، وإن اختلفا فنوى أحدهما أقل وقع الأقل، وإن نويا واحدة كانت رجعية، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن عمر لا يفتقر إلى نية الزوجة، فإن نوى الزوج وقعت واحدة بائنة، وإن نوى ثلاثًا لم يقع إلا واحدة. وعند مالك إن نويا الثلاث فهي ثلاث إن كانت مدخولًا بها، فإن لم يكن مدخولًا بها قبل منها أنها أرادت واحدة أو اثنتين. وعند الحسن واللَّيْث وزيد بن ثابت يكون ثلاثًا. وعند الزَّيْدِيَّة إذا قال لها اختاري. فقالت: اخترت نفسي صح ذلك. ولو قال طلقي نفسك فقالت أطلق نفسي لم يقع به الطلاق. وعند مالك أنه صريح فإذا اختارت نفسها وقع الطلاق سواء

نويا أو لم ينويا. ونقل الترمذي عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما - أنها إذا اختارت نفسها فواحدة بائنة. وروى عنهما أنها واحدة رجعية، وبقولهما قال الثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم، وعند علي وَأَحْمَد إن اختارت نفسها فواحدة بائنة. وعند زيد بن ثابت إن اختارت نفسها فثلاث طلقات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لامرأته اختاري كان لها الخيار ما دامت في المجلس ولا خيار لها بعده وله الرجوع عن ذلك قبل خيارها ما دامت في المجلس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وآخرون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا رجوع له، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كرر لفظ الاختيار ثلاثًا فنوى به واحدة كانت واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والنَّخَعِيّ والشعبي إذا قبلت طلقت ثلاثًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا قال لها اختاري من ثلاث طلقات ما شئت فلها أن تختار ما دون الثلاث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لها أن تختار الثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته أنت عليَّ حرام فإن نوى الطلاق كان طلاقًا، وإن نوى الظهار كان ظهارًا، وإن نوى تحريم عينها أو تحريم وطئها أو فرجها كان عليه كفارة يمين وإن لم ينو يمينًا، وإن لم ينو شيئًا فقَوْلَانِ: أحدهما عليه كفارة يمين، والثاني لا يلزمه شيء، وبمذهب الشَّافِعِيّ قال القاسم من الزَّيْدِيَّة. وإن قال ذلك لأمته، فإن نوى عتقها وقع، وإن نوى الطلاق أو الظهار لم يلزمه شيء، وإن نوى تحريم عينها لزمه كفارة يمين، وإن أطلق ولم ينو شيئًا فعلى القولين. ومن أصحابنا من قال: يجب الكفارة في الأمة قولاً واحدًا، وروى ذلك في الزوجة عن ابن مسعود، وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس. وعند الْأَوْزَاعِيّ هي يمين في الزوجة ويجب فيها كفارة يمين، وروى ذلك عن أبي بكر وعائشة. وعند الزُّهْرِيّ هي طلقة رجعية، وروى ذلك عن عمر. وعن سعيد بن جبير وأبي قلابة وَأَحْمَد هو ظهار، وبه قال عثمان وابن عباس. وعند مالك وابن أبي ليلى وزيد بن علي هو طلاق ثلاثًا، وروى ذلك عن زيد بن ثابت وأبي هريرة. وعند أبي سلمة بن عبد الرحمن ومَسْرُوق والشعبي لا يكون شيئًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند حماد هي طلقة بائنة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نوى به الطلاق كان طلاقًا، وإن نوى به الظهار كان ظهارًا، وإن لم تكن له نية كان يمينًا ويكون مؤليًا. وإن قال ذلك لأمته كان حالفًا من أصابها فإن أصابها كفَّر، وإن لم يصبها فلا شيء عليه. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم يَحْيَى والسيد والمؤيَّد إن نوى به الطلاق كان

طلاقًا، وإن لم ينو فهو هزل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال مالي عليَّ حرام لم يحرم عليه ولا يجب عليه شيء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجب عليه كفارة يمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إذا كتب الطلاق ولم يلفظ به ولم ينو لم يقع به الطلاق وعند أَحْمَد يقع الطلاق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب الطلاق ونواه ففي وقوع الطلاق قَوْلَانِ: أحدهما لا يقع، والثاني يقع، وهو الصحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وعند أَحْمَد يقع نوى أو لم ينو. وعند النَّخَعِيّ والشعبي والزُّهْرِيّ والحكم إذا كتب الطلاق بيده فقد وجب. وعند عَطَاء وقتاده وَمَالِك في رِوَايَة. والْأَوْزَاعِيّ والحسن إن نفذ الكتاب إليها نفذ طلاقه، وإن لم ينفذ إليها لم ينفذ الطلاق. وعند حماد وأبي عبيد إذا قال أتاك كتابي فإن لم يأتها فليس بطلاق، وإذا كتب أما بعد فأنت طالق فهي طالق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن للأخرس إشارة مفهومة ولا كتابة لم يصح طلاقه. وعند قتادة يطلق عنه الولي. * * *

باب عدد الطلاق والاستثناء فيه

باب عدد الطلاق والاستثناء فيه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قال لامرأته أنت طالق وطلقتك فإن لم ينو عددًا وقع واحدة، وإن نوى اثثتين أو ثلاثًا وقع ما نواه، وعند الحسن وعمرو بن دينار والْأَوْزَاعِيّ لا يقع به إلا واحدة، وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقع به إلا واحدة وإن نوى أكثر منها إلا أن يقول: أنت طالق للسنة، أو أنت طالق، أو طلقى نفسك ونوى به في الألفاظ الثلاث فإنه يقع الثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاطبها بشيء من كنايات الطلاق وقع به ما نواه من واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا سواء في ذلك الكنايات الظاهرة والباطنة. وعند مالك الكنايات الظاهرة وهي قوله أنت خلية وبرية وبتة وبتلة وبائن وحرام وفارقتك وسرحتك يقع بها الثلاث إذا خاطب بها مدخولًا بها سواء نوى الطلاق أو لم ينوه، وإن خاطب بها غير مدخول بها كان في خلع، فإن لم ينو الطلاق وقع الثلاث، وإن نوى الطلاق وقع ما نواه. وأما الكنايات الباطنة وهي قوله اعتدِّي واستبرئي رحمك وتقنعي واذهبي وحبلك على غاربك وما أشبهها فإن لم ينو بها العدد كانت طلقة رجعية، وإن نوى أكثر وقع ما نواه كقول الشَّافِعِيّ. وعند أَحْمَد الكنايات الظاهرة إذا نوى بها الطلاق كانت ثلاثًا. وأما الخفية فيرجع العدد إلى ما نواه فإذا نوى بها عدد من الطلاق وقع ما نواه، وبه قال أكثرهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكناية الظاهرة إذا نوى بها طلقة وقعت بائنة، وإن نوى بها طلقتين لم يقع إلا واحدة، وإن نوى بها الثلاث وقعن. وأما الكنايات الباطنة فلا يقع بها إلا طلقة واحدة رجعية وإن نوى كثر منها. وعند الحسن في الخلية والبرية والبائن هى ثلاث، وعند ابن عمر الخلية والبرية والبتة هي ثلاث. وعند الزُّهْرِيّ البائن والبرية والبتة ثلاث. وعند زيد بن ثابت البرية ثلاث. وعند عمر بن عبد العزيز البتة ثلاث، وعند ابن أبي ليلى وابن عبيد ورَبِيعَة: الخلية والبرية والبائن في المدخول بها ثلاث. وعند الْإِمَامِيَّة أن الطلاق بعد الطلاق وإن كان في طهرين أو طهر واحد لا يقع إلا بعد تحلل المراجعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باع زوجته لم تطلق. وعند مالك تطلق عليه واحدة وهي أملك بنفسها.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته اختاري فقالت اخترت نفسي فإن نويا عددًا من الطلاق واتفقا في عدد ما نوياه وقع ما نويا، وإن اختلفا فنوى أحدهما أكثر مما نواه الآخر وقع العدد الأقل رجعيًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفتقر إلى نية الزوجة، فإن نوى الزوج واحدة وقعت بائنة، وإن نوى ثلاثًا فلم يقع إلا واحدة بائنة. وعند مالك إذا نويا الطلاق وقع عليها الثلاث إن كانت مدخولًا بها، وإن لم يكن مدخولًا بها قبل منها أراده واحدة أو اثنتين. وعند زيد بن ثابت إن اختارت نفسها فهي ثلاث، وإن اختارت زوجها فهي واحدة رجعية ومعظم هذه المسألة قد مضى في الباب قبله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن وَأَحْمَد إذا قال لها أنت طالق كمائة أو كألف وقع عليها الثلاث. وعند أَبِي يُوسُفَ وأَبِي حَنِيفَةَ إن لم تكن لها نية لم يقع عليها إلا واحدة، واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق واحدة في اثنتين وهو ممن يعرف الحساب ونوى موجبه في الحساب وقع طلقتان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع طلقة بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق واحدة في اثنتين وقصد بذلك موجبه في الحساب وقع طلقتان إن كان عالمًا بالحساب وطلقة إن لم يكن عالم به في أحد الوجهين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع طلقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال أنت طالق اثنتين في اثنتين وهو من أهل الحساب ونوى موجبه في الحساب لزمه ثلاث طلقات، وإن لم ينو شيئًا لم يلزمه إلا طلقتان. وعند بعض أصحابه يلزمه ثلاث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه طلقتان بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجميع الفقهاء إذا قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثًا وقع عليها الثلاث، وبه قال المؤيَّد من الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء وسعيد بن جبير وطاوس وجابر ابن زيد وعمرو بن دينار يقع عليها طلقة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال لغير المدخول بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق لم يقع عليها إلا واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة. المؤيَّد. وعند اللَّيْث بن سعد، والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك ورَبِيعَة وابن أبي ليلى يقع عليها ثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لغير المدخول بها أنت طالق وطالق وطالق وقعت طلقة

واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند النَّاصِر ويَحْيَى والقاسم منهم أن التطليقات الثلاث بلفظ الواحدة واحدة، ثم قال القاسم إذا قال لها بعد الدخول أنت طالق وطالق وطالق يقع الثلاث وإن لم تتحلل الرجعة، وإن قال لها أنت طالق ثلاثًا لم يقع إلا واحدة، وعند أَحْمَد يقع ثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق ثم طالق إذا دخلت الدار فإذا دخلت الدار طلقت طلقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع في الحال طلقة، وعند أَبِي يُوسُفَ. ومحمد يقع بدخول الدار طلقتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق طلقة قبلها طلقة تطلق واحدة، وإن قال لها أنت طالق طلقة بعدها طلقة طُلِّقت طلقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تطلق بقوله قبلها طلقة طلقتين، وبقوله بعدها طلقة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق طلقة بعد طلقة أو طلقة قبل طلقة يقع طلقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع قوله بعد طلقة طلقتان، وبقوله قبل طلقة طلقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها قد وهبتك لأهلك فإن نوى الطلاق فهو طلاق، وإن نوى شيئًا فليس بشيء قبلوها أو لم يقبلوها. وعند النَّخَعِيّ وعلي بن أبي طالب إن قبلوها فهي واحدة بائنة، وإن لم يقبلوها فهي واحدة رجعية. وعن الزُّهْرِيّ ومَكْحُول ومَسْرُوق وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن مسعود إن قبلوها فواحدة رجعية. وعند رَبِيعَة ويَحْيَى ابن سعيد وأبي الزناد وَمَالِك هي ثلاث قبلوها أو لم يقبلوها. وعند الْأَوْزَاعِيّ هي طلقة قبلوها أو لم يقبلوها. وعند اللَّيْث بن سعد إن وهبها لهم وهو ينتظر رأيهم فالقضاء ما قضوا، وإن لم ينتظر رأيهم فهو طلاق ألبتة. وعند قوم لا يقع به الطلاق بكل حال. وعند أبي عبيد إن قبلوها فهي واحدة رجعية، وإن راد ثلاثًا وقبلوها كانت ثلاثًا، وإن لم يقبلوها فليس بشيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الكنايات لا تقطع الرجعة ولا بالشرط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكنايات كلها تقطع الرجعة إلا قوله اعتدِّي واستبرئي رحمك وأنت واحدة وبالصريح مع الشرط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق واعتدِّي أو فاعتدِّي وقع واحدة، ويرجع إلى نيته في قوله اعتدِّي أو فاعتدِّي، فإن لم ينو شيئًا لم يكن شيئًا. وعند الحسن إذا

قال لامرأته أنت طالق بعض طلقة وقعت عليها طلقة. وعند داود لا يقع عليها شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال للمدخول بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق ولم يكن له نية فقَوْلَانِ: أحدهما يقع عليها طلقة واحدة، وبه قال أحمد. والثاني ثلاث طلقات، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وهو الأصح، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لامرأته أنت طالق ملء الدنيا أو ملء ملكه أو ملء المدينة وقع عليها طلقة رجعية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ طلقة بائنة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لها أنت طالق ملء الكون كانت رجعية، وإن قال تملأ الكون كانت بائنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق أشد الطلاق أو أغلظه أو أطوله أو أعرضه أو أقصره وقع عليها طلقة رجعية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ بائنةٌ، إلا في قوله أقصر الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق أكبر الطلاق - بالباء الوحدة من تحت - وقع عليها طلقة رجعية وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقع بائنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق مثل الجبل، أو مثل عظم الجبل وقع طلقة رجعية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقع عليها بائنة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لها أنت طالق مثل عظيم الجبل كانت بائنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا قال أنت طالق واحدة أو لا شيء لم يقع بذلك شيء. وعند مُحَمَّد بن الحسن يقع واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق مثل عدد الماء والتراب ونحوهما فهو ثلاث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد بائنة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة واحدة رجعية. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق من واحدة إلى ثلاث فثلاثة أوجه: أحدها يقع طلقة، وبه قال زفر. والثاني طلقتان، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثالث ثلاث طلقات، وبه قال أبو يوسف ومحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز استثناء أقل العدد من الأكثر وأكثر العدد من الأقل. وعند أَحْمَد وبعض أهل اللغة لا يجوز استثناء أكثر العدد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لها أنت طالق ثلاثًا إلا اثنتين وواحدة، أو أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة وواحدة وواحدة وقعت ثلاث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تقع

واحدة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا قال أنت طالق ثلاثًا وثلاثًا إلا أربعًا طلقت ثلاثًا. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال أنت طالق اثنثين واثنتين إلا اثنتين طلقت اثنثين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق اثنتين واثنتين إلا اثنتين وقع عليها ثلاث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد طلقتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وطاوس والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك ومجاهد والنَّخَعِيّ والحكم وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، أو لعبده أنت حر إن شاء الله، أو عليَّ لِلَّهِ كذا، أو والله لا فعلت كذا، أو عليَّ لفلان كذا إن شاء الله لم يلزمه شيء من ذلك. وعند الحسن ومَكْحُول وقتادة وابن أبي ليلى والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك واللَّيْث بن سعد أن المشيئة ترفع الأيمان ولا ترفع الطلاق والعتاق. وعند الْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى أيضًا المشيئة ترفع الْيَمِين والطلاق دون غيره. وعند طاوس إذا كان الطلاق في عين الطلاق لم يصح الاستثناء وعند أحمد المشيئة ترفع الطلاق خاصة وعنده أيضًا أنها ترفع العتق خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لها أنت طالق ثلاثًا إن شاء الله لم يقع الطلاق وكذا إذا قال أنت طالق ثلاثًا واحدة إن شاء الله لم يقع الطلاق وعند أبي حَنِيفَةَ يقع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق يا طالق إن شاء الله وقع بقوله يا طالق طلقة ولا يرجع إليه الاستثناء، وإنَّما يرجع إلى الأول. وعند مُحَمَّد بن الحسن يرجع الاستثناء إلى الكل فلا تطلَّق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار فالصفة تعود إلى الطلاق دون القذف، وكذا إذا قال لها أنت طالق يا زانية إن شاء الله، فإن الاستثناء يرجع إلى الطلاق دون القذف. وعند مُحَمَّد يقع الطلاق فيهما منجزًا وترجع الصفة والاستثناء إلى القذف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له زوجتان فقالت واحدة منهن طلقني فقال كل امرأة لي طالق، أو كل نسائي طوالق، فإن لم يعزل السائلة بمشيئة طلق جميع نسائه. وعند مالك تطلق جميع نسائه إلا السائلة. * * *

باب الشرط في الطلاق

باب الشرط في الطلاق مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا علَّق الطلاق بصفة لم يقع الطلاق قبل وجودها، سواء كانت الصفة توجد لا محالة كطلوع الشمس أو مجيء الليل، أو توجد وقد لا توجد كقدوم الحاج وقدوم زيد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيَّد. وعند سعيد بن المسيب والحسن البصري والزُّهْرِيّ وَمَالِك إذا كانت الصفة مما توجد لا محالة كطلوع الشمس والقمر ومجيء الليل والنهار وما أشبه ذلك وقع الطلاق في الحال لا محالة. وعند الْإِمَامِيَّة أن الطلاق لا يقع بالشرط وإن وجد شرطه. وعند داود لا يصح تعليق الطلاق، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال أنت طالق طلقة حسنة أو عدلة أو سيئة كان ذلك طلاق السنة. وعن مُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ لا يكون ذلك طلاق السنَّة ويقع فى الحال، إلا أن أبا يوسف وافق في قوله سيئة خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق طلاق الحرج وقع عليها طلاق البدعة طلقة واحدة. وعند علي بن أبي طالب وابن المنذر يقع عليها الثلاث في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لحائض إن حضت فأنت طالق طلقت بما يتجدد من حيضها. وعند أَبِي يُوسُفَ لا تطلق حتى تحيض حيضة أخرى، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو إِسْحَاق الشيرازي وأبو القاسم الضيمري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال للمريضة إن مرضت فأنت طالق فاستدام بها المرض طلقت. وعند أَبِي يُوسُفَ لا تطلق حتى تبرأ ثم تمرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الآيسة والصغيرة المدخول بهما له أن يطلقهما متى شاء. وعند زفر إذا دخل بهما فليس له أن يطلقهما حتى يفصل بين الجماع بشهر. وعند جعفر بن مُحَمَّد الصادق والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة خمس يطلقهن أزواجهن متى شاءوا: الحامل المستبين حملها، والآيسة، والتي لم تحض أصلاً، والغائب عنها زوجها، والتي لم يدخل بها زوجها ولم يخل بها خلوة صحيحة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أراد أن يطلق الحامل أو الصغيرة أو الآيسة فلا

يستحب له أن يكف عن وطئها شهرًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند القاسم منهم يستحب له ذلك. وعند زفر يجب الكف عن وطئها شهرًا لإصابة السنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز طلاق الحامل متى شاء ولا يكره. وعند الحسن يكره. وعند الْأَوْزَاعِيّ يكره طلاقها في ابتدائه ولا يكره إذا استبان الحمل. وعند مُحَمَّد وزفر وَمَالِك لا يقع على الحامل إلا طلقة واحدة للسنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تطلق ثلاثًا بالأشهر على وجه السنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لها إن ولدت فأنت طالق وإن وضعت حملك فأنت طالق فقالت وضعت حملي، أو قد قالت ولدت لم يقبل قولها إلا ببينة. وعند أَحْمَد يقبل قولها ويقع الطلاق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يقبل قولها إذا صدقها على الحبل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، وإن لم يصدقها على الحبل لم يقبل قولها وإن شهدت لها امرأة بالولادة تثبت الولادة ولا يقع الطلاق. وعند أحمد يثبت النسب ويقع الطلاق بهذه الشروط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله أو يقطع يديك ورجليك فأنت طالق، فقالت أحب ذلك لم يقع عليها شيء. وعند أَبِي يُوسُفَ يقع عليها الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق ثم طالق إن دخلت الدار، فإذا دخلت الدار وقع عليها طلقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع عليها واحدة في الحال وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يقع عليها إذا دخلت الدار طلقتان وعند أَحْمَد يقع واحدة في الحال ويسقط ما بعدها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم قال لها إذا قدم الحاج أو طلعت الشمس فأنت طالق لم يكن ذلك يمينًا ولا يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد هو يمين ويلزمه الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق إن فعلت كذا وكذا، وإن لم أفعل كذا وكذا لم يلزمه الطلاق في الحال. وعند شريح يلزمه الطلاق في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له أربع نسوة وعبيد فقال كلما طلقت امرأة فعبد حر،

وكلما طلقت امرأتين فعبدان حران، وكلما طلقت ثلاثًا فثلاثة أعبد أحرار، وكلما طلقت أربعًا فأربعة أعبد أحرار، ثم طلقهن دفعة واحدة أو فرقهن عتق خمسة عشر عبدًا. وعند بعض أصحابه يعتق سبعة عشر. وعند بعض أصحابه أيضًا يعتق عشرة. وعند بعض أصحابة أيضًا يعتق عشرون، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها إذا لم أطلقك فأنت طالق ومضى زمان يمكنه أن يطلقها فيه فلم يطلقها طلقت، وفيه قول إنها على التراخي، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال إن لم أقضك دينك في رجب فامرأتي طالق، فماطله حتى خرج من رجب ولم يقضه وقع عليها الطلاق في آخر يوم من رجب ولا يقع الطلاق قبل ذلك، ولا يحرم عليه الوطء في رجب. وعند مالك يحرم، وكذا عنده كل يمين علقها على فعل يفعله فإنه يحرم عليه الوطء حتى يفعله. مسألة: عند أكثر الشَّافِعِيَّة إذا قال لزوجته متى وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثًا، ثم طلقها لم يقع عليها الطلاق. وعند بعضهم عليها المباشر دون المعلق. وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند بعضهم يقع عليها الثلاث وهي المباشرة وطلقتان من المعلق، وبه قال أَحْمَد والحَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لامرأته أنت طالق إلى شهر ولا نية له لم يقع عليها الطلاق إلا بعد مضي شهر من حيث عقد الصفة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسعيد بن المسيب والحسن وقتادة والزُّهْرِيّ ويَحْيَى الأنصاري ورَبِيعَة وَمَالِك يقع الطلاق في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق في شهر رمضان وقع الطلاق في أول جزء من الليلة الأولى من شهر رمضان. وعند أَبِي ثَورٍ لا تطلق إلا في آخر جزء من رمضان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال أنت طالق في غدِ وقع بطلوع الفجر، فإن قال: أردت آخره قبل منه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يقبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لها أنت طالق إن لبست ثم قال نويت ثوبًا دون ثوب لم يقبل في الحكم. وعند أَبِي يُوسُفَ يقبل في الحكم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة قال: أنت طالق أمس طلقت في الحال. وعند أَحْمَد لا تطلق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لامرأته إذا رأيت هلال رمضان فأنت طالق فرآه غيره طلقت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تطلق إلا أن يراه هو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا قال لزوجته أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم زيد بعد هذا الشهر وزيادة لحظه تبينا أن الطلاق وقع في لحظة قبل شهر من قدومه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يقع الطلاق بقدوم زيد. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال أنت طالق قبل موت فلان بشهر ثم مات فلان لتمام شهر وقع الطلاق عقب الْيَمِين. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ بل بعد موت فلان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته إذا لم أتزوج عليك فأنت طالق، فمضى بعد يمينه زمان يمكنه أن يعقد فيه النكاح فلم يعقد طلقت، وإن تزوج عليها برَّ في يمينه، وعند مالك وَأَحْمَد لا يبر حتى يتزوج عليها من يشبهها في الحال ويدخل بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال إن خرجت بغير إذني فأنت طالق، فإن خرجت بغير إذنه طلقت، وإن أذن لها فخرجت أو لم تخرج انحلت الْيَمِين، فإن خرجت بعد ذلك لم تطلق، وكذا إذا قال إن خرجت إلا بإذني، وقال إن أخرجت إلا أن آذن لك، أو حتى آذن لك، أو إلى أن آذن لك فالحكم واحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قال إلا بإذني، وقال إن خرجت بغير إذني فإذا خرجت بإذنه لم ينحل الْيَمِين، ومتى خرجت بعد ذلك بغير إذنه حنث ووافق أبو حَنِيفَةَ الشَّافِعِيّ في الثلاثة الألفاظ. وأما أَحْمَد فخالف في الألفاظ كلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن لها ولم يعلم ثم خرجت لم تطلق، وبه قال أبو يوسف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك ومُحَمَّد يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا قال أنت طالق كيف شئت لم يقع حتى تشاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقع في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت طالق لو دخلت الدار وقع الطلاق في الحال. وعند أَبِي يُوسُفَ لا تطلق إلا بدخول الدار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال إن دخلت الدار أنت طالق بحذف ألفًا لم تطلق حتى تدخل الدار. وعند مُحَمَّد بن الحسن يقع الطلاق في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها إن ولدت فأنت طالق لم يقع عليها طلاق حتى

تلد. وعند مالك إن كانت حاملاً وقع عليها الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا علَّق طلاق امرأته بصفه ثم طلقها واحدة قبل وجود الصفة وانقضت عدتها، أو خالعها عقب الْيَمِين ثم وجدت الصفة ثم تزوجها لم تعد بتلك الصفة قولاً واحدًا. وعند مالك وَأَحْمَد تعود الصفة ويحنث بوجودها، إلا أن مالكًا يقول: إذا أبانها بما دون الثلاثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا علق طلاق امرأته على صفة ثم أبانها قبل وجود الصفة، ثم تزوجها لم تعد الصفة في أحد الأقوال بكل حال، وسواء كانت الصفة مما يمكنه وجودها أو لا يمكنه وجودها بأن يحلف أن لا يطئها فإنه لا يمكنه وطؤها وطئًا مباحًا بعد البينونة، وتعود الصفة في القول الثاني بكل حال، وبه قال أَحْمَد وصححه جماعة من الشَّافِعِيَّة، وتعود في القول الثالث إذا أبانها بما دون الثلاث، ولا تعود إذا أبانها بالثلاث، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا قال إن دخلت هاتين الدارين أو كلمت هذين الرجلين فأنت طالق، فدخلت إحدى الدارين أو كلمت أحد الرجلين لم تطلق. وعند أَحْمَد تطلق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقع الطلاق في النكاح الفاسد. وعند مالك وَأَحْمَد يقع في النكاح المختلف فيه، وبه قال إِسْحَاق من الشَّافِعِيَّة. * * *

باب الشك في الطلاق واختلاف الزوجين فيه

باب الشك في الطلاق واختلاف الزوجين فيه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شك هل طلق أم لا؟ لم يلزمه الطلاق. وادعى الشَّافِعِيَّة الإجماع عليه والأحوط أن يحنث نفسه، فإن كان عادته أن يطلق طلقة أو اثنتين راجعها، وإن كان عادته أنه يطلق ثلاثًا طلقها ثلاثًا لتحل لغيره بيقين. وعند شريك بن عبد الله إذا شك هل طلق أم لا طلق واحدة ثم يراجعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تيقن أنه طلق امرأته، أو شك هل طلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا؟ لم يلزمه إلا الأقل، والورع أن يلتزم الأكثر. وعند مالك وأَبِي يُوسُفَ يلزمه الأكثر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلق إحدى نسائه بعينها، ثم أشكل عليه فإنه يلزمه أن يعينها بالقول ويمتنع منها حتى يعينها، فإن وطئ إحداهما لم يكن تعيينًا للطلاق، وإن عين في الموطؤة فقد وطئ وطئًا حرامًا وعليه المهر ويعيد من حين الوطء، وبهذا قالت الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد يقرع بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وعثمان البتي واللَّيْث وأكثر العلماء إذا طلق واحدة من نسائه لا يعينها بأن قال: إحداكن طالق ولم يعين فعليه واحدة بعينها منهن وقع الطلاق على واحدة منهن لا يعينها، وله أن يعين فيمن شاء منهن، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم لا يصح طلاقه. وعند مالك وقتادة يقع عليهن جميعًا. وعند الحسن وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ يقرع بينهن. وعند داود لا يقع على واحدة منهما طلاق. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقع الطلاق بهذا الكلام وهو لغو، ولا يقع الطلاق عندهم إلا بالتعيين والتمييز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه ابتداء العدة من حين التعيين وعند بعض الشَّافِعِيّ من حين الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلق إحدى نسائه لا يعينها ثم وطئ واحدة منهن لم يكن تعيينًا للطلاق في الباقيات في أحد الوجهين، ويكون تعيينًا في الوجه الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد لا يتعين في واحدة منهن لا بالوطء ولا بالقول، وإنَّما يتعين الطلاق في واحدة منهن بالقرعة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طلق إحدى امرأتيه ثلاثًا وجهلها أو نسيها، أو طلق إحداهما لا يعينها وماتت إحداهما قبل أن يعين المطلقة لم يتعين الطلاق في الأخرى، بل له أن يعين في إحداهما بعد الموت وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتعين الطلاق في الباقية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات الزوج قبل التعيين لم يكن للورثة تعيين الطلاق في إحداهما في أحد القولين أو الوجهين، ولهم ذلك في القول الثاني، وبه قال أحمد، إلا أنه يقول: يميز الورثة بينهما بالقرعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا مدخل للقرعة في تعيين الطلاق المبهمة، ولها مدخل في عتق المبهم من الرقيق. وعند أَبِي ثَورٍ لها مدخل في تعيين المطلقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان له أربع زوجات فقال زوجتي طالق وقع الطلاق على واحدة منهن وكان له أن يعين منهن من شاء منهن. وعند أَحْمَد وابن عبَّاس يطلق الأربع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج خامسة ومات قبل أن يعين المطلقة دفع إلى المتزوجة ربع الثمن إذا كان له ولد، أو ربع الربع إن لم يكن له ولد، ويوقف الباقي حتى يصطلحن. وعند الشعبي وعَطَاء الخراساني يقسم بينهن ما بقي من وقف. وعند أحمد يقرع بين الأربع فمن وقعت عليها القرعة خرجت من الميراث وقسم الميراث بين الزوجة والثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نهى أحد نسائه عن الخروج فخرجت التي لم ينهها، فقالت فلانة خرجت فقال أنت طالق وقع الطلاق على التي خاطبها وعلى التي أرادها. وعند الزُّهْرِيّ والحسن وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ يقع على التي أرادها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف بطلاق امرأته أنه من أهل الجنة أنها لا تطلق. وعند مالك تطلق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن إذا قال إن كنت تحبين النار وتكرهين الجنَّة فأنت طالق، قالت أنا كذلك لم يقع عليها طلاق. وعند أَحْمَد وأبي يوسف يقع عليها الطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف اثنان في طائر، وقال أحدهما: إن لم يكن غرابًا فامرأتي طالق، وقال الآخر: إن لم يكن حمامًا فامرأتي طالق، فطار ولم يعلم هل هو

غراب أو حمام لم يقع الطلاق على واحد منهما. والورع أن يوقع كل واحد منهما على زوجته. وعند مَكْحُول وأبي عبيد يقع الطلاق عليهما جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلق طلقة رجعية فله أن يلحقها بثانية وثالثة. وعند أحمد ومُحَمَّد إذا جعل الطلاق الرجعي ثلاثًا أو ثانية لم يكن إلا رجعية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون كما جعلها. وعند أَبِي يُوسُفَ في الثلاث كقول أَحْمَد ومحمد، وفي الثاني كقول أَبِي حَنِيفَةَ. * * *

باب الرجعة

باب الرجعة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر الفقهاء يحرم وطء الرجعية والاستمتاع بها والنظر إليها بشهوة وغير شهوة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز له وطؤها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي قلابة وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا تصح الرجعة بالوطء، سواء نوى به الرجعة أو لم ينو. وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والحسن وسعيد بن المسيب وعَطَاء وابن شُبْرُمَةَ والزُّهْرِيّ وطاوس وَأَحْمَد تصح الرجعة بالوطء، سواء نوى به الرجعة أو لم ينو. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ أيضًا إذا قبلها بشهوة أو مسها بشهوة وقعت به الرجعة. وزاد أبو حَنِيفَةَ النظر إلى فرجها بشهوة، وإن ذلك تحصل به الرجعة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة مُحَمَّد بن يَحْيَى. وعند النَّاصِر منهم لا يكون ذلك رجعة. وعند مالك وإِسْحَاق إن نوى بالوطء الرجعة صحت وإن لم ينو به الرجعة لم تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ الرجعية ولم يراجعها حتى انقضت عدتها لزمه المهر، وكذا إن راجعها قبل انقضاء العدة. وعند أَحْمَد لا يلزمه المهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلق امرأته طلاقًا رجعيا فارتدت المرأة ثم راجعها الزوج في حال ردتها لم تصح الرجعة، فإن انقضت عدتها قبل أن ترجع إلى الْإِسْلَام بانت باختلاف الدين، وإن رجعت إلى الْإِسْلَام قبل انقضاء عدتها افتقر إلى استئناف الرجعة. وعند الْمُزَنِي تكون الرجعة موقوفة على انقضاء العدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال الزوج راجعتك وأنكرت المرأة، فإن كان قبل انقضاء العدة فالقول قول الزوج، وإن انقضت عدتها فقال الزوج كنت راجعتك قبل انقضائها وقالت الزوجة انقضت عدتي قبل أن تراجعني ولا بينة للزوج فالقول قول الزوجة. وعند أكثر الزَّيْدِيَّة القول قولها بيمينها في تسعة وثلاثين يومًا، وبه قال أبو يوسف ومحمد. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا كانت المدة محتملة فلا تصدق الزوجة إلا بمضى المدة المحتملة وهي ثلاثة أشهر، ولا يكلف البينة ولا الْيَمِين، ولها في الأشهر عليه النفقة والسكنى وله عليها الرجعة، فإن ماتت قبل ثلاثة أشهر ورثها الزوج وإن مات فلا

ترثه هي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الزوجة أمة وادعت انقضاء العدة، وادعى الزوج أنه راجعها قبل انقضاء العدة وصدق المولى فهل القول قول الزوج أو قولها؟ فيه ثلاثة طرق: الأول قَوْلَانِ: أحدهما القول قول الزوج، والثاني القول قولها. والطريق الثاني إن أظهر الزوج أولًا الرجعة أو الْإِسْلَام فالقول قوله، وإن أظهرت الزوجة انقضاء العدة، ثم قال الزوج: كنت راجعتك أو أسلمت قبل انقضائها فالقول قولها. والطريق الثالث أن قول كل واحد منهما مقبول فيما اتفقا عليه، فإذا قلنا القول قول الزوجة كان القول قول السيّد، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد القول قول الأمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي بن أبي طالب وأكثر الفقهاء إذا انقضت عدتها ثم تزوجت بآخر وادعى الزوج أنه راجعها قبل انقضاء عدتها منه، وقال الزوج الثاني: بل انقضت عدتها قبل أن تراجعها، فإن كان مع الأول بينة حكم بها واستحق الزوجة وبطل نكاح الثاني، سواء دخل بها أو لم يدخل، وعند مالك إن دخل الثاني فهو أحق بها، وإن لم يدخل بها ففيه رِوَايَتَانِ: إحداهما أنه أحق بها، والثانية الأول أحق بها. وروى ذلك عن عمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب الإشهاد على الرجعة على القول الجديد الصحيح، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة، ويجب في القول القديم، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ الحر إذا طلق ثلاثًا أو العبد طلقتين لم تحل للزوج الأول حتى يطئها الزوج الثاني في القبل في نكاح صحيح ثم يطلقها وتعتد منه. وعند سعيد بن المسيب وداود إذا طلقها الثاني قبل الوطء حلَّت للأول، وهو قول بعض الْإِمَامِيَّة والخوارج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئها الزوج في نكاح فاسد ففي حصول التحليل بهذا الوطء قَوْلَانِ: أصحهما لا يحصل، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والثاني يحصل بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وطء الزوج المراهق يحل

المطلقة ثلاثًا لزوجها. وعند مالك والحسن وأبي عبيد لا يحلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أصابها الزوج الثاني وهي محرمة لحج أو عمرة أو صائمة أو حائضة أحلها للأول. وعند مالك وَأَحْمَد لا يحلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الذمية تحل لزوجها المسلم بوطء الزوج الذمي. وعند مالك لا تحل بوطئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وعمر وعلي وأبي هريرة وابن عمر وزيد ومعاذ وعمران بن الحصين وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وَأَحْمَد ومحمد وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا بانت منه زوجته بما دون الثلاث فتزوجت بآخر ثم دخل بها الزوج ثم طلقها ثم تزوجها الأول عادت إليه بما بقي من الثلاث. وعند عَطَاء وشريح وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وابن عَبَّاسٍ وكذا ابن عمر في رِوَايَة، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة يهدم الزوج الثاني الطلاق وتعود إليه بالثلاث. * * *

كتاب الإيلاء

كتاب الإيلاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر الزَّيْدِيَّة يصح الإيلاء بالحلف باللَّه أو بصفة من صفات ذاته وكذا عند الشَّافِعِيّ إذا حلف بصفات الفعل كالخالقية [والرازقية]، وعند الزَّيْدِيَّة لا يصح الإيلاء بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا حلف بغير الله كالكعبة والملائكة والرسل فإنه لا يكون موليًا، وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يكون موليًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح إيلاء المجنون في أحد القولين، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ، ويصح في القول الثاني وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح إيلاء الذمي وفائدته إذا أسلم وقف بها وكان عليه كفارة الحنث. وعند مالك لا يصح. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يصح إيلائه بالْيَمِين باللَّه تعالى ويصح بالطلاق والعتاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة يصح الإيلاء من الزوجة سواء كانت مدخولًا بها أم لا، وسواء كانت حرة أم أمة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يكون موليًا حتى تكون مدخولًا بها. وعنده أيضًا لو دخل بها قبل المدة لزمته الكفارة، ولكن لا يثبت الوقف بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف بالطلاق أو بالعتاق أو بصدقة المال لم يكن موليًا في قوله القديم، وبه قال أبو يوسف، وكذا أَحْمَد في أشهر الروايتين عنه والْإِمَامِيَّة، ويكون موليًا في قوله الجديد، وبه قال الشعبي والنَّخَعِيّ وزفر ومُحَمَّد وابن حُيي ومالك والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأبو ثور وأبو عبيد وابن عَبَّاسٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح الإيلاء بالصلاة في قوله الجديد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح الإيلاء بالصلاة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لامرأته إن وطئتك فعليَّ للَّهِ أن أعتق عبدي عن ظهاري. وهو مظاهر كان موليًا. ونقل الْمُزَنِي عن الشَّافِعِيّ أنه لا يكون موليًا، وبه قال الْمُزَنِي وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لأربع نسوة: والله لا وطئتكن لم يكن موليًا حتى يطأ ثلاثًا منهن فيكون حينئذ موليًا من الرابعة. وعند أصحابه وهو ظاهر نصه يكون موليًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود الإيلاء في الغضب والرضى سواء. وعند ابن عبَّاس والحسن وقتادة والنَّخَعِيّ أنه لا يصح في حال الرضى، وإنما يصح في حال الغضب. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح في حال الغضب الذي لا يضبط الإنسان نفسه معه ولا مع الإكراه، ولابد فيه من القصد. وعند علي وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأبي عبيد ليس في الإصلاح إيلاء، مثل أن يحلف لأجل ولده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومالك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الإيلاء الشرعي هو أن يحلف أن لا يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر، فإن حلف ألا يطئها أربعة أشهر أو ما دونها لم يكن موليًا في الشرع وكان حالفا. وعند ابن عَبَّاسٍ لا يكون موليًا حتى يحلف أن لا يطئها أبدًا ويطلق ولا يقدر بمدة. وعند عَطَاء والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف أن لا يطئها يومًا أو يومين أو أقل أو أكثر كان موليًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال والثه لا وطئتك إلا يومًا لم يكن موليًا وعند زفر يكون موليًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال والله لا باضعتك لم يكن موليًا في قوله الجديد إلا أن ينوي به الإيلاء، ويكون موليًا في قوله القديم في الحكم. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يكون موليًا بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال والله لا باشرتك أو لا لامستك أو لا قربتك أو لا أفضيت إليك أو لا أتيتك أو لا أصبتك أو لا افترشتك لم يكن موليًا في قوله الجديد إلا أن ينوي به الإيلاء، ويكون موليًا في القديم في الحكم وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الأم أنه إذا قال والله لا وطئتك حتى تفطمي ولدك لا يكون موليًا، وقال في موضع آخر يكون موليًا. واختلف أصحابه في ذلك على طريقين،

فمنهم من قال: الموضع الذي قال لا يكون موليًا إذا علقه على فعل الفطام، والموضع الذي قال يكون موليًا إذا كان صغيرًا لا يمكن أن يفصل إلا بعد زيادة على أربعة أشهر. ومنهم من قال: حيث قال: لا يكون موليًا إذا كان الصبي مما يمكن فطامه قبل مضى مدة الإيلاء في العادة، وحيث قال: يكون موليًا إذا كان الصبي ابن يوم أو يومين بحيث لا يمكن أن يفطم في العادة إلا في مدة تزيد على أربعة أشهر. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ والْإِمَامِيَّة أنه لا يكون موليًا بكل حال. وعند أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا بقي من المدة أكثر من أربعة أشهر فهو مُولٍ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عمر وعائشة وعثمان وأبي الدرداء وأكثر الصحابة وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا آلى إيلاءً شرعيًا فإنه يتربص أربعة أشهر وعشرة ولا مطالبة للزوجة عليه مدة التربص بفيءٍ ولا طلاق إلا أن تنقضي. وروى سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: سألت اثني عشر رجلاً من الصحابة عن المولى كلهم يقول: ليس عليه شيء حتى يمضي أربعة أشهر فيوقف وإلا طلق. وقال سليمان بن يسار كان تسعة عشر رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوقفوا في الإيلاء. وعند ابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وزيد بن ثابت مدة التربص محل للمطالبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ مدة إيلاء الحر والعبد سواء، سواء كانت زوجته حرة أو أمة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ وَمَالِك وإِسْحَاق في رِوَايَة إيلاء العبد شهران، سواء كانت زوجته حرة أو أمة. وإيلاء الحر أربعة أشهر، سواء كانت زوجته حرة أو أمة. وعند الحسن البصري والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَأَحْمَد في إحدى الروايتين مدة الإيلاء من الأمة شهران، سواء كان زوجها حرًا أو عبدًا ومدة الإيلاء من الحرة أربعة أشهر، سواء كان زوجها حرًا أو عبدًا، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد ابن علي وَأَحْمَد بن عيسى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا امتنع الرجل من وطء امرأته من غير إيلاء لم تضرب له مدة التربص. وعند أَحْمَد أيضًا إذا قصد بامتناعه الإضرار بها مع زوال الأعذار ضربت له مدة الإيلاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وعلي وابن عمر وعائشة وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا انقضت مدة التربص قبل أن يطلقها أو يطأها فإنها لا تبين

بانقضاء المدة، ولكن يثبت لها المطالبة بالفيئة والطلاق. وعند ابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن ثابت وابن عَبَّاسٍ وعَطَاء ومَسْرُوق وعكرمة وجابر بن زيد وقبيصه ابن ذؤيب والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ تبين فنه بانقضاء المدة بطلقة، وروى ذلك أيضًا عن ابن عمر وعثمان وعلى. وعند سعيد بن جبير والزُّهْرِيّ وسعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ومَكْحُول إذا مضت مدة التربص وقعت عليها طلقة رجعية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ المولى في مدة الإيلاء لم يجب عليه الكفارة في قوله القديم، وبه قال الحسن البصري، ويجب في قوله الجديد، وبه قال النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ والثَّوْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأبي عبيد وابن عَبَّاسٍ وزيد بن ثابت وأكثر العلماء، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقف المولى ولم يف طلق عليه الحاكم في أصح القولين، وبه قال مالك، وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين، ويجبره على الطلاق في القول الآخر، وهو قول أَحْمَد في إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلق المولى أو طلق عليه الحاكم فإنه يقع رجعيًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يقع بائنًا. وعند أَحْمَد يملك الحاكم الطلقة والثلاث والفسخ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال لأجنبية والله لا وطئتك ثم تزوجها لم يكن موليًا منها. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا تزوجها وقد بقي من المدة أكثر من أربعة أشهر كان موليًا منها. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال إن تزوجتها فوالله لا قربتها كان موليًا، وإن قال والله لا وطئتها ثم تزوجها لم يكن موليًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها أنت طالق لأفعلن كذا وكذا، أو إن لم أفعل كذا وكذا فامتنع من وطئها حنى يفعل، فإن لم يفعل على وجه يعلم بقصده وجه الإضرار لم يثبت في حقه حكم الإيلاء وعند مالك وَأَحْمَد يثبت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا آلى لم تحتسب عليه المدة حتى يراجعها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد تحتسب عليه المدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا آلى منها ثم طلقها ومضت مدة أربعة أشهر قبل انقضاء مدة

الطلاق فلا وقوف عليه ولا طلاق. وعند مالك رجعية معتبرة بالوطء، فإن وطئ وإلا بانت بانقضاء العدة. وعند قتادة والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وابن مسعود يهدم الطلاق الإيلاء. وعند علي رضي الله عنه حد الإيلاء حد الطلاق فهما تطليقتان، وإن سبق حد الطلاق حد الإيلاء فهي واحدة. وعند الشعبي والحسن أيهما سبق أحدثه، وإن وقعا جميعًا أحدثهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ لا يهدم الطلاق الإيلاء، وإن مضت أربعة أشهر قبل أن تحيض ثلاث حيض بانت منه. وعند الزُّهْرِيّ إذا آلى ثم طلق، أو طلق ثم آلى وقعا جميعًا. وعند مالك إذا آلى ثم طلق وانقضت الأشهر قبل انقضاء عدة الطلاق فهما تطليقتان إن هو وقف ولم يف، وإن مضت أربعة أشهر وكان المولى مريضًا أو محبوسًا فإنه يفيء بلسانه فيقول: ندمت على ما فعلت، وإذا قدرت وطئت. وعند أبي ثور لا يوقف المولي في حال مرضه حتى يبرأ ولا الغائب حتى يقدم. وعند أبي قلابة يفيء إليها بالقلب. وعند سعيد بن جبير لا تكون الفيئة إلا بالجماع في حال العذر وعدمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة اختارها الخرقي إذا فاء إليها بلسانه في حال العذر طولب بالجماع أو بالطلاق عند زوال العذر في الحال ولا تستأنف له مدة الإيلاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تستأنف له مدة الإيلاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مضى للمظاهر أربعة أشهر لم يكن موليًا. وعند قتادة وجابر ابن زيد وَمَالِك يكون موليًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا غابت أو مرضت أو نشزت لم تحسب المدة عليه وعند أَبِي حَنِيفَةَ تحسب عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا آلى من الصغيرة لم تحسب عليه المدة في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا آلى من امرأته ثم طلقها رجعيًا، فإن لم يراجعها حتى انقضت عدتها فتزوجها وقد مر من مدة الإيلاء أكثر من أربعة أشهر عاد حكم الإيلاء على القول القديم بعود حكم الإيلاء قولاً واحدًا، وعلى الجديد قَوْلَانِ، وعند زفر إذا آلى منها ثم طلقها ثلاثًا ثم عاد إليها تعد إصابة الزوج الثاني ومدة الإيلاء باقية فإنه يعود إليه حكم الإيلاء، وإليه أشار من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعود حكم الإيلاء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي عن يَحْيَى، وهو الأصح عند الزَّيْدِيَّة.

كتاب الظهار

كتاب الظهار مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء يصح ظهار العبد. وعند مالك وبعض الناس لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يصح ظهار الذمي، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأكثر العلماء لا يصح ظهاره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح ظهار السيّد من أمته ولا من أم ولده. وعند الثَّوْرِيّ ومالك وسعيد بن المسيب والحسن ومجاهد وعكرمة والشعبي والنَّخَعِيّ وعمرو بن دينار وسليمان بن يسار والزُّهْرِيّ وقتادة وعلي بن أبي طالب يصح ظهار السيّد من أمته. وعند الحسن أيضًا إن كان يطؤها صح منه الظهار، وإن لم يطئها لم يصح. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن كان يطؤها صح منه الظهار، وإن لم يكن يطئها فعليه كفارة يمين. وعند عَطَاء عليه نصف كفارة الحر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يشترط في الظهار القصد والنية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا أبو طالب عن يَحْيَى والقاسم. وعند الْإِمَامِيَّة يشترط ذلك، وبه قال من الحنفية الحسن بن زياد، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح ظهار السكران. وعند اللَّيْث والْمُزَنِي وداود والْإِمَامِيَّة لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لزوجته أنت عليَّ كأُمِّي أو مثل أمي أو أنت أمي فهو كناية، فإن أراد به الكرامة والتوقير فليس بظهار، وإن أراد به التحريم فهو ظهار، وإن لم يكن له نية فليس بظهار. وعند مالك وَأَحْمَد ومُحَمَّد بن الحسن يكون ظهارًا، سواء نوى أو لم ينو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا قال لها أنت عليَّ كظهر أبي أو جدي لم

يكن ظهارًا. وعند ابن القاسم يكون ظهارًا، وكذا إذا أشبهها بظهر غلامه وعند أحمد فى إحدى الروايتين إذا أشبهها بظهر ذي رحم محرم كان ظهارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أشبه زوجته بغير الأم فإن كانت جدة فهو ظهار، سواء كانت من قبل الأم أو من قبل الأب، وإن كانت أختًا أو خالة أو عمة أو امرأة لم تحل له أيضًا، فإن كانت محرمة عليه قبل أن يولد بأن كانت قد ارتضعت من أمه أو أخته قبل ولادته، أو كانت زوجة أبيه قبل ولادته فإنه يكون ظهارًا في قوله الجديد، وبه قال مالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي وأبو عبد الله الداعي، ولا يكون ظهارًا في قوله القديم، وبه قال قتادة وأبو حَنِيفَةَ وصاحباه وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أشبهها بمن كانت حلالاً له ثم حرمت عليه كأم امرأته ومن تزوجها أبوه بعد ولادته وأخته من الرضاع بعد ولادته، أو تزوجها ابنه أو محرمة عليه تحل له في الثاني كأخت زوجته وعمتها وخالتها لم يكن ظهارًا. وعند الشعبي والحسن والنَّخَعِيّ وجابر بن زيد وعَطَاء والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه يكون ظهارًا، وكذا عندهم إذا أشبهها بكل أمة يحرم عليه نكاحها فهو ظهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شبه امرأته بأجنبية تحل له لم يكن مظاهرًا. وعند مالك إن شبهها بظهرها كان مظاهرًا، وإن شبهها بغير ظهرها فمنهم من يقول هو ظهار، ومنهم من يقول هو طلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شبه امرأته بعضو من أعضاء أمه غير ظهرها بأن قال: أنت على كرأس أمي أو كيد أمي أو كرجلها أو كفرجها، أو شبه عضوًا من زوجته بظهر أمه بأن قال: يدك أو رجلك أو فرجك على كظهر أمي فهو ظهار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا شبه زوجته بعضو من أعضاء أمه يحرم نظره إليها كفرجها أو كفخذها فهو ظهار، وإن شبهها بعضو لا يحرم نظره إليه كرأسها أو يدها أو رجلها لم يكن ظهارًا، وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح الظهار بالتسمية بظهر الأم لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ إذا قال لأجنبية إذا تزوجتك فأنت عليَّ كظهر أمي وتزوجها لم يصر مظاهرًا إذا تزوجها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنت عليَّ حرام كظهر أمي ونوى الطلاق فقَوْلَانِ:

أحدهما يكون طلاقًا، وبه قال أبو يوسف ومحمد، إلا أن أبا يوسف يقول: لا أقبل قوله في الظهار بأن قال: أنت عليَّ كظهر أمي شهرًا أو يومًا أو سنة فقَوْلَانِ: أحدهما لا يصح ظهاره، وبه قال ابن أبي ليلى واللَّيْث وأصحهما يصح ظهاره، وبه قال أبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد. وعند مالك لا يصح ظهاره ويسقط التوقيت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لواحدة من نسائه أنت عليَّ كظهر أمي، ثم قال لأخرى أشركتك معها، أو أنت شريكتها، أو أنت كهي، أو أنت مثلها لم يكن ظهارًا من الثانية إلا أن ينوي الظهار منها. وعند مالك وَأَحْمَد يكون مظاهرًا منهما ويلزمه لكل واحدة كفارة نوى أو لم ينو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يصح الظهار معلقًا بالشرط ويصح بالْيَمِين. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح في الصورتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يصح الظهار منهما بأن يقول لزوجاته: إحداكن عليَّ كظهر أمي. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يصح ظهار الزوجة من زوجها، وعند الزُّهْرِيّ والحسن والنَّخَعِيّ يصح ظهار الزوجة من زوجها، وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا ظاهرت من زوجها لم يكن مظاهرة وإن قالت ذلك لأجنبي ثم تزوجها صارت مظاهرة، وعند أحمد، وعَطَاء، وأَبِي يُوسُفَ إذا قالت هو عليها كأمها كان يمينًا وليس بظهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح الظهار من الرتقاء وعند أَبِي ثَورٍ لا يصح الظهار منها. عند الشَّافِعِيّ الطلاق المتصل بلفظ الظهار يسقط الكفارة وعند الزَّيْدِيَّة لا يسقطها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ظاهر منها ثم طلقها وانقضت عدتها ثم تزوجها فثلاثة أقوال: أحدها يعود الظهار، وبه قال عَطَاء والزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ وأبو عبيد وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني لا يعود الظهار، وهو قول الحسن وقتادة. والثالث إن أبانها بالثلاثة لا يعود وإن أبانها بما دون الثلاث عاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن البصري وطاوس والزُّهْرِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وداود إذا ظاهر الرجل من امرأته ووجد العود وجبت عليه الكفارة. وعند مجاهد والثَّوْرِيّ تجب الكفارة بمجرد الظهار دون العود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب الكفارة بالظهار، ولا بالظهار

والعود، وإنَّما تجب على المظاهر إذا أراد أن يطأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العود هو أن يمسكها بعد الظهار زوجية رمانًا يمكنه أن يطلقها فيه ولا يطلق. وعند مجاهد والثَّوْرِيّ المراد بالعود في الآية هو أن يعود إليه في الْإِسْلَام. وعند داود وشيعته العود هو إعادة لفظ الظهار. وعند الحسن البصري وطاوس والزُّهْرِيّ وقتادة العود هو الوطء. وعند مالك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هو العزم على الوطء، وهو إحدى الروايتين عن أَبِي حَنِيفَةَ، والمشهور عنه ما ذكرناه أولًا. وروى عنه أن الكفارة لا تجب على المظاهر وإنما هي شرط في إباحة الوطء فمتى أراد الوطء قلنا لا يحل لك أن تطأها حتى يكفر، وهذا كما تقول فيمن أراد صلاة النافلة قلنا له تطهر وصلِّ، فإن قال لا أصلي قلنا لا طهارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ظاهر من أربع نسوة بكلمة واحدة بأن قال أنت عليَّ كظهر أمي أجزأه كفارة واحدة في قوله القديم، وبه قال عَطَاء والحسن وعروة ورَبِيعَة ومالك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر بن الخطاب. وقال في الجديد عليه أربع كفارات، وبه قال الزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ ويَحْيَى الأنصاري والثَّوْرِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه إلا كفارة واحدة سواء ظاهر منهن بكلمة واحدة أو بكلمات. وعند أَحْمَد رِوَايَة وهي الفرق بين المجلس والمجالس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كرر لفظ الظهار في امرأة واحدة وقصد الاستئناف فقَوْلَانِ: القديم تجب كفارة واحدة، وبه قال علي بن أبي طالب وعَطَاء وطاوس وجابر بن زيد والشعبي والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ، وكذا مالك في رِوَايَة. والجديد أنه يجب عليه بكل لفظة كفارة، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ ومالك. وحكى عن بعض المالكية عن مالك أنه إن قصد الاستئناف لزمه بكل لفظة كفارة، وإن لم يقصد الاستئناف لزمه كفارة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا كرر لفظ الظهار في امرأة واحدة وأراد بالثاني تكرار الأول كفاه كفارة واحدة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، وهو الأصح من مذهب النَّاصِر منهم. وعند زيد بن علي إن كان ذلك في مجلس واحد كفاه كفارة واحدة، وإن كان في مجالس لزمه لكل واحد كفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وطئ قبل أن يكفِّر أثم ولا تسقط عليه الكفارة، ولا يجب عليه كفارة ثانية بهذا الوطء. وعند بعض

الناس تسقط عنه الكفارة بذلك. وعند عمرو بن دينار ومجاهد وسعيد بن جبير والزُّهْرِيّ وقتادة وقبيصة بن ذؤيب وعبد الرحمن بن مهدي والْإِمَامِيَّة يجب عليه كفارة أخرى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ظاهر من امرأته وعاد وجبت عليه الكفارة فأخَّر وطئها والتكفير حتى مضت أربعة أشهر لم يصر موليًا، غير أنه إن قصد بتأخير التكفير والوطء الإضرار بها أثم بذلك، وإن لم يقصد ذلك لم يأثم. وعند مالك يصر موليًا ويطالب بالفيء أو الطلاق. وقد ذكرنا هذه المسألة في باب الإيلاء وهذا الموضع أحق بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات المظاهر عنها قبل التكفير لم تسقط الكفارة. وعند عَطَاء والحسن والنَّخَعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ تسقط الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ كفارة الظهار تثبت في الذمة على أصح الطريقين وتستقر وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تستقر في الذمة. * * *

باب كفارة الظهار

باب كفارة الظهار مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَحْمَد إذا كان عنده عبد يحتاج إليه في خدمته أو إلى ثمنه أو يحتاج إليه لعتقه ولا مال له سواه جاز له الانتقال إلى الصوم، ولا يلزمه عتقه، ولا يلزمه شراؤه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة إذا وجد ثمن الرقبة وهو يحتاج إليها في نفقته وكفايته على الدوام لم يلزمه العتق كقول الشَّافِعِيّ، وإن كان واجدًا للرقبة فى ملكه لزمه إعتاقها وإن كان محتاجًا إلى خدمتها. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ إذا وجد الرقبة في ملكه أو ما يشترى به الرقبة لزمه العتق وإن كان محتاجًا إلى الرقبة أو إلى ما فى يده من المال. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان له مال غائب وعليه ضرر في تأخير التكفير بالصوم في الظهار فوجهان: أحدهما لا يكفر بالصوم، والثاني يكفر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الاعتبار في وجوب الكفارة بحال وجوبها في أحد الأقوال وهو قول أحمد، وفي الثاني بحال الأداء وهو قول معاذ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ. واختلف في القول الثالث فالأكثرون على أنه يعتبر أغلظ الأحوال، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وبعضهم على أنه يعتبر أغلظ الحالين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجزئ في الكفارات كلها إلا رقبة مؤمنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيَّد. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وزيد بن علي والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى لا يجزئ في كفارة القتل إلا مؤمنة. وأما كفارة الظهار وكفارة الْيَمِين فيجزئ فيهما المؤمنة والكافرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة يجزئ في الكفارة الفاسق. وعند النَّاصِر منهم لا يجزئ، والأول على مذهبه أيضًا أنه يكره ويجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجزئ في الكفارة عتق الرقبة الصغيرة إذا كان محكومًا بإيمانها تبعًا لأحد أبويها أو للثاني. وعند مالك لا يعجبه إلا رقبة صامت وصلَّت وعند أَحْمَد لا يجزئ حتى يصلي.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ عتق الصغيرة يجزئ في الكفارة. وعند النَّخَعِيّ يجزئ إلا في كفارة القتل فإنه لا يجزئ إلا من يصلي ويصوم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجزئ في الكفارة عتق رقبة معيبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجزئ الأقطع في الكفارة. وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان أقطع اليد والرجل خلاف أجزأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الخرساء تجزئ في الكفارة إذا كانت محكومًا بإيمانها ولها إشارة مفهمة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا تجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجزئ إعتاق الآبق عن الكفارة. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن لم يأبق إلى الحربي أجزأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان يجزئ في وقت دون وقت جاز عتقه عن الكفارة. وعند مالك لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجزئ في الكفارة عتق مقطوع الأنف. وعند مالك لا يجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجزئ في الكفارة عتق مقطوع الأذنين وعند مالك وزفر لا يجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي هريرة وفضالة بن عبيد وعامة العلماء يجزئ في الكفارة عتق ولد الزنا. وعند ابن عمر وطاوس والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأبي عبيد وزفر وإحدى الروايتين عن أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المكاتب لا يجزئ عتقه عن الكفارة. وعند اللَّيْث وأبي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وإِسْحَاق وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين في الكفارة إذا لم يكن أدّى من نجومه شيئًا ولا يجزئ إذا أدّى من نجومه شيئًا. وعند أَبِي ثَورٍ يجزئ عتقه عن الكفارة بكل حال، وبه قال أَحْمَد في الرِوَايَة الثالثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة وَمَالِك في رِوَايَة يجزئ المدبَّر عن الكفارة. وعند الحسن وَمَالِك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأبي عبيد لا يجزئ عتقه عن الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد والزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اشترى من يعتق عليه كأبيه وأمه ونوى إعتاقه عند الشراء عن كفارته لم يجزه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق نصف عبده عن كفارته عتق جميعه وأجزأه عن

كفارته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإن لم يعتق يجزه وإن أعتقه أجزأه. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجزئه بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أعتق عبدًا مشتركًا عن كفارته ونوى عتق جميعه عن كفارته وكان موسرًا أجزأه، وإن نوى عتق نفسه عن كفارته وقلنا العتق يسري بنفس اللفظ أو مراعى أجزأه نصيب شريكه على وجه. والأشبه لا يجزئ. وإن قلنا القيمة فنوى مع أدائها ففي الإجزاء وجهان. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يجزئه إن كان موسرًا أو يضمن نصيب شريكه، وإن كان معسرًا فلا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يجزى عتق العبد المشرك موسرًا كان أو معسرًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان عليه كفارتان وله عبدان فقال أعتقتكما، أو كل واحد منكما عن كفارتي أجزأه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانتا من جنس واحد فأعتق العبدين بنية التكفير أجزأه كقول الشَّافِعِيّ، وإن كانتا جنسين لم يجزه حتى يعين المعتق عن كل واحدة من الكفارتين. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق نصفي رقبتين عن كفارته أجزأه في أحد الوجوه، وبه قال: أحمد، ولا يجزئه في الثاني وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأكثر العلماء، ويجزئه في الثالث إن كان باقيهما حرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا قال أعتق عبدك عن كفارتي ولم يذكر العوض فأعتق المسئول عبده أجزأه عن كفارته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين لا يجزئه ويكون ولاؤه له، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد الله الداعي. وعند أَبِي ثَورٍ يكون ولاؤه للمعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أعتق الرجل عبده عن غيره بغير إذنه لم يقع العتق إلا عن نفسه والولاء، سواء كان العتق عن تطوع أو عن واجب. وعند مالك إن أعتقه عن الغير عن واجب على الغير وقع العتق له وأجزأ عما عليه وكان الولاء له، وإن أعتقه تطوعًا عن الغير لم يقع عن الغير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأبي عبيد وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة لا يجزئ عتق أم الولد في الكفارة وتعتق. وعند الحسن البصري والنَّخَعِيّ وطاوس وعثمان البتي يجزئ عتق أم الولد في الكفارة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر الزَّيْدِيَّة العبد يكفر عن ظهاره بصوم شهرين متتابعين. وعند النَّاصِر وجعفر بن مُحَمَّد من الزَّيْدِيَّة يجزئه صوم شهر واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وإحدى الروايتين عن أَحْمَد أن المظاهر إذا وطئ بالليل عامدًا في أثناء الشهر أو ناسيًا لم يبطل تتابعه. وعند مالك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يبطل تتابعه بذلك، إلا مالكًا يقول: إذا وطئها ناسيًا فسد صومه، والآخران يقَوْلَانِ: لا يفسد صومه وينقطع تتابعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفطر بالمرض في صوم الشهرين بطل تتابعه في قوله الجديد، وبه قال سعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والحكم بن عتيبة والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ، ولا يبطل في قوله القديم، وبه قال سعيد بن المسيب وعَطَاء وطاوس ومجاهد والشعبي وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور وأبو عبيد وابن عَبَّاسٍ والْإِمَامِيَّة، واختاره ابن المنذر. وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان العذر من الله تعالى أفطر فإن أمكنه الصوم متتابعًا استأنف ولا يمنعه المرض ولا يلحقه ضرر استأنف، فإن خشي الضرر انتقل إلى الإطعام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند يَحْيَى منهم إذا أفطر بعلة لا يرجى زوالها بنى على الصوم إذا قدر ولا يعدل إلى البدل، فإن عجز عن الصوم بناءً واستئنافًا رجع إلى الإطعام. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أفطر في صوم الشهرين في السفر بطل تتابعه في أحد القولين، وقيل قَوْلَانِ. وعند الحسن لا يبطل تتابعه. وعند أَحْمَد لا يبطل تتابعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من صام من الشهر الثاني يومًا أو أكثر في صيام الشهرين المتتابعين وأفطر من غير عذر بطل تتابعه ولا يبنى على ذلك. وعند الْإِمَامِيَّة يكون مستأنفًا ويجوز له البناء على ما تقدم من غير استئناف. مسألة: عند الئافعى إذا شرع في صوم الكفارة في شعبان ونوى صوم رمضان عن كفارته لم يصح صومه عن الكفارة ولا عن رمضان. وعند الْأَوْزَاعِيّ ومن الشَّافِعِيَّة ابن حربوية يجزئه. عن الكفارة وعن رمضان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شرع في صوم شهرين وقدر على الرقبة يلزمه الانتقال من الرقبة ويمضي في صومه. وعند عَطَاء وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ والحكم وحماد والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأبو عبيد والْمُزَنِي يلزمه الانتقال إلى العتق ولا يجوز له المضي في الصوم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ عليه أن يطعم ستين مسكينًا كل مسكين مُدًّا من طعام ولا يجوز أن ينقص من عدد المساكين ولا من الستين مُدًّا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيَّد والهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أعطى الطعام كله مسكينًا فى ستين يومًا كل يوم مُدًّا جاز وقام مقام العدد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعند الْأَوْزَاعِيّ يجزئه مسكين. وعند الثَّوْرِيّ إن وجد العدد أعطى وإن لم يجد أعطى مسكينًا أو مسكينين. وعند أبي عبيد إن خص بها أهل بيت شديدي الفاقة أجزأه. وعند أحمد ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا كان عليه كفارتان للظهار فأطعم ستين مسكينًا لكل مسكين نصف صاع ونواهما جميعًا أجزأه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه عن إحديهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وزيد بن ثابت وأبي هريرة والْأَوْزَاعِيّ الواجب في الكفارة مد من الطعام، وسواء في ذلك الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذرة، وعند عمر أنه نصف صاع. وعند علي صاع من شعير، أو صاع من قمح. وعند مالك في كفارة الظهار هو مد بمد هشام، وهو مدان بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل دون المدين. وفي كفارة الْيَمِين والجماع في رمضان عنه كقول الشَّافِعِيّ. وعند أَحْمَد مد من الحنطة ومدان من الشعير والتمر. وعند مجاهد والنَّخَعِيّ والشعبي وعكرمة وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ من التمر والشعير صاع، والصاع أربعة أمداد، والمد رطلان ومن البر نصف صاع، وفي الزبيب عن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ: إحداهما: أنه كالتمر والشعير، والثانية: أنه كالبر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك لا يجب تعيين النية في الكفارة، سواء كانت من جنسين ككفارة الظهار وكفارة ما يقتل، أو من جنسين ولا يجب تعيين النية فى كفارة الظهار أو القتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجب تعيين النية في الأولى منهما إذا كانتا من جنسين، ولا يجب تعيين النية للثانية منهما. مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا كان عليه ظهاران فصام شهرين بنية الكفارة ولم يعين أحدهما كان له أن يجعلهما لأيهما شاء. وعند أَبِي ثَورٍ يقرع بينهما فمن خرجت لها القرعة حلَّ وطأها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان عليه ثلاثة كفارات وأعتق مملوكًا لا مال له سواه وصام شهرين ثم مرض وأطعم ستين مسكينًا ينوي عن كل ظهار تعيين عينه كفارة من هذه الكفارات فإنه يجزئه. وعند أَبِي ثَورٍ يقرع بينهن فمن أصابتها القرعة كان العتق عنها،

ثم يقرع بين الاثنين بين الثلاث إذا كن أربع على هذا المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جمع ستين مسكينًا وغدَّاهم وعشَّاهم لم يجزه. وعند الحسن وقتادة والشعبي وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وعلي بن أبي طالب يجزئه. وعند ابن سِيرِينَ والْأَوْزَاعِيّ وأبي عبيد يجزئه أكله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أطعم بعض المساكين ثم قدر على الصيام لم يلزمه الصيام ويستحب له، فإن وطئ في حال الإطعام أثم بذلك ولا يلزمه الاستئناف. وعند مالك يلزمه الاستئناف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إخراج الدقيق والسويق في الكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. وعند أَحْمَد يجزئ الدقيق وزنًا، وعنه في الخبز رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك لا يجوز إخراج القيمة في الكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز صرف الكفارة إلى المكاتب، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز صرفها إلى مكاتب غيره، ولا يجوز إلى مكاتب نفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز صرف الكفارة إلى كافر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ والشعبي يجوز صرفها إلى أهل الذمة. وعند الثَّوْرِيّ يجوز إلى أهل الذمة إن لم يجد مسلمين ولا يعطى أهل الحرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز صرف الكفارة إلى المستأمن. وعند أَبِي ثَورٍ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك لا يجوز للمظاهر الوطء قبل التكفير. وعند داود وأَبِي ثَورٍ يجوز الوطء قبل التكفير فالإطعام وقد أومأ إليه أحمد. مسألة: عند الشافعى إذا دفع الكفارة إلى من يظن أنه فقير فبان أنه غني لم يجزه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يجزئه. * * *

كتاب اللعان

كتاب اللعان مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذف الزوج زوجته وكانت عفيفة وجب عليه الحد وله إسقاطه باللعان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه الحد ويجب اللعان، فإن لاعَنَ وإلا حبس حتى يلاعن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدر الزوج على البينة واللعان فله أن يسقط الحد عن نفسه بأيهما شاء. وعند بعض الناس ليس له أن يلاعن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة سواء قال رأيتها تزنى أو قذفها بزنا ولم يضف ذلك إلى رؤيته فإنه يلاعن لإسقاط الحد عنه. وعند أبي الزناد ويَحْيَى الأنصاري والْإِمَامِيَّة وَمَالِك في إحدى الروايتين ليس له أن يلاعن، إلا إن قال: رأيتها تزني أو ينكر حملها، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ حد القذف حق الآدمي يورث عنه ويسقط بعفوه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو حق لِلَّهِ تعالى لا يورث عنه ولا يسقط بعفوه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف أجنبي أجنبية وحد لها ثم عاد وقذفها بذلك الزنى لم يجب عليه الحد ويعزر. وعند بعض الناس يجب عليه الحد، وهو قول ابن القاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء إذا تلاعنا ثم قذفها أجنبي حُدَّ. وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان الزوج لاعَنَها ونفى حملها وكان الولد حيًا فعلى الأجنبي الحد، وإن كان لم ينف حملها أو نفاه لكن مات الولد فإنه لا حد على الأجنبي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن اللعان يصح وإن لم يكن مدخولًا بها. وعند النَّاصِر والصادق لا يصح إلا في المدخول بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته لم أجدك عذراء فلا حد عليه ولا لعان. وعند مالك وسعيد بن المسيب عليه الحد وله إسقاطه باللعان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.

وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إذا قال أردت به القذف وجب الحد ولاعن حتى لو جرى بينهما ذكر الزنا، ثم قال لم أجدك عذراء كان صريحًا في القذف فيجوز اللعان لأجله. * * *

باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق

باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق وما يجوز نفيه باللعان وما لا يجوز مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السن الذي يولد للشخص فيها بعد عشر سنين، ولا يجوز أن يولد له قبل ذلك. وعند بعض أصحابه بعد تسع سنين ولا يولد له قبل ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ بعد اثنا عشر سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تزوج رجل بالمشرق امرأة بالمغرب فأتت بولد لستة أشهر من حين العقد لم يلحق به، وكذا إذا تزوجها بحضرة الحاكم وطلقها عقب القبول ثلاثًا وأتت بولد لستة أشهر لم يلحق به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلحق به الولد في المسألتين جميعًا، وهكذا قال أبو حَنِيفَةَ في رجل غاب عن امرأته زمانًا فأخبرت أنه مات فاعتدت عنه عدة الوفاة وتزوجت بغيره فرزق منها أولادًا ثم جاء الزوج الأول فإن الأولاد. كلهم للأول، ولا يلحق أحد منهم الزوج الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلق واعتدت بالأقراء ثم أتت بولد بعد ذلك، فإن كان لدون ستة أشهر من حين انقضاء العدة لحق به الولد، وإن أتت به لستة أشهر فأزيد إلى أربع سنين من حين الطلاق لحق الولد بالزوج وبطل إقرارها، سواء كان الطلاق بائنًا أو رجعيًا، وسواء أقرت بانقضاء العدة قبل ذلك أو لم تقر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يلحق به الولد إلا أن يتحقق بطلان إقرارها بان تعتد بالشهور ثم تأتي بولد لمدة الحمل بعد الشهور، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو العبَّاس بن سريج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا إذا أتت به لسنتين من حين الطلاق لحق به، وإن أتت به لا زاد على سنتين من حين الطلاق لم يلحق به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذفها في الطهر الذي جامعها فيه كان له أن يلاعن. وعند مالك ليس له أن يلاعن لنفي الولد ويلاعن لدرء الحد، وعنه رِوَايَة أخرى أنه يلاعن لنفي الولد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذفها وهي حامل كان له أن يلاعن وينفى الحمل قبل وضعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر وَأَحْمَد إن صرح بالقذف كان له أن يلاعن، وإن لم يصرح بالقذف لم يكن له أن يلاعن لنفي النسب، ولا يصح نفيه في

حال الحمل إلا عند أَبِي حَنِيفَةَ إذا لاعنها في حال الحمل لزمه الولد ولم يكن له نفيه، لأنها تضعه في حال البينونة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استلحق حمل امرأته لم يكن له نفيه بعد ذلك. وعند أحمد لا يصح استلحاقه حتى ينفصل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حق نفي الولد على الفور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القياس أنه على الفور غير أنه يجوز له تأخير ذلك اليوم واليومين استحسانًا. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد له تأخير ذلك مدة النفاس، وهي عندهم أربعون يومًا. وعند عَطَاء ومجاهد وشريح له النفي أبدًا إلا أن يقر به. وعند الحسن وقتادة إذا أقر به ثم أنكره تلاعنا ما دامت أمه عنده. واختلف الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر وأبو عبد اللَّه الداعي وأبو طالب: إن له نفيه حين علم وإن طالت المدة، ويعتبر العلم والجهل. وقال المزيد: إذا سكت ولم ينفه بعد ذلك فله نفيه، ولا يعتبر العلم والجهل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له ولد مهنأٌ به فقيل: بارك الله لك في ولدك، فقال المهنّئ: بارك الله عليك أو جزاك الله خيرًا لم يكن ذلك إقرارًا به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تثبت الشهادة بالولادة ويثبت النسب بالتبعية بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأبو يوسف. وعند أحمد يثبت ذلك بشهادة امرأة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إذا قال: زنيت قبل أتزوجك لم يلاعن لإسقاط الحد إذا لم يكن ثم ولد، فإن كان ثم ولد يحتاج إلى نفيه فوجهان: أحدهما يلاعن، والثاني لا يلاعن. وعند الحسن وزرارة بن أوفى وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فى الرِوَايَة الثانية له أن يلاعن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أبانها ثم قال لها زنيت وأنت زوجتي، فإن كان هناك ولد فله أن يلاعن، وإن لم يكن ولد فليس له أن يلاعن. وعند أَبِي ثَورٍ والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يلاعن بكل حال. وعند عثمان البتي وعند الحسن لا يلاعنها ما دامت في العدة. وعند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد إذا قذفها ثم طلقها ثلاثًا كان له أن يلاعن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند قتادة ومَكْحُول والحارث العكلي والحكم ليس له أن

يلاعن. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يحد لها ولا يلاعن. وعند حماد وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يلاعن ولا حد عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نكحها نكاحًا فاسدًا فوطئها فأتت بولد يمكن أن يكون منه كان له نفيه باللعان إذا لم يقر به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له نفيه ولا يلاعن. وعند مالك يلاعن بكل حال سواء كان ثم نسب بنفيه أو لم يكن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأمة تصير فراشًا للسيد إذا أقرته بوطئها أو قامت بينة بوطئه، فمتى أتت بعد ذلك بولد لمدة الحمل من وقت الوطء لحقه نسبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ لا تصير فراشًا، فلو وطئ أمته عشرين سنة وأكثر فإن كل ولد تلده فهو مملوك له إلا أن يقر بواحد أنه ابنه فيثبت نسبه منه وتصير فراشًا له ويلحقه كل ولد تلده بعد ذلك. وقال أبو حَنِيفَةَ في الطلاق: إذا قال الرجل كل امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثًا ثم تزوج امرأة فإنها تطلق عقيب العقد، فلو أتت بولد لستة أشهر فصاعدًا من حين العقد لحقه بالفراش، وهذا تخليط. * * *

باب من يصح لعانه وكيف اللعان وما يوجبه من الأحكام

باب من يصح لعانه وكيف اللعان وما يوجبه من الأحكام عند الشَّافِعِيّ وابن المسيب وسليمان بن يسار والحسن البصري ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد فى إحدى الروايتين واللَّيْث وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح اللعان من كل زوجين مكلفين سواء كانا مسلمين أو كافرين، أو أحدهما مسلم والآخر كافر، وسواء كانا حرين أو مملوكين، أو أحدهما حر والآخر مملوك، وسواء كانا محدودين أو غير محدودين. وعند الزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الثانية لا يصح اللعان إلا بين زوجين حرين مسلمين غير محدودين في قذف، أو تكون المرأة عفيفة يحد قاذفها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح بيع الأخرس وشراءه ونكاحه وطلاقه وقذفه ولعانه إذا كانت له إشارة معقولة وعبارة مفهومة. وعند أبي حَنِيفَةَ يصح نكاحه وطلاقه ولا يصح قذفه ولعانه. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا قذف امرأته وهي خرساء لحق به ولدها ولا حد عليه ولا لعان. وعند الْإِمَامِيَّة يفرق بينهما ويقام الحد عليه، ولا تحل أبدًا ولا لعان بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يعرف الحاكم لسان المتلاعنين فلابد من مترجم، وفي عدد المترجم قَوْلَانِ: أحدهما يكفي اثنان وبه قال بعض المالكية، والثاني لابد من أربعة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكفي مترجم واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك أحد المتلاعنين أحد ألفاظ اللعان لم يتعلَّق به أحكام اللعان، سواء حكم به حاكم أو لم يحكم به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا شهد أحدهما مرتين وأتى باللعنة في الثالثة أو بالغضب في الثالثة. وحكم الحاكم بالفرقة بذلك ونفى النسب فقد أخطأ ونفذ حكمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يغلظ اللعان بإحضار جماعة أقلهم أربعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب التغليظ بذلك مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب تغليظ اللعان بالزمان بأن يكون بعد العصر أو يوم الجمعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يستحب التغليظ في اللعان بالمكان أو يجب؟ قَوْلَانِ. وعند

أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب ولا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الزوج مسلمًا والزوجة ذمية لاعن هو في المسجد وهي فى الموضع الذي تعظمه. وإن سألت هي أن تحضر في المسجد حضرت إلا أنها لا تدخل المسجد الحرام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمشرك أن يدخل كل المساجد، وعند مالك لا يجوز للمشرك دخول مسجد من المساجد بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يبدأ بلعان الزوج فإن التعنت المرأة قبل لعانه لم يعتد بلعانها، وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يعتد به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وابن مسعود وعثمان البتي إذا لاعن الرجل امرأته يسقط حد القذف عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب على الزوج حد القذف لزوجته فلا يكون لعانه مسقطًا لذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذفها بالزنا برجل بعينه وجب عليه حدان حد لها وحد للمقذوف، فإذا التعن وذكر الزاني في اللعان سقط عنه الحدان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قذفها برجل بعينه وجب عليه له حد القذف ولم يجب عليه لها حد، وإنما يجب عليه لها اللعان، فإن طلبت الزوجة اللعان فلاعنها حد بعد ذلك للأجنبي، وإن طلب الأجنبي أن يحد له أولًا حد له، ولم يلاعن زوجته، لأن المحدود عنده لا يلاعن، فخالف أبو حَنِيفَةَ الشَّافِعِيّ في ثلاثة مواضع: أحدها أنه لا يجب على الزوج حد القذف بقذف زوجته. الثاني: أن المحدود بالقذف لا يلاعن. الثالث إذا قذف زوجته برجل معين فسمَّاه في اللعان يسقط عنه ما وجب عليه له من حد القذف عند الشَّافِعِيّ، ولا يسقط عند أَبِي حَنِيفَةَ. وعند رَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ يحد له ويلاعن للزوجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يسمه في اللعان يسقط عنه ما وجب له في أحد القولين، وبه قال أَحْمَد والثاني لا يسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب على الزوجة الحد بلعان الزوج ولها إسقاطه باللعان. وعند الحسن والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وعثمان البتي لا يجب عليها الحد ويجب عليها اللعان، فإن امتنعت حبست حتى تلاعن. وعند أَحْمَد لا يجب عليها الحد بلعان الزوج، وعنه في حبسها رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لاعنها وهناك حمل أو ولد منفصل ونفاه الزوج باللعان

انتفى عنه ولحق بالمرأة. وعند عثمان البتي لا ينتفى عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لاعنها وهي زوجة له وقعت الفرقة بينهما بفراغه من اللعان. وعند عثمان لا يقع باللعان فرقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يتعلَّق بلعانهما وحكم الحاكم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند رَبِيعَة وَمَالِك وداود وزفر وَأَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى يتعلَّق بلعانهما معًا زوال الفراش والتحريم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وزفر وأَبِي يُوسُفَ الفرقة باللعان فسخ ويقع به التحريم مؤبدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد الفرقة الواقعة باللعان طلقة بائنة ولا يتأبد التحريم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أكذب الملاعن نفسه بعد اللعان لم يرتفع التحريم الحاصل باللعان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي والسيد. وعند سعيد بن المسيب والحسن وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد في رِوَايَة يرتفع التحريم المؤبد والزوجة لا تعود، لكن يحل عقد النكاح عليها وتكون الفرقة الأولى تطليقة بائنة، وبه قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة. وعند سعيد بن المسيب أيضًا تعود الزوجية. وعند سعيد بن جبير ترد إليه ما دامت في العدة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا أكذب نفسه حد حد المفترى ويرث الولد منه ولا يرث هو من الولد، ويرث من هذا الولد أخته من أمه ولا يرث منه أخته من جهه أبيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نفى ولده باللعان ثم مات الولد فاستلحقه بعد موته صح استلحاقه وثبت نسبه، سواء خلَّف الميت ولدًا أو لم يخلف، وسواء كان موسرًا أو معسرًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن خلف الميت ولدًا ذكرًا أو أنثى صح رجوعه وثبت نسب الولد منه، وإن لم يخلِّف الميت ولدًا لم يصح رجوعه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند مالك أيضًا إن كان غنيًا لحق به، وإن كان فقيرًا لم يلحق به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذف زوجته بالزنا فقالت صدقت وهناك ولد له كان له نفيه ولا حد لها على الزوج، ولا تلاعن هي لإقرارها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد ليس له أن يلاعن لنفيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا أنها إن كانت المرأة عفيفة وكذبته

كان له أن ينفي ولدها، وإن كانت فاجرة وكذبته لم يكن له أن يلاعن ويلزمه الولد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الولد وله أن يلاعن للقذف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات أحد الزوجين بعد القذف وقبل الملاعنة فإن التوارث يثبت. وعند ابن عَبَّاسٍ إذا قذفها ثم ماتت المرأة قبل أن يتلاعن وقف فإن أكذب نفسه حلف وورث، وإن التعن لم يرث، وعند الشعبي وعكرمة هو بالخيار إن شاء أكذب نفسه وورث وإن شاء لاعن ولم يرث. وعند جابر بن زيد إذا مات أحدهما قبل الملاعنة فإن أقرث بما قال رجمت وكان لها الميراث. وإن التعنت ورثت، فإن لم يقر بواحد منهما تركت ولا ميراث لها ولا حد عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ماتت الزوجة قبل اللعان وهناك ولد كان له أن يلاعن لنفيه. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يسقط اللعان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لاعن ثم مات قبل أن تلتعن المرأة فلا ميراث بينهما. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأبي عبيد يتوارثان، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قذف امرأته وانتفى عن ولدها فمات الولد قبل أن يلاعن الأب لنفيه أو قبل أن يكمل اللعان فله أن يلاعن بعد موته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يلاعن لنفي الولد بعد موته إلا أن يكون للميت ولد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ اللعان يمين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ هو شهادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذفها بالوطء في الدبر وجب عليه الحد وله إسقاطه باللعان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا حد عليه ولا لعان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف صغيرة فجامع مثلها فلا حد عليه وعليه التعزير، وليس له أن يلاعن لإسقاط الحد. وعند مالك عليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها زنيت وأنت مكرهة فلا حد عليه ولا يلاعن. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ يجب عليه الحد وله إسقاطه باللعان، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعن أَحْمَد كالمذهبين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذفها ثم تزوجها ثم قذفها وطالبته بالحد حد لها بالقذف الأول وعرض عليه اللعان بالقذف الثاني إن لاعن ولا حد لها ثانيًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب الحد ويدرأ عنه اللعان.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ولدت المرأة توأمين فمات أحدهما لزمه أن يلاعن لنفي نسب الحي والميت معًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة يلزمه نسب الحي ويلاعن للقذف، وبنى أبو حَنِيفَةَ ذلك على أصله أن الميت لا ينتفي باللعان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها يا زانية فقالت بل أنت زان فكل واحد منهما قاذف لصاحبه، إلا أن الزوج له إسقاطه باللعان وليس للزوجة إسقاطه باللعان، فإذا تلاعنا أقيم عليهما حد القذف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقام عليهما حد القذف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف زوجته ثم أيدت فطالبته بالحد كان له أن يلاعن لإسقاطه، وكذا لو أريد هو. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ لا يلاعن ولا حد عليه. * * *

كتاب الأيمان

كتاب الأيمان باب من يصح يمينه وما يصح به الْيَمِين مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يصح يمين الكافر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا ينعقد يمين المكرَه، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينعقد، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن عَبَّاسٍ لغو الْيَمِين ما سبق اللسان من غير قصد أو قصد بأن يحلف باللَّهِ لا يفعل كذا فسبق لسانه وحلف باللَّهِ ليفعلنه، وسواء كان على الماضي أو المستقبل وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي َوَأَحْمَد في إحدى الروايتين لغو الْيَمِين هو الحلف على الماضي من غير أن يقصد الكذب، مثل أن يظن شيئًا فحلف عليه وبان خلافه، فإن قال ذلك في المستقبل لم يكن لغوًا بل يكون يمينًا منعقدة. وعند مالك لغو الْيَمِين هو الْيَمِين الغموس. وعند الحسن ومجاهد وقتادة وسليمان بن يسار والنَّخَعِيّ وَمَالِك في رِوَايَة لغو الْيَمِين هو أن يحلف على الشيء يرى أنه ما حلف عليه ولا يكون كذلك. وعند أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لغو الْيَمِين هو الحلف على الماضي، سواء قصد أو سبق على لسانه، وعنه رِوَايَة ثالثة أن الجميع لغو. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَة أخرى أن لغو الْيَمِين وأنت غضبان. وعند سعيد بن جبير هو تحريم الحلال على ترك واجب لم ينعقد يمينه ولا يلزمه كفارة. وعند الزَّيْدِيَّة لغو الْيَمِين هو أن يقول: لا والله وبلى والله عند الغضب والشدة ولم يقصد عقد الْيَمِين على نفسه، أو حلف على شيء وهو يظن أنه صادق والأمر بخلافه. أما إذا ظن صدق نفسه وكان الأمر بخلافه فإنه لغو عند النَّاصِر والمؤيَّد ويَحْيَى، وعند القاسم منهم والشَّافِعِيّ هو يمين وليس بلغو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء والزُّهْرِيّ والحكم وعثمان البتي وَأَحْمَد في رِوَايَة الْيَمِين الغموس توجب الكفارة، وهي التي يحلف كاذبًا عامدًا. وعند الحسن وَمَالِك واللَّيْث

والثَّوْرِيّ وأبي حينفة وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وأبي عبيد وابن مسعود وسعيد بن المسيب وأصحاب الحديث وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا كفارة عليه بها حتى قال سعيد بن المسيب: هي من الكبائر وهي أعظم من أن يكفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْيَمِين على المستقبل خمسة أضرب: أحدها الْيَمِين عقدها طاعة والمقام عليها طاعة وحلها معصية، مثل أن يحلف ليصلين الصلاة الواجبة أو لا يشرب الخمر أو لا يزني. الثاني: يمين عقدها معصية والمقام عليها معصية وحلَّها طاعة كما إذا حلف أن لا يفعل ما يجب عليه أو ليفعلن ما حرم عليه. الثالث: يمين عقدها طاعة والمقام عليها طاعة وحلّها مكروه، كحلفه ليصلين النوافل أو ليصومن التطوع أو ليتصدقن بصدقة التطوع. الرابع: يمين عقدها مكروه والإقامة عليها مكروه وحلها طاعة كحلفه لا يفعل صلاة النافلة أو صوم التطوع أو صدقة التطوع. الخامسة: يمين عقدها مباح والمقام عليها مباح، كما إذا حلف أن لا يدخل هذه الدار ولا يسلك هذه الطريق. واختلف أصحاب الشَّافِعِيّ هل حلها أفضل أو المقام عليها أفضل؟ وجهان: أحدهما: المقام عليها أفضل، والثاني: حلها أفضل. فتحصلنا من مذهب الشَّافِعِيّ على أن الأيمان تنقسم إلى مكروه وغير مكره. وعند بعض الناس الأيمان كلها مكروه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب الكفارة في الحنث في الْيَمِين سواء كان الحنث طاعة أو غير طاعة، ومن الناس من قال: إن كان الحنث طاعة لم يجب الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا حلف بالنبي أو بالكعبة وحنث لم تلزمه الكفارة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يكون يمينًا وعند أَحْمَد إذا حنث في الْيَمِين بالنبي وجب عليه الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَمَالِك الحلف بالقبلة أو الملائكة أو جبريل أو ميكائيل أو واحد من الملائكة أو بحق الْإِسْلَام لا يكون يمينًا، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم يكون يمينًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وَأَحْمَد في رِوَايَة وأبي عبيد إذا قال فعلت كذا أو كذا فأنا يهودي أو نصراني أو بريء من الله أو من النبي أو من الْإِسْلَام أو مستحل للخمر أو للميتة لم يكن ذلك يمينًا. وتتعلق الكفارة بفعله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وبعض الصحابة والتابعين هي يمين تتعلق الكفارة بفعلها. وعند الحسن وطاوس والشعبي والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ إذا قال إن فعلت كذا وكذا فإنك

يهودي أو نصراني أو مجوسي فإن عليه الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أخزاه اللَّه أو قطع يده إن لم يفعل كذا فلا شيء عليه. وعند طاوس واللَّيْث عليه كفارة يمين. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا قال: عليه لعنه الله إن لم يفعل كذا فلم يفعله فعليه كفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف بعلم الله كان يمينًا. وعند أبي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يكون يمينًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف بكلام الله أو بالقرآن كان يمينًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يكون يمينًا، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف بحق الله ونوى به العبادات لم يكن يمينًا، وإن نوى ما يستحقه الله تعالى من الصفات أو أطلق ذلك كان يمينًا، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون يمينًا. وعند الزَّيْدِيَّة إذا حلف بذات الله أو بصفات ذاته تعالى أو بصفة مقتضاها غير الصفة الذاتية كان يمينًا، وإن حلف بصفات الفعل كالخالقية والرازقية لا يكون يمينًا إلا إذا أراد بذلك الله الخالق الرازق، وكذا لو قال برحمة اللَّه أو بعقابه أو بسمائه أو أرضه لا يكون يمينًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف بقدرة الله ونوى غير الْيَمِين لم يكن يمينًا. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكون يمينًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال عليَّ عهد اللَّه وميثاقه وأمانته وكفالته لم يكن يمينًا، إلا أن يريد به الْيَمِين. وعند الحسن وطاوس والشعبي والحارث العكلي وقتادة والحكم والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال عليَّ عهد الله كان يمينًا. وعند مالك وَأَحْمَد وأبي يوسف تكون الجميع يمينًا. وعند الْإِمَامِيَّة إذا قال على عهد الله لا أفعل محرمًا وفعله، أو أن أفعل طاعة ولم يفعله، أو ذكر شيئًا مباحًا ليس بمعصية ثم خالف وجب عليه عتق رقبه أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا وهو يحنث من الثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال عليَّ عهد الله وميثاقه وأمانته وكفالته وأراد الْيَمِين كانت يمينًا واحدة، وإذا حلف لزمه كفارة واحدة. وعند مالك يلزمه بكل لفظة كفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال عليَّ يمين أو نذرت ولم يحلف لم يكن يمينًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون يمينًا استحسانًا. وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أقسم لا فعلت كذا أو أقسمت لا أفعل كذا لم يكن يمينًا تكفّر، قصد به الْيَمِين أو لم يقصد، وكذا إذا قال أشهد أو أحلف. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يكون يمينًا. وعند مالك وإِسْحَاق إن قصد به الْيَمِين كان يمينًا، وإن لم يقصد به الْيَمِين لم يكن يمينًا، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أحمد، وبها قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أقسم باللَّه وأراد به الوعد لم يكن يمينًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكون يمينًا، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا قال لعمرو الله كان يمينًا إذا قصد به الْيَمِين، وإن أطلق لم يكن يمينًا، وكذا الحكم إذا قال وايم اللَّه لأفعلن كذا وكذا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ يكون يمينًا وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: الله أو اللَّه أو الله بكسر الهاء أو ضمها أو فتحها لأفعلن كذا لم يكن يمينًا، إلا أن يريد الْيَمِين. وعند أَحْمَد يكون يمينًا، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعمري لا يكون يمينًا. وعند الحسن تكون يمينًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أشهد باللَّهِ لم يكن يمينًا إلا أن يريد بذلك الْيَمِين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكون يمينًا أراد به الْيَمِين أو لم يرد، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال حلفت ولم يحلف لم يلزمه شيء. وعند الحسن والنَّخَعِيّ يلزمه الْيَمِين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أشهد لم يكن يمينًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ ورَبِيعَة يكون يمينًا. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إن نوى به الْيَمِين كانت يمينًا وإلا فلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال سألتك باللَّه أو أقسمت عليك باللَّه لتفعلن كذا وكذا لم يكن يمينًا إذا لم يرد به الْيَمِين، أو أطلق فإن أراد به الْيَمِين كان يمينًا، فإن خالف المحلوف عليه ولم يفعل المحلوف عليه حنث ووجبت الكفارة على الحالف دون المحلوف عليه. وعند أَحْمَد يجب على المحلوف عليه دون الحالف. وعند ابن القاسم لا يكون يمينًا سواء أراد به الْيَمِين أو لم يرد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة إذا قال إن فعلت كذا فامرأتي طالق، أو هي عليَّ كظهر أمي، أو عبدي حر، أو مالي صدقة وحنث لزمه ما التزمه. وعند الْإِمَامِيَّة ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا ينعقد بذلك شيء. مسألة: عند جماعة من الشَّافِعِيَّة والحنفية إذا حلف بالمصحف لا كفارة عليه. وعند مالك وَأَحْمَد عليه كفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف ما يلبس ثيابه وكان له أثواب فلبس بعضها لم يحنث حتى يلبس الجميع، وكذا إذا كان له عشر جواز فحلف لا يطؤهن فوطئ إحداهن لم يحنث حتى يطأهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي عن يَحْيَى. وعند النَّاصِر منهم والأخوين عن يَحْيَى أنه يحنث بلبس البعض ووطء البعض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الاستثناء في الْيَمِين ليس بواجب، وهو أن يقول عقب يمينه: إن شاء الله. وعند بعض الناس أنه واجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح الاستثناء إلا أن يكون متصلاً بالكلام من غير فصل، إلا أن يكون انقطع نفسه، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء والحسن البصري وطاوس يصح الاستثناء ما دام في المجلس. وعند عَطَاء أيضًا أن له ذلك قدر حلب ناقة عزيزة. وعند قتادة له ذلك ما لم يقم من مقامه أو يتكلم. وعند ابن عباس أنه يصح الاستثناء إلى سنة، وروى عنه أبدًا، وقيل إنه رجع عن ذلك. وعند مجاهد الاستثناء بعد سنين. وعند سعيد بن جبير يصح الاستثناء بعد أربعة أشهر. * * *

جامع الأيمان

جامع الأيمان مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان ساكنًا في دار فحلف أن لا يسكنها، فإن أمكنه الخروج منها وأقام أي زمان كان حنث. وعند مالك إن أقام دون اليوم والليلة لم يحنث، وإن أقام يومًا وليلة حنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج من الدار في الحال لم يحنث، وإن وقف لنقل القماش حنث. وعند زفر يحنث وإن انتقل في الحال، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أقام لنقل القماش والرحل لم يحنث، وإن أقام لغير القماش والرحل حنث، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج من الدار عقيب الْيَمِين وترك رحله فيها لم يحنث، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث إلا أن ينقل أهله وماله. وعند مالك يعتبر نقل عياله دون ماله. وعند مُحَمَّد إن ترك من رحله فيها ما يمكن سكناها معه حنث، وإن ترك من رحله ما لم يمكن سكناها معه لم يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يساكن فلانًا وكانا في دار فيها حجر وكان كل واحد منهما في حجرة لم يحنث. وعند مالك يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال والله لا ساكنت فلانًا في هذه الدار فاقتسماها وجعلا بينهما حائطًا وبابًا وسكن كل واحد منهما فيما حصل له لم يحنث. وعند أبي حَنِيفَةَ في إحدى الروايتين يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يدخل دارًا فرقى حتى حصل على سطحها ولم ينزل إليها والسطح غير محجز لم يحنث. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا دخل دار زيد هذه فباعها ثم دخلها حنث، وكذا لو قال: لا كلمت عبد زيد هذا فباعه فكلمه حنث. وكذا لو قال: لا كلمت زوجة فلان هذه فطلقها ثم كلمها حنث، وبه قال في الدار من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يحنث في الدار والعبد

ويحنث في الزوجة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن يَحْيَى. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يحنث في الزوجة والعبد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يدخل دار زيد فدخل دارًا سكنها بإجارة أو إعارة ولم يملكها لم يحنث. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك إذا حلف لا دخلت هذه الدار فانهدمت وزال بناؤها فدخلها لم يحنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى، وكذا إذا حلف لا يدخل هذا البيت أو بيتًا فدخله بعد هدمه لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث إذا حلف لا دخلت هذه الدار، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. ولا يحنث إذا حلف مطلقًا أو على البيت. وعند أَحْمَد إذا عين الدار والبيت حنث بدخولهما بعد انهدامهما، وإذا أطلق الدار والبيت لم يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا ركب هذه الدابة وهو راكبها، أو لا لبس هذا الثوب وهو لابسه فاستدام الركوب واللبس حنث، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة، وعند أَبِي ثَورٍ لا يحنث إلا أن يبتدئ الركوب واللبس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا وضع قدمه في دار فلان فدخلها راكبًا حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يخرج من بيته فخرج إلى الدار لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يدخلن هذه الدار وهو فيها فاستدام المقام فيها حنث في أحد القولين، وبه قال أَحْمَد وكافة الزَّيْدِيَّة، ولم يحنث في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو ثور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يدخل بيتًا فدخل دهليز الدار أو صفتها أو صحنها لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث، وبه قال القاضي أبو الطيب من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دخل المسجد أو البيت الحرام أو دخل بيتًا في الحمام أو بيعة أو كنيسة لم يحنث. وعند أَحْمَد يحنث بدخول المسجد أو بيت الحمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا أو جاهلاً في حينه قَوْلَانِ: أحدهما: لا يحنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، والثاني: يحنث وبه قال سائر

الزَّيْدِيَّة، ويتحلل الْيَمِين بذلك بلا خلاف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا يدخل بيتًا من شعر أو صوف أو أدم حنث حضريًا كان أو بدويًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ان كان حضريًا لم يحنث، وإن كان بدويًا حنث، وبه قال ابن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يركب دابة عبد زيد فركب دابة جعلها زيد برسم عبده لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد حنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيّد أَحْمَد الأزرقي عن أبي طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا ركب دابة زيد فركب دابة جعلها زيد برسم عبده حنث، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَبِي ثَورٍ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف لا يأكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة فطحنت وخبزت وأكل لم يحنث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يحنث، وبه قال ابن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل من لحم هذا الجمل فصار كبشًا، أو حلف لا يكلم هذا الصبي فصار شابًا، أو لا يكلم هذا الشاب فصار شيخًا لم يحنث فى الأكل من لحمه وبكلامه شابًا وشيخًا في أحد الوجهين، ويحنث في الوجه الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل اللحم حنث بأكل لحم الأنعام والظبي، ولا يحنث بأكل لحم السمك. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ يحنث بأكل لحم السمك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل لحمًا فأكل لحمًا حرامًا كلحم الخنزير والحيوان الذي لا يؤكل لم يحنث في أحد الوجهين، ويحنث في الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي إذا حلف لا يأكل اللحم فأكل الكبد أو الطحال أو الكرش لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وزيد بن علي يحنث، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحنث بأكل اللحم النيئ والمطبوخ. وعند مالك لا يحنث

بأكل النيئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف لا يأكل شحمًا فأكل اللحم الأبيض الذي يكون على الظهر والجنب لم يحنث. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يحنث، وبه قال القفال من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم لم يحنث. وعند مالك يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل الرؤس حنث بأكل رؤس الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يدخل رؤس الإبل في يمينه في إحدى الروايتين. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يتعلَّق يمينه إلا برؤس الغنم خاصة. وعند مالك وَأَحْمَد بحنث بأكل جميع الرؤس من السمك والطير وغير ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل لبنًا فأكل زبدًا لم يحنث. وعند النَّخَعِيّ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا حلف لا يأكل سمنًا حنث بأكل الزبد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند يَحْيَى منهم لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا يأكل أدمًا فأكل لحمًا أو جبنًا أو بيضًا حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك إذا حلف لا يأكل فاكهة فأكل رطبًا أو عنبًا أو رمانًا حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف لا يأكل رطبًا فأكل موضع الرطب من المنصف حنث وعند أكل موضع البسر منه لم يحنث، وإن أكل الجميع حنث. وعند أبي يوسف لا يحنث في ذلك كله، وبه قال من الشَّافِعِيَّة الإصطخري وأبو علي الطبري. وعند أَبِي ثَورٍ إن كان الغالب عليه الرطب فهو رطب، وإن كان الغالب عليه البسر فهو بسر. وعند أَحْمَد إذا حلف لا يأكل رطبًا فأكل مزنبًا حنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا شربت من دجلة أو من الفرات فشرب من دجلة أو من الفرات حنث، سواء كرع في ذلك أو أخذه بيده أو نأنأ وشرب منه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث إلا أن يكرع فيه. قال أهل

اللغة: يقال كرع في الماء إذا تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا نأنأ. وعند الشَّافِعِيّ إذا شرب من نهر أخذ من دجلة أو من الفرات حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يشرب من ماء دجلة فشرب من ماء أخذ منها حنث. وعند أَبِي يُوسُفَ في إحدى الروايتين لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه، أو ليقتلن فلانًا وهو ميت لم ينعقد يمينه ولا يلزمه شيء. وعند أَبِي يُوسُفَ يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك كقول الشَّافِعِيّ في الأولى. وعند أَحْمَد في الثانية إن كان لا يعلم بموته لم يحنث، وإن كان يعلم حنث، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وعند مالك لا يحنث في الصورتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل هذا الدقيق فاستفه حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخبز الدقيق المحلوف عليه وأكله لم يحنث. وعند أبي حَنِيفَةَ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا شم الورد والبنفسج فشم وردهما وهو أخضر حنث، وإن شم دهنهما لم يحنث، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يحنث، كذا نقله عنهما صاحب الشاشي والبيان، ونقل صاحب الشامل والمعتمد أن أَحْمَد خالف في دهن الورد والبنفسج معًا، وأن أبا حَنِيفَةَ خالف في البنفسج ووافق في الورد، وكذا لم ينقل في النكت خلاف أَبِي حَنِيفَةَ إلا في دهن البنفسج لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا لبس حليًا فلبس خاتمًا من فضة أو ذهب حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلفت المرأة لا تلبس الحلي فلبست اللؤلؤ والجوهر وحده حنثت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا يلبس ثوب رجل منَّ به عليه فوهبه له أو باعه منه ولبسه أو ما منَّ عليه بما يطعمه أو بما يسقيه، فقال والله لا شربت له ماء من عطش فأكل له خبزًا أو لبس له ثوبًا أو شرب ماءً من غير عطش، أو منت عليه زوجته بالغزل فقال: والله لا لبست ثوبًا من غزلك فباع غزلها واشترى بثمنه

ثوبًا ولبسه فإنه لا يحنث بجميع ذلك كله، وإن كان قصد بيمينه قطع منته. وعند مالك َوَأَحْمَد إذا قصد قطع منته بيمينه في ذلك كله لا يجوز له أن يأكل له خبزًا ولا يلبس له ثوبًا ولا ينتفع بشيء من ماله، فإن نقل شيئًا من ذلك حنث بيمينه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يضرب زوجته فعضها أو نتف شعرها أو خنقها لم يحنث. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يضربها فلكمها أو لطمها أو رفسها فوجهان: أحدهما: يحنث، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني: لا يحنث، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف ليضربن عبده مائة سوط فأخذ عودًا فيه مائة شمراخ فضربه بها دفعة واحدة وعلم أنها أصابته برَّ في يمينه، وإن لم يعلم لم يبرَّ، وإن شك لم يحنث في الحكم. وعند مالك وَأَحْمَد لا يبرُّ ويحتاج إلى أن يضربه مائة ضربة منفردة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي يحنث عند الشك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضربه برَّ في يمينه، سواء حصل بالضرب الإيلام أو لم يحصل به الإيلام. وعند مالك لا يبرّ إلا أن يحصل به الإيلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا حلف لا يهب له أو لا يعيره فوهب له وأعاره أو أرقبه أو أعمره فلم يقبل الموهوب له ولا المعمر ولا المرقب ولا المعار لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث بمجرد الإيجاب، وبه قال أبو العبَّاس بن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا يهب له فتصدق عليه بصدقة تطوع حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا يتكلم فقرأ القرآن لم يحنث، سواء قرأ في الصلاة أو خارجها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ إن قرأ في غير الصلاة حنث. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يتكلم فكبر أو سبح فوجهان: أحدهما: يحنث والثاني لا يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان في الصلاة لم يحنث، وإن كان خارجها حنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا يصلي فأحرم بالصلاة حنث، وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يحنث إلا بالركوع، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يحنث

إلا بالفراغ منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث حتى يسجد سجدة. وعند كافة الزَّيْدِيَّة إذا قال لا أصلي صلاة التطوع لم يحنث ما لم يصلِ ركعتين، وكذا عندهم في الصوم إذا قال: لا أصوم حنث بصوم ساعة، وإن قال: لا أصوم التطوع لم يحنث إلا بصوم يوم كامل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يقرأ القرآن كان يمينًا واحدة، وعند الحسن البصري وابن مسعود عليه بكل آية يمين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف بالقرآن لا كفارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يكلم فلانًا فأمَّ قومًا والمحلوف عليه في جملتهم فسلم من الصلاة، فإن صيَّره سنة لم يحنث، وكذا إذا انقطع على أصح القولين. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يكلم فلانًا فكلمه متصلاً بالْيَمِين حنث. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يحنث باليسير منه، كقوله اذهب أو ابعد أو قم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال رجل لآخر كلِّم زيدًا اليوم فقال: والله لا كلمته، أو حلف لا دخل هذه الدار فإن يمينه تنعقد على التأبيد: إلا أن ينوي اليوم، فإن كان يمينه بالطلاق أو بالعتاق أو في الإيلاء لم يقبل منه في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى، وإن كانت يمينه باللَّه تعالى قبل ظاهرًا وباطنًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقبل منه ذلك. وعند أصحابه تنعقد يمينه على اليوم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يسكن أو لا يدخل دارًا لزيد فاشترى زيد بعد ذلك دارًا فدخلها أو سكنها حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يكلم فلانًا فكتب إليه أو أرسل إليه رسولاً أو أشار إليه حنث في قوله القديم، وبه قال مالك وَأَحْمَد، ولا يحنث في قوله الجديد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ واختاره الْمُزَنِي. وعند مالك في الرسول والإشارة رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف أنه ما تزوج ولا صلى وكان قد تزوج تزويجًا فاسدًا أو صلى صلاة فاسدة لم يحنث. وعند مالك ومُحَمَّد بن الحسن يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف أن لا يبيع أو لا يتزوج حنث بالصحيح منهما دون الفاسد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في مسألة البيع. وعند مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث بفسادهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث بفساد البيع دون فساد النكاح، وبه قال

سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يبيع أو لا يشتري أو لا يضرب أو لا يتزوج أو لا يطلق فأمر غيره بذلك لم يحنث. وفي قول له أنه إذا كان الحالف سلطانًا لا يتولى البيع أو الشراء أو الضرب من غيره ففعل ذلك حنث. وإن أمر غيره فناكح له أو طلَّق عنه لم يحنث. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ إذا وكل في ذلك حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا وكَّل في ذلك لم يحنث في مسألة الشراء ويحنث في مسألة التزويج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال إن لم أحج العام فعبدي حر وادَّعى الحج وأقام العبد بينة أنه كان يوم النحر بالكوفة عتق العبد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده وعبد غيره أو لعبده والبهيمة أحدكما حر فإنه لا يعتق واحد منهما. وعند أَحْمَد يعتق عبده ويتعيق العتق في الباقي منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يتسرَّى لم يحنث حتى يحصن الأمة يطأها في الفرج وينزل فيها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث إذا حصنها ووطئها وإن لم ينزل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند مالك وَأَحْمَد يحنث بمجرد الوطء وإن لم ينزل، وبه قال أيضًا بعض الشَّافِعِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يحنث إذا وطئها وأنزل فيها وإن لم يحصنها عن الخروج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف أنه لا مال له وله شيء من النقود أو العروض أو العقار أو غير ذلك مما لا تجب الزكاة في عينه حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث إلا أن يكون له مال تجب الزكاة في عينه استحسانًا. وعند مالك المال هو الذهب والفضة. وكذا الخلاف بين الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ فيمن قال إن شفى الله مريضي فعليَّ للَّهِ أن أتصدق بمالي، فعند الشَّافِعِيَّة عليه أن يتصدق بجميع ماله إذا شفى الله مريضه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يتصدق إلا بماله الزكاتي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف أنه لا مال له وله دين حال حنث، وكذا يحنث في أحد الوجهين، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث بالدين حالاً كان أو مؤجلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف أنه لا يرى منكرًا إلا رفعه إلى القاضي ولم يكن له نية أن يرفع إليه في ولايته فرفع إليه بعد العزل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبر، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال والله لا كلمت فلانًا زمانًا أو دهرًا أو وقتًا أو حينًا أو حقبًا أو مدة قريبة أو بعيدة بزيادتي زمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد الحين شهرًا، والحقب ثمانون يومًا، والمدة القريبة دون الشهر، والبعيدة شهر. وعند مالك سنة. والحقب أربعون عامًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يستخدم فلانًا فخدمه المحلوف عليه والحالف ساكت لم يستدعه للخدمة لم يحنث الحالف، سواء كان المحلوف عليه عبده أو عبد غيره، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان المحلوف عليه عبد للحالف حنث الحالف. وعند أحمد يحنث بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف على فعلين تعلقت الْيَمِين بهما إثباتًا كان أو نفيًا، مثل أن يقول: والله لأكلمنَّ هذين الرجلين، أو لآكلنَّ هذين الرغيفين فلا يبرأ إلا بكلامهما جميعًا أو بأكلهما جميعًا، وكذا إذا قال: والله لا كلمت هذين الرجلين أو لا أكلت هذين الرغيفين لم يحنث. وعند مالك وَأَحْمَد إذا كانت الْيَمِين على النفي تعلقت بالبعض، فمتى أكل بعض الرغيفين أو بعض الرغيف حنث في يمينه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف أن لا يشرب ماء هذه الإداوة أو ماء هذا الكوز وما أشبه ذلك لم يحنث في يمينه إلا بشرب جميعه. وعند مالك وَأَحْمَد يحنث بشرب بعضه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا شربت ماء هذا النهر لم يحنث بشرب بعضه في أحد الوجهين، ويحثث في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل طَعَامًا اشتراه زيد فاشترى زيد وعمرو طَعَامًا صفقة واحدة، أو اشترى أحدهما نصفه مشاعًا في عقد ثم اشترى الآخر نصفه مشاعًا فى عقد. وأكل منه الحالف لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لم يحنث. وعند أَحْمَد يحنث فى الطعام وفيما إذا حلف على الثوب هكذا أو الطبيخ والدار فإنه يحنث، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل من طعام اشتراه زيد فأكل من طعام ورثه زيد أو بالهبة لم يحنث. وعند مالك يحنث.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل طَعَامًا اشتراه زيد أو لا يلبس ثوبًا اشتراه زيد فأكل الحالف طَعَامًا اشتراه زيد ولبس ثوبًا اشتراه زيد حنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند يَحْيَى منهم لا يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث بالطعام ولا يحنث في الثوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف غدًا فأكله في يومه أو بعضه حنث. وعند أَحْمَد وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز فأهريق قبل العقد بغير اختياره لم يحنث. وكذا إذا حلف ليضربن عبده في غد فمات العبد قبل الغد لم يحنث. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ يحنث في المسألتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط الْيَمِين، وبناه على أصله أن الْيَمِين المؤقتة لا تنعقد في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضينه حقه عند رأس الشهر لزمه أن يقضيه عند أول جزء من الشهر، فإن أخَّر ذلك مع الإمكان حنث، وعند مالك رأس الشهر يتناول أول ليلة من الشهر ويومها، فإن قضاه في الليلة الأولى واليوم الأول لم يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضينه حقه إلى حين لم يحنث بتأخير القضاء، ولو أخَّره عمره وقضاه في آخره برَّ في يمينه. وعند مجاهد وَمَالِك والحكم وحماد الحين سنة فإن أخر القضاء عن السنة حنث. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فنقل صاحب المعتمد والشاشي أن الحين ستة أشهر، وبه قالت الْإِمَامِيَّة والزَّيْدِيَّة. وكذا نقله فى النكت عن أَبِي حَنِيفَةَ. ونقله هكذا عن أَحْمَد صاحب الدر الشفَّاف، ونقل صاحب البيان عنهما أن الحين شهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضين حقه مدة قريبة أو بعيدة أو حقب فليس ذلك بمقدَّر ولا يحنث حتى يفوته القضاء بالموت، وعند أَبِي حَنِيفَةَ الحقب ثمانون سنة، والقريبة دون الشهر، والبعيدة شهر، وعند مالك الحقب أربعون سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال: والله لأقضينك حقك فدفع إليه عوضه لم يبرّ، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يبرُّ، إلا أن مالكًا يقول: إذا كان العوض أقل من قيمته مثل حقه فإنه لا يبرُّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضينَّ حقه غدًا فمات صاحب الحق قبل مجيء

الغد فقَوْلَانِ: أحدهما: يحنث، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثاني: لا يحنث، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذ حلف ليقضينه دينه غدًا فأبرأه منه قبل مجيء الغد فقولا الخلاف في أن الإبراء يفتقر إلى القبول أم لا؟ فإن قلنا لا يفتقر كان في الحنث قَوْلَانِ، وإن قلنا يفتقر حنث قولاً واحدًا. وكذلك إذا قضاه قبل مجيء غد. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يحنث. وكذلك إذا أعطاه حقه قبل مجيء غد. وعند أَحْمَد وأكثر العلماء إذا حلف ليقضين حقه في غد فقضاه قبله لم يحنث، وكذا إن أبرأه، وكذا إذا حلف ليشربن ماء هذا الكوز في غد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضينه حقه زيوفًا أو شقوفًا لم يبر. وعند أبي حَنِيفَةَ يبر بالزيوف ولا يبر بالشقوف. قال أهل اللغة: الزيوف يقال درهم زائف ودراهم زُيِّف. وقد زافت الدراهم يزيف وزيَّفها الصائغ. والشقوف والشيف - بكسر الشين: اليقين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق، أو بغير إذني أو حتى آذن لك، أو إلى أن آذن لك فأنت طالق، فأذن لها بالخروج مرة واحدة برّ في يمينه، فإن خرجت بعد ذلك بغير إذنه حنث. ولم يخالف أبو حَنِيفَةَ في باقي الألفاظ الثلاثة بل قال: يبرَّ فيها بالإذن مرة واحدة. وعند أَحْمَد لا يبرُّ في الألفاظ كلها بالإذن مرة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا أذن لها وهي لا تعلم فخرجت لم يحنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك ومُحَمَّد يحنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن لها. بحيث لا يسمع كان إذنًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لم يكن إذنًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده إن بعتك فأنت حر فباعه بيعًا فاسدًا لم يعتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باعه بيعًا بشرط الخيار حنث. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يحنث.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يبيع فباع بشرط الخيار حنث. وعند ابن المواز إن شرط الخيار لنفسه لم يحنث ما دام له الخيار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا فارق غريمه حتى يستوفي حقه منه فأحاله به على غريم له ثم فارقه حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سلَّم إليه دراهم زيوفًا حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا لبست هذا القميص فاتزر به، أو ارتدى به لم يحنث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يعطي فلانًا دينارًا فكساه ثوبًا، أو حلف لا أكسي فلانًا فأعطاه دينارًا لم يحنث. وعند مالك يحنث في المسألتين جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف يعتق كل مملوك له ثم حنث وكان له عبيد وإماء وأمهات أولاد ومدبرون ومكاتبون عتق الكل إلا المكاتبون. وعند أَبِي ثَورٍ وَمَالِك يعتق المكاتبون أيضًا. وعند جماعة من أصحاب الحديث وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعائشة وحفصة وأم سلمة أن عليه كفارة يمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف لا يتكفل لفلان بمال فتكفل لم يحنث. وعند أَحْمَد يحنث. وبناه على أصله إذا تعذر تسليمه من المال. وعند مالك يحنث إن شرط البراءة من المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليأتين به البصرة فمات ولم يأت البصرة حنث. وعند أَبِي ثَورٍ لا يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل خبزًا ولحمًا لا يحنث بأكل أحدهما، وكذا إذا حلف لا يكلم فلانًا وفلانًا لم يحنث بكلام أحدهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث بأكل أحدهما أو بكلام أحدهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا دخلت على فلان بيتًا فدخل عليه ساهيًا أو مكرهًا حنث في أحد القولين وبه قال سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة ورَبِيعَة وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ ولا يحنث في القول الثاني، وبه قال الزُّهْرِيّ والْإِمَامِيَّة. وعند أَحْمَد ثلاث روايات: اثنتان كالقولين، والثالثة: يحنث بالْيَمِين باللَّه تعالى وبالظهار، ويحنث بالطلاق والعتاق،

وهو قول أبي عبيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا أكلت هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو حبتين لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له عبدان فقال: إذا جاء عدي فأحدكما حر، فجاء عدي وقد مات أحدهما لم يتعين العتق في الثاني. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يشتري ثوبًا فاشترى كساءً أو طيلسانًا أو قباءً أو قميصًا لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فإذا اشترى بساطًا أو مسبحًا لم يحنث. وعند أَبِي ثَورٍ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى أكثر من نصف ثوب لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا بعت متاع زيد فوكَّل زيد في بيع متاعه فباعه الحالف لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث. * * *

باب كفارة اليمين

باب كفارة الْيَمِين مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الكفارة تجب بشيئين الْيَمِين والحنث، وعند بعض أصحابه تجب بالْيَمِين لا غير، والحنث في وقت للكفارة، وعند سعيد بن جبير تجب الكفارة بالْيَمِين، وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب بالحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ والحسن البصري وابن سِيرِينَ وعمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أراد التكفير بالمال استحب له التكفير بعد الحنث، فإن كفَّر قبل الحنث أجزأه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يجزئه التكفير قبل الحنث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كرَّر الْيَمِين في الشيء الواحد مرارًا في مجلس واحد وفي مجالس مختلفة، فإن قصد تأكيد الْيَمِين الأولى أجزأته كفارة واحدة، وإن قصد التكرار أجزأته كفارة واحدة على أصح القولين، والثاني يلزمه كفارتان، وبه قال أكثرهم. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. وعند ابن عمر والحسن وعروة والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأبي عبيد يجزئه كفارة واحدة. وعند أَبِي ثَورٍ إن أراد بتكرار الأيمان الْيَمِين الأولى فهو شيء واحد، وإن أراد بذلك التغليظ فلكل واحد كفارة. وعند قتادة وعمرو بن دينار إن كان في مجلس واحد فكفارة واحدة، وإن كان في مجالس مختلفة فلكل يمين كفارة. وعند الحسن أيضًا إن لم يكن كفَّر عن الأول أجزأه كفارة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أراد أن يكفر بالصوم قبل الحنث لم يجزه. وعند مالك َوَأَحْمَد يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجزئ في الكفارة العمامة والإزار والسروايل والمقنعة، وعند مالك وَأَحْمَد لا يجزئ إلا ما يجزئ فيه الصلاة للرجل قدر ما يجزئه وللمرأة قدر ما يجزئها وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا تجزئ السراويل والعمامة. وعند أبي موسى الأشعري والحسن وابن سِيرِينَ لابد من ثوبين ثوبين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز دفع الطعام في الكفارات إلى الصبي الذي لم يطعم الطعام ويكون الدفع إلى وليه. وعند أَحْمَد لا يجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يجب على قابض الكفارة أكلها بل

صرفها في سائر الأشياء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند الهادي منهم الصحيح وجوب الأقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كسا خمسة وأطعم خمسة لم يجزه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر على الصحيح عنده. وعند مالك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يجزئه ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو العبَّاس والنَّاصِر أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب عليه أن يكفر بالمال وهو الإطعام والكسوة والعتق إلا قدر على ذلك فاضلاً عن كفايته على الدوام بحيث لا يجوز له أخذ الزكاة بالفقر والمسكنة، فإن لم يجد ذلك فاضلاً عن كفايته على الدوام انتقل إلى صوم ثلاثة أيام. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا قدر على قوت يومه وليلته أطعم ما فضل عنه. وعند أبي عبيد إذا كان عنده قوت يومه لنفسه وعياله وكسوة تكون كفايتهم ثم يكون بعد ذلك مالكًا لقدر الكفارة فهو واجد. وعند النَّخَعِيّ إذا كان عنده عشرون درهمًا فله أن يصوم. وعند عَطَاء الخراساني إذا كان عنده عشرون درهمًا أطعم، وإن كان دون العشرين صام. وعند بعض الناس إذا كان معه خمسون درهمًا وجب عليه الإطعام أو الكسوة، وإن كان دون الخمسين يصوم. وعند سعيد بن جبير إذا لم يكن عنده إلا ثلاثة دراهم فليكفر بها. وعند الحسن إذا ملك درهمًا وجبت عليه الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب التتابع في كفارة الْيَمِين في أصح القولين، وبه قال الحسن وعَطَاء وطاوس ومالك، ويجب في القول الآخر، وهو قول عكرمة ومجاهد والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا: إن التتابع شرط في صوم كفارة الْيَمِين فإن الحيض إذا تخلله أبطل التتابع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد لا يبطله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان له مال غائب لم يجز له العدول إلى الصوم وينتظر قدوم ماله حتى يكفّر بالمال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له العدول إلى الصوم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للعبد أن يكفَّر بالإطعام أو الكسوة بإذن سيّده على القول القديم، ولا يملك أن يكفر بالعتق بإذن سيّده. وعند أَحْمَد يملك أن يكفر بالعتق بإذن سيّده.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف العبد بغير إذن سيّده وحنث بغير إذنه كان للسيد منعه من الطعام. وعند أَحْمَد ليس له منعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ من نصفه حر ونصفه عبد يكفر بالإطعام أو الكسوة إن كان في يده ما يكفِّر به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي فرضه الصوم، وبه قال من الشَّافِعِيَّة ابن سريج. وعند أَبِي ثَورٍ إن أذن له السيّد في التكفير بما في يده أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كفارة الْيَمِين تخرج من رأس المال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنها من الثلث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. * * *

كتاب العدد

كتاب العدد مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كانت حاملاً بولدين فولدت أحدهما لم تنقض العدة. وعند عكرمة تنقضي عدتها بوضع أحدهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ألقت مضغة ولم تتصوَّر فيها خلقة آدمي إلا أن القوابل شهدت أنها لو بقيت تخلّقت وصارت ولدًا انقضت عدتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تنقضي عدتها. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الجديد الخلوة لا توجب العدة، وسواء وطئها فيما دون الفرج أو لم يطئها، وفي القديم توجب العدة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد. مسألة: لا خلاف أن أقل مدة الحمل التي يولد الولد فيها حيّا ويعيش ستة أشهر. واختلف العلماء في أكثر مدة الحمل فعند الشَّافِعِيّ أنها أربع سنين، وبه قال مالك في الرِوَايَة الثانية وصححه جماعة من أصحابه. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعثمان البتي وعائشة وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وَمَالِك في الرِوَايَة الأخرى الثالثة أنها سنتان، واختاره الْمُزَنِي. وعند أبي عبيد أنه لا حد أكثرها. وعند الْإِمَامِيَّة أكثرها سنة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن عمر وزيد بن ثابت وفقهاء المدينة السبعة والزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد في أظهر الروايتين أن الأقراء المذكورة في القرآن هي الأطهار. وعند الحسن وعبيد الله بن الحسن العنبري والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى والْأَوْزَاعِيّ وابن شُبْرُمَةَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وإِسْحَاق وعمر وعلي وابن مسعود وابن عبَّاس وأبي موسى الأشعري وَأَحْمَد في إحدى الروايتين أن الأقراء في الآية هي الحيض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فرغت المعتدة من الحيضة الثالثة انقضت عدتها ولا يعتبر في ذلك الغسل من الحيض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن انقطع دمها من الحيضة الثالثة لأكثر الحيض خرجت من العدة، وإن انقطع لأقله لم تخرج من العدة حتى تغتسل أو يمر عليها وقت

الصلاة، وعند أَحْمَد على الرِوَايَة التي تقول الأقراء الحيض لا تنقضي عدتها حتى تغتسل بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أقامت بينة على القضاء في شهر لا يقبل. وعند أَحْمَد يقبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقبل إقرار المرأة إذا كانت من ذوات الأقراء بانقضاء عدتها في اثنين وثلاثين يومًا ولحظتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد في هذه المسألة إنما يحصل الخلاف بينهم في أقل الحيض فعندهما ثلاثة أيام وعنده يوم وليلة، فهما يبنيان على أصلهما، وهو يبنى على أصله والخلاف بين الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ فهو يعتبر أكثر الحيض عنده وأقل الطهر وعند زفر لا يقبل قولها في أقل من أربعة وسبعين يومًا. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقبل قولها في أقل من ستة وعشرين يومًا ولحظة. وعند أَحْمَد لا يقبل قولها فى أقل من تسعة وعشرين يومًا ولحظة إذا أقامت على ذلك بينة امرأة تشهد أنها حاضت فيقبل ذلك لتسعة وعشرين يومًا ولحظة ولا يقبل بمجرد دعواها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحاضة تعتد بالأقراء، وأقراؤها الزمان الذي يحكم فيه بالاستحاضة، فإن كانت ناسية للعدد ذاكرة للوقت بأن تذكر أنها تحيض في أول كل شهر فأقل ما تنقضي به عدتها شهران ولحظتان بأن يطلقها وقد بقي من الشهر لحظة ويمضي عليها شهران ولحظة في الثالث. وإن كانت ناسية للوقت والعدد جميعًا، فإن قلنا تحيض من أول كل شهر يومًا وليلة فإذا طلقها قبل أن يهل الهلال انقضت عدتها إذا أهلَّ الهلال الثالث غير الشهر الذي طلقها فيه، وإن قلنا لا حيض لها بيقين ولا طهر لها بيقين فإن طلَّقها وقد بقي من الشهر أكثره احتسب لها قرءًا وأتت بشهرين آخرين حتى تتم عدتها، وإن كان قد بقي نصفه لم يحتسب لها به شيء وأتت بثلاثة أشهر. وعند عكرمة وقتادة عدة المستحاضة ثلاثة أشهر. وعند سعيد بن المسيب ومالك عدتها سنة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن كانت أقراؤها مستقيمة فأقراؤها، وإن اختلطت عليها فعدتها سنة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ عدتها الأقراء إذا كانت أيامها معلومة، وإن كانت مجهولة فعدتها ثلاثة أشهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها وقد انقطع دمها لغير عارض فقَوْلَانِ: القديم تمكث إلى أن تعلم براءة رحمها ثم تعتد بالشهور، وبه قال عمر وَمَالِك وَأَحْمَد والحسن، والقول الجديد تمكث إلى الإياس من الحيض ثم تعتد بالشهور، وبه قال علي بن أبي

طالب وابن مسعود وعَطَاء وجابر بن زيد والشعبي والنَّخَعِيّ وطاوس والزُّهْرِيّ وأبو الزناد وأبو حَنِيفَةَ، واختاره الْمُزَنِي والثَّوْرِيّ وأبو عبيد. وعند سعيد بن المسيب إذا كانت تحيض في الأشهر، مرة فعدتها سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا بالقديم فهل تعتبر براءة رحمها في الظاهر وبراءته قطعًا؟ قَوْلَانِ: أحدهما تعتبر براءته في الظاهر وهو أن تمكث تسعة أشهر، وبه قال عمر وَمَالِك وَأَحْمَد. والثاني يعتبر براءة رحمها قطعًا، وهو أن تمكث أربع سنين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في أثناء الشهر كأنه طلقها وقد مضت خمسة أيام منه فإنها تعتد بما بقي من الشهر، ثم تعتد بالشهرين بعده بالأهلة، فإن كان الشهر الأول تامًا اعتدت من الشهر الرابع خمسة أيام، وإن كان الشهر الأول ناقصًا اعتدت من الرابع ستة أيام وتلفق الساعات، وعند أَبِي حَنِيفَةَ تعتد شهرين بالهلال وتحتسب بقية الأول بقدر ما فاتها من الأول تامًا كان أو ناقصًا. ويحصل الخلاف بينه وبين الشَّافِعِيّ فيما إذا كان الأول ناقصًا وكان قد طلقها وقد مضى منه خمس فإنها تعتد عند أَبِي حَنِيفَةَ من الرابع خمسًا. وعند الشَّافِعِيّ ستًا، وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ لا تلفق الساعات وإنما تلفق الأيام، فإذا طلقها بالنهار احتسب من أول الليل، وإذا طلقها بالليل احتسب من أول النهار. وعند أبي مُحَمَّد عبد الرحمن ابن بنت الشَّافِعِيّ إذا طلقها في أثناء الشهر اعتدت بثلاثة أشهر بالعدد، وهي رِوَايَة أيضًا عن أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في طهر قد جامعها فيه اعتدت بنفسه قرءًا. وعند أبي عبيد القاسم بن سلام لا تعتد به قرءًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا بلغت الصبية سنًا تحيض فيه النساء، بأن بلغت خمس عشرة سنة أو عشرين سنة ولم تحض فعدتها بالشهور، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَحْمَد تقعد مدة الحمل في الغالب ثم تعتد بعده بثلاثة أشهر، وعند الكرخي من الحنفية وأبي عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة عدتها بالأقراء ولا تعتد بالشهور ما لم يأت عليها ستون سنة. وعند الْإِمَامِيَّة أن الآيسة إذا كانت في سن من لا تحيض لا عدة عليها إذا طلقت، وكذا من لم تبلغ الحيض إذا لم يكن مثلها تحيض لا عده عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وكافة الزَّيْدِيَّة إذا لم تكن الأمة من ذوات الأقراء اعتدت بشهرين في أحد الأقوال، وبه قال

الزُّهْرِيّ وإِسْحَاق، وبثلاثة أشهر في القول الثاني، وبه قال الحسن وعمر بن عبد العزيز ومجاهد والنَّخَعِيّ ويَحْيَى الأنصاري ورَبِيعَة وَمَالِك وأبو ثور وداود في رِوَايَة وسائر الزَّيْدِيَّة، وشهر ونصف في القول الثالث، وبه قال سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وعَطَاء والشعبي والثَّوْرِيّ وداود وأبو حَنِيفَةَ وزيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد اللَّه الداعي. وعند أَحْمَد ثلاث روايات كالأقوال الثلاثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المعتدة إذا انقضت عدتها ثم ارتابت لم يصح نكاحها. وعند بعض أصحابه يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات المسلم عن ذمية اعتدت بالشهور. وعند مالك فى إحدى الروايتين عدتها بالاستبراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتقت الأمة في أثناء العدة فثلاثة أقوال: أحدها تنتقل إلى عدة الحرة بائنة كانت أو رجعية، وبه قال عَطَاء والزُّهْرِيّ وقتادة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والثاني تكمل عدة أمة، به قال مالك وأبو ثور، واختاره الْمُزَنِي. والثالث إن كانت رجعية انتقلت إلى عدة الحرة، وإن كانت بائنة كملت عدة أمة، وبه قال الحسن والشعبي والضحاك والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند سائر الزَّيْدِيَّة عدتها فى الابتداء كعدة الحرة عندهم فلا معنى للانتقال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأمة إذا مات عنها زوجها، ثم أعتقت في أثناء العدة فقَوْلَانِ: أحدهما تنتقل إلى عدة الحرة، والثاني تكمل عدة الأمة، وبه قال النَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب عدة الوفاة من غير دخول. وعند ابن عَبَّاسٍ أنها لا تجب من غير دخول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء عده المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً أربعة أشهر وعشرة أيام. وعند الاوزاعي تعتد بأربعة أشهر وتسعة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا انقضت أربعة أشهر وعشر فقد انقضت عدتها، سواء حاضت فيها أو لم تحض. وعند مالك إذا كانت عادتها أن تحيض فى كل شهر لم تنقض عدتها حتى تحيض حيضة في الأشهر، فإن تأخر حيضها لم تنقض عدتها حتى تحيض حيضة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سلمة بن عبدالرحمن وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الحامل المتوفى عنها زوجها إذا كان الحمل يلحقه اعتدت به حرة كانت أو أمة سواء تأخر عن مضي الشهور أو تقدم. وعند علي بن أبي طالب وابن عبَّاس والْإِمَامِيَّة تعتد بأقصى الأجلين من الأشهر والحمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا مات الصبي الذي لا يولد لمثله وله زوجة فإنها تعتد عنه بالشهور، سواء كانت حائلاً أو حاملاً، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا مات وبها حمل ظاهر اعتدت عنه بوضعه، وإن ظهر بها الحمل بعد موته لم تعتد به عنه، وهكذا قال في البالغ إذا تزوج امرأة ووطئها ثم طلقها وأتت بولد دون ستة أشهر من حين عقد النكاح، فإن كان الحمل بها ظاهرًا وقت الطلاق لم تعتد بوضعه عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في حال المرض وانقضت عدتها بالأقراء ثم مات الزوج لم تلزمها العدة. وعند أَحْمَد تعتد على الوفاة، وبناه على أصله أنها ترث. وعند الشَّافِعِيّ لا ترث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلق في كل قرء طلقة احتسبت العدة من الطلاق الأول وعند خلاس بن عمرو تحسب العدة من الطلاق الثالث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ المطلقة ثلاثًا في حال المرض تعتد بعدة الطلاق ولا تنتقل إلى عدة الوفاة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ تعتد بأقصى الأجلين من أربعة أشهر وعشرًا استكمال فيها ثلاث حيضات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم أن عدة المختلعة عدة المطلقة، وروى ذلك عن علي وعند أبان وعثمان وإِسْحَاق في رِوَايَة وابن المنذر وابن عمر وبعض العلماء من الصحابة وغيرهم عدتها حيضة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الرجل إذا تزوج امرأة ولها ولد من غيره فبموت الولد أنه لا يعتزل امرأته. وعند علي وعمر والصعب بن جثامة والحسن والحسين بن علي والحسن البصري والنَّخَعِيّ وعمارة بن عمير وَأَحْمَد وأبي عبيد أنه يعتزلها حتى تحيض حيضتين، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحامل إذا وضعت انقضت عدتها حال وضع الحمل. وعند حماد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق لا تنقضي به عدتها حتى تطهر من النفاس.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وابن الزبير وأَبِي حَنِيفَةَ وأكثر الفقهاء إذا مات أو طلق وهو غائب حسبت العدة من حين الموت أو الطلاق علمت بالموت والطلاق أو لم تعلم بهما حتى انقضت عدتها فقد انقضت، فإن علمت قبل انقضاء مدة العدة أتمت عدتها من حين الطلاق والموت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن على والمزيد والقاسم وأبي عبد الله الداعي. وعند علي بن أبي طالب والحسن البصري وقتادة وعَطَاء الخراساني وخلاس وداود تحتسب العدة من حين بلغها الخبر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند عمر بن عبد العزيز والشعبي وابن المسيب إن ثبت ذلك بالبينة احتسبت العدة من حين الموت أو الطلاق، وإن ثبت ذلك بالسماع أو الخبر كان ابتداؤه من حين بلغها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غاب غيبة منقطعة وانقطع خبره ولم يعرف موضعه ففي زوجته قَوْلَانِ: الجديد ليس لها أن تتزوج بكل حال وتصبر حتى يتيقن موته أو طلاقه، وبه قال علي بن أبي طالب وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد في رِوَايَة، وهو الصحيح. والقديم أنها تصبر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا. ثم تحل للأزواج، وبه قال عمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن هذه الغيبة تثبت بالفسخ سواء فقد بين الصفين أو فقد بين أهله نهارًا أو كان في مركب فيهلك قوم وسلم آخرون، أو غير ذلك وبهذا قال مالك. وعند أَحْمَد تحيض بالفقد بين الصفين أو بفقده من أهله نهارًا أو كان في مركب فيهلك قوم ويسلم آخرون لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك يفتقر ضرب المدة وإباحتها للأزواج إلى حكم حاكم، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعنده رِوَايَة أخرى أن ذلك لا يفتقر إلى حكم حاكم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا بالقديم فهل تقع الفرقة ظاهرًا أو باطنا قَوْلَانِ: أحدهما يقع ظاهرًا، والثاني ظاهرًا وباطنًا. وعلى هذا إذا قدم الزوج الأول فهل ترد إليه؟ اختلف فيه أصحاب الشَّافِعِيّ فقال بعضهم: إن قلنا تقع ظاهرًا ردت إليه سواء تزوجت أم لا، دخل بها أم لا، وإن قلنا تقع ظاهرًا وباطنًا لم ترد إلى الأول بكل حال. وقال بعضهم: إن تزوجت لم ترد إلى الأول، وإن لم تتزوج ردت إلى الأول. وعند أَحْمَد إن لم يكن دخل بها الثاني فنكاحه باطل، وإن دخل بها الثاني فالأول بالخيار بين إمساكها

بالعقد الأول ودفع صداق الثاني إليه ومن تركها على نكاح الثاني وأخذ الصداق الذي أصابها منه. وعند مالك إن كان الثاني دخل بها فهي زوجته، وإن لم يكن دخل بها فهي للأول من غير تخيير، وبناه على أصله في نكاح الوليين، وإن كان الثاني إذا دخل بها ثبت نكاحه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك هذا المنقطع لا يجوز قسمة ماله. وعند أَحْمَد يجوز. * * *

باب مقام المعتدة والمكان الذي تعتد فيه

باب مقام المعتدة والمكان الذي تعتد فيه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وابن عمر وعائشة وفقهاء المدينة وعلماء الأمصار يجب للمطلقة البائن الحائل على الزوج السكنى دون النفقة. وعند ابن عَبَّاسٍ وجابر بن عبد الله وَأَحْمَد وإِسْحَاق والحسن وعكرمة وأَبِي ثَورٍ والشعبي لها السكنى وعند شريح والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعمر وعبد الله لها النفقة والسكنى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتوفى عنها زوجها هل تجب لها السكنى في مدة عدتها فيه قَوْلَانِ أصحهما تجب لها السكنى، وبه قال عمر وابن عمر وابن مسعود وأم سلمة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. والثاني لا تجب لها السكنى، وبه قال على وابن عبَّاس وعائشة والحسن وعَطَاء وجابر بن عبد الله وجابر بن زيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المبتوتة إذا ظهر بها حمل فقَوْلَانِ: أحدهما ينفق عليها من حين ظهر حملها إلى أن تضع، وبه قال قتادة والزُّهْرِيّ وابن أبي ليلى وحماد بن أبي سليمان والْأَوْزَاعِيّ ومالك. والثاني لا يجب عليه أن ينفق عليها في الحال فإذا وضعت لزمه أن يدفع إليها جميع النفقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أنفق عليها وهي تحسب أن بها حملاً ثم بان لا حمل لم يرجع عليها بشيء. وعند رَبِيعَة وَمَالِك وأبي عبيد يرجع عليها بما أنفق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب نفقة الحامل المختلعة. وعند الحسن وعَطَاء لا تجب لها النفقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا نفقة لها ولا سكنى. ونقل الترمذي عن الثَّوْرِيّ أنه يجب لها السكنى والنفقة. وعند الشعبي وأبي العالية والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لها النفقة والسكنى. ونقل الترمذي عن الشعبي أنه يقول: لا سكنى لها ولا نفقة. وعند الحسن وحماد لا نفقة لها إلا أن يشرط ذلك على زوجها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وجابر بن عبد الله الحامل المتوفى عنها زوجها لا تجب لها النفقة. وعند شريح وابن سِيرِينَ والشعبي والنَّخَعِيّ وأبي العالية وخلاس بن

عمرو وحماد بن أبي سليمان وأيوب السختياني والثَّوْرِيّ وأبي عبيد وعلي وابن مسعود وابن عمر تجب لها النفقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أمر زوجته بالانتقال من دار إلى دار فانتقلت إليها ثم طلقها أو مات عنها وجب عليها الاعتداد في الثانية، والاعتبار بانتقالها ببدنها دون قماشها وخدمها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاعتبار ببدنها وقماشها ومتاعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن لها في السفر غير سفر النقلة، ثم طلقها أو مات عنها وقد فارقت المنزل والبنيان فهي بالخيار إن شاءت رجعت إلى منزلها واعتدت، وإن شاءت مضت في سفرها إلى مقصدها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعند أَحْمَد إن كان بينها وبين منزلها مسافة لا تقصر فيها الصلاة أو أكثر، وبينها وبين مقصدها كذلك فهي بالخيار بين الرجوع والمقام والذهاب ولا يلزمها المقام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان بينها وبين منزلها أقل من مسافة ثلاثة أيام لزمها الرجوع إلى منزلها، وإن كان مسافة ثلاثة أيام لزمها المضي إليه والاعتداد فيه، وإن كانت مسافة ثلاثة أيام وإن كان موضعها موضع إقامة لزمها الاعتداد فيه، وإن لم يكن موضع إقامة كان لها المضي إلى مقصدها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا عليها أن تقيم إلى أن تنقضي عدتها ولا تخرج ولا ترجع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أذن لها في الحج والعمرة فأحرمت ثم طلقها، فإن كان الوقت ضيقًا مضت في الحج، وإن كان الوقت واسعًا فهي بالخيار إن شاءت قامت حتى تنقضي العدة وتخرج إلى الحج وإن شاءت خرجت إلى الحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمها أن تقيم وتقضي العدة وإن فاتها الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان المعتدة ليس لها الخروج للحج والعمرة إذا لم يتقدم الإحرام على العدة وعند عَطَاء وطاوس وعائشة وابن عَبَّاسٍ لها أن تخرج إلى العمرة والحج. وعند الحسن وَأَحْمَد وإِسْحَاق تحج المرأة في عدتها من الطلاق. وعند مالك ترد ما لم تحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخبرت المرأة بموت زوجها وهي في منزلها لزمها أن تخرج إلى منزله وتعتد فيه. وعند سعيد بن المسيب والنَّخَعِيّ لا تبرح حتى تنقضي عدتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ إذا ندَّت المعتدة على أهل زوجها وآذتهم بلسانها

جار نقلها من البيت الذي طلقت فيه إلى أقرب المواضع إليه. وعند الحسن وابن مسعود لا يجوز إخراجها إلا أن تُربَّى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم أنه لا يجوز للمعتدة أن تنتقل من بيت زوجها حتى تنقضي عدتها. وعند بعض العلماء من الصحابة وغيرهم لها أن تعتد حيث شاءت وإن لم تعتد في بيت زوجها، قال الترمذي: والقول الأول أصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ المبتوتة تلزمها العدة في بيت زوجها. وعند أحمد لا يلزمها ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمطلقة المبتوتة الخروج نهارًا لقصد الحاجة في قوله الجديد، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز، وهو قول قديم للشافعي. * * *

باب الإحداد

باب الإحداد مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وكافة العلماء من الصحابة ومن بعدهم أن المتوفى عنها زوجها يجب عليها الإحداد. وعند الحسن البصري والشعبي لا إحداد عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المبتوتة لا إحداد عليها في القول الجديد، وبه قال عَطَاء ورَبِيعَة والْإِمَامِيَّة وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين فيهما، وبه قال أيضًا من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيَّد عن يَحْيَى. وفي القول القديم عليها الإحداد، وبه قال سعيد بن المسيب وأبو حَنِيفَةَ وصاحباه وأبو ثور والْمُزَنِي، وهي الرِوَايَة الأخرى عن مالك وَأَحْمَد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي عن يَحْيَى، وهو الأولى من مذهب النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب الإحداد على الذمية إذا كان زوجها مسلمًا، وكذا الصغيرة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يجب عليها الإحداد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد الله الداعي عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان زوج الذمية ذميًا لزمها العدة والإحداد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا عده عليها ولا إحداد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم على المحدة لبس الحلي ذهبًا كان أو فضة. وعند عَطَاء يحرم عليها الذهب دون الفضة. وعنه أيضًا لا يكره لها لبس الفضة إذا مات وهو عليها وليس لها أن تبتدئ لبسه. * * *

باب اجتماع العدتين

باب اجتماع العدتين مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والزَّيْدِيَّة إذا تزوجت المرأة في عدتها ووطئها الثاني وكان جاهلاً بالتحريم لزمها لكل واحد منهما عدة ولا يتداخلان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتداخلان ويكفيها عدة واحدة عنهما. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، والأخرى كقول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك على القول بتقدم التداخل لو اجتمعا وجب عليها إكمال العدة من الزوج الأول ثم تعتد من الثاني. وعند الشعبي وكافة الزَّيْدِيَّة تعتد أولاً من الثاني ثم تعتد من الأول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نكحت في العدة ودخل بها في الثاني لم تحرم عليه بعد انقضاء العدة في القول الجديد، وبه قال علي وأبو حَنِيفَةَ، وتحرم على التأبيد في القول القديم، وبه قال عمر ومالك. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. وقد مضى ذكر ذلك في كتاب النكاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا للثاني أن ينكحها جاز له ذلك إذا انقضت عدتها من الأول. وعند أَحْمَد لا يجوز حتى تنقضي عدتها منهما جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج في العدة ووطئها الثاني انقطعت عدتها حتى يفرَّق بينهما. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا تنقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر والزَّيْدِيَّة إذا خالعها بعد الدخول ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول فإنها تبني على عدتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تستأنف العدة. وعند داود لا يلزمها البناء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من تزوج امرأة ولها زوج لا يعلم بذلك لم يصح نكاحه ولا يلزمه أن يتصدق بشيء. وعند الْإِمَامِيَّة عليه أن يفارقها ويتصدق بخمسة دراهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج الرجل امرأة ثم دخل بها ثم طلقها ومضى عليها قرءًا. وقرءان ثم راجعها انقعطت العدة، وإن وطئها بعد الرجعة ثم طلقها وجب عليها

استئناف العدة، وإن طلقها قبل أن يطئها فقَوْلَانِ: أحدهما تبني على العدة الأولى وهو القديم، وبه قال مالك وعَطَاء وهو الأولى على مذهب الزَّيْدِيَّة حتى قال أبو ثابت منهم: الصحيح من المذهب أنه إذا راجعها قولاً لا يقع الطلاق الثاني ما لم يخالعها، والثاني تستأنف وهو الجديد، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ وصاحباه والزُّهْرِيّ وطاوس وحماد وأبو قلابة والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وَمَالِك في إحدى الروايتين عنهما وهو الأصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيَّد. وعند داود لا يجب عليها عدة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة عليها الاعتداد ولا تلحقها التطليقة الثانية حتى يراجعها بالفعل ويطلقها الثانية بعد ما حاضت حيضة عقيب الأولى واغتسلت. * * *

باب استبراء الأمة

باب استبراء الأمة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وابن مسعود وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا ملك الرجل أمة بابتياع أو هبة أو ميراث أو غنيمة لم يحل له وطئها حتى يستبرئها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، بكرًا أو ثيبًا، يوطأ مثلها أو لم يؤطأ ممن تحمل مثلها أو لا تحمل. وعند ابن عمر وداود وشيعته إن كانت بكرًا فلا يجب عليه استبراؤها، وإن كانت ثيبًا وجب عليه استبراؤها. وعند اللَّيْث بن سعد إن كانت ممن تحمل مثلها لم يجز له وطؤها حتى يستبرئها، وإن كانت ممن لا تحمل مثلها فإنه يجوز له وطؤها قبل الاستبراء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن تكون المستبرأة في يد المستبرئ سواء كانت جميلة أو قبيحة. وعند مالك إن كانت جميلة لم تترك في يد المستبرئ وإنما تترك في يد عدل، وإن كانت قبيحة كانت في يد المستبرئ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ملكها ببيع أو قضية فوضعت أو حاضت قبل القبض فوجهان أحدهما لا تعتد به، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، والثاني تعتد به، وبه قال أحمد. وعند مالك إن حاضت في يد البائع أقل الحيض وبقي أكثره في يد المشتري اعتدت به، وإن مضى أكثره في يد البائع وبقي أكثره في يد المشتري لم تعتد به حتى تستأنف الاستبراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للسيد الاستمتاع بالجارية المشتراة في ما عدا الوطء قبل الاستبراء على الصحيح، وبه قال عبد اللَّه بن عمر وبعض الزَّيْدِيَّة، والثاني لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وزيد بن علي والهادي من الزَّيْدِيَّة، وصححه بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا باع أمته ثم تقابلا لم يجز له وطؤها حتى يستبرئها، سواء قبضها المشتري أو لم يقبضها. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يلزمه الاستبراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إن تقابلا بعد قبض المشتري لها فلا يجوز للبائع وطؤها حتى يستبرئها، وإن لم يقبضها فالقياس أنه يستبرئها، ولكن جوَّزنا له أن لا يستبرئها استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى أمة فارتفع حيضها لغير عارض فحكمها في التربص

إلى سن الإياس حكم المعتدة. وعند أَحْمَد تستبرئ بعشرة أشهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ استبرائها عدة الوفاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب أمته فعجزت ورجعت إلى ملك سيدها أو ارتد السيّد أو الأمة، أو ارتد أو عاد إلى الْإِسْلَام أو زوَّج أمته وطلقها الزوج قبل الدخول لم يحل له وطؤها قبل استبرائها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحل له في جميع المسائل قبل الاستبراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي والمؤيَّد إذا أراد بيع أمته ولم يكن وطئها لم يجب عليه استبراؤها، وإن كان قد وطئها له استبراؤها ولا يجب عليه. وعند النَّخَعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ والحسن وابن سِيرِينَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى يجب على البائع والمشتري الاستبراء. وعند عثمان البتي يجب على البائع ولا يجب على المشتري. وعند الهادي من الزَّيْدِيَّة يبطل البيع بترك الاستبراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ الرجل أمته ثم باعها قبل أن يستبرئها لم يجز للمشتري أن يزوجها حتى يستبرئها، وكذا إذا اشترى أمة ووطئها وأراد أن يزوجها لم يصح النكاح حتى يستبرئها، وكذا لو اشترى أمة من رجل واستبرأها ووطئها وباعها قبل الاستبراء فأعتقها المشتري قبل أن يستبرئها لم يجب له أن يتزوَّج قبل أن يستبرئها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في هذه الثلاث المسائل يجوز النكاح قبل الاستبراء. قال في الشامل والمعتمد والبيان والشاشي أن الرشيد ابتاع جارية فأراد وطأها في الحال فقيل له لا يجوز لك ذلك قبل الاستبراء، فتاقت نفسه إليها فسأل أبا يوسف عن ذلك فقال له أعتقها وتزوجها ففعل ذلك فعظم شأن أَبِي يُوسُفَ عنده بذلك. ونقل الغزالي في البسيط أن مسألة الرشيد مع أَبِي يُوسُفَ صورتها أن قال له أبو يوسف: يزوجها سيدها، ثم يستبرئها الرشيد من وجه، ثم يطلقها زوجها قبل الدخول فتحل للرشيد حينئذٍ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان له أمة يطؤها وأراد بيعها لم يلزمه الاستبراء، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند أَحْمَد وَمَالِك يجب عليه الاستبراء، إلا أن مالكًا يقول: إن اتفقا على حيضة واحدة أجزأ عنهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعائشة والشعبي وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وأكثر العلماء إذا أعتق أم ولده في حياته أو عتقت بموته لزمها أن تعتد بثلاثة أقراء، وبه قالت الزَّيْدِيَّة، وقالوا: لا يجب على المولى نفقتها أيضًا، وخصوا هذا بما إذا أعتقها في حياته. وعند عبد الله بن عمرو بن العاص وداود وإِسْحَاق في رِوَايَة إذا مات عنها

سيدها لزمها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ابتاع أمة من عبده التاجر وقد حاضت في يده لم يلزم الاستبراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات سيد أم الولد وزوجها ولم يعلم أيهما مات أولًا فنظر، فإن كان بين موتهما شهران وخمسة أيام فما دون فعليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر من موت آخرهما، وإن كان ما بينهما أكثر من شهرين وخمسة أيام أو جهل بين موتهما فعليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر فيها حيضة، فتعتد بأقصى الأجلين من الشهور أو الحيضة. وعند الثَّوْرِيّ إذا لم يعلم أيِّهما مات أولاً، فإنها تعتد بأربعة أشهر وعشر بأحد الأجلين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ إذا كان بين موتهما شهران وأربعة أيام فما دون، وإن كان بين موتهما شهران وخمسة أيام فأكثر فعند أَبِي حَنِيفَةَ تعتد بأربعة أشهر وعشر لا حيض فيها. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تعتد بأربعة أشهر وعشر وفيها ثلاث حيض، وعند أبي ثور تعتد بشهرين وخمسة أيام عدة الإماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اشترى أمة حائضًا فإنه لا يعتد بذلك الحيض عن الاستبراء وتحتاج إلى حيضة أخرى. وعند مالك تعتد بها إذا كانت في أولها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أم الولد إذا مات سيدها وهي حامل لم يجب لها النفقة. وعند الحسن يجب لها النفقة من أصل المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استبرأت أم الولد بحيضة حلت للزوج إذا انقطع دمها ولم تغتسل. وعند أَحْمَد لا تحل حتى تغتسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى المكاتب من يعتق عليه واستبرأها ثم عجز لم يجزأ السيّد ذلك الاستبراء. وعند أَحْمَد يجزئه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه في الأم خاصة دون غيرها. * * *

كتاب الرضاع

كتاب الرضاع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعلي وابن عَبَّاسٍ وعَطَاء وطاوس ومجاهد وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وعامة الفقهاء تثبت حرمة الرضاع بين الرضيع وبين صاحب اللبن وهو الفحل فيكون هذا الفحل أبًا للرضيع. وعند ابن عمر وعائشة وابن الزبير وابن المسيب وسليمان بن يسار ورَبِيعَة وحماد والأصم وابن علية وداود وابن بنت الشَّافِعِيّ وبعض العلماء من الصحابة وغيرهم لا تثبت تحريم الرضاع بين الرضيع وبين الفحل صاحب اللبن، فيجوز للفحل أن ينكح الرضيع إن كان بنتًا ويجوز للرضيع أن ينكح أخت الفحل إن كان الرضيع ذكرًا، أو بأخته إن كان الرضيع أنثى. قال الترمذي: وهذا القول أصح من القول الأول ولا يساعد الترمذي على هذا التصحيح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأبي يوسف وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم الرضاع مؤقت فلا يثبت بالتحريم بما يرضعه الطفل بعد استكماله حَوْلين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت التحريم فيما يرضعه الطفل في ثلاثين شهرًا. وعند زفر يثبت التحريم فيما يرضعه الطفل في ثلاث سنين. وعند مالك ثلاث روايات: إحداهن كقول الشَّافِعِيّ، والثانية فيما يرضعه بحولين وشهر، والثالثة بحولين وشهرين. وعند داود وعائشة تحريم الرضاع غير مؤقت ولو أن امرأة أرضعت شيخًا صار ابنًا لها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الرضاع في الحولين يتعلَّق به التحريم والحرمة سواء كان الرضيع يستغني بالطعام والشراب عن اللبن أو لا يستغني. وعند مالك إن كان الرضيع مستغنيًا عن اللبن بالطعام والشراب لم يتعلَّق بإرضاعه التحريم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن الزبير وابن مسعود وسعيد بن جبير وعَطَاء وطاوس وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يثبت تحريم الرضاع في أقل من خمس رضعات. وعند علي وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وسعيد بن المسيب والحسن وطاوس وعَطَاء بن أبي رباح والزُّهْرِيّ ومَكْحُول وقتادة والحكم وحماد واللَّيْث والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ.

وأصحابه وَمَالِك وابن الْمُبَارَك ووكيع وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في إحدى الروايتين تحريم الرضاع برضعة واحدة، وعند زيد بن ثابت وداود وأَبِي ثَورٍ وأبي عبيد وابن المنذر يثبت تحريم الرضاع بثلاث رضعات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء يثبت تحريم الرضاع بالوجور في الفم والسعوط في الأنف. وعند عَطَاء وداود وَأَحْمَد في إحدى الروايتين لا يثبت بذلك تحريم الرضاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يثبت التحريم بالاحتقان، وهو أن يصب اللبن في دبر الطفل على أحد القولين، واختاره الْمُزَنِي، ولا يثبت في القول الثاني وهو الأصح، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جبن لبن المرأة وأطعم الصبي خمس مرات تعلق به تحريم الرضاع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة لا يتعلَّق به تحريم الرضاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا خلط اللبن بالماء أو غيره وسُقي منه المولود خمس رضعات وتحقق وصول غير اللبن إلى جوفه في كل مرة يثبت بذلك تحريم الرضاع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن خلطه بالماء أو بلبن البهيمة وكان الغلبة للبن تعلق به تحريم الرضاع، وإن كانت للماء أو للبن البهيمة لم يتعلَّق به تحريم الرضاع، وإن كان خلطه بالطعام وكان الطعام ظاهرًا لم يتعلَّق به تحريم الرضاع، وإن كان اللبن هو الغالب. وعند مالك إن استهلك اللبن في المخالط لم يتعلَّق به تحريم الرضاع، وإن لم يستهلك فيه ثبت تحريم الرضاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر من الحنابلة إذا ارتضع من ميتة أو حلب منها بعد الموت فسقى لم يتعلَّق به تحريم الرضاع. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يتعلَّق به تحريم الرضاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لبن البهيمة لا يتعلَّق به حرمة الرضاع. وعند بعض السلف وَمَالِك أنه لا يتعلَّق بذلك حرمة الرضاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انقطع لبنها من الزوج الأول وتزوجت وحملت من هذا الزوج ونزل بها لبن في رمان نزوله فأرضعت به طفلاً ففي قوله الجديد أنه ابن الأول، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والقديم أنه ابنهما، وبه قال مُحَمَّد وزفر وَأَحْمَد. والثالث أنه ابن

الثاني، وبه قال أبو يوسف. واختلفت الزَّيْدِيَّة فيما إذا طلقها وتزوجت ولها لبن من الأول، فقال النَّاصِر: حكم لبن الأول باق إلى ظهور الحمل من الثاني، فإن ظهر انقطع حكم لبن الأول. وقال سائر الزَّيْدِيَّة اللبن لها وللزوج الأول قبل أن تحمل من الثاني، فإذا حملت منه كان لها ولهما إلى أن تلد، فإذا ولدت من الثاني انقطع حكم لبن الأول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أبان زوجته ولها لبن وانقضت عدتها ووطئها الزوج الثاني ولم يظهر بها حمل، أو ظهر بها حمل إلا أنه لا ينزل بمثله لبن كأبيد الحمل إلى الأربعين، أو مضي زمان ينزل بمثله اللبن ولم يرد فاللبن للأول، وإن زاد فقَوْلَانِ: الجديد أنه للأول، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني أنه لهما، وبه قال أَحْمَد ومُحَمَّد وزفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نزل للمرأة لبن من غير حمل وأرضعت به مولدًا تثبت الحرمة وثبت تحريم الرضاع. وعند أَحْمَد لا تثبت الحرمة ولا يثبت به تحريم الرضاع، وهو قول للشافعي أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نزل اللبن بعد الولادة فهو للثاني. وعند أَحْمَد يكون بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أقر أن زوجته أخته من الرضاع أو النسب، ثم قال أخطأت أو وهمت لم يقبل رجوعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقبل منه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لأصغر منه سنًا إنها ابنتي لم تحرم عليه بذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تحرم عليه بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زنى رجل بامرأة فأتت بولد فأرضعت بلبنها صغيره ثبت التحريم بينهما وبين أولاد الرضعة، ولا يثبت التحريم بلبن المرضعة وبين الزاني، فالورع للزاني لا يتزوجها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له أن يتزوجها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له زوجتان صغيرتان فأرضعتهما امرأة إحداهما بعد الأخرى انفسخ نكاح الثانية دون الأولى في أحد القولين، وينفسخ نكاحهما في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان معه امرأتان صغيرة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة انفسخ نكاحهما ووجب على الكبيرة الضمان للزوج. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا ينفسخ

نكاح الكبيرة دخل بها أو لم يدخل، وينفسخ نكاح الصغيرة ولها نصف صداقها على الكبيرة. وعند ابن أبي ذؤيب لا يحرم رضاع الضرائر شيئًا، ولا ينفسخ النكاح. وعند مالك لا ضمان عليهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قصدت بذلك إتلاف البضع على الزوج ضمنت، وإن لم تقصد بذلك إتلاف البضع لم تضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يلزم التي أرضعت مهر المثل في أحد القولين ونصفه في القول الثاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يلزمهما نصف المسمى. * * *

كتاب النفقات

كتاب النفقات باب نفقة الزوجات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تسقط نفقة الزوجة بمضى الزمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة تسقط بذلك، إلا أن يفرضها الحاكم فلا تسقط حينئذٍ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الزوج كبيرًا والزوجة صغيرة لا يوطأ مثلها وجب على الزوج نفقتها في أحد القولين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والنَّاصِر ويَحْيَى، ولا يجب فى الآخر، وهو الأصح واختاره الْمُزَنِي، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة زيد ابن علي والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الزوجة كبيرة والزوج صغيرًا لم تجب نفقتها في أحد القولين، وبه قال مالك، وتجب في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو ثور وَأَحْمَد فى إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا هربت المرأة من زوجها أو امتنعت عليه ولم تمكنه من الوطء سقطت نفقتها. وعند الحكم بن عتيبة لا تسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سافرت في حاجة نفسها بإذنه فقَوْلَانِ: أحدهما تجب لها النفقة. والثاني لا تجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. * * *

باب قدر نفقة الزوجات

باب قدر نفقة الزوجات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ نفقة الزوجة مقدرة وتعتبر بحال الزوج لا بحال الزوجة، وتختلف بيساره وإعساره وتوسطه، فيجب على الموسر مدان، وعلى المعسر مد، وعلى المتوسطة مد ونصف مد. وعند المؤيَّد من الزَّيْدِيَّة يجب لها في كل شهر سبعة أقفزة من المقشر وربع دينار للأدم والدهن والصابون والفحم والحطب. وعند الهادي منهم إذا شكت المرأة أن الزوج يضيق عليها في النفقة عدلت عند ثقة من النساء ويؤخذ من الزوج لكل ما يمونها من الطعام والشراب والكسوة للصيف والشتاء، وللدهن والمشط والأدم بقدر ما يراه الحاكم من التقدير. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ النفقة غير مقدَّرة والواجب قدر كفايتها وتعتبر بها، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد تعتبر بحال الزوجين فيجب على الموسر للفقيرة نفقة متوسطة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على العبد نفقة زوجته حرة كانت أو أمة، مسلمة كانت أو كتابية. وعند مالك إن شرط عليه النفقة في عقد النكاح وجب عليه، وإن لم يشرط عليه في عقد النكاح لم يجب عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان نصفه حرًا ونصفه مملوكًا وهو موسر بنصفه الحر وجب عليه نفقه المعسر. وعند الْمُزَنِي يجب عليه نصف نفقة المعسر ونصف نفقة الموسر، فيجب عليه مد ونصف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت المرأة ممن تُخْدَم في بيت أبيها وجب على الزوج إخدامها. وعند داود لا يجب عليه إخدامها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب لها إلا خادم واحد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن القاسم ويَحْيَى. وعند مالك إن كانت ممن تُخْدَم في بيت أبيها بخادمين أو أكثر، أو كانت تحتاج إلى أكثر من خادم وجب عليه ذلك، وبه قال أبو يوسف، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجب نفقة الزوجة بالعقد، وإنما تجب يومًا بيوم على القول الجديد الأصح، وتجب بالعقد في القديم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد إذا دفع إلى زوجته نفقة شهر مستقبل فمات أحدهما، أو بانت منه أثناء الشهر استرجع منها نفقة ما بعد اليوم الذي مات فيه أحدهما أو بانت فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يسترجع منها. * * *

باب الإعسار بالنفقة واختلاف الزوجين فيها

باب الإعسار بالنفقة واختلاف الزوجين فيها مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وأبي هريرة وابن المسيب والحسن البصري وحماد ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أعسر الزوج بنفقة المعسر ثبت لزوجته الخيار بين أن تصبر وتطالبه بها إذا أيسر وبين أن يفسح النكاح. وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يثبت لها الفسخ، بل يرفع الزوج يده عنها لتكتسب لنفسها. وحكاه بعض الشَّافِعِيَّة قولاً عن الشَّافِعِيّ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعسر بالمهر فثلاث طرق: أحدها إن كان بعد الدخول لم يثبت لها الخيار، وإن كان قبله فقَوْلَانِ: الثانية إن كان قبل الدخول ثبت لها الخيار قولاً واحدًا، وإن كان بعده فقَوْلَانِ. الثالثة إن كان قبل الدخول ثبت الخيار قولاً واحدًا، وإن كان بعده لم يثبت قولاً واحدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يثبت بالإعسارية الخيار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أنفق على المرأة من مال زوجها ثم بان أنه قد مات قبل ذلك فإنه يحسب بذلك من نصيبها. وعند الحسن البصري والنَّخَعِيّ لا يحتسب به عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اختلف الزوجان في الإنفاق فقالت الزوجه: لم ينفق على وقال الزوج بل أنفقت عليك فالقول قول الزوجة مع يمينها، إلا أن يكون للزوج بينة سواء كان الزوج معها أو لم يكن. وعند مالك إن كان الزوج معها فالقول قوله مع يمينه، وإن كان غائبًا عنها فالقول قولها مع يمينها. * * *

باب نفقة المعتدة

باب نفقة المعتدة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والفقهاء السبعة المبتوتة تجب لها السكنى حائلًا كانت أو حاملاً، وكذا لا نفقة لها إن كانت حائلاً وتجب إن كانت حاملاً. وعند ابن عَبَّاسٍ وجابر وَأَحْمَد وإِسْحَاق والشعبي والحسن البصري وعَطَاء والزُّهْرِيّ وجماعة من أهل الحديث لا سكنى لها، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَمَالِك تجب لها النفقة سواء كانت حائلاً أو حاملاً. واختلفت الزَّيْدِيَّة في ذلك فقال النَّاصِر وزيد بن علي: لها النفقة والسكنى. وقال يَحْيَى والمؤيَّد تستحق النفقة دون السكنى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلَّق العبد زوجته الحامل وجب عليه نفقتها على القول الذي يقول إن النفقة للحامل. وعند الشعبي وَمَالِك لا تجب عليه نفقتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وجابر وابن عمر والزُّهْرِيّ المتوفى عنها زوجها لا تجب لها النفقة في العدة حائلاً كانت أو حاملاً، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند ابن عمر والزُّهْرِيّ وجماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى والداعي وأبو طالب تجب نفقة عدتها من مال الميت حائلاً كانت أو حاملاً. وعند علي وابن عمر وَأَحْمَد إن كانت حاملاً وجبت لها النفقة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب السكنى لها إذا كانت المتوفى عنها زوجها حاملاً قَوْلَانِ: أحدهما لا تجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ واختاره الْمُزَنِي. والثاني تجب، وبه قال مالك. * * *

نفقة الأقارب والرقيق والبهائم

نفقة الأقارب والرقيق والبهائم مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة لا تجب للولد الموسر على أبيه. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة تجب نفقته عليه إلى أن يبلغ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجب على الجد الإنفاق على ولد ولده وإن سفل إذا لم يكن له أب أو كان ولكنه معسر. وعند مالك لا يجب نفقه ولد الولد على الجدِّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا عدم الأجداد وكانت الأم موسرة لزمها الإنفاق على ولدها. وعند مالك لا يلزمها ذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يلزمها الإنفاق عليه، فإذا أيسر الأب رجعت عليه بما أنفقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب على الولد نفقة الأم. وعند مالك لا تجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب على الولد نفقة الأجداد والجدات وإن علون من قبل الأب أو الأم. وعند مالك لا تجب عليه، وبنى على أصله وهو أن نفقته لا تجب على أجداده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب نفقة القرابة مع اتفاق الدين واختلافه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يشترط التوافق في الدين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجب النفقة لغير الوالدين والمولودين من القرابة كالأخ وابن الأخ والعم وابن العم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب لكل ذي رحم محرم حتى الإخوة والأخوات بشرط التوافق في الدين، فتجب عليه نفقة الأخ وأولاده والعم والعمة والخال والخالة، ولا تجب عليه نفقة أولاد العم ولا أولاد العمة ولا أولاد الخال ولا أولاد الخالة. وعند أَحْمَد تجب لكل وارث كالأخ وابن الأخ والعم وابن العم، ولا تجب نفقة ابنة الأخ والعمة وابنة العمة. وعند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تجب عليه نفقة كل قريب معروف النسب منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب نفقة المولى من أسفل على المولى من أعلى. وعند أَحْمَد تجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للمنفق عقار وجب بيعه للإنفاق على قريبه. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يباع.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الأب صحيحًا فقيرًا، أو الابن موسرًا لم تجب على الابن نفقته في أحد القولين، وتجب في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان الولد بالغًا صحيحًا فقيرًا ففي وجوب نفقته على أبيه طريقان: لا تجب قولاً واحلًا، وقَوْلَانِ: أحدهما هذا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني تجب، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب إعفاف الأب على الابن، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند أَحْمَد رِوَايَة أخرى لا تجب عليه، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بلغت البنت صحيحة سقطت نفقتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تسقط حتى تتزوج. وعند مالك حتى تتزوج ويدخل بها الزوج، فإن لم يدخل بها كانت نفقتها باقية على أبيها، وإذا طلقت بعد الدخول لم تعد إلى أبيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا اجتمع الجد أبو الأب والأم وهما موسران كانت النفقة على الجد دون الأم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تجب على الجد ثلثا النفقة وعلى الأم ثلثها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع أم وبنت موسران وجبت النفقة على البنت دون الأم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب على الأم ربع النفقة وعلى البنت ثلاثة أرباعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا كان للصبي المعسر أب معسر وأم موسرة وجب على الوالدة أن تنفق ولا ترجع على الأب بذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند الهادي منهم تنفق عليه وترجع به على الأب إذا أيسر. مسألة: عند البغداديين من الشَّافِعِيَّة إذا اجتمع ابن وابنة كانت على الابن. وعند الخراسانيين من الشَّافِعِيَّة وجهان: الأصح تجب عليهما نصفين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني تجب عليهما على قدر الميراث، فتجب على الابن ثلثاها وعلى البنت ثلثها وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع بنت وابن ابن فالنفقة على ابن الابن، وبه قال البغداديون من أصحابه. وعند الخراسانيين من أصحابه وجهان: الأصح أنها عليهما نصفين. والثاني أنها تجب عليهما مثالية، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ النفقة على البنت.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع جد وابن موسران فثلاثة أوجه: أحدها أنها على الجد والثاني أنهما سواء. والثالث أنها على الابن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعند سائر الزَّيْدِيَّة على الجد سدس النفقة وعلى ابن الابن خمسة أسداسها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يخيِّر الرجل زوجته على إرضاع ولده منها. وعند أَبِي ثَورٍ وابن أبي ليلى والحسن بن صالح يخيرها على ذلك، وهي إحدى الروايتين عن مالك، والمشهور عن مالك أنها إن كانت ممن ترضع ولدها في العادة أجبرها، وإن كانت ممن لا ترضع ولدها في العادة لم يجبرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أبان زوجته ثم وجد من يتبرع برضاع ولده أو ترضى بدون أجرة المثل وطلبت الأم أجرة المثل فطريقان: ينزع الولد منهما قولاً واحدًا. وقَوْلَانِ: أحدهما هذا. والثاني الأم أولى، وبه قال أَحْمَد واختاره الْمُزَنِي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ للأب انتزاعه ولكن لا يسقط حق الأم من الحضانة، فتأتي المرضعة فترضعه عند الأم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان له دابة وامتنع من الإنفاق عليها أجبر بالسلطان على الإنفاق عليها أو بيعها أو ذبحها إن كانت مما تؤكل، فإن لم يعلفها ولا باعها باعها عليه السلطان إذا أكرها وأنفق عليها من كرائها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجبره السلطان على ذلك بل يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر. * * *

باب الحضانة

باب الحضانة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الأم أحق بالحضانة من الأب وغيره. وعند شريح الأب أحق منها. وعند عمر - رضي الله عنه - العم أحق منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بلغت البنت كانت أحق بنفسها من وليها وأمها. وعند مالك الأم أحق بها حتى تتزوج ويدخل بها الزوج. وعند أَحْمَد تكون مع أبيها حتى تتزوج ويدخل بها الزوج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا تزوجت المرأة سقط حقها من الحضانة. وعند الحسن البصري لا يسقط حقها من ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلقت عاد حقها من الحضانة، سواء كان الطلاق بائنًا أو رجعيًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك لا يعود حقها بحال، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي إن كان الطلاق بائنًا عاد حقها، وإن كان رجعيًا فلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أم الأب وأمهاتها مقدمات على الأخوات والخالات في قوله الجديد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وفي قوله القديم الأخوات والخالات مقدمات على أم الأب وأمهاتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأخت من الأب أولى من الأخت للأم ومن الخالة في الحضانة وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الأخت من الأم والخالة أولى من الأخت للأب. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد الخالة أولى من الأخت من الأب والأم ومن الأخت من الأم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أيضًا يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الأب مقدَّم على الأخت للأم والخالة في الحضانة على أحد الوجهين. وفي الوجه الثاني هما مقدمات عليه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق الأم أحق بالولد ما لم يبلغ سبع سنين، فإذا بلغها خُيَّر بين أبويه فإذا اختار أحدهما كان عنده وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يخيَّر بينهما، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إن كانت بنتًا فالأم أحق بها ما لم تتزوج ويدخل

بها الزوج أو تحيض، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة، وإن كان ابنًا فالأم أحق به إلى أن يبلغ حدًا يأكل بنفسه ويشرب بنفسه ويلبس بنفسه ويستنجي بنفسه، ثم الأب أولى به إلى أن يبلغ. وَمَالِك يقول: الأم أحق بالبنت إلى أن تتزوج ويدخل بها الزوج، والأب أحق بالابن إلى أن يبلغ. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إذا بلغت الجارية ست سنين أو سبع سنين. فالأب أحق بها. وعند أَحْمَد إن كان ذكرًا خيِّر بينهما، وإن كانت أنثى لم تخيَّر بل الأم أحق بها. وحكى عنه أنه قال: إن أباها أحق بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أراد أحد الأبوين الانتقال كان الأب أحق بالولد سواء كان هو المنتقل أم هي وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ إذا انتقل الأب إلى مسافة لا تقصر فيها الصلاة، فالأم أحق به، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إن كان المنتقل هو الأب فالأم أحق به وإن كان المنتقل هي الأم فإن انتقلت إلى بلد فهي أحق به أيضًا وإن انتقلت من بلد إلى قرية فالأب أحق به. (قال مؤلفه الإمام جمال الدين رحمه الله تعالى: انتهى الربع الثالث في ذلك التاريخ وهو ربع المناكحات في السابع من شعبان سنة تسع وستين وسبعمائة وشرع في الرابع). * * *

كتاب الجنايات

كتاب الجنايات باب تحريم القتل ومن يجب عليه القصاص ومن لا يجب مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من قتل مؤمنًا متعمدًا بغير حق فسق واستوجب النار إلا أن يتوب ولا يخلد في النار. وعند ابن عَبَّاسٍ وزيد بن ثابت والضحاك بن مزاحم أنه يخلد في النار ولا تقبل توبته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وكافة العلماء يقتل الذكر بالأنثى، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة أَحْمَد بن عيسى والمؤيَّد. وعند ابن عَبَّاسٍ لا يقتل بها. وعند عَطَاء وعلي بن أبي طالب والْإِمَامِيَّة يكون ولي المرأة بالخيار بين أن يأخذ دمها ومن أن يقتل الرجل بها ويدفع إلى وليه نصف الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى وأبو طالب والداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم أن المرأة تقتل بالرجل ولا يؤخذ من مالها زيادة على ديتها. وعند عثمان البتي يؤخذ من مالها الولي المقتول بقدر ديتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت والحسن البصري وعَطَاء وعكرمة والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقتل المسلم بالكافر سواء كان ذميًا أو مستأمنًا أو معاهدًا. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يقتل المسلم بالذمي ولا يقتل المستأمن، وهو المشهور عن أَبِي يُوسُفَ، وروى عن أبي يوسف أنة يقتل بالمستأمن. وعند الْإِمَامِيَّة أن من كان معتادًا لقتل أهل الذمة مدمنًا لذلك كان للسلطان أن يقتله بمن قتل منهم إذا اختار ذلك ولي الدم ويلزم أولياء الدم فضل ما بين دية المسلم والذمي.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل الكافر كافرًا ثم أسلم القاتل، أو جرح الكافر كافرًا فمات المجروح، ثم أسلم الجارح قتل به. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يقتل به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعلي وزيد بن ثابت وأَبِي يُوسُفَ وإِسْحَاق وابن الزبير وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقتل الحر بالعبد، سواء كان عبده أو عبد غيره. وعند داود يقتل بهما. وعند النَّخَعِيّ يقتل به سواء كان عبده أو عبد غيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسعيد بن المسيب وقتادة والشعبي والثَّوْرِيّ ومُحَمَّد يقتل بعبد غيره ولا يقتل بعبد نفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قُتل عبد مكاتب وجب القصاص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن خلَّف وفاءً وله وارث غير المولى لم يجب عليه القصاص وإن لم يخلف وفاءً وجب القصاص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ ورَبِيعَة والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقتل الوالد بالولد، وعند عثمان البتي وداود يقتل به. وعند مالك إن رماه بالسيف وقتله لم يقد به، وإن أضجعه وذبحه اقتيد به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رمى سهمًا إلى ذمي فأسلم ثم أصابه السهم، أو رمى إلى مرتد فأسلم ثم أصابه السهم، أو رمى إلى عبد فأعتق ثم أصابه السهم لم يجب عليه القود في المسائل، ويجب عليه دية حر مسلم. وإن رمى إلى مسلم ثم ارتد ثم أصابه السهم فلا ضمان عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاعتبار بحالة الرمي، فإذا رمى إلى مرتد فأسلم ثم أصابه السهم فلا ضمان عليه، وإذا رمى إلى عبد فأعتق ثم أصابه السهم وجب عليه الضمان لمولاه، وإذا رمى مسلم فارتد ثم أصابه وجبت الدية لورثته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجمهور العلماء إذا قتل جماعة رجلاً فرضي أولياء القتيل بالدية وجب دية واحدة بدلاً عن المقتول، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند يَحْيَى بن الحسين يجب على كل واحد من القاتلين دية كاملة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ والمغيرة وابن المسيب وزيد بن علي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعَطَاء والحسن وسائر الزَّيْدِيَّة، وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تقتل الجماعة بالواحد، إلا أن مُحَمَّد بن الحسن قال: ليس هذا بقياس وإنما صرنا إليه من طريق الأثر والسنة. وعند ابن الزبير ومعاذ بن جبل والزُّهْرِيّ وابن سِيرِينَ وحبيب بن أبي ثابت وعبد الملك بن مروان وأهل الظاهر لا

تقتل الجماعة بالواحد، بل للولي أن يختار واحدًا منهم ويقتله ويأخذ من الباقين حصتهم من الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق. وعند رَبِيعَة وداود يسقط القصاص وينتقل إلى الدية وعند الْإِمَامِيَّة يتخير أولياء المقتول بين أمرين: أحدهما أن يقتلوا القاتلين كلهم ويردوا فضل ما بين دياتهم ودية المقتول أولياء المقتولين. والأمر الثاني أن يختاروا واحدًا منهم فيقتلوه، ويؤدي من لم يقتل ديته إلى أولياء صاحبهم بحساب قسطهم من الدية، فإن اختاره أولياء المقتول أخذ الدية كانت على القاتلين بحسب عددهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا قتل رجلان رجلاً فعفا ولي الدم عن أحدهما فله قتل الثاني، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أبي طالب منهم عن يَحْيَى أنه ليس له قتل الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وكافة الزَّيْدِيَّة إذا اشترك الأب والأجنبي في قتل الابن وجب القصاص على الأجنبي أو اشترك الحر والعبد في قتل العبد وجب القصاص على العبد، وإن اشترك المسلم والكافر في قتل الكافر وجب القصاص على الكافر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ سقوط القصاص على أحد الشريكين يسقط القصاص عن الآخر، فإذا شارك الأب الأجنبي في قتل الابن لم يجب على الأجنبي القصاص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل المرتد الذمي ففي القود قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب. والثاني يجب، وبه قال أحمد. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في عمد الصبي والمجنون هل هو عمد أو خطأ؟ على قولين: أحدهما أنه عمد، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة والثاني أنه خطأ، وبه قال أبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ومالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أمر السيّد عبده بقتل إنسان فقتله، فإن كان العبد فصيحًا عاقلاً قتل العبد وعوقب السيّد، وإن كان أعجميًا قتل السيّد وعند مالك وقتادة يقتلان جميعًا، وعند الحكم وحماد يقتل العبد. وعند أَحْمَد وعلي وأبي هريرة يقتل السيّد ويسجن العبد. وعند أَحْمَد أيضًا يضرب العبد. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قتل محصن محصنًا بغير إذن الإمام ففي وجوب القود عليه وجهان: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي. والثاني أنه يجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد والهادي.

باب ما يجب به القصاص من الجنايات

باب ما يجب به القصاص من الجنايات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ ومحمد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ القتل بالمثقل يوجب القود، وهو أن يضربه بغير محدد من الحجر والخشب، أو يرمى عليه حائطًا أو سقفًا وما أشبهه. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ والحسن البصري ومَسْرُوق وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجب القصاص بالمثقل، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يوجب القصاص إذا قتله بالنار. وعند عَطَاء وطاوس وسعيد بن المسيب لا عمد إلا بسلاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خنقه بيده أو بحبل أو منديل حتى مات وجب عليه القود، والولي بالخيار إن شاء اقتص وإن شاء عفا. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا كان قد تكرر منه الخنق انحتم قتله كالمحارب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حبس حرًا مغيرا فلسعته عقرب أو لدغته حية ومات لم يضمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يضمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أمسك إنسانًا ليقتله آخر فقتله وجب القود على القاتل دون الممسك. وعند اللَّيْث وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة هما شريكان في القتل فيجب عليهما القود. وعند رَبِيعَة يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت. ويقرب من ذلك ما قال الْإِمَامِيَّة في ثلاثة أحدهم قاتل والثاني ممسك والثالث عينًا لهم حتى فرغوا أنه يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت وتسمل عين الناظر لهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سحر الساحر إنسانًا ومات المسحور سئل الساحر عن سحره، فإن قال هو يقتل غالبًا وجب عليه القود، وإن قال: قد يقتل والغالب السلامة فهو عمد خطأ تجب فيه دية مغلظة في الحال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه القود، وبناه على أصله وهو أن القود لا يجب إلا إذا قتل المحدد، فإن تكرر منه ذلك قتل حد السعية في الأرض بالفساد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال الساحر: قتلت بسحري جماعة ولم يعين أحدًا لم يقتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقتل حدًّا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شهد شاهدان على رجل مما يوجب القتل وقتل ثم رجعا عن الشهادة وقالا تعمدنا قتله بالشهادة وجب عليهما القود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قود عليهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنا أحسن السحر ولا أفعله فلا شيء عليه. وعند مالك يكون كافرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القود على المكره وعلى المكره في أحد القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد، ولا يجب في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد والحسن، ومن الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي وأبو طالب عن الهادي. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يقتل واحد منهما. وعند زفر ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد يقتل المأمور خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا قال: اقتلني فقتله، أو اقطع يدي فقطعها لا يجب القصاص ولا الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يجب القصاص وتجب الدية. وعند زفر وكافة الزَّيْدِيَّة يجب القصاص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة إذا أكره شخص شخصًا على إتلاف مال الغير فالضمان على المباشر للإتلاف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الضمان على المكره دون المباشر. * * *

باب القصاص في الجروح والأعضاء

باب القصاص في الجروح والأعضاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ كل شخصين جرى بينهما القصاص في النفس جرى بينهما القصاص في الأطراف. فيقطع الحر بالحر والعبد بالعبد والذكر بالذكر والأنثى بالأنثى والذكر بالأنثى والأنثى بالذكر، ويقطع الناقص بالكامل كالعبد مع الحر والكافر مع المسلم. وهكذا نقل في المعتمد والشامل والنكت والشاشي عن أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع العبد بالعبد بحال. ونقل في البيان عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يقطع العبد بالعبد إذا اختلفت قيمتهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجري القصاص في الأطراف بين مختلفي البدل، فلا يقطع الحر بالعبد، ولا العبد بالحر، ولا الرجل بالمرأة، ولا المرأة بالرجل، ولا العبد بالعبد. ووافقه حماد في الرجل والمرأة والنَّخَعِيّ والشعبي والثَّوْرِيّ في العبد. وعند كافة الزَّيْدِيَّة لا قصاص بين العبد والأمة فيما دون النفس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد وعلي وزيد بن علي وأكثر العلماء تقطع الجماعة بالواحد وتوضح الجماعة بالواحد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي والهادي. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي لا يقتص منهم بل ينتقل حق المجني عليه إلى البدل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تؤخذ الصحيحة بالشلَّاء. وعند داود تؤخذ اليد الصحيحة بالشلاَّء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز أخذ الشلاَّء بالشلاَّء وجهان: أحدهما يجوز. والثاني لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان يد الجاني ذات أربع أصابع، ويد المجني عليه ذات خمسة أصابع فالمجني عليه بالخيار إن شاء عفا وأخذ نصف الدية وإن شاء قطع اليد وأخذ أرش الأصبع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وبعض الحنابلة هو بالخيار إن شاء عفا وأخذ نصف الدية وإن شاء قطعها ولا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يؤخذ أذن الصحيح بإذن الأصم. وعند مالك لا يؤخذ أذن الصحيح بإذن الأصم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع أنملة عليا من سبابة رجل، وقطع الأنملة الوسطى من

ذلك الأصبع من رجل فإن جاء المجني عليهما قطعت العليا لصاحب العليا وقطعت الوسطى لصاحب الوسطى. وإن جاء صاحب ال وسطى أولاً وطلب القصاص لم يكن له ذلك، ويكون بالخيار من أن يأخذ دية الأنملة وبين أن يصبر إلا أن يقتص صاحب العليا أو يسقط بكمله. وكذا إذا عفا صاحب العليا عن القود. أو لم يقطع الأنملة العليا من إنسان لكن قطع الأنملة الوسطى من رجل وجاء صاحب الوسطى يطلب القصاص وللجاني الأنملة العليا والوسطى، فللمجني عليه أن يصبر أن تقطع العليا أو تسقط ثم يقطع من الوسطى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قصاص له في الوسطى، وإذا زالت العليا لم يكن له أن يستوفي القصاص في الوسطى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قطع أصبعًا فشُلَّت بجنبها أخرى وجب القصاص في المقطوع، والأرش في التي شلت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط القصاص فى المقطوعة ويجب الأرش فيهما جميعًا. وعند أَحْمَد أيضًا يجب القصاص فيهما جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوضح رأسه فذهب ضوء عينه وجب القصاص في ضوء العين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القصاص في ضوء العين وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جنى على أصبع فتآكلت إلى جنبها أخرى وسقطت وجب أيضًا القصاص في الثانية. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك إذا قطع أصبع رجل فتآكلت الكف وسقطت لم يسقط القود في الأصبع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط القصاص في الأصبع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القصاص في ذكر الخصي والعنين. وعند مالك وَأَحْمَد لا يجب القصاص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقطع ذكر الفحل بذكر الخصي والعنين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقطع به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القصاص في الشفة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع سن من ثغر فنبت مكانها سن فقَوْلَانِ: أحدهما: لا يسقط القصاص. والثاني: يكون النابت بدل السن ويسقط القصاص، وبه قال أبو

حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما كان من الأعضاء منقسمًا إلى يمين ويسار كالعينين والأذنين واليدين والرجلين لا يجوز أخذ الْيَمِين منه باليسار ولا اليسار منه بالْيَمِين. وعند ابن شُبْرُمَةَ يجوز. وعند ابن سِيرِينَ إذا قطع يمين شخص ولا يمين له قطعت يسراه، وإن قطع يساره ولا يسار له قطعت يمينه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ، إذا قطع يد رجل ثم قتله قطعت يده ثم قتل. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين يقتل ولا تقطع يده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل واحد جماعة قتل واحد منهم وأخذ الباقون الدية. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يقتل بجماعتهم، فإن بادر واحد منهم وقتله يسقط حق الباقين، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد إن طلب الكل بالقصاص قتل بجماعتهم، وإن طلب بعضهم القصاص وبعضهم الدية قتل لمن طلب القصاص وأخذ الباقون الدية. وعند عثمان البتي يقتل بجماعتهم ثم يعطون دية باقيهم فيقتسمونها بينهم، مثل أن يقتل عشرة فإنه يقتل ويعطون تسع ديات وتقسم من العشرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قطع يمين رجلين قطعت يمينه لأحدهما وأخذت نصف الدية للآخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقطع لهما ويؤخذ منه نصف الدية وتقسم بينهما. وعند كافة الزَّيْدِيَّة تقطع يمينه لهما ويغرم الدية لهما جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا قطع يد إنسان وقتل آخر قطعت يده للمقطوع ثم قتل للمقتول، سواء تقدم قطع اليد أو تأخر. وعند مالك يقتل للمقتول ولا تقطع يده للمقتول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قطع يده من الكوع ثم قطعها آخر من المرفق ومات فهما قاتلان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القاتل هو الثاني دون الأول، وعلى الأول القصاص فيها دون النفس. وعند مالك إن عاش بعد الجنايتين حتى أكل وشرب ثم مات أقسم الولي على أيهما شاء أنه قتله. وإن وجد ذلك في الأولى دون الثانية فالثاني هو القاتل، وإن لم يوجد ذلك في واحد منهما حتى مات فالقصاص عليهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رجل طرف رجل ثم قطع آخر طرف الجاني ظلمًا أو ذهب بآفة انتقل حق المجني عليه إلى البدل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط حقه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس فيما دون الموضحة قصاص. وعند مالك وأصحاب الرأي يجب فيهما القصاص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلى ليس في المأمومة قصاص. وعند ابن الزبير فيها القصاص، وأنكر الناس عليه ذلك وقال عَطَاء: ما علمنا أن أحدًا قاد فيها قبل ابن الزبير. * * *

باب استيفاء القصاص

باب استيفاء القصاص مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وأكثر الفقهاء من ورث المال ورث القصاص. وعند مالك والزُّهْرِيّ يرثه العصبات خاصة من الرجال، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند ابن شُبْرُمَةَ واللَّيْث بن سعد وَمَالِك أيضًا يرثه من يرث بنسب دون سبب، وفي قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من ورث المال ورث الدية ويقضي من الدية ديون المقتول وينفذ منها وصاياه. وعند أَبِي ثَورٍ لا يقضي دينه ولا تنفذ وصيته من ديته. وعند الحسن البصري لا يرث الزوج والزوجة ولا الإخوة من الأم شيئًا من الإرث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا كان القصاص لصبي أو مجنون لم يكن لوليه الاستيفاء. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز للأب والجد أن يستوفيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن عبد العزيز وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وابن أبي ليلى وكذا أَحْمَد في رِوَايَة إذا كان القصاص لصغير وكبير أو لعاقل ومجنون لم يجز للكبير والعاقل استيفاء القصاص حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون ويأذن في الاستيفاء. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ واللَّيْث وحماد والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز للكبير والعاقل الاستيفاء قبل بلوغ الصغير وإفاقة المجنون، إلا أن أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ اختلفوا فيما يستوفيه فمنهم من قال يستوفي حقه وحق الصغير والمجنون، ومنهم من قال يستوفي حقه ويسقط حق الصغير والمجنون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أقرَّ شخص بأنه قتل فلانًا عمدًا، وأقرَّ آخر أنه الذي قتله خطأ أنه يجب القود على من أقر بالعمد والدية على من أقر بالخطأ. وعند الْإِمَامِيَّة الولي مخيَّر بين أخذ المقر بالعمد وبين أخذ المقر بالخطأ، وليس له أن يقتلهما جميعًا، ولا يلزمهما الدية جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل أحد الوليين بغير إذن الولي الآخر ولم يكن قد عفا عنه فقَوْلَانِ: أحدهما: يجب عليه القود. والثاني: لا يجب، وهو الأصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عفا عن قاتل وليه أو قبل منه الدية ثم قتله وجب عليه القود. وعند مالك يؤخذ منه الدية ولا يقتل. وعند عمر بن عبد العزيز الحكم في ذلك للسلطان فيما يراه بعد العفو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل أحد الوارثين بعد عفو الآخر فقَوْلَانِ: أحدهما: يجب عليه القود. والثاني: لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. وعند أَبِي ثَورٍ إن لم يعلم بالعفو فلا قود عليه، وإن علم فعليه القود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عفا عن القاتل فلا شيء عليه. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث يضرب ويحبس سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يوجد من يتطوع بالاستيفاء بغير عوض استؤجر من يستوفي له القصاص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح الإجارة على القصاص في النفس وتصح في الطرف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في أجرة من يستوفي القصاص ويقيم الحدود طريقان: الأول قَوْلَانِ: أصحهما على المقتص منه وعلى المحدود. والثاني: تجب أجرة القصاص فى الطرف قبل الاندمال. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز، وبنوه على أصولهم أن السراية إذا سرت إلى النفس سقط حكم القصاص في الطرف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اقتص من الجاني في الطرف قبل الاندمال ثم سرت الجناية على المجني عليه إلى عضو آخر واندمل كانت السراية مضمونة بالدية. وعند أَحْمَد لا تكون مضمونة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرقه أو غرَّقه أو رماه بحجر أو من شاهق فمات، أو ضربه بخشبة أو حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات فللولي أن يقتص منه بهذه الأشياء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ لا يجب القصاص فى هذه الأشياء إلا في التحريق بالنار، ولا يجوز أن يقتص فيها إلا بالسيف. وعند أحمد فى رِوَايَة لا يقتص إلا بالسيف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى عليه جناية يجب فيها القصاص بأن أوضح رأسه، أو قطع يده أو رجله من المفصل فمات فلولي المجني عليه أن يوضح رأسه أو يقطع يده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وعمر وعلي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن سراية القصاص غير مضمونة. وعند عَطَاء وطاوس وعمرو بن دينار والحارث العكلي والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وحماد هي مضمونة على المقتص، إلا أن حمادًا يقول: يحط منها دية جرحه. وعند الزُّهْرِيّ والشعبي دية المقتص منه على عاقلة المقتص له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات من عليه القود وجب لولي المقتول الدية في تركة القاتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسقط حقه ولا شيء له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قطع يد رجل ثم عاد وقتله كان لوليه أن يقطع يده ثم يقتله. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد ليس له إلا القتل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قطع يد رجل فسرى القطع إلى نفسه فمات كان للولي أن يقطع يده، فإن مات وإلا قتله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد ليس له إلا القتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من وجب عليه قتل بقصاص أو كفر أو زنا والتجأ إلى الحرم قتل ولم يمنع الحرم منه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ لا يستوفى منه القصاص ولا الرجم في الحرم، ولكن لا يبايع ولا يشارى ولا يكلم حتى يخرج من الحرم وليستوفى منه القصاص منه القصاص والحد. وعند أَحْمَد يمنع من استيفاء القصاص في النفس والطرف وسائر الحدود. * * *

باب العفو عن القصاص

باب العفو عن القصاص مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في موجب قتل العمد على قولين: أحدهما الواجب أحد الأمرين من القصاص أو الدية ويتعين باختيار الولي، وبه قال أحمد. وعنه رِوَايَة أخرى كالقول الثاني فإذا عفا عن أحدهما تعيَّن الآخر وبهذا القول قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى والمؤيَّد. والقول الثاني: الواجب القود لا غير، إلا أن له أن يعفو على الدية بغير رضى الجاني فإن عفا مطلقًا سقط، وبه قال سعيد بن المسيب ومجاهد وعَطَاء وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عباس، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر أيضًا وزيد بن علي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الواجب القود وليس للولي أن يعفو على مال إلا أن يرضى الجاني وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما: هذا. والثانية يخير الولي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لولى المجني عليه أن يعفو عن القصاص. وعند مالك ليس له أن يعفو عن القتل وإنما ذلك إلى السلطان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن المسيب وعَطَاء والحسن وَأَحْمَد وإِسْحَاق للولي العفو عن القود إلى الدية سواء رضي القاتل به أو لم يرض. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يستحق الولي الدية إلا برضى القاتل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعمر وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح عفو كل من له سهم في القصاص. وعند الحسن وقتادة، والزُّهْرِيّ وابن شُبْرُمَةَ واللَّيْث بن سعد والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك في رِوَايَة لا يصح عفو النساء عن القصاص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل من لا وارث له عمدًا فللسلطان أن يقتص منه أو يأخذ الدية، وليس له أن يعفو بغير مال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له أن يعفو بغير مال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل القاتل غير ولي المقتول فلولي المقتول الثاني القصاص ولولي المقتول الأول الدية من مال المقتول الثاني، فإن عفى ولي المقتول الثاني على مال وقبض الدية فإن لم يكن على المقتول الثاني دين قبضها ولي المقتول الأول منه، وإن كان عليه دين ضمت الدية إلى ماله وضرب ولي المقتول الأول مع الغرماء بالحصص. وعند الحسن والثَّوْرِيّ يقتص من القاتل الثاني ويبطل دم الأول. وعند قتادة وأبي هاشم لا يقتص من القاتل الثاني.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع يد إنسان أو رجله أو قلع عينه فعفا المجني عليه عن القصاص فسرت الجناية إلى نفس المجني عليه لم يجب القصاص في النفس. وعند مالك يجب القصاص في النفس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عفا المجني عليه عن العين أو اليد أو الرجل ثم سرت الجناية إلى النفس، فإن كان على مال وجب له جميع الدية، وإن كان على غير مال وجب له نصف الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب له جميع الدية. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد لا شيء على الجاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قطع أصبع رجل عمدًا فقال المجني عليه: عفوت عن هذه الجناية قودها وديتها واندمل الجرح ولم يسر إلى عضو ولا نفس سقط القود والدية. وعند الْمُزَنِي لا يصح العفو عن الأرش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع أصبعه عمدًا فعفا عن الجناية وما يحدث منها فسرت إلى النفس لم يجب القصاص في النفس ولا في الأصبع. وأما أرش الأصبع فيبنى على الوَصِيَّة للقاتل، فإن صححناها سقط أرشها واستوفى منه بقية الدية وإن لم نصححها لم يسقط الأرش واستوفى منه جميع الدية. وحكى ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ في القديم أن العفو باطل، وبه قال أبو ثور. وعند الحسن وطاوس وقتادة والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك يصح عفوه، وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن كان خطأ صح العفو وكان من الثلث، وإن كان عمدًا فلا شيء للمقتول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قطع يد رجل فسرى إلى نفسه فقطع الولي يد الجاني ثم عفا عنه وبرأ يلزمه ضمان في اليد، وكذا إذا قتل رجل رجلاً فبادر الولي فقطع يد الجاني ثم عفا عنه فإنه لا يلزمه ضمان اليد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه دية اليد. وعند أَحْمَد يلزمه دية اليد عفا عنه أو لم يعفُ. وعند مالك يجب عليه القصاص فى اليد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ لا قصاص في العظام. وعند أَحْمَد وأكثر العلماء لا قصاص في العظام الباطنة وهي ما عدا الأسنان. وعند مالك يجب فيما ليست مجوفة كاليد والرجل، ولا يجب في المجوفة كالمأمومة والجائفة والمثقلة. وعند الحسن والنَّخَعِيّ والشعبي لا قصاص في العظام ما خلا الرأس. وعند أبي بكر بن

مُحَمَّد بن حزم وعبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسد وعمر بن عبد العزيز ومالك فى رِوَايَة يجب فيها القصاص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس في اللطمة قصاص. وعند شريح والمغيرة بن عبد الله والشعبي والحكم وابن شُبْرُمَةَ وحماد وأبي بكر وعثمان وابن الزبير وخالد بن الوليد فيها القصاص. * * *

كتاب الديات

كتاب الديات باب من تجب الدية بقتله وما تجب الديات من الجنايات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل سهمًا على حربي فأصابه وهو مسلم ومات وجب فيه دية مسلم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه شيء، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ القتل ثلاثة: عمد محض وخطأ محض وشبه عمد، وهو أن يقصد إلى الضرب بما لا يقتل غالبًا كالعصا الصغير والحجر الصغير إما تأديب أو غير تأديب، ويتعلَّق القصاص بالعمد المحض. وعند مالك فى إحدى الروايتين القتل نوعان: عمد محض وخطأ محض، وأما شبه العمد فلا يُتصور عنده ولا تصح هذه التسمية ويجب القود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكره رجل رجلاً على قتل رجل وقلنا لا يجب القود على المكره فللولي أن يقتل المكْرِه ويأخذ نصف الدية من المكْرَه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دية على المكرَه بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صاح على صبي أو معتوه وكان على رأس جبل فوقع ومات ضمن ديته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن ديته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهر السيف على صبي أو معتوه فزال عقله وجب ضمانه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ضمان عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فزع رجلاً فأحدث فلا شيء عليه. وعند أَحْمَد عليه ثلث الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا بعث الإمام إلى امرأة ذكرت عنده بسوء وكانت حاملاً فأسقطت جنينًا ضمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا تغفَّل بالغًا فصاح به فسقط وهلك فلا ضمان

عليه. وعند أَحْمَد يضمنه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ وبه قال أبو يوسف أنه إذا وضع رجل حجرًا فى طريق المسلمين، ووضع اثنان حجرًا لحينه فعثر بهما عابر فمات كان ضمانه بينهم أثلاثًا. وعند زفر يجب على واضع الحجر أولاً نصف الدية وعلى الآخرين نصفها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حفر العبد بئرًا في طريق المسلمين أو في ملك الغير فأعتقه سيّده فوقع فيها واقع فمات فإن الضمان يلزم العبد، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يلزم السيّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حفر بئرًا في ملك مشترك بينه وبين رجلين بغير إذنهما وتلف بها إنسان فجميع الدية على الحافر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه ثلثا الدية. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد عليه نصفها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حفر بئرًا في فناء داره ضمن ما هلك بها. وعند مالك لا يضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فرش حصيرًا في المسجد فعثر به إنسان فمات، أو علَّق فيه قنديلاً فسقط القنديل على رجل فمات. أو حفرا بئرًا للمطر فمات بها إنسان لم يضمنه الذي فرش ولا الذي علق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا فعل ذلك من هو من أهل المحلة ضمن، وإن فعله من هو ليس منهم فلا ضمان عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك في داره كلبًا عقورًا فدخلها إنسان بغير إذنه فقتله الكلب لم يضمن. وإن دخل بإذنه فقَوْلَانِ: أحدهما: لا يضمن. والثاني: يضمن. وبه قال مالك. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا بنى حائطًا في ملكه مستويًا فمال إلى الطريق وأمكنه إزالته فلم يزله فوقع على إنسان فقتله لم يضمنه. وعند مالك وابن أبي ليلى وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة يضمن، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحسن والنَّخَعِيّ إن طالبه أحد من المسلمين بنقضه وأمكن نقضه فلم ينقضه لزمه الضمان استحسانًا وإن لم يطالبه أحد بنقضه لم يضمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سقط على إنسان فقتله لم يضمن في القول القديم، وبه قال مالك، ويضمنه في القول الجديد وهو الصحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا في هذه المسألة يضمن ففي قدره قَوْلَانِ: أحدهما: نصف الدية. والثاني: بالسقط، وسواء في ذلك أصابة الطرف الذي في الهواء أو الطرف الذي في الحائط، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أصابه الطرف الذي في الهواء ضمن جميع ديته، وإن أصابه الطرف الذي في الحائط لم يضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه دابة فأتلفت إنسانًا أو مالاً بيدها أو رجلها أو ذنبها أو بالت في الطريق ضمنه، ولا فرق بين أن يكون راكبها أو سائقها أو قائدها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان سائقها ضمن جميع ذلك، وإن كان قائدها أو راكبها لم يضمن ما تتلفه برجلها أو ذنبها، ويضمن ما تتلفه بغير ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وزفر إذا اصطدم راكبان أو رجلان فماتا وجب على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر ويسقط النصف، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم، وكذا المؤيد عن الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب على كل واحد منهما كمال دية صاحبه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي وأبو طالب عن الهادي. وروى عن علي كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، وروى عنه كقول أَبِي حَنِيفَةَ ومن وافقه، وكذا الخلاف في هذه المسألة يجري فيما إذا تجاذب رجلان حبلاً فانقطع وسقطا ميتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان أحد المتصادمين حرًا والآخر عبدًا وجب نصف قيمة العبد في مال الحر في أحد القولين، وعلى عاقلته في الآخر، ويجب نصف دية الحر فى رقبة العبد وقد فاتت فينتقل ذلك إلى نصف قيمته التي تلزم الحر. وعند الحكم وحماد يعقل الحر العبد ولا يعقل مولى العبد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قعد في المسجد فعثر به عابر فمات لم يضمنه. وعند أبي حَنِيفَةَ إن جلس لغير قربة ضمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا قطع رأس ميت فلا شيء عليه سوى التعزير. وعند الْإِمَامِيَّة عليه مائة دينار لبيت المال. * * *

باب الديات

باب الديات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وزيد بن ثابت والمغيرة بن شعبة وأبي موسى وعَطَاء ومُحَمَّد بن الحسن وَأَحْمَد في إحدى الروايتين دية العمد المحض وشبه العمد مغلظة، وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون حقة في بطونها أولادها. وعند ابن مسعود والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في إحدى الراويتين وأكثر العلماء تجب أرباعًا خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وعثمان ثلاث وثلاثون حقة وأربع وثلاثون جذعة. وعند أَبِي ثَورٍ دية شبه العمد أخماس مخففة كدية الخطأ عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود ومن التابعين عمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار والزُّهْرِيّ وَمَالِك واللَّيْث والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ دية الخطأ أخماس عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون وعشرون حقة وعشرن جذعة. وعند النَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن مسعود في رِوَايَة عنه هي أخماس، إلا أنهم جعلوا مكان بني اللبون بني مخاض. وبه قال أحمد. ونقل الترمذي موافقة إِسْحَاق لأحمد، واختاره ابن المنذر. وعند علي رضي الله عنه والشعبي وإِسْحَاق والحسن البصري أرباعًا خمسًا وعشرين جذعة وخمسًا وعشرين حقة وخمسًا وعشرين بنت لبون وخمسًا وعشرين بنت مخاض. وعند عثمان وزيد أرباع فثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون. وبه قال الحسن البصري في رِوَايَة عنه. وعند مجاهد هي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وثلاثون بنات لبون وعشر بنو لبون. وعند طاوس ثلاثون حقة وثلاثون بنت مخاض وثلاثون جذعة وعشرون بنات لبون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن دية ولد الزنا كدية غيره، وعند الْإِمَامِيَّة ديته ثمانمائة درهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن المسيب وابن جبير وعَطَاء وطاوس ومجاهد وسليمان بن يسار وجابر بن زيد والزُّهْرِيّ وقتادة والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد

وإِسْحَاق دية الخطأ تتغلظ في ثلاثة مواضع: في الأشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وفي البلد الحرام، وفي قبل المحرم. وعند الحسن والشعبي وعمر ابن عبد العزيز والنَّخَعِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا تتغلظ بشيء من ذلك، هي مخففة في جميع الأحوال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تغلظ الدية بالإحرام. وعند أَحْمَد تتغلظ، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ التغليظ بالدية إنما هو بالزيادة في السن لا بالزيادة في العدد، ولا يجمع بين تغليظين. وعند أَحْمَد تتغلظ بزيادة العدد ويجمع بين تغليظين، وعند ابن عَبَّاسٍ يجمع بين تغليظين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الذمي إذا قتل مسلمًا عمدًا قتل به. وعند الْإِمَامِيَّة يدفع الذمي إلى أولياء المقتول فإن اختاروا قتله تولاَّه السلطان، وإن اختاروا استرقاقه كان رقيقًا لهم، فإن كان له مال كان لهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعورت الإبل أو وجدت إلا أنها لم تبع بثمن المثل فقَوْلَانِ: القديم: يجب على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم، وبه قال مالك وَأَحْمَد والقول الجديد إذا أعوزت الإبل رجع إلى قيمتها بالغة ما بلغت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وكذا أَحْمَد أيضًا يجوز العدول عن الإبل إلى الدارهم أو الدنانير مع وجودها ولا تتعين الإبل على الجاني حتى قال أبو حَنِيفَةَ: للدية ثلاثة أصول: مائة من الإبل، وألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، فيجوز له أن يدفع أيها شاء مع وجود الإبل ومع إعوازها، وعند الثَّوْرِيّ والحسن البصري وابن أبي ليلى وزيد بن علي وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد للدية ستة أصول: مائة من الإبل، أو ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم، أو مائتا بقرة أو ألفا شاة أو مائتا حلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعن أَحْمَد أيضًا في الحلل رِوَايَتَانِ، إلا أن أبا يوسف ومحمدًا يقَوْلَانِ: هو مخير بين الستة أيها شاء دفع مع وجود الإبل ومع عدمها. وعند الباقين لا يجوز العدول عن الإبل مع وجود غيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك دية المجوسي ثلثا عشر دية المسلم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ديته مثل دية المسلم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند عمر بن عبد العزيز ديته كدية اليهودي والنصراني وهو نصف دية المسلم عنده. وعند الْإِمَامِيَّة دية

أهل الكتاب والمجوس الذكر منهم ثمانمائة درهم والأنثى أربعمائة درهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من لم تبلغه الدعوة إذا قتله قاتل وجب فيه الدية. وعند أبي حَنِيفَةَ لا دية فيه. واختلف أصحاب الشَّافِعِيّ في قدر ديته فالأصح أنه كدية المجوسي. ومنهم من أوجب دية مسلم، ومنهم من قال إن تمسك بدين مبَّدل وجب فيه دية أهل ذلك الدين، وإن تمسَّك بدين لم يبدل وجب فيه دية مسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وعمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وزيد بن ثابت وكافة العلماء دية المرأة نصف دية الرجل. وعند أبي العالية والأصم وابن علية ديتها مثل دية الرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قوله الجديد في جراح المرأة نصف ما يجب في جراح الرجل، وبه قال علي واللَّيْث بن سعد وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. وقال في القديم: تساوي المرأة الرجل إلى ثلث الدية فإذا زاد الأرض على الثلث كانت على النصف من الرجل، وبه قال ابن عمر ورَبِيعَة وَأَحْمَد في رِوَايَة. وعند ابن مسعود وشريح وعمر في إحدى الروايتين تساوي المرأة الرجل إلى أن يبلغ أرشها خمس من الإبل، فإذا بلغ ذلك كانت على النصف من الرجل. وعند زيد بن ثابت وسليمان بن يسار تساويه إلى أن يبلغ أرشها خمس عشرة من الإبل فإذا بلغ ذلك كانت على النصف. وعند عمر وسعيد بن المسيب والزُّهْرِيّ وعمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير وقتادة وإِسْحَاق وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين تساوي المرأة الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت ذلك كانت على النصف، وبه قال زيد بن ثابت في رِوَايَة عنه. وعند الحسن البصري تساوي المرأة الرجل إلى نصف الدية، فإذا زاد على ذلك كانت على النصف من الرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة الغرة التي تجب بإسقاط الجنين عبد أو أمة قيمتها نصف عشر دية الأب أو عشر دية الأم. وعند النَّاصِر والباقر والصادق أن الواجب في ذلك مائة دينار، أو خمسمائة درهم أو عشر من الإبل. وعند حبيب بن أبي ثابت قيمتها أربعمائة درهم، وعند طاوس ومجاهد وعروة بن الزبير الغرة عبد أو أمة أو فرص. وعند ابن سِيرِينَ وهي عبد أو أمة أو مائة شاة، وعند الشعبي مائة من الغنم. وعند عبد الملك بن مروان عشرون دينارًا، فإذا كان مضغة فأربعون دينارًا، وإن كان عظمًا فستون دينارًا، فإذا كان العظم قد كسى لحمًا فثمانون دينارًا فإذا تم خلقه

ونبت شعره مائة دينار. وعند الْإِمَامِيَّة تجب في العلقة أربعون دينارًا، وفي النطفة عشرون دينارًا، وفي المضغة ستون دينارًا، وفي العظم المكسي لحمًا ثمانون دينارًا، فإن ألقته حيًا لم تنفخ فيه الروح فمائة دينار. وعند قتادة إذا كان مضغة فثلثا غرة، وإذا كان علقة فثلث غرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من أفزع رجلاً وهو مخالط لزوجته حتى عزل الماء عنها لأجل إفزاعه إيَّاه لا شيء عليه. وعند الْإِمَامِيَّة عليه عشر دية الجنين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضرب بطن امرأة فماتت ولم يخرج الجنين ضمنها ولم يضمن الجنين. وعند الزُّهْرِيّ إذا سكنت الحركة التي تجد في بطنها وجب عليه ضمان الجنين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ألقت ما لم يبنْ فيه خلق آدمي، وقال القوابل إنه مبتدأ خلق آدمي ولو ترك لتصور وهو المضغة ففي وجوب الكفارة والغرة والاستيلاد قَوْلَانِ: أحدهما: لا شيء عليه. والثاني: فيه غرة، وبه قاله مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ فيه حكومة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ضرب بطن امرأة فماتت ثم خرج الجنين منها بعد موتها ضمن الأم بديتها وضمن الجنين بالغرة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الباقر والصادق والنَّاصِر. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يضمن الجنين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيَّد وهو الصحيح عند النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضرب بطنها فأخرج الجنين رأسه وماتت ولم يخرج الباقي وجب عليه ضمان الجنين. وعند مالك لا يجب عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ضرب بطن امرأة وألقت جنينًا ولم يصرخ ولكنه تنفس أو شرب اللبن أو علمت حياته بشيء من ذلك ثم مات عقيبه، أو بقي سالمًا إلى أن مات وجبت فيه دية كاملة. وعند الْمُزَنِي إن ولدته حيًا لدون ستة أشهر لم تجب فيه الدية ووجبت فيه الغرة. وعند مالك والزُّهْرِيّ إذا لم يستهل بالصراخ لم تجب فيه الدية ووجبت فيه الغرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتلت المرأة وفي بطنها جنين وجبت ديتها ولم تجب الغرة. وعند الزُّهْرِيّ تجب الدية والغرة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ الغرة الواجبة في الجنين الحر ترثها وعند اللَّيْث بن سعد لا تورث عنه وإنما تكون لأمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جنين البهيمة إذا ألقته حيًا ثم مات قيمته مع ضمان أمه، وإن ألقته ميتًا فلا شيء عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الهادي منهم إذا ألقته ميتًا فنصف عشر قيمته. * * *

باب أروش الجنايات

باب أروش الجنايات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأكثر الفقهاء وسائر الزَّيْدِيَّة الواجب في الموضحة خمس من الإبل، وسواء كانت في الرأس أو في الوجه أعلاه أو أسفله، وسواء كانت صغيرة أو كبيرة. وعند سعيد بن المسيب إن كانت في الوجه فالواجب فيها عشر من الإبل. وعند مالك إن كانت في الأنف وفي اللحى الأسفل فيها حكومة عدل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجب في الهاشمة عشر من الإبل. واختلف أصحاب مالك، فقال ابن نصر: تجب فيها خمس من الإبل وحكومة فى كسر العظم. وقال الأبهري تجب فيها خمس عشرة من الإبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم في الجائفة ثلث الدية، وهي التي تصل إلى جوف حتى في جوف إحليل الذكر إلى مجرى البول. وعند مَكْحُول إن تعمدها وجب فيها ثلثا الدية، وإن لم يتعمدها وجب فيها ثلث الدية. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا خرق جلد الإحليل ولم تخرقه إلى مجرى البول ثلث الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا رماه بسهم فأنفذه فهي جائفتان فتجب ثلثا الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هي جائفة واحدة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في المأمومة ثلث الدية وعند مَكْحُول إن تعمدها وجب فيها ثلثا الدية، وإن لم يتعمدها وجب فيها ثلث الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ في الحارضة والدامغة والدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق الحكومة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم تجب في الحارضة والدامية والباضعة والمتلاحمة دية مقدرة. وعنده أيضًا هو والباقر والصادق والهادي في السمحاق أربعة أبعرة. وعند زيد بن ثابت في الدامغة نصف بعير، وفي الدامية بعير وفي الباضعة بعيران، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة، وفي السمحاق أربعة أبعرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ما دون الموضحة لا يبلغ به أرش الموضحة وعند الخرقي

من الحنابلة يبلغ به أرشها ولا يراد عليه. وعند مالك يبلغ ويراد أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر علماء الزَّيْدِيَّة وغيرهم ليس في الموضحة فيما عدا الرأس والوجه مقدر وإنما هو حكومة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة في الموضحة في الصدر والظهر أو الكتف خمسة وعشرون دينارًا. والموضحات كلها مقدَّرة الأرش. وعند عَطَاء الخراساني في الموضحة فيما عدا الرأس والوجه خمسة وعشرون دينارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا جنى عليه فانصبَّ منيُّه من رأس الإحليل، أو جنى على امرأة فألقت نطفة أو علقة فعليه التعزير لا غير، وبه قال زيد بن ثابت وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر والباقر والصادق منهم في انصباب المني عشرة دنانير، وفي النطفة عشرون دينارًا، وفي العلقة أربعون دينارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تجب في غير الأعور نصف الدية. وعند عمر وعثمان وعبد الله بن عمر وابن عَبَّاسٍ والزُّهْرِيّ وقتادة وعبد الملك بن مروان وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق تجب في غير الأعور كمال الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي إذا قلع الأعور عين الصحيح فعليه القود. وعند عَطَاء وسعيد بن المسيب وَأَحْمَد لا قود عليه وعليه دية كاملة، ووافقهم في ترك الدية الزُّهْرِيّ واللَّيْث وإِسْحَاق وروى ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر. وعند الحسن والنَّخَعِيّ إن شاء اقتص منه وأعطاه نصف الدية: وعند مالك إن شاء اقتص منه وتركه أعمى وإن شاء أخذ منه دية كاملة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا خلع أجفانه الأربعة لزمه دية. وعند مالك فيها حكومة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الواحد من الأجفان ربع الدية، وفي الاثنين نصفها، وفي الثلاثة ثلاثة أرباعها، وعند الشعبي في الأعلين ثلث الدية، وفي الأسفلين ثلثا الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة تجب في العين القاتمة وهي التي ذهب ضؤها وبقيت حدقتها الحكومة. وعند أبي بكر وعمر وإِسْحَاق وَأَحْمَد في إحدى الروايتين تجب ديتهما وهي ثلث دية. وعند مجاهد تجب نصف ديتها. وعند سعيد ابن المسيب تجب عشر ديتها. وعند زيد بن ثابت تجب فيها مائة دينار. وعند عمر بن

عبد العزيز يجب فيها خمسمائة دينار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع أهداب العينين ولم يقد فعليه الحكومة. وعند أبي حَنِيفَةَ تجب فيهما الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإحدى الروايتين عن مالك وعامة الفقهاء تجب في الأذنين دية وفي إحداهما نصفها وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة وعند مالك في الرِوَايَة الثانية لا تجب فيها إلا الحكومة وحكاه الخراسانيون من الشَّافِعِيَّة قولاً عن الشَّافِعِيّ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن يَحْيَى. وعند أبي بكر تجب في الأذن خمس عشرة من الإبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعلي وابن مسعود في إحدى الشفتين نصف الدية سواء في ذلك العليا أو السفلى. وعند زيد بن ثابت وسعيد بن المسيب والزُّهْرِيّ في العليا ثلث الدية وفي السفلى ثلث الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ في المارن - وهو ما لان من الأذن والأنف - الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند يَحْيَى منهم لا تجب الدية كاملة إلا إذا قطع الأنف كله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة في لسان الأخرس الحكومة. وعند النَّخَعِيّ فيه الدية. وعند قتادة وَأَحْمَد في رِوَايَة فيه ثلث الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ في لسان الصغير الذي لا يتكلم لصغره الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دية فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عباس ومعاوية الواجب في كل سن خمس من الإبل الثنايا والأضراس والرباعيات لا فضل لبعضها على بعض. وعند عمر في كل سن خمس من الإبل، وفي الأضراس بعير بعير، وروى عنه أنه كان يجعل في الضواحك خمسًا من الإبل، وفي الأضراس بعيرين بعيرين. وعند عَطَاء في الثنيتين والرباعيتين والناتئين خمس خمس، وفي الباقي بعيران بعيران. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا ضرب سنّة فاسودت ولم تذهب منفعتها ففيها الحكومة. وعند زيد بن ثابت وسعيد بن المسيب والحسن والزُّهْرِيّ وابن سِيرِينَ وعبد الملك بن مروان والنَّخَعِيّ وشريح وَمَالِك والثَّوْرِيّ واللَّيْث بن سعد وعبد العزيز بن سلمة وأَبِي حَنِيفَةَ تجب فيها الدية، ونقله بعضهم عن أَحْمَد وأكثر

العلماء وعند عمر وَأَحْمَد وإِسْحَاق تجب فيها ثلث الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلع سنّه فردّه في مكانه وثبت كان عليه قلعه، فإن لم يفعل أجبره عليه السلطان. وعند عَطَاء بن أبي رباح وعَطَاء الخراساني لا بأس بذلك. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يجب عليه قلعها. وعند مالك إذا ردّها إلى مكانها ودواها وثبتت لم يكن له قلعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلع سنّه فأخذ ديته ثم نبت لم يلزمه ردّ الدية، وعند أبي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يرد ما اقتص، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي يُوسُفَ يجب عليه ردّ ما أخذ إلا قدر حكومة الألم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. وكذا الخلاف عند الزَّيْدِيَّة وأَبِي حَنِيفَةَ فيما إذا حلق لحيته وأخذ ديتها ثم نبتت لحيته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى على سن كبير فأخذ الدية ثم نبت فقَوْلَانِ: أحدهما: يرد ما أخذ. والثاني هو الصحيح: لا يرد شيئًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد خمسمائة درهم ولا يحط عنه مقدار حكومة الألم بقلع السن الأولى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند النَّاصِر ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يحط عنه مقدار حكومة الألم بقلع السن الأولى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلع سنًا زائدة ففيها حكومة. وعند زيد بن ثابت فيها دية السن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الدية الواجبة بقطع اليدين هو إذا قطعها من الكوع واسم اليد يقع على ذلك، فإن قطعها من الذراع أو من المرفق أو المنكب وجب فيما زاد على ذلك حكومة مضافة إلى الدية. وعند أَبِي يُوسُفَ وَمَالِك وَأَحْمَد لا تجب فيه شيء وتتبع الدية. وعند ثعلب اليد التي تجب بقطعها الدية هي اليد من المنكب، وبه قال أبو عبيد بن حربويه من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا ضرب رجل رجلاً عمدًا أو خطأ فقطع أنفه وشفتيه وأذهب عينيه ويده ورجله ومات من ذلك لزمته دية واحدة، وإن عاش وكان بضربات مختلفة لزمه لكل جراحة ديتها وأرشها، وكذا إن كان بضربة واحدة فإنه يلزمه لكل جراحة ديتها وأرشها. وعند مالك إن كان بضربة واحدة ولم يمت لزمته دية واحدة، وإن كان خطأ وإن كان عمدًا وجب لكل جراحة أرشها وديتها.

وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة تجب للجميع دية واحدة سواء كان ذلك عمدًا أو خطأً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وعلي وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وزيد ابن ثابت وعامة العلماء الأصابع كلها سواء لكل أصبع عشر من الإبل. وعند عمر رِوَايَتَانِ: هذه إحداهما، والثانية هي متفاضلة ففي الخنصر ست من الإبل وفي البنصر سبع، وفي الوسطى عشر، وفي السبابة اثنتا عشرة، وفي الإبهام ثلاث عشرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وزيد بن ثابت لكل أصبع ثلاث أنامل لكل أنمله ثلاثة أبعرة وثلث، وللإبهام أنملتان لكل أنمله خمس من الإبل. وعند مالك في إحدى الروايتين للإبهام أيضًا ثلاث أنامل واحدة باطنة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة تجب في كل أصبع مائة دينار، إلا الإبهام فإنها إذا قطعت من الأصل وجب فيها ستة وستون دينار لأنها ثلاثة مفاصل ثلثها في الكف، وعند سائر الزَّيْدِيَّة لها مفصلان في كل مفصل نصف الدية من غيرها من الأصابع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة الواجب في اليد الشلَّاء حكومة وعند عمر ومجاهد وإِسْحَاق وأبي بكر في إحدى الروايتين عن أَحْمَد تجب فيها ثلث ديتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كسر يده فجبرها وعادت صحيحة لزمه حكومة وعند عمر يلزمه حقتان. وعند شريح يلزمه أجرة الطبيب وقدر ما شغله عن ضيعته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى على الظفر فاسود وأعوز وجب فيه حكومة. وعند ابن عبَّاس وَأَحْمَد وإِسْحَاق تجب فيه خمس دية الأصبع. وعند مجاهد إذا أعوز فيه ناقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قطع الأصبع الزائدة الحكومة. وعند زيد بن ثابت فيها ثلث دية الأصبع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطعت اليد وجب فيها نصف الدية. وعند قتادة يجب فيها دينار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع الرجل من الساق أو الفخذ لزمه الدية أو الحكومة. وعند قتادة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ يلزمه الدية دون الحكومة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة يجب في ذكر الخصي والصبي دية كاملة. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى تجب في ذلك الحكومة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وزيد بن ثابت الواجب في قطع الأنثيين الدية، وفى إحداهما: نصفها، وبه قال سائر العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم. وعند سعيد بن المسيب تجب في قطع اليسرى ثلثا الدية، وفي قطع اليمنى ثلثها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع الذكر والأنثيين وجب فيهما ديتان، سواء قطعهما دفعة واحدة، أو قطع إحداهما بعد الأخرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قطعهما دفعة واحدة، أو قطع الذكر أولًا وجب فيهما ديتان، وإن قطع الأنثيين أولًا وجب فيهما الدية وفي الذكر حكومة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قطع يدي الرجل حكومة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق فيه دية كاملة. ومن الشَّافِعِيَّة من حكى هذا قولاً عن الشَّافِعِيّ. وعند زيد بن ثابت تجب فيه ثمن الدية. وعند الزُّهْرِيّ في حلمتي الرجل خمس من الإبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفضى زوجته بالوطء أو بغيره وجب عليه الدية والمهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يلزمه المهر ولا تلزمه الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكره الأجنبية على الوطء وأفضاها لزمه الحد ومهر المثل والدية للإفضاء، وإن استرسل البول وجب عليه الحكومة مع دية الإفضاء. وعند زيد في الإفضاء الدية. وعند قتادة وابن عمر في الإفضاء ثلث الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن جريج والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد لا يجب المهر، وأما الإفضاء فإن لم يستمسك البول فعليه الدية وإن استمسك فعليه ثلثها. وعند حماد يحكم به ذو عدل. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة مهر الثلث والحد وثلث الدية وإن استمسك البول. وعند سائر الزَّيْدِيَّة عليه الحد ونصف المهر وثلث الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طاوعته على الزنا فأفضاها فلا مهر لها ولا أرش بكارة إن كانت بكرًا، وعليه دية الإفضاء، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وعمر وَأَحْمَد لا يلزمه المهر ولا دية الإفضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وطئها بشبهة أو في عقد فاسد فأفضاها وجب عليه المهر والدية، فإن استمسك البول وجب عليه الحكومة مع ذلك، وإن كانت بكرًا ففي دخول أرش البكارة في الدية وجهان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن استمسك البول فعليه المهر

وثلث الدية، وإن استرسل البول فعليه الدية ودخل فيها المهر. وعند مُحَمَّد يجب المهر والدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقبض رجل امرأة بأصبعه أو بعود فعليه أرش البكارة وإن أقبضت امرأة امرأة بيدها، فإن كانت أمة فعليها أرش ما نقضت نزول البكارة، وإن كانت حرة فعليها حكومة. وعند ابن المنذر أن حكم الرجل كذلك، واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. وعند الزُّهْرِيّ وعلي وشريح وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وعبد الملك ابن مروان عليها صداقها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وزيد بن ثابت وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجب في إتلاف شيء من الشعور الدية، وإنَّما تجب الحكومة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَأَحْمَد في شعر اللحية والرأس والحاجبين وأهداب العين في كل واحد منها دية إذا لم تنبت هذه الشعور بعد إتلافها، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند سعيد بن المسيب والحسن وشريح وقتادة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ في الضلع إذا كسر حكومة، وكذا في الزند والعضد والذراع والفخذ. وعند أَحْمَد في الضلع بعير، وفي الزند والذراع والعضد والفخذ في كل واحد منها بعيران. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ على المشهور من مذهبه أن الواجب في الترقوة حكومة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وسائر الزَّيْدِيَّة، واختاره الْمُزَنِي. وله قول آخر أن الواجب فيها جمل، وبه قال عمر وابن المسيب وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند النَّاصِر والصادق من الزَّيْدِيَّة تجب في الترقوة أربعون دينارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ضرب إنسانًا حتى أحدث فعليه التعزير ولا قصاص ولا دية. وعند عثمان وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومروان بن الحكم أنه تجب ثلث الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوضح رأسه فأذهب عقله لزمه أرش الموضحة ودية العقل فى القول الجديد، وبه قال مالك وَأَحْمَد، وفي القول القديم يدخل أرش الجناية، فإن قطع يديه ورجليه فذهب عقله دخل دية العقل في دية الرجلين واليدين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوضحه فتناثر شعر رأسه ولحيته على وجه لم ينبت لزمه أرش الموضحة مع حكومة الشعر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه

أرش الموضحة مع دية الشعر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وكذا الخلاف فيما إذا حلق لحيته على وجه لا ينبت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا لطم وجه فاحمر أو اخضر أو اسود فلا شيء عليه سوى التعزير. وعند الْإِمَامِيَّة عليه في الاحمرار دينارًا ونصف، وفي الاخضرار والاسوداد ثلاثة دنانير، وأرشها في الجسد على النصف من أرشها من في الوجه، وأرشها في الوجه بحساب ما ذكروه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ضرب صدغ الرجل فلم يستطع الالتفات يمينًا وشمالاً ولا خلفًا، أو رضَّ صدره وأثنى سقاه أو أثنى الصدر والكتفان أو أثنى أحد الكتفين مع الساق الآخر ففي جميع ذلك الحكومة. وعند النَّاصِر والصادق والباقر من الزَّيْدِيَّة في ضرب الصاع إذا لم يستطع ما ذكر الدية. وفي رضّ الصدر وانثناء الساقين خمسمائة دينار، وفي انثناء الصدر والكتفان ففيهما جميعًا ألف دينار، وفي انثناء أحد الكتفين الآخر خمسمائة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قلع أصابع يد رجل خطأ ثم قطع ما بقي من الكف خطأ قبل البدء وجب على عاقلته دية البرء لا غير، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند مالك تجب دية الأصابع منفردة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل حر عبدًا أو أمة لغيره وجب عليه قيمتها، سواء بلغت دية حر أو أكثر أو أقل، وسواء قتله عمدًا أو خطأ، وسواء ضمنه باليد أو بالجناية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وزفر وزيد بن علي وَأَحْمَد في رِوَايَة ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد وأبو العبَّاس وأبو طالب ويَحْيَى أيضًا إن ضمن بالجناية ضمنه بقيمته بالغة ما لم تبلغ دية حر، وإن بلغت ذلك أو أكثر نقص من دية الحر عشرة دراهم، وإن ضمن باليد ضمنه بقيمته بالغة ما بلغت وإن زاد على دية الحر كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن المسيب وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والخرقي من الحنابلة أطراف العبد مضمونة بالجناية من قيمته فيجب بقطع يديه جميع قيمته وفي إحداهما نصف قيمته، وكذا جميع أطرافه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه. والثانية: ما لا منفعة فيه كالأذنين واللحية والحاجبين فإن فيه ما نقص من قيمته. والشَّافِعِيّ يوافقه على الحاجبين في العبد، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يخالف الشَّافِعِيّ في الحاجبين

من الحر. وعند مالك وأبي بكر الخلَّال من الحنابلة وَأَحْمَد في رِوَايَة يضمن بما نقص من قيمته إلا الموضحة والمثقلة والمأمومة والجائفة فإنه يضمن بجزء قيمته. وعند مُحَمَّد بن الحسن وداود وأهل الظاهر يضمن جميع أطرافه وجراحاته بما نقص من قيمته بكل حال. وحكاه الخراسانيون من الشَّافِعِيَّة قولاً عن الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قطعت يد العبد ثم أعتق ومات من السراية فهي مضمونة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن السراية وللسيد قيمة اليد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ويضمن يد حر ويكون للسيد منها نصف قيمته وما بقي فلورثة العبد. وعند أَحْمَد يضمن بقيمته ويكون للسيّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت قيمة العبد تزيد على دية الحر فأتلف منه ما يقابل كمال القيمة كاليدين ونحوهما ثم أعتق ومات وجب فيه دية حر. وعند أَحْمَد يجب ضمان القيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا قتل العبد حرًا، أو عبدًا، أو جنى خطأ أو عمدًا واختار الولي الدية فسيد العبد بالخيار إن شاء فداه وإن شاء سلمه إلى ولي الدم فيكون ملكًا له أو إلى المجني عليه فيكون ملكًا له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وكذا أَحْمَد لا يملك المجني عليه العبد بجناية العمد والحكم فيه كالحر إما القصاص وإلا العفو على مال. وعند مالك يملك المجني عليه، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ والحسن البصري وقتادة الواجب في جنين الأمة إذا كان مملوكًا عشر قيمة أمه سواء كان ذكرًا أو أنثى. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إن كان الجنين ذكرًا فنصف عشر قيمته، وإن كان أنثى وجب فيه عشر قيمتها، فاعتبره بنفسه ولم يعتبره بأمه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم. وعند النَّاصِر ويَحْيَى منهم يجب نصف عشر قيمته. وعند النَّخَعِيّ فيه نصف عشر ثمن أمه. وعند سعيد بن المسيب يجب فيه عشرة دنانير. وعند حماد الواجب فيه جمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع يد عبد ثم أعتق وسرت الجناية إلى نفسه ومات لزمه دية حر للسيد منها نصف قيمته، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب ما زاد على نصف القيمة. * * *

باب العاقلة وما تحمله من الديات

باب العاقلة وما تحمله من الديات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تحمل العاقلة دية الخطأ. وعند أبي بكر الأصم وابن علية والخوارج لا تحمل العاقلة الدية بل تكون في مال القاتل. وعند قتادة وعلقمة وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وعثمان البتي وأَبِي ثَورٍ والحارث العكلي دية الخطأ المحض على العاقلة، ودية عمد الخطأ في مال القاتل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تحمل العاقلة الدية وما دونها في أصح القولين، وبه قال عثمان البتي ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي والمؤيَّد، ولا تحمل ما دون الدية في القول الآخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والثَّوْرِيّ تحمل أرش الموضحة فما زاد ولا تحمل ما دون ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وعند سعيد بن المسيب وَمَالِك وعَطَاء وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأكثر العلماء تحمل العاقلة نصف الدية ولا تحمل ما دون ذلك، وهو قول قديم للشافعي. وعند الزُّهْرِيّ تحمل العاقلة ما فوق ثلث الدية ولا تحمل ثلث الدية فما دونه. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في غرة الجنين هل تحملها العاقلة فيه قَوْلَانِ: الجديد تحملها والقديم لا تحملها، وبه قال مالك. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في قيمة العبد إذا قتله الحر خطأ أو عمد خطأ، أو جنى على طرفه خطأ أو عمد خطأ هل تحمله العاقلة؟ على قولين: أحدهما: لا تحمله العاقلة، وبه قال مالك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور وأبو يوسف ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والثاني: تحمله العاقلة، وبه قال الزُّهْرِيّ والحكم وحماد وأبو حَنِيفَةَ ومحمد وسائر الزَّيْدِيَّة، واختاره الْمُزَنِي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تحمل العاقلة بدل أطرافه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ َوَأَحْمَد في رِوَايَة إذا قتل شخص نفسه خطأ أو عمد خطأ، أو جنى على طرف نفسه خطأ أو عمد خطأ، كان ذلك هدرًا. وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق تحمل العاقلة ذلك، فإن كان طرفًا كان بدله له، وإن كان نفسًا كان لوارثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تحمل العاقلة جناية العمد المحض سواء كانت في النفس أو الطرف وجب فيها القصاص أو لا تجب. وعند مالك والحكم وقتادة إن كانت لا قصاص فيها مثل الهاشمة والمنقلة والمأمومة حملتها العاقلة إن كانت عمدًا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ جناية العمد المحض يجب أرشها حالاً في مال الجاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ مؤجَّلاً في ثلاث سنين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذاكان القتل عمدًا لا يجب به القود بحال الوالد ولده والجائفة والمأمومة، وما دون الموضحة وجبت عليه الدية مغلَّظة في مال حاله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب مؤجَّلة في ثلاث سنين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دية عمد الخطأ مؤجَّلة على العاقلة في ثلاث سنين. وعند ابن سِيرِينَ هي حالة في مال العاقل. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ. والثانية أن هذا النوع من العمد المحض، ولا يعرف عمد الخطأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الدية تجب على العاقلة مؤجلة في ثلاث سنين. وعند بعض الناس تجب حالة. وعند رَبِيعَة تجب مؤجَّلة في خمس سنين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تحمل العاقلة الدية في ثلاث سنين من يوم القتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ من يوم حكم الحاكم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد والهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ دية الجنين تقسم في ثلاث سنين، وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقسم في سنتها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سية المرأة والذمي مؤجَّلة في ثلاث سنين في أحد القولين، وبه قال أحمد. وفي القول الثاني دية الذمي في سنة والمرأة في سنتين في الأولى ثلثاها وفي الثانية ما بقي، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. ولا يتصور الخلاف معه في الذمي لأن عنده ديته كالمسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرّ بجناية الخطأ لزمته الدية في ماله. وعند أَبِي ثَورٍ لا يلزمه شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تحمل العاقلة بدل الأموال. وعند عَطَاء تحمل ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قطع يده خطأ ثم قتله قبل البرء وجب دية واحدة على عاقلته. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة تجب على عاقلته دية اليد والنفس جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة: العاقلة هم العصبة ولا يدخل فيهم أبو الجاني ولا جده وإن علا، ولا ابنه ولا ابن ابنه وإن سفل، وعند مالك العاقلة قرابة

الرجل من قبل أبيه. وادَّعى الترمذي أن هذا أيضًا مذهب الشَّافِعِيّ. وعند مالك أيضًا وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يدخلون فيهم. وعند بعض العلماء أن الدية على الرجال دون النساء والصبيان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يحمل العاقل مع العاقلة شيئًا من الدية، وعند أبي حَنِيفَةَ وبعض المالكية هو كأحدهم. وعند بعض المالكية هو مستحب وليس بواجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحمل المولى من أسفل وهو المنعم عليه بالعتق عن المولى من أعلى في أحد القولين، وبه قال أَحْمَد وأكثر العلماء، ويحمل في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والمالكية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعقل العديد، وهو الرجل القريب الذي يدخل في قبيلة ويعد منهم، ولا يحمل الحليف، وهو أن يحالف رجل رجلاً على أن ينصر أحدهما الآخر ويعقل أحدهما عن الآخر ويرث أحدهما الآخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أن الحليف إذا لم يكن للقاتل قرابة من النسب فإنه يرث ويعقل، ووافق أبو حَنِيفَةَ الشَّافِعِيّ على أن العديد لا يعقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن هل الديوان من غير العصبات لا يعقلون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا حرث الإمام الناس وجعلهم فرقًا يجب بذلك عريف فرقة، فإذا جنى واحد من أهل تلك الفرقة خطأ أو عمد خطأ حمل أهل ديوانه من أهل فرقته عنه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان والمعتمد موافقة أَبِي حَنِيفَةَ، ونقل عنه الشاشي موافقة الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان هناك رجل مجهول في النسب فانتسب إلى قبيلة وأمكن صدقه وصادقوه على ذلك ثبت نسبه منهم وعقلوا عنه. ولو قال جماعة من الناس سمعنا أنه ليس منهم وشهدوا بذلك لم ينتف نسبه بذلك. وعند مالك ينتفى نسبه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يعقل الذمي عن الذمي سواء كانا على ملة واحدة أو على ملتين كاليهودية والنصرانية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة يعقل ذمي عن ذمي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الفقير الذي لا يملك ما يكفيه على الدوام لا يحمل العقل وإنما يحمل العقل الغني والمتوسط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر

العلماء الفقير يحمل العقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ما يجب على الغني نصف دينار وعلى المتوسط ربع دينار، وعند أَبِي حَنِيفَةَ أكثر ما يجعل على كل واحد من الموسر أو المتوسط أربعة دراهم ولا حد لأقله. وعند مالك وَأَحْمَد يحمل كل واحد منهم قدر طاقته بحيث لا يضر به ولا يتعذَّر. وحكى أبو ثور عن مالك أنه يجب على كل واحد منهما ربع دينار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات واحد منهم بعد الحول وهو موسر لم يسقط عنه بل يجب قضاؤه من تركته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط عنه بموته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يقدَّم في العقل من العصبات الأقرب والأقرب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقسم على القريب والبعيد منهم ولا يقدَّم القريب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض العاقلة في البلد وبعضهم غائب في بلد آخر وهم درجة واحدة وفي الحاضرين سبعة فقَوْلَانِ: أحدهما أن الحاكم يقسم الدية على الحاضرين دون الغائبين، وبه قال مالك. والثاني: يقسّم الدية على الجميع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض العاقلة في البلد وبعضهم في إقليم آخر لم يعقل عنه من ليس معه في البلد، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعقل الجميع الحاضر والغائب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والزَّيْدِيَّة إذا كان العاقل بمكة وعاقلته بخراسان كانت الدية عليهم، فإن جعل قاضي مكة الدية على أهل مكة ولم ينتظر الغائبين من عاقلته جاز. وعند سائر العلماء لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك أهل الميراث لا يحملون في جملة العاقلة من غير سبب، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعقلون عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنت أم الولد فإن أرش جنايتها على السيّد فيفديها بأقل الأمرين من قيمتها أو الأرش، وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يفديها بالأرش بالغًا ما بلغ. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يفديها بقيمتها. وعند أَبِي ثَورٍ وداود يكون في ذمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنت أم الولد ثانيًا لزم السيّد أن يفديها أبدًا كلما جنت في أحد القولين، وبه قال مالك وفي القول لا يلزمه أن يفديها إذا جنت ثانيًا بل شارك

الثاني المجني عليه أولاً إلا أن يكون قد فداها في الجناية الأولى بأقل من قيمتها فيلزمه حينئذٍ بما قيمتها، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما أن الجناية الثانية كالجناية الأولى. والثانية تكون الجناية الثانية في ذمتها تتبع بها أعتقت، وإذا لم يتخللها فداء وجبت قيمة واحدة بين الجميع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل من لا عاقلة له عقل عنه بيت المال، وعند الحسن تكون جنايته على نفسه. وعند أَحْمَد تكون هدرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة من اتخذ جسرًا أو قنطرة على نهر في شارع أو أصلح جادة الطريق من غير إذن الإمام ونحوه ضمن ما يحصل منه وتحمله العاقلة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ضمان في ذلك. * * *

باب اختلاف الجاني وولي الدم

باب اختلاف الجاني وولي الدم مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رجل عضو رجل ثم اختلفا فقال الجاني قطعته وهو أشل وقال المجني عليه قطعته وهو سليم فطريقان: إحداهما قَوْلَانِ: أحدهما: القول قول الجاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني: قول المجني عليه، وبه قال أحمد. والثانية: إن اختلفا في الأعضاء الظاهرة كاليد والرجل وما أشبههما فالقول قول الجاني، وإن اختلفا في الأعضاء الباطنة فالقول قول المجني عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدَّ ملفوفًا نصفين ثم اختلف الجاني والولي فقال الجاني كان ميتا، وقال الولي كان حيًّا فقَوْلَانِ: أحدهما القول قول الولي. والثاني: وهو المنصوص القول قول الجاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. * * *

باب كفارة القتل

باب كفارة القتل مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ تجب الكفارة بقتل العمد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي والمؤيَّد والقاسم، وأشار إليه النَّاصِر. وعند مالك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأبي ثور لا تجب الكفارة في قتل العمد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي، وكذا الهادي أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل عبدًا لنفسه أو لغيره، أو قتل ذميًا أو معاهدًا وجبت عليه الكفارة. وعند مالك لا كفارة في ذلك كله. وعند الحسن لا تجب الكفارة في قتل الذمي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب عليه الكفارة في ماله بقتل نفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب عليه، وبه قال بعض الخراسانيين من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعمر والزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ والحسن والحكم إذا ضرب بطن امرأة فألقت من ضربته جنينًا ميتًا وجب عليه الكفارة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يلزمه بذلك كفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب الكفارة بالقتل بالمباشرة والأسباب، كحفر البئر وغيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب الكفارة بالقتل بالأسباب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان القاتل صبيًا أو مجنونًا أو كافرًا وجبت عليهم الكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا كفارة عليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل جماعة واحدًا وجب على كل واحد منهم كفارة. وعند عثمان البتي تجب كفارة واحدة، ونقله بعض الشَّافِعِيَّة عن الشَّافِعِيّ قول آخر. * * *

كتاب الإمامة وقتال أهل البغي

كتاب الإمامة وقتال أهل البغي مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يجب نصب الإمام. وعند عبد الرحمن بن كيسان الأصم لا يجب نصب الإمام، ويجوز ترك الناس أجنافًا يلتطمون إسلافًا واختلافًا. وعند بعض المتكلمين إذا تكاف الناس عن الظلم فلا يجب نصب الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجوز الخروج عن طاعة الإمام. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن المحارب للإمام فاسق يجب البراءة منه وقطع موالاته ولا تنتهي معصيته إلى الكفر. وعند جماعة من أصحاب الحديث أن الباغي مجتهد وخطأه يجري مجرى الخطأ في سائر الخطأ. وعند الْإِمَامِيَّة حكمه حكم من حارب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخرج عن طاعته فيحكم عليه بالكفر ولا يمنع التوارث ولا يغنم ماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء الطريق لمعرفة الإمام النص أو الدعوة أو القهرية، وعند الزَّيْدِيَّة الطريق إلى ذلك النص أو الدعوة لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وأكثر الزَّيْدِيَّة لا يجوز إمامان في عصر واحد. وعند بعض الزَّيْدِيَّة يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ظهر الأفضل وقد تقدمت ولاية المفضول لم يجب عليه تسليم الأمر إلى الأفضل، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة والمعتزلة والفقهاء. وعند النَّاصِر والقاسم منهم يجب عليه تسليم الأمر إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر الزَّيْدِيَّة أن قول الإمام بانفراده لا يكون حجة. وعند الداعي من الزَّيْدِيَّة والْإِمَامِيَّة أنه حجة لا يجوز خلافه، وهو الصحيح من مذهب النَّاصِر.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يشترط أن يكون الإمام معصومًا، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة وهو الصحيح من مذهب النَّاصِر منهم. وعند الْإِمَامِيَّة يشترط ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي والنَّاصِر أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فسق الإمام فهل ينعزل؟ وجهان فإن قلنا ينعزل فتاب فهل يعود؟ وجهان: وعند الزَّيْدِيَّة تعود ولايته بالتوبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسره البغاة، فإن كان يرجو الخلاص فهو على إمامته، وإن لم يرجُ وكانت ولاية البغاة لا إمام لهم فهو على إمامته، وإن كان لهم إمام خرج الأسير عن الإمامة إن آيس من خلاصه، وإن خلص بعد ذلك لم يعد إلى الإمامة. وبه قال المؤيَّد من الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يعود إلى الإمامة، وبه قال القاسم منهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يبدأ الإمام البغاة بالقتال حتى يراسلهم ويسألهم ما ينقمون، فإن ذكروا مظلمة ردَّها وإن ذكروا شبهة كشفها وبين لهم وجه الصواب، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبدؤهم بالقتال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الباغي يقتل للدفع، وعند الزَّيْدِيَّة يقتل للبغي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما أجلب به البغاة على أهل العدل لا يغنم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة مُحَمَّد بن عبد الله. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يغنم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انهزم أهل البغي وتركوا القتال لم يتبعوا ولم يجز قتلهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا انهزموا إلى فئة ومدد ليستعينوا بهم جاز اتباعهم وقتلهم، وبه قال أبو إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أسر أهل العدل من أهل البغي من هو من أهل القتال حبس ما دامت الحرب قائمة، فإن انقضت أو انهزموا إلى فئة خلّى من الأسر. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يخلى ولا يجوز قتله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز قتله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن المأسور من أهل القتال كالشيخ الذي لا قتال فيه أو المجنون أو الصبي أو العبد أو المرأة لم يحبسوا. وعند بعض أصحابه يحبسوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ليس للإمام أن يستعين بأهل الذمة على قتال أهل البغي إلا أن يكون به ضعفًا ومعه منعة يمنعونهم من قتلهم مدبرين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز للإمام أن يستعين بأهل الذمة على قتال أهل البغي على الإطلاق.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف أهل البغي على أهل العدل مالاً عند قيام الحرب فقَوْلَانِ: القديم يجب عليهم الضمان، وبه قال مالك. والقول الجديد لا يلزمهم الضمان، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وهو الأصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز لأهل العدل الانتفاع بسلاح أهل البغي وبكراعهم بحال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز لهم ذلك إذا كان الحرب قائمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نصب أهل البغي قاضيًا وكان لا يرى استباحة دم أهل العدل وأموالهم صح حكمه ونفذ قضاؤه إذا كان ممن يجوز أن يكون قاضيًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان القاضي من البغاة لم يجز قضاؤه، وإن كان من أهل العدل جاز قضاؤه. وبناه على أصله وهو أن البغاة يفسقون ببغيهم. وعند الشَّافِعِيّ لا يفسقون. وعند أَبِي يُوسُفَ وزفر لا ينفذ قضاؤه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب قاضي أهل البغي إلى قاضي أهل العدل فالمستحب أن لا يقبله استهانة له وإن قبله جاز، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز قبوله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انفرد أهل البغي بدار وباينوا الإمام وارتكبوا ما يوجب الحد وحصل معهم أسير من أهل العدل أو تاجر وارتكب فيها ما يوجب الحد، ثم ظهر عليهم الإمام أقام عليهم حدود ما ارتكبوا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليهم الحد ولا على الأسير ولا التاجر الذي دخل إليهم من أهل العدل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قتل الباغي قتيل صلى عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قتل في المعترك لم يصلّ عليه. * * *

باب حكم المرتد

باب حكم المرتد مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة لا تصح ردة الصبي، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَمَالِك في الظاهر عنه تصح ولكن لا يقتل بها حتى يبلغ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ تصح ردة السكران. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح ردة السكران ولا إسلامه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أكره على التلفظ بكلمة الكفر فقالها وقصد بها الدفع عن نفسه ولم يعقد الكفر بقلبه لم يحكم بردته ولم تبن منه امرأته. وعند أَبِي يُوسُفَ يحكم بردته وتبن منه امرأته استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعلي والحسن والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث ومالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تقتل المرأة بالردة سواء كانت حرة أو أمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد ويَحْيَى. وعند قتادة والحسن لا تقبل وتسترقَّ وبه قال على في إحدى الروايتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة ومن الزَّيْدِيَّة القاسم لا تقتل بل تحبس وتضرب حتى تسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ارتدت المرأة ولحقت بدار الحرب لم يجز استرقاقها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسبى وتسترق، وإن كانت أمة أجبرها سيدها على الْإِسْلَام، ويروى ذلك عن ابن عباس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلى يستتاب المرتد قبل أن يقتل، وعند الحسن البصري وطاوس وعبيد بن عمير لا يستتاب وبقتل في الحال. وعند عَطَاء إن كان مسلمًا في الأصل فلا يستتاب، وإن كان أسلم عن كفر ثم ارتد استتيب وعنه كقول الشَّافِعِيّ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ استتابة المرتد واجبة أو مستحبة؟ قَوْلَانِ: وبالأول قال مالك َوَأَحْمَد ومن الزَّيْدِيَّة الهادي والنَّاصِر. وبالثاني قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سواء قلنا الاستتابة واجبة أو مستحبة ففي مدتها قَوْلَانِ: أحدهما: يستتاب في الحال ونصره الشَّافِعِيّ. والثاني: يستتاب ثلاثة أيام، وبه قال عمر

وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وكافة الزَّيْدِيَّة. وعند علي يستتاب شهرًا. وعند الزُّهْرِيّ يستتاب ثلاث مرات في حالة واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستتاب ثلاث مرات في ثلاث جمع. وعند النَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ يستتاب أبدًا أو يحبس إلى أن يموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم المرتد صح إسلامه وحقن دمه ولم يقتل. وعند بعض الناس إذا أسلم لم يحقن دمه بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة تقبل توبة الزنديق. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا تقبل توبتة ولا يحقن دمه بذلك وهي إحدى الروايتين عن أَبِي حَنِيفَةَ، وفي الرِوَايَة الأخرى عنه كقول الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم ثم ارتد وتكرر منه ذلك قبل منه الْإِسْلَام ولم يقتل. وعند إِسْحَاق يقتل في الثانية ولا يقبل منه الْإِسْلَام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تكرر منه الكفر والْإِسْلَام فإنه يعزَّر في المرة الثانية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعزَّر في المرة الثالثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد على شخص بالردة وأنكر ذلك لم يكن إنكاره توبة ما لم يتلفظ بالشهادتين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إنكاره توبة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للأجنبي قتل المرتد من غير إذن الإمام، وبه قال كافة العلماء وأكثر الزَّيْدِيَّة. وعند المؤيَّد منهم لا يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في زوال ملك المرتد عن ماله ثلاثة أقوال: أحدها لا يزول، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومُحَمَّد واختاره الْمُزَنِي. والثاني: يزول وهو الأصح، وبه قال مالك. والثالث: مراعى، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات المرتد وقتل على الردة فإن بقي من ماله بعد قضاء ديونه وأرش جناياته ونفقة زوجاته شيء صرف ذلك إلى بيت المال فيئًا للمسلمين. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يرث عنه ورثته المسلمون جميع أمواله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرث عنه ورثته المسلمون ما اكتسبه في حال الْإِسْلَام، وما اكتسبه بعد الردة لا يورث عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لحق المرتد بدار الحرب لم يقسَّم ماله بين ورثته ولا يعتق مدبَّره ولا أم ولد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقسَّم ماله بين ورثته وتعتق أم ولده ومدبره.

فإن رجع إلى الْإِسْلَام لم ينقض من هذه التصرفات شيء إلا أن يكون عين ماله قائمة فى يد ورثته فيأخذه منهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انتقل الكافر من ملة إلى ملة لم يقر عليها. وعند مالك يقر عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز استرقاق ولد المتولد بين المرتدين في أحد القولين، وبه قال مالك. ويجوز في القول الآخر، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن ولد في الْإِسْلَام لم يجز استرقاقه، وإن ولد في دار الحرب جاز استرقاقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى المرتد جناية لم يجب ضمانها وإن رجع إلى الْإِسْلَام. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن رجع إلى الْإِسْلَام عقلت جنايته وإن قتل على الردة لم تعقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الفقهاء للسحر حقيقة، وهو أن الساحر يوصل إلى بدن المسحور ألمًا يموت منه أو يغير عقله ويفرّق فيه بين الزوجين. وقد يكون السحر قولاً كالرقية. وقد يكون فعلاً كالتدخين. وعند المغربي من أصحاب داود لا حقيقة للسحر، وإنما هو خيال يخيل للمسحور، وبه قال أبو جعفر الإستراباذي من الشَّافِعِيَّة. وعند الحنفية إن كان شيء يصل إلى بدن المسحور كالدخان جاز أن يحصل منه ذلك، فأمَّا إن يحصل الموت أو المرض من غير أن يصل إلى بدنه شيء فلا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تعلُّم السحر وتعليمه ليس بكفر وهو حرام. وعند مالك تعلمه كفر. وعند الحنفية إن اعتقد أن الشيطان يفعل له ما شاء فهو كافر، وإن اعتقد أنه تخييل وتمويه لم يكفر. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق لا يكفر ويجب قتله. ولا خلاف بين العلماء أنه إذا اعتقد إباحيته كفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال الساحر: أنا أحسن السحر ولا أفعله فلا شيء عليه. وعند مالك يكون كافرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا ارتد أهل بلد جرى حكمهم فيه صاروا دار حرب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصير دار حرب إلا بثلاثة شروط: أن يجري حكمهم فيه. وأن لا يبقى فيه مسلم. وتكون متاخمًا لدار الحرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تجبَّر المرتدون بدار ثم أسلموا وقد أتلفوا نفسًا أو مالاً لزمهم الضمان وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمهم ذلك.

باب صول الفحل

باب صول الفحل مسألة: عند الشافعي ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وكذا مالك في المضطر إذا صال عليه فحل لإنسان فقتله دفعًا عن نفسه لم يضمنه، وكذا إذا صال عليه صبي أو مجنون فقتله دفعًا عن نفسه لم يضمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له القتل ويضمن في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عضَّ رجل يد رجل فانتزع المعضوض يده فبدرت ثنية العاض أو انكسرت فلا شيء على المعضوض. وعند ابن أبي ليلى وَمَالِك يلزمه ضمانها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اطَّلع رجل أجنبي على بيت رجل فنظر إلى حريمه فله رمي عينه بما يفقؤها من حصاة أو شيء خفيف، فإذا رماها فلا ضمان عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يرميه بذلك، فإن فعل وفقأ عينه لزمه الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أفسدت ماشيته زرع قوم بالليل ضمنه صاحبها، وإن أفسدته بالنهار لم يضمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ضمان عليه سواء أفسدت بالليل والنهار إذا لم يكن معها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت يد صاحب الماشية عليها أو يد غيره عليها إما أجير أو مستأجر لها أو مستعير لها أو مودعة عنده أو مغصوبة عنده فأتلفت شيئًا بيدها أو رجلها أو نابها فضمان ذلك على من كانت به عليها سواء كان ذلك ليلاً أو نهارًا، وسواء كان راكبًا لها أو سائقًا لها أو قائمًا أو راكبًا لدابة وسائقًا لغيرها، أو كان معه قطار يقوده أو يسوقه فعليه ضمان ما يتلف الجميع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إن كان سائقًا فكذلك يضمن، وإن كان راكبها أو قائدها ضمن ما تتلفه بيدها أو بفيها، ولا يضمن ما تتلفه برجلها أو بذنبها. وعند مالك لا ضمان في الأحوال كلها. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان الموت معلومًا مثل الواقع في نار لا ينجوا منها قطعًا وهو قادر على إغراق نفسه فوجهان: أحدهما له إغراق نفسه، وبه قال أبو يوسف وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة. والثاني ليس له، وبه قال مُحَمَّد به الحسن وَأَحْمَد في الرِوَايَة الثانية. * * *

كتاب السير

كتاب السير مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ شرط الجهاد الزاد والراحلة إذا كانت مسافة يقصر فيها الصلاة. وعند مالك لا يشترط ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الجهاد فرض من فروض الكفايات. وعند سعيد بن المسيب هو من فروض الأعيان وعند بعض الشَّافِعِيَّة هو من فروض الأعيان في أول الْإِسْلَام لقلة المسلمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب على المسلمين غزو الكفار، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند مالك يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة يجوز قتال الكفار وغزوهم بغير إذن الإمام. وعند الهادي من الزَّيْدِيَّة لا يجوز قتالهم إلا مع الإمام أو النائب من قبله أو بإذنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للرجل أن يجاهد من غير إذن أبويه أو أحدهما. وعند بعض أصحاب الحديث له ذلك من غير إذن أبويه أو أحدهما، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان أبواه مشركين جاز له أن يجاهد بغير إذنهما. وعند الثَّوْرِيّ ليس له ذلك إلا بإذنهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس لمن عليه دين حال أن يجاهد بغير إذن من له الدين. وعند مالك يجوز لمن لا يقدر على قضاء الدين أن يجاهد بغير إذن من له الدين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يجوز له ذلك بغير إذن من له الدين. مسألة: على قاعدة الشَّافِعِيّ في الدين إذا كان على رجل قصاص لصغير أو غائب فليس له أن يجاهد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب. وعند المؤيَّد منهم إن أوصى بإخراج الدية إن قتل فله الخروج إلى الجهاد، وقيل: إن هذا هو الأصح من مذهب النَّاصِر.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ من لم تبلغهم الدعوة لا يجوز قتالهم حتى يدعوا إلى الْإِسْلَام ويعلموا به، وإن كان قد بلغتهم الدعوة استحب أن لا يقاتلوا حتى يدعوا إلى الْإِسْلَام، ويجوز قتالهم من غير دعاء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم. وعند مالك وعمر بن العزيز وإِسْحَاق وبعض الصحابة والتابعين لا يغار عليهم ولا يقاتلوا حتى يدعوا إلى الْإِسْلَام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وعند أَحْمَد وبعض العلماء لا دعوة اليوم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق تجوز الغارة على المشركين بالليل وتبييتهم وعند بعض العلماء يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز للإمام أن يستعين بالمشركين على قتال المشركين. وعند أَحْمَد وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صدر الْإِسْلَام جعل واحد من المسلمين في مقابلة عشرة من الكفار، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) الآية. فجعل الواحد في مقابلة الاثنين. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ والثانية أنه لم يكن واجبًا وإنما كان ندبًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لواحد من المسلمين أن يفر من اثنين، وكذا إذا كان الكفار ضعف المسلمين إلا بشرطين: أن يكون متحرفًا لقتال أو يتحيز إلى فئة. وعند الحسن وعكرمة والضحاك إنما كان ذلك في غزوة بدر خاصة ولا يجب في غيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأكثر الفقهاء لا يجوز النيابة في الجهاد. وعند مالك يصح إذا كان يحصل ولم يكن الجهاد متعينًا على النائب، وسواء تعيَّن ذلك على المستنيب أو لم يتعيَّن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقتل شيوخ المشركين والرهبان في أحد القولين، وبه قال أحمد فى رِوَايَة. ولا يجوز في القول الثاني، وبه قال مالك واللَّيْث والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأبو ثور وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تترَّس المشرك بالمسلم في حال الحرب وله أن يرمي المشرك ويتوقى المسلم، فإن أصاب المسلم وجب عليه الكفارة والدية في أحد القولين من الطرق، وبه قال مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب عليه الكفارة ولا الدية، وهو القول

الثاني للشافعي. وعند أَحْمَد تجب الكفارة وفي الدية روايتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء يجوز تخريب بيوتهم وقطع أشجارهم. وعند أبي بكر الصديق والْأَوْزَاعِيّ يكره ذلك وعند أَحْمَد إذا لم يكن من ذلك بدٌّ جاز، وأما عبثًا فلا. وعند إِسْحَاق التحريق سنة إذا كان أنكى فيهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد لا يجوز قتل دواب المشركين ومواشيهم إذا حصلت في أيدينا لئلاَّ تصلهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح الأمان من العبد سواء كان مأذونًا له أم لا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان مأذونًا له في القتال صح أمانه، وإن كان غير مأذون له في القتال لم يصح أمانه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح الأمان من الصبي والمجنون. وعند مالك وَأَحْمَد يصح أمان الصبي المراهق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رقع رجل في البئر فأمَّنه رجل من الرعية لم يصح أمانه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل من لم تبلغهم الدعوة وجب عليه ضمانه. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجب عليه ضمانه. قال ابن القصَّار المالكي: وهو قياس من قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وبعض الصحابة والتابعين يكره قتل النساء والولدان. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وبعض العلماء يرخَّص في ذلك وفي البنات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد الأسير الحر البالغ العاقل الذي هو من أهل القتال للإمام أن يعمل فيه بما فيه المصلحة من أربعة أشياء: من القتل أو الاسترقاق أو المن أو الفداء وعند مالك يختار فيه بين ثلاثة أشياء: من القتل أو الاسترقاق أو الفداء بالنفس دون المال وحكى ابن نصر من أصحابه عنه كمذهب الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يختار فيه بين شيئين: القتل أو الاسترقاق، ولا يجوز المن ولا الفداء. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يختار فيه بين ثلاثة أشياء: من القتل أو الاسترقاق أو الفداء بالنفس أو المال، وأما المنَّ فلا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بادر شخص من المسلمين فقتل هذا الأسير قبل أن يختار فيه

الإمام أحد هذه الأشياء الأربعة عزِّر القاتل ولا ضمان عليه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يلزمه الضمان دية للعاملين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للإمام إذا استرقَّ السبي أن يبيعه من الكفار. وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز بيعه من أهل الذمة ولا يجوز بيعه من أهل الحرب. وعند أَحْمَد لا يجوز بيعه من الكفار صغارًا كانوا أو كبارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز استرقاق المعرَّب في أصح القولين، والقديم لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز استرقاق عبدة الأوثان. وعند أَحْمَد لا يجوز استرقاق من لا كتاب ولا شبهة كتاب وعند الشَّافِعِيّ يجوز، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ سلب المقتول للقاتل سواء شرطه الإمام أو لم يشرطه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إن شرط الإمام في أول القتال أن السلب للقاتل كان له، وإن لم يشترطه له لم يكن له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استرقَّ الإمام قومًا ثم أعتقهم ثم أقروا بنسب لشخص لم يقبل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقبل فيما يقبل من المسلم وأهل الذمة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يستحب المبارزة إلا بإذن الأمير. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يجوز بغير إذنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وبعض العلماء من الصحابة وغيرهم وجميع الفقهاء لا يستحق القاتل السلب إلا بخمسة شروط: أن يكون من أهل السهم في الغنيمة، فإن كان ممن لا سهم له كالمجدف والمرجف والكافر إذا حضر عونًا للمسلمين فلا يستحق السلب. وإن يقتله والحرب قائمة، سواء قتله مقبلاً أو مدبرًا، فإن انهزموا فقتله لم يستحق سلبه. وأن يغرِّر القاتل بنفسه في قتله بأن يبارره فيقتله، أو يحمل على صف المشركين ويطرح بنفسه عليه فيقتله، فإن رمى إلى صف المشركين وقتل قتيلاً لم يستحق سلبه. وأن يكون المقتول ممتنعًا، فإن قتل أسيرًا لم يستحق سلبه. وأن يكفي المسلمين شره بأن يكون المقتول حين قتله صحيحًا غير زمن، فإن قتل مقعدًا أو زمنًا لا يقاتل فلا يستحق سلبه. وعند أَبِي ثَورٍ وداود يستحق القاتل السلب. وعند أَحْمَد وأكثر العلماء لا يستحق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسعد بن أبي وقاص لا يخمس السلب. وعند ابن عباس يخمس. وعند علي بن أبي طالب وابن عمر وإِسْحَاق إن كان كثيرا خمَّس، وإن كان قليلاً لم يخمَّس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحق القاتل السلب من أصل الغنيمة. وعند مالك في إحدى الروايتين يستحقه من خمس الخمس، وهو سهم المصالح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أسلم الكافر قبل الأسر عصم دمه وماله وأولاده الصغار، سواء خرج إلى دار الْإِسْلَام أو لم يخرج. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب الشامل والشاشي موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه صاحب البيان أنه إذا لم يسلم فى دار الحرب حقن دمه وماله الذي في دار الْإِسْلَام، وأما ماله الذي في دار الحرب فيغنم. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا، فنقل عنه في الشامل والشاشي والنكت أن ما كان له في الحرب يغنم، وأما غيره فإنه إن كان في يده أو يد مسلم أو ذمي لم يغنم، وإن كان في يد حربي غنم. ونقل عنه صاحب البيان أنه يحقن بالْإِسْلَام دمه وماله الذي يده المشاهدة ثابتة عليه، وما كان وديعة له عند ذمي ويد الذمي عليه فيغنم، وأما ما لم يكن يده المشاهدة ثابتة عليه، مثل الدور والدواب والعقار والضياع فيغنم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم وله زوجة حامل لم يجز استرقاق الحمل وكذا الزوجة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز استرقاقها، وبه قال في الزوجة بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد لا يجوز استرقاق الولد ويجوز استرقاق الأم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا سُبي صغير ومعه أبواه أو أحدهما تبعه في الدين ولا يتبع السابي. وعند الْأَوْزَاعِيّ يتبع السابي في الْإِسْلَام بكل حال، سواء كان معه أبواه أو أحدهما أو لم يكونا معه. وعند أَحْمَد وفي إحدى الروايتين إن كان معه أبواه تبعهما ولم يتبع السابي، وإن لم يكن معه أبواه أو كان معه أحدهما تبع السابي في الْإِسْلَام. وعند مالك إن سُبي معه الأب تبعه في الدين دون السابي، وإن سبيت معه الأم تبع الولد السابي دون الأم. وبناه على أصله وهو أن الولد يتبع الأب في الْإِسْلَام دون الأم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد ويَحْيَى إذا كان الطفل قد مات أبواه أو أحدهما في دار الحرب، أو عدم أبواه من غير موت لم يحكم بإسلام الطفل، مثل أن يوجد لقيط في دار الحرب أو تعلق امرأة كافرة من زنا، أو

يختلط ولد مسلم بولد كافر ولم يتميز. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يحكم بإسلام الطفل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سبيت المرأة وولدها الصغير لم يجز التفريق بينهما. وإلى أي سن لا يجوز التفريق بينهما؟ قَوْلَانِ: أحدهما بلوغ الولد سبع سنين. والثاني إلى البلوغ. وعند مالك يحرم التفريق بينهما إلا أن يسقط نسبه ويثبت. وعند اللَّيْث إلى أن يأكل بنفسه ويلبس. وقولهما تريب من القول الأول للشافعي. وعند أَحْمَد يحرم التفريق بينهما أبدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحرم التفريق بين الولد الصغير وأخيه وخاله وعمه وعمته وخالته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وعمر يحرم ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا سببت الزوجة وحدها انفسخ النكاح واخلتفا في العلة، فعند الشَّافِعِيّ العلة حدوث الرقِّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ العلة اختلاف الدارين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ واللَّيْث والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ إذا سُبي الزوجان معًا انفسخ نكاحهما لحدوث الرقِّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا ينفسخ لعدم اختلاف الدارين. وعند مالك ثلاث روايات: إحداهن لا ينفسخ النكاح والثانية ينفسخ. والثالثة إن سبيت الزوجة أولاً انفسخ النكاح، وإن سُبي قبلها لم ينفسخ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للجيش إذا دخلوا دار الحرب أن يأكلوا الطعام والفواكه والعسل وغير ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث بن سعد وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد لا يجوز ذبح المأكول إلا للأكل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يجوز ذلك لغير الأكل. مسألة: في مذهب الشَّافِعِيِّ إذا خرج المجاهد إلى دار الْإِسْلَام ومعه بقية من الطعام فطريقان: الأولى قَوْلَانِ. أحدهما يلزمه رده إلى المغنم. والثاني أحق به. والطريقة الثانية إن كان كثيرًا وجب رده إلى المغنم، وإن كان قليلًا فعلى القولين. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إن كان قبل القسمة رده إلى المغنم، وإن كان بعدها باعه وتصدق بثمنه. وعند أَحْمَد يرد اليسير وفي الكثير رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة أن مكة حرسها الله تعالى فتحت صلحًا وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ فتحت عنوة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرق بعض الغانمين من الغنيمة نصابًا لم يجب عليه القطع ولا يحرق عليه متاعه ولا يحرم سهمه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ يحرق عليه رَحلَهُ إلا المصحف والحيوان والسلاح. وعند بعض الناس يحرم سهمه. وعند مالك يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأكثر الفقهاء إذا وطئ رجل من الغانمين جارية من الغنيمة قبل القسمة لم يجب عليه الحد ويجب عليه المهر. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وَمَالِك في رِوَايَة يجب عليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أحبلها بهذا الوطء انعقد الولد حرًا ولحقه نسبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلحقه نسبه، ويكون مملوكًا للغانمين وعليه المهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجب الحدود في دار الحرب على من وجد منه أسبابها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تستوفى الحدود في دار الحرب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا تستوفى في الحدود في دار الحرب، بل بعد الرجوع إلى دار الْإِسْلَام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل مسلم مسلمًا في دار الحرب وجب عليه بقتله ما يجب بقتله في دار الْإِسْلَام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان المقتول حربيًا أسلم ولم يخرج إلى دار الْإِسْلَام أو كان أسيرًا فلا قود على قاتله ولا دية بل تجب الكفارة عليه، وإن كان تاجرًا ففيه الكفارة والدية. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دخل نفسان من المسلمين دار الحرب فقتل أحدهما الآخر عمدًا فعليه القصاص، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا قصاص إذا لم يكن هناك إمام وتجب الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادى. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا دخل مسلمان دار الحرب فقتل أحدهما الآخر خطأ فطرق مشهورة حاصلها عند التفصيل عشر طرق: إن عينه حال الرمي وعلم إسلامه فطريقان: يجب قولاً واحدًا، وقَوْلَانِ. وإن لم يعلم إسلامه ولم يعينه فطريقان: لا يجب قولاً واحدًا وقَوْلَانِ. وإن علم ولم يعين فثلاث طرق: يجب ولا يجب، وقَوْلَانِ. وإن عيَّن ولم يعلم فثلاث طرق أيضًا: لا يجب، ويجب وقَوْلَانِ. وعند

أَحْمَد إن لم يعلم إسلامه لم تجب الدية وتجب الكفارة، وإن علمه وجبت الدية. وعنده رِوَايَة أخرى تجب الدية علمه أو لم يعلمه، وبه قال مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب الدية علم بإسلامه أو لم يعلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل ثم أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا لزمه الدية والكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تلزمه الكفارة دون الدية. وعند مالك إن كان عمدًا لزمه القود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أبق عبد لمسلم ولحق بدار الحرب لم يملكوه بالأخذ. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يملكوه بالأخذ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعبادة بن الصامت وسعد بن أبي وقاص وإحدى الروايتين عن عمر ورَبِيعَة إذا غلب المشركون على أموال المسلمين وأخذ شيئًا منها لم يملكوه بذلك. وعند الزُّهْرِيّ وعمرو بن دينار إذا حازه المشركون إلى دار الحرب ملكوه، فإذا ظهر المسلمون وغنموه فهو للغانمين سواء كان قبل القسمة أو بعدها. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا حازه المشركون إلى دار الحرب ملكوه، فإذا ظهر المسلمون عليهم وغنموه، فإن وجده صاحبه قبل القسمة فهو أحق به بلا شيء، وإن وجده قبل القسمة فهو أحق به بالقيمة فترد إلى من وقع في سهمه. وعند أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه لا حق له فيه بعد القسمة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا أسلم هذا الكافر الذي حصل في يده فإنه أحق من صاحبه، وإن دخل مسلم دار الشرك متلصِّصًا وسرق ذلك المال فصاحبه أحق بالقيمة وإن ملكه عن مسلم يتبع فصاحبه أحق به ويرد الثمن على المشتري، وإن ملكه مسلم منه بهبة فصاحبه أحق بقيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وجد المسلم مكاتبه في الغنيمة فله أخذه. وعند أَحْمَد الحكم فيه كسائر أمواله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل دار الحرب متلصِّصًا وسرق أموالهم فهي غنيمة مخمسة. وعند جماعة من الشَّافِعِيَّة هي للآخذ ولا تخمَّس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد وأبو طالب عن الهادي وعند النَّاصِر منهم أنها تخمَّس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسر المشركون رجلاً من المسلمين فأطلقوه وشرطوا أنه إذا

وصل دار الْإِسْلَام بعث إليهم مالاً اتفقوا عليه، فإن لم ينفذه إليهم عاد إليهم لم يلزمه حمل الفداء ولا الرجوع إليهم، ويستحب له أن يحمل الفداء إليهم. وعند الزُّهْرِيّ وأبي هريرة والْأَوْزَاعِيّ يلزمه الوفاء بالشرطين معًا. وعند الثَّوْرِيّ والحسن والنَّخَعِيّ يلزمه أن يبعث إليهم الفداء دون الرجوع، وبه قال أكثر الشَّافِعِيَّة. * * *

باب الأنفال

باب الأنفال مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أمير الجيش قبل التقاء الفريقين من أخذ شيئًا فهو له لم يصح في أصح القولين، ويصح في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وأكثر العلماء. * * *

باب قسم الغنيمة

باب قسم الغنيمة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزبير وبلال وأنس إذا كان في الغنيمة أرض وعقار قُسَّم بين الغانمين كما تقسم سائر الأموال. وعند عمر ومعاذ وعلي والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك الإمام مخير فيها بين القسمة وبين الوقف على المسلمين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يتخير فيها بين القسمة وبين الوقف وبين أن يُقرَّ عليها ويضرب عليهم الخراج فيصير حقًّا على رقبة الأرض لا يسقط بالْإِسْلَام. وعند مالك تصير وقفًا على المسلمين بنفس الاغتنام. وعند أَحْمَد للإمام أن يفعل فيها ما يرى فيه الصلاح إما في القسمة أو في الإنفاق على جماعة المسلمين وما عدا ذلك. وعنده أيضًا كمذهب مالك والشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غزت سرية من المسلمين دار الحرب بغير إذن الإمام فغنمت مالاً خمِّس. وعند بعض أصحابه لا تخمَّس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان لهم منعة خمس، وإن لم تكن لهم منعة لم تخمس. وعند أَبِي يُوسُفَ إن كانوا تسعة أو أكثر خمس، وإن كانوا أقل لم تخمس. وعند الحسن البصري يؤخذ منهم جميع ما غنموا عقوبة لهم حيث غزوا بغير إذن الإمام. وعند الْأَوْزَاعِيّ الإمام بالخيار بين أن يخمسه وبين أن لا يخمِّسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز قسمة الغنيمة في دار الحرب ويكره تأخيرها إذا لم يكن ثم عذر، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره له قسمتها في دار الحرب مع التمكن من القسمة فيها، فإن قسمها حالاً صحت القسمة إلا أن يحتاج الغانمون إلى شيء من الغنيمة مثل الثياب وغيرها فلا يكره قسمتها في دار الحرب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر على الصحيح عنده. وعند مالك تعجل قسمة الأموال في دار الحرب ويؤخَّر قسمة السبي إلى دار الْإِسْلَام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا غزت طائفة يسيرة بغير إذن الإمام وغنمت خمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا تخمَّس. وعند أَحْمَد في رِوَايَة ثالثة يحرمونها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل واحد من المسلمين دار الحرب فأخذ منها شيئًا مباحًا كالعبد والحر لم تخمَّس وينفرد به الآخذ. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ تخمَّس، وإن لم يكن له منعة لم تخمس.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي والحسن وابن سِيرِينَ وعمر بن عبد العزيز ومالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك والثَّوْرِيّ وأهل المدينة والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى وأهل الشام واللَّيْث وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم يسهم للفارس ثلاثة أسهم وسهمان لفرسه، وللراجل سهم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسهم له سهمان سهم له وسهم لفرسه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للإمام أن يفضِّل بعض الغانمين على بعض لا فارسًا على فارس ولا راجلاً على راجل، ولا يعطي من لم يحضر الوقعة. وعند مالك يجوز له أن يفضل بعض الغانمين على بعض ويعطي من لم يشهد الوقعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له أن يفضل بعض الغانمين على بعض، وليس له أن يعطي من لم يشهد الوقعة. وعند أحمد فى جواز تفضيل بعض الغانمين على بعض رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يسهم للفرس العربي والبرذون والمقرف والهجين. وللشافعي أيضًا قول أنه لا يسهم للبرذون والهجين. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يسهم للبرذون ويسهم للمقرف والهجين سهمًا واحدًا. وعند الزَّيْدِيَّة يسهم للبرذون سهم واحد له وسهم لراكبه. وعند أَحْمَد منهم للعربي سهمين ولغيره سهمًا واحدًا. وهي إحدى الروايتين عن أَبِي يُوسُفَ، والأخرى كقول الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يسهم إلا لفرس واحد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يسهم له لفرسين، وبه قال زيد بن على، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب فرسًا وحضر به الحرب أيسهم للفرس وفيمن يستحقه قَوْلَانِ: أحدهما للغاصب والثاني لصاحب الفرس، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حضر بفرس فعاد الفرس إلى أن تنقضي الحرب ثم ظهر به لم يسهم له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسهم له، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دخل دار الحرب ولا فرس معه ثم اشترى فرسًا أو اتهبه أو استأجره أو استعاره وحضر به القتال فانقضت الحرب وهو معه أسهم له ولفرسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاعتبار بدخول دار الحرب، فمتى دخل دار الحرب وهو فارس ثم نفق فرسه أو باعه أو وهبه وما أشبهه أسهم له ولفرسه، وإن دخل دار الحرب ولا فرس معه ثم حصل له فرس لم يسهم للفرس.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وكافة العلماء لا يسهم للصبيان والنساء والعبيد والمشركين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يسهم للنساء والصبيان والمشركين. وعند الزُّهْرِيّ وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين يسهم للمشركين. وعند مالك يسهم للصبي المراهق إذا أطاق القتال. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ التجار الذين يدخلون مع الغزاة كالبقالين والخبَّازين وغيرهم فيهم ثلاث طرق: أحدها إن قاتلوهم أسهم لهم قولاً واحدًا، وإن لم يقاتلوا فقَوْلَانِ: والثانية إن لم يقاتلوا لم يسهم لهم قولاً واحدًا، وإن قاتلوا فقَوْلَانِ. والثالثة فيهم قَوْلَانِ سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا. وعنده يسهم للأجراء وللتجار إذا حضروا الوقعة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ إن قاتلوا أسهم لهم وإن لم يقاتلوا لم يسهم لهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات الغازي بعد تقضّى الحرب انتقل حقه إلى ورثته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط ولا ينتقل إلى ورثته، إلا أن يكون قد قسم في دار الحرب أو أحرز في دار الْإِسْلَام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأسير إذا أفلت من أيدي المشركين ولحق بجيش المسلمين، أو لحق بجيش المسلمين مدد فهل يشاركوا لهم في الغنيمة؟ نظر إن لحقوا بهم قبل انقضاء القتال شاركوهم قطعًا، وإن كان بعد انقضاء القتال وحيازة الغنيمة لم يشاركوهم قطعًا، وإن كان بعد انقضاء القتال وقبل حيازة الغنيمة ففي المشاركة قَوْلَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لحقوا قبل تقضى الحرب وقبل قسمة الغنيمة وهم في دار الحرب شاركوهم إلا الأسارى فإنهم لا يشاركوهم. ونقل صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة أن الأسير إذا أفلت من أيدي المشركين قبل تقضِّى الحرب إن قاتل أسهم له وإن لم يقاتل لم يسهم له في أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. ويسهم له في القول الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا خرج الأمير بالجيش من البلد ثم أنفذ سرية بعد خروج الجيش من البلد، أو غنم الجيش فإن الجيش والسرية يتشاركان فيما غنمًا. وعند الحسن البصري لا يتشاركان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النفل من خمس الخمس. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وابن المسيب هو من بعد الخمس. وعند مالك النفل من أصله على وجه الاجتهاد من الإمام في أول المغنم وآخره. * * *

باب قسم الخمس

باب قسم الخمس مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يقسَّم الخمس على خمسة أسهم سهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل. وعند أبي العالية الرياحي يقسم على ستة أسهم سهم لِلَّهِ تعالى يصرف في رتاج الكعبة وزينتها، وخمسة أسهم تصرف على ما ذكره الشَّافِعِيّ. وعند مالك الخمس موكول إلى اجتهاد الإمام يصرفه حيث يرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الخمس تقسَّم على ثلاثة أسهم، سهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل، ويسقط سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بموته. وأما سهم ذوي القربى فقد كان لذوي القربى الذين كانوا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد سقط بموتهم لأنه كان لهم بالنصرة. وقال بعض الْإِمَامِيَّة أصحابه كان يفرقه عليهم بمعنى الفقر أو المسكنة لا على جهة استحقاقهم له بالقرابة ويسقط بموتهم. وعند الْإِمَامِيَّة أن الخمس واجب في جميع المغانم والمكاسب وما استخرج من المعادن والكنوز وما فضل من أرباح الثمارات والزراعات والصناعات بعد المؤنة والكفاية في طول السنة على اقتصاد موجهات قسمته هو أن يقسم هذا الخمس على ستة أسهم: ثلاثة منها للإمام القائم مقام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي سهم اللَّه وسهم رسوله وسهم ذوي القربى. ومنهم من لا يخص الإمام بسهم ذوي القربى ويجعله لجميع قرابة الرسول عليه السلام من بني هاشم، فأمَّا الثلاثة الأسهم الباقية فهي ليتامى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومساكينهم وأبناء سبيلهم، ولا يتعداهم إلى غيرهم ممن استحق هذه الأوصاف، ويقولون: إذا غنم المسلمون شيئًا من دار الكفر بالسيف قسم الإمام القسمة على خمسة أسهم يجعل أربعة منها من قاتل على ذلك وجعل السهم الخامس على ستة أسهم، ثلاثة منها له عليه السلام، وثلاثة للأصناف الثلاثة من أهله من أيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يكن يملكه في حياته، وإنَّما كان صدقة ينفق منه على أهله وبصرف الباقي في مصالح المسلمين، فيصرف بعد موته في مصالح المسلمين. وعند بعض الناس كان يملكه، فيكون بعد موته للإمام يصرفه في نفقته وعياله إذ هو خليفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وينفق منه على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلي بناته. وعند بعض الناس يصرف إلى باقي الأصناف المذكورين في الآية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يقسَّم سهم ذوي القربى بينهم للذكر سهمان وللأنثى سهم. وعند الْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ يسوَّى بينهم.

باب قسم الفيء

باب قسم الفيء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجميع العلماء إنما كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته من الفيء القسمة وما صار إليه من فدك وأموال بنى النضير فإنه لا ينتقل إلى ورثته. وكذلك جميع الأنبياء لا يورثون. قال الشَّافِعِيّ ولا أعلم أن واحدًا من أهل العلم قال إن ذلك لورثتهم. وعند قوم لا يعتد بخلافهم وهم الشيعة وأتباعهم أن الأنبياء وأن نبينا - صلى الله عليه وسلم - ورثه زوجاته وابنته فاطمة دون عمه العبَّاس لأن فاطمة حجبته عندهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي لا يعطى الفيء عبد. وعند أبي بكر يعطى العبيد الذين يشتغلون بالجهاد ويخدمون السادة فيما يتعلَّق بالقتال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي يسوَّى بين أهل الفيء في العَطَاء ولا يعطى العبد منه شيئًا. وعند أبي بكر يفاضل بينهم في العَطَاء ويعطى العبيد أيضًا. وعند عمر يفاضل بينهم ولا يعطى العبيد شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والخرقي من الحنابلة مال الفيء يخمَّس جميعه أو بعضه؟ قَوْلَانِ: وفي أربعة أخماسه قَوْلَانِ: أحدهما للغزاة المرصدين للجهاد والثاني جميعه للمصالح ولا يخمَّس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هذا الخمس يصرف إلى من يصرف إليه خمس الغنيمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد مال الفيء لكافة المسلمين في المصالح لا يخمَّس، والله أعلم. * * *

باب الجزية

باب الجزية مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا تؤخذ الجزية من عبدة الأوثان وتؤخذ ممن لهم كتاب وهم اليهود والنصارى ومما له شبهه كتاب وهم المجوس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة تؤخذ من كل مشرك إلا من عبدة الأوثان من العرب. وعند مالك تؤخذ من كل مشرك إلا من مشركي قريش. وعنه أنها تؤخذ منهم أيضًا. وعند أَبِي يُوسُفَ تؤخذ الجزية من العرب سواء كانوا من أهل الكتاب أو من عبدة الأصنام. وعند الزَّيْدِيَّة لا يقبل من مشركي العرب إلا السيف أو الْإِسْلَام دون الجزية، وتقبل الجزية من سائر المشركين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا خلاف أن المجوس لا كتاب لهم الآن، وهل كان لهم كتاب ثم رفع؟ قَوْلَانِ: أصحهما أنه كان لهم كتاب ثم رفع. والثاني أنه لم يكن لهم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز إقرار المجوس بأخذ الجزية ولا تحل مناكحتهم ولا أكل ذبيحتهم. وعند أَبِي ثَورٍ تحل مناكحتهم وأكل ذبائحهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أخذ الجزية من عبدة الأوثان من العرب الذين دخلوا في دين اليهود والنصارى قبل نسخ دينهم بشريعة بعده وقبل التبديل. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يجوز أخذ الجزية منهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أخذ الجزية من هؤلاء إن دخلوا في دين اليهود والنصارى بعد النسخ بشريعة وبعده. وعند الْمُزَنِي يجوز. وكذا تؤخذ الجزية ممن دخل فى دين بدل، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن تنقص الجزية من دينار على كل واحد ولا حد لأكثرها، سواء كان الذمي غنيًا أو فقيرًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين تقسم على الطبقات، فيجب على الغني في كل سنة ثمانية وأربعون درهمًا صرف اثني عشر درهمًا فيكون عليه أربعة دنانير، وعلى المتوسط أربعة وعشرون درهمًا، وعلى الفقير المعتمل اثنا عشر درهمًا. وعند مالك هي مقدَّرة، فإن كان من أهل الذهب فعليه فى كل سنة أربعة دنانير، وإن كان من أهل الورق فاختلف النقل عنه، فنقل عنه

صاحب البيان أن الواجب عليه ثمانية وأربعون درهمًا، ونقل عنه الشاشي وصاحب المعتمد والدر الشفاف والمستعجل ونكت الخوارزمي أن الواجب عليه أربعون درهمًا حتى أنه أوجب على الفقير عشرة دراهم أو دنانير. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الثانية ليست بمقدرة، وإنما الواجب ما رآه الإمام باجتهاده من قليل وكثير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك الصدقة المأخوذة من نصارى العرب لا تؤخذ من نسائهم وصبيانهم. وعند أَحْمَد تؤخذ من نسائهم وصبيانهم واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه صاحب البيان موافقة أحمد، ونقل عنه صاحب الشاشي والشيخ أبو إِسْحَاق فى النكت وصاحب الدر الشفاف أنه تؤخذ من نسائهم ولا تؤخذ من صبيانهم. مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ أنه يجوز الزيادة على ما وظفه عمر رضى الله عنه على نصارى العرب ولا يجوز النقص عنه. وعند مُحَمَّد بن الحسن وكذا أَحْمَد في رِوَايَة يجوز الزيادة والنقصان. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز النقصان ولا يجوز الزيادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الجزية تجب بآخر الحول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب بأول الحول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات الذمي أو أسلم بعد انقضاء الحول لم تسقط عنه الجزية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط بذلك. وعند مالك لا تسقط بالموت وتسقط بالْإِسْلَام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك ومُحَمَّد الجزية لا تتداخل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا اجتمع عليه سنتان تداخل ويثبت أحدهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات أو أسلم في أثناء الحول فقَوْلَانِ: أصحهما أنه تجب عليه بسقط ما مضى والثاني لا يجب عليه شيء، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مسألة: اختلف أصحاب الشَّافِعِيّ في الذي يُجَن ويفيق هل تجب عليه الجزية؟ وقال بعضهم: إن أفاق في النصف الثاني من الحول واتصلت به الإفاقة حولاً وجبت عليه. وقال بعضهم: إن كان في آخر الحول مفيقًا وجبت عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتبر أكثر الحول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الفقير الذي ليس بمستعمل لا يجوز عقد الذمة له من غير جزية فى أحد القولين، ويعقد له بغير جزية في القول الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد

وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الخراج المضروب على أراضي الكفار يسقط بالْإِسْلَام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يسقط بالْإِسْلَام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز ضرب الخراج على أراضيهم، فإذا باع صاحب الأرض هذه الأرض من مسلم صح البيع. وعند مالك لا يصح. * * *

باب عقد الذمة

باب عقد الذمة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الصغار المذكور في الآية قَوْلَانِ: أصحهما أنه نفس التزامهم بجريان أحكام المسلمين عليهم. والثاني أنه بجريان أحكام الْإِسْلَام عليهم. وعند بعض العلماء: هو أن تؤخذ الجزية منهم وهم قيام والآخذ جالس. وعند بعض العلماء هو أن تؤخذ الجزية منهم وهم قيام باليسار .. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يمنع أهل الذمة من لبس العمائم والطيلسان. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يمنعون من ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين كل موضع أمروا على البيع والكنائس لا يجوز هدمها وإذا انهدمت جاز بناؤها، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ: وعند ابن أبي هريرة والإصطخري من الشَّافِعِيَّة لا يجوز بناؤها، وهي الرِوَايَة الأخرى عند أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترافع أهل الذمة إلى حاكم المسلمين وكانا من أهل ملة واحدة كيهوديين أو نصرانيين لزمه الحكم بينهما في أحد القولين. وعند بعضهم لا يقام عليهم حد الربا بحال، وبه قال مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق، ولا يلزمه في الآخر، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلَّد الإمام واحدًا من أهل الذمة الحكم بينهم لم يلزمه حكمه وكان كالمتوسط بينهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينفذ حكمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا امتنع الذمي من أداء الجزية كان ناقضًا للعهد. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يكون ناقضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يمكَّن الذمي من استيطان الحجاز، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يمكَّن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا ذكر الذمي كتاب الله تعالى بما لا ينبغي، أو شتم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو أوى غبنًا، أو قتل مسلمًا أو زنى بمسلمة، أو قطع الطريق على المسلمين، أو وطئ مسلمة باسم نكاح أو فتن مسلمًا عن دينه انقضت ذمته. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ إن شرط عليهم ذلك انقضت ذمتهم، وإن لم

يشترط عليهم ذلك لم تنتقض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تنتقض ذمتهم بكل حال وعند أحمد رِوَايَتَانِ: إحداهما تنتقض ذمتهم شرط عليهم الإمام ذلك أو لم يشرط والثانية لا يكون ناقضا للعهد إلا بالامتناع عن أداء الجزية. ومنع جريان أحكام الْإِسْلَام عليه. مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - من المسلمين صار كافرًا فيقتل للكفر. وعند الفارسي من أصحابه يقتل حدًّا. وعند مالك في رِوَايَة القاسم عنه أن من شتم النبي - صلى الله عليه وسلم - من المسلمين يقتل ولا يستتاب، ومن شتمه عليه السلام من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والزيد عن يَحْيَى. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يقتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند الْإِمَامِيَّة ما هو قريب من قول مالك، فإنهم قالوا من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - من مسلم أو ذمي قتل في الحال. وعند الْأَوْزَاعِيّ وكذا مالك في رِوَايَة من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - صار مرتدًّا، فإن تاب عزر، وذلك بأن يضرب مائة ثم يترك فإذا برئ ضرب مائة وإن لم يتب قتل، وعند اللَّيْث من سبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من مسلم ويهودي ونصراني لا يناظر ولا يستتاب ويقتل في الحال، وفي هذا موافقة الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا رمى الذمي بمسلمة فإن لم يشرط عليه عدم ذلك في عقد الذمة لم ينتقض العهد، وإن شرط عليه ذلك انتقض العهد على الصحيح. وعند الْإِمَامِيَّة تضرب عنقه ويقام الحد على المسلمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لأحد من الكفار دخول الحرم بحال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز لهم دخوله، ولهم أن يقيموا مقام المسافر. ويجوز لهم عند دخول الكعبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يؤذن للمشرك في دخول سائر المساجد. وعند مالك والمزني وَأَحْمَد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أراد أهل الحرب الدخول إلى دار الْإِسْلَام لتجارة لا يحتاج إليها المسلمون استحب للإمام أن يشرط عليهم عشر أموالهم، وإن رأى أن يأذن لهم بغير عوض جاز، وإن أطلق فوجهان: أحدهما يأخذ منهم العشر. والثاني لا يؤخذ منهم شيئًا. وعند مالك إن باعوا متاعهم أخذ منهم، وإن لم يبيعوا لم يأخذ منهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينظر الإمام فإن كانوا يعشرون المسلمين إذا دخلوا إليهم عشروهم، وإن كانوا لا يعشرون المسلمين لم يعتبروا. وعند أَحْمَد يؤخذ من الحربي العشر ومن الذمي نصف العشر، سواء شرط عليهم أو لم يشرط. * * *

باب الهدنة

باب الهدنة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر من الحنابلة إذا كان بالمسلمين قوة لم يجز أن يهادن سنة، ويجوز أربعة أشهر. وفيما زاد على الأربعة الأشهر إلى السنة قَوْلَانِ. وإذا كان بالمسلمين ضعف جازت المهادنة عشر سنين، ولا تجوز أكثر من ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد هو إلى رأى الإمام فيهادنهم على ما يراه من غير تقدير مدة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أغار أهل الحرب على أهل الهدنة، وكذا إذا اشترى مسلم من أموالهم من دار الحرب فإنه يجب رده عليهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب رده عليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أطلق عقد الهدنة فجاءت إلينا امرأة مسلمة أو كافرة فأسلمت فجاء زوجها يطلبها لم يرد. وأما المهر فإن لم يكن دفعه إليها فلا يرد إليه شيء، وإن دفعه فقَوْلَانِ: الجديد واختاره الشَّافِعِيّ والْمُزَنِي لا يرد إليه شيء. وقال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب رده من سهم المصالح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل حربي دار الْإِسْلَام وأسلم وله أولاد صغار في دار الحرب حكم بإسلامهم ولم يجز سبيهم. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز سبيهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم في دار الحرب وله عقار ومال، أو دخل مسلم دار الحرب واشترى فيها عقارًا أو مالاً وظهر المسلمون على دار الحرب لم يغنموا عقاره ولا ماله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يغنمون عقاره، وغير العقار إن كان في يده أو يد مسلم أو ذمي لم يغنم، وإن كان في يد حربي يغنم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل الحربي إلينا بأمان ثم عاد إلى دار الحرب وترك مالاً فإنه ينتقض الأمان في نفسه، ولا ينتقض في ماله، فإن مات أو قتل انتقل المال إلى وارثه وبطل الأمان فيه وكان فيئًا في أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد، واختاره أبو إِسْحَاق من الشَّافِعِيَّة، ولا يبطل في القول الثاني، وبه قال أَحْمَد وَمَالِك واختاره الْمُزَنِي. وعند أَبِي يُوسُفَ يكون ذلك المال لمن هو عنده من المسلمين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الهادي ومُحَمَّد بن عبد الله منهم: ماله يكون لورثته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد الحربي إذا أقرض مسلمًا مالاً

ثم لحق بدار الحرب فأسر أو قتل فالقرض يملكه المقترض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يؤخذ القرض ثم يرد إلى ورثة الحربي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا دخل المسلم دار الحرب بأمان واقترض من حربي مالاً أو سرقه، أو كان أسيرًا فخلوه وأمنوه وسرق لهم مالاً وخرج وجب عليه رده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد بن الحسن إذا أهدى المشرك إلى الأمير أو إلى رجل من المسلمين هدية والحرب قائمة كانت غنيمة، وإن أهدى إليه قبل أن يرتحلوا من دار الْإِسْلَام لم تكن غنيمة، بل ينفرد بها المهدى إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تكون للمهدى إليه بكل حال، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ندَّ بعير من دار الحرب إلى دار الْإِسْلَام فهو لمن أخذه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يكون فيئًا للمسلمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا دخل الحربي دار الْإِسْلَام بغير إذن فهو لمن أخذه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون فيئًا للمسلمين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تزوجت المستأمنة في دار الْإِسْلَام بذمي لم يلزمها المقام إذا رضي زوجها بخروجها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تمنع من الخروج. * * *

باب خراج السواد

باب خراج السواد مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن سواد العراق فتحه عمر رضي الله عنه عن عنوة. واختلفوا فيما بعد ذلك، فعند الشَّافِعِيّ أنه قسمه بين الغانمين ثم استنزلهم عنه برضاهم فنزلوا عنه وردوه إلى أهله. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك لم يقسمه وإنَّما صار وقفًا بنفس الغنيمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لم يقسم وإنَّما أمر في أيدي أهله وهم المجوس وضرب عليهم الجزية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه أن أرض السواد وقف على المسلمين وهي في أيدي المجوس بأجرة مجهولة القدر، يؤخذ منهم كل سنة شيء معلوم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيّد وأبو طالب. وعند جماعة من الشَّافِعِيَّة أنها في أيدي المجوس بتبع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والمؤيَّد وزيد بن علي. وعند ابن شُبْرُمَةَ لا يجوز بيعها ولا هبتها ولا وقفها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ على جريب الحنطة أربعة دراهم، وعلى حزمة الشعير درهمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ على جريب الشعير قفيز ودرهم وعلى جريب الحنطة قفيز ودرهمان. وعند أَحْمَد من كل واحد منهما قفيز ودرهم. * * *

كتاب الحدود

كتاب الحدود باب حد الزنا مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء من الصحابة والتابعين لا يجب الحد على المكره. وعند بعض الشَّافِعِيَّة إن كان ذكرًا فعليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ وابن الْمُبَارَك وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المحصن يرجم ولا يجلد. وعند الحسن وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة وداود يجلد ثم يرجم. واختاره ابن المنذر. ونقل الترمذي عن أحمد موافقة الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء حد الثيب الرجم وحد البكر الجلد. وعند الخوارج من الشيعة حد البكر والثيب الجلد. وعند الشَّافِعِيّ وسائر الزَّيْدِيَّة الإحصان يفتقر إلى أربع شرائط: الحرية والبلوغ والعقل والوطء في نكاح صحيح. وعند أَبِي ثَورٍ إذا أحصن بالزوجة رجم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان أحد الواطئين كامل الشرائط والآخر ليس بكامل الشرائط ثبت الإحصان في حق الكامل منهما دون الآخر، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. فأمَّا إذا كان أحدهما دون البلوغ فقَوْلَانِ: أحدهما يثبت الإحصان في حق الكامل منهما دون الآخر، والثاني لا يثبت الإحصان في حق الكامل منهما. وعند الحسن وابن سِيرِينَ وعَطَاء والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا تحصن الأمة الحر ولا النصرانية المسلم. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ لا يحصن العبد الحرة. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يثبت الإحصان في حق كل واحد منهما إلا أن يكونا جميعًا كاملين. وعند أَبِي يُوسُفَ المسلم يحصن النصرانية ولا تحصنه، والنصراني يحصن النصرانية، واليهودي والنصراني يرجمان إذا زنيا بعد الإحصان. وعند الْأَوْزَاعِيّ الحرة تحصن بالعبد والأمة لا تحصنه، فإذا أعتق فلا ترجم عليه حتى ينكح غيرها،

والجارية التي لم تحصن الزوج، والغلام الذي لم يبلغ لم يحصن المرأة. إذا تزوج امرأة فإذا هي أخته من الرضاعة فهو إحصان. وعند الحسن زوج الكافرة لا يحصن، ولا الأمة ولا يحصل التحصين إلا بالحرة المسلمة، والمسلم يحصن المشركة، والمشركان يحصن أكل واحد منهما صاحبه. وعند اللَّيْث في الزوجين المملوكين لا يكونا محصنين حتى يدخل بها بعد عتقها، فإذا تزوج امرأة في عدتها فوطئها فهذا إحمصان، وفي النصرانيين لا يكونان محصنين حتى يدخل بها بعد إسلامها. وعند مالك: الأمة تحصن الحر وتحصن العبد ولا يحصن الأمة العبد. واليهودية والنصرانية يحصنان المسلم، والصبية تحصن الرجل، والمجنونة تحصن العاقل، ولا تحصن الصبي المرأة، ولا يحصن العبد الأمة، ولا يكونان محصنين حتى يطئها بعد عتقها. وإذا تزوجت الحرة حصينًا وهي لا تعلم ثم وطئها فعلمت به فلا يكون ذلك إحصانًا. وعند الْإِمَامِيَّة الإحصان أن يكون له زوجة أو ملك يمكن من وطئها متى شاء من غير حائل بعينه أو مرض منها أو حبس دونه، سواء كانت الزوجة حرة أو أمة مسلمة أو ذمية. ونكاح الْمُتعة لا يحصن عندهم على أصح الأقوال. وعند مالك أيضًا إذا كان أحدهما كاملاً ثبت الإحصان في حقه دون الآخر، وإن كان أحدهما غير بالغ، فإن كان الواطئ غير بالغ لم يثبت الإحصان في حق الموطوءة، وإن كانت الموطوءة غير بالغة وكانت ممن يجامع مثلها ثبت الإحصان في حق الواطئ دونها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ المسلم ذمية ثبت الإحصان في حقهما. وعند عَطَاء ومجاهد والنَّخَعِيّ والشعبي والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يثبت الإحصان في حقه، وبنوه على أن الْإِسْلَام شرط فيه وسنذكره بعدها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكانة العلماء أن الحر البكر إذا زنى وجلد ثم عاد وجلد، ثم عاد، وجلد، ثم عاد وجلد في الرابعة أنه لا يقتل، وكذا العبد إذا زنى وجلد وتكرر ذلك منه ثمان مرات أنه لا يقتل في الثامنة وعند الْإِمَامِيَّة أن الحر يقتل في الرابعة، والعبد في المرة الثامنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الْإِسْلَام ليس شرط في إحصان الرجم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه الْإِسْلَام شرط في الإحصان، فلا يجب الرجم عندها على الذمي إذا زنى، وبه قال زيد بن علي ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الشَّافِعِيّ يجب.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحصن ثم ارتد ثم عاد إلى الْإِسْلَام لم يبطل إحصانه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبطل إحصانه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج عبد بأمة ثم أعتقها ووطئها بعد العتق ثبت الإحصان فى حقهما. وعند الْأَوْزَاعِيّ لم يثبت الإحصان في حقهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى مجنون بعاقلة وجب الحد عليها دونه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليها وعليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وأبي ذر وغيرهم وغير واحد من فقهاء التابعين والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق البكر يجلد مائة ويغرَّب سنة وهو حد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وحماد الحد هو الجلد والتغريب هو تعزير وليس بحد، وإنَّما هو إلى رأي الإمام. وعند مالك يغرَّب الرجل ولا تغرب المرأة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى العبد والأمة وجب على كل منهما خمسون جلدة، وسواء تزوجا أم لم يتزوجا. وعند ابن عباس وطاوس وأبي عبيد القاسم بن سلام إن لم يتزوجا فلا حد عليهما وإن تزوجا يحد كل واحد منهما إذا زنى خمسون جلدة. وعند داود إذا تزوجت الأمة ثم زنت وجب عليها خمسون جلدة، وإن لم تتزوج فرِوَايَتَانِ: إحداهما لا شيء عليها، والثانية حدها مائة، وأما إذا زنى العبد فيجب الرجم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب التغريب على المملوك قَوْلَانِ: أصحهما يجب، وبه قال أبو ثور وابن عمر، والباقي لا يجب، وبه قال مالك وَأَحْمَد وحماد وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوطء الذي يجب به الحد أن يغيِّب الحشفة في الفرج، فإن وجدت امرأة أجنبية مع رجل في لحاف واحد ولم يعلم منهما غير ذلك لم يجب عليهما الحد، وعند إِسْحَاق بن راهويه يجب عليهما الحد. وروى ذلك عن عمر وعلى. قال: ابن المنذر: ولا ثبت ذلك عنهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وجدت امرأة حاملًا لا زوج لها، سئلت عن الحمل، فإن اعترفت بالزنا حدت، وإن أنكرت لم تحد. وعند مالك وَأَحْمَد فى رِوَايَة عليها الحد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أكره الرجل امرأة على الزنا وجب عليه الحد دونها ويجب عليه لها المهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. وعند الْإِمَامِيَّة تضرب عنقه محصنًا كان أو غير محصن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكره رجلاً على الزنا لم يجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أكرهه السلطان والحاكم لم يجب عليه الحد، وإن أكرهه غيرهما وجب الحد استحسانًا. وعند مالك يجب عليه الحد، سواء كان المكره سلطانًا أو غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زنى صغير بكبيرة أو جاهل بالتحريم بعالمة، أو استدخلت ذكر أيم في فرجها وجب الحد على المرأة دون الرجل وعند أَبِي حَنِيفَةَ: الاعتبار بالرجل فإذا سقط عنه الحد لم يجب عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا استأجر امرأة ليزني بها فزنى أو تزوج ذات رحم محرم كأمه أو أخته أو امرأة أبيه أو امرأة ابنه أو امرأة طلقها ثلاثًا، ولم تتزوج غيره. أو امرأة بعيدة في عدته أو تزوج خامسة فوطئها مع العلم بتحريمها وجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا يجب عليه الحد في جميع ذلك، ووافقه الثَّوْرِيّ في ذات الرحم المحرم. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد في ذات الرحم المحرم يحد إذا علم بتحريمها عليه. وعند مالك ذات الرحم المحرم ولا يلحقه النسب وإن لم تعلم هي ذلك، فإن علمت وهو لا يعلم لحقه الولد ووجب عليه الحد. وعند ابن شُبْرُمَةَ من أقرَّ أنه تزوج امرأة في عدتها وهو يعلم أنها محرمة يضرب دون الحد وكذلك الممتنع. وعند الْأَوْزَاعِيّ من تزوج المجوسية أو خامسة أو أختين وهو جاهل جلد مائة ولحقه الولد، وإن كان عالمًا رجم ولا يلحقه الولد. وعند الحسن بن حيي إذا تزوج امرأة في العدة وهو جاهل، أو ذات رحم محرم فوطئها حُدَّ. وعند الْإِمَامِيَّة أن من زنى بذات رحم محرمة ضربت عنقه محصنًا كان أو غير محصن. ومن عقد على واحدة منهن ووطئها استحق ضرب العنق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْإِمَامِيَّة إذا زنى بجارية ولده لم يجب عليه الحد. وعند داود يجب عليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على الذمي حد الزنا. وعند مالك لا يجب عليه حد الزنا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى بجارية ثم اشتراها لم

يسقط الحد. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة يسقط الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حد من وطئ ذات رحم محرم الجلد إن كان بكرًا والرجم إن كان ثيبًا. وعند إِسْحَاق وكذا أَحْمَد في أصح الروايتين الرجم بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ملك أخته أو أمه من النسب أو الرضاع فوطئهما لم يجب عليه الحد في أشهر القولين. وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. ويجب في القول الآخر، وبه قال مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أباح الغير وطء جاريته فوطئها وجب عليه الحد إذا كان عالمًا بتحريم ذلك وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أباحت له زوجته جاريتها فوطئها لم يجب عليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى رجل بجارية زوجته رجم إن كان محصنًا وجلد إن لم يكن محصنًا. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ يجلد ولا يرجم. وعند الحسن وابن مسعود إذا استكرهها حُدَّ وإن طاوعته أمسكها وغرم لها مثلها. وعند النَّخَعِيّ يغرب ولا يجلد. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن كان ذلك بإذن زوجته جلد مائة ولم يرجم، وإن لم تأذن له زوجته رجم. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا زنى نفسه فوجهان واختار صاحب المعتمد أن حكمه حكم من أتى بهيمة. وعند رَبِيعَة والْإِمَامِيَّة عليه الحد. وعند الزُّهْرِيّ يجلد مائة ولا رجم عليه. وعند الْإِمَامِيَّة أيضًا إذا يلوط بغلام ميت وجب عليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زنى بجارية لأجنبي له عليها قصاص وجب عليه الحد دونها وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زنى بجارية مشترك بينه وبين غيره لم يجب عليه الحد سواء علم بتحريمه أو لم يعلم. وعند أَبِي ثَورٍ يجب عليه الحد. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد إذا أقر أنه زنى بامرأة فجحدت وجب عليه الحد دونها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليها ولا عليه. وعند مالك يجب عليه حد الزنى وحد القذف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وجد امرأة على فراشه فظنها زوجته أو أمته لم يجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه الحدُّ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في حد اللواط قَوْلَانِ: أحدهما حده القتل، بكرًا كان أو ثيبًا، وبه قال رَبِيعَة وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم والباقر والصادق. وعند أبي بكر وابن الزبير وخالد بن الوليد وعلى أنه يحرَّق بالنار. وعند على أيضًا أنه يرجم. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ: إحداهما أنه يرجم. والثانية أنه ينظر أطول حائط في تلك القرية فيُرمى منه منكسًا، ثم يتبع بالحجارة. وعند أبي بكر أيضًا أنه يُرمى عليه حائط، والقول الثاني أن حده حد الزنى في الفرج فيجلد ويغرَّب إن كان بكرًا ويرجم إن كان ثيبًا، وهو الصحيح المشهور، وبه قال الحسن البصري وعَطَاء بن أبي رباح وعثمان البتي وأبو يوسف ومُحَمَّد وابن حُيي والنَّخَعِيّ وقتادة والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وَأَحْمَد في رِوَايَة، ومن الزَّيْدِيَّة الهادي والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا حد فيه ويجب التعزير. وعند الْإِمَامِيَّة إن كان ذلك فيما دون الدبر من الفخذين جلد الفاعل والمفعول به مائة جلدة، وإذا كانا بالغين عاقلين لا يراعى في جلدهما وجود الإحصان، وإنكان في الدبر فيجب فيه القتل من غير مراعاة الإحصان، ويتخير الإمام بين ضرب عنقه بالسيف وبين أن يلقى عليه جدارًا تتلف به نفسه، أو يلقيه من جدار أو جبل تتلف معه نفسه، أو يرميه بالأحجار حتى يموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ساحقت المرأة المرأة لم يجب عليهما الحد. وعند مالك يجب على كل واحدة منهما الحد. وعند الْإِمَامِيَّة تجلد كل واحدة منهما مائة جلدة. مع فقد الإحصان ووجوده، فإن قامت البينة عليهما بتكرير هذا الفعل منهما وإصرارهما عليه كان للإمام قتلهما كما يفعل باللوطي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ بهيمة ففي وجوب حده ثلاثة أقوال: أحدها لا يجب عليه الحد ويجب التعزير، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر العلماء، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى ومحمد. والثاني يجب قتله بكرًا كان أو ثيبًا، وبه قال أبو سلمة بن عبد الرحمن. وعند الْأَوْزَاعِيّ يجب عليه الحد. والثالث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم إن كان في فرج المرأة فيجلد ويغرَّب إن كان بكرًا ويرجم إن كان ثيِّبًا. وعند الزُّهْرِيّ يجلد مائة محصنًا كان أو غير محصن. وعند جابر بن زيد عليه الحد إلا أن تكون البهيمة له. وعند الْإِمَامِيَّة يغرب ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تقتل البهيمة في أحد الوجوه، وبه قال أحمد، ولا تقتل فى الوجه الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك. وتذبح إن كانت مما يؤكل لحمها، ولا

تقتل إن كانت مما لا يؤكل لحمها في الوجه الثالث. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ذبحت البهيمة لم يجز أكلها في أحد الوجهين ويجوز في الوجه الآخر، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ والحسن البصري وعثمان البتي وحماد وأبي بكر وعمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يثبت الزنا بإقراره مرة واحدة، واختاره ابن المنذر. وعند أبي حَنِيفَةَ وأصحابه وإِسْحَاق لا يثبت الزنا إلا بإقرار أربع مرات في أربعة مجالس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعند ابن أبي ليلى وَأَحْمَد يثبت بإقرار أربع مرات في مجلس واحد، وبه قال أبو إِسْحَاق أيضًا إذا شهد أربعة على رجل بالزنا وهو محصن فصدقهم رجم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يرجم إلا أن يكذبهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرَّ الأخرص أنه زنى وجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد إذا أقر بالزنا ثم رجع عن إقراره وقال لم أزن قُبل رجوعه، ولا يستوفى منه الحد. وهو إحدى الروايتين عن مالك. وعند سعيد بن جبير والحسن وقتادة وابن أبي ليلى وعثمان البتي وأَبِي ثَورٍ وداود وَمَالِك وَأَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى لا يُقبل رجوعه ويستوفى منه الحد. * * *

باب إقامة الحد

باب إقامة الحد مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للإمام أن يحضر موضع الرجم ولا يلزمه الحضور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الحضور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ثبت الزنا بالبينة لم يلزم البينة حضور الرجم، وإن حضروا لم يلزمهم البداية بالرجم، وكذا إذا حضر الإمام لم يلزمه البداية بالرجم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزم البينة الحضور، ويلزمهم البداية بالرجم، ثم الإمام، ثم الباقين، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وإن ثبت الزنا باعتراف الزاني لزم الإمام البداية بالرجم ثم الباقين، وبه قال أَحْمَد في الإقرار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أقل الطائفة التي تشهد إقامة الحد أربعة. وعند مجاهد وَأَحْمَد وابن عَبَّاسٍ أقلها واحد. وعند عَطَاء وإِسْحَاق اثنان، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند الزُّهْرِيّ ثلاثة. وعند رَبِيعَة خمسة. وعند الحسن البصري عشرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من الصحابة ومن التابعين كالحسن والنَّخَعِيّ وعلقمة والأسود، ومن الفقهاء كمالك وإِسْحَاق وسفيان والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه يجوز للسيد إقامة حد الزنا وحد الشرب والقذف على مملوكه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأكثر الزَّيْدِيَّة لا يجوز للمولى إقامة الحد على مملوكه، وإنما يجوز له تقريره. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إن كان في الزمان إمام لا يقيمه إلا الإمام، وإن لم يكن في الزمان إمام فإن المولى يملك إقامة الحد عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للسيد أن يعفو عن أمة وعبده إذا زنيا. وعند الحسن له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا كانت الأمة ذات زوج فاستيفاء الحد عليها إلى سيدها. وعند أَحْمَد إلى الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي عبيدة بن الجراح وابن مسعود لا يجرَّد المحدود ويترك عليه ثوب واحد. وعند قتادة وطاوس والنَّخَعِيّ والشعبي وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ تترك عليه ثيابه. وعند الْأَوْزَاعِيّ الإمام بالخيار إن شاء جرَّده وإن شاء تركه بثيابه. وعند مالك يترك على المرأة ما يسترها ويواريها ويجرَّد الرجل. وعند عمر بن عبد العزيز

يجلد المقذوف مجرَّدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجرَّد إلا في حد القذف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجلد الرجل قائمًا والمرأة جالسة. وعند أَحْمَد وَمَالِك يجلد الرجل والمرأة وهما جالسان. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ تجلد المرأة قائمة كالرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلى لا يرفع الجلاَّد يده بحيث يُرى إبطه. وعند عبد الملك بن مروان أنه يرفع يده حتى يرى بياض إبطه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يفرِّق الجلاد الضرب على جميع البدن ويتقي الوجه والفرج، وزاد أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد الرأس. وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند مالك يضرب الظهر وما قاربه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستوفى الضرب في حد الزنا والقذف ويخفَّف في حد الشرب وعند الحسن والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق الضرب في حد الزنا أشدُّ من الضرب في حد القذف، والضرب في حد القذف أشدَّ من الضرب في حد الشرب. وعند مالك الضرب فى الحدود كلها سواء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الزَّيْدِيَّة إذا كان البكر مريضًا مرضًا يرجى زواله كالحمى وغيرها أُخِّر حتى يبرأ ولم يجلد. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يعجل جلده. وإن كان يضر الخلق لا من علة لكنه يخيف الخلق، أو كان المرض لا يرجى زواله كالشلل والزمانة فإنه لا يحد حد الأقوياء، ولكن يضرب [بِإِثْكَالِ النَّخْلِ] وهو قضبانه فيجمع مائة شمراخ فيضرب بها دفعة واحدة، أو يضرب بأطراف الثياب والنعال. وعند مالك لا يضرب إلا بالسوط مائة مفرقة، فإن لم يمكن أُخِّر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجمع مائة سوط ويضرب بها دفعة واحدة. وعند أَحْمَد وكذا أَبِي حَنِيفَةَ لا يؤخر الحد على الإطلاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ترجم الحامل حتى تضع ويستفي الولد اللبن، فإن وجد من يرضع المولود رجمت، وإن لم يوجد لم ترجم حتى يوجد من يرضعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ترجم حتى تضع. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق لا ترجم حتى يفطم الولد بعد حولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وعمر وابن عمر المسافة التي يغرَّب إليها الزاني هي مسافة القصر. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يجزئ ذلك إلى دون القصر. وعند الشعبي ينفيه من عمله إلى عمل غيره. وعند ابن أبي ليلى يُنفى عن البلد التي يحدَّ بها ولم يحده شيء. وعند مالك يغرَّب عامًا في بلدة يحبس فيها ليلاً ثم يرجع إلى البلد الذي نُفي

عنه. وعند إِسْحَاق كل نفي من مصر إلى مصر جاز. وعند أَبِي ثَورٍ لو نفي إلى قرية أخرى بينهما ميلا أو أقل أجزأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يغسل المرجوم ويصلي عليه إن كان مسلمًا. وعند الزُّهْرِيّ لا يغُسَّل ولا يصلَّى عليه. وعند مالك لا يصلي عليه الإمام الأعظم ويصلي عليه غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعمر وعلى يكره إقامة الحدود في المساجد. وعند ابن أبي ليلى والشعبي لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحفر للمرجوم ولا للمرجومة إذا ثبت الزنا بإقرارهما، ويحفر لهما إن ثبت بالبينة. وعند بعض أصحابه الإمام بالخيار إذا ثبت بالبينة. وعند قتادة وأَبِي ثَورٍ وعلي يحفر للمرجوم. وعند أَبِي يُوسُفَ يحفر للمرجومة. وعند أحمد لا يحفر للمرجومة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كمل عدد الشهود وجب الحد، سواء شهدوا في مجلس واحد، أو في مجالس متفرقة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن شهدوا متفرقين لم يثبت الزنا وكانوا قذفة. وعند أَحْمَد يعتبر المجلس الواحد ما دام الحاكم جالسًا إلى آخر النهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تقادم العهد لا يمنع من قبول شهادة الشهود بالزنا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يمنع ولم يحده بحد. وحده أبو يوسف بشهر. وقال الحسن بن زياد: إن أبا حَنِيفَةَ حده بسنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة على إنسان بالزنا ثم ماتوا أو عادوا جاز للحاكم أن يحكم بشهادتهم ويجب الحد على المشهود عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يحكم بشهادتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة ظاهرهم العدالة على رجل بالزنا، وقال المشهود عليه: هم عبيد والبينة عليه دونهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ البينة على المشهود دونه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شُهد عليه بالزنا بامرأة وله منها ولد وأنكر الوطء لم يرجم. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يرجم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم الكافر ثم أقرَّ أنه زنى في حال الكفر فلا حد عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه الحد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يثبت اللواط إلا بما ثبت به الزنا، وهو أربعة شهود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت بشاهدين، وبناه على أصله، وهو أنه لا يوجب الحد. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا شهد شاهدان أنه زنى بامرأة مطاوعة، وشهد آخران أنه كأرهها لم تتم الشهادة في حق المرأة ولم يجب الحد عليها. وفي وجوب الحد على الرجل وجهان: أشهرهما أنه يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثاني لا يجب، وبه قال أبو يوسف ومحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكمل الزنا بأن شهد ثلاثة فإن الشهادة لم تتم على المشهود عليه. وفي حد الشهود قَوْلَانِ: أحدهما لا يحدُّون والثاني يحدون، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد شاهدان أنه زنى في قميص أحمر، وشهد آخران أنه زنى بها في قميص أبيض لم يثبت الحد عليها ولا على المشهود. وعند أَحْمَد وأبي حَنِيفَةَ يجب الحد على الشهود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة بالزنا فردًا لحاكم شهادة أحدهم بسبب ظاهر كالرق والفسق الظاهر، ففي وجوب الحد عليه ثلاثة أقوال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانوا فساقًا أو بعضهم لم يجب الحد عليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة بالزنا ثم رجع أحدهم وجب على الراجع الحدُّ، ولا يجب الحد على الثلاثة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجب عليهم الحد. وعند أحمد فى رِوَايَة يجب الحد على الثلاثة دون الذي رجع، واختارها أبو بكر من الحنابلة أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا وشهد أربع نسوة أنها عذراء لم يجب الحد عليها. وعند مالك يجب الحد عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شهد أربعة بالزنا وأضاف كل واحد منهم إلى راوية من زوايا البيت لم يجب الحد على المشهود عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجب الحد على المشهود عليه استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد اثنان أنه زنى بالبصرة وشهد اثنان أنه زنى بالكوفة لم تتم الشهادة على المشهود عليه، ويجب الحد على الشهود في أظهر القولين، وبه قال أحمد، واختاره الخرقي من أصحاب أَحْمَد أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحد الشهود وبه

قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة بالزنا واثنان بالإحصان فرجم ومات ثم رجعوا عن الشهادة ضمن شهود الإحصان ثلث الدية في أحد الوجوه، ولا يضمنان في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. ويضمنان في الثالث إن شهدا بالإحصان بعد شهود الزنا، ولا يضمنان إن شهدا قبل شهود الزنا. وعند زفر يضمنون نصف الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والهادي والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد ستة بالزنا ثم رجع ثلاثة منهم ضمنوا نصف الدية، وإن رجع اثنان لم يضمنا شيئًا. وعند بعض أصحابه يضمنان ثلث الدية. وعند أحمد وأَبِي حَنِيفَةَ إن رجع ثلاثة منهم لزمهم ربع الدية، وإن رجع اثنان لم يلزمهما شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شهد أربعة بالزنا فجلده الإمام ثم بان أن بعض الشهود عبد أو كافر لزم الإمام أرش الضرب. وعند أبى حَنِيفَةَ لا يضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شُهد عليهما بالزنا فقالا: نحن على زوجية لم يجب الحد عليهما. وعند النَّخَعِيّ وأَبِي ثَورٍ عليهما الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة عليه بالزنا وهو محصن وحُبس لينظر في عدالة الشهود فقتله قاتل نُظر إن كان الشهود عدو، فلا شيء على القاتل، وإن لم يكونوا عدو، فعليه القود إن كان القتل عمدًا، والدية على عاقلته إن كان القتل خطأ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ على القاتل القود إن كان القتل عمدًا، وإن كان القتل خطأ فعليه الدية عُدلوا الشهود أم لم يعدّلوا إذا لم يقض الحاكم برجمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا شهد الزوج مع ثلاثة على زوجته بالزنا لم تقبل شهادة الزوج وله أن يلاعن ويحد الثلاثة في أصح القولين، وبه قال ابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد. وهذا هو الأقرب من مذهب النَّاصِر الزيدي. وعند الحسن والشعبي والْأَوْزَاعِيّ وأبي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَبِي يُوسُفَ تقبل شهادته عليها، ويجب عليها حد الزنا، وبه قال الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في خطأ الإمام فيما يستوفيه من الحدود والقصاص قَوْلَانِ: أحدهما في بيت المال وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثاني على عاقلته. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. * * *

باب حد القذف

باب حد القذف مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ حد العبد في القذف أربعون وعند عمر بن عبد العزيز والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وداود وأبي بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم وقبيصة بن ذؤيب حده ثمانون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب الحد على الوالد وإن علا، ولا على الأم والجدة والجدّ بقذف الولد ولا ولد الولد وإن سفل. وعند مالك يكره له أن يحده، فإن حدَّه جاز. وعند عمر بن عبد العزيز وأَبِي ثَورٍ وابن المنذر يجب له الحدُّ عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى المقذوف بعد القذف وقبل الحد سقط الحد على القاذف. وعند أَحْمَد والْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وداود لا يسقط عنه حد القذف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة التعزير بالقذف لا يكون قذفًا إلا أن ينوي به القذف، سواء كان ذلك في حال الرضى أو في حال الخصومة والغضب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يكون قذفًا وإن نوى به القذف. وعند مالك وإِسْحَاق وكذا أحمد فى أشهر الروايتين أنه يكون قذفًا في حال الغضب أو الخصومة. وعند عمر يكون قذفًا وإن لم ينو به القذف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا علم المقذوف أن القاذف صادق بما قدَّمه جازت له المرافعة إلى الحاكم وطلب إقامة الحد على القاذف، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند مالك لا يحل له المرافعة إلى الحاكم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قال له بالوطء وأراد به يفعل فعل قوم لوط فإنه يكون قذفًا وعليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون قذفًا، وبناه على أصله أنه لا يجب بفعله الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال رجل لامرأته أو لغيرها يا زانية، فقالت له يا زاني كان كل واحد منهما قاذفًا لصاحبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصير قصاصًا، ولا يجب على أحدهما حد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومحمد، وَأَحْمَد، والمالكية إذا قال لرجل يا زاني كان صريحًا فى القذف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وابن حامد من الحنابلة لا يكون قذفًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال زنا في الجبل لم يكن قذفًا. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يكون قذفًا. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال زنات ولم يذكر الجبل فوجهان: أحدهما أنه لا يكون قذفًا إلا بالنية، وبه قال أبو يوسف ومحمد، والثاني أنه إن كان من أهل اللغة فليس بقذف. وإن كان من العامية فهو قذف، وبه قال ابن حامد من الحنابلة. وعند أبي حَنِيفَةَ هو قذف صريح بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لرجل أو امرأة زنى دبرك كان صريحًا في القذف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون ذلك قذفًا. بناه على أصله أن الحد لا يجب بالوطء في الدبر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: زنى بدنك أو جسدك أو شعرك أو عيناك أو يداك لم يجب به الحد في أحد القولين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قال: زنى بدنك وجسدك وجب به الحد، وبه قال: أبو العبَّاس بن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن أبي ليلى وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وأكثر العلماء إذا قال لعرني يا ليطى وأراد به ليس بعرني وجب عليه حد القذف. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجب عليه الحد وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حد القذف أو التعزير حق للمقذوف لا يستوفى إلا بمطالبته ويسقط بعفوه وإبرائه، وإن مات قبل الاستيفاء أو العفو ورث عنه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي حد القذف للَّهِ لا حق للمقذوف فيه، فلا يسقط بعفوه ولا إبرائه ولا يورث عنه. ووافق أبو حَنِيفَةَ الشَّافِعِيّ أنه لا يستوفى إلا بمطالبة الوارث. وعند الحسن البصري هو من حقوق الله تعالى لا يسقط بالعفو ولا يقف استيفاؤه على مطالبة الآدمي به. وعند أَبِي يُوسُفَ هو مشترك لا يجب إلا بالمطالبة ويسقط بالعفو. وعند مالك هو حق مشترك لا يجب إلا بالمطالبة، ويجوز العفو عنه قبل الرفع إلى الإمام ولا يحق بعد الترافع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف زوجته وأمها وجب عليه لكل واحدة منهما حد، وله إسقاط حد زوجته باللعان. وليس له إسقاط حد أمها باللعان، وإذا حد للأم لم يسقط

حق الزوجة، وإذا لاعن الزوجة لم يسقط حد الأم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط حد الأم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها: لم أجدك عذراء فلا حد عليه. وعند سعيد بن المسيب يجلد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف رجل امرأة رجل وقال له الرجل: صدقت، فإن نوى بتصديقه القذف كان قذفًا، وإن لم ينو به القذف لم يكن قذفًا. وعند أَبِي ثَورٍ يكون قذفًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون قذفًا بكل حال. وبناه على أصله أن القذف لا يكون إلا بتصريح اللفظ ولا يثبت بالكناية. وعند أَحْمَد الحد على الأول خاصة وعند زفر عليهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف امرأته ثم لاعنها فأجابت لعانه، ثم قذفها أجنبي بالزنا الذي قذفها به الزوج حد لها، إلا أن يقيم البينة على زناها فلا يحد لها بحد. وعند أبي حَنِيفَةَ إن لاعنها وتقرر حملها وكان الحمل حيًا حُدَّ الأجنبي، وإن لم ينف حملها أو نفاه ولكن مات الولد لم يحد لها الأجنبي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها رأيتك تزنين حال الإحصان في كفرك لم يجب عليه الحد وعند مالك عليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف جماعة بكلمة واحدة وجب عليه حد واحد في القول القديم، وبه قال ابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومالك، ووجب عليه لكل واحد منهم حد في القول الجديد، وبه قال الحسن وأبو ثور وَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان بكلمات واحدة حُدَّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب حد واحد. وعند أَحْمَد أيضًا إن جاءوا مجتمعين فحد واحد، وإن جاءوا متفرقين فحدود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له يا ابن الزانيين وكانا ميتين، فإن كانا محصنين ثبت له الحد على القاذف، والحد على سبيل الإرث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت له الحد ابتداء، لأن الميت لا يثبت له الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال له يا زاني، ثم أقام البينة أنه زنى فى حال كفره لم يُحدُّ. وعند مالك يُحدُّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب الحد على قذف يهوديًا أو نصرانيًا أو يهودية أو

نصرانية. وعند سعيد بن المسيب والزُّهْرِيّ وابن أبي ليلى إذا قذف نصرانية ولها ولد مسلم وجب عليه الحد. وعند بعض الناس إذا كانت تحت مسلم لزمه الحدُّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده لست لأبويك، وأبواه حران مسلمان قد ماتا لم يجب عليه الحد. وعند أَبِي ثَورٍ عليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال أشهدني فلان أو أخبرني، أو يقول بأنك زنيت، فإنه لا حد عليه ولا يلزمه إقامة البينة على ذلك. وعند مالك يلزمه إلا أن يقيم البينة على ما ادَّعاه من إخبار من أخبره بذلك فتنتقل المطالبة إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قذف أجنبيًا فحد له، ثم قذفه ثانيًا بذلك القذف لم يحد له. وعند ابن القاسم من المالكية يحدُّ له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج مجوسي بأمه أو أخته ثم أسلامًا وفُرق بينهما، فإن قذفه قاذف فعليه الحد. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا حدَّ عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادُّعى عليه القذف وأنكر ولم يكن للمدَّعي بينة، فالقول قول المدَّعى عليه فيحلف ويبرأ. وعند الشعبي والثَّوْرِيّ وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ لا يحلف المدَّعى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى القاذف أن بينته غائبة أمهل ثلاثة أيام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المزيد عن الهادي. وعند القاسم والهادي منهم أنه يمهل مدة يمكنه فيها المجيء بشهوده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المسلم إذا سبَّ أم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو سبها الذمي ثم أسلم ثم تاب قبلت توبته. وعند أَحْمَد وَمَالِك في الأولى لا تقبل توبته، وفي الثانية رِوَايَتَانِ: إحداهما تقبل، والثانية لا تقبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب الحد على قاذف العبد. وعند داود يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قذف من لم يحكم ببلوغه، إلا أنه يصح منه المجامعة فلا حد عليه. وعند أَحْمَد عليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لامرأة: زنيت، فقالت: بك زنيت لم يكن قذفًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو قذف.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكون ذلك إقرار حتى لا يسقط حد القذف به إذا وجب. وعند أَحْمَد هو إقرار منها ويسقط به حد القذف على القاذف ويوجب الحد عليها إذا تكرَّر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وجب على ذمّي أو مرتد حد القذف، ثم لحقا بدار الحرب، ثم عادا لم يسقط الحد عنهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط. * * *

باب قطع السرقة

باب قطع السرقة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا قطع على المختلس والمنتهب والجاحد والخائن، وبه قال عمر وعلى في المختلس. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يجب عليهم القطع. وعند إياس ابن معاوية يجب القطع على المختلس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرق العبد من مال غير سيّده وجب عليه القطع، سواء كان آبقًا من سيّده أم لا. وعند سعيد بن العاص وابن عباس ومروان وأَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع إذا كان آبقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عمر، وعائشة ومالك واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وعامة العلماء تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا. ويقوم غير الذهب بالذهب، إلا أن عند مالك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ تقطع أيضًا في ثلاثة دراهم والثلاثة الدراهم والربع الدينار أصلان يقوَّم بهما غيرهما. وعند داود وشيعته والخوارج تقطع في القليل والكثير، واختاره ابن بنت الشَّافِعِيّ، وبه قال الحسن البصري في رِوَايَة. وعند عثمان البتي تقطع في سرقة درهم من دراهم الْإِسْلَام، ولا تقطع بما دون ذلك. وعند أبي هريرة وأبي سعيد الخدري تقطع سرقة أربعة دراهم ولا تقطع بما دونها.، وعند سليمان بن يسار وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ تقطع سرقة خمسة دراهم ولا تقطع بما دونها. وعند عَطَاء وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وابن مسعود، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر تقطع في سرقة عشرة دراهم مضروبة وهي قيمة الدينار عندهم، وتقوَّم سائر الأشياء بالدراهم. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إذا سرق عشرة دراهم قطع، وإن لم تبلغ قيمتها دينارًا. وعند ابن الزبير تقطع في نصف دينار، وبه قال الحسن البصري في رِوَايَة ثالثة. واختلف النقل عن النَّخَعِيّ، فنقل عنه صاحب الشامل والشاشي أنه لا تقطع اليد إلا في أربعين درهمًا. ونقل عنه صاحب البيان أنها تقطع في خمسة دراهم. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا سرق نصابًا من التبر ففي وجوب القطع وجهان: أحدهما تقطع، وبه قال مالك وَأَحْمَد. والثاني لا تقطع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب القطع بسرقة الثمار الرطبة

كالرطب والعنب والتين والتفاح وما أشبهها أو سرقة البقول والرياحين والطعام الرطب كالشواء والطبيخ والهريسة إذا بلغت قيمته نصابًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القطع بسرقة شيء من ذلك بحال. وعند الثَّوْرِيّ إن كان مما يبقى يومًا أو يومين وأكثر مثل الفواكه وجب القطع بسرقتها، وإن كان مما لا يبقى كالشواء والهريسة وما أشبهها لم يجب به القطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من سرق من الثمار على رءوس النخل والشجر في الحرر فأخرجه من الحرر قطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قطع عليه إذا سرق بعد اجتناء الثمرة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك يجب القطع بما كان أصله على الإباحة كالصيود، والطيور، والأخشاب والحشيش والقار والنفط وغير ذلك إذا بلغت قيمته نصابًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق لا يجب القطع في شيء من ذلك، إلا أن يكون ساجًا أو أبنوسًا أو صندلاً أو عودًا أو قناء أو كان معمولاً من الأخشاب كالأبواب وغيرها، كذا نقل في المعتمد والشاشي وبلغة المستعجل ذلك عن أَبِي حَنِيفَةَ، واقتضاه نقل الشيخ أبي إِسْحَاق في النكت عنه، ولم ينقل صاحب البيان والفوراني عن أَبِي حَنِيفَةَ إلا استثناء الساج لا غير وكلهم لم يذكروا الخلاف إلا عن أبي حَنِيفَةَ وحده، إلا صاحب المعتمد فإنه أضاف إليه أَحْمَد وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القطع بسرقة القرون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القطع بسرقتها معمولة كانت أم غير معمولة. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا كانت معمولة وجب القطع بسرقتها كالخشب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القطع بسرقة المصحف وسائر الكتب إذا بلغت قيمتها نصابًا، أو كان عليها حلية تبلغ ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القطع بسرقة المصحف ولا الكتب، ولو كان عليها حُلي يساوي نصابًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وزيد بن علي إذا اشترك جماعة في سرقة نصاب فلا قطع على واحد منهم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، وهو الصحيح عند النَّاصِر. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ والْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة الهادي والنَّاصِر يجب القطع على جميعهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا انفرد كل واحد منهم بالإخراج اعتبر كل واحد

منهما، فإن بلغ نصابًا قطع، وإن لم تبلغ نصابًا لم تقطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجمع جميع ما أخذوه ويضم بعضه إلى بعض، فإن بلغ ما يخص كل واحد منهم نصابًا قطعوا، وإن لم يبلغ ما يخص كل واحد منهم نصابًا لم يقطعوا. ويتصور الخلاف معه في فصلين أحدهما: أن يخرج أحدهما أقل من النصاب، والآخر أكثر من النصاب، فيقطعان عنده. وعند الشَّافِعِيّ وَمَالِك لا يقطع الذي أخرج دون النصاب، ويقطع الذي أخرج أكثر من النصاب. وعند مالك في رِوَايَة أيضًا إن كان ما حملوه في دفعة نقلاً لا يقدر أحدهم على حمله قطعوا، وإن كان يقدر أحدهم على ما يحمله لم يقطعوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نقب جماعة حررًا ودخلوا فأخرج بعضهم المال ولم يخرج الباقون شيئًا، فإن بلغت قيمة ما أخرجه كل واحد منهم نصابًا وجب عليه القطع ولم يجب على الذين لم يخرجوا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد القياس أن لا يجب القطع إلا على المخرج، فإن كان ما أخرجه بعضهم يبلغ قيمة ما نصب كل واحد منهم نصابًا قطعوا كلهم استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القطع فيما سُرق من غير حرز. وعند داود وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ الحرز يختلف باختلاف المال المحرَّز، وقد يكون الحرز حرزًا لبعض الأموال دون بعض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ما كان حرزًا لشيء من الأموال كان حرزًا لجميع الأموال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سرق غزلاً أو حوالقًا أو رزمة وهناك حافظ وجب القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دخل الحرز وجمع المتاع ولم يخرجه لم يقطع. وعند داود يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة، وابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري، والنَّخَعِيّ، ورَبِيعَة، وحماد، ومالك، وأَبِي يُوسُفَ، وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نبش قبرًا وأخذ منه الكفن قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ لا تقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سرق من الحمام قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الإبل مقطرة وهي سائرة، فحرزها أن يكون سائقها ينظر إليها وبلغها صوته إذا زجرها، أو يكون قائدها إذا التفت رآها ويبلغها صوته. وشرطه أن يكثر الإلتفات إليها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تكون محرزة إذا كان معها قائد إلا التي زمامها بيده. وما سواها فليس بحرز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق المعاليق التي تكون على الحمل وتساوي نصابًا قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق من الإبل ما يساوي نصابًا قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن سرق الحمل والجمل لم تقطع. وإن فتق الحمل وأخذ منه متاعًا قطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقَّب الحرز وأدخل يده في النقب فأخرج منه نصابًا قطع، وإن لم يدخل بنفسه وكذا إذا أدخل محجنًا وأخذ المتاع به إلى خارج الحرز قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع إلا أن يكون النقب صغيرًا لا يمكنه الدخول فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شقَّ الثوب في الحرز، أو ذبح الشاة ضمن بذلك ما نقص من قيمة الثوب والشاة، فإن أخرجهما من الحرز وقيمتهما بعد الإخراج نصابًا أوجب القطع، وإن لم يبلغا فلا قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع في الشاة، لأن الأشياء الرطبة لا يجب القطع بسرقتها عنده، وفي الثوب إن خرق طولاً لم يجب عليه القطع، لأنه بالخيار إن شاء دفع قيمته ويملكه فيكون قد أخرجه وجميعه ملكه، وإن خرقه عرضًا وجب عليه القطع إذا كانت قيمته نصابًا بعد الخرق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ نقص قيمة المَسْرُوق بعد الإخراج من الحرز لا يسقط القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا سرق فضة فضربها دراهم أو ذهبًا فضربه دنانير وجب القطع وردُّ العين. وعند أَبِي ثَورٍ ومُحَمَّد يجب القطع ولا يلزمه ردّ العين. وبنى ذلك على أصلهما فيمن غصب فضة فضربها دراهم، أو ذهبًا فضربها دنانير أنه يسقط حق صاحبها منها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج نصابًا من الحرز ثم رده إليه لم يسقط القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نقب اثنان حرزًا ودخل أحدهما وأخذ

متاعًا وناوله الآخر قُطع المخرِج، وكذا لو رمى بالمتاع إليه قطع الرامى به أو أدخل الخارج يده إلى الحرز فأخرج المتاع ثم رده إلى الحرز وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قطع على واحد منهما في هذه المسائل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقب اثنان الحرز ودخل أحدهما وقرَّب المتاع إلى النقب وأدخل الخارج يده فأخرجه وجب القطع على الخارج دون الداخل. وعند أبى حَنِيفَةَ لا قطع على واحد منهما. وعند أَحْمَد يجب القطع عليهما جميعًا. وعند ابن نصر المالكي الخارج يقطع وفي الداخل احتمال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقب اثنان الحرز ودخل أحدهما وربط المتاع بحبل فجرَّه الخارج وأخرجه وجب القطع على الخارج دون الداخل. وعند مالك يجب القطع عليهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرق التمر المعلَّق فلا قطع عليه وعليه غرامة مثله. وعند أَحْمَد يجب عليه غرامة مثليه. وعند أَبِي ثَورٍ تقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الدار فيها حجر لكل واحد منها باب يغلَّق، فسرق سارق الحجر وأخرجه إلى الدار وجب عليه القطع. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا قطع عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق الضيف من البيت الذي أحرز وأقفل دونه وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قطع عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن علي إذا سرق ما ليس مال كالكلب والخنزير، والخمر يقطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم. وعند عَطَاء إن سرق الخمر والخنزير من الذمي قطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة، يَحْيَى، وكذا نقول في الصليب إذا كان على جهته يساوي نصابًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وشريح لا يجب القطع بسرقة الكلب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجب القطع بسرقتها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق إناءً يساوي نصابًا فيه خمر أو بول وجب عليه القطع. وعند أبى حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا قطع عليه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق صليبًا أو طنبورًا أو مزمارًا تساوي مفصلة نصابًا قطع.

وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا قطع عليه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إذا سرق عبدًا من حرز وهو نائم وجب عليه القطع، وإن كان مستيقظًا، فإن كان صغيرًا لا يعقل أو كبيرًا أعجميًا لا يفهم ولا يميز بين سيّده وغيره في الطاعة، أو مجنونًا وجب القطع. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يقطع بسرقة الآدمي بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرق حرًا صغيرًا لم يجب القطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي وأبو طالب: وعند الحسن والشعبي ومالك وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة يجب عليه القطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أنصار الهادي والداعي. مسألة: عند أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وهو الأصح إذا سرق حرًا صغيرًا وعليه حلى تبلغ نصابًا لم تقطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. وعند بعض الشَّافِعِيَّة تقطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سرق مسلم من مال بيت المال أو من الغنيمة وهو من أهلها لم يقطع. وعند مالك وَأَحْمَد وحماد وأَبِي ثَورٍ يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذ سرق من ستارة الكعبة المعلَّقة عليها ما يساوي نصابًا قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقطع الوالد بسرقة مال ولده وإن سفل من قبل البنين أو البنات، وكذا الولد لا يقطع بسرقة مال والده وإن علا، وسواء في ذلك الأجداد من قبل الأب أو من قبل الأم، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي ثَورٍ يقطع كل واحد منهما بسرقة مال الآخر. وعند مالك يقطع الولد بسرتة مال الوالد ولا يقطع الوالد بسرقة مال الولد. وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق من مال ذي رحمه غير الوالدين والأولاد، بأن سرق من مال أخيه أو ابن أخيه، أو ابن أخته، أو عمه ومن أشبههم وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا سرق من مال ذي رحم يحرم له كالأخ أو ابن الأخ والعم والخال ومن أشبههم لم يجب عليه القطع. وإن سرق من مال ابن العم أو ابن الخال ومن

أشبههما وجب عليه القطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق العبد من مال سيّده لم يقطع. وعند أَبِي ثَورٍ وداود يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق أحد الزوجين من مال الآخر ما هو محرَّز عنه ففي قطعه ثلاثة أقوال: أحدها لا يقطعان، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثاني تقطعان، وبه قال مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق. والثالث يقطع الزوج ولا تقطع الزوجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقب رجلان حرز الرجل ودخلا وأخذا نصابين أحدهما ولد صاحب الحرز، أو والده. أو نقب صبي وبالغ حرزًا وأخذا نصابين وجب القطع على الأجنبي والبالغ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لم يجب عليهما القطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب رجل من رجل نصابًا وأحرزه في حرز له وسرقه سارق من ملك الحرر فإنه لا قطع على الغاصب، وليس للغاصب مطالبة السارق برد العين المغصوبة إليه قبل أن يطالبه المالك بردها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له المطالبة بردها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا استأجر بيتًا وجعل فيه متاعه فنقب المؤجر البيت وأخذ المتاع قطع. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار بيتًا وجعل فيه متاعًا فنقبه المعير وأخذ المتاع وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وهب المَسْرُوق منه السارق ما سرقه لم يسقط القطع عنه، سواء كان ذلك قبل الترافع إلى الحاكم أو بعده. وكذا إذا باعه منه إلا أن يكون ذلك قبل الحكم به فيسقط القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط القطع، سواء كان قبل الترافع إلى الحاكم أو بعده. وعند قوم من أصحاب الحديث وأبي يوسف وابن أبي ليلى إن وهبها منه قبل الترافع سقط القطع، وإن وهبها منه بعد الترافع لم يسقط القطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن علي وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تثبت السرقة والقطع والغرم بالإقرار مرة واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وزفر وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يثبت القطع إلا بالإقرار مرتين، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أقرَّ بالسرقة ثم رجع عن إقراره سقط عنه القطع. وعند ابن أبي ليلى وداود لا يسقط عنه القطع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا أقرَّ بالسرقة أو تبيَّنت عليه ببيّنة والمَسْرُوق منه غائب لم يقطع حتى يحضر المَسْرُوق منه ويطالب بالمَسْرُوق، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند ابن أبي ليلى وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة يقطع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد والهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقب مراح الغنم وأخرجه من الحرز وبلغ قيمته نصابًا وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. وبناه على أصله وهو أن الأشياء الرطبة لا توجب القطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سرق المغصوب من الغاصب لم يجب عليه القطع. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجب، به قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأحمد إذا سرق المَسْرُوق من السارق لم يقطع. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق منديلاً لا يساوي نصابًا وفي طرفه ربع دينار لم يعلم به وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه القطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقطع الظرَّار سواء ظر من داخل الكم أو من خارج الكم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق ومُحَمَّد إن ظر من خارج الكم لم يقطع، وإن ظرَّ من داخله قطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ادَّعى السارق أن المَسْرُوق له يجب عليه القطع. وعند مالك يجب عليه القطع. وعند أَحْمَد في رِوَايَة يقبل منه إذا لم يكن معروفًا بالسرقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق ممن له عليه دين بقدر حقه وهو باذل له قطع. وعند الشعبي وأَبِي ثَورٍ لا يقطع. وحكاه أيضًا أبو ثور عن الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قال: أردت أن يكون رهنًا بحقي لم يقطع وإن لم يقل ذلك قطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان لرجل على رجل دين، فسرق رب الدين من ماله لم يقطع وإن كان خلاف جنس حقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان من جنس حقه لم يقطع،

وإن لم يكن من جنس حقه قطع. وعند النَّاصِر والهادي من الزَّيْدِيَّة يقطع وإن كان من جنس حقه. مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ أنه إذا قامت البينة عليه أنه سرق فادَّعى السارق أن رب المنزل أمره بالدخول لم يقطع. وعند أَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق واحد فردَّ السرقة على أهلها ثم رفع إلى الإمام قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحدث في العين ما ينقص به قيمتها كقطع الثوب وغير ذلك وجب ردّ العين وأرش النقص ويقطع وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان أحدث بها ما لا يقطع حق المالك عنها ردّ العين ولا يضمن النقص إذا قطعت يده، وإن كان مما يقطع حق المالك منها كخرق الثوب وخياطته إذا قطع لم يجب ردّ العين ويسقط حق المالك فيها. وإن كانت زيادة في العين مثل أن صبغه أحمرًا أو أصفرًا لم يجب ردّ العين إذا قطع. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يرد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق ثم قطع يد إنسان، خُيّر المقطوع يده فإن اختار القصاص اقتص له ودخل فيه حد السرقة، وإن اختار الدية أخذ الدية وقطع في السرقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقتص له ويسقط حق السرقة. وعند مالك يقطع في السرقة ولا شيء للمقطوع يده. مسألة: ليس للشافعي نص في الشفاعة في الحد قبل بلوغ ذلك الإمام، والذي يقتضيه مذهبه أنه لا بأس بذلك، وروى ذلك عن الزبير بن العوام وابن عَبَّاسٍ وعمار ابن ياسر وكره ذلك ابن عمر. وعند مالك إن لم يكن معروفًا بأذية الناس فلا بأس بالشفاعة، وإن كان معروفًا بالشر فلا يشفع له. مسألة: الذي يجيء على مذهب الشَّافِعِيّ أنه إذا دخل رجل دار رجل فقتله صاحب الدار، وادَّعى القاتل أنه دخل ليسرق، وأنه لم يتمكن من إخراجه إلا بذلك أنه لا تقبل دعواه ذلك ويجب عليه القود، وإن لم يعرف بها وجب عليه القود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر العبد بسرقة تقتضي القطع وكذبه المولى لزمه القطع. وعَند أَحْمَد والْمُزَنِي وابن جرير الطبري. وأَبِي يُوسُفَ وزفر لا يقبل إقراره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرَّ العبد بسرقة مال في يده قطع، وسُلّم المال إلى المولى في

أحد القولين، وبه قال أبو يوسف، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسلَّم المال إلى المَسْرُوق منه صدقه المقرَّ له يثبت القطع دون المال، وكذا عند أَحْمَد لو أقر بسرقة مال قد تلف لم يثبت المال به بعد العتق وبقطع في الحال. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وكذا الداعي منهم عن الهادي أنه لا يقبل إقراره وإن صدقه المقر له ويكون المال للمولى ولا يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقطع المسلم بسرقة مال المستأمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقطع المستأمن بسرقة مال المسلم في أحد القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد ولا يقطع في الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كانت أصابع يد السارق ساقطة قطع ما بقي من الكف. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيَّد عن الهادي. وعند أبي طالب منهم عن الهادي أنه لا يقطع إلا إذا علا الكف أصبع أو أصبعين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا سرق ثانيًا بعد أن قطعت يده اليمنى قطعت رجله اليسرى. وعند عَطَاء تقطع يده اليسرى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي بكر وعمر تقطع من السارق في الثالثة يده اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وعلي رضي اللَّه عنه، وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا تقطع في الثالثة ولا في الرابعة بل يحبس. وروى عن علي أيضًا أنه قال: إني استحيي من الله أن أدعه ليس له يد يأكل بها ولا رجل يمشي بها. وعند الْإِمَامِيَّة إذا سرق النصاب من حرز مثله قطعت يمينه، فإن سرق ثانية قطعت رجله اليسرى، فإن سرق ثالثة بعد قطع رجله اليسرى خلد في الحبس إلى أن يموت، أو يرى الإمام رأيه، فإن سرق رابعة في الحبس ما هو نصاب ضربت عنقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق خامسة عُزّر وحبس ولا يقتل. وعند عثمان بن عفان، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعمر بن عبد العزيز يقتل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تقطع اليد من الكوع والرجل من مفصل الساق والقدم. وعند قوم من السلف والروافض والْإِمَامِيَّة وعلي في إحدى الروايتين عنه تقطع الأصابع دون الكف والإبهام، وتقطع الرجل من مفصل الشراك ويترك له ما يمشي

عليه. وعند الخوارج تقطع اليد من المنكب. وروى عنهم من المرافق أيضًا. وعند أبي ثور تقطع الرجل من شطر القدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من سرق ولا يمين له أو كانت وهي شلَّاء وقال أهل الخبرة أنها إذا قطعت لم تسد عروقها قطعت رجله اليسرى، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد عن الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق وله يد يمين كاملة الأصابع، وله يد يسار شلَّاء أو ناقصة الإبهام، أو ناقصة أصبعين من الأصابع الأربع، أو كانت شلاء لم تقطع يده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرق من رجل عينًا وقطعت يده فيها ثم ردت العين إلى مالكها فسرقها هذا السارق مرة ثانية قطعت رجله بها، وكذا إذا سرقها ثالثًا قطعت يده، وإن سرقها رابعًا قطعت رجله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا قطع بسرقة غير مرة لم يقطع بسرقتها مرة أخرى، سواء سرقها من مالكها الأول أو من غيره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن البصري وحماد وإِسْحَاق وزفر وَأَحْمَد وعثمان البتي وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وداود القطع والغرم يجتمعان حتى إذا سرق نصابًا يجب فيه القطع، وتلف النصاب لزمه الغرم والقطع. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الثَّوْرِيّ وابن سرين والشعبي ومَكْحُول وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة الغرم والقطع لا يجتمعان. حتى إذا أثبت المَسْرُوق منه السرقة عند الحاكم، فإنه يقطعه ولا غرم عليه، وإن طالبه المَسْرُوق منه بالغرامة وغرم سقط عنه القطع. وإن أتلف النصاب بعد ما قطع غَرِمه عند أَبِي حَنِيفَةَ. ورواه عنه الحسن بن زياد. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يغرمه. وعند مالك يقطع بكل حال، فإن كان موسرًا غرم، وإن كان معسرًا فلا غرم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا باع السارق ما سرقه وتلف عند المشتري فصاحبه بالخيار إن شاء طالب المشتري وإن شاء طالب السارق بالضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة لا ضمان على واحد منهما بعد التلف بناءً على أن الضمان والقطع لا يجتمعان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع يسار السارق عمدًا لم يجزئه عن الْيَمِين. وعند أبي

حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غلط القاطع فقطع يسار السارق لم يسقط القطع في أحد القولين، ويسقط في الآخر، ويجب على القاطع الدية دون القود. وعند مالك يجزئ ولا دية على القاطع. * * *

باب حد قاطع الطريق

باب حد قاطع الطريق مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الآية نزلت في حد قاطع الطريق. وعند بعض الناس والحسن نزلت في أهل الذمة إذا نقضوا الذمة ولحقوا بدار الحرب وأخافوا السبيل، وبه قال ابن عَبَّاسٍ في رِوَايَة عنه. وعند ابن عمر وأنس نزلت في المرتدين من العرنيين حين ارتدوا وقتلوا الرعاء واستاقوا إبل المسلمين فأنفذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من جاء بهم وقطع أيديهم، وأرجلهم وسمل أعينهم وألقاهم في الحرة حتى ماتوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وقتادة وأبي مجلز وحماد واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الحدود المذكورة في الآية في قطاع الطريق على الترتيب، إن قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا وتحتم قتلهم ولا يدخله العفو. وإن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا. وإن أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قتلوا ولم يأخذوا المال وجب عليهم القتل كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، وإن أخذوا المال ولم يقتلوا قطعوا كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه. وإن قتلوا وأخذوا المال فاختلف النقل عنه، فنقل عنه صاحب البيان والشاشي أن الإمام فيهم بالخيار بين أن يقتلهم ويصلبهم، أو يصلبهم ويقطعهم، أو يقطعهم ويقتلهم ويصلبهم. والنفي عنده الحبس. ونقل عنه الفوراني وابن الصباغ، والشيخ أبو حامد. وصاحب الدر الشفاف أن الإمام فيهم بالخيار بين القتل والقطع دون الصلب، وبين القتل والصلب دون القطع، وبين الجمع بين الثلاثة. ونقل عنه صاحب المعتمد أن الإمام فيهم بالخيار بين القتل والصلب وبين القتل والقطع أو الاقتصار على القتل. وعند أَحْمَد إذا أخذوا المال وقتلوا فإنهم يقتلون ويصلبون ولا يقطعون. وعنده رِوَايَة أخرى أنهم يقطعون ويقتلون. وعند مالك أن هذه الأحكام المذكورة في الآية على التخيير دون الترتيب، وهي موكولة إلى اجتهاد الإمام، وله أن يقتلهم إذا رآه ونظر، وإن لم يكن قتلوا حبسهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهروا السلاح وأخافوا السبيل ولم يأخذوا المال ولم يقتلوا عُزّروا وإن رأى الإمام أن يحبسهم حبسهم، والأولى غير بلدهم. وعند مالك ينظر الإمام فيهم فمن كان منهم ذا رأى قتله، ومن كان جلدًا ولا رأى له قطعه، ومن لم يكن ذا رأي ولا جلد حبسه. وعند سعيد بن المسيب والحسن ومجاهد وعَطَاء والنَّخَعِيّ

والضحاك وداود إذا شهروا السلاح وأخافوا السبيل فالإمام فيهم بالخيار بين أربعة أشياء: بين القتل أو القطع للأيدي والأرجل أو الحبس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أخذ المحارب دون النصاب لم يقطع. وعند بعض أصحابه يقطع. وعند مالك إن رأى الإمام قطعه في ذلك قطعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد، واختاره أبو بكر من أصحابه حكم قطَّاع الطريق إذا أخذوا المال وقتلوا، أو أخذوا المال ولم يقتلوا، أو قتلوا ولم يأخذوا المال من المصر أو من البلد حكمهم إذا فعلوا ذلك في الصحراء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك قطاع الطريق الذين تتعلق بهم هذه الأحكام هو إن فعلوا ذلك على ثلاثة أميال من المصر فصاعدًا، فإن فعلوا ذلك على أقل من ثلاثة أميال، أو كانوا في المصر لم تتعلَّق بهم هذه الأحكام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق واختاره من الحنابلة الخرقي، وأبو حفص، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي لا تتعلَّق بهم هذه الأحكام إلا إذا كانوا في البرية، فأمَّا إذا كانوا في مصر أو قرية أو بين قريتين متقاربتين فلا تتعلق بهم هذه الأحكام وتوقف أَحْمَد في هذه المسألة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن مع قطَّاع الطريق سلاح لكن خرجوا بالعصا والحجارة فهم محاربون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليسوا محاربين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حد قاطع الطريق يختص بالمباشر دون المُعين والمكثر والمهيب، وإنما يجب على المُعين والمكثر والمهيب التعزير والحبس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأكثر العلماء يجب على المكثر والمهيب والمعين ما يجب على الذي أعانه من القطع أو القتل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يتحتم الصلب في حق المحارب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو إلى رأي الإمام إن شاء فعله وإن شاء تركه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان في قطَّاع الطريق امرأة فأخذت المال وقتلت وجب عليها حد قاطع الطريق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليها ولا على من كان ردءًا لها، إلا أنه يوجب عليها القتل قصاصًا وهكذا ضمان المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل المحارب ولم يأخذ المال وجب قتله قودًا لولي المقتول، ويتحتم قتله بحق اللَّه تعالى فلا يجوز للإمام تركه، فوجوب القتل حق للآدمي وانحتامه حق للَّهِ تعالى. وعند بعض الناس يتحتم القتل بل إن شاء الولي قتل وإن شاء عفا عنه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المحارب إذا قطع يد رجل وقتل آخر قطعت يده ثم قتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يدخل الجرح في القتل، وكذا عنده إذا قطع يسار رجل وأخذ المال قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ولا تقطع يساره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الصلب المذكور في الآية يفعل بعد القتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعند الهادي وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. وعند بعض أصحابه يصلب حيًا ويترك حتى يموت. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك يصلب حيًا ثم يقتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصلب حيًا ثلاثًا ثم تبقج بطنه بالرمح حتى يموت. وعند أبي حَنِيفَةَ أيضًا إن شاء فعله قبل القتل، وإن شاء بعده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة النفي المذكور في القرآن هو أن يطلب ليقام عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي هو الحبس حتى يتوب إذا أخاف السبيل ولم يقتل، ولم يأخذ المال. وعند أَحْمَد النفي إذا قتلوا ولم يأخذوا المال أن يسروا في البلاد فلا يتركوا يقيموا في بلدة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة النفي الطرد والحبس سنة. وعند الهادي منهم أنه الطرد من بلده سنة. وعند مالك ينفى من بلد إلى بلد ويحبس في السجن ولا ينفى إلى بلد الكفر. وعند الشعبي ينفيه عن عمله. وعند الحسن يُنفى حيث لا يقدر عليه. وعند بعض الناس ينفى من بلد إلى بلد كالزاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استحق القتل أو القطع على المحارب قتل ولم يقطع، وبه قال أبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقطع ثم يقتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان في قطَّاع الطريق أب أو ابن للمقطوع عليه لم يسقط الحد عن الباقي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط الحد عن الباقي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل الأب ابنه في المحاربة قتل في أحد القولين، وبه قال مالك، ولا يقتل في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حبس المحدود في المحاربة مع القتل لم يسقط وعند أبي حَنِيفَةَ يسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحدود المتعلقة بغير المحاربة مع القتل إذا فعلها المحارب وتاب قبل أن يصير في قبضة الإمام سقطت في أحد القولين، وبه قال أحمد، ولا تسقط في

القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فعلها في غير المحاربة وتاب وأصلح فإنها تسقط في أحد القولين ولا تسقط في الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ الحدود المختصة بالمحاربة إذا تاب عنها قبل القدرة عليه سقطت، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره المؤيَّد منهم. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع حد القذف وحد الزنا والسرقة قُدِّم حد القذف على الزنا والسرقة. وفي حد الشرب وجهان: أحدهما يُقدم حد الشرب على حد القذف، والثاني يقدم حد القذف عليه، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يُقَدَّم حد القذف ويؤخر حد الشرب ويتخير في حد الزنا والشرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع حد القذف وحد الرب لم يتداخلا. وعند مالك يتداخلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمعت عليه حدود قَتل، مثل أن قذف وزنى وسرق في غير المحاربة وأخذ المال في المحاربة وقتل في غير المحاربة، فإنه تُستوفى عليه الحدود كلها ولا تسقط بالقتل، فيبدأ بحد القذف ثم بحد الزنا، ثم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ثم القتل. وعند عَطَاء والشعبي والنَّخَعِيّ وحماد تسقط الحدود كلها ويكتفى بالقتل، وبه قال مالك إلا في حد القذف. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق تسقط حقوق الله تعالى مع القتل ولا تسقط حقوق الآدمي. * * *

باب حد الخمر

باب حد الخمر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الخمر حرام بالإجماع، وما روى عن قدامة بن مظعون، وعمرو بن معديكرب أنهما قالا هي حلال فقد رجعا عن ذلك لما أعلمتهما الصحابة بتحريمها، ومن استحلَّها اليوم حكم بكفره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وعائشة وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والزَّيْدِيَّة، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ الخمر والأشربة المسكرة كعصير العنب المطبوخ، ونبيذ التمر، والزبيب، والذرة والشعير، وغير ذلك فيحرم قليلها وكثيرها، ويجب بشربها الحد. وهل يُسمَّى الجميع خمرًا؟ وجهان: أحدهما نعم. والثاني لا يسمى خمرًا إلا ما كان من عصير العنب خاصة. وعند أبي حَنِيفَةَ الأشربة أربعة أضرب: أحدها الخمر وهو عصير العنب الذي اشتدَّ وقذف زبده فيحرم قليله وكثيره، ويجب على شاربه الحد، ولم يشترط أبو يوسف ومُحَمَّد أن يقذف زبده، وقالا: إذا اشتد وعلا كان خمرًا. والثاني المطبوخ من عصير العنب، فإن ذهب أقل من ثلثه فهو حرام ولا حد على شاربه، إلا إذا سكر، فإن ذهب ثلثاه فهو حلال إلا ما أسكر منه، وإن طبخه عنبًا ففيه رِوَايَتَانِ: إحداهما أنه يجري مجرى عصيره، والمشهور أنه حلال، وإن لم يذهب ثلثاه. والثالث نقيع التمر والزبيب، فإن طبخ بالنار فهو مباح ولا حد على شاربه إلا إذا سكر فيحرم القدح الذي سكر وفيه الحد، وإن لم تمسه النار فهو حرام ولا حد على شاربه إلا إذا أسكره. والرابع نبيذ الحنطة والذرة والشعير والأرز والعسل ونحو ذلك فهي حلال طبخت أو لم تطبخ ما لم يُسكر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرب النبيذ وجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا إلا أن يسكر. وروى عن الحسن بن زياد أنه لا يُحدُّ وإن سكر منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الخمر تحريمها متجدد. وعند الْإِمَامِيَّة أنها محرَّمة على لسان كل نبي وفي كل كتاب نزل، وأن تحريمها لم يكن متجددًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرب نقيع التمر والزبيب وجب عليه الحد قليلًا كان أو كثيرًا، وكذلك سائر الأشربة المسكرة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا حد عليه ما لم يسكر. وعند ابن أبي ليلى والنَّخَعِيّ لا يجلد السكران من النبيذ حدًّا. وعند أَبِي ثَورٍ إن شربه متأولًا

أو مقلدًا فلا حد عليه، وإن شربه وهو معتقد بتحريمه فعليه الحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد المسكر المختلف في جواز شربه قليلاً جاز إراقته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند المؤيَّد منهم لا يريقه إلا الحاكم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه الذمي إذا شرب الخمر لا يحد بحال، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند الحسن بن زياد إذا خرج من داره إذاء للمسلمين حُدَّ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كل شراب مسكر لا يجوز بيعه وهو نجس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز بيعه إلا الخمر. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يجوز بيع نقيع التمر والزبيب، ويجوز ما سوى ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وَأَحْمَد في رِوَايَة حد الخمر في الحر أربعين، فإن رأي الإمام أن يبلغه ثمانين جاز وتكون الزيادة تعزيرًا لا حدًّا. وعند مالك والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين حد الخمر ثمانون، ولا يجوز النقص عنه، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء حد الخمر واجب. وعند قوم هو تأديب لا حد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد إذا أقرَّ أنه شرب الخمر وجب عليه الحد، وإن لم تظهر منه رائحة الخمر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه الحد إذا لم تظهر منه رائحة الخمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شُمَّ منه رائحة الخمر أو تقيأها لم يجب عليه الحدُّ. وعند عثمان وابن مسعود رضي اللَّه عنهما أنه يجب عليه الحد. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا شهد اثنان أنها رائحة الخمر وجب الحد. وعند ابن الزبير إذا وجد رائحة الخمر من الدمن حُدَّ وإلاّ فلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أول السكر الذي يجب به الحد هو أن يغلب على عقله فى ما لم يكن يغلب عليه قبل الشرب أو يختلط كلامه المنظوم وينتج سره المكتوم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي السكر هو أن لا يفرق بين الرجل والمرأة ولا يفرق السماء من الأرض. وعند أَبِي يُوسُفَ هو أن يكون الغالب عليه اختلاط العقل، وإذا استقرئ سورة لم يفهمها.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرب الخمر فمضى عليه زمان ولم يحد ولم يتب، فإن الحد لم يسقط عنه، وكذا سائر الحدود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط بتقادم العهد حد الشرب وحد الزنا دون حد القذف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز الضرب في حد الشرب بالأيدي والنعال وأطراف الثياب. وعند أَحْمَد لا يضرب إلا بالسوط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع حد الزنا وحد القذف وحد الشرب، والقطع لأخذ المال في غير المحارية، والقطع لأخذ المال في المحاربة، والقتل في غير المحاربة، فإن هذه الحدود تقام عليه ثم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، فإذا اندملتا قتل قصاصًا. وعند ابن مسعود والنَّخَعِيّ يقتصر على القتل وحده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وانعقد الإجماع عليه أن من شرب الحمر فحدَّ ثم عاد فحدَّ ثم عاد فحدَّ ثم عاد في الرابعة أنه يحد ولا يقتل. وعند الْإِمَامِيَّة يقتل في الثالثة ولا يحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من شرب النقاع لا يحد. وعند الْإِمَامِيَّة يحد حد شارب الخمر وتجري أحكامها مجرًا واحدًا. * * *

باب التعزير

باب التعزير مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التعزير غير مقدَّر، بل إن رأى الإمام أن يحبسه حبس، وإن رأى أن يجلده جلد ولا يبلغ به أدنى الحدود، فإن كان حرًا لم يبلغ به أربعين جلدة بل ينقص منها ولو جلدة، وإن كان عبدًا لم يبلغ به عشرين جلدة بل ينقص منها ولو جلدة، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة الداعي. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يبلغ بتعزير الحد عشرين جلدة. وعند أَبِي يُوسُفَ. وابن أبي ليلى يجوز أن يبلغ بالتعزير خمسًا وسبعين ولا يزاد عليه. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ له أن يضرب في التعزير أي عدد شاء على حسب ما يؤديه إليه اجتهاده. وعند أَحْمَد يختلف باختلاف سببه، فإن كان سببه وطئًا في الفرج، كوطء المشرك ووطء الأب جارية ابنه، ووطء جارية نفسه بعد أن زوجها، أو وطئ جارية زوجته بعد أن أذنت له، أو وطئ أجنبية في ما دون الفرج، فإنه لا يبلغ به أعلى الحدود فيعزر مائة إلا سوطًا ويسقط النفي. وما عدا ذلك يبالغ به أدنى الحدود كسرقة نصاب من غير حرز أو دونه من حرز أو قبَّل أجنبية أو خلا بها أو شتم إنسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكون الضرب في التعزير من ضربين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الضرب فى التعزير يكون أشد من الضرب في الزنا، ثم الضرب في الشرب دون الضرب في الزنا ثم الضرب في القذف. وعند الثَّوْرِيّ الضرب في القذف أشد من الضرب في الشرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التعزير ليس بواجب. وعند بعض أصحابه أنه ليس بواجب إذ الحد يتعلَّق به حق آدمي، فإن تعلَّق به حق آدمي وجب. وعند أبي حَنِيفَةَ إذا غلب على ظنه أنه لا يصلحه إلا التعزير وجب التعزير، وإن غلب على ظنه أنه يصلحه الحد وغيره فلا يجب التعزير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عزَّر الإمام رجلاً فمات ضمنه الإمام. وعند أَحْمَد لا يضمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن غلب على ظن الإمام أنه لا يصلحه إلا الضرب فضربه فمات لم يجب ضمانه. وإن غلب على ظنه أنه يصلحه الضرب وغيره فضربه ومات وجب ضمانه. وعند مالك: إذا عزره تعزيز مثله لم يضمن.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضرب الزوج زوجته في النشور أو المعلِّم الصبي للتأديب فمات ضمن ديتهما وكانتا على عاقلتهما. وعند أَحْمَد لا يضمنان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ما يجب بخطأ الإمام يجب على عاقلته في أحد القولين، وفي بيت المال في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من جمع بين الرجال والنساء والرجال والغلمان للفجور وجب عليه التعزير. وعند الْإِمَامِيَّة يجلد خمسًا وسبعين جلدة وتحلق رأسه ويشهر في البلد الذي يفعل فيه ذلك. وتجلد المرأة أيضًا إذا جمعت بين الفاجرين. لكنها لا تحلق رأسها ولا تشهَّر. * * *

كتاب الأقضية

كتاب الأقضية باب أدب القضاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز القضاء والتولية من جهة الظلمة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب والداعي عن الهادي. وعند النَّاصِر والمؤيَّد منهم لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك يجوز ومُحَمَّد بن الحسن يشترط أن يكون القاضي عالمًا، ولا يجوز أن يكون عاميًا، به قال من الزَّيْدِيَّة القاسم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وبعض الحنفية يجوز ويحكم بقول العلماء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يكون القاضي فاسقًا. وعند الأصم يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فسق القاضي وجن ثم تاب إذا فاق فهل يحتاج إلى تجديد الولاية أو يعود بغير تولية؟ فيه خلاف. وعند النَّاصِر والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة يعود بغير تجديد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعود إلا بالتجديد، وبه قال بعض الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز أن تكون قاضية في غير الحدود، ولا يجوز أن تكون قاضية في الحدود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز التحكيم في أحد القولين، ويصح في القول الثاني، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جوزنا التحكيم لم يلزمها حكمه إلا بتراضيهما في أحد القولين، ويلزمهما في القول الآخر بنفس الحكم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والشعبي وَمَالِك وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رفع حكم الحاكم إلى حاكم البلد لم يكن له فسخه، وبه قال زيد بن علي ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه له فسخه إذا خالف رأيه، وإن لم يخالف الإجماع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن يَحْيَى.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ينعزل القضاة بموت الإمام ولا بجنونه، ولا بارتداده ولا بنفيه بل ولا يتهم مستمرة في الحدود وغيرها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وكافة الزَّيْدِيَّة لا ينعزلون بذلك لكن لا يجوز لهم إقامة الحدود عندهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يحكم لوالده وإن علا، ولا لولده وإن سفل وعند أَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن عبد العزيز وابن المسيب يكره للقاضي أن يقصد الجلوس في المسجد للقضاء. وعند الشعبي وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يكره بحال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ: إحداهما: يكره. والثانية: لا يكره إلا في المسجد الأعظم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يجوز للقاضي أن يقلد غيره في الحكم، ولا للمفتي أن يقلَّد غيره في الفتيا ويفتى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن يقلّد من هو أعلم منه في الحكم والفتيا. وعند أصحابنا البغداديين إنما أراد إذا لم يكن قد تبين له حكم الحادثة، فأمَّا إذا تبيَّن له حكمها فلا يجوز له أن يقلَّد. والأول هو المشهور فى مذهبه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان يعتقد مذهب الشَّافِعِيّ حكم بما أداه اجتهاده إليه، وفيه وجه أنه لا يجوز له الحكم بمذهب غيره، وبه قال بعض الناس. وعند أبي حَنِيفَةَ يتخير بين المذاهب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء الحق في مسائل الأصول كالرؤية وخلق القرآن وخلق الأفعال واحد، عليه دليل يوصل إليه كلف إليه المكلف إصابته، فإن أخطأه كان مذمومًا عند الله، وعند عبيد اللَّه بن حسن العنبري كل مجتهد مصيب في ذلك. مسألة: مذهب الشَّافِعِيّ الحق في مسائل الفروع في قول أبي إِسْحَاق المروزي وأكثر الشَّافِعِيَّة في واحد وكلف إصابته إلا أنه إذا أخطأ فيه عُزر قولاً واحدًا، وبه قال مالك وجماعة من العلماء. وذهب جماعة من أصحاب الشَّافِعِيّ إلى المسألة على قولين: أحدهما هذا، والثاني أن الحق واحد وهو أشبه مطلوب، ولكن ما أدَّاه اجتهاده دون إصابه الأشبه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأهل العراق. وعند مُحَمَّد بن الحسن الحنفي أن هناك أشبه مطلوب. وعند الأشعرية والمعتزلة كل مجتهد مصيب لما كُلِّف والحق في قول واحد

من المجتهدين، وليس في الحادثة أشبه مطلوب مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أهدى للقاضي من لم تجر عادته أن يهدى إليه قبل القضاء لم يجز للقاضي قبولها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره له قبولها ولا تحرم عليه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فيمن طلب القضاء رغبة في الولاية ثلاثة أوجه: أحدها يكره أن يكون طالبًا أو مجيبًا إذا طلب، وهو ظاهر قول ابن عمر ومَكْحُول، والثاني: يستحب ذلك، وهو ظاهر قول عمر، والحسن، ومَسْرُوق، والثالث: يكره الطلب ويستحب الإجابة إذا طلب، وهو قول المتوسطين من الفقهاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز لمن لم يتعين عليه القضاء أخذ الرزق عليه، سواء كان به حاجة إليه أو لم يكن، وكذا إذا تعين عليه وبه حاجة إليه. وعند الحسن والقاسم يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد يكره للحاكم أن يتولى البيع والشراء بنفسه. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للحاكم أن يتخذ شهودًا رائين تسمع شهادتهم ولا تسمع شهادة غيرهم. وعند إسماعيل بن إِسْحَاق المالكي يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للقاضي أن يحكم بشهادة الشاهدين حتى يبحث عن عدالتهما ظاهرًا أو باطنًا، سواء شهدا بحد أو قصاص، لم يحكم بشهادتهما حتى يبحث عن عدالتهما وإن شهدا بمال أو نكاح أو غير ذلك، فإنه يقتصر في العدالة على الظاهر، ولا يسأل في ذلك عن الباطن إلا أن يجرحهما الخصم فيقول هما فاسقان، فحينئذ يحتاج إن يسأل عن عدالتهما في الباطن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد عند الحاكم شاهدان ولم يعرفهما ولم يوجد من يعرفهما لم تقبل شهادتهما. وعند مالك إن رأى فيهما سيماء الخير قبل شهادتهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ثبت الحق للمدعي عند الحاكم بشاهدين عرف عدالتهما حكم له ولم يُحلّفه. وعند ابن أبي ليلى يحلفه مع بينته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة الجرح مقدم على التعديل. وعند مالك يقدم أعدلهما. وعند أكثر الزَّيْدِيَّة التعديل مقدم، وهو الصحيح من مذهب النَّاصِر. وعند المؤيَّد إذا عدَّله اثنان وجرَّحه واحد فالجرح أولى.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقبل التزكية والجرح إلا من اثنين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز من واحد رجلاً كان أو امرأة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يقبل الجرح إلا مفصَّلاً، فإن قال: هو مجروح أو فاسق لم يحكم بجرحه بذلك، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يحكم بجرحه بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا تقبل شهادة النساء في الجرح والتعديل. وعند أبي حَنِيفَةَ تقبل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْمُزَنِي لا يقبل التعديل حتى يقول هو عدل عليَّ وليَّ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. مسألة: عند أهل العراق منهم أبو حَنِيفَةَ وصاحبيه وَمَالِك وَأَحْمَد يكفي أن تقول هو عدل، وبه قال أبو سعيد الإصطخري وأبو علي الطبري من الشَّافِعِيَّة، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد والنَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال المزكِّي: لا أعلم فيه إلا خيرًا لم تحصل التزكية بذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ تحصل التزكية بذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا عدل المشهود عليه الشاهد قبل مع آخر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند المؤيَّد منهم يكفي قول المشهود عليه وحده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حكم الحاكم باجتهاد وبان له أن حكمه خلاف نص الكتاب والسنة والقياس الجلي فإنه ينقض حكمه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك لا ينقض حكمه، ولا حكم غيره إلا بما خالف الإجماع. وناقضوا في ذلك فإن مالكًا قال: ينقض حكمه إذا قضى بالشفعة للجار وقال أبو حَنِيفَةَ: ينقض حكمه إذا حكم ببيع الذبيحة إذا لم يسم عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعدى على القاضي الأول خصم لم يعده القاضي الثاني عليه حتى يسأل عن دعواه، فإن ادَّعى أنه حكم عليه بشهادة فاسقين أو عبدين فوجهان: أحدهما يحضره، والثاني لا يحضره حتى يقيم البينة على ذلك فإن حضر وقال ما حكمت إلا بشهادة حرين عادلين فالقول قوله. وهل يحلف؟ وجهان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أقر أنه قضى عليه لزمه الضمان حتى يقيم البينة أنه قضى عليه بحق. * * *

باب ما على القاضي في الخصوم والشهود

باب ما على القاضي في الخصوم والشهود مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حضر اثنان عند القاضي وادَّعى كل واحد منهما أنه هو الذي أتى بصاحبه وأنه المدَّعى أنه يرجئ أمرهما حتى يتعيَّن له المدّعى منهما. وعند بعض الناس يقرع بينهما. وعند بعضهم يستحلف كل واحد منهما على ما يدعيه، فإن استحلفهما وقف أمرهما حتى يعلم المدَّعى منهما، وعند بعضهم يسمع منهما جميعًا، واختاره ابن المنذر، وعند الْإِمَامِيَّة يسمع من الذي على يمين خصمه ثم ينظر في دعوى الآخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا ينبغى للقاضي أن يلقِّن الشهود لكنه يسمع منهم ما يشهدون به، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. وعند أَبِي يُوسُفَ لا بأس أن يقول له: تشهد بكذا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعلي وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا استعدى إنسان للحاكم على خصم لزم الحاكم أن يُعديه ويحضره، وسواء علم أن بينهما معاملة أو لم يعلم، وسواء بيَّن دعواه أو لم يبيّن. وعند بعض الشَّافِعِيَّة المستعدى عليه من أهل الصيانة والمروءة واستعدى عليه من يتهم أنه قصد ببذله لم يحضره إلى مجلس الحكم لكن ينفذ إليه الحاكم من يحكم بينهما ويحلِّفَه إن وجبت عليه يمين في منزله أو مسجده، وعند علي أيضًا رضى اللَّه عنه وَمَالِك وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين لا يعديه عليه إلا إذا علم أن بينهما معاملة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعدى على غائب وحرَّر دعواه عند الحاكم أعداه الحاكم عليه وأحضره، سواء كانت المسافة بينهما قريبة أو بعيدة. وعند أَبِي يُوسُفَ إن كانت المسافة بحيث إذا أحضره أمكنه أن يعود إلى منزله ليلاً أحضره وبعث إليه من يحكم بينهما. وعند بعض الناس لا يحضره إلا إذا كان في مسافة يوم وليلة، ولا يحضره إذا كانت المسافة أكثر من ذلك. وعند بعضهم يحضره من مسافة ثلاثة أيام ولا يحضره في مسافة أكثر من ذلك. * * *

باب صفة القضاء

باب صفة القضاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي والشعبي والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نكل المدَّعى عليه عن الْيَمِين لم يحكم بنكوله بحق المدَّعى به عليه بل ترد الْيَمِين على المدعي، فإذا حلف حكم له بما ادَّعاه فيه. وعند زفر ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي يحكم بالنكول في كل شيء حتى القصاص. وعند مالك إن كان مما لا يقبل فيه إلا الشاهدان لم ترد الْيَمِين على المدعى بل يحبس المدَّعى عليه حتى يُقرّ أو يجلد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانت الدعوى في المال ونكل المدَّعى عليه عن الْيَمِين كرَّر الحاكم ثلاثًا، فإن حلف وإلا حكم عليه بنكوله ولزمه المال، وإن كان في القصاص لم يحكم بالقصاص بالنكول بل يحبس حتى يُقرَّ أو يحلف. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يقضي عليه بالنكول بالدية. وعند أَحْمَد وكذا أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة لا ترد الْيَمِين على المدَّعي بل يقضي بنكوله على المدعى عليه. وعند أَحْمَد أيضًا وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا كانت الدعوى فيما دون النفس لم يقض بالقصاص وجود النكول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة يقضي به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ترد الْيَمِين على المدَّعي إن رام المدعى عليه ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيَّد، فإن نكل المدعى بعد ذلك. قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة: يحكم بنكوله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ترد الْيَمِين على المدعي، لأنه متى نكل عن الْيَمِين حكم به، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد كل حق لزم المدعى عليه الإجابة فيه عن الدعوى ولا بينة فيه للمدعي فإن الْيَمِين تعرض على المدعي، وكالأموال والنكاح والطلاق والعتاق والنسب وما أشبه ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تعرض الْيَمِين في النكاح والرجعة والعدة والطلاق والإيلاء. والعتق والاستيلاد والولاء والنسب وحد القذف، فإن كان مع المدَّعي بينة وإلا لم يحكم بحلف المدعى عليه، وعند مالك وَأَحْمَد لا يعرض الْيَمِين إلا فيما يثبت بشاهدين ذكرين، وإن كان مع المدَّعي في غير الأموال شاهد يُستحلف المدعى عليه، وإن لم يكن معه شاهد لم يستحلف. وعند أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه يستحلف في القصاص وحد القذف والطلاق والعتاق.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقام المدَّعي شاهدًا واحدًا ولم يحلف حلف المدَّعى عليه، وسقط حق المدَّعي، فإن نكل المدَّعى عليه عن التهم لم يستحق المدَّعي، وعند مالك يستحق المدَّعى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان للمدَّعي بينة غائبة وقال لا أتمكن من إقامتها، فهو بالخيار إن شاء استحلف خصمه، وإن شاء تركه، فإن استحلفه جاز، وإن لم يستحلفه تركه، ولم يجز له ملازمته، ولا مطالبته بالكفيل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له ملازمته ومطالبته بالكفيل إلا أن يقيم البينة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وشريح والشعبي وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف المدَّعى عليه للمدَّعي ثم حضرت بينة المدَّعى بالحق الذي حلف عليه المدّعى عليه حكم للمدّعي بها، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند ابن أبي ليلى وداود وَمَالِك في رِوَايَة وإِسْحَاق وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ لا يجوز سماعها ولا يحكم بها بعد ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند القاسم ويَحْيَى والنَّاصِر والصادق منهم إن حلَّفه شرط البراءة لم يسمع بينته بعد ذلك فيما حلف له. وعند أبي طالب منهم إنما يكون ذلك إذا قال أبرأته من الحق الذي ادَّعيته إن حلف، كالشفيع إذا قال إن لم آتك بالثمن إلى وقت كذا فقد أبرأتك من حقي، وإن حلف بغير هذا الشرط بأن كان وعدًا سُمِعت بينته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سكت المدَّعى عليه، ولم يقر ولم ينكر، فقيل له إن أقررت وإلا جعلناك ناكلاً ورددنا الْيَمِين على المدّعي ويحلف وقضينا عليك. وعند ابن أبي ليلى وَمَالِك يخيَّر حتى يقر أو ينكر. وعند أَبِي يُوسُفَ تعرض الْيَمِين مرارًا، فإن حلف وإلا قُضي عليه بالنكول. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال المدَّعي ليس لي بينة حاضرة ولا غائبة أو كل بينة تشهد لي فهي كاذبة، وطلب يمين المدَّعى عليه فحلف، ثم أقام المدّعي بينة بالحق الذي حلف عليه المدَّعى عليه ففي سماعها والحكم بها ثلاثة أوجه: أحدها، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد بن الحسن لا تسمع. والثاني: إن كان المدَّعي هو الذي تولَّى الإشهاد بنفسه لم تسمع بينته بعد ذلك، وإن كان وكيله هو الذي تولَّى الإشهاد وكان الشاهدان يحملان الشهادة له ولم يشهدهما ولا علم له بهما سمعت وحكم بها. والثالث وهو الأصح وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنها تسمع ويحكم بها بكل حال وبه قال أبو يوسف.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ذكر المدّعي أن له بيَّنة وأراد تحليف المدَّعى عليه فله ذلك. وعند أَحْمَد ليس له ذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ إن حلفه برئ، وإن نكل قضى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء ليس للقاضي تحليف الشهود فيما شهدوا به، وبه قال النَّاصِر والقاسم والمؤيَّد. وعند عَطَاء له تحليفهم إذا رأى فيه الاحتياط، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في حقوق الآدميين في أصح القولين، وبه قال أبو يوسف واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند الداعي وأبي طالب منهم أنه يحكم بعلمه في كل شيء إلا في الحدود، سوى حد القذف، وهو الصحيح من مذهب الهادي، ولا يجوز في القول الآخر، وبه قال شريح والشعبي وَمَالِك وابن أبي ليلى والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد ومُحَمَّد بن الحسن واللَّيْث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جوَّزنا الحكم بالعلم ولا فرق بين أن يعلم ذلك قبل ولايته أو بعد ولايته في علمه أو غير علمه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إن علمه قبل ولايته أو فى علمه لم يجز أن يقضي فيه بعلمه، وإن علمه بعد ولايته في علمه جاز له أن يقضي فيه بعلمه، وما علمه من الحدود قبل القضاء وبعده لا يحكم فيها بعلمه إلا القذف خاصة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وسواء يحكم فيما علمه قبل القضاء من ذلك بعلمه وعند الحسن بن حُييَّ يقضي بعلمه قبل القضاء بعد أن يستحلفه في حقوق الناس وفي الحدود، لا يقضي بعد القضاء إذا علمه. وعند الْإِمَامِيَّة وأهل الظاهر وأَبِي ثَورٍ له أن يحكم بعلمه في جميع الحقوق والحدود من غير استثناء، وسواء علم ذلك قبل الولاية أو بعدها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجزئ في الترجمه إلا عدلان وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئ واحد ولو كانت امرأة. وعند مُحَمَّد تقبل رجل وامرأتان. وعند مالك إن كان ما يحتكمان فيه يتضمن إقرارًا بالمال قبل فيه رجل وامرأتان، وإن كان يتعلَّق بالأبدان لم يقبل إلا عدلان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وابن سِيرِينَ وابن شُبْرُمَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز القضاء على الغائب، وكذا إذا كان حاضرًا وامتنع من حضور مجلس الحكم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه

َوَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز القضاء في الغائب إلا أن يكون له خصم حاضر من وكيل أو شفيع وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واتفق أبو حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة والشَّافِعِيّ على جواز الحكم على الغائب إذا غاب بعد إقامة البينة وقبل الحكم، وعلى جواز بيع ماله لنفقة زوجته إذا غاب الزوج عنها من غير نفقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر أنه لا يجوز بيع مال الغائب للديون الواجبة عليه والنفقة الواجبة عليه إلا لنفقة الزوجة كما تقدم. وعند مالك في رِوَايَة أيضًا يجوز الحكم على الغائب فيما ينقل دون ما لا ينقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قامت البينة على غائب أو صبي أو مجنون استحلف الحاكم المدَّعى مع بينته. وعند أَحْمَد لا يستحلف في أشهر الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب قاض إلى قاض بما يثبت عنده لم يحكم به في مسافة قريبة، مثل أن يكون من جانب البلد إلى جانب، أو من محلة إلى محلة لم يجز للمكتوب إليه قبوله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة الطحاوي أنه يجوز له، وحكى المتأخرون من أصحابه أن ذلك مذهب أَبِي يُوسُفَ ومحمد. وأما مذهب أَبِي حَنِيفَةَ فلا يجوز له قبوله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أنه لا يجوز قبول الكتاب ولا العمل بموجبه إلا أن يشهد به شاهدان، ولا يكتفى بمعرفة الخط والختم. وعند أَبِي ثَورٍ يجوز قبوله والعمل بموجبه من غير شهادة عليه. وعند مالك والحسن البصري وسوار القاضي وعبيد اللَّه بن الحسن العنبري وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك في إحدى الروايتين إذا عرف المكتوب إليه خط الكاتب وختمه جاز له قبوله والعمل به، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب القاضي الكتاب وأشهد عليه شاهدين بعد أن قرأه عليهما، أو قرأه غيره وهو يسمع بأن قال لهما أشهدكما أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان بما سمعتماه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح العمل بما في الكتاب إلا إن كتب هذا كتابي إلى فلان ابن فلان القاضي وإلى كل قاض من قضاة المسلمين بلغه هذا الكتاب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقبل كتاب القاضي إلى قاض إلا إذا شهد به نفسان أنه كتاب القاضي قرأه علينا، أو قُرئ عليه بحضرتنا. وعند أَبِي يُوسُفَ يجزئ أن يقولا: هذا كتاب القاضي فلان. وعند مالك كالمذهبين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب قاضٍ إلى قاضٍ وأشهد على نفسه به ونسي أن يكتب

اسم المكتوب إليه في العنوان وباطن الكتاب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب الكتاب بما ثبت عنده بإقرار أو بينة في عين لا تتميز بالوصف جاز قبول الكتاب في أحد القولين ولا نقبله في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه، واختاره الْمُزَنِي، إلا أن أبا يوسف أجاز ذلك في العبد دون الأمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كتب القاضي كتابًا إلى قاضٍ وأدرجه وختمه واستدعى بشاهدين وقال لهما اشهدا عليَّ بما فيه لم يصح هذا التحمل، وعند أبي يوسف إذا ختم الكتاب بختمه جاز أن يتحمل الشهادة عليه مدرجًا فإذا وصل الكتاب شهدا عنده أنه كتاب فلان إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا مات القاضي الكاتب أو عزل بعد ما كتب الكتاب وأشهد عليه فإن المكتوب إليه إذا شهد به عنده عمل به. وعند أَحْمَد في رِوَايَة لا يعمل به. وعند أَبِي يُوسُفَ إن مات قبل خروجه من بلده لم يعمل به، وإن مات بعد خروجه من يده عمل به المكتوب إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة لا يعمل به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والحسن البصري إذا مات المكتوب إليه أو عزل أو فسق ووصل الكتاب إلى من أقيم مقامه عمل به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعمل به، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يعيّن في كتابه أحدًا من القضاة بل قال: هذا كتابي إلى من بلغه من قضاة المسلمين جاز ذلك، ومن بلغه من قضاه المسلمين جاز له العمل به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز ذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود في أحد القولين، وبه قال أبو ثور وابن القاسم والمالكية واختاره ابن المنذر، ولا يجوز في القول الآخر، وبه قال مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تثبت العقوبات بكتاب القاضي إلى القاضي وإن كانت لآدمي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يختم القاضي الكتاب جاز للمكتوب إليه سماعه والعمل به. وعند الحسن بن زياد عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه إذا انكسر الختم لا يقبل الكتاب. وقال الرازي عن أَبِي حَنِيفَةَ إنه أراد إذا لم يعرف الشهود ما في باطن الكتاب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ

إذا ادَّعى حقًا عند القاضي، وادَّعى له حجة في ديوانه فوجدها الحاكم في ديوانه بخطه تحت ختمه، فإن ذكر الحاكم حكمه حكم به، وإن لم يذكر ذلك لم يحكم به ويتوقف حتى يتذكر. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يجوز له أن يحكم بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ادَّعى حقًّا عند الحاكم وذكر أن الحاكم حكم له به، فإن ذكره الحاكم أنفذه وألزمه إيَّاه، وإن لم يذكر فشهد شاهدان على حكمه لم يقبل الشهادة على فعل نفسه. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد تقبل الشهادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أنكر الحاكم ولم يكذب الشهود الذين شهدوا على حكمه لم يجز لغيره أن يسمع الشهادة على حكمه مع إنكاره. وعند مالك يجوز أن يسمعها ويحكم بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للحاكم أن يصلح بين الخصمين سواء اتَّضح له الحق أو لم يتضح له الحق. وعند عَطَاء وأبي عبيد لا يحل له الصلح بينهما إذا اتَّضح له الحق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد إذا قال القاضي في حال ولايته: قضيت على فلان بشهادة شاهدين عدلين قبل منه ذلك، وكذا إذا قال سمعت بينة فلان وهي عندي عادلة، أو قال: حلفت المدَّعي مع نكول المدَّعَى عليه، أو قال: أمر فلان لفلان بكذا فحكمت به فإنه يقبل ذلك كله منه. وعند مالك ومُحَمَّد بن الحسن لا يقبل حتى يشهد معه رجلان أو رجل عدل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عُزل القاضي وقال بعد العزل قد كنت حكمت لفلان بكذا، فإنه لا يقبل قوله. وعند إِسْحَاق وَأَحْمَد يقبل قوله. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل يكون الحاكم بعد عزله شاهدًا على حكمه؟ وجهان: أحدهما: لا يكون، والثاني: يكون، وبه قال ابن أبه ليلى والْأَوْزَاعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا استعدَى شخص الحاكم على خصم له وتوارى الخصم وقامت البينة أنه في منزله بعث الحاكم من ينادي على بابه بحضرة شاهدين إن لم يحضر مع خصمه فلان، وإلاَّ وكَّل الحاكم من يناظر عنه وسمع الدعوى عليه، وإن ثبت عليه حق ووجد له مالاً قضاه منه، وإن كان الحق على بدنه وعلم القاضي له مكانًا

أمر القاضي بالاقتحام عليه، فينفذ الخصيان والغلمان الذين لم يبلغوا والنفاث من النساء ويبعث معهم ذوي عدل من الرجال ليدخل النساء والغلمان، فإذا حضروا في صحن الدار ودخل الرجال ويؤمر الغلمان بالتفتش عنه والنساء يتفقدن النساء فإذا وُجد أخرج وحكم عليه بما وجب عليه. وعند أَحْمَد يختم على بابه ويشدّد عليه حتى يظهر. وعند بعض أصحاب الحديث يبعث الحاكم رجلين ومعهما جماعة من الخدم والنساء يأتون منزل الخصم ويقف الأعوان بالباب، ثم يدخل النساء ثم الخدم فيفتشون البيت، فإن وجد أخرج وحكم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ليس للقاضي أن ينقض حكم الحاكم قبله، إذا كان قد حكم بخلاف ما عنده إذا رفع إليه، إلا أن يكون قد حكم بما لا يسوغ فيه الاجتهاد. وعند أَبِي ثَورٍ وداود له أن ينقض ما ليس عنده حق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حكم باجتهاده، ثم غير اجتهاده وحكم باجتهاده الثاني فلا ينقض ما حكمه باجتهاده الأول. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ وداود ينقض ما حكم به اجتهاده الأول. * * *

باب القسمة

باب القسمة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل القسمة بيع أو إقرار قَوْلَانِ: وبالأول قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد عن يَحْيَى، وبالثاني قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أجرة القسَّام على قدر الأملاك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأكثر العلماء على عدد رؤسهم. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد القياس أن يقسم عليهم على عدد رؤسهم ولكنَّا نقسِّمها عليهم على قدر أملاكهم استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد إذا طالب أحد الشريكين القسمة كانت الأجرة عليهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تكون الأجرة على طلب القسمة لا غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان ملكًا بين شريكين فطلب بعضهم القسمة وامتنع الباقون ويلحق الضرر في القسمة على جميعهم، مثل أن يكون بينهم دار صغيرة إذا قسِّمت لكل واحد منهم ما ينتفع به لم يجبر الممتنع على القسمة. وعند مالك يجبر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فيما يعتبر بالضرر وجهان: أحدهما يعتبر نقصان المنفعة، ونقصان القيمة، والثاني يعتبر نقصان المنفعة لا غير، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا كان يستضر بالقسمة بعضهم دون بعض، فإن كان لأحدهما خمسة أسداس دار، والسدس للآخر، وطلب القسمة الأكثر أُجبر الآخر على القسمة. وعند ابن أبي ليلى لا يجبر الممتنع ولكن يباع ويقسَّم الثمن بينهما. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجبر الممتنع ويوقف الملك مشاعًا إلى أن يتراضيا على القسمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلب من يستضر بالقسمة القسمة لم يجبر الآخر عليها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجبر، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان في القسمة ردّ وتراضيا عليها جاز. وعند مالك إذا كان الرد فيها قليلًا جاز، وإن كان كثيرًا تطلب القسمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلب أحد الشريكين القسمة وفيها ضرر على أحدهما، فإن لم يكن على الطالب الضرر أجبر شريكه على ذلك، وإن كان على الطالب ضرر

فوجهان. وعند أَحْمَد لا يقسم وتباع العين ويقسمان الثمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان ينتفع به أحدهما أجبر على القسمة، وإن لم ينتفع به أحدهما لم يجبر. وعند مالك إن كانت الدور في محال قدِّم قول من دعا إلى القسمة، يجبر الآخر على القسمة بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان بين الشريكين دور متفرقة وطلب أحدهما أن تقسَّم كل دار بانفرادها وطلب الآخر أن تجعل كل دار نصيبًا قدم قول من دعا أن تقسَّم كل دار بانفراد، سواء كانت الدور في محلة أو محال. وعند مالك إن كانت الدور في محال قدّم قول من دعا إلى قسمة كل دار وحدها كقول الشَّافِعِيّ، وإن كانت الدور في محلة واحدة قدم من دعا أن يجعل كل دار نصيبًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة أيضًا إن كانت إحداهما حجرة للأخرى أجبر. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إن كان الحظ في قسمة كل دار قسمت كل دار، وإن كان الحظ في جعل كل دار نصيبًا جعل كل دار نصيبًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت دار بين اثنين فطلب أحدهما أن تقسَّم، فيكون السفل لأحدهما والعلو للآخر، وامتنع الآخر لم يجبر الممتنع على ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقسم الحاكم، ويجعل ذراعًا من أسفل بذراعين من العلو. وعند أَبِي يُوسُفَ ذراعًا بذراع. وعند محمد، وَأَحْمَد يقسَّم بالقيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد تصح قسمة الرقيق. وعند أبي حَنِيفَةَ لا تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طلب أحد الشريكين المهايأة وهو أن يسكن أحدهما فى بعض الدار والآخر في بعضها، أو تكون أرضًا فيزرع أحدهما في بعضها والآخر في بعضها، وامتنع الآخر لم يجبر الممتنع وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجبر الممتنع، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: لا يجبر في العبد، وقالا: إذا طلب أحدهما أن يسكنها شهرًا والآخر شهرًا لم يجبر الممتنع منهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أيضًا إذا طلب أحدهما القسمة انقضت المهايأة. وعند مالك تلزم ولا تنتقض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان في يد رجلين شيء فرفعاه إلى الحاكم لينصب من يقسِّمه بينهما ولم يقيما بينة بملكه فطريقان: أحدهما لا يقسَّم ذلك قولًا واحدًا، والثانية قَوْلَانِ: أحدهما هذا، والثاني يقسمه بينهما، وبه قال أَحْمَد وأبو يوسف ومحمد. وعند

أَبِي حَنِيفَةَ إن لم يكن عقارًا قسَّمه بينهما، وكذا لو كان عقارًا ولم ينسباه إلى الميراث، وإن نسباه إلى الميراث لم يقسَّم بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا كانت الدار بينهما أثلاثًا واقتسماها، فأخذ أحدهما الثلث، والآخر الثلثين من مؤخرها، وقيمة كل واحد منهما ستمائة درهم، ثم استحق نصف ما في يد صاحب المقدِّم فالقسمة باطلة. وعند أبي حَنِيفَةَ هو بالخيار إن شاء فسخ القسمة وكان بينهما، وإن شاء رجع بربع ما في يده وقيمته مائة وخمسون درهمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا اقتسم رجلان دارين فأخذ كل واحد منهما دارًا وبناها، ثم استحقت الدار في يده ونقض بناه فلا يرجع على شريكه بنصف البناء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تقبل شهادة القاسم بعد العزل، وبه قال مالك ومُحَمَّد بن الحسن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقبل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب. * * *

باب الدعوى والبينات

باب الدعوى والبينات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وشريح والنَّخَعِيّ والحكم وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ إذا ادَّعى عينًا في يد إنسان وأقام على ذلك بينة، وأقام المدّعى عليه بينة سمعت بينة المدّعى عليه وقدمت على بينة المدّعي. وتعرف هذه المسألة بمسألة الداخل والخارج، فالداخل هو المدّعى عليه، والخارج هو المدّعي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أقام المدّعي البينة، ثم أراد المدّعى عليه أن يقيم البينة معاملته، نظر إن كانت تشهد بملك مطلق، أو مضاف إلى سبب يتكرر ذلك السبب، مثل أن تكون الدعوى في آنية تسبيك ويصاغ ثانيًا وثالثًا، أو في ثوب كتان أو صوف يُنقض ثم ينسج لم تسمع بينته، وإن كانت بينته بملك مضاف إلى سبب لا يتكرر، مثل أن تكون الدعوى في دابة وشهدت بينة المدَّعى عليه أن الدابة نتجت في ملكه وشهدت بينة المدَّعى عليه أنها نتجت في ملكه، فها هنا بينة الذي لا يد له عليها أولى من بينة صاحب اليد، وبه قال: زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أحمد ثلاث روايات: إحداها بينة من لا يد له أولى بكل حال، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ، إلا أنه يسوى بين ما تكرر فيه السبب وما لا يتكرر فيه السبب، والثالثة كقول الشَّافِعِيّ، وبها قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، واقتصر صاحب البيان على إيراد الرِوَايَة الأولى عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ادَّعى زوجية امرأة فلا بد من أن يقول تزوجتها من وليٍّ مرشدٍ وشاهدَي عدل ورضاها. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يشترط ذلك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة وكافة الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة إن ادَّعى ابتداء العقد اشترط ذلك، وإن ادَّعى استدامته لم يشترط ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى رجلان زوجية امرأة فأقرت لأحدهما قبل منها وقضي للذي أقرت له. وعند أَحْمَد لا يقبل إقرارها له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا أقرت المرأة بالزوجية وأنكرها الرجل، ثم اعترف بعد موتها قبل منه وورثها، وكذا إذا أقرَّ الرجل وكذبته المرأة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في المرأة خاصة إذا أقرت فجحدها الرجل لا يقبل إقراره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقام البينة على ما ادَّعاه فقال المشهود عليه للحاكم حلفه أنه

يستحق ما شهدت به بينته لم يحلفه. وعند شريح والشعبي والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى وعبيد الله بن عتبة وسوار يحلفه. وعند إِسْحَاق إذا أصر الحاكم وجب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تداعيا عينًا في يد ثالث ولا يد لأحدهما عليها وأقام كل واحد منهما بينة أن جميعها له، فقَوْلَانِ: أصحهما يسقطان فيكون كما لو لم يكن معهما بينة، وبه قال مالك وَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة إن كان المتنازع فيه في أيديهما أو لم يكن في أيديهما وكل واحد يدعى الجميع فهو بينهما نصفين. فعلى هذا عندهم لو ادَّعى أحدهم النصف والآخر الكل وأقاما البينة قسم بينهما أرباعًا، لمدَّعي الكل ثلاثة أرباع، ولمدعي النصف الربع. وعلى قياس قول النَّاصِر لمدعي الكل نصفها بغير منازعة ونصفها الآخر يوقف في أيديهما أو في يد عدل، والقول الثاني يستعملان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تساوما بقرة حاملاً ولم يتبايعا إلاَّ ما غابت، ثم وجداها بعد مدة قد ولدت، فقال البائع: عقدنا البيع بعد الولادة فالولد لي، وقال المشتري: بل قبل الولادة فالولد لي، وأقاما بينتين بذلك جرى قولاً الساقط والاستعمال. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة تتهاير من البينتين ويوضع ذلك على يد عدل. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يقسم ذلك بينهما نصفين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يستعملان، ففي الاستعمال ثلاثة أقوال: أحدها يوقف الأمر إلى أن يصطلحا، والثاني تقسَّم العين بين المدعيين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وابن عمر وابن الزبير والثَّوْرِيّ وَمَالِك في إحدى الروايتين، والثالث يقرع بينهما، وبه قال أحمد وإِسْحَاق وأبو عبيد، وروى ذلك أيضًا عن عبد الله بن عمر وابن الزبير. وعند مالك فى رِوَايَة تقدم أعدل البينتين وعند قوم تنزع العين من يد من هي في يده وتوقف حتى يتبين مستحقها وتدفع إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى أحدهما الهبة أو العارية، وادَّعى الآخر الوقف أو العتق وأقاما البينتين بذلك تعارضتا. وعند الزَّيْدِيَّة، تقدَّم بينة الوقف أو العتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق، وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا ترجح إحدى البينتين على الأخرى بكثرة العدد ولا بزيادة العدالة حتى لو كانت بينة أحدهما شاهدين، وبينة الآخر أربعة فهما متعارضتان. وعند مالك في إحدى الروايتين تترجح بذلك إحدى البينتين على الأخرى. وعند الْأَوْزَاعِيّ تقسَّم العين بين المدعيين على عدد

شهودهما، فيكون لصاحب الشاهدين ثلث العين، ولصاحب الأربعة ثلثاها. وروى عن الْأَوْزَاعِيّ أيضًا إذا اختلفا في ثلث الثمن وأقام كل واحد منهما بينة قدِّم أعدل البينتين، وإن تساويا قدِّم أكثرهما عددًا. وعند شريح ترجح بأكثر البينتين عددًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحلف المؤتمن فيما يذكر من التلف وغيره. وعند الحارث العكلي ليس على مؤتمن يمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ادَّعى نفسان شيئًا في يد ثالث فأمر به لأحدهما لا بعينه وقف الأمر حتى يكشف. وعند أَحْمَد يقرع بينهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى على إنسان ما لا يجحده المدَّعى عليه فأقام المدّعي البينة بما ادعاه من المال فجاء المدّعى عليه ببينته أن المدّعي أبرأه من المال سمعت بينته وبرئ من المال. وعند ابن أبي ليلى وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا تسمع بينته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تداعيا عينًا في يد ثالث فادعى أحدهما أنها ملكه منذ سنتين وادَّعى الآخر أنها ملكه منذ سنة تعارضت البينتان في أحد القولين وقدمت بينة من يدعى الملك السابق في القول الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك. وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يؤقت إحداهما ووقت إحداهما تعارضتا. وعند أَبِي يُوسُفَ. ومُحَمَّد يقضي بها للذى لم يؤقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تنازعا شاة في يد أحدهما رأسها وجلدها وصوفها، وفي يد الآخر نفسها، وأقام كل واحد منهما بينته بأن الشاة له قضى لكل واحد منهما بما في يده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقضي لكل واحد منهما بما في يدي الآخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان كبش في يد اثنين فادَّعى أحدهما نصفه والآخر جميعه، حلف المدّعي للنصف على ما في يده، ويكون الكبش بينهما. وعند ابن شُبْرُمَةَ يكون لمدَّعي الكل ثلاثة أرباع، ولمدعي النصف الربع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت دار في يد إنسان فادعها إنسان آخر وأقام البينة أنها له منذ سنة، وأقام من هي في يده بينة أنه اشتراها من المدّعي منذ سنتين وهي يومئذ ملكه قضى ببينة المشتري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرُّ في يد المدّعي إلا أنه يشهد أنه باع ملكه أو باع ما في يده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهدت له البينة في عين أنها ملكه أمس ففي الحكم بها

طريقان: أحدهما الحكم له حتى تشهد له البينة أنه أخذها منه زيد. والطريق الثاني قَوْلَانِ: أصحهما لا يحكم له بذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي وأشار إليه المؤيَّد منهم. والثاني يحكم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده إن لم أحج هذا العام فأنت حر فأقام السيّد بينة أنه وقف بعرفات تلك السنة، وأقام العبد بينة أن السيّد كان يوم النحر ببغداد لم يحكم بعتق العبد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات رجل وخلَّف اثنين مسلمًا وكافرًا فأقام المسلم بينة أن أباه مات وآخر قوله الْإِسْلَام، وأقام الكافر بينة أن أباه مات وآخر قوله الكفر تعارضتا ويجيء فيه أقوال الاستعمال إلا القسمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقضي ببينة الْإِسْلَام بكل حال. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يحكم بأن المال بينهما نصفان. وعند الداعي منهم وسائرهم بأنه يحكم ببينة الكفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ادَّعى رجل دارًا أو عينًا في يد إنسان أنها له ولأخيه الغائب ورثاها من أبيهما وأنكر الذي في يده العين والدار، فأقام المدّعي بينةً على ما ادعاه ثبتت الدار والعين للميت، فإن كانت البينة من أهل الخبرة الباطنة، وقالت لا نعلم له وارثًا غيرهما سلم الحاكم نصف الدار إلى المدّعي، وأقرع النصف الآخر وجعل على يد أمين يحفظه للغائب، وكذلك يفعل إن كان المدّعى عينًا، وبهذا قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان المدّعي مما لا ينقل ويحول سلّم إلى المدّعي نصفه، وأقر نصيب الغائب في يد من هو في يده، وإن كان مما لا ينقل ولا يحول فالحكم فيه كما ذكر الشَّافِعِيّ ومن وافقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قالوا لا نعلم له وارثًا غيره بهذا البلد دُفع إليه العين. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يدفع إليه المال. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يدفع من المال شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تنازعا بين نهر أحدهما وضيعة الآخر، فقال صاحب النهر هي لي، وقال صاحب الضيعة هي لي، حلف كل واحد منهما على ما يدعيه وجعلت بينهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هي لصاحب النهر. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد هي لصاحب الأرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تنازع اثنان رق عبد فأقر العبد لأحدهما حكم به لمن

أقر العبد له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون بينهما نصفين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شهد شاهدان بعتق عبد أو أمة ثبت عتقهما، سواء صدقهما المشهود بعتقه أو لم يصدقهما، ولا تفتقر الشهادة في المعتق إذا تقدم الدعوى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الحكم في الأمة كذلك، وفي العبد لا تثبت الشهادة إلا بعد ما يدعي العبد العتق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان في يد رجل أمة، فقالت: أنا أم ولد زيد أو مدبرته أو مكاتبته وصدقها زيد، وكذبها الذي هي في يده قبل قوله. وعند زفر يحكم بها لزيد استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وعثمان البتي وزفر إذا اختلف الزوجان في متاع البيت فادَّعى كل واحد منهما جميعه فمن أقام منهما البينة على ما يدَّعيه قضى له به، وإن لم يكن معهما بينة حلف كل واحد منهما على ما يدَّعيه وجعل بينهما نصفين، سواء كان المتاع مما يصلح للرجل أو المرأة، وسواء كانت أيديهما عليه من طريق المشاهدة أو من طريق الحكم، وسواء اختلفا في حال الزوجية أو بعد البينونة، وسواء اختلف ورثتهما أو أحدهما وورثة الآخر. وعند ابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد إن كان مما يصلح للرجال دون النساء كالطيلسان، والعمامة، وغير ذلك، فالقول قول الزوج فيه، وإن كان مما يصلح للنساء دون الرجال كالمقانع والوقايات وغير ذلك، فالقول قول المرأة، وإن كان مما يصلح لهما جميعًا كان بينهما. وعند مالك ما كان للرجل فهو للرجل، وما كان للمرأة فهو للمرأة، وما كان يصلح لهما فللرجل، وسواء كان في أيديهما من طريق الحكم أو من طريق المشاهدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد ما كان في أيديهما من طريق المشاهدة فهو بينهما، وما كان في أيديهما من طريق الحكم، فإن كان يصلح للرجال دون النساء فالقول قول الزوج، وما كان يصلح للنساء دون الرجال فالقول قولها فيه، وما كان يصلح لهما فالقول قول الزوج، وإذا اختلف أحدهما وورثه الآخر كان القول قول الباقي منهما. وعند أَبِي يُوسُفَ القول قول المرأة فيما جرت به العادة أنه قدر جهازها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وبعض التابعين إذا كان له حق على إنسان فجحده في الظاهر والباطن، أو جحده في الظاهر وأقر في الباطن، أو أقر به في الظاهر، إلا أنه يمتنع من دفعه لقوة يده، كالسلطان وغيره فظفر بشيء من ماله كان له أن يأخذ منه

بقدر حقه إذا لم يكن له بينة، وكذا إن كان له بينة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أنه يعتبر أن يكون المال من جنس دينه. وعند بعض أصحابه إذا كان له بينة فلا يأخذ شيئًا، سواء كان من جنس حقه أو من غير جنسه. وعند أَحْمَد لا يأخذ من ماله شيئًا. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول أحمد، والثانية وهي المشهورة أنه إن لم يكن على من عليه الحق دين لغيره جاز له أن يأخذ من ماله بقدر حقه، وإن كان عليه دين لغيره أخذ لحصته من ماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقام صاحب الدار بينة أنه كرى بيتًا منها على شخص بعشرة، وأقام الشخص بينة أنه أكرى جميعها بعشرة تعارضتا وسقطتا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القول قول المكرى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى أربعة أنفس دارًا: أحدهم جميعها، والآخر ثلثيها والآخر نصفها، والرابع ثلثها، وأقام كل واحد منهم بينة فإنها تقسم الدار على ستة وثلاثين سهمًا ويعطى الذي ادَّعى جميعها اثني عشر سهمًا وهو ثلثها، ويقسم السدس الآخر بين المدّعي للجميع وبين المدّعي للثلثين والمدعي للنصف لكل واحد منهم سهمان، ويقسم الثلث بينهم أرباعًا، لأنهم تساووا في إقامة البينة، فيجعل في يد المدّعي للجميع عشرون سهمًا من ستة وثلاثين سهمًا، وفي يد المدّعي للثلثين ثمانية أسهم، وفي يد مدعي النصف خمسة، وفي يد مدعي الثلث ثلاثة أسهم. وعند ابن أبي ليلى يُقسم بينهم على خمسة عشر سهمًا، ستة أسهم لمدعي الجميع، وأربعة لمدعي الثلثين، وثلاثة لمدعي النصف، وسهمان لمدعي الثلث. وعند أحمد وأبي عبيد تدفع الدار لمدعي الجميع، ويقرع بينه وبين مدعي الثلثين، فمن خرجت له القرعة حلف معها وقضى له به، ويقرع بين مدعي الجميع ومدعي الثلثين ومدعي النصف في سدس آخر، فمن خرجت له القرعة حلف معها وقضى له به، ويقرع بين مدعي الجميع ومدعي الثلثين ومدعي النصف ومدعي الثلث فمن خرجت له القرعة حلف معها وقضى له به وروى ابن المنذر أيضًا هذا عن الشَّافِعِيّ واختاره. وعند أَبِي ثَورٍ تدفع ثلث الدار لمدعى الجميع، ويوقف سدسها بين مدعي الجميع ومدعي الثلثين حتى يصطلحا عليه، ويوقف سدس آخر بين مدعي الجميع ومدعي الثلثين ومدعي النصف حتى يصطلحوا عليه، ويوقف الثلث بين أربعتهم حتى يصطلحوا عليه. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ أولاً، والثانية كقول أَبِي ثَورٍ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الدار في يد رجل فادعى رجلان فقال أحدهما: اشتريتها بمائة درهم ونقدت الثمن وأقام على ذلك بينة، وقال الآخر: اشتريتها بمائتي درهم ونقدت الثمن وأقام على ذلك بينة، وكانت البينتان مطلقتين فثلاثة أقوال: أحدها أن كل واحد منهما بالخيار إن شاء أخذ نصف الدار بنصف الثمن الذي سماه، ورجع بالنصف الباقي على البائع، وإن شاء فسخ البيع ورجع بجميع الثمن على البائع، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومحمد، والثاني يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة سُلمت الدار إليه، ورجع الآخر على البائع، والثالث أنهما يتعارضان ويسقطان ويتحالفان، فإذا تحالفا انفسخ البيع إذا لم يعرف أيهما أول. وعند أَبِي ثَورٍ فيهما قَوْلَانِ: أحدهما يفسخ الحاكم البيع ويرد الدار إلى مالكها، والثاني يؤخذ البائع برد الْيَمِين وتوقف الدار حتى تتبين لمن هي منهما، أو يصطلحا عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وأنس وَأَحْمَد وإحدى الروايتين عن عمر إذا تداعى رجلان أو إمرأتان مولودًا فإنه يرى القافة فأيهما ألحقته التحق به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يرى القافة، وليس للقائف حكم ويلحق بهما جميعًا. وحكى الطحاوي عنه أنه يلحقه باثنين ولا يلحقه بأكثر، وحكى أبو يوسف عنه أنه يلحقه بثلاثة. وقال المتأخرون من أصحابه يجوز أن يلحق بمائة، وكذلك يقول أبو حَنِيفَةَ في الروايتين، وعند أَبِي يُوسُفَ لا يلحقه باثنين. وعند مالك في الأمة كقول الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد، وإن كانت حرة لم يلحق بهما ولم يعرض على القائف ولحق بالزوج إن كان فيهما، وإن كانا أجنبيين ينظر به حتى يبلغ وينتسب إلى أحدهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجت في العدة ووطئها وتنازع الزوج والواطئ في الولد أُرى القافة فأيهما ألحقته لُحِق. وعند مالك يلحق بالزوج. مسألة ة عند الشَّافِعِيّ إذا ألحقت القافة الولد بهما لم يلحق بهما ووقف حتى يبلغ وينتسب إلى أيهما مال طبعه. وعند أَحْمَد يلحق بهما. * * *

باب اليمين في الدعاوى

باب الْيَمِين في الدعاوى مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة يجوز القسامة من الولي في القتل إذا وجد اللوث. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة القسامة باطلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد واللَّيْث وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان مع المدّعي للدم لوث برئ بيمينه وحلف خمسين يمينًا، سواء كان في المقصود جراحة أو لم يكن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا وجد المقتول في محلة قوم فإن لم يكن به جراحة فالقول قول المدّعى عليه مع يمينه، فإذا حلف فلا شيء عليه، وإن كان به جراحة فإنه يؤخذ من صالحي المحلة أو القرية خمسون رجلاً فيحلف كل واحد يمين، فإن لم يكن فيها إلا رجل واحد حلف خمسين يومًا، فإذا حلفوا وجبت دية المقتول على الذي بنى المحلة، سواء زال ملكه عنها أو لم يزل إن كان موجودًا، فإن لم يكن موجودًا كانت الدية على عاقلة سكان المحلة من حلف منهم ومن لم يحلف. وعند أَبِي يُوسُفَ تكون الدية على السكان بكل حال. فإن قالوا وجد القتيل في مسجد المحلة حلف منهم خمسون رجلاً وكانت الدية في بيت المال، وإن وجد القتيل في دار نفسه فديته على عاقلته، وإن وجد بين قريتين نظر إلى أيهما أقرب، ويكون حكمه كما لو وجد فيها. وعند عمر - رضي الله عنه - والشعبي والنَّخَعِيّ يستحلف خمسون رجلاً من المدّعى عليهم ويغرمون الدية، وهذا تريب مما قال أبو حَنِيفَةَ. وعند الحسن يستحلف خمسون رجلاً من المدّعى عليهم والله ما قتلناه ولا علمنا قاتله، فإن لم يحلفوا حلف خمسون من المدعين أن دمنا لفيكم واستحق الدية. وعند الحكم والنَّخَعِيّ أيضًا يتوقف عن الحكم والقسامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الدعوى في القسامة للقتل عمدًا وحلف المدّعي خمسين يمينًا استحق القود في القول القديم، وبه قال ابن الزبير وعمر بن عبد العزيز وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وأبو ثور وفقهاء المدينة. وفي الجديد لا يستحق القود ويستحق دية مغلظة حالة في مال القاتل، وبه قال ابن عَبَّاسٍ ومعاوية والحسن البصري وأبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأهل الكوفة وغيرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا بالقديم وجب القود على من ادَّعى عليه القتل، سواء كانوا واحدًا أو جماعة. وعند مالك وَأَحْمَد أن المولى يختار واحدًا منهم فيقتله، ولا

يقتل جميعهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى القتل على جماعة لا يصلح اشتراكهم في القتل، كأهل بلد أو قرية كبيرة لم تسمع الدعوى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسمع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ للولي أن يقسم على الجماعة. وعند مالك َوَأَحْمَد، لا يقسم إلا على واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحلف أولياء الدم على قدر حصصهم في الميراث ويجبر على أصح القولين، سواء كانوا متساويين في الحصص أو بعضهم أكبر من بعض، وبه قال مالك وَأَحْمَد، والقول الثاني يحلف كل واحد منهم خمسين يمينًا. وعند مالك يجبر الكسر في حق أكثرهم نصيبًا وإن كانوا متساويين فعنده رِوَايَتَانِ إحداهما يجبر في حق الكل والثانية يجبر في حق واحد منهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رُدت الْيَمِين على المدّعى عليهم فحلفوا لم تلزمهم الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يحبسون حتى يحلفوا أو يقرّوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نكل بعض أولياء الدم حلف الباقون واستحقوا حصصهم من الدية. وعند مالك في إحدى الروايتين يسقط القود والدية وترد الأيمان على المدّعى عليهم، وفي الرِوَايَة الأخرى يحلف الباقون ويستحقون أنصابهم من الدية إن كانوا اثنين، أو بينهم إخوة أو بنيهم، وإن كانوا أعمامًا أو بنيهم حلفوا واستحقوا القتل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ردّ المدّعي الْيَمِين على المدّعى عليه فنكل المدّعى عليه ولم يحلف، فإن قلنا إن الْيَمِين يوجب المال ردت على المدّعي، وإن قلنا لا يوجب المال لم ترد على المدّعي. وعند مالك إذا ردّ الْيَمِين على المدّعى عليهم. ولم يحلفوا حبسوا، فإن طال حبسهم تُركوا وجلد كل واحد منهم مائة، وحبس سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا قسامة فيما دون النفس في أحد القولين، وبه قال أحمد وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والثاني يقسم فيه، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة إذا كان ذلك عُشر الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الدعوى في موضع لا لوث فيه غُلِّظ على المدّعى عليه في الْيَمِين فيحلف خمسين يمينًا في أصح القولين، والثاني لا يُغلظ عليه فيحلف يمينًا واحدة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، واختاره الْمُزَنِي.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ادَّعى على بعض أهل محلة القتل ولم يعين القاتل لم تسمع الدعوى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسمع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ اللوث وجود سبب يوجب عليه الظن أن الأمر كما يقول المدّعى. وعند أَحْمَد اللوث الذي تثبت القسامة العداوة الظاهرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو الأثر. وعند مالك هو أن يقول الرجل عند موته ديتي عند فلان، أو شهد واحد بقتله. واختلفت الرِوَايَة عن مالك أيضًا في صفة الشاهد، فروى عنه لا تعتبر العدالة، وروى عنه يعتبر ذلك. وروى عنه تجزئ بشهادة امرأة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أسباب اللوث سبعة وهي مشهورة. وعند مالك لا يكون جميع هذه الأسباب لوثًا إلا إذا شهد رجل عدل أنه قتل فلانًا فإنه يكون لوثًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يثبت اللوث بشهادة النساء. وعند مالك في إحدى الروايتين يثبت بشهادة النساء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقسم المدَّعي الواحد في العمد. وعند مالك لا يقسم المدّعي الواحد في العمد، ولا يقسم إلا اثنان فصاعدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان أولياء الدم أكثر من خمسين حلف كل واحد منهم يمينًا فى أحد القولين، وبه قال مالك في رِوَايَة. وعنده في الرِوَايَة الأخرى يحلف منه خمسون ويستحق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اقتتلت طائفتان ثم افترقتا عن قتيل لا يعرف من قتله، فإن عين أولياؤه على واحد أو جماعة وأتوا بما يوجب اللوث حلفوا أو استحقوا الدية، فإن لم يأتوا بما يوجب اللوث فلا قصاص ولا دية. وعند أَحْمَد وكذا مالك في إحدى الروايتين ديته على الطائفة التي ادعت إن كان القتل من الطائفة الأخرى. وعند أحمد أيضًا وإِسْحَاق إلا أن يعينوا بالدعوى رجلاً بعينه فتكون قسامة وإن كان برغم الطائفتين. وعند مالك أيضًا عقله على الطائفتين جميعًا. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ ديته على عاقلة الطائفتين. وعند الْأَوْزَاعِيّ ديته على الطائفتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو على عاقلة الطائفة التي وجد القتيل فيها إذا لم يعين أولياؤه على غيرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل واحد في الزحام فإن وليه يعين الدعوى على من شاء منهم إذا كان القدر ممن يمكن أن يكونوا قاتليه ويقسم على ذلك، وتستحق الدية على

عواقلهم مؤجلة في ثلاث سنين. وعند مالك ديته هدر. وعند الحسن والزُّهْرِيّ ديته على من حضر. وعند الثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وعمر وعلى ديته في بيت المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال المجروح جرحني فلان، أو دمي عند فلان ثم مات لم يكن ذلك لوثًا عليه. وعند مالك ومروان واللَّيْث يكون ذلك لوثًا عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تثبت القسامة مع اللوث، سواء وجد في المقتول أمر أو لم يوجد. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا تثبت القسامة إذا لم يوجد في الميت أثر، وإن خرج الدم من أنفه ودبره لم تثبت القسامة، وإن خرج الدم من عينه وأذنه ثبت فيه القسامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحكم في القسامة واجب. وعند ابن علية لا يحكم بالقسامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى بعض أولياء الدم وأنكر الباقون لم تسقط القسامة في أحد القولين وتسقط في الآخر في العمد، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحلف غير المدّعى عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يختار المدّعي خمسين رجلاً ويحلّفهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا امتنع المدّعى عليه من الْيَمِين لم يحبس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يُحبس حتى يحلف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف المدّعى عليه في القسامة لم بغرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يغرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يقسم الرجال والنساء. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ َوَأَحْمَد لا تقسم النساء. وعند الْأَوْزَاعِيّ أيضًا لا عفو للنساء ولا قود. وعند مالك لا تقسم النساء في قتل العمد ولو لم يكن في أولياء الدم إلا النساء ويقسمن في الخطأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الولي يقسم، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، أو سواء كان القاتل مسلمًا أو كافرًا. وعند مالك إذا كان القاتل مسلمًا والمقتول كافرًا لم يقسم ولي الكافر وبناه على أصله أن القسامة يستحق بها القود، والمسلم لا يقتل بالكافر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ تثبت القسامة في العبد. وعند الزُّهْرِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ لا تثبت القسامة في العبد، وهو أحد طريقين في مذهب الشَّافِعِيّ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْيَمِين هو أن يقول: والله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور لقد قتل فلان فلانًا منفردًا بقتله ما شاركه في قتله أحد غيره. وعظ مالك يقول: والله الذي لا إله إلا هو لهو ضربه ولما ضربه مات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق الْيَمِين على نية المستحلف. وعند النَّخَعِيّ إن كان المستحلف ظالمًا فالنية نية الحالف، وإن كان المستحلف مظلومًا فالنية نية الذي استحلف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تغلظ الْيَمِين في المال إلا أن يكون نصابًا تجب فيه الزكاة. وعند مالك تغلَّظ فيما يقطع فيه السارق وهو ربع دينار. وعند ابن جرير تغلَّظ في القليل والكثير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وابن عَبَّاسٍ وعبد الرحمن بن عوف وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تغلَّظ الْيَمِين بالمكان والزمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا تغلَّظ بهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء الأيمان كلها على القطع والبتِّ، إلاَّ على فعل الغير فإنها على نفي العلم. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ كلها على نفي العلم. وعند ابن أبي ليلى كلها على البت، كذا نقل صاحب الشامل والمعتمد والشاشي عن الشعبي والنَّخَعِيّ. وعند ابن أبي ليلى ما ذكرناه. وعكس في البيان ذلك عنهم فجعل مذهب الشعبي والنَّخَعِيّ كلها على القطع والبت، وجعل مذهب ابن أبي ليلى كلها على نفي العلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى جماعة حقًّا على رجل حلف كل واحد منهم يمينًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند إسماعيل بن إِسْحَاق القاضي وأَبِي حَنِيفَةَ يكتفى منه لهم بيمين واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للمعسر أن يحلف أنه لا حق عليه. وعند أَبِي ثَورٍ له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال البائع: قد بعت ما تدَّعيه لكن لا أقدر على التسليم، فإن المشتري يحلف أن البائع قادر على التسليم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وكافة الزَّيْدِيَّة يحلف المشتري على أنه لا يعلم أنه لا يقدر على التسليم.

كتاب الشهادات

كتاب الشهادات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب الإشهاد على البيع. وعند سعيد ابن المسيب والشعبي والضحاك وأهل الظاهر يجب الإشهاد على البيع، واختلف أهل الظاهر فمنهم من قال هي شرط في صحة البيع، ومنهم من قال لا يحتاج إلى ذلك ويكفي حضور الشاهدين. * * * باب من تقبل شهادته ومن لم تقبل مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وعَطَاء وطاوس والحسن وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقبل شهادة الصبي بحال. وعند ابن الزبير والنَّخَعِيّ وَمَالِك وأبي الزناد وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى. والزُّهْرِيّ والْإِمَامِيَّة تقبل على الجراح إذا اجتمعوا لأمر مباح ولم يتفرقوا. وعند أحمد ثلاث روايات: إحداها كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، والثانية كقول مالك ومن وافقه، والثالثة تقبل في جميع الحقوق. وعند القاسم بن مُحَمَّد ومَكْحُول وسهل بن عبد الله تجوز شهادة الصبيان، وحكاه ابن المنذر عن علي رضي اللَّه عنه أنه كان يجيز شهادة الصغير على الصغير. وعند ابن الزبير أيضًا إن أخذوا ذلك عند مصاب ذلك فبالحرى أن يعقلوا وأن يحفظوا. وليس أمره أن يقبل شهادتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تقبل شهادة الأخرس إذا كانت له إشارة مفهومة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقبل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وعمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ والحسن البصري وعَطَاء ومجاهد وشريح وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقبل شهادة العبيد بقليل ولا كثير على حر ولا عبد. وعند أنس واللَّيْث وعثمان البتي وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة وإِسْحَاق وداود وأَبِي ثَورٍ تقبل شهادة العبيد بكل قليل وكثير على العبيد، ولا تقبل على

الحر. وروى ذلك أيضًا عن عثمان البتي وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وعند الشعبي والنَّخَعِيّ تقبل شهادة العبيد في القليل دون الكثير. واختلفت الزَّيْدِيَّة في شهادة العبد لمولاه فقال النَّاصِر: تصح شهادته، وقال القاسم والمؤيَّد وكذا الداعي عن يَحْيَى: لا تقبل إلا إذا كان على رقبته دين يستغرق قيمته فإنها تقبل؛ لأنه لا يكون كالأجنبي لأنه يباع عليه في ذلك مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والحسن وعكرمة وأَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى َوَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقبل شهادة الكفار على المسلمين ولا على الكفار. وعند أبي حَنِيفَةَ والحسن البصري وسوار بن عبد الله القاضي وعثمان البتي وحماد، وشريح، وعمر بن عبد العزيز والثَّوْرِيّ تقبل شهادة بعضهم على بعض، سواء شهدوا على أهل ملتهم أو على أهل ملة أخرى، والكفر ملة واحدة حتى تقبل عندهم شهادة اليهودي على النصراني وشهادة النصراني على المجوسي. وعند الزُّهْرِيّ والشعبي وقتادة والحكم وإِسْحَاق وأبي عبيد تقبل شهادة كل ملة على بعضهم البعض، ولا تقبل شهادة ملة على ملة أخرى، فلا تقبل شهادة اليهودي على النصراني، ولا النصراني على اليهودي، ولا النصراني أو اليهودي على المجوسي. وعند أَحْمَد في رِوَايَة تقبل شهادة الكفار على المسلمين في الوَصِيَّة وحدها إذا لم يكن هناك مسلم ولا تقبل شهادة بعضهم على بعض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تقبل شهادة أهل الأهواء كلهم إلا الخطابية. وعند بعض أصحابه لا تقبل شهادة الخوارج والرافضة والقدرية. وعند مالك لا تقبل شهادة أهل الأهواء. وعند شريك لا تقبل شهادة أربعة من أهل الأهواء والروافض الذين يزعمون أن لهم إمامًا ينتظرونه، والقدرية الذين يضيفون المشيئة إلينا، والمرجئة والخوارج. وعند أَحْمَد لا تقبل شهادة أهل ثلاثة: القدرية والجهمية والرافضة. وعند أَحْمَد أيضًا وأكثر العلماء لا ترد شهادة أحد من أهل الأهواء إلا من حكم بفسقه منهم. وعند سائر الزَّيْدِيَّة أن الكافر في اعتقاده وأهل الأهواء كالمجبرة والمشبهة، والخوارج، والبغاة إذا تابوا ورجعوا إلى الحق قبلت شهادتهم في الحال، وعند أبي طالب منهم عن يَحْيَى أنها لا تقبل إلا بعد استمرار التوبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا ترد شهادة اللاعب بالشطرنج إذا لم يكن قمارًا، ولا يخرج الصلوات عن أوقاتها إلا أنه يكره اللعب بذلك كراهة تنزيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا

أكثر منه ردت شهادته ويكره كراهة تحريم، وبه قال أبو إِسْحَاق المروزي، وَأَحْمَد، وأكثر العلماء من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شرب النبيذ ولم يسكر حُدَّ ولم يفسق، ولم ترد به شهادته، سواء اعتقد تحليله أو تحريمه. وعند بعض أصحابه إذا كان يعتقد تحريمه ردت به شهادته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ النبيذ مباح وما كان محرمًا فلا ترد به الشهادة ما لم يسكر. وعند مالك يفسق وترد به الشهادة بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ الغناء بغير آلة مكروه وليس بمحرم ولا مباح. وعند سعيد بن إبراهيم الزُّهْرِيّ، وعبيد اللَّه بن الحسن العنبري ليس بمكروه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القراءة بالألحان إن كانت لا تغير الحروف عن نظمها جاز، وإن غيرت الحروف إلى زيادة فيها لم يجز، وعند قوم هي محرمة، وعند قوم هي مباحة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تقبل شهادة ولد الزنا إذا كان عدلاً والمحدود في الزنا والقذف والشرب إذا تاب فيما حد فيه وفي غيره. وعند مالك والْإِمَامِيَّة وعمر بن عبد العزيز وابن عمر لا تقبل شهادة ولد الزنا، وعند مالك أيضًا لا تقبل ولا شهادة المحدود في الزنا. ومن حد في شيء ثم تاب لم تقبل شهادته فيما حد فيه، وحكى ابن المنذر عن مالك أن شهادته مقبولة في جميع الحقوق إلا في الزنا وما أشبهه، وبه قال: اللَّيْث بن سعد، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تقبل شهادة البدوي على القروي. وعند مالك لا تقبل إلا في القتل والجراح. وعند أَحْمَد لا تقبل شهادة البدوي على القروي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شهد بالزور فسق وردت شهادته ويعزَّر، وإذا رأي الإمام أن يشهر أمره شهر أمره وأمر بالنداء عليه أن هذا شاهد زور فاعرفوه. وعند ابن أبي هريرة من الشَّافِعِيَّة إن كان من أهل الصيانة لم يناد عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعزَّر ولا يشهر أمره. وعند شريح يركب على حمار وينادى على نفسه هذا جزاء من شهد بالزور، وعند عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة أنه يحلق نصف رؤسهم ويشحم وجوههم ويطاف بهم في الأسواق. وعند عمر رضي اللَّه عنه يجلد أربعين سوطًا ويشحم وجهه ويطاف به ويطال حبسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقبل شهادة العدو على عدوه،

وبه قال: من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقبل، وبه قال النَّاصِر والمؤيَّد من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وشريح والحسن والشعبي والثَّوْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقبل شهادة الوالدين وإن علا للمولدين وإن سفلوا، ولا شهادة المولدين وإن سفلوا للوالدين وإن علوا. وعند عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز والزُّهْرِيّ، وداود وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي وإِسْحَاق والحسن والشعبي في إحدى الروايتين عنهما تقبل شهادة بعضهم لبعض، واختاره ابن المنذر وحكى أنه قول قديم للشافعي. وعند أَحْمَد ثلاث روايات: إحداهن كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، والثانية تقبل شهادة الولد للوالد، ولا تقبل شهادة الوالد للولد، وبه قال إياس بن معاوية، والثالثة تقبل شهادة بعضهم لبعض إذا لم يكن فيها تهمة، كشهادته له بالنكاح والطلاق والمال، وإذا كان الشاهد مستغنيًا عنه، ولا تقبل شهادته له بالمال إذا كان فقيرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوكيل بالخصومة في شيء إذا خاصم فيه لم تقبل شهادته لموكله عليه، وإن عزل نفسه قبل الخوض في الخصومة ففي القبول وجهان. وعند أبي ثور، وداود تقبل شهادته في ذلك. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا تقبل. وعند المؤيَّد منهم في رِوَايَة أنها تقبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد شاهدان أنه قذف ضرة أمهما لم تقبل شهادتهما في القديم وتقبل في الجديد، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تجوز شهادة الموصي على الميت ولا تجوز له، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أبي طالب منهم تجوز شهادته له وعليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وشريح وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ والشعبي وعَطَاء وقتادة وعبيد الله بن الحسن وعثمان البتي وعمر بن عبد العزيز والثَّوْرِيّ وَمَالِك في إحدى الروايتين عنهما من عدا الوالدين والمولودين من الأقارب كالأخ وابن الأخ والعم وابن العم ومن أشبههم تقبل شهادة بعضهم لبعض. وعند الثَّوْرِيّ لا تقبل شهادة ذي رحم من النسب لذي رحمه. وعند مالك لا تقبل شهادة الأخ لأخيه في النسب، وتقبل في غير النسب. وعنده أيضًا إذا كان الأخ منقطعًا إلى أخيه في صلته وبره لم تقبل شهادته له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تقبل شهادة الصديق لصديقه،

سواء كان بينهما مهاداة وملاطفة أولاً مهاداة ولا ملاطفة. وعند مالك إذا كانت بينهما مهاداة وملاطفة لم تقبل شهادته له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وطاوس والشعبي ورَبِيعَة. ومالك، والْأَوْزَاعِيّ، وَأَحْمَد، وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تقبل شهادة المحدود في القذف والزنا والشرب إذا تاب فيما حد فيه وفي غيره. وعند شريح، والحسن، والنَّخَعِيّ. والثَّوْرِيّ، ومالك، وأَبِي حَنِيفَةَ لا تقبل شهادته أبدًا، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: لا ترد شهادة القاذف حتى يجلد ثمانين، فإن حدَّ ثمانين إلا جلدة كانت شهادته مقبولة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ شاهد الزور إذا تاب وظهرت توبته قبلت شهادته وعند ابن المنذر لا تقبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ التوبة الظاهرة التي تتعلق بها قبول الشهادة من الزنا والسرقة وشرب الخمر يظهر منه قبل ذلك في العمل الصالح ويمضي على سنة. وعند بعض الناس ستة أشهر، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت المعصية قذفًا صريحًا فالتوبة منه إكذاب نفسه، واختلف أصحابه فيما يكذب به نفسه فقال أبو سعيد الإصطخري: يحتاج إلى أن يقول كذبت فيما قلت ولا أعود إلى مثله، وبه قال أحمد، وقال أبو إِسْحَاق وابن أبي هريرة: يقول القذف محرم ولا أعود إليه، ولا يقال: كذبت فيما قلت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وهل يحتاج في توبة القذف إلى إصلاح العمل ببينة؟ قَوْلَانِ: أصحهما يحتاج والثاني لا يحتاج، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الشهادة تقبل بنفس التوبة، وللإمام أن يقول له تب أقبل شهادتك. وعند مالك لا يقول ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شهد الكافر أو العبد أو الصبي قبل البلوغ فردت شهادتهم ثم أعادوا تلك الشهادة بعد كمالهم بالْإِسْلَام والعتق والبلوغ قبلت شهادتهم. وعند مالك لا تقبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، ومالك، وَأَحْمَد، وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شهد عند الحاكم فبان عنده فسقه فردت شهادته ثم تاب بعد ذلك وأصلح وأعاد تلك الشهادة لم تقبل شهادته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الْمُزَنِي، وأَبِي ثَورٍ، وداود، ومن

الزَّيْدِيَّة المؤيَّد تقبل شهادته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن وأَبِي ثَورٍ تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق والشعبي وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقبل شهادة أحدهما للآخر، وحكاه بعض الشَّافِعِيَّة قولاً قديمًا للشافعي. وعند ابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ تقبل شهادة الزوج على زوجته في الزنا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تقبل شهادة المولى من أعلى للمولى من أسفل. وعند شريح لا تقبل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تقبل شهادة الأجنبي لمستأجره إلا فيما يستحق عليه الأجرة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى. وعند شريح والْأَوْزَاعِيّ وأصحاب الرأي وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا تقبل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكفي في شهادة الشهود على نفي الوارث وإثبات من يسمونه أن يقولوا: لا نعلم له وارثًا سواه. وعند ابن أبي ليلى لا يكفي حتى يقولوا أو يسموا: لا نعلم له وارثًا غير من سميناه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن أبي ليلى وأَبِي حَنِيفَةَ إذا اختبأ الشاهدان فسمعا إقرار المقر وهو لا يعلم بهما جاز لهما أن يشهدا على إقراره. وعند شريح والشعبي والنَّخَعِيّ لا يجوز لهما ذلك. وعند مالك إذا كان بالمقر ضعف يخدع لم تقبل شهادته عليه، وإن كان جلدًا باطنيًا قبلت الشهادة عليه، ونقل أيضًا عن مالك أنه لا تقبل شهادة المجتنى بحال، ونقله بعض الشَّافِعِيَّة قولاً قديمًا للشافعي. * * *

باب عدد الشهود

باب عدد الشهود مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يثبت حد الزنا إلا بالأربعة شهود ذكور، ولا مدخل للنساء فى الشهادة بذلك، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة وعند عَطَاء وحماد يجوز ثلاثة رجال وامرأتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، والزُّهْرِيّ، والنَّخَعِيّ، وَمَالِك ما ليس بمال ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال كالنكاح، والرجعة، والطلاق والعتاق، والوكالة، والوَصِيَّة إليه، وقتل العمد، والحدود سوى حد الزنا وما أشبهه فلا يثبت إلا بشاهدين ولا يثبت بشاهد وامرأتين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، والباقر، والصادق حتى قال النَّاصِر: لا يقع الطلاق بحضرة رجل وامرأتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة النكاح يثبت بشاهد وامرأتين. وعنده أيضًا يثبت ما سوى الحدود والقصاص بشاهد وامرأتين. وعند الحسن البصري لا يثبت القصاص في النفس إلا بأربعة. وعند عَطَاء تقبل شهادة النساء في الحدود. وعند أَحْمَد في أصح الروايتين يثبت العتق والولاء والكتابة بشاهد ويمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ما ليس بمال ولا المقصود منه المال ولا يطلع عليه الرجال كالرضاع والولادة واستهلال الولد وعيوب النساء تحت الثياب كالرتق والقرن فهذا كله وما أشبهه يثبت بشاهدين أو شاهد وامرأتين، أو بأربع نسوة منفردات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن أبي ليلى لا يثبت الرضاع بشهادة النساء منفردات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء كل موضع قبل فيه شهادة النساء لم يقبل فيه أقل من أربعة نسوة عدول. وعند عثمان البتي تقبل فيه شهادة ثلاث. وعند مالك، والْأَوْزَاعِيّ، والثَّوْرِيّ، وابن أبي ليلى، وابن شُبْرُمَةَ والحكم وحماد تقبل امرأتان. وعند ابن عباس والحسن وطاوس وَأَحْمَد وإِسْحَاق والزُّهْرِيّ يقبل قول المرضعة وحدها في الرضاع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقبل شهادة القابلة وحدها في ولادة الزوجة دون المطلقة. وعند أحمد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يقبل في الاستهلال امرأة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقبل فيه إلا رجلان أو رجل وامرأتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي بن كعب وجابر بن معاوية وعمر بن عبد العزيز وأبي سلمة بن عبد الرحمن وأهل الظاهر والشعبي وشريح وفقهاء المدينة وأَبِي ثَورٍ ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يثبت المال بالشاهد

والْيَمِين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في إحدى روايتيه. وعند سائر الزَّيْدِيَّة والنَّاصِر أيضًا يحكم بالشاهد والْيَمِين في المال والحقوق كلها. وعند الزُّهْرِيّ والشعبي والنَّخَعِيّ وابن شُبْرُمَةَ والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يقضي بالشاهد والْيَمِين بحال حتى قال مُحَمَّد بن الحسن: من حكم بالشاهد والْيَمِين نقضت حكمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف بالطلاق أنه لا حق عليه لفلان، فشهد شاهدان أن عليه حق وحكم الحاكم بشهادتهما وقع الطلاق. وعند مُحَمَّد بن الحسن لا يقع. * * *

باب تحمل الشهادة

باب تحمل الشهادة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الملك المطلق يجوز تحمل الشهادة فيه بالاستفاضة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يجوز تحمل الشهادة فيه بالاستفاضة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان في يده دار فتصرف فيها مدة طويلة بالهدم والبناء والإجارة والإعارة فهل يشهد له بالملك؟ وجهان: أحدهما لا يجوز، والثاني يجوز وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا يجوز أن يشهد له بالملك في المدة الطويلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يثبت الوقف والولاء والعتق والنكاح بشهادة الاستفاضة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في مسألة الوقف وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه في الوقف أيضًا وَأَحْمَد يثبت، وبه قال الإصطخري من الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد في مسألة الوقف. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يثبت الولاء إذا كان مشتهرًا كعكرمة مولى ابن عباس. وعند أبي حَنِيفَةَ يثبت النكاح والدخول بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ولي الإمام قاضيًا واستفاض ذلك في الناس، فإن كان البلد بعيدا لم يثبت كونه قاضيًا بالاستفاضة، وإن كان قريبًا فوجهان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت ذلك بالاستفاضة، ولم يفصلوا بين القريب والبعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي والحسن البصري وابن شُبْرُمَةَ وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسوار القاضي وعثمان البتي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقبل شهادة الأعمى فيما طريقه المشاهدة والسماع كالعقود، ولا فيما طريقه المشاهدة بالأفعال، وتقبل شهادته فيما طريقه السماع خاصة كالاستفاضة. وعند زفر تقبل في النكاح والنسب والموت. وعند ابن عباس، وابن سِيرِينَ والشعبي وعَطَاء وشريح والزُّهْرِيّ وابن أبي ليلى ورَبِيعَة واللَّيْث وَمَالِك وداود والْمُزَنِي والْإِمَامِيَّة تقبل شهادته فيما سمعه، فإن سمع العاقد وميزه عن غيره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد شاهدان أن فلان بن فلان هذا نكل فلان بن فلان كان ذلك شهادة بالوكالة والنسب. وعند مالك يكون ذلك شهادة بالوكالة لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ وابن أبي ليلى والْإِمَامِيَّة إذا تحمل الشهادة

على رجل بالفعل أو بالقول وهو مبصر ثم عمى وأراد أن يؤدي الشهادة، فإن كان يعرف المشهود عليه نعته واسمه ونسبه جاز أن يشهد عليه عند الحاكم، وإن كان لا يعرفه إلا بعينه وهو خارج عن يده حال الأداء لم يجز أن يشهد عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة مُحَمَّد بن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا تحمل الشهادة وهو مبصر ثم عمى بطلت شهادته، سواء كان يعرف المشهود عليه بعينه أو باسمه أو بنسبه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجوز شهادة الأعمى على المضبوط وهو أن يشهد رجل بصير على رجل لا يعرفه إلا بعينه بفعل أو بقول، وأمسكه الشاهد بيده، ثم عمى الشاهد وجاء به إلى الحاكم فشهد عليه بما سمع أو قال، أو وضع رجل فاه على أذن الأعمى فأقر لرجل بشيء، أو طلق امرأته، ووضع الأعمى يده على رأسه وضبطه إلى أن أتى به إلى الحاكم فشهد عليه بما قال قبلت شهادته في ذلك وحكم بها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تقبل وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا شهد بصير أو ناطق بشهادة عند الحاكم، فقبل أن يحكم بها الحاكم عمى الشاهد أو خرس لم تبطل شهادته، وعند أبي حَنِيفَةَ تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح تحمل الشهادة على المرأة المنتقبة اعتمادًا على الصوت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند يَحْيَى منهم إن عرفها معرفة صحيحة بالصوت جاز تحمل الشهادة عليها. * * *

باب الشهادة على الشهادة

باب الشهادة على الشهادة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القصاص يثبت بالشهادة على الشهادة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يثبت ذلك بالشهادة على الشهادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حدود الله سبحانه كالزنا، والشرب، والسرقة تثبت بالشهادة على الشهادة في أحد القولين، وبه قال مالك، وتثبت بالشهادة على الشهادة في القول الآخر، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب على الشاهد أن يشهد على شهادته. وعند بعض فقهاء العراق يجب عليه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا مات شاهد الأصل أو غاب أو مرض مرضًا يشق عليه معه الوصول إلى مجلس الحكم، أو كان محبوسًا في موضع لا يقدر على الوصول إلى مجلس الحكم جاز للحاكم سماع شهادته بشاهدي الفرع عليه والحكم بها. وعند أَبِي ثَورٍ تجوز سماع شهادة الفرع وإن لم يتعذر حصول شهادة الأصل. وعند الشعبي لا يسمع بشهادة شاهدي الفرع إلا إذا مات شاهد الأصل. مسألة: اختلف أصحاب الشَّافِعِيّ في حد غيبة شاهد الأصل التي يجوز فيها سماع شاهدي الفرع والحكم بها على ثلاثة أوجه: أحدها وهو أن يكون شاهد الأصل في موضع من موضع الحكم لو حضر منه إلى مجلس الحكم وأقام الشهادة لم يمكنه أن يأوي في الموضع الذي خرج منه، فأمَّا بدون ذلك فلا تقبل فيه شهادة شاهدي الفرع على شاهد الأصل، وبه قال أبو يوسف وأبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، واختاره من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد لنفسه. والثاني إذا كان بين الشاهد وموضع الحكم مسافة القصر جاز سماع شهادة الفرع، وإن كان بينهما أقل من ذلك لم يجز سماع شهادة شاهدي الفرع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أن مسافة القصر عنده ثلاثة أيام، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. وعند الشَّافِعِيّ يومان والثالث لا يعتبر في ذلك حد، وإنما يعتبر لحوق المشقة غالبًا، فإن كان يلحق بشاهد الأصل المشقة في الحضور عند الحاكم جاز سماع شهادة شهود الفرع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يقبل في الشهادة على الشهادة ولا في كتاب القاضي إلى القاضي شهادة النساء في جميع الحقوق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد في رِوَايَة إن كان

الحق من مال للنساء مدخل في إتيانه كالمال والولادة وغير ذلك جاز أن يكون شهود الفرع من النساء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وشريح والنَّخَعِيّ والشعبي ورَبِيعَة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا شهد على شاهدي الأصل على كل واحد منهما شاهد واحد لم تثبت شهادة شاهدي الأصل ولا أحدهما، وعند ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وعثمان البتي وعبيد الله بن الحسن العنبري وشريح والشعبي والنَّخَعِيّ وإِسْحَاق وَأَحْمَد والحسن البصري تثبت شهادة شاهدي الأصل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تثبت شهادة شاهدي الأصل بشاهدين، فإن شهدا على شهادة أحد الأصلين ثم شهدا على شهادة الأصل الثاني في أحد القولين، والثاني تثبت وهو الصحيح، وبه قال رَبِيعَة، ومالك، ومُحَمَّد وأبو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ترك شاهد الفرع تعديل شاهدي الأصل جازت شهادته وقال الحاكم عن عدالة شاهدي الأصل. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ إذا لم يعدل شاهد الفرع بشاهد الأصل لم يسمع الحاكم بشهادته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تحمل الشهادة على الشهادة تصح من أربعة أوجه مشهورة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يجوز أن تتحمل الشهادة على الشهادة إلا أن يستر عنه على الشهادة، فأمَّا بغير ذلك فلا يصح، وهذا هو أحد الأوجه الأربعة في طريق التحمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وأَبِي يُوسُفَ إذا قال شاهد الأصل لرجلين اشهدا أني أشهد أن لفلان على فلان كذا جاز لهما أن يشهدا على شهادته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز لهما ذلك، إلا أن يقول: اشهدا على شهادتي أنى أشهد أن لفلان على فلان كذا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عدل شاهد الفرع بشاهدي الأصل ولم يسمياهما لم يسمع الحاكم شهادتهما. وعند ابن جرير إذا قال لهما: حران ذكران عدلان يسمع الحاكم شهادتهما وإن لم يسمياهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وَأَحْمَد في رِوَايَة تقبل شهادة رجلين على شهادة رجل وامرأتين. وعند أَحْمَد لا تقبل. * * *

باب اختلاف الشهود في الشهادة

باب اختلاف الشهود في الشهادة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومحمد. وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ادَّعى ألفين بسبب واحد وأطلق فشهد له شاهد بألفين وشاهد بألف ثبت الألف لتمام البينة عليه ويحلف مع الشاهد الذي شهد بالألفين ويستحق الألف الثاني وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تتم له البينة على الألف وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وزفر إذا شهد أحدهما بالإقرار بالتوكيل وشهد الآخر بالتوكيل لم تلفق هذه الشهادة وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي، وعند المؤيَّد تلفق، وكذا الخلاف في الشهادة بالغصب وبالإقرار بالغصب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أحد الشاهدين أنه قذفه يوم الخميس وشهد الآخر أنه قذفه يوم الجمعة لم تتم الشهادة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ تتم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد إذا شهد رجلان على رجل أنه سرق من رجل ثوبًا من صفته كذا وقيمته ثمن دينار وشهد آخران أن قيمته ربع دينار ولا يجب على المشهود عليه إلا ثمن دينار، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه ربع دينار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أتلف عليه ثوبًا وشهد رجلان أن قيمته ثمن دينار، وشهد رجلان أن قيمته ربع دينار فلا يجب على المشهود عليه إلا ثمن دينار. وعند أبي حَنِيفَةَ يجب عليه ربع دينار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد شاهد أنه طلقها غدوة، وشهد شاهد آخر أنه طلقها عشية، أو شهد أحدهما أنه طلقها، وشهد الآخر أنه أقر بطلاقها، أو شهد أحدهما أنه باعه، وشهد الآخر أنه أقر بالبيع، أو شهد أحدهما أنه باعه يوم الاثنين، وشهد الآخر أنه باعه يوم الثلاثاء لم تتم الشهادة في هذه المسائل كلها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تتم الشهادة في هذه المسائل كلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أحدهما أنه أقر بالطلاق يوم السبت، وشهد الآخر أنه أقر بالطلاق يوم الجمعة تمت الشهادة، وكذا في البيع والنكاح. وعند زفر لا تتم الشهادة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غيَّر الشاهد شهادته وزاد فيها أو نقص قبل ذلك منه. وعند الزُّهْرِيّ لا تقبل شهادته الأولى ولا الثانية. وعند مالك يؤخذ بقوله الأول دون الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا شهد أحدهما بالقرض وشهد أحدهما بالقضاء جازت شهادتهما على المال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي والمؤيَّد. وعند زفر وأَبِي يُوسُفَ لا يحكم بشيء منها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا شهد أحدهما أنه تزوجها بألف والآخر أنه تزوجها بألفين لم تلفق هذه الشهادة ولا يصح العقد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي، وهو الأقرب من مذهب النَّاصِر. وعند النَّاصِر والمؤيَّد تلفق هذه الشهادة ويصح العقد ويثبت المهر. * * *

باب الرجوع عن الشهادة

باب الرجوع عن الشهادة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا رجع الشهود قبل الحكم بشهادتهم وبعد ثبوت عدالتهم لم يحكم بشهادتهم. وعند أَبِي ثَورٍ وداود يحكم بشهادتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا رجع الشهود بعد الحكم وقبل الاستيفاء وكان الحق مما يسقط بالشبهة كالحد والقصاص لم يستوف، وإن كان حقًا لآدمي لا يسقط بالشبهة كالمال والنكاح وما أشبهه استوفى، وإن رجعوا بعد الحكم والاستيفاء لم ينقض الحكم ولم يجب على المشهود له ردّ ما أخذه، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيَّد. وعند سعيد بن المسيب والْأَوْزَاعِيّ ينقض الحكم ويجب على المشهود له أن يرد ما أخذه، وهكذا قالا إذا رجع الشهود بعد الحكم وقبل الاستيفاء فإنه ينقض الحكم ولا يستوفى الحق المشهود به، وبهذا قال داود وبشر المريسي والأصم وجماعة، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن سِيرِينَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا شهد شاهدان بقتل عمد أو بقطع ثم رجعا بعد القتل أو القطع وقالا تعمدنا ذلك ليقتل أو يقطع وجب عليهما القود. وعند رَبِيعَة والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وكذا مالك في إحدى الروايتين لا يجب عليهما القود ويجب الأرش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حكم بشاهد يمين ثم رجع الشاهد عن الشهادة رجع المشهود عليه بنصف المال على المشهود له. وعند أَحْمَد يغرم جميع المال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رجع أحد شاهدي قتل العمد لزمه القود، وعند الْأَوْزَاعِيّ يضرب مائة ويغرم نصف الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا شهد خمسة بالزنا فرجم ثم رجع واحد منهم فلا شيء عليه، وكذا إذا شهد ثلاثة بمال ثم رجع واحد منهم فلا شيء عليه. وعند أَحْمَد والْمُزَنِي وبعض الشَّافِعِيَّة يغرَّم في الأولى الخمس، وفي الثانية الثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى إذا شهدت بينة بالزنا فرجم، ثم رجع ثلاثة منهم فعليهم نصف الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه الربع، وبه قال من

الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا رجم الإمام بشهادة شهود زكاهم قوم من المسلمين، ثم بان أنهم لم يكونوا من أهل الشهادة فإن الضمان على المزكين. وعند أَحْمَد وَمَالِك لا ضمان على المزكين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا شهد شاهدان بالإحصان ثم أتم على المشهود عليه الرجم، ثم تبين أنه لا إحصان به فإنه لا ضمان على الشهود. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يجب الضمان على شهود الإحصان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، ورَبِيعَة، وعبد الله بن الحسن البصري إذا شهد شاهدان بالطلاق بعد الدخول فحكم الحاكم بشهادتهما ثم رجعا عن الشهادة لزمهما مهر المثل. وعند مالك، وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب عليهما شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رجع شهود الطلاق قبل الدخول لزمهم جميع مهر المثل في أحد القولين ونصفه في الآخر. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يرجع عليهم بنصف المسمى. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا شهدا بالطلاق يفرق بينهما ثم أكذبا أنفسهما ردت المرأة إلى الزوج، فإن تزوجت نزعت منه وردت إلى الأول ويضرب الشاهدين كل واحد منهما مائة ويغرمان للآخر الصداق. وعند الزَّيْدِيَّة يضمنان قبل الدخول نصف المهر للزوج وبعد الدخول لا يضمنان شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رجع شهود المال لم يلزمهم الضمان في أحد القولين وهو الجديد، ويلزمهم في القول الآخر وهو القديم، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، وروى عن أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا إن كانت شهادتهم فيما لا ينقل فلا غرم عليهم، وإن كانت فيما ينقل غرموا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وأَبِي حَنِيفَةَ إذا شهد شاهدا الفرع بحق وحكم الحاكم بشهادتهما فاعترف شاهدا الأصل أنهما أرغباهما وأنهما رجعا على الشهادة وإنما أرغباهما بزور فإن الضمان يجب على شاهدي الأصل. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يجب الضمان على شاهدي الفرع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وأَبِي حَنِيفَةَ إذا شهد رجل وعشر نسوة، ثم رجعت النسوة لزمهم خمسة أسداس المال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي. وعند محمد

يلزمهم نصف المال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شهد شاهدان عند الحاكم وحكم بشهادتهما، فشهد شاهدان بعد الحكم بأن الشاهدين المحكوم بشهادتهما كانا فاسقين حال الشهادة وبينا سببه نقض الحكم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يسمع الحاكم شهادة الشاهدين بفسق الشاهدين ولا ينقض حكمه، وكذلك يقول قبل الحكم إذا أخرج الخصم الشاهدين يسأل الحاكم عنهما ولم يسمع بينة الخصم. وعند مالك لا ينقض الحكم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب على المزكين ضمان المال إذا بان فسق الشاهدين، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب الضمان على المزكين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وشريح وَمَالِك وَأَحْمَد، وأَبِي يُوسُفَ، ومحمد، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ حكم الحاكم لا يحيل الأمور عما هي عليه، فإذا حكم الحاكم لشخص بيمين فاجرة لم يعلم بها الحاكم، أو بشهادة شاهدين عدلين في الظاهر وهي شهادة زور في نفس الأمر نفذ الحكم في الظاهر، ولا ينفذ في الباطن حتى لا يحل للمحكوم له ما حكلم له به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينفذ في الظاهر والباطن في العقود والفسوخ، مثل أن يدعى نكاح امرأة بشهادة زور فتصير بهذه البينة زوجة له، أو تدعى المرأة طلاق الثلاث على الرجل وتقيم بينة زور فتطلق منه بذلك، وكذا إذا أقام البينة على البيع صار مبيعًا، وإن أقام البينة على الفسخ صار العقد مفسوخًا، حتى أنه يحمل عنده بشهادة الزور أن يتزوجها أحدهم وللرجل الذي لم يجر بينهما نكاح وطئها والمقام عليها. وأما في الأملاك والأموال والمواريث فلا يحيل حكمه في ذلك في الحقيقة، وإنَّما تنفذ في الظاهر دون الباطن. وعنه في الهبة رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا فسق الشاهدان قبل الحكم بشهادتهما لم يحكم بشهادتهما. وعند الْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ يحكم بشهادتهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فسق الشهود بعد الحكم ينقض، ثم ينظر فإن كان المحكوم به مالًا استوفى وإن كان حد الله لم يستوف، وإن كان قصاصًا أو حد قذف لم يستوف فى أحد القولين، وبه قال مُحَمَّد بن الحسن. والثاني يستوفى، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد يتبين الفسق بعد الحكم. * * *

كتاب الإقرار

كتاب الإقرار مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ الشهادة بالمال المجهول من جهة الإقرار صحيحة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند النَّاصِر ويَحْيَى والقاسم لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح إقرار الصبي المميز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا أذن له الولي في ذلك صح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد على الإقرار ولم يقل وهو صحيح العقل فهو على الصحة حتى يعلم غيرها ويحكم له بها. وعند ابن أبي ليلى لا يجوز الحكم بشهادتهم حتى يذكروا العقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، ومالك، وَأَحْمَد، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أقر بدين في الصحة وبدين في المرض فهما سواء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقدم الإقرار للغرماء في الصحة على الغرماء في المرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ضاق مال المريض عند قضاء ديونه يقدم بعض غرمائه بدينه فقضاه لم يشركه الباقون فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لباقي الغرماء مشاركته فيه بالحصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد إذا أقر المريض باستيفاء ديونه قبل منه. وعند أبي حَنِيفَةَ يقبل في ديون الصحة دون ديون المرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر في مرض موته لوارثه فقَوْلَانِ: أحدهما لا يصح، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والثاني يصح وبه قال الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز. وأبو عبيد وأبو ثور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر في موته لوارث ثم صار بعد الموت ليس بوارث صح الإقرار له، وإذا أقر كذلك في مرض موته لغير وارث وصار عند الموت وارثًا قبل موته لم يصح الإقرار له على قولنا للوارث. وعند عثمان البتي وابن أبي ليلى لا اعتبار بحالة الإقرار دون حالة الموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر لنفسين أحدهما وارث، فإن قلنا يصح الإقرار للوارث صح الإقرار لهما، وإن قلنا لا يصح للوارث بطل في حقه، وفي حق الأجنبي الخلاف

فى تفريق الصفقة. وعند أَحْمَد لا يصح للوارث، وفي الأجنبي الخلاف في تبعيض الصفقة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن صدقه الأجنبي على هذه الشركة بطل في حقهما، وإن كذبه صح الإقرار للأجنبي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أطلق الإقرار للحمل فيه قَوْلَانِ: أصحهما يصح، وبه قال مُحَمَّد بن الحسن وابن حامد من الحنابلة، والثاني لا يصح وبه قال أبو يوسف وأبو حَنِيفَةَ والتميمي من الحنابلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال المدّعى عليه: لي مخرج من هذه الدعوى لم يكن إقرارا. وعند ابن أبي ليلى يكون إقرارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى عليه ألف درهم فقال المدّعى عليه: ما أكثر ما يتقاضى، أو لقد هممتني أو لست بحاضره اليوم أو لأقضينه لم يكن إقرارًا. وعند أبي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أعطني الألف التي لي عليك فقال غدًا لم يكن إقرارًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لرجل: أخبر فلانًا أن له عليك ألف درهم، فقال المسئول نعم لم يكن إقرارًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لرجل لا تخبر فلانًا أن له عليَّ ألفًا لم يكن إقرارًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو كتب رجل لزيد عليَّ ألف درهم ثم قال للشهود: اشهدوا عليَّ بما فيه لم يكن إقرارًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال له عليَّ ألف إن شاء اللَّه تعالى لم يلزمه شيء، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد يلزمه الألف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال له عليَّ ألف إن مت لم يكن إقرارًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن إذا قال له عليَّ ألف أو لا لم يكن إقرارًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر لزوجته التي لم يدخل بها بدين ثم طلقها، ثم عاد وعقد عليها صح الإقرار. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا يصح الإقرار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ عقود المريض مع وارثه بعوض المثل صحيحة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح.

باب جامع الإقرار

باب جامع الإقرار مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لفلان عليَّ شيء ثم فسره بما يتمول، قبل تفسيره في المكيل والموزون وغير المكيل والموزون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقبل تفسيره في غير المكيل والموزون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ مال ثم فسَّره بالقليل والكثير قبل منه، سواء كان من مال الزكاة أو من غيرها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقبل منه إلا في مال الزكاة. واختلف المالكية في ذلك فمنهم من قال بموافقة الشَّافِعِيّ، ومنهم من قال لا يقبل منه أقل من نصاب الزكاة من أنسل مالها، ومنهم من قال لا يقبل منه إلا ما يستباح به البضع أو ما تقطع به يد السارق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال له عليَّ مال عظيم أو جليل أو خطير أو كبير أو نفيس أو عظيم جدًا أو عظيم عظيم فإنه لا يتقدر بمقدار بل إذا فسَّره بما يقع عليه اسم المال قبل منه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. واختلف الحنفية فمنهم من قال لا يقبل منه أقل من عشرة دراهم وادَّعى أن ذلك مذهب أَبِي حَنِيفَةَ. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يقبل أقل من مائتي درهم، وقالا هو مذهب أَبِي حَنِيفَةَ ومنهم من قال: لا يقبل منه أقل من الدية. واختلف المالكية أيضًا فمنهم من قال بموافقة الشَّافِعِيّ، ومنهم من قال لا يقبل أقل من نصاب الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد والداعي عن الهادي. ومنهم من قال لابد من زيادة على أقل مال ويرجع في تفسيره إليه. ومنهم من قال قدر الدية. وعند اللَّيْث بن سعد لا يقبل أقل من اثنين وسبعين درهمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال غصبت منه ألف درهم، أو له عندي وديعة ألف درهم، ثم قال مفصولاً عن الكلام هي نقض أو زيف لم يقبل منه ذلك. وعند أبي حَنِيفَةَ يقبل منه ذلك في الغصب والوديعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أقر له يوم السبت بدرهم وأقر له يوم الأحد بدرهم وأطلق الإقرارين لم يلزمه إلا درهم، إلا أن يعترف أنه أراد بالثاني غير الأول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى، والنَّاصِر. وعند أبي حَنِيفَةَ يلزمه درهمان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ فيه

فمنهم من سوى بين المجلس والمجلسين، ومنهم من فرق بينهما وألزمه في المجلسين درهمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال في مالي لفلان ألف درهم لزمه، وبه قالت الحنفية. وعند أصحاب الشَّافِعِيّ إذا فسره بما يقتضي اللزوم قبل منه نحو سببه هبة لم أقبضها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال داري أو عبدي لفلان لم يصح الإقرار. وعند أحمد والحنفية يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ درهم فوق درهم أو درهم تحته درهم لزمه درهم على أحد الطريقين، والطريق الثاني قَوْلَانِ: أحدهما هذا، والثاني درهمان، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه في الأولى وَأَحْمَد في المسألتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ درهم لا بل درهم، أو صاع لا بل صاع لزمه درهم أو صاع، وإن قال درهم لا بل درهمان، أو صاع لا بل صاعان لزمه درهمان أو صاعان. وعند زفر وداود يلزمه في الأولى درهمان أو صاعان، وفي الثانية يلزمه ثلاثة دراهم أو ثلاثة أصع، وبه قال بعض الناس في الثانية. وعند أَحْمَد إذا قال درهم بل درهم لزمه درهمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ درهم فدرهم لزمه درهم واحد، وهو ظاهر نصه، وقيل قَوْلَانِ: أحدهما هذا، والثاني يلزمه درهمان، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال له عليَّ دراهم عظيمة أو كبيرة قبل في تفسير ذلك منه ثلاثة دراهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه عشرة دراهم. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد يلزمه مائتان، وإن قال دنانير كبيرة فعلى قول أَبِي حَنِيفَةَ عشرة، وعلى قولهما عشرون، وإن قال حنطة كبيرة رجع إلى تفسيره، وبأي جنس فسَّره قبل. وعند مُحَمَّد بن الحسن لا يقبل إلا بجنس واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ ما بين الدرهم والعشرة لزمه ثمانية. وعند أبي حَنِيفَةَ يلزمه تسعة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند مُحَمَّد بن الحسن يلزمه عشرة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ من درهم إلى عشرة فثلاثة أوجه: أحدها يلزمه ثمانية، وبه قال زفر، والثاني تسعة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، والثالث يلزمه

عشرة، وبه قال مُحَمَّد بن الحسن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ ألف أو على هذا الجدار بنائه ألف درهم لم يلزمه الألف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ كذا درهمًا بالنصب أو كذا درهم بالرفع، أو كذا درهم يلزمه درهم، وإن قال كذا وكذا فقَوْلَانِ: أحدهما يلزمه درهم، والثاني درهمان. وعند بعض أصحابه ان قال ذلك بنصب الدرهم لزمه درهمان، وإن قال برفع الدرهم لزمه درهم واحد. وعند الحنابلة ثلاثة أوجه: أحدها درهم، والثاني درهمان، والثالث درهم وشيء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا قال له عليَّ كذا كذا درهمًا لزمه أحد عشر درهمًا، وإذا قال كذا وكذا درهمًا لزمه أحد وعشرون درهمًا، وإذا قال كذا درهم بالخفض لزمه مائة درهم. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا قال له عليَّ كذا كذا أو كذا أو كذا درهمًا لزمه أحد عشر درهمًا. وعند أَحْمَد إذا قال كذا درهمًا بالنصب لزمه درهم، وإن قال كذا درهم بالخفض لزمه بعض درهم، وبه قال الشَّافِعِيّ في المسألتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قال له عليَّ ألف ودرهم أو ألف وثوب أو ألف وعبد لزمه الدرهم والثوب والعبد، ويرجع في تفسير الألف إليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في الألف والدرهم، وقال في الألف والثوب لا يلزمه الثوب ويرجع إليه في تفسير الألف. وعند أَحْمَد وأَبِي ثَورٍ يكون المعطوف تفسيرًا للألف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يكون المعطوف في الأولى تفسير الألف فيلزمه ألف درهم ودرهم، وكذا يقول فى كل ما كان مكيلًا أو موزونًا إذا عطف به عليَّ ألف كان تفسيرًا له، وإن كان مزروعًا أو معدودًا كالثوب ولعبد لم يكن تفسيرًا له، وناقض في البناء فقال يكون تفسيرًا له استحسانًا، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد يكون المعطوف كله تفسيرًا للمبهم سواء كان مكيلاً أو موزونًا أو مزروعًا أو معدودًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز استثناء الأكثر من الأقل بأن يقول له على عشرة إلا تسعة. وعند أَحْمَد وابن درستويه النحوي لا يجوز استثناء الأكثر من الأقل، وإنما يجوز استثناء النصف فما دون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ ألف درهم أستغفر اللَّه إلا مائة درهم صح الاستثناء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز الاستثناء من غير الجنس بأن يقول

له عليَّ مائة درهم إلا دينارًا وهو استثناء حقيقي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وكافة الزَّيْدِيَّة إن استثنى مكيلاً أو موزونًا جاز وهو استثناء مجازي، وإن استثنى عبدًا أو ثوبًا من مكيل أو موزون لم يجز. وعند أَحْمَد ومُحَمَّد وزفر لا يجوز بحال حتى قال أَحْمَد ومحمد: إذا قال لفلان على مائة درهم والألفان مائة دينار لزمه الأول دون الثاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه لواحد منهما شيء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لفلان في هذه الدار حق ثم قال هو باب أو جذع أو قماش أو إجارة سنة قبل قوله في ذلك كله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقبل حتى يفسِّر الحق فى الأرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لفلان عليَّ ألف إلا مائة قضيتها قبل منه ويكون استثناء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون مقرًا بالألف مدعيًا للقضاء فلا يقبل منه دعوى القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد إذا أقرَّ في مرض موته بالألف درهم لفظة ولا مال له غيره يتصدق بجميعه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتصدّق بالثلث والباقي للورثة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ ألف درهم إلا مائة درهم وعشرة دنانير إلا قيراطًا فوجهان: أحدهما: يلزمه تسع مائة درهم وعشرة دنانير إلا قيراطًا، والثاني: يلزمه تسع مائة درهم وقيراط إلا قيمة عشرة دنانير، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ ألف إلا درهمًا رجع في تفسبر الألف إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يكون الألف دراهم، وإن قال إلا عبدًا كان الجميع عبيدًا على قول محمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال غصبت منه ثوبًا في منديلاً، أو تمرًا في جراب أو زيتًا في زق كان مقرًا بغصب المظروف دون الظرف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون مقرًا بغصب الكل. وعند بعض فقهاء المدينة إن كان المقر به ذائبًا لا يستغنى عن ظرف دخل الظرف في الإقرار، وإن كان جامدًا لم يدخل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ ألف درهم ثم قال هي وديعة قبل منه في أصح القولين، والثاني لا يقبل، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ ألف أخذتها ثم ادَّعى بعد ذلك أنها تلفت قبل منه قوله ويحمل على أنها وديعة، لأنه قد تضاف الوديعة إلى آخذها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ

لا يقبل وتكون مضمونه عليه، وبه قال القفال من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد بن الحسن إذا قال له في هذا العبد شركة رجع فى تفسيره إليه، فبأي شيء فسره قبل منه. وعند أَبِي يُوسُفَ يكون ذلك إقرارًا بالنصف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد إذا قال له عليَّ ألف من ثمن مبيع لم أقبضه لم يلزمه الألف، سواء عين المبيع أو لم يعينه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن عيَّن المبيع لم يلزمه سواء وصل ذلك بإقراره أو لم يصله، وإن أطلق لم يقبل منه. وعند المؤيَّد من الزَّيْدِيَّة يلزمه ما أقر به ولا يصدق على عدم القبض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال نقدني ألفًا ولم أقبضها قبل منه ذلك متصلاً، ولا يقبل منه إذا كان منفصلاً. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يقبل منه ذلك متصلاً كان أو منفصلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وصل إقراره بما يسقطه لا من الوجه الذي أبينه بأن يقول له عليَّ ألف من ثمن خمر أو كلب أو ثمن مبيع هلك قبل القبض، أو تكفلت ببدن فلان على أني بالخيار، أو له عليَّ ألف قضيته إياها لم يقبل منه في أحد القولين، والثاني يقبل منه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ ألف قضيته إياها فوجهان: أحدهما: يقبل منه ولم يلزمه شيء، وبه قال أحمد، والثاني يلزمه ما أقر به، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا قال لفلان عليَّ ألف في علمي أو فيما أعلم لزمه ما أقر به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه شيء. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال له عليَّ ألف إلى سنة فطريقان: أحدهما فيه قَوْلَانِ كالمسألة قبلها، والطريق الثاني يقبل منه قولاً واحدًا، وبه قال أحمد. وعند أبي حَنِيفَةَ يلزمه حالاً والقول قول المقر له في التأجيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال غصبت هذه الدار من زيد لا بل من عمرو وجب تسليمها لزيد. وهل يغرم لعمرو؟ قَوْلَانِ: أحدهما: لا يغرم، والثاني: يغرم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال هذا الثوب لزيد لا بل لعمرو، أو قال غصبته من زيد لا بل من عمرو، كان للأول ولا شيء عليه للثاني. وعند أَحْمَد يجب دفعه إلى الأول

وعليه قيمته للثاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان بلفظ الغصب فكقول أحمد، وإن لم يكن بلفظ الغصب وسلَّمه إلى الأول بحكم حاكم فلا شيء للثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يثبت النسب بإقرار الوارث الواحد إذا لم يكن وارث غيره. وعند بعض الناس لا يثبت النسب بالإقرار. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ فى المشهور عنه لا يثبت إلا بقول اثنين أو رجلين وامرأتين عند أَبِي حَنِيفَةَ ولا تعتبر العدالة، وعنه رِوَايَة أخرى كقول الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لمن هو أكبر منه هو ابني لم يصح إقراره، وإن كان مملوكًا له لم يعتق عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أقر ببنوة صغير لم يكن إقرارًا بزوجية أمه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا بزوجيتها إذا كانت مشهورة الحرية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر بنسب صغير ميت أو مجنون مجهول النسب ثبت نسبه من المقر له وورثه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يثبت نسبه ولا يرثه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر بنسب عاقل أو بالغ ميت فوجهان: أصحهما يثبت، والثاني لا يثبت، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نفى نسب ولده باللعان ثم مات الأب وأقر به وارثه ثبت نسبه، وإن لم ينفِ الأب ثبت نسبه بإقرار الوارث له. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يثبت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات رجل وخلَّف جماعة ورثة فأقر اثنان منهم نسب الميت وأنكر الباقون لم يثبت نسب المقر به سواء كان المقران عدلين أو فاسقين، وعند أبي حَنِيفَةَ يثبت لأن قولهما بينة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن سِيرِينَ إذا أقر أحد الابنين بابن ثالث لم يثبت النسب ولا الميراث. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وابن أبي ليلى وَأَحْمَد يثبت الميراث ولا يثبت النسب. واختلفوا في كيفية الإرث، فقال مالك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد: يأخذ ثلث ما في يده كأنهم ثلاثة. وقال أبو حَنِيفَةَ يأخذ نصف ما في يده كأنهم اثنان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات إنسان وادَّعى أنه وارثه وبين سبب الإرث وقال لا وارث له غيري لم يثبت ذلك إلا بشهادة ذكرين من أهل الخبرة الباطنة والمعرفة المتقادمة ويقَوْلَانِ: لا نعلم له وارثًا غيره. وعند ابن أبي ليلى لا يقبل حتى يقولا: لا وارث له

غيره فيقطعان بذلك، وبه قال ابن أبي هريرة من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قالا نشهد أنه لا وارث له وقالا نريد بذلك لا نعلم له ابنًا سواه قبل منهم، وإن قالا: نقول ذلك قطعًا فقد أخطئا إلا أن شهادتهما مقبوله بذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القياس أن ترد شهادتهما لأنهما قد كذبا، إلا أنها لا ترد استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان لرجل أَمَتان وكان لهما ولدان فأقر بأن أحدهما ولده لا يعينه ومات ولم يبين للورثة وأشكل على العامة أقرع بينهما في ثبات الحرية، فمن خرجت له القرعة عتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق من كل واحد منهما نصفه ويستسعى في باقيه ولا يرثان، وبه قال ابن أبي ليلى، إلا أنه قال: يرثان ويدفعانه في سعايتهما. واختلف أصحاب الشَّافِعِيّ أيضًا فمنهم من قال يوقف نصيب ولد منهم، ومنهم من قال لا يرثان ولا يوقف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرَّ أحد الاثنين على أيهما وأنكر الآخر، ولم يكن عدلاً لزمه بحصته من الدين على أصح القولين، وبه قال أحمد. والثاني: يلزمه جميع الدين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والله أعلم. * * * تم الكتاب بحمد الله ومَنِّه فرغ من نساخة هذا الكتاب ضحى يوم الجمعة سلخ شهر ذي القعدة الذي هو من شهور سنة سبع وثمانمائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل صلوات اللَّه وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد وآله وصحبه وسلم * * *

§1/1