المطلع على ألفاظ المقنع

البعلي، شمس الدين

مقدمة

مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم تقديم الكتاب بقلم: فضيلة المحدث، المحقق، الفقيه، الشيخ عبد القادر الأرناؤوط خادم السنة النبوية. الحمد لله وحده، والصلاة والسلاة على من لا نبيَّ بعده. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد: فإن كتاب "المطلع على ألفاظ المقنع" للإمام العلامة الفقيه اللغوي شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعليّ، من خيرة ما صنف في موضوعه، من قبل علماء المذهب الحنبلي، إن لم يكن خيرها على الإطلاق، فقد تصدى مؤلفه لأمر هام جدًّا، ألا وهو شرح وبيان ألفاظ كتاب "المقنع" في فقه الإمام أحمد بن حنبل، الذي صنفه الإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي1، وقد تلقاه علماء الحنابلة بالقبول منذ عصر

_ 1 والذي سبق لي التقديم له، والترجمة لمؤلفه في طبعته التي حققها، ولدي وتلميذي العزيز: الأستاذ محمود الأرناؤوط، والأستاذ ياسين محمود الخطيب، ونشرتها مكتبة السوادي بجدة.

مؤلفه وإلى أيام الناس هذه، وعولوا عليه في شرح ألفاظ "المقنع" وفهم معانيها، وأفاد منه علماء المذاهب الأخرى المعتبرة لأهل السنة والجماعة، وأهل اللغة أيضا، لما تضمنه من الشروح الهامة، التي تدل على رسوخ قدم صاحبها في علوم العربية، وعلى فهمه العميق لمذهب الإمام أحمد بن حنبل ودقائق مسائله، ويكفي البعلي فخرا أن يكون تلميذا للإمام ابن مالك النحوي، وأتساذًا للإمام المؤرخ شمس الدين الذهبي، وغيره من كبار أئمة العلم من العلماء الذين شهدهم القرن الثامن الهجري. وقد اشتهر كتاب البعلي هذا بين العلماء وطلبة العلم على السواء، ونسخت منه نسخ خطية كثيرة في أقطار مختلفة، وبقي مخطوطا إلى أن قام المكتب الإسلامي بدمشق بإخراج طبعته الأولى سنة 1385هـ، فأسهم ذلك في تعريف أهل العلم به في العصر الحديث، وأفاد العلماء وطلبة العلم من طبعته تلك فوائد كثيرة، وانتشر بسببها ذكره وشاع خبره. وقد وفق الله تعالى ولدي وتلميذي العزيز: الأستاذ محمود الأرناؤوط، إلى الوقوف على مصورة نسخة خطية قيمة، من مخطوطاته التي لم تعتمد في إخراج طبعته الأولى، تمتاز بضبط عباراتها ونسخها على يد ناسخ عالم متقن، فأقدم على تحقيق الكتاب تحقيقا جديدًا بالاعتماد عليها، وبالاستعانة بطبعته السابقة، وبالاشتراك مع: الأستاذ ياسين محمود الخطيب، الذي سبق له العمل معه في تحقيق كتاب: "المقنع"، وقاما معا بتحقيق نصوصه وضبطها، وتوثيق تراجمه، وتخريج آياته وأحاديثه وأشعاره، وعلقا عليه تعليقات نافعة مفيدة إن شاء الله، فخرج الكتاب بذلك مستوفيا أسباب النشر العلمي المتقن فيما أرى، فجزاهما الله تعالى خيرا ونفع بهما، وبارك لناشر الكتاب في ماله، الذي أنفق منه على إصدار الكتاب بهذا القدر من الإتقان.

والله أسأل أن ينفع العلماء، وطلبة العلم في بلدان الأمة بهذه الطبعة الجديدة المتقنة من هذا الكتاب العظيم، كما نفع بسابقتها، وأن تعتمد في الكليات، والمعاهد الشرعية، ومراكز البحث العلمي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. دمشق، الشام في: 27 / رجب الفرد / 1423هـ. خادم السُّنَّة النبوية عبد القادر الأرناؤوط

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا ورسولنا، وقدوتنا وقرة أعيننا محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. وبعد: فإن كتاب "المطلع على ألفاظ المقنع"1، هو العمدة في شرح ألفاظ الفقه الحنبلي، مثاله في ذلك مثال "المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي، في شرح ألفاظ الفقه الحنفي2، و"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للرافعي، في شرح ألفاظ الفقه الشافعي3، و"شرح غريب ألفاظ المدونة" للجبي، في شرح ألفاظ الفقه المالكي4، وقد شرح فيه مؤلفه الإمام العلامة الفقيه، شمس الدين البعلي ألفاظ كتاب

_ 1 وهو، الاسم الوارد في صدر مصورة النسخة الخطية المعتمدة من قبلنا في تحقيق الكتاب، وهو الصواب إن شاء الله؛ لأن البعلي -رحمه الله- يقول في صدر كتابه، ص "5"، من طبعتنا وص "1"، من طبعة المكتب الإسلامي بدمشق: "فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ كتاب "المقنع" في الفقه، على مذهب الإمام أبي عبد الله، أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، تأليف الإمام أبي محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي، وتقييدها لفظا". 2 وقد قام بتحقيقه الأستاذان: محمود فاخوري، وعبد الحميد مختار، ونشرته مكتبة أسامة بن زيد بحلب. 3 وقد قام بتحقيقه الأستاذ: عبد العظيم الشناوي، ونشرته دار المعارف بالقاهرة. 4 وقد قام بتحقيقه الأستاذ: محمد محفوظ، ونشرته دار الغرب الإسلامي ببيروت.

"المقنع" في فقه الإمام أحمد، للإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي1، وقد أغناه بتحقيقات وتقيدات وفوائد عزيزة، أبانت عن عمق فهمه، وبعد غوره، وسعة اطلاعه في شؤون العربية والفقه على حد سواء، "ولا نستطيع ونحن نقرأ هذا الكتاب العظيم إلا أن نصنف مؤلفه بين المحققين بمفاهيم عصرنا، وحين نتدبر ما كتب فيه ونتمعنه تظهر لنا السِّمَات الآتية في منهجه: أعنايته بالنسخة الأصلية لكتاب: "المقنع"، الذي شرح ألفاظه وأبان عن حال غريبه، وكان في مقدمة ذلك، احتفاؤه بنسخة المؤلف التي بخطه واعتداده بها واحتجاجه بما كتب فيها. ب رجوعه إلى كتب المقدسي الفقهية الأخرى، كـ " المغني"، و "الكافي"، و "الروضة". ج عدم تغييره لعبارة المقدسي، ومحافظته عليها وبيان رأيه في ذلك، وقد التزم المؤلف بذلك منهج السلف، الذين كانوا لا يغيرون ما وقفوا عليه من الأوهام والأخطاء في الكتب، ويؤثرون الحفاظ على رسمها وصورتها، ولو كان فيها ما هو لحن ومخالف للعربية. والخلاصة فإن البَعْلِيّ -في كتابه هذا- قد رسم لمن بعده معالم للتحقيق، فليس كتابه شرحًا للغريب فحسب، وإنما هو تحقيق لكتاب "المقنع" وتحرير لنصه، وضبط لألفاظه، وتصحيح لما جاء فيه من الأوهام اليسيرة، وتحر لما كتبه المقدسي، وتخريج لعباراته وتوجيه لها الوجهة الصحيحة. ويتلخص منهج البعلي في كتابه هذا بالأمور التالية: 1 استقراؤه للألفاظ اللغوية في مواطنها ومظانها، فإن وجد شيئًا أتى

_ 1 الذي سبق لنا تحقيقه، ونشرته مكتبة: السوادي بجدة: سنة 1421هـ - 2000 م.

به وعزاه إلى مصدره، وإن لم يجد شيئًا ذكر ما انتهى إليه، وقيد ما رآه في تلك اللفظة ومعناها. 2 الاختصار، والإفاضة في شرحه للألفاظ اللغوية. 3 تفسير اللغة تفسيرا فقهيا، وتأثره بالفقه، حتى إنه ليذكر أحكاما فقهية في شرحه للألفاظ. 4 عنايته بتفسير المقدسي وشرحه للألفاظ، فإن كان التفسير في: "المقنع"، بيَّنه، وإن كان في كتاب من كتبه الأخرى كـ"المغني"، و"الكافي"، و"الروضة" ذكره، وقد ينقل آراء المقدسي من كتبه جميعا. 5 عنايته بذكر المصادر التي نقل عنها، وذلك واضح لمن تصفح الكتاب ونظر فيه. 6 عنايته بتحرير لغة الكتاب، وقد يخرج عبارة المقدسي، وقد يقترح عبارة أفضل منها، وإن لم يجد مخرجًا، فإنه يخطئ المقدسي فيما ذهب إليه. 7 عنايته بآراء اللغويين، واحتفاله بها، ولكن ذلك لم يجعله يطرح آراء الفقهاء جانبًا، بل إنه ليذكر الرأي أو التعريف اللغوي، ويذكر إلى جانبه الرأي أو التعريف الفقهي، فيعرف الشيء لغة واصطلاحا. 8 نظره إلى العرف، وإلى لغة عصره، مع احتفاله بآراء اللغويين والفقهاء، وعنايته بذلك لم يجعله يهمل العرف في تفسير الأشياء"1. وقد كان معوَّل البَعْلِيّ في شرح ألفاظ كتاب: "المقنع"، على عدد كبير من المصادر اللغوية، نذكر منها ما يلي:

_ 1 عن كتاب: "البعلي اللغوي، وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد"، ص 76-84 للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد، نفع الله تعالى به، باختصار وتصرف وتلخيص.

1 المثلث، لشيخه ابن مالك. 2 الصحاح، للجوهري. 3 المُعَرَّب، للجواليقي. 4 غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلَّام. 5 مطالع الأنوار على صحاح الآثار، لابن قُرْقُول. 6 مشارق الأنوار على صحاح الآثار، للقاضي عياض. 7 بغية الآمال ومستقبلات الأفعال، لأبي جعفر اللَّبْليّ. 8 شرح الفصيح، لمحمد بن طلحة الإشبيلي. 9 كتاب الأفعال، لابن القطَّاع. 10 إصلاح المنطق، لابن السِّكِّيت. 11 تهذيب اللغة، للأزهري. 12 فعلت وأفعلت، لقطرب. 13 المحيط، للصاحب إسماعيل بن عباد. 14 الفرق بين الضاد والظاء، لابن فارس. 15 الغريبين، للهروي. 16 البسيط في التفسير، للواحدي. 17 معالم التنزيل، للبغوي. 18 الفرق بين الحروف الخمسة، لابن السيد البَطَلْيَوسيّ. 19 النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير الجزري. وغيرها من المصادر الأخرى، التي رجع إليها في مواطن قليلة ولأمور يسيرة1.

_ 1 وقد أفدنا في ذكر أسماء المصادر، التي اعتمد عليها البعليّ في تصنيف "المطلع" من كتاب: "البعلي اللغوي، وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد"، للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد، نفع الله تعالى به، ص: 28-38، باختصار، وتصرف، وتلخيص.

وحين صح العزم منا على تحقيق كتاب: "المقنع" لابن قدامة المقدسي، وباشرنا العمل به، كان لابد لنا من الرجوع إلى كتاب: "المطلع على ألفاظ المقنع" للبَعْلِيّ1، فأفدنا منه فوائد جليلة في فهم نصوص "المقنع"، والكشف عما أراده المقدسي من كتابه، وفي أثناء تصفحنا "للمطلع" ورجوعنا إليه مرات كثيرة، تبين لنا أنه بأمس الحاجة إلى إخراجه إخراجًا جديدًا، وتحقيقه تحقيقًا مفيدًا ينسجم ومناهج المحققين الكبار في أيامنا، وكان لابد لنا لإخراجه محققًا تحقيقًا مرضيا من الاعتماد على نسخة خطية جيدة منه على الأقل، ووفقنا إلى الوقوف على مصورة لنسخة خطية متقنة مضبوطة في خزانة معهد المخطوطات العربية2، ثم قمنا من أجل تحقيقه بالخطوات التالية: 1 نسخ الكتاب بالاعتماد على مصورة نسخته الخطية، التي تقدم الكلام عليها. 2 معارضة المنسوخ على المصورة؛ للتأكد من سلامة النسخ. 3 معارضة المنسوخ على النسخة المطبوعة سابقًا من الكتاب في المكتب الإسلامي بدمشق. وقد تبين لنا نتيجة لذلك، أن النسخة المعتمدة من قبلنا في التحقيق، وقد رمزنا لها بالحرف "ش"، اختصارًا لاسم مكتبة شستربتي تمتاز بزيادات

_ 1 في طبعته الوحيدة التي أخرجها المكتب الإسلامي بدمشق سنة "1385هـ- 1965م". 2 وقد حصل عليها معهد المخطوطات العربية، من مكتبة شستربتي بدبلن في أيرلندا الشمالية.

كثيرة، وأن النسخة المطبوعة في المكتب الإسلامي بدمشق، وقد رمزنا لها بالحرف "ط"، اختصارًا لكلمة "المطبوعة" تمتاز بزيادات أخرى، فأثبتنا ما أضفناه منها إلى طبعتنا هذه بين حاصرتين في مواطنه، وقد أشرنا إلى ذلك في حواشي التحقيق1. 4 ضبط نصوص الكتاب بالقدر المستطاع. 5 تخريج الآيات، والأحاديث، والأشعار. 6 التعريف بالأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب باختصار، وذكر مصادر التراجم في آخره. 7 رد ما تيسر لنا رده من النقول في الكتاب إلى مظانها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. 8 شرح ما رأينا أنه بحاجة إلى الشرح من الألفاظ. 9 ربط فقرات الكتاب ببعضها، ورد إحالات المؤلف إلى مواطنها من الكتاب بالقدر الممكن، وتمييز الألفاظ التي شرحها المؤلف من كتاب: "المقنع"، بإثباتها بحروف سوداء. 10 إعداد فهرس للمصادر والمراجع، التي استعنا بها في تحقيق الكتاب والتعليق عليه، وآخر لموضوعاته. ذلك ما قمنا به في تحقيقنا للكتاب، فإن أحسنا فذلك مما عملنا له جاهدين، وإن أخطأنا ووهمنا فذلك شأن الناس في كل زمان ومكان من الوقوع في الخطأ والوهم.

_ 1 وقد تبين لنا أيضا، أن هناك أرجحية في ترتيب أسماء الأعلام، الذين عرف المؤلف بهم في آخر الكتاب على الوفيات لصالح النسخة المطبوعة سابقا في المكتب الإسلامي بدمشق، ولكن ذلك مما لا يضير طبعتنا هذه بشيء، كما هو معلوم لأهل العلم والتحقيق.

وختامًا: نتوجه بالشكر الجزيل لفضيلة الأستاذ المحدِّث، المحقق الفقيه، الشيخ: عبد القادر الأرناؤوط، خادم السنة النبوية بدمشق الشام، لتفضله بالتقديم للكتاب، فجزاه الله تعالى خيرا، ونفع به طلبة العلم من المسلمين. ولكل من كانت له يد في نسخ الكتاب وتصحيحه وتنضيده، ونخص منهم بالشكر الأستاذ: أسامة بدر الدين مراد، الذي أسهم بتصحيح تجربة الطبع الأخيرة، والأستاذ: صلاح الشعال، الذي أسهم بنسخ الكتاب عن مصورة النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق، والأستاذ: محمد ياسر علوان منضدد الكتاب، الذي صبر صبرًا جميلًا على ما اعترض عملنا من التغيير، الذي لازم القراءات الكثيرة، التي قمنا بها أثناء عملنا في تدقيق الكتاب وتصحيح تجاربه، فجزاهم الله تعالى كل خير وأحسن إليهم. ولمن كان السبب في طبع الكتاب، وإخراجه في طبعته الجديدة هذه، التي نرجو الله مخلصين أن تحظى بالقبول من العلماء، وطلبة العلم على السواء إن شاء الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. دمشق، الشام، في غرة رجب المعظم، لعام 1423هـ. المحققان.

ترجمة المؤلِّف*: هو، محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل، البعليّ، البعلبكي الحنبلي، النحويّ اللغويّ، الفقيه المحدث، أحد مفاخر الحنابلة وبلاد الشام في عصره. ولد، ببعلبك سنة خمس وأربعين وست مئة1، وفيها نشأ وعاش سنوات حياته الأولى، وشرع بطلب العلم فيها، وسمع من كبار

_ * ترجمته في: "العبر": 4/ 21، و"معجم الشيوخ": للذهبي: 2/ 324، و"الإعلام بوفيات الأعلام": 297، و"المعين في طبقات المحدثين": 228، و"تذكرة الحفاظ": 4/ 1501، و"برنامج الوادي آشي": 134، و"ذيل طبقات الحنابلة": 2/ 356، و"المقصد الأرشد": 2/ 458، و"الوافي بالوفيات": 4/ 316، و"أعيان العصر": 5/ 51، و"الدرر الكامنة": 4/ 140، و"المنهج الأحمد": 4/ 379، و"ذيول العبر": 47، و"بغية الوعاة": 1/ 207، و"شذرات الذهب": 8/ 38، و"الأعلام": 6/ 326، و"معجم المؤلفين": 3/ 580، و"سير أعلام النبلاء": في القسم غير المنشور منه في مؤسسة الرسالة. ومن أحسن ما كتب في ترجمته وآثاره، الكتاب الهام الذي أصدرته مكتبة الطالب الجامعي، بمكة المكرمة للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد بعنون: "البعلي اللغوي، وكتاباه: شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد" وقد أفدنا منه فوائد جمة في كتابة هذه الترجمة المختصرة ومقدمة التحقيق. 1 وقيل سنة أربع وأربعين وست مئة، انظر: "الوافي بالوفيات"، و"المنهج الأحمد".

شيوخها، كشيخ الإسلام محمد بن أحمد اليونيني الحنبلي1، ثم رحل إلى دمشق واستقر فيها وأخذ عن جمع من شيوخ العلم ممن كان بها آنذاك، كإبراهيم بن خليل الآدمي2 ومحمد بن عبد الهادي المقدسي الجماعيلي3 وابن عبد الدائم المقدسي الصالحي4 وغيرهم، فجمع بذلك بين الفقه والحديث، وهو أمر هام جدا للمشتغل بالعلم فقها وحديثا، فلابد للمحدث من معرفة الفقه، وللفقيه من معرفة الحديث معرفة جيدة. ثم لزم الإمام العلامة حجة العرب محمد بن عبد الله بن مالك الجياني الأندلسي النحوي اللغوي نزيل دمشق وصاحب "الألفية" في النحو5، فجمع بذلك النحو والعربية إلى الفقه والحديث، وذلك أمر هام للغاية أيضا لكل مشتغل بالعلم في كل زمان ومكان، وهذا ما جعل البعلي من بعد ذلك من أعلى علماء زمانه مكانة وأرفعهم شأنا بما عرف عنه من بعد الغور في فهم عبارات أهل اللغة وأهل الفقه وأهل الحديث بصورة عامة. وحين ذاع صيت البعلي، وعلت مكانته، وراتقت معارفه، وحسنت

_ 1 انظر ترجمته ومصادرها في: "مختصر طبقات علماء الحديث" 4/ 223 و" المنهج الأحمد" 4/ 286 و"شذرات الذهب" 7/ 508. 2 انظر ترجمته ومصادرها في "الإعلام بوفيات الأعلام" 275 و"العبر" 5/ 244 و"شذرات الذهب" 7/ 505. 3 انظر ترجمته ومصادرها في: "سير أعلام النبلاء" 23/ 342 و"الوافي بالوفيات" 4/ 61 و"شذرات الذهب" 7/ 510. 4 انظر ترجمته ومصادرها في: "الوافي بالوفيات" 7/ 34 و "المنهج الأحمد" 4/ 297 و"شذرات الذهب" 7/ 567. 5 انظر ترجمته ومصادرها في "طبقات الشافعية الكبرى" 8/67 و"البداية والنهاية" 13/ 267 و"بغية الوعاة" 1/ 130 و"شذرات الذهب" 7/ 590 و"الأعلام" 6/ 233.

أهدافه، قصده طلبة العلم ممن أدركه للأخذ عنه والاستفادة من مجالسته، فأخذ عنه جمع غفير من الطلبة ممن حصلوا من بعد شهرة عمت الآفاق، كالإمام شمس الدين الذهبي1، والإمام نجم الدين الطوفي الصرصري2، والإمام محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية3. ولم تقتصر جهود البعليّ على التدريس وتخريج الطلبة وحسب، وإنما انصبت بمعظمها على التأليف والتصنيف، ورغبة في عدم الإطالة سنقتصر في الحديث على أهم كتبه ورسائله، ومعظمها في اللغة، والبعض منها في الفقه والحديث ورجاله4. فمن مصنفاته في الفقه كتابه: "شرح الرعاية"، وهو شرح مفصل مفيد نافع لكتاب "الرعاية" لنجم الدين ابن حمدان5. ومن مصنفاته في الحديث رسالته الهامة "شرح حديث أم زرع"6.

_ 1 انظر: ترجمته ومصادرها في "تعريف ذوي العلا بمن لم يذكره الذهبي من النبلا": ص 47-52 و"الدرر الكامنة" 3/ 336 و"طبقات الحفاظ" ص 517 و"شذرات الذهب" 8/ 264-268. 2 انظر: تجرمته ومصادرها في "ذيول العبر" ص 88 و"ذيل طبقات الحنابلة" 2/ 366 و"المنهج الأحمد" 5/ 5 و"شذرات الذهب" 8/ 71. 3 انظر: تجمته ومصادرها في "تعريف ذوي العلا" ص 88 و "الذيل التام على دول الإسلام" 1/ 116-117 و"المنهج الأحمد" 5/ 92 و"شذرات الذهب" 8/ 287-292. 4 وقد اكتفينا بالتعريف بكتاب واحد، يتبع كل فن من الفنون التي صنف بها، زيادة على "المطلع على ألفاظ المقنع"، الذي تحدثنا عنه في مقدمتنا التي سبقت هذه الترجمة، رغبة بالاختصار قدر الإمكان، ومن أراد المزيد من التعريف بمؤلفاته فليرجع إلى مصادر ترجمته التي ذكرناها في أول هذه الترجمة. 5 انظر: ترجمته ومصادرها في "المنهل الصافي" 1/ 186 و"المنهج الأحمد" 4/ 345 و"شذرات الذهب" 7/ 748. 6 وتقع في الصحات 101-122 من كتاب "البعلي اللغوي وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد"، للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان ابن ابراهيم العايد، نفع الله تعالى به، وهي على صغرها تعد على جانب كبير من الأهمية، وقد روى حديثها من طريق شيخه الإمام أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي رحمه الله، وهي محققة تحقيقًا جيدًا.

ومن مصنفاته في اللغة رسالته الهامة "المثلث ذو المعني الواحد"، وقد صنفها للاستدراك على كتاب "الإعلام بتثليث الكلام"، لشيخه ابن مالك الجياني الأندلسي، وهي على جانب كبير من الأهمية في موضوعها1. ومن مصنفاته في الرجال كتابه "مختصر أسماء المجروحين" لابن حبان البستي، وهو على جانب كبير من الأهمية للمشتغلين بالحديث النبوي2. وقد توفي البعلي أثناء زيارة له إلى القاهرة سنة تسع وسبع مئة، ودفن في مقبرة القرافة الشهيرة فيها إلى جوار الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي، رحمه الله برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه وجزاه عن المسلمين كل خير. خادم تراث الأسلاف محمود الأرناؤوط

_ 1 وتقع في الصفحات 125-164 من كتاب "البعلي اللغوي وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد" للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد، نفع الله تعالى به، وهي محققة تحقيقًا رائعًا. 2 وهو مخطوط لم ينشر بعد فيما نعلم، وله مصورة محفوظة بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، عن نسخته الخطية المحفوظة بمكتبة عارف حكمت، والمودعة الأن بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة.

مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم "مقدمة المؤلف" رب يسر برحمتك1 قال الشيخ الإمام العالم الأوحد، الصدر الكبير الكامل، شمس الدين أبو عبد الله، محمد بن أبي الفتح، ابن أبي الفضل "البعلي"2 الحنبلي، تغمده الله برحمته. الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبويء قائلها دار الأمان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بأوضح حجة وأظهر برهان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وتابعيهم بإحسان، ما اختلف الملوان3، وتعاقب الجديدان4. أما بعد: فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ في كتاب المقنع5 في الفقه، على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، تأليف الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن

_ 1- في "ط": "رب يسر واختم بالخير يا كريم" 2- لفظة "البعلي" لم ترد في "ش" واثبتناها من "ط". 3- الملوان: الليل والنهار، وقيل: هما طرفا النهار، واحدهما ملا مقصور. انظر "لسان العرب" "ملا". 4- الجديدان، ويقال: الأجدان: الليل والنهار، وذلك لأنهما لا يبليان أبدا. انظر "لسان العرب" "جدد". 5- وقد قمنا بتحقيقه ونشرته الدار الناشرة لهذا الكتاب.

قدامة المقدسي 1 وتقييدها لفظًا. وقد تُذكر ألفاظ تشكل على بعض المبتدئين دون غيرهم، وربما ذكرت فيه إعراب بعض اللفاظات، التي قد يغلط فيها. وهو مرتب على أبوابه، ولا تؤخر لفظة من باب إلى آخر غالبًا، إلا أن يكون مضافا إليها بعض الأبواب2، كلفظة الغُسل، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ونحو ذلك، فتطلب في أول ذلك الباب، وأخرت الكلام على الأسماء الأعلام3، فبدأت باسم النَّبيِّ، صلى الله عليه وسلم، ثم بالأنبياء، عليهم السلام، ثم بالصحابة، ثم من بعدهم على حسب وفياتهم، ثم ختمت بالمصنف رضي الله عنهم، وعلى الله أعتمد، وإليه أتوجه وأستند، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قوله: "الحمد لله"، الحمد: هو الثناء عليه بجميع4 صفاته، وبينه وبين الشكر عموم وخصوص، فعمومه أنه يكون5 لمسدي النعمة

_ 1 هو، شيخ الإسلام الإمام القدوة، العلامة المجتهد، موفق الدين أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقسدي، الجماعيلي الدمشقي الصالحي، عالم الشام في زمانه، وصاحب كتاب: "المغني"، قال عمر بن الحاجب: هو إمام الأئمة: ومفتي الأمة، خصه الله تعالى بالفضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل، طنت بذكره الأمصار، وضنت بمثله الأعصار، وما أظن الزمان يسمح بمثله، مات سنة 620هـ، انظر: "سير أعلام النبلاء": 22/ 165- 173، و: "المنهج الأحمد": 4/ 148-،165 و: "شذرات الذهب: 7/ 155-163". 2 كذا في "ش": "إلا أن يكون مضافا إليها بعض الأبواب"، وفي: "ط": "إلا أن تكون مضافة إلى بعض الأبواب ثَمَّ"، فاقتضى التنويه. 3 كذا في: "ش" "الأسماء الأعلام"، وفي: "ط": "أسماء الأعلام". 4 كذا في: "ش" "بجميع" وفي: "ط": "بجميل". 5 زيادة من: "ط" "وغيره" في: "ط" "ولغيره" بإعادة الجار.

وغيره، وخصوصه أنه لا يكون إلا باللسان، وعموم الشكر، أنه يكون بغير اللسان1، وخصوصه أنه لا يكون إلا لمسدي النعمة، قال الشاعر: "من الطويل" أفادتكم النَّعْمَاء عندي ثلاثةً ... يَدِي ولساني والضمير المُحَجَّبا2 وقيل: هما سواء. قوله: "المحمود": يجوز جره ورفعه ونصبه، وجره الوجه، وكذلك ما بعده من الصفات. قوله: "الموجِدِ خَلْقَهُ"، أي: مخلوقاته أنشأها من العدم، على غير مثال لكمال قدرته. قوله: "وذرَاتِ الرِّمَالِ": الذرات واحدتها ذرَّةٌ، وهي صغرى النمل، ثم استعمل في الرمل تشبيهًا، "ويجوز أن يكون جمع ذرة وهي المرة من ذر، بمعنى مذرورة"3. وله: "لا يَعْزُبُ": بضم الزاي وكسرها، أي: لا يَبْعُدُ ولا يَغيبُ.

_ 1 أي قد يكون عملًا، يقوم به المنعم عليه تجاه المسدي مكافأة له على جميله ونعمته، قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً} سبأ - الآية: "13"، ومما يؤكد هذا المعنى، كما في التاج - شكر"، قول أبي نخيلة: "من الطويل" شكرتك إنَّ الشكر حبلُ من التقي ... وماكُلُّ من أوليته نِعْمَةً يقْضِي فالشكر يكون عملا ردا على عمل، وانظر البيت أيضًا في: اللسان، و: طبقات الشعراء، لابن المعتز: صفحة "64". 2 أنشده الزمخشري في: "الكشاف": 1/ 7، وقبله: وما كان شكري وافيًا بنوالكم ... ولكنني حاولت في الجهد مذهبا فقوله: "يدي" أراد عمل يدي، حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. 3 ما بين الحاصرتين سقط من: "ط".

قوله: "وصلى الله": الصلاة من الله: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار، ومن الآدمي: التضرع والدعاء، وقال أبو العالية1: صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء: قوله: "على سيدنا": السيد: هو الذي يفوق في الخير قومه، قاله الزَّجاج2، وقيل: التَّقِيُّ، وقيل: الحليم، وقيل: الذي لا يغلبه غضبه، وجميع ذلك فيه صلى الله عليه وسلم. قوله: "مُحَمَّدٍ": سمي محمدًا لكثرة خصاله المحمودة، وهو علم منقول، من التحميد، مشتق من الحميد اسم الله تعالى. وقد أشار إليه حسان بن ثابت رضي الله عنه بقوله3: "من الطويل" وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش مَحْمُودٌ وهذا مُحَمَّدُ قوله: "المصطفى": هو الخالص من الخلق كافة. قوله: "وآله": الصواب جواز إضافته إلى المضمر خلافا لمن أنكر ذلك، وآلُهُ أتباعه على دينه، وقيل: بنو هاشم، وبنو المطلب،

_ 1 هو، رفيع بن مهران الرياحي، البصري المقرئ المفسر، دخل على أبي بكر رضي الله عنه، وقرأ القرآن على أُبَيّ، وكان ابن عباس يرفعه على السرير وقريش أسفل، وفاته رضي الله عنه سنة: 93هـ، بخلف، انظر: ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": 4/ 207، "وشذرات الذهب": 1/ 367. 2 هو، أبو إسحاق، إبراهيم بن السري بن سهل، النحوي الزجاج، كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، وله مؤلفات حسان منها كتاب: "الاشتقاق"، وكتاب: "النوادر"، لزم المبرد حتى استقل مات سنة: "311هـ" انظر: ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": 14/ 360، و "شذرات الذهب": 4/ 51. والزَّجَّاج: نسبة إلى خرط الزُّجاج. 3 انظر: "ديوانه"، تحقيق: د: وليد عرفات: "1/ 306. وفيه: "كيّ يُجِلَّهُ"، بدل "لِيُجِلَّهُ".

وهو اختيار الشافعي، وقيل: آله: أهله، ولو قال في التَّشَهُّدِ: وعلى أهل محمد، أجزأ على الوجهين1. قوله: "بالغُدوِّ والآصالِ": والغُدُوُّ: نفس الفعل، تقول: غدا غدوًا، عُبِّر بالفعل عن الوقت، والمراد بالغدوات، كما تقول: أتيتك طلوع الشمس، أي وقت طلوعها. "والآصال" الآصال: جمع أُصُل، والأُصُل: جمع أصيل، وهو ما بين العصر وغروب الشمس2. قوله: "وايجازه" أي: تقصيره، يقال: أوجز الكلام: إذا قصره، فهو كلام موجَزٌ، وموجِزٌ، وَوَجِيزٌ، وَوَجْزٌ، كله عن الجوهري3.

_ 1 ما بين الرقمين، كذا في: "ش"، ومكانه في: "ط": "والآل"، ويطلق بالاشتراك اللفظي على ثلاثة معان: - أحدهما: الجند والأتباع كقوله تعالى: {آلِ فِرْعَوْنَ} - "آل عمران: الآية 11، وغيرها من المواضع" - أي أجناده وأتباعه. - والثاني: النفس كقوله تعالى: {آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} "البقرة الآية: 248"، بمعنى: أنفسهما. - والثالث: أهل البيت خاصة، وآله: أتباعه على دينه، وقيل: بنو هاشم وبنو المطلب، وهو اختيار الشافعي رضي الله عنه، وقيل: آله أهله، ولو قال في التشهد: وعلى أهل محمد أجزأ في أحد الوجهين، وهو أجود وأوضح لذلك أثبتناه بتمامه. ويفهم من كلام صاحب: "الإفصاح"، الوزير العالم يحيى بن محمد بن هبيرة، الحنبلي، أن بني هاشم خمسة بطون: آل العباس، وآل عليّ، وآل جعفر، وآل عقيل، وولد الحارث بن عبد المطلب. و"الإفصاح": مجلدة مفردة من كتاب: "الإفصاح في معاني الصحاح"، الذي شرح فيه ابن هبيرة الصحيحين، انظر: "المنهج الأحمد": 3/ 177- 213. 2 في: "ش": "والغروب الشمس"، والمثبت من:"ط". 3 هو، إسماعيل بن حماد الجوهري، صاحب الصحاح، أبو نصر الفارابي، قال ياقوت كان من أعاجيب الزمان، إماما في اللغة والأدب، جيد الخط، انظر: ترجمته في: "بغية الوعاة": 1/ 446، و: "سير أعلام النبلاء": 17/ 80.

قوله: "وسَطًا بين القصير والطويل"، أي: متوسطا بينهما، قال الواحدي1: الوسط اسم لما بين طَرَفَي الشيء، فأما اللفظ به وبما أشبهه في لفظه: فقال المُبَرِّدُ بن يزيد2: ما كان اسمًا، فهو وسط محرك السين، كقولك: وسط رأسه صلب، وما كان ظرفا، فهو مسكن، كقولك: وسط رأسه دهن، أي: في وَسْطِهِ، وقال ثعلب3: ما اتخدت أجزاؤه فلم يتميز بعضه من بعض، فهو وَسَطَ بتحريك السين، نحو: وَسَطِ الدار، وما التُفَّتْ أجزاؤُهُ مُتَجَاورَةً، فهو وَسْط كالعِقْدِ، وحَلْقَةِ الناس. وقال الفرَّاء4: الوسط المثقل، "يعني المحرك السين": اسم،

_ 1 هو، علي بن أحمد بن محمد بن علي، أبو الحسن الواحدي، إمام مصنف، مفسر نحوي لازم، مجالس الثعلبي في: التفسير، له: "البسيط"، و "الوسيط"، و "الوجيز"، في التفسير، انظر: ترجمته في: "بغية الوعاة": 1/ 145، و: "سير أعلام النبلاء": 18/ 339، و"شذرات الذهب": 5/ 291. 2 هو، محمد بن يزيد، المبرِّد أبو العباس، إمام العربية بغداد في زمانه، وكان فصيحًا بليغًا مفوهًا، وهو ثقة، وينتمي إلى ثمالة قبيلة من الأزد، وفاته سنة: 285 هـ، انظر ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": 13/ 576، و"بغية الوعاة": 269. 3 هو، أحمد بن يحيى بن يسار الشيباني، مولاهم البغدادي أبو العباس، إمام الكوفين في النحو واللغة، وكان يعتمد على ابن الأعرابي في اللغة، وعلى سلمة بن عاصم في النحو، وفاته سنة: 291هـ، انظر ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": 14/ 5، و"بغية الوعاة": 1/ 396. 4 هو، يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان، الفراء: كان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي، أخذ عنه وعليه اعتمد، ومات سنة: 207هـ، له ترجمة في: بغية الوعاة: 2/ 333، و"سير أعلام النبلاء": 10/ 118، و"شذرات الذهب": 3/ 39.

كقولك: رَأْسٌ وَسَطٌ، وربما خُفِّفَ، وليس بالوجه، وجلس وَسْطَ القوم، ولا تقل وَسَطَ، لأنه في معنى: بَيْنَ، وقال الجوهري: وكل موضع صلح فيه بين، فهو: وَسْطَ، وما لم يصلح فيه"بَيْنَ"، فهو: وَسَطَ بالتحريك، وربما سُكِّن وليس بالوجه. وقال الفَرَّاء: قال يونس: سمعت: وَسْطَ وَوَسَطَ بمعنى1. قوله: "حجمه": يعني ضخامته. قوله: "وَفَهْمُه": الفهم بسكون الهاء2 وفتحها، لغتان، كَفلسٍ وَفَرْسٍ. فصل3 مما تكرر ذكره في الكتاب، خمسة أشياء: أحدها: "الرِّواية" مثناة ومفردة ومجموعة، كقوله "على روايتين"، "وفيه روايتان". فالرِّوَايةُ: في الأصل مصدر رَوَى الحديث والشعر ونحوهما رواية: إذا حفظه وأخبر به، وهي ههنا مصدر مطلق على المفعول، فهي رواية بمعنى مَرْوِيَّة، وهي الحكم المروي عن الإمام أحمد رضي الله عنه في المسألة، وكذا هي في اصطلاح أصحاب أبي حنيفة ومالك، وأصحاب الشافعي يعبرون عن ذلك بالقول، فيقولون: "فيها قولٌ، وقولان وأقوال

_ 1 كلمة: "بمعنى"، سقطت من "ط"، ويونس هو: ابن حبيب الضبي البصري، أبو عبد الرحمن، بارع في النحو وفاته، سنة: 182هـ، انظر: ترجمته في: "بغية الوعاة": 2/ 365. 2 الهاء: كذا في: "ط"، وفي: "ش"، "الفاء"، وهو سهو. 3 هذا الفصل بكامله سقط في: "ط"، من موضعه، واستدرك في آخر الكتاب.

للشافعي"، وكل ذلك اصطلاح لا حَجْرَ على الناس فيه. الثاني: "الوجه" مثني ومجموعا، فيقال، "فيه وجهان وعلى وجهين وثلاثة أوجه"، وهو في الأصل من كل شيء مستقبله، ثم استعمل في غير ذلك، وفي اصطلاح الفقهاء: الحكم المنقول في المسألة لبعض أصحاب الإمام المجتهدين فيه، ممن رآه فمن بعدهم جاريًا على قواعد الإمام، فيقال: وجه في مذهب الإمام أحمد، أو الإمام الشافعي أو نحوهما، وربما كان مخالفًا لقواعد الإمام إذا عَضَدَهُ الدليل. الثالث: قوله بعد ذكر المسألة "وعنه"، فهو عبارة عن رواية عن الإمام، والضمير فيه له وإن لم يتقدم له ذكر، لكونه معلومًا، فهو كقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} 1، والضمير للقرآن، مع عدم ذكره لفظًا، فعنه: جار ومجرور متعلق بمحذوف، أي نقل ناقل عنه، أو نقل أصحابه عنه، وفعل ذلك المتأخرون اختصارًا، وإلا فالأصل أن يقال: نَقَلَ عبد الله عن الإمام كذا، أو نقل صَالِحٌ، أو نقل المرُّوذي، كما فعله أبو الخطاب2، وغيره من المتقدمين. الرابع: التخريج، فيقولون: يتخرج كذا، وهو مطاوع خَرَّجَ3 تقول،

_ 1 سورة القدر: الآية: 1. 2 هو، محفوظ بن أحمد الكلوذاني، له ترجمة في آخر الكتاب، وترجم له العليمي في: "المنهج الأحمد": 3/ 57، وابن العماد في: "شذرات الذهب": 6/ 45، وهو صاحب: "الهداية"، في الفقه. 3 وهو، مُطاوعُ خَرَّجَ: أي صيغة "تَفَعَّلَ"، مأخوذة من صيغة "فَعَّل"، والمطاوعة: هي وقوع الفعل بعد معالجة ومحاولة، كما مثل: "فَعَلَّم" تعني عالجه ليتعلم أو حاول تعليمه، و"تَعَلَّم": ويدل على حصول العلم للمتعلم، والفعل المطاوع لا يكون إلا لازمًا.

خَرَّجَه فَتَخَرَّجَ، كما تقول عَلَّمَهُ فَتَعَلَّمَ، وخرَّجَ مُتَعَدِّي خَرَجَ يخرُجُ، ضد دَخَل يدخُلُ، وهو في معنى الاحتمال وإنما يكون الاحتمال والتخريج إذا فهم المعنى، وكان المُخَرَّج والمُحْتَمِلُ مساويًا لذلك المخرج منه في ذلك المعنى، كما إذا أفتى في مسالتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين، جاز نقل الحكم وتخريجه من كل واحدة منهما إلى الأخرى، ما لم يُعَرَّقْ بينهما أو يَقرُبِ الزمنُ. الخامس: الاحتمال: وهو في الأصل مصدر احتمل الشيءَ، بمعنى حملهُ، وهو افتعالُ1 منه، ومعناه: أن هذا الحكم المذكورَ، قابل ومتهيءُ لأن يقال فيه بخلافِهِ، كاحتمالِ قبولِ الشهادة بغير لفظِ الشهادة، نحو، أعلمُ أو أَتحقق، أو أجزمُ، فإِنَّه قابل للقول فيه بذلك. والاحتمال: تَبينُ أن ذلك صالِحٌ، لكونه وَجْهًا، وكثير من الاحتمالات في المذهب، بل أكثرها، للقاضي الإمام أبي يَعْلَى، محمد بن الفَرَّاء، وفي كتابه "المجرد" وغيره. ومما تكرر فيه قوله: ظَاهرِ المَذْهَب، فالمذهب مَفْعَلٌ من ذهب يذهب، إذا مضى، مقصود به المصدر، أي ظاهر ذهابه، والألف واللام فيه للعهد؛ لأن المراد بذلك مذهب الإمام أحمد، والظاهر: البائنُ الذي ليس يخفى، يعني أنه المشهور في المذهب، كنَقْضِ الوضوء بأكل لحم الجَزُور ولمس الذَكرِ، وعدم صحة الصلاة في الدار المغصوبة، ولا يكاد يُطلقُ إلا على ما فيه خلافٌ عن الإمام أحمد.

_ 1 وهو، افتِعالُ منه: أي صيغة افتعال منه، وافتعال من افتَعَلَ تعني المصدر ويقولون في صوغه: إنه على وزن ماضيه بكسر ثالثه وإضافة ألف إلى ما قبل آخره: "افتعل: افتعال" مثل: "انتقل: انتِقال".

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة مدخل ... كتاب الطهارة الكتاب: مصدر سمي به المكتوب، كالخلق بمعنى المخلوق، يقال: كتب كتبا وكتابة، والكتب: الجمع، يقال: كتبت البغلة، إذا جمعت بين شفريها بحلقة أو سير "لئلا ينزى عليها"1، قال سالم بن دارة: "من البسيط" لا تأمنن فزاريًّا خلوت به ... على قلوصك واكتبها بِأَسْيَار2 ومنه الكتيبة، وهي الجيش3، وهو خبر مبتدأ محذوف، أي هذا كتاب الطهارة، أي الجامع لأحكامها.

_ 1 العبارة التي بين معقوفتين زيادة من التاج واللسان. 2 البيت في التاج واللسان والأساس والجمهرة: 1/ 182-197 و2/ 340 من غير نسبة فيها. وفي التاج: "علي بعيرك" بدل "على قلوصك" وهو أيضا في الشعر والشعراء: 1/ 363. القلوص الناقة الشابة. والأسيار جمع سير وهو الشراك، وقد ورد البيت في سياق قصة طريفة ممتعة ذكرها صاحب "شذرات الذهب" 2/ 168 فانظرها. 3 كذا في: "ش" وفي "ط" ورد على الشكل التالي: "ومنه الكتيبة واحدة الكتائب، وهو العسكر المجتمع: تكتب تجمع، وقيل: هي العسكر الذي يجتمع فيه جميع ما يحتاج إليه للحرب، ومنه: كتبت الكتاب أي: جمعت فيه الحروف والمعاني المحتاج إليه، وهو في الاصطلاح: اسم لجنس من الأحكام ونحوها تشتمل على أنواع مختلفة: كالطهارة مشتملة على: المياه، والوضوء، والغسل، والتيمم وإزالة النجاسة وغيرها". وهذه الصيغة فيها توضيح أكثر للمعنى لذلك أثبتناها.

والطهارة في اللغة، النزاهة عن الأقذار، يقال: طهرت المرأة من الحيض، والرجل من الذنوب، بفتح الهاء وضمها وكسرها، وهي في الشرع: إرتفاع ما يمنع الصلاة، وما أشبهه من حدث أو نجاسة بالماء، أو ارتفاع1 حكمه بالتراب، فدخل في ارتفاع ما يمنع الصلاة: الوضوء، والغسل، وغسل النجاسة، وفيما أشبهه، تجديد الوضوء، والأغسال المستحبة، والغسلة الثانية والثالثة، ودخل في ارتفاع حكمه بالتراب التيمم، فإنه يرفع حكم ما يمنع الصلاة، ولا يرفع الحدث على الصحيح من المذهب2. قوله: "باب المياه" أي: هذا باب المياه، والباب معروف، وقد يطلق على الصنف، يقال: أبواب مُبَوَّبَةٌ، أي أصناف مصنفة. والباب، ما يدخل منه إلى المقصود ويتوصل به إلى الاطلاع عليه، فقوله: باب المياه، أي: الموصل إلى معرفة أحكامه وكذا إلى آخر الكتاب. والمياه: جمع ماء، وهمزته منقلبة عن هاء، فأصله موه، وجمعه في القلة، أمواه، وفي الكثرة مياه، كجمل وأجمال، وجمال، وهو اسم جنس، وإنما جمع لاختلاف أنواعه3 فإن قلت: أنواع الماء ثلاثة، فلِمَ جمع، جمع الكثرة وهو لما فوق العشرة، وهلَّا قال: باب الأمواه، قلت: الجواب من وجهين:

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": رفع. 2 ما بين الرقمين سقط من "ط". 3 في "ط": "لكثرة أنواعه".

أحدهما، أن فِعَالًا عند الكوفيي، جمع قلة، نقله شيخنا ابن مالك1 عنهم. والثاني، أنه جمع جمع الكثرة، لكثرة ما في الدنيا منه، ودخلت الألف واللام، لتدل على العموم، فيصير كأنه قال: باب حكم كل ماء. قوله: "طَهُور": الطهور: بفتح الطاء، الطاهر في ذاته، المطهر غيره، كذا قال ثعلب، والطُّهُور بالضم: المصدر، وقد حكي فيهما الضم والفتح. قوله: "بِمُكْثِهِ": يجوز فيه، ضم الميم وفتحها وكسرها، وهو مصدر: مكث بفتح الكاف وضمنها، أي: أقام. قوله: "كَالطُّحْلُبِ": الطُّحْلُبُ: "بضم اللام وفتحها": الأخضر الذي يعلو الماء، يخرج من أسفله حتى يعلوه، ويقال له: العرمض أيضا، بفتح العين المهملة والميم، ويقال له: ثور الماء أيضا. قوله: "كالعُود": المراد به العود القماري "بكسر القاف" منسوب إلى قمار، موضع ببلاد الهند عن أبي عبيد البكري2.

_ 1 هو، أبو عبد الله جمال الدين، محمد بن عبد الله بن مالك الطائي، الجياني الشافعي النحوي اللغوي المقرئ، ولد في الأندس سنة 600هـ، وانتقل إلى دمشق واستقر فيها: وكان إماما في اللغة والنحو والقراءات، وكان رحمه الله متين الدين، صادق اللهجة، كثير النوافل، حسن السمت، ومصنفاته كثيرة منها "الخلاصة" - ألفية ابن مالك - و"تسهيل الفوائد" و"إكمال الإعلام بتثليث الكلام" وقصيدة دالية في القراءات بمقدار الشاطبية، توفي في دمشق سنة: 672هـ، انظر: ترجمته في"العبر": 5/ 300 و"طبقات الشافعية الكبرى": 8/ 67 و"مرآة الجنان": 4/ 72 و"البداية والنهاية": 13/ 267، و"شذرات الذهب": 7/ 590-591. 2 هو، أبو عبيد، عبد الله بن عبد العزيز بن أبي مصعب الأندلسي، إمام لغوي إخباري متفنن، له عدة مصنفات منها: "معجم ما استعجم من البلاد والمواضع"، انظر: ترجمته في "بغية الوعاة": 2/ 49.

قوله: "والكافور": هو المشموم من الطيب، قال ابن دريد1: أحسبه ليس بعربي محض لقولهم2: قفُّورٌ، وقافُورٌ، وقال أبو عمرو3، والفَرَّاء: الكافور الطلع، وقال الأصمعي4: وعاء طلع النخل، فعلى هذا يطلق عليهما، والمراد به ها هنا، المشموم الذي ذكره الفقهاء، والمراد: وقطع الكافور، فإن كان مسحوقا سلب الطهورية؛ لكون تغييره بالمخالطة5. قوله: "يرفع الأحداث": الأحداث: جمع حدث، وهو ما يوجب الوضوء أو الغسل "أو كلاهما أو بدلهما قصدًا واتفاقا: كالحيض، والنفاس، والمجنون والمغمى عليه"6. قوله: "ويزيل الأنجاس": الأنجاس: جمع نجس بفتح النون

_ 1 هو، محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، اللغوي النحوي العماني، صاحب "الجمهرة"، كان أحفظ الناس، ومات عام: 321هـ، انظر: ترجمته في "بغية الوعاة": 1/ 76. 2 في "ط": "لأنهم ربما قالوا". 3 هو، أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن عبد الله، المازني النحوي المقرئ، اختلف في اسمه وقيل: اسمه كنيته، إمام أهل البصرة في القراءات والنحو واللغة، أخذ عن جماعة من التابعين، وهو أحد القراء السبعة المشهورين، انظر: "بغية الوعاة": 2/ 231. 4 هو، عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع، الأصمعي الباهلي، أحد أئمة اللغة والغريب، والأخبار والنوادر والملح وقال الشافعي رحمه الله: ما عبر أحد من الغرب بمثل عبارة الأصمعي قالوا صدوق له عدة مصنفات، وفاته سنة: 215هـ، بخلف، انظر: ترجمته في "بغية الوعاة": 2/ 112. 5 كذا في "ش"، وفي "ط": "سلب طهوريته لأنه يتغير بالمخالطة"، والضمير المستتر في الفعل يتغير يعود على الماء. 6 ما بين المعقوفتين من "ط".

والجيم وكسرها1، وهو في اللغة المستقذر، يقال نجس ينجس، كعلم يعلم، ونجس ينجس، كشرف يشرف، وهو في الاصطلاح كل عين حرم تناولها مع إمكانه، لا لحرمتها ولا استقذارها، ولا لضرر بها، في بدن أو عقل. قوله: "فصلٌ": الفصل الحجز بين الشيئين، ومنه فصل الربيع؛ لأنه يحجز بين الشتاء والصيف، وهو في كتب العلم كذلك؛ لأنه يحجز بين أجناس المسائل وأنواعها. قوله "أو غمس يده": اليد أصلها يدي، ولم تبن مع كونها على حرفين؛ لكون الثالث يعود إليها في التثنية والجمع، كقوله: يديان بيضاوان عند محرق، وقوله تعالى: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} 2 {إِلَى الْمَرَافِقِ} 3 واليد حقيقة في اليد إلى المنكب، ثم تستعمل في غير ذلك بقرينة، ففي الوضوء، خرج ما فوق المرفق بقوله: {إِلَى الْمَرَافِقِ} وفي السرقة إلى الكوع بقرينة قطعه صلى الله عليه وسلم من الكوع، وكذا هنا المراد إلى الكوع، فلو أدخل ما فوق ذلك إلى الماء لم يؤثر فيه شيئا، وإدخال بعض اليد كإدخال جميعها في وجه، ولها فروع لا يحتملها هذا المحتضر. قوله: "بولًا أو عَذِرَةً": المراد بول الآدميين "وعذرتهم"4. قوله: "ما بَلَغَ قُلَّتَيْن": القلتان: واحدتهما قلة، وهي الحرة، سميت بذلك؛ لأن الرجل العظيم يقلها بيديه، أي يرفعها، يقال: قل الشيء وأقله: إذا رفعه.

_ 1 وكسرها: أي كسر الجيم. 2 سورة المائدة: الآية 64. 3 سورة المائدة: الآية 6. 4 ما بين معقوقتين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط" والعَذِرة: الخَرْءُ. والجمع: خُروء مثل: فَلْس وفُلُوس "المصباح المنير".

قوله: "خمس مئة رطل": الرَّطل: الذي يوزن به بكسر الراء ويجوز فتحها، حكاهما يعقوب1، عن الكسائي2، وللعلماء في مقدار الرِّطل العراقي ثلاثة أقوال: أصحها أنه مئة درهم وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم. والثاني: مئة وثمانية وعشرون والثالث: مئة وثلاثون. فالقلتان إذن بالرطل الدمشقي على القول الأول على الرواية الأولى التي هي الصحيحة: مئة رطل وسبعة أرطال وسُبُعُ رطل، وعلى رواية أربعمائة: تكون القلتان، خمس وثمانين رطلا وخمسة أسباع رطل. قوله: "لم يتحر": التحري، طلب ما هو أحرى، في غالب ظنه أي أحق، ومنه قوله تعالى {فَأُوْلَئكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} 3 أي: توخوا وعمدوا، كله عن الجوهري. قوله: "توضأ من كل واحد": توضأ: مهموز، ويجوز ترك همز، كلاهما عن الجوهري.

_ 1 هو، يعقوب بن إسحاق بن السِّكِّيت، أبو يوسف الإمام النحوي الكبير، وصاحب كتاب "إصلاح المنطق"، وغيره سبق أقرانه في الأدب مع حظ وافر في السنن والدين، مات سنة 244هـ، ترجمته في "شذرات الذهب": 3/ 203 و"سير أعلام النبلاء": 12/ 16 و"بغية الوعاة": 2/ 349. 2 هو، علي بن حمزة بن عبد الله بن عثمان، مولى بني أسد أبو الحسن، أحد القراء السبعة المشهورين، إمام الكوفيين في النحو واللغة أدب، ولد الرشيد، مات سنة: 189 وقيل غير ذلك، ترجمته في "سير أعلام النبلاء": 9/ 131 و"بغية الوعاة": 2/ 162 و"شذرات الذهب": 2/ 407 وهو مترجم في آخر كتابنا هذا أيضا. 3 سورة الجن: الآية 14.

‍قال شيخنا الإمام، أبو عبد الله بن مالك رحمه الله في نظمه الأوجز، توَضَّيتُ لُغَةٌ في توضأتُ1.

_ 1 وفي "الصحاح": وتوضأت للصلاة، ولا تقل: توضيت. وضعف صاحب القاموس قول القاتل: توضَّيت بقوله: توضيت لغية أو لثغة وفي التاج عن الحسن أنه قال يوما توضيت بالياء فقيل له: أتلحن يا أبا سعيد؟ فقال: إنها لغة هذيل وفيهم نشأت.

باب الآنية

باب الآنية الآنية: جمع إناء، كسقاء وأسقية، وجمع الآنية: الأواني. قوله: "كالجوهر": قال أبو منصور1: الجوهر: فارسي معرَّب، وهو الذي يخرج من البحر، وما يجري مجراه في النفاسة: كالياقوت، والزبرجد، وواحدته جوهرة، عن الجوهري. قوله: "إلا آنية الذهب والفضة": الذهب، والفضة معروفان، وللذهب أسماء، منها: النَّضْرُ والنَّضِير، والنُّضَارُ، والزِّبِرجُ، والسِّيراء، والزُّخرف، والعَسْجَد، والعِقْيَان، والتِّبر غير مضروب، وبعضهم يقول للفضة. وللفضة أسماء أيضا "منها"2: الفضة واللجين، والنسيك، والغَرَب، ويطلقان على الذهب أيضا. قوله: "والمضبب": هو الذي عمل فيه ضبة، قال الجوهري: هي حديدة عريضة يضبب بها الباب، يريد -والله أعلم- أنها في الأصل كذلك، ثم تستعمل في غير الحديد، وفي غير الباب.

_ 1 هو موهوب بن أحمد بن محمد الخضر بن الحسن الجواليقي المتوفي سنة 540هـ. انظر "شذرات الذهب" 6/ 207. 2 ما بين معقوفتين لم يرد في "ش" واثبتناه من "ط".

قوله: "كالسرويل": "ويقال: سروان بالنون. قال الأزهري: وسمعت غير واحد من الأعراب يقول: سروال، وقال أبو حاتم السجتاني ومن الأعراب من يقول: شروال بالمعجمة"1 هو أعجمي مفرد معرب ممنوع من الصرف على الأشهر لشبهه بمفاعيل، وقيل: إنه جمع سروالة في الأصل، سمي به، وينشد: من "المتقارب" عليه من اللوم سروالة2 وقيل: إنه مصنوع لا حجة فيه3. قوله: "ولا يطهر جلد الميتة": قال الجوهري: الموت ضد الحياة، وقد مات يموت ويمات، فهو ميت وميت، وقد اجتمعا في قول الشاعر4: "من الخفيف" ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء5 والميتة ما لم تلحقها الذكاة، وكذلك: مَيِّتَةٌ ومَيْتَةٌ والتخفيف أكثر. وهي في الشرع اسم لكل حيوان خرجت روحه بغير ذكاة، وقد

_ 1 ما بين معقوفتين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط" وحدها. 2 صدر بيت تمامه كما في التاج:.... فليس يرق لمستعطف. وهو كذلك في: "اللسان" و "المحكم" ولم ينسبه أحد منهم لقائله. وفي التاج: ولم يعرف الأصمعي فيها إلا التأنيت وفيه أيضا: وقال الليث: السراويل أعجمية أعربت وأنثت جمع سراويلات. وفيه لغات: سروان بالنون وشروال بالشين المعجمة في أوله. 3 أي الشاهد: عليه من اللؤم ... إلخ وسروال مسموع عن العرب كما نقل عن الأزهري. 4 وفي "ط": قال الشاعر فجمعهما. 5 ذكره في اللسان ونسبه إلى عدي بن الرعلاء. وكذلك هو في التاج منسوب إلى زيد بن الرعلاء وهو شاهد على أن مَيْت ومَيِّت بمعنى واحد.

يسمى المذبوح في بعض الأحوال ميتة "حكما" كذبيحة المجوسي1. قوله: "بالدباغ": الدباغ مصدر دبغ الإهاب يدبُغُهُ ويدبَغُهُ "بضم الباء وفتحها"، دبغا ودباغًا ودباغةً، والدِّباغ أيضا ما يدبغ به، يقال: الجلد في الدباغ، وكذلك الدبغ والدبغة بكسرها عن الجوهري. قوله: "إنْفَحَتها": قال الجوهري: الإنْفَحَة بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة، كرش الحمل أو الجدي ما لم يأكل، فإذا أكل، فهو كرش2، عن أبي زيد3، وكذلك المِنفحة بكسر الميم، قال الراجز: "من الرجز" كم قد أكلت كبدا وإِنْفَحَهْ ... ثم إدخرت أليةً مُشَرَّحَةً هذا آخر ما ذكر، وفيها لغة ثالثة: كسر الهمزة مع تشديد الحاء، حكاها يعقوب، ولغةٌ رابعة، فتح الهمزة مع تشديد الحاء، حكاها أبو عُمَرَ الزاهِدُ4، في "شرح الفصيح" ونقل ابن طلحة

_ 1 في "ط": "كذبيحة المرتد"، وكلمة "حكمًا" مستدركة منها. 2 وفي القاموس: "الكِرْشُ" بالكسر وككنف "كَرِش" لكل مجتر كالمعدة للإنسان مؤنثة ولم يفصل، وجمع إنفحة أنافح قال الشماخ: "التاج - نفح": "من الطويل" وإنا لمن قوم على أن ذممتهم ... إذا أولموا لم يولموا بالأنافحِ 3 هو: سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير، الأنصاري الشهير بأبي زيد، إمام مشهور، كان إماما في النحو، وغلبت عليه اللغة والنوادر والغريب، وجده ثابت شهد أحدا والمشاهد بعدها، مات أبو زيد رحمه الله في البصرة سنة: 215هـ بخلف، له ترجمة في "بغية الوعاة": 1/ 582، و"سير أعلام النبلاء": 9/ 494 و"شذرات الذهب": 3/ 70. 4 هو: محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، أبو عمر الزاهد المطرز، اللغوي غلام ثعلب، عالم بالعربية، حافظ واسع الحفظ، وكان أهل الحديث يثقون به ويصدقونه، ومن مصنفاته: "اليواقيت" و "شرح الفصيح" و "غريب مسند أحمد" ووفاته عام 345هـ ببغداد، له ترجمة في: "بغية الطلب": "أ / 164" و "سير أعلام النبلاء": 15/ 508.

الإشبيلي1 خامسة، فتح الهمزة مخففًا، وسادسة منفحة "بفتح الميم": قوله: "وَظُفُرُها": هو بضم الفاء وسكونها. قوله: "وشعرها": هو بفتح العين وسكونها عن يعقوب، والله أعلم.

_ 1 هو: محمد بن طلحة بن محمد بن عبد الملك، الأموي الاشبيلي، كان إمام في صناعة العربية، درس العربية والآداب بإشبيلية أكثر من خمسين سنة، وفاته سنة: 618هـ، "بغية الوعاة": 1/ 121.

باب الاستنجاء

باب الاستنجاء "الاستنجاءُ": إزالة النجو، وهو العذرة، وأكثر ما يستعمل في إزالته بالماء وقد يستعمل في إزالته بالأحجار، وقيل: هو من النجوة، وهي ما ارتفع من الأرض، كأنه يطلبها يجليس تحتها، قاله ابن قتيبة1، وقيل: لارتفاعهم وتجافيهم عن الأرض، وقيل: هو من النَّجْو، وهو القشر والإزالة، يقال: نَجَوْت العودَ إذا قَشَرْتُهُ، ونجوت الجلد عن الشاة وأنجيته، إذا سلخته، وقيل، أصل الاستنجاء: نزع الشيء من موضعه، وتخلصه ومنه، نَجَوْتُ الرُّطَبَ واسْتَنْجَيْتُه، إذا جَنَيْته، وقيل هو من النجو، وهو القطع، ويقال: نجوت الشجرة وأنجيتها إذا قطعتها، وكأنه قطع الأذى عنه باستعمال الماء.

_ 1 هو: عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، النحوي اللغوي الأخباري، من مصنفاته "تفسير غريب القرآن"، وفاته سنة: 276هـ، له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": 13/ 296 و"شذرات الذهب": 3/ 318 و"بغية الوعاة": 2/ 63.

قوله: "دُخُولَ الخلاءِ": الخلاء ممدودًا: المكان الذي تقضى فيه الحاجة1، سمي بذلك، لكونه يتخلى فيه، أي: يَنْفَرِدُ. وقال أبو عبيد2: يقال لموضع الغائط الخلاء، والمذهب والمَرْفِقُ، والمرحاض، ويقال له أيضا الكنيف للاستتار فيه، وكل ما ستر من بناء وغير فهو كنيف3. قوله: "الخُبُثُ والخبائث": الخُبُثُ: "بضم الخاء والباء" وهو جمع خبيث كرُغْفٍ، وَرُغُفٍ، وهو الذكر من الشياطين، والخبائث، جمع خبيثة وهي الأنثى منهم، استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم، هكذا فسره غير واحد من أهل الغريب ... وهو مشكل من جهة أن فعيلًا إذا كان صفة لا يجمع على فُعُلٍ، نحو كريم وبخيل4، ويروي الخُبْثُ "بسكون الباء" فيحتمل أن يكون مخففا من الأول كتخفيف كُتْبٍ وَرُسْلٍ، وقال أبو عبيد: الخبث "بسكون الباء": الشر، والخبائث الشياطين، وقيل: الخُبْثُ: الكُفْرُ، والخبائث: الشياطين، عن ابن الأنباري، وقيل: الخبث الشيطان، والخبائث المعاصي. قوله: "الرِّجْسُ": النَّجَسُ: قال الجوهري: الرجس القذر، والنجس: اسم فاعل من نَجَسَ يَنْجَسُ فهو نَجِسٌ، كفرح يفرح، فهو فَرِحٌ: قال الفراء: إذا قالوه مع الرجس أتبعوه إياه، فقالوا رِجْسٌ نِجْسٌ،

_ 1 في "ط": "المكان الذي يتوضأ فيه". 2 في "ط": "أبو عبيدة" وهو خطأ، وأبو عبيد هو القاسم بن سلَّام صاحب: "الغريب المصنف" وغيره، أخذ عن أبي عبيدة معمر بن المثنى والأصمعي وغيرهما، مات سنة 224هـ، له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": 10/ 490 "بغية الوعاة": 2/ 253. 3 ما بين الرقمين سقط من "ط". 4 ما بين الرقمين سقط من "ط".

يعني بكسر النون وسكون الجيم، وهو من ذكر الخاص بعد العام فإن الرِّجْسَ النَّجِسَ الشيطانَ الرجيمَ، قد دخل في الخبث والخبائث؛ لأن المراد بهم الشياطين1، "والله أعلم"2. قوله: "غفرانك": منصوب "على أنه" مفعول به لفعل محذوف، أي أسألك غفرانك، أي3 اغفر لي تقصيري في شكر ما أنعمت به علي من الرزق ولذته وإساغته، والانتفاع به، وتسهيل خروجه، وقيل: من ترك الذكر مدة التخلي، ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر4، أي: اغفر غفرانك5. قوله: "في الفضاء": الفضاء: الساحة، وما اتسع من الأرض، يقال: أقضيت إذا خرجت إلى الفضاء، كله عن الجوهري. قوله: "وارتاد مكانًا رِخْوًا": إرتاد: أي طلب مكانًا دَمِثًا، لئلا يرتد عليه بوله، ورخوًا بكسر الراء وفتحها: أي: هشًّا. قوله: "في شقٍّ ولا سرب": الشَّقُّ بفتح الشين واحد الشقوق، والسرب "بفتح السين والراء"، "قال الجوهري"6: بيت في الأرض، يقال: انسرب الوحشيُّ في سربه، والثعلب في جحره. قوله: "ولا طريق": الطريق: السبيل: يُذَكَّرُ، ويؤنث، وجمعه

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "بتقدير كونهما للشياطين". 2 ما بين معقوفتين زيادة من "ط" في الموضعين. 3 كذا في "ش" وسقط من "ط" ولكن أشير إليه في الحاشية. 4 منصوب على المصدر: أي: هو مفعول مطلق. 5 وفي هامش "ش" أثبت ما يلي: "وقيل من ترك الذكر مدة التَّخَلي. فلله درُّ سلفنا الصالح ما أحرجهم على ذكر الله سبحانه وتعالى تطبيقًا للآية الكريمة: {.... وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ ... } "الأحزاب: 35". 6 ما بين معقوفتين زيادة من "ط".

أطْرِقَةٌ وطُرُقٌ. كله عن الجوهري. قوله: "من أصل ذكره إلى رأسه": قال أبو عبد الله السامري1 وغيره: هو الدَّرْز الذي تحت الأنثيين من حَلْقة الدُّبُر. قوله: "ثم يننزه ثلاثًا": ثلاثًا: عائد إلى مسحة ونتره، أي يمسحه ثلاثا، وينتزه ثلاثا، صرح بذلك أبو الخطاب في " الهداية". قوله: "ثم يستجمر": قال الجوهري: الاستجمار: الاستنجاء بالأحجار، وقال ابن الأنباري2: الجمار عند العرب، الحجارة الصغار، وبه سميت جمار مكة. قوله: "ويجزئه أحدهما": وحيث جاء كله بضم أوله مهموز الآخر، أي يخرجه عن العهدة، قال الجوهري: وأجزأني الشيء: كفاني. قوله: "فإن لم ينقِ بها": يجوز ضم الياء وكسر القاف، ويكون الضمير عائدا على المستجمر، ويجوز فتح الياء والقاف ويكون الضمير، عائدًا على المحل، وهو من نقي بكسر القاف ينقى بفتحها، وقوله: زاد حتى يَنْقَى: مثلُهُ. قوله: "ويقطع على وتْرٍ": الوِتر: بكسر الواو وفتحها: الفرد، لغتان مشهروتان نقلهما الزجاج وغيره، والله أعلم.

_ 1 هو، محمد بن عبد الله بن الحسين السامري، صاحب كتاب: "المستوعب في الفقه" وفاته عام 616هـ ببغداد، انظر "المنهج الأحمد": 4/ 136-137. 2 هو، عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الشافعي، أبو البركات، وكان إمام ثقة صدوقا، له مائة وثلاثون مصنفا في الفقه والأصول واللغة، توفي سنة 577هـ، له ترجمة في "شذرات الذهب": 6/ 425 و "سير أعلام النبلاء": 12/ 113.

باب السواك

باب السِّواك السِّواك: العود الذي يُتَسَوَّكُ به، وكذلك المسواك، بكسر الميم، قال ابن فارس1: سمي بذلك؛ لكون الرجل يردده في فمه ويحركه، يقال: جاءت الإبل هزلى تساوك، إذا كانت أعناقها تضطرب من الهزال، وذكر صاحب المحكم، أن السواك يذكر ويؤنث وجمعه سُوُك، ككتاب وكُتُب، وذكر أنه يقال: في جمعه سُؤْك بالهمز. قوله: "بعد الزَّوال": زوال الشمس: ميلها عن كبد السماء. قوله: "عند الصلاة": حيث جاء ظرف غير متمكن للزمان والمكان، تقول: عند الليل وعند الحائط، وفيها ثلاث لغات: كسر العين، وفتحها، وضمها، ذكرها الجوهري وغيره، وقد أدخلوا عليها من حروف الجر "من" خاصة كما أدخلوها على لدن، لا يقال: مضيت إلى عندك، ولا إلى لَدُنْكَ، "جميع ذلك عن الجوهري"2. قوله: "رائحة الفم": الفم معروف، وفيه ثلاث لغات: فتح الفاء، وضمها، وكسرها، وأصله فُوُهُ3 حذفت هاؤه استثقالا؛ لاجتماع الهاءين في الإضافة، ثم عوض عن واوه ميما، حكى تثليث الفاء شيخنا أبو

_ 1 هو، أحمد بن فارس بن زكريا الرازي، صاحب "مقاييس اللغة" و "المجمل في اللغة" مات سنة 395هـ، انظر: "سير أعلام النبلاء": 17/ 103 و "شذرات الذهب": 4/ 480. 2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 3 كذا ضبطه بضم الفاء والواو، وقال في "القاموس" و "المصباح" أصلح: فَوَهٌ وجمعه أَفواهٌ مثل: سَبَبٍ وأَسْبَابٍ.

عبد الله بن مالك في "مثلثه"1، وذكر الباقي الجوهري2. قوله: "فإن استاك بأُصْبُعِهِ": الأصبع معروفة تذكر وتؤنث، وفيها عشر لغات: فتح الهمزة مع فتح الباء وضمها وكسرها، وضم الهمزة مع فتح الباء وضمها وكسرها، وكسر الهمزة مع فتح الباء وضمها وكسرها، والعاشرة: أُصبُوع، بضم الهمزة والباء بعدها واو، واللغات العشر في الأُنْمُلَة إلا مدَّ الباء، فلا يقال أنموله، والأنامل رؤوس الأصابع عن الجوهري، وقال ابن عباد، الأُنْمُلَة، المفصل الذي فيه الظفر، قال ابن سيدة: هي طرف الأُصْبُع. وقوله: "في الجنايات": وقطع الوسطى من تلك الأصبح من آخر لم تكن له عُليا، لا ينافي ذلك لكونها حينئذ طرف الأصبع. قوله: "ويستاك عرْضًا": معنى استياكه عرضا، أن يستاك من ثناياه إلى أضراسه، وذلك عرض بالنسبة إلى الأسنان، وطول بالنسبة إلى شق الفم. قوله: "ويدَّهن غِبًّا" أي: يدهن يوما ويدع يوما، مأخوذ من غب الإبل، وهو أن ترد الماء يوما وتدعه يوما، وأما الغب في الزيارة، فقال الحسن: في كل أسبوع، يقال: "زر غبًّا تزدد حُبًّا" 3.

_ 1 قوله في "مثلثه": يريد به كتاب "إكمال الإعلام بتثليث الكلام"، وقد مضى ذكره ضمن سياق التعريف بمؤلفه ص 8. 2 وردت في حاشية "ط" تفصيلات لم نر من الضرورة بمكان إثباتها، فمجال القول في الفم واسع، وفي كتب اللغة زيادة لمستزيد. 3 رواه البزار والبيهقي في: "الشعب" عن أبي هريرة مرفوعا، وله طرق كلها ضعيفة، ومع ذلك فقد قال الحافظ السخاوي رحمه الله: بمجموعها يتقوى الحديث، انظر: "كشف الخفاء": 1/ 438.

قوله: "ويكتحل وتِرًا": "بكسر الواو وفتحها"1 معنى الوتر، أن يكتحل ثلاثا في كل عين، وقيل: ثلاثا في العين اليمنى واثنين في اليسرى، ذكرهما المصنف في "المُغْنِي". قوله: "ويجب الختان": الختان في حق الرجل قطع جلدة غاشية حَشَفَة الذّكَرِ، ومن المرأة قطع بعض جلدة عالية مشرفة على الفَرْج، ولا يجب على النساء في أصح الروايتين. قوله: "ويكره القَزَع": القزع بفتح القاف والزاي، أخذ بعض شعر الرأس، وترك بعضه، نص على ذلك ابن سيدة في "المحكم" وكذا فسره الإمام أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه. قوله: "ودخوله المسجد": المسجد، بفتح الميم، وكسر الجيم، ويجوز فتحها2، حكاهما الجوهري وغيره، وهو المكان المتخذ للصلاة، وقال أبو حفص الصقلي: ويقال: مَسْيِد بفتح الميم، حكاه غير واحد3. قوله: "مع الذكر": قال الإمام أبو عبد الله بن مالك في " مثلثه" الذكر بالقلب، يضم ويكسر، يعني: ذاله. قوله: "والبَدَاءَةُ بالمضمضة"4: البداءة بالشيء، تقديمه على

_ 1 ما بين معقوفتين زيادة من "ط". 2 فتحها: أي فتح الجيم، وفتح الجيم هو القياس؛ لأنه اسم مكان من الثلاثي المضموم العين في الضارع "سَجَدَ - يَسْجُدُ" ولكن المسموع فيه كسر الجيم ويشبهه في ذلك: المطلع والمشرق والمغرب والمنبت والمجزر والمتفرق والمسكين، انظر: "الجمل في النحو" للزاجي صفحة: 388. 3 انظر: التاج "سود" حيث قال: "مَسْيِد": لغة في "مَسْجِد" ذكره الزركشي، ونقل عن شيخ له أنه مولد. 4 في "ش": "البداية" وأثبتنا لفظ "ط"؛ لأنه موافق للفظ كتاب: "المقنع" ص "27" بتحقيقنا.

غيره، وفيها عشر لغات1: بَدَأة كبقرة، وبُدْأة كغرقة، وبُداءة كملاءة، وبدوؤة كمروؤة، ووبَدِيئَة كخطيئة، وبَدْء كخبء، وبُدَاهة على البدل بوزن مُلاءة، وبداءة كسحابة، وبداة بوزن فلاة، فأما بداية بلفظ هداية، فلم أرها مصرحا بها، لكن تتخرج على لغة من قال بديت الشيء وبديت به بغير همز، وهي لغة الأنصار، قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: "من الرجز": باسم الإله وبه بَدِينا ... ولو عبدنا غيره شقينا فحبَّ ذا ربًّا وحبَّ دِينا2 فيكون حينئذ كهداية وكفاية وسراية، ويقال في الفعل، بد الشيء وأبدأه وابتدأه وبدئت به بكسر الدال مهموزًا. قوله: "بالمضمضة والاستنشاق": المضمضة في اللغة، تحريك الماء في الفم، وفي الشرع وضع الماء فيه، وإن لم يُحَرِّكْهُ، والاستنشاق، إدخال الماء أو غيره في الأنف. قوله: "والمبالغة فيها": المبالغة في المضمضة إدارة الماء في أقاصي الفم ولا يحمله وَجُورًا3 وفي الاستنشاق، اجتذاب الماء بالنفس

_ 1 وفيها عشر لغات كذا في "ش" وفي "ط": وفيها أربع لغات واقتصر على أربع بينما ذكر في "ش" عشر لغات، ولهم في البداية أقوال: فمنهم من قال إنها عامية "المطرزي في المغرب"، وعدها ابن بري من الأغلاط "التاج" وقال ابن القطاع هي لغة أنصارية "الوجه الذي ذكره المصنف واستشهد له نقلًا عن التاج". 2 ذكره التاج: "بدأ" و "بدي" واقتصر على الشطرين الأول والثاني، وهو في اللسان والصحاح "بدأ" والجمهرة: 3/ 202، انظر حاشية التاج: 1/ 138. 3 الوَجُورُ: "وِزان رَسُول": الدواء يصب في الفم: "المصباح - وَجَرَ".

إلى أقص الأنف، ولا يجعله سعوطا1. قوله: "وتخليل اللحية والأصابع"2: التخليل تفريق الشعر وأصابع اليدين، والرجلين، وأصله: من إدخال الشيء في خلال الشيء، وهو وسَطه، واللحية -بكسر اللام- الشعر النابت على اللحيين والذقن وما قرب من ذلك، وهي بكسر اللام، وجمعها لِحًى ولُحًى بكسر اللام وضمها، حكاهما الجوهري. قوله "التيامُن": التيامن، البداءة بالأيمن من جانب3 في السِّواك، وغسل اليمنى قبل اليسري من اليد والرجل، ونحو ذلك، والله أعلم.

_ 1 السَّعُوط: "وزان رسول أيضا": الدواء يصب في الأنف "المصباح - سَعَطَ". 2 والأصابع: زيادة من "ط" ومثلها: "جانب". 3 زيادة من "ط"، ومثلها: "جانب".

باب فرض الوضوء وصفته

باب فرض الوضوء وصفته الفرض في اللغة، التأثير، ومنه فُرْضَةُ القوس والسهم، وفي الشرع: ما كان فعله راجحًا على تركه مع المنع من تركه مطلقًا، وقيل: ما تُوُعِّدَ بالعقاب على تركه، وقيل: ما يعاقب تاركه، وقيل: ما يذم تاركه شرعا، وقيل: ما وعد على فعله بالثواب وعلى تركه بالعقاب. والفرض: هو الواجب في ظاهر المذهب1، وعنه: الفرض آكَدُ من الواجب، فقيل: هو اسم لما يقطع بوجوبه، وقيل: ما لا يسامح في تركه

_ 1 وكذا قال النووي رحمه الله: الفرض والواجب بمعنى، انظر: "تحرير التنبيه" صفحة: "40" وفي "المصباح": فَرَضَ اللهُ الفَرَائِضَ: أوجبها فكأنه أراده، انظر: "المصباح المنير" - "فرض".

عمدا، ولا سهوا، نحو أركان الصلاة، وأركان الحج1 وعنه، الفرض: ما ثبت بقرآن، ولا يسمى ما ثبت بالسنة فرضا، حكاها ابن عقيل2. والوُضُوء -بضم الواو- فعل المتوضئ3، وهو إمراره الماء على أعضائه، وبالفتح: الماء المتوضأ به، هذا هو المشهور، وحكى الفتح في الفعل والضم في الماء الجوهريُّ، وصاحب "المطالع"4 وغيرهما، وهو في اللغة، عبارة عن النظافة والحسن، وفي الشرع: عبارة عن الأفعال المذكورة المعروفة. قوله: "والفم والأنف منه": الفم معروف، ذكر شيخنا أبو عبد الله بن مالك فيه تسع لغات: فتح الفاء، وضمَّها، وكسرها، مع تخفيف الميم، والرابعة والخامسة فتحها وضمها مع تشديد الميم، والسادسة والسابعة والثامنة فما مقصورا مخفف الميم بفتح الفاء وضما وكسرها، والتاسعة، فم بالنقص وإتباع الفاء الميم في الحركات الإعرابية، يقول هذا فَمُهُ، ورأيت فَمَهُ ونظرت إلى فَمِهِ، ونظيره في الإعراب امرؤ وابنم5.

_ 1 عبارة وأركان الحج ليست في: "ط". 2 انظر: ترجمته في قسم تراجم الأعلام آخر الكتاب و"المنهج الأحمد": 3/ 78. 3 فعل المتوضئ كذا في "ش" وفي "ط" اقتصر على قوله" الفِعْل". 4 هو، إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزي نسبة لقريته حمزة في المغرب من أئمة أهل المغرب: فقيه، مناظر، متفنن حافظ للحديث، بصير بالرجال، ويعرف بابن قُرْقُول وفاته سنة: 569هـ، انظر: "شذرات الذهب": 6/ 382 و "سير أعلام النبلاء": 20/ 52 و "الوافي بالوفيات": 6/ 171. 5 ما بين الرقمين ليس في "ط" وانفردت به "ش".

قوله "غَسْلَ عضوٍ": عُِضوٌ: بضم العين وكسرها عن يعقوب وغيره، واحد الأعضاء. قوله: "لطهارة الحديث كلها": الحدث تقدم والمراد الأحداث، فاللام فيه للعموم، ولذلك صح توكيده بكلها، فهو كقوله: {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر} 1 أي كل الإنسان. قوله: "فهل يرتفع سائرها؟ ": أي باقيها، والأكثر في سائر الشيئ أن يكون بمعني باقية، وقد يستعمل سائره بمعنى جميعة، وسار الشيء: لغة في سائره2 حكاها الجوهري. أنشدني الإمام، أبو عبد الله بن مالك: "من الخفيف" فجلتها لنا لبابة لما ... وقذ النوم سَائِرَ الحُرَّاسِ3 وقذ: بالذال المعجمة، أي أسقطهم. قوله: "ذُكرها": تقدم في باب السواك4.

_ 1 سورة العصر: الآية: 2. 2 جاء في "تاج العروس": "وسار الشيء سائره" أي جميعة وهما لغتان، قال أبو ذؤيب يصف ظبية: "من الطويل" وسود ماء المرد فاها فلونه ... كلون النئور وهي أدماء سَارُها المرد: النضيج من ثمر الأراك، والنئور: شيء كالإثمد قال الأصمعي: أظنه حجرا تضعه الواشمة على تقريحها حواشي "ط"، وانظر: البيت في شرح أشعار الهذليين واللسان والصحاح والجمهرة كذا في حواشي التاج. 3 البيت للأحوص الشاعر أنشده في: "التاج - سَأَرَ" وسائر فيه بمعنى: جميع. وقول أبي ذؤيب فيه الشاهد على ما ساقه المصنف من أَنَّ، سارًا بمعنى سائر، وأما قول الأحواص فقد ساقه صاحب التاج شاهدا على أن: سائر بمعنى: جميع كما أسلفت. 4 انظر: ص 29.

قوله: "وإن استُصْحِبَ حُكْمُها أَجْزَأَهُ": استصحاب حكمها: أن ينوي في أول العبادة، ثم لا يقطعها إلى آخرها وإن لم يكن ذاكرًا. قوله: "من غَرْفَةٍ": الغرفة: بفتح الغين، المرة من غرف، وبضم الغين المَغْورُفُ، ويحسن الأمران هنا. قوله: "شَعَْر الراس": تقدم في باب الآنية "بفتح العين وسكونها" عن يعقوب. قوله: "من اللِّحْيَيْن": تثنية لحي "بفتح اللام وكسرها" عن عياض1، قال الجوهري: هو منبت اللحية من الإنسان وغيره وجمعه في القلة: أَلَحٍ وفي الكثرة: لحُىً ولِحًى، بضم اللام وكسرها عن ابن طلحة في شرح "الفصيح" وبه سميت اللحية، وقد تقدم ذكرها في باب السواك. قوله: "والذَّقَن": الذقن، بفتح الذال المعجمة والقاف، قال الجوهري: هو مجتمع اللحيين. قوله: "ومن الأُذُن": الأُذُْن بضم الهمزة مع ضم الذال وسكونها، العضو المعروف، وهو مؤنث، كعسر ويسر، وهي مؤنثة، "كله عن الجوهري"2. قوله: "يصف البَشَرَةَ": البشرة ظاهر الجلد3.

_ 1 هو، عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي، صاحب كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" وغيره، ترجمته في "شذرات الذهب": 6/ 226. 2 "1-1" ما بين الحاصرتين زيادة من "ط"، وفي الصحاح: الأذن تخفف وتنتقل وهي مؤنثة وتصغيرها: أذينه. 3 كذا في "ش" وفي "ط": البشرة والبشر ظاهر جلد الإنسان عن الجوهري، وفي القاموس: البَشَرُ "محركة": الإناسن ذكرًا أو أنثى واحدًا أو جمعًا وقد يثنى، ويجمع: أبشارًا، وظاهر جلد الإنسان.

قوله: "إلى المِرفقَين": المرفقين1، تثنية مرفق "بكسر الميم وفتح الفاء" ويجوز "فتح الميم وكسر الفاء". قوله: "إلى قفاه": القفا مقصور، يذكر ويؤنث، وله جموع ستة نظمها شيخنا الإمام، أبو عبد الله ابن مالك في هذا البيت: "من البسيط" جمع القَفَا أَقْفٍ أَقْفاء وأَقْفِيَةٌ ... مع القُفِي قُفِيْنٌ واخْتِمَنْ بِقِفِي قوله: "ولا يستحب تكراره": تكراره "بفتح التاء وكسرها" وهو اسم مصدر؛ لأن فعله: كرر ومصدره المقيس التكرير كالتسليم والتعليم. قوله: "إلى الكعبين": قال الجوهري: الكعب، العظم النَّاشِزُ عند ملتقى الساق والقدم، وأنكر الأصمعي قول من قال: إنه "في" ظهر القدم، وهو مذهب الشيعة، ومما يدل على فساد قول الشيعة ما روى أبو داود في "سننه" عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسوي صفوفنا الحديث، وقال في آخره: فرأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه وركبته بركبته ومنكبه بمنكبه2.

_ 1 "المرفقين" بالياء على الحكاية وهو جائز، وفي "ط" المرفقان بالألف، قيل وغيره، جمع بشرة وأبشار. 2 ما بين الرقمين سقط من "ط" والفقرة من الحديث "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا" رواها أبو داود ضمن سياق الحديث رقم 665 في الصلاة: باب تسوية الصفوف، والفقرة الثانية "فرأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه وركبته بركبته ومنكبه بمنكبه" عنده رقم 662 ضمن أحاديث الباب نفسه، وأصل "الحديث" في الصحيحين، وانظر: "جامع الأصول": 5/ 606-607".

باب مسح الخفين

باب مسح الخفين قوله: "والجرموقين": الجرموقان: واحدهما جُرْمُوق "بضم الجيم والميم" نوع من الخفاف، قال الجوهري: الجرموق الذي يلبس فوق الخف، وقال ابن سيده1: هو خف صغير، وهو معرب، وكذا كل كلمة فيها جيم وقاف، قاله غير واحد من أهل اللغة. قوله: "والجَوْرَبَيْن": الجوربان واحدهما جورب، وهو أعجمي معرب، والجمع جوارب وجواربة2. قوله: "والجَبَائَر": "قال ابن سِيْدَه"3: الجبائر، واحدتها جبيرة، وجبارة، بوزن رسالة4، وهي أخشاب أو نحوها تربط على الكسر ونحوه. قوله: "على القَلَانِس": القلانس واحدتها قََلَنْسُوة، وفيها ست لغات: قلنسوة، وقلساة، وقلنساة، وقلسوة، الأربع بفتح القاف، وقُلَنْسِيَةُ "وقُلْنِسية"5، بضم القاف فيهما، غير أن جمع قُلَنْسِيَة، وقَلَنْسَاة، قَلَانِس.

_ 1 هو، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده، ولد بمرسية في شرق الأندلس وانتقل إلى دانية، إمام في اللغة وآدابها حافظ لها، وكان ضريرًا، من مؤلفاته "المخصص" وهو من أثمن كنوز العربية و"المحكم" ولا يقل عن "المخصص" إحاطة وشأنا، وفاته سنة: 458هـ، له ترجمة في سير أعلام النبلاء: 18/ 144، وشذارت الذهب: 5/ 250. 2 قاله الجوهري، ولم يذكر الفيروزبادي في "القاموس" والزمخشري في "أساس البلاغة" أن كلمة جورب من الأعجمي المعرب. 3 ما بين معقوفتين زيادة من "ط". 4 كذا في "ش"، وفي "ط": بكسر جيم الثانية وهما بمعنى. 5 زيادة من "ط".

قوله: "وخُمُرُ النساء": الخمر "بضم الخاء والميم وقد تسكن الميم"1 واحدها خمار "بكسر الخاء" وهو المعروف الذي تلف به المرأة رأسها، سمي بذلك لستره، وكل ما ستر شيئا فهو خمار. قوله: "يلبس" بفتح الباء، مضارع لَبِسَ بكسرها، قال ابن دَرَسْتَوَيْه، هو عام في كل شيء، من اللباس وغيره، ولبست الأمر عكسته، تفتح باؤه في الماضي وتكسر في المضارع، قال الله تعالى: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} 2. قوله: "شدَّ لفائف": اللفائف، واحدتها لفافة، وهي ما يلف بها الرِّجل من خِرَقٍ وغيرها. قوله: "دون أَسْفَلِهِ وعَقِبه": العقب "بفتح العين مع كسر القاف وسكونها": مؤخر القدم، وهي مؤنثة. قوله: "المُحَنّكةُ" المحنكة: التي أدير بعضها تحت الحنك، والحنك ما تحت الذقن من الإنسان وغيره. قوله: "ذات ذُؤابة": الذؤابة "بضم الذال وبعدها همزة مفتوحة": قال الجوهري، الذؤابة من الشعر3، والمراد هنا، طرف العمامة المُرخى، سمي ذؤابة4 تشبيها بذؤابة الشعر مجازا، والله أعلم.

_ 1 تقييد "الخُمُر" سقط من "ط" وتقييد "خمار" زيادة منها. 2 سورة الأنعام: الآية 9. 3 الشَّعَرُ: كذا بفتح الشين المعجمة والعين، وقد تسكن العين فيقال: الشعر وهو نبتة الجسم مما ليس بصوف ولا وبر "القاموس - شعر". 4 في "ش": عمامة والمثبت من "ط" وهو الصواب.

باب نواقض الوضوء

باب نواقض الوضوء النواقض واحدها ناقض، وهو اسم فاعل من نقض الشيء إذا أفسده، فنواقض الوضوء، مفسداتُه. قوله: "من السَّبِيلَين" واحدهما سبيل، وهو الطريق، يذكر ويؤنث، والمراد هنا، القبل والدبر؛ لأنهما طريق البول والغائط. قوله: "من سائرها" تقدم في باب الوضوء1. قوله: "فإن كانت غائطًا أو بولًا": الغائط هنا، المراد به العَذرَةُ، وهو في الأصل: المطمئن من الأرض، كانوا يأتونه للحاجة، فكنوا به عن الحدث الخارج نفسه كراهة لكذره باسمه الصريح. قوله: "ما فحش في النفس": يقال، فَحُشَ "بضم الحاء وفتحها" وأفحش أي قبح، والمراد ما فحش في نفوس أوساط الناس لا الموسوسين ولا المتبذلين، كالقصابين، والدباغين، هذا المختار في المذهب، والنفس: الروح، والنفس: الدم، وسيأتي في إزالة النجاسة2، والمراد هنا، ما يستقبح باطنه. قوله: "زَوَالُ العقل": "قال الحافظ أبو الفرج بن الجوزي":3 قال قوم: العقل، ضرب من العلوم الضرورية، وقيل: غريزية، يتأتى معها إدراك العلوم، وقيل: جوهر بسيط: وقيل: جسم شفاف، وقال

_ 1 انظر: ص 33. 2 انظر: ص 53. 3 ما بين الحاصرتين سقط من "ش" وأثبتناه من "ط".

الحارث بن أسد المحاسبي1: هو نور، وبه قال: أبو الحسن التميمي، وروى الحربي2، عن أحمد، أنه غريزية، والتحقيق أن يقال، أنه غريزية كأنها نور يقذف في القلب، فيستعد لإدراك الأشياء، فيعلم جواز الجائزات، واستحالة المستحيلات ويتلمح3 به عواقب الأمور، وذلك النور يقل ويكثر، فإذا قوي قمع ملاحظة عاجل الهوى، وفي محلة روايتان نقلهما القاضي: إحداهما: أن محله القلب، وهو قول أكثر أصحابنا ومروي عن الشافعي. والثانية: أن محلة الدماغ، نقلها ابن زياد4 عنه، وهي اختيار أصحاب أبي حنيفة5.

_ 1 هو، أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي، من أكابر العلماء، كان عالما بالأصول والمعاملات واعظًا مؤثرًا توفي سنة: 343هـ، له ترجمة في "تهذيب التهذيب": 2/ 134 و"حلية الأولياء" 10/ 109 و "سير أعلام النبلاء": 12/ 110 و "تاريخ بغداد": 8/ 211. 2 هو، إبراهيم بن إسحاق البغدادي الحربي، كنيته أبو إسحاق من أعلام المحدثين، أصله من مرو واشتهر وتوفي ببغداد، كان حافظًا للحديث، عارفا بالفقه، بصيرا بالأحكام، تفقه على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وفاته سنة: 285هـ، له ترجمته في "المنهج الأحمد": 1/ 302-307 و "سير أعلام النبلاء": 13/ 356. 3 كذا في "ش" وفي "ط": "يَتَلَوَّح" وهما بمعنى واحد. 4 هو، الفضل بن زياد، أبو العباس القطان البغدادي، من المتقدمين عند أبي عبد الله أحمد بن حنبل، ووقع له عنه مسائل كثيرة منها أن السنة تفسر الكتاب "القرآن الكريم" وتبينه، له ترجمة في "المنهج الأحمد": 2/ 148-149. 5 في "التاج - عقل": "العقل أصل معناه المنع، ومنه العقال للبعير" وفيه أيضا: "ما كسب أحد شيئا أفضل من عقل يهديه إلى هدى أو يرده عن ردى"، ونفهم من ذلك أن العقل يكتسب وهو نور يهدي إلى هدى ويرد عن ردي، إنه حقائق يعقلها الإنسان أي يمنعها ويحتجزها في قلبه من جهة، وتمنع صاحبها مما لا يليق به وتحجز عنه من جهة أخرى.

قوله: "مسَّ الذكر بيده ببطن كفه أو بظهره ولا ينقص مسه بذراعة": المس مصدر مس الشيء إذا لمسه بيده، أي أجرى يده عليه، والكف مؤنثة، سميت كفا؛ لأنها تكف عن البدن الأذى، وحقه أن يقول: أو بظهرها، لكن جاز ذلك؛ لتأول الكف بالعضو، ونظيره قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي} 1 أي هذا الطالع. والذراع: يذكر ويؤنث، والتأنيث اختيار سيبويه، وهو في الغة من طرف المرفق إلى طرف الأصبع، والمراد هنا بالذراع، ما عدا الكف من اليد إلى المرفق. قوله: "قُبُل الخنثى" القبل "بضمتين وقد يسكن" خلاف الدبر، وهو للذكر والأنثى، وقيل للأنثى خاصة، والخنثى يذكر في باب ميراثه. قوله: "وفي مسّ الدُّبر": الدبر معروف، بضم الدال مع ضم الباء وسكونها، "كعُسُرٍ وعُسْرٍ"2. قوله: "بَشَرَتُهُ"، بشرة أنثى، البشرة "بفتح الباء والشين": ظاهرالجلد، وجمعها أبشار. قوله: "والسِّنِّ" السنُّ، مؤنثة، وتصغيرها: سُنَيْنَةٌ، وجمعها أسنان ثم أسنة، كقولهم قِنٌّ، وأقنان وأقنة، كله عن الجوهري. قوله: "غَسْل الميت": تقدم ذكر الموت في الآنية3.

_ 1 سورة الأنعام: الآية 78. 2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 3 انظر: ص 21.

قوله: "لَحْمُ الجَزُور" الجزور، بفتح الجيم، البعير ذكرا كان أو أنثى، إلا أن لفظه مؤنث، تقول: هذه الجزور: وإن أردت ذكرا، والجمع جُزُرٌ وجَزَائِرُ. قوله: "من كبِدها": الكبد معروفة مؤنثة، وفيها ثلاث لغات1: فتح أوله وكسر ثانيه، وسكون ثانيه مع فتح أوله، وكسره، حكاها الجوهري. قوله: "الرِّدَّةُ" الردة: ما يخرج به صاحبه عن الإسلام نطقًا كان أو اعتقادًا، أو شَكًّا كذا ذكره المصنِّف في "المغني"2 وقد تحصل بالفعل. قوله: "ومَنْ تَيَقَّنَ": اليقين ما ذعنت النفس للتصديق به، وقطعت به وقطعت بأن قطعها صحيح، كذا ذكره المصنف -رحمه الله- في مقدمة "الروضة"3. قوله: "وشك": الشك لغة التردد بين وجود شئ وعدمه، قال ابن

_ 1 كذا ورد في "ش" وفي "ط": وكَبِدٌ وكِبْدٌ مثل: كذب وكذب، وكبد كفخذ، وهو أوضح مما في "ش" ولذلك ذكرناه. 2 انظر: "المغني" لابن قدامة 1/ 238 بتحقيق الأستاذ الدكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي، والأستاذ الدكتور: عبد الفتاح محمد الحلو، وقد نقل المؤلف عنه بتصرف. 3 "الروضة" في أصول الفقه، لمؤلف كتاب "المقنع" الإمام موفق الدين أبي محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامه المقدسي الحنبلي، انظر: ترجمته والتعريف بمؤلفاته في قسم التراجم في آخر الكتاب، وسبق التعريف به في هامش ص "6".

فارس، والجوهري، وغيرهما: الشك خلاف اليقين، وكذا هو في كتب الفقهاء، وفي كتب الأصول إن تساوى الاحتمالان، فهو شك وإلا فالراجح ظن والمرجوح وهم، قوله: "وَمَسَّ المُصْحَفِ" المصحف معلوم "بضم الميم وفتحها وكسرها" حكى اللغات الثلاث شيخنا الإمام، أبو عبد الله بن مالك في "مثلثه".

باب الغسل

باب الغسل قال الجوهري: غسلت الشيء غسلا "بالفتح" والاسم الغسل "بالضم" ويقال: غُسُلٌ بضمتين. وقال شيخنا -رحمه الله- في "مثلثه"1: والغسل "يعني بضم أوله وسكون ثانيه" الاغتسال والماء الذي يغتسل به، وقال القاضي عياض: الغسل "بالفتح" الماء، وبالضم، والفعل، وقال الجوهري: والغِسْلُ "بالكسر" ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره. قوله: "خروج المنيّ": المني: بتشديد الياء من غير واحد من أهل اللغة، وبها جاء القرآن، قال الله تعالى: {مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى} 2 وحكى أبو عمر المطرز في ياقوتته، عن ابن الأعرابي3 تخفيف الياء، فيكون على وزن العمي، سمي بذلك؛ لأنه يمنى، أي يصب، وسميت منًى منًى، لما يراق فيها من دماء الهدي ويقال: مَنَى، وأَمْنَى، ومنى ثلاث لغات وبالثانية جاء

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "قال الإمام أبو عبد الله بن مالك في "مثلثه". 2 سورة القيامة: الآية "37". 3 هو محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي، راوية، علامة باللغة، من أهل الكوفة. وفاته سنة: 231هـ. ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": 10/ 587 و"شذرات الذهب": 3/ 141 و "بغية الوعاة": 1/ 105.

القرآن: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ} 1 وهو من الرجل في حالة صحته - ماء غليظ أبيض، يخرج عند اشتداد الشهوة، يتلذذ بخروجه ويعقب البدن بعد خروجه فتور، ورائحته كرائحة طلع النخل، تقرب من رائحة العجين. ومن المرأة، ماء رقيق أصفر. قوله: وإن أحس: يقال أحسست بالشيء وأحسست به، وحسيْتُ به، وأحسيت بإبدال السين ياء بمعنى تَيَقَّنْتُهُ. عن الجوهري. قوله: "فأمسك ذكره" المشهور أمسك، ومسك لغة قليلة، نقلها الحسين بن مسعود البغوي2 في "شرح السنة" في باب غُسل الحيض فقال: يقول العرب: مسكت الشيء بمعنى أمسكتُهُ. قوله: "التقاء الختانين" الختانان واحدهما ختان: وهو موضع قَطْعِ جلدة القُلْفَةِ من الذكر، ومن المرأة: مقطع نواتها، هكذا فسَّره الأزهري، ويقال لقطعهما: الإعذار والخفض. قاله ابن الأثير3 في "نهايته"4.

_ 1 سورة الواقعة: الآية "58". 2 يلقب بمحيي السنة. فقيه محدث مفسر نسبة إلى "بَغْشُور" من قرى خراسان، وهو صاحب "شرح السنة" وهو كتاب جليل في بابه، و"معالم التنزيل" وهو في التفسير. مات سنة: 516هـ ترجمته في "شذرات الذهب": "6/ 79" و"طبقات المفسرين" للداودي: "1/ 160" و"تاريخ أصبهان" "1/ 283" و"التذكرة": "3/ 956". 3 هو المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري ثم الموصلي الشافعي، يكنى أبا السعادات، ويلقب مجد الدين، ويعرف بابن الأثير، صاحب "جامع الأصول" و "النهاية في غريب الحديث والأثر" كان عالما فاضلا وسيدا كاملا، جمع بين علم العربية والقرآن والنحو واللغة والحديث، وشيوخه وصحته وسقمه، والفقه، وكان شافعيا، قاله ياقوت، انظر: ترجمته ومصادرها في "شذرات الذهب" 7/ 42-45". 4 انظر: النهاية 2/ 10.

وقال الجوهري: ختنت الغلام ختنا، والاسم الختان والختانة، والختان موضع القطع من الذكر، ومنه "إذا التقى الختانان"1 وخفضت الجارية مثل ختنت الغلام، ويقال عَذَرْتُ الجارية والغلام عذرا ختنتهما، وكذلك أعذرتهما، والأكثر خفضت الجارية، هذا آخر كلامه مفرقا في أبوابه، وحاصله أن الختان مخصوص بالذكر، والخفاض بالإناث والإعذار مشترك بينهما، والمراد بالتقاء الختانين تغييب الحشفة في الفرج، فلو مس الختان الختان، وحصلت حقيقة الالتقاء من غير إيلاج وانزال، فلا غسل على واحد منهما بالاتفاق. قوله: "تَغْييبُ الحَشَفَةِ": الحشفة: ما تحت الجلدة المقطوعة من الذكر في الختان. قوله: "إسلاك الكافر أصليا أو مرتدًّا": أصليا أو مرتدا، منصوبان هكذا بخط المصنف رحمه الله بغير كان وفي كثير من النسخ أصليا كان أو مرتدا، وذكر "كان" غلط؛ لأنها ليست بخطه، لكنه منصوب بها مقدرة، وذلك جائز عند الكوفيين، حكاه أبو البقاء2 وعليه على بعض

_ 1 قطعة من حديث رواه أحمد في "المسند" 6/ 239 من حديث عائشة رضي الله عنها، وانظر: "تلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر العسقلاني 1/ 134. 2 هو محب الدين أبو البقاء، عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، عالم باللغة والأدب والفرائض والحساب، أصله من عكبرا قرب بغداد ومولده ووفاته ببغداد، صنف كثيرًا من الكتب ومن أشهر مصنفاته "إملاء ما من به الرحمن" في إعراب القرآن الكريم، وكتاب "إعراب الحديث النبوي" وتخرج على يديه رحمه الله جيل من العلماء، وفاته سنة: 616هـ له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": 22/ 91 و "العبر": 5/ 61 و "شذرات الذهب": 7/ 121 وقد صنف الدكتور يحيى مير علم كتابا في سيرته ومصنفاته، أصدرته مكتبة دار العروبة في الكويت ودار ابن العماد ببيروت.

الأقوال خُرِّجَ قوله تعالى: {فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ} 1 أي يكن الإيمان خيرا لكم، ويحتمل أن يكون منصوبا على الحال. قوله: "فصاعدا": حيث ورد: منصوب على الحال، وعامله محذوف وجوبا، أي قراءة آية، فيأخذ صاعدا. قوله: "اللَّبْثُ فيه": اللبث: المكث "بفتح اللام، وحكي القاضي عياض ضمها" والباء ساكنة فيهما وقياسه الفتح، ولم يفتح إلا في الضرورة2. قوله: "والمُغْمَى عليه" المغمى عليه: المغشي عليه، وهو المغطى على عقله، يقال غمي عليه وأغمي عليه، غشي عليه. قوله: "وغَسْلُ المستحاضة" المستحاضة: المرأة التي استمر بها الدم بعد أيامها، يقال استحيضت فهي مستحاضة، كله عن الجوهري. قوله: "والوقوف بعرفة": عرفة: اسم لموضع الوقوف، وهي أرض واسعة، سميت بذلك، لأن آدم عليه السلام، عرف حواء فيها،

_ 1 سورة النساء: الآية 170. 2 في "التاج": اللبث: "بالفتح ويضم" وهما غير مقيسين، واللبث "محركة" وهو المقيس، واللَّبَاث: "كسحاب" واللُّبَاث: "كغراب"، واللَّبَاثة: "كسحابة" واللَّبِيثة: "كسفينة" وهؤلاء كلها غير مقيسة، ومعنى الكل: المُكْثُ.... وفيه نقلا عن الصحاح: وقد جاء في الشعر على القياس قال جرير: "من البسيط". وقد أكون على الحاجات ذا لَبَث ... وأحو ذيا إذا انضم الدعاليب الأحوذي: المنكمش، اللَّبَثُ: المكث، الذَّعاليب: فضول الثوب وما تملس منه، والثوب الخلق، وقال أبو عمرو: وأطراف الثياب يقال لها دعاليب واحدها دعلوب، والبيت من قصيدة يمدح بها جرير، أيوب بن سليمان بن عبد الملك بن مروان، انظر: شرح ديوان جرير للصاوي: 1/ 31- 34.

وقيل؛ لأن جبريل عليه السلام، عرف آدم فيها مناسك الحج، ذكرهما الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي1، وعرفات جمع عرفة، وجاز جمعه؛ لأن كل موضع منها يسمى عرفه وفي اللفظ بعرفات ثلاثة أوجه: أحدها: كَلَفْظِ مُسْلِمَات، رفعا ونصبًا وجرًّا. والثاني: أنه كذلك بحذف التنوين. والثالث: إجراؤه مجرى ما لا ينصرف. قال الزَّجاج: عرفات اسم لمكان واحد ولفظه لفظ الجمع، والوجه فيه، الصرف عند جميع النحويين. قوله: "والمَبِيْتُ"2 "بمُزْدَلِفَة": مزدلفة3 موضع معروف بين عرفة ومنى حده ما بين المَأْزِمَين4 ووادي محسر، وهي مفتَعِلة من زلف القوم اجتمعوا لما يجتمع فيها من الناس، وداله منقلبة عن تاء الافتعال، وهو ممنوع من الصرف، للعلمية والتأنيث. قوله: "ورمي الجمَار والطواف": يذكر في الحج إن شاء الله تعالى. قوله: "بعشرة أشياء: النيّة" إلى آخر العشر: الوجه، الجر فيها

_ 1 هو عبد الرحمن بن علي بن محمد البكري، القرشي التيمي، الشهير بابن الجوزي، صاحب كتاب كتاب "زاد المسير في علم التفسير" وله تصانيف كثيرة في أنواع العلم مات سنة 597هـ، له ترجمة في: "سير أعلام النبلاء": 12/ 365 و "شذرات الذهب": 6/ 537. 2 الاستدراك من "ط" وهو موافق لما في "المقنع" ص 33 بتحقيقنا. 3 معظم ما ورد في "ش" من هذه الفقرة لم يرد في "ط". 4 المأزمان مثني مأزم وزان مسجد وهو الطريق الضيق بين الجبلين، ويقال للموضع الذي بين عرفة والمشعر مأزمان، وفي القاموس: المأزمان مضيق بين جمع وعرفة وآخر بين مكة ومنى.

على البدل، ويجوز الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف. قوله: "وَيَحْثِي" أي يصب، يقال: حَثَوْتُ أَحْثُوا حثوًا، وحثيت أحثي حَثْيًا، حكاهما الجوهري وغيره. قوله: "ويتوضأ بالمُدِّ، ويَغْتَسِلُ بالصَّاع": المد مكيال، وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز، وعند أهل العراق رطلان، والصاع أربعة أمداد، هذا كلام الجوهري، وقد تقدم الكلام في مقدار الرِّطْلِ العراقي بما أغني عن إعادته. قوله: "وإن أسبغ بدونهما": إسباغ الوضوء: إتمامه، عن الجوهري وغيره، ويأتي في الجنائز بأتم من هذا. قوله: "للجُنُبِ" الجنب: "بضم الجيم والنون" من صار جنبا بجماع أو انزال، يقال: جنب "بضم النون" فهو جنب وأجنب، فهو مجنب، وفي تسميته بذلك وجهان، حكاهما ابن فارس: أحدهما: لبعده عما كان مباحا له. والثاني: لمخالطته أهله، قال: ومعلوم من كلام العرب أن يقولوا للرجل إذا خالط امرأته قد أجنب، وإن لم يكن منه إنزال، وعزا ذلك إلى الشافعي رحمه الله. ويقال: جُنْبٌ للمذكر والمؤنث والمثنى والمجموع، قال الجوهي: وقد يقال: أَجْنَابٌ وجُنْبُون، وفي "صحيح مسلم" من كلام عائشة رضي الله عنها "ونحن جُنُبَان"1.

_ 1 قطعة من حديث رواه مسلم رقم 321 في الحيض: باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها.

قوله: "أو الوطءَ": الوطء مهموز، يقال: وطئت الشيء برجلي، ووطئَ الرجلُ امرأَتَه يَطَأ فيهما، والله أعلم.

باب التيمم

باب التَّيمم التيمم في اللغة، القصد، قال الجوهري: وأصله التعمد والتوخي، وقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوْا صَعِيْدًا طَيِّبًا} 1 "وقال ابن السكيت"2 أي اقصدوا3، قال المصنف رحمه الله في "المغني"4: ثم نقل في عرف الفقهاء إلى مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد. قوله: "وهو بَدَلٌ": أي عوض، يقال: بِدْلٌ وبَدَلٌ بوزن: علم وفرس، وقد سمع ذلك في: مثل ومثل، وشبه وشبه، ونِكْل ونَكَل، قال أبو عبيد: لم يسمع في فعل وفعل غير هذه الأربعة الأحرف، وزاد يعقوب، عِشْقٌ وعَشَقٌ وحِرْجٌ وحَرَجٌ، وضِغْنٌ وضَغَنٌ. قوله: "لِفَرْضٍ ولا لِنَفْلٍ": تقدم ذكر الفرض، وأما النفل، فقال الجوهري: النفل والنافلة، عطية التطوع من حيث لا تجب، ومنه نافلة الصلاة. قوله: "أو تعذره إلا بزيادة كثيرة" يباح التيمم للعجز عن استعمال الماء لكذا وكذا، ولتعذره إلا بزيادة كثيرة فهو مستثنى من مثبت، والاستثناء من الاثبات نفي، فظاهره أن تعذره في كل صورة مبيح للتيمم إلا في صورة الاستثناء، وهي حُصُولُهُ بزيادة كبيرة على ثمن مثله وحصوله بزيادة كثيرة

_ 1 سورة المائدة: الآية "6". 2 ما بين الحاصرتين سقط من "ش" وأثبتناه من"ط". 3 في "المغني": "أي اقصدوه". 4 انظر "المغني" 1/ 310.

مبيح أيضا للتيمم، فصورة الاستثناء موافقة للمستثنى منه في الحكم. والجواب عن هذا الإشكال من حيث اللفظ وتصحيحه: أنه مستثنى من منفي معنى فإن قوله: أو تعذره في معنى قوله: وبكونه لا يحصل له الماء إلا بزيادة كثيرة، فيصير الاستثناء مفرغا؛ لأن بزيادة كثيرة متعلق بلم يحصل، والاستثناء المفرغ ما قبل إلا وما بعدها فيه كلام واحد، فيصير معنى هذا الكلام يباح التيمم بأشياء منها حصول الماء بزيادة كثيرة على ثمن مثله أو بثمن يعجز عن أدائه، فإن قلت: فهل لهذا التأويل نظير في كلام العرب؟ قلت: قد ذكر مثل هذا في قوله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ} 1 وقوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ} 2 بالرفع فيهما في قراءة في غير السبعة على معنى، لم يفعل ذلك إلا قليل ولم يمتثل إلا قليل، وأنشد أبو علي الفارسي3: "من البسيط". وبالصريمة منهم منزل خلق ... عاف تغير إلا النؤي والوتد على معنى لم يبق منه شيء على حاله إلا النؤي والوتد، وهو نظير ما خرجت به، وإنما تكلمت على إعراب هذا؛ لأن بعض مشايخنا رضي الله عنهم ذكر أن هذه العبارة فاسدة. قوله "أو ثمن يعجز": الأفصح4 في يعجز، كسر الجيم ويجوز

_ 1 سورة البقرة: الآية 83. 2 سورة البقرة: الآية 249. 3 البيت للأخطل ذكره عبد القادر البغدادي في "شرح أبيات مغني اللبيب" 5/ 126-127 واستشهد به على أنه رفع ما بعد إلا وكان القياس نصبه؛ لأنه بعد موجب تام لأن تغير، بمعنى لم يبق على حاله وهذا يطلب فاعلا أي الفعل تغير فرفع ما بعد إلا على الفاعلية بطريق الاستثناء المفرغ انتهى، "شعر الأخطل" صنعة السكري صفحة: 433. 4 كذا في "ش" وفي "ط": "الأصح".

فتحها في المضارع، وكسرها في الماضي، حكاها الفراء لغة لبعض قيس، وحكاها ابن القطاع1 وغيره، والعجز في كلام العرب: أن لا يقدر على ما يريده. قوله: "يَكْفي بعضَ بَدَنِهِ": يكفي بفتح الياء لا غير، وكثير ممن لا تحقيق له يضمها، وليس لضمها وجه. قوله: "لزمه طلبه2 في رحله": رحل الرجل، "بفتح الراء" مسكنه، وما يستصحبه من الأثاث عن الجوهري. قوله: "على حسب حاله": حسب "بفتح الحاء والسين"، أي على قدر حاله، قاله الجوهري. قوله: "إلا بِتُرَابِ": التراب معروف، وفيه، سبع لغات، تُرَاب، وتَوْرَب، وتَيْرَب، وتُرْبٌ، وتُرْبَة وتَوْرَابٌ، وَتَرْبَاءٌ، وجمع التراب، أَتْرِبَة وَتِرْبَانٌ، كله عن الجوهري. قوله: "ذو غُبَار لا يجوز التيمم به كالجَص": ذو بمعنى صاحب، وهو صفة لموصوف محذوف، أي شيء ذو غبار "أو جامد ذو غبار"3 ويقال: غُبَار، وغُبَرَة، بمعنى واحد، والجص "بكسر الجيم وفتحها"

_ 1 هو أبو القاسم، علي بن جعفر البغدادي الصقلي بن القطاع المصري الدار والوفاة، كان من أئمة الأدب واللغة، وله تصانيف نافعة، ولد ونشأ في صقلية، وقرأ العلم على فضلائها كابن عبد البر وأمثاله ورحل عن صقلية لما أشرف على تملكها الإفرنج، له ترجمة في "وفيات الأعيان": 3/ 322، و"شذرات الذهب": 6/ 74 وكانت وفاته سنة: 514هـ، وأجود تصانيفه "كتاب الأفعال". 2 ما بين الحاصرتين مستدرك من "ط" وهو موافق لما في "المقنع" ص 34 بتحقيقنا. 3 ما بين الحاصرتين سقط من "ش" واستدركناه من ط.

معروف، ويسمى في زمننا الجبصين، قال أبو منصور اللغوي1: وليس بعربي صحيح. قوله: "إلى كوُعَيْه": واحدهما كوع "بضم الكاف" ويقال "فيه"2: كاع أيضا، وهو طرف الزند الذي يلي "أصل" الإبهام، وطرفه الذي يلي الخنصر كُرْسُوعٌ "بضم الكاف" "ويقال للمفصل رسغ ورسغ"3. قوله: "بِرَاحَتَيْه": واحدتهما راحة: وهي بطن اليد، وقيل: هي اليد كلها، وجمعها راحات وراح، عن ابن سيده. قوله: "الذراع" تقدم في نواقض الوضوء4. قوله: "إبهامُ اليمنَى" قال الجوهري: الإبهام: الإصبع العظمى، وهي مؤنثه وحكي تذكيرها كما ذكره النووي في "تحرير التنبيه"5 والجمع أباهم وأباهيم أيضا حكاه الجوهري. قوله: "في المِصْرِ" قال الجوهري: المصر واحد الأمصار، والمصران، البصرة والكوفة، ومصر المدينة المعروفة، تذكر وتؤنث عن ابن السَّرَاج6.

_ 1 هو موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الحسن الجواليقي، أبو منصور صاحب كتاب "المعرب" وفاته سنة: 540 هـ له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": 20/89 و "شذرات الذهب" 6/207-208 قال ابن السمعاني في حقه: إمام اللغة والأدب وهو متدين ثقة ورع. 2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 3 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 4 انظر ص " ". 5 انظر "تحرير التنبيه" ص 49. 6 هو أبو بكر محمد بن السري، المعروف بابن السراج أحد العلماء المذكورين، وأئمة النحو المشهورين مات سنة "316" هـ له ترجمة في "شذرات الذهب": 4/ 79 و "بغية الوعاة" 1/ 109.

باب إزالة النجاسة

باب إزالة النجاسة الإِزَالَة، ُ التنحية، يقال: أزلت الشيء إزالة، وزلته زيالا، بمعنى. قوله: "والخنزير": الخِنْزِيرُ "بكسر الخاء" الحيوان المعروف، ونونه أصلية، وعند الجوهري زائدة. قوله: "فإن جعل مكانه أشنانًا": قال أبو منصور اللغوي: الأشنان فارسي معرب، قال أبو عبيدة فيه لغتان: ضم الهمزة وكسرها، وهي أصلية، ويسمى بالعربية، الحُرُضُ، ووعاؤه، المُحْرُضَةُ "بضم الميم والراء" كالمكحلة، وهي أحد ما جاء من الآلة بالضم، ولم يذكره ثعلب. قوله: "بالاسْتِحَالَةِ إلَّا الْخَمْرَةُ": الاستحالة: استفعال من حال الشيء عما كان عليه: زال، وذلك مثل أن تصير العين النجسة رمادا، أو غير ذلك، وأما الخمرة، فهي الخمر، سميت بذلك لتخميرها العقل، أي: تغطيتها إياه، وجمعها خمور، كتمرة وتمر وتمور، والخمر تذكر وتؤنث، وقال ابن الأعرابي: سميت بذلك؛ لأنها تركت فاختمرت، واختمارها تغيرها، والوجه فيها هنا الرفع، ويجوز النصب على الاستثناء. قوله: "ما يتأتى": هو تفعل من أتى يأتي: جاء، قال الجوهري: وتأتى له الشيء: أي تهيأ، ومراده والله أعلم، وما يمكن غسله كالزيت ونحوه. قوله: "بول الغلام": الغلام يطلق على الصبي من حين يولد على اختلاف حالاته، ذكره القاضي عياض، "قال الواحدي1: أصله من

_ 1 هو علي بن أحمد بن محمد بن علي، أبو الحسن الواحدي النيسابوري مفسر عالم بالأدب له: "الوجيز" و "الوسيط" و "البسيط" في التفسير و"أسباب النزول" وشرح ديوان المتنبي وفاته سنة: 468هـ، له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": 18/ 339 و "شذرات الذهب" 5/ 291 و"طبقات المفسرين": 1/ 394.

الغلمة والاغتلام: وهو شدة طلب النكاح قال النووي: ولعل معناه أنه سيصير إلى هذه الحالة"1. قوله: "النَّضْحُ": قال الجوهري: النضح: الرش، وقال المصنف: في "الكافي" النضح، أن يغمره بالماء وإن لم يزل عنه. قوله: "أو الحذاء": ممدود النعل "بكسر الحاء"، "قال الجوهري هو النَّعْلُ"2. قوله: "إلا الدَّمُ": الدم معروف، أصله دمي، وجمعه، دماء، ودمي، كظبي وظباء وظبي، هذا مذهب سيبويه، وقال المبرد: أصله فعل3 بالتحريك وإن جاء جمعه مخالفا لنظائره، وذكر الجوهري أن أصله دَمَوٌ بالتحريك، وكأن مأخذه في ذلك، قول بعض العرب، وفي تثنيته، دموان على المعاقبة، وهي قليلة؛ لأن حكم أكثر المعاقبة، قلب الواو ياء وأكثر تثنيته دَمَيَان، قال الشاعر: "من الوافر" فلو أنا على حجر ذبحنا ... جرى الدَّمَيَانِ بالخبر اليقين4 تزعم العرب أن المتعاديين إذا ذبحا، لم تختلط دماؤهما، وقد جرى في الشعر مجرى المقصور.

_ 1 ما بين الحاصرتين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط". 2 عبارة: "قال الجوهري: هو النعل" زيادة من "ط". 3 كذا في "ش" وفي "ط": "أَصْلُهُ دَمَى" أي ذكر الفعل بدل الميزان. 4 البيت مختلف في نسبته كثيرًا: ابن دريد نسبه لعلي بن بدال وابن يعيش نسبه إلى مرداس بن عمر ونسبه ابن هشام والعيني تبعا لصاحب "الحماسة البصرية" إلى المثقب العبدي.

قال الشاعر: "من الرمل" ذهبت ثم أتت تطلبه ... فإذا هي بعظام وَدَمَا1 الدم مرفوع على البدل من شيء، ويجوز نصبه على أصل الاستثناء. قوله: "من القيح والصديد": القيح: المدة لا يخالطها دم، والصديد، الماء الرقيق المختلط بالدم قبل أن تغلظ المدة. قوله: "وعنه في المذي والقَيْءِ": في المذي، ثلاث لغات: مَذْيٌ، كظَبْي وهي فصحاهُنَّ، ومَذِيٌّ، كشقي، ومَذٍ، كعم، وحكى كراع2 في "المجرّد": أنه يقال: مَدْي "بدال مهملة" وأما فعله ففيه ثلاث لغات: مذي، وأمذي، ومذى بالتشديد، قال الجوهري: المذي بالتسكين مما يخرج عند الملاعبة والتقبيل، وفيه الوُضُوءُ3، والقيء مهموز. قوله: "وسِبَاعُ البَهَائِمِ والطَّيْرِ": سباع البهائم: الأسد، والنمر، والفهد، والذئب، ونحوها، والكلب والخنزير من سباع البهائم ولا خلاف في المذهب في نجاستهما، ولم يدخلا هنا لنصه أول الباب،

_ 1 البيت في "اللسان - أطم" غير منسوب لأحد وفيه: "غفلت ثم أتت تطلبه" بدل: "ثم أتت تطلبه" ... إلخ وهو مع بيت قبله: "من الرمل". 2 هو علي بن حسن الهنائي الأزدي، أبو الحسن ويعرف بكراع النمل، عالم بالعربية، له كتب في اللغةن منها "المنضد" ومختصره "المجرّد" وفاته سنة: 307هـ انظر "بغية الوعاة" 2/ 158. 3 روى البخاري رقم 178 ومسلم رقم 303 من حديث علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مَذَّاءً واستحييت أن أسال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: "فيه الوضوء".

على نجاستهما، وأما سباع الطّير: قال ابن السِّكِّيت1 في "كتاب الطير": سباع الطير ما يصيد منها، والجوارح: الكواسب من الطير، ومن ثم قيل: فلان جارحة أهله أي كاسبهم. قوله: "وبول الخفاش والنَّبِيذ": الخُفَّاشُ واحد الخفافيش التي تطير بالليل، قاله الجوهري، ثم قال في موضع آخر، والخشاف: الخفاش، ويقال له الخطاف، والنبيذ: فعيل، بمعنى مفعول كقتيل وجريح سمي بذلك؛ لكونه يُنْبَذُ فيه تمر أو زبيب أو غيرهما، يقال: نبذت النبيذ وأنبذته إذا عملته. قوله: "ما لا نَفْسٌ له سائلةٌ كالذُّبَابِ": النفس السائلة: الدم السائل: قال الشاعر: "من الطويل" تسيل على حد الظباة نفوسنا ... وليس على غير الظباة تسيل2 وسمي الدم نفسا لنفاسته في البدن، وقيل للمولود منفوس؛ لأنه مما ينفس به، أي يضن به. ويجوز في "سائلةٌ" الرفع والتنوين، والنصب والتنوين، ولا يجوز بناؤه على الفتح من غير تنوين، لعدم إمكان تركيبه مع موصوفه؛ لأنه مفصول بالجار والمجرور وهو "له". وأما الذباب، فهو هذا المعروف، وهو مفرد، وجمعه ذِبَّانٌ وأَذِبَّةٌ، ولا يقال ذبابة: نص على ذلك ابن سيده، والأزهري، وأما الجوهري

_ 1 هو يعقوب بن إسحاق السكيت أبو يوسف، من كبار ائمة اللغة والنحو في عصره، من آثاره "إصلاح المنطق" وكتاب "كتاب الطير" الذي أشار إليه المؤلف لم ينشر بعد فيما نعلم، مات سنة "243" وقيل سنة "244" وقيل سنة 246هـ، انظر "إنباه الرواة" 4/ 50 و "شذرات الذهب" 3/ 203 و "الأعلام" 8/ 195. 2 البيت لعبد الملك الحارثي ويقال: إنه للسموأل.

فقال: واحدة ذبابةٌ، ولا يقال ذبانة والصواب الأول، والظاهر أن هذا تصحيف من الجوهري، رآهم قالوا: ولا يقال: ذبابة فاعتقدها ذبانة وأجراه مجرى أسماء الأجناس المفرق بينها وبين واحدها بالتاء، كتمرة، وتمرٌ. قوله: "وَرَوثُهُ" الروث لغير الآدميين بمنزلة الغائط والعذرة منهم. قوله: "وفي رطوبة فَرْجِ المرأة": المراد هنا بفرج المرأة، مسلك الذكر منها، فعند أصحابنا حكمه حكم الظاهر، إذا علم دخول النجاسة إليه، وجب غسله، وتبطل طهارتها بخروج الحيض والمني إليه، ولا يبطل صومها بدخول إصبعها، ولا بدخول الماء إليه، ومن قال: حكمه حكم الباطن، انعكست هذه الأحكام. قوله: "وسؤر الهِرِّ": السؤر "بضم السين مهموزًا": بقية طعام الحيوان وشرابه، عن صاحب المحكم من اللغويين، وصاحب "المستوعب" من الفقهاء، وسور المدينة غير مهموز، والسؤرة من القرآن تهمز لشبهها بالسؤر، ولا تهمز لشبهها بسور المدينة1.

_ 1 في "التاج - سَوَرَ": وقال المصنف في البصائر: وقيل سميت سورة القرآن تشبيها بسور المدينة؛ لكونها محيطة بآيات وأحكام إحاطة السور بالمدينة. وفيه: وقيل السورة من القرآن يجوز أن تكون من سورة المال، وفيه أيضا: والسورة الشرف والفضل والرفعة، قيل: وبه سميت سورة القرآن لإجلاله ورفعته وهو قول ابن الأعرابي.

باب الحيض

باب الحيض وأصله: السَّيلان، قال الجوهري: حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا فهي حائض وحائضة، عن ابن الأثير وغيره، "واستحيضت المرآة

استمر بها الدم بعد أيامها، فهي مستحاضة"، وتَحَيَّضَتْ: أي قعدت أيام حيضها عن الصلاة. قال أبو القاسم الزمخشري: في كتابة "أساس البلاغة": من المجاز حاضت السمرة: إذا خرج منها شبه الدم. وقال المصنف -رحمه الله تعالى-: الحيض دم يرخيه الرحم، إذا بلغت المرأة، ثم يعتادها في أوقات معلومة لحكمة تربية الولد، فإذا حملت انصرف ذلك الدم بإذن الله تعالى إلى تغذية الولد؛ ولذلك لا تحيض الحامل، فإذا وضعت الولد قلبه الله تعالى بحكمته لبنًا يتغذى به؛ ولذلك قلَّ ما تحيض المرضع، فإذا خلت من حمل ورضاع، بقى ذلك الدم لا مصرف له، فيستقر في مكان، ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة، وقد يزيد على ذلك ويقل، ويطول شهر المرأة ويقصر، على حسب ما ركبه الله في الطباع. انتهى آخر كلامه. والاستحاضة، سيلانه في غير وقته من العاذل "بالذل المعجمة" وقد يقال: بالمهملة، حكاهما ابن سيده، وقال الجوهري: العاذر لغة فيه "يعني بالذال المعجمة والراء" وهو اسم للعرق الذي يسيل منه دم الاستحاضة، قال: وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن دم الاستحاضة، فقال: ذات العاذل الذي يغذو، يعني يسيل، "لتَسْتَثْفِرْ بِثَوْب وَلتصَلِّ". قوله: "دَم طبيعةٍ وجِبِلَّةٍ": الطبع والطبيعة، والسجية، والجبلة: الخلقة عن الجوهري وغيره، ومنه قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ} 1 وقرئ بضم الجيم والباء، وهما لغتان نقلهما أبو البقاء وحكى ابن سيده ثلاث لغات أُخَرَ: جُبْلَة، كغُرْفة، وجِبْلَة، ككسرة، وجَبْلَةٌ كتمرة، فصارت خمس لغات.

_ 1 سورة الشعراء: الآية 184.

قوله: "وسنة الطلاق": سنة الطلاق، في حق من تحيض من وجهين: أحدهما من جهة الزمان: وهو أن يطلقها في طهر لم يصبها فيه. والثاني من جهة العدد: وهو أن يطلقها واحدة، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها. فالحيض يمنع سنة الطلاق بالنسبة إلى الزمان دون العدد. قوله: "والبلوغ" البلوغ في اللغة: الوصول، قال الجوهري: وبلغ الغلام، أدرك، والمراد -والله أعلم- بلوغ حد التكليف، وهو في حق الغلام والجارية، كما ذكره -رحمه الله- في كتاب "الحجر". قوله: "والنِّفَاسُ مثله": النفاس "بكسر النون" في أصل اللغة: مصدر نفست المرأة "بضم النون وفتحها، مع كسر الفاء فيهما": إذا ولدت، وسميت الولادة نفاسا من التنفس، وهو التشقق والانصداع، يقال: تنفست القوس: إذا تشققت، وقيل سميت نفاسا لما يسيل لأجلها من الدم، والدم: النفس كما تقدم، سمي الدم الخارج نفسه نفاسا؛ لكونه خارجا، بسبب الولادة، التي هي النفاس، تسمية للمسبب باسم السبب، ويقال لمن بها النفاس، نفساء "بضم النون وفتح الفاء" وهي الفصحى ونفساء "بفتحهما" ونفساء "بضم النون واسكان بالفاء" عن اللحياني1 في نوادره، واللغات الثلاث بالمد، ثم هي نفساء حتى تطهر. وحكى ابن عُدَيْسٍ في كتاب "الصواب" عن ثعلب: النُّفَسَاءُ:

_ 1 هو علي بن المبارك -وقيل ابن حازم- أبو الحسن اللحياني -من بني لحيان بن هديل بن مردكة- أخذ عن الكسائي وغيره، له ترجمة في "بغية الوعاة": 2/ 185.

الحامل، والوالدة، والحائض، ويجمع على نفاس، ولا نظير له إلا ناقة عشراء، ونوق عشار. قوله: "أُبيح فِعْلُ الصِّيَامِ والطَّلَاقُ" بالرفع عطفا على فعل، وبالجر عطفا على الصيام. قوله: "فَعَلَيْه نِصْفُ دينَارٍ كَفَّارةً": نصف بكسر النون وضمها لغة، وبها قرأ زيد بن ثابت: {فلها النصف} ، والنصف أحد شقي الشيء، كله عن الجوهري، و "كفارة" نصب على التمييز، ويجوز رفعه تبعا لنصف. قوله: "وعنه ليس عليه إلا التَّوْبَةُ": التوبة: بالرفع، قال الجوهري، التوبة: الرجوع عن الذنب، وكذلك التوب، وفي "كتاب سيبويه" التَّتْوِبَة "على وزن تَفْعِلَه"1: التوبة، وهي في الشرع: الندم على ما مضى من الذنب، والإقلاع في الحال، والعزم على أن لا يعود في المستقبل، تعظيما لله عز وجل، وحذرا من أليم عقابه وسخطه. قوله: "وأقل الحيض يوم": أي: أقل زمن الحيض، وكذا أكثره وغالبه، ويجوز تقدير المضاف في الخبر، أي أقل الحيض، حيض يوم، وكذا أكثره وغالبه. قوله: "وأكثره خَمْسَةَ عَشَرَ": المشهور "فتح العين" قال ابن السكيت: ومن العرب من يسكن العين، فيقول: إحد عشر إلى تسعة عشر، إلا أثني عشر، فإن العين منه لا تسكن؛ لسكون الياء والألف. ويقولون: إحدى عشرة إلى تسع عشرة، بسكون الشين عن أهل الحجاز، وبالكسر عن أهل نجد، كله عن الجوهري. قوله: "لأَكْثَرِه فَمَادُونُ": هو بضم النون لقطعه عن الإضافة

_ 1 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

منوية، ويجوز نصبها على الظرف، على تقدير المضاف، كقراءة من قرأ {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} 1 بالكسر بلا تنوين2. قوله: "على قدْرٍ واحِدٍ": أي على مقدار واحد، بسكون الدال وفتحها3. قوله: "أسود منتن": أي كريه الرائحة، عن الجوهري، يقال: نَتُنَ الشيء ونَتَنَ "بضم التاء وفتحها" وأنتن، فهو منتن "بضم الميم وكسرها" لغة حكاها الجوهري. قوله: "فحيضها زَمَنَ الدَّمِ الأسود": يجوز رفع "زَمَنُ" على أنه خبر عن حيضها على حذف مضاف، أي زمن حيضها، ويجوز نصبه على الظرف. قوله: "أَثْنَاءَ عَادَتِها": قال الجوهري: الثني واحد أثناء الشيء، أي: تضاعيفه، تقول، أنفذت كذا ثني كتابي أي: في طَيِّةِ. قوله: "وتعصبه": أي: تشده بعصابة "بفتح التاء وكسر الصاد مخففة" ويجوز ضم التاء وتشديد الصاد4. قوله: "من به سَلَسُ البَوْلِ": هو الذي لا يستمسك بوله، والمذي تقدم. قوله: "لا يَرْقَأُ دَمُهُ" أي: لا يسكن، وهو مهموز، يقال: رَقَأ

_ 1 سورة الروم: الآية 4. 2 لهم في قراءة: {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} أقوال، انظر: "البحر المحيط": 7/ 162، و"حاشية الجمل على الجلالين": 3/ 402. 3 يريد: دال: "قدر" فيقال: "قدر" و "قدر" والأول أفصح. 4 وعليه فيقال: تُشِدُّه بِعَصَّابة: ولم نقع عليه هكذا في "التاج" و "الأساس".

الدم، رُقُوءًا، وفي بعض الأحاديث لا تَسُبُّو الإبل فإن فيها رُقُوءَ الدَّمِ، أي تعطى في الدية، فتحقن بها الدماء. قوله: "الرُّعافُ الدَّائِمُ": الرعاف، على وزن البزاق، قال ابن سيده: هو الدم الذي يسبق من الأنف، وكل سابق راعف، وفي فعله ثلاث لغات: رعف "بفتح العين" وهي فصحاها. ورُعفَ "بضمها" حكاها يعقوب، وأبو عبيد في "الغريب المصنف"1، وابن القطاع والجوهري وغيرهم. ورَعِفَ "بكسر العين" حكاها ابن سيده، وابن السيد 2 في "مُثَلَّثِهِ"، قال المطرزي وهي أضعفها. قوله: "من غير خوف العَنَتِ": العنت "بفتح العين والنون" قال الجوهري: والإثم، وقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُم} 3 يعني الفجور والزنا، والعنت أيضا، الوقوع في أمر شاق.

_ 1 هو القاسم بن سَلَّام، سمع العلماء وجمع صنوفا من العلم، وصنف الكتب وكان ذا فضل ودين، ومن مصنفاته "الغريب المصنف" في غريب الحديث، وانظر ترجمته في آخر الكتاب قسم الترجم و"شذرات الذهب": 3/ 111 و"المنهج الأحمد": 1/ 161. 2 هو أبو محمد، بن عبد الله بن محمد بن السيد "بكسر السين المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها دال مهملة" البطليوسي من علماء اللغة والنحو، ولد ونشأ في بطليوس في الأندلس، وانتقل إلى بلنسية فسكنها وتوفي بها من كتبه "المثلث" و "الاقتضاب" وكتاب "شرح الموطأ" وغير ذلك وفاته سنة: 521 هـ، له ترجمة في "شذرات الذهب": 6/ 106: و "مثلثه" في مجلدين أتى فيه بالعجائب وهو يفوق "مثلث" قطرب. 3 سورة النساء: الآية 25.

قوله: "وإن ولدت تَوْأَمَيْنِ": واحدهما توأم والتوأمان، الولدان في بطن واحد، يقال: أَتْأَمَتِ المرأة: إذا ولدت اثنين في بطن فهي متئم، فإذا كان ذلك عادة لها، قيل: مِتْآمٌ وهذا تَوْأَمٌ لها1.

_ 1 وزاد في "الصحاح": ويقال: هذا توأم هذا على فَوْعَل وهذه توأمة هذه.

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة مدخل ... كتاب الصلاة الصلاة في اللغة، الدعاء. قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} 1 أي: أدع لهم، وقال الأعشى2: "من المتقارب" وقالبها الريح في دنها ... وَصَلَّى على دنها وارتسم أي: دَعَا وَكَبَّر، وهي مشتقة من الصلوين والصلوان "قالوا: ولهذا كتبت الصلاة بالواو في المصحف، وقيل هي من الرحمَة"3، واحدهما أصلا كعصا، وهما عرقان من جانبي الذنب، وقيل: عظمان ينحنيان في الركوع والسجود، وقال ابن سيده: الصلا وسط الظهر من الإنسان، ومن كل ذي أربع، وقيل: وما انحدر من الوركي، وقيل الفُرْجَةُ التي بين الجاعرة والذنب، وقيل: هو ما عن يمين الذنب وشماله، وقيل: في اشتقاق الصلاة غير ذلك. وهي في الشرع: الأفعال المعلومة من القيام والعقود والركوع والسجود والقراءة والذكر، وغير ذلك، وسميت بذلك؛ لاشتمالها على الدعاء. قوله: "بِسُكْرٍ أو إغماء أو شرب دواء": السكر "بضم السين" اسم

_ 1 سورة التوبة: الآية 103. 2 انظر "ديوان الأعشى" صفحة: 35 وهو من قصيدة يمدح بها قيس بن معدي كرب. 3 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

مصدر، وهو زوال العقل، بشرب المُسْكِرِ، يقال: سَكِرَ يَسْكَرُ سَكَرًا، كبطر بيطر بطرا، فهو سكران، والجمع سَكْرى وسُكَارى، وسَكَارى، والمرأة سكرى، ولغة بني أسد، سكرانة. والإغماء مصدر أغمي عليه، ويقال: غُمِيَ عليه، فهو مغمي عليه، كبني عليه، فهو مبني، إذا غشي عليه، ويقال: هو غمى كعصا، وكذلك الاثنان، والجمع، والمؤنث، وإن شئت ثنيت وجمعت وأنثت ذكره الجوهري. والشُّرْبُ مصدر شرب وفيه ثلاث لغات: - ضم الشين وهو أشهرها. - وفتحها وهو القياس. - وكسرها وهو قليل. وقد قرئ بالثَّلاثِ، قوله تعالى: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيم} 1. والدواء "بفتح الدال ممدودا" وكسر الدال لغة فيه حكاها الجوهري: وهو ما يتناول للمداواة. قوله: "ولا تجب على صبي": قال ابن سيده: الصبي من لدن يولد إلى أن يفطم، والجمع أصبية، وصبية وصبوان وصبوان، صبيان. قوله: "حتى يستتاب ثلاثا" أي: تطلب منه التوبة، ثلاثة أيام. وتقدم تفسير التوبة في الحيض، والعرب تُغَلِّبُ في العدد الليالي على الأيام، ولذلك لم يقل: ثلاثة.

_ 1 سورة الواقعة: الآية "55".

باب الأذان والإقامة

باب الأذان والإقامة الأذان في اللغة، الإعلامُ، قال الأزهري: الأذان اسم من قولك أذنت فلانا بأمر كذا وكذا، أُوْذِنُهُ إيذاناً1، أي أعلمته، وقد أذن تأذينًا وأذانًا، أي أعلم الناس بوقت الصلاة فوضع الاسم موضع المصدر، وقال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاس} 2 أي: إعلام واصل هذا من الأذن، كأنه يلقي في آذان الناس بصوته، ما إذا سمعوه علموا أنهم ندبوا إلى الصلاة وهو في الشرع: الإعلام بدخول وقت الصلاة بالذكر المخصوص. والإقامة مصدر أقام، وهو متعدي قام، فحقيقته: إقامة القاعد. وهي في الشرع: الإعلام بالقيام إلى الصلاة كأن المؤذن أقام القاعدين، وأزالهم عن قعودهم. قوله: "وهما فرض على الكفاية": الفرض عند الفقهاء قسمان: فرض عين، وهو ما وجب على كل واحد، لا يسقط عنه بفعل غيره. وفرض الكفاية، وهو الذي إذا قام به من يكفي سقط من سائر المكلفين. قوله: "قَاتَلَهُمُ الِإمَامُ" المراد بالإمام: الخليفة ومن جرى مجراه من سلطان ونائبه. قوله: "أَخْذُ الأُجْرَةِ": الأجرة: العوض المسمى في عقد الإجارة، قال الجوهري: الأُجْرَةُ: الكِرَاءُ.

_ 1 قال النووي: "الأَذَان" و "التَّأْذِيْنُ و "الأَذِينُ" بمعنى، وهو الإعلام، فزاد الأذين، انظر "تحرير التنبيه" صفحة: 58. 2 سورة التوبة: الآية: 3.

قوله: "رَزَقَ الإمَامُ من بيت المال" أي: أعطي من غير إجارة، قال الجوهري: وابن فارس: الرِّزْقُ: العطاء، والجمع: الأَرْزَاقُ. قوله: "صَيِّتًا": قال الأزهري: الصيت بوزن السيد والهين، وهو الرفيع الصوت، وهو فَعِيل، من صات، يصوت، كما يقال، للسَّحَاب الماطر، صّيِّب: وهو من صاب يصوب. قوله: "تَشَاحَّ" تفاعل من الشح، قال الجوهري: الشُّحُّ، البخل مع حرص، يقول شَحِحْت وشَحَحْت "بالكسر والفتح"1: تَشَحُ وتَشُحُّ، وتشاح الرجلان على الأمر، لا يريدان أن يفوتهما، وفلان يشاح على فلان، أي يَضِنُّ به. قوله: "أَقْرِع بينهما": قال ابن سيده: القرعة، السهمة، وقد اقترع القوم وتقارعوا وقارع بينهم، وأقرع أعلى، وقارعه، فقرعه يقرعه، أي: اصابته القرعة دونه. وقال الجوهري: القُرْعَةُ "بالضم" معروفة، ويقال: كانت القرعة، إذا قرع أصحابه. وحكى ابن الجواليقي: وقرع بين نسائه وأقرع، فالظاهر أن اللغتين في كل شيء 2 لعدم الفرق بين النساء وغيرهن. قوله: "لا تَرْجِيْعَ فيه": الترجيع في الأذان: تكرير الشهادتين، قال الجوهري: والترجيح في الأذان، وترجيح الصوت، ترديده في الحلق، كقراءة أصحاب الألحان. قوله: "أن يترسل": التَّرَسُّلُ: التأني والتهمل، قال الأزهري: المُتَرَسِّلُ، الذي يتمهل في تأذينه، ويبين تبينا يفهمه من يسمعه، وهو من

_ 1 أي بالنسبة للحاء. 2 كذا في "ش" وفي "ط": "في كل منهما".

قوله: "وَيَحْدُرُ الإِقَامَةَ": قال الجوهري: وحدر في قراءته، وفي أذانه يحدر حدْرًا، أي أسرع، وحكي أبو عثمان1 في "أفعاله"، حدر القراءة أسرعها وأحدرها، ولا فرق بين القراءة والأذان. قوله: "فإذا بلغ الحَيْعَلَةَ": الحيعلة هنا: قول المؤذن: حي على الصلاة، قال الجوهري: وقد حيعل المؤذن، كما يقال: حولق2، وتَعَبْشَمَ3، مركبا من كلمتين، وأنشد قول الشاعر: "من الطويل" ألا رب طيف منك بات معانقي ... إلى أن دعا داعي الصباح فَحَيْعَلا وقل الآخر: "من الوافر" أقول لها ودمع العين جار ... ألم تحزنك حَيْعَلُة المنادِي قال الأزهري: معنى حيَّ: هَلُمَّ وعَجِّل إلى الصلاة والفلاح4. والفلاح: هو الفوز بالبقاء، والخلود في النعيم المقيم، ويقال للفائز: مفلح، ولكل من أصاب خيرا مفلح. آخر كلامه. وقد تتركب "حَيَّ" مع "هَلَا" و "على" فيقال: حَيْ هَلَا، وحي

_ 1 هو أبو عثمان، بكر بن محمد بن بقية المازني، إمام في العربية متسع في الرواية. له عدة تصانيف منها "علل النحو" و "التصريف" وفاته سنة 247هـ له ترجمة في "شذرات الذهب": 3/ 316 و "بغية الوعاة": 1/ 463 وقوله "الأفعال" ربما أراد به كتابه: "التصريف". 2 حولق: أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله. 3 تعبشم: انتسب إلى عبد شمس أو تعلق بهم بحلف أو جوار أو ولاء. 4 وكذا قال ابن قتيبة "المصباح - حي" والزمخشري في الأساس وأنشد: "من البسيط" أنشأت أسأله ما بال رفقته ... فقال حَيَّ فإن الركب قد ذَهَبَا

علا، وفيها عدة أوجه، نظمها شيخنا، أبو عبد الله بن مالك في هذا البيت: "من مجزوء الرجز" حَيَّهْلَ حَيَّهَلَ احفظ ثم حَيَّهَلا ... أو نون أو حَيَّهَلْ قل ثم حَيْ عَلا وهي كلمة استعجال، قال لبيد: أنشده الجوهري: "من الرمل" يتمارى في الذي قلت له ... ولقد يسمع قولي حَيَّ هَلْ1 وهي كلمة مولدة، ليست من كلام العرب؛ لأنه ليس في كلامهم، كلمة واحدة فيها "حاء عين" مهملتان، وقال أبو منصور: عبد الملك بن محمد الثعالبي: في "فقه اللغة": البسملة: حكاية قول: بسم الله2 والسَّبْحَلَةُ: حكاية قول: سبحان الله، والهَيْلَلَةُ: حكاية قول: لا إله إلا الله، والحَوْقَلَة: حكاية قول: لا حول ولا قول إلا بالله، والحَمْدَلة: حكاية قول: الحمد لله، والحَيْعَلَةُ: حي على الصلاة، حي على الفلاح، والطَّلْبَقَةُ: أطال الله بقاءك، والدَّمْعَزة: أدام الله عزك، والجعلفة: جعلني الله فداك. قوله: "ولَمْ يَسْتَدِر" أي: لم يول ظهره القبلة، سواء كان على ظهر الأرض، أو في منارة في ظاهر كلام الخرقي، وذكر الأصحاب عن الإمام أحمد، فيمن أذن في المنارة روايتين. قوله: "ويتولاهما معًا" أي: يتولى الأذان والإقامة شخص واحد، وهذا على وجه الاستحباب.

_ 1 البيت في ديوان لبيد صفحة: "183" والتاج واللسان - هلل" والتماري في الشيء والامتراء فيه: المجالة والشك مختصر من حواشي "ط". 2 بسم الله: كذا في "ش" وفي "ط": بسم الله الرحمن الرحيم، وانظر في ذلك "فقه اللغة" للثعالبي: صفحة: "313" وصفحة: "578" وفقه اللغة من معاجم المعاني.

قوله: "ويَجْعَلُ إِصْبَعَيْهِ في أُذُنَيْهِ": المشهور عن الإمام أحمد، جعلُ إصبعيه في أذنيه وعليه العمل عند أهل العلم، قاله الترمذي: وروى أبو طالب عن أحمد قال: أحب إلي أن يجعل يديه على أذنيه، وهو اختيار الخرقي1. قول: "فَإِنْ نَكَّسَهُ": "بتخفيف الكاف وتشديدها" بمعنى: قلبه، ذكره الجوهري، وأنكسه لغة حكاها شيخنا ابن مالك رحمه الله. قوله: "جَلْسَةٌ خَفيفَةٌ": الجَلْسة "بفتح الجيم": المرة من جلس، وبالكسر الهيئة منه. قوله: "وهل يُجْزِئُ أَذَانُ المُمَيِّز" المميز الذي يفهم الخطاب، ويرد الجواب، ولا ينضبط بسن بل يختلف باختلاف الأفهام. قوله: "وهل يُعتد بأذان الفاسق والأذان الملحِّن"، قال ابن سيده: في "المحكم" الفِسْقُ: العصيان، والترك لأمر الله تعالى، والخروج عن طريق الحق: فسق، يفسق ويفسق فسقا وفسوقا، وفُسُق بالضم عن اللحياني، وقيل الفسوق: الخروج عن الدين آخر كلامه. والفَاسِقُ: شرعا من فعل كبيرة أو أكثر من الصغائر، كذا نص عليه "المصنف رحمه الله"2 في "الكافي". والكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة، نص عليه الإمام أحمد رحمه الله، "وللعلماء فيه ثلاثة عشر قولا يطول ذكرها"3 والأذان الملحن الذي فيه تطريب، قال الجوهري: وقد لَحَّنَ في قراءته، إذا طَرَّبَ بها وغَرَّد.

_ 1 مفرد إِصْبَعَيْة: إصبع وفيه عشر لغات ذكرها المؤلف في شرحه لألفاظ باب السواك. 2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 3 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

قوله: "فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله": في إعرابها خمسة أوجه1، بناء الأول على الفتح ورفعه بالتنوين، فمع بناء الأول يجوز رفع الثاني ونصبه وبناؤه، ومع رفع الأول، يجوز رفع الثاني وبناؤه، ويمتنع نصبه؛ لأنه لا وجه له. قال الخَطَّابي: معنى لا حول ولا قوة إلا بالله، إظهار الفقر وطلب المعونة منه على كل ما يزاوله من الأمور، أي يعالجه وهو حقيقة العبودية. وقال ابن الأنباري: الحول: معناه في كلام العرب، الحيلة، يقال ما للرجل حَوْلٌ، وماله احتيال، وماله محالة، وماله مَحَالٌ: بمعنى واحد، يريد أنه لا حيلة له في دفع شيء، ولا قوة له في درك خير إلا بالله، ومعناه التبرؤ من حول نفسه ومن قوته. وقال أبو الهيثم الرازي2: قوله: لا حَوْلَ أَصْلُهُ: من حال الشيء: إذا تحرك يقول: لا حركة ولا استطاعة إلا بالله، وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: في "تفسيره"3 لا حول عن معصية الله، إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، قال الخطابي: هذا أَحْسَنُ ما جاء فيه. ويقال: لا حَيْلَ ولا قوةَ: لغة حكاها الجوهري، ويقال: الحَوْقَلَةُ والحولقة، والأول أكثر في كلامهم.

_ 1 انظر "مغني اللبيب" لابن هشام بحاشية الأمير 1/ 195 و"شرح ابن عقيل" 1/ 142. 2 أبو الهيثم الرازي "وهكذا يعرف بكنية ولا يعرف اسمه" نحوي إمام علامة بارع حافظ، له من المصنفات كتاب "الشامل في اللغة" وكتاب "الفاخر في اللغة" أيضا وغيرهما وفاته سنة: 276هـ، ترجمته في: "بغية الوعاة": 2/ 329 و "إنباه الرواة على أنباء النحاة": 4/ 188. 3 كذا في "ش"، وفي "ط": في "تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله".

قوله: "اللهم ربَّ هذه الدعوة التَّامة" إلى آخر الباب، مذهب سيبويه والخليل بن أحمد، وسار البصريين أن أصل "اللهم": يا ألله، وأن الميم بدل من يا، وقال الفراء، أصله: يا الله أُمَّنا بخير1 فحذف حرف النداء، حكى المذهبين الأزهري. "والدعوة التَّامة": قال الخطابي: في كتاب "شأن الدعاء"2 وصفها بالتمام؛ لأنها ذكر الله تعالى، يدعا بها إلى طاعته، وهذه الأمور التي تستحق صفة الكمال، والتمام، وما سواها من أمور الدنيا، فإنه معرض لنقص والفساد، وكان الإمام أحمد رضي الله عنه، يستدل بهذا على أن القرآن غير مخلوق، قال: لأن ما من مخلوق إلا وفيه نقص. "والصلاة القائمة": أي: التي ستقوم، وتفعل بصفاتها. "والوسيلة": منزلة في الجنة، ثبت ذلك في "صحيح مسلم" من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم 3، وقال أهل اللغة: الوسيلة، المنزلة عند المَلِك. "والمقام المحمود": هو الشفاعة العظمى في موقف القيامة، سمي بذلك؛ لأنه يحمده فيه الأولون والآخرون، حين يشفع لهم. "قال أبو إسحاق الزجاج: والذي صحت به الأخبار في المقام المحمود أنه الشفاعة"4.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "أُمَّ بخير". 2 أنظر "شأن الدعاء" صفحة: "135" طبع دار المأمون للتراث بدمشق، وقد صنف أستاذنا الدكتور مازن المبارك رسالة موجزة نافعة في بيان معنى "الدعوة التامة" نشرتها مكتبة الغزالي بدمشق يحسن الوقوف عليها. 3 وذلك في سياق الحديث رقم "384" في الصلاة: باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الله له الوسيلة، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. 4 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

ولفظ الحديث في "صحيح البخاري" وفي "الترمذي"، وكثير من الكتب "مقامًا محمودًا" 1 بلفظ التنكير، فيكون "الذي وَعَدْته" بدلا، أو عطف بيان، قيل: جيء به منكرا، تأدبا مع القرآن في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُودا} 2 بلفظ التنكير. ورواه الحافظ البيهقي في "السنن الكبير" "المقام المحمود" وكذلك أبو حاتم ابن حبان في كتاب الصلاة.

_ 1 رواه البخاري رقم "614" و "4719" والترمذي رقم "211" ورواه أيضا أبو داود رقم "529" وأحمد في "المسند" 3/ 354 والنسائي "2/ 27" وابن ماجة رقم "722" من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وانظر تتمة تخريج الحديث في "النصيحة في الأدعية الصحيحة" للحافظ عبد الغني المقدسي رقم "33". 2 الإسراء: الآية: "79".

باب شروط الصلاة

باب شروط الصلاة "الشروط" جمع شرط، قال المصنف رحمه الله: في "الروضة": ومما يعتبر لحكم، الشرط، وهو: ما يلزم من انتفائه انتفاء الحكم، كالإحصان مع الرجم، والحول في الزكاة. فالشرط: مالا يوجد المشروط مع عدمه، ولا يلزم أن يوجد عند وجوده، وهو عقلي ولغوي وشرعي: فالعقلي: كالحياة للعم، واللغوي: كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، والشرعي كالطهارة للصلاة، والإحصان للرجم1. وسمي شرطًا؛ لأنه علامة على المشروط، يقال: أشرط نفسه

_ 1 في "تحرير التنبيه" صفحة: "64": "شرط الصلاة ما يعتبر في صحتها متقدما عليها ومستمرًّا فيها".

للأمر: إذا جعلها علامة عليه، ومنه قوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} 1: أي: علاماتها، هذا آخر كلامه. فالشَّرْط بسكون الراء، يجمع على شروط، كما قال هنا، وعلى شرائط، كما قال في "العُمْدَة"، والأشراط: واحدها، شَرَطٌ "بفتح الراء والسين" والله أعلم. قوله: "وهي ست": كذا في أصل المصنف بخط يده بغير هاء، وقِيَاسُهُ: وهي ستة بالهاء؛ لأن واحدها شرط، وهو مذكر تلزم الهاء في جمعه، كقوله تعالى: {وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} 2 وتخريجه: أن يُؤَوَّلُ الشرط بالشريطة، قال الجوهري: الشرط معروف وكذلك الشريطة، وجمعها شرائط فكأنه قال: باب شرائط الصلاة وهي ست كما قال في "العمدة" وكذا قال الإمام أبو الخطاب: في "الهداية". قوله: "الظُّهْرُ وهي الأولى": الظُّهْرُ لُغَة: الوقت بعد الزوال، "قال الجوهري: الظُّهر "بالضم" بعد الزوال"3 ومنه صلاة الظهر، آخر كلامه. والظهر شرعا، اسم للصلاة، وهي من تسمية الشيء باسم وقته،

_ 1 سورة محمد صلى الله عليه وسلم: الآية: 18. 2 سورة الحاقة: الآية 7، وانظر في تذكير العدد وتأنيثه بالنسبة للمعدود كتاب: "الجمل في النحو" للزجاجي صفحة: "125-128"، و "شرح الأشموني": 4/ 61، وفيه: أنه إذا لم يذكر المعدود جاز تذكير العدد وتأنيثه مع المعدود مذكرا كان أو مؤنثا وعلى هذا فقول المصنف رحمه الله "وهي ست" صحيح ولا يحتاج إلى تأويل، وانظر ما قاله النووي رحمه الله في شرح مسلم: باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعا لرمضان الحديث "204": "من صام رمضان ثم أبتعه ستا من شوال...." من كتاب الصيام: 8/ 304. 3 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

وقولُنا: صلاة الظُّهر، أي: صلاة هذا الوقت. قال القاضي عياض: الأولى اسمها المعروف، سميت بذلك؛ لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم. قال المصنف رحمه الله: في "المغني"1 وبدأ بها النبي -صلى الله عليه وسلم- حين علم أصحابه2 مواقيت الصلاة، في حديث بُرَيْدَةَ وغيره، وبدأ بها أصحابه، حين سئلوا عن الأوقات وتسمى: الأولى، والهجير، والظهر. قوله: "ووقتها من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله": زوال الشمس ميلها عن كبد السماء، ويعرف ذلك بطول الظل بعد تناهي قصره، كذا ذكره في "المغني". والظل، أصله السَّتْر، ومنه، أنا في ظل فلان، ومنها ظل الجنة وظل شجرها، وظلُّ الليل: سواده، وظل الشمس: ما ستر الشخوص من مسقطها ذكره ابن قتيبة، قال: والظل يكون غدوة وعشية من أول النهار وآخره، والفيء لا يكون إلا بعد الزوال؛ لأنه فاء: أي: رَجَعَ. قوله: "ثم العصر": وهي الوسطى، قال الجوهري: والعصران، الغداة والعشي، ومنه سميت صلاة العصر، وقال الأزهري: وأما العصر، فإنما سميت عصرًا، باسم ذلك الوقت، "والغداة والعشي يسميان العصرين"3 والعرب تقول: فلان يأتي فلانا العَصْرَيْن والبَرْدَيْن، إذا كان يأتيه طرفي النهار، آخر كلامه. فكأنها والله أعلم، سميت باسم وقتها، كما تقدم في الظهر، "والوُسْطى" مؤنث الأوسط، والأوسط والوَسَطُ: الخيار، قال أبو

_ 1 انظر: "المغني": "2/ 8". 2 في: "المغني": "الصحابة" في الموضوعين وقد نقل المؤلف عنه بتصرف. 3 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

إسحاق الزجاج في "المعاني" وقيل: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، إنه من أوسط قومه: أي: من خيارهم والعرب تصف الفاضل النسب بأنه من أوسط قومه، وهذا يعرف حقيقته أهل اللغة، قال الجوهري: وفلان وسط في قومه، إذا كان أوسطهم نسبا، وأرفعهم محلا1. ولا يستقيم أن تكون العصر وسطى بمعنى متوسطة؛ لكون الظهر هي الأولى، لثبوت ذلك فيهما2 عن النبي صلى الله عليه وسلم3. قوله: "ثم المَغْرِبُ": المغرب في الأصل مصدر غربت الشمس غُرُوبا، ومَغْرِبا، ثم سميت الصلاة مغربا، كما تقدم في الظهر والعصر، أو على حذف المضاف، أي: صلاة المغرب. قوله: "إلا لَيْلَة جَمْعٍ"، المراد بها، ليلة مزدلفة، وهي ليلة عيد الأضحى، وسميت مُزْدَلِفَةً جمعا لاجتماع الناس بها، قوله: "ثم العشاء": قال الجوهري: العشي4، والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة والعشاء بالكسر والمد مثله، وزعم قوم، أن العشاء

_ 1 المعنى ذكره صاحب "التاج" وأنشد للعرجي: "من الوافر". كأني لم أكن فيهم وَسِيْطًا ... ولم تك نسبتي في آل عَمْرُو وعمرو هو جده عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنه، والعرجي اسمه عبد الله، وأبوه اسمه عمر فهو: عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنه، والبيت أيضا في "اللسان" و "الصحاح" و "العباب". 2 كذا في "ش" وفي "ط" "فيها". 3 وقال الحافظ ابن الجوزي في كتابه "زاد المسير في علم التفسير" 1/ 283: "وفي المراد بالوسطى ثلاثة أقوال: أحدها: أنها أواسط الصلوات محلًّا، والثاني: أوسطها مقدارا، والثالث: أفضلها، ووسط الشيء خيره وأعدله، ومنه قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} "البقرة: 143". 4 كذا في "ش" وفي "ط": "العشاء".

من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، والعِشَاءَان: المغرب والعتمة، آخر كلامه. فكأنها سميت باسم الوقت الذي تقع فيه كما ذكر في غيرها. وقال الأزهري: والعشاء هي التي كانت العرب تسميها العتمة، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وإنما سَمَّوْهَا عتمة باسم عتمة الليل: وهي ظلمة أوله، وإعتمامهم بالإبل، إذا راحت عليهم النعم بعد المساء أناخوها ولم يحلبوها حتى يُعْتِمُوا، أي: يدخلوا في عتمة الليل، وهي ظلمته، وكانوا يسمون تلك الحلبة عتمة باسم عتمة الليل، ثم قالوا لصلاة العشاء العتمة؛ لأنها تؤدى في ذلك الوقت، آخر كلامه. ويقال: أعتم الليل إذا أظلم، وعتم لغة. وقال المصنف رحمه الله في "المغني"1: ولا يستحب تسميتها العَتَمَةَ. وقال صاحب "المُسْتَوْعب"2: ويكره أن تسمى العشاء، العتمة. قوله: "وعنه نِصْفُهُ" يجوز ضم نون نصفه كما تقدم، وهو مرفوع بالابتداء، ولا يجوز جره لما فيه من إعمال حرف الجر محذوفا، وهو في مثل هذا مقصور على السماع، كقول الشاعر3: "من الطويل". إذا قيل أيُّ الناس شر قبيلة ... أشارتْ كليبٍ بالأكف الأصابعُ

_ 1 انظر "المغني" "2/ 29". 2 صاحب المستوعب: مر ذكره والتعريف به وبكتابه. 3 البيت للفرزدق في "ديوانه" من قصيدة طويلة يهجو بها جريرًا وهي من النقائض والشاهد فيه جر كلمة: "كليب" على تقدير: أشارت إلى كليب، وروي بنصب كلمة "كليب" ورفعها فلا شاهد فيه عندئذ، وفي "ش" وسائر الأصول: "خيرُ قبيلة" وهو خطأ ظاهر والتصحيح من "شرح أبيات مغني اللبيب" للبغدادي: "1/7".

تقديره أشارت الأصابع بالأكف إلى كليب، فلو قال: وعنه إلى نصفه لم يحتج إلى هذا التكلف، فحيث حذف فالتقدير: وعنه: آخر وقتها نصفه، كأنه قال آخر وقتها ثُلُثُه، وعنه نصفه. قوله: "ثم الفجر": قال الجوهري: الفجر في آخر الليل كالشفق في أوله، وقد أفجرنا كما تقول أصبحا من الصبح، وقال الأزهري: سمي الفجر فجرًا لانفجار الصبح وهما فجران: فالأول: مستطيل في السماء يشبه بذنب السِّرْحَان، وهو الذئب؛ لأنه مستدق صاعد غير معترض في الأفق وهو الفجر الكاذب الذي لا يحل أداء صلاة الصبح ولا يحرم الأكل على الصائم. - وأما الفجر الثاني فهو المستطير الصادق، سمي مستطيرا لانتشاره في الأفق قال الله تعالى: {وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرا} 1، أي: منتشرا فاشيا ظاهرا. قوله: "إنْ أَسْفَرَ المَأْمُومُونَ" يقال: سفر الصبح وأسفر وهي أفصح وبها جاء القرآن، قال الله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَر} 2، قال الجوهري: وأسفر الصبح أضاء. وفي الحديث "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر" 3، أي: صلوا صلاة الفجر مسفرين "أي: إسفارًا يتيقن معه طلوع الفجر، جمعا بينه وبين مواظبته صلى الله عليه وسلم على التغليس"4.

_ 1 سورة الدهر: الآية "7". 2 المدثر: الآية "34". 3 رواه أبو داود رقم "424" والترمذي رقم "424" والنسائي "1/ 272" وابن ماجة وأحمد في "المسند" من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإسناده حسن، وانظر "جامع الأصول" "5/ 252-253". 4 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

قوله: "اجْتَهَدَ وَصَلَّى"، قال الجوهري: الاجتهاد بذل الوسع والمجهود، وكذلك جهد وأجهد حكاهما شيخنا في فَعَلَ وأَفْعَلَ. وقال المصنف رحمه الله في "الروضة": والاجتهاد التام: أن يبذل الوسع في الطلب إلى أن يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب. قوله: "لزمهم الصبح": أي: صلاة الصبح، والصبح "بضم الصاد" أول النهار، وكسر الصاد لغة، حكاها شيخنا1 في "مثلثه". قوله: "على الفَوْرِ" أي: في الحال، قال الجوهري: ذهبت في حاجة، ثم أتيت فلانا من فوري أي: قبل أن أَسْكُنَ. قوله: "أو نسي الترتيب" أي: نسي أن يقضي الصلوات مرتبة حال قضائها، إلا أنه نسي كيف فاتته، فإن ذلك لا يسقط الترتيب على الصحيح، وقد ذكر المصنف رحمه الله في "المغني" في "من فاته ظهر وعصر ونسي أولاهما" روايتين: إحداهما يتحرى ويصلي، والثانية، يصلي الظهر ثم العصر صائرا إلى ترتيب الشرع ثم قال: ويحتمل أن يلزمه ظهر بين عصرين أو عصر بين ظهرين ليرتب يقينا، ولم يذكر في "الكافي" سوى هذا الاحتمال، والله أعلم.

_ 1 يريد ابن مالك صاحب "الألفية" في النحو و "المثلث" "إكمال الإعلام بتثليث الكلام" وقد مر التعريف بابن مالك و"مثلثه"، وهو يريده دائما هنا في الموضعين ويريده عندما يقول شيخنا والشيخ.

باب ستر العورة

باب سَتْرُ العَوْرَةِ قال الجوهري: العورة، سوأة الإنسان وكل ما يستيحيى منه، والجمع عورات بالتسكين، وقرأ بعضهم {عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء} 1 بالتحريك،

_ 1 سورة النور: الآية "31".

والعوار "بالفتح" العَيْبُ، وقد يضم، عن أبي زيد، "والعوراء" الكلمة القبيحة، آخر كلامه، كأنها سميت بذلك لقبح ظهورها، وغض الأبصار عنها، أخذا من العوار الذي هو العيب ومادة "ع ور" موضوعة بإزاء ما فيه عيب، كما أن مادة " كَ فَ رَ" و "جَ نَ نَ" موضوعتان بإزاء الستر، ولا حاجة إلى مثال ذلك لظهوره. قوله: "والأَمَةُ" قال الجوهري: الأمة خِلافُ الحرة، والجمع إماء، وآم، قال الشاعر: "من الطويل" محلة سوء أهلك الدهر أهلها ... فلم يبق فيها غير آمٍ خَوَالِفِ وتجمع أيضًا على: إِمْوان كإخوان1. وأصل أمة: أموة بالتحريك، لجمعه على آمٍ، وهو أَفْعُلٌ كأينق، وما كنت أَمَةً، ولقد أموت أموة والنسبة إليها أموي "بالفتح" وتصغيرها أُميَّة. قوله: "ما بين السُّرَّةِ والرُّكْبَة"، قال الجوهري: السُّرَّةُ: الموضع الذي قطع من السُّر، وهو ما تقطعه القابلة من سرة الصبي، وفيه ثلاث لغات: سُرٌ كقفل، وَسَرَرٌ "بفتح السين وكسرها" يقال: عرفت ذلك قبل أن يقطع سرك، ولا تقل سرتك؛ لأن السرة لا تقطع، والركبة معروفة وجمعها رُكُبَات "بضم الكاف" ورُكَبَات "بفتحها" وركْبات "بسكونها"، وكذلك كل اسم على فعلة صحيح العين غير مشدد، وقد قرئ بالثلاث قوله تعالى: {وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِءَامِنُونَ} 2 وليست السرة والركبة من العورة نص عليه الإمام أحمد.

_ 1 في القاموس: الأمة: المملوكة جمع: أموات وآم وإموان مثلثة "أي بكسر الهمزة وفتحها وضمها". 2 سورة سبأ: الآية "37".

قوله: "فإن اقتصر على سَتْر العورة": ستر بفتح السين مصدر ستر وبكسرها، ما يستر به، ذكرهما أبو عبد الله بن مالك في مثلثه، ويصلح الأمران هنا. قوله: "على عاتقه شيءٌ" العاتق، موضع الرداء من المَنْكِبِ، يذكر ويؤنث. قوله: "في دِرْع وَخِمَارٍ وَمِلْحَفَةٍ": درع المرأة: قميصها، وهو مذكر، وجمعه أدراع ودروع، ودرع الحديد مؤنثة، وحكى أبو عبيدة فيه التذكير، وجمعه أدراع ودروع، نقل الجميع الجوهري. والخمار تقدم في باب مسح الخفين، والمِلْحَفَةُ "بكسر الميم معروفة" وقال الشيخ في "المثلث" والملحف والملحفة واللحاف. قوله: "ثوب حرير": يجوز تنوين ثوب وترك تنوينه على كون حرير مضافا إليه الثوب أو صفة. قوله: "على المنصوص": المنصوص اسم مفعول من: نص الشَّيْءَ: إذا رَفَعَهُ، فكأنه مرفوع إلى الأمام قال الجوهري: يقال: نصصت الحديث إلى فلان: رفعته إليه. قوله: "يومِئُ إيماءً" يقال: ومَأَ إليه وَأَوْمَأَ "إليه"1، ووبأ وأوبأ، وومي، وأومى، ذكره شيخنا "عبد الله بن مالك" في فعل وأفعل، فيجوز على هذا، يومئ بهمز وتركه مع ضم ياء المضارعة، ويجوز يميءُ بهمز وتركه. قوله: "وإمَامُهُمْ في وَسْطِهِمْ"، بسكون السين على ما ذكر في الخطبة2.

_ 1 ما بين قوسين زيادة من "ط" في الموضعين. 2 انظر ص "10".

قوله: "في ضَيْقٍ" "بفتح الضاد مخففا": من ضيق، قال الجوهري: يقال: ضاق الشيء يضيق ضِيْقا وضَيْقا، فيجوز فيه هنا، الفتح على أنه مخفف ضَيْق، والكسر على المصدر على حذف مضاف تقديره، في ذي ضِيْق. قوله: "وهو أَنْ يَضْطَبِعَ" وزنه، يفتعل من الضبع، وهو العضد؛ لأنه لما وقعت تاء الافتعال بعد حرف الإطباق: الضاد وجب قلبها طاء؛ لأن التاء من حروف الهمس، والطاء من حروف الاستعلاء، فابدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها، وسمي هذا اضطباعا لابداء الضبعين. قوله: "وشَدُّ الوَسَط" هو بفتح السين على ما ذكر في الخطبة. قوله: "شَدُّ الزُّنَّارِ" "بضم الزاي وتشديد النون" للنصارى. قوله: "وإسْبَالُ شيء من ثيابه خُيَلَاءَ": الخيلاء، الكبر عن غير واحد من أئة اللغة، وهو مصدر خلت بمعنى اختلت، يقال: خال خَيْلَةً ومخالة وخيلانا وخيلا وخَيْلًا "بفتح الخاء وكسرها" وخيلاء وخيلاء "بضم الخاء وكسرها" وخالا ومخيلة" تسعة مصادر. قوله: "والمموه به" المموه: المطلي بذهب أو فضة عن الجوهري، قوله: "أَوْ حِكَّةٍ " قال الجوهري: الحكة "بكسر الحاء": الجَرَبُ. قوله: "أو في الحرب" الحرب: مؤنثه، قال الله تعالى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} 1 هذا المشهور، وحكى الجوهري عن المُبَرِّدِ أنها قد تذكر. قوله: "الفُرُشُ" الفُرُشُ "بضم الفاء والراء" جمع فراش، ويجوز سكون الراء، كَكُتُب، وكُتْبٍ.

_ 1 سورة محمد صلى الله عليه وسلم: الآية "4".

قوله: "ويُبَاحُ العَلَمُ": العلم "بفتح اللام": طراز الثوب، والعلم أيضا: الراية، وشق في الشفة العليا، والعلامة، والجبل، وماله علم، أي: نظيرٌ، كله من كتاب "الوجوه والنظائر"1. قوله: "فَمَا دُونُ" مبني على الضم كما تقدم. قوله: "وكذلك الرقاع ولَبِنَةُ الجيب" الرقاع: جمع رقعة، وهي هذه الخرفة المعروفة، ولبنة الجيب "بفتح اللام وكسر الباء" قال ابن السكيت: ومن العرب من يقول: لِبْنَةٌ ولِبْنٌ، مثل لبدة ولبد، قال صاحب "المطالع" جيب القميص، طوقه، الذي يخرج منه الرأس، فعلى هذا اللَّبِنَة: الزِّيْق، وقال الجوهري: وهو المحيط بالعنق. قوله: "وَسُجْفُ الفِراء" سجف: جمع سجاف "بضم الجيم وسكونها": والفراء بكسر الفاء ممدودًا، واحده: فرو بغير هاء عن الجوهري، وحكى ابن فارس: في "المُجْمَلِ" فَرْوَةٌ بالهاء، وكذا حكاه الزبيدي، في "مختصر العين" والله أعلم.

_ 1 وهو في اللغة صنفه الحافظ ابن الجوزي، انظر "إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون" "2/ 702".

باب اجتناب النجاسات

باب اجتناب النجاسات قوله: "لاقَى بِبَدَنِهِ" المراد بالملاقاة هنا: المباشرة. قال المصنف في "المغني": وإن كانت النجاسة محاذية لجسمه في حال سجوده بحيث لا يلتصق بها شيء من بدنه ولا أعضائه، لم يمنع صحة صلاته، وإن كان طرف عمامته يسقط على نجاسة لم تصح صلاته. وذكر ابن عقيل احتمالًا فيما تقع عليه ثيابه خاصة أنه لا تشترط طهارته، والمذهب الأول، فأما إذا كان ثوبه يمس شيئا، كثوب من

يصلي إلى جانبه فقال ابن عقيل: لا تفسد صلاته، ويحتمل أن تفسد. قوله: "جَبَر سَاقه"، جبر يستعمل لازما ومتعديًا، قال الجوهري: يقال: جبرت العظم، وجبر هو نفسه جبورًا1، أي: انجبر، وأما الساق، فمؤنثة غير مهموزة، وجمعها سوق، كأسد وأسد وسيقان، وأَسْؤق2 وهي: ما بين القدم والركبة، والساق أيضا: ذكر القماريّ3، والساقان: أمر الدنيا والآخرة، والساق: النفس. قوله: "في المَقْبَرة" المقبرة: بتثليث الباء، ذكرها شيخنا في "مَثَلَّثِهِ" قال الجوهري: المقبرة "بضم الباء وفتحها" واحدة المقابر، وقد جاء في الشعر: المقبر وأنشد: "من الطويل" لكل أناس مَقْبَرٌ بفنائهم ... فهم ينقصون والقبور تزيد وقبرت الميت، دفنته، وأقبرته أمرت بدفنه، آخر كلامه ومقبرة "بفتح الباء" القياس، والضم المشهور والكسر قليل، وكل ما كثر في مكان جاز أن يبنى من اسمه "مَفْعَلَةٌ" كقولهم: أرض مسبعة لما كثر فيها السباع، ومذابة، لما كثر فيها الذئاب. قال المصنف رحمه الله في "المغني": فإن كان في الأرض قبر أو قبران لم يمنع الصلاة فيها؛ لأنها لا يتناولها اسم المقبرة.

_ 1 أي نقول: جبر العظم بمعنى انجبر. 2 قال صاحب" القاموس": همزت الواو لتحمل الضمة. 3 القماري: جمع قمرية "بضم القاف": ضرب من الحمام "القاموس- قمر" وقد جانس أبو تمام في "ديوانه" ص "148" بين "ساق" بمعنى ذكر القماري، وبين ساق الشجرة مجانسة لطيفة فقال: "من الكامل" ساقٌ على ساقٍ دعا قمرية ... فدعت تقاسمه الهوى وتزيد إلفان في ظل الغصون تألفا ... والتف بينهما هوى معقود

قوله: "والحَمَّامُ والحُشُّ وأَعْطَانُ الإِبِلِ" الحمام: مذكر بلا خلاف، قال الجوهري: والحمام مشدد واحد الحمامات المبنية، قال المصنف رحمه الله في "المغني": ولا فرق في الحمام بين مكان الغسل وصب الماء، وبين بيت المشلح الذي تنتزع فيه الثياب، والأتون، وكل ما يغلق عليه باب الحمام. "والحَشُّ" "بفتح الحاء وضمها"، البستانُ، والحش أيضا "بضم الحاء وفتحها": المخرج؛ لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين، وهي الحشوس، فسميت الأخلية في الحضر: حُشُوشًا بذلك. "وأعطان الإبل" واحدها عطن "بفتح العين والطاء" قال الجوهري: والعَطَن، والمَعْطِنُ واحد الأعطان والمعاطن، وهي: مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللا بعد نهل، فغذا استوفت ردت إلى المراعي، وعَطَنَتِ الإبل بالفتح، تَعْطُنُ وتَعْطِن، عُطُونًا، إذا رويت، ثم بركت، وقال ابن فارس: أعطان الإبل: ما حول الحوض والبئر، من مبارك الإبل، ثم توسع في ذلك، فصار أيضا اسما لما تقيم فيه، وتأوي إليه. قوله: "حكم المَجْزَرَة" المجزرة: المكان الذي تجزر فيه المواشي، قال الجوهري: وجزرت الجزور، أَجْزُرُها بالضم واجتزرتها، إذا نحرتها، والمجزر "بالكسر": موضع جزرها. قوله: "والمَزْبَلةِ وقارعة الطريق" المزبلة: موضع الزبل، "بفتح الياء وضمها" عن الجوهري، قال: والزِّبْل: السرجين، قال الجوهري: قارعة الطريق أعلاه، وقال أبو السعادات1 قارعة الطريق: وسطه، وقيل أعلاه والمراد "به ها هنا" نفس الطريق ووجهه.

_ 1 انظر "النهاية" لابن الأثير: "4/ 45" وما بين الحاصرتين مستدرك منه للتوضيح.

قوله: "في الكعبة" قال الجوهري: الكعبة: البيت الحرام. يقال: سمي بذلك لتربعه، وقيل: لعلوه ونتوئه وسميت المرأة كاعبا، لنتوء ثدييها، والله أعلم.

باب استقبال القبلة

باب استقبال القبلة قال الواحدي: القِبْلَةُ: الوجهة، وهي الفعلة من المقابلة، والعرب تقول: ماله قبلة ولا دِبْرَة: إذا لم يهتد لجهة أمره. وأصل القبلة في اللغة: الحالة التي يقابل الشيء غيره عليها، كالجلسة للحال التي يجلس عليها1، إلا أنها الأو صارت كالعلم للجهة التي تستقبل في الصلاة، قال ابن فارس: سميت بذلك؛ لأن الناس يقبلون عليها في صلاتهم. قوله: "في السَّفَر" السَّفَرُ: قطع المسافة، وجمعه أسفار. قال ثعلب: سمي بذلك؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، من قولهم سفرت المرأة عن وجهها إذا أظهرته، وحكى الفراء: سَفَرَتْ وأَسْفَرَتْ. قوله: "إِصَابَةُ العَيْنِ": معناه: استقبال نفس الكعبة2، قال الجوهري: وعين الشيء، نفسه. قوله: "إصابة الجهة" الجهة: أصلها وجهة. قال الوحدي: الوِجْهَةُ: اسم للمتوجه إليه.

_ 1 أي هي مصدر هيئة أو اسم هيئة. 2 كذا في "ش" و "ط" والأفصح أن يقال: الكعبة نفسها؛ لأنه توكيد معنوي بالنفس يجب أن يأتي بعد المؤكد ويحتوي على ضمير يعود على المؤكد، ومثل نفس في ذلك العين والذات. والتوكيد المعنوي يرفع احتمال إرادة غير الظاهر فإذا قلت: قدم الأمير نفسه بالقادم هو الأمير وليس نائبه أو عمه أو جده، انظر "شرح الأشموني على ألفية ابن مالك" "3/ 73".

قوله: "بِمَحَارِيبِ المسلمين" المحاريب: واحدها محراب، قال الفراء: المحاريب صدور المجالس، ومنه سمي، محراب المسجد، والمِحْرَابُ: الغرفة، نقله عن الجوهري. قوله: "وأثبتها القطب" حكى ابن سيده في "المحكم" في القطب "ضَمُّ القاف وفَتْحُها وَكَسْرُها". قال المصنف رحمه الله في "المغني"، وآكدها القطب الشمالي، وهو نجم خفي حوله أنجم دائرة، كفراشة الرحا في أحد طرفيها الفرقدان، وفي الآخر الجدي، وبين ذلك أنجم صغار، متقوسة ثلاثة من فوق وثلاثة من أسفل، تدور هذه الفراشة حول القطب دوران فراشة الرحا حول سفودها في كل يوم وليلة دورة، في الليل نصفها، وفي النهار نصفها، والقطب لا يبرح مكانه، في جميع الزمان. وقيل: إنه يتغير تغيرًا يسيرًا لا يتبين ولا يؤثر، وهو نجم خفي يراه حديد النظر إذا لم يكن القمر طالعا. قوله: "ومنازلهما"، أي: منازل الشمس والقمر، وهي ثمانية وعشرون منزلا، وهي، الشرطان1، والبطين والثريا، والدبران،

_ 1 الشَّرَطَانِ: محركة نجمان من الحمل وهما قرناه، وعن الزمخشري وابن سيده هما أول نجم من الربيع قالت الخنساء: "من الطويل" ماروضة خضراء غصن نباتها ... تضمن رياها لها الشَّرَطَان ومن العرب من يعد معهما نجما ثالثا فيقول: هذا المنزل ثلاثة نجوم، ويسميها الأشراط قال العجاج: "من الرجز" ألجأه رعد من الأشراط ... وريق الليل إلى أراط ومن أشراط بمعنى أول نجم الربيع: صار أوائل كل أمر يقع أشراطه. وأُراط "وتفتح الهمزة" اسم مكان انظر "التاج": "شرط" و "أرط".

والهَقْعَة، ُ والهَنْعَة، والذراع، والنَّثْرَةَ، والطَّرْفُ، والجبهة، والزُّبْزَةُ، "بضم الزَّاي"، ويقال لها: الخَرَتَانُ أيضا، والصرفة، والعواء "مشددا ممدودا ومقصورا" والسماك والغَفْرُ والزُبَانا: بضم الزاي مقصور، والإكليل، والقلب، والشولة، والنعائم، والبلدة، وسعد الذَّابِحُ وسعد بلع وسعد السعود، وسعد الأخبية، والفرغ المقدم، والفرغ المؤخر "بالغين المعجمة فيهما" وبطن الحوت، ويقال له: الرشاء، فهذه ينزل القمر كل ليلة منزلا منها، والشمس تنزل في كل منزل منها ثلاثة عشر يوما، فيكون عودها إلى المنزل الذي نزلت به عند تمام حول كامل من أحوال السنة الشمسية. فهذه المنازل يكون فيما بين غروب الشمس وطلوعها أربعة عشر منزلا، ومن طلوعها إلى غروبها مثل ذلك، ووقت الفجر منها منزلَان، وقت المغرب منزل، وهو نصف سدس سواد الليل، وسواد الليل اثنا عشر منزلًا، هكذا ذكره المصنف في "المغني". قوله: "الجَنُوُب" "بفتح الجيم وضمها" يقال: جنبت الريح وأجنبت إذا هَبَّتْ جُنُوبا "بضم الجيم" والاسم الجنوب "بفتح الجيم". قوله: "والشمال" مقابلتها والشمال فيه سبع لغات مشهورة، قد نظمها شيخنا الإمام أبو عبد الله بن مالك رحمه الله تعالى في هذا البيت، وهو: "من البسيط" ريح الشمال شمول شيمل وكذا ... شمل شَمْأَلُ أيضا شَامَلٌ شَمَلُ وزاد صاحب "الواعي" شمالا ككتاب، وشميلا كعليم، فصارت تسعا، يقال: شملت الريح وأشملت إذا هبت شمالا. والدبور "بفتح الدال وبضم الباء مخففة" والصبا مقصور كعصا، يقال: صبت الريح وأصبت، إذا هبت صبًا، ويجوز كتابة الصبا بالألف والياء، لقولهم، صبوان وصبيان. قوله: "شطر وجه المصلي الأيمن". الشطر: الناحية، والأيمن منصوب نعتا لشطر وجه. قوله: "ويتبع الجاهل" المراد بالجاهل، الجاهل بأدلة القبلة، وإن كان مجتهدًا في غيرها. قوله: "يقلده" التقليد: لغة وضع الشيء في العنق مع الإحاطة به، ويسمى ذلك قلادة، وهو في عرف الفقهاء: قبول قول غيره من غير حجة، أخذًا من هذا المعنى، ولا يسمى الآخذ بالكتاب والسنة والإجماع: مقلدًا.

باب النية

باب النِّيَّة النية، مشددة، وحكي فيها التخفيف، يقال: نويت نِيَّةً ونواة، وأنويت، كنويت حكاها الزجاج في فعل وأفعل، وانْتَوَيْتُ كذلك، حكاها الجوهري، وهي في اللغة القصد، وهو عزم القلب على الشيء وفي الشرع: العزم على فعل الشيء تقربا إلى الله تعالى. قوله: "ينوي الصلاة بعينها" يعني: ظهرا أو عصرا ونحو ذلك.

باب صفة الصلاة

باب صفة الصلاة قوله: "ثم يقول الله أكبر" "يقول" بالرفع على الاستئناف؛ لأنه لو نصب لكان معطوفا على المسنون، والتكبير: ركن، ويجوز النصب على أن المجموع على هذه الصفة مسنون، كما قال: السنة في التيمم أن ينوي، ويسمي ويضرب، أي: التيمم على هذه الصفة مسنون. قوله: "الله أكبر" قال ابن سيده: حمله سيبويه على الحذف، أي أكبر من كل شيء، وقيل: أكبر من أن ينسب إليه ما لا يليق بوحدانيته.

وقال الأزهري: قيل: أكبر كبيرٍ، كقولك: هو، أعز عزيز ومنه، قول الفرزدق1: "من الكامل" إن الذي سمك السماء بني لنا ... بيتا دعائمه أعزُ، وأطولُ أراد دعائمه أعز عزيز، وأطول طويل. آخر كلامه. و"أكبر" أفعل تفضيل، وهو لا يستعمل مجردًا من الألف واللام إلا مضافًا، أو موصولًا بمن لفظا أو تقديرًا، فلا يجزئ أن يقال: الله الأكبر؛ لأن الألف واللام لا تجامع الإضافة ولا "من". قوله: "منكبيه" واحدهما، منكب، قال الجوهري: المنكب مجمع عظم العضد والكتف. قوله: "إلى فروع أذنيه" جمع فرع: وهو أعلى الأذن، قال الجوهري: فرع كل شيء أعلاه، وجمعه فروع. قوله: "ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك" سبحان اسم مصدر من قولهم، سبحت الله تسبيحًا، أي: نزهته من النقائص وما لا يليق بجلاله، وهو منصوب بفعل مقدر، لا يجوز إظهاره ولا يستعمل إلا مضافا، وقد جاء غير مضاف في الضرورة، وأما الواو في "وبحمدك" فقال المازني: المعنى سبحتك اللهم بجميع آلائك وبحمدك سبحتك، لا بحولي وقوتي. وسئل أبو العباس ثعلب عن قوله "وبحمدك" فقال: أراد: سبحتك بحمدك، قال أبو عمر: كأنه يذهب إلى أن الواو صلة. قوله: "تبارك اسمك" "تبارك" فعل لا يتصرف، فلا يستعمل منه

_ 1 البيت في "التاج - عزز" وفي اللسان أيضا، وهو في ديوان الفرزدق: 2/ 155 وشرح الديوان: 714.

غير الماضي، ومعناه، دام ودام خيره، قال العزيزي1: في "غريب القرآن": تبارك: تفاعل من البركة، وهي الزيادة والنماء والكثرة والاتساع، أي: البركة تكتسب وتنال بذكرك، ويقال: تبارك، تقدس، والقُدس الطهارة، ويقال: تبارك تعاظم. آخر كلامه. قوله:"وتعالى جدُّكَ" جَدُّك "بفتح الجيم" قال ابن الأنباري في كتاب "الزاهر" له: أي: علا جلالك وارتفعت عظمك، وأنشد: "من المتقارب" ترفع جدك إني امرؤ ... سقتني الأعادي إليك السجالا2 وقال الخطابي قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} 3 معناه، الجلال والعظمة، وسيذكر في دعاء القنوت، إن شاء الله تعالى: قوله: "ولا إله غيرك" قال ابن الأنباري في "الزاهر" أيضا: في إعرابه أربعة أوجه: ولا إلهُ غيرُك برفعهما. وبناء الأول على الفتح مع نصب الثاني ورفعه. والرابع: رفع "إلهُ" ونصب "غَيْرِك" لوقوعه موقع أداة الاستثناء.4

_ 1 هو محمد بن عزيز السجستاني العزيزي أبو بكر، له "غريب القرآن" مات سنة "330هـ". انظر "بغية الوعاة" 1/ 171-172 و "سير أعلام النبلاء" 15/ 216. 2 البيت للحطيئة وهو في "ديوانه" صفحة 222 وهو من أبيات يستعطف بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن حبسه، وفي الديوان: أعوذ بِجَدِّك. والسِّجال: جمع سَجْلٍ وهو الدلو الضخمة العظيمة مملوءة ماء. والسجل أيضا الضرع العظيم. 3 سورة الجن: الآية3. 4 تقدم ذكر "ابن الأنباري" والتعريف به وببعض مؤلفاته.

قوله: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم": أعوذ بالله أي: الجأ إليه واعتصم به، قال أبو عثمان في الأفعال: عاذ بالله عوذًا، وأعاذ: لجأ إليه. "والشيطان": قال الواحدي: هو كل متمردٍ عاتٍ من الجن والإنس، قال الله تعالى {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِن} 1. قال الليث: الشيطان من شطن، أي: بعد لبعده من الخير وقيل: مشتق من شاط يشيط إذا هلك واحترق. "والرجيم" قال أبو البقاء في "إعرابه"2: الرَّجيمُ فعيلٌ بمعنى مفعول، أي مرجوم بالطرد واللعن، وقيل: هو فعيل بمعنى فاعل، أي: يرجم غيره بالإغواء. قوله: "بسم الله الرحمن الرحيم" فالباء متعلق بمحذوف، تقديره أبدأ باسم الله، أو أَتَبَرَّكُ، وأسقطت الألف من الاسم طلبا للخفة لكثرة الاستعمال، وقيل: لما اسقطوا الألف، ردوا طولها على الباء ليكون دالا على سقوط الألف. وذكر أبو البقاء في الاسم خمس لغات3: إسم، وأسم "بكسر الهموة وضمها"، وسِمٌ وسُمٌ "بكسر السين وضمها" وسُمًى كهدًى، وفي معناه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه بمعنى: التسمية. والثاني: أن في الكلام حذف مضاف، تقديره: بإسم مسمى الله.

_ 1 سورة الأنعام: الآية 112. 2 انظر "إملاء ما مَنَّ به الرحمن": 1/ 4. وانظر أيضا. "إعراب القرآن الكريم وبيانه": 1/ 8. 3 انظر "إملاء ما مَنَّ به الرحمن" 1/ 4 و"إعراب القرآن الكريم وبيانه": 1/ 8.

والثالث: أن "إسم" زيادة، ومن ذلك قولهم: "من الطويل" إلى الحول ثُمَّ اسمُ السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر1 أي السلام عليكما. و"الرحمن الرحيم". قال أبو البقاء:2 يجوز نصبهما على إضمار "أعني". ورفعهما على تقدير: هو. واختلفوا فيهما، فقيل: هما بمعنى واحد، كندمان ونديم، ذكر أحدهما بعد الآخر تطميعا لقلوب الراغبين، وقيل: هما بمعنيين، فالرحمن، بمعنى الرزاق3 للخلق في الدنيا على العموم، والرحيم بمعنى العافي عنهم في الآخرة، وهو خاص

_ 1 البيت للبيد بن ربيعة العامري رضي الله عنه وهو في "ديوانه" صفحة: 214 و"مشكل القرآن" صفحة: 198 و"معاني القرآن" للفراء: 1/ 448 و"مجاز القرآن": 1/ 16 و"الخزانة": 2/ 217 وقبله: تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر ثم أمرهما بأمره فقال: فقوما فقولا بالذي قد علمتما ... ولا تخمشا وجها ولا تنتفا شعر وقولا هو المرء الذي لا خليله ... أضاع ولا خان الصديق ولا غدر إلى الحول ... الخ ... ............................ وقوله إلى الحول: أي افعلا ذلك إلى الحول، واعتذر: هنا بمعنى أعذر أي بلغ أقصى الغاية في العذر واللافت للنظر في الأبيات الصيغة العالية لنفوس الصحابة رضي الله عنهم تلك الصيغة التي أنعم الله بها عليهم لما التزموا بالإسلام عقيدة ومنهج حياة وعمل: فلبيد رضي الله عنه يلتزم بما أمر به الإسلام التزامًا كاملًا بالنسبة للبكاء على الميت، ويؤمن بالموت إيمانًا كاملًا: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} ويحب أن يذكر لصالح عمله فرضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين وجزاهم عنا خيرا فذكرهم يعطر النفوس، ويبعث فيها الهمة للاندفاع نحو شرع الله جل وعلا تطبيقًا والتزامًا بما جاء فيه. 2 انظر "إملاء ما من به الرحمن" "1/ 4". 3 كذا في "ش" وفي "ط": "الرزاق".

بالمؤمنين، ولذلك قيل: يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، ولذلك يدعى غير الله رحيما، ولا يدعى رحمانا، فالرحمن عام المعنى خاص اللفظ، والرحيم عام اللفظ خاص المعنى1. قوله: "ولا يجهر بشيء من ذلك": ويجهر "بفتح الياء"، ويجوز ضمها، يقال: جهر بالقراءة وأجهر بها إذا أعلنها، قوله: , "وليست من الفاتحة"، والفاتحة لها ثلاثة أسماء مشهورة، فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني: سميت فاتحة الكتاب، لافتتاح الكتاب بها. وأم القرآن؛ لأنها منها بدئ بالقرآن، ويقال لمكة: أم القرى؛ لأن الأرض دحيت من تحتها، وقيل: لأنها مقدمة وإمام لما يتلوها من السور، ويبدأ بكتابتها في المصاحف، ويقرأ بها في الصلاة. والسبع المثاني؛ لأنها تثنى في الصلاة، فيقرأ بها في كل ركعة، وقال مجاهد: لأن الله تعالى ثناها لهذه الأمة فذخرها لهم، وهي مكية عند الأكثرين، وقال مجاهد: مدنية وقيل: نزلت مرتين: مرة بمكة، ومرة بالمدية، والصحيح الأول؛ لأن الله تعالى من على رسول صلى الله عليه وسلم بقوله: {ولَقَدْءَاتَينَاكَ سَبْعًا مِّنَ المَثَانِي} 2 وسورة "الحجْر" مكية، فلم يكن يمن عليه قبل نزولها. قوله: "استئنافها" أي: ابتداؤها. قوله: "آمين" فيه لغتان مشهورتان، قصر الألف ومدها، وحكي عن

_ 1 قال ابن القيم في "مدارج السالكين" 1/ 33 "فالرحمن الذي الرحمة وصفه" "اسمه"، والرحيم: الراحم لعباده. 2 الحجر: الآية: "87" وانظر لتمام الفائدة كتاب "فصل الخطاب بتفسير أم الكتاب" للورداري، بتحقيق "خليل مهتيتش البوسنوي".

حَمْزَة1 والكسائي، المد والإمالة، وحكى القاضي عياض وغيره، لغة رابع: تشديد الميم مع المد، قال أصحابنا: ولا يجوز التشديد؛ لأنه يخل بمعناه فيجعله: بمعنى قاصدين، كما قال تعالى: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} 2، وقال أبو العباس ثعلب: ولا تشدد الميم فإنه خطأ. وأما معناه فقال ابن عباس: كذلك يكون وروي عن الليث ومجاهد أنه اسم من أسماء الله تعالى، وقال الزجاج: معناه اللهم استجب. قوله: "من طوال المُفَصَّل" طوال "بكسر الطاء لاغير": جمع طويل وطوال "بضم الطاء" الرجل الطويل، وطوال "بفتحها": المُدَّةُ: ذكره أبو عبد الله بن مالك في مثلثه، وذكره غيره، و"المفصل" للعلماء في أوله أربعة أقوال: أحدهما: أنه من أول "ق". والثاني: أنه من أول الحجرات. والثالث: من أول الفتح. والرابع: من أول القتال، والصحيح الأول، لما روى أبو داود في سننه عن أوس بن حذيفة، قال: سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث وخمس وسبع وتسع واحدى عشرة وثلاث عشرة: حزب المفضل من "ق" حتى تختم3.

_ 1 هو حمزة بن حبيب التيمي الكوفي الزَّيات الزاهد، أحد القراء السبعة، قرأ على التابعين وتصدر للإقراء فقرأ عليه جل أهل الكوفة، وكان رأسا في القرآن والفرائض، قدوة في الورع، مات سنة: 156هـ ترجمته في "شذرات الذهب" 2/ 255 و"سير أعلام النبلاء" 7/ 90. 2 سورة المائدة: الآية "2". 3 رواه أبو داود رقم "1393" وابن ماجه رقم "1345" وأحمد في "المسند" "4/ 343" من حديث أوس بن حذيفة رضي الله عنه وفي سنده مجهول.

وفي تسميته بالمفصل للعلماء، أربعة أقوال: أحدها: لفصل بعضه عن بعض، والثاني: لكثرة الفصل بينها ببسم الله الرحمن الرحيم، والثالث: لإحكامه. والرابع: لقلة المنسوخ فيه. وقوله: "وفي المغرب من قِصَارِهِ" "بكسر القاف" جمع قصير ككريم وكرام. قوله: "وفي الباقي من أوساطه". أوساط: جمع وسَط "بتحريك السين" بين القصار والطوال، قال الجوهري: شيء وسط، بين الجيد والرديء، وقال الواحدي: الوسط: اسم لما بين طرفي الشيء. قوله: "ويركَعُ مكبرا" قال ابن الأنباري: الركوع: في اللغة: الانحناء، يقال: ركع الشيخ إذا انحنى من الكِبَر. قال لبيد: "من الطويل" أليس ورائي أن تراخت منيتي ... لزوم العصا تحنى عليها الأصابع أخبر أخبار القرون التي مضت ... أدب كأني كلما قمت راكع1 قوله: "حيال ظهره" أي بإزائه2 وقبالته. قوله: "ويجافي مرفقيه عن جنبيه" أي: يباعدهما، وهو من الجفاء، وهو البعد عن الشيء ويقال: جفاه: إذا بعد عنه، وأجفاه: إذا أبعده، وكذلك المجافاة في السجود، مباعدة العضدين عن الجنبين، والبطن عن الفخذين. قوله: "وهو أدنى الكمال" قال الجوهري: الكمال: التمام، وقال الإمام أحمد في رسالته: جاء عن الحسن البصري أنه قال: التسبيح التام

_ 1 انظر "ديوان لبيد" صفحة 170 و"الأغاني": 15/ 374 و"الشعر والشعراء": 2361. 2 كذا في "ط" وفي "ش": "بإزالته وهو لا يناسب السياق".

سبع، والوسط خمس، وأدناه ثلاث، وقال القاضي الكامل إن كان منفردا: ما لا يخرجه إلى السهو، وإن كان إماما، لا يشق على المأمومين، ويحتمل أن يكون الكامل عشر تسبيحات، وقال أبو عبد الله السامري: ولا حد لأكثر الكمال ما لم يخف السهو بالإطالة أو يشق على المأمومين. قوله: "سمع الله لمن حمده" لفظه خبر، ومعناه: دعاء بالاستجابة: قال الخطابي: معنى سمع: استجاب، وقال: قد يحتمل أن يكون دعاء من الإمام للمأمومين؛ لأنهم يقولون: ربنا ولك الحمد وعلى مذهب أكثر العلماء في جمع الإمام والمأموم بين الكلمتين، فتشيع الدعوة من كلا الطائفتين لنفسه ولأصحابه. آخر كلامه. قوله: "ربنا ولك الحمد" صحت الرواية بغثبات الواو ودونها، فكلاهما مجزئ، إلا أن الأفضل بالواو، وقال القاضي عياض: بإثبات الواو يجمع بين الدعاء والاعتراف، أي: ربنا استجب لنا، ولك الحمد على هدايتك إيانا، ويوافق قول من قال: سمع الله لمن حمده، بمعنى الدعاء، وعلى حذف الواو يكون بالحمد مجردا، ويوافق قول من قال: سمع الله لمن حمده خبر. قوله: "ملء السماء وملء الأرض" قال الخطابي: هذا كلام تمثيل وتقريب، والكلام لا يقدر بالمكاييل ولا تحشى به الظروف، ولا تسعه الأدعية، وإنما المراد: تكثير العدد حتى لو قدر أن تكون تلك الكلمات أجساما تملأ الأماكن لبلغت من كثرتها ما يملأ السموات والأرضين، قال ويحتمل أيضا1 أن يكون المراد به أجرها وثوابها، قال: ويحتمل أن يراد به التعظيم لها والتفخيم لشأنها، كما يقول القائل: تكلم فلان اليوم بكلمة

_ 1 في "ط": وقد يحتمل أيضا.

كأنها جبل، وحلف بيمين كالسموات والأرضين، كما يقال: هذه الكلمة تملأ طباق الأرض، أي: أنها تسير وتنتشر في الأرض كما قالوا: كلمة تملأ الفم وتملأ السمع ونحوها من الكلام، والملء "بكسر الميم" الاسم وبفتحها المصدر من قولك، ملأت الإناء أملؤه ملأ. آخر كلام الخطابي. والمشهور في الرواية "ملءَ" بالنصب ووجهه أنه صفة لمصدر محذوف، كأنه قال: لك الحمد حمدًا ملء السماء، ويجوز الرفع بحيث قال بعض المتأخرين: لا يجوز غيره، ووجهه: أنه صفة للحمد أي: لك الحمد المالىء؛ لأن ملء وإن كان جامدا، فبمعنى المشتق، ويجوز أن يكون عطف بيان. قوله: "وَيَخِر ساجدا" قال ابن الأنباري: السجود يرد بمعان. منها: الانحناء والميل من قولهم: سجدت الدابة وأسجدت: إذا خفضت رأسها لتركب. ومنها الخشوع والتواضع. ومنها التحية. وقال الجوهري: سجد: خضع، ومنه سجود الصلاة. قوله: "يفرش رجله" "بفتح الياء" والمشهور فيه ضم الراء، وذكر القاضي عياض في "المشارق" كسر الراء، ولم يحك الضم. قوله: "معتمدًا على صدور قدميه" قال الجوهري: صدر كل شيء أوله، والقدمان ليس لهما سوى صدرين، لكنه جيء به بلفظ الجمع؛ لأن كل مثنى معنى مضاف إلى متضمنه، يختار فيه لفظ الجمع على لفظ الإفراد، ولفظ الإفراد على لفظ التثنية، مثال الأول، قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوْبُكُمَا} 1 ومثال الثاني قول الشاعر: "من الطويل" حمامة بطن الواد يين ترنمي ... سقاك من الغر الغوادي مطيرها2

_ 1 سورة التحريم: الآية"4". 2 البيت لتوبة بن الحمير، انظره مع أبيات أخرى في "منتهى الطلب" 1/ 225 و"زهر الآداب": 2/ 936.

ومثال الثالث قول الآخر: "من الرجز" وَمَهْمَهَيْنِ قذفين مرَّتَيْنِ ... ظهراهما مثل ظهور التُّرْسَيْن1 المَهْمَهُ: المغازة البعيدة، والقَذَف: البعيد، والمرت، الذي لا نبات فيه. قوله: "فيعتَمِدُ" بضم الدال على الاستئناف2. قوله: "جَلْسة الاستراحة" "بفتح الجيم": لأنها مرة من الجلوس، ويجوز كسر الجيم بتقدير إرادة الهيئة؛ لأن فيها قدرا زائدا على الجلسة، وذلك هو الهيئة. قوله: "على قدميه وأَلْيَتَيْهِ" القدم مؤنثه وهي معروفة، وقال الجوهري: الألية "بالفتح" أَلْيَةُ الشاة، ولا تَقُلْ: إلية ولا لية، وإذا ثنيت قلت أَلْيَان، فلا يلحقه التاء غالبا3، وقال الراجز: ترتج ألياه ارتجاج الوطب4. وقال القاضي عياض في "المشارق" من حديث الملاعنة:

_ 1 البيت في اللسان منسوب إلى خطام المجاشعي الراجز، وهو خطام بن نضير بن عياض انظر "المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء" للآمدي صفحة "142". 2 على الاستنئناف: كذا في "ط" وفي "ش" على الاستقبال، والمثبت هو الصحيح المناسب لسياق الكلام. وعلى الاستئناف تعني: أن الفاء استئنافية وليست سببية أو عاطفة. 3 في "القاموس - ألي": وكبش أليان ويحرك ,ألىً وآلٍ وآلى ونعجة أليانة وألْيا وكذا الرجل والمرأة ... لذا قال غالبًا. 4 قبله: كأنما عطية بن كعب ظعينة في ركب. والوَطْبُ: سِقَاءُ اللبن.

سابغ الأَلْيَتَين1 "بفتح الهمزة وسكون اللام" وهما اللحمتان المؤخرتان اللاتان تكتنفان مخرج الحيوان، وهما من ابن آدم المقعدتان، وجمعها أَلَيَاتٌ "بفتح اللام". قوله: "إلَّا في تكبيرة الإِحْرَام والاستفتاح" تكبيرة الإحرام: التكبيرة التي يدخل بها في الصلاة، سميت بذلك؛ لأنه يحرم عليه بها ما كان حلالًا من مفسدات الصلاة كالأكل والكلام ونحو ذلك، قال الجوهري: وأحرم الرجل: إذا دخل في حرمة لا تهتك. والاستفتاح: مصدر استفتح، والمراد به هنا: الذكر قبل الاستعاذة من "سُبْحَانَك اللهُمَّ" ونحوه. قوله: "على فَخِذه اليُمْنَى" الفخذ مؤنثة "وهي بفتح الفاء، وكسر الخاء" ويجوز فيها كسر الفاء كإبل ويجوز إسكان الخاء مع فتح الفاء وكسرها. قال ابن سيده وغيره من أهل اللغة: وهذه اللغات الأربع جارية في كل اسم أو فعل ثلاثي عينه حرف حلق مكسور كشهد، وحروف الحلق ستة: العين، والحاء، والفاء، والخاء، والغين، والهمزة، ولا تجوز اللغات الأربع فيما لامه حرف حلق، كبلغ، وسمع ونحوهما. قوله: "يَقْبِضُ منها الخِنْصَر والبِنْصَر ويحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسَّبَّابَةِ" الخنصر "بكسر الخاء والصاد" الإصبع الصغرى وجمعها خناصر، والبنصر، بكسر الباء والصاد: الإصبع التي تلي الخنصر

_ 1 سابغ الأليتين: تام الأَلْيَتَيْن "القاموس - ألي". وحديث الملاعنة رواه البخاري رقم "5309" في الطَّلاق: باب التلاعن في المسجد، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.

وجمعها بَنَاصِرُ، قال الجوهري: الإبهام: الإصبع "العُظْمى"1 وهي مؤنثة وجمعها أباهيم، ويحلق الإبهام مع الوسطى، قال القاضي عياض: أي: جمع بين طرفيهما فحكى بهما الحلقة. قوله: "ويُشِيرُ بالسَّبَّابَةِ" قال القاضي: السبابة، الإصبع التي تلي الإبهام، وهي المسبِّحَةُ أيضا قبل: سميت السبابة؛ لأنهم كانوا يشيرون بها إلى السب والمخاصمة. قوله: "التحياتُ لله" التحيات جمع تحية، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: التحية: العظمة وقال أبو عمرو: التحية: المُلْكُ، وقال ابن الأنباري: التحيات: السلام، وقال بعض أهل اللغة: البقاء. وحكى الأربعة المصنف رحمه الله في "المغني" وقيل: السلامة من الآفات. قال أبو السعادات2: وإنما جمع التحية؛ لأن ملوك الأرض يحيون بتحيات مختلفة، فيقال لبعضهم: أبيت اللعن، ولبعضهم: أنعم صباحا، ولبعضهم: أسلم كثيرا، ولبعضهم: عش ألف سنة، فقيل للمسلمين: قولها: التحيات لله، أي: الألفاظ التي تدل على السلام والملك والبقاء، هي لله عز وجل. قوله: "والصلوات" هي الصلوات الخمس، عن ابن عباس، وقال عياض في" المشارق" والصلوات لله قيل: الرحمة له ومنه، أي: هو المتفضل بها، وقيل: الصلوات المعلومة في الشرع، أي: هو المعبود بها. وقال الأزهري: هي العبادات كلها، وقيل: هي الأدعية.

_ 1 سقط من "ش" واستدرك من "ط". 2 يعني المبارك بن الأثير.

قوله: "والطَّيِّبَاتُ": هي الأعمال الصالحة عن ابن عباس، وقال ابن الأنباري: الطيبات من الكلام، حكاهما في "المغني". قوله: "السلام عليك" قال الأزهري: فيه قولان، أحدهما: اسم السلام، ومعناه: اسم الله عليكما ومنه قول لبيد: "من الطويل" إلى الحول ثم اسم السَّلام عَلَيْكُمَا ... ومن يبك حولًا كاملًا فقد اعْتَذَرْ1 والثاني: أن معناه: سلم الله عليك تسليما وسلاما ومن سلم الله تعالى عليه، سلم من الآفات كلها. قوله: "أَيُّها النَّبِيُّ" قال القاضي عياض: النبي يهمز ولا يهمز، من جعله من "النبأ" همزه؛ لأنه ينبئ الناس، أو لأنه ينبأ هو بالوحي، ومن لم يهمز، إما سهله وإما أخذه من النبة، وهي الارتفاع لرفعة منازلهم على الخلق، وقيل: هو مأخوذ من النبي2 الذي هو الطريق؛ لأنهم "هم"3 الطرق إلى الله تعالى. قوله: "وبركاته" جمع بركة، قال الجوهري: البَرَكَةُ: النماء والزيادة، وكذا نقله القاضي عياض وغيره. قوله: "وعلى عباد الله الصالحين" عباد، جمع عبد، وله أحد عشر جمعا4، جمعها شيخنا أبو عبد الله بن مالك رحمه الله في هذين البيتين: "من الطويل" عباد عبيد جمع عبد وأعبد ... أعابد معبوداء معبدة عبد كذلك عبدان وعبدان أثبتا ... كذاك العبدى وامدد إن شئت أن تمد

_ 1 تقدم الكلام على هذا الشاهد وذكر سابقا. 2 في "القاموس - نبا": والنبي كغني الطريق. 3 لفظة "هم" مستدركة من "ط" ويصح الاستغناء عنها كما في "ش". 4 أحد عشر جمعا كذا في "ش" وفي "ط": أحد عشر وجها.

قال أبو علي الدقاق: ليس شيء أشرف، ولا اسمٌ أَتَمَّ للمؤمن من الوصف بها. و"الصالحين" جمع صالح، قال صاحب "المشارق" وغيره: الصالح: هو القائم بما 8 عليه من حقوق الله تعالى وحقوق العباد. قوله: "أشهد أن لا إله إلا الله" قال الجوهري: الشهادة خبر قاطع، والمشاهدة: المعاينة، يقول الموحد: "أشهد أن لا إله إلا الله" بمعنى: أخبر بأني قاطع بالوحدانية، فالقطع من فعل القلب واللسان مخبر عن ذلك. و"الله" مرفوع على البدل من موضع "لا إله"؛ لأن موضع "لا" مع اسمها، رفع بالابتداء، ولا يجوز نصبه حملا على إبداله من اسم "لا" المنصوب؛ لأن "لا" لا تعمل النصب إلا في نكرة منفية و"الله" معرف مثبت. وهذه الكلمة وإن كان ابتداؤها نفيا، فالمراد بها غاية الإثبات، ونهاية التحقيق، فإن قول القائل: لا أخ لي سواك، ولا معين لي غيرك، آكد من قولهم: أنت أخي، وأنت معيني، ومن خواصها أن حروفها كلها مهملة ليس فيها حرف معجم تنبيها على التجرد من كل معبود سوى الله، ومن خواصها، أن جميع حروفها جوفية، ليس فيها شيء من الشفهية، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "أفضل الذكر لا إله إلا الله" 1. قوله "هذا التشهد الأول" سمي التشهد تشهدا؛ لأن فيه شهادة أن لا إله إلا الله وهو تفعل من الشهادة. قوله "ثم يقول: اللهم صل" قد تقدم معنى الصلاة والآل في الخطبة

_ 1 وتتمة الحديث: "وأفضل الدعاء: الحمد لله" رواه الترمذي رقم "3380" وابن ماجه رقم "3800" من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو حديث حسن. وانظر "جامع الأصول" "4/ 382".

فلا يعاد، و"اللهم" أصله: يا ألله، حذف حرف النداء، وعوض عنه بالميم. "قوله: "وعلى آل إبراهيم": إبراهيم فيه ست لغات: إبراهيم وإبراها، وإبراهوم، وإبَرِاهم، وأبْرُهْم، وقد نظمها أبو عبد الله ابن مالك فقال: "من البسيط" تثليثهم هاء إبراهيم صح بمد أو بقصر ووجها الضم قد عرفا ... وجمعه: أَبَارِهُ وبَرَاهِمُ وبَرَاهِمَةٌ قال الماوردي1: معناه بالسريانية: أبٌ رحيم. قال الجوهري: وتصغيره: أبيره؛ لأن الألف أصل غير زائدة، وكذلك إسماعيل وإسرافيل وهذا قول المبرد، وبعضهم يتوهم أن الهمزة زائدة وإذا كان الاسم أعجميًّا لا يعلم اشتقاقه فيصغره على: بريهم وسميعل وسريفل وهذا قول سيبويه وهو حسن، والأول قياس، ومنهم من يقول: بريه بطرح الهمزة والميم.2 قوله: "إنك حميد مجيد" قال الخطابي: الحميد: هو المحمود الذي استحق الحمد بفعاله، وهو فعيل بمعنى: مفعول، وهو الذي يحمد في السراء والضراء، والشدة والرخاء؛ لأنه حكيم لا يجري في أفعاله غلط ولا يعترضه الخطأ، فهو محمود على كل حال.

_ 1 هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الشافعي مصنف "الحاوي" و "الاقناع" وأدب الدنيا والدين" كان إماما في الفقه والأصول والتفسير بصيرا بالعربية ولي قضاء بلاد كثيرة: وفاته سنة: 450 هـ له ترجمة في "شذرات الذهب": 5/ 218 و"وفيات الأعيان": 3/ 282-284. 2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط" أثبتناها كما وردت مع تأخير موضعها قليلا إلى ما بعد قوله: "ثم يقول اللهم صل" وهو يناسب دعاء الاستفتاح ويناسب السياق.

وقال الخطَّابي أيضا: المجيد، هو الواسع الكريم، وأصل "المَجْدِ" في كلامهم: السعة، يقال: رجل ماجد إذا كان سخيا واسع العطاء وقيل في تفسير قوله تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} 1: معناه: الكريم. وقيل: الشريف. وقال القاضي عياض: المجيد: العظيم، وقيل: المقتدر على الإنعام والفضل. قوله "مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ" "جهنم" لا تنصرف للمعرفة والتأنيث، قال الجوهري: وقال: هي من أسماء النار التي يعذب الله بها عِبَاْدَهُ، ويقال: هو فارسي معرب، وقال ابن الجواليقي: وقيل إنه عربي. قوله "ومن فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ" أصل الفتنة: الاختبار، ثم استعملت فيما أخرجه الإختبار إلى المكروه، ثم استعملت في المكروه، فجاءت: بمعنى الكفر في قوله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْ} 2. وبمعنى الإثم كقوله تعالى: {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} 3. وبمعنى الإحراق، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} 4 ومنه: "أعوذ بك من فتنة النار"5. وبمعنى الإزالة والصرف، كقوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} 6.

_ 1 سورة ق: الآية: "1" أو "1، 2" عند من عد "ق" آية. 2 سورة البقرة: الآية "217". 3 سورة التوبة: الآية "49". 4 سورة البروج: الآية "10". 5 قطعة من حديث رواه البخاري رقم "6368" ومسلم رقم "589" "4/ 2078" من حديث عائشة رضي الله عنها، وانظر تتمة تخريجه مع كامل سياقه في "النصيحة في الأدعية الصحيحة" رقم "22". 6 سورة الإسراء: الآية "73".

والمَحْيا والمَمَاتِ: مَفْعَلٌ، من الحياة والموت، يقع على المصدر والزمان والمكان، وفتنة المحيا كثيرة وفتنة الممات: فتنة القبر، وقيل: عند الاحتضار، والجمع بين فتنة المحيا والممات، وفتنة الدجال وعذاب القبر، من باب ذكر الخاص مع العام ونظائره كثيرة. قوله: "ومن فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال" المسيح أثنان: نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام، والدجال، ولم يختلف في ضبط المسيح عيسى على ما هو في القرآن، وإنما اختلف في معناه: فقيل: سمي مسيحا لمسحه الأرض، فعيل بمعنى فاعل. وقيل: لأنه كان إذا مسح ذا عاهة برىء من دائه. وقيل: لأنه كان ممسوح القدم لا أخمص له، وقيل: لأن الله تعالى مسحه، أي: خلقه خلقا حسنا، والمسحة: الجمال والحسن، وقيل: لأن زكريا مسحه عند ولادته. وقيل: لأنه خرج ممسوحا بالذهن، وقيل: بل المسيح بمعنى: الصديق. وأما الدجال فهو مثل المسيح عيسى في اللفظ عند عامة أهل المعرفة والرواية، عن أبي مروان بن سراج1 وغيره: كسر الميم مع تشديد السين، وأنكره الهروي، وجعله تصحيفا، وقال بعضهم: كسرت الميم للتفرقة بينه وبين عيسى عليه السلام، وقال الحربي: بعضهم يكسرها في الدجال ويفتحها وكل سواء، وقال أبو الهيثم: والمسيح بالحاء المهملة: ضد المسيخ "بالخاء المعجمة": مسحه الله إذ خلقه خَلْقًا حسنا، ومسخ

_ 1 هو عبد الملك بن سراج بن عبد الله بن سراج أبو مروان النحوي، إمام أهل قرطبة برع في علم اللسان وارتقى ذروته وهو من ذرية سراج بن قرة الكلابي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مات سنة: 489هـ، ترجمته في "بغية الوعاة" "2/ 110".

الدجال إذ خلقه ملعونًا، وقال أبو عبيد: المسيح: الممسوح العين، وبه سمي الدجال، وقال: يمسحه الأرض فهو بمعنى فاعل، وقيل: المسيح الأعور، وبه سمي الدجال، وقيل: أصله مشيخ فيهما فعرب، وعلى هذا اللفظ ينطق به العبرانيون. والدجال سمي دجالا من الدجل، وهو طلي البعير بالقطران، فسمي بذلك لتمويهه بباطله، وقيل: من التغطية، ويقال: الدجال في اللغة: الكذاب، وقيل: سمي بذلك بضربه نواحي الأرض وقطعه لها، ودجل ودجل، إذا فعل ذلك، كل ذلك عن القاضي عياض رحمه الله. قوله: "وَإِنْ دَعَا بِمَا وَرَدَ في الأَخْبَارِ فَلَا بَأْس" الأخبار: جمع خبر. قال المصنف رحمه الله في "المغني": وقول الخرقي: بما ذكر في الأخبار، يعني: أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف. قوله: "السلام عليكم ورحمة الله" تقدم ذكر السلام في التشهد1. فإن قال: سلام عليكم، منكرًا أجزأه في أحد الوجهين فإن نكسه فقال: عليكم السلام لم يجزئه، وقال القاضي: فيه وجه أنه يجزئه. قوله: "وعن يَسَارِهِ" "بفتح الياء" ويجوز كسرها والأول أفصح. قال العزيزي في آخر "غريب القرآن" له: قيل ليس في كلام العرب كلمة أولها ياء مكسورة إلا يسار لليد، ويقال: يعار، من قولهم: يعر الجدي: إذا صاح. قوله: "أو رُبَاعِيَّة" أي: أربع ركعات، وهي الظهر والعصر والعشاء "بتشديد الياء نسبة إلى رباع المعدول عن أربعة" كثلاث، تقول في المذكر: رباعي وفي المؤنث رباعية. قوله: "مُتَوَرِّكًا" هو متفعل من الورك، قال الجوهري: والتورك على اليمني: وضع الورك في الصلاة على الرجل اليمني، والورك ما فوق

_ 1 انظر ص "102".

الفخذ، وهي مؤنثة، وقد تخفف، مثل فَخْذٍ وفَخِذٍ، وزاد القاضي عياض لغة ثالثة، وهي كسر الواو مع سكون الراء على وزن وزر. قوله: "وَتَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً" التَّرَبُّعُ: هو الجلوس المعروف، وهو اسم فاعل من تربع، وتربع مطاوع: ربع؛ لأن صاحب هذه الجلسة قد ربع نفسه، كما يربع الشيء إذا جعل أربعا، والأربع هنا: الساقان والفخذان، ربعهما بمعنى أدخل بعضها تحت بعض. قوله: "أو تَسْدُِلُ رجلَيْها" "بفتح التاء مع ضم الدال وكسرها" و"بضم التاء مع كسر الدال" ثلاث لغات في المضارع، وفي الماضي لغتان: سدل، وأسدل، والأول أكثر وأشهر، كل ذلك عن ابن سيده في "المحكم" ومعناه ترسلهما. قوله: "وافتراش الذراعين" تثنية ذراع، تقدم في التيمم. قوله: "والإقْعَاءُ في الجُلُوسِ" الإقعاء: مصدر أقعى يقعي إقعاء، قال الجوهري: أقعى الكلب إذا جلس على أسته مفترشا رجليه وناصبا يديه، وقد جاء النهي عن الإقعاء في الصلاة، وهو أن يضع أليتيه على عقيبه بين السجدتين. هذا تفسير الفقهاء، فأما أهل اللغة: فالإقعاء عندهم، أن يلصق الرجل أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويتساند إلى ظهره، هذا آخر كلامه. وقال القاضي عياض في "المَشَارِقِ": وهو أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه في الأرض كما يقعي الكلب، قاله: أبو عبيد. وتفسير الفقهاء: أن يضع أليتيه على صدور عقبه، والقول الأول أولى، وقال المصنف رحمه الله في "المغني" هو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه، بهذا وصفه الإمام أحمد، قال أبو عبيد: هذا قول أهل الحديث، والإقعاء عند العرب: جلوس الرجل على أليتيه ناصبا فخذيه

مثل إقعاء الكلب، والسَّبُع، ولا أعلم أحدًا قال بالاستحباب على هذه الصفة1. قوله: "وَهُوَ حاقِنٌ" يقال حسن فلان بوله، فهو حاقن، إذا حبسه، ويقال: أحقنه، فهو مُحْقِنٌ، وأنكره الكسائي. والحَاقِبُ: الذي احتبس غائطه، وفي معناها في الكراهة من به ريح محتبسة. قوله: "بِحَضرة طعام" قال الجوهري: بحضرة فلان: أي بمشهد منه، وحكى يعقوب في "الإصلاح"2 فيه ثلاث لغات: فتح الحاء وضمها وكسرها. قوله: "تتوقُ نفسُه" قال الجوهري: تاقت نفسه إلى الشيء، توقأ، وتقانا، يقال المرء تواق إلى ما لم يَنَلْ.

_ 1 وفي "صحيح مسلم" رقم "536" في المساجد باب جواز الإقعاء على العقبين: "عن طاووس قال: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين، فقال: هي السنة، فقلنا له إنا لنراه جفاء بالرجل، فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم". وقال النووي في "شرح صحيح مسلم" "5/22-23": والصواب الذي لا معدل عنه أن الإقعاء نوعان: أحدهما أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو بعيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي، والنوع الثاني أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين وهذا هو مراد ابن عباس رضي الله عنهما بقوله سنة نبيكم إلى أن يقول: قال القاضي وقد روي عن جماعة من الصحابة والسلف أنهم كانوا يفعلونه ... انتهى. 2 هو يعقوب ابن السكيت، و "الإصلاح" هو كتابة "إصلاح المنطق"، وقد مر التعريف به بكتابه.

قوله: "ويكره التَّخصُّرُ" التخصر: وضع يده على خاصرته، نص على ذلك المصنف في "المغني" وغير المصنف1. قوله: "والتَّرويحُ وفرقَعَةُ الأَصَابِعِ وتَشْبِيْكُها" التَّروُّحُ: تفعل من الريح، والريح: أصله الواو كقولهم: أروح2 الماء، وجمعها على أرواح، قال الجوهري: يقال: تروحت بالمروحة، والمراد هنا أن يروح المصلي على نفسه بمروحة أو خرقة أو غير ذلك. وفرقعة الأصابع: قال الجوهري: الفرقعة: تنقيض الأصابع وقد فرقعتها فتفرقعت، قال الحافظ أبو الفرج: ونهى ابن عباس عن التفقيع في الصلاة وهي الفرقعة. وتشبيك الأصابع: إدخال بعضها في بعض. قوله: "وعَدُّ الآي" قال الجوهري: جمع الآية: آي وأيات، والآية: العلامة، أصله أوية بالتحريك، قال سيبيوه: موضع العين من الآية واو؛ لأن ما كان موضع العين منه3 واوًا واللام ياء، أكثر مما موضع العين واللام منه ياءين، قال الفرَّاء: هي من الفعل فاعلة، وإنما ذهبت منه اللام، ولو جاءت تامة لجاءت آيِيَةً، وقال صاحب " المَشَارِق": وآيات الساعة علامتها، وكذلك آيات القرآن، سميت بذلك؛ لأنها علامة على تمام الكلام، وقيل: لأنها جماعة من كلمات القرآن؛ وقال

_ 1 وفي "أساس البلاغة": اختصر الرجل وتخاصر وضع يده على خصره وفي "المُغْرِب في ترتيب المُعْرِب": نهى عن التخصر في الصلاة ... والتخصر والاختصار: وضع اليد على الخصر وهو المستدق فوق الورك ... ومنه قوله عليه السلام: "الاختصار في الصلاة راحة أهل النار" وقال عقيبه: معناه أن هذا فعلهم في صلاتهم ... لا أن لهم راحة فيها. 2 كذا في "ط" وفي المخطوط "ش": "أرواح" وهو خطأ وأثبتنا ما في "ط". 3 منه: زيادة من "ط".

الجوهري: ومعنى الآية من كتاب الله تعالى أي: جماعة حروف. قوله: "وَقَتْلُ الحَيَّةِ والْعَقْرَبِ والقَمْلَةِ": الحية: تكون للذكر والأنثى وإنما دخلته الهاء؛ لأنه واحد من جنس1، كبطة ودجاجة، على أنه قد روي عن العرب، رأيت حيا على حية، والحَيُّوتُ: ذكر الحيات. والعقرب: واحدة العقارب، وهو تؤنث، والأنثى عقربة وعقرباء، ممدود غير مصروف، الذكر: عُقْرُبَان، والعقربان أيضا: دابة لها أرجل طوال. والقَمْلَةُ: واحدة النمل معروفة، والقمل: دويبة من جنس القردان، القردان واحدة قراد إلا أنها أصغر منها، تركب البعير عند الهزال، كله عن الجوهري. قوله: "تكرار الفاتحة" تكرار "بفتح التاء": مصدر: كرر الشيئ تكرارًا. قوله: "إذا أُرْتِجَ عليه" هو من أرتجت الباب ورتجته إذا أغلقته، قال الجوهري: وأرتج على القارىء على ما مالم يسم فاعله، إذا لم يقدر على القراءة، كأنه أطبق عليه، كما يرتج الباب، وكذلك أرتج عليه، ولا تقل: ارتج عليه بالتشديد. قوله: "صَفَحَتْ ببطن كفها" قال الجوهري: التصفيح مثل التصفيق، قال صاحب "المشارق" معناهما متقارب، وقيل: هما سواء، وقيل: التصيح بالحاء: الضرب بظاهر إحداهما على باطن الأخرى، وقيل: بل بإِصْبَعَيْنِ من إحداهما على صفحة الأخرى،

_ 1 أي هي تاء الوحدة كما مثل، ومثل ثمر وثمرة وقمح وقمحة.

والتصفيق، الضرب بجميع إحدى الصفحتين على الأخرى، كله نقل القاضي عياض. قوله: "وإن بَدَرَهُ البُصَاقُ" البصاق بالصاد والسين والزاي، حكاها الجوهري وغيره، وهو معروف "وعند بني العنبر السين تقلب صادًا باضطراد وقبل الخاء والغين المعجمتين والطاء المهملة والقاف وقد نظمت ذلك في بيتين: "من البسيط" السِّيْنُ تُقْلَبُ صادًا عند أربعة ... الخاء والغين ثم القافُ والطاء ُ إلى بني العنبر المذكور نسبتُهُ ... كالسطل والصدغ تسخيرُ وإسْقَاءُ قوله: "إلى سُتْرَةٍ مثلُ آخِرةِ الرَّحْلِ" قال الجوهري: السترة، ما يستر به كائنًا ما كان، وكذلك الستارة. وقال: في قادمتي الرحل ست لغات، مقدمة، ومقدم، ومقدم، ومقدمة "بفتح الدال مُشَدَّدَةً" وقادم، وقادمة، وكذلك هذه اللغات كلها في آخرة الرحل، وقال صاحب "المشارق": آخرة الرحل ممدودًا: عود في مؤخره، وهو ضد قادمته وقال الجوهري: الرحل رحل البعير، وهو أصغر من القتب. قوله: "فإن لم تكن سترة" "تكن" تامة، و"سُتْرَةٌ" بالرفع: فاعله. قوله: "الأسود البهيم" البَهِيْمُ: الذي لا يخالط لونه لون آخر، ولا يختص بالأسود، عن الجوهري وغيره. قوله: "أركان الصلاة" الأركان: جمع ركن، قال الجوهري2:

_ 1 ما بين الحاصرتين مستدرك من "ط". 2 هو أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري صاحب "الصحاح" وأحد أئمة اللغة والأدب، انظر "شذرات الذهب": "4/ 497".

ركن الشيء: جانبه الأقوى، والمراد هنا وفي الحج، ما يبطل العبادة عَمْدُهُ وسَهْوُهُ. قوله: "وتكبيرة الإحْرام "سميت بذلك؛ لأن بها حرم على المصلي ما كان مباحا له من مفسدات الصلاة، وستذكر أتم من هذا في أول باب الإحرام إن شاء الله تعالى"1. قوله: "والاعْتِدَال عنه" الاعتدال: الاستقامة، قال الجوهري: يقال: عَدَّلْتُه فاعتدل أي: قومته فاستقام، وكل مثَقَّفِ مُعْتَدِلٌ. قوله: "والطُّمَأْنِيْنَة" "هو بضم الطاء وبعدها ميم مفتوحة وبعدها همزة ساكنة" ويجوز تخفيفها بقلبها ألفا، قال الجوهري: اطمأن الرجل اطمئنانًا وطمأنينة: سكن، واطبأن: مثله على الإبدال. وقال المصنف رحمه الله في "المغني" ومعنى الطمأنينة: أن يمكث إذا بلغ حد الركوع قليلًا. قوله: "عمدًا" هو مصدر عمدت للشيء أعمد عمدًا، أي تعمدت، وهو نقيض الخطأ، كله عن الجوهري. قوله: "بَطَلَتْ صَلَاتُهُ" "بفتح الباء والطاء" أي: فسدت، والباطل والفاسد اسمان لمسمى واحد وهو ما لم يكن صحيحًا، قال المصنف في "الروضة"، فالصحة اعتبار الشرع الشيء في حق حكمه، ويطلق على العبادات مرة، وعلى العقود أخرى، فالصحيح من العبادات ما أجزأ وأسقط القضاء، ومن العقود ما كان سببًا لحكم إذا أفاد حكمه المقصود منه، فهو صحيح وإلَّا فهو باطلٌ. قوله: "والتَّسميع والتحميد" التسميع: مصدر: سَمَّعَ: إذا قال: سمع الله لمن حمده، والتحميد، مصدر حمد: إذا قال: رَبَّنا وَلَكَ

_ 1 ما بين الحاصرتين عن "ط" فقط، وكأنه أعاد ما ذكر سابقًا.

الحمد، كالتسبيح: مصدر: سَبَّحَ: إذا قال: سبحان الله. قوله: "الاستفتاح" هو عبارة عن الذكر المشروع بين تكبيرة الإحرام والاستعاذة للقراءة من "سبحانك اللهم" أو"وجهت وجهي" ونحويهما، سمي بذلك؛ لأنه شرع ليستفتح به الصلاة1. قوله: "والقُنُوت في الوِتْرِ" قال الجوهري: القُنُوتُ: الطاعة، هذا هو الأصل ومنه قوله تعالى: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَات} 2 ثم سمي القيام في الصلاة قنوتا، ومنه قنوت الوتر، وقال صاحب "المشارق": القنوت يتصرف، يكون دعاء وقياما، وخشوعا، وصلاة، وسكوتا، وطاعة، والوتر: الفرد "بكسر الواو وفتحها" والمراد به ها هنا وتر صلاة الليل المعروف.

_ 1 ليستفتح به الصلاة: كذا بتذكير الفعل وهو جائز؛ لأن نائب الفاعل "الصلاة" مؤنث مجازي وفصل بينه وبين الفعل فاصل. 2 سورة الأحزاب: الآية "35".

باب سجود السهو

بابُ سجُودِ السَّهْوِ قال صاحب "المشارق". السهو في الصلاة النسيان فيها، وقيل: هو الغفلة، وقيل: النسيان: عدم ذكر ما قد كان مذكورا، والسهو: ذهول وغفلة عما كان مذكورا وعما لم يكن. قوله: "وَشَك" قال الجوهري: الشَّكُّ: خلاف اليقين، وفي اصطلاح أصحاب الأصول: الشك: ما استوى طرفاه، فإن ترجح أحدهما، فالراجح عندهم ظن والمرجوح وهم، تقدم في نواقض الوضوء. قوله: "قَهْقَهَة" قال الجوهري: القَهْقَهَةُ في الضحك معروفة، وهي

أن يقول: قَهْ قَهْ، ويقال فيه: قَهَّ، وقَهْقَهَ بمعنى، وقد جاء في الشعر مخففًا قال: "من الرجز" وهن في تَهَانُفٍ وفي قَهِ1. التَّهَانُفُ: ضحك فيه فتور، كضحك المستهزىء. قوله: "أو انْتَحَبَ" قال الجوهري: النحيب: رفع الصوت بالبكاء، وقد نَحَب يَنْحَب والانتحاب مثله2. قوله: "فبان حرفان" يقال: بَانَ الشيء بَيَانًا وتِبْيَانًا، ظهر، وأبان كذلك، ذكره شيخنا3 في فَعَلَ وأَفْعَلَ. قوله: "إلا ما كان من خَشْيَة الله تعالى" أي: من خوفه عن الجوهري وغيره، "والخشية: أحد مصادر خشي وهي ستة نظمها شيخنا أبو عبد الله بن مالك في بيت وهو: "من البسيط".

_ 1 قبله: نشأت في طل النعيم الأرفه. والتهانف: الضحك بالسخرية وأنشد الليث: "من الطويل" إذا هن فصلن الحديث لأهله ... حديث الرنا فصلنه بالتَّهَانُفِ "التاج - هنف" 2 وفي "التاج - ن ح ب" رفع الصوت بالبكاء، كذا في الصحاح، وفي المحكم: أشد البكاء كالنحيب وهو البكاء بصوت طويل ومد، وقد نحب كمنع ينحب نحبًا. وفي المحكم والصحاح: ينحب بالكسر، وانتحب مثله، وقال ابن محكان: "من البسيط" زيافة لا تضيع الحي مبركها ... إذا نعوها لراعي أهلها انْتَحَبَا كل ذلك من المجاز، والبيت في اللسان أيضا، وَزَيَّافَةَ: ناقة كريمة تمشي مسترخية الأعضاء، لا تضيع الحي مبركها: أي اعتادت أن تبرك في مكان معين تؤتى مرارًا فتحلب للضيف والصبي. 3 يريد ابن مالك صاحب الألفية كما ألمحنا سابقا وكما صرح وسيصرح بذلك بعد قليل.

خشيت خشيًا ومخشاةً ومَخْشِيَةً ... وخشية وخشاة ثم خشيانا"1 قوله: "أربَعَ سَجَداتٍ مِن أربع رَكَعَات" هو بفتح جيم سجدات، وكاف ركعات": جمع سجدة وركعة، وكذا بابة، والضابط فيه: أن كل اسم ثلاثي مؤنث بتاء ودونها2 صحيح العين، فإن كان مفتوح الفاء، حركت عينه بحركتها، كسجدات ونحوها، وإن كان مضموم الفاء أو مكسورها، ففيه ثلاث أوجه، الاتباع، والفتح، والسكون. قوله: "والإمام على غَالِبِ ظَنِّهِ" يجوز نصب الإمام عَطْفًا على إسم "أَنَّ" ورفعه على الابتداء وكذلك كلما عُطِفَ على اسم إِنَّ بعد الخبر، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَة} 3 بالرفع والنصب. قوله: "إلَّا أَنْ يَسْهُوَ إمامُه فَيَسْجُدَ" بنصب يسجد عطفًا على يسهو؛ لأن لوجوب السجود على المأموم حتما شرطين: سهو إمامه، سجوده.

_ 1 ما بين الحاصرتين زيادة مستدركة من "ط". 2 ودونها: أي ودون التاء مثل: هند قالوا في جمعها: هِندَات، هِنَدَات، هِنْدات ومثال ما كان بتاء: شرفة وقالوا في جمعها: شُرُفات، شُرَفات، شُرْفات. 3 الجاثية: الآية "32" الفتح حمزة والضم الباقون، انظر: "القراءات العشر المتواترة" المطبوع على هامش القرآن الكريم إعداد الشيخ محمد كريم راجح، والشيخ محمد فهد خاروف، صفحة: "501".

باب صلاة التطوع

باب صلاة التطوع التطوع: تفعل من طاع يطوع: إذا انْقَادَ. قوله: "ثم الوِتْر" يجوز فيه الجر عطفًا على الكسوف والاستسقاء، والرفع أجود عطفًا على صلاةٍ.

قوله: "وإِنْ أَوْتَرَ" يقال وتر الصلاة: إذا جعلها وترا، وأوتر أكثر، نقلهما أبو عثمان وغيره. "سَرَدَ ثَمانيًا" قوله: في الضُّحى "وأكْثَرُها ثمانٍ" وسائر ما ورد عليك في الكتاب، قال الجوهري: ثمانية رجال، وثماني نسوة، وهو في الأصل منسوب إلى الثمن؛ لأنه لجزء الذي صير السبعة ثمانية، فهو ثمنها ثم فتحوا أوله وحذفوا منه إحدى ياءي النسب، وعوضوا منها الألف، كما قالوا في المنسوب إلى اليمن، فتثبت ياؤه عند الإضافة والنصب، كما تثبت ياء القاضي، وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر، وما جاء في الشعر غير مصروف، فعلى توهم أنه جمع1. قوله: "يقرأ في الأُولى سَبِّح" سَبِّحْ: علم السورة المبدوءة بـ {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} 2 وذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن معناه قل: سبحان ربي الأعلى. و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون} 3 علم على هذه السورة، وكذلك {هُوَ اللهُ أَحَدٌ} 4 علم على سورة الإخلاص، وقد يسمى كثير من سور القرآن بأول آية منها، كسورة {يس} 5 ونحوها. قوله: "نستعينك ونستهديك ونستغفرك" أي نطلب منك العون والهداية والمغفرة. قوله: "ونؤمن بك ونتوب إليك" نؤمن أي: نصدق. ونتوب إليك

_ 1 انظر "أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك" "10/ 14" تنوين العوض و "1/ 59" تقدير الحركات على الاسم المنقوص. 2 سورة الأعلى: الأية "1". 3 سورة الكافرون: الآية "1". 4 سورة الاخلاص: الآية "1". 5 سورة يس: الآية "1".

أي: نفعل التوبة وقد تقدم شرحها في باب الحيض. قوله: "ونتوكَّلُ عليك" إلى آخر الدعاء، قال الجوهري: التوكل: إظهار العجز والاعتماد على غيرك والاسم التُّكْلَان، واتكلت على فلان في أمري: إذا اعتمدته. قال أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن1: التوكل محله القلب، والحركة في الظاهر، لا تنافي التوكل بالقلب بعد تحقيق العبد أن التقدير من قبل الله عز وجل. وقال ذو النون المصري2: التوكل: ترك تدبير النفس، والانخلاع من الحول والقوة. وقال سهل بن عبد الله3، التوكل: الاسترسال مع الله تعالى على

_ 1 هو أبو القاسم بن هوازن القشيري، جمع بين الشريعة والحقيقة كما قال السمعاني: وقال السخاوي: المفسر، المحدث، الفقيه الشافعي، المتكلم، الأصولي الأديب النحوي الكاتب الشاعر الصوفي لسان عصره صاحب "الرسالة القشيرية" من تصانيفه "التفسير الكبير" وفاته رحمه الله سنة: 465هـ، ترجم له أكثر من كتب عن الرجال: كالذهبي في "سير أعلام النبلاء": "18/ 275" وابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب": "5/ 275". وابن خلكان في "الوفيات": "3/ 205" وغيرهم. 2 هو أبو الفيض ثوبان ويقال الفيض بن إبراهيم، قال ابن العماد الحنبلي: كان ذو النون أو حد وقته علما وورعا وحالًا وأدبًا حدث عن مالك والليث وابن لهيعة وروى عنه الجنيد وآخرون مات سنة: 245هـ ترجمته في سير أعلام النبلاء: "11/ 532"، وشذرات الذاهب: "3/ 206" من كلامه: علامة محب الله متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به. 3 هو سهل بن عبد الله التستري، أحد أئمة الصوفية وعلمائهم والمتكلمين في علوم الإخلاص والرياضات وعيوب الأفعال، من كلامه: شكر العلم العمل وشكر العمل زيادة العلم، ومن كلامه أيضا: أصولنا ستة: التمسك بكتاب الله تعالى والاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب الآثام، وأداء الحقوق مات رحمه الله سنة "283"هـ، له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": 13/ 330 و "شذرات الذهب": 3/ 342-345.

ما يريد، وعنه قال: التَّوَكُّل: قلب عاش مع الله بلا علاقة. قيل: التوكل: الثقة بما في يد الله، واليأس عما في أيدي الناس. وقيل: غير ذلك، يطول شرحه. قوله: "ونثني عليك الخير" أي: نمدحك ونصفك بالخير، قال الجوهري: وأثنى عليه خيرًا، والاسم الثناء، والثني مقصورًا مثل الثناء، إلا أنه في الخير والشر، والثناء في الخير خاصة، وقال الإمام أبو عبد الله بن مالك في "مثلثه": الثناء، المدح، فظاهر هذا، أن الثناء مخصوص بالخيرن والنثي، "بتقديم النون"، مشترك بينهما1، وقال أبو عثمان سعيد بن محمد المعافري في "أفعاله"2، وأثنيت على الرجل: وصفته بخير أو بشر "ونشرك" تقدم ذكر الشكر في أول الكتاب. "ولا نكفرك" قال صاحب" المشارق": فيها أصل الكفر؛ لأن الكافر جاحد نعمة ربه عليه وساترلها، ومنه يكفرن العشير، يغني الزوج، أي: يجحدان إحسانه، والمراد هنا والله أعلم: كفر النعمة؛ لاقترانه بـ "نَشْكُرك ونَعْبُدُ" قال الواحدي: معنى العبادة: الطاعة مع الخضوع والتذلل، وهو جنس من الخضوع لا يستحقه إلا الله، وهو خضوع ليس فوقه خضوع، وسمي العبد عبدًا، لذلته وانقياده لمولاه.

_ 1 في "القاموس - نَثَيَ": والنثا ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيء. 2 هو أبو عثمان سعيد بن محمد المعافري: من أهل قرطبة، أخذ عن أبي بكر بن القوطية وهو الذي بسط كتابه في الأفعال وزاد فيه، توفي بعد الأربعمائة ترجمته "في بغية الوعاة": "1/ 589" وذكره ابن بشكوال في "الصلة" صفحة "209".

ويقال: طريق مُعَبَّدٌ: إذا كان مذلَّلًا موطوءًا، بالأقدام. "ونُسْعَى" قال الجوهري: سعي الرجل سعيَا، أي: عدا، وكذا إذا عمل وكسب، وقال صاحب" المشارق". وقال: بعضهم، والسعي: إذا كان بمعنى الجري والمضي: تعدى بـ"إلى" وإذا كان بمعنى العمل فباللام، قال الله تعالى: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} 1. "ونحفد" بفتح النون ويجوز ضمها: يقال: حَفَدَ بمعنى أسرع، وأحفد لغة فيه، حكاها شيخنا في فعل وأفعل، وقال أبو السعادات في "نهايته". نسعى ونحفد، أي: نسرع في العمل والخدمة. وقال ابن قتيبة، نحفد، نبادر، وأصل الحفد مداركة الخطو والإسراع. "إن عذابك الجِدَّ" الجد "بكسر الجيم"، نقيض الهَزْلِ، فكأنه قال: إن عذابك الحق، قال أبو عبد الله ابن مالك في "مُثَلَّثِهِ" الجد يعني بالفتح من النسب معروف، هو أيضا: العظمة، والحظ والقطع، والوكف والرجل العظيم، والجد: يعني بالكسر: الاجتهاد، ونقيض الهزل، وشاطىء النهر، والجد يعني بالضم: الرجل العظيم، والبئر عند الكلأ، وجانب الشيء، وجمع أجد، وهو الضرع اليابس، وجمع جداء وهي الشاة اليابسة الضرع، والمقطوعته، والسنة الجدبة، والناقة المقطوعة الأذن، والمرأة بلا ثدي، والفلاة بلا ماء. "ومُلْحِق" قال الجوهري: لَحِقَهُ، ولحق به، أدركه، وألحقه به غيره وألحقه أيضا بمعنى لحقه، وفي الدعاء: "إن عذابك بالكافرين مُلْحِقٌ" "بكسر الحاء" أي: لاحق بهم، والفتح صواب، آخر كلامه. "اللَّهُمَّ اهْدِنا فيمن هديت2" أصل الهدى: الرشاد والدلالة،

_ 1 سورة الإسراء: الآية "19". 2 ما بين الحاصرتين لم يرد في "ش" و "ط" وأثبتناه من "المقنع" ص "57" بتحقيقنا لاستكمال الكلام وتمامه.

يقال: هداه يهديه، هدى، وهداية، وطلب الهداية من المؤمنين مع كونهم مهتدين بمعنى طلب الثبات على الهداية، أو بمعنى المزيد منها. "وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ": صيغة أمر من عافاه عافية. قال القاضي عياض والعافية من الأسقام والبلايا. "وَتَوَلَّنَا فِيْمَنْ تَوَلَّيْتَ" قال الجوهري: الولي ضد العدو، يقال: منه تولاه، فهو -والله أعلم- سؤال أن يكون الله وليه لا عدوه. وقوله: "أعوذُ برضاكَ من سخطك وبعفوك من عقوبتك وَبِكَ مِنْكَ". قال الخطابي: في هذا معنى لطيف وذلك أنه سأل الله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضى والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة، والمؤاخذة بالعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضدله، وهو الله تعالى أظهر العجز والانقطاع، وفزع منه إليه، فاستعاذ به منه. وقال صاحب "المشارق": وفي الحديث "أسالك العفو والعافية والمعافاة" قيل: العفو: محو الذنب، والعافية: من الأسقام والبلايا، والمعافاة: أن يعافيك الله من الناس، ويعافيهم منك. "قوله:" "لَا نُحْصي ثَنَاءً عَلَيْكَ" أي: لا نطيقه ولا نبلغه ولا تنتهي غايته، ومنه قوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} 1 أي: لن تطيقوه. "قوله:" "أنت كما أَثْنَيْتَ على نفسك" اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، ورد ذلك إلى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفصيلا، فكما أنه تعالى لا نهاية لسلطانه وعظمته فكذلك لا نهاية للثناء عليه؛ لأنه تابع للمثني عليه2.

_ 1 سورة المزمل: الآية "20". 2 في "ط": "لأنه تابع للثناء عليه".

قوله: "تَنْزِلُ بالمسلمين نازلةٌ" قال الجوهري: النازلة الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس. قوله: "ثم التراويح": قيام شهر رمضان، وهو عشرون ركعة بعشر تسليمات، سميت تروايح؛ لأنهم كانوا يجسون بين كل أربع يستريحون، ذكره المصنف في "الكافي". قوله: "يقوم بها في رمضان" رمضان: الشهر المعروف، لا ينصرف للعلمية والزيادة1، يقال: إنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا لشهر أيام رمض الحر، فسمي بذلك. وفي تسميته بذلك، خمسة أقوال: أحدها: هذا الوجه المذكور. والثاني: لحر جوف الصائم فيه ورمضه. الثالث: أنه كان عندهم أبدًا في الحر، لإنسائهم الشهور، وزيادتهم شهرا في كل أربع سنين حتى لا تنتقل الشهور عن معاني أسمائها. الرابع: أن الذنوب ترمص بحرارة القلوب. الخامس: أنه من خيره، كالرَّمَضِ وهو: المطر إذا كان في آخر القيظ وأول الخريف، وسمي بذلك؛ لأنه يدرك سخونة الشمس. وكان عطاء ومجاهد، يكرهان أن يقال: رمضان، قالا: وإنما يقال كما قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَان} 2 قالا: لا ندري لعل رمضان اسم من أسماء الله تعالى. وقال بعضهم: إذا جاء بما لا شك معه أن المراد به الشهر، كقولك:

_ 1 والزيادة: يريد زيادة الألف والنون مثله في ذلك قبل عثمان وشعبان. 2 سورة البقرة: الآية "185".

صمنا رمضان، لم ينكر، وينكر ما يشكل، كقولك: دخل رمضان، وجاء رمضان. والصحيح: أنه يقال: رمضان مطلقا من غير تفصيل، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صام رمضان" 1 و "لا تقدموا رمضان" 2. ذكر الجميع الإمام عبد العظيم المنذري في حواشي "مختصر سنن أبي داود". وجمع رمضان: رمضانات، ورماضين، وأرمضٌ، وأرمضة، على حذف الزوائد. وأراميض، ورماضي، وزاد الجوهري: أرمضاء3. قوله: "فَإِنْ كان لَه تَهَجُّدٌ" التهجد: الصلاة بالليل، قال الجوهري: هجد وتهجد، أي: نام ليلا، وهجد وتهجد أي: سَهِرَ، وهو من الأضداد ومنه قيل: لصلاة الليل، التهجد4. قوله: "وفي التعقيب" التعقيب: فعل الشيء بعقب الشيء، وقد فسره المصنف رحمه الله بذلك وهو راجع إلى معناه في اللغة.

_ 1 رواه البخاري رقم "1901" و "2014" ومسلم رقم "759" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 2 رواه أبو داود رقم "2335" والنسائي "4/ 136" ومالك في "الموطأ" "1/ 287" من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه. 3 وزاد النووي في "تحرير التنبيه": ويجوز: رماض كما قيل شعاب في جمع شعبان. 4 قال الأنباري: الهاجد حرف من الأضداد، يقال للنائم هاد وللساهر هاجد وأنشد: قال المرقش الأكبر "في مطلع مفضليته": "من الوافر" سرى ليلا خيال من سليمى ... فأرقني وأصحابي هُجُودُ أرادهم نيام، وقال الآخر: "من الوافر" ألا هلك امرؤ ظلت عليه ... بشط عنيزة بقر هُجُودُ بقَرٌ: أراد نسوة كالبقر في حسن أعينهن، وهجثود: سواهر، انظر "الأضداد" للأنباري ص "50-52".

قوله: "مثْنى مثْنى" غير مصروف، للعدل والوصف، قال القاضي عياض: أي: رَكْعَتَانِ اثْنَتَانِ، يسلم من كل اثنتين. قوله: "لا يَجْهر فيها" "بفتح الياء" وضمها لغة، وقد تقدم في صفة الصلاة. قوله: "واندفاع النِّقَمِ" النقم: "بكسر النون وفتح القاف، وبفتح النون وكسر القاف" نحو كلمة وكلم واحده نقمة ونقمة كسدرة وعذرة، حكاه الجوهري بمعناه. قوله: "قَيْدُ رُمْحٍ" أي: قدر رمح، "يقال: قيد رمح، وقيس رمح"1، وقدي رمح، بكسر قاف الثلاثة، وقاد رمح، وقاس رمح، خمس لغات، بمعنى: قدر رمح كلها عن الجوهري، مفرقة في أبوابها. قوله: "تَضَيَّفَت لِلْغُرُوْبِ" قال الجوهري: تضيفت الشمس: إذا مالت للغروب، وكذلك ضافت وضيفت والله أعلم.

_ 1 ما بين الحاصرتين زيادة من "المقنع" ص "61" بتحقيقنا.

باب صلاة الجماعة

بابُ صلاة الجماعة قوله: "لا شَرْطٌ" شرط بالتنوين مرفوعا، عطف على "واجبة" أي: هي واجبةٌ، لا شَرْطٌ. قوله: "لأهل الثَّغْرِ" قال الجوهري: الثغر: موضع المخافة من فروج البلدان، وقال عياض: والثَّغْرُ: أصله الفتح في الشيء، ينفذ منه إلى ما وراءه. قوله: "في غير المَسَاجِدِ الثلاثة": هي المسجد الحرام، ومسجد

النبي صلى الله عليه وسلم والأقصى التي ذكرت في الحديث الصحيح1. قوله: "إلَّا أَنْ يَخْشَى فَوَاتِ الجَمَاعةِ فَيَقْطَعُهَا" بضم العين على الاستئناف. قوله: "فِي سَكَتَاتِ الإِمَامِ" بفتح الكاف، على ما قرر في سجود السهو، وهي ثلاث: في الركعة الأولى: قبل الفاتحة، وبعدها. وقبل الركوع. واثنتان في سائر الركعات، بعد الفاتحة، وقبل الركوع. قوله: "لِطَرَشٍ" قال الجوهري: الطرش أهون الصمم، يقال: هو مولد، وقال أبو منصور اللغوي: والطرش ليس بعربي، وهو بمنزلة الصمم، وقيل: أقل من الصمم، وقالوا: طرش، يطرش، طَرَشًا2. " فصل في الإمامة "3 قوله: "السُّنَّةُ أن يؤم القومَ أَقْرَؤهم" أي أكثرهم قُرْآنًا، فإنا تساويا في قدر ما يحفظ كل واحد منهما فأولاهما أجودهما قراءة وإعرابا، فإن كان أحدهما أكثر حفظا والآخر أجود قراءة وأقل لحنًا، فالجيد القراءة أولى. ذكر ذلك المصنف في "المغني" ثم قال: فإن اجتمع فقيهان قارئان وأحدهما أقرأ والآخر أفقه، قدم أقرؤهما نص عليه، وقال ابن عقيل: يقدم الأفقه فإن اجتمع فقيهان أحدهما أعرف بأحكام الصلاة والآخر أعراف بما سواها، فالأعلم بأحكام الصلاة أولى.

_ 1 قلت: وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى" الذي رواه البخاري رقم "1189" ومسلم رقم "1397" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 2 في "تاج العروس" "طرش": وأطروش: كلمة عبية ويمكن أن من أنكره لم تقع إليه هذه اللغة اهـ. ولابن درستويه والشافعي رحمه الله وابن فارس كلام يدل على ثبوتها في غلة العرب. 3 لم يرد هذا العنوان في "ش" و "ط" وأثبتناه من "المقنع" ص "61" بتحقيقنا.

قوله: "ثم أَسَنُّهم" أي: أكبرهم سنا، وظاهر قول الإمام أحمد رحمه الله تقديم الأقدم هجرة على الأسن، قال الخَطَّابِي: وعلى هذا الترتيب يوجد أكثر أقوال العلماء. قوله: "ثم أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً" قال المصنف في "المغني": معنى تقدم الهجرة، أن يكون أحدهما أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام. وقال الجوهري: الهجر: ضد الوصل، وقد هجره هجرًا وهجرانا، والاسم: الهجرة، والمهاجرة من أرض إلى أرض: ترك الأولى للثانية، ويأتي في باب الفيء أتم من هذا. قوله: "ثم أَشْرَفُهُمْ ثم أتقاهم" قال المصنف في "المغني" قدم أشرفهم، أي: أعلاهم نسبًا وأفضلهم في نفسه وأعلاهم قدرا، آخر كلامه، وأتقاهم: أكثرهم تقوى، والتقوى: ترك الشرك والفواحش والكبائر عن ابن عباس، وأصله من الاتقاء: وهو الحجز بين شيئين. وعن ابن عمر رضي الله عنه: التقوى: أن لا ترى نفسك خيرًا من أحد. وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله: التقوى ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله. وقيل: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: التقوى: ترك مالا بأس به حذرًا مما به بأس1وقيل: جماعها في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَان ... } 2 الآية. قوله: "أَحَقُّ بالإِقَامَةِ" أي: مستحق لها ولا حق لغيره، قال الأزهري: "أَحَقُّ" في كلام العرب له معنيان:

_ 1 كذا في "ط" وهو المثبت وفي "ش": حذرًا مما لا بأس به وكلاهما متجه". 2 سورة النحل: الآية "90".

أحدهما: استيعاب الحق، والثاني: ترجيح الحق1. قوله: "ذا سلطان" قال الجوهري: السلطان: الوالي. وقال صاحب "المستوعب" وذو السلطان -وهو: الإمام- والقاضي: أولى من إمام المسجد، وصاحب البيت، وكل ذي سلمان: أولى من جميع نوابه، وإنما عدل -والله أعلم- عن قولهم: "إلا أن يكون بعضُهُم سُلْطَانًا" لكونه أعم؛ لأن السلطان قد صار كالعلم. قوله: "إِمَامَةُ الفَاسِقِ وَالأَقْلَفِ" تقدم ذكر الفاسق، في باب الأذان، والأقلف: الذي لم يختن وقد تقدم ذكر الختان. قوله: "إمام الحيّ المرجوِّ زَوَالُ عِلَّتِهِ" قال القاضي عياض: الحَيُّ: اسم لمنزلة القبيلة، سميت به؛ لأن بعضهم يحيى ببعض. "وإمام الحَيِّ المرجو زَوَالُ عِلَّته"2 بالجر على البدل "من عاجزًا3" والنصب على الاستثناء، و "المَرْجُوِّ" تابع به في جره ونصبه و "زوال" مرفعوع وجهًا واحدًا. قوله: "إمامةُ الأُمِّيِّ" قال القاضي عياض: الأمي: منسوب إلى

_ 1 وفي "المصباح" ونقله عنه في "التاج": وقولهم هو أحق بكذا يستعمل في معنيين: أ- أحدهما: اختصاصه بذلك من غير مشاركة نحو: زيد أحق بماله أي لا حق لغيره فيه. ب- والثاني: أن يكون أفعل التفضيل فيقضي اشتراكه مع غيره وترجيحه على غيره ... ومن هذا الباب: الأيم أحق بنفسها من وليها، فهما مشتركان ولكن حقها آكد انظر: "المصباح والتاج - حقق". 2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 3 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

الأم، إذ النساء في الغالب من أحوالهن لا يكتبن ولا يقرأن مكتوبا، فلما كان الابن بصفتها، نسب إليها، كأنه مثلها، وقيل: بل المراد بالأمي: أنه الباقي على أصل ولادة أمه، لم يقرأ ولم يكتب، آخر كلامه. وقال الجوهري: وأصل الأم، أُمَّهَةٌ، ولذلك يجمع على أمهات، وقال بعضهم: الأمهات للناس، والأمات للبهائم. وحقيقة الأُمِّي في باب الإمامة ما ذكره المصنف رحمه الله، ولو كان يحسن الكتابة وغيرها. قوله: "أو يَلْحَن فيها" "بفتح الحاء" وقال الجوهري: اللَّحْن: الخطأ في الإعراب، يقال: فلان لحان، أي: يخطىء، ولحانة أيضًا1. قوله: "وأَلْفَأْفَاء والتمتمام" قال الجوهري: رجل فأفاء، على فعلال، وفيه فَأْفَأَةٌ، وهو أن يتردد في الفاء إذا تكلم، والتمتام: الذي فيه تمتمه، وهو الذي يتردد في التاء2. قوله: "من لا يُفْصِحُ بِبَعْضِ الحُرُوفِ" يفصح "بضم الياء" من يفصح لا غير3. قوله: "والجُنْدِيّ" "بضم الجيم وسكون النون، وتشديد الياء" نسبَةٌ

_ 1 ومن معاني لحن في كلامه: إذا صرفه عن موضوعه إلى الإلغاز ... وَلَحَنْتُ له لحنًا: قلت له ما يفهمه عني ويخفي على غيره ذكر ذلك في "الأساس - لحن" وأنشد: "من الخفيف" منطق واضح ويلحن أحيا ... نا وأحلى الحديث ما كان لحِنًا 2 يتردد في التاء: كذا في "ش" وفي "ط": يردد التاء. 3 ومن لا يفصح: لا يبين ولا يظهر من قولهم: أفصح الصبح: ظهر وبان "الأساس - فصح".

إلى جُنْدِ أَحَدِ أجناد الشام. وهي خمس كور دمشق، وحمص، وفلسطين، وقِنِّسْرِيَن، والأردن، والنسبة ترد إلى الواحد، فيقال: جندي. ذكره الزمخشري في كتاب "أساس البلاغة"1. قوله: "فُرْجَةٌ" الفرجة: الخلل بين شيئين. قاله غيره واحد من أهل اللغة "وهي بضم الفاء وفتحها" ذكرهما صاحب "المُحْكَم" والأزهري. وأما "الفُرِجة" بمعنى: الراحة من الغم، فمثلث الفاء. ذكره شيخنا في "مثلثه". قوله: "صلى فذًا" الفذ: الفرد، قاله الجوهري وغيره. قوله: "في طَاق القِبْلَةِ" طاق القبلة: عبارة عن المحراب، قال الجوهري: والطاق ما عطف من الأبنية، والجمع الطاقات والطيقان: فارسي معرب، وقال صاحب "المطالع" طاق البناء: الفارغ ما تحته، وهو الحنية، وتسمى الأزج، ونقل صاحب "المُسْتَوْعِب" روايةً في استحباب وقوف الإمام فيه. قوله: "بين السَّوَارِي" جمع سارية، قال الجوهري: هي الأسطوانة. قوله: "قامت وَسْطَهُنَّ في الصف" تقدم عند قوله في الخطبة: وسطا بين القصير والطويل2. قوله: "أحد الأخبثين" قال الجوهري: الأخبثان: البول والغائط، وقد تقدم بتثليث الخاء من يحضره كذا3.

_ 1 انظر "أساس البلاغة - جند" وكلمة كور استدركناها منه وأثبتناها فذهب الخلل النحوي من العبارة بالمعدود كور ومفرده كورة مؤنث والعدد خمس يخالف المعدود في التذكير والتأنيث. 2 انظر ص "10". 3 وقد تقدم بتثليث الخاء من يحضره كذا في "ط" وفي "ش" وقد تقدم بتثليث الخاء من بحضرة كذا، وما في "ط" أوضح لذلك أثبتناه.

قوله: "والخائف من ضياع مالِهِ" قال الجوهري: ضاع الشيء يضيع ضيعًا وضَيْعَةً وضَيَاعًا "بِالفَتْحِ" أي: هلك، والضيعة: العقار والجمع ضياع، يعني: "بكسر الضاد" وقال صاحب "المشارق" فيها بعد أن ذكر الفتح: وأما بكسر الضاد، فجمع ضائع. قوله: "أو مُلازمةِ غريم" قال الجوهري: والغريم: الذي عليه الدَّيْنُ، يقال: خذ من غريم السوء ما سنح، وقد يكون الغريم: الذي له الدين، قال كثير: "من الطويل" قضى كل ذي دَيْنٍ فوفَّى غريمه ... وعزة ممطول معنى غريمها وقال صاحب "المشارق": والغريم: من عليه الدين، ومن عليها الدين1. قوله: "أو من فَوَاتِ رُفْقَتِهِ" قال الجوهري: الرُّفْقَةُ: الجماعة ترافقهم في سفرك، والرفقة بالكسر، مثله. قوله: "أو الأذى بالمطر والوَحَل" قال الجوهري: الوحل بالتحريك: الطين الرقيق، والتسكين لغة رديئة.

_ 1 قال الأنباري في "أضداده": والغريم: حرف من الأضداد: فالغريم الذي له الدين والغريم الذي عليه قال الشاعر: "من الوافر" تطالعنا خيالات لسلمى ... كما يتطلع الدين الغَرِيمُ والبيت لزهير بن أبي سلمى وهو في ديوانه صفحة: "209" وجاء في شرحه: والغريم الطالب والغريم المطلوب.

باب صلاة أهل الأعذار

باب صلاة أهل الأعذار الأعذار جمع عذر كقفل وأقفال، والعذر: ما يرفع اللوم عما حقه أن

يلامُ عليه، ويقال أيضا: عُذُر "بضم العين والذال" وعِذْرَةٌ ومَعْذِرَةٌ. قوله: "فعلى جَنْبٍ" "خ" بخط المصنف رحمه الله في نسخته في هذا الموضع "خ" معجمة، إشارة إلى أن البخاري روى الحديث المذكور1. قوله: "أومَأ بطرفِه" تقدم ذكر أومأ في باب ستر العودة. "قال الإمام أبو عبد الله ابن مالك في: فَعَلَ وأَفْعَلَ: ومأ وأومأ، ووبأ وأوبأ، وومى وأومى: أشار. واللغات الأربع بالهمز، والخامس منها والسادس بغير همز"2 والطرف "بفتح الطاء وسكون الراء": العين قاله الجوهري. وقال صاحب "المطالع": طرف العين: حركتها، ومنه: هي تطرف، أي تحرك أجفانها. قوله: "فإِنْ قَدِرَ" "بفتح الدال" وبكسرها لغة فيه، حكاها ابن السكيت، نقلهما الجوهري. قوله: "وَعَجَزَ عَنِ الرُّكُوعِ" عجز، "بفتح الجيم" هو المشهور في اللغة، والأفصح، وهو الذي حكاه ثعلب وغيره: يعجز3 "بكسرها" وحكي عن الأصمعي عجز "بكسر الجيم" يعجز بفتحها وحكاها القزاز: في "الجامع" وابن القطاع ويعقوب: في "فعل وأَفْعَلَ" وابن خالويه4،

_ 1 قطعة من حديث رواه البخاري رقم "1117" في تقصير الصلاة: باب إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، ولفظه بتمامه: "صل قائما، فإن لم تستطع فقاعداً، إن لم تستطع فعلى جنب". 2 ما بن الرقمين سقط من "ط". 3 ما بين الرقمين زيادة من "ط". 4 هو أبو عبد الله الحسين بن أحمد، إمام اللغة والعربية وغيرهما من العلوم الأدبية: دخل بغداد وأخذ من علمائها وسكن حلب وهناك انتشر علمه وفاته سنة: "370" هـ، انظر بغية الوعاة: "1/ 529".

وغيرهم، قال المطَرِّزيُّ: والعجز: أن لا تقدر على ما تريده، وقيل: هو الكسل والتواني. قاله ابن السيد في "مثلثه" والمشهور، الفرق بين العجز والكسل. قوله: "ثقات من العلماء بالطِّبِّ" ثقات: جمع ثقة. وهو المؤتمن. قال الجوهري: وثقت بفلان أثق "بالكسر فيهما" ثقة: إذا ائتمنته. والطب: المداواة: "بكسر الطاء". قال الجوهري: والطَّبُّ والطُّبُّ "يعني: بفتح الطاء وضمها" لغتان في الطب، وحكي اللغات الثلاث وغيره. قوله: "في السَّفينة" السفينة معروفة، وجمعها سفن وسفين، قال ابن دريد: سفينة فعيله، بمعنى: فاعلة، سميت بذلك؛ لأنها تسفن الماء، كأنها تقشره1. قوله: "بالوَحْلِ" تقدم في آخر الباب قبله2. قوله: "في قَصْرِ الصَّلَاةِ" قصر الصلاة: ردها من أربع إلى ركعتين، مأخوذ من قصر الشيء إذا نقصه3، ويجوز أن يكون قصرها حبسها عن تمامها، مأخوذًا من قصر الشيء: إذا حبسه4 قال القاضي عياض:

_ 1 "تقشره": كذا في "ش" من قشر معروف وفي "ط" "تقسره" من قسر واقتسر بمعنى: قهر، وكلاهما مقبول. 2 هذه الفقرة بتممها سقطت من "ط". 3 في "المغرب" للمطرزي: وقصر الصلاة في السفر أن يصلي ذات الأربع ركعتين. وفي المصباح المنير، قصرت الصلاة وقصرت من الصلاة من باب قتل وهذه هي اللغة العالية التي جاء بها القرآن الكريم قال تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ} "النساء: 101". 4 في "المغرب": القصر: الحبس ومنه مقصورة الدار: لحجرة من حجرها، ومقصورة المسجد: مقام الإمام.

يقال: قصر من الشيء: إذا نقص منه، وقال أيضا: وَكُلُّ شيء حبسته فقد قصرته. وحكي هذا المعنى غيره أيضا. قال الجوهري: وأقصرت من الصلاة: لغة في "قَصَرْتُ". قوله: "سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسخًا" قال أبو منصور اللغوي: الفرسخ: واحد الفراسخ فارسي معرب. وقال المصنف -رحمه الله- في "المغني"1: فمذهب أبي عبد الله رحمه الله، أن القصر لا يجوز في أقل من ستة عشر فرسخا، والفرسخ: ثلاثة أميال، فيكون ثمانية وأربعين ميلًا. قال القاضي: والميل إثنا عشر ألف قدم، وذلك مسيرة يومين قاصدين، وذكر صاحب "المسالك"2 أن من دمشق إلى القطيفة، أربعة وعشرين ميلا، ومن دمشق إلى الكسوة، اثنا عشر3 ميلًا، ومن الكسوة إلى جاسم، أربعة وعشرين ميلا، وحدد بعضهم الميل الهاشمي بأنه ستة آلاف ذراع، والذراع أربع وعشرون إصبعا معترضة معتدلة، والإصبع ست شعيرات معترضات معتدلات. قوله: "الرُّبَاعِيَّة" تقدم في صفة الصلاة4. قوله: "بُيُوتَ قَرْيَتِهِ" قال الجوهري: القرية معروفة5 والجمع،

_ 1 انظر المغني "3/ 106". 2 انظر "المسالك والممالك" لابن خرداذبة ص "76" من طبعة ليدن. 3 في "ش": "اثنا عشر" وفي "ط": "اثني عشر" وكلاهما صواب. انظر "معجم القواعد العربية" للأستاذ الشيخ عبد الغني الدقر ص "109" رقم "12". 4 انظر ص "106". 5 وقال في "المصباح": والقرية هي الضيعة وقال في "كفاية المتحفظ": القرية كل مكان اتصلت به الأبنية واتخذ قرارًا وتقع على المدن وغيرها. تقول: ومكة المكرمة أم القرى قال تعالى: {وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} "الأنعام: 92".

القُرى على غير قياس؛ لأن ما كان على فعله "بفتح الفاء من المعتل" فجمعه ممدود، مثل: ركوة وركاء، وظبية وظباء، وجاء القرى مخالفًا لبابه، لا يقاس عليه، ويقال: قرية "يعني: بكسر القاف" لغة يمانية، ولعلها جمعت على ذلك. مثل ذروة وذرى، ولحية ولحى. آخر كلامه. والقرية: ما كان مبنيا بحجارة أو لبن أو نحوهما. قوله: "أو خِيَام قَوْمِهِ" الخيام: جمع خيم، بمعنى خَيْمَةٍ، كفرخ وفراخ، والخيمة: بيت تبنية العرب من عيدان الشجر، والجمع خيمات، وخيم، كبدرة وبدر، كله عن الجوهري، وحكى الواحدي: أن خَيْمًا جمع خيمة، كتمرة وتمر فعلى هذا، يكون الخيام جمع جمع، ويسمى المتخذ من العيدان: خباء. قوله: "والمَلَّاحُ" هو صاحب السفينة عن الجوهري وغيره. قوله: "مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ": ضعف: "بفتح الضاد وضمها" لغتان مشهورتان. قوله: "تَحْتَ سَابَاطٍ" قال الجوهري: الساباط: سقيفة بين حائطين تحتهما طريق، والجمع سوابيط، وساباطات. قوله: "حِذَاء العدو" حذاء: بكسر الحاء ممدودا: إزاؤه. قوله: "بالحمدُ لله" "بضم الدال" على الحكاية، بالفاتحة1.

_ 1 الحكاية: أن تجيء بالقول بعد نقله على استبقاء وصورته الأولى كقولك في جواب من قال: ألك تمرتان؟ دعني من تمرتان. ومعنى دعني من تمرتان: دعني من هذا الحديث. ومنه قول القائل: قرأت سورة أنزلناها فقوله: سورة أنزلناها -يعني سورة النور- جملة محكية في محل نصب مفعول به ومنه أيضا كما في "التاج-عار": "من الوافر" وحدنا في كتاب بني تميم ... أحق الخيل بالركض المُعَارُ فقوله: أحق الخيل بالركض المعار جملة محكية في محل نصب مفعول به أول لفعل وجد. والمعار: المضمر من قولهم: عار الفرس إذا ذهب يمينا وشمالا مرحا ونشاطا. وانظر في ذلك أيضا الكشاف للزمخشري عند حديث عن: {الم} البقرة.

قوله: "صَلَّوا رِجَالًا ورُكْبَانًا". قال العزيزي في "الغريب" هما: جمع راجل وراكب، وقال الزَّجَّاجُ: راجل ورجال، كصحب وصحاب، وقال ابن السكيت: يقال: مر بنا راكب: إذا كان على بعير خاصة، وإذا كان على حافر فرس أو حمار، قلت: فارس على حمار: وقيل: غير ذلك، والمراد بالركبان هنا: خلاف المشاة. قوله: "أو سَبُعٍ" سَبْعُ: "بضم الباء وسكونها" لغتان مشهورتان، قرىء بهما، وهو هذا المعروف، وقد يطلق على كل مفترس، كالذئب، والنمر ونحوهما. قوله: "لِسَوادٍ" قال الأزهري والجوهري: السواد: الشخص، والجمع، أسودة ثم أساود جمع الجمع، والله تعالى أعلم.

باب صلاة الجمعة

باب صلاة الجمعة الجُمُعَةُ: "بضم الجيم والميم" ويجوز سكون الميم وفتحها حكى الثلاث: ابن سيدة، وقال القاضي عياض: مشتقة من اجتماع الناس للصلاة، قاله ابن دريد، وقال غيره: بل لاجتماع الخليقة فيه وكمالها. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنها سميت بذلك لاجتماع آدم فيه مع حواء في الأرض1.

_ 1 وروى أحمد في "المسند" "2/ 311" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لأي شيء سمي يوم الجمعة؟ قال: "لأن فيها طبعت طينة أبيك آدم، وفيها الصعقة والبعثة، وفيها البطشة، وفي آخر ثلاث ساعات منها ساعة من دعا الله فيها استجيب له".

ومن أسمائه القديمة: يوم العروبة، وزعم ثعلب، أن أول من سماه يوم الجمعة: كعب بن لؤي، وكان يقال له العروبة، وكانت لأيام الأسبوع عند العرب أسماء آخر، فيوم الأحد: أول، والاثنين: أهون، والثلاثاء: جبار، والأربعاء: دبار، والخميس: مؤنس، والجمعة: عروبة، والسبت: شيار "بالشين المعجمة" قال الجوهري: أنشدني أبو سعيد، قال: أنشدني ابن دريد لبعض شعراء الجاهلية: "من الوافر" أؤمل أن أعيش وأن يومي ... بأَوَّلَ أو بأَهْوَنَ أو جُبارِ أو الثاني دُِبارٍ أو فَيَوْمِي ... بِمُؤْنِسٍ أو عَرُوْبَةَ أو شِيارِ1 قوله: "مُكَلَّفٍ" المكلف في اللغة: الملزم بما فيه مشقة، وفي الشرع: المخاطب بأمر أو نهي، قاله المصنف رحمه الله في "الروضة"2 وهو البالغ العاقل. قوله: "بِبِنَاءٍ" الباء: حرف جر بمعنى: في3 والبناء في الأصل، مصدر بني، وهو هنا مصدر مطلق على المفعول4 أي: بِمَبْنِيٍّ، فلا يجب على أهل بيوت الشعر، وما أشبههم. قوله: "شَمِلَهَا اسمٌ واحِدٌ" "بكسر الميم في الماضي وفتحها في المضارع" وهو الأشهر عند أهل اللغة وحكى يعقوب وغيره: فتح الميم في الماضي، وضمها في المضارع، ومعنى شمل: عم.

_ 1 البيتان في التاج "شير" ولم ينسبهما وبدل "أو فيومي" فيه "فإن يفتني" وهما أيضا في اللسان "أول، هون، جبر، دبر، أنس، عرب". 2 وهو في أصول الفقه ولم يطبع بعد فيما نعلم، انظر "المنهج الأحمد" "4/ 155". 3 قوله: "بمعنى في" زيادة من "ط". 4 قوله مصدر مطلق على المفعول: أي هو مصدر بمعنى اسم المفعول من "بني" أي بناءٌ بمعنى مَبْنِيٍّ.

قوله: "خطبتان" واحدتهما خطبة، بالضم، وهي التي تقال على المنبر ونحوها، وخطبة النكاح "بالكسر" يقال: خطبت المرأة خطبة، وخِطِّيْبَى، وسيأتي في النكاح بأتم من هذا1. قوله: "على مِنْبَرٍ" "المنبر بكسر الميم"، قال الجوهري: نبرت الشيء، إذا رفعته، ومنه سمي، المنبر. قوله: "فاجْتَزُِىء" يقال جزأت بالشيء، واجتزأت به، وتجزأت به، بالهمز: إذا اكتفيت به، كله عن الجوهري. قال ابن القطاع: وجزأ الشيء وأجزى: كفى2. قوله: "وَيُبَكِّرُ" يقال: بكرت بتخفيف الكاف، وبكرت بتشديدها، وأبكرت، وابتكرت، وباكرت كله بمعنى: حكى الخمسة3 الجوهري، ثم قال: ولا يقال، بكر ولا بكر: يعني بضم الكاف وكسرها. فمضارع الأول، يبكر "بضم الكاف" وباقيها على القياس، والذي هنا يجوز أن يكون مضارع: بَكَرَ وبَكَّرَ وأَبْكَرَ، قال ابن فارس: ومعناه كله: الإسراع، أي وقت كان، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بكر وابتكر" 4 بكر: أسرع، وابتكر: سمع أوائل الخطبة، كما يبتكر الرجل الباكورة من الفاكهة. قوله: "سُورةَ الكَهْفِ": أي: السورة التي يذكر فيها أصحاب الكهف، والكهف: الغار في الجبل.

_ 1 انظر ص "389". 2 و "أجزى" بمعنى أجزأ أي: كفى وأغنى. وأجزى: لغة الفقهاء، قال الأزهري: والفقهاء يقولون فيه أجزى من غير همز "المصباح - جزي". 3 كذا في "ش" و "ط": "الخمسة" وهو يصح على تقدير المعدود: أقوال. 4 قطعة من حديث رواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" "2/ 210-211" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وهو حديث ضعيف.

قوله: "فُرْجَةٌ" تقدم في "باب صلاة الجمعة"1. قوله: "فيتخطى إليها" بغير همز.

_ 1 انظر ص "128" وهذه الفقرة بتمامها لم ترد في "ط".

باب صلاة العيدين

باب صلاة العيدين واحِدُ العيدين عيد، وهو يوم الفطر، ويوم الأضحى، وسمي بذلك قال القاضي عياض: لأنه يعود ويتكرر لأوقاته، وقيل: يعود بالفرح على الناس، وقيل: سمي عيدًا تفاؤلًا ليعود ثانية، قال الجوهري: إنما جمع بالياء وأصله الواو، للزومها في الواحد1، وقيل: للفرق بينه وبين أعواد الخشب. قوله: "تعجيلُ الأضحى وتأخيرُ الفِطْرِ" أي: تعجيل صلاة يوم الأضحى، وتأخير صلاة يوم الفطر، والأضحى: مأخوذ من الأضحاة، وهي لغة في الأضحية على ما ستقف عليه إن شاء الله تعالى، في أول باب الهدي والأضاحي. قوله: "بُكْرَةً وأصيلا" بكرة: عبارة من أول النهار، وأصيلا: الوقت من بعد العصر إلى الغروب وجمعه أصل وآصال، وأصائل، وأصلان، كبعير وبعران، كله عن الجوهري. قوله: "يَحُثُّهمُ"أي: يَحُضُّهُم. قوله: "يَومَ عَرَفَةَ" عرفة: هو يوم التاسع من ذي الحجة، وعرفة غير منون، للعلمية والتأنيث وهي مكان معين محدد، وأكثر الاستعمال: عرفات، قال الجوهري: وعرفات موضع بمنى، وهو اسم بلفظ

_ 1 قوله: في الواحد. أي في المفرد: عيد، وقلبت الواو فيه ياء؛ لسكونها وكسر ما قبلها.

الجمع، فلا يجمع، وقول الناس: نزلنا عرفة، شبيه بمولد، وليس بعربي محض، وسمي عرفات؛ لأن جبريل عليه السلام كان يري إبراهيم عليه السلام، المناسك، فيقول: عَرَفْتَ عَرَفْتُ، نقله الواحدي عن عطاء1، وقيل: لأن آدم عليه السلام، تعارف هو وحواء عليها السلام بها. وكان آدم أهبط بالهند، وحواء بجدة، وقيل غير ذلك، ويأتي في صوم التطوع بأتم من هذا2. قوله: "آخر أيامِ التَّشْرِيقِ" هي الحادي عشر، والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وسميت بذلك من تشريق اللحم، وهو تقديده؛ لأن لحوم الأضحى تشرق فيها، أي: تنشر في الشمس، قاله غير واحد من العلماء3. وقيل: من قولهم: "أَشْرِقْ ثَبِيْرُ كَيْما نُغِيْرُ"4 حكاه يعقوب. وقيل: لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس، حكاه ابن الأعرابي. حكى الأقوال الثلاثة الجوهري. وقال أبو حنيفة رحمه الله: التشريق: التكبير دبر الصلوات، وأنكره أبو عبيد. حكى ذلك القاضي عياض. قوله: "يُحْدِث" تقدم في باب فرض الوضوء5.

_ 1 هو عطاء بن دينار الهذلي أبو الريان وقيل أبو طلحة. من رجال الحديث الكبار له كتاب في التفسير يرويه عن سعيد بن جبير وفاته سنة: "126"هـ. قال في "تقريب التهذيب": صدوق إلا أن روايته عن سعيد بن جبير من صحيفته. 2 انظر ص "190" وهذه الإحالة من المؤلف لم ترد في "ط". 3 في الأساس "شرق": وشرق اللحم في الشمس ومنه أيام التشريق. 4 انظر "مجمع الأمثال" للميداني: "1/ 362"، وثبير: جبل بين مكة ومنى، وأشرق ثبير: أي: ادخل يا ثبير في الشروق كي نسرع للنحر، قال عمر بن الخطاب رضي اله عنه: إن المشركين كانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير وكانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس. والمثل يضرب في الإسراع والعجلة. 5 انظر ص "33" وهذه الفقرة لم ترد في "ط".

باب صلاة الكسوف

بابُ صلاةِ الكسوفِ الكُسُوفُ: مصدر كسفت الشمس: إذا ذهب نورها، يقال: كسفت الشمس والقمر، وكسفا وانكسفا، وخسفا وخسفا، وانخسفا، ست لغات، وقيل: الكسوف مختص بالشمس والخسوف بالقمر، وقيل: الكسوف في أوله والخسوف في آخره، وقال ثَعْلَبُ: كسفت الشمس وخسف القمر، هذا أجود الكلام. قوله: "فَزِعَ النَّاسُ" أي: بادروا إليها "بكسر الزاي" ويقال أيضا: فزع: إذا هب من نومه ويقال: فزع وأفزع: إذا خاف، وفزعه "بفتح الزاي وكسرها" وأفزعه: إذا أغاثه والفتح أفصحها: قاله القاضي عياض. قوله: "ويُنَادي لها: الصَّلَاةَ الجامعةً" بنصب الصلاة على الإغراء و"جامعةً" على الحال، قال القاضي عياض: الصلاة جامعة. أي: ذات جماعة أو جامعة للناس. قوله: "فَيُسَمِّع ويُحَمِّد" أي: يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. قوله: "إلا الزلزلةِ الدائمةِ" قال القاضي عياض: الزلزلة: رجفة الأرض واضطرابها، وعدم ثبات سكونها، وهو هنا مجرور على البدل من شيء، ويجوز نصبه على الاستثناء، والأول أفصح.

باب صلاة الاستسقاء

باب صلاة الاسْتِسْقَاء الاستسقاء: استفعال من السقيا، قال القاضي عياض: الاستسقاء: الدعاء بطلب السقيا، فكأنه يقول: باب الصلاة لأجل طلب السقيا. قوله: "أَجْدَبَتِ الأَرْضُ وقَحِط المَطَرُ" يقال: أجدبت الأرض،

وَجَدَبَتْ، وَجَدُبَتْ، وجدبت "بفتح الدال وضمها وكسرها، أربع لغات" وكلها بالدال المهملة: إذا أصابها الجذب. قال الجوهري: ويقال: قُحِطَ الناسُ: "بضم القاف وفتحها" وأَقْحَطُوا وأُقْحِطوا "بضم الهمزة وفتحها" حكى الأربع أبو عثمان في "أفعاله". قوله: "وأحكامِها" "بكسر الميم" عطفا على موضعها. قوله: "وَعَظَ النَّاس" قال ابن فارس: الوعظ: التخويف. قال: وقال الخليل: هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب. وقال الجوهري: هو النصح والتذكير العواقب. قوله: "والتَّوْبَة من المعاصي والخُرُوج مِنَ المظالِمِ": المعاصي: جمع معصية، وهي كل ما عصي الله به. والمظالم: جمع مظلمة "بفتح اللام وكسرها" وهي ظلامات العباد، فالمعاصي أعم من المظالم، والظلم: ضع الشيء في غير موضعه، قاله غير واحد من أهل اللغة. قوله: "وَتَرْكِ التَّشَاحُنِ" قال الجوهري: الشحناء: العداوة، فكأن التشاحن، تفاعل من الشحناء. قوله: "مُتَوَاضِعًا" أي: متقصدًا للتواضع: وهو ضد التكبر. وقوله: "مُتَخَشِّعًا" أي: متقصدا للخشوع، والخشوع، والتخشع والإخشاع: التذلل، ورمي البصر إلى الأرض، وخفض الصوت، وسكون الأعضاء. قوله: "مُتَذَلِّلًا مُتَضَرِّعًا" قال الجوهري: تذلل له، أي: خضع وتضرع إلى الله، ابتهل، فكأنه يخرج خاضعا مبتهلا في الدعاء. قوله: "والشُّيوخ" الشيوخ جمع شيخ وله جموع ثمانية: مشايخ، والباقي نظمها شيخنا الإمام أبو عبد الله بن مالك قدس الله روحه في هذا البيت وهو: "من البسيط"

شَيْخٌ شُيُوخٌ ومَشْيُوخاءُ مَشْيَخَةٌ ... شِيَخَةٌ شِيْخَةٌ شيخَانُ أَشْيَاخُ والمرأة شيخة، وقد شاخ يشيخ شيخاً "بالتحريك": صار شيخاً وهو من جاوز الخمسين. قوله: "اسقنا" بوصل الهمزة وقطعها. قوله: "غَيْثاً مُغِيثًا" إلى آخر الدعاء. قال الجوهري: الغيثُ: المطرُ، وكذا قال عياض. وقال: قد يُسمى الكلأُ غيثاً، والمُغيثُ من الشدة: يقال: أغاثهُ، وغاثهُ، ذكرهما شيخنا ابن مالك في "فَعَلَ وأَفْعَلَ" ولم يذكر الجوهري غير الثلاثي، وقال: وغِيْثَتِ الأرضُ، فهي مغيثةُ ومغيُوثَةُ. والهنيءُ، ممدودًا مهموزًا، هو الطيبُ المساغُ الذي لا يُنغصهُ شيءُ1، ومعناه هنا: أنه منم2 للحيوان وغيره من غير ضرر ولا تعب. والمريءُ: ممدودًا مهموزاً أيضاً: المحمود العاقبة، يقال: مرأني الطعام، قال الجوهري: وقال بعضهم: أمرأني، وحكاها شيخنا وغيره. والغدق "بفتح الدال وكسرها" والمُغْدِقُ: الكثير الماء والخير، قال الأزهري. قال الجوهري: غدقت العينُ "بالكسر": أي: غَزُرَتْ، فالغدق "بالفتح" مصدرُ، "وبالكسر" صفةُ "والمُجَلِّلُ" قال الأزهري: هو الذي يعم البلاد والعباد نفعهُ، ويغشاهُم خيرُهُ. وقال رحمه الله: "السَّحُّ": الكثير المَطَر، الشِّديدُ الوَقعِ على الأرض، يقال: سح الماء يسح: إذا سال من فوق إلى أسفل، وساح يسيح: إذا جرى على وجهِ الأرض.

_ 1 لا يُنغِّصُهُ شيء: كذا في "ش" وهو أجود وفي "ط": "لا يُنَقِّصُهُ شيءُ". 2 كذا في "ش" وفي "ط": "مُتَمً".

و"العامُّ": الشاملُ و"الطَّبَقُ" "بفتح الطاء والباء" قال الأزهري: هو العام الذي طبق البلاد مطره. "والقانطون: الآيسون" قال الأزهري: سُقيا رَحْمَةٍ: وهو أن يغاث الناسُ غيثاً نافعاً لا ضرر فيه، ولا تخريب. والهدْمُ: "بسكون الدال" والغَرَقُ "بفتح الغين والراء" واللَّأوَاءُ: ممدودا: الشدَّةُ، وقال الأزهري: الَّلأْوَاءُ: شدَّة المَجَاعَةِ، يُقَالُ: أصابتهم لأواء ولولاء وشَصَاصَاءُ، وهي كلها، السنة1. والجهد، وقلة الخير، والجَهْدُ"بفتح الجيم: المشقة "وبضمها وفتحها": الطاقة، قاله الجوهري وغيره. "والضَّنْك": الضيق، قاله الجوهري: وقال القاضي عياض: الضيقُ والشدَّةُ. قال الجوهري: الضَّرْعُ لكُلِّ ذات ظِلْفٍ أو خُفٍّ

_ 1 السَّنَةُ: وقد غلبت على القحط، وتجمع على: سنون وسَنهَات وسنوات قاله المطرزي في المغرب ومنه قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا قطع في عام سنة" وفي الحديث الشريف: " ... كسنيِّ يوسُفَ". ومنه أيضاً قول الصِّمةَ بن عبد الله القشيري: "من الطويل" دعاني من نجد فإنِّ سنينهُ ... لعبنَ بنا شيباً وشيبننا مُرْدًا وتعرب بالواو رفعا وبالياء نصباً وجراً إلحاقاً لها بإعراب جمع المذكر السالم وهنا نصبه بالفتحة على النون -وإلا لوجب حذف نونه بالإضافة فيقول فإن سنيه- وقد حكى ذلك الفراء عن بني عامر وبني تميم إذ يعربون بنين وسنين يحركان ظاهره ولا يلحقونها هي وأشباهها بإعراب جمع المذكر السالم ومنهم من رأى إلزام جمع المذكر السالم نفسه وكل ما ألحق به النون وإعرابه بحركات ظاهرة، انظر "أوضح المسالك": "1/ 36-45".

قال الأزهري: أراد بقوله: فأرسِلِ السماءَ: السحاب، والمدرارُ: الكثير الدَّرِّ والمَطَرِ1. قوله: "رداءُه" يأتي تفسيره في باب الإحرام إن شاء الله تعالى. قوله: "ينزِعُوه" بكسر الزاي. قوله: "عادوا ثانياً وثالثاً" أي: عَوْداَ ثانياً2 وثالثاً، صفة لِمَصْدَرٍ محذوف. قوله: "ويُخْرج رَحْلَهُ" قال الجوهري: الرَّحل: مسكَنُ الرَّجُلِ، ومَايستحب من الأثاثِ. قوله: "حوالينا" قال القاضي عياض: أنزلهُ حوالي المدينة، حيثُ مواضع النبات، لا علينا في المدينة ولا في غيرها من المباني والمساكن، يقال: هم حوله وحوليه وحواليه3 وحواله. قوله: "على الظِّرَابِ والآكام" قال القاضي عياض: الظرابُ جمعُ ظرب، قال الجوهري: الظرب بكسر الراء واحد الظراب، وهي الروابي الصغار، وقال مالك: الظرب، الجُبَيْلُ، المنبسط "والآكام" "بفتح الهمزة تليها مدة" على وزن آصال، و"بكسر الهمزة بغير مد" على وزن جبال فالأول. جمع أكم، ككتب، وأكم جمع إكام، كجبال، وإكام جمع أكم كجبل، وأكم واحده أكمة هكذا ذكره الجوهري. فالأكمة مفرد جمع أربع مرات: أكمة، ثم أكم "بفتح الهمزة والكاف" ثم إكام، كجبال، ثم أكم كعنق، ثم آكام كآصال، وقال القاضي عياض: وهو

_ 1 ما بين الرقمين مستدرك على الهامش في "ش" وهناك إشارة في مكان سقوطه. 2 ومحلها من الإعراب نائب مفعول مطلق. 3 حواليه: كذا بفتح اللام وسكون الياء المثناة تحت قال الصاغاني: لا تقل حواليه لكسر اللام "التاج والصحاح - حول".

ما غلظ من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلًا، وكان أكثر ارتفاعًا مما حوله، كالتلول ونحوها، وقال مالك: هي الجبال الصغار، وقال غيره: هو ما اجتمع من التراب، أكبر من الكُدَي ودون الكِبَال، وقال الخليل، هي من حجر واحد، وقيل: هي فوق الرابية ودون الجبل. "الآية" هو منصوب بفعل مقدر، أي: إقرأ الآية إلى آخرها، والله أعلم.

كتاب الجنائز

كتاب الجنائز الجنائز: جمع جنازة، قال صاحبُ "المشارق": الجِنَازَةُ: "بفتح الجيم وكسرها" إسم للميِّت والسرير، ويقال للميت "بالفتح" وللسرير "بالكسر" وقيل بالعكس، آخر كلامه. وإذا لم يكن الميت على السرير لا يقال له جنازة ولا نعش وإنما يقال له: سرير، نص على ذلك الجوهري، وقال الأزهري: لا يسمى جنازة حتى يشد الميت مكفنًا عليه، وقال صاحب "المُجْمَلِ" جنزت الشيء، إذا سترته، ومنه اشتقاق الجَنَازَةِ. قوله: "عيادَة المريض" أي: زيارته وافتقاده، قال القاضي عياض: سميت عيادة؛ لأن الناس يتكررون، أي: يرجعون؛ يقال: عدت المريض عوداَ وعيادة الياء منقلبة من واو. قوله: "التَّوْبَةُ" تقدم تفسيرها مُستَوفىً في باب الحيض. قوله: "نُزِلَ به" مبنيُّ للمفعول1، قال القاضي عياض، أي: نزل به الملك لقبض روحه. قوله: "سُورَة يس" "هو بسكون النون" حكاية القراءة. قال الزجاج: وبعضهم يقول: {يس} "بفتح النون" على أنه اسم للسورة حكاية، كأنه قال: أتلُ يس، ويس على وزن هابيل وقابيل لا ينصرفُ،

_ 1 مبني للمفعول: أي مبني للمجهول. ومبني للمفعول من اصطلاحات الكوفيين.

والتسكينُ أجود؛ لأنها حروف هجاء جاء في التفسير معناه: يا إنسان، وجاء أيضا: يا رَجُلُ، وجاء أيضا: يا محمد، والذي عند أهل العربية أنه بمنزلة {ألم} افتتاح السورة1. قوله: "وسَجَّاهُ" قال الجوهري: سجيت الميت تسجية: إذا مددت عليه ثوبًا. قوله "مِرْآة" "هي بكسر الميم": التي ينظر فيها "وبفتحها": المنظر الحسن، كلاهما عن الجوهري. "ويأتي في محظورات الإحرام أتم من هذا"2. قوله: "صُدْغيْهِ" الصُدْغُ: ما بين العين والأُذُنِ، قاله الجوهري3. قوله: "مع سُرِّيَّتِهِ" قال الجوهري: السرية: الأمة التي بوأتها بيتا، وهي: فعلية4، منسوبة إلى السر، وهو الجماع والأخفاء؛ لأن الإنسان كثيرا ما يسر بها ويسترها عن حرته، وإنما ضمت سينه؛ لأن الأبنية قد تغير في النسبة خاصة، كما قالوا في النسبة إلى الدهر، دُهْرِيٌّ وإلى الأرض السهلة، سُهْلِيٌّ، والجمع السراري وكان الأخفش يقول: إنها مشتقة من السر؛ لأنه يسر بها، يقال: تسررت جارية وتسريت، كما قالوا: تظننت وتظنيت، وقال الأزهري: السرية فعلية من السر، وهو الجماع، وسمي

_ 1 ذكر ذلك كله المفسرون والذين ألفوا في علوم القرآن الكريم. انظر مثلًا: "تفسير الفخر الرازي": "مفاتيح الغيب" عند حديثه عن "طه"، وانظر أيضًا "رسالة الخادمي عن الحروف المقطعة في أوائل السور" عند حديثه عن {يس} و {طه} . 2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 3 وفي "الأساس صدغ": الصُّدْغُ: ما بين اللحاظ إلى أصل الأذن ومنه: المصدغة للمخدة. 4 كذا في "ش" وفي "ط": "فَعِيْلَة".

سِرًا: لأنه في السر يكون، وضموا السين ولم يكسروها؛ لأنهم خصوا الأمة بهذا الاسم، فولدوا لها لفظا فرقوا به بين المرأة التي تنكح وبين الأمة التي تتخذ للجماع. قوله: "فَيُنَجِّيَه" أي: يغسل موضع النجو، قال الجوهري: النجو: ما يخرج من البطن. قوله: "شَفَتَيهِ" تثنية شفة بتخفيف الفاء. قوله: "وفي مَنْخريْهِ" تثنية منخره "بفتح الميم وكسر الخاء" قال الجوهري: المَنْخِرُ: ثقبُ الأنفِ، وقد تكسر الميم، إتباعاً لكسر الخاء، كما قالوا: مِنْتِن، وهما نادِران، والمَنْخُورُ لغة فيه، آخر كلامه. قال شيخنا أبو عبد الله بن مالك رحمه الله: كل ما في كلامهم مفعول، فهو مفتوح الميم، إلا "مُعْلُوقًا" اسم لما يعلق به الشيء، و "مُغْرُورًا" ضرب من الكمأة، و "مُزْمُورًا" لغة في المزمار، و"مُغْبُورًا" و "مُغْثُورًا" و "مُغْفُروًا" الثلاثة اسم لشيء ينضحه شجرُ العُرْفُط حُلْوٌ كالناطف. و"مُنخوراً" فهذه سبعةُ الفاظ، وما سواها مفتوح. قوله: "فَيَغْتَسِلُ برغوته" قال الجوهري: والرغوة فيها ثلاث لغات، رَغوة، ورُغوةٌ، ورغوة وهي معروفة، وزبدُ كل شيء: رَغْوتُه. قوله: "يَنْقَ" تقدم في الاستنجاء. قوله: "والخلال" قال الجوهري: الخلالُ: العودُ الذي يُتخلَّلُ به، وما يُخَلُّ به الثَّوْبُ، والجمع الأخلَّة. قوله: "والأُشْنَانُ" تقدم في باب إزالة النجاسة. قوله: "ثلاثة قرون" القرن: الخُصْلَةُ من الشعر، والجمع قرون، قالهُ الجوهري.

قوله: "ويُسْدَلُ" أي: يرخى ويرسل، وقد تقدم معناه في باب ستر العورة. قوله: "حشاهُ بالقُطْنِ" يأتي بأتم من هذا في زكاة الخارج من الأرض. قوله: "فَبِالطِّين الحُرِّ" أي الخالص. قوله: "والشيهدَ" الشهدُ: ثلاثة أقسام: شهيدُ الدنيا والآخره، وهو المقتول في المعركة مخلصا، وشهيد في الدنيا فقط، وهو المقتول في المعركة مرائيا ونحوهُ، وشهيد في الآخرة فقط وهو من أثبت له الشارع الشهادة، ولم تجر عليه أحكامُها في الدنيا كالغرَقِ ونحوه، ويسمى شهيداً: لأنه حيّ. وقيل: لأن الله تعالى وملائكتهُ شهدُوا له بالجنَّةِ. وقيل: لأن الملائكة تشهدُه. وقيل: لقيامه بشهادة الحق حتى قتل. وقيل: لأنه يشهد ما أُعدَّ لَهُ من الكرَامَةِ بالقتل. وقيل: لأنه شهد لله بالوجود والإلهيَّة بالفعل، كما شهد غيره بالقول. وقيل: لسقوطه بالأرض، وهي الشَّاهِدَة. وقيل: لأنه شُهدَ لَهُ بوُجُوبِ الجَنَّةِ. وقيل: من أجل شاهده، وهو: دمُهُ. وقيل: لأنه شُهد له بالإيمان وحُسْنِ الخاتمة بظاهر حاله فهذه عشرة أقوال، ذكر السبعة الأول ابن الجوزي، والثلاثة: ابن قرقول في "المطالع"1.

_ 1 هو أبو إسحاق، إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزي. تقدم ذكره والحديث عنه وعن "المطالع".

قوله: "يُزَمَّل في ثيابه" أي: يُلفُّ، قال الجوهري، زمله في ثوبه، أي: لفه فيه. قوله: "وُلِدَ السّقْطُ" السُِقط: المولود قبل تمامه "بكسر السين وفتحها وضمها"1. والسِّقْطُ أيضًا: منقطع الرمل، والساقط من النار عند القَدْحِ، باللغات الثلاث فيها، كله عن الجوهري، وابن السكيت، وغيرهما. قوله: "بعد تَجْميرها" بالجيم، أي: بعد تبخيرها عن عياض وغيره. قوله: "ويُجْعَلُ الحَنُوطُ" قال القاضي عياض: والحنُوط "بفتح الحاء": ما يُطيَّبُ به الميتُ من طيبٍ يخلط، وهو الحناط، والكسر أكثر. قوله: "كالتُبَّانِ" "بالضم والتشديد": سراويلُُ صغيرٌ مقدار شبرٍ، يستر العورة المغلظة فقط يكون مع الملاحين، كله عن الجوهري: قوله: "ومَثَانَته" قال الجوهري: المَثَانَةُ: موضع البول، بالثاء المثلثة. قوله: "منافِذِ وَجْهِهِ، ومواضع سجودِهِ" منافذ وجهه: عيناه وفمُهُ، وأنفُهُ، ومواضعُ سجوده: جبهته، وأنفه وكفاه، وركبتاه، وقدماه. قوله: "ومِئْزَرٍ" المئزر "بكسر الميم مهموزاً": الإزار، كقولهم،

_ 1 في "التاج" سقط: السقط مثلثه الولد يسقط من بطن أمِّه لغير تمام والكسر أكثر والذكر والأنثى سواء ومنه الحديث: "لأن أقدم سقطًا أحب إلي من مائة مستلئم", المستلئم: لابس عدة الحرب. يعني أن ثواب السقط أكثر من ثواب كبار الأولاد.

مِلْحَف، ولِحَافٌ، ومِقْرَمٌ وقِرامٌ، كله عن الجوهري. قوله: "مُنْقَلَبنا ومَثْوَانا" يجوز أن يكونا مصدرين أي: انقلابنا وثوانا1، ويجوز أن يراد بهما المنزل، قال الجوهري: المُنْقَلَبُ: يكون مكاناً، ويكون مصدراً، وقال أبو السعادات: المثوى: المنزلُ. قوله: "والسُّنَّةُ" السنة في اللغة: السيرة: أنشد الجوهري للهذلي: "من الطويل" فلا تجز عن من سُنَّةٍ أنت سرتها ... فأول راض سُنَّةً من يسيرها2 والسنة: الطريقة التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشرع الاجتماع عليها، وجمعها: سنن، كغرفة، وغرف. قوله: "نُزُله" النزل "بضم النون والزاي": ما يهيأ للضيف أول ما يقدم، وقد تسكن زايه. قوله: "وأوسعْ مَدْخَلَهُ" بفتح الميم، أي: موضع الدخول، وأما بضم الميم: فهو الإدخال، وليس هذا موضعه. قوله: "وزوجًا" الزوج بغير هاء، للذكر والأنثى، قال الله تعالى: {اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ} 3، وقد يقال لامرأة من أئمة اللغة، رضي الله عنهم، وأنشدوا على ذلك شواهد يطول ذكرها4.

_ 1 وثوانا: كذا في "ش" وفي "ط": مثوانا. وأصل ثوانا: ثواؤنا مصدر ثوى يثوي ثواء وثويا أي مكث وأقام. 2 البيت في: "أشعار الهذلين" لخالد بن زهير وهو ابن أخت أبي ذؤيب الهذلي انظر شرح أشعار الهذليين صفحة "213". 3 سورة البقرة: الآية "35". 4 من هذه الشواهد قول الفرزدق: "ديوانه: "605". واللسان والصحاح والتاج - زوج، وفي التاج بول أيضا": "من الطويل" وإن الذي تسعى يحرش زوجتي ... كساع إلى أسد الشرى يستبيلها حيث أورده بالتاء. وفي "المصباح - زوج": والرجل زوج المرأة وهي زوجة أيضًا، هذه هي اللغة العالية وبها جاء القرآن الكريم، نحو: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّة} وبالنسبة للمرأة يقال لها "زَوْجٌ" اللغة العالية، وزوجة بالتاء وارد عن أهل نجد وغيرهم من العرب وذلك عند خوف اللبس.

قوله: "وفَرَطا" الفَرَطُ "بفتح الفاء والراء": الذي يتقدم الواردة، فيهيء لهم ما يحتاجون إليه، وهو في هذا الدعاء، الشافع يشفعُ لوالديه، وللمؤمنين المصلين عليه حكاه القاضي عياض. قوله: "سَلَفِ المؤمنين" قال الجوهري: سلف الرجل: آباؤه والمتقدمون. قوله: "عذابَ الْجَحِيم" الجحيمُ: اسم من أسماء النار، قاله الخليل والجوهري وغيرهما. قال الخليلُ: هي النارُ الشديدة1. قوله: "على الغالِّ" الغالُّ: لُغةّ: هو الخائنُ2، قال القاضي عياض: لكنه صار في عرف الشرع لخيانة المغانم خاصَّةً، يقال: غَلّ، وأَغَلّ، وحكى اللغتين، جماعة غيره. قوله: "على الجوارح" الجوارح، جمع جارحة: وهي الأعضاء التي يكتسب بها الإنسان، قاله الجوهري. قوله: "ولا يُسَجَّى القَبْرُ" أي: لا يغطى، قال الخليل: سجيتُ الميت: غطيته بثوب. قوله: "ويُلْحَدُ له" يلحد "بضم الياء وفتحها" يقال: لحد، وألحد، لغتان مشهورتان حكاهما غير واحد، واللحد "بفتح اللام":

_ 1 الجحيم: من جحم النار كمنع أو قدها ومن الجاحم والجحمة وكلها تفيد شدة النار وقوتها القاموس "والتاج - جحم". 2 الخائن: كذا في "ط" وفي "ش" الخاص وهو خطأ.

الشَّقُ في جانب القبر، قال الجوهري، قال: والضم لغة فيه. قوله: "اللَّبِنُ" "بفتح اللام وكسر الباء": ويجوز كسر اللام وسكون الباء، وهما لغتان مشهورتان في "المفرد" وقد تقدم ذلك في باب ستر العورة1. قوله: "مِلَّةِ رَسولِ الله" ملته: دينه، وشريعته. قوله: "ويحثوا الترابَ في القَبْرِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ويُهَالُ عليه" يقال: حثوت التراب وحثيته، وفي المضارع، يحثوا ويحثي، حكاهما كثير من أهل اللغة، ويجوز: حثوات، وحثيات2، وقد جمع المصنف رحمه الله بين اللغتين فقال: يحثوا بالواو وحثيات بالياء، ويهال: أي: يصب. يقال: هيل التراب، وأُهِيلَ، لُغَةٌ فيه. قوله: "مُسَنِّمًا" تسنيم القَبْرِ: خلاف تسطيحه، وهو جعله كالسنام. قوله: "تجصيصُه" تجصيصه: بناؤه بالجص وهو ما يبنى به، وقد تقدم في التيمم3. قوله: "لضَرُورَةٍ" "بفتح الضاد": كالضرر، يقال: ما عليك ضرر، ولا ضرورة. قوله: "حاجِزٌ" أي: حائل. "وتَسْطو عليه القوابل" أي: يدخلن أيديهن، فيخرجن الولد، قال

_ 1 انظر ص "82". 2 وشرط فتح ثانية أو كسره إتباعها لأول: أن يكون إسما ساكن الحشو صحيحًا سواء انتهى بالتاء كما ذكر أو لم ينته بها كهندات في جمع "هند" انظر "المفصل في علم اللغة" للزمخشري صفحة: "230 - 231". 3 انظر ص "50".

الجوهري: سَطَا الرَّاعي على الناقة: إذا أدخل يده في رحمها ليخرج ما فيها من الوثر: وهو ماء الفحل، وإذا لم يخرج تلقح الناقة، والقوابل جمع قابلة، وهي التي تتلقى الولد عند ولادة المرأة، يقال: قبلت القابلة المرأة "بكسر الباء" تقبلها "بفتحها" قبالة "بكسر القاف" ويقال للقابلة: قبيل، وقبول حكاهما الجوهري. قوله: "زيارَةُ القُبور" قال القاضي عياض: زيارة القبور: قصدها للترحم عليهم1، والاعتبار بهم، قال الجوهري: زرته، أزوره، زورًا، وزيارةً، وزوارةً، حكاها الكسائي. قوله: "دَارَ قَوْم" قال صاحب "المطالع": هو منصوب على الاحتصاص، أو النداء المضاف، ويصح الخفض على البدل من الكاف والميم2. قوله: "لا تَحْرِمَنا" قال الجوهري: حرمه الشيء حرما، مثال سرقة وسرق بكسر الراء وحرمة وحريمة، وحرمانا، وأحرمه أيضا: إذا منعه إياه، فعلى هذا يجوز فتح تاء تحرمنا وضمها. قوله: "تَعْزِيَةُ أهل المَيِّتِ" قال الأزهري: التعزية: التأسية لمن يصاب بمن يعز عليه وهو أن يقال له: تعز بعزاء الله، وعزاء الله قوله: {الَّذِينَ إذَآ أََصَابَتهُم مُّصِيبَةُُُُُ} 3 الآية، وكقوله تعالى: {مَآ أَصَابَ مِن مُصِيبَةِ فِي الأَرضِ وَلَا فيِ أَنُفسِكُم} إلى قوله: {لِكَيلَا تَأسَواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ} 4، ويقال: لك أسوة في فلان، فقد مضى حَمِيْمُهُ وأَلِيْفُهُ، فحسن صبره.

_ 1 أي على الأموات. 2 الأصح أن يقال: على البدل من الكاف؛ لأن الميم لادخل لها بالضمير هي علامة جمع. 3 سورة البقرة: الآية "156". 4 سورة الحديد: الآية "22".

والعَزَاء: اسم أقيم مقام التعزية ومعنى قوله تعز بعزاء الله" أي: تَصَبَّر بالتعزية التي عزاك الله بها مما في كتابه، وأصل العزاء: الصبر، وعزيت فُلانًا، أمرته بالصبر. قوله: "أَخْلَفَ اللهُ عَلَيْكَ" يقال: لمن ذهل له مال أو ولد أو شيء يتوقع حصول مثله أخلف الله عليك، أي: رد عليك مثله وإن لم يوقع حصول مثله كمن ذهب له أب أو أخ أو عم، ولا جد له، ولا والد1: أخلف الله عليك، أي: كان خليفة منه عليك، ذكره ابن فارس والجوهري بمعناه. قوله: "ولا نَقَصَ عَددَكَ" قال الجوهري: نقص الشيء، نقصًا، ونقصانًا، ونقصته أنا، يتعدى ولا يتعدى، فعلى هذا يجوز نصب عددك ورفعه، على أنه مفعول، وعلى أنه فاعل، وأنقصته لغة في نقصته، حكاهما الإمام أبو عبد الله2 بن مالك في "فَعَلَ وأَفْعَلَ". قوله: "ويجوز البُكَاء" قال الجوهري: البكاء يمد ويقصر، فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء. وإذا قصرت، أردت الدموع وخروجها. قوله: "ولا يجوز النَّدْبُ ولا النِّيَاحَةُ" النَّدْبُ: البكاء على الميت وتعديد محاسنه، قال الجوهري قال: والاسم: الندبة بالضم. والنياحة، قال القاضي عياض، النوح والنياحة، اجتماع النساء للبكاء على الميت وتقابلات، والتناوح: التقابل، ثم استعمل في صفة بكائهن بصوت ورنة وندبة، والله تعالى أعلم.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "ولد". 2 "أبو عبد الله": زيادة من "ط".

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة مدخل ... كتاب الزكاة قال ابن قُتَيْبَة1: الزكاة من الزكاء، وهو النماء والزيادة، سميت بذلك؛ لأنها تثمر المال وتنميه، يقال: زكا الزرع: إذا بورك فيه، وقال الأزهري: سميت زكاة؛ لأنها تزكي والفقراء، أي: تنميهم، قال: وقوله تعالى: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} 2 أي: تطهر المخرجين، وتزكي الفقراء. وهي في الشرع: اسم لمخرج مخصوص بأوصاف مخصوصة، من مال مخصوص، لطائفة مخصوصية. قوله: "في أربعة أصناف" الأصناف: واحدها صنف "بكسر الصاد" قال الجوهري: والصنف بالفتح لغة فيه، وهو النوع، والضرب. قوله: "من المالِ" المال: اسم لجميع ما يملكه الإنسان، حكاه ابن السيد، وغيره، وقال ابن سيده في كتاب "العويص"3: العرب لا توقع المال مطلقا إلا على الإبل، وربما أوقعوه على أنواع المواشي، وحكى القالي 4 عن ثعلب: أن أقل المال عند العرب ما تجب فيه الزكاة،

_ 1 انظر "تفسير غريب القرآن" صفحة "31". 2 سورة التوبة: الآية "103". 3 مر اسم ابن سيده وذكر بعض مصنفاته، و"العويص": كتاب له في شرح "إصلاح المنطق" لابن السكيت. انظر: "معجم الأدباء": "12/ 231-235" وفيه يفصل ياقوت في اختلافهم باسم أبيه. 4 انظر: أمالي القالي: "2/ 301" وفيه: وحدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى وهو ثعلب قال: المال عند العرب أصله ما تجب فيه الزكاة، وما نقص من ذلك فلا يقع عليه المال وأنشد على ذلك قول الشاعر مفتخرًا بكرمه وأن أبله لم تبلغ قط حد الزكاة لكثرة ما ينحر أو يهب منها: "من البسيط" والله ما بلغت لي قط ماشية ... حد الزكاة ولا إبل ولا مال

وما نقص عن ذلك لا يقع عليه مال1. قوله: "السَّائمة": هي الراعية. قال الجوهري: سامت الماشية: رعت، وأسمتها، أخرجتها إلى الرَّعْي. قوله: "ملك نصاب" قال الجوهري: النصاب من المال: القدر الذي تجب فيه الزكاة إذا بلغه، نحو: مئتي درهم، وخمس من الإِبِلِ. قوله: "على مليءٍ" يأتي في آخر باب الحوالة2. قوله: "ينقص" تقدم في آخر الجنائز. قوله: "من حِينَ كَمَلَ النِّصابُ" ذكر ابن سيده وغيره: فتح ميم كمل، وضمها، وكسرها، وقال الجوهري: والكَمَالَ: التَّمَام، وفيه ثلاث لغات، والكسر أردؤها. قوله: "زكاتُه الغَنَمُ من الإِبِلِ" والغنم: اسم مؤنث، موضوع للجنس، يقع على الذكور، والإناث، وعليهما جمعيا، والإبل: هو بكسر الهمزة والباء مؤنثة لا واحد بها من لفظها، وربما قالوا: إبل "بسكون الباء للتخفيف" ذكره الجوهري، وقال. تأنيثها لازم، لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها -إذا كانت لغير الآدميين- فتأنيثها لازم، وإذا صغرتها، أدخلت الهاء فقلت، أبيلة، وغنيمة، والله تعالى أعلم.

_ 1 كذا في "ش" والأمالي، وفي "ط": "لا يقع عليه اسم مال". 2 انظر ص "299".

باب زكاة بهيمة الأنعام

باب زكاة بهيمة الأنعام سميت البَهِيْمَةُ بذلك؛ لأنها لا تتكلم، والأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، وقال القاضي عياض النعم: الإبل خاصة، فإذا قيل: الأنعام، دخل فيها، البقر، والغنم، وقيل: هما لفظان بمعنى واحد على الجميع. قوله: "فيجب فيها شاة" قال الجوهري: الشاة من الغنم تذكرت وتؤنث، وفلان كثير الشاء والبعير، وهو في معنى الجمع؛ لأن الألف واللام للجنس، وأصل الشاة، شاهة؛ لأن تصغيرها شويهة، والجمع شياه بالهاء في العدد. قوله "فإن أخرج بعيرًا" قال الجوهري: البعير من الإبل، بمنزلة الإنسان من الناس، يقال للجمل: بعير، وللناقة بعير. وحكي عن بعض العرب، صرعتني بعير أي: ناقتي، وشربت من لبن بعيري، وإنما يقال له: بعير إذا أجذَعَ. قوله: "بِنْتُ مخاضٍ" المخاض "بفتح الميم وكسرها": قرب الولادة، وهو صفة لمصدر محذوف أي: بنت ناقة مخاض، أي: ذات مخاض، قال أبو منصور الأزهري: إذا وضعت الناقة ولدا في أول النتاج، فولدها: ربع والأنثى: ربعة، وإن كان في آخره، فهو: هبع والأنثى: هبعة، فغذا فصل عن أمه، فهو فصيل، فإذا استكمل الحول، ودخل في الثانية، فهو ابن مخاض، والأنثى: بنت مخاض، وواحدة المخاض خلفة من غير جنس اسمها، وإنما سمي بذلك: لأن أمه قد ضربها الفحل، فحملت ولحقت بالمخاض من الإبل، وهي الحوامل، فلا يزال ابن مخاض، السنة الثانية كلها، فإذا استكمل سنتين ودخل في الثالثة، فهو ابن لبون، والأنثى بنت لبون، فإذا مضت الثالثة، ودخل في

الرابعة، فهو حق، والأنثى حقة سميت بذلك؛ لأنها استحقت أن تُرْكَبَ ويُحْمَلَ عليها، فإذا دخلت في الخامسة فالذكر: جذع، والأنثى جذعة، فإذا دخلت في السادسة، فالذكر ثَنِيٌّ، والأنثى ثنية، وهما أدنى ما يجزئ في الأضاحي من الإبل والبقر، والمعزى، "فإذا دخل في السابعة: فالذكر رباع، والأنثى رباعية"1، فإذا دخل في الثانة، فالذكر سدس. وسديس لفظ الذكر والأنثى فيه سوء، فإذا دخل في التاسعة، فهو بازل والأنثى بازل بغير هاء. فإذا دخل في العاشرة فهو مخلف، ثم ليس له اسم، لكن يقال: مخلف عام، ومخلف عامين وبازل عام، وبازل عامين، لطلوع بازله، وهو نابه، ثم لا اسم له بعد ذلك2. قوله: "وليس فيما بين الفريضتين" الفريضتان واحدتهما، فريضة، قال الجوهري: فرض الله علينا كذَا، وافترضه، أي: أوجبه، والاسم الفريضة، والفريضة أيضا: ما فرض في السائمة من الصدقة، يقال أفرضت الماشية أي: وجبت فيها الفريضة: وذلك إذا بلغت نصابا، والفريضتان، الجذعة من الغنم، والحقة من الإبل، وقال الأزهري: الأوقاص ما بين الفريضتين كما بين خمس وعشر من الإبل. قوله: "وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ" السن: واحد الأسنان، وقد يعبر به عن العمر، قال الجوهري: وهو هنا على حذف المضاف، أي: وجبت عليه ذات سن مقدر، كحقة، أو جذعة، أو نحو ذلك. قوله: "من السَّاعي" قال الجوهري: سعى الرجل: إذا عدا، وكذا إذا عمل وكسب، وكل من ولي شيئا على قوم فهو ساع عليهم، وأكثر ما يقال ذلك في ولاة الصدقة.

_ 1 ما بين الحاصرتين سقط من "ش" واستدركناه من "ط". 2 انظر: "التاج - بزل".

قوله: "النوع الثاني البقر" قال الجوهري: البقر اسم جنس، والبقرة تقع على الذكر والأنثى وإنما دخلته الهاء على أنه واحد من جنس1، والجمع البقرات، والبَاقِرُ: جماعة البقر مع رعاتها، والبيقور والبقر. وأهل اليمن، يسمون البقرة: باقورة. قوله: "تبيعٌ أو تبيعةٌ" قال الأزهري: التبيع الذي أتى عليه حول من أولاد البقر. قال الجوهري: والأنثى تبيعة، وقال القاضي: هو المفطوم من أمة، فهو تبيعها، ويقوى على ذلك. قوله: "وفي الأربعين مُسِنَّةٌ" قال الأزهري: المسنة: التي قد صارت ثنية، وتجذع البقرة في الثانية وتثني في الثالثة، ثم هو رباع في الرابعة، وسدس في الخامسة، ثم ضالع في السادسة، وهو أقصى أسنانه، يقال: ضالع سنة وضالع سنتين فما زاد. قوله: "كالبَخَاتِيِّ والعِرَاب" قال الجوهري: الواحد بختي، والأنثى بختيه، والجمع: البخاتي غير مصروف، ولك أن تخفف الياء فتقول: البخاتي، كالأثافي والمهاري، وقال القاضي عياض: هي إبل غلاظ ذوات سنامين، وقال الأزهري: ومن أنواها يعني: البقر العراب، وهي جرد ملس حسان الألوان كريمة. قوله: "والجواميسُ" واحدها جاموس. قال موهوبُ2: هو أعجمي تكلمت به العرب. قوله: "والضَّأْن والمَعِزِ". قال الجوهري: الضائن خلاف الماعز،

_ 1 أي هي تاء الوحدة لا تاء التأنيث. نقول: في نمل نملة، وفي تمر تمرة، وفي قمح: قمحة. وزاد في "التاج - بقر": البقرة من الأهلي والوحشي. 2 هو أبو منصور، موهوب بن أحمد الجواليقي، المتوفى سنة 540 هـ. انظر "شذرات الذهب" "6/ 207".

والجمع الضَّأْنُ وهو خلاف المعز مثل راكب وركب، وسافر وسفر، وضائن مِثْلُ، حارس وحرس، والأنثى، ضائنة والجمع، ضوائن، والمعز من الغنم: خلاف الضأن، وهو اسم جنس، وكذلك، المَعَزُ، والمَعِيز والأُمْعُوز، والمِعْزي، وواحد المَعْزِ، ماعِزٌ، كصاحب، وصحب. قوله: "كرامٌ ولئامٌ وسمانٌ ومهازيل" كرام: واحدها كريم، قال الجوهري: كرم الرجل فهو كريم، وقوم كرام، وكرماء، وقال القاضي عياض في قوله: "واتَّقِ كرائِمَ أموالِهم" جمع كريمة، وهي الجامعة للكمال الممكن في حقها من غرارة لبن أو جمال صورة، أو كثرة لحم أو صوف، وهي النفائس التي تعلق بها نفس صاحبها. وقيل: هي التي يختصها مالكها لنفسه ويؤثرها. وأما اللئام: فواحدتها لئيمة، وهي صفة من لؤم: إذا بَخِلَ ودَنُؤَ، وهي ضد الكريمة. "وأما السِّمانُ: فواحدتها: سمين وهو الكثير اللحم. وفعله: سَمِنَ وسَمُنَ ويقال سمنت الدابة وأسمنتها. وأما المهازيل: فواحدها مَهْزُولٌ، وهو الذي أصابه الهزال، وهو ضد السمن يقال: هزل فهو مهزول وهزلته أنا وأهزلته"1. قوله: "ولا يُؤْخَذُ تَيْسٌ ولا هَرِمةٍ، ولا ذاتُ عوارٍ" التيس: فحل المعز، هذا المعروف والهرمة: الكبير السن، وذات عوار، أي: صاحب عيب "والعَوارُ بفتح العين": العيب، قال الجوهري: وقد تضم عن أبي زيد. قوله: "ولا الرُّبَى" قال الجوهري: والربى على فعلى "بالضم"

_ 1 ما بين الحاصرتين سقط من "ش" واستدركناه من "ط".

الشاة التي وضعت حديثا وجمعها، رُبَابٌ "بالضم" والمصدر: رباب "بالكسر" وهو قرب العهد بالولادة، قال أبو زيد: الربى من المعز، وقال غيره: من الضأن، والمعز جميعا، وربما جاء في الإبل. قوله: "في الخُلْطَةِ" "بضم الخاء": الشركة "ويكسرها": العشرة. قوله: "خُلْطَةُ أعيانٍ، أو خُلْطَةُ أَوْ صَافٍ" سميت خلطة أعيان؛ لأن أعيانها مشتركة وسميت الثانية، خلطة أو صاف؛ لأن نصب كل واحد موصوف بصفة تميزه عن الآخر. قوله: "واشتركا في المُرَاح والمَسْرَح والمَشْرَبِ والمَحْلَبِ والرَّاعي والفَحْلِ". قال الجوهري: المراح "بالضم": حيث تأوي إليه الإبل والغنم بالليل: والمراح "بالفتح": الموضع الذي يروح منه القوم. والمسرح "بفتح الميم والراء": وهو المكان الذي ترعى فيه الماشية. وقول الخرقي رحمه الله: وكان مرعاهم ومسرحهم: ظاهره أن المرعى غير المسرح، فقد قال المصنف رحمه الله في "المغني": فيحتمل أنه أراد بالمرعى. الراعي، ليكون موافقا لقول أحمد، يعني في نصه على اشتراط الاشتراك في الراعي، ولكون المرعى هو المسرح، قال ابن حامد: المرعى والمسرح شرط واحد. المَشْرَبُ "بفتح الميم والراء": المكان الذي يشرب منه، والمحلب "بفتح الميم واللام": الموضع الذي يحلب فيه "وبكسر الميم": الإناء الذي تحلب فيه، والمكان: هو المراد لا الإناء. وقال المصنف في "المغني": وليس المراد خلط اللبن في إناء واحد؛ لأن هذا ليس بمرفق بل مشقة لما فيه من الحاجة إلى قسم اللبن. وقال الجوهري: الفحل معروف، والجمع الفحول والفَحَالُ،

والفِحالَةُ، قال المصنف في "المغني" ومعنى كون الفحل واحدا، أن لا تكون فحولة أحد المالين لا تطرق غيره. قوله: "وإن ثَبَتَ لِأَحَدِهِما حُكْمُ الانْفِرادِ وَحْدَهُ" كثيرا ما رأيت تصوير هذه المسألة يشكل على المبتدئين، ويشكل على غيرهم، وصورتها: أن يمالك رجلان نصابي، ثم يخلطاهما ثم يبيع أحدهما نصابه أجنبيا، فإذا حال الحول، فعلى الأولى شاة، لثبوت حكم الانفراد في حقه، وعلى الثاني، نصف شاة، لكونه لم يزل مخالطًا في جميع الحول. قوله: "بِقَدْر مالِهُ تجوز مالَهُ" "بفتح اللام وضم الهاء" على أن "ما": بمعنى الذي، و"له جار ومجرر، ويجوز "مَالِهِ" "بكسرها" على أن يكون مال مجرورًا بالإضافة. قوله: "أربَعينَ شاةً في المُحَرَّمِ، واربعين في صفرٍ": المحرم: يأتي ذكره في صوم التطوع. وأما صفر، فقال ابن سيده في "محكمه": صفر: الشهر الذي بعد المحرم، قال بعضهم: سمي بذلك لإصفار مكة من أهلها إذا سافروا، وقيل: لأنهم كانوا يغزون القبائل فيه، فيتركون من لقوا1 صفرًا من المتاع. قال ثعلب: الناس كلهم يصرفون صفرًا إلا أبا عبيدة، فإنه لا يصرف للمعرفة والساعة. قال أبو عمر: وأراد أن الأزمنة كلها ساعات وهي مؤنثة. والخليط: الشريك والله أعلم.

_ 1 في "ط": "من لَقوُهُ".

باب زكاة الخارج من الأرض

باب زكاة الخارج من الأرض قوله: "والفُسْتُقُ والبُنْدُقُ" الفستق: "بضم الفاء والتاء" وحكى أبو حفص الصقلي: فتح التاء لاغير. والبندق "بضم الباء والدال" كلاهما معرب، وليس بعربي، ذكرهما موهوب1. قوله: "والزَّهْر" الزَّهْرُ: "بسكون الهاء وفتحها" لغتان، حكاهما الجوهري. وعند الكوفيين أن كل ما كان على فَعْلٍ كَفَلْسٍ، ووسطه حرف حلق، فإنه يجوز فتحه نحو اللحم والفَحْمِ والنَّعْلِ والبغل، وما أشبه ذلك. والبصريون يقصرونه على السماع. "والقطن" هو هذا المعروف، يقال له: قطن، وقطن وعطب وعطب كعسر وعسر فيهما. ويقال له: الكُرْسُفُ أيضا. "كالكُسْفُرَةِ والكمون وبزر القثاء والخيار"2 الكُزْبُرَة: فيها لغات، كزبرة وكسبرة "بضم أول كل واحد منهما وثالثه" وحكى الجوهري: فتح الباء في الكزبرة فقط، وحكى ابن سيده من أسمائها: التَّقِدَة، والتِّقَدَة "بفتح التاء وكسر القاف وعكسه" الأخيرة عن الهروي والتقردة "بكسر أول وفتح ثالثه" ولم أرها تقال بالفاء مع شدة بحثي عنها، وكشفي من كتب اللغة وسؤالي كثيرا من مشايخي منهم: العلامة شمس الدين عبد الرحمن ابن أخي المصنف رحمهما الله، ذكر أنه بحث عنه، فلم ير لها أصلًا.

_ 1 للمعرفة والساعة: أراد للعلمية والتأنيث وهما علتان مانعتان من الصرف: ولعلتين صرف الاسم يمتنع كما قالوا، وفي القاموس أورده مصروفا وقال: وقد يمنع. 2 قبل العبارة فراغ يتسع لكلمة في "ش" وأرجح أن تكون الكلمة: "قوْله".

الكَمُّون "بفتح الكاف، وتشديد الميم وضمها": معروفٌ. وَبِزْرُ القثاء "بفتح الباء وكسرها" قال الجوهري: وهو أفصح، وقال ابن فارس: القِثَّاء معروف، وقد تضم قافة. والخِْيَار: نوع من القثاء، يقال له القَثَدُ واحدته قثدة عن أبي حنيفة. قال الجوهري: الخِيَارُ: القثاء، وليس بعربي1. "والجَفَاف" الجفاف "بفتح الجيم": اليُبْسُ. قوله: "والوَسْقُ" الوسق "بفتح الواو وكسرها" حكاهما يعقوب وغيره، وفي مقداره لغة خمسة أقوال: أحدها: أنه حمل البعير: والثاني: أنه الحمل مطلقا، والثالث: العدل، والرابع: العِدلان، والخامس: ستون صاعًا وهو الصحيح، وهو الذي قدمه الجوهري، ولا خلاف بين علماء الشريعة في كون الوسق ستين صاعًا. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. فجميع النصاب بالرطل الدمشقي الذي هو ستمائة درهم على القول الصحيح في الرطل العراقي المذكور في كتاب الطهارة: ثلثمائة رطل واثنان وأربعون رطلا وستة أسباع رطل. قوله: "إلا الأرُز والعَلَسَ" الأَرُزُّ: الحب المعروف وفيه ست لغات: أرزٌ كأمنٍ، وأرُزٍ كأشد، وأُرُزٌ كعتل، وأَرُز كعضد، ورُزٌ كمد، ورُنْزٌ كقفل. وقد جمعها شيخنا أبو عبد الله محمد بن مالك في بيت وهو: "من البسيط" أَرْزٌ وأُرُزٌ أَرُزٌ صح مع آرُزٍ ... والرُّزُّ والرُّنْزُ قُلْ ما شئت لا عَدَلا

_ 1 في "المغرب - القاف مع الثاء": القثاء: معروف، والقثد: الخيار عن ابن الأعرابي وتفسير القثاء بالخيار تسامح. وعنى بذلك أن كل واحد منهما نوع مستقل عن الآخر يرجعان إلى فصيلة واحدة من فصائل البنات.

وأما "العَلَسُ": "بفتح العين والام" فقال الأزهري: هو جنس من الحنطة، يكون في الكمام منها الحبتان والثلاث. قال الجوهري: وهو طعام أهل صنعاء. وقال أبو الحسن ابن سيده: العلس: حب يؤكل، وقيل ضرب من الحنطة، وقال أبو حنيفة: ضرب من البُرِّجَيِّدٌ غير أنه عَسِرُ الاستِنْقَاءِ1. قوله: "نصاب ثمر النحل والكَرْمِ" قال الجوهري: الكرم: كرم العنب، وقال القاضي عياض في "المشارق" في النهي عن بيع الكرم بالزبيب، وقد نهى صلى الله عليه وسلم أن يقال: لِلْعِنَبِ. الكَرْمُ فيكون هذا الحديث، قبل النهي عن تسميته كرمًا، وسمت العرب. العنب كرما والخمر كرما أما العنب، فلكرم ثمرته، وامتداد ظلها وكثرة حملها وطيبه وتلله للقطف، ليس بذي شوك، ولا ساق، ويؤكل غضا طريا، وزبيبا يابسًا، ويدخر للقوت، ويتخذ شرابًا واصل الكرم: الكثرة والجمع للخير، وبه سمي الرجل، كريما لكثرة خصال الخير فيه، ونخلة كريمة لكثرة حملها، وأما الخمر؛ فلأنها كانت تحثهم على الكرم والسخاء، وتطرد الهموم والفكر، فلما حرمها الله تعالى، نفى النبي صلى الله عليه وسلم اسم الكرم عنها لما فيه من المدح؛ لئلا تتشوق إليها النفوس التي قد عهدتها قبل، وكان اسم الكرم أليق بالمؤمن، وأعلق به، لكثرة خيره ونفعه، واجتماع الخصال المحمود فيه من السخاء وغيره، فقال: "إنما الكرم الرجُلُ المسلِمُ". قوله: "والقَِطْنِيَّاتُ" "هو بكسر القاف وفتحها وتشديد الياء

_ 1 في "القاموس - علي": العَلَس: ... والعَدَسُ، وفي التاج: قال ابن الأعرابي: العدس يقال له العلس. وعبارة: "غير أنه عسر الاستنقاء" كذا في "ش" و "ط" وفي في التاج: "غير عَسير الاستنقاءَ" وفي المغرب: "إلا أنه عسير الاستنقاء". والمراد بالعلس هنا "العَدَس" كما قال ابن الأعرابي والله أعلم.

وتخفيفها" ذكر اللغات الأربع أيضا في "المشارق" وقال الأزهري: وأما القِطْنِيَّةُ، فهي حبوب كثيرة تُقْتَاتُ وتختبز، فمنها الحمص والعَدَسِ، والبُلُسث، ويقال له: البَلَسُ وهو التين1، والمَاشُ والجُلْبَانُ واللَّوبياء "بالقصر والمد". ذكره شيخنا جمال الدين بن مالك في "المقصور والممدود". والدُّخْنُ والجاورس، وحبهما صغارٌ، والرز والباقلي2. والقَثّ: حب يطبخ ويدق، ويختبر منه في المجاعات، سميت هذه الحبوب قطنية، لقطونها في بيوت الناس. قوله: "ما يكتسبُه اللقَّاطُ": الذي يلتقط الحبوب من الأرض3. قوله: "أو يأخذُهُ بِحَصَادِهِ" الحصاد: قطع الزرع ونحوه. قال الجوهري: حصدت الزرع وغيره أحصده وأحصده حصدا، وهذا زمن الحَصَاد، والحِصَاد: يعني "بفتح الحاء وكسرها". قوله: "كالبُطْمِ والزَّعْبَلِ وبَزْرِ قَطُوناءَ" قال الجوهري: البطم: الحبة الخضراء، وقال الخليل: البُطْمُ: شَجَرَةُ الحبة الخضراء، الواحدة: بُطْمَةٌ.

_ 1 في "التاج - بلس": البَلَس: ثمر كالتين يكثر باليمن وقيل هو التين نفسه إذا أدرك والواحدة بلسة. وفيه أيضا: البُلُسَ: العدس المأكول وهذا المعنى الأخير هو المناسب لما ذكر هنا؛ لأن التين ليس من القطنيات والعدس أحد أفراد فصيلتها. 2 كذا في "ش" وفي "ط": "البَاقِلَاءُ" بالمد والتخفيف. وفي هامش "ش": قال الجوهري: والباقلي إذا شددت اللام قصرت وإن خففت مددت، والواحدة باقلَّاة. 3 هذه الفقرة بتمامها لم ترد في "ط".

وأما "الزَّعْبَلُ" فهو شعير الجبل، قاله المصنف في "المغني" وهو بوزن جَعْفَرٍ. و"قَطُونا" "بفتح القاف وضم الطاء" يمد ويقصر: بزر معروف. قوله: "كالغيثِ والسُّيُوح" الغيث تقدم في الاستسقاء1. والسيوح: جمع سيح، قال الجوهري: وهو الماء الجاري على وجه الأرض، والمراد: الأنهار والسواقي ونحوها2. قوله: "كالدوالي والنواضِح" الدوالي: واحدتها دالية: وهي الدولاب تديره البقر، والناعورة يديرها الماء. و"النواضح" جمع ناضح وناضحة، وهما البعير والناقة، يستقى عليه. قوله: "وبدا الصلاح في الثَّمَرِ" أي: ظهر بغير همز، عن الجوهري وغيره. قوله: "بِجَعْلِهَا في الجَرين" قال الأزهري: الجرين: الموضع الذي يجمع فيه التمر إذا صرم، ويترك حتى يتم جفافة. وأهل البحرين يسمونه: الفداء: "مفتوحًا ممدودًا" وأهل البصرة يسمونه المربد، وقال الجوهري: المِسْطَح: الموضع يبسط فيه التمر ويجفف "تفتح ميمه وتكسر".

_ 1 انظر ص "141". 2 وبهذا المعنى استعمله الأعشي ميمون بن قيس على ما روى الكوفيون: "من الطويل". نفى الذم عن رهط المحلق جفنة ... كجابية السَّيْحِ العراقي تفهق الجفنة: أعظم ما يكون من القِصَاعَ، والمُحَلِّق: اسمه عبد العزيز أو عبد العزى بن حنتم سمي المحلق؛ لأن حصانا عضه في وجنته فترك بها أثرًا على شكل الحلقة. انظر "رغبة الآمل من كتاب الكامل": "1/ 24".

قوله: "خُرِصَتْ أو لم تَخْرَصْ" قال القاضي عياض: الخرص للثمار: الحَزْرُ، والتقدير لثمرتها، ولا يمكن إلا عند طيبها والخِرْصُ "بالكسر": الشيء المقدر، وبالفتح: "اسم الفعل" وقال يعقوب: الخِرْص والخَرْص لغتان في الشيء المَخْرُوْصِ، وأما المصدر فبالفتح، والمستقبل بالضم والكسر في الراء1. قوله: "قَبْلَ الجِدَادِ" الجداد: القطع، حكى ابن سيده فيه فتح الجيم وكسرها، وأنه يقال بالدال والذال في النخل وغيره. قوله: "شِراءُ زَكَاته" الشراء يمد ويقصر. قاله الجوهري. قوله: "فُتِحَتْ عُنْوةً" قال القاضي عياض: أي: غَلَبَةً وقهرا، وقد فسره المصنف رحمه الله في باب "حكم الأرضين المَغْنُومَةِ". قوله: "عَشْرَة أَفْرَاقٍ" الأفراق: واحدها فرق "بفتح الفاء والراء" عن ثعلب، وقال ابن فارس وابن سيده: تفتح راؤه وتسكن، وحكى القاضي عياض الوجهين، قال: والفتح أشهر، وقال المصنف رحمه الله: والفَرَقُ: ستة عشر رطلًا بالعراقي، وهو المشهور عند أهل اللغة. قال أبو عبيد: لا خلاف بين الناس أعلمه أن الفرق ثلاثة آصع لحديث كعب بن عجرة. وقال ابن حامد2، والقاضي في "المجرد": الفَرَقُ: ستون رطلًا، وحكي عن القاضي: أن الفرق ستة وثلاثون رطلًا، ويحتمل أن يكون نصاب "العَسَلِ" ألف رطل، لَفَّقْتُهُ من "المغني" و"الكافي". قوله: "في المَعْدِنِ" المَعْدِنُ "بكسر الدال" قال الأزهري: سمي

_ 1 والمستقبل: يريد صيغة المضارع، بالضم والكسر: أي يقال فيه: يخرص ويخرص "بضم الراء وكسرها". 2 "ابن حامد" له ترجة في آخر الكتاب. وانظر ترجمته أيضا في "المنهج الأحمد": "2/ 314-32".

مَعْدِنًا، لعُدُونِ ما أثبته الله تعالى فيه، أي: لإِقَامَتِهِ، يقال: عدن بالمكان يعدن عدونا، والمعدن: المكان الذي عدن فيه الجوهر من جواهر الأرض، أي ذلك كان. وقال الجوهري: سمي بذلك؛ لأن الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء. قوله: "والصِّفرُ إلى آخر الفصل" قال ابن سِيْدَهْ: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: ما صفر منه، والصفر لغة فيه عن أبي عبيدة وحده، والضم أجود. ونفى بعضهم الكسر والصِّفر والصُّفر: الخالي وكذلك الجمع والمؤنث. و"الزِّئْبَقُ" قال الجوهري: فارسي معرب وقد أعرب بالهمز، ومنهم من يقوله: بكسر الباء، فَيُلْحِقُهُ بالزِّئْبِر. والقَارُ: قال الخليل: القير. والقار شيء أسود يطلى به السفن وذكر اللغتين غير واحد. و"النِّفْط" قال الجوهري: النَّفْط والنِّفْط "بكسر النون وفتحها": دهن، والكسر أفصح، وقال الخليل: النفط والنفط معروف. "والزِّرْنِيح" الزِّرْنِيخ: بكسر الزاي. قال أبو منصور اللغوي: فارسي معرب، وهو معروف. و"اللؤلؤ": فيه أربع لغات: قرئ بهن. لؤلؤ بهمزتين، وبغير همز، وبهمز أوله دون ثانيه، وعكسه، وهو الكبار عند جمهور أهل اللغة، والمَرْجَان: الصِّغَار، وقيل: عكسه. والعنبر: ضرب من الطيب معروف. قوله: "وفي الرِّكَاز" قال الخليل: الرِّكَاز: قطع من الذهب يخرج من المعادن، وقال ابن سيده: الركاز: قطع ذهب، أو فضة، يخرج من الأرض، أو المعدن. وقال القاضي عياض والرِّكاز: الكَنْزُ من دَفْنِ

الجاهلية على ما فسره المصنف رحمه الله. فيكون ما حَدَّهُ بِهِ الخليل وابن سيده لغة، وما حده المصنف وعياض رحمهما الله ومن وافقهما حده شرعا. قوله: "أيَّ نَوْعٍ كان" "أيَّ" بالنصب على أنه خبر كان مقدمًا. قوله: "من دفن الجاهلية" قال الخيل: دفن الشيء يدفنه دفنًا1 أي: ستره، والشيء مدفون ودفين. والجاهلية: قال القاضي عياض: ما كانت عليه العرب قبل الإسلام. وبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، من الجهل بالله ورسوله، وبشرائع الدين، والتمسك بعبادة غير الله تعالى، والمفاخرة بالأنساب والكبرياء، والجبروت إلى سائر ما أذهبه الله تعالى وأسقطه، ونهى عنه بما شرعه من الدين.

_ 1 قال صاحب" المصباح": دفنت الشيء دفنًا من باب ضرب أي فتح كسر.

باب زكاة الأثمان

باب زكاة الأَثْمَان تقدم ذكر الذهب والفضة في باب الآنية1. قوله: "عشرين مِثْقَالًا" المثقال "بكسر الميم" في الأصل: مقدار من الوزن، أي شيء كان من قليل أو كثير، فقوله تعالى: {مِثقَالَ ذَرَّةٍ} 2 أي: وزن ذرة، ثم غلب إطلاقه على الدينار: وهو ثنتان وسبعون شعيرة ممتلئة غير خارجة عن مقادير حب الشعير. والدَّرَاهِمُ: كل عشرة منها، سبعة مثاقيل3. والدينار: لم يتغير في الجاهلية والإسلام: فأما الدراهم، فكانت مختلفة.

_ 1 انظر ص "20". 2 سورة الزلزلة: الآية "7". 3 كذا في "ش" و "ط" وهو موافق لما في "تحرير التقريب" للنووي رحمه الله.

بَغْلِيَّة: منسوبة إلى مَلِك1، يقال له: رأس البغل، كل درهم ثمانية دوانيق. وطَبَرِيَّةَ: منسوبة إلى طبرية الشام: كل درهم أربعة دوانيق، فجمعوا الوزنين وهما اثنا عشر، وقسموها على اثنين، فجاء الدرهم، ستة دوانيق، وأجمع أهل العصر الأول على هذا، قيل: كان ذلك في زمن بني أمية. وقيل: في زمن عمر رضي الله عنه والأول أكثر وأشهر. قوله: "في مغشُوشهما" المغشوش: ما خلط بما يرديه. قوله: "أو بَهْرِجًا" البَهْرِج: الباطل: والبَهْرَج: الرديء وهو معرب، قال الجوهري. قوله: "في الحُلِيِّ" قال الجوهري: الحَلْيُ: حلي المرأة، وجمعه حلي. مثل ثدي وثُدِيٌّ. وقد تكسر الحاء لمكان الياء، مثل عِصِيٌّ. وقد قرئ: {مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا} 2 بالكسر والضم. قوله: "لِلْكِرَاءِ" الكراء "بكسر الكاف ممدودًا" نص عليه الجوهري وغيره من أهل اللغة، ولم أر أحدًا ذكر فيه القصر مع شدة الكشف والبحث ويأتي في الإجارة بأتم من هذا، والله أعلم. قوله: "مُبَاحُ الصِّنَاعَةِ" "بكسر الصاد وفتحها" قال الجوهري: الصناعة حرفة الصانع3.

_ 1 مَلِك: كذا في "م" وفي "ش": "طبر" ولم أقع له على معنى وفي المصباح: " ... وقيل البغلية نسبة إلى ملك يقال له رأس البغل" فاقتضى التصحيح. 2 سورة الأعراف: الآية "148". انظر القراءات العشر المتواترة صفحة "168" وفيه: 1 حِلِيِّهِمْ "بكسر الحاء واللام" حمزة والكسائي. 2 حَلْيِهِمْ "بفتح الحاء وتسكين اللام": يعقوب. 3 حُلِيِّهِمْ "ضم الحاء وكسر اللام" الباقون. 3 في "القاموس - صنع": والصناعة ككتابة: حرفة الصانع، وعمله الصنعة الأولى بكسر الصاد والثانية بفتحها.

قوله: "الخاتم وقبيعةُ السيف" الخاتم: هذا المعروف: قرأ عاصم بفتح التاء، وقرأ الباقون بكسرها1، وحكى الجوهري فيه: خاتام بوزن سَابَاطٍ، وخَيْتَامٌ بوزن بَيْطَارٍ. وقال الجوهري: قَبيعَةُ السيف: ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد. قوله: "حَليَةِ المِنْطَةِ" قال الخليل في "كتاب العين والمِنْطَقُ والمِنْطَقَةُ": ما شددت به وسطك، والنِّطَاقُ2: إزارٌ فيه تكة تنتطق بها المرأة. قوله: "وعلى قياسِها الجَوْشَنُ إلى آخر الباب" قال: الجوشن: الدِّرْعُ. وأما "الخَوْذَةُ" و"الرَّانُ": فالخوذة: المعروفة: وهي في اللغة: البيضة. والران: شيء يلبس تحت الخف معروف، ولم أره3،

_ 1 وذلك في الآية الكريمة: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} الأحزاب: الآية "40" انظر "القراءات العشر" المطبوع على هامش القرآن الكريم صفحة "423" وفيه: "وخَاتَمَ" عاصم "وخَاتِمَ" الباقون. 2 في المصباح: والنطاق جمعه: نطق مثل كتاب وكتب، وهو مثل إزار منه تكة تلبسه المرأة، وقل هو حبل تشد به وسطها للمهنة وعليه بيت الحماسة: "من الكامل" حملت به في ليلة مزؤودة ... كرها وعقد نطاقها لم يخلل الزُّؤْد: الفزع، وأورد في المصباح الشطر الثاني وأتممناه من ديوان الحماسة: "1/ 40" وهو لأبي كبير الهذلي عامر بن حليس من أبيات يتحدث بها عن تأبط شراً. 3 في "القاموس - رين": والران كالخف إلا أنه لا قدم له، وهو أطول من الخف.

ولا الخوذة1 في كلام العرب. والحمائِلُ: واحدتها حمالة عند الخليل: وقال الأصمعيُّ: حَمَائِلُ السيف: لا واحد لها من لفظها، وإنما واحدها مَحْمِلُ.

_ 1 الخُوْذَةُ "بالضم" المغفر جمع خوذ كغرف "القاموس - خوذ".

باب زكاة العروض

باب زكاة العُروض العُرُوضُ: جمع عَرْضٍ "بسكون الراء" قال أبو زيد: هو ما عدا العين، وقال الأصمعي: ما كان من مال غير نقد، وقال أبو عبيد: ما عدا العقار، والحيوان، والمكيل، والموزون، والتفسير الأول: هو المراد هنا1. وأما "العرض بفتح الراء": فهو كثرة المال والمتاع، وسمي عرضا؛ لأنه عارض يعرض وقتًا، ثم يزول ويفنى. نقله عياض في "مشارقه" بمعناه. قوله: "لِلْقِنْيَةِ" قال الجوهري: قَنَوْتَ الغنم وغيرها: قنوة، وقُنْوَةً، وقنيت أيضا قِنْيَةً وقُنْيَةً: إذا اقتنيتها لنفسك، لا للتجارة، ومال قُنْيَاٌن وقِنْيَانٌ، ففي القنية إذن أربع لغات: قُنْيَة وقُنْوَة، بكسر القاف وضمها فيهما.

_ 1 قال النووي رحمه الله في "تحرير التنبيه" ص "238": والعرض غير الدراهم والدنانير. ولتمام الفائدة انظر تعليق والدي العلامة المحدث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حول زكاة عروض التجارة في: "جامع الأصول": "4/ 631-633" فهو هام.

باب زكاة الفطر

باب زكاة الفطر الفطر: اسم مصدر من قولك: أفطر الصائم إفطارًا. والفطرة بالكسر: الخِلْقَة. قال الجوهري: وقال المصنف في "المغني"، وأضيفت هذه الزكاة إلى الفطر؛ لأنها تجب بالفطر من رمضان. قال ابن قتيبة، وقيل لها: فطرة؛ لأن الفطرة الخلقة1، قال الله تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} 2 أي: جبلته التي جبل الناس عليها، هذا آخر كلامه. وقال الإمام ذو الفنون، عبد اللطيف3بن محمد بن يوسف البغدادي في كتاب "ذيل الفصيح" وما يلحن فيه العامة في باب "ما تغير العامة لفظه بحرف أو حركة" وهي صدقة الفطر هذا كلام العرب، فأما الفطرة، فمولدة والقياس لا يدفعه؛ لأنه كالغرفة والنغبة4 لمقدار ما يؤخذ من الشيئ. فهذا ما وجدته في هذه اللفظة بعد بحث كثير، وسألت عنها شيخنا أبا عبد الله بن مالك فلم ينقل فيها شيئا. وذكر في "مثلثه" أن

_ 1 انظر "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة صفحة "341". وابن قتيبة: هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة، رأس في اللغة والأخبار مات سنة: "276"هـ. انظر ترجمته في: بغية الوعاة: "2/ 63" وسير أعلام النبلاء: "13/ 296" وشذرات الذهب: "3/ 318". 2 الروم: الآية "30". 3 هو عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي الشافعي ابن اللباد أحد العلماء المكثرين من التصنيف في جميع الفنون وفاته عام: "629"هـ له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": "22/ 320" وشذرات الذهب: "7/ 232" وفيه ذكر مصادر ترجمته، و"ذيل الفصيح" أحد مصنفاته رحمه الله. 4 النُّغْبَةُ: في "القاموس - نَغَبِ": نغب الريق كمنع ونصر وضرب ابتلعه، والنغبة الجرعة ويفتح أو الفتح للمرة والضم للاسم.

الفُطْرَة "بضم الفاء"1: الواحدة من الكمأة. قوله: "إذا فَضَلَ عنده عن قُوتِهِ" فَضَلَ: "بفتح الضاد" يفضل، كَدَخَلَ يدخُلُ2 قال الجوهري وفيه لغة أخرى: فَضِلَ يَفْضَلُ كَحَذِرَ يَحْذَرُ وحكاها ابن السكيت، وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فضل بالكسر يفضل بالضم وهو شاذ وقال أيضا: والقوت "بالضم": ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام. ويقال: ما عنده قوت ليلة وقيت ليلة، وقِيْتَةُ ليلة "بكسر القاف فيهما" ويقال: قاته وأَقَاتَهُ: إذا قام بقوتِه. قوله: "ثم برقيقه" قال الجوهري: والرَّقِيْقُ: الملوك واحد وجمع. والرِّقُّ "بالكسر": العبودية "وبالفتح" ما يكتب فيه "والضم" مارق من ماء البحر والنهر، الضم من "مثلث" شيخنا رحمه الله. قوله: "عن الجنين" قال صاحب "المطالع": الجَنِيْنُ: ما استتر في بطن أمه، فإن خرج حيا فهو ولد، وإن خرج ميتا فهو سقط. قوله: "أو آبِق" الآبق: الهارب: يقال: أَبَقَ "بفتح الباء" يَأْبَقُ "بكسر الباء وضمها" وحكى ابن فارس، كسر الباء في الماضي، وفتحها في المضارع، كأسِف يأسَفُ. قوله: "فَتَسْقُطُ" "بالرفع لا غير"؛ لأن النصب يغير المعنى. قوله: "الناشِز" مذكور في عشرة النساء. قوله: "أو ملك عبدًا أو زوجَةً". الزوجة لا تملك. فنصبها يجوز أن يكون بفعل مقدر أي: أو تزوج زوجة، ويجوز أن يكون معطوفًا على العبد، على حذف مضاف، تقديره، أو ملك عبدًا أو بضع زوجة، ثم

_ 1 عبارة "بضم الفاء" زيادة من "ط". 2 ما بين الحاصرتين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط".

حذف البُضْعُ وأقيمت الزوجة مقامه. كقوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} 1 أي: حب العجل. وقد تقدم الكلام على الزوجة في الجنائز. قوله: "ودقيقِهما وسَوِيْقِهما" قال الجوهري: الدقيق: الطحين، وقال صاحب" المطالع" السويق: قمح أو شعير يغلى ثم يطحن فيتزود، قال ابن دريد: وبنوا لعنبر يقولونه بالصَّاد. قوله: "ومِنَ الأَقِطِ" وذكر ابن سيده في محكمه في الأقط، أربع لغات: سكون القاف مع فتح الهمزة وضمها وكسرها، وكسر القاف، مع فتح الهمزة، قال: وهو شيء يعمل من اللبن المخيض وقال ابن الأعرابي: يعمل من ألبان الإبل خاصة2. قوله: "مما يُقْتَاتُ" أي: مما هو قوته، يفتعل من القوت.

_ 1 سورة البقرة: الآية "93". 2 في القاموس: الأَقْطُ: مُثَلَّثَةٌ، ويحرك، وككتف، وإبل، ورجل: شيء يتحذ من المخيض الغنمي فتأمل. وهذا ما يجعلنا نقف عند ما قاله ابن سيده في "المحكم" من أنه يعمل من اللبن المخيض مطلقا أما قولهما: من ألبان الإبل والمخيض الغنمي فمختلف حسب المناطق وحسب ما يقتني أهلُ كل منطقة من الأنعام الحلوبة.

باب إخراج الزكاة

باب إخراج الزكاة قوله: "بُخْلًا بها" "هو بضم الباء وفتحها مع سكون الخاء بوفتحهما" ثلاث لغات، نقلها ابن القطاع، وفسره بمنع الفضل. ويقال: بَخِلَ يَبْخَل، كفرع يفرح، وبخل يبخل، كشرف يشرف وهو شرعي وعرفي: فالشرعي: منع الواجب: كالزكاة ونحوها.

والعرفيُّ: منع ما يُعَدُّ مانِعُهُ بخيلًا. قوله: "مغنمًا ولا تجْعَلْهَا مَغْرَمًا" قال الجوهري: المغنم والغنيمة بمعنى واحد قال صاحب" المطالع" المغرَم: هو الدين: وهو الغرم، وأصله: اللزوم. والغريم: من له الدين ومن عليه الدين1 ومعنى هذا: الدعاء -والله أعلم-: اجعلها مثمرة للمال لا منقصة له؛ لأن التثمير، كالغنيمة والتنقيص، كالغرامة. قوله: "آجرك الله" يذكر في أول باب الإجَارَةِ2. قوله: "طَهُورًا" "بفتح الطاء" أي: مُطَهِّرًا، والضم لغة وقد تقدم. وكان المناسب في هذا الدعاء أن يقال: أجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهورًا. قوله: "وَسْمُ الإِبِلِ". قال صاحب "المطالع": المِيْسَمُ: حديدة يوسم بها الإبل. والسمة: العلامة، والوسم الفعل3. قوله: "وإن كانت جزية كتب "صغارًا" أو "جِزْيَةً". قال الجوهري: الجِزْيَةُ: ما يؤخذ من أهل الذمة، والجمع جزى، كلحية ولحىً. قال ابن الأنباري: الجزية: الخراج المجعول عليهم. سميت جزية؛ لأنها قضاء لما عليهم أخذًا، من قولهم: جزى يجزي، إذا قضى4.

_ 1 في "أضداد" الأنباري: الغريم حرف من الأضداد: فالغريم الذي له الدين والغريم الذي عليه الدين وأنشد قول زهير: "من الوافر" تطالعنا خيالات لسلمى ... كما يتطلع الدَّيْنَ الغَرِيمُ 2 انظر ص "316". 3 ومن الوسم بمعنى العلامة اشتق الاسم؛ لأن الاسم وسم على المسمى كما قال الكوفيون انظر: "الإنصاف في مسائل الخلاف" لعبد الرحمن الأنباري: "1/ 4". وقوله: والوسم الفعل: أراد: والوسم: القيام بوسم الأبل. 4 قال النووي رحمه الله في "تحرير التنبيه" ص "334": الجزية مأخوذة من المجازاة والجزاء؛ لأنها جزاء لكفنا عنهم وتمكينهم من سكنى دارنا، وقيل من جزى يجزي إذا قضى: قال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ....} البقرة: الآية "123" أي: لا تقضي، وجمعها جزى كقربة وقرب.

والصغَارُ "بفتح الصاد": الذُّلُّ والضَّيْمُ، قال الجوهري وغيره: فإطلاق الصغار على الحيوان من باب حذف المضاف، أي: ذات صغار. وفي نسخة المصنف رحمه الله بالألف، وفي أصل شيخنا أبي الفرج عبد الرحمن بن البغدادي1 وهو مقروء على المصنف: صغار، بغير ألف. ووجه النصب، أنه مفعول كتب. ووجه الرفع، أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا صَغارٌ، وهذه جزية، وهو أقيس. قوله: "إذا كَمُلَ النِّصَابُ" حكى ابن سيده: كمل الشيء: بفتح الميم وضمها وكسرها. قوله: "قبل طُلوع الطَّلْعِ والحِصْرِمِ" الطلع "بسكون اللام": غلاف العنقود والحصرم "بكسر الحاء والراء": قال الجوهري: وأول العنب، ويقال له: الكحْبُ، والكحْمُ، عن ابن سيده. قوله: "فَنُتِجَتْ عند الحَوْلِ سَخْلَةً" نتجت "بضم أوله" على البناء للمفعول2، وسخلة مفعول ثان. ويجوز نتجت، على البناء للفاعل، "وسَخْلَةً" مفعوله. يقال في فعله: نتجت الناقة، وأنتجت، مبنيين للفاعل، ونتجتها أنا، وأنتجتها: جعلت لها نتاجًا، ونتجت وأنتجت، مبنيين للمفعول، ست لغات. وفيه حذف مضاف تقديره: نتج بعضها سخلة، أو نتجت بعضها سخلة. والسَّخْلَةُ: اسم للمولود ساعة يولد، من أولاد الضأن، والمعز

_ 1 تقدم ذكره ونبذه من ترجمته. 2 على البناء للمفعول: يريد المبنى للمجهول. وعلى البناء للفاعل: أي المبني للمعلوم "وسيأتي".

جمعياً، ذكراً كان أو أنثى. حكاه الجوهري عن أبي زيد. قوله: "لم يَرْجِعْ على المِسْكِيْنِ" ليس عدم الرجوع مقصورًا على المسكين بل بالمدفوع إليه الزكاة، كائنًا من كان.

باب ذكر أهل الزكاة

باب ذكر أهل الزكاة قوله: "من غَيْر تَفْرِيْطٍ" التفريط: التقصير في الشيء، حتى يضيع ويَفُوتَ، قاله الجوهري. قوله: "في عَشَائِرِهِمْ" العشائر: واحدتها عشيرة، قال الجوهري: وهي القبيلة. وقال صاحب "المطالع": عشيرة الإنسان: أهله الأدنون، وهم بنو أبيه. قوله: "أو إسلام نظيره" قال الجوهري: نظير الشيء: مثله. وحكى أبو عبيدة: النِّظْرُ، والنظير بمعنى، مثل: النِّدِّ والنَّدِيْدِ. قوله: "لإصْلَاح ذَاتِ الْبَيْن" قال الزجاج: معنى قوله تعالى: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} 1 حقيقة وصلكم. والبين: الوصل. والمعنى: وكونوا مجتمعين على أمر الله تعالى. فالذي غرم لإصلاح ذات البين هو من غرم لإصلاح حال الوصل الفاسد. قوله: "في سَبِيلِ اللهِ" وهم الغزاة الذين لا ديوان لهم. السبيل: الطريق. قال صاحب "المطالع" في قوله صلى الله عليه وسلم: "من اغبرت قدماه في سبيل الله" يعني جميع الطرق الموصلة إليه. وقال الحافظ أبو الفرج ابن

_ 1 سورة الأنفال: الآية "1".

الجوزي، وإنما استعملت هذه الكلة في الجهاد؛ لأنه السبيل الذي يقاتل فيه على عقد الدين. والديوان: قال الجوهري: أصله دِوَّانٌ، فعوض من إحدى الواوين ياء. لقولهم: في جمعه دواوين. وقولهم: دونت الدواوين، وذكره أبو منصور في "المُعَرَّب" فقال والديوان بالكسر. قال أبو عمرو: بالفتح خطأ، وحكاه غيره، وأول من دون الديوان في الإسلام، عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قوله: "ابن السبيل" السبيل الطريق، وسمي هذا المسافر بذلك، للزومه للطريق كملازمة الطفل أمه. قوله: "وإن رآهُ جَلْدًا" جَلْدًا "بسكون اللام" أي: شديدًا قويًّا. يقال: جلد الرجل "بالضم" فهو جلد وجليد، بين الجلد والجلادة والجلودة، والمجلود. قوله: "وإنْ سَفَلَ" أي: نزل. يقال: سفل "بفتح الفاء" من النزول، وبضمها: إتضع قدره بعد رفعه، وقال الجوهري: السَّفَالَةُ: النذالة. وقد سَفُلَ بالضم. قوله: "ولا مواليهم" المولى، يذكر في كتاب الوقف، والمراد به ههنا، من أعتقه هاشمي1.

_ 1 في "المُغرب" للمطرزي: المولى على وجوه: ابن العم، والعصبة كلها ومنه: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} "مريم: 5". والرب والمالك في قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمْ الْحَق} "الأنعام: 62". وفي معناه الولي ومنه: "أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها" ويروى "وليها" وفي سنن أبي داود "مواليها" سنن أبي داود: 2/ 236 رقم: 2083. والناصر في قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُم} "محمد: 11". والحليف: وهو الذي يقال له مولى الموالاة وأنشد للنابغة الجعدي: "من الطويل" موالي حِلْفٍ لا موالي قرابة ... ولكن قطينًا يسألون الأتاويَا والمُعْتِقُ: وهو مولى النعمة. والمعتَقُ في قوله عليه الصلاة والسلام: "مولى القوم من أنفسهم ... " "أبو داود عن رافع: "2/ 126" رقم "1650" يعني موالي بني هاشم في حرمة الصدقة عليهم. وهو مفعل من الولي وهو القرب.

: قوله "صدَقَةٌ وصِلَةٌ" فالصدقة: ما دفع لمحض التقرب، والصلة: الإحسان والتعطف والرفق، وذلك كله موجود في الصدقة على القرابة؛ لأنه يعد بذلك، محسنا متعطفا رافقا. والهاء فيها، عوض من الواو المحذوفة، فأصلها وصلة. يقال: وصله يصله. قوله: "لِمَن لا صَبْرَ لَهُ على الضيقِ" الصبر: حبس النفس عن الجزع. قال صاحب "المطالع": وأصله الثبات. والضيق "بفتح الضاد" وبه قرأ الأكثرون، وقرأ ابن كثير1 بالكسر. قوله: "أنْ يَنْقُصَ" تقدم تفسيرها في كتاب الزكاة، والله أعلم.

_ 1 هو عبد الله بن كثير مقرئ أهل مكة معدود في القراء السبعة مات سنة: "120" هـ رحمه الله رحمة واسعة. ترجمته في "سير أعلام النبلاء": "5/ 318".

كتاب الصيام

كتاب الصيام مدخل ... كتاب الصيام الصِّيَامُ والصَّوْمُ: مصدر صام. وهو في اللغة: عبارة عن الإمساك. قال الله تعالى: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} 1. ويقال: صامت الخيل: إذا أمسكت عن السير. وصامت الريح: إذا أمسكت عن الهبوب. قال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم. وهو في الشرع: عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة في زمن مخصوص من شخص مخصوص بنية مخصوصة2. قوله: "برؤية الهلال" قال الجوهري، وصاحب "المطالع": الهلال: أول ليلَةٍ والثانية، والثالثة، ثم هو قَمَرٌ، وذكر ابن الأنباري في مدة تسميته بالهلال أربعة أقوالٍ: أحدها: ما ذكر. والثاني: ليلتان. الثالث: إلى أن يستدير بخطة دقيقة، قاله الأصمعي. والرابع: إلى أن يبهر ضوؤه سواد الليل. قوله: "مع الصحوِ" قال الجوهري: الصَّحْوُ: ذهاب الغيم، وأصحت السماء، فهي مُصْحِيَةٌ. وقال الكسائي: فهو صحو ولا تقل

_ 1 سورة مريم: الآية: "26". 2 وكذا أورده الإمام النووي رحمه الله في" تحرير التنبيه" صفحة: "142".

مُصْحِيَةٌ، وحكى الفرَّاء: صحت السماء: بمعنى أصحت. قوله: "عِدَّةَ شعبانَ" شعبان غير مصروف للعلمية، والزيادة1 وجمعه: شعباناتٌ وأَشْعُبٌ وهو الشهر الذي بين رجب ورمضان. قوله: "غَيْمٌ أو قَتَرٌ" قال ابن سيده: الغَيْمُ: هو السحاب، وقيل: هو أن لا ترى شمسا من شدة الدجن وجمعه: غيوم وغِيَامٌ2. والقَتَرُ: جمع قَتَرَةٍ: وهي الغبار، ومنه قوله تعالى: {تَرْهَقُهَا قَتَرَة} 3 وقال ابن زيد: الفرق بين الغبرة والقترة: أن القترة مارتفع من الغبار فلحق بالسماء. والغبرة: ما كان أسفل في الأرض. قوله: "هلَالَ شَوَّالٍ" شَوَّالٌ بوزن صوام مصروف: وهو الشهر الذي يلي رمضان. والجمع شَوَّالَاتٌ وشواوِيْلُ. سمي بذلك؛ لكون الإبل كانت فيه حال التسمية شولًا، وهي التي جف لبنها وارتفع ضربها4. قوله: "والحامِلُ والمرضِع" يذكران إن شاء الله في باب ميراث الحمل والرضاع. قوله: "أو أُغْمِيَ عَلَيْه" تقدم تفسير الأغماء في كتاب الصلاة5. قوله: "ولا يصح صومٌ واجبٌ" صوم: منون مرفوع، وواجب

_ 1 والزيادة: أي زيادة الألف والنون مثل عثمان وعمران ورمضان. 2 وكذا أورده الزبيدي في التاج. 3 سورة عبس: الآية "6". 4 كذا في "ش" وهو من ضرب الفحل الناقة ضرابًا وضربًا: نَزَا عليها أي نكح، وكانت تمتنع عن الضراب فيه حال التسمية. وفي "ط": ضرعها وهو من تشويل ألبان الإبل وهي توليه وإدباره وكان ذلك يقع في شوال حال التسمية أيضا فالكلمتان مقبولتان؛ لأن ارتفاع الضرب أو الضراب، وارتفاع الضرع كانا يترافقان في شوال حال تسمية الشهور ولا جناح عليك أن تذكر أيهما شئت. 5 انظر ص "63- 64".

مرفوع مُنَوَّنٌ، صفة له. ويجوز جر واجب بالإضافة على تقدير، صوم يوم واجبٍ، أو زَمَنٍ واجب، أو مَصُومٍ واجبٍ. قوله: "إن كان غدًا": غدَا بالنصب في خط المصنف. وفي نسخة مقروءة على المصنف بالرفع وهو ظاهر. وأما النصب، فعلى إضمار اسم كان أي: إذا كان الصيام غدا، ودل على تقديره قوة الكلام، ومن كلامهم: إذا كان غدا فأتني. قوله: "فهو فَرْضِي" كذا بخط المصنف، بياء المتكلم، أي: الذي فرض الله علي.

باب ما يفسد الصوم

باب ما يُفْسِدُ الصومَ قوله: "أو استعط" استعط: مطاوع سعطه: إذا جعل في أنفه سَعُوطًا "بفتح السين". وحكى أبو زيد: سعطه وأسعطه بمعنى: والسَّعُوطُ: ما يجعل في الأنف من الأدوية. قوله: "أو احتَقَنَ" قال الجوهري: والحُقْنَةُ: ما يحقن به المريض من الدواء، وقد احتقن الرجل أي: استعمل ذلك الدواء من الدُّبُرِ. قوله: "الجائفة" تذكر مع الشجاج إن شاء الله، وكذلك المأمومة1. قوله: "أو اسْتَقَاءَ" استقاء وتقَيَّأَ: تكلف القيء. وقال صاحب "المطالع": فإذا خرج منه القيءُ: وتقيأ: تفعل منه. والقيء: معروف.

_ 1 لأن الجائفة والمأمومة ضربان من الشِّجَاجِ.

قوله: "أو استمنى" قال الجوهري: استمنى: استدعى خروج المَنِيِّ. قوله: "أَوْ مَذي"1 تقدم في باب إزالة النجاسة2. قوله: "أو كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَلَ" إذا أنزل المني بتكرار النظر، أفطر، وإن أنزل مذيًا3 لم يفطر في الصحيح من المذهب. قوله: "أو قَطَرَ في إِحْلِيلِه" مخفف الطاء. قال الجوهري: قطرا الماء وغيره يقطر، وقطرته أنا، يتعدى ولا يتعدى. قال: والإحليل: مخرج البول، ومخرج اللبن من الضرع والثدي4. قوله: "أو احتَلَمَ" أي: أنزل في نومه مَنْيًا. والحلم، والحلم بوزن عشر وعشر، ما يراه النائم. لكن غلب اسم الرؤيا على الخير، والحلم على الشر. قوله: "ذَرَعَهُ القَيْءُ". قال الجوهري: ذرعه القيء، أي: غلبه وسبقه. قوله: "فَلَفَظَهُ" "بفتح أوله وثانيه" أي: رَمي به5 والله سبحانه وتعالى أعلم. باب ما يُكْرَهُ وما يُسْتَحَبُّ قوله: "يَجْمَعُ رِيْقَهُ" الريق: الرضاب: وهو ماء الفم.

_ 1 في "ط": أو أَمْذى. 2 انظر ص "54". 3 المَذْيُ: ما يخرج عند الملاعبة والتقبيل وفيه الوضوء. انظر "المقنع". 4 عبارة: من الضرع والثدي: زيادة من الصحاح. 5 ما بين الرقمين زيادة من "ط".

قوله: "فيبلعَهُ"1 مضارع بلعَهُ، كذا بخط المصنِّف. قوله: "وأن يبتَلعَ النُّخَامَةَ" قال الجوهري: النخامة: النُّخَاعَةُ، وقال صاحب "المطالع" النخامة من الصدر: وهو البلغم اللَّزِجُ، قال: والنخاعة والنخامة واحد عند ابن الأنباري ومنهم من قال: النخاعة من الصدر. والنخامة من الرأس2. قوله:"مَضْغُ العِلْكِ" قال ابن فارس: العلك: كل صمغة تعلك، وقال ابن سيده: العِلْكُ: ضرب من صمغ الشجر. كاللبان يمضغ، والجمع علوك، وبائعه علاك. قوله: "يَتَحَلَّلُ منه أَجْزَاءٌ". أجزاء: جمع جُزْءٍ، وهو بعض الشيء: وهو مصروفٌ. قوله: "اجْتِنَابُ الْكَذِبِ والغِيْبَةِ والشَّتْمِ" قال الجوهري: يقال: كَذَبَ كِذْبًا وكَذِبًا يعني على وزن كِتْفٍ وكَتِفٍ، فهو كَاذِبٌ وكَذَّابٌ وكَذُوبٌ وكَيْذُبَانٌ ومَكَذَبَانٌ ومَكْذَبَانَةٌ وكُذَبَةٌ مثال همزة. وكُذُبْذُب مخفف، وقد تشدد ذاله الأولى. وقال: صاحب "المطالع" والكَذِبُ: خلاف الصدق. والصدق: الإخبار بما يطابق المخبر عنه. وأما الغيبة: فهي ذكر الإنسان بما يكره، بهذا فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي هريرة رواه مسلم، وهي حرام بالإجماع، وتباح لغرض صحيح شرعي، لايمكن الوصول إليه إلا بها: كالظلم، والاستفتاء،

_ 1 كذا في "ش" و"ط": "فيبلعه" وفي "المقنع" ص "104" بتحقيقنا: "فيبتلعه". 2 ويفهم من عبارة القاموس أنهما شيء واحد قال: النخمة والنخامة بالضم: النخاعة "القاموس - نخم".

والاستعانة على تغيير المنكر، والتحذير، والتعريف، والجرح1. وأما الشتم: فقال الجوهري: الشَّتْمُ: السَّبُّ، والاسم: الشتيمة. وقال أبو العباس اللبلي في شرح الفصيح: الشتم: رمي أعراض الناس بالمعايب، وثلبهم، وذكرهم بقبيح القول، حضرًا أو غيبًا، عن ابن درستويه2، وقال المطرز3: الشتم عند العرب: الكلام القبيح سوى القذف. قوله: "فإن شُتِمَ، اسْتُحِبَّ أن يَقُولَ": "إني صَائِمٌ" ذكر الخطابي في ذكر الخطابي في ذلك للعلماء قولين: أحدهما: أنه يقوله بلسانه. والثاني: يقوله بقلبه. قوله: "وتأخير السُّحُورِ": قال صاحب "المطالع": السحور "بالفتح": اسم ما يؤكل في السحر، وبالضم: اسم الفعل4. وأجاز بعضهم أن يكون اسم الفعل بالوجهين، والأول أشهر. والمراد هنا الفعل، فيكون بالضم على الصحيح. قوله: "تأخيرُ قضاءِ رَمضانَ إلى رمضان آخرَ" الأول: غير

_ 1 الجَرْحُ: الكلام على رجال الحديث والشهود بما يظهر حالهم مثل قولهم: كذوب، ليس بشيء. البلاء كله منه، متروك ... وهكذا وفي "تحرير التنبيه" للنووي صفحة: "361": جرح الشاهد: القدح فيه وعيبه. 2 هو عبد الله بن جعفر بن المرزبان النحوي الشهير بابن درستويه اشتهر وعلا قدره وكثر علمه وكان جيد التصنيف صحب المبرد، ولقي ابن قتيبة وأخذ عن الدارقطني وغيره، وكان شديد الانتصار للبصريين في النحو واللغة، ومن مصنفاته: "الإرشاد في النحو" و"شرح الفصيح" مات عام: "347" هـ ترجمته في: شذرات الذهب: "4/ 248"، و"العبر": "2/ 282". 3 في "ط": المطرزي وهو خطأ، فجميع نقول المصنف عن المطرز: وهو محمد بن عبد الواحد غلام ثعلب، وقد تقدم ذكره والتعريف به وبعض مصنفاته. 4 اسم الفعل: أراد بالفعل تناول الطعام في السحر "هو السُّحُورُ بالضَّمِّ".

مصروف؛ لأنه علم، والثاني: مصروف؛ لأنه نكرة، لوصفه "بآخر". وكذلك كل معرفة وصفت بآخر، فإنها تنكر، والله أعلم.

باب صوم التطوع

بابُ صومِ التَّطوع قال الجوهري: وتطوع: تكلف استطاعته، والتطوع بالشيء: التبرع به. قوله: "صيامُ أيامِ البيضِ" أيام البيض: هي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وقيل: الثاني عشر: بدل الخامس عشر، حكاه الماوردي، والبغوي وغيرهما. والصحيح الأول. قال المصنف رحمه الله في "المغني": سميت بيضًا، لابيضاض ليلها كله بالقمر. أي: أيام الليالي البيض، وقيل: لأن الله تعالى تاب على آدم فيها، وبيض صحيفته، ذكره أبو الحسن التميمي، آخر كلامه. فعلى القول الثاني: يكون من إضافة الشيء إلى نفسه؛ لأن الأيام هي البيض والأيام الثلاثة الأول من الشهر: تسمى "الغُرَرَ" والتي تليها "النُّقَلَ"، والتي تليها "التُّسَعَ" والتي تليها "العُشَرَ" والتي تليها "البِيض" والتي تليها "الظُّلَمُ" والتي تليها "الحَنَادِسُ" والتي تليها "الدَّآدِئُ" على وزن مفاتح1، والتي تليها "المُحَاقُ" وقد نظمها الإمام أبو عبد الله محمد بن الموصلي، الملقب بشعلة2 في ثلاثة أبيات وهي: "من المتدارك".

_ 1 مفاتِحَ: كذا في "ش" "على وزن مفاتح" وفي "ط" "على وزن مساجد". 2 هو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الموصلي الحنبلي المقرء العلامة شارح الشاطبية وصنف تصانيف كثيرة منها "الشمعة في القراءات السبعة" قال الذهبي كان شابًا فاضلًا ومقرئًا محققا مات سنة: "656" هـ ترجمته ومصادرها في "شذرات الذهب": "7/ 486".

الشَّهْرُ لياليه قسم ... لكل ثلاثٍ خص سُمُ منها غرر نفل تُسَعٌ ... عُشَرٌ بيضٌ درع ظُلَمُ فَحَنَادِسُهَا فَدَآدِئِهَا ... فَمُحَاقٌ ثم فَتَنْخَتِمُ1 قوله: "صومُ يَوْمٍ الإثْنَيْنِ والْخَمِيس" سمي الإثنين بذلك؛ لأنه ثاني الأسبوع. قال الجوهري: ولا ينثي؛ لأنه مثنىً. فإن أحببت أن تجمعه قلت: أثانين. وسمي الخميس بذلك: لأنه خامس الأسبوع. قال الجوهري: وَجَمْعُهُ: أَخْمِسَاءُ، وأَخْمِسَةٌ. وحكي ابن النحاس2: خمسان، كرغيف، ورغفان، وحكي عن الفرَّاء، أخامِسَ، فتكون أربَعَةَ جموع3. "وأتبعه بِسِتٍّ من شوال" ست: أصله سدس "فأبدل من إحدى السِّيْنَيْنِ تاءً وأدغم فيه الدال"4؛ لأن تصغيرها سديسة، وجمعها أسداس. وورد في الحديث الصحيح كذا بغير تاءٍ5، والمراد الأيام؛ لأن العرب

_ 1 فتنختم: كذا في "ش" وفي "ط" فتختتم. 2 هو أحمد بن محمد بن إسماعيل، أبو جعفر المرادي النحوي المصري، من أهل الفضل الشائع والعلم النافع رحل إلى بغداد وأخذ عن الأخفش الأصغر والمبرد ونفطويه والزجاج وسمع بمصر النسائي وفي "س" و"ط": "النحاس" والتصحيح عن "بغية الوعاة" مات سنة: "338" هـ ترجمته في "بغية الوعاة": "1/ 362" صنف كثيرًا ولذلك قالوا: قلمه أحسن من لسانه، من مصنفاته: "إعراب القرآن" و "الكافي في العربية" وغيرهما. 3 الأصح أن يقول: "خمسة جموع"؛ لأن في قول ابن النحاس كما نقله النووي في التحرير: "خمس: كرغف" "تحرير التنبيه صفحة: 150". 4 ما بين حاصرتين زيادة من الصحاح. 5 بغير تاء: كذا في "ط" وفي "ش" "بغير هاء" والأول أجود لذلك أثبتناه: يقولون: تاء التأنيث لا هاء التأنيث. في شرح مسلم للنووي رحمهما الله كتاب الصيام -باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا لرمضان: قال في شرح: "ستا من شوال". هو صحيح ولو قال ستة جاز أيضًا قال أهل اللغة: صمنا خمسًا وستًا وخمسة وستة وإنما يلتزمون الهاء "أي تاء التأنيث" إذا ذكروه للفظه صريحًا فيقولون صمنا ستة أيام.. الخ.

تُغَلِّبُ في التاريخ الليالي على الأيام. ويحتمل أن يكون على حذف مضافين، أي: وأتبعته بصيام أيام ست، أي: ست ليالٍ، ونَظَيْرُه قوله تعالى: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُول} 1. أي: من أثر حافر فرس الرسول. قوله: "يوم عاشوراء" عاشوراء: اليوم العاشر من المحرم. وعن ابن عباس، هو التاسِعُ، وَنَصَّ الإمامُ أحمد رضي الله عنه، على استحباب صومهما، وعلى أَنَّهُ إذا اشتبه أول الشهر صام ثلاثة أيام. قال القاضي عياض في "المشارق": عاشوراء: اسم إسلامي، لا يعرف في الجاهلية، قال ابن دريد: قال: وليس في كلامهم، فاعولاء. وحكي ابن الأعرابي، أنه سمع خابُورَاء، ولم يثبته ابن دريد، وحكى أبو عمرو الشيباني2 فيه القَصْرَ، وحكى الجوهري: عَشُورَاءَ، فصار فيه ثلاث لغات. قوله: "ويَوْمَ عرفَةَ، هو التاسِعُ من ذي الحجة" سمي بذلك؛ لأن الوقوف بغرفة فيه، وقيل؛ لأن إبراهيم الخليل صلوات الله عليه، عرف فيه أن رؤياه حق. فاليوم الثامن من ذي الحجة، يوم التَّرْوِيَةِ، والتاسع: يوم عرفة، والعاشر: يوم النَّحْرِ، والحادي عشر: يوم القَرِّ، بفتح القاف

_ 1 سورة طه: الآية "96". 2 هو إسحاق بن مرار، أبو عمرو الشيباني الكوفي وكان يعرف بأبي عمرو الأحمر: كان راوية أهل بغداد واسع العلم باللغة والشعر، له من الكتب "النوادر" و"غريب المصنف" وفاته عام "205" هـ وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في "بغية الوعاة" "1/ 439-440".

سمي بذلك لقرار الناس فيه بِمِنًى، والثاني عَشَرَ يوم النفر الأول، والثالث عشر: يوم النفر الثاني، ويسمى: يوم الصدر1، وقد تقدم في صلاة العيدين. قوله: "عَشْرِ ذي الحجة" المراد به الأيام التسعة التي آخرها يوم عرفة، وسميت التسع عشرًا، من إطلاق الكل على الأكثر؛ لأن العاشر لا يصام. وذو الحجة: الشهر الثاني عشر من السنة، سمي بذلك؛ لأن الحجة فيه، والحِجَّة "بكسر الحاء" وحكي فتحها وذو القعدة: "بالفتح" وحكي فيه الكسر، وجمع ذي الحجة: ذوات الحجة عن النحاس: ويأتي أتم من ذلك في المواقيت. قوله: "شهر الله المُحرَّم" وهو أول شهور العام، سمي محرما: لتحريم القتال فيه، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه سماه: شهر الله. قوله: "ويكرَهُ إفرادُ رجَبَ بالصومِ" رجب مصروف: الشهر الفرد من الأشهر الحرم، وسمي رجبًا من التَّرْجِيْبِ: التعظيم؛ لأن العرب كانوا يعظمونه في الجاهلية، ولا يستحلون فيه القتال، ويقال له: رجب مضر: لأنهم كانوا أشد تعظيمًا له، والجمع أرجاب، فإذا ضموا إليه شعبان قالوا: رَجَبَانِ2. قوله: "يومَ الجمعةِ ويوم السبت، ويوم الشك، ويوم النيروز، والمهرجان". يوم الجمعة: تقدم في أول باب الصَّلاة. ويوم السبت: آخر أيام الأسبوع. قال الجوهري: سمي يوم السبت،

_ 1 قال صاحب المصباح: صَدْرُ: مصدر الفعل: صَدَرَ، والاسم: صَدَرٌ بفتحيتين. 2 من باب التغليب.

لانقطاع الأيم عنده، قال: والسَّبْتُ: الراحة. والسبت: الدهر. والسبت: حلق الرأس والسَّبْتُ: إرسال الشعر عن العقص. والسبت: ضرب من سير الإبل: والسبت: قيام اليهود بأمر سبتها. "ويوم الشك": قال المصنف رحمه الله في "الكافي": هو اليوم الذي يشك فيه، هل هو من شعبان أو من رضمان إذا كان صحوًا. "ويومُ النَّيْرُوز" و"المِهْرَجَان" عيدان للكفار، وقال الزَّمَخْشَرِيُّ1: النيروز: الشهر الثالث من شهور الربيع "والمهرجان": واليوم السابع عشر من الخريف، ذكره في مقدمة الأدب "والظاهر أنه بكسر الميم"2. قوله: "ليلَةُ القَدْرِ" "وهي بسكون الدال" وفتحها جائز. قال أبو إسحاق الزَّجَّاج3: معنى ليلة القدر، ليلة الحكم، وهي الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، آخر كلامه. وفي تسميتها بذلك خمسة أقوال: أحدها: لعظمتها من قولهم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه} 4. والثاني: من التضييق، ومن قوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} 5 أي: ضُّيِّقَ عليه؛ لأنها ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة.

_ 1 هو أبو القاسم، محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري برع في التفسير والحديث والنحو واللغة والبلاغة مصنفاته في العلوم الدينية واللغة والأدب. تربع على الثلاثين منها "الكشاف" في التفسير و"أساس البلاغة" و"المفصل" في اللغة. وفاته سنة "538" هـ. ترجم له الكثيرون. انظر: "سير أعلام النبلاء": 20/ 151 و"بغية الوعاة": "2/ 279". 2 زيادة من "ط". 3 سبق التعريف به. 4 سورة الأنعام: الآية "91". 5 سورة الطلاق: الآية "7".

والثالث: لما يقدر فيها من الأشياء. والرابع: أن من لم يكن ذا قدر، صار برؤيتها ذا قدر. والخامس: أنها نزل فيها كتاب ذو قدر، وتنزل فيها ملائكة ذَوُو قدر، ورحمة ذات قدر. واختلف الصحابة رضي الله عنهم والتابعون في أي ليلة أخص بها وأرجى على ثلاثة عشر قولًا: أحدها ما ذكر. والثاني: أنها ليلة أول رمضان. والثالث: ليلة سبع عشرة. والرابع: ليلة تسع عشرة. والخامس: إحدى وعشرين. والسادس، ثلاث وعشرين. والسابع: خمس وعشرين. والثامن: تسع وعشرين. والتاسع: آخر ليلة في رمضان. والعاشر: في أشفاع هذه الأفراد. والحادي عشر: جميع السنة. والثاني عشر: جميع شهر رمضان. والثالثة عشر: أنها تتحول في ليالي العشر كلها، ذكر الأقوال كلها، والثلاثة عشر، الإمام عبد العظيم1 في حواشيه. قوله: "وأرجاها" بغير همز أَيْ: أكثرها وأشدها رجاءً. قوله صلى الله عليه وسلم: "عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ" قال الخطابي: العفو: وزنه فعول، من العفو وهو بناء المبالغة. والعفو: الصفح عن الذنوب، وترك مجازاة المسيء وقيل: إن العفو، مأخوذ من عفت الريح الأثر إذا درسته، فكأن العافي عن الذنب يمحوه بصفحه عنه "والله سبحانه وتعالى أعلم"2.

_ 1 هو عبد العظيم بن عبد القوي المنذري. له "شرح على التنبيه" و "مختصر سنن أبي داود" وحواشيه و"مختصر صحيح مسلم"، وله "التغريب والترهيب" وهو أشهر كتبه. وفاته رحمه الله سنة: "656" هـ له ترجمة في: "سير أعلام النبلاء": 23/ 319 و "شذرات الذهب": "7/ 479". 2 عبارة: "والله سبحانه وتعالى أعلم" زيادة من "ط".

كتاب الإعتكاف

كتاب الإعتكاف وهو في اللغة: لُزُومُ الشَّيءِ والإقبال عليه. وفي الشرع: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى فيه عن صاحب "المطالع" وغيره، وقال ابن سيده: عكف يعكف ويعكف عكفا وعكوفا واعتكف: لزم المكان، والعكوف: الإقامة في المسجد. قوله: "إلا أن يَنْذُِرَهُ" "بكسر الذال وضمها" نقلها الجوهري وغيره. قوله: "إلا أن يكون بينهما مهايَأَةٌ" قال ابن عباد1 في كتابه "المحيط": والمُهَايَاةُ: "يعني بغير همز": أمر يتهايا القوم عليه، فيتراضون، قلت: ويجوز أن يكون مهموزًا مفاعلة من الهيأة: أي: اتفق معه على صورة معينة. قوله: "في مسجد يُجَمَّعُ فيه" يجمع "بتشديد الميم" أي: يصلي فيه الجمعة، نص على ذلك ابن قطاع وغيره من أهل اللغة. قوله: "تَتَخَلَّلُهُ" أي: تتخلل الجمعة اعتكافه، أي: تكون في خلله. قوله: "وأفضلُها المسجِدُ الحرامُ" ثم مسجد المدينة، ثم الأقصى، فالمسجد الحرام: مسجد الكعبة، وسمي الحرام لما يذكر في "دخول مكة":

_ 1 هو إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد بن أحمد الملقب بالصاحب أخذ الأدب عن ابن فارس وابن العميد، وزر لآل بويه وله من التصانيف "المحيط باللغة" وهو الذي أشار إليه المؤلف وفاته سنة: "385" هـ انظر ترجمته في "بغية الوعاة": "1/ 449" و "شذرات الذهب": "4/ 449"، و "سير أعلام النبلاء": "16/ 511".

ومسجد المدينة: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمدية لها أسماء: المدينة، وطَابَةُ وطَيْبَةُ "بفتح الطاء" وقيدته بالفتح احترازًا من طيبة "بكسر الطاء" فإنها قرية قرب زرود. ويثرب، كان اسمها قديمًا، فغيره النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من التثريب، وهو التعيير والاستقصاء في اللوم، وتسميتها في القرآن: "يَثْرِبَ" حكاية لقول من قالها من المنافقين، وقيل: يثرب، اسم أرضها. وقيل: سميت باسم رجل من العمالقة كان أول من نزلها، وقال عيسى بن دينار1: من سماها يثرب، كتبت عليه خطيئة. والمسجد الأقصى: مسجد بيت المقدس: وسمي الأقصى؛ لبعده من المسجد الحرام، وقيل: لأنه أبعد المساجد التي تزار. ويأتي ذكر المدينة2 أيضا في "صيد الحَرَمِ ونَبَاتِهِ"3. قوله: "كحاجَةِ الإنسانِ" يريد الخروج للبول والغائط. قوله: "فسد اعتكافه": "بفتح السين وكسرها وضمها" قوله: "بفعل القُرَبِ" جمع قربة، وهي: كل ما يتقرب به إلى الله تعالى: أي: يطلب به القرب عنده. قوله: "ما لا يَعْنيه" "بفتح الياء، ولا يجوز ضمها" قال الجوهري: أي: ما لا يَهُمُّهُ.

_ 1 هو عيسى بن دينار الغافقي مفتي الأندلس. كان صالحا ورعًا مقدمًا في الفقه على يحيى بن يحيى، وكان مجاب الدعوة. وفاته سنة: "262" هـ له ترجمة في "العبر": "1/ 363" و "شذرات الذهب": "3/ 58". 2 من أسماء المدينة أيضا: المطيبة، الجابرة، والمجبورة، والحبيبة، والمحببة عن ابن خالويه وزيد على ذلك أيضا: المسكينة، والهذراء، والمرحومة، والقاصمة، والعذراء. 3 انظر ص "220".

كتاب المناسك

كتاب المناسك مدخل ... كتاب المناسك 1 المناسِكُ: جمع مَنْسَكٍ "بفتح السين وكسرها" فبالفتح: مصدر، وبالكسر اسم لموضع النسك، وهو مسموع، وقياسه الف تح في المصدر والمكان2. قال الجوهري: وقد نَسَكَ وتَنَسَّكَ. أي: تَعَبَّدَ، ونسك نساكة "بالضم" أي: صار ناسكًا. وقال صاحب "المطالع": المناسك: مواضع متعبدات الحج، فالمناسك إذن: التعبدات3 كلها، وقد غلب إطلاقها على أفعال الحج لكثرة أنواعها. قوله: "يَجِبُ الحَِجُّ" "الحج بفتح الحاء وكسرها" لغتان مشهروتان. وهو في اللغة: عبارة عن القصد وحكي عن الخليل: أنه كثرة القصد إلى من تعظمه. قال الجوهري: ثم تعورف استعماله في القصد إلى مكة للنسك، وقال الإمام أبو اليمن الكندي4: الحج: القصد. ثم خص كالصلاة وغيرها.

_ 1 يعني مناسك الحج. 2 المصدر يريد "المصدر الميمي"، والمكان يريد "اسم المكان" وهما على وزن واحد والقاعدة في صوغهما: أن يكونا على وزن" مَفْعَلَ" من كل ثلاثي مضموم العين أو مفتوحها في المضارع مثل "مَقْعَد" من قعد و "مَشْرَب" من شرب، وعلى وزن " مفعل" من كل ثلاثي بكسر العين في المضارع مثل منزل من نزل، انظر: "الجمل في النحو" للزَّجَّاجي صفحة: "388-38". 3 في "ط" المُتَعَبَّدَات. 4 هو زين بن الحسن بن زين بن الحسن البغدادي، تاج الدين المقرئ النحوي اللغوي شيخ الحقبة والقراء والنحاة بالشام، ومسند العصر وفاته سنة: "613" هـ له ترجمة في "شذرات الذهب" "7/ 100" و "إنباه الرواة" "2/ 10" و "العبر" "5/ 44".

وقال المصنِّف في "المغني": وهو في الشرع اسم لأفعال مخصوصة. قوله: "والعُمْرَةُ" العمرة في اللغة: الزيارة. وقيل: القصد، نقلهما ابن الأنباري وغيره وهي في الشرع: عبارة عن أفعالها المخصوصة المذكورة في مواضعها. قوله: "من عرفة" قال الجوهري: عرفات موضع بمنى1، وهو اسم في لفظ الجمع فلا يجمع قال الفراء: كعرفات لا واحد له بصحة، وقول الناس: نزلنا عرفة شبيه بمولد، وليس بعربي محض، وهي معرفة وإن كان جمعا2؛ لأن الأماكن لا تزول فصارت كالشيء الواحد. وفي تسميتها بها ثلاثة أقوال: أحدها: أن جبريل عرف إبراهيم عليهما السلام مناسك الحج فيها، فقال: عرفت، قاله علي رضي الله عنه. والثاني: لتعارف آدم وحواء بها، قاله الضحاك. والثالث: من قولك: عرفت المكان، إذا طيبته. نقله ابن فارس. ويحتمل أن يكون: لتعارف الناس، فإنهم يجتمعون من الأقطار ويتعارفون. قوله: "بإِذْنِ وَلِيِّهِ" وليه: أبوه ووصيه، وأمين الحاكم. وإن أحرمت أمه عنه. صح. نص عليه للحديث3. وقال القاضي: ظاهر

_ 1 في القاموس: وعرفات على اثني عشر ميلًا من مكة، وغلط الجوهري فقال: موضع بمنى. 2 وهي معرنة: أراد الكلمة، وإن كان جمعًا، أراد الاسم. 3 في تاج العروس: والراحلة عند العرب: كل بعير نجيب سواء كان ذكرًا أو أنثى.... والهاء في الراحلة للمبالغة في الصفة كما نقول: داهية وباقعة.

كلام الإمام أحمد أنه لا يحرم عنه إلا وليه، وأما غير الأم والولي من الأقارب كالأخ والعم وابنه فيخرج فيهم وجهان، وأما الأقارب: فلا يصح إحرامهم وجهًا واحدًا نقله المصنف في "المغني". قوله: "يَمْلِكُ زَادًا ورَاحِلَةً" الزاد: الطعام يتخذ للسفر. قاله الجوهري وغيره. وقال في "المغني" والزاد الذي تشترط القدرة عليه: هو ما يحتاج إليه في ذهابه ورجوعه، من مأكول ومشروب وكسوة. قال الجوهري: والرَّاحِلَة: الناقة التي تصلح لأن يرحل عليها، وقيل: الراحلة: هي المركب من الإبل ذكرًا كان أو أنثى. قوله: "من مَسْكَن وخَادِم" المَسْكَِنُ: المنزل "بفتح الكاف وكسرها" والخدم: واحد الخدم، غلامًا كان أو جارية. قوله: "ومُؤْنَةُ عِيَالِهِ" تقدم في باب زكاة الفطر الكلام على القوت وهو المؤنة بهمز ولا همز وهي فعولة. وقال الفراء: مفعلة من الأين وهو التعب والشدة. وقيل: من الأون: الخرج. ويقال: مأنتهم بالهمز، ومنتهم بتركه، بناء على معنى المؤنة. قوله: "على الدوام" الدوام: مصدر دام يدوم، إذا ثبت واستمر، والمراد ههنا: مدة ذهابه ورجوعه. هكذا ذكر المصنف رحمه الله في "المغني" وزاد صاحب "المستوعب" أن يكون له إذا رجع ما يقوم بكفايته، وكفاية عياله، من عقار أو بضاعة أو صناعة. قوله: "على الفور" الفور: الغليان، والفورة: ما يفور من القدر، ومن ذلك اشتقاق قولهم فعله من فوره. أي: من قبل أن يسكن، حكى ذلك ابن فارس. قوله: "لا خُِفارة فيه" الخفارة: "بضم الخاء وفتحها وكسرها" اسم لِجُعْلِ الخفير، واسم المصدر من قولك: خفرته إذا أجرته، ذكر ذلك ابن سيده، والمراد هنا الأول.

قوله: "تُجْحَفُ بماله" "تجحف، بضم التاء وكسر الحاء" قال الجوهري: أَجْحَفَ به، أي: ذهب به هذَا معناه لغة، والمراد هنا: بما لا يجحف: الزيادة اليسيرة بهذا فسرها ابن حامد1 والقاضي. قوله: "بحصته" الحِصَّةُ: النصيب. أي: بنصيبه، مثاله أن يخلف مئة، وعليه أربعمائة دينا، والحج يحتاج مئة، فحصة الحج عشرون؛ لأنها الخُمُس. قوله: "وجود محرمها" المَحْرَمُ: من يحرم نكاحه رَجُلًا كان أو امرأة، ويقال: هو ذو رحم محرم "بفتح الميم والراء مخففة وبضم الميم وتشديد الراء" وهي من ذوات المحارم. هذا هو المحرم لغة ثم زيد في ذلك شرعاً كونُه مسلماً بالغاً، عاقلاً، محرماً على التأبيد. وكون الزوج محرماً؛ لأن المقصود من سفر المحرم مع المرأة حاصل من سفر الزوج معها، وهو حفظها وصيانتها، مع كونه له الخلوة بها والنظر إليها. قوله: "على التأبيدِ" قال الجوهري: الأَبَدُ: الدَّهْرُ، والأبد أيضاً: الدائم، والتأبيد: التخليد.

_ 1 هو الحسن بن حامد البغدادي، إمام الحنابلة في عصره ومدرسهم ومفتيهم من أهل بغداد وفاته رحمه الله سنة: "458"هـ، له ترجمة في "المنهج الأحمد": "2/ 314-320" و "سير أعلام النبلاء": "17/ 203" و "شذرات الذهب": "5/ 17".

باب المواقيت

باب المواقيت 1 المواقيت جمع ميقات، وهو الزمان والمكان المضروب للفعل. قوله: "من ذي الحليفَةِ" ذو الحليفة "بضم الحاء وفتح اللام": موضع معروف مشهور، بينه وبين المدينة ستة أميال، وقيل: سبعة، قاله عياض وغيره. قوله: "وأهل الشامِ ومصْرَ والمغْرِبَ الجُحْفَةُ" الشام: إقليم معروف، يقال مسهلًا ومهموزًا وشام بهمزة ممدودة، نقل الثلاثة صاحب "المطالع" قال الجوهري: الشام، بلاد تذكر وتؤنث، ورجل شامي، وشام على فعال، وشامي أيضا حكاه سيبويه وفي تسميتها بذلك ثلاثة أقوال. أحدها: أنها سميت بسام بن نوح؛ لأنه أول من نزلها فجعلت السين شينًا تغيرًا للفظ الأعجمي. والثاني: أنها سميت بذلك لكثرة قراها، وتداني بعضها من بعض فشبهت بالشامات. والثالث: أنها سميت بذلك؛ لأن باب الكعبة مستقبل المطلع، فمن قابل طلوع الشمس، كانت اليمن عن يمينه والشام عن يده الشؤمى. ومصر: المدية المعروفة، تذكر وتؤنث عن ابن السراج ويجوز صرفه

_ 1 جمع أحدهم مواقيت الحج المكانية بقوله: عرق العراق يَلَمْلَمُ اليَمَنِ ... وبذي الحليفة يحرم المَدَنِي والشام جحفة إن مررت بها ... ولأهل نجد فرن فاستبن انظر "إرشاد السالك إلى فقه الإمام مالك" الجزء الأول "كتاب الحج".

وترك صرفه، قال أبو البقاء: في قوله تعالى: {اهبِطُواْ مِصْراً} 1. مِصْراً: نكرة فلذلك انصرف. وقيل: وهو معرفة، وصُرِف لِسُكُونِ وَسَطِهِ، وتركُ الصرف جائزُ، وقد قرئ به، وهو مثل هِنْدٍ ودَعْدٍ، وفي تسميتها بذلك قولان: أحدهما: أنها سميت بذلك؛ لأنها آخرُ حدود المشرق وأولُ حدود المغرب فهي حد بينهما، والمِصْرُ: الحدُّ. قاله المُفضَّل الضبِّيُ2. والثاني: أنها سميت بذلك لقصد الناس إياها، كقولهم: مَصَرْتُ الشاةَ: إذا حلبتها، فالناس يقصدونها، ولا يكادون يرغبُونَ عنها إذا تركوها، حكاه ابن فارسٍ عن قوم. والجُحفَةُ: "بجيم مضمومة ثم حاء مهملةٍ ساكِنَةٍ": قال صاحب "المطالع": هي قرية جامعةُ بمنبَرٍ3 على طريق المدينة من مكة وهي مهيعةُ4، وسميت الجُحفة؛ لأن السيل اجتحفها، وحمل أهلها، وهي على ستة أميالٍ من البحر، وثماني مراحل من المدينة وقيل نحو سبع مراحل من المدينة وثلاث من مكة، والجُحْفَةُ مرفوعٌ ولا يجوز جرُّه عطفاً على ذي الحُليفة؛ لأنه يلزمُ منهُ العطفُ على عاملين، وهو ممنوعٌ.

_ 1 سورة البقرة: الآية "61". 2 هو المفضل بن محمد بن مُعَليّ الضبيِّ النحوي، أبو العباس وقيل أبو عبد الرحمن. كان عالماً بالنحو والشعر والغريب وأيام الناس. انظر: "بغية الوعاة": "2/ 297". 3 كذا في "ش" "بمنبر" وفي "ط": بها منبر. وكلاهما جائز، وهما كناية عن كبرها واتساعها وأنها مسكونة وفي اللسان بلدٌ مهيعٌ واسعٌ. ومهيعة: اسم الجُحفة وقيل موضع قريب منها بين الحرمين الشريفين "القاموس والتاج - هيع". 4 بلاد للعرب: كذا في "ش" وفي "ط": "بلادُ العَرَبِ".

قوله: "وأهل اليمن يَلَمْلَم" قال صاحب "المطالِعِ": اليَمَنُ: كل ما كان عن يمين الكعبة من بلاد الغور، وقال الجوهري: اليَمَنُ: بلاد للعرب، والنسبة إليها يمني ويمانٍ مخففةٌ والألف عوضٌ من ياء النسبة فلا يجتمعان قال سيبويه: وبعضهم يقول: يمانيٌّ بالتشديد. قال أُميةُ بنُ خلف: "من الوافر" يمانيًا يظلُّ يشدُّ كيرًا ... وينفح دائما لهب الشُّواظِ1 فقوله: و"الرُّكْنُ الْيَمَاني" في باب دخول مكة، الجيد تخفيف الياء. ويلملم: قال صاحب "المطالِعِ": أَلَمْلَم ويقال: يلملم: وهو جبل جبال تهامة على ليلتين من مكة والياء فيه بدلُ من الهمزة وليست بمزيدة، وحكى اللغتين فيه الجوهري وغيره. قوله: "ولِنَجْدٍ قَرْنٌ" نجد: "بفتح النون وسكون الجيم" قال صاحب "المطالع": وهو ما بين جُرَش2 إلى سواد الكوفة، وحده مما يلي المغرب: الحجاز عن يسار الكعبة، ونجد كلها من عمل اليمامة. وقال الجوهري: ونجد من بلاد العرب، وهو خلاف الغور. والغور: هو تهامة كلها وكلما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق فهو نجد، وهو مذكر. وَقَرْنٌ: "بسكون الراء بلا خلاف" قال صاحب "المطالع": وهو ميقاتُ نجدٍ، على يوم وليلة من مكة، ويقال له: قرنُ المنازل وقرنُ

_ 1 البيت أنشده في "التاج - يمن" وهو فيه منسوبٌ لأمية بن خلف الهذلي لا لأمية بن خلف بن وهب جبار قريش، والبيت أيضاً في اللسان. 2 جُرَش: "بالضم ثم الفتح وشين معجمة": من مخاليف اليمن من جهة مكة ... وقيل إن جرش مدية عظيمة باليمن وولاية واسعة ولهم في سبب تسميتها أقوال انظر "معجم البلدان": "2/ 147".

الثعالب، ورواه بعضهم بفتح الراء، وهو غلط، إنما "قَرَن" بفتح الراء، قبيلة من اليمن. آخر كلامه. وقد غلط غيره من العلماء من ذكره بفتح الراء، وزعم أن أُوَيْسًا القَرَني رضي الله عنه منه، إنما هو من قرن بالتحريك وبطن من مراد1. قوله: "وأهل المَشْرِقِ ذاتُ عِرْقٍ" ذات عرق2: منزل معروف من منازل الحاج، يحرم أهلُ العراق بالحج منه، سمي بذلك؛ لأن فيه عرقًا، وهو الجبل الصغير، وقيل: العرق من الأرض: سبخةٌ تُنبتُ الطرفاء3. قوله: "شوالُ" تقدم في كتاب الصيام4. قوله: "وذو القَِعْدَةِ وعَشْرٌ من ذي الحَجَّةِ" قال صاحب "المطالع": ذو القعدة "بالفتح والكسر" سمي بذلك؛ لأن العربَ قَعَدَتْ فيه عن القتالِ تعظيماً له. وقيل: لقُعُودهم فيه في رحالهم وأوطانهم. وذو الحَّجَة "بالفتح" وأجاز بعضم الكسر، وأباه آخرون.

_ 1 هو أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني من سادات التابعين، أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره مات سنة: "37" هـ. انظر: "سير أعلام النبلاء": "4/ 19" و "شذرات الذهب": "1/ 214". 2 قال المصباح: ذات عِرْقٍ: ميقات أهل العراق وهو من مكة نحو مرحلتين. 3 الطَّرْفَاءُ: شجر: وهي أربعة أصناف منها الأثل والوحدة طرفاءُ: وفي التاج الطرفاءُ: من الحمض وقد تتحمض به الإبل إذا لم تجد حمضاً غيره وعن سيبويه: الطرفاء واحد وجمع وقيل واحدتها طرفاءة، وعن ابن جني: من قال طرفاء فالهمزة عنده للتأنيث ومن قال طرفاءه فالتاء عنده للتأنيث والهمزة عنده زائدة لغير التأنيث. 4 انظر ص "189".

باب الإحرام

باب الإِحْرَام قال ابن فارس: الإحرام: الدخولُ في التَّحْرِيم، كان الرَّجُلُ يُحَرَّمُ على نفسه النكاح والطِّيبَ وأشياء من اللِّباس، كما يقال: أشْتى: إذا دَخَلَ في الشتاء، وأربع، إذا دخل في الربيع، قال الجوهري: الحُرْمُ "بالضم": الإحرام، وأحرم بالحج وبالعُمْرةِ "باشر أسبابَهُما وشروطهما"1. وحكى أبو عثمان في "أفعاله"، حرم الرَّجُلُ وأحرم. دخل الحرم، أو صدر في الأشهر الحُرُم. والإحْرَامُ شَرْعًا: نيَّةُ الدخول في الحجِّ، النية الخاصَّة، لا نية المسافر ليحج أو يعتمر2، والتجرد وسائر المحظورات ليس داخلًا في حقيقته، بدليل كونه مُحرماً بدون ذلك، وإلا يصير مُحْرِماً بترك المحظورات عند عدم النية، فدار الإحرامُ مع النية وجوداً وعدمًا. وقوله بعد: "ولا ينعقِدُ إلا بالنِّيَّةِ" أي: لا يَصِيْرُ مُحرما بدونها. قوله: "إزرارًا ورِدَاءً" الإزار: هذا المعروف الذي يشد على الحقوين3 فيما تحتهما. وهو المئزر. الرداء: ما يرتدي به على المنكبين، وبين الكتفين: من بُرْدٍ أو ثوب ونحوه. قوله: "ويَتَجَرَّدُ" الجيد رفعه؛ لأنه واجب في الإحرام، فإذا عُطِفَ

_ 1 ما بين حاصرتين من "ط". 2 أو يعمر: العبارة زيادة من "ط". 3 على الحَقْوَيْنِ: الحقوان مثنى حقو "بفتح الحاء" وهو موضع شد الإزرار وهو الخاصرة انظر المصباح "الحقو".

بالنَّصْبِ، كان معطوفاً على المُسْتَحَبِّ، ويجوز نصبه على أن يكون المجموعُ مُسْتَحَبًّا. قوله: "فَمَحَلِّي" أي: مكان إحلالي "بفتح الحاء وكسرها" فالفتح مقيسٌ، والكسرُ مسموعٌ يقال: حل بالمكان، يحلُّ به: بضم الحاء، وأحل من إحرامه، وحل منه. قوله: "بمثل ما أحرم به فلان" فلانٌ وفلانةُ غير مصروف، للتأنيث والعلمية، فإن كُنِّيَ بهما عن غير الناس، قيل: الفلانُ، والفلانةُ. قوله: "لَبَّى" لبى بغير همز، وهو الأصل. ولبَّأ بالهمز، لغةُ. والتلبية: قولك لمن دعاك: لبيك. والتلبية بالحج: قول: لبيك اللهم لبيك، إلى آخره، وهو اسمٌ مثنَّى عند سيبويه وجماعة. وقال يونس بن حبيب النحوي: ليس بمثنًّى، إنَّما هو مثل، عليك وإليك1 وحكى أبو عبيد عن الخليل2: أن أصل التلبية، الإقامة بالمكان. يقال: ألبيتُ بالمكان ولبيتُ به: إذا أقمت به، وهو منصوب على المصدر وثني، والمرادُ به: التكبيرُ: أي: إقامة على إجابتك بعد إقامة. كقوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ} 3 أي: كرات؛ لأن البَصَرَ لا ينقلبُ خاسئاً وهو حسيرٌ من كرتين. ومثله قوله: حنانيك أي: حنانٌ بعد حنان "والحنان: العطف"4. قوله: "إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والمُلْك". قال الشيخ رحمه الله في "المغني": ويقول لبيك إن الحمد "بكسر الألف" نص عليه الإمام أحمد

_ 1 أي هو اسم فعل يدل على معنى الفعل ولا يقل علاماته. 2 الخليل: هو الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب العربية والعروض وفاته سنة: "175هـ" بخلف له ترجمة في "بغية الوعاة" "1/ 557-560". 3 سورة الملك: الآية "4". 4 ما بين حاصرتين، زيادة من "ط".

رحمه الله، وبالفتح جائزٌ، إلا أن الكسر أجودُ قال ثعلب: من قال "أن" بفتحها فقد خصَّ. ومن قال بكسر الألف فقد عمَّ، يعني أنَّ مَنْ كسر، جعل الحمد لله على كل حال، ومن فتح: فمعناه، لبيك؛ لأن الحمد لك. أي: لهذا السبب. آخر كلامه1. والمُلكُ بالنصب والرفع، فالنَّصبُ عطفٌ على الحمدِ والنعمة، والرفعُ بالابتداء. قوله: "إذا علا نَشَزًا" النَّشَزُ: المكان المرتفع، بفتح الشين وسكونها، وكذلك النشاز، على وزن الكلام. قوله: "وفي دُبُرِ الصلَواتِ" يقال: دُبْرُ ودُبُرُ، كعسر وعُسُرٍ، أي: عند فراغه من الصلوات.

_ 1 وحول همزة "إن" وفتحها انظر ما كتبه الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" "3/ 409".

باب محظورات الإحرام

بَابُ محْظُوراتِ الإِحْرَامِ مَحْظُوْرَاتٌ: جمع محظورة: وهي صفةٌ لموصوف محذوف، أي: باب الخصلات المحظورات، أو الفعلات المحظورات، أي: الممنوع فعلُهُنَّ في الإحرام. قال الجوهري: المحطُورُ: المَحرَّمُ، والمحطورو أيضا: الممنُوعُ. قوله: "وتَقْلِيم الأَظْفَارِ" تقليمُ الأظفار: تقصيصها: قال الجوهري: قلت ظُفُري، وقلَّمْتُ أظفاري، شدَّدَ للكثرة. قال صاحب "المطالع" والقلمُ يُستعملُ في الأخذ من الجوانب وقيل: ما استعمل الأخذُ من الأظفار إلا مشدَّدًا، قلم تقليمًا، والأصلُ: قلمهُ قلماً. قوله: "أو قِرْطاسٍ فيه دَوَاءٌ" القرطاسُ فيه ثلاث لغات: كسر القاف وضمها، وقَرْطَسْ بوزن: جعفر، ذكر الثلاث الجوهري. وقال: هو

الذي يُكتبُ فيه. وقال صاحب "المطالع" العربُ تُسمي الصحيفة: قرطاسًا من أي نوع كانت. والدَّوَاءُ: تقدم في كتاب الصلاة. قوله: "أو حِناءٍ" الحناء: "بالتشديد والمد": هو المعروف، ويقال له: الرِّقون والرِّقَان والأَرْقَانُ1 واليُرَنَّاءُ "بضم الياء وفتحها، وتشديد النون فيهما" فإذا فتحت الياء، همزت آخره, وإذا ضممتها جاز الهمزُ وتركُهُ، نص عليه أبو محمد عبد الله بن برِّي2 في كتاب "التَّنْبيه والإفْصَاح". قوله: "وإن استَظَلَّ بالمَحْمِلِ" المحملُ. كالمجلس، كذا ضبطه الجوهري، ونقل شيخنا في "مثلثه" عكس ذلك، وهو مركب يركب عليه على البعير. قوله: "فَلْيَلْبَسْ سَرَاويلَ" قال سيبويه: وما سرويلُ: فشيءٌ واحدُ3: وهو أعجميٌّ أعرب، إلا أنه أشبه من كلامهم مالا ينصرفُ في معرفة ولا نكرة. وحكى الجوهريُ فيه التذكير والتأنيث. وزم بعضهم، أنه ذو وجهين، الصرف وتركه، والصحيح أنه غير منصرف وجها واحدًا. قوله: "مِنْطَقَةً" "بكسر الميم وفتح الطاء" قال الجوهري: انتطق: لَبِسَ المِنْطَقَ، وهو كل ما شددت به وسطك، والمنطقة معروفة، اسم لها خاصة. قوله: "وهيمانُه" قال الجوهري: هيمان الدراهم "بكسر الهاء"

_ 1 والأرقان: زيادة من "ط". وانظر في الحناء: "القاموس والتاجر - رَقَن". 2 هو أبو محمد عبد الله بن بري بن عبد الجبار المقدسي المصري النحوي اللغوي، كان قيمًا بالنحو واللغة والشواهد ثقة وكتابه و"التنبيه والإفصاح" حواش على "الصحاح" له. وفاته سنة: "582" هـ. له ترجمة في "شذرات الذهب": "6/ 449" و "سير أعلام النبلاء": "21/ 136". 3 فشيءٌ واحد: أي هو اسم مفرد كما يتوهم البعض في سراويل وسراويلات.

وهو مُعَرَّبٌ، وهميان ابن قحافة السعدي يكسر ويضم1. قوله: "قَبَاءُ" القباء: ممدود. قال بعضهم: هو فارسيٌ معربٌ، وقال صاحب" المطالع": هو من قبوت، إذا ضممت، وهو ثوبٌ ضيقٌ من ثياب العجم. قوله: "عند الضرورة" الضرورة، بفتح الضاد: المشَقَّةُ. قوله: "والمسك والكافور" إلى آخر الفصل. المِسكُ: "بكسر الميم" معروف. قال الجوهري: المسك من الطيب فارسي معرب، وكانت العرب تسميه: المشموم وهو مذكر، وقد جاء تأنيثه في الشعر، ونزلوه على إرادة الرائحة2. "والكَافُورُ" تقدم في كتاب الطهارة3. و"العَنْبَرُ" تقدم أيضا في زكاة الخارج من الأرض. قال الجوهري: "الوَرْسُ" نبت أصفر يكون باليمن، يتخذ منه الغمرة للوجه، ويقال منه: وَرَسَ الرمث وأورس إذا اصفر وقه بعد الإدراك، "وقال غيره: هو شيء آخر يشبه سحق

_ 1 انظر ترجمة هميان بن قحاة في المؤتلف والمختلف للآمدي صفحة: "261"، والهِمْيان: مثلثة الهاء كما في القاموس. 2 قال الجوهري: وأما قول الشاعر جرَان العود: "من الطويل" لقد عاجلتني بالسباب وثَوْبُهَا ... جديد ومن أرادانها المِسْك تَنْفَحُ فإنما أنثه؛ لأنه ذهب به إلى ريح المسك، وقال في اللسان: وقد أنثه بعضهم على أنه جمع واحدته مسكه. وقال في المصباح أيضًا: وقا السجستاني من أنثه المسك جعله جمعا فيكون تأنيثه بمنزلة تأنيث الذهب والعسل. والأصل في السين السكون: "المِسْكُ" وورد مكسور السين في الشعر "مِسِك" وقالوا إنها ضرورة، ولهم في كون المسك عربية أو معربة أقوال انظر: "الصحاح واللسان والمصباح والتاج - مادة مسك". 3 انظر ص "17".

الزعفران، ونباته مثل نبات السمسم، يزرع سنة ويبقى عشر سنين"1. والشِّيْح: "بكسر السين" معروف. "والخُزَامَىَ" نبت له زهرةٌ طيبة الرائحة لها نور كنور البنفسج، الواحدة خزاماة. "والخَزَمُ "بالتحريك": نبت يتخذ من لحائه الحبال، وبالمدية سوق يقال له: سوق الخزامين"2، والريحان، نبت معروف، وقيده أبو الخطاب وغيره من أصحابنا بالفارسي، وكذلك في الإيمان. والريحان يطلق على الرزق، وقوله تعالى: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَان} 3 فالعَصْفُ: ورق الزرع. والريحان: الرِّزْقُ. "والنَّرْجِسُ" معروف "بفتح النون وكسرها والجيم مكسورة فيه". ذكره ابن سيده في الثلاثي. وقال أبو منصور اللغوي: والنجرس عجمي معرب وليس له نظير في الكلام، وليس في كلامهم نون بعدها راء. "والبَنَفْسَج" قال الإمام أبو منصور اللغوي: والبنفسج معرب، وجدته مضبوطا "بفتح الباء والنون والسين" في نسخة صحيحة مقروءة على ابن اليمن الكندي4، حدث بها عن أبي منصور رحمهما الله تعالى. "والبَرَمُ" "بفتح الباء والراء" ثم العضاه، الواحدة برمة، ذكر الجوهري. "لِيَشَمَّ الطِّيبَ" "بفتح الشين، ويجوز ضمها" والميم مفتوحة معها نصباً.

_ 1 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 3 سورة الرحمن: الآية "12". 4 هو أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي، وفاته سنة: "613" هـ له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": "22/ 34".

وله: "وحشيًا" الوحش من دواب البر مالا يُسْتأنِسُ "غالبًا"1، والجمع" الوحوش. وقال الجوهري: الوحوش: حيوان البر، الواحد وَحْشِيٌّ، "يقال: حِمَارُ وَحْشٍ بالإضافة، وحمارٌ وَحْشيٌّ"2. قوله: "أن يعيره سِكِّينًا" قال الجوهري: السكين معروف، يذكر ويؤنث، والغالب عليهم التذكير ويقال لها: المُدْيَةُ أيضًا، ويقال: سكينة أيضًا. قوله: "وإن أَمْسَكَ" تقدم أن أمسك هو الأفصح، في باب الغسل3 وقد حكي مَسَكَ. قوله: "إزَالة يدِهِ المُشَاهَدَةِ دونَ الحُكيمةِ" المشاهدة: "بفتح الهاء": اسم مفعول من شوهد مثل أن يكون حامله، أو حاملًا قفصا هو فيه، أو ممسكًا بحبله، أو مربوطًا في خيمته أو إلى راحلته ونحو ذلك. والحكمية أن يكون الصيد في ملكه ولا يكون معه، مثل كونه في بلده أو مودعا عند غيره، بحيث لا يشاهد معه ونحو ذلك. والحكم: مصدر حكم على الشيء، والياء المشددة، ياء النسبة، والتاء للتأنيث؛ لأنها صفة لليد أي: اليد الحكمية4. قوله: "وإن أرسله إنسانٌ" أرسله: أي: أطلقه عن ابن القطاع وغيره.

_ 1 زيادة من "ط". 2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 3 انظر صفحة: "43". 4 الحكمية وأضرابها من الكلمات: كالإنسانية والكمية والكيفية والعالمية تسمى المصادر الصناعية. والمصدر الصناعي اسم تلحقه ياء النسبة مردفة بالتاء للدلالة على صفة فيه ويكون ذلك في الأسماء الجامدة والمشتقة، انظر: "جامع الدروس العربية للغلاييني" 1"/ 181".

قوله: "صَائِلًا عَلَيهِ" الصائل: القاصد الوثوب عليه. قال الجوهري: يقال: صال عليه. وثب، صولًا وصوله، والمصاولة: المواثبة، وكذلك الصيال والصيالة. قوله: "وفي إباحته في الحَرَم" روايتان1: المراد في آبار الحرم ونحوها. قوله: "ويَضْنَ ُالجرادَ" قال الجوهري: الجراد معروف، الواحد جرادة، تقع على الذكر والأنثى وليس الجراد بذكر للجرادة، وإنما هو اسم جنس، كالبقر، والبقرة ونحوهما. وهل هو من صيد البر أو من صيد البحر على روايتين. قوله: "ومَن اضْطرَّ" "هو بضم الطاء" مبني للمفعول. قوله: "إلى التَّنْعِيم". قال صاحب "المطالع": هو من الحل بين مكة وسرف2، على فرسخين من مكة وقيل: على أربعة أميال، وسميت بذلك؛ لأن جبلًا عن يمينها، يقال له نعيم، وآخر عن شمالها، يقال له: ناعم والوادي نعمان "بفتح النون". قوله: "بَدَنةٌ" قال كثير من أهل اللغة: البدنة: تطلق على البعير والبقرة وقال الأزهري3: تكون من الإبل والبقر والغنم، وقال صاحب "المطالع" وغيره: البدة والبدن، هذا الاسم يختص بالإبل لعظم

_ 1 لفظ "روايتان": لم يرد في "ط". 2 وسَرِفٌ: في المصباح: سرف كمثال تعب وضع قريب من التنعيم وبه تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة الهلالية وبه توفيت ودفنت رضي الله عنها. 3 هو محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة بن نوح الأزهري، الهروي اللغوي الأديب الشافعي. له عدة مصنفات منها "تهذيب اللغة" مات سنة: "370" هـ. ترجمته في "سير أعلام النبلاء": "16/ 315" و"شذرات الذهب": "4/ 379".

أجسامِها، وللمفسرين في قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ} 1 ثلاثة أقوالٍ: أحدها: أنها الإبل وهو قول الجمهور. والثاني: أنها الإبل والبقر قاله: جابر وعطاء. والثالث: أنها الإبل والبقر والغنم. فالبدنة حيث أطلقت في كتب الفقه، فالمراد بها البعير ذكرًا كان أو أنثى، فإن نذر بدنة، وأطلق، فهل تجزئه بقرة، على روايتين، ذكرهما ابن عقيل. ويشترط في البدنة -في جزاء الصيد ونحوه- أن تكون قد دخلت في السنة السادسة، وأن تكون بصفة ما يجزيء في الأضحية. قوله: "المباشرة"، قال الجوهري: مباشرة المرأة: ملامستها. وحكى الحافظ أبو الفرج2 في "زاد المَسير" في قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} 3 قولين: أحدهما: أنها المجامعة، قال: وهو قول الأكثرين. والثاني: أنها ما دون الجماع من اللمس والقبل. قاله ابن زيد. قوله: "ولا تلبَسُ القُفَّازَيْنِ والخَلْخَال" قال الجوهري: القفاز "بالضم والتشديد" شيء يعمل لليدين، يحشى بقطن ويكون له أزرار يزر

_ 1 سورة الحج: الآية "36". 2 هو عبد الرحمن بن علي بن محمد جمال الدين أبو الفرج المعروف بابن الجوزي. شيخ وقته وإمام عصره. قال الحافظي الذهبي: ما علمت أن أحدًا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل. مات سنة "597" هـ ترجمته ومصادرها في "المنهج الأحمد" "4/ 11- 42". 3 سورة البقرة: "187".

على الساعدين من البرد، تلبسه المرأة في يديها وهما قفازان. وقال صاحب "المطالع": هو غشاء الأصابع مع الكف معروف: يكون من جلد وغيره. وقال ابن دريد: هو ضرب من الحلي لليدين. وقال ابن الأنباري: لليدين والرجلين. وقال الجوهري: الخلخال: واحد خَلَاخِيْل النساء. والخلخل لغة فيه، أو مقصور منه، ولبس الخلخال وسائر الحليّ مباح للمرأة في ظاهر المذهب وإنما عطفه على القفازين؛ لأن لبسه مكروه في الإحرام فبينهما اشتراك في رجحان الترك. قوله: "ولا تكتَحِلُ بالإِثْمِدِ" الإثمد "بكسر الهمزة والميم": حجر معروف يكتحل به. قوله: "ويجوز لُبْسُ المُعَصْفَرِ" إلى آخره. المعصفر: المصبوغ بالعصفر، وهو صبغ معروف قال الجوهري: عصفرت الثوب فتعصفر. والكحليُّ: منسوب إلى الكحل. وهو لون فيه غُبْرَةٌ. "والمرآة" "بكسر الميم"، نص عليه الجوهري، وبعدها همزة مفتوحةٌ بعدها مدة، قال الجوهري: وثلاث مراء، والكثير مرايا.

باب الفدية

بابُ الفِدية قال الجوهري: فداه، وفاداه: إذا أعطى فداءه، فأَنْقَذَهُ، وفداه بنفسه، وفداه، إذا قال له: جعلت فداك، والفدية، والفدا، كله بمعنى، إذا كسر أوله يمد ويقصر، وإذا فتح أوله قصر، وحكى صاحب "المطالع" عن يعقوبَ: فداء لك ممدودًا مهموزًا، مُثَلَّثُ الفاء.

قوله: "صيامَ أَيَّامِ منى" أيام مِنًى: هي أيام التشريق، أضيفت إلى منى، لإقامة الحاج بها ومنى: قال الجوهري: مقصور: موضع بمكة، وهو مذكر، وقد يصرف وقال صاحب "المطالع": وقد سمي بذلك لما يمنى فيه من الدماء. وقيل: لأن آدم تمنى فيه الجنة وقال ابن فارس: سمي بذلك من قولك: منى الله الشيء: إذا قدره، وقد قدر الله فيه أن جعله مشعرًا من المشاعر. قوله: "المُحْصَرُ" يذكر في باب الفوات والإحصار. قوله: "فِدْيَةُ الأَذَى" وهي فدية حلق الرأس وشبهه. قوله: "ومَنْ رَفَضَ إحرامَهُ" أي: تركه. يقال: رفضه يرفضه ويرفضه "بضم الفاء وكسرها" رفضًا، والله أعلم.

باب جزاء الصيد

بابُ جزاءِ الصَّيْدِ جزاء: بالمد والهمز: مصدر جزيته جزاء بما صنع، ثم أوقع موقع المفعول تقول: الكبش جزاء الضبع، قال أبو عثمان في "أفعاله": جزى الشيء عنك وأجزى: إذا قام مقامك، وقد يهمز. والصيد: يذكر في أول كتاب الصيد. قوله: "قَضَتْ فيه الصحابة" الصحابة في الأصل، مصدر: قال الجوهري: صحبة "يَصْحَبُهُ"1 صحبة "بالضم" وصحابة "بالفتح، وجمع الصاحب: صَحْبٌ: كراكب وركب وصحبة "بالضم كفاره وفرهة، وصحاب: كجائع وجياع، وصحبان، كشاب وشبَّان، والأصحاب: جمع صحب، والصحابة "بالفتح" الأصحاب، وجمع

_ 1 ما بين الحاصرتين مستدرك من "ط".

الأصحاب، أصاحيب، واختلف في الصحابي، منه، فنقل الخطيب1 بإسناده عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه قال: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من صحبه سنةً أو شهرًا أو يومًا أو ساعة أو رآه فهو من أصحابه. وهذا مذهب أهل الحديث، نقله عنهم، البخاري وغيره. وحُكِيَ عن سعيد بن المسيب2 أنه لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين أو غزَا معه غزوة أو غزوتين، وقيل: غير ذلك، والأول الصحيح. قوله: "ففي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ" النعامة "بفتح النون مخففة" قال الجوهري: النعامة من الطير تذكر وتؤنث، والنعام، اسم جنس، كحماة وحمام. قوله: "والإِيَّلِ والثَّيْتَلِ والوعل" الإيل: "بكسر الهمزة وتشديد الياء مفتوحة": الذكر من الأوعال، ذكره صاحب "ديوان الأدب" في باب فعل "بكسر الفاء وفتح العين" من المهموز المضاعف. وذكره الجوهري، بضم الهمزة وكسرها في "أول" لافي أيل. وأما الثَيْتَلُ: فهو الوعل المسن "بفتح الثاء المثلثة، بعدها، ياء مثناة، تحت ساكنة وثالثة، تاء مثناة فوق مفتوحة" ورأيته في "المحكم"

_ 1 هو أحمد بن علي بن ثابت بن مهدي الحافظ صاحب "تاريخ بغداد" قال السمعاني: كان مهيبًا، وقورًا، ثقة، متحريًّا، حجة، حسن الخط، كثير الضبط، فصيحًا، ختم به الحفاظ. توفي رحمه الله سنة "463" هـ له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": "18/ 270" و "شذرات الذهب" "5/ 262". 2 هو سعيد بن المسيب المخزومي القرشي سيد التابعين وأحد الفقهاء السبعة في المدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، كان يعيش من التجارة بالزيت ولا يأخذ عطاءه، وفاته رحمه الله سنة: "94" هـ له ترجمة في "سير أعلام النبلاء": "4/ 217" و "تقريب التهذيب": "1/ 364".

في النسخة المنقولة من خط ابن خلصة المنقولة من أصل المصنف "تَيْثَلَ" بتقديم المثناة على المثلثة وقال: هو الوعل عامة، وقيل: المسنُّ منها، وقيل: ذَكَرُ الأروى1، وجنس من بقر الوحش، ينزل الجبال، واسم جبل. وقال ابن شميل2: الثياتل تكون صغار القرون وقال أبو خيرة3: الثيتل من الوعول، لا يبرح الجبل ولقرنيه شعب، حكاه الأزهري فأما الوعل، وهو تيس الجبل، وجمعه، وعول: ففيه ثلاث لغات: فتح أوله وكسر ثانيه وإسكانه، والثالثة: ضم أوله وكسر ثانيه، ولم يجئْ على وزنه إلا رئم لحلقة الدبر ودئل الدويبة4. قوله: "وفي الضَّبُعِ كبْشٌ" "الضَّبُعُ: بفتح الضاد وضم الباء ويجوز إسكانها" وهي الأنثى ولا يقال ضبعة، والذكر ضبعان "بكسر الضاد وسكون الباء" وجمع الذكر ضباعين، كَسَراحِين، وجمع الأنثى ضباع.

_ 1 الأَرْوى: في المصباح: تيس الجبل البري وفي التاج: الأروية: أنثى الوعول وهي تيوس الجبل: يقال ثلاث أراوي على أفاعيل، والكثير أروى على أفعل، أو هو اسم للجمع. 2 هو النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم بن عبدة بن زهير التميمي، المازني البصري أبو الحسن _ أديب، نحوي، لغوي، شاعر، إخباري، محدث فقيه اتصل بالمأمون العباسي فأكرمه، مولده بمرو سنة: "122" هـ وفاته فيها سة: "204" من تصانيفه الكثيرة "الصفات في اللغة" و "غريب الحديث" و "كتاب الطير" و "المدخل إلى كتاب العين" للخليل بن أحمد، له ترجمة في "بغية الوعاة" "2/ 316-317". 3 هو نهشل بن زيد أبو خيرة الأعرابي البصري. قال ياقوت: بدوي من بني عدي، دخل الحضرة وصنف كتاب الحشرات. انظر ترجمته في "بغية الوعاة" "2/ 317" ومعجم الأدباء: "19/ 243". والحضرة: يريد الحضر. 4 في التاج: ورُئم كدُئل: الاست ولا نظير لها إلا دئل: قا رؤبة: "من الرجز" زل وأوقعت في الحضيض رُئِمُةْ ودُئل: دُوَيْبَةٌ كابن عرس أو كالثعلب.

والْكَبْشُ: فحل الضأن، في أي سن كان وقيل: هو كبش إذا أثنى، وقيل: إذا أربع، والجمع، أكبش وكباش، كله عن ابن سيده. قوله: "وفي الْغَزَالِ والثَّعْلَبِ عَنْزٌ" الغزال من الظباء: الشادن قبل الإثناء حين يتحرك ويمشي وقيل: هو بعد الطَّلي1: وقيل: هو غزال من حين تلده أمه، إلى أن يبلغ أشد الإحضار، وذلك حين يقرن قوائمه فيضعها معا ويرفعها معا والجمع، غزلة وغزلان، والأنثى بالهاء، وظبية معزل، أي: ذات غزال، نقل ذلك ابن سيده. والعنز: الماعِزَةُ. وهي الأنثى من المعز وكذا العنز من الظباء، والأوعال، وإذا كان الغزال الصغير من الظباء، فالعنز الواجبة فيه صغيرة مثله. قال الجوهري: الثعلب معروف: قال الكسائي: الأنثى منه ثعلبة، والذكر ثعلبان، وقال الجوهري وغيره: العنز: الأنثى من المعز والذكر تيس. قوله: "وفي الوَبْرِ والضب جدي" الوَبْرُ: "بسكون الباء" حكى الأزهري عن ابن الأعرابي قال: الوبر والأنثى وبرة وهي في عظم الجُرَذِ، إلا أنها أنبل وأكرم، وهي كحلاء لها أطباء، وجمعها وبار، وهي من جنس بنات عرس، وقال الجوهري: الوبرة "بالتسكين" دويبة أصغر من السنور طحلاء اللون2 لا ذنب لها، تدجن3 في البيوت وجمعها، وبر، ووبار.

_ 1 في "ط" الطلأ وهو ولد الظبية والطليُّ "كَغَنِيٍّ": الصغير من أولاد الغنم. جمع الأولى: أطلاء، وجمع الثانية: طليان، "القاموس والمصباح - طلي". 2 طحلاء اللون: بين الطحلة "بالضم" لون بين الغبرة والسواد بياض قليل يقال ذئب أطحل وشاة طحلاء "القاموس - طحل". 3 تدجن في البيوت: أي تقيم وتألف وهي داجن جمع دواجن "القاموس - دجن".

وأما الضَّبُّ: "بفتح الضاد" فهو حيوان صغير ذو ذنب شبيه بالحِرْذَوْن "بكسر الحاء" وقيل: الحرذون: ذكر الضب، حكاه الجوهري. وأما الجدي "فبفتح الجيم وسكون الدال" وهو من أولاد المعز ما بلغ ستة أشهر. قوله: "وفي اليَرْبُوعِ جَفْرةٌ": قال الجوهري: اليربوع واحد اليرابيع، والياء زائدة، وقال ابن سيده: اليربوع دابة، والأنثى بالهاء ولم يفسره واحد منهما بصفته، وقال أبو أبو السعادات: اليربوع: هو الحيوان المعروف، وقيل: هو نوع من الفأر، والياء والواو فيه زائدتان. وأما الجفرة، فقال أبو زيد: إذا بلغت أولاد المعز أربعة أشهر، وقصلت عن أمهاتها فهي الجفار، الواحد جفر والأنثى جفرة، وقال ابن الأعرابي: الجَفْر: الحمل الصغير، والجدي الصغير بعدما يفطم ابن ستة أشهر: آخر كلامه. وسمي الجفر بذلك؛ لأنه جفر جنباه، أي: عظما. قوله: "وفي الأَرْنَبِ عَنَاقٌ، وفي الحمام وهو كل ما عب وهدر شَاةٌ" وقال الكسائي: كل مطوق حمام. الأرنب حيوان معروف، شهرته تغني عن وصفه، وهو مصروف؛ لأنه ليس بصفة، بل اسم جنس. وأما العَنَاقُ: فقال الجوهري: العناق: الأنثى من ولد المعز، والجمع أعنق، وعنوق، وقال صاحب "المطالع" وهي الجذعة من ولد المعز التي قاربت الحمل. وقال الجوهري: العَبُّ: شرب الماء من غير مص. والحمام يشرب الماء عبا كما تعب الدواب. وهدر، أي: صوت. وقال غيره، هدر، غرد ورجع صوته، كأنه يسجع.

قوله: "إلا الماخِضُ" الماخض: الحامل التي دنا وقتها، ذكره صاحب "المطالع" وغيره. قوله: "اندَمَلَ غيرَ ممتنع". قال الجوهري: اندمل الجرح: أي: تماثل، وقال غيره: اندمل: إذا صلح، "والله أعلم"1.

_ 1 عبارة: "والله أعلم" زيادة من "ط".

باب صيد الحرم ونباته

باب صيدِ الحرمِ ونباتِهِ قال الجوهري: الحَرَمَانِ، مكة والمدينة، والحرم قد يكون الحرام، ونظيره، زمن وزمان، وقال الحازمي1: مكة، حرم الله، والمدينة، حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحد حرم مكة من طريق المدينة ثلاثة أميال دون التنعيم، عند بيوت نفار، ومن طريق العراق على ثنيته رجل بالمنقطع2 على تسعة أميال، ومن طريق الجعرانة في شعب ابن خالد على تسعة أميال3، ومن طريق

_ 1 هو الحافظ أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان بن حازم، كان فقيهًا حافظًا زاهدًا ورعًا متقشفًا حافظًا للمثوبه والأسانيد غلب عليه علم الحديث وصنف فيه تصانيف مشهورة منها "الناسخ والمنسوخ" في الحديث لم يصنف في فنه مثله، مات رحمه الله سنة: "584" هـ ترجمته في "سير أعلام النبلاء": "12/ 167" و"شذرات الذهب": "6/ 462". 2 في بعض المصادر: على بنية خل بالمقطع "بضم الميم وفتح القاف وفتح الطاء مشددة" و "المقطع" أيضاً واردة فيه "بضم الميم وإسكان القاف وفتح الطاء بلا تشديد" انظر تاريخ مكة للأزرقي. ولهم في سبب تسمية المقطع قولان: قطعت منه أحجار الكعبة، أو كانوا يقطعون ما يعلقونه من قشر شجر الحم عنده إذا عادوا كل ذلك عن الأزرقي. 3 على تسعة أميال كذا في الأصل وفي بعض المصادر "كشفاء الغرام" و "شرح الغاية" ذكر: سبعة وثمانية وعشرة وستة أميال على اختلاف الروايات.

الطائف على عُرْنَةَ من بَطْن نَمِرَة سَبْعَةُ أميال، ومن طريق جدة، منقطع الأعشاش على عشرة أميال هكذا نقله أبو الخطاب عن شيخه القاضي أبي يعلى. قوله: "وحشيشه". قال الجوهري: الحشيش ما يَبِسَ من الكلأ، ولا يقال له رطبًا حشيش وكذا نقله غيره. والهشيم كالحشيش والخلا مقصورًا، والعشب الرطب والكلأ يطلق على الجميع ذكر الجوهري الجميع مفرقا في أبوابه. قوله: "والإِذْخِر" الإذخر "بكسر الهمزة والخاء" نبت طيب الرائحة، الواحدة إِذْخِرَةٌ. قوله: "ويَحْرُمُ صَيْدُ المَدِيْنَةِ" المدينة: علم على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو علم بالغلبة لا بالوضع، ولا يجوز نزع الألف واللام منها إلا في نداء، أو إضافة وجمعها مُدْنٌ، ومُدُنٌ، ومدائِنُ، وسئل أبو علي الفسوي عن همزه. فقال: من جعله من قولهم: مدن بالمكان إذا أقام همزه، ومن جعله "مَفْعِلَه" من دين إذا ملك لم يهمزه كما لم يهمز معايش، ولها أسماء منها: طَيْبَة وطَابَةَ، ويَثْرِب، وتقدم في الاعتكاف. قوله: "للرّحْل والْعَارِضَة والْقَائِمَة" قال الجوهري: الرَّحْلُ: رَحْلُ البعير، وهو أصغر من القتب. "والعارضَةُ": ما يسقف به المحمل. قال ابن سيده: العارض سقائف المحمل1، وعوارضُ البيت: خَشَبُ سقفه المعرضة2، وعارضة الباب: مساك العَضَادَتَيْنِ من فوق.

_ 1 "العارض سَقَائِفُ المَحْمَلِ" كذا في "ش" وفي "ط": "العارض المحمل" بسقوط سقائف. 2 "المُعَرَّضَة" كذا في "ش" وفي "ط": "المَعْرُوْضَة".

"والقائمة" إحدى قائمتي الرَّحْلِ التي في مُقَدَّمِهِ ومؤخره عن أبي السعادات. قوله: "ومن حشيشها لِلْعَلَفِ" العَلَفُ1: "بفتح اللام" ما تأكله البهائم. يقال: علف الدابة وأعلفها. قوله: "ما بين ثَوْرٍ إلى عَيْرٍ" أما عير: فهو جبل معروف بالمدينة مشهورٌ، مع أنه قد أنكره بعضهم، قال مصعب الزبيري: ليس بالمدينة عير ولا ثور، وأما ثور: فهو جبل بمكة معروف، فيه الغار الذي توارى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكفار ومعه أبو بكر رضي الله عنه وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور" 2. قال القاضي عياض أكثر الرواة في البخاري ذكروا عيرًا، فأما ثور فمنهم من كنى عنه بكذا، ومنهم من ترك مكانه بياضًا؛ لأنهم اعتقدوا ذكر ثَوْرٍ خطأ، قال أبو عبيد: أصل الحديث من عير إلى أحد وكذا قال الحازمي وجماعة، وقيل: الرواية صحيحة والتقدير حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة أو حرم المدينة تحريما، مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة على حذف المضاف، ووصف المصدر المحذوف. وهذا كله؛ لأنهم لا يعرفون ثورًا بالمدينة. وقد أخبرنا الإمام العلامة ذو الفنون عفيف الدين، عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري، قال صحبت طائفة من العرب من بني هاشم وكنت إذا صحبت العرب، أسألهم عما أراه من جبل، أو واد أو غير ذلك، فمررنا بجبل خلف أحد، فقلت: ما يقال لهذا الجَبَل؟ قالوا: هذا جبل ثَوْرٍ. فقلت: ما تقولون!؟ فقالوا: هذا ثور معروف من زمن آبائنا وأجدادنا فنزلت فصليت ركعتين والله أعلم.

_ 1 لفظ: "العلف" مستدركه على الهامش في "ش". 2 رواه البخاري رقم "1870" ومسلم رقم "1370" من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقد جاء في الحديث: "اللهم إني أُحَرِّمُ ما بين جَبَلَيْها" 1 وفي بعض الروايات "ما بين لابَتَيْها" 2، فما بين لابتيها بيان لحد حرمها من جهتي المشرق والمغرب، وما بين جبليها، بيان لحد من جهتي الجنوب والشمال والله أعلم. قوله: "اثني عشر ميلًا حمىً": تقدم قدر الميل في قصر الصلاة، وأما الحمى، فقال صاحب "المطالع" الحِمى: المكان الممنوع من الرعي، وحميت المكان وأحميته: إذا منعته من الرعي. حكاهما شيخنا أبو عبد الله بن مالك في، فَعَلَ وأَفْعَلَ.

_ 1 رواه أحمد في المسند "3/ 159" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. 2 رواه أحمد في "المسند" "3/ 240" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

باب دخول مكة

باب دخول مكة مَكَّةُ: علم على جميع البلدة المعروفة المعظمة المحجوجة، غير مصروف للعلمية والتأنيث، وقد سماها الله تعالى في القرآن بأربعة أسماء. مَكَّةُ1، والبَلْدَةُ2، والقَرْيَةُ3، وأمُّ القُرَى4. قال ابن

_ 1 مكة: الفتح: الآية "24" وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ ... } . 2 البلدة: النمل: الآية: "91" قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا ... } . 3 القرية: النحل: الآية "112" قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ... } على قول مجاهد في تفسير هذه الآية. 4 أم القرى: الأنعام: الآية "92" قوله تعالى: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ... } والبلدة كذا في "ط" وفي "ش": البلد: البلد: الآية "1" قوله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} والتين: الآية "3" قوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} حكاه صاحب "شفاء الغرام" عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآيات.

سِيْدَهْ: سميت مكة لقلة مائها، وذلك أنهم كانوا يَمْتَكُّونَ الماء فيها. أي: يستخرجونه، وقيل؛ لأنها كانت تمك من ظلم فيها، أي: تُهْلِكُه1. وأما بكة بالباء. ففيه أربعة أقوال: أحدها: أنها اسمٌ لبقعة البيت. والثاني: ما حول البيت، ومكة ما وراء ذلك. والثالث: أنها اسم للمسجد والبيت، ومكة للحرم كله. والرابع: أن مكة هي بَكَّةُ، قال الضَّحَّاكُ: واحتج بأن الباء والميم يتعاقبان، يقال: سَمَدَ رأسه وسَبَدَهُ، وضربة لازم ولازب. قوله: "من ثنية كَدَاء" الثنية في الأصل: الطريق بين جبلين. وكداء "بفتح الكاف والدال ممدود مهموز" مصروف وغير مصروف، كله عن صاحب "المطالع" قال الحازمي: وهي ثنية في أعلى مكة. وكُدًا "بضم الكاف وتنوين الدال": بأسفل مكة عند ذي طُوَى، بقرب شعب الشافعيين2 وأما كُدَيٌّ مصغرًا، فإناخة لمن خرج من مكة إلى اليمن، وليس من هذين الطريقين في شيء، نقله عن ابن حزم وغيره. يقول:

_ 1 في كتاب تلبية أهل الجاهلية كانت تلبية عكَّ ومَذْحِجَ "غير مصروفين للعلمية والتأنيث": يا مَكَّةُ الفاجر مُكَيِّ مَكًّا ... ولا تَمُكيِّ مَذْحِجًا وعَكًّا كذا رواه في التاج غير منسوب لأحد ومكي فيه بمعنى: أهلكي، ولا تمكي: بمعنى: ولا تهلكي. 2 شِعْبُ الشافعيِّيْن: من شعاب مكة المكرمة نسبة إلى بني شافع من بني المطلب بن عبد مناف الإمام الشافعي رضي الله عنه.

كُدَيُّ مصغر للثنية السفلى، ويدل عليه، شعر ابن قيس الرقيات عبد الله1: "من الخفيف" أقفرت بعد عبد شمس كَدَآءُ ... فَكُدَيُّ فالركن فالبطحاءُ فمنًى فالجمارُ من عبد شمس ... مقفرات فبلدح فَحِرَاءُ2 وقيل غير ذلك والله أعلم. قوله: "اللهم أنت السلام" قال الأزهري: السلام الأول: اسم الله تعالى، والثاني: معناه من أكرمته بالسلام فقد سلم. "وحَيَّنا رَبَّنا بالسلام" أي: سَلِّمْنا بتحيتك إيانا من جميع الآفات. قوله: "زِدْ هذا البيتَ تعظيمًا وتشريفاً وتكريماً ومهابةً وَبِرًّا" التعظيم: التبجيل، والتشريف: الرفع والإعلاء، والتكريم، التفضيل، والمهابة: التوقير والإجلال. والبر "بكسر الباء" اسم جامع للخير، وأصله الطاعة. قوله: "بيتُك الْحَرامِ" سمي البيت حرامًا؛ لأن حرمته انتشرت، فلا يصاد عنده ولا حوله ولا يختلى ما عنده من الحشيش، قال العلماء: وأريد بتحريم البيت: سائر الحرم، وتسمى الكعبة أيضا: البيت العتيق، وفي تسميتها بذلك أربعة أقوال:

_ 1 هو عبد الله بن قيس الرقيات، وقيل: عبيد الله بن قيس الرقيات. شاعر قرشي من بني عامر بن لؤي أكثر شعره في الغزل والسياسة؛ لأنه كان زبيري الهوى انتصر لهم ولقريش والبيتان في ديوانه صفحة: "87" من قصيده يمدح بها مصعب بن الزبير. انظر تاريخ الأدب العربي: "العصر الإسلامي" للدكتور شوقي ضيف صفحة: "293- 301". والركن: جانب الكعبة، فالجمار: الجمار بمنى وبَلْدَح: واد في طريق التنعيم إلى مكة أو جبل بطريق جدة. انظر معجم البلدان: "1/ 570". 2 ما بين الرقمين زيادة من "ط".

أحدها: لأن الله تعالى: أعتقها من الجبابرة. والثاني: بمعنى القديم. قاله الحسن. والثالث: لأنه لم يملك قط. قاله مجاهد. والرابع: لأنه أعتق من الغرق زمن الطوفان، قاله ابن السائب: ذكر ذلك الحافظ أبو الفرج. قوله: "وأصلح لي شأني" قال الجوهري: الشأن: الأمر والحال. قوله: "بِطَوَافِ العُمْرَةِ" الطواف من قولهم طاف به أي: ألم به، يقال: طاف يطوف طوافًا وطوفانًا، وتطوف واستطاف كله بمعنى، وفي الحج، أربعة أطوفة: طواف القدوم: وهو سنة. وطواف الزيارة: وهو الطواف الواجب، ويسمى ركن الحج، وطواف الصدر: وهو طواف الوداع1. وهو واجب.

_ 1 كذا في "ش"، وفي "ط": "وطواف الوداع" بسقوط "وهو" وعليه يكون في الحج أربعة أطوفة كما ذكر. وأما قوله في "ش" وهو طواف الوداع فيفهم منه أن طواف الصدر وطوائف الوداع شيء واحد فيكون في الحج ثلاثة أطوفة وهذا ما ذكره الجزيري في كتابه "الفقه على المذاهب الأربعة" قال الجزيري: أنواع الطواف ثلاثة: - النوع الأول الطواف الركن فمن لا يفعله يبطل حجه ويقال له طواف الإفاضة وطواف الزيارة. - النوع الثاني: الطواف الواجب: وهو طواف الزيارة ويسمى طواف الصدر. - النوع الثالث: الطواف المسنون: وهو طواف القدوم. وكذا ورد عند النووي في "التحرير" فيكون قلوه: وفي الحج أربعة أطوفة سهو إلا أن يكون قد أراد بطواف الزيارة كلما دخل البيت أثناء إقامته بمكة المكرمة فهذا الطواف يقوم مقام صلاة تحية المسجد فقد قيل: تحية البيت الطواف. ولكن هذا النوع من الطواف غير محسوب من أطوفة الحج انظر الفقه على المذاهب الأربع: "1/ 652" و "تحرير التنبيه" صفحة "169".

قوله: "ويضطبع" تقدم ذلك كله في ستر العورة. قوله: "بالحَجَرِ الأسودِ" ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نزل من الجنة، أشد بياضًا من اللبن. رواه الترمذي: وقاله: حسن صحيح. قوله: "ثم يَسْتَلِمُهُ" أي: يمسه، ووزن استَلَمَ "افتعَلَ" من السلمة وهي الحجر، وقيل افتعل من المسالمة كأنه فعل ما يفعل المسالم، وقيل: استلم "استفعل" من اللامة وهي السلاح كأنه خَصَّ1 نفسه بمس الحجر. حكى معنى هذا ابن الأنباري في كتاب "الزاهر". قلت: فعلى هذا القول: يكون وزنه في اللفظ "استَفَلَ" وفي الأصل "واستفعل"؛ لأن عينه همزة محذوفة. قوله: "إيمانًا بك" إلى آخره، إيمانًا: مفعول له أي: أفعل ذلك غيمانًا بك. أي: لأجل إيماني أنك حق فعلت ذلك. ووفاء بعهدك، أصل الوفاء في اللغة: التمام: ويقال: وفى بالعهد وأوفى، ووفى، نص على ذلك غير واحد، قال أبو النجم2: "من البسيط" أمَّا ابنُ طَوْقٍ فَقَدْ أَوْفَى بذمّته ... كما وفَى بقلاصِ النَّجْمِ حاديها النَّجْمُ: الثُّرَيَّا، حاديها، الدَبَرَّانُ، وقلاصها: نُجُومُها.

_ 1 كأنه خص: كذا في "ش" وفي "ط": كأنه حصن وهو أجود. 2 هو أبو النجم العجلي الراجز واسمه الفضل بن قدامه. يقول ابن سلام: إنه أبلغ في النعت أي الوصف من العجاج وفاته سنة: "130" هـ انظر "تاريخ الأدب العربي" للدكتور شوقي ضيف "العصر الإسلامي" صفحة: "397 - 399" وفيه مصادر ترجمته. والبيت في "التاج - وفى" منسوب لطفيل الغنوي وكذا في اللسان.

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لما أخذ الله عَزَّ وجل الميثاق على الذرية. كتب كتابًا فالقمه الحجر، فهو يشهد للمؤمن بالوفاء وعلى الكافر بالجحود. ذكره الحافظ أبو الفرج. قوله: "فإذا أتى الركن اليماني" تقدم في باب المواقيت1. قوله: "سَبْعًا" "هو بفتح السين" أي: سبع مرات، ويجوز ضمها، ويجوز سبوع بالواو، ذكره صاحب "المطالع" بعبارة طويلة وأسبوعًا وجمعه أسابيع. قوله: "يَرْمُلُ في الثلاثة الأولِ" يقال: رمل يرمل "بفتح الميم في الماضي وضمها في المضارع" قال الجوهري: الرمل بالتحريك: الهرولَةُ. رملت بيت الصفا والمروة رملًا ورملانًا. وقوله: "يَطُوف سبعًا" بحذف التاء. أراد الطوفات. وقوله هنا "في الثلاثة" يريد الأشواط فحقه أن يقول: يرمل في الثلاثة الأوائل، أو الأولى أو الثلاث الأول: فحيت قال: الثلاثة الأول، حمل الثلاثة على الأشواط، والأول التي جمع "أولى" على الطوفات. والله أعلم. قوله: "ولا يَثِبُ وَثْبًا ويَمْشِي أَرْبَعًا" قال الجوهري: وثب وثبا ووثوبا ووثبانا طفر ويمشي أربعا أي: أربع طوفات. قوله: "الله أكبر ولا إله إلا الله" تقدم في الصلاة. قوله: "وبين الركنين" هما الركن اليماني، والحجر الأسود. قوله: "رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً" في حسنة الدنيا سبعة أقوال: أحدها: أنها المرأة الحسنة، قاله علي رضي الله عنه. والثاني: أنها العبادة، وهو مروي عن الحسن. الثالث: أنها العلم والعبادة عن الحسن أيضا. والرابع: المال: قاله أبو وائل وغيره. والخامس: العافية، قاله

_ 1 انظر ص "202".

قتادة1. والسادس: الرزق الواسع. قاله مقاتل2. والسابع: النعمة. وفي حسنة الآخرة، ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الحور العين، قاله علي رضي الله عنه. والثاني: الجنة، قاله الحسن وغيره. والثالث: الغفور والمعافاة. قوله: "اللهم اجعله حجاً مبروراً" إلى آخره. قال صاحب "المطالع" وغيره: الحج المبرور: هو الخالص الذي لا يخالطه مأثم. وقال الأزهري: المبرور، المتقبل، وأصله من البر. وهو اسم جامع للخير. ومنه، بررت فلانًا، أي: وصلته، وكل عمل صالح بر. ويقال بر الله حجة وأبره. "وسعيًا مشكوراً" أي: اجعله عملاً متقبلاً، يزكو لصاحبه ثوابه. "ومساعي الرجل" أعماله الصالحة، وأحدتها مسعاة. "وذنباً مغفوراً" التقدير: والله أعلم -اجعل حجي مبرورًا وسعيي سعيًا مشكوراً وذنبي ذنبًا مغفورًا. قوله: "منكِّساً" يجوز فتح الكاف، صفة لمصدر محذوف، أي:

_ 1 هو قتادة بن دعامة السدوسي أبو الخطاب البصري، عالم بالحديث ثقة ثبت، ورأس في العربية، وفاته سنة: "118" هـ له ترجمة في "تقريب التهذيب": "1/ 26" وفي "تهذيب التهذيب": "8/ 351" و "طبقات المفسرين": "2/ 47" وفيه مصادر ترجمته. 2 هو مقاتل بن سليمان بن كثير الأزدي، أبو الحسن الخراساني نزيل مرو بحر في التفسير، ذكر له صاحب الفهرست عدة كتب حول التفسير منها "التفسير الكبير" مات سنة: "150" هـ، ترجمته في "طبقات المفسرين": "2/ 330".

طاف طوافاً مُنَكَّسًا، ويجوز كسرها ويكون حالاً: أي: طاف منكساً طوافه. قوله: "جِدَار الْحِجْرِ" الحجر "بكسر الحاء وسكون الجيم لاغير" عن صاحب "المطالع" وغيره، وهو مكان معروف إلى جانب البيت، نحو سبعة أذرع1. "أو شَاذَرْوان الكَعْبَةِ" "فتح الشين والذال المعجمتين وسكون الراء" القدر الذي ترك خارجا عن عرض الجدار مرتفعا عن وجه الأرض قدر ثلثي ذراع، قال الأزرقي2: قدره ستة عشر أصبعًا، وعرضه: ذراع، والذراع، أربع وعشرون اصبًعا، وهو جزء من الكعبة نقصته قريش، وهو ظاهر في جوانب البيت إلا عند الحجر الأسود، وهو في هذا الزمان قد صفح بحيث يعسر الدوس عليه، فجزى الله فاعله خيرًا. قوله: "أو عُريانا" عُريانا مصروف؛ لأن مؤنثه عريانة. قال الجوهري: وكل فعلان فَمُؤنثهُ فَعْلَانَةٌ. قوله: "خلف المقام" المقام: مقام إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، وهو الحجر المعروف ثم، قاله سعيد بن جبير3، وفي سبب وقوف الخليل عليه، قولان.

_ 1 في المصباح: والحجر: حطيم مكة وهو المدار بالبيت من جهة الميزاب. وفي "المُغْرِب": والحِجْرُ "بالكسر": ما أحاط به الحطيم مما يلي المزاب من الكعبة. 2 هو محمد بن عدب الله الأزرقي أبو الوليد صاحب كتاب: "أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار" وفاته نحو سنة: "250" هـ انظر "الأعلام" "6/ 222". 3 هو سعيد بن جبير: من كبار التابعين. مقرئ مفسر فقيه محدث أحد الأعلام الكبار كان يوم الناس في شهر رمضان. قتله الحجاج سنة: "95" هـ لخروجه عليه في خبر طويل يرويه أصحاب التواريخ، انظر شذرات الذهب: "1/ 382".

أحدهما: أنه وقف عليه حتى غسلت زوجة ابنه رأسه في قصة طويلة، وهذا يروى عن ابن مسعود وابن عباس. والقول الثاني: أنه قام عليه لبناء البيت وكان إسماعيل يناوله الحجارة. قال سعيد بن جبير، ويحتمل أنه وقف عليه لغسل رأسه، ثم وقف عليه لبناء الكعبة، والله أعلم. قوله: "يقرأ فيهما: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} " تقدم ذكرهما في صلاة التطوع1. قوله: "ثم يعودُ إلى الرُّكْنِ" المراد بالركن: الحجر الأسود، نص عليه المصنف في "المغني" وغيره من أصحابنَا. قوله: "يبدَأُ الصَّفا" الصفا: مقصور، وهو في الأصل: الحجارة الصلبة2، واحدتها صفاة كحصاة وحصى، وهو هنا: اسم المكان المعروف عند باب المسجد الحرام. قوله: "فَيَرْقَى عليه" أي: يصعد "بكسر القاف في الماضي، وفتحها في المضارع" وحكى ابن القطاع، فتح القاف وكسرها مع الهمز. قوله: "وهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ" قال الجوهري: الأحزاب: الطوائف التي تجتمع على محاربة الأنبياء والإشارة بالأحزاب هنا، إلى الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيام الخندق، وهم قريش وغطفان، ويهود قريظة والنضير وغيرهم. قوله: "حتى يأتي العَلَمَ فيسعى سعياً شديداً إلى العَلَم" العلم في اللغة: العلامة والجبل، وعلم الثوب، والعلم: الراية، والعلمان هنا،

_ 1 انظر ص "116". 2 في الأساس: شيءٌ صُلْبٌ وصَلِيبٌ وصُلَّبٌ وقد صَلُبَ صلابة.

المراد بهما: الميلان الأخضران اللذان بفناء المسجد الحرام، ودار العباس. وفناء المسجد: ركنه. قوله: "حتى يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ" قال الجوهري: المروة: الحجارة البيض البراقة، تقدح منها النار وبها سميت المروة بمكة، وهي المكان الذي في طرف المسعى، وقال أبو عبيد البكري: المروة جبل بمكة معروف، والصفا جبل آخر بإزائه، وبينهما قديد منحرف عنهما شيئًا، والمُشَلَّلُ: هو الجبل الذي ينحدر منه إلى قديد، وعلى المشلل كانت مناة. قوله: "بذلك الشوط" قال ابن عباد وغيره: الشوط: جري مرة إلى الغاية، فالابن قُرْقُول: وهو في الحج، طوفة واحدة، من الحجر الأسود إليه، ومن الصفا إلى المروة. قوله: "متواليًا" أي غير متفرق، وقد تقدم ذكر الموالاة في الطهارة. قوله: "ومن كان متمتعاً1 قَطَعَ التبلبية إذا وَصَلَ البيتَ" المراد -والله أعلم: ومن كان معتمراً قطع التلبية إذا استلم الحجر، نص عليه الإمام أحمد رضي الله عنه، ذكره المصنف رحمه الله في "المغني" لكنه في "المقنع" تبع الخِرَقِيَّ رحمه الله في هذه العبارة، والله أعلم.

_ 1 متمتعاً: كذا في "ش" وفي "ط": معتمراً، ومفادهما واحد؛ لأن المتمتع أحرم بعمرة أي هو معتمر ولكن ليس كل معتمر متمتعاً فيهما عموم وخصوص.

باب صفة الحج

باب صفة الحج قوله: "الذي حَلَّ وغيرِه من المحلين" يقال: حل من إحرامه، فهو حال، وأحل، فهو محل، فاستعمل الشيخ رحمه الله، اللغتين. قوله: "يومَ التَّرْوِيَةِ" سمي بذلك؛ لأن الناس كانوا يَرْتَوون فيه من

الماء لما بعد، وقيل: لأن إبراهيم عليه السلام، أصبح يتروى في أمر الرؤيا، قاله الأزهري. قوله: "إلى مِنًى" منى "بكسر الميم وفتح النون مخففة بوزن رِبًا" قال البكري، يذكر ويؤنث، فمن أنث لم يُجْرِه، أي لم يصرفه، قال الفراء: الأغلب عليه التذكير. وقال العرجي في تأنيثه. قوله: "من البسيط" ليومنا بمنًى إذ نحن ننزلها ... أشد من يومنا بالعرج أو مِلْكِ1 وقال أبو دهبل في تذكيره: "من البسيط" سقى مِنًى ثم رواه وساكنه ... وما ثَوَى فيه واهي الودق منبعق2 وقال الحازمي في أسماء الأماكن: منى "بكسر الميم، وتشديد النون": الصقع قرب مكة، ولم أر هذا لغيره والصواب الأول. قوله: "فأقامَ بِنَمِرَةَ" نمرة "بفتح النون وكسر الميم بعدها راء": موضع بعرفة. قال الأزرقي: هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة. قوله: "والدَّفْعُ مُنه" قال صاحب "المطالع" الرفع في السير "يعني بالراء": التعجيل، والدفع فيه: الأنبعاث بمرة. قوله: "بمزدَلفَةَ" قال البكري في "معجمه" عن عبد الملك بن حبيب: جمع هي المزدلفة، وجمع وقزح والمشعر الحرام، وسميت جمعًا، للجمع بين المغرب والعشاء بها، قاله البكري، وقيل: لاجتماع

_ 1 العَرْجُ "بفتح العين وسكون الراء": منزل بطريق مكة، وفي المصباح: العرج: وزان فلس: موضع بطريق المدينة. مِلْكُ: واد بمكة أو باليمامة. 2 الودق: المطر. والمنبعق: من انبعق المزن: انبعج بالمطر "القاموس - ودق وبعق".

الناس بها، وهو أنسب للاجتماع بها قبل الإسلام. قوله: "ثم يروح إلى الموقف" أي: يذهب، وأكثر ما يستعمل الرواح بعد الزوال، والغدو قبل الزوال، قال الله تعالى: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} 1. وحكى الأزهري وغيره، أن الرواح يستعمل بمعنى السير أي وقت كان. قوله: "إلا بَطْنَ عُرَنَةَ" "بضم العين وفتح الراء والنون" قد حددها المصنف رحمه الله، وقال البكري: بطن عرنة، الوادي الذي يقال له مسجد عرفة، وهي مسايل يسيل فيها الماء، إذا كان المطر2، فيقال لها: الجبال وهي: ثلاثة، أقصاها مما يلي الموقف. قوله: "عند الصَّخَرَاتِ" الصخرات "بفتح الصادر والخاء المعجمة" جمع صخرة "بسكون الخاء وفتحها" وهي الحجارة العظام. قوله: "وجَبَلِ الرحمة" هو جبيل صغير معروف ثَمَّ3. قوله: "وإن وافاها" أي: أتاها عن الجوهري وغيره. قوله: "وعليه السَّكِينَةُ" السكينة "فَعِيْلَةُ" من السكون الذي هو الوقار، وفسر الجوهري، الوقار بالحلم والرزانة. قوله: "فإذا وجد فَجْوَةً أَسْرَعَ" الفجوة "بفتح الفاء وسكون الجيم": الفرجة بين الشيئين. قوله: "ما بين المَأْزَمَيْنِ ووادي مُحَسِّرٍ" المأزمان تثنية مأزم "بفتح أوله وإسكان ثانيه وكسر الزاي" كذا قيده البكري وقال: وهما معروفان بين

_ 1 سورة سبأ: الآية "12". 2 المطر: فاعل لفعل كان التامة هنا بمعنى: ظهر، وإلا وجب تقدير خبر منصوب مثل نازلًا أو هاطلًا. 3 كذا في "ش" وفي "ط": "هو جبل صغير معروف هناك وهذا أجود".

عرفة والمزدلفة، وكل طريق بين جبلين، فهو مأزم، وموضع الحرب أيضاً مأزم، قال الجوهري: ومنه سمي الموضع الذي بين المشعر وعرفة: مأزمين. ومُحَسِّرٌ "بضم الميم وفتح الحاء، بعدها سين مهملة مشددة مكسورة وبعدها راء" كذا قيده البكري، وهو واد بين مزدلفة ومنى، قيل سمي بذلك؛ لأن فيل أصحاب الفيل، حَسَّر فيه، أي: أعيى، وقال البكري: وهو واد بجمع، وقال الجوهري: هو موضع بمنى. قوله: "ثم يأتي المَشْعَرَ الحرامَ" المشعر الحرام "بفتح الميم" قال الجوهري، وكسر الميم لغة: وهو موضع معروف بمزدلفة ويقال له: قزح، وقد تقدم أن المشعر الحرام وقزح من أسماء المزدلفة، فتكون المزدلفة كلها سميت بالمشعر الحرام، وقزح تسمية للكل باسم البعض، كما سمي المكان بدرًا باسم ماء به، يقال له: بدر. قوله: "كما وقَفتنا فيه" الأفصح، وقفت الدابة والرجل بمعنى وفقتهما وكذا وقفت الوقف، وحكى شيخنا - رحمه الله- أوقفت في الجميع. قوله: "وأريتنا غياه" يجوز أريتنا إياه، وأريتناه وهو الأفصح، قال الله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} 1. وقال تعالى: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} 2 وهي مسألة مقررة في كتب النحو المطولة. قوله: "كما وعدتنا" الأكثر استعمال وعد في الخير، وأوعد في الشر، قال الشاعر3: "من الطويل"

_ 1 سورة البقرة: "137". 2 سورة هود: الآية "28". 3 هو عامر بن الطفيل، كما في: "تاج العروس".

وإني وإن أوعدتُه أو وَعَدتُه ... لمخلف إيعادي ومُنْجِزُ مَوْعِدِي وحكى قطرب1، في فعلت وأفعلت، وعد وأوعد في الخير والشر، فالذي جاء في هذا الدعاء، جاء على أفصح اللغتين. وقوله: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} أي: دفعتم، قاله ابن قتيبة. قوله: "إلى غفور رحيم" يرفعهما على الحكاية، حكاية قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 2 والجار والمجرور في قوله "إلى غفور رحيم" متعلق بمحذوف تقديره: يقرأ إلى "غفور رحيم" و "إلى" داخل على قول مقدر، محكي بعده المرفوع، تقديره: يقرأ إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} . قوله: "إلى أن يُسْفِرَ" يقال: أسفر الصبح، بمعنى سفر: لغة نقلها شيخنا أبو عبد الله بن مالك رحمه الله. أي: أضاء، والضمير في "يُسْفِرُ" للصبح؛ لأنه قد تقدم، ويجوز أن يكون للداعي. "وبأخذ حَصَى الجمار" الجمار، واحدتها جمرة: وهي في الأصل: الحصاة ثم سمي الموضع الذي ترمى فيه الحصيات السبع: جمرة. وتسمى الحصيات السبع: جمرة أيضا، تسمية للكل باسم البعض، والجمار ثلاث: ترمى يوم النحر جمرة العقبة بسبع حصيات، وفي أيام التشريق، يرمي كل يوم ثلاثًا، بإحدى وعشرين حصاة، فلذلك كان عددهن سبعين حصاة.

_ 1 هو محمد بن المستنير أبو علي النحوي. لازم سيبويه وكان به يدلج إليه فإذا خرج وجده على بابه فقال له: ما أنت إلا قطرب ليل فلقب به مات سنة: "206"هـ، ترجمته في "بغية الوعاة" "1/ 242" و "إنباه الرواة" "3/ 219"، و"شذرات الذهب" "3/ 33" له مصنفات عديدة منها "المثلث" في اللغة. 2 سورة البقرة: الآية "198".

"أَكْبَرَ مِنَ الحِمِّصِ" الحمص، الحب المعروف. قال ثعلب: الاختيار فتح الميم، وقال المُبَرَّدُ: بكسرها، ولم يأت عليه من الأسماء إلا حِلِّزٌ، وهو القصير، وجِلِّق "وهو اسم لدمشق وقيل موضع بقربها، وقيل إنه صورة امرأة كان الماء يخرج من فيها في قرية من القرى وهو أعجمي معرب، حكى ذلك كله الجوهري"1. "ودُون البُنْدُق" البندق "بضم الباء والدال بينهما نون ساكنة" قال ابن عباد في كتابه البندقة التي يرمى بها، والجمع: البندق2 "عن الجوهري وابن عباد"3. والعَقَبَةُ، واحدة العقبات، وقد صارت علماً على العقبة التي ترمى عندها الجمرة، وتعريفها بالعلمية بالغلبة، لا باللام، كالصعق والدبران، ونحوهما. "واحدةً بعد واحدة" واحدة بالنصب، بإضمار فعل. أي: يرمي واحدة، أو على الحال، كأنه قال: بسبع حصيات متفرقة متتابعة، فتكون حالًا من سبع. "بياض إبْطِهِ" إبطه "بكسر الهمزة": ما تحت الجناح، يذكر ويؤنث، وجمعه: آبَاطٌ. "قَدْرَ الأُنْمُلَةِ" الأنملة: واحدة الأنامل، وقد تقدم ذكرها في باب السواك.

_ 1 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط". 2 البندق: كذا في "ش" وفي "ط": بنادق وعبارة: عن الجوهري وابن عباد زيادة من "ط" في الجوهري: البندق الذي يرمى به الواحدة بندقة والجمع بنادق. 3 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

"والحِلَاق" الحِلَاقُ "بكسر الحاء" مصدر حلق حلقاً وحِلَاقاً. والحلاق أيضا: جمع حلقة، كجفنة وجفان. والحلاق "بالضم" داء في الحلق، وحلاق، اسم للمنية، كقطام. "والتقصير" مصدر قصر تقصيرًا. قوله: "أيام منى" هي أيام التشريق أضيفت إلى منى لإقامة الحاج بها لرمي الجمار. قوله: "إطْلَاق من مَحْظُورِ" الإطلاق: مصدر أطلقت المحبوس ونحوه: إذا خليت سبيله والمحطور في اللغة: الممنوع، وفي الشرع، والحرام: وهو ما تركه راجح على فعله مع المنع من فعله مطلقًا، فالمحرم قبل الحلق والتقصير، كان ممنوعًا من المحظورات، فبأحدهما بعد الرمي، أطلق من هذا المحظور. قوله: "يعلمهم فيها النَّحْرَ والإفَاضَةَ": النحر: مصدر"نحر" وقد فسره المصنف رحمه الله، في باب الهدي بقوله: فيطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر. والذَّبْحُ: قطع الحلقوم والمريء، والودجين على رواية. و"الإفَاضَة" مصدر أفاض، قال ابن القطاع: أفاض الحاج: أسرعوا في دفعتهم من عرفة إلى المزدلفة. وأيضًا رجعوا من منًى إلى مكة يوم النحر. قوله: "يطوف للزيارة" قال الجوهري: زرته أزوره، زورًا وزيارةً وزوارةً أيضا. حكاه الكسائي. أي: قصده. ولهذا الطواف عند الفقهاء، أربعة أسماء. طواف الزيارة، وطواف الإفاضة، والطواف الواجب، وطواف الصدر أضيف إلى الزيارة؛ لأنه يفعل عندها، وأضيف إلى الإفاضة؛ لأنه يفعل بعدها، وأضيف إلى الصدر؛ لأنه يفعل بعده أيضا،

والصَّدر "بفتح الصادر والدال" رجوع المسافر من مقصده. قوله: "يأتي زَمْزَمَ" زمزم "بالزاي المكررة" غير مصروف للتأنيث والعلمية، والبئر المشهورة المباركة بمكة، قيل سميت بذلك لكثرة مائها، يقال ماء زمام زمزم، وقيل: اسم لها علم وقيل: بل من ضم "هاجر" لها حين انفجرت، وزمها إياهًا وقيل: بل من زمزمة جبريل عليه السلام وكلامه عليها، وتسمى: برة، والمضنونة، وتكتم "بوزن تكتب"، وهزمة جبريل وشفاء سقم، وطعام طعم، وشراب الأبرار، وطيبة، ذكرها صاحب "المطالع"1. وقولهم: بئر زمزم: من إضافة المسمى إلى الاسم. كقولهم: سعيد كُرْزٍ: أي: صاحب هذا اللقب. "لما أَحَبَّ" أي: لما أحب أن يعطيه الله -عز وجل- من خير الدنيا والآخرة، معتمدًا في ذلك على حديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "ماء زمزم لما شرب له" رواه ابن ماجه. قوله: "ويتضَلَّعُ منه" أي: يملأ أضلاعه من الماء. قال الجوهري: تضلع الرجل: أي امتلأ شِبَعًا ورِيًّا. قوله: "وَرِيًّا وشِبَعًا" يقال: رويت من الماء، أروى رِيًّا، ورَيًّا "بكسر الراء وفتحها" وروي كرضي. وهو ضد الظمأ. والشبع: نقيض الجوع، "وهو بكسر الشين وفتح الباء وكسرها" مصدر شبع، وأما الذي يشبع، فبسكون الباء لا غير. قوله: "من كل داءٍ" الداء: المرض. يقال: داء الرجل، يداء،

_ 1 وانظر أيضاً "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام": "1/ 404" فقد ذكر لها أكثر من عشرين أسماً.

داءً: إذا أصابه المرض، فهو داء وأداء أيضا، فهو مديء، وأدأته أنا، أصبته بداء يتعدى ولا يتعدى. قوله: "وامْلَأْهُ من خَشْيَتِكَ" الخَشْيَةُ: مصدر خشي، وله ستة مصادر، نظمها شيخُنَا الإمام أبو عبد الله ابن مالك. فقال: "من البسيط" خشيتُ خشْيًا ومَخْشَاةً ومَخْشِيَةً ... وخَشْيَةً وخَشَاةً ثُمَّ خَشَيَانًا والخَشْيَةُ: الخوف وقال ابن عباس: في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 1 أي: إنما يخافني من خلقي، من علم جبروتي وسلطاني، ففسر يخش، بيخاف. وقال أبو علي الدقاق2: الخوف على مراتب الخوف، والخشية، والهيبة؛ فالخوف من شرط الإيمان، والخشية، من شرط العلم، والهيبة من شرط المعرفة. قوله: "وتلي مَسْجِدَ الخَيْفِ" قال أهل اللغة: الخَيْفُ: ما انحدر عن غلظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء، وبه سمي مسجد الخيف، قال الأزرقي: هو مسجد بمنى عظيم واسع فيه عشرون بَابًا. قوله: "سِقَايَةَ الحَاجِّ" السِّقَايَةُ "بكسر السين": مصدر كالحماية، والرعاية، مضاف إلى المفعول فأهل سقاية الحاج، هم القائمون بها، وكان العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، يلي ذلك في الجاهلية والإسلام، فمن قام بذلك بعده إلى الآن فالرخصة له. "والرِّعَاءُ" "بكسر الراء ممدُودًا": جمع راعٍ، كجائع وجياع،

_ 1 سورة فاطر: الآية "28". 2 هو الحسن بن علي النيسابوري الزاهد العارف شيخ الصوفية أخذ مذهب الشافعي عن القفال والحصري وغيرهما وبرع في الأصول وفي الفقه وفي العربية وكان زاهد زمانه وعالم أوانه مات سنة: "406" هـ ترجمته في "شذرات الذهب": "5/ 40" و"العبر": "3/ 95" وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: "1/ 169".

ويجمع على رعاةٍ، كقاض وقضاة وعلى رعيان، كشاب وشبان. قوله: "مَبيتٌ" "هو بفتح الميم" مصدر بات ييت ويبات بَيْتُوتَةً ومبيتًا، قال ابن الأثير: كل من أدركه الليل فقد بات، نام أم لم ينم. وقام ابن القطاع وأبو عثمان: بات يفعل كذا: إذا فعله ليلًا، لا يقال: بمعنى نام. وقال صاحب "المحيط": ويستعمل في النهار أيضا. قوله: "في المُلْتَزِمِ" المُلْتَزَمُ: اسم مفعول من التَزَمَ، قال ابن قرقول: ويقال له: المدعى، والمتعوذ سمي بذلك: بالتزامه للدعاء، والتعوذ، وهو ما بين الركن الذي فيه الحجر الأسود والباب، قال الأزرقي: ذرعه أربعة أذرع. قوله: "اللهم هذا بيتُك" إلى آخر الدعاء، تقدم في التشهد، وكذلك "عَبْدُكَ وأَمَتُكَ" تقدم ذكر الأمة في ستر العورة. قوله: "سَخَّرْتَ لي" أي: ذللت لي من خلقك أي: من مخلوقك، "بنعمتك" أي: إنعامك علي، والنعمة: اليد والصنيعة والمنة، واتساع المال. "وأداء نسكي" "مَمْدُوْدًا" اسم للتأديه. "وإلا فَمُنَّ الآن" الوجه فيه ضم الميم وتشديد النون، وبه قرأته على من قرأه على مصنفه على أنه صيغة أمر من: من يمن، مقصود به الدعاء والتعوذ، ويجوز كسر الميم وفتح النون، على أنها حرف جر لابتداء الغاية. و"الآن": الوقت الحاضر، وهو مبني على الفتح، لعلة ليس هذا موضع ذكرها1.

_ 1 سبب بنائه على الفتح: العلة في بناء الأسماء شبه الحرف، ومن أنواع الشبه التي أشار إليه الخضري في حاشيته على شرح بن عقيل لألفية بن مال: الشبه الجمودي وهو أن يكون الاسم على حالة واحدة لا يثنى ولا يجمع أي عدم التصرف في لفظها بوجه من الوجوه كالحرف وهذا ينطبق على: الآن، وقد ذكر ذلك في التسهيل أيضاً انظر "حاشية الخضري على ابن عقيل": "1/ 29" وانظر أيضاً "الجمع على الجمع" للسيطي: "1/ 17- 18".

و "الأوان" الوقت، وجمعُهُ، آوِنَةٌ، كزمانٍ وأَزْمِنَةٍ. و"تنأى" مضارع نأت: أي: تبعد. "فَأَصْحِبْني" بقطع الهمزة. "والعِصْمَةُ" منع الله تعالى عبده من المعاصي. "ومُنْقَلَبِي" أي: منصرفي. قوله: "وقَبْرِ صَاحِبَيْهِ" كذا بخط المصنف، رحمه الله، قبر بالإفراد، والمراد قبري صاحبيه ويجوز أيضاً، قبور صاحبيه، كقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} 1 وقد تقدم مثل هذا. قوله: "من التَّنْعِيمِ" تقدم في محظورات الإحرام2.

_ 1 سورة التحريم: الآية "4". 2 انظر ص "211".

باب الفوات والإحصار

بابُ الفواتِ والإحصار الفَوَاتُ: مصدر فات فوتاً وفواتاً: إذا سبق فلم يدرك: وهو هنا كذلك، والإحصار: ومصدر أحصره، إذا حبسه مرضًا كان الحاصر، أو عدوًّا، وحصره أيضًا، حكاهما غير واحد وقال ثعلب في "الفصيح": وحصرت الرجل: إذا حبسته، وأحصره المرض: إذا منعه السير والصحيح أنهما لغتان. وقوله تعالى: {فَإنْ أُحْصِرْتُمْ} 1 ظاهر في حصر العدو لوجهين:

_ 1 سورة البقرة: الآية "196".

أحدهما: أن الآية نزلت في قصة الحديبية وكان حصر العدو. والثاني: أنه قال بعد ذلك: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} . والأمن من الخوف. قوله: "ومن أُحْصِرَ بِمَرَضٍ" وقوله: "لمن حَصَره العدو" على ما قرر من اللغتين، والله أعلم.

باب الهدي والأضاحي

باب الْهَدْي والْأَضَاحي الهدي: ما يهدى إلى الحرم من النعم وغيرها، قال الأزهري: أصله التشديد من هديت الهدي أهديه، وكلام العرب: أهديت الهدي إهداءً، وهما لغتان، نقلهما القاضي عياض وغيره. وكذا يقال: هديت الهدية وأهديتها، وهديت العروس وأهديتها، وهداه الله من الضلال لاغير. والأضاحي مشدد الياء جمع في واحدته أربع لغات، أضحية، وإضحية "بضم الهمزة وكسرها وتشديد الياء"، وضحية بوزن سرية، والجمع ضحايا، وأضحاة والجمع: أضحى، كأرْطَاةٍ وأَرْطَى ونقله الجوهري عن الأزهري، ونقل عن الفراء أنه قال: الأضحى، يذكر ويؤنث، تقول: دنا الأضحى، ودنت الأضحى. قوله: "التِي لا تُنقي" تنقي "بضم التاء وكسر القاف" من أنقت الإبل: إذا سمنت، وصار فيها نقي وهو مخ العظم، وشحم العين من السمن. قوله: "البيِّنُ ظَلَعُها" "بفتح اللام وسكونها" أي: غَمْزُها. قوله: "وتُجْزِئُ الجماءُ والبتراءُ والخَصِيُّ". "الجماء": "بالفتح والمد والتشديد": التي لا قَرْنَ لها. "والبتراء": بوزن حمراء: المَقْطُوعَةُ الذنب.

"والخَصِيُّ": المسلول البَيْضَتَينِ، فَعِيل، بمعنى مفعول وفي معناه: من ذهبت خصيتاه بقطع أو نحوه. قوله: "معقولةً": أي: مَشدُودًا وظيفة1 مع ذراعه بالعقال. قوله: "فَيَطْعَنُها" يطعن: "بضم العين وفتحها" بالقول وبالحرية، لكن الأكثر "يَطْعَنُ" "بفتح العين" في القول "وبضمها" في الحربة ونحوها، ونونها مفتوحة، لعطفه على الاسم الصريح. قوله: "في الوَهْدَةِ": الوهدة: "بسكون الهاء": المكان المطمئن. والجمع: وهد، ووهاد عن الجوهري. "والعُنُقْ" "بضم العين والنون وسكونها": الرقبة: تذكر وتؤنث، والجمع أعناق "يُذْبَحَ": الوجه نصب "يذبح" ويجوز رفعه على الاستنئاف. قوله: "منك ولكَ" من فضلك ونعمتك علي، لا من حولي وقوتي، ولك التقرب به، لا إلى شيء سواك، ولارياء، ولا سمعة. قوله: "ووقتُ الذَّبحِ يومُ العيدِ" برفع يوم خبر المبتدأ ويجوز نصبه على الظرف. قوله: "أو قَدْرِها" بالجر عطفًا على الصلاة. قوله: "أو تَقْليدِه وإِشْعَارِه"2: التقليد: مصدر قلد. قال الجوهري: التقليد: أن يعلق في العنق3 شيء، ليعلم أنها هدي. وقد ذكر المصنف رحمه الله بعد هذا، أنه يقلد الغنم، النعل، وآذان العِرَبِ،

_ 1 في المصباح: والوظيف من الحيوان: ما فوق الرسغ إلى الساق، وبعضهم يقول: مقدم الساق، والجمع أو ظفة مثل: رغيف وأرغفة. 2 أو تقليده وإشعاره: كذا في "ش" وفي "ط": أو تقليده وإشعاره مع النية. 3 في العنق: كذا في "ش" وفي "ط": في عنق البدنة.

والْعُرى، ولا يختص التقليد بالإبل والغَنَمِ، بل يسن تقليد البقر أيضاً "والإشعار" في أصل اللغة: الإِعْلَامُ. يقال: أشعرته بكذا: أي أعلمتُهُ، فعلم، وهو في الشرع، إعلامٌ مخصوص، وقد فسره المصنف رحمه الله بعد هذا بقليل، ولا يختص الإشعار بالإبل، بل تشعر البقر أيضًا. قوله: "يُبْدِلُهَا" "بضم الياء" لاغير. قوله: "ما لم يَُضُِرُّ" "بضم الياء وكسر الضاد" ويجوز "فتح الياء وضم الضاد" حكاهما ابن سيدَهْ وغيره، وحكى ابن القطاع، ضَرَّهُ وأَضَرَّهُ. قوله: "ما فَضَلَ عن ولدها" فضل بفتح الضاد، ويجوز كسرها. قوله: "وَوَبَرَهَا" "هو بفتح الباء" واحدته وبرة. وقد وبر البعير، بالكسر، فهو وَبِرٌ، وأوبر إذا كثر وبره. قوله: "وجُلُّها" "بضم الجيم" ما تجلل به الدابة، وجمعه جلال، وجمع جلال: أجلة. قوله: "من مثلها أو قيمَتِها" الوجه أن يقال: من مثلها وقيمتها بإسقاط الألف، فحيث جاء بالألف كانت "أو" بمعنى: الواو، وقد جاءت -والمراد بها الواو- كثيرًا، ولها شواهد موضعها كتب النحو1. قوله: "وصَبَغَ نَعْلَهُ" النعل، يذكر ويؤنث.

_ 1 من ذلك قول جرير في مدح عمر بن العزيز رحمه الله: "من البسيط" نال الخلافة أو كانت له قدرًا ... كما أتى رَبَّهُ موسى على قدرِ معناه وكانت له قدرًا انظر: الأزهية في علم الحروف صفحة: "120" ومغني اللبيب لابن هشام: "1/ 61" وفيه: جاء الخلافة بدل: نال الخلافة.

قوله: "صَفْحَتَهُ" صفحة كل شيء: جَانبُهُ: والمراد هنا. صفحة سنامها، كما ذَكَرَ. قوله: "من أهلِ رِفْقَتِهِ": رفقته: الجماعة الذين يرافقم في السفر "بضم الراء وكسرها" عن الجوهري. "فَيَشُق صَفْحَةَ سنامِها" السنة شق الصفحة اليمنى، وعنه اليسرى. قوله: "ويُهدي" تقدم أول الباب1. قوله: "والْعَقِيْقَةُ" العقيقة في الأصل: صوف الجذع، وشعر كل مولود من الناس، والبهائم الذي يولد وهو عليه، قاله الجوهري: وقال غيره: العقيقة: الذبيحة2 التي تذبح عن المولود يوم سابعه، وأصل العَقِّ، الشَقُّ: فقيل: سميت هذه الشاة عقيقة؛ لأنها يشق حلقها: وقيل: سميت باسم الشعر الذي على رأس الغلام، وهو أنسب من الأول. قوله: "مؤكدة" مؤكدة بالهمز ودونه، يقال: أكدت الشيء، ووكدته وأوكدته، فتكون ست لغات3.

_ 1 انظر ص "242". 2 وورد العقيقة الذبح نفسه "التاج - عقق"؛ لأنه يقال عق بمعنى قطع وأنشدوا عليه قول رقاع بن قيس الأسدي: "من الطويل" بلاد بها عقَّ الشباب تميمتي ... وأول أرض مس جلدي ترابها والأصل فيه أن الصبي ما دام طفلًا تعلق أمه عليه التمائم تعوذه من العين فإذا كبر قطعت عنه وهذا المعنى ارتضاه الإمام أحمد رحمه الله. 3 قوله مؤكدة ... الخ: كذا في "ش" وفي "ط": "مؤكدة": مؤكدة: بالهمز ودونه يقال: أكدت الشيء ووكدته فهو موكد ومؤكد وحكى ابن القطاع: أكدته وآكدته ووكدته وأوكدته فيكون ست لغات فانتفى الخلل عن العبارة لذلك أثبتناه.

قوله: "بِوَزْنِهِ وَرِقًا" قال الجوهريُّ: الوَرِقُ، الدراهم المضروبة، وفيه أربع لغات: ورق: كوتد وورق: كفلس، وورق: كعلم، ورقة، كعدة. وقيل: يطلق على المسكوك وغير المسكوك، وقيل: الورق المسكوك، والرقة: الفضة كيف ما كانت الأخير عن صاحب "المطالع". قوله: "ولا تُسَنُّ الفَرَعَةُ" الفرعة "بفتح الفاء والراء" والفرع: أول ما تلده الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم. وقيل: كان الرجل في الجاهلية، إذا تمت إبله مئة، قدم بكرًا فذبحه لصنمه، وهو الفرع، والفرعة: مرفوع1 لقيامه مقام الفاعل على حذف المضاف تقديره، ولا يسن ذبح الفرع2. قوله: "ولا العتيرةُ" قال أبو السعادات: كان الرجل ينذر النذر، يقول: إذا كان كذَا وكذَا أو بلغ شاؤه كذا، فعليه أن يذبح من كل عشرة منها في رجب، والذي فسره به المصنف أكثر، وهو أنها كانت تذبح من غير نذرٍ والله أعلم.

_ 1 مرفوع: كذا في "ط" وفي "ش": موضوع. 2 الْفَرَعُ: كذا في "ش" وفي "ط": الْفَرَعَةُ.

كتاب الجهاد

كتاب الجهاد مدخل ... كتاب الجهاد الجهاد مصدر جاهد جهاداً ومجاهدة، وجاهد: فاعل، من جهد: إذا بالغ في قتال عدوه وغيره. ويقال: جهده المرض وأجهده: بلغ به المشقة، وجهدت الفرس وأجهدته، استخرجت جهده، نقلها أبو عثمان، والجهد بالفتح: المشقة وبالضم: الطاقة، وقيل: يقال: بالضم والفتح في كل واحد منها فمادة "ج هـ د" حيث وجدت، ففيه معنى المبالغة وهو في الشرع: عبارة عن قتال الكفار خاصة. قوله: "الواجِد لِزادِه" الزاد: الطعام يتخذ للسفر، وألفه منقلبة عن واو، والمزود "بكسر الميم" ما يجعل فيه الزاد. قوله: "وأَقَلُّ ما يُفْعَلُ مَرَّةٌ" أقل: مرفوع بالابتداء. ومرة: بالرفع خيره، ونصب "مرةً" ضعيف جداً. قوله: "أو حُصِر" "هو بالصاد المهملة" وقد تقدم معناه في الفوات والإحصار. قوله: "وغَزْو البَحْر" الغزو: قصد العدو في دارهم. عن ابن القطاع: غزا يغزو غزوًا والاسم: الغزاة، فهو غاز، والجمع: غزاة وغُزَّى، وغُزِيٌّ "بضم الغين وفتحها1 مع تشديد الياء". والبحر بسكون الحاء، ويجوز فتحها عند الكوفيين. قوله: "مع كُلُّ بَرٍّ وفاجر" قال صاحب "المطالع": يقال: رجل بارٌّ

_ 1 في المصباح: وجمع الغزاة: غَزِيٌّ على فعيل مثل الحجيج.

وَبَرٌّ، إذا كان ذَا نفع وخير ومعروف. ومن أسمائه تعالى: البر، وأما الفاجر هو الرجل المنبعث في المعاصي "والمحارم"1. قوله: "وتمامُ الرِّباطِ": الرباط: مصدر رابَطَ، رباطًا، ومرابطة: إذا لزم الثغر مخيفًا للعدو. وأصله من: ربط الخيل؛ لأن كلًّا من الفريقين يربطون خيلهم مستعدين لعدوهم. قوله: "لزوم الثَّغْرِ": الثغر: تقدم تفسيره في باب صلاة الجماعة2. قوله: "تَجِبُ الهِجْرَةُ": تقدم في "الإمامة". قوله: "من ضِعْفِهِمْ" الضعف: بكسر الضاد، أي: من مثليهم. وسيذكر إن شاء الله تعالى في "الوصايا". قوله: "إلا مُتَحَرِّفِيْنَ لِقِتَالٍ أو مُتَحَيِّزِيْنَ إلى فئة" التحرف: أن ينصرفوا من ضيق إلى سعة أو من سفل إلى علو، أو من مكان منكشف إلى مستتر ونحو ذلك. "والتَّحَيُّزُ": أن ينضموا إلى جماعة يقاتلون معهم. قوله: "إلَّا أَنْ يغلِبَ على ظَنِّهِم الظَّفَرُ" أي: فيستحب لهم الثبات، نص على ذلك في "الكافي" وإلا فظاهر كلامه هنا أنه يجب. قوله: "من المُقَامِ" "هو بضم الميم": الإقامة، يقول: أقام مقامًا، وقامَ مقامًا. قوله: "تَبْيِيْتُ الْكُفَّارِ" أي: الإيقاع بهم ليلًا. قوله: "بالمِنْجَنِيْقِ": قال أبو منصور موهوب اللغوي: المنجنيق:

_ 1 ما بين الحاصرتين مستدرك من "ط". 2 في "ط": الثغر: موضع المخافة من حصن أو غيره، وقال أبو السَّعَادَات: موضع الإخافة من أطراف البِلاد.

اختلف فيه أهل العربية: فقال قوم: ميمُه زائدة، وقيل: بل أصلية، ويقال: منجنيق ومنجنيق1 "بفتح الميم وكسرها" وقيل: الميم والنون، في أول زائدتان، وقيل: أصليتان، وهو أعجمي مُعَرَّبٌ، وحكى الفراء. منجنوق بالواو، وحكى غيره، منجليق، وقد جنق المنجنيق. ويقال: جَنَّقَ "بالتشديد". قوله: "وفي حَرْقِ شَجَرِهِم" يقال: أحرق الشيء إحراقًا، وحرقه تحريقًا، فالحرق اسم مصدر. قوله: "لِيُغْرِقَهُم" "بتخفيف الراء وتشديدها" على أنه معدى "أغرق" بالهمزة والتضعيف. قوله: "ولا راهبٌ" ولا شيخ فإن" الراهب، اسم فاعل من رهب، إذا خاف. وهو مختص بالنصارى كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا، وترك مَلَاذَّهَا، والزهد فيها، والعزلة عن أهلها، وتعمد مشاقها، وجمعه: رهبان، ويجمع على رهابين ورهابنة، والرهبنة: فعلنة. والشيخ: من جاوز الخمسين إلى آخر العمر، نص عليه المصنف في "الكافي" فقال أبو اسحق إبراهيم الأطرابلسي2 في "الكفاية". فإذا رأى الشيب. فهو أشيب وأشمَط، فإذا استبانت فيه السن فهو شيخ، فإذا ارتفع عن ذلك فهو مسن، فإذا ارتفع عن ذلك فهو فَحْمٌ وقَحْرٌ، فإذا قارب الخطو فهو دالف، فإذا زاد على ذلك فهو هَرِمٌ وَهِمٌ3 فإذا ذهب عقله من الكبير فهو خرف. وللشيخ جموع سبعة، نظمها شيخنا الإمام أبو

_ 1 مَنْجَنِيق ومنجنيق زيادة من "ط". 2 في "ط": الطَّرَابُلسي. 3 وهم: كذا في "ش" والقاموس وفي "ط": "رِهْمٌ" وهو تصحيف، ومثل هم رحمه "بكسر الهاء فيهما "القاموس - همم".

عبد الله بن مالك في بيت فقال: "من البسيط" شيخٌ شُيُوخٌ ومَشْيُوخَاء مَشْيَخَةٌ ... شِيَخَةٌ، شِيْخَةٌ شِيخَانُ أشياخُ1 قوله: "تَتَرَّسوا بهم" أي: تستروا بهم. قال الجوهري: التترس، التستر بالترس. قوله: "بين الاسترقاقِ والمنَّ والفِداءِ": فالاسترقاق: إتخاذ الأسير رقيقًا، والمن عليه إطلاقه بغير شيء، والفداء: أن يبدله بأسير في أيدي العدو أو بمال. والفداء إذا كسر أوله يمد ويقصر، وإذا فتح أوله قصر لا غير، حكى ذلك الجوهري. قوله: "إلّا غَيْرَ الْكِتَابي" استثناء ممن يخير الإمام فيه بين الأمور الأربعة، فإن الأسرى ثلاثة أضرب: ضَرْبٌ لا يجوز قتلُهم وهم النساءُ، والصبيان. وضرب يخير فيهم بين الأمور الأربعة، وهم الرجال من أهل الكتاب ومن يقر بالجزية من المجوس، وضرب يخير فيهم بين القتل والمن والفداء. وفي الاسترقاق روايتان: وهم الرجال ممن لا يقر بالجزية، كذا نص عليه في "المغني". قوله: "رَقُّوا في الحال": بفتح الراء: أي: صاروا أرقاء، بمجرد الإسلام، ولا يجوز ضم رائه بحال.

_ 1 وقد أوصل في القاموس العدد إلى أحد عشر جمعًا والأربعة الأخرى هي: شيُوخ "بكسر الشين"، ومشِيخة "بكسر الشين"، ومَشْخاءُ، "بفتح الميم وسكون الشين وضم الهمزة بلا واو"، ومشايخ.

قوله: "لَزِمَ مُصَابَرَتُهُ": المصابرة: مفاعلة، من الصبر والمراد: ملازمته. قوله: "الموادَعَةُ" هي المصالحة والمسالمة. قال أبو السعادات: حقيقة الموادعة، المتاركة أي: يدع كل واحد منهما ما هو فيه. قوله: "من أهل الاجْتِهَادِ" الاجتهاد في اللغة: بذلك الوسع والمجهود في أي فعل كان. ولا يستعمل إلا فيما فيه جهد. يقال: اجتهد في حمل الرحَا، ولا يقال: اجتهد في حمل خردلة. وفي عرف الفقهاء: مخصوص ببذل المجهود في العلم بأحكام الشرع. ذكره المصنف في "الروضة". وذكر شروط المجتهد في كتاب "القضاء". وقال في "المغني": يعتبر من الفقه ها هنا ما يتعلق بهذا الحكم مما يجوز فيه ويعتبر له، ونحو ذلك، ولا يعتبر فقهه في جميع الأحكام التي لا تعلق لها بهذا، والله أعلم.

باب ما يلزم الإمام والجيش

باب ما يلزمُ الإمامَ والجيشَ قوله: "المُخْذَلِ والمُرْجِفِ": فَالمُخَذِّلُ: الذي يفند الناس عن الغزو، مثل أن يقول: بالمشركين كثرة، وخيولنا ضعيفة، وهذا حر شديد أو برد شديد. والمُرْجِفُ: الذي يحدث بقوة الكفار، وضعف المسلمين وهلاك بعضهم، ويخيل لهم أسباب ظفر عدوهم بهم. قوله: "بما يُخَيَّلُ إليهم": قال الجوهري: يخيل له كذا، أي: تشبه وتخايل، يقال: تخيلته فتخيل لي، كما تقول: تصورته فتصور فكأنه -والله أعلم- يذكر لهم أسبابًا يغلب على ظنهم معها النصر، مثل أن يقول: أنتم أكثر عَدَدًا وعُدَدًا، وأشد أبدانًا، وأقوى قلوبًا، ونحو ذلك.

قوله: "ويُعرِّف عليه الْعُرَفَاءَ". قال أبو السعادات: العرفاء: جمع عريف، وهو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمرهم، ويتعرف الأمير منه أحوالهم، فعيل بمعنى فاعل، والعرافة: عمله. وقوله: "الْعَرَافَةُ حَقٌّ"1: أي فيها مصلحةٌ للناس ورفق في أمورهم وأحوالهم، وقوله: "العُرَفَاءُ في النَّارِ"2 تحذير من التعرض للرياسة لما في ذلك من الفتنة، وأنه إذا لم يقم بحقه، استحق العقوبة وأثم. قوله: "ويَعْقِدُ لهم الأَلْوِيَةَ والرايات". قال صاحب "المطالع" وغيره: اللواء: راية لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش، والناس له تبع. وأما الرايات، فجمع راية، قال الجوهري وغيره: الراية: العلم، وقيل: الراية: اللواء، فيكون على هذا مترادفًا. قوله: "ويَجْعَلُ لِكُلِّ طائفةٍ شعارًا": الشعارُ: علامة القوم في الحزب، ليعرف بعضهم بعضًا، ومنه إشعار البدن، يشق أحد جانبي السنام، يجعل ذلك علامة لها وقد ورد أن شعار الصحابة رضي الله عنهم، كان تارة: أَمِتْ أَمِتْ، وكان تارة: حم لا ينصرون. قوله: "وَيَتَتَبَّعُ مكامنها" يتتبع: يتفعل من تبع أي: يتقصد ويتطب ونحو ذلك ومكامنها: جمع مكمن: وهو المكان الذي يختفي فيه العدو ويكمن. قوله: "ويبعث العيون": العيون: جمع عين، وهو الطليعة، ومن يكشف أمرهم، كالجاسوس.

_ 1 رواه أبو داود رقم "2934" من حديث غالب القطان عن رجل عن أبيه عن جده. 2 هي قطعة من الحديث الذي قبله.

ولفظة العين، تطلق على تسعة عشر معنى: الناظرة، وعين الركبة وما عن يمين القبلة بالعراق، وعين الماء، وقرص الشمس، والمال الحاضر، ونفس كل شيء، والدنانير، وأَصَابَهُ بالعين، والجاسوس، وعين الميزان1، ومطر أيام لا يقلع، وخاصة الملك، وخيار المتاع، وفاد الأديم في الدباغ، وما في الدار عين أي: أحد، ومصدر حفرت حتى عنت، والسواد يدور حول القمر، والمعاينة يقال: لا أطلب أثرًا بعد عين، ذكرها هكذا صاحب "الوجوه والنظائر"2. قوله: "والنَّفَلِ": النفل بالتحريك. الغنيمة. والنَّفْلُ والنَّفَلُ "بفتح الفاء وسكونها": الزيادة فهنا يحتمل الأمرين: أنه يعده بالغنيمة، أو أنه يعده بالزيادة. قوله: "في كُلِّ جَنَبَةٍ كُفْءًا": الجنبة بالتحريك: الناحية، عن الجوهري وغيره، وقال أبو السعادات: والجنبة "بسكون النون": الناحية، فيجوز فيها حينئذ، الفتح والسكون. والكُفْءُ: "بضم الكاف، وفتحها وكسرها" في الأصل: المساوي والنظير، ومنه الكفاءة في النكاح، والكفؤ "بضم الكاف والفاء" والكَفِئُ كذلك: والمراد بالكفء هنا: من يقوم بأمر تلك الناحية كما ينبغي. قوله: "يَبَذُلُ جُعْلًا" "بضم الذال وكسرها" أي: يعطي، وجُعْلًا

_ 1 وعين الميزان: كذا في "ط" وفي "ش": عيب الميزان وهو تصحيف. 2 وأوصل الشيخ بهاء الدين السبكي معانيها في قصيدة له إلى خمسة وثلاثين معنى. وأوصلها صاحب التاج في تاجه إلى سبعة وأربعين مرتبة على الحروف وفي كتاب البصائر ما ينيف على الخمسين وبعضهم زادت عنده عن المائة، والمذكور في القرآن الكريم سبعة عشر، "انظر تاج العروس - عين" ففيه تفصيل لذلك.

"بضم الجيم وسكون العين": ما يجعل لمن عمل شيئًا على عمله. قوله: "أو قَلْعَةٍ" القلعة، "بفتح اللام وسكونها": الحصن. قوله: "البداءَة" تقدم في السواك1. قوله: "بَعَثَ سَرِيَّةً تُغيرُ" قال أبو السعادات: السرية: قطعة من الجيش، يبلغ أقصاها أربعمائة، تبعث إلى العدو، وجمعها: سرايا. سموا بذلك؛ لأنه خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السري: النفيس. وقيل: سموا بذلك؛ لأنهم ينفذون سرًّا وخفية، وليس بالوجه؛ لأن لام السر: راء، ولام السرية: ياء، آخر كلامه. ويحتمل أنهم سموا بذلك؛ لأنهم يسيرون، والله أعلم. قوله: "أنْ يَتَعَلَّفَ ولا يحتَطِبَ": يتعلف: يخرج طالبًا للعلف، ويحتطب: يجمع الحطب. قوله: "إلى البِرَازِ": البراز: "بالكسر" والمبارزة: مصدر بارز برازاً، ومبارزة. إذا برز لخصم من العدو، والبراز بالفتح: اسم للفضاء الواسع. قوله: "منهمِكًا على القتالِ غَيْرَ مُثْخَنٍ": المنهمك اسم فاعل، من انهمك الرجل في الأمر: إذا جد ولج. والمثخن: اسم مفعول من أثخنته الجراح: إذا أوهنته. قوله: "وَرَحْلُه": رحله هنا: أثاثه، وهو من عطف العام على الخاص؛ لأن الخيمة مسكنة، وهي من الرحل، وقد تقدم في التيمم والاستسقاء. قوله: "يَفْجَأَهُمْ عَدُوٌّ يخافونَ كَلْبَهُ": يفجأ: "بفتح الجيم": أي:

_ 1 انظر ص "29".

يَطْلُعُ عليهم بغتَةً، وكلبه بفتح الكاف واللام أي: شره وأذاه. قوله: "لا مَنَعَةَ لَهُم": منعة "بفتح النون": جمع مانع، كفاسق وفسقة، وكافر وكفرة وتسكن النون فيقال: منعة، أي: امتناع يمنعهم، ومنعة: اسم المرة باسم الفعلة1 من منع.

_ 1 كذا في "ش". وفي "ط": "باسم الفعل" وما في "ش" أصوب؛ لأن منعة مصدر مَرَّة على وزن فَعْلَه.

باب قسمة الغنائم

بَابُ قِسْمَةِ الغنائم الغنائم: جمع غنيمة: يقال: غنم فلان الغنيمة يغنمها غنما، وأصل الغنيمة: الربح والفضل. وللغنيمة عند العرب أسماء منها: الحباسَةُ، والهُبَالَةُ، والغُنامَى. قوله: "بغير عِوَض": العوض: ما يبذل في مقابلة غيره، وتقول منه: عاضني فلان وأعاضني وعوضني، وعاوضني: إذا أعطاك العوض. قوله: "من تُجَّارِ العَسْكَرِ": جمع تاجر: ككافر وكفار، وهو مقيس في فاعل صفة مذكر عاقل، كضارب وضراب، ويقال: تجار، بوزن كتاب، على أنه جمع تجر، وتَجْرٌ جمع تاجر، كصاحب، وصحب وصحاب، حكاه ابن سيده. قوله: "الفَرَسُ الضغيفُ العجيفُ" قال الجوهري: الضعيف: خلاف القوي، والعجيف: المهزولُ، يقال: عجف الشيء "بفتح الجيم وكسرها وضمها" عن ابن القطاع: إذا هَزُلَ. قوله: "إذا لَحِقَ مَدَدٌ": المددُ: قا ابنُ عَبَّادٍ في كتابه "المُحِيطِ":

الْمَدَدُ: ما أمدت به قومًا في الحرب. وقال أبوزيد: مددنا القوم: صرنا مددًا لهم، ومددناهم بغيرنا. قوله: "ويرضَحُ" يرضخ: "بفتح الضاد"، قال أبو السعادات: الرضخ: العطية القليلة، وقال الجوهري: الرضخ: العطاء، ليس بالكثير رضخت له، راضخ رضخاً. قوله: "إلَّا أن يكون فَرَسُهُ هجينًا أو بِرْذَوْنًا": الخيل أربع: أحدها: أن يكون أبواه عربيين، فيقال له: العتيق. الثاني: عكسه: وهو الذي أبواه غير عربيين، فيسمى البِرْذَوْنَ. والثالث: الذي أمه غير عربية: فيسمى الهجين. والرابع: الذي أبوه غير عربي، فيسمى المُقْرِفَ. قوله: "فَنَفَقَ فََرَسُهُ أو شَرَدَ" نفقت الدابة "بفتح الفاء": أي ماتت، ولا يقال: لغيرها، قال ابن درستويه: إلا أن يستعار لإنسان محله في الإنسانية محل الدابة، ويقال: في البعير تَنَبَّلَ، قال ابن الأعرابي: تنبل الإنسان وغيره: إذا مات، وأما مات فيقال: لجميع الحيوانات. وأما شَرَدَ: فقال ابن القَطَّاع: شرد الإنسان والدابة شرودًا وشَرَادًا وشرادًا: عارًا وتعاصيًا. قوله: "الفدية": الفِدْيَةُ هنا: ما يُفْدى بِهِ الأسِيرُ. قوله: "وبعض قواده" وهو جمع قائد، وهو نائِبُهُ ونَحوه، والله أعلم1.

_ 1 عبارة: والله أعلم زيادة من "ط".

باب حكم الأرضين المغنومة

باب حُكْمُ الأَرَضين المغنومَةِ الأَرَضُونَ1 "بفتح الراء": جمع أرض، قال الجوهري: وربما أُسْكِنَتْ، والجمع أرضات أيضًا وأرض، وآراضٌ، وأراضٍ2. قوله: "ما فُتِحَ عَنْوَةً": قال أبو السعادات: عَنْوَةً، أي: قهراً، وغلبةً، وهو من عنا يعنوا: إذا ذلَّ وخضع، والعنوةُ: المرَّةُ مِنْه، كأن المأخوذ بها يخضع ويَذِلُّ. قوله: "ما أُجْلِيَ عنها" أي: أخرج عنها، يقال: جلَا القوم عن منازلهم، وأجلوا وجلوتهم عنها، وأجليتهم وأخرجتهم. قوله: "ويَضْرِبَ عَلَيْها خَراجًا" يضرب بالنصب بإضمار" أن"؛ لأنه معطوف على الاسم، وهو: قسمها ووقفها، فكأنه قال: يخير بين قسمها ووقفها، وضرب خراج عليها، ويجوز الرفع، ونظير ذلك قوله تعالى: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} 3 بالنصب في قراءة السبعة، إلا نافعاً عطفاً على "وحياً" وكذا كل فعل مضارع عطف على إسم خالصٍ4.

_ 1 كذا في "ط" وفي "ش": "الأرضين". 2 في "القاموس - أرض": الأرض "مؤنثة": اسم جنس أو جمع بلا واحد، ولم يسمع أَرْضَةٌ جمع: أرضات وأروض وأرضون وأراض، والآراضي غير قياس. 3 الشورى: الآية "51". 4 قال ابن مالك رحمه الله: "من الرجز" وإن على اسم خالص فعل عطف ... تنصبه إن ثابتًا أو مُنْحَذِفْ وقال ابن عقيل في شرحه: يجوز أن ينصب بأن محذوفة أو مذكورة بعد عاطف تقدم عليه اسم خالص أي غير مقصود به معنى الفعل وذلك كقولها: "من الوافر" وَلُبْسُ عباءة وتقرَّ عيني ... أحَبُّ إلى من لبس الشفوف والبيت لميسون الكلبية من قصيدة مشهورة تنسب إليها.

قوله: "خراجاً" الخراج عبارة عما قرِّر على الأرضِ بَدَلِ الأُجْرَةِ، وأما الخَرَاجُ، في قوله صلى الله عليه وسلم، "الخراجُ بالضَّمَان" 1 وقد ذكره في الخيار في البيع، فَمُفسَّرٌ هناك. قوله: "بغير جِزْيَةٍ": الجزْيَةُ فِعْلَةُ من الجزاءِ، وهي: المالِ الذي تُعقَدُ للكتابيِّ عليه الذمَّةُ، وجمعها جزىً، كلحية، ولُحىً2. قوله: "على قَدْرِ الطَّاقَةِ": الطاقةُ: الوُسْعُ والقُدْرَةُ على الشيء. قوله: "حديث عمرو بن ميمون إلى آخر الباب" عمرو بن ميمون، وعمر بن الخطاب، مذكوران في الأعلام في آخر الكتاب. "فالجريبُ" مقدارُ المساحَةِ من الأرض، وقد فسره المصنف رحمه الله، قال الجوهري: الجريب من الطعام والأرض، مقدارٌ معلوم، والجمعُ أجربةٌ وجُرْبَانٌ. والقفيز: مكيالٌ، وجمعُه أقفزةٌ وقُفْزَانٌ بضم القاف، قال الإمام أحمد رضي الله عنه: قدرُ القَفِيزِ، صاعٌ قدْره ثمانيةُ أرطالٍ، وفسره القاضي بما في "المقنع" بعد يعني: وقال أبو بكر: قد قيل: إنَّ قدره ثلاثون رطلًا، وقال الأزهري: هو ثمانية مكاكيكَ والمكُّوكُ: صاعٌ ونصف، والصاعُ: خمسةُ أرطالٍ وثُلُثُ وقال المصنفُ في "الكافي" وينبغي أن يكون من جنس ما تُخْرِجُهُ الأرضُ، يعني من الحنطة حنطَةٌ، ومن الشعير شعيرٌ،

_ 1 قطعة من حديث رواه الترمذي رقم "1285" وأبو داود رقم "3508" والنسائي "8/ 254" من حديث عائشة رضي الله عنها. 2 في "القاموس - لحي": اللِّحْيَةُ "بالكسر" شعر الخَدَّيْنِ والذَّقَنِ جمع: لِحًى ولُحًى والنسبة لَحِوِيٍّ ورجلٌ ألْحَى ولِحْيَاني طويلها أو عظيمها واللَّحْيُ منبتها وهما لِحْيَان.

وكذا سائرُ الأنواع، والمَكِيُّ، منسوب إلى مكةَ، والنسبة إلى ما فيه تاءٌ التأنيث بكونُ بحذفها، والعراقي: منسوب إلى العراق، وسيأتي الكلام عليه بعدُ إن شاء الله تعالى. "وقصباتٍ": جمع قصَبَةٍ: وهي المعروفةُ من النبات، وقد صارت كالمعيار لمساحة الأرض، وفي حديث سعيد بن العاص أنه سبق بين الخيل فجعل الغاية1 مئة قصبة، أراد أنَّهُ ذَرَعَ الغاية بالقصبِ فجعلها مئة قصبةٍ، وأثبت التاءَ في ستةِ أذرُعٍ بناءً على تذكير الذراع، وقد تقدم في نواقض الوضوء. "يَرْشُو": يُعطِي الرَّشوَةَ "وهي بتثليث الراء" وجمعها رشًى، ورُشًى "بكسر الراء وضمها" وهي ما يتوصل به إلى ممنوع، فإن كان حقا، فالإثم على المرتشي، وإن كان باطلًا، فالإثم عليهما. وأصلها من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء. فالراشي: معطي الرشوة، والمرتشي: الآخذ، والرائش: الساعي بينهما. "ويُهْدِي له" "بضم الياء وفتحها" ونقل الزجاج: هديت الهدية وأهديتها.

_ 1 الغاية: المدى. وفي المحكم غاية الشيء منتهاه، وغيي للقوم: نصب لهم الغياة. وهي هنا المسافة المحددة لجري الخيل فيها أو المضمار.

باب الفيء

باب الفيءِ الفيءُ في الأصل: مصدر فاء يفيء فيئة، وفيوءًا: إذا رجع، ثم أطلق على الحاصل من الجهات المذكورة؛ لأنه راجع منها كأنه في الأصل لهم، فرجع إليهم1.

_ 1 الفيء مأخوذ من فاء إذا رجع، والمراد بالرجوع هنا المصير: أي: صار للمسلمين، انظر: "تحرير التنبيه" صفحة: "341".

"والعُشْرُ" المراد به هنا: المأخوذ من تجار أهل الذمة ونحوهم، لأعشر الخارج من الأرض، فإن مصرفه مصرف الزكاة. قوله: "بالأَهَمِّ فالأَهَمِّ": الأهم أفعل تفضيل من هممت بالشيء: إذا قصدته، أي: يبدأ بما حقه أن يهتم به. قوله: "في المصالح": المصالح جمع مصلحة: وهي مفعلة من الصلاح ضد الفساد: أي: يصرف في مصالح المسلمين العامضة كما مثل. "والثغور": جمع ثُغْرٍ، وقد تقدم في صلاة الجماعة. "والبُثُوقُ": جمع بثق: وهو المكان المنفتج في أحد حافتي النهر، يقال بثق السيل الموضع يبثق بثقا "بالفتح والكسر" أي: خرقه. قوله: "وَكَرْي الأنهار": كَرْيٌ: بوزن رمي وهو: حفرها وتنظيفها، وكري البئر، طيها، عن الشيباني. قوله: "وعَمَل القناطِرِ": القناطر، جمع قنطرة، وهي الجسر، قاله الجوهري. قوله: "بالمهاجرين ثم الأنصار": المهاجرون، جمع مهاجر: اسم فاعل من هاجر، بمعنى: هجر، ضد وصل، ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض وترك الأولى للثانية والهجرة، هجرتان: إحداهما: أن يدع أهله وماله وينقطع بنفسه إلى مهاجره، ولا يرجع من ذلك بشيء. والثانية: هجرة الأعراب، أن يدع البادية، ويغزو مع المسلمين، وهي دون الأولى في الهجر، وكلاهما يسمى مهاجراً، والمراد هنا

بالمهاجرين، أولاد المهاجرين، وهم الذين هجروا أوطانهم وخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم جماعة مخصوصون، منصوص عليهم. وأما الأنصار، فجمع نصير كشريف، وأشراف، وهم الحيان: الأوس والخزرج، وهما إبنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن عبد الله بن الأزد بن الغوث بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وهما ابنا قَيْلَةَ1 نسبوا إلى أمهم، فولد الخزرج خمسة نفر: جشم، وعوف، والحارث وعمرو، وكعب، وولد الأوس مالكاً. فمنه تفرقت قبائل الأوس وبطونها كلها، هكذا ذكره ابن قتيبة، والله أعلم. قوله: "وقتِ العَطَاءِ": العطاء ممدودًا: اسم مصدر2، بمعنى، الإعطاء، ويطلق على المفعول، كقولهم: أخذ عطاءه، أي: معطاه. قوله: "مِن أجناد المسلمين": الأجناد: جمع جند، وهم الأنصار والأعوان، وكل صنف من الناس جند، والمراد بهم هنا، أصحاب الديوان.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": وهما أبناء قَيْلَةَ. 2 اسم المصدر: ما ساوى المصدر في الدلالة على الحدث ولم يساوه في اشتماله على جميع أحرف فعله، مثل: توضأ: وضوءاً، وتكلَّم: كلاماً وأعطى عطاءً انظر: "جامع الدروس العربية": "1/ 180".

باب الأمان

باب الأمان الأمان: ضد الخوف، وهو مصدر أَمِنَ أَمْنًا وأَمَانًا. قوله: "بإزائِه": أي: بحذائه. وقد أزيته، اي: حاذيته، ولا تقل: وازيته.

قوله: "أَحَدِ الرَّعِيَّةِ": قال الجوهري: الرعية: العامة، ورعى الأمير رعيته، فالرعية فعلية بمعنى مفعولة. قوله: "والقافِلةِ" القافلة: الرفقة1 الراجعون من السفر، وهو اسم فاعل مؤنث بالتاء، تقول: قفل الجيش، فهو قافل، وقفلت الجماعة، فهي قافلة. "والبأس" مهموزاً: العذاب والخوف والشدة. قوله: "أو مَتَرْسَ": "هي بفتح الميم والتاء المثناة فوق، سكون الراء" وهما وجهان مشهوران، وقد روي حديث عمر في البخاري بهما، وهي عجمية، قالوا: معناها لا تخف، أو لا بأس عليك "والحال": المشهور تأنيثها2. "والمستأمن": المستأمن: من دخل دار الإسلام بأمان طلبه. "وإن كان جاسوساً"3: الجاسوس: صاحب سر الشر، والناموس: صاحب سر الخير.

_ 1 في الأساس "رفق": الرفقة: مثلث الراء قال: وخرجت في رُفُّقَةٍ وَرَفْقَةٍ ورِفْقَةٍ من الرِّفاق، وجمعتني وإياه رُفْقَةٌ. 2 كذا في "ش" وفي "ط": "من تدل عليه الحال: الحال تذكر وتؤنث والمشهور تأنيثها". 3 ما بين الحاصرتين مستدرك من "ط".

باب الهدنة

باب الهُدْنَةِ وأصلها السكون، يقال: هدنت الرجل، وأهدنته: إذا سكنته. وهدن هو: سكن، ومعناها شرعاً: أن يعقد الإمام، أو نائبه، لأهل الحرب عقداً على ترك القتال مدة بعوضٍ وغيره. وتسمى: مُهادنة وموادعة ومعاهدة.

قوله "يُجْبِرُه" "بضم الياء وفتحها" يقال: جبره وأجبره بمعنى: والله أعلم.

باب عقد الذمة

باب عقدِ الذِّمَّةِ قال الجوهري: أهل الذمة: أهل العقد، وقال أبو عبيد: الذمة: الأمان في قوله "يسعى بذِمَّتهم أدناهم" والذمة: الضمان. والعهد أيضاً. "وهم اليهود والنصارى" اليهود: واحدهم يهودي، ولكنهم حذفوا ياء النسب في الجمع، كزنجي وزنج، جعلوا الياء فيه كتاء التأنيث في نحو شعيرة وشعير. وفي تسميتهم بذلك خمسة أقوال: أحدها: قولهم: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} 1. والثاني: أنهم هادوا من عبادة العجل، أي: تابوا. والثالث: أنهم مالوا عن دين الإسلام، ودين موسى. والرابع: أنهم يتهودون عند قراءة التوراة. أي: يتحركون ويقولون: إن السموات والأرض تحركت حين آتى الله موسى التوراة. قاله أبو عمرو بن العلاء. والخامس: نسبتهم إلى يهوذا من يعقوب فقيل لهم: اليهوذ بالذال المعجمة، ثم عرب بالمهملة نقله غير واحد. والنصارى: واحدهم نصران، والأنثى نصرانة بمعنى: نصراني

_ 1 سورة الأعراف: الآية "156".

ونصرانية، نسبة إلى قرية بالشام، يقال لها: نصران، ويقال لها: ناصرة. قوله: "كالسَّامِرَةِ والْفِرَنْجِ" السامرة: قبيلة من قبائل بني إسرائيل، إليهم نسب السامري. قال الزَّجَّاجُ: وهم إلى هذه الغاية بالشام معروفون بالسامريين، هكذا نقله ابن سيده وهم في زمننا، يسمون السَّمَرَةَ بوزن الشَّجَرَةِ، وهم طائفة من اليهود مُتشددون في دينهم. وأما الفَرَنْجُ، فهم الرُّومُ. ويقال لهم: بنو الأصفر، ولم أر أحدًا، نص على هذه التسمية1 والأشبه: أنها لفظة مولدة، ولعلَّ ذلك نسبة إلى فَرَنْجَةَ "بفتح وله وثانيه وسكون ثالثه" وهي جزيرة من جزائر البحر، والنسب إليها فَرَنْجِيّ، ثم حذفت الياء، كقولهم: زنجيُّ وزنج. وأما المجوس، فواحدهم مجوسي: منسوب إلى المجوسيَّة: وهي نحلةٌ. قال أبو علي: المجوس واليهودُ إنما عُرِّفَ على حدِّ شَعِيْرَةٍ وشَعِيْرٍ، ثم عرف الجمع باللام، ولولا ذلك، لم يجز دُخول الألف واللام عليهم؛ لأنهما معرفتان مؤنثتان، فجريَا في كلامهم مجرى القبيلتين. قوله: "عَبَدَةَ الأوثان": الأوثان: واحدها وثنٌ، وهو الصَّنَمُ، كأسدٍ، وآسادٍ. هذا كلام الجوهري، وقال غيره: الوثنُ: ما كان غير مصوَّرٍ، وقيل: ما كان له جُثَّةٌ من خشبٍ أو حجر أو فضة، أو جوهر، سواء كان مصوَّراً أو غير مُصَوَّر، والصَّنَمُ: صورة بلا جُثةٍ وقال ابن فارس في "المجمل": الوثن: واحد الأوثان: وهي حَجَارَةٌ كانَتْ تُعْبَدُ.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "اللَّفْظَةِ".

قوله: "الصَّابِئُ": الصَّابِيءُ مهموزاً، واحدُ الصَّابئين: وهم: الخارجون من دين إلى غيره. وأصْلُ الصُّبُوءِ الخُروُج، يقال: صبأت النجوم: خرجت من مطالعها. وصبأ نابُ البعير: خرج. قال قتادة: دعامةُ الأديان خَمْسَةٌ للشيطان وواحد للرحمن: الصابئون يعبدون الملائكة، ويقرؤون الزبور. والمجوسُ: يعبدون الشَّمْسَ والقْمَرَ. والمشركون: يعبدون الأوثان. واليهود والنصارى. وقال غيره: الصابئون: طائفة من اليهود. قوله: "تَهَوَّدَ" أَيْ: صار يَهُودِياً، وتنصَّرَ: أي: صار نصرانيًا. قوله: "ويُمْتَهَنُون" أي يبتذلون، وهو افتعال من المهنة. قوله: "وحُلَاهُم": الحِلَى، بكسر الحاء مقصورًا وجمع حلية، كلحيةٍ ولحى. قال الجوهري: ورُبما ضُم. وحكاه غيره أيضًا، والحليَةُ: الصّفَةُ1. قوله: "لكُلِّ طائفةٍ عريفًا" تقدم في باب ما يلزم الإمام والجيش. قوله: "ونَقَضَ العَهْدَ": العهد يكون بمعنى اليمن، والأمان، والذمَّة، والحفاظ، ورعاية الحرمة، والوصية، والأنسب به هنا: الذمة المعقودة له.

_ 1 في "الأساس" "حِلو": وعرفته بحليته أي بهيئته وعرفتهم بحلاهم يريد بهيئاتهم.

باب أحكام الذمة

باب أحكام الذِمَّةِ قوله: "العِرْض": الْعِرضُ: موضعُ الذَمَّ والمدح من الإنسان، وهي أحواله التي يرتفع بها ويسقط، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لَيُّ الواجِدُ يبيح عقوبته وعرضه" 1 و "استبرأ لدينه وعرضه" 2. قوله "وَتَرْكِ الفَرْقِ" الفرق: مصدر فرق شعره يفرقُهُ: جعله نصفين في جانبي الرَّأْسِ والفَرْقُ أيضاً: مَوضِعُ المَفْرِقِ من الرَّأسِ. قوله: "كناهم": جمع كنية، وكنية "بضم الكاف وكسرها" وهي عبارة عما كان مبدوءاً، بأب، أو أمِّ، كأبي بكرٍ، وأمِّ سلمة. قوله: "على الأُكُفِ": جمع إكافٍ وهو: إكافُ الدَّابَّة، وفيه أربع لغات: أُكَافٌ: "بكسر الهمزة وضمها" وَوُِكَافٌ: "بكسر الواو وضمها". وأوكفتُ الدَّابَّةَ. ذكرها صاحب المحيط ووكفتها. قوله: "كالعَسَلِيِّ والأَدْكَنِ": قال الجوهري: وعسليُّ اليهود: علامتهم: والظاهر أنه هذا الضَّربُ المعروفُ من الصُّوفِ. والأَدْكَنُ: الذي لونُه يضربُ إلى السَّوادِ، وقد دكِنَ فهو أدكنُ، ولونه الدُّكْنةُ. قوله: "في قلانِسِهِمْ وخَوَاتِيمِ الرَّصَاصِ والزُّنَّارِ" تقدم ذكر القلانس، في مسح الخفَّينِ، والخاتم في زكاة الأثمان، والزُّنَّارِ، في باب ستر

_ 1 رواه البخاري تعليقاً في الاستقراض: باب لصاحب الحق مقال. 2 قطعة من حديث رواه البخاري رقم "52" ومسلم رقم "1599" من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.

العَورَةِ، والرَّصَاصُ "بفتح الراء" قال الجوهري: والعامة تكسره. قال ابن عبَّادٍ: ويقال: رصاصٌ يعني بالكسر. قوله: "وجُلجُلٌ": الجُلْجُلُ: والجرس الصغير الذي في أعناق الدواب وغيرها، والجَلْجَلَةُ: صوته. قوله: "وفي تهنئتهم": يقال: هنأتُهُ بالولاية تَهْنِئَةً بالهمز، وتهنيئًا. والتهنئة: خلافُ التعزية. قوله: "بدايتُهُم": تقدم في باب السِّواك1. قوله: "وعيادَتِهِمْ": تقدم في أول الجنائز2. قوله: "مِنْ إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ والبِيَعِ": واحدة الكنائس: كنيسةُ: وهي معبد النصارى كصحيفة وصحائف. والبيع جمع بيعة، بكسر الباء، قال الجوهري: البيعة للنصارى، فعلى هذا الكنائس والبيع مترادف. وقال الزجاج: البِيَعُ: بيع النصارى، والصَّلَوَاتُ: كنائس اليهود، فعلى هذا، الكنائس لليهود، والبيع للنصارى، فعلى هذا يكون متباينًا وهو الأصلُ. قوله: "رَمَّ شَعَثِها": أي: إصلاح متشعثها. قوله: "ما استَهدَم": بفتح التاء، مبنيٌّ للفاعل3. قوله: "وضرب الناقوسِ": الناقوس: خَشَبَةٌ طَوِيْلَةٌ، تٌضْرَبُ بخشبةٍ أقصر منها، يُعْلَمُ به النَّصارى أوقات الصَّلوَاتِ، وجمعُهُ نواقيسٌ. قال جرير: "من البسيط"

_ 1 انظر ص "29". 2 انظر ص "145". 3 مبني للفاعل: أي مبني للمعلوم.

لما تذكرت بالديرين أرَّقني ... صوتُ الدَّجَاج وضَرْبُ بالنَّواقِيسِ1 قوله: "وَهُدِّدَ" أي: توعد: قال ابن عباد في "المحيط": التهدد والتهداد من الوعيد. قوله: "بالحجاز": الحجازُ: بلاد معروفة. قال صاحب "المطالع" الحجاز: ما بين نجد والسراة وقيل: جبل السراة، وهو الحد بين تهامة ونجد، وذلك بأنَّهُ أقبل من قعرة اليمن، فسمته العرب حجازاً، وهو: أعظم جبالها وما انحاز إلى شرقية فهو حجازٌ. وقال ابن الكلبي: الحجاز: ما بين اليمامة والعروض، وبين اليمن ونجد. وقال غيره: والمدينةُ نصفها تهامي، ونصفها حجازي. وحكى ابن أبي شيبة: أن المدينة حجازية. وقال ابن الكلبي: حدود الحجاز ما بين جبلي طيءٍ إلى طريق العراق لمن يريد مكة، سمي حجازاً؛ لأنه حجز بين تهامة ونجد، وقيل: لأنه حجز بين نجد والسراة، وقيل: لأنه حجز بين الغور والشام وبين تهامة ونجد. وعن الأصمعي، سُمِّيَت حجازاً؛ لأنها احتجزت2 بالحرار الخمس: حرَّةِ بني سُليم، وحرَّة واقم، وحرَّة راحل، وحرَّة ليلى، وحرَّة النَّار. قوله: "كالمدينة إلى آخر الباب" المدينة: اسم جنس مُعرَّفٌ بالألف واللام، ثمَّ غلب حتى صار علماً على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم ذكرها في الاعتكاف، واليمامة: مدينة على أربعة أيام من مكَّةَ، ولها عمائر قاعدتها حجر باليمامة، وتسمى العروض، وكان اسمها جَوًّا، فسميت اليمامة، وهو اسم امرأةٍ، وقال ابن الأثير في "النهاية" الْيَمَمَة: الصُّقْعُ

_ 1 البيت ذكره التاج منسوبًا لجرير وهو في اللسان والصحاح والعباب وديوان جرير صفحة: "321". 2 احتجزت: كذا في "ش" وفي "ط": انحجزت.

المعروف شرقي الحجاز، وهذا يقتضي أن لا تكون من الحجاز. وأما خَيْبَرُ، فقال الحافظ أبو بكر الحازمي: خيبرُ الناحية المشهورة، بينها وبين المدينة مسيرة أيام1، وهي تشتملُ على حصونٍ ومزارعَ ونخلٍ كثير. وأما تَيْمَاءُ "فَبِفَتْحِ أولهِ والمدِ" غير مصروف: من أُمَّهَاتِ القُرى على البحر، وهي من بلاد طيءٍ. ومنها يُخْرَجُ إلى الشام. وأما فَيْد: فموضعٌ بطريق مكَّةَ، قريب من جبلي طيءٍ: أجأ وسلمى، وهو: "بفاء مفتوحة بعدها ياء ساكنة" والراجح صرفه، وإن أول بالبقعة؛ لأنه ثلاثي ساكن الوسط. وتهوَّد: صار يهوديًا، وتنصَّر: صار نصرانيًا، وتَمَجَّسَ: صار مجوسيًّا. والتزامُ أحكام الملَّة، أي: ملَّة الإسلام، كذا نصَّ عليه في "الكافي". والتجسُّسُ: التَّفَحُّصُ عن الأخبار، والجاسوس، تقدم في الأمان. قوله: "الحَرْبي" منسُوبٌ إلى الحرب، وهو القِتَالُ، ودار الحرب، أي: دارُ التباعُد والبغضاء، فالحربي بالاعتبار الثاني.

_ 1 في "المصباح": وخَيْبَرُ بلاد بَنِي عَنَزَة، عن مدينة النبي صلى الله عليه وسلم في جهة الشام نحو ثلاثة أيام.

كتاب البيع

كتاب البيع مدخل ... كتاب البيع وهو مصدر بِعْتُ، يقال: باعَ يبيعُ، بمعنة مَلَكَ، وبمعنى اشترى، وكذلك شرى يكون للمعنيين، وحكى الزَّجاجُ وغيره: باع وأباع بمعنى واحد. وقال غير واحد من الفقهاء: واشتقاقه من الباع؛ لأن كل واحد من المتعاقدين يمد باعه للأخذ وللإعطاء، وهو ضعيف لوجهين: أحدهما: أنه مصدر، والصحيح: أن المصادر غير مشتقةٍ. والثاني: أن الباع عينهُ واو، والبيع عينه ياء، وشرط صحة الاشتقاق موافقة الأصل والفرع في جميع الأصول، قال أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم السامري في كتابه "المستوعب": البيع في اللغة: عبارة عن الإيجاب والقبول، إذا تناول عينين أو عينًا بثمن، ولهذا لم يسموا عقد النكاح والإجازة بيعًا. وهو في الشرع: عبارة عن الإيجاب والقبول إذا تضمَّن مالين، للتمليك، وهو غير جامع لخروج البيع بالمعاطاة منه، ولا مانع لدخول الربا فيه1 وأجود منه حد المصنف رحمه الله في "المقنع"، لكنه غير مانع لدخول الرِّبا فيه؛ لأنه مُبادلةُ المال بالمال لغرض التملك، ويقال: بائِعٌ وبَيِّعٌ، ويطلق على المشتري أيضًا فيقال: البائعات والبيعان. والمبيع اسم للسلعة نفسها، وبنو تميم يصححون مفعولًا معتلَّ العين، فيقولون: مبيوع. قال الشاعر: "من الكامل"

_ 1 ما بين الرقمين مستدرك على الهامش في "ش".

قد كان قومُك يحسبونَك سيِّدًا ... وإخالُ أنَّك سيدٌ مَغْيُونٌ1 والمحذوف من "مبيع" الواو الزائدة عند الخليل، وعند الأخفش المحذوف عين الكلمة. قوله: "الإِيْجَابُ والقبولُ": فالإيجاب: الإيقاع، يقال: وَجَبَ البيع يجب جبة، وأوجبته إيجابًا، أوقعته، وهو في الشَّرع، عبارة عن "بِعْتُ" ونحوه من جهة البائع. والقبول: مصدر قبل قبولًا، وهو مصدر شاذ، قال المطرز: لم أسمع غيره بالفتح، وهو في الشرع: عبارة عن قبلتُ ونحوه من جهة المشتري. قوله: "الْمُعَاطَاةُ": مفاعلة، من عطوت الشيء، تناولته. قال الجوهري: المعاطاة المناولة. قوله: "الرشيد": من رَشِدَ "بكسر الشين" يرشد "بفتحها" فهو رشيد. كَنَحِلَ يَنْحَلُ، فهو نَحِيْلٌ، ومصدره، الرشد والرشد، ويقال: رشد يرشد، كخرج يخرج لغتان، وهو نقيض الغي، وقيل: إصاة الخير، وقال الهروي: هو الهدى والاستقامة. والسَّفيهُ: فعيل من سَفِهَ "بكسر الفاء" يسفه سفهًا، وسفاهةً، وسفاهَا وأصله: الخفة والحركة، فالسفه، ضعف العقل، وسوء التَّصَرُّفِ،

_ 1 البيت رواه ابن هشام في "أوضح المسالك" "3/ 342-345" وهو عنده منسوب إلى العباس بن مرداس السلمي وفيه: معيون من: عانه يعينه: إذا أصابه بالعين وقال في الحواشي: وتروى بالغين معجمة من قولهم: غين على قلب فلان أي غطي على قلبه وقال في الحواشي أيضًا والشاهد فيه: مغيون حيث صحح اسم المفعول من الأجوف اليائي.

وسمي سفيهًا لخِفَّةِ عقله، ولهذا سمى الله تعالى النساء والصبيان سفهاء في قوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} 1. قوله: "لغير ضَرُوْرَةٍ": قال الجوهري: الضرورة: الحاجة. وقال ابن قرقول: المشقة وهي بفتح الضاد. قوله: "دودِ القَزِّ وَبِزره، والنَّحْلِ في كواراته": القزُّ: نوع من الإبريسم معرب، وبزره: "بفتح الباء وكسرها". والكُوَارَاتُ "بضم الكاف" جمع كوارة. وهي ما عسل فيه النخل، وهي الخلية أيضًا. وقيل: الكوارة من الطين، والخليَّةُ من الخشب، ولا فرق بينهما في جواز البيع. قوله: "بيع الهِرِّ": الهِرُّ، والسِّنّوْرُ، والضّيَونُ كله القط المعروف. قوله: "الْحَشَراتِ": جمع حشرة "بفتح الشين جمعًا" وإفرادًا، وهي صغار دواب الأرض، كالفأر، والخنافس، والصَّراصير، ونحو ذلك، وقيل: هيو هوام الأرض مما لا اسمَ لَهُ. قوله: "ولا السِّرجين": هو الزِّبْلُ: يقاله: سِرْجِيْنٌ، وسِرْقِينٌ "بفتح السين وكسرها فيهما" عن ابن سيده. "ويَعْلَمُ نَجَاسَتَها": أي: يعتقد، بمعنى أنه يجوز له في شريعته الانتفاع بها. قوله: "كأرض الشَّأْمِ إلى آخر الفصل": الشَّأْمُ: تقدم ذكره في باب المواقيت، وأما العراق، فبلاد تُذَكَّرُ وتؤنث، يقال: إنه فارسي معرب، والعراق في اللغة: شاطئُ البحر والنهر، وقيل: العراق: الخرز الذي أسفل القربة، وفي تسميته بالعراق، ستة أقوال:

_ 1 سورة النساء: الآية "5".

أحدها: أنها على شاطئ دِجْلَةَ. والثاني: أنه سُمِّيَ به لاستِفَالِهِ عن أرض نجدٍ، أخذًا من خرز أسفل القرية. والثالث: لامتداده كامتداد ذلك الخرز. الرابع: لإحاطته بأرض العرب كإحاطة ذلك الخرز بالقربة. الخامس: لكثرة عروق الشجر فيه. السادس: لتواشج عروق الشجر والنَّخل فيها، والتواشج: الاشتباك. وقال صاحب "المستوعب": سمي عراقًا لامتداد أرضه، وخلوها من جبال مرتفعة وأودية منخفضة. ومصر: مذكور في باب المواقيت1. وأما الحِيْرَةُ: فمدية بقرب الكوفة "بكسر الحاء" والنسبة إليها، حِيْرِيٌّ، "وحَارِيٌّ" على غير قياس. عن الجوهري. ومحلَّةٌ معروفةٌ بنيسابور، والمراد هنا الأولى. " وأُلَّيْسُ" "بضم الهمزة وتشديد اللام، بعدها ياء ساكنة، وبعدها سين مهملة" على وزن "خُبَّيْز" بَلَدٌ بالجزيرة2. قال أبو النجم3: "من الرجز"

_ 1 انظر ص "200". 2 وفي "التاج": وأُلَّيْسُ كقُبَّيْط بلدة بالأنبار. كذا في كتاب الفتوح والعباب وفي التكلمة: موضع وقد جاء ذكره في شعر أبي محجن الثقفي وكان حضر غزاة بها وأبلى بلاء حسنًا فقال: "من الطويل" وقرَّبت رواحًا وكورًا وعَرْقةً ... وغودر في أُلَّيْسَ بَكْرٌ وَوَائلُ وانظر: معجم البلدان: "1/ 294". 3 لم نجده في "ديوان أبي النجم العجلي" الذي صنعه علاء الدين آغا.

لَمْ ترع أُلَّيْسَ ولا عضاها ... ولا الجزيراتِ ولا قُرَاها "وَبَانِقْيَا" "بزيادة الألف بين الباء والنون، وكسر النون بعدها قاف وياءٌ مثناةٌ تحت": أرض بالنجف، دون الكوفة. قال الأعشي: "من البسيط" قد طُفْتُ ما بين بانِقْيا إلى عَدَنٍ ... وطال في العجم تردادي وتَسْيارِي1 قال ثعلب: سميت بذلك؛ لأن إبراهيم الخليل ولوطًا عليهما السلام نزلاها، وكانت تزلزل في كل ليلةٍ، فلم تزلزل تلك الليلة، ثم خرج حتى أتى النجف، فاشتراها بغنيمات كُنَّ معه، والغنم بالقبطية، يقال لها: نِقْيا، وكان شراؤها من أهل بَانِقْيا2. وبانقيا "بالباء الموحدة أوله، والنون المفتوحة بعده، وسكون القاف بعدها ياء مثناة تحت مقصورًا". "وأرض بني صَلُوبا": "بفتح الصاد المهملة" وضم اللام وبالباء الموحدة بعد الواو مقصورًا" كلها أماكن معروفة بالعراق. "ورِبَاعُ مَكَّةَ" "بكسر الراء": جمع رَبْعِ: وهو المنزل، ودار الإقامة، وربع القوم محلتهم. "والعِدُّ" "بكسر العين، وتشديد الدال المهملة": الذي له مادة لا تنقطع، وجمعُهُ: أعداد "ونَقْعُ البِئرِ": ماؤها المستنقع فيها، عن ابن فارسٍ.

_ 1 انظر ديوان الأعشي صفحة: "146" ومعجم البلدان: "1/ 331" والبيت في التاج مع بيتين قبله وهو منسوب للأعشي وفيه: نقيا "بالكسر" انظر "التاج - نقي". وقال شارح الديوان: بانقيا: ناحية من نواحي الكوفة وهي بكسر النون وانظر معجم البلدان: "1/ 394". 2 قول ثعلب: سميت بذلك؛ لأن ... الخ. يحتاج إلى دراسة ليس هنا موضع بسط القول فيه. والذي يهمنا كما في القاموس والتاج: بانفيا: بلدة بالكوفة. ونِقْيا: بلدة بالأنبار. وكلاهما في العراق.

وأما الكلأ، فمقصور مهموز، وهو النبات رطبة ويابسه، والحشيش والهشيم مختص باليابس. "والخلا" مقصورًا غير مهموز، "والعُشْبُ" مخصوصان بالرَّطْبِ، كله عن الجوهري: قوله: "الآبِق": الآبق: الهارب، أبق العبد، يأبق ويأبق إباقًا، فهو آبقٌ عن الجوهري. قوله: "الحَمْلُ فِي الْبَطْنِ": الحمل "بفتح الحاء" ما كان في بطن أو على رأس شجرة، والحمل "بالكسر" ما كان على ظهرٍ أو رأسٍ عن يعقوب، وحكى ابن دريد، في حمل الشجرة "الفتح والكسر". قوله: "في الضرع": الضَّرْعُ: لكل ذات ظلف أو خف، والمسك تقدم ذكره في باب محظورات الإحرام. "والفأر" مهموزًا، جمع فأرة: وهي: النافجة، ويجوز ترك همزه، كناظائره، وفرق الصقلي عمر الحميدي فقال: فارة المسك غير مهموزة؛ لأنها من فار يفور، وفأرة الحيوان مهموزة، والمشهور بين أهل اللغة أن لا فرق. قوله: "بَيْعُ المُلامَسَة": الملامسة: مفاعلة من لمس يلمس، ويَلْمُسُ، إذا أجرى يده على الشيءِ. قوله: "والمُنَابَذَةُ": المنابذة، مفاعلة من نبذ الشيء ينبذه: إذا ألقاه. قوله: "من بُستان": البستان: فارسي معرب، وجمعه، بساتين، ولم يحك أحد من الثقات عن العرب كلمة مبنية من "ب س ت". قوله: "من هذه الصُّبْرَةِ": الصبرة: الطعام المجتمع كالكومة، وجمعها، صبر1، سميت بذلك لإفراغ بعضها على بعض، يقال:

_ 1 في "المصباح": الصيرة من الطعام جمعها: صبر مثل: غُرْفَة وعُرَف.

للسحاب فوق السحاب صَبير1، ويقال: صبرت المتاع وغيره: إذا جمعته، وضممت بعضه على بعض. قوله: "وبيعُ الباقِلاءِ": الباقلاء: الحب المعروف "يشدد ويخفف" فإذا شدد، كان مقصورًا، وإذا خُفِّفَ كان ممدودًا وقد يقصر، ذكر اللغات الثلاث: ابن سيده في "المُحْكِمَ". قوله: "بِرَقْمِهَا": رقمها: مصدر بمعنى المرقوم أي: بالمكتوب عليها، فإن كان مجهولًا عند أحدهما، كان البيع فاسدًا، وإن كان معلومًا لهما، كان بيع التولية. قوله: "نقطعُ به السِّعْرَ": السعر "بكسر السين" ما تقف عليه السلع من الأثمان لا يزاد عليه. قوله: "أو بما باعَ فلان": فلان: تقدم في باب الإحرام. قوله: "نسيئَة": يأتي تفسيره في باب الربا2. قوله: "من القطيعِ": القطيع: الطائفة من الغنم. قال ابن سيده: الغالب عليه أنه من العشرة إلى الأربعين، وقيل: ما بين خمسة عشر إلى

_ 1 في "التاج - صبر": الصبير: هو السحاب الأبيض الذي يصير بعضه فوق بعض درجًا وأنشد في وصف جيش: "من المتقارب" كَكِرْفِئَةِ الغيث ذات الصبير ... الكِرْفِئَةُ والكِرْفِئُ والكِرْمئُ كزبرجة وزبرج السحاب السحاب المرتفع المتراكم واختلفوا حول عجز هذا البيت ولمن هو وفيه الصبير: السحاب الأبيض وقال أبو حنيفة الصبير السحاب يثبت يوماً وليلة ولا يبرح كأنه يصبر أي يحبس. في الصحاح لم يورد إلا هذا الشطر ولم يتمه ولم ينسبه وورد في اللسان متمًا ومنسوبًا لعامر بن الجوين الطائي مرة بتتمة ذكرها، وللخنساء مرة أخرى بتتمة مغايرة. "اللسان مادة "كرفأ" ومادة "أول". 2 انظر ص "286".

خمسة وعشرين. وجمعه: أقطاعٌ وأقطِعَةٌ، وقطعان، وقطاع، وأقاطيع. قال سيبويه: ههو ما جمع1 على غير واحد كحديث وأحاديث. قوله: "تفريقِ الصَّفقةِ" الصفقة: المرة من صفق له بالبيعة والبيع: ضرب بيده على يده. والصَّفْقَةُ: عقد البيع؛ لأن المتبايعين يفعلان ذلك. فقولهم: تفريق الصفقة أي: تفريق ما اشترى في عقد واحد. قوله: "بقسطِه" قال الجوهري: القِسْط: الحصة والنصيب. قوله: "بعد نِدَائها": النِّدَاء: الصوت "بكسر النون وقد تضم" كالرغاء والدعاء والنداء هنا: هو الثاني، وعنه الأول الذي على المنارة ونحوها، فإن باع في الوقت قبل النداء، فعلى روايتين. قوله: "لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً": قال الجوهري: السلعة: المتاع، فكل مبيع سلعة. قوله: "وفي بيع الحاضر للبادي" الحاضر: المقيم في المدن والقرى، والبادي: المقيم بالبادية.

_ 1 ما جمع: كذا في "ط"، وفي "ش" مما جمع.

باب الشروط في البيع

باب الشروط في البيع قوله: "مقتضى البيع": أي: مطلوبه. لما كان التقابض وحلول الثمن مقصودًا في البيع جعل البيع طالبًا له مجازًا، كقوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} 1. قوله: "أو خَصِيًّا" الخصِيُّ: تقدمَّ تفسيره في الهدي والأضاحي.

_ 1 سورة الكهف: الآية "77" ففي الآية الكريمة أسند الإرادة للجدار وهو مجاز.

قوله: "والدابة هِمْلَاجَةً": الهملاجة: التي تمشي الهملجة، وهي مشية معروفة1 فارسي معرب. قوله: "ثَيِّبًا فَبَاتَتْ بكرًا" الثيب من النساء: من أزيلت بَكَارَتُهَا، وقد يطلق على البالغة وإن كانت بكرًا مجازًا واتساعًا، والبكر: العذراء، وهي: الباقية العذرة، والعذرة: ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض، والمسافة تأتي في "باب السَّبْقِ". قوله: "وحَمْلان البَعيرِ": قال ابن القطاع: حملت الشجرة والأنثى والشيء على الشيء حملًا وحملانًا، وعلى الظهر كذلك. قوله: "جَزِّ الرَّطْبَةِ": الجز: القطع، والرطبة "بفتح الراء وسكون الطاء": نبت معروف يقيم في الأرض سنين، كلما جز نبت، وهي القضب أيضا، وهي الفضفة، بفاءين مكسورتين وصادين مهملتين"، وتسمى عندنا في زمننا: الفِصَّة. قوله: "أن لا خَسارَةَ": الخسارة: "بفتح الخاء": مصدر خسر يخسر خسرانًا وخسارة: نقص. ذكره الفارابي، في باب فعال بفتح الفاء. قوله: "نَفَقَ المبيعُ": نفق بفتح الفاء: ضد كسد. قوله: "إلا إن اشترط العِتْقَ" أي: الإعتاق، فأما العتق، مصدر عتق، إذا صار حرًّا، فليس المقصود هنا، أن يشترط أن يصير حرًّا بإعتاقه. قوله: "في مَحَله": المحل: مكان الحلول: وزمانه "بفتح الحاء

_ 1 في "المصباح - همل": هملج البرذون: مشى مشية سهلة في سرعة، وقال في مختصر العين: الهملجة: حسن سير الدابة، وفي المغرب: الهملجة: مشي الهملاج - وهي مشي سهل.

وكسرها جائز في المكان" عن صاحب "المطالع" وغيره. قوله: "إلا بَيْعَ العَرَبُون": في العربون ست لغات. عربون، وعربون، وعربان، وبالهمزة عوض العين في الثلاثة، أَرَبُون وأُرْبُون، وأُرْبَان، وهو ما فسر به في "المقنع"1 ويكون للمشتري2 مردودًا إليه إن لم يتم البيع، وللبائع محسوبًا من الثمن إن تم البيع. قوله: "على أن تَنْقُدَنِي الثَّمَنَ" "بفتح التاء وضم القاف": أي تُعطيني، "والله سبحانه وتعالى أعلم"3.

_ 1 انظر "المقنع" ص: "158" بتحقيقنا. 2 ويكون للمشتري مردودًا إليه إن لم يتم البيع. كذا في "ش" وفي "م": ويكون الدرهم ونحوه مردودًا إلى المشتري إن لم يتم البيع وفيه زيادة وضوح لذلك أثبتناه. 3 كذا في "ط" وهو المثبت وفي "ش": "أن تعطيني" وكلاهما بمعنى وعبارة: والله سبحانه وتعالى أعلم زيادة من "ط".

باب الخيار في البيع

باب الخيار في البيع الخيار، اسم مصدر من اختار يختار اختيارًا، وهو "طلب"4 خير الأمرين: إمضاء البيع وفسخه. "والمجلس" "بكسر اللام": الموضع، والمراد: مكان التبايع وتفرقهما عنه التفرق المسقط للخيار هو تفرقهما بحيث لو كلم أحدهما صاحبه الكلام المعتاد لم يسمعه، فإن لم يفترقا، بل بنيا بينهما حاجزًا، أو أرخى بينهما سترًا، أو ناما، أو قاما عن مجلسهما فمشيا معًا، فهما على خيارهما. وإن أكرها على التفرق ففي بطلان الخيار وجهان. قوله: "أو تنتهي مدتُهُ" أي: تنقضي.

_ 1 انظر "المقنع" ص: "158" بتحقيقنا. 2 ويكون للمشتري مردودًا إليه إن لم يتم البيع. كذا في "ش" وفي "م": ويكون الدرهم ونحوه مردودًا إلى المشتري إن لم يتم البيع وفيه زيادة وضوح لذلك أثبتناه. 3 كذا في "ط" وهو المثبت وفي "ش": "أن تعطيني" وكلاهما بمعنى وعبارة: والله سبحانه وتعالى أعلم زيادة من "ط". 4 ما بين الحاصرتين مستدرك من "ط".

قوله: "والصلحُ بمعناه" أي: بمعنى البيع، وهو أن يصالح عن الحق بغير جنسه من غير الأَثْمان فيثبت فيه خيار الشرط. قوله: "والإِجَارَةُ في الذِّمَّةِ" هي أن يستأجره لعمل معلوم، كخياطة ثوب ونحوه. والإجارة على مدة لا تلي العقد: كالإجارة سنة خمس في سنة أربع. قوله: "مِنْ كَسْبٍ أَوْ نَمَاءٍ": فالكسب "بفتح الكاف": مصدر كسب المال، يَكْسِبُهُ: استفاده بالطلب. والنَّمَاءِ، "بالمد والهمز": مصدر نمى المال، ينمي، وينمو، ويقال في مصدره: نَمْيٌ كفلس، ونُمُِيٌّ كَعُتيٍّ، ونمو كَسُلُوٍّ، ونمى كهوى، فالكسب مصدر مطلق على المفعول1 والمراد به هنا: ما حصل بسبب العين، وليس بعضا. والنماء: مصدر مطلق على المفعول أيضًا، والمراد به هنا: نفس الشيء الزائد من المبيع، كلبن الماشية، وأولادها. قوله: "نَفَذُ عِتْقُهُ" أي: اعتاقه إن جعل الضمير عائدًا على المشتري، وإن جعل عائدًا على العبد المبيع فلا حاجة إلى تأويله بالإعتاق، بل يكون مصدرًا مضافًا إلى فاعله. قوله: "كالأجل": والمراد بالأجل: أن الدين المؤجل لا يحل بالموت إذا وثق الورثة على الصحيح من المذهب فهو: حينئذ موروث. قوله: "خِيَارُ الغَبْنِ": الغبن "بسكون الباء": مصدر غبنة "بفتح الباء" يغبنه "بكسرها" إذا نقصه، ويقال: غبن رأيه "بكسر الباء" أي: ضعف، غبنًا بالتحريك.

_ 1 على المفعول أي على معنى اسم المفعول: مكسوب. مُنَميّ.

قوله: "تلقي الرُّكبانَ": الركبان، جمع ركب: وهو اسم جمع، واحده: راكب، وهو في الأصل: راكب البعير، ثم اتسع فيه، فقيل: لكل راكب دابة، راكب: ويجمع على ركاب ككافر وكفار، والركب: الإبل، واحدته راحلة من غير لفظه، والمراد هنا: القادمون من السفر وإن كانوا مشاة. قوله: "النَّجْشُ": النجش: أصله الاستخراج والاستشارة، قال ابن سيده: نجش الصيد وكل شيء مستور ينجشه نجشاً: إذا استخرجه، والنجاشي1: المستخرج للصيد. عن أبي عبيد، وقال ابن قتيبة: أصل النجش: الختل، ومنه قيل للصائد: ناجش؛ لأنه يختل الصيد. وقال أبو السعادات: النجش: أن يمدح السلعة، أو يزيد في ثمنها، لينفقها ويروجها، وهو لا يريد شراءها، ليقع غيره فيها. قوله: "المُسْتَرْسِلُ": المسترسل: اسم فاعل من استرسل: إذا اطمأن واستأنس، هذا أصله في اللغة، وقال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: المسترسل: الذي الذي لا يحسن أن يماكس، وفي لفظ: الذي لا يماكس فإنه استرسل إلى البائع، فأخذ ما أعطاه من غير مماكسة، ولا معرفة بعينه2. وقال المصنف -رحمه الله- في "المغني": هو الجاهل بقيمة السلعة، ولا يحسن المبايعة.

_ 1 وفي "المصباح" و"المغرب" والنجاشي: ملك الحبشة بتخفيف الياء سماعًا من الثقات، وهو اختيار الفارابي إسحاق بن إبراهيم، أبو إبراهيم، وعن صاحب: "التكملة"، بالتشديد وعن الغوري كلتا اللغتين وأما تشديد الجيم فخطأ واسمه أصحمة والسين تصحيف. وفي هامش المغرب أصحمة في لغتهم "أي لغة الحبشة": العطية. وانظر: "إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين" لابن طولون الدمشقي ص "51" بتحقيق "محمود الأرناؤوط" "الطبعة الثانية" نشر مؤسسة الرسالة ببيروت. 2 بعَيْنِهِ: كذا في "ش" وفي "م": بِغَيْنِهِ وكلاهما جائز.

قوله: "خيارُ التدليسِ": قال الجوهري: التدليس في البيع: كتمان عيب السلعة عن المشتري، والمدالسة، كالمخادعة، والدلس بالتحريك: الظلمة، والتدليس المثبت للخيار ضربان: أحدها: كتمان العيب. والثاني: تدليس يزيد به الثمن وإن لم يكن عيبًا، كتحمير وجه الجارية، وتسويد شعرها، ونحو ذلك1. قوله: "كتَصْرِيَةِ اللَّبن": التصرية: مصدر صرى، كعَلَّى تعليةً، وسوَّى تسويةً ويقال: صَرَى يصري، كرمى يرمي، كلاهما بمعنى: جمع، والأكثرون على أن التصرية: مصدر صَرَّى يصَرِّي، كرمى يرمي، كلاهما بمعنى: جمع، والأكثرون على أن التصرية: مصدر صَرَّى يُصَرِّي "معتل اللام" وذكر الأزهري عن الشافعي رضي الله عنه، أن المصراة، التي تصر أخلافها ولا تحلب أيامًا، حتى يجتمع اللبن في ضرعها، فإذا حلبها المشتري استغزرها2، فجائز أن يكون من الصر، إلا أنه لما اجتمع في الكلمة ثلاث راءات، قلبت الثالثة ياء، كما قالوا: تقضي في تقضَّض، وتضني في تضنَّن، وتَصَدَّى في تَصَدَّدَ، كراهة لاجتماع الأمثال. قوله: "وتجعيده": قال أهل اللغة: جعدت الشعر تجعيدًا: إذا كان فيه تقبض والتواء. قوله: "وجَمْع مَاءِ الرَّحا": قال الجوهري: الرحا: معروفة مؤنثة، والألف منقلبة من الياء3. تقول: هما الرحيان، وكل من مد،

_ 1 ولتجار الخيل والبراذين والدواب في ذلك أبواب كثيرة يتندر ببعضها. 2 وانظر "تحرير التنبيه" للنووي صفحة: "205". 3 في "القاموس - رحو": والرَّحا: معروفة مؤنثة وهما رحوان وفي "الأساس - رحي" رحى: له رحيان وأرح وأرحاء وأرحية، ورُحيٌّ، ورِحيٌّ. وعلى هذا فأصل ألفه ياء أو واو. والقاعدة في كتابة ألفه أن تكتب مقصورة "ياء بلا نقط": رحى إذا اعتبرنا أن الياء هي أصل الألف وأن تكتب ممدودة "ألف طويلة بلا همزة": رحا إذا اعتبرنا أن الواو هي أصل الألف.

قال: رحَاءٌ ورحاءان، وأَرْحِيَةٌ، كعطا، وعطاءان وأعطية، ولا أدري ما حجته، وثالثه: أَرْحٍ والكثير: أرحاء. قوله: "سِلْعَتِه": السِّلْعَةُ: المتاع كائنًا ما كان. قوله: "خِيارُ العَيْبِ" العيب، والعاب، والعيبة، والمعاب، والمعابة، كله: الرداءة في السلعة. عاب الشيء، وعبته، يتعدى، ولا يتعدى. قوله: "ويأخُذَ الثَّمَنَ" بنصب "يأخذ بأن مقدرة؛ لأنه معطوف على الاسم، وكذا كل ما أشبهه. قوله: "وأَرْش العَيْبِ" قال أبو السعادات: هو الذي يأخذه المشتري من البائع، إذا اطَّلع على عيب في المبيع، وأروش1 الجنايات والجراحات من ذلك؛ لأنها جابرة لها عما حصل فيها من النقص، وسمي أرشًا؛ لأنه من أسباب النزاع. يقال: أرشت بين القوم: إذا أوقعت بينهم2. قوله: "الخراجُ بالضَّمَانِ": الخراج: ما يحصل من غلة العين المبيعة كائنة ما كانت، وذلك أن يشتري شيئًا فيستغله مدة ثم يطلع على عيب قديم، فله رد العين، وأخذ الثمن، وما استغله فهو له؛ لأن المبيع لو تلف في يده، لكان من ضمانه، ولم يكن على البائع شيء، والباء في "بالضمان" متعلقة بمحذوف تقديره: الخراج مستحق بالضمان. أي: بسبه، والله أعلم. قوله: "بِصِبْغِهِ": الصبغ، والصبغة "بالكسر" ما يصبغ به،

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "أرش" الأولى جمع والثانية مفرد. 2 وانظر: "تحرير التنبيه": صفحة: "199".

"وبالفتح": مصدر صَبَغَ تصْبُغُ ويَصْبَغُ ويَصْبِغُ. والمراد هنا: الأول. قوله: "كبيضِ الدَّجاج": الدجاج: "بفتح الدال وكسرها وضمها" واحدته: دجاجة. حكاه الحسن بن بندار التفليس في "شرح الفصيح". قوله: "كبيضِ النَّعَامِ": النعام: الحيوان المعروف. واحدته: نعامة، بوزن: حمام وحمامة. قوله: "وجَوْزِ الهندِ" الجوز فارسي معرب، وهو نوعان: هندي، وشامي، وكلاهما معروف. ويقال: لجوز الهند: النارجيل، الواحدة: نارجيلة، وشجرته شبيهة بالنخلة، لكنها تميل بصاحبها حتى تدنيه من الأرض لينا1، والهند، بلاد معروفة، النسبة إليها: هندي2. قوله: "عَلى الرضى" هو بالقصر والقضاء بالمد مصدر أرضي وقضى. قوله: "يَنْقُصُهُ" تقدم في الزكاة. قوله: "كَمِصْرَاعَيّ بَابٍ": واحدهما مصراع "بكسر الميم": وهو أحد البابين المنغلق أحدهما على الآخر. قوله: "التَّوْلِيَةِ" إلى آخر الفصل، التولية: مصدر ولَّى تولية: كعلى تعلية، والأصل في التولية: تقليد العمل. يقال: ولي فلان القضاء، والعمل الفلاني، ثم استعملت التولية هنا فيما ذكر. والشركة والمرابحة، يذكران بعد. والمواضعة: مصدر واضعة مواضعة. قال الجوهري: المواضعة:

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط" "للينها". 2 وقالوا في السيف المنسوب إلى الهند: "الهِنْدُوَاني".

المتارَكَةُ في البيع، فهو مُفَاعَلَةٌ، من وضع يضع، وسمي هذا البيع مواضعة: لأنه أخذ بدون رأس المال، وأما وضيعة درهم: فالوجه في إعرابها: النصب مفعولًا معه، ويجوز الجر على لغة من عطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار، كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} 1 بالجر، وذلك مقرر في كتب النحو2. قوله: "نَكَلَ" نكل "بفتح الكاف وكسرها" حكاهما ابن القطاع وغيره، قال المطرز: وذلك بأن يرجع عن شيء قاله، أو عدو قاومه، أو شهادة أرادها، أو يمين تعين عليه أن يحلفها. قوله: "في الصُّبْرَةِ": تقدم تفسيرها في كتاب البيع. قوله: "بالتَّخْلِيَةِ": التخلية: مصدر "خَلَّى" بمعنى: ترك وأعرض. قوله: "والإقالَةُ" قال ابن درستويه3: الإقالة في البيع: نقضه وإبطاله. وقال الفارسي: معناه: أنك رددت عليه ما أخذت منه، ورد عليك ما أخذ منك، والأفصح، أقاله إقالة. ويقال: قاله بغير ألف.

_ 1 النساء: الآية "1". 2 انظر الجمل للزَّجَّاجي صفحة: "18" وفيه قال سيبويه: وقد يجوز ذلك في الشعر وأنشد: "من البسيط" فاليوم قد بتَّ تهجونَا وتشتمنَا ... فاذهب فما بكَ والأيامِ من عجَبِ والشاهد فيه: عطف الأيام "اسم ظاهر" على الكاف في بك "ضمير" ولم يعد الجار. 3 قال ابن درستويه: كذا في "ش" وفي "ط": قال ابن سيده وفي التاج: تقايَلَ البَيِّعَان: تفاسخا صفقتهما وعاد المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري، إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما.

حكاها أبو عبيد في "المصنف" وابن القطاع، والفراء، وقطرب. قال: وأهل الحجاز يقولون: قِلْتُهُ فهو مَقْيُولٌ، ومَقِيْلٌ وهو أجود، والله أعلم.

باب الربا والصرف

بابُ الرِّبا والصَّرْف الرِّبا: مقصور، وأصله: الزيادة. قال الجوهري: ربا الشيء يربو ربوا: إذا زاد والربا في البيع. هذا لفظه ولم يقل: وهو كذا؛ لكونه معلومًا، ويثنى: ربوان، وربيان. وقد أربى الرجل: إذا عامل بالربا. وهو مكتوب في المصحف بالواو. وقال الفراء: إنما كتبوه كذلك؛ لأن أهل الحجاز تعلموا الكتابة من أهل الحيرة، ولغتهم الربو. فعلموهم صورة الحرف1 على لغتهم، وإن شئت كتبته بالياء، أو على ما في المصحف، أو بالألف، حكى ذلك الثعلبي، والربية مخففة، لغة في الربا، والرباء "بفتح الراء ممدودًا": الرِّبا. والصَّرْفُ، بيع الذهب بالفضة، والفضة بالذهب، وفي تسميته صرفًا، قولان. أحدهما: الصرفة عن مقتضى البياعات، من عدم جواز التفرق قبل القبض واليبع نساء. والثاني: من صريفهما وهو: تصويتهما في الميزان، فإن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة: سمي مراطلة. قوله: "رِبا النَّسِيئَةِ": التَّسِيئَةُ، والنَّسَاءُ "بالمد" والنسأة والكلأة، كلاهما بوزن الغرقة، كله التأخير، ونسأت الشيء وأنسأته: أخرته، وحيث جاء النساء في الكتاب، فهو ممدود، ولا يجوز قصره.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "صورة الخط" وكلاهما جائز.

قوله: "إلا في ذلك" الإشارة في "ذلك" إلى كل مطعوم، ولا يعود إلى الذهب والفضة؛ لأنهما اثنان؛ ولأنهما محققا الوزن، والمطعوم منه موزون وغيره، فلذلك قيد بالموزون1. قوله: "وجِزَافًا": "هو بكسر الجيم وفتحها" ويقال فيه: الجزافة والمجازفة: وهو بيع الشيء واشتراؤه بلا كيل ولا وزن، كله عن صاحب "المحكم" قال: وهو دخيل. وقال الجوهري: هو فارسي معرب. وضبط في نسخة من "تهذيب اللغة" للأزهري عليها خطه، بالضم أيضًا، فيكون مثلثًا. قوله: "يَشْمَلُ أَنْوَاعًا" يشمل: بفتح الميم وضمِّها. قوله: "نِيئِه": "هو بكسر النون، وبعدها ياء ساكنة بعدها همزة" صفة من ناء اللحم، ينء نيئًا، فهو نيء، بين النيوء، والنيوءة، وأناءه غيره: لم يتضجه كله عن الجوهري. قوله: "بِمَشوبه": المشوب: المخلوط. قوله: "في النَّشَاف": النشاف: اليبس: يقال: نشفت الأرض الماء متعديًا. قوله: "بيعُ المُحَاقَلَةِ": المحاقلة: مفاعلة من الحقل، وهو: الزرع إذا تشعب قبل أن تغلظ سوقه. وقيل: الحقل: الأرض التي تزرع. وقال صاحب "المطالع": المحاقلة: كراء الأرض بالحنطة، أو كراؤها بجزء مما يخرج منها. وقيل: بيع الزرع قبل طيبه، أو بيعه في سنبله بالبر من الحقل، وهو الفدان. والمحاقل: المزارع، وذكر غير ذلك2.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "قيلَ بالوزن". 2 في "المصباح - حقل" اقتصر على القول: المحاقلة: وهي بيع الزرع في سنبله بحنطة. وفي "المغرب" فصل تفصيلًا يقرب مما ذكر هنا.

قوله: "ولا المُزَابَنَةُ": المزابنة: مفاعلة من الزبن: وهو الدفع، كأن كل واحد منهما يزين صاحبه عن حقه بما يزداد منه. قال صاحب "المطالع": المزابة والزبن: بيع معلوم بمجهول من جنسه، أو بيع مجهول بمجهول من جنسه، مأخوذ من الزبن: وهو الدفع، وفسرها ابن الأثير، بما فسرها به المصنف رحمه الله، وفسرها غيره: ببيع الزرع بالحنطة وبكل ثمر بخرصه1. قوله: "إلا الْعَرَايا": العرايا: جمع عرية "فعِيلَة" بمعنى "مفعُولَةَ" وهي في اللغة: كل شيء أفرد من جملة، قال أبو عبيد: من عراه يعروه: إذا قصده: ويحتمل أن يكون فعيلة: بمعنى فاعلة، من عري يعرى: إذا خلع ثيابه، كأنها عريت من جملة التحريم: أي: خرجت وقال ابن عقيل: هي في الشرع: بيع رطب في رؤوس نخلة بتمر كيلًا، وهذا على الصحيح في المذهب أن العرية مختصة بالرطب بالتمر، وحد المصنف رحمه الله خير منه، لكونه جامعًا مانعًا. قوله: "مِثْلَ ما يؤولُ" أي: يرجع، عن الجوهري، وفسره ابن القطاع بـ "يَصِيرُ". قوله: "بَعْضِهِ بِبَعْضٍ" بالجر على البدل من جنس، ويجوز النصب على المحل؛ لأن "جنس" منصوب في المعنى كأنه قال: ولا يجوز، أن يتبع جنسًا بعضه ببعض، ويجوز رفعه على تقدير المصدر "بأن". وفعل ما لم يسم فاعله، كأنه قال: ولا يجوز أن يباع جنس بعضه ببعض.

_ 1 بخرْصِهِ: الخِرْص "بالكسر" من حرصت النخل خَرْصًا من باب قتل: حزرت ثمره أي بيعه بما حزر عليه من ثمر.

قوله: كَمُدٍّ عَجْوَةٍ": قال الجوهري: العجوة: ضرب من أجود التمر بالمدينة، ونخلتها تسمى: لِيْنَةٌ. قوله: "كديارٍ قُراضَةٍ": القراضة "بضم القاف": قطع الذهب والفضة، يجوز نصبه على التمييز، وجره بالإضافة، أو على الصفة، والدينار منون على الأول، والثالث. قوله: "بِنَعْجَةٍ": قال الجوهري: النعجة من الضأن، والجمع نعاج ونعجات. قوله: "الحجاز": تقدم في أحكام الذّمة1. قوله: "بيعُ الكالِئ بالكالئ": هما مهموزان، وبعض الرواة، يترك همزهما تخفيفًا، قال الجوهري: وكان الأصمعي لا يهمز، وينشد: "من مجزوء الكامل" إذا تباشرك الهمو ... م فإنها كالٍ وناجِزْ2 أي: منها نسيئة، ومنها نقد. ويقال: كلأ الدَّيْنُ، كُلُوًا، فهو كالِئ: إذا تَأَخَّرَ. قوله: "ما قَبَضَهُ رَدِيئًا": الرديء بالهمز، قال الجوهري: ردؤ الشيء رداءه، فهو رديء: أي: فاسد.

_ 1 وهذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 البيت في "التاج - مادة كلأَ". منسوب إلى عبيد بن الأبرص، وهو أيضا في "اللسان والصحح - مادة نَجَزِ". وكال: كالي بلا همز ثم حذفت الياء؛ لأنه اسم منقوص غير معرف بـ"ال" التعريف ولا مضاف وجاء مرفوعًا وكذا إذا جاء مجرورًا، وكالٍ خبر إن مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة والتنوين عوض من الياء المحذوفة.

باب بيع الأصول والثمار

بابُ بيع الأصول والثِّمار الأصول: جمع أصل، وهو: ما يَتَفَرَّعُ غيره عليه، وقيل: هو المحتاج إليه، وقيل: غير ذلك. والأصول هنا: الأشجار، والأرضون، والثمار: جمع ثمر، كجبل وجبال وواحدة الثمر: ثمرة، وجمع الثمار: ثمر، ككتاب وكتب، وجمع الثمر: أثمار، كعنق وأعناق، فَثَمَرَةٌ ثم ثِمَارٌ ثم أَثْمَارٌ، فهو رابعُ جَمْعٍ. قوله: "كالسلاليم": واحدها: سُلَّمٌ "بضم السين وفتح اللام مشددة": وهو المرقاة، والدرجة، عن ابن سيده، قال: ويذكر ويؤنث، وأنشد لابن مقبل: "من البسيط" لا يحرز المرء أحجاء البلاد ولا ... تبنى له في السموات السَّلَالِيْمُ1 احتاج فزاد الياء، وقال الجوهري: السُّلَّمُ، واحد السلاليم. قوله: "وَالخوابي" واحدتها: خابية. قال الجوهري: وهي: الحب2. وأصله الهمز، إلا أن العرب تركت همزه. قوله: "والرَّحا": تقدم تفسيرها في الخيار.

_ 1 البيت في "التاج - سلم" منسوب إلى تميم بن أبي مقبل وهو مع بيتين آخرين أحدهما مثله والآخر بعده في "شرح أبيات مغني اللبيب" للخطيب البغدادي: "5/ 96" والبيت أيضا في تفسير غريب القرآن لابن قتيبه صفحة: "426" و"مقاييس اللغة": "2/ 142". قال الليث: وأحجاء البلاد: نواحيها وأطرافها. 2 في المصباح: والحب بالضم: الخابية: فارسي معرب جمعه حباب وحببة "مثل عِنَبَة".

قوله: "من الكَنْزِ" الكنز: المال المدفون، وقد كنزه يكنزه، إذا دفنه. قوله: "والبَكْرَةِ والقُفُلِ": البَكْرَةُ: التي يستقى عليها "بسكون الكاف" وفتحها لغة حكاهما صاحب "المشارق"1. والقُفْلُ: بضم القاف: الآلة المعروفة، وبالفتح: الفعل: يقال: قفل الباب وأقفله وهي: إغْلَاقُهُ. قوله: "كالرَّطْبَةِ" تقدم في شروط البيع. قوله: "والجِزَّةُ الظاهرةُ" الجِزَّةُ "بكسر الجيم": ماتهيأَ؛ لأن يجز، عن ابن سيده والجزَّة "بالفتح": المرة. قوله: "إلى الحصَادِ": الحَِصادُ: "بفتح الحاء وكسرها": قطع الزرع، يقال حَصَدَ يَحْصُدُ ويَحْصِدُ. قوله: "نَخْلًا مؤبَّرًا": أبر النخل يأبره أبرًا، والاسم: الإبار، فهو آبرٌ. والنخل مأبور. أَبَّرَ: "بتشديد الباء تأبيرًا" فهو مؤبر، والنخل مؤبر. وأصل الإبار: التلقيح: وهو وضع الذكر في الأنثى، وفسره المصنف رحمه الله، بالتَّشَقُّقِ؛ لأنه لا يكون حتى يتشقق الطلع: وهو: وعاء العنقود، ولما كان الحكم متعلقًا بالظهور بالتشقق بغير خلاف، فسر التأبير به، فإنه لو انشق طلعه، ولم يؤبر، كانت الثمرة للبائع. قوله: "إلى الْجَدَادِ": الجداد: تقدم في زكاة الخارج من الأرض. قوله: "ثَمَرلإ بادٍ" أي: ظاهر. قوله: "كالْعِنَبِ": "هو بكسر العين" ويقال له: العنباء بالمد.

_ 1 يريد القاضي عياضًا، وقد تقدم ذكره وذكر كتابه "المشارق" وعرف بهما.

قوله: "والتوتُ": هو بتاءين مثناتين، ويقال: بالمثلثة أخيرًا، حكاه الإمام أبو عبد الله بن مالك في كتاب: "وِفَاقِ الاستعمالِ" ونَقَلَه غيره، ونفاه الجوهري: وقل المثبت مقدم على نفيه. قوله: "مِنْ نَوْرِه" النور: "بفتح النون": الزهر على أي لون كان. وقيل: النور: ما كان أبيض، والزهر: ما كان أصفر. قوله: "كالمِشْمِشِ": "هو بكسر الميمين" ونقل فتحهما عن أبي عبيدة. قوله: "من أكمَامِهِ": واحدها: كم: وهو الغلاف، وقوله تعالى: {ذَاتُ الْأَكْمَامِ} 1 أي: ذات الغلف، عن الضحاك، وأكثر ما يستعمل في وعاء الطلع. قوله: "بُدُوِّ صلاحِها" يقال: بدا يبدو بدوًا، كقعد قعوداً، أي: ظهر غير مهموز. قوله: "فأَتْمَرت" بالمثناه فوق، أي: صارت تمرًا. قوله: "بجائحة" الجائحة: الآفة التي تهلك الثمار والأموال، ونستأصلها، وكل مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة2: جائحة والجمع: الجوائح، وجاح الله المال: أهلكه وأجاحه، والسنة كذلك. قوله: "أن يَتَمَوَّهَ" قال الأزهري: تموه العنب: أن يصفو لونه، ويظهر ماؤه، وتذهب عُفُوصَتُهُ3، ويتسفيد شيئًا من الحلاوة، فإن كان

_ 1 سورة الرحمن: الآية "11". 2 مُبيرةٌ: مهلكة من بار يبور بُورًا "بالضم" هلك. والمبير: المهلك كما ورد في بعض الأحاديث الشريفة انظر: التاج والنهاية مادة "بور". 3 عُفُوصَتُه: كذا في "ش" وفي "ط" "حُمُوضَتُهُ" والعُفُوصَةُ: من العفص الذي يدبغ به وطعام: عفص: فيه تقبض، وعفوصة العنب على هذا: المرارة والقبض "انظر القاموس والمغرب والمصباح - عفص".

أبيض، حسن قشره الأعلى، وضرب إلى الْبَيَاضِ، وإن كان أسود، فحين يُوَكَّتُ1 ويظهر فيه السواد. قوله "يَبْدُ وَفيه النُضْجُ": النضج: "بضم النون وفتحها" مصدر، نضج نُضْجًا ونَضْجًا، فهو ناضج، ونضيج: إذا أدرك، والله أعلم.

_ 1 يُوَكَّتُ: في "الأساس - وكت": وقد وكت البسرة وبدت فيها وكتة أي نقطة وفي القاموس: الوكتة: النقطة في الشيء.

باب السلم

بابُ السَّلَمِ قال الأزهري: السَّلَمُ، والسلف واحد. يقال: سَلَّمَ وأَسْلَمَ، وسَلَّفَ وَأَسْلَفَ. بمعنى واحد، هذا قول جميع أهل اللغة، إلا أن السلف، يكون قرضًا أيضًا وحده في الشرع: عقد لموصوف في الذمة، مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد. قوله: "كالقماقم والأسطال" القماقم: واحدتها: قمقم "بضم القافين": ما يسخن فيه الماء من نحاس، ويكون ضيق الرأس، وقال الجوهري: القمقمة معروفة. قال الأصمعي وهو رومي. والأسطالُ: واحدها: سطل، قال ابن عباد وهي طسيسة صغيرة، وجمعه سُطُولٌ، وقال غيره: على هيئة التور1 له عروة. قال الجوهري: ويقال: السيطل. قلت: ويقال: صطل، بالصاد، على لغة بني العنبر، فإنهم يقلبون السين صادًا قبل الطاء، والقاف، والغين، والخاء المعجمتين، وقد نظمت ذلك في بيتين وهما: "من البسيط"

_ 1 التَّوْرُ: إناء يشرب فيه.

السين تُقْلَبُ صادًا قَبْلَ أربعةٍ ... الطاء والقاف ثُمَّ الغَيْنِ والخاءِ إلى بني العنبر المذكور نِسْبَتُهُ ... كالسَّطلِ والسابع التسخير إسقاءِ قوله: "يَجْمَعُ أخلاطًا" واحدها خلط "بكسر الخاء" عن الجوهري، أي: مُخْتَلِطٌ. قوله: "كالْغَاليَةِ والنَّدِّ والسَّكَنْجِبَينِ": الغاليةُ: نوع من الطيب مركب من مسك وعنبر، وعود ودهن، وهي معروفة عن ابن الأثير، وقال: يقال: أول من سماها بذلك: سليمان بن عبد الملك تقول منه: تغليت بالغالية. وأما "النَّدُّ" "بفتح النون" فهو الطيب المعروف، قيل: مخلوط من مسك وكافور، قال الجوهري: وابن فارس وغيرهما ليس هو بعربي. وأما "السَّكَنْجَبينُ" فليس من كلام العرب، وهو معروف، مركب من السكر والخل ونحوه. قوله: "وجَوْدَتُهُ" الجودة "بفتح الجيم وضمها" مصدر جاد يجود، إذا صار جيدًا. قوله: "وإنْ شَرَطَ الأردَأ": "مهموزًا" أفعل تفضيل من ردؤ الشيء رداءة، فهو رديء. قوله: "وَقْعٌ" أي: أثر في زيادته. قوله: "أو صِنْجَةً" الصنجة: صنجة الميزان معرب، قال ابن السكيت، ولا تقل: سنجة بالسين. قوله "بستانٍ: بعينه": البستان: فارسي معرب، قاله ابن الجواليقي. قوله: "كالْبَرِّيَّةِ" قال الجوهري: البرية: الصحراء. والجمع:

البَرَارِي، والبريتُ بوزن البريدُ البَرِيَّةُ، فلما سكنت الياء صارت التاء هاء، كعفريت وعفرية1، والجمع البراريت.

_ 1 في "القاموس - عفر": ورجل عفر وعفرية وعفريت بكسرهن.... بين العفارة "بالفتح": خبيث منكر.

باب القرض

بابُ القرضِ القَرْضُ: مصدر قرض الشيء يقرضه "بكسر الراء": إذا قطعه، والقرض: اسم مصدر بمعنى الإقراض. وقال الجوهري: القرض ما تعطيه من المال لتقضاه. والقرض "بالكسر": لغة فيه حكاها الكسائي. وقال الواحدي: القرض: اسم لكل ما يلتمس منه الجزاء، يقال: أقرض فلان فلانًا: إذا أعطاه ما يتجازاه منه والاسم منه: القرض، وهو: ما أعطيته لتكافأ عليه، هذا إجماع من أهل اللغة. قوله: "من المرافق المندوب إليها" المرافق: واحدها: مرفق "بفتح الميم مع كسر الفاء وفتحها": ما ارتفقت به وانتفعت، والرفق: ضد العنف. والمندوب في اللغة: المَدْعُوُّ، وحده المصنف رحمه الله في "الروضة": بأنه مأمور لا يلحق بتركه ذم من حيث تركه من غير حاجة إلى بدل، وقيل: هو: ما في فعله ثواب، ولا عقاب في تركه. والمندوب: مأمور به، وأنكر قوم كونه مأمورًا به. قوله: "استسلف1 بَكْرًا": البكر من الإبل: ما لم يُثْنِ. وقال أبو السَّعَادات: البِكْرُ: الفَتِيُّ2 من الإبل.

_ 1 في المطبوع: "استلف". 2 في المطبوع: "الثني".

باب الرهن

بَابُ الرَّهْنِ الرهن في اللغة: الثبوت والدوام، يقال: ماء راهن، أي: راكد، ونعمة راهنة، أي: ثابتة1 دائمة، وقيل: وهو من الحبس. قال الله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} 2 وقال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} 3 وجمعه رهان، كحبل وحبال، ورهن كسقف وسقف، عن أبي عمرو بن العلاء، قال الأخفش: وهي قبيحة وقيل: رهن: جمع رهانٍ، ككتابٍ وكتب، ويقال: رهنت الشيء وأرهنته بمعنى. قال المصنف رحمه الله، وهو في الشرع: المال الذي يجعل وثيقة بالدين لستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه. قوله: "وثيقةٌ بالْحَقِّ": الوثيقة بالحق: التوثق به، قال ابن القطاع: وثقت بالشيء، اعتمدت عليه، فالمرتهن معتمد على الاستيفاء من ثمن الرهن عند التعذر. قوله: "رَهْنُ الْمُشَاعِ": قال الجوهري: سهم مشاع، وشائع، أي: غير مقسوم. قوله: "ونَماءُ الرَّهْنِ" تقدم ذكر النماء في باب الخيار. قوله: "وهو أمانةٌ": أي: غير مضمون، والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة، والثقة.

_ 1 في "التاج - رهن": وطعام راهن مقيم قال الشاعر: الخبز اللحم لهم راهن. 2 سورة الطور: الآية "21". 3 سورة المدثر: الآية "38".

قوله: "فَيُجْبِرُه" "بضم الياء وفتحها" يقال: جبره على الأمر وأجبره عليه، إذا أكرهه عليه. قوله: "على يَدِ عَدْلٍ" أي: في يد عدل و"على" تكون بمعنى "في". قال الله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} 1 أي: في حين2. قوله: "عند الْحُلُولِ": أي: عند الوجوب. قال ابن القطاع: حل الحق حِلًا، وحلولًا، وتَحِلَّهً: وجب. قوله: "أو يَبِيْعُهُ في الْجِنَايَةِ" يبيعه "بالنصب" على إضمار "أن" "وبالرفع" على أنه خبر مبتدأ محذوف، وقد تقدم مثله في أوائل باب حكم الأرضين المَغْنُومَةِ. قوله: "وإن جُنِيَ عليه جِنَايَةٌ" برفع "جناية" مفعولًا قائمًا مقام الفاعل3، وبنصبه على إقامة الجار والمجرور مقام الفاعل. قوله: "قيمةُ أقلهما قيمةً" الضمير في "أقلهما" عائد على العبد المرهون، والجاني عليه المقتول به، والله أعلم.

_ 1 سورة القصص: الآية "15". 2 والحروف كلها قد يكون بعضها بمعنى بعض فحل محله، و "في" قد تحل محل على كما في قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} "طه: الآية 71" أي على جذوع النخل والله أعلم. 3 أي: نائب فاعل. وتكون جناية مفعولًا مطلقًا وفيه بعد.

باب الضمان

باب الضَّمان الضمان مصدر ضمن الشيء ضمانًا، فهو ضامن وضمين: إذا كفل به. وقال ابن سيده: ضمن الشيء ضمنًا وضمانًا، وضمنه إياه، كفله إياه، وهو مشتق من التضمن؛ لأن ذمة الضامن تتضمن الحق، قاله

القاضي أبو يعلى: وقال ابن عقيل: الضمان مأخوذ من الضمن، فتصير ذمة الضامن في ذمة المضمون عنه، وقيل: هو مشتق من الضم؛ لأن ذمة الضامن، تنضم إلى ذمة المضمون عنه، والصواب الأول؛ لأن "لام" الكلمة في الضم "ميم" وفي الضمان "نون" وشرط صحة الاشتقاق، كون حروف الأصل موجودةً في الفَرْعِ1. قوله: "مآله إلى الوجوب" أي: مرجعه، وعاقبته، وهو مصدر، آل، يؤول. قوله: "عهدة المبيع": قال الجوهري: العهدة: كتاب الشراء، ويقال: عهدته على فلان أي: ما أدرك فيه من درك فإصلاحه عليه، وقال المصنف في "المغني": ضمانه عن المشتري أن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسلمه، وإن ظهر فيه عيب أو استحق، رجع بذلك على الضامن، وضمانه على البائع للمشتري: هو: أن يضمن عن البائع الثمن متى خرج المبيع مستحقًا، أو رد بعيب، أو أَرْشِ العَيْبِ. قوله: "في الْكَفَالَةِ" الكفالة: هي مصدر كفل به كَفْلًا، وكُفولًا، وكفالة، وكفلت عنه تحملت، وقرئ شاذًا: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} 2 "بكسر الفاء"، ويقال: صبر به يصبُرُ بالضم صبرًا وصبارة وحمل به حمالة، وزعم به يزعم "بالضم" زعماً وزعامة وقبل به "بكسر الباء" قِبالةً فهو: كفيل وصبير وحميل وزعيم، وقبيل، كله بمعنى واحد.

_ 1 كذا وردت الفقرة في "ش" و"ط" مع خلاف في أسلوب العرض. 2 سورة آل عمران: الآية "37".

باب الحوالة

بابُ الحوالة قال ابن فارس: هي قولك: تحول فلان عن داره إلى مكان كذا وكذا، وكذلك الحق، تحول مال من ذمة إلى ذمة. وقال صاحب "المستوعبِ": الحَوَالة مشتقة من التَّحَوُّل؛ لأنها تنقل الحق من ذمة المحيل، إلى ذمة المحال عليه، ويقال: حال على الرجل، وأحال عليه بمعنى، نقلهما ابن القطاع. قوله: "إن كانَ المُحَالُ عَلَيْه مَلِيْئًا": المليء: مهموز. قال أبو السعادات: هو الثقة الغني، وقد مَلُؤَ فهو مليءٌ، بين الملاء والملاءة. وقد أولع الناس بترك الهمز وتشديد الياء، وقال المصنف في "الكافي": المليء: الموسر غير المماطل. وقال في "المغني": كأن المليء عنده -يعني الإمام أحمد رحمه الله عليه- أن يكون مليئًا بماله وقوله وبدنه ونحو هذا.

باب الصلح

بابُ الصُّلْحِ الصلح: اسم مصدر، لـ: صالحه مصالحة، وصلاحًا "بكسر الصاد" قال الجوهري: والاسم الصلح، يذكر ويؤنث، وقد اصطلحا وتصالحا، واصَّالَحَا "مشددة الصاد" وصَلَحَ الشيء، وصَلُحَ، "بفتح اللام وضمها" وقال المصنف رحمه الله: الصُّلْحُ: معاقدة يتوصل بها إلى الإصلاح بين المختلفين، ويتنوع أنواعًا، صلح بين المسلمين وأهل الحرب، وصلح بين أهل العدل وأهل البغي، وصلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما. وهذا الباب للصلح بين المتخاصمين في الأموال. قوله: "أو يبني له فوقَهُ غُرْفَةً": الغرفة بضم العين: العُلِيَّةُ: ويقال

للسماء السابعة: غُرْفَةٌ، عن ابن فارس وغيره. قوله: "المُدَّعَى عليه العبوديَّةُ": العبودية: مصدر عبد العبد عبودية وعبودة. وهي مرفوعة، مفعول، قائم مقام الفاعل للمُدَّعي، ويجوز نصبها على مذهب الكوفيين لقيام الجار والمجرور مقام الفاعِلِ. قوله: "شِقْصًا" يذكر ويؤنث1 يذكر في باب الشُّفْعَةِ. قوله: "بِعَجْزِه عن استنقاذها" أي: "تخليصها، والضمير في استنقاذها"2 عائد على العين المصالح عنها؛ لأنه قال في أول الفصل: أن يدعي عليه عينًا أو دينًا، وصلح الأجنبي عن الدين المنكر لا يصح؛ لأنه اشترى ما لا يقدر على قبضه؛ ولأن بيع الدين في ذمة المقر لا يصح، فبيعه في ذمة من ينكره ولا يقدر مشتريه على قبضه أولى. قوله: "مَمَرًّا": الممر: موضع المرور، قاله الجوهري. قوله: "وبُقْعَةُ يَحْفِرُهَا": قال ابن عباد في كتاب "المحيط" البقعة والبقعة "يعني بضم الباء وفتحها": قطعة من الأرض على غير هيئة التي إلى جنبها، والجمع: بِقَاعٌ وبُقَعٌ. قوله: "إذا وَصَفَ العُلْوَ والسُّفْلَ": قال ابن سيده: السُّفْل، والسِّفْل "يعني بضم السين وكسرها" والسفلة: نقيض العلو، والعلو "بضم العين وكسرها" نقيض السفل، حكاهما الجوهري، وغيره. قوله: "وإذا حَصَلَ في هوائِهِ". قال الجوهري: الهواء ممدودًاً: ما بين السماء والأرض، وكُل خَالٍ هواءُ3.

_ 1 عبارة: يذكر ويؤنث زيادة من "ط". 2 ما بين الحاصرتين تكملة من "ط". 3 في التاج: الهواء "بالْمَدِّ": الجو، ما بين السماء والأرض وأنشد القالي: "من البسيط" ويلمها من هواء الجو طالِبَةٌ ... ولا كهذا الذي في الأرض مَطْلُوب والبيت عنده غير منسوب لأحد ولم نقع عليه في "الأَمَالِي" المطبوع.

قوله: "ولا يجوزُ أن يَشْرَعَ" "بفتح الياء والراء، وبضم الياء وكسر الراء" يقال: شرعت بابًا إلى الطريق وأشرعته. أي: فتحته. وقد استعمل المصنف رحمه الله، يشرع، بمعنى يخرج فَلَعَلَّهُ من باب تضمين الفعل معنى فعل آخر. قوله: "جناحًا" إلى آخر الباب، الجناح "بالفتح" من الطائر: معروف، ومن الإنسان، يده، ومن العسكر جانبه، فسمي ما يخرج إلى الطريق من الخشب جناحًا، تسمية له بذلك، والساباط: تقدم في صلاة أهل الأعذار. والدُّكَّان: "بضم الدال"، قال أبو السعادات: الدكان: الدكة المبنية للجلوس عليها والنون مختلف فيها، فمنهم من يجعلها أصلًا، ومنهم من يجعلها زائدة. وقال الجوهري: الدكان واحد الدكاكين. وهي: الحوانيت، فارسي معرب، وقال ابن فارس: هو: عربي مشتق من دكنت المتاع1: إذا نضدته. والدرْبُ "بسكون الراء": الطريق: وقيل: هو: بفتح الراء للنافذ، وبسكونها لغير النافذ، ونقلهما أبو السعادات. والاستطراقُ: استفعال من الطريق، أي يجعله طريقًا له2. والرَّوْزَنَةُ: قال ابن السِّكِّيْتِ: الروزنة: الكُوَّةُ، وهي معربة. والطاق. الفارغ ما تحته، وهي الحنية، ويسمى الأَزَجَ أيضًا، كله

_ 1 انظر "المصباح - دكن". 2 كذا في "ط" وفي "ش": "أن".

عن ابن قُرْقُولٍ وقال ابن عباد: الطاق: عقد البناء حيث ما كان، والجمع: الأطواق والطيقان. والجدَارُ والجَدْرُ: الحائط. والآلَةُ: الأداة أي شيء كانت، كذا ذكره صاحب "الوجوه والنظائر" والمراد بها هنا: الأنقاض. والباني، بالباء الموحدة: اسم فاعل من بنى يبني، وليس بالثاء المثلثة، كذا قرأته على شيخي اللذين أخذاه عن مصنفه أَبَوَي الفرج عَبْدَي الرحمن المقدسي والحراني، رحمهما الله تعالى وإيايَ. والنَّهْرُ: "بفتح الهاء وسكونها" لغتان مشهورتان لهذا المعروف، ويجمع في القلة على أنهار، وفي الكثرة على نهر "بضم النون والهاء" مشتق من إنهار الدم: إسالته والبئر: مؤنثه مهموزة، ويجوز تخفيفها، وجمعها في القلة أبآر وآبار، بالمد على القلب وأبْؤُرٌ، وفي الكثرة على بيار. والدولَابُ: قال الجوهري: الدولاب، واحد الدوليب، فارسي معرب، وحكى غيره فيه ضم الدال وفتحها. والناعورةُ: قال الجوهري: الناعورة1 واحدة النواعير، التي يسقى بها، يديرها الماء، ولها صوت، وقال ابن عباد: والناعورةُ: ضرب من الدلاء، يستقى به. والناعورةُ: مضيق في نهر في صَبَبٍ، كالميزاب، ومنه ناعورة الرحى المركبة على الجناح.

_ 1 كذا في "ط" وفي "ش" "الناعور" في الموضعين.

والقناة: هي الآبار التي تحفر في الأرض متتابعة ليستخرج ماؤها، ويسيل على وجه الأرض. وقنى: جمع قناة، كتمرة وتمر، وقنوات، كسنوات، وقُنِيُّ جمع الجمع؛ لأن فَعْلَة لا يجمع على فعول إلا في خمسة ألفاظ، وقد نظمتها في هذا البيت: "من المتقارب" فُعُولٌ على فَعْلَةٍ بَدْرَةٌ ... صُخُورٌ عُكُومٌ1، مُؤونٌ هُزومُ

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط" "عُلُومٌ" وهو تصحيف.

كتاب الحجر

كتابُ الحَجْرِ مدخل ... كتابُ الحَجْرِ الْحَجْرُ "بفتح الحاء" وهو في اللغة: المنع والتضييق، ومنه سمي الحرام حُِجرًا "بكسر الحاء وفتحها وضمها" وسمي العقل حجرًا، ولكونه يمنع صاحبه من ارتكاب ما يقبح وتضر عاقبته، وهو في الشريعة: منع الإنسان من التصرف، وهو أنواع: أحدُها: الحَجْرُ على الصبي. والثاني: الحجر على المجنون. والثالث: الحجر على السفيه. والرابع: الحجر على المفلس لحق الغرماء. والخامس: الحجر على المريض في التبرع لوارث أو لأجنبي بزيادة على الثلث. والسادس: الحجر على المكاتب والعبد لحق سيدهما. السابع: الحجر على الراهن في الرهن، لحق المسلمين. يقال: حجر الحاكم يَحْجُرُ ويَحْجِرُ "بضم الجيم وكسرها". قوله: "على المُفْلس" قال المصنف -رحمه الله- في "المغني": هو الذي لا مال له، ولا ما يدفع به حاجته، وإنما سمي مفلسًا؛ لأنه لا مال له إلا الفلوس، وهي أدنى أنواع المال. والمفلس في عرف الفقهاء، من دينه أكثر من ماله، وخرجه أكثر من دخله، ويجوز أن يكون سمي بذلك، لما يؤول إليه من عدم ماله، بعد

وفاءِ دَيْنِهِ، ويجوز أن يكون سمي بذلك؛ لأنه يمنع من التصرف في ماله إلا الشيء التافه، كالفلوس ونحوها قال أبو السَّعَادَات: معناه: صارت دراهمه فلوسًا، وقيل: صار إلى حالٍ يقال: ليس معه فلس. قوله: "فَلِغَرِيْمِهِ" تقدم ذكر الغريم في آخر باب صلاة الجماعة. قوله: "يفي به" "بغير همز" أي: لا يتم به وفاؤه، مضارع: وفى، قال أبو السَّعَادات: يقال: وفى بالشيء وأوفى ووفَّى بمعنى. قوله: "أَصَرَّ" أي: أقام على الامتناع عن ابن القطاع وغيره. قوله: "ادعى الإِعسارَ": الإعسار: الإضافة، عن ابن فارس، وفي صحيح مسلم "وأَتَجَوَّزُ عَنَ المُعْسِرِ" وقال ابن القطاع: عسرتك عَسْرًا، وأعسرتك، وطلبت منك الدين على عسرة، فالمعسر على هذا: المضيق، والمطالب له. قوله: "حُلِّفَ": يقال: حُلِّفَ وأحلف واستحلف كله بمعنى. قوله: "وخُلِّيَ سَبيلُه": السبيل: الطريق يذكر ويؤنث، يجوز رفعه مفعولًا قائمًا مقام الفاعل1، ويجوز نصبه على الظرف، والقائم مقام الفاعل مضمر، أي: خلي هو في سبيله. قوله: "كَنَسْجِ الغَزْلِ وخَبْزِ الدَّقِيقِ" "بفتح أولهما" مصدرا غزل ونسج. قوله: "بِهُزَالٍ": الهزال "بضم الهاء" ضد السمن: يقال: هزلت الدابة، هزالًا وهزلتها أنا وأهزلتها، أعجفتها2. قوله: "ودَفْعُ قِيْمَةِ الغراسِ والبناءِ" الغِرَاسُ: "بكسر الغين" فَسِيلُ

_ 1 أي نائب فاعل كما مَرَّ. 2 أَعْجَفْتُهَا: أهزلتها وأضعفتها والعجاف: الضعاف "المصباح - عجف".

النَّخْلِ، وما يغرس من الشجر، والبناء مصدر بنى يبني، وهو هنا بمعنى المفعول1، كالخلق بمعنى المخلوق. قوله: "من مَسْكَِنٍ" بفتح الكاف وكسرها وهو: المنزل والبيت. قوله: "وخادِمٍ" الخادم: واحد الخدم، غُلامًا كان أو جارية، وأخدمه: أعطاء خادمًا وجاء بغير هاءٍ إجراءً له مجرى الأسماء الجامدة. قوله: "ثُمَّ بالأثاثِ ثُم بالعَقَارِ" الأثاث: متاع البيت. قال الفراء: لا واحد له. وقال أبو زيد: الأثاث: المال أجمع، الواحدة أثاثه، والأول: المراد هنا. قال الجوهري: العقار "بالفتح": الأرض، والضياع والنخل، ومنه قولهم: ماله دار ولا عقار، وقال شيخنا رحمه الله، في: "مثلثه": العقار: متاع البيت، وخيار كل شيء، والمال الثابت، كالأرض والشجر والمراد هنا، ما قاله الجوهري. قوله: "ويُعْطِيَ المُنَادي": المنادي: هو السمسار. وهو الذي يدخل بين البائع والمشتري لإمضاء البيع. 2قوله: "السَّفيه" تقدم في أول كتاب البيع3. قوله: "ورَشدا" تقدم ذكر الرشيد في أول كتاب البيع أيضًا4، ورَشَدَا بالألف، ضمير الصبي والمجنون. قوله: "بالاحتلام" الاحْتِلَامُ: مصدر احتلم: إذا رأى في نومه، تقول: احتلم وَحَلَمَ "بفتح الحاء واللام" حُلْمًا وحلما "بضم اللام

_ 1 بمعنى المفعول أي بمعنى اسم المفعول. 2 ما بين الرقمين ليس في "ط". 3 انظر ص "271". 4 انظر ص "271".

وسكونها مع ضم الحاء" والمراد هنا: إنزال المني ولو كان مستيقظًا ولو رأى في نومه، أنه يجامع، ولم ينزل، لم يحكم ببلوغة. قوله: "من أولاد التُّجَّار": تقدم ذكره في قسمة الغنائم1. قوله: "أولادِ الرُّؤَسَاءِ" الرؤساء: جمع رئيس بالهمز، كنبيءٍ بالهمز وياء، وفعيل إن كان صحيحًا: جمع على فعلاء، وإن كان معتلًّا: جمع على أفعلاء، كولي وأولياء قال الجوهري: ويقال: ريِّسٌ، كقيم. وقال المصنف في "المغني": وإن كان من أولاد الدَّهاقِينِ والكُبَرَاءِ، الذين يصان أمثالهم عن الأسواق. قوله: "والكُتَّابِ": جمع كاتب، وهو جمع مقيس، في "فاعِلِ" المذكر العاقل. قوله: "واسْتِجَادَتِهِ": استفعال من الجودة، أي: يحصل الجيد منه. قوله: "كالقِمارِ والغناءِ": الْقِمَارُ: مصدر قامره: إذا لعب معه على مالٍ يأخذه الغالب من المغلوب كائنًا ما كان، إلا ما استثني في السبق، يقال: قَمَرَه يَقْمُرُهُ، ويَقْمِرُهُ "بضم الميم وكسرها" عن صاحب "المحيط". وأقمره، عن ابن القطاع وغيره. والغِنَاءُ "بكسر الغين ممدودًا": الصوت المعروف، والأغنية "بضم الهمزة وتشديد الياء بمعنى الغناء" والجمع الأغاني، يقال منه: تغني وغني بمعنى، والغناء "بفتح الغين ممدودًا: النفع. قوله: "أو حَابى": حابى: فاعل من الحباء: العطية، فمتى باع بدون ثمن المثل، أو اشترى بأكثر منه، فقد حابى بالقدر الزائد:

_ 1 انظر ص "255".

قوله: "وتزويْجُ إمائِهَمَا": تقدم ذكر الأمة، في باب ستر العورة1. قوله: "في المَكْتَبِ": المكتب: هو موضع تعلم الكتابة، والجمع المكاتب، فأما الكتاب فجمع كاتب، وقال الجوهري: الكتاب والمكتب واحد، فعلى هذا أطلق الكتاب على الموضع فعلى حذف المضاف أي: مكان الكتاب. قوله: "أو غِبْطَةٍ" قال الجوهري وابن فارس: الغبطة: حسن الحال، وقد فسرها المصنف رحمه الله، شرعًا وقال في "الكافي": المنصوص أن للوصي بيعه إذا كان نظرًا لهم من غير تقييد بهذين، لكونه لا غلة له أوله غلة يسيرة، ونحو ذلك. قوله: "وهل يَصِحُّ عِتْقُهُ": أي: إعتاقه، وقد تقدم. قوله: "فيما يتولى مِثْله": يجوز رفع "مثله" على أنه فاعل، ونصبه على أنه مفعول. قوله: "يَتْجُرُ": بوزن يقتل، ويتجر بوزن يدخر. قوله: "يَفْدِيه": "بفتح الياء" أي: يعطي فداءه. قال الجوهري: يقال: فداه وفاداه: إذا أعطى فداءه، وفداه بنفسه، وفداه: إذا قال له: جعلت فداك. قوله: "عَبْدِهِ المأذونِ": كذا وقع بخط المصنف رحمه الله وحقه أن يكون عبده المأذون له؛ لأن الفعل إذا كان متعديًا بحرف جر، كان اسم مفعوله كذلك، وتخريجه من وجهين:

_ 1 انظر ص "79".

أحدهما: أن يكون ضمن "أَذِنَ" معنى أطلق أو مَكَّنَ فكأنه قال: عبده المطلق أو الممكن. والثاني: أن يكون حذف حرف الجر، ثم عدى الفعل بنفسه توسعًا. كقوله تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} 1 أي: الموعود به. قوله: "بالإباقِ" الإباق: تقدم في زكاة الفطر2. قوله: "وكُسْوَةُ الثِّيَاب" "بكسر الكاف وضمها": مصدر كسا، عن ابن القطاع، وكذلك اسم الملبوس. قوله: "وكذلك هَدِيتُهُ للمأكول" هديته: فعيلة بمعنى مفعولة، ويجوز أن يراد به الإهداء نفسه ويقال: أهديت الهدية وهديتها، نقلهما الزجاج وغيره. قوله: "بالرغيف" الرغيف: معروف، وجمعه رغفان ورغف وأرغفة وفي القلة، والله أعلم.

_ 1 سورة البروج: الآية "2". 2 انظر ص "175".

باب الوكالة

باب الوكالة الْوَكَالَةُ "بفتح الواو وكسرها" كالتفويض. يقال: وكله أي: فوض إليه، ووكلت أمري إلى فلان أي: فوضت إليه واكتفيت به، وتقع الوكالة أيضًا على الحفظ. وهو: اسم مصدر بمعنى التوكيل. قوله: "وَلَّيْتُهُ وَمَوْلِيَتُهُ" قال الجوهري: كل من ولي أمر واحد، فهو وليه، فموليته، وزنها في الأصل مفعولته، فدبر بإبدال الضمة كسرة،

وقلب الواو ياء وإدغامها في الياء فصار مولية، كمبْنِيّ ومبنية، ووليته فعيلته بمعنى مفعولته، ولحقته التاء لكونه لم يتبع موصوفه فهو: كجريح وجريحة. قوله: "في حَِضْرَةِ الموكِلِ" "بفتح الحاء وضمها وكسرها": أي: بحضوره عن الجوهري وغيره. قوله: "بالسكرِ" يذكر في باب حد الْمُسْكِرِ. قوله: "بِأَلْفٍ حَالَّةٍ" الألف مذكر، وأنث حالة باعتبار أنه دراهم. قال ابن السكيت لو قلت هذه ألف بمعنى هذه الدراهم ألف لجاز، والجمع ألوف وآلاف. وحَالَّةٍ1 بالجر صفة لألف، ويجوز نصبه على الحال على ضعف. قوله: "في الخصومة" أي: في غثبات الحق؛ لأنه لا يتوصل إلى القبض إلا بها غالبًا. قوله: "بغير تفريط": التفريط: مصدر فرط: أي: قصر في الشيء وضيعه حتى فاتَ. قوله: "يُجعُل" يأتي تفسيره في باب الْجُعَالَةِ. قوله: "فُلَانَةُ" فلان وفلانة: كناية عن اسم سمي به المحدث عنه، خاص، غالب، ويقال: في غير الناس: الفلان والفلانة، كله عن الجوهري، والله أعلم.

_ 1 وألفٌ حَالَّةٌ: يريد مستحقة.

كتاب الشركة

كتاب الشركة مدخل ... كتاب الشركة قال ابن القطاع، يقال: شركتك في الأمر أشركك شركًا وشِرْكةً وشَرِكَةً، بوزن نعمة وسرقة، وحكى مَكِّي لغة ثالثة، شركة بوزن تمرة، وحكى ابن سيده، شركته في الأمر، وأشركته، وقال الجوهري: شاركت فلانًا صرت شريكه، واشتركنا وتشاركنا في كذا، أي: صرنا فيه شركاء، والتشرك بوزن العلم، الإشراك والنصيب، قال المصنف -رحمه الله- في "المغني": هي الاجتماع في استحقاق أو تصرف. قوله: "العِنَان". العنان: "بكسر العين"، وفي تسميتها بذلك، ثلاثة أوجه: أحدهما: أنها من عن الشيء يَعِن ويَعُن "بكسر العين وضمها" إذا عرض، كأنه عن لهما هذا المال أي: عرض فاشتركا فيه، قاله الفراء وابن قتيبة وغيرها. والثاني: أن العنان مصدر عانه، عنانًا ومُعَانَّةً: إذا عارضه، فكل واحد منهما، عارض الآخر بمثل ماله وعمله. والثالث: أنها شبهت في تساويهما في المال والبدن بالفارسين، إذا سَوَّيا بين فرسيهما، وتساويًا في السير، فإن عنانيهما يكونان سواء، ذكر المصنف رحمه الله معنى الثلاثة في "المغني". قوله: "والْوَضِيْعَةُ" هي فَعِيلَةُ بمعنى مَفْعُولَةُ، قال أبو السعادات: الوضيعة الخسارة. وقد وُضِعَ في البيع يُوضَعُ وَضِيْعَةً: يعني أن الخسارة على قدر المال.

قوله: "يحابي" يقال: حباه يحبوه حبوًا وحباء: إذا أعطاه، فليس له أن يعطي؛ لأنه تبرع، ولا يتبرع بمال غيره، وفي معناه: البيع بدون القيمة، والشراء بأكثر منها؛ لأنه عطية في المعنى، وقد تقدم معناه في "الحَجْرِ". قوله: "ولا يأْخُذُ به سَفْتَجَةً": السَّفْتَجَةُ "بفتح السين المهملة والتاء المشاة فوق بينهما فاء ساكنة وبالجيم": كتاب لصاحب المال إلى وكيله في بلد آخر، ليدفع إليه بدله، وفائدته: السلامة من خطر الطريق ومؤنة الحمل. قوله: "أو يُبْضِعْ" "بضم الياء" مضارع أَبْضَعَ، قال الجوهري وغيره، البضاعة طائفة من المال تبعث للتجارة، تقول: أبضعت الشيء واستبضعته، أي: جعلته بضاعة، وقد فسره المصنف -رحمه الله- بعد هذا بيسير. قوله: "وإن تقاسما الدَّيْنَ" قسمة الدين في الذمة الواحدة لا تصح، كذا في ذمتين فصاعدًا في أصح الروايتين. قوله: "الثاني الْمُضَارَبَةُ": المضاربة مصدر ضارَبَ، وقد فسرها المصنف -رحمه الله- بما ذكر، وذكر في "المغني" في اشتقاقها وجهين: أَصحُّهما: أنها مشتقة من الضرب في الأرض، وهو: السفر فيها للتجارة، قال الله تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ} 1. والثاني: من ضرب كل واحد منهما في الربح بسهم، وتسمى: القراض والمقارضة، وفي اشتقاقها قولان: أحدهما: من القَرْضِ: القَطْعِ؛ لأن صاحب المال اقتطع من مَالِهِ

_ 1 سورة المزمل: الآية "20".

قِطْعَةً وسَلَّمَهَا إلى العامل، واقتطع له قطعة من الربح، والثاني: من المقارَضَةِ: الموازَنَةِ، يقال: تَقَارَضَ الشاعران: إذا وازن كل واحد منهما صاحبه، وها هنا من العامل العمل، ومن الآخر المالُ، فتوازنا. قوله: "تَأْقِيتَ الْمُضَارَبَةُ" أي: توقيتها، والهمزة منقلبة عن الواو. ويقال: وقت الشيء، ووقته "بالتخفيف" وأقته تأقيتًا بالهمز، فهو موقَّت، وموقوتٌ ومؤقتٌ "بالهمز". قوله: "في التَّسَرِّي" التسري: مصدر تَسَرَّى تَسَرِّيًا: إذا أخذ سرية، وقد تقدم ذلك في كتاب الجنائز مستوفىً1. قوله: "إلا أن يُجِيزَهُ" الضمير في "يجيزه" للشراء الدال عليه "فاشْتَرَى". قوله: "لزم العامل تقاضيه" أي: المطالبة به، والاقتضاء: الطلب. قال الجوهري: اقتضى دينه وتقاضاه بمعنى. قوله: "من خِيَانَةٍ" "بالخاء وبعدها ياء مثناة تحتُ" كذا وجدتها مضبوطة بخط المصنف رحمه الله، وهي ضد الأمانة، يقال: خانه يخونه خونًا وخيانة، ومخانة وإختانه. قوله: "والاحتشاشِ" هو: أخذ الحشيش، افتعال من الحشِّ، والاصطياد: افتعال من الصيد، والطاء منقلبة عن تاء الافتعال، وهو عبارة عن أخذ الصيد. قوله: "والتَّلَصُّصِ" هو: تفعل من اللصوصية "بفتح اللام وضمها"، واللص "بكسر اللام وضمها وفتحها" نقلها ابن سيده في كتابه "المُخَصِّصِ".

_ 1 انظر ص "146".

قوله: "شركة المفاوضةِ" المفاوضة: مفاعلة، يقال: فاوضه مفاوضة، أي: جاراه وتفاوضوا في الأمر، أي فاوض بعضهم بعضاً. وشركة المفاوضة ضربان: أحدهما: أن يشتركا في جميع أنواع الشركة، كالعنان والأبدان، والوجوه، والمضاربة، فهي شركة صحيحة، والثاني: ما فسره به المصنف رحمه الله، فهي فاسدة عند إمامنَا، والشافعي، وأجازه أبو حنيفة بشروط شرطها، وحكيت إجازتها عن الثوري1، والأوزاعي2، ومالك. قوله: "كوِجْدَانِ لَقِطَةٍ" "بكسر الواو" مصدر وجد، قال ابن سيده: وجد الشيء، ويجده وجدًا ووَجْدانًا، ووُجُودًا، وَجِدَةً وَوُجِْدَانًا وإِجْدَانا، والله أعلم.

_ 1 هو سفيان بن سعيد الثوري، من كبار أئمة العلم من المسلمين مات سنة: "161" هـ ترجمته في "سير أعلام النبلاء": "7/ 229". 2 هو عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي أبو عمرو إمام الشام عالم الأمة. كان رحمه الله رأسًا في العلم والعمل، وكان يسكن بيروت ومات فيها سنة "157" هـ. ترجمته في "شذرات الذهب": "2/ 256" و "سير أعلام النبلاء": "7/ 107".

باب المساقاة

باب المساقاة وهو: مفاعلة من السقي، قال المصنف رحمه الله في "المغني": المساقاة: أن يدفع الرجل شجره إلى آخر ليقوم بسقيه، وعمل سائر ما يحتاج إليه، بجزء معلوم له من ثمره، وذكره الجوهري بمعناه. قوله: "والزِّبَارُ والتَّلْقِيْحُ" الزبار: "بكسر الزاي"، لم أره في كتب

اللغة، وكأنه مولد، وهو في عرف أهل زماننا: تخفيف الكرم من الأغصان الرديئة وبعض الجيدة بقطعها بمنجل ونحوه قال ابن القطاع: زبرت الشيء: قطعته. وأما التلقيح، فهو وضع الذكر في الأنثى، وهو التأبير أيضًا، وقد تقدم في بيع الأصول والثمار. قوله: "والتَّشْمِيسُ" هو جعل ما يحتاج إلى أن يجعل في الشمس فيها. قوله: "وما لا فلا" أي: وما لا يتكرر، فلا يلزمه، وكذا كل ما في الكتاب من هذا النوع يقدر كل موضع بما يليق به. قوله: "إن سُقِيَ سَيْحًا" السيح: مصدر ساح الماء يسيح سيحًا: إذا جرى على وجه الأرض، "والسيح أيضًا الماء الجاري على وجه الأرض"1. قاله الجوهري، وانتصابه إما على المصدر، نحو سقى سقيًا سيحًا أي: ذا سيح، وإما على إسقاط الخافض، أي: سقي بسيح. ومثال السقي سيحًا، أن يفتحه من نهر أو من قناة ونحو ذلك. قوله: "في المزارعة" المزارعة: مفاعلة من الزرع. قال المصنف رحمه الله في "المغني": وهي دفع الأرض إلى من يزرعها، ويعمل عليها، والزرع2 بينهما.

_ 1 ما بين الرقمين سقط من "ش" وأثبتناه من "ط" والسيح النهر. قاله المبرد في "الكامل": "1/ 204"، وأنشد الأعشى ميمون بن قيس: "من الطويل" نفى الذم عن رهط المحلق جفنة ... كجابية السِّيحِ العراقي تفهق المحلق هو المحلق الكلابي، الجفنة: أوسع ما يكون من القصاع. تفهق: ممتلئة. 2 الزرع هنا بمعنى المزروع.

قوله: "فَزَارَعَهُ الْأَرْضَ" أي: على الأرض، أو ضمن زارع معنى أعطى، وكذا ساقيتك هذا البستان، أي: أعطيتكه مزارعة، ومساقاة. قوله: "قُفْزَانًا معلومَةً": هي: جمع قفيز، وقد تقدم ذكره في الأرضين المغنومة1.

_ 1 كذا في "ش"، وفي "ط": "في موضعه".

باب الإجارة

باب الإجارة الإجارة: "بكسر الهمزة" مصدر أجره يأجره أجرًا وإجارة فهو مأجور، هذا المشهور. وحكي عن الأخفش والمبرد، آجرته بالمد فهو مؤجر، فأما اسم الإجارة نفسها، فإجارة "بكسر الهمزة وضمها وفتحها" حكى الثلاثة ابن سيده في: "المحكم"، وقال المصنف -رحمه الله- في "المغني": واشتقاق الإجارة من الآجر، وهو: العوض، ومنه سمي الثواب أجرًا؛ لأن الله تعالى يعوض العبد على طاعته، ويصبره على مصيبته، ويقال: أجرت الأجير وآجرته بالمد والقصر أعطيته أجرته، وكذا أجره وآجره إذا أثابه. قوله: "والكراء" الكراء: "بكسر الكاف ممدودًا قال الجوهري: والكراء ممدود؛ لأنه مصدر كاريت، والدليل على ذلك، أنك تقول رجل مكار، ومفاعل إنما هو من فاعلت. آخر كلامه. ويقال: أكريت الدار والدابة ونحوهما فهي مكراة، واكتريت واستكريت وتكاريت بمعنى، والْكَرِيُّ يطلق على المُكْرِي والْمُكْتَرِي. قوله: "بالْعُرْفِ" العرف: في اللغة ضد النكر، ثم هو عبارة عما يتعارفه الناس بينهم والنسبة إليه عرفي ومنه قوله: في الأَيْمَانِ: الأسماء العرفية وهي: ما تعرفها الناس على خلاف ما هي عليه لغة.

قوله: "كَحَمْل زُبرةِ حديدٍ" الزبرة: "بضم الزاي": القطعة من الحديد، والجمع زُبَرٌ قال الله تعالى: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} 1 وزبر أيضاً "بضمتين" حكاهما الجوهري2. قوله: "وَسَمْكَهُ" سمكه "بفتح السين وسكون الميم": ثخانته، والسمك في الحائط بمنزلة العمق في غير المنتصب. قوله: "فَرَسًا أو بعيرًا" نصب بـ "كان" مقدرة، كما تقدم في باب الغسل، أصليًّا، أو مرتدًّا. قوله: "وكذلك الظِّئْرُ" الظئر: "بكسر الظاء المعجمة بعدها همزة ساكنة": المرضعة غير ولدها، ويقال لزوجها: ظئر أيضًا، وقد ظأره على الشيء، إذا عطفه عليه. قوله: "عند الفِطام" فطام الصبي: فصاله عن أمه، فطمت الأم ولدها فهو فطيم ومفطوم. قوله: "أو قَصَّار". قال الجوهري: هو الذي يدق الثياب، قلت: وهو في عرف بلادنا، الذي يبيض الثياب بالغسل والطبخ ونحوهما: والذي يدق يسمى: الدقاق، ولا فرق في الحكم بينهما. ولا بين صانع منتصب للعمل بأجرة. قوله: "خِطَّته رُومِيًّا" خطته: "بكسر الخاء وتشديد الطاء" و"روميَّا" منسوب إلى الروم، وهم: جيل من الناس، وهم من ولد الروم ابن عيصو، يقال: رومي وروم، كما يقال: زنجي وزنج. وفارسيًّا: منسوب إلى فارس البلاد المعروفة، ورومي وفارسي إشارة إلى نوعين من الخياطة كانَا معروفين.

_ 1 سورة الكهف: الآية "96". 2 والأفصح ما جاء به القرآن الكريم.

قوله: "الزِّنا والزَّمْرِ والْغِنَاء" الزنا يذكر في أول "باب حد الزنا"، والغناء تقدم في "الحَجْرِ" وأما الزمر فمصدر: زمر يزمر ويزمر زمرًا، فهو زَمَّارٌ، ولا يكاد يقال زامر. قوله: "أوْ بيْتَ نارٍ" البيت: معروف، والنار: معروفة مؤنثة، والجمع: نورٌ وأَنْوُرٌ ونيرانٌ، وأصلها الواو، والمراد هنا: النار التي تعبدها المجوس أو من يعبدها. قوله: "واستئجار النقد" النقد في الأصل: مصدر نقد الدراهم: إذا استخرج منها الزيف وهو هنا: بمعنى المنقود، وهي: الدراهم والدنانير. قوله: "ولا الشَّمَع" الشمع معروف، وهو: "بفتح الشين والميم" وقد تسكن ميمه. قوله" لِيُشْعِلَه" "بضم الياء وفتحها لغة" يقال: أشعل النار وشعلها، لغة. قوله: "أو دِياسِ زَرْعٍ" يقال: داس الزرع دياسًا بمعنى: درسه، وأداسه لغة ومعناه: دقة ليتخلص الحب من القشر. قوله: "الأَجِيْرَ المُشْتَرَكَ" أي: المشترك فيه أو في عمله؛ لأن الفعل إذا كان لازمًا لا يكون اسم مفعوله إلا موصولًا بحرف جر أو ظرف أو مصدر، ثم توسع في ذلك، فحذف الجار ثم صار الضمير متصلًا فاستتر. قوله: "من أهل القربَةِ" تقدم في آخر كتاب الجنائز قوله: "لِحُمُولَةِ شيئٍ" الحمولة "بضم الحاء": الأحمال، "وبفتحه": ما يحتمل عليه، سواء كانت عليها الأحمال، أو لم تكن،

وأما الحُمُولُ [بالضم بلا هاء] : فهي الإبل التي عليها الهوادج. قوله: "كَزِمام الجَمَلِ ورَحْلِهِ وحِزَامِهِ" الزِّمَامُ "بكسر الزاي" قال الجوهري: هو الخيط الذي يشد في البرة، ثم يشد في طرفه المقود، وقد يسمى المقود زمامًا، وهو المراد هنا؛ لأن المستأجر لا يتمكن من النفع بالخيط الذي في البرة مفردًا. والرحل تقدم في صفة الصلاة، وفي صيد الحرم ونباته، والحزام "بكسر الحاء المهملة" ما تحزم به البردعة ونحوها. يقال: حزم الدابة: إذا شد حزامها. قوله: "المحامل" جمع محمل: وقد تقدم تفسيره في باب محظورات الإحرام1. قوله: "تفريغُ البالوعَةَ والكُنُف"، قال ابن درستويه: وسميت البالوعة على "فَاعُولَةَ" وبلوعة على فعولة؛ لأنها تبلع المياه وهي: البواليع، والباليع وقال المطرز في شرحه: يقال لها أيضًا: البلوقة وجمعها بلاليق. قال: وقد جاءت البلاعة والبلاقة على وزن علامة، وقال الجوهري: البالوعة ثقب في وسط الدار، وكذلك البلوعة فيكون فيها حينئذ خمس لغات. والْكُنُفُ: "بضم الكاف والنون" جمع كنيف، وهو الموضع المعد للتخلي من الدار، قال ابن فارس: الكنيف الساتر: وسمي الترس كَنِيفًا؛ لأنه يستر. قوله: "يَحْجُزُ" "بضم الجيم" أي: يمنع، ويحول بينه وبينه. قوله: "ولا ضمانَ على حَجَّامٍ، ولا خَتَّانٍ، ولا بَزَّاغٍ، ولا طَبِيبٍ"

_ 1 انظر ص "207" وهذه الفقرة بتمامها لم ترد في "ط".

الحجّام: فعال من حجم يحجم فهو حاجم، والحجام للتكثير: وهو صانع الحجامة وهي معروفة: وفي الحديث "أفطر الحاجمُ والمحجومُ" 1. والختان فعال، من خَتَنَ يَخْتُنُ خَتْنًا، والاسم الختان والختانة، فهو خاتن، والختان للتكثير، وقد تقدم في باب الغسل مبسوطًا. والبزَّاغ: فعال من بزغ الحجام والبيطار بمبزغة بزغًا: شرط، والبزاغ للتكثير والمراد به: البيطار. والطَّبِيبُ: قال الجوهري: الطبيب: العالم بالطب، وجمع القلة أَطِبَّةٌ، والكثير أطباء والمتطبب. الذي يتعاطى علم الطب، والطِّبُّ والطُّبُّ "بالفتح والضم" لغتان في الطب بالكسر. وقال أبو السعادات: الطبيب في الأصل. الحذق بالأمور، والعارف بها، وبه سمي معالج المرضى. قوله: "كَبَحَها" يقال: كبحت الدابة، وكفحتها، وكمحتها وأكبحتها وأكفحتها وأكمحتها إذا جذبتها لتقف. وقال أبو عثمان:

_ 1 رواه الترميذي رقم "774" بإسناد صحيح من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه. وقال ابن عقيل: جمع التكسير هو ما دل على أكثر من اثنين بتغير ظاهر كرجل ورجال ... وهو على ضربين: جمع قلة وجمع كثرة فجمع القلة يدل حقيقة على ثلاثة فما فوقها إلى العشرة وجمع الكثرة يدل على ما فوق العشرة إلى غير نهاية، وقد يستعمل كل منهما في موضع الآخر مجازًا. هـ وأوزان جمع القلة أربعة جمعها ابن مالك رحمه الله بقوله: "من الرجز" أَفْعِلَةٌ أَفَعْلُ ثم فِعْلَهْ ... ثُمَّتَ أَفْعَالٌ جموع فِلَّه فأمثلة جمع القلة: أسلحة وأنفس وأفراس وما عدا هذه الأوزان في جمع التكسير، فهي لجموع الكثرة مثل أفراخ أفعال وهو جمع فرخ. انظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك في النحو: "2/ 155-165".

كفحت الدابة وأكفحتها: إذا تلفيت فاها باللجام تضربها به، وهو من قولهم: لقيته كفاحًا، ويقال: كبختها "بالخاء المعجمة" ذكره الإمام أبو عبد الله بن مالك في كتاب وفاق الاستعمال. قوله: "والرَّائض" قال أهل اللغة: راض الدابة رياضة ورياضًا، علمها السير فهو رائض، والقباء تقدم في باب محظورات الإحرام1.

_ 1 انظر ص "208".

باب السبق

باب السَّبْق قال الأَزْهَرِيُّ: السبق: مصدر سبق يسبق سبقًا، والسبق "محركة الباء": الشيء الذي يسابق عليه، حكى ثعلب عن ابن الأعرابي قال: السبق، والخطر والندب، والفرع، والوجب، كله الذي يوضع في النصال، والرهان، فمن سبق أخذه، الخمسة بوزن الفرس، وقال الأزهري أيضًا: النصال في الرمي والرهان في الخيل، والسباق يكون في الخيل والرمي. قوله: "والمزاريق" المزاريق: جمع مزراق "بكسر الميم" قال الجوهري: المزراق: رمح قصير، وقد زرقه بالمزراق. قوله: "بين عربي وهجين، ولا بين قوس عربي وفارسي" العربي: منسوب إلى العرب، والهجين تقدم في الجهاد. قوله: وأما القوس، فالأكثر تأنيثها، وتذكيرها لغة، قال الجوهري: القوس يذكر ويؤنث والذي بخط المصنف رحمه الله عربي وفارسي، وقد أصلحه بعضهم في بعض النسخ: عربية وفارسية، ولا ينبغي أن يغير إذا كان لغة، والقوس العربي: هو قوس النبل، والفارسي: قوس النشاب، قاله الأزهري.

قوله: "تَحْدِيدُ الْمَسَافَةِ والْغَايَةِ" المسافة في اللغة: البُعْدُ، قاله الجوهري، وقال ابن عباد: بعد المفازة، وهي المسافة، ثم هو في الاصطلاح: عبارة عن المقدار زمانًا، أو مكانًا، وأما الغاية، فقال الجوهري: الغاية: مدى الشيء والجمع: غايٌ، وقال ابن عباد: الغاية: مدى كل شيء وقصاراه، وحكى الأزهري عن ثعلب، عن ابن الأعرابي قال: الغاية: أقصى الشيء. قوله: "الْقِمَار" تقدم تفسيره في كتاب الحجر1. قوله: "إلا أن يدخلا بينهما محللًا" المحلل: اسم فاعل من حلل الشيء: جعله حلالًا؛ لأنه حلل الجعل بدخوله بينهما، وفيه ثلاث لغات: محل ومحلل، وحال؛ لأن في فعلة ثلاث لغات: حلل كسلم، وأحل كأعد، وحل كمر، فاسم الفاعل من الثلاث على ما ذكر، حكى اللغات الثلاث أبو السعادات وغيره. قوله: "يكافئُ فرسَه" مهموزاً أي: يساوي، قال الجوهري: كل شيء ساوى شيئًا فهو مكافئ له. قوله: "ومَنْ صَلَّى" أي: من جاء ثانياً، والمصلي: هو الثاني من خيل الحلبة، وهي عشرة: المجلي، ثم المصلي، ثم المسلي، ثم التالي، ثم المرتاح، ثم الحظي، ثم العاطف، ثم المؤمل، ثم اللطيم، ثم السُّكَيْتُ، ويقال له: الفِسْكِلُ. هكذا ذكرها المصنف في "الكافي" وقد نظمها شيخُنَا الإمام أبو عبد الله بن مالك في هذين البيتين: "من البسيط". خيلُ السِّبَاق المُجَلِّي يقتفيه مُصَلِّي ... والْمُسَلِّي وَتَالٍ قَبْلَ مُرْتَاحِ وَعَاطِفٌ وَحَظيٌّ والمؤْمَل واللِّـ ... لَطِيمُ والفِسْكِلُ السُّكَيْتُ يا صاح

_ 1 انظر ص "307".

قال الجوهري: السكيت مثل الكميت "وقد تشدد" وقال الأزهري: السُكَيْتُ: هو الفسكل والفِسكُول والْمُفَسْكَلُ، يقال: فُسْكِلَ، أي: أخر، قال الجوهري: وهو القاشور. قوله: "إذا تماثلت الأَعْنَاقُ" الأعناق: جمع عنق "بضم العين والنون وقد تسكن النون" وتذكر وتؤنث كله عن الجوهري. قوله: "أن يَجْنَبَ" قال ابن سيده: جنب الفرس والبعير بجنبه جنبًا فهو مجنوب وجنيب. قوله: "لا جَلَبَ ولا جَنَبَ" قال أبو السَّعادات: الجلب "يعني بفتح اللام" في الزكاة، بأن ينزل1 المصدق موضعًا، ويجلب الأموال إليه، ليأخذ صدقتها، ويكون في السياق بالزجر للفرس والصياح عليه، حثًّا على الجري. والجَنَبُ: بالتحريك في السابق، أن يجنب فرسًا إلى فرسه، فإذا فتر المركوب، تحول إلى المجنوب، وفي الزكاة أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، ثم يأمر بالأموال أن تجنب إليه، وقيل: أن يجنب رب المال بماله: أي: يبعده لحتاج العامل إلى الإبعاد في طلبه واتباعه، هذا معنى ما ذكره مفرقًا. قوله: "في المناضَلَة" هي: مفاعلة من النَّضْلِ: "وهو"2 السَّبْق: يقال: ناضله نضالًا ومناضلة، وقد تقدم في أول الباب. قوله: "عددِ الرِّشْقِ" الرشق: "بفتح الراء": الرمي نفسه، والرِّشْقُ: "بالكسر": الوجه من السهام ما بين العشرين إلى الثلاثين،

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "يترك" والمصدق: هو الذي يأخذ صدقات النَّعَمِ. 2 ما بين قوسين زيادة يقتضيها السياق.

يرمي بها رجل واحد وهذا معنى ما ذكره الأزهري، وقال أبو عبد الله السامري1: وليس للرشق عدد معلوم عند الفقهاء، بل أي عدد إتفقا عليه. وعدد الإصابة أن يقال: الرشق عشرون، والإصابة خمسة، أو نحو ذلك. قوله: "هل هو مفاضَلَةٌ" وقد فسرها رحمه الله. وقال في "المغني" وتسمى: مفاضَلَةً ومُخَالَطَةً2، وقال أبو الخطاب: لابد من معرفة الرمي هل هو مبادرة، أو مخالطة، أو مفاضلة، فجعل المخالطة غير المفاضلة. قوله: "فإنْ قَالَا خَواصِلُ فالإِصَابَةُ: سَبْعَةُ أَنْواع" ذكر المصنف هنا منها أربعة: أولها: الخَوَاصِل "بالخاء المعجمة والصاد المهملة" قال الأزهري: الخاصل الذي أصاب القرطاس، وقد خصله: إذا أصابه. وخصلت مناضلي أخصله خصلًا: إذا نضلته وسبقته. الثاني: الْخَوَاسِق "بالخاء المعجمة والسين المهملة" وقد فسره رحمه الله، قال الأزهري والجوهري: الخازق "بالخاء والزاء المعجمتين": والمقرطس بمعنى الخاسق. والثالث: الْخَوَارِقُ: "بالخاء المعجمة والراء" وقد فسره بأنه: ما خرق الغرض، ولم يثبت فيه، ورأيته مضبوطًا في نسخة المصنف

_ 1 هو محمد بن عبد الله بن الحسين السامري، المعروف بن سنينة. وقد مر ذكره والتعريف به وبكتابه "المستوعب" في الفقه. وانظر "المنهج الأحمد": "4/ 136-137". 2 "مخالطة" كذا في "ش" وفي "ط" "مُخَاطَة".

رحمه الله بـ "المقنع"1 و "خوازِق" "بالزاي" ولا أراه يستقيم؛ لأنه قد تقدم النقل عن الأزهري والجوهري أن الخازق بالزاي: لغة في الخاسق، فهما شيء واحد، وقد فسر الخوازق بغير ما فسر به الخواسق فتعين أن يكون بالراء، لئلا يلزم الاشتراك، أو المجاز، وكلاهما على خلاف الأصل. والأصل في الألفاظ التباين، ولعل ضبطه بالزاي من غير المصنف والله أعلم. الرابع: الخواصِرُ "بالخاء المعجمة والصاد والراء المهملتين" وقد فسرها رحمه الله. قال السامري: ومنه الخاصرة؛ لأنها من جانبي الرجل. الخامس: الْمَوَارِقُ: وهو ما خرق الغرض ونفذ منه. ذكره المصنف في "المصنف" و "الكافي" وذكر الأزهري أنه يقال له: الصادر. السادس: الخوارِمُ: وهو ما خرم جانب الغرض. ذكره في "المغني". السابع: الْحَوَابي: وهو ما وقع بين يدي الغرض ثم وثب إليه، ومنه يقال: حبا الصبي، هكذا ذكره في "المغني" وليست الخوارم والموارق من شرط صحة المناضلة كذا ذكر السامري. قوله: "مَعْرِفَةُ قَدْرِ الغَرَضِ وطولِه" الغرض: هو الشيء الذي ينصب ليرمي. قال الجوهري: الغرض الهدف الذي يرمى فيه، وقال الأزهري: الهدف ما وضع وبني من الأرض، والغرض: ما نصب في الهواء. وقال السامري: الغرض: هو الذي ينصب في الهدف، والصواب حذف الواو من "وَطولِه"، كما ذكر في "الكافي"، وقال

_ 1 انظر "المقنع" ص "213" بتحقيقنا.

صاحب "المحرر": ولا بد من معرفة الغرض، صفة وقدرًا؛ لأن قدر الغرض: طوله وعرضه وسمكه. قوله: "مَنْ لَهُ مزيةٌ" الْمَزِيَّةُ: الفَضِيْلَةُ، يقال: له عليه مَزِيَّةٌ، والجمع: مَزَايا، عن الجوهري.

كتاب العارية

كتاب العارِيّة الْعَارِيَّةُ: "مشددة الياء على المشهور" وحكى الخطابي وغيره تخفيفها، وجمعها: عواري "بالتشديد والتخفيف" قال ابن فارس: ويقال لها: العارة أيضا. قال الشاعر: "من الطويل" فأخلف وأتلف إنما المال عارةٌ ... وكله مع الدهر الذي هو آكله1 قال الأزهري: هي مأخوذة من عَارَ الشيء يَعِيرُ: إذا ذهب وجاء، ومنه قيل للغلام الخفيف: عيار، وهي منسوبة إلى العارة، بمعنى: الإعارة، وقال الجوهري: هي منسوبة إلى العار؛ لأن طلبها عار وعيب، وقيل: هي مشتقة من التعاور، من قولهم: اعتوروا الشيء، وتعاوروه، وتعوروه: إذا تداولوه بينهم، قال المصنف رحمه الله في "المغني" عاره العين، وأعاره. وهي في الشرع: إباحة الانتفاع بعين من أعيان المال، وقال السامري: هي إباحة منافع أعيان يصح الانتفاع بها مع بقاء عينها، وقيل: هي هبة منفعة العين. قوله: "إلا منافِعَ البُضعِ" "البضع بضم الباء" فرج المرأة. والنكاح أيضا، والبضع2 "بالكسر والفتح عن غير واحد" ما بين الثلاثة

_ 1 أنشده في "التاج - عور" ونسبه لابن مقبل وقال هو في "ديوان ابن مقبل" صفحة: "243" والصحاح واللسان والعباب. 2 في المُغْرِبِ: والبِضْعُ "بالكسر ما بين الثلاثة إلى العشرة وعن قتادة إلى التسع والسبع. وفي القاموس: وما بين الثلاث إلى التسع أو إلى الخمس أو ما بين الواحد إلى الأربعة أو من أربع إلى تسع أو سبع أو هو سبع، والمشهور أنه ما بين الثلاث إلى التسع.

والعشرة، وقيل غير ذلك وليس هذا موضعه. قوله: "في لُجَّةِ البَحْرِ" اللُّجَةُ: "بضم اللام" من البحر حيث لا يدرك قعره. قوله: "ولم يَذْكُر أَصْحَابُنَا علَيْه أَجْرَةً" يجوز نصب أجرة على أنه مفعول يذكر، أو على معنى لم يوجبوا عليه أجرة، ويجوز رفع أجرة؛ لأن "يذكروا" بمعنى "يقولوا"1 فتكون الجملة محكية. قوله: "وإن حَمَلَ غَرْسَ رَجل" الضمير في "حَمَلَ" للسيل2. قوله: "فهل يكونُ كَغَرْسِ الشَّفِعِ" المراد بالشفيع: المشتري للشقص؛ لأن الغرس له حقيقة، وهو للشفيع مجازًا؛ لأن له أن يأخذه بالقيمة. قوله: "كَخَملِ المنشفَة" الخمل، "بسكون الميم": ما يعلوا الثوب من الزئبر، شبيه بخمل الطنافس، والمنشفة "بكسر الميم". قوله: "إلى إصْطَبْل الْمَالِكِ" إصطبل "بكسر الهمزة: وهي همزة قطع أصلية وسائر حروفها أصلية: وهو بيت الخيل ونحوها. قال أبو عمرو: وليس من كلام العرب. قوله: "كالسَّائِسِ" السائس: اسم فاعل من ساس يسوس فهو

_ 1 وتعرب أجرة: مبتدأ مؤخر مرفوع، وعليه: جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم مرفوع تقديره: كائنة والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب مفعول به مقول القول. 2 كذا في "ط" وفي "ش": "السَّيْلُ" ومعناهما يعود على السيل وتقدير الجملة: وإن حمل السَّيْلُ غَرْسَ رجلٍ، وفي "ط": غرس غيره.

سَائِسٌ، إذا أحسن النظر، وقال ابن القطاع: ساس الراكب الدابة، أحسن رياضتها وأدبها ثم صار في العرب: عبارة1 عن خادم الدواب وهو المراد هنا. قوله:: "أو المُدَّعَى" "بفتح العين" اسم مفعول والله أعلم.

_ 1 عبارةً: نصب على اعتبار أنه خبر صار واسمها ضمير مستتر جوازًا تقديره هو يعود على السائس أي: التقدير: صار السائس في العرف عبارة عن خادم الدَّوَابِّ.

كتاب الغصب

كتاب الغصب مدخل ... كتاب الغصب الغصب: مصدر غَصبه يَغْصِبه، بكسر الصاد، ويقال: اغتصبه أيضًا وغصبه منه، وغصبه عليه، بمعنى. والشيء غصب ومغصوب، وهو في اللغة: أخذ الشيء ظلمًا، قاله الجوهري وابن سيده وغيرهما من أهل اللغة، وقد حده المصنف رحمه الله بأنه الاستيلاء على مال الغير، فأدخل الألف واللام على غير، والمعروف في كلام العرب وعلماء اللغة، أنه لا يعرف بهما، ولم يدخل في حده غصب الكلب ولا خمر الذمي ولا المنافع ولا الحقوق والاختصاص، فلو قال: "هو" الاستيلاء على حق غيره، لصح لفظًا وعم معنى. قوله: "والعقار" تقدم تفسيره مستوفى في الحَجْرِ1. قوله: "كَُرْهًا" "بفتح الكاف وضمها"، وهو مصدر كره الشيء: أبضغه، وهو نصب على الحال مباغلة أو على حذف المضاف، أي: ذاكره. قوله: "قَدْ بَلِيَ" "بكسر اللام" يَبْلى بِلًى، وبلاء "بفتح الباء ممدودًا": أَخْلَقَ. قوله: "سَمَرَ" مُخَفَّفًا بوزن ضرب، أي: شد بها بَابًا. قوله: "حتى تُرْسَِيْ" "بضم التاء مع فتح السين وكسرها" وترسي "بفتح التاء وكسر السين" وذلك أنه يقال: رَسَتِ السفينة، وأَرْسَتْ،

_ 1 انظر ص "306".

وأَرْسَاها غيرُها، قال الله تعالى: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} 1. قوله: "كالسِّمَنِ" السمن، "بكسر السين وفتح الميم": مصدر سَمِنَ وسَمُنَ ضد هزُل، ومصدره المقيس "بفتح السين والميم معًا" إلا أني لم أره منقولًا. قوله: "فلو غَضَبَ جارِحًا" الجارح: أحد الجوارح. قال الجوهري: الجوارح من السباع والطير: ذوات الصيد. قوله: "أو شَبَكَةً أَوْ شَرَكًا" الشبكة معروفة، وجمعها شباك، وأصلها من الشبك: الخلط. والشَّرَكَ: "بفتح الشين والراء": حبالة الصائد، الواحدة شركة كله عن الجوهري. قوله: "أو بيضًا فصار فرخًا" قال الجوهري: الفرخ: ولد الطائر، والأنثى فرخة، وجمع القلة أفرخ وأفراخ2، والكثير فراخ، وكان الأصل هنا، أن يقول: فصار فرخًا؛ لأن البيض جمع وخبر المجموع مجموع. قوله: "أو نَوى فَصَار غَرْسًا" هو كالذي قبله صورة، لكن غرسا مصدر بمعنى المغروس والمصدر إذا أخبر به لا يثنى ولا يجمع. قوله: "فَهُزِل" هزل "بضم الهاء": أصابه هزال، أي: عجف يقال: هزلت الدابة فهزلت هزالًا، وأهزلتها، ويقال: هزلت "بفتح

_ 1 سورة النازعات: الآية "32". 2 قال الحطيئة متعذرًا إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من البسيط" ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر الأفراخ جمع فرخ كني بها عن أولاده، وذو مرخ: واد بين فداك والوابشية، وقيل غير ذلك. انظر "ديوان الحطيئة" صفحة: "191".

الهاء وكسر الهاء" حكاها ابن القطاع. قوله: "هَدْرٌ" "بفتح الدال وسكونها" أي: باطلة. قوله: "صِبْغًا" الصبْغُ: "بكسر الصاد" ما يصبغ به، "وبفتحها" مصدر صَبَغَ يَصْبُغُ يَصْبَغُ ويَصْبِغُ. قوله: "فَلَتَّهَ بِزَيْتٍ" أي: خلطه به، وعجنه. قوله: "فَضَمَّنَهُما" الضمير للمشتري والمتهب. قوله: "مُسْتَحَقَّةً" "بفتح الحاء" اسم مفعول. تقول: استحق فلان العين فهي مستحقة1 إذا ثبت أنها حقه. قوله: "وإن أَطْعَمَهُ لِمَالِكِهِ" كذا بخط المصنف، والأصل أن يقال: أطعمه مالكه، ووجهه أن تكون اللام زائدة، كزيادتها في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} 2 أي: رَدِفَكُمْ. قوله: "وإن رهَنَهُ عِنْدَ مالِكِهِ" الأصل أن يقال: رهنه مالكه، ووجهه أنه ضمن "رهن" معنى "جعل" فكأنه قال: جعله رهنًا. قوله: "وإنْ أَعْوَزَ المِثْلُ" بالرفع: أي تعذر، يقال: أعوزني كذا: إذا تعذر علي. قوله: "يوم الْقَبْض" على قول القاضي، أي: يوم قبض المغصوب منه، القيمة من الغاصب. قوله: "أو تِبْرًا" التبر "بكسر التاء المثناة فوق": الذهب غير المضروب3، قال الجوهري: وبعضهم يقوله للفضة.

_ 1 ما بين الرقمين زيادة من "ط". 2 سورة النمل: الآية "72" وانظر "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة صفحة: "326". 3 أي الذي لم يعمل نقودًا.

قوله: "وتَصَرُّفَاتُ الغاصِبِ الحُكْميَّةُ" الحكمية بالرفع: صفة لـ "تَصَرُّفَاتِ". والحكمية: ما كان لها حكم من الصحة والفساد. فالصحيح من العبادات: ما أجزأ، وأسقط القضاء، "والفاسد: ما ليس كذلك"1، ومن العقود كل ما كان سببًا لحكم إذا أفاد حكمه المقصود فيه فهو صحيح، وإلا فهو باطل، فالباطل: الذي لم يثمر، والصحيح الذي أثمر، والفاسد عندنا: مرادف للباطل، فهما اسمان لمسمى واحد. قوله: "مالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ" قيده بالمال، احترازًا من غيره، كالكلب والسرجين النجس. و"بالإِحْتِرَامِ" احترازًا من مال الحربي، وخمر الذمي، وآلة اللهو، و"لغيره" احترازًا من مال نفسه. قوله: "أو وِكاء" الوكاء: "بكسر الواو ممدودًا": ما يشد به رأس القربة ونحوها. قوله: "زِق" الزِّقُّ "بكسر الزاي": السقاء ونحوه من الظروف. قوله: "عَقُورًا" هو مبالغة في عاقر اسم فاعل عقر. قال أبو السعادات: والعقور: كل سبع يعقر، أي: يجرح ويقتل ويفترس. قوله: "وإن أَجَّجَ" أي: اضرم وألهب. قوله: "في فِنَائِهِ" "بكسر الفاء ممدودًا" قال الجوهري: هو ما امتد من جوانب الدار. قوله: "وإن حفرها في سَابِلَةٍ" قال ابن عباد في كتابه "المحيط": السبيل: الطريق يذكر ويؤنث والجمع: السبل، والسابلة: المختلفة في الطرقات، وجمعها: سوابل.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "والفاسد ما ليس كذلك من العقود كلها، فما كان سبباً لحكم -إذا أفاد حكمه المقصود منه- فهو صحيح وإلا فهو باطل".

قوله: "أو عَلَّقَ فِيهِ قِنْدِيلًا" "هو بكسر القاف" معروف. قوله: "فَعَثَرَ بِهِ" "بفتح الثاء" على المشهور، "وبضمها" عن المطرز، "وبكسرها" عن اللحياني1، ومضارعه مثلث أيضًا، حكى اللغات الست، اللبلي2 في شرحه ومعناه: كَبَا. قوله: "جناحًا" تقدم في الصلح3. قوله: "أو ميزابًا" المزاب: معروف، وفيه أربع لغات: مئزاب بالهمز وتركه، ومزراب "بتقديم الراء" ومزراب "بتقديم الزاي" حكاهن شيخنا أبو عبد الله بن مالك في كتابه المسمى بـ "النظم الأوجز فيما يهمز وما لا يهمز". قوله: "وأَوْمَأَ مَهْمُوزًا" يقال: ومى إليه وأومى. قوله: "صال" تقدم في محظورات الإحرام4. قوله: "اصْطَدَمَتْ" افتعلت من الصدم، وتاء الافتعال تقلب طاء بعد حروف الإطباق الأربعة: ص، ض، ط، ظ،5.

_ 1 هو علي بن المبارك -وقيل ابن حازم- أبو الحسن اللحياني بن بني لحيان بن هذيل بن مدركة، وقد مر التعريف به وبـ"نوادره". 2 هو أحمد بن يوسف بن علي بن يوسف الفهري اللبلي، النحوي اللغوي المقرئ أحد مشاهير أصحاب الشلوبين أخذ عنه وعن الدباج والبطليوسي والأعلم وسمع الحديث من ابن خروف وجماعة بمصر ودمشق والمغرب، وصنف شرحين على الفصيح، البغية في اللغة مستقبلات الأفعال، وله كتاب في التصريف ضاهي به "الممتع"، وفاته سنة: "691" هـ بتونس. انظر ترجمته في "بغية الوعاة": "1/ 402-403". 3 وهذه الفقرة بتمامها لم ترد في "ط". 4 وهذه الفقرة بتمامها لم ترد في "ط". 5 انظر "المفصل في اللغة" للزمخشري صفحة: "428-443" بعنوان: ومن أصناف المشترك إبدال الحروف.

قوله: "ضمان المصعدة" أي: المرتقية. يقال: صعد المكان: رَقِيَهُ "بكسر العين" وأصعد، أي: ارتقى، عن ابن سيده، فعلى هذا يقال: صاعدة. قوله: "مِزْمَارًا أو طُنْبُورًا" المزمار: معروف. ويقال فيه: مزمور "بضم الميم" وهو: أحد ما جاء على مفعول، وهي: سبعة ألفاظ وما عداها بالفتح1. والطنبور "بضم الطاء": فارسي معرب. والطنبار: لغة فيه، بوزن سنجار. ويقال فيه: طَبْنٌ، وظُبْن2 "بضم الطاء والظاء" حكاهما شيخنا -رحمه الله- في كتابه المسمي بـ "وفاق الاستعمال".

_ 1 في "التاج- زمر": قال ابن الأثير: المزمور بفتح الميم وضمها والمزمار سواء وهو الآلة التي يرمز بها. 2 ظُبْنٌ كذا في "ش" وفي "ط": ضُبْنٌ "بالضاد المعجمة".

باب الشفعة

باب الشّفعة قال صاحب "المطالع": الشفعة مأخوذة من الزيادة؛ لأنه يضم ما شفع فيه إلى نصيبه، هذا قول ثعلب. كأنه كان وترًا فصار شفعًا، والشفيع: فعيل بمعنى فاعل. وقال في "المغني" هي: استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت إليه، وهو أعلم مما في "المقنع" فَلْيُتَأَمَّلْ. قوله: "حِصَّة شَرِيكِهِ" الحصة: النصيب، وجمعه: حصص، وأحصصت القوم: أعطيتهم حصصهم. قوله: "أن يكون شِقْصًا" الشقص "بكسر الشين" قال أهل اللغة: هو القطعة من الأرض والطائفة من الشيء، والشقيص: الشريك. قوله: "مشاعًا" تقدم في الرهن.

قوله: "المُحَدّد" كذا بخط المصنف -رحمه الله، أي: المجعول له حدود، يقال: حددت الدار أحدها فهي محدودة، وفي التكثير: حددتها فهي محدودة. قوله: "كالْحَمَّامِ" الحمام: البيت المعروف، وهو مذكر عن شيخنا أبي عبد الله بن مالك قال: وأما البيت المشهور على ألسنة العامة: "إن حمامنا التي نحن فيها"1. قوله: "والعِرَاص" العراص: جمع عرصة "بفتح أوله وإسكان ثانيه" وجمعها عراص وعرصات بفتح الراء، وهي: كل موضع لا بناء فيه. قوله: "وإنْ َدَّل في الْبَيْعِ" يقال: دللتك على الشيء دلالة ودلالة: "بفتح الدال وكسرها" ودلولًا ودلولةً "بضمها فيهما": إذا أرشدتك إليه، أي: أرشد المشتري إليه، فكان سمسارًا بينهما، ويسمى الدلال. قوله: "نَكَلَ" تقدم في الخيار في البيع. قوله: "من يقبل خبره" هو الاثنان المقبول خبرهما، وفي الواحد وجهان2. "عَرَضًا تقدم في زكاة العروض3.

_ 1 كذا في "ش"، وفي "ط": "ليس من كلام العرب"، وهما بمعنى، وفي "التاج": الحمام الديماس إما؛ لأنه يعرق أو لما فيه من الماء الحار، قال ابن سيده: مشتق من الحميم مذكر.. إلى أن يقول: جمع حمامات، قال سيبويه: جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكرًا حين لم يكسر وجعلوا ذلك عوضاً عن التكسير. 2 هذه الفقرة وردت متقدمة في "ط". 3 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

باب الوديعة

باب الوديعَةِ الْودِيعَةُ: فعيلة بمعنى مفعولة، من الودع، وهو: الترك. قال ابن القطاع: ودعت الشيء ودعًا: تركته. وابن السكيت وجماعة غيره ينكرون المصدر والماضي من "يَدَعُ". وقد ثبت في "صحيح مسلم" "لينتهين أقوام عن ودعهم الجُمُعات" 1. وفي "سنن النسائي" من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتركوا الترك ما تركوكم، ودعو الحبشة ما ودعوكم" 2 فكأنها سميت وديعة، أي: متروكة عند المودع. وأودعتك الشيء: جعلته عندك وديعة، وقبلته منك وديعة، فهو من الأضداد. قوله: "حِرزًا" الحرز "بكسر الحاء": المكان الحصين. قوله: "لِغِشْيَانِ شيءٍ الغالبُ مِنْهُ التَّوى" الغِشْيَانُ: مصدر غشي الشيء غِشْيَانًا: نزل. والتوى مقصورًا: هلاك المال، يقال: توِيَ المال "بالكسر" يَتْوى تَوًى، وأتواه غيره، وهذا مال تو. قوله: "فلم يَعْلِفْها" "بفتح الياء وضمها" لغة حكاها ابن القطاع، يقال: علف الدابة، وأعلفها. قوله: "في جيْبِكَ" قال الجوهري الجيب: للقميص، تقول: جُبْتُ

_ 1 رواه مسلم رقم "865" في الجمعة: باب التغليظ في ترك الجمعة من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما. 2 رواه النسائي "6/ 44" من حديث أبي سكينة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر تمام تخريجه في "إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين" "ص" "52".

القميص أجوبه، وأجيبه إذا قورت جيبه، والمراد هنا: المجعول في القباء ونخوه شبه الوعاء، ولم أره في شيء من كتب اللغة بهذا المعنى والله أعلم.

باب إيحاء الموات

بابُ إيحاءِ المَوَاتِ الْمَوَاتُ، والميتة، والموتان "بفتح الميم والواو" وهي: الأرض الدارسة، كذا ذكره في "المغني" وقال الفراء: الموتان من الأرض: الذي لم يحي بعد1، وقال الأزهري: يقال للأرض التي ليس لها مالك، ولا بها ماء، ولا عمارة، ولا ينتفع بها إلا أن يجرى إليها ماء أو استنبط2 فيها عين، أو يحفر بئر: موات، وميتة، وموتان "بفتح الميم والواو". وقوله: "الداثرة" أي: الدارسة. والدثور: الدروس، ومنه دثر الرسم. قوله: "أَرْضًا مَيْتَةً" يقال: ميتة وميت بالتخفيف والتشديد فيهما، أنشد الجوهري مستشهدًا على اللغتين: "من الخفيف" ليس من مات فاستراح بِمَيْتٍ ... إنما الْمَيْتُ مَيِّتُ الأحياء3

_ 1 "الذي لم يُحْيَ بعد": كذا في "ش" ويكون الاسم الموصول "الذي" صفة لموتان وهو مذكر. وفي "ط": "التي لم تحي بعد" ويكون الاسم الموصول "التي" صفة للأرض وكلاهما مقبول والفعل "يحي وتحي" مضارع مبني للمجهول فيهما مجزوم بـ "لم" وعلامة جومه حذف حرف العلة من آخره. 2 استنبط: كذا في "ش" و "ط" بتذكير الفعل وهو جائز؛ لأن الفاعل "عين" مؤنث مجازي وفصل بينه وبين الفعل فاصل. 3 البيت في "التاج - موت" وقد نسبه إلى عدي بن الرعلاء وجاء بعده بيتان وأفاد في الهامش أنه في الصحاح واللسان أيضًا.

قوله: "والجِصُّ" تقدم في باب التيمم1. قوله: "بئرًا عَادِيَّةً" العادية "بتشديد الياء": القديمة منسوبة إلى عاد، ولم ترد عاد بعينها، لكن لما كانت في الزمن الأول، وكانت لها آبار في الأرض، نسب إليها كل قديم في الأرض كذا ذكره في "المغني". قوله: "حريمها قَدَرُ مَدِّ رِشَائها" حريم البئر وغيرها: ما حولها من مرافقها وحقوقها. والرشاء "بكسر الراء ممدودًا": الحبل، والجمع: أرشية، كله عن الجوهري. قوله: "تَحَجَّرَ مَوَاتًا" أي: شرع في إحيائه مثل أن أدار حول الأرض ترابًا، أو أحجارًا، أو أحاطها بحائط صغير، كذا ذكره في "المغني". قوله: "إقْطَاع" الإقطاع مصدر أقطعه: إذا ملكه، أو أذن له في التصرف في الشيء. قال أبو السَّعَادات: والإقطاع يكون تمليكاً وغير تمليك. قوله: "وَرِحَابِ المَسْجِدِ" الرحاب جمع: رحبة بالتحريك، والجمع: رحب وَرَحَاب2، ورَحَبَات، وَرِحَاب، وهي ساحَتُهُ عن الجوهري، وتسكين الرحبة لغة. قوله: "قُمَاش" القماش "بضم القاف": متاع البيت. عن الجوهري. قوله: "أَنْ يَحْمِيَ" "بفتح الياء وضمها" أي: "أَنْ"3 يمنع، يقال: حميت المكان، وأحميته لغة، ذكرها شيخنا في "فَعَلَ وأَفَعَلَ".

_ 1 انظر ص "50". 2 و "رَحَابٌ": سقط من "ط". 3 زيادة يقتضيها السياق.

باب الجعالة

بَابُ الْجَعَالَةِ الْجَعَالَةُ "بفتح الجيم وكسرها وضمها": ما يجعل على العمل، ذكره شيخنا في "مثلثه" قال: ويقال: جعلت له جعلًا، وأجعلت: أوجبت. وقال ابن فارس في "المُجْمَلِ": الجعل والجعالة، والجعيلة: ما يعطاه الإنسان على الأمر يفعله. قوله: "فإنَّ لَهُ بالشَّرْعِ" الشرع: مصدر شرع يشرع شرعاً، أيْ: سن، وقال أبو السعادات: الشرع والشريعة: ما شرع الله لعباده من الدين. فمعنى بالشرع: أن يشرع الشارع، لأجل الحديث الوارد في ذلك، وهو مرسل1، وفيه مقال، وكذلك في المسألة رواية أخرى "لا جُعْلَ لَه" وصححها في "المغني". قوله: "المِصْر" تقدم في آخر باب التيمم2.

_ 1 المرسل: المرسل لغة: المطلق، واصطلاحًا ما حذف آخر سنده كالصحابي أو التابعي انظر: "رسوم التحديث في علوم الحديث" للجعبري صفحة: "27" بعناية: "ياسين محمود الخطيب"، طبع دار البشائر بدمشق. 2 انظر ص "51".

باب اللقطة

باب اللُّقَطَةِ اللقطة: اسم لما يلقط، وفيها أربع لغات، نظمها شيخنا أبو عبد الله بن مالك قال: "من الرجز" لُقَاطةٌ ولُقْطَةٌ ولُقَطَهْ ... وَلَقَطٌ ما لاقِطٌ قَدْ لَقَطَهْ فالثلاث الأول بضم اللام، والرابعة بفتح اللام والقاف، وروي عن الخليل، واللقطة "بضم اللام وفتح القاف": الكثير الالتقاط، وبسكون

القاف: ما يلتقط، وقال أبو منصور: وهو قياس اللغة؛ لأن فعلة "بفتح العين" أكثر ما جاء فاعل، وبسكونها مفعول كَضُحَكَةٍ للكثير الضحك، وضحكة لمن يضحك منه. قوله: "كالسَّوْطِ والشِّسْعِ" الشواط: الذي يضرب به معروف. والشسع: "بكسر الشين المعجمة بعدها سين مهملة": قال أبو السعادات: الشسع: أحد سيور النعل، وهو الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في طرف1 النعل المشدود في الزمام. والزمام: السير الذي يعقد فيه الشسع. قوله: "الضَّوَال" جمع ضالة، قال الجوهري: لا يقع إلا على الحيوان، فأما الأمتعة، فيقال لها: "لُقَطَةٌ" ويقال للضوال: الهوامي، والهوافي، والهوامل، وقد همت، وهفت، وهملت: إذا ضلت، فمرت على وجوهها بلا راع، وسائقٍ. قوله: "من صِغَارِ السِّبَاعِ" صغار السباع، كالذئب، ونحوه. قوله: "والظِّباء": الظباء: جمع ظبي، والأنثى ظبية، بالهاء، وجمع الظبي في القلة: أَظْبٍ كَدَلْوٍ، وأدل، وجمعه في الكثرة: ظباء، وظبي، ووزنه فُعُولٌ كفلوس. قوله: "والفُصْلَانِ والعَجَاجِيْلِ والأَفْلَاءِ" الفصلان "بضم الفاء" جمع فصيل، وهو: ولد الناقة إذا فصل عن أمه، ويجمع على فصال، ككريم وكرام. والعجاجيل: قال الجوهري: العجل: ولد البقرة، والعِجَّوْل مثله، والجمع العجاجيل وقال شيخنا في "مثلثه": العجل: ولد البقرة حين

_ 1 في طرف: كذا في "ش" وفي "ط": "في صدر".

يوضع، ثم هو بَرْعُزٌ1، ثم فرقد. والأفلاء: قال الجوهري: الفَلُوُّ "بتشديد الواو: المهر، والأنثى فلوة كما قالوا: غدوة والجمع: أفلاء: كعدوٍّ وأعداءٍ، وفلاوى بوزن خطَايَا. "وقال"2 أبو زيد: فلو إذا فتحت الفاء، شددت، وإذا كسرت خففت، فقلت فلو كجرو. قوله: "بِمَضْيِعَةٍ" قال أبو السعادات: المضيعة "بكسر الضاد" مَفْعَلَةٌ من الضياع: الإطراح والهوان، كأن فيه ضائعًا، فلما كانت عين الكلمة ياء مكسورة، نقلت حركتها إلى الضاد، فصارت مضيعة3 بوزن معيشة، وقيل: مضيعة بوزن مسبعة، حكاها القاضي عياض رحمه الله. قوله: "وِعاءَها وَوِكَاءَها" بكسر أولهما ممدودين، فالوعاء: ما يجعل فيه المتاع، يقال: أوعيت المتاع: إذا جعلته فيه، والوكاء: الخيط الذي تشد به الصرة والكيس ونحوهما. قوله: "عند وجدانها" الوجدان: "بكسر الواو": مصدر وجد. يقال: وجد مطلوبة يجده، ويجده. "بضم الجيم" لغة عامية، ولا نظير له في باب المثال، وجدًا وجدة ووجودًا ووجدانًا وإدانًا4 "بالكسر فيهما". قوله: "والإشهادُ عَلَيها" بالرفع ولا يجوز جره. قوله: "مهايأة" تقدم في الاعتكاف5.

_ 1 "في القاموس - برز": الْبَرْغَزُ بالغين المعجمة كجعفر وقتفذ وعصفور وطربال: ولد البقرة، أو إذا مشى مع أمه وهي بهاء. 2 زيادة من "ط". 3 "مَصِيعَةً": زيادة من "ط" أيضًا. 4 "وإجدانًا": سقطت هذه الكلمة من "ط"، وقوله فيهما يريد: وجدانًا وإجدانًا. 5 انظر ص "194".

باب اللقيط

باب اللَّقيط وهو فَعِيلٌ بمعنى مفعول كجريح، وقتيل، وطريح، قال أبو السعادات: اللقيط: الذي يوجد مرميًّا في الطريق، ولا يعرف أبوه، ولا أمه، فعيل بمعنى مفعول، والمنبوذ، أي: المرمي على الطريق، والنبذ: الطرح. قوله: "البادية" يأتي تفسيرها في حد الزنا. قوله: "مُقيم في حِلَّةٍ" الحلة "بكسر الحاء المهملة": بيوت مجتمعة، ذكره شيخنا في "مثلثه". وقال ابن فارس: الحي: النزول، وقال أبو السعادات: القوم المقيمون المتجاورون. قوله: "على القافَةِ" القافة "بتخفيف الفاء" جمع قائف، عن الجوهري وغيره، قال القاضي عياض: هو الذي يتبع الأشباه والآثار ويقفوها، أي: يبتعها، فكأنه مقلوب من القافي، وهو المتبع للشيء، قال الأصمعي: هو الذي يقوف1 الأثر، ويقتافه، وقال المصنف رحمه الله في "المغني": القافة: قوم يعرفون الأنساب بالشبه، ولا يختص ذلك بقبيلة معينة، بل من عرفت منه المعرفة بذلك، وتكررت منه الإصابة، فهو قائف، وقيل: أكثر ما يكون هذا في بني مدلج، وكان إياس بن معاوية قائفًا، وكذلك شريح. وظاهر كلام أحمد رحمه الله: أنه لا يقبل إلا قول اثنين، وقال القاضي: يقبل قول واحد، والله أعلم.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "يقفو" وهما بمعنى تبع الأثر، في "المصباح": قاف الرجل الأثر قوفًا من باب قتل تبعه، واقتافه كذلك فهو قائف والجمع قافة مثل كافر وكفرة.

كتاب الوقف

كتاب الوقف الوَقْفُ مصدر وقف، يقال: وقف الشيء وأوقفه، وحبسه وأحبسه وحبسه، وسبله، كله بمعنى واحد، وهو مما اختص به المسلمون. قال الشافعي رحمه الله: لم يحبس أهل الجاهلية فيما علمته، إنما حبس أهل الإسلام، وسمي وقفاً؛ لأن العين موقوفة، وحبسًا؛ لأن العين محبوسة. وحد المصنف رحمه الله لم يجمع شروط الوقف، وحده غيره فقال: تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه، يقطع تصرف الواقف وغيره في رقبته، يصرف ريعه إلى جهة بر تقربًا إلى الله تعالى. قوله: "أو سِقَايَةً" السقاية "بكسر السين": الموضع الذي يتخذ فيه الشراب في المواسم، وغيرها، عن ابن عباد والمراد هنا بالسقاية: البيت المبنى لقضاء حاجة الإنسان فلعله سمي بذلك تشبيهًا بذلك، ولم أره منصوصًا عليه في شيء من كتب اللغة والغريب، إلا بمعنى موضع الشراب، وبمعنى الصواع. قوله: "أو يَقْرُنُ"أي: يجمع "ويَضُمُّ"1 "والمشهور ضم الراء" وقد حكي كسرها. قوله: "والرَّيَاحِين" جمع ريحان "بفتح الرَّاء". قال أبو السعادات: هو كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم.

_ 1 زيادة من "ط".

قوله: "والقناطِرِ" تقدم في الفيء. قوله: "وكِتَابَة التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيل" التوراة: الكتاب الذي أنزله الله تعالى على موسى عليه السلام. وقال العُزيزيُّ في: "تفسير غريب القرآن": التوراة: معناها: الضياء والنور، وقال البصريون: أصلها وَوْرَيَةٌ فَوْعَلَةٌ من ورى الزند ووري لغتان: إذا خرجت ناره، لكن قلبت الواو الأولى تاء، كما قلبت "في "يولج" وأصله "وَوْلَجُ" من ولج أي: دخل، والياء قلبت1 ألفا لتحركها وانفتاج ما قبلها. وقال الكوفيون: توراة أصلها "تَوْرَيَةٌ" على تفعلة ويجوز أن يكون تورية على "تَفْعِلَةُ" فنقل من الكسر إلى الفتح، كقولهم: جارية وجَارَاةٌ. والإنجيل: الكتاب المنزل على عيسى بن مريم عليهما السلام، وهو فعيل من النجل وهو الأصل، والإنجيل: أصل لعلوم وحكم، ويقال: هو نجلت الشيء: إذا استخرجته وأظهرته فالإنجيل مستخرج به علوم وحكم، قوله: "والْمَلَكُ" الملك "بفتح اللام": أحد الملائكة، أصله مالك مشتق من المألكة "بفتح اللام وضمها" وهي الرسالة، سمي بذلك؛ لأنه مبلغ عن الله تعالى، ثم حولت الهمزة إلى موضع اللام، ثم خففت الهمزة بحذفها والقاء حركتها على الساكن قبلها، فوزنه حينئذ "فَعَلٌ" وقد جاء على الأصل في الضرورة قال الشاعر: "من البسيط" فَلَسْتَ لإنسي ولكن لِمَأْلَكٍ ... تنزل من جو السماء يَصُوبُ فَوَزْنُ مَأْلَكِ "مَعْفَلٌ"2.

_ 1 ما بين الحاصرتين مستدرك على الهامش في "ش". 2 "مَعْفَل" كذا في "ش" وفي "ط": "مَفْعَل" وكلاهما صحيح؛ لأنه ورد فيه مَأْلَكٌ وملأك بالتقديم والتأخير بين الهمزة واللام. والبيت أنشده في "التاج في المواد: أَلَكَ وَلَأَكَ وَمَلَكَ" وهو منسوب فيه لعلقمة بن عبدة يمدح الحارث بن جبلة بن أبي شمر وهو أيضًا في اللسان والتكملة والجمهرة.

قوله: "على مَنْ لا يَجُوزُ ثم عَلى مَنْ يَجُوزُ" الأصل: على من يجوز عليه، والضمير في يجوز عائد على الوقف الدال عليه وقف؛ لأن ذكر الفعل، مشعر بالمصدر، وحذف العائد على "من"؛ لأنه مجرور بحرف جر الموصول بمثله، كقوله تعالى: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} 1 أي: منه، وقول الشاعر: "من الوافر" نصلي للذي صلت قريشٌ ... ونعبده وإن جَحَدَ العُمُومُ2 قوله: "ولم يذكر له مآلًا" المآلُ "بهمزة مفتوحة بعد الميم المفتوحة" المرجع، يقال: آل يؤول مآلًا، أي: مَرْجِعًا. قوله: "يُشْتَرى بِهِما مِثْلُهما" الضمير في بهما ومثلهما عائد إلى قيمتها وقيمة ولدها. قوله: "وفي التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ" وبقية الصور، فمثال التقديم والتأخير: يبدأ ببني هاشم، ثم ببني المطلب، ومثال الجمع والترتيب: وقفت على أولادي، ثم على أولاد أولادي، ومثال التسوية: الذكر والأنثى سواء. ومثال التفضيل: للذكر مثل حظ الانثيين. ومثال الإخراج

_ 1 سورة المؤمنون: الآية "33". 2 أي صلت إليه قريش حيث حذف العائد المجرور بحرف جر مماثل لما جر الموصول واتفاق العامل فيهما والبيت لم أقع عليه في شواهد الألفية وأنشد ابن عقيل مكانه قول عنترة بن شداد: "من الطويل" وقد كنتَ تُخْفِي حُبَّ سَمْرَاءَ حِقْبَةً ... فبح لَانَ منها بالذي أنت بائحُ أي: بالذي أنت بائح به فحذف العائد المجرور؛ ولأن أصلها: الآن.

بصفة: من تزوجت فلا نصيب لها، ومثال الإدخال بصفة من طلقت قسم لها. قوله: "من غَلَّتِهِ" غَلَّتُهُ: ثمرته، وكسبه، ونحوهما. قوله: "على عقِبِهِ" عقبه "بكسر القاف وسكونها" قال القاضي عياض: هو ولد الرجل الذي يأتي بعده. قوله: "أو ذُرِّيَّته" قال أبو السعادات: الذرية: اسم نسل الإنسان من ذكر وأنثى، وأصلها الهمز، لكنهم لم يستعملوه إلا غير مهموز، ويجمع على ذريات، وذراري مشددًا، وقيل: أصلها من الذر، بمعنى التفريق؛ لأن الله تعالى ذرهم في الأرض، وقيل: أصلها ذرورة بوزن فُعُولَةٍ، فلما كثر ذلك التضعيف أبدلت الراء الآخرة ياء، فصارت ذروية. ثم أدغمت الواو بعد قلبها ياء في الياء، فصارت ذرية فُعْلُولَة من ذرأ الله الخلق. قوله: "بصُلْبِي" الصلب: قال الجوهري: كل شيء من الظهر فيه فقار فهو صلب، والصلب "بفتح الصاد واللام لغة فيه" وقال أبو السعادات: الصلب: الظهر، وقال ابن عباد: الصُّلْبُ والصُِلْبُ، والصَّلَبُ والصَّالِبُ: عظم الظهر، وقال صاحب "المطالع": قوله: "الوَلَدُ للصُلب"، أي: الذي باشر ولادته. قوله: "إلا أن يكونوا قبيلَةً" قال ابن عباد: القبيلة من قبائل العرب: الثلاثة فصاعدًا وقال الجوهري: بنو أب واحد، وقال الماوردي في "الأحكام السلطانية" في الباب الثامن عشر، رتبت أنساب العرب ست مراتب جمعت طبقات أنسابهم وهي: شعب، ثم قبيلة، ثم عمارة، ثم بطن، ثم فخذ، ثم فصيلة. فالشعب: النسب الأبعد، كعدنان، سمي شعبًا؛ لأن العرب منه تَشَعَّبَتْ.

ثم القبيلَةُ وهي: ما انقسمت فيه أنساب الشعب، كريمة، سميت قبيلة، لتقابل الأنساب فيها. ثم العمارة وهي: ما انقسمت فيها أنساب القبائل، كقريش وكنانة. ثم البطن وهو: ما انقسمت فيه أنساب العمارة، كعبد مناف. ثم الفخذ وهو: ما انقسمت فيه أنساب البطن، كبني هاشم. ثم الفصيلة، وهي: ما انقسمت فيها أنساب الفخذ، كبني العباس. فالفخذ: يجمع الفصائل، والبطن: يجمع الأفخاذ، والعمارة: تجمع البطون، والقبيلة: تجمع العمائر، والشعب: يجمع القبائل، فإذا تباعدت الأنساب، صارت القبائل شعوبًا، والعمائر قبائل، آخر كلامه، وقد نظمتها في هذا البيت ليسهل حفظها: "من الكامل" الشَّعْبُ ثم قبيلةٌ فعمارةٌ ... فالبطنُ ثم الفخذُ ثم فصيلتُهْ قوله: "على قرابته" قال الجوهري: القرابة: القربى في الرحم، وهو في الأصل مصدر، تقول: بيني وبينه قرابة، وقُرْبٌ، وقُرْبى، ومَقَرَبَةٌ ومَقْرُبَةٌ، وقُرْبَةٌ بضم القاف، وهوي قريبي وذو قرابتي، والعامة تقول: هو قرابتي. آخر كلام الجوهري. وكلام المصنف هنا يحتمل حذف مضاف، تقديره: على ذوي قرابته، أو ذوي قرابة فلان، وليس هذا من كلام العامة بل من كلام العرب، والله أعلم. قوله: "ونُسَبَاؤُه" واحدهم نسيب، كقريب لفظًا ومعنى، عن الجوهري. قوله: "والعِتْرَةُ" هم العشرية: قال الجوهري: عِتْرَةُ الرَّجُلِ: ذريته ورهطه الأدنون، من مَضَى منهم ومن غَبَرَ1، قال ابن الأعرابي: عِتْرَةُ

_ 1 من مضى منهم ومن غير: عطف للتفسير؛ لأن غبر بمعنى مضى.

الرَّجُلِ: ولده، وذريته، وعقبه من صلبه. وأما العشيرة، فقال الجوهري: الْعَشِيْرَةُ: القبيلة، وقال عياض: عشيرة الإنسان: أهله الأدنون، وهم بنو أبيه. قوله: "والأَيامى والْعُزَّابُ" الأيامى: واحدهم أيم. وحكى أبو عبيد: أَيِّمَةٌ، وقال الجوهري: رجل أيم وامرأة أيم سواء تزوج الرجل أم لم يتزوج، وسواء أكانت المرأة بكرًا أو ثيبًا، وقال الحربي1: اتفق أهل اللغة على أن الأيم: يطلق على كل امرأة لا زوج لها، وقال ابن خالويه: وقال آخرون: لا تكون الأيم إلا بكرًا، والأول أصح، وقال القاضي عياض وأكثر ما يكون في النساء، ولذلك لم يقل بالهاء كطالق، ويقول في الدعاء على الرجل: ماله عام وآم، أي: بقي بغير ابن ولا زوجة2. وأما العُزَّابُ: فجمع، قياس واحده: عازب. والمعروف في اللغة: رجل عزب، وامرأة عزب، وعزبة. قال الجوهري: العزاب: الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء. والاسم: العزبة والعزوبة، وقال غير واحد من أهل اللغة: ولا يقال: أعزب، وهي لغة حكاها الإمام أبو منصور الأزهري في كتاب: "تهذيب اللغة"، عن أبي حاتم. وقد ثبت في "صحيح البخاري" عن ابن عمر رضي الله عنهما: "وكنت غلامًا شابًا عزبًا"3. وفي بعض ألفاظه "أعزب"4.

_ 1 كذا في "ش": "الحربي" وهو صاحب "غريب الحديث" وفي "ط": "الحريري". 2 في "التاج - أيم": ما له آم وعام أي: هلكت امرأته وماشيته. 3 قطعة من حديث رواه البخاري رقم "7030" من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وما بين الحاصرتين تكملة منه. 4 قطعة من حديث رواه البخاري رقم: "3783" من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

قوله: "وأما الأرامل" الأرامل: جمع أرمل، وأرملة. قال أبو عبيد: الأرمل: الرجل الذي لا امرأة له، والأرملة: المرأة التي لا زوج لها، وقال ابن السكيت: الأرامل المساكين من رجال ونساء، قال: ويقال لهم ذلك1 وإن لم يكن فيهم نساء، قال أبو السعادات: الأرامل: الذي ماتت زوجته، والأرملة: التي مات زوجها، سواءً كانا غنيين أو فقيرين. قوله: "وله مَوالٍ من فَوْقُ ومِنْ أَسْفَلُ" موال: واحدهم مولى، ذكر له صاحب "الوجوه والنظائر" عشرة معان: المحب المتابع، والسيد، والمعْتَق، والمعْتِق، وابن العم، والحليف، والشريك، واللجار، والنديم، والولي. وزاد غيره إطلاقه على الناصر، وعلى العبد، وعلى الرب، وعلى المالك، وغير ذلك. والمراد بالذي في "المقنع" المعْتِقُ والمعْتَقُ. قال أبو السَّعَادَاتِ: وتختلف مصادر هذه الأسماء: فالولاية "بالفتح" في النسب والنصرة والمعتق، والولاية "بالكسر": في الأمر والولاء في المعتق، والموالاة: من والى القوم. وفوق وأسفل مبنيان على الضم، ويجوز تنوينهما مجرورين مقصودًا بهما التنكير. قوله: "واسْتِيْعَابهم" أي: يعمهم بالعطاء، وهو: استفعال من وعب الشيء، ويقال: أَوْعَبَهُ: إذا أخذه كله. قوله: "فَيُبَاعُ" هو: مرفوع لا يجوز نصبه. قوله: "الْحَبِيْسُ" هو فعيل بمعنى: مفعول، يقال: حبس الفرس،

_ 1 ذلك: زيادة من "ط".

وأحبسها، وحبسها مثقلا، واحتبسها فهو محتبس، وحبيس، وحبس "بضم الحاء". قوله: "بعض آلتهِ" قال ابن سيده في "محكمه" الآلة: الشدة، والآلة: ما عملت به من الأداة، تكون واحدًا وجمعًا، وقيل: هو جمع لا واحد له من لفظه، ذكره فيما عينه واو، والمراد هنا بالآلة: ما كان من خشب أو أحجار، أو آجر، ونحو ذلك، مما يستغنى عنه، ولعها سميت بذلك لكونها أدوات يبنى بها.

كتاب الهبة والعطية

كتاب 1 الهبة والعطية قال أهل اللغة: يقال: وهبت له شيئًا وهبًا، ووهبًا "باسكان الهاء وفتحها" وهبة. والاسم: الموهب، والموهبة "بكسر الهاء فيهما" والاتهاب: قبول الهبة: والاستيهاب: سؤال الهبة، وتواهب القوم: وهب بعضهم بعضًا، ووهبته كذا، لغة قليلة، قال الإمام أبو زكريا يحيى النووي رحمه الله فيما أجاز لنا روايته عنه: الهبة والهدية، وصدقة التطوع: أنواع من البر متقاربة، يجمعها تمليك عين بلا عوض، فإن تمحص فيها طلب التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بإعطاء محتاج، فهي صدقة، وإن حملت إلى مكان المهدى إليه، إعظامًا له، وإكرامًا وتوددًا فهي هدية، وإلا فهبة2. وأما الْعَطِيَّةُ، فقال الجوهري: الشيء المعطى، والجمع: العطايا، والعطية هنا: الهبة في مرض الموت، فذكر الهبة في الصحة والمرض، وأحكامها. قوله: "وإن شَرَطَ ثَوَابًا" الثواب: العوض، وأصله: من ثاب: إذا رجع، فكأن المثيب يرجع إلى المثاب مثل ما دفع3. قوله: "وَهَبْتُكَ" حقه أن يقول: وهبت لك، لكنه على اللغة القليلة المتقدم ذكرها.

_ 1 كذا في "ط". وفي "ش": "باب". 2 انظر "تحرير التنبيه" صفحة: "262-263" ويلاحظ أنه ينقل عنه نقلًا تامًا. 3 انظر "تحرير التنبيه" صفحة: "264".

قوله: "إلا في العُمْرى" العمرى "بضم العين": نوع من الهبة، مأخوذة من العمر، قال أبو السعادات يقال: أغمرته الدار عمري، أي: جعلتها له يسكنها مدة عمره، فإذا مات عادت إلي، كذا كانوا يفعلونه في الجاهلية، فأبطل ذلك الشارع صلى الله عليه وسلم وأعلمهم أن من أعمر شيئًا، أو أرقبه في حياته، فهو لورثته من بعده. قوله: "أو أَرْقَبْتُكَها" قال ابن القطاع: أرقبتك: أعطيتك الرقبى، وهي هبة ترجع إلى المرقب إن مات المرقب، وقد نهي عنه، والفاعل منها: معمر ومرقب "بكسر الميم الثانية والقاف" والمفعول: بفتحهما1. قوله: "رَغْبَةً" "بفتح الراء": مصدر رغب في الشيء: طلبه، أو أراده. قوله: "والصُداعِ" قال الجوهري: الصداع: وجع الرأس. وقال ابن القطاع، صدع الرجل صداعًا: وجعه رأسه، ويقال: أوجعه رأسه. حكاهما أبو عثمان2. قوله: "المَخُوفَ كالبِرْسَام" المخوف بالنصب: صفة للمرض لا للموت. والبِرْسَامُ: "بكسر الباء" مُعَرَّبٌ: علة معروفة، وقد برسم الرجل، فهو مبرسم. وقال عياض: هو مرض معروف، وورم في الدماغ يتغير منه عقل الإنسان ويهذي. وقيل فيه: شِرْسَامٌ "بشين معجمة وبعد الراء سين مهملة".

_ 1 الفاعل: يريد اسم الفاعل. والمفعول: يريد اسم المفعول بحذف المضاف فيهما. 2 أبو عثمان: يريد المازني، وقد تقدم ذكره والتعريف به.

قوله: "وذَاتُ الْجَنْبِ": هي: قَرْحَةٌ تصيب الإنسان داخل جنبه، وقال أبو السعادات: ذات الجنب هي: الدُّبَيْلَةُ والدمل الكبير التي تظهر في باطن الجنب وتتفجر إلى داخل، وقَلَّمَا يسلم صاحبها، والمجنوب: الذي أخذته ذا الجنب، وقيل: الذي يشتكي جنبه. قوله: "والرُّعَافُ" تقدم في الحيض1. قوله: "والْقِيَام الْمُتَدَارك" وهو مرض المبطون الذي أصابه الإسهال. قوله: "كالسِّلِ والْجُذَامِ والْفَالِجِ" السل "بكسر السين" والسلال: داء معروف، وقد سل وأسله الله تعالى، فهو مسلول على غير قياس. والْجُذَامُ: داء معروف، كأنه من جذم، فهو مجذوم. قال الجوهري: ولا يقال: أجذم. والفالج: داء معروف يرخي بعض البدن، وقال ابن القطاع: وفلج فالجًا: بطل نصفه، أو عضو منه. قوله: "الْتِحَام الْحَرْبِ" التحام الحرب: كناية عن اختلاط بعضهم ببعض2، كاشتباك لحمة الثوب بالسدى، أو؛ لأن بعضهم يلحم بعضًا، أي: يقتل، أو لكثرة لحوم القتلى. قوله: "أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ" قال أبو السعادات: الطاعون: المرض العام، والوباء الذي يفسد الهواء. فتفسد به الأمزجة والأبدان. وقال عياض: هو قروح تخرج في المغابن وغيرها، لا تلبث3 صاحبها، وتعم إذا ظهرت. قوله: "الْمَخَاض" تقدم في زكاة بهيمة الأنعام.

_ 1 انظر ص "61". 2 الأجود والأوضح أن يقال: كناية عن اختلاط المتحاربين بعضهم ببعض. 3 كذا في "ش" وفي "ط": "لا يَلْبث".

قوله: "مُرَاعى" هو اسم مفعول من راعي الشيء بمعنى راقبه وانتظره أن يكون ذلك مراقبًا منتظرًا ما يؤول أمره إليه. قوله: "حابى" تقدم في الحجر والشركة. قوله: "بعد ذِكْرِ الْمِئَتَيْنِ وهي مَهْرُ مِثْلِها" كذا بخط المصنف رحمه الله، والأحسن: "وهما" لكن الضمير المؤنث يعود إلى الدراهم؛ لأنها مدلول المئتين، والله سبحانه أعلم.

كتاب الوصايا

كتاب الوصايا مدخل ... كتاب الوصايا الْوَصَايَا: جمع وصية، قال ابن القطاع: يقال: وصيته وإليه وصاية ووصيته، ووصَّيْته وأَوْصَيته، وأوصيت إليه، ووصيت الشيء بالشيء وصْيًا: وصلته. قال الأزهري: وسميت الوصية وصية؛ لأن الميت لما أوصى بها وصل ما كان فيه من أيام حياته بما بعده من أيام مماته، يقال: وَصَّى وأَوْصَى بمعنى، ويقال: وَصَّى الرجلُ أيضًا، والاسم: الوصية والوصاة. قوله: "ومن السَّفِيهِ" في أصح الوجهين تصح وصية السفيه بالمال، فأما على الأولاد فلا تصح قولا واحدًا؛ لأنه لا يملك التصرف بنفسه، فوصيته أحق وأولى. قوله: "من اعْتَقَلَ لِسَانُهُ" اعتقل "بفتح التاء مبنيًّا للفاعل": إمتسك، عن ابن سيده، وحكم1 اعتقله: حبسه، فيجوز ضم التاء مبنيًّا للمفعول. قوله: "يُزَاحم" أصل المزاحمة: المضايقة. وهي هنا كذلك؛ لأنه يضيق على أصحاب الوصايا بتنقيص أنصابهم. قوله: "فيدخله الدَّوْرُ" الهاء عائدة على الزحام الدال عليه "يُزَاحِمُ" أو على العمل المذكور من قسم الثلث بينهما وتتميم الواجب.

_ 1 وحكم: كذا في "ش" وفي "ط": وحُكِيَ.

الدَّوْرُ: مصدر دار، يدور، دورًا، ودورانًا: إذا أطاف1 بالشيء من جميع جهاته، والمراد بالدور هنا: توقف معرفة كل واحد من مقدار الثلث وما يستحق بالمزاحمة على الآخر، والدور في غير هذه الصورة على نحو ذلك، قوله: "تتمة الواجب" التنمية تفعيلة من: تم الشيء يتم تمامًا، تتممة غيره تتميمًا، والتتمة: المراد بها ما يتم به الشيء، والله أعلم.

_ 1 أَطَافَ: كذا في "ش" وفي "ط": طاف وهما بمعنى واحد.

باب الموصى له

باب الموصى له الموصى له: اسم مفعول من أوصيت له بكذا، أي: ملكته إياه بعد الموت. قوله: "كَحَرْبِيٍّ" تقدم في أحكام الذمة. قوله: "كَكَتْبِ الْقِرَان" "بفتح الكاف وسكون التاء" مصدر كتب. قوله: "أو لفَرَسٍ حَبِيسِ" فعيل بمعنى: مفعول، أي: الفرس الموقوف. قوله: "وإن وصَّى في أبواب البِر صُرِفَ في الْقُرَبِ" البر "بكسر الباء": الطاعة والخير والإحسان إلى الناس1. والقرب: تقدم في آخر كتاب الجنائز. قوله: "لأهل سِكَّتِهِ" السكة: الزقاق. عن الجوهري. وهي في

_ 1 ما بين الرقمين كذا في "ش" وفي "ط": شرح فقال: والقرب: جمع قربة: وهو كل ما يتقرب به إلى الله تعالى

الأصل: الطريقة المصطفة من النخل، وقيل للأزقة سكك: لاصطفاف الدور فيها. قوله: "مُسْتَدَارَ أَرْبَعِيْنَ" مستدار: اسم مفعول من استدار بالشيء: إذا أحاط به من جوانبه، كاستدارة الهالة بالقمر، والمراد: أربعين دارًا مستديرة. فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، كسحق عمامة، وجرد قطيفة، أي: عمامة سحق، وقطيفة جرد.

باب الموصى به

باب المُوصى به قوله: "كالْبَعِيْرِ والثَّوْرِ" الثور: الذكر من البقر، والأنثى: ثورة والجمع ثورة، كعود وعودة، وثيرة وثيران كجيرة وجيران، وثيرة أيضًا، قال المبرد: إنما قالوا: ثيرة ليفرقوا بينه وبين ثورة الأقط، وبنوه على فعله ثم حركوه. قوله: "البُضْعِ" تقدم في العارية. قوله: "بِشَيءٍ بِعَيْنِهِ" الباء زائدة في البدل كقولك: مررت بأخيك بزيد، كقوله تعالى: {لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ} 1 ولا يجوز أن يكون بعينه توكيدًا لوجهين: أحدهما: أن "شيئًا" نكره غير محددة فلا يجوز توكيدها، والثاني: أن إعادة العامل إنما جاء في البدل لا في التوكيد. قوله: "وإن تَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ غَيْرَهُ": "غيره" منصوب على الاستثناء؛ لأنه من موجب.

_ 1 سورة الزخرف: الآية "33".

قوله: "اقتُضى" بضم التاء مبنيًا للمفعول، أي: طلب وأخذ، وهو افتعال من القضاء. قوله: "على حَسَبِ مَالِهِما" أي: على قدر مالهما "بفتح الحاء والسين المهملتين". قوله: "مِثْلَ نِسْبَةِ الثُّلُثِ إليهِ" قال ابن القطاع: نسبت الإنسان نسبًا ونِسبة ونُسبة "بضم النون وكسرها"، وقال الجوهري: النسب: واحد الأنساب، والنسبة والنسب، وانتسب إليه أبيه، أي: اعتزى، فيجوز أن يكون هنا بالضم والكسر تشبيهًا بذلك. قوله: "بتمام الثُّلُثِ" التمام: مصدر تم الشيء يتم تمامًا، والمراد ما يتمم الثلث مصدر بمعنى: المفعول1، والله أعلم.

_ 1 بمعنى المفعول: أي بمعنى اسم المفعول.

باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

باب الوصية بالأنصباءِ والأجزاءِ قوله: "وإن وصَّى بِضِعْفِ نَصِيْبِ ابْنِهِ، أو بِضِعْفَيْهِ" الضعف "بكسر الضاد": المثل في أصل اللغة، قال الجوهري: وضعف الشيء: مثله. وضعفاه: مثلاه، وأضعافه: أمثاله. وقال الأزهري: فأما أهل اللغة، فالضعف عندهم في الأصل: المثل. فإذا قيل: ضعفت الشيء وضاعفته وأضعفته: جعل الواحد اثنين ولم يقل أحد من أهل اللغة في قوله تعالى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} 1 أي: يجعل الواحد ثلاثة أمثاله غير أبي عبيدة، وهو غلط عند أهل العلم باللغة، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: الضعف: المثل كقولهما: وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: ضعف الشيء: هو ومثله، وضعفاه: هو ومثلاه، وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله

_ 1 سورة الأحزاب: الآية "30".

وعلى هذا، وقال أبو ثور1: ضعفاه: أربعة أمثاله، وثلاثة أضعافه: ستة أمثاله، قال المصنف -رحمه الله- في "المغني": وهو ظاهر الفساد لما فيه من مخالفة الكتاب والعرف وأهل العربية2. قوله: "بِجُزْءٍ أَوْ حَظٍّ" الجزء والخط والسهم: بمعنى النصيب، وعن إياس بن معاوية3: السهم في كلام العرب: السُّدُسُ. قوله: "وإنْ كَمَلَتْ" تقدم في الزكاة. قوله: "وَفْقَ" يأتي تفسيره في تصحيح المسائل4. قوله: "لَيْسَ له إلا ثُلُثا المال التي كانت له" كذا بخط المصنف رحمه الله، والأصل أن يقول: اللتان كانتا؛ لأن الصفة، يشترط مطابقة

_ 1 هو إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي، الفقيه أحد الأعلام، قال ابن ناصر الدين: هو ثقة مأمون مجتهد: وفاته سنة: "240" هـ انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": "12/ 72" و"شذرات الذهب": "3: 180". 2 في "القاموس - ضعف": وضعف الشيء "بالكسر" مثله، وضعفاه مثلاه والضعف المثل إلى ما زاد ويقال له مثله: يريدون مثليه وثلاثة أمثال؛ لأنه زيادة غير محصورة، وقول الله تعالى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} "الأحزاب: الآية 30" أي: ثلاثة أعذبة ومجاز يضاعف أي: يجعل إلى الشيء شيئان حتى يصير ثلاثة. 3 هو أبو وائلة إياس بن معاوية بن قرة المزني الليثي أحمد من يضرب بفطنته وذكائه المثل قاضي البصرة وإياه عني أبو تمام الطائي الشاعر بقوله: "من الكامل" إقدامُ عَمْرو في سَمَاحَةِ حاتم ... في حِلْمِ أَحْنَفَ في ذَكَاءِ إِيَاس مات سنة: "122" هـ انظر ترجمته في "شذرات الذهب": "2/ 94". و"سير أعلام النبلاء": "5/ 155". 4 وهذه الفقرة لم ترد في "ط".

كل واحد منهما من هو له. وإنما أفردا، وأنثا، باعتبار المعنى، أي: السهام الستة التي كانت له1. قوله: "وإن أَجَازَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَهُ دفع إليه نِصْفَ ما في يَدِهِ، ونِصْفَ سُدُسِهِ أو ثُلُثَهُ" يجوز رفع" نصف ما في يده" ونصبه، بناء على بناء رفع الفاعل والمفعول، وأما "أو ثُلَثَهُ" فمعطوف بالرفع، والنصب، ولا يجوز جره، لفساد المعنى بذلك، ويظهر ذلك بالعمل. قوله: "تصير ما ليس تعدل" ولم يقل: تعدلان؛ لأنه أعاد الضمير إلى الأثلاث، والله أعلم.

_ 1 كذا في "ش" و "ط" وكلاهما مضطرب لغويًّا، ولو أردنا الصواب لقلبنا: ليس له إلا ثلثًا المال اللذان كانا له.

باب الموصى إليه

باب الموصى إليه المُرَاهِقُ: "بكسر الهاء" القريب من الاحتلام، يقال: رهق، وراهق: إذا قارب الاحْتِلَامِ. قوله "وإن لم يَخَفْ تَبِعَةً" التبعة، والتبعة، والتباعة: ما يتبع به الإنسان من غرامة.

كتاب الفرائض

كتاب الفرائض مدخل ... كتابُ الفرائض الفرائض: جمع فريضة. وهي في الأصل: اسم مصدر من فرض، وافترض، ويسمى البعير المأخوذ من الزكاة وفي الدية: فريضة: فعيلة بمعنى مفعولة. قال الجوهري: الفرض ما أوجبه الله عز وجل، سمي بذلك؛ لأن له معالم وحدودًا، والْفَرْضُ: العطية الموسومة، وفرضت الرجل وأفرضته: إذا أعطيته. والفارض، والفرضي: الذي يعرف الفرائض وفرض الله تعالى كذا، واقترضته، والاسم: الفريضة، وتسمى قسمة المواريث: فرائض. قال المصنف -رحمه الله- في "الكافي": وهو العلم بقسمة المواريث، كما قال الجوهري. وجعل في "المقنع"1 الفرائض: نفس القسمة، ويحتمل أن يكون على حذف المضاف، أي: وهي علم قسمة المواريث. والمواريث: جمع ميراث، وهو المال المخلف عن الميت، أصله: موراث، انقلبت الواو ياء لإنكسار ما قبلها. ويقال له: التراث أيضًا أصل التاء فيه واو، وفي الجمع: رجعت إلى أصلها. قوله: "لا غَيْرٌ" مبني على الضم، لقطعها عن الإضافة منونة. قوله: "بالْمُوالَاةِ والْمُعَاقَدَةِ" الموالاة: مصدر والى. قال الجوهري: الموالاة ضد المعاداة وأما المعاقدة، فمصدر عاقد يعاقد،

_ 1 انظر "المقنع" ص "265" بتحقيقنا.

قال الجوهري: المعاقدة: الْمُعَاهَدَةُ. قوله: "وكونهما من أهل الديوان" الديوان: "بكسر الدال على المشهور" وحكي فتحها، وهو: فارسي معرب، قال الجوهري: الديوان أصله دوان فعوض من إحدى الواوين ياء؛ لأنه يجمع على داواوين، ولو كانت الياء أصلية، لقالوا: دياوين. ويقال: دونت الدواوين. قال الماوردي1 في "الأحْكام السُّلْطَانِيَّةِ": وهو موضوع2 لحفظ الحقوق من الأموال والعمال، ومن يقوم بها من الجيوش، والعمال، وفي تسميته ديوانًا وجهان: أحدهما: أن كسرى أطلع على ديوانه يحسبون، فقال: دوانة، أي مجانين، ثم حذف التاء. والثاني: أن الديوان بالفارسية: اسم للشيطان، فسمي الكتاب باسمهم، لحذقهم ووقوفهم على الجلي، والخفي، وسمي مكانهم باسمهم. وأول من وضع الديوان في الإسلام عمر رضي الله عنه. وقال أبو السعادات: هو اسم الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش، وأهل العطاء، والمراد: كونهما مكتوبين في ديوان واحدٍ. قوله: "ومَوْلى النِّعْمَةِ، ومَوْلَاةُ النِّعْمَةِ" هما المعتق، والمعتقة: لأنهما وليا الإنعام بالإعتاق، والله أعلم.

_ 1 هو علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري الشافعي، كان إمامًا في الفقه والأصول والتفسير بصيرًا بالعربية ولي قضاء بلاد كثيرة. له مصنفات كثيرة منها كتاب "الأحكام السلطانية" وهو تصنيف عجيب في مجلد. مات سنة: "450هـ" ترجمته في "سير أعلام النبلاء": 18/ 64 و "شذرات الذهب": 5/ 218. 2 كذا في "ش" وفي "ط": "مَوْضِعٌ" وكلاهما صحيح.

باب ميراث ذوي الفروض

باب ميراث ذوي الفروض ذوي: بمعنى أصحاب، واحده: ذو، والفروض: جمع فرض، وهو: المقدر في الكتاب والسنة. قوله: "من كل جهة" الجهة: أصلها وجهة. قال الجوهري: الوجه والجهة بمعنى. قوله: "فإن لم يَفْضَُلْ": بضم الضاد وفتحها. قول: "إلا في الأكْدَرِيَّةِ" وفي تسميتها بذلك ثلاثة أقوال: أحدها: أنها كدرت على زيد بن ثابت رضي الله عنه. أصوله، فإنه أعالها ولا عول عنده في مسائل الجد، وفرض للأخت مع الجد، ولا يفرض لأخت مع جد، وجمع سهامه وسهامها، ولا يجمع في غيرها. والثاني: أن رجلًا اسمه الأكدر، سئل عنها، فأفتى فيها على مذهب زيد فأخطأ "فيها"1 فنسبت إليه. حكاهما المصنف -رحمه الله- في "المغني". والثالث: أن الأكدر: سئل عنها، فنسبت إليه. قوله: "وتُسمى الخَرْقاء" الخرقاء: "بفتح الخاء والمد": الحمقاء، والريح الشديدة، وقد خرق "بضم الراء، وفتحها، وكسرها": حمق. قال المصنف رحمه الله في "المغني" وتسمى المسبعة؛ لأن فيها سبعة أقوال، والمسدسة؛ لأن معنى الأقوال السبعة ترجع إلى ستة.

_ 1 لفظ "فيها": مستدرك من "ط".

فأحد الأقوال السبعة ما ذكر، وهو مذهب زيد. والثاني: مذهب الصديق رضي الله عنه: للأم الثلث، والباقي للجد. والثالث: مذهب علي رضي الله عنه: للأخت النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس. والرابع: للأخت النصف وللأم ثلث ما بقي، وما بقي للجد. والخامس: عن ابن مسعود رضي الله عنه أيضًا: للأخت النصف، والباقي بين الجد والأم نصفين، فيكون من أربعة. والسادس: عن ابن مسعود أيضًا، للأم السدس والباقي للجد. والسابع: مذهب عثمان رضي الله عنه: المال بينهم على ثلاثة. قوله: "لِكَثْرَةِ اختلاف الصَّحَابَةِ": قال أبو السعادات: وجمع: صاحب، ولم يجمع فاعل على فعالة إلا هذا، ويجمع صاحب على صحب، كراكب، وعلى صحاب: كجائع وجياع، وعلى صحبة "بضم الصاد": كفارةٍ وفرهةٍ، وعلى صحبان: كشاب وشبانٍ. والأصحاب: جمع صحبٍ، كفرخ , أفراخ، وجمع الأصحاب: أصاحيب، وقد تقدم في باب: جزاء الصيد1. قوله: "عَادٌّ" هو فاعل من عد يعد: إذا حسب فيحسبون عليه إخوة الأب بوراث، وكذلك الجد في صورة العمل، ولا يعطى ولد شيئًا. قوله: "إذا تحاذين" أي: كان بعضهن حذاء بعض، قال الجوهري: حاذاه إذا صار بحذائه. قوله: "جَدَّةٌ ذات قرابَتَيْنِ" صورتها: أن يتزوج ابن ابن المرأة ببنت

_ 1 ما بين الرقمين ليس في "ط".

بنتها، فيولد لهما ولد فتكون الجدة: أم أم أمه، وأم أبي أبيه، وإن تزوج ابن بنتها بنت بنتها، فهي أمُّ أمِّ أمه، وأمُّ أمِّ أبيه. هكذا ذكرهما المصنف: في "المغني". قوله: "فصاعدًا" منصوب على الحال، وناصبه: واجب الإضمار. قوله: "تَكْمِلَة الثُّلُثَيْنِ" قال الأزهري: كملت له عدد حقه تكميلًا وتكملة فهو مكملٌ، وهو هنا منصوب على المصدر، والناصب له مادل عليه. قوله: "فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ" ولبنات الابن السدس؛ لأن ذلك في قوة: كمل لهم تكلة الثلثين. قوله: "فَيَعْصِبُهُنَّ" يذكر في باب العصبات. قوله: "الحَجْبُ" مصدر حجبه، إذا ستره وإذا منعه، وهو هنا منع الأقرب أو الأقوى غيره من الميراث، والله أعلم.

باب العصبات

باب العَصَبَات وهي جمع عصبة. قال الجوهري: وعصبة الرجل: بنوه وقرابته لأبيه. وإنما سموا عصبة؛ لأنهم عصبوا به، أي: أحاطوا به، فالأب طرف، والابن طرف، والعم جانب، والأخ جانب، والجمع العصبات. وقال الأزهري: واحد العصبة: عاصب، على القياس، كطالب وطلبة، وظالمٍ وظلمةٍ. وقيل للعمامة: عصابة؛ لأنها استلفت1 برأس المعتم. وقال ابن قتيبة: العصبة جمع لم أسمع له

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "اسْتَقَلَّتْ".

بواحدٍ، والقياس: أنه عاصب. قال المصنف رحمه الله في "الكافي"1: وهم كذل ذكر ليس بينه وبين الميت أنثى، فيخرج الأخوات مع البنات لفقدهم الذكورية. وقال غيره: العَصَبة: كل وارث بغير تقدير، فلم يخصه بالذكر فتدخل البنت وبنت الإبن مع أخيهما، والأخت للأب والأم وللأب مع أخيهما والأخوات مع البنات، والمعتقة، وغير ذلك2. قوله: "يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ" أي: يجعلونهن عصبات، فيكن عصبة بغيرهن. قوله: "بإزائه" "هو بكسر الهمزة" أي بحذائه، قال الجوهري: يقول: هو بإزائه: أي: بحذائه. وقد آزيته، أي: حاذيته، ولا تقل: وازيته. قوله: "من أَنْزَلُ مِنْهُ" هو برفع "أَنْزَلُ" خبر مبتدأ محذوف، أي: من هو أنزل. قوله: "قَبِيْلٌ آخَرُ" قال الجوهري: القبيل: الجماعة تكون من الثلاثة فصاعدًا، والجمع: قُبُلٌ. قوله: "وتُسَمَّى المُشْرَّكَةَ، والحِمَارِيَّةَ" المشركة "بفتح الراء" أي:

_ 1 ما بين الرقمين كذا في "ش" وفي "ط": فتدخل البنت وبنت الابن مع أخيهما والأخت للأب والأم مع أخيهما، وللأخت للأب والأم وللأب مع أخيهما فاقتضت الإشارة إلى ذلك. 2 في "المغرب - عصب": والعصبة قرابة الرجل لأبيه وكأنها جمع عاصب وإن لم تسمع به من عصبوا به: إذا أحاطوا حوله ثم سمي به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث للغلبة، وقالوا في مصدرها: العصوبة. والذكر يعصب الأنثى أي يجعلها عصبة. وفي "تحرير التنبيه" للنووي رحمه الله كلام حولها يشبهه ما أورده المصنف انظر تحرير التنبيه صفحة: "273".

المشرك فيها، ولو كسرت الراء على نسبة التشريك إليها مجازًا لم يمتنع. وأما الْحِمَارِيَّة: فإنما سميت بذلك؛ لأن عمر رضي الله عنه، أسقط ولد الأبوين. فقال بعضهم، يا أمير المؤمنين، هب أن أبانا كان حمارًا، أليست منا واحدة، وقيل: إن بعض الصحابة قال ذلك: فسميت بذلك، ذكرها المصنف في "المغني". قوله: "وسميت ذات الْفَروخ" الفروخ: جمع فرخ، وهو ولد الطائر، سميت بذلك لكثرة عولها، فإنها عالت بثلثيها عن السامري في "المستوعب" والله أعلم.

باب أصول المسائل

باب أصول المسائل المسائل: جمع مسألة، وهي: مصدر سأل يسأل مسألة، وسؤالًا، فهو من إطلاق المصدر على المفعول، كخلق بمعنى: مخلوق، فقولنا: مسألة، أي: مسؤولة، بمعنى: يسأل عنها. قوله: "لا تعول" قال الجوهري، العول: عول الفريضة، وقد عالت، أي: ارتفعت، وهو: أن تزيد سهمًا ما، فيدخل النقض على أهل الفرائض. قال أبو عبيد: أظنه مأخوذًا من العيل، ويقال أيضًا: عال زيد الفرائض وأعالها بمعنى، يتعدى ولا يتعدى، وعالت هي نفسها: غذا دخل النقض على أهلها. قوله: "وتَعُوْلُ على الأفراد" إنما كان عولها على الأفراد، دون الأزواج؛ لأن كل عددين أو أعدادٍ بعضها زوج وبعضها فرد، لا يكون مجموعهما إلا فردًا1. ومسألة أثنى عشر: لابد أن يكون فيها ربع، وهو: ثلاثة، وبقية

_ 1 في "ط": "فُرادى".

الأعداد أزواج فلذلك لا تعول إلا على الأفراد، ولذلك لا تعول أربعة وعشرون إلا إلى سبعةٍ وعشرين. قوله: "فإن كان فريقًا" الضمير في "كان" للمردود عليه، والفريق، والفرق، والفرقة: الطائفة1. قوله: "في الرَّدِّ" الرد في اللغة: الصرف، يقال: رد الشيء يرده ردًّا: إذا صرفه، فمعنى الرد في الفرائض: صرف المسألة عما هي عليه من الكمال إلى النقص، وهو عكس العول، فإن العول ينقص السهام، والرد يكثرها، فيصير السدس نصفًا، فيما إذا كان سدسين ونحو ذلك. قوله"ثَلَاثَةٍ" بالجر منونًا، بدل من ربعها.

_ 1 تأخرت هذه الفقرة بتمامها في "ش" إلى ما بعد الفقرة التي بعدها وأثبتناها كما في "ط" لموافقة ذلك لما في "المقنع" ص "271و 272" بتحقيقنا.

باب تصحيح المسائل

باب تصحيح المسائل قوله: "ضَرَبْتَ وَفْقَ أحدهما" قال الجوهري: الوفق من الموافقة بين الشيئين، يقال: حلوبته وفق عياله، أي: لها لبن قدر كفايتهم، فالوفق هنا: الجزء الذي وافق به أحد العددين الآخر.

باب المناسخات

باب المناسخات المناسخات: جمع مناسخة، وهي: مصدر ناسخ مناسخة، كخاصم مخاصمة، وجمعه: مناسخات، وناسخ: فاعل من النسخ، قال الجوهري: التناسخ في الميراث: أن يموت ورثة بعد ورثة، وأصل الميراث قائم لم يقسم. قوله "مما صَحَّتْ مِنْهُ الأُوْلَيَانِ" "هو بضم الهمزة": تثنية أولى، مؤنث أول.

باب قسم التركات

باب قسمِ التَّركات التركات: جمع تركة، وهي التراث المتروك عن الميت. قوله: "على قراريط الدينار" القراريط: جمع قيراط. قال الجوهري: هو نصف دانق، وأصله: قراط بالتشديد؛ لأن جمعه: قراريط، فأبدل من أحد حرفي في تضعيفه ياء على ما ذكرناه في دينار. وقال أبو السعادات: القيراط: نصف عشر الدينار في أكثر البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءًا من أربعة وعشرين جزءًا، والله أعلم1.

_ 1 في المصباح: القيراط في لغة اليونان: حبة خرنوب، وهو نسف دانق، والدرهم عندهم اثنتا عشرة حبة، والحساب يقسمون الأشياء أربعة وعشرين قيراطًا؛ لأنه أول عدد له ثمن وربع ونصف وثلث صحيحات من غير كسر، يقال أصله قِرَّاط ... الخ.

باب ذوي الأرحام

باب ذوي الأرحام الأرحام: جمع رحم، بوزن كتف، وفيه اللغات الأربع في الفخذ، قال ابن عباد: وهو بيت منبت الولد، ووعاؤه في البطن. وقال الجوهري: الرحم: رحم الأنثى وهي مؤنثة، والرحم: القرابة. قال صاحب "المطالع" يقال: رحم، ورحم، وهي معنى من المعاني، وهو: النسب والاتصال الذي يجمع رحم والده، فسمي المغني باسم ذلك المحل تقريبًا للأفهام، واستعارة1 جارية في فصيح الكلام، قلت:

_ 1 قوله: "واستعارة": الاستعارة من المجاز وعلاقتها المشابهة وهي قسمان: تصريحية إذا حذف المشبه وصرح بلفظ المشبه به مثل قولنا جاء البحر لرجل الكريم، ومكنية إذا حذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه مثل قول الشاعر: "من الوافر". ولما قلت الإبل امتطينا ... إلى ابن أبي سليمان الخطوبا واستعارة الرحم للنسب استعارة تصريحية: شبه النسب بالرحم بجامع الجمع فيهما، كل منهما يجمع المنتسبين إلى أم واحدة وأب، ثم حذف المشبه وصرح بلفظ المشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية، والله أعلم.

يطلق ذو الرحم على كل قرابة، وهو المراد بقول المصنف -رحمه الله تعالى- في أول كتاب "الفرائض": رحم، ونكاح، وولاء، ويطلق ويراد به: كل من ليس بذي فرض ولا عصبةٍ، وهو المراد بقوله في آخر كتاب "الفرائض": ذو فرضٍ وعصبات، وذو رحم، وهو المراد بقوله هنا: ذوي الأرحام. "قوله: "ليس بذي فَرْضٍ ولا عَصَبَةٍ": يجوز جر عصبة عطفاً على "ذي" أي: ولا بعصبة، ويجوز نصبه عطفًا على محل المجرور، كأنه قال: ليس ذا فرض ولا عصبة"1. قوله: "أَدْلَتْ بِأَبٍ" أي: توسلت به، يقال: أدلى فلان بحجته، أي: احتج بها، ويقال: دلوت الدلو وأدليتها: إذا أرسلتها في البئر، وإذا جذبتها. والمشهور في اللغة: أدليت الدلو: أرسلتها ودلوتها: جذبتها، ويقال: دلوت بفلان إليك، أي: استشفعت به. قوله: "فَأَجْتَزِئُ بأحدِهما" هو بالهمز، وقد تقدم مثله عن قريب. قوله: "كما يُسْقِطُ الْأَبُ الإِخْوَةَ" الإخوة: "بكسر الهمزة وضمها": جمع أخ، أصله: أخو بالتحريك؛ لأنه جمع على آخَاءٍ

_ 1 ما بين الحاصرتين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط".

كآباءٍ1، ويجمع أيضًا على إخوان كَخَرَبٍ وخِرْبَان2، وأكثر ما يستعمل الإخوان في الأصدقاء، والإخوة: في الولادة، ملخص من "الصحاح". قوله: "ثلاث بَنَاتِ عُمُومَةٍ" العمومة: جمع: عم، كبعل وبعولة، والعمومة أيضًا: مصدر. يقال: ما كنت عما، ولقد عممت عمومة، كالأبوة، والأخوة، والخؤولة والأمومة والبنوة. قوله: "وَمَنْ مَتَّ بِقَرَابَتَيْنِ" كن في "أصل" الشيخ رحمه الله بخط يده: ومن أمت، فأصلحه شيخنا الإمام شمس الدين أبو محمد عبد الرحمن بن أبي عمر: مت؛ لأن المصنف رحمهما الله أذن له في الإصلاح، قال غير واحد من أهل اللغة: المت: التوسل، يقال: فلان يمت بكذا أي: يتوسل قوله: "ولا مُعَاوَلَ" "هو بفتح الواو" أي: منقوص بالعول والله أعلم.

_ 1 لأنه جمع على آخاء كآباء: كذا في "ش" وفي "ط": لأنه جمع إخاء كإناء وفي القاموس: والأخ، والأخ "مشددة" والأخوة والآخاء، والأخو "كدلو" من النسب والصديق والصاحب جمع: أخون، وآخاء، وإخوان "بالكسر وأخوان "بالضم"، وإخوة، وأخوة "بالضم"، وأخوة، أو "مشددين مضمومين". 2 كخرب وخربان كذا في "ش" وفي "ط": كحرب وحربان وانظر الحاشية السابقة.

باب ميراث الحمل

باب مِيراثِ الحَمْلِ الحمل "بفتح الحاء": ما في بطن الحبلى، ومصدر: حمل الشيء، والحمل بالكسر: ما حمل على ظهر، أو رأس، وفي حمل الشجرة

وَجْهَان: حكاهما ابن دريد، ويقال: امرأة حامل، وحاملة: إذا كانت حبلى، فإذا حملت شيئًا على رأسها أو ظهرها، فهي حاملة لا غير. قوله: "وإذا استَهَلَّ الْمَوْلُودُ صَارِخًا" قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: استهل المولود: إذا صاح عند الولادة، وقال القاضي عياض: استهل المولود: رفع صوته، وكل شيء رفع صوته فقد استهل، وبه سمي الهلال هلالًا، والإهلال بالحج: رفع الصوت بالتلبية، وحكى في "المغني" في الاستهلال المقتضي، الميراث ثلاث روايات: إحداها: أنه الصراح خاصة. والثانية: إذا صاح أو عطس أو بكى. والثالثة: أن يعلم حياته بصوت أو حركة أو رضاع أو غيره. فلو قال المصنف -رحمه الله- وإذا استهل المولود ورث، كما قال في "الكافي" لكان أولى فإنه قال في "الكافي" وإن وضعته فاستهل، ثم قال وهو الصوت، فقوله في "المقنع"1: صارخًا حال مؤكدة، كقوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} 2. قوله: "وَوُرِثَ" "بضم الواو وتخفيف الراء" ولا يجوز تشديدها، لفوات الدلالة على كونه موروثًا، وتكرير كونه وارثًا. قوله: "وَفي مَعْنَاهُ الْعُطَاسُ" الغطاس: مصدر عطس يعطس، ويعطس "بضم الطاء وكسرها" قال ابن القطاع، وصاحب "المحيط" فيه: عَطَسَ عَطْسًا، فإذا كثر عطاساً؛ لأنه حينئذ يصير داء، كالزكام والسلال، فلو قال: وفي معناه العطس، لكان أولى.

_ 1 انظر "المقنع" ص "277" بتحقيقنا. 2 سورة البقرة: الآية "60".

قوله: "الاخْتِلَاجُ" الاضطرا، يقال: اختلجت عينه: إذا اضطربت". قوله: "فاسْتَهَلَّ أَحَدُهُما أو أشكَلَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا" أطلق العبارة، ولا يقرع بينهما إذا كانا ذكرين، ولا إذا كانا انثيين، ولا ذكرًا وأنثى أخوين لأم، ويقرع فيما سوى ذلك، والله أعلم.

باب ميراث المفقود

باب ميراثِ المفقود المفقود: اسم مفعول من: فقدت الشيء أفقده فقدًا، وفقدانًا، وفقدانًا، "بكسر الفاء وضمها". قوله: "أو في مَفَازَةٍ مُهْلِكَةٍ" قال الجوهري: المفازة: واحدة المفاوز، وقال ابن الأعرابي: سميت بذلك تفاؤلًا بالسلامة، قلت: ويجوز أن يكون سميت مفازة: من فاز يفوز: إذا مات حكاها ابن القطاع، وغيره، وقال: وهو من الأضداد1، والمهلكة "بفتح الميم واللام ويجوز كسرها" حكاها أبو السعادات، وغيره، "ويجوز ضم الميم مع كسر اللام": اسم فاعل من أهلكت فهي مهلكة، وهي الأرض يكثر بها الهلاك، يقال: هلك الشيء يهلك "بكسر اللام" وأهلكه غيره،

_ 1 في "الأضداد" للأنباري: ومن الأضداد أيضًا المفازة تقع على المنجاة وعلى المهلكة قال الله عز وجل: {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} "آل عمران: الآية 188" فمعناه بمنجاة من العذاب وهي مفعلة من الفوز وقال امرؤ القيس في المعنى الآخر: "من الطويل" أمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص ... فتقصر عنها خطوة وتبوص تبوص وكم من دونها من مفازة ... وكم أرض جدب دونها ولصوص تنوص: من ناص نوصًا من باب قال: إذا فات وسبق. تبوص: من البوص: السبق والتقدم. انظر الأضداد صفحة: "1040-105".

وحكى ابن القطاع، هلكه بمعنى أهلكه، وحكاها أبو عبيد عن تميم. قوله: "في مُدَّةِ التَّرَبُّصِ" التربص: الانتظار، يقال: ربصت به، وتربصت أي: انتظرت. قوله: "اليقين"أي: المتيقن، والله أعلم.

باب ميراث الخنثى

باب ميراث الخنثى الخنثى: قال الجوهري: هو الذي له ما للرجال والنساء جميعًا، والجمع، الخناثى، كالحبالى. قوله: "بِمَبَالِهِ" المبال: مفعل من بال يبول، كالمقال: من قال يقول، والمعاد: من عاد يعود، والمراد: موضع البول، أي يعتبر بمكان جريان بوله. قوله: "فَإِنْ بَالَ أَوْ سَبَقَ بَوْلُهُ" تقديره: فإن بال من ذكره، أو سبق بوله منه، والمراد فإن بال من أحدهما، أو سبق بوله منه، فالحكم له. قوله: "فهو مُشْكِلُ" "بضم الميم وكسر الكاف" أي: ملتبس، يقال: أشكل الأمر، فهو مشكل. وحكى يعقوب وصاحب "الواعي" وغيرهما: شكل الأمر بمعنى أشكل. سمي بذلك؛ لأنه لما تعارضت فيه علامات الرجال، وعلامات النساء، التبس أمره، فسمي مشكلًا. قوله: "ثم تَضْرِبُ إحْدَاهُما أَوْ وَفْقَها في الأخرى" تقديره: تضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا أو وفقها في الأخرى إن توافقتا: مثال المتباينتين: ابن وبنت وخنثى. ومثال المتوافقتين: زوج وأم وولد أب خنثى. ومثال المتماثلتين: زوجة وولد خنثى وعم. ومثال المتناسبتين: أم وبنت وولد خنثى وعم.

قوله: "بِعَدَدِ أَحْوَالهم" فللاثنين أربعة أحوال، وللثلاثة: ثمانية، وللأربعة: ستة عشر، وللخمسة: اثنان وثلاثون1، وكذا ما زاد.

_ 1 في "ش" و "ط": "اثنين وثلاثين" والصواب ما أثبتناه.

باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم

باب ميراث الغرقى ومن عَمِيَ موتُهُم الْغَرْقى: جمع غريق، كقتيل، وجريح. وأما الهدمى: فيجوز أن يكون جمع: هديم، بمعنى: مهدوم، كجريح، بمعنى مجروح، لكن لم أر هديمًا منقولًا، فالله أعلم1. قوله: "عَمِيَ مَؤْتُهُمْ" أي: خفي، من قولهم: عميت الأخبار عنك، إذا خفيت. قوله: "من تِلَادِ مَالِهِ" التلاد والتالد: المال القديم الأصلي، والطارف والطريف: المال المستحدث، وقد تلد المال يتلد ويتلد "بفتح اللام في الماضي وكسرها وضمها في المضارع" وقد طرف "بضم الراء" ضد تلد. قوله: "والآخر مولى عمرو" عمرو علم منقول من عمر "بكسر الميم": إذا طال عمره، وقياسه: التحريك كالفرح، والحزن، إلا أنه نقل مسكنًا، قال أهل اللغة: يكتب عمرو في حالتي الرفع والجر بالواو، فرقًا بينه وبين عمر، وتسقط الواو نصبًا استغناء عنها بالألف، وجعلت في عمرو دون عمر لخفته من ثلاثة أوجه: لصرفه، وسكون وسطه، وفتح أوله، والثلاثة مفقودة في عمر، والله أعلم.

_ 1 في المغرب: وأما الهدمى فلم أجده، ووجهه أن يكون جمع هديم بمعنى مهدوم عليه، وكأنه سهل لهم استعمال مثل هذا طلب المزاوجة كما في قولهم: آتيك بالغدايا والعشايا.

باب ميراث أهل الملل

باب ميراث أهل المِلَلِ المِلَلُ: جمع ملة "بكسر الميم جمعًا وإفرادًا" وهي الدين والشريعة. قوله: "فيرثه" مرفوع على الاستئناف لعدم صحة عطفه على "يُسْلِمُ". قوله: "اليَهُودِيَّةُ والنَّصْرَانِيَّةُ" أي: الملة اليهودية: منسوبة إلى اليهود، والنصرانية: الملة النصرانية منسوبة إلى نصران، وهي قرية بالشام، ويقال لها: ناصرة، 1 وقد تقدم تفسيره في عقد الذمة.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": وقد تقدم الكلام على اليهود والنصارى والمجوس في عقد الذمة، والله أعلم.

باب ميراث المطلقة

باب ميراث المطلَّقة يأتي الكلام على اشتقاقها في أول كتاب الطلاق1. قوله: "مُتَّهَمًا" المتهم "بفتح الهاء": اسم مفعول من اتهمت فلانًا، ظننت به ما نسب إليه والاسم: التهمة "بفتح الهاء وسكونها" وأصله الواو. قوله: "بِقَصْدِ" "بالباء الموحدة الجارة، والمعدية للفعل"، وهي متعلقة بمتهما.

_ 1 انظر ص "405".

باب ميراث المعتق بعضه

باب مِيراث الْمُعْتَقِ بعضُهُ قنا: "الْقِنُّ" قال ابن سيده وغيره من أهل اللغة: وهو العبد المملوك هو وأبواه. قال الجوهري: ويستوي فيه الواحد والاثنان والجمع، والمؤنث، وربما قالوا عبيد قنان ثم يجمع على أقنة. وهو في اصطلاح الفقهاء: الرقيق، الكامل رقه، ولم يحصل فيه شيء من أسباب العتق ومقدماته، بخلاف المكاتب، والمدبر والمعلق عنقه بصفة، وأم الولد، سواء كان أبواه مملوكين، أو معتقين أو حرين أصليين أو كانا كافرين واسترق هو أو كانا مختلفين. قوله: "نَزَّلْتُهم أَحْوَالًا" لتنزيلهم أحوالًا طريقان: أحدهما: أن يقول: للبنت في حريتها النصف، وللأم السدس، والثلث الباقي للأب، وله مع رقهما المال كله، وله الثلثان، وللأم الثلث، مع رق البنت، ولها النصف، وله النصف مع رق الأم، فللبنت نصفان، وهما: مال كامل مقسوم على أربة أحوال، وذلك الربع، وللأم نصف على أربعة بثمن، والباقي للأب. والثانية: مسألة حريتهما من ستة، ورقهما من أحد، وحرية البنت من اثنين، وحرية الأم من ثلاثة، الكل: من ستة في أربعة بأبعة وعشرين: للبنت ثلاثة في حال، وثلاثة في أخرى وللأم اثنان في حال، وسهم في أخرى، وللأب الكل في حال، والنصف في أخرى، والثلث في أخرى والثلثان في أخرى. قوله: "فهل تُكَمَّلُ" يجوز بناؤه للمفعول مثقلًا، ويجوز "تَكْمُلُ" بوزن تقتل.

باب الولاء

باب الوَلاء الولاء "بفتح الواو ممدودًا": ولاء العتق، ومعناه: أنه إذا أعتق عبدًا، أو أمة، صار له عصبة في جميع أحكام التعصيب عند عدم العصبة من النسب، كالميراث، وولاية النكاح، والعقل وغير ذلك.

قوله: "وعلى مُعْتَقِيهِ ومُعْتَقِي أَوْلَادِهِ" "بفتح التاء فيها" وكذلك ومعتقيهم: اسم مفعول من أعتق. قوله: "ومن أَعْتَقَ سَائِبَةً" إعتاق العبد سائبة: أن يعتقه ولا ولاء له عليه كفعل الجاهلية، فالعتق على هذا ماض بالإجماع، وإنما اختلف في ولائه، وفي كراهة هذا الشرط وإباحته على كراهته، وعلى أن ولاءه للمسلمين كافة؛ لأنه قصد إعتقاه عنهم. قوله: "إن كان له عصبة على دين الْمُعْتَقِ" "فتح التاء" وإن أسلم الكافر، ورث المعتق "بكسر التاء". قوله: " وَلَا يَرِثُ مِنْهُ ذُو فَرْضٍ إلا الأَبُ والْجَدُّ" ثم قال بعد ذلك: والولاء لا يورث، ويرث منه ولا يورث متناقض، والجواب: أن تكون "مِن" في "يَرِثُ منه" سببية: أي: ولا يرث به ذو فرض، بدليل قوله بعد: وإنما يورث به، وقد جاءت "مِنْ" للسبية، ومنه قوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} 1. قوله: "والولاء لِلْكُبْرِ" "بضم الكاف وسكون الباء": أكبر الجماعة، نقله أبو عبد الله بن مالك في "مثلثه". قال أبو السعادات: يقال: فلان كبر قومه "بالضم": إذا كان أقعدهم في النسب، وهو أن يتسبب إلى جده الأكبر بآباء أقل عددًا من باقي عشيرته، وليس المراد بذلك كبر السن، فلو خلف المعتق أبنين كبيرًا وصغيرًا، فهما سواء، فلو مات الكبير، وخلف ابنًا كبيرًا أكبر من أخيه، كان الولاء كله لأخيه الصغير؛ لأنه ابن المعتق دون ولده الكبير. قوله: "ثم مَات الْعَتِيقُ" فعيل بمعنى فاعل، من قولهم: عتق العبد، فهو عتيق وعاتق، وليس هو بمعنى فاعل، من قولهم: عتق العبد، فهو عتيق وعاتق، وليس هو بمعنى مفعول كجريح وقتيل؛ لأنه لا يقال:

_ 1 سورة: قريش: الآية "4".

عَتَقْتُ العبد فهو معتوق حتى يكون عتيق بمعنى: معتوق، وقد قيل: إن تسميته معتوق لحن، قلت: وليس بلحن لجواز كونه علمًا منقولًا من معتوق: اسم مفعول من عتقت المال: بمعنى: أصلحته، فلا يكون لحنًا، والله أعلم. قوله: "وإن أُعْتِقَ الْجَدُّ" أعتق: "بضم الهمزة" مبنيًّا للمفعول، والجد: المراد به: جد أولاد العبد. قوله: "الحربي" تقدم في أحكام الذمة، والله أعلم.

كتاب العتق

كتاب العِتق مدخل ... كتاب العِتق قال أهل اللُّغَةِ: العِتْقُ: الْحِرِّيَّةُ، يقال منه: عتق يعتق عتقًا وعتقًا "بكسر العين وفتحها" عن صاحب "المحكم" وغيره، "وعَتِيقَةً"1 وعتاقًا وعتاقة فهو عتيق، وعاتق، حكاها الجوهري وهم عتقاء، وأمة عتيق، وعتيقة، وإماء عتائق، وحلف بالعتاق "بفتح العين" أي: بالإعتاق، قال الأزهري: هو مشتق من قولهم: عتق الفرس: إذا سبق ونجا. وعتق الفرخ: إذا طار واستقل؛ لأن العبد يتخلص بالعتق، ويذهب حيث يشاء، قال الأزهري، وغيره: إنما قيل أعتق نسمة: أنه أعتق رقبة، وفك رقبة، فخصت الرقبة دون سائر الأعضاء، مع أن العتق يتناول الجميع؛ لأن حكم السيد عليه وملكه له كحبل في رقبته وكالغل المانع له من الخروج، فإذا أعتق، فكأن رقبته أطلقت من ذلك. قوله: "والحرية" يقال: حررت: "بكسر الراء" تحرر حرية: إذا صرت حرًّا. قوله: "كيف صُرِّفًا الْعِتْقُ والْحُرِّيَّةُ" مصدران ومعنى تصريفهما: أن يشتق منهما فعل ماض ومضارع وأمر واسم فاعل واسم مفعول، وظاهر هذه العبارة هنا وفي التدبير والطلاق: حصول الحكم بكل واحد من الستة، ولا يحصل الحكم بالمضارع، ولا بالأمر؛ لأن المضارع وعد كقولك: أنا أعتق وأدبر، وأطلق، والأمر لا يصلح للإنشاء. ولا هو خبر

_ 1 زيادة من "ط".

فيؤاخذ المتكلم به، فهو عام أريد به الخصوص، والله أعلم. قوله: "سائبة" تقدم في الْوَلَاءِ1. قوله: "وجَنِينها" تقدم تفسيره في زكاة الفطر. قوله: "لا يعتق إلا عَمُودا النَّسَبِ" العمود والعماد: واحد، وجمعه: أعمدة، وعَمَدٌ وعُمُدٌ "بفتحتين وضمتين" وقرئ بهما قوله تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} 2. والعمود معروف، وهو: ما يعمد به الشيء، يقال: عمدته وأعمدته: إذا جعلت له عمادًا فعمودا النسب عند الفقهاء، هم: الآباء والأمهات وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا وسموا عمودين استعارة من العمود لغة؛ لأن الإنسان يعمد بهما ويقوى. قوله: "وإن مَثَلَ بعبده" مثل بوزن ضرب. ومثل "بتشديد الثاء". قال أبو السعادات: مثلت الحيوان أمثل مثلًا: إذا قطعت أطرافه، وشوهت به، وبالقتيل: إذا جدعت أنفه أو أذنه، أو مذاكيره، أو شيئًا من أطرافه "أي قطعت3. والاسم: المثلة. وأما مثل: بالتشديد فللمبالغة. قوله: "ويُسْتَسْعى الْعَبْدُ" قال الأزهري: الاستسعاء مأخوذ من

_ 1 هذه الفقرة بتمامها لم ترد في "ط". 2 سورة الهمزة: الآية "9". 3 أي قطعت: كأنه أراد أن يقول: إذا جدعت أنفه أو قطعت أذنه أو مذاكيره، أو شيئًا من أطرافه، ففاته ذلك فاستدركه على اعتبار أن الجدع للأنف وما بقي معروف فيه القطع، وكان بإمكانه ألا يستدرك على غرار قول الشاعر: "من الوافر"، "وزججن الحواجب والعيونا" فالتزجيج للحواجب والعيون لهن كَحَّلْنَ فذكر زجج للاثنين على إضمار كحلن أو الاكتفاء بزجَّجْنَ.

السَّعْي: وهو العمل كأنه قال: يؤاجر ويخارج على ضريبة معلومة، ويصرف ذلك في قيمته، وغير مشقوق عليه، أي: غير مكلف فوق طاقته. قوله: "سرى إلى باقيه" سرى، وأسرى: لغتان، معناه: سار ليلًا، ثم استعير لتكميل الحرية في العبد المعتق بعضه، قوله: "وإن أَعْتَقَ شِرْكًا له" أي: حصة أو نَصِيبًا. قوله: "أُعْطِيَ الشريكُ" مبنيًّا للمفعول1، أي: أعطي قيمة حصته في الصورتين. قوله: "وَرَقَّ الْبَاقُونَ" رق العبد "بفتح الراء" أي: صار رقيقًا، وأرقه غيره: جعله رقيقًا ويبني للمفعول، فيقال: أرق، والرق "بكسر الراء": العبودية. قوله: "خَمْس الْمِائَةِ" "بفتح الخاء" والمراد: خمس مئات، وعرف "مائة" لتضاف النكرة إلى المعرفة، فتعرف بها2.

_ 1 مبنيًّا للمفعول: أراد: مبنيًّا للمجهول. 2 انظر بحث النكرة والمعرفة في "ابن عقيل على ابن مالك": "1/ 52".

باب التدبير

باب التَّدبير وهو: مصدر دبر العبد، والأمة تدبيرًا: إذا علق عتقه بموته؛ لأنه يعتق بعد ما يدبر سيده، والممات: دبر الحياة، يقال: أعتقه عن دبر، أي: بعد الموت ولا يستعمل في كل شيء بعد الموت من وصية ووقف وغيره، فهو لفظ خص به العتق بعد الموت.

باب الكتابة

باب الكتابة الْكِتَابَةُ: اسم مصدر بمعنى المكاتبة، قال الأزهري: المكاتبة: لفظة وضعت لعتق على مال منجم1 إلى أوقات معلومة يحل كل نجم لوقته المعلوم، وأصلها: من الكتب: الجمع؛ لأنها تجمع نجومًا. قوله: "إذا ابْتَغَاهَا" أي: طَلَبُها. قوله: "مُنَجَّمٍ نَجْمَيْنِ" النجم: بفتح النون في الأصل: اسم لكل واحد من كواكب السماء، وهو بالثريا أخص، ثم جعلت العب مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت لحلول ديونها، ثم غلب حتى صار عبارة عن الوقت، فمعنى منجم، أي: مؤقت. قوله: "أو أُبْرِئَ منه" مهموزًا أي: أسقط عنه. "وإنْ رَقَّ: "بفتح الراء"، يقال: رَقَّ يَرِقُّ رِقَّةً، والرق "بالكسر": العبودية، ولا ينبني للمفعول؛ لأنه لازم"2. قوله: "يحابي" تقدم في الحجر والشركة3. قوله: "ولا يَبِيعَهُ درهمًا بِدِرْهَمَيْنِ" يبيعه: بالنصب بإضمار "أن"؛ لأنه معطوف على اسم صحيح، ويجوز رفعه على الاستئناف. قوله: "زَوَّجَ ابْنَتَهُ من مُكَاتَبِهِ" تقول العرب: زوجته امرأة، وتزوجت امرأة، قال الفراء: في لغة أزد شنوءة: تزوجت بامرأة، قال الله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} 4 فأما زوجتها من فلان، فلم أره منقولًا، ولعله

_ 1 منجم: مقسم مقسط، والنجم: القسم أو القسط، وسيأتي منجم بمعنى مؤقت: أي محدد بوقت. 2 ما بين الرقمين مستدرك من "ط" وقد مر شرح كلمة الرق قبل قليل. 3 وهذه الفقرة لم ترد في "ط". 4 سورة الطور: الآية "20".

من تضمين زَوَّجَ معنى: أَدْنى، كأنه قال: أدنى ابنته من مكاتبه، أو على زيادة "من" في الإثبات، وهو مذهب الأخفش، فيكون الأصل: زوج ابنته مكاتبه.

باب أحكام أمهات الأولاد

باب أحكام أمهات الأولاد الأحكام: جمع حُكْمٍ، وهو في اللغة: القضاء، والحكمة. وفي الاصطلاح: خطاب الله تعالى المفيد فائدة شرعية، فأحكام أمهات الأولاد ما ذكره في الباب: من تحريم بيعهن، وجواز الانتفاع بهن ونحوهما. وأمهات: واحدتها أم، وأصلها، أمهة، ولذلك جمعت على أمات، باعتبار اللفظ، وأمهات: باعتبار الأصل. وقال بعضهم: الأمهات للناس، والأُمَاتُ: للبهائم، قال الواحدي: الهاء في أمهة زائدةٌ عند الجمهور، وقيل أصلية. قوله: "عَلِقَتْ" علقت الأنثى، بكسر اللام: حملت. قوله: "لا تخطيط فيه" أي: لا تأثير يه. والتخطيط: مصدر خطط تخطيطًا، مثل كلم تكليمًا، وهو مبالغة في خط، كَمَدَّهُ مدًّا، ومَدَّدَهُ تمديدًا، والله أعلم. قوله: "بقيمتها أَوْ دُوْنَها" دونها: بالنصب. صفة لموصوف محذوف، أي: أو مقدار دونها، ويجوز جره عطفًا على قيمتها المجرور. قوله: "من غِشْيَانِهَا" بكسر الغين، أي: من جماعها، يقال: غشي المرأة غِشْيَانًا إذا جامعها.

كتاب النكاح

كتاب النِّكاح مدخل ... كتاب النِّكاح النكاح في كلام العرب: "الجماع"1 والوطء. قاله الأزهري، وقيل للتزويج: نكاح؛ لأنه سبب الوطء، ويقال: نكح المطر الأرض، ونكح النعاس عينه، وعن الزجاج: النكاح في كلام العرب بمعنى الوطء والعقد جميعًا، وموضوع ن ك ح في كلامهم: للزوم الشيء للشيء راكبًا عليه، قال ابن جني: سألت أبا علي الفارسي عن قولهم: نكحها، قال: فرقت العرب فرقًا لطيفًا تعرف به موضع العقد من الوطء. فإذا قالوا: نكح فلانة، أو بنت فلان أرادوا: تزوجها، وعقد عليها، وإذا قالوا: نكح إمرأته، أو زوجته: لم يريدو إلا المجامعة؛ لأن بذكر امرأته وزوجته يتسغنى عن العقد، وقال الجوهري: النكاح: الوطء، وقد يكون: العقد: ونكحتها، ونكحت هي، أي: تزوجت وهي في الشرع: العقد، وقال القاضي أبو يعلى: هو حقيقة في العقد، والوطء جميعًا وقيل: بل هو حقيقة في الوطء، ومجاز في العقد، حكى الثلاثة المصنف في: "المغنى"، وصحح الأول. قوله: "التَّخَلِّي" هو: تفعل من خلا يخلو: إذا انفرد، فالتخلي إذن: التفرد والخلوة بنوافل العبادة، دون النكاح، وتوابعه. قوله: "مُوَاقَعَةُ المَحْظُورِ" المحظور: الحرام.

_ 1 ما بين الحاصرتين من "ط".

قوله: "الْوَلُود" هي: التي تكثر ولادتها، يقال منه: ولدت، فهي والد، فإذا أرادوا التكثير قالوا: ولود. قوله: "الْحَسِيْبَةُ" هي: النسيبة. وأصل الحسب: الشرف بالآباء، وما يعده الإنسان من مفاخرهم. "خِطْبَةُ امْرأَةٍ" "بكسر الخاء" أي: طلب نكاحها من نفسها ومن وليها، والخطبة "بالفتح" المصدر من خطب القوم، "وبالضم": ما يقوله الخطيب، ومنه قول المصنف رحمه الله يخطب بخطبة ابن مسعود1. قوله: "الْمُسْتَامَةِ" هي المطلوب شراؤها، يقال: سام الشيء، استامه: طلب ابتياعه، فهو مستام: للفاعل والمفعول2. قوله: "أُولي الإِرْبَةِ" بمعنى: أصحاب. والإربة "بكسر الهمزة": الحاجة. والمراد هنا بالإربة: النكاح. والأربة "بالفتح": المرة من أرب العقدة: أحكم عقدها، وبالضم العقدة. قوله: "والْعِنِّين" "بكسر العين والنون المشددة": العاجز عن الوطء، وربما اشتهاه ولا يمكنه، مشتق من عن الشيء: إذا اعترض، قال الجوهري: رجل عنين: لا يشتهي النساء، بين العنة، وامرأة عنينة: لا تشتهي الرجال. فعيل بمعنى: مفعول، كجريح، وقال صاحب "المطالع": وقيل: والذي له ذكر لا ينتشر. وقيل: هو الذي له مثل الزر وهو الحصور، وقيل: هو الذي لا ماء له، والله أعلم. والعُنَّةُ "بالضم": العجز عن الجماع، "وبالفتح": المرة من: عَنَّ

_ 1 انظر "المقنع" ص: "302" بتحقيقنا. 2 للفاعل والمفعول: أي هو اسم فاعل واسم مفعول.

الرَّجُلُ، إذا صار عِنِّينًا، أو مجبوبًا، "وبالكسر": الهيئة من ذلك، ومن غيره. قوله: "إلى الْغُلامِ" قال صاحب "المطالع": يقال للصبي، من حين يولد إلى حين يبلغ: غلام. وتصغيره غليم، وجمعه، غلمان، ويقال أيضًا للرجل المستحكم القوة غلام قال في "الكافي": يكره النظر إليه مع عدم الشهوة. قوله: "مع أَمَتِه" المراد: أمته المباح وطؤها، لتخرج المزوجة، والمجوسية، والوثنية، وهو خير من قوله: مع سريته، لشموله المباحة غير السُّرِّيَّةِ. قوله: "ولا التَّعْرِيض" هو خلاف التصريح من القول، ومنه "إنَّ في الْمَعَارِيض لَمَنْدُوحَةً عن الْكَذِبِ"1 أي: سعة، وفسحة عن تعمد الكذب. قوله: "مُجْبَرَة" هو اسم مفعول، من أجبره على الشيء: إذا أكرهه عليه، ويقال: جبره، فهو مجبور. قوله: "مساءً يَوْمَ الْجُمُعَةِ" مساء: بالنصب والتنوين، ويوم الجمعة، نصب على الظرف، ولو جر كان صحيحًا، لكن يخرج منه كل مساء غير مساء الجمعة، وهو مراد. قوله: "زُفَّتْ" أي: أهديت، يقال: زفت العروس إلى بيت زوجا زفًّا وزفافًا، وأزففتها: أهديتها. قوله: "جَبَلْتَها عليه" أي: خلقتها، وطبعتها، والله أعلم.

_ 1 ذكره المتقي الهندي في "كنز العمال" "3/ 630" وعزاه لابن عدي والبيهقي من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.

باب أركان النكاح وشروطه

باب أركانِ النِّكاح وشروطِهِ قوله: "القبول" تقدم في كتاب البيع، وكذلك الإيجاب1. قوله: "قال الْخَاطِبُ" هو:اسم فاعل من خطب، بمعنى: طلب، وبمعنى: قرأ الخطبة، ويحتمل هنا الأَمْرَي، ولا يختص هذا الخاطب، وذكر صاحب "المُحَرَّر"2 فيه: أن قول الخرقي3 فيهما منصوص الإمام أحمد رضي الله عنه. قوله: "إذْن البِكْرِ الصُّمَاتُ" أي: السكوت. يقال: صمت يصمت صمتًا وصموتًا وصماتًا، وأصمت، أي: سكت. قوله: "أَوْ وَثْبَةٍ" أي: قفزةٍ. يقال: وثب وثوبًا ووثبًا: قفز، والمرة: الوثبة، وفي معنى زوالها بالأصبع والوثبة: زوالها بعود، أو شدة حيض، نص على ذلك في "المغني". قوله: "وإن عَضَلَ" أي: منع، يقال: عضل المرأة يعضلها ويعضلها: "بضم الضاد وكسرها". قوله "الْقَافِلَةُ" تقدم في الأمان4. قوله: "كُفْءًا لها" الكفء والكفؤ: بوزن قفل، وعنق: المثل، والنظير، قال ابن القطاع في "الأفعال" كفؤ الخاطب كفاءة، صار كفيئًا

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 هو أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحزاني الجد، مجد الدين، الإمام الفقيه الكبير، شيخ الغسلام وأحد الحفاظ الأعلام مات سنة "652" هـ. انظر ترجمته في "شذرات الذهب" "7/ 443". 3 انظر ترجمته في آخر الكتاب: "333". 4 هذه الفقرة لم ترد.

لمن خَطَبَ إليه، وكذلك في غير النكاح، قال أبو السعادات: الكفء: النظير المساوي، ومنه الكفاءة في النكاح وهو أن يكون الزوج مساويًا للمرأة في حسبها ودينها ونسبها وبيتها وغير ذلك، وجمع الكفء: أكفاء. قوله: "عفِيفَة" أي: ذات عفة، وهي: الكف عما لا يحل. قوله: "بفاجر" الفاجر: المنبعث في المعاصي، والمحارم. قوله: "قرشية لغير قرشي، ولا هاشمية لغير هاشميٍّ" قرشية وقرشي نسبة إلى قريش، وهو فهر بن مالك، وقيل النضر بن كنانة، وقريش: لقب. وهاشمية، وهاشمي: نسبة إلى هاشم، وهو عمرو بن عبد مناف، ولقب بهاشم: لأنه هشم الثريد لقومه، قال الشاعر: "من الكامل" عمرو الذي هَشَمَ الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف1 ويروي: عمرو العُلا قوله: "والصِّنَاعَنة" الصناعة "بكسر الصاد وفتحها": حرفة الصانع. قوله: "ولا بنت بَزَّازٍ بِحَجَّامٍ" البزاز: بياع البز، والحجام: صانع الحجامة، استغنوا بصيغة فعال عن ياء النسب. قوله: "ولا بنت تَانِئ بحائكٍ" التانئ: بالهمز بلا خلاف بين أهل اللغة، وهو صاحب العقار، قال الجوهري: وابن فارس، وغيرهما:

_ 1 البيت في "التاج - هشم" وأنشده كما يلي: "من الكامل" عَمْرو الْعُلا هَشَم الثَّريد لِقَوْمِهِ ... ورجال مكة مسنتون جياع وهو منسوب في التاج إلى ابن الزبعري.

هو من تنا بالبلد "بالهمز": إذا قطنه، وجمع التانئ تناء، كفاجر، وفجار، والاسم منه التناءة، والله أعلم.

باب المحرمات في النكاح

باب المحرَّمات في النِّكاح المصاهرة: مصدر صاهرهم: إذا تزوج إليهم. والصهر بمعنى: المصاهرة. والصهر: من كان من أقارب الزوج، أو الزوجة. قوله: "وحلائل آبائه" الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة، والرجل حليلها؛ لأنها تحل معه، وقيل: لأن كل واحد منهما يحل للآخر. قوله: "والربائب" هي جمع: ربيبة، وهي بنت الزوجة من غير الزوج، والذكر: ربيب. قوله: "بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ" أي: وطئ، وقال الجوهري: مباشرة المرأة: ملامستها وكلاهما محرم، وكذا القبلة. "تَلَوَّطَ بِغُلَامٍ" يقال: لاط الرجل: ولاوط عمل عمل قوم لوط، وتلوط تفعل، وهو عبارة عن وطء الذكر في دبره، ولا فرق بين الغلام والبالغ في التحريم، وذكروا الغلام؛ لأنه الغالب، لا لأن البالغ ليس كذلك. قوله: "بَائِنًا أو رَجْعَيَّة" البائن: التي لا رجعة لزوجها عليها، لكونها مطلقة ثلاثًا، أو دونها بعوض، أو بغيره، وقد أنقضت عدتها، ولم يقل: بائنة لاختصاصه بالإناث، كحائض، والرجعية: كل مطلقة ليست كذلك. قوله: "إلى أمد" أي: إلى غاية، الأمد: الغاية، كالمدى.

قوله: "العَنَتَ" تقدم في الحيض1. قوله: "وَلَا يَجِدَ طَوْلًا" الطول "بالتفح": الفضل، أي: لا يجد فضلًا ينكح به حرة. قوله: "فلم تُعِفَّهُ" أي: لم يحصل له العفاف، وهو الكف عن الحرام، يقال: عف يعف عفة، فهو عفيف، وأعفه غيره يعفه، والله أعلم.

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

باب الشروط في النكاح

باب الشروط في النِّكَاح "قوله" "لِتَكْتَفِئَ ما في صَحْفَتِها" تكتفئ مهموزًا: تفتعل، من كفأت القدر: إذا كببتها لتفرغ ما فيها، يقال: كفأت الإناء، وأكفأته: إذا كببته، وإذا أملته، وهذا تمثيل لإمالة الضرة حق صاحبتها ومن زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها. والصحفة: إناء، كالقصعة المبسوطة. قوله: "نكاح الشِّغَارِ" سمي شغارًا، لارتفاع المهر بينهما، من شغر الكلب: إذا رفع رجله ليبول ويجوز أن يكون من شغر البلد، إذا خلا، لخلو العقد عن الصداق، ومعناه ما ذكره المصنف، رحمه الله. قوله: "نِكَاحُ الْمُتْعَةِ" هو: من التمتع بالشيء: الانتفاع به، يقال: تمتعت أتمتع، والاسم: المتعة، كأنه ينتفع إلى مدة معلومة، وقد فسر معناه أيضًا. قوله: "أو نَسِيبَة" أي: ذات نسب صحيح شريف، يرغب في مثله شرعًا، مثل كونها من أولاد العلماء والصلحاء.

باب حكم العيوب في النكاح

باب حكم العيوب في النِّكَاح قوله: "عنينًا" تقدم في أول النكاح1. قوله: "الرَّتَقُ" "بفتح الراء والتاء" مصدر رَتِقَتِ المرأة "بكسر التاء" ترتق رَتْقًا: إذا التحم فرجها. فأما القَرَن "بفتح القاف والراء":فمصدر: قَرَنَتْ المرأة "بكسر الراء" تقرن قَرَنًا "بفتحا فيها" إذا كان في فرجها قرِن" بسكون الراء" وهو عظم، أو غدة مانعة ولوج الذكر، فيجوز أن يقرأ ما في الكتاب بفتح الراء على المصدر، وبسكونها على أنه العظم أو الغدة. قوله: "والعَفَلُ" العفل "بوزن فرس": نَتْأَةٌ2 تخرج في فرج المرأة، وحياء الناقة، شبيهة بالأدرة3 التي للرجال في الخصية، والمرأة عفلاء، والتعفيل: إصلاح ذلك. "قوله" "رِغْوَةٌ" تقدم في الجنائز. قوله: "الفَتَقُ" قال الجوهري: الفتق، بالتحريك مصدر قولك: امرأة فتقاء، وهي المنفتقة الفرج، خلاف الرتقاء، والفتق: الصبح، والفتق: الخصب4.

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 كذا في "ط": "نتأة" وفي "ش": "هنة" والنتأة: من نتأ: خرج وارتفع ومنه قولهم: الكعب: عظم ناتئ. 3 الأدرة: وزن غرفة: انتفاخ الخصية "المصباح - أدر". 4 في "المصباح": فتقت الثوب فتقًا من باب قَتَل: نقضت خياطته حتى فصلت بعضه من بعض فانفتق، وفتقت بالتشديد مبالغة وتكثير.

قوله: "وهو الجُذام" الجذام: داء معروف تتهافت منه الأطراف، ويتناثر منه اللحم، نسأل الله العافية "والبَرَصُ" "بفتح الباء والراء" مصدر بَرِصَ "بكسر الراء": إذا ابيض جلده، أو اسود بعلة، قال الجوهري: البرص داء وهو بياض. قوله: "مُطْبِقًا أو يَخْنُقُ" مُطْبِقًا، "بضم الميم وكسر الباء": أي دائمًا، يقال: أطبق المطر: إذا دام ويخنق بوزن يكتب ويقتل. ويخنق: "بتشديد النون وكسرها": بزن يكلم ويسلم، ويكون الضمير عائدًا على الجنون، أي: سواء كان الجنون دائمًا، أو يخنق في بعض الأحيان ويجوز "أَوْ يُخْنَقَ" "بضم الياء وفتح النون على البناء للمفعول بتخفيف النون وتشديدها" ويكون الضمير للمخنوق على حذف المضاف، أي: يخنق صاحبه، فخذف صاحب فارتفع الضمير لقيامه مقامه، واستتر. قوله: "واخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا في البَخَرِ" إلى آخر الباب، "البخر" بوزن قلم: نتن رائحة الفم، يقال: بخر الفم بخرًا "بكسر الخاء في الماضي وفتحها في المصدر". "والنُّجْوُ": الغائط. والقروح معروفة، واحدها: قَرْح وقُرْح و"بفتح القاف وضمها" كالضَّعَف والضُّعْف. والباسور "بالموحدة تحت": واحد البواسير، وهي علة تخرج في المقعدة. والناسور بالنون، العرق الغبر الذي لا يزال ينتقض. والخصاء بالمد: مصدر خصيت الفحل خصاء: إذا سللت أُنْثَيَيْهِ، أو قطعتهما، أو قطعت ذكره، ويأتي الكلام على الخصيتين في كتاب الجنايات.

والوجاء "بكسر الواو ممدودًا": رَضُّ عروق البيضتين، حتى تَنْفَضِخَ، فيكن شبيهًا بالخصاء. والدلالة "بكسر الدال وفتحها" والدلول والدلولة "بضم دالهما" كله: الهداية إلى الشيء، والله أعلم.

باب نكاح الكفار

باب نكاح الكفَّار قوله "يحول بيهما الكفَّار" يحول: "بوزن يقول" أي: يفرق، ويقال: حال الشيء بيني وبينك، أي: حجز. قوله: "لِكَيْفِيَّةِ عَقْدِهِمْ" الكيفية: لفظ مولد مصوغ من كيف. وكيف: اسم غير متمكن لا يتصرف فيه، والمراد هنا بالكيفية: صفة العقد وحاله، وكيف: اسم يستفهم به عن الحال، والله أعلم.

كتاب الصداق

كتاب الصّداق مدخل ... كتاب الصَّدَاق وفيه خمس لغاتٍ: صداق: "بفتح الصاد"، وصداق: "بكسرها"، "وصَدُقَة": "بفتح الصاد وضم الدال"، وصُدقة، وصَدقة: "بسكون الدال مع ضم الصاد وفتحها" وحكى الأخيرة ابن السيد بشرحه. وهو العوض المسمى في عقد النكاح، وما قام مقامه، وله ثمانية أسماء: الصداق، والمهر، والنخلة، والفريضة، والأجر، والعقر، والحباء، والعلائق، وقد نظمتها في بيت وهو: "من الطويل" صَدَاقٌ ومَهْرٌ نِخْلَةٌ وفَرِيضَةٌ ... حِبَاءٌ وأَجْرٌ ثم عَقْرٌ عَلَائِقُ يقال: أصدقت المرأة، ومهرتها وأمهرتها، نقلها الزجاج، وغيره وأنشد الجوهري مستشهدًا على ذلك: "من الطويل" أخذن اغتصابًا خِطْبَةً عَجْرَفِيَّةً ... وأُمْهِرْنَ أَرْمَاحًا مِنَ الخَطِّ ذُبَّلا1 قوله: "لا يَعْرى" أي: لا يَخْلُو. قوله: "وعَينٍ ودَينٍ" العين: لفظ مشترك في نحو من عشرين مسمى، والمراد هنا: المال الحاضر، والدين: ما كان في الذمة.

_ 1 والبيت في "التاج - مهر" أيضًا ومن المهر: المهيرة بمعنى الحرة؛ لأن لها مهرًا وليست السرية، والمهيرة أيضًا: غالية المهر والخطبة العجرفية: فيها جفوة العجرفية والتعجرف الجفوة "الأساس - عجر".

قوله: "كَرِعَايَةِ غَنَمِهِمَا مُدَّةً" الرعاية: الحفظ، وأكثر ما يستعمل الرعي: في الغنم، يقال: رعيت الغنم رعْيًا، وأرعيتها: جعلتها ترعى، فالراعي: حافظ، فيطلق على فعله الرعاية، والرعي، "بالكسر": الكلأ. قوله: "أو قصيدة من الشعر الْمُبَاح" القصيدة: الأبيات المنظومة على روي واحد1، كباتت سعاد، ونحوها. والجمع: قصد، كسفينة، وسفن. والشعر: كلام موزون وهو معروف. قوله: "وهو السِّنْدِيُّ" العبد السِّنْدِي: هو منسوب إلى السند: البلاد المعروفة، يقال: سندي للواحد، وسند للجماعة كزنجي وزنج. قوله: "فُقِئَتْ عَيْنُهُ" قال الجوهري: فقأت عينه: إذا لحقتها أي: غرتها يقال: غار عينه، وأغورها، وفقأها، وبخقها، كله بمعنى. قوله: "حُكْمًا" منصوب على المصدر، أي: دخولًا حكمًا. وهو مصدر مبيع للنوع؛ لأن الدخول نوعان: حسي، وحكمي، فبين بقوله: حكمًا أحد النوعين. قوله: "فما يَنْمِي" يقال: نمى المال، وغيره ينمي، ويقال: ينمو بالواو. ويقال: نمو، ينمو بوزن ظرف يظرف، والأولى: الفصحى، وكله بمعنى: كثر. قوله: "في الْمُفَوِّضَةِ" المفوضة "بكسر الواو": اسم فاعل من

_ 1 الروي: وهو حرف بنيت عليه القصيدة ونسبت إليه: كبائية أبي تمام في مدح المعتصم وسينية البحتري في رثاء المتوكل. انظر "الكافي في علمي العروض والقوافي" صفحة "103-104". و"ميزان الذهب في صناعة شعر العرب" صفحة: "124".

فَوَّضَ، "وبفتحها": اسم مفعول منه. قال الجوهري: فوض إليه الأمر، أي: رَدَّهُ إليه. والتفويض في النكاح: التزويج بلا مهر، فالمفوضة "بفتح الواو" أي: المفوض مهرها، ثم حذف المضاف، وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه، فارتفع واستتر. والمفوضة بكسرها: التي ردت أمر مهرها إلى وليها. قوله: "قبل الإصَابَةِ" أي: قبل الوطء. قوله: "إلا المتعة" اسم مصدر، يقال: متعته تمتيعًا، وتمتع هو تمتعًا، والاسم: المتعة، ثم يقال للخادم والكسوة وسائر ما يتمتع به: متعة، تسمية المفعول1 بالمصدر، كالخلق بمعنى المخلوق. قوله: "على المُوسِعِ قَدَرُهُ وعلى الْمُقْتِرِ قَدَرُه" الموسع: الغني، يقال: أوسع الرجل فهو موسع: إذا استغنى. والمقتر: الفقير، يقال: اقتر الرجل فهو مقتر: إذا افتقر. وقدره أي: مقدارُهُ. قوله: "نَقَصَتْ" "بفتح النون" ويجوز ضمها على البناء للمعفول، يقال: نقص الشيء، ونَقَصْتُهُ.

_ 1 المفعول: أي اسم المفعول كما قيل.

باب الوليمة

باب الوليمة الوَلِيمَةُ: مشتقة من الولم وهو الجمع؛ لأن الزوجين يجتمعان، قاله الأزهري وغيره1. حكى ابن عبد البر، عن ثعلب وغيره من أهل اللغة، أن الوليمة اسْمٌ

_ 1 ما بين الرقمين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط".

لطعام العرس خاصة لا يقع على غيره، وقال بعض الفقهاء من أصحابنا وغيرهم: الوليمة تقع على كل طعام لسرور حادث، إلا أن استعمالها في طعام العرس أكثر. وقول أهل اللغة أولى. لأنهم أهل اللسان وأعرف بموضوعات اللغة، هذا معنى ما حكى في "المغني" وقال صاحب "المستوعب": وليمة الشيء: كماله وجمعه، وسميت دعوة العرس وليمة لاجتماع الزوجين، والله أعلم. ويقال: أَوْلَمَ: إذا صنع وليمة. والأطعمة التي يدعي إليها الناس عشرة. الأول: الوليمة وقد ذكرت. والثاني: العذيرة والإعذار للختان. والثالث: الخرس، يقال له: الخرسة لطعام الولادة. والرابع: الوكيرة: وهي دعوة البناء. والخامس: النقيعة وهي الطعام لقدوم الغائب. والسادس: العقيقة: وهي الذبح لأجل الولد. والسابع: الحذاق وهو الطعام عند حذاق الصبي1. الثامن: المأدبة: وهي كل دعوة بسبب كانت أو غيره. فهذه الثمانية ذكرها المصنف رحمه الله في "المغني". التاسع: الْوَضِيْمَةُ، وهي طعام المأتم، نقله الجوهري عن الفراء.

_ 1 حِذَاقُ الصبي: من حذاق القرآن الكريم وحذقه أتم قراءته ويمكن أن يكون من حذق في صناعته وهو حاذق فيها بين الحذاق والحذاقة. انظر "الأساس - حذَق".

العاشر: التُّحْفَةُ: وهي طعام القادم، ذكره أبو بكر بن العربي في "شرح الترمذي". قوله: "دعا الْجَفَلي" دعوة الجفلى: أن يدعو عامًا لا يخص بعضًا، فإن خص فهي دعوة النقرى، قال طرفة: "من الرمل" نحن في الْمَشْتَاةِ نَدْعُو الجَفَلى ... لا ترى الآدِبَ مِنَّا يَنتَقِرْ1 الآدب: صاحب المأدبة. قوله: "تَعَالَوا" "بفتح اللام": أمر من تعالى يتعالى. قوله: "وَسَائِر الدَّعَوَاتِ" الدعوات: واحدها دَِعْوى: "مثلثة الدال" وهي: الطعام المدعو إليه، والجمع بحسب المفرد. فمن فتح الدال فتح العين معها في الجمع. ومن كسرها: سكن العين في الجمع. ومن ضمها، جوز في العين الضم اتباعًا، والفتح والإسكان تخفيفًا. قوله: "على وِسَادَةِ" الوسادة بكسر الواو: المخدة. والجمع: وسائد. قوله: "والنِّثَارُ" النثار "بكسر النون": اسم مصدر من نثرت الشيء أنثره نثرًا. فهو اسم مصدر مطلق على المنثور2. قوله: "بالدُّفِّ" الدف: الذي تضرب به النساء "بضم الدال" وحكى أبو عبيدة عن بعضهم أن الفتح لغة، والله أعلم.

_ 1 البيت ذكره في "التاج - جفل" وعزاه إلى طرفة كما هو هنا. 2 مطلق على المنثور: يريد هو مصدر بمعنى اسم المفعول.

باب عشرة النساء

بابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ قوله: "بالمعروف" المعروف هنا: النصفة وحسن الصحبة مع الأهل. قوله: "وأن لا يَمْطُلَهُ" "هو بضم الطاء" والمطل: الدفع عن الحق بوعد. قوله" ولا يَعْزِل" العزل عن المرأة: أن لا يريق الماء في فرجها، وهو معروف. قوله: "تعافه النفس" أي: تكرهه. قوله: "إذا فرغ قَبْلَها" يقال: فرغ من الشيء يفرغ "بفتح الراء في الماضي، وضمها في المضارع" هذه لغة أهل الحجاز، وبها نزل القرآن، ولغة تميم: كسرها في الماضي، وفتحها في المضارع. قوله: "في مَسْكَنٍ وَاحِدٍ": هو بتفح الكاف وكسرها. قوله: "أَشْخَصَهَا" يقال: شخص من بلد إلى بلد: ذهب، وأشخصه غيره، أي: سفرها هو1. قوله: "يَعْضُلُهُنَّ" تقدم في أركان النكاح2. قوله: "وإن زفت" تقدم في النكاح. قوله: "في النُّشُوزِ" النُّشُوزُ: كراهة كل واحد من الزوجين صاحبه،

_ 1 لفظ "هو": سقط من "ط". 2 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

وسوء عشرته، يقال: نشزت المرأة على زوجها، فهي ناشز، وناشزة، ونشز عليها زوجها. إذا جفاها وأضر بها. قوله: "مُتَبَرِّمَةٌ" أي: متضجرة. قوله: "وَعَظَها" الوَعْظُ والعِظَةُ والعَظَةَ: تذكرتك الإنسان بما يلين قلبه من ثواب وعقاب، وقد وعظه وعظًا، واتعظ هو: قبل الموعظة. قوله: "المَضْجَعُ" مكان الاضطجاع "بفتح الجيم" وهو القياس. قوله: "غَيْرَ مُبَرِّحٍ" أي: غير شديد، قاله ثعلب. ومنه: برح به الأمر تبريحًا. أي: جهده، وتاريخ الشوق: توجهه. قوله: "إلى الشِّقَاقِ" الشقاق، والمشاقة: الخلاف، والعداوة، وشق فلان العصا: إذا فارق الجماعة، والله أعلم.

كتاب الخلع

كتاب الخلع الْخُلُعُ: أن يفارق امرأته على عوض تبذله له، وفائدته: تخلصها من الزوج على وجه لا رجعة له عليها، إلا برضاها وعقد جديد، وهل هو فسخ أو طلاق؟ على التفصيل المذكور في الباب. يقال: خَلَعَ امْرَأَتَهُ خُلْعًا، وخالعها مخالعة، واختلعت هي منه، فهي خالع، وأصله: من خلع الثوب. قوله: "وَمَعَ الأَجْنَبِيِّ" مثاله: أن يقول الأجنبي: اخلع زوجتك على كذا، فيفعل، فيصح الخلع، ويلزمه العوض. قوله: "على رَضَاعِ وَلَدِهِ" أي: على إرضاعها إياه، ورضاع: مصدر رضع رضاعًا، فكأنه قال: على أن يرضع ولدها منها عامين بإرضاعها. قوله: "على هَرَوي فَبَانَ مَرْوِيًّا" الهروي: منسوب إلى هراة: كورة من كور العجم تكلمت بها العرب. ومَرْوِيٌّ "بسكون الراء": منسوب إلى مَرْو: وهو بلد. والنسبة إليه مروزي على غير قياس، وثوب مروي على القياس. قوله: "حَابَاها" تقدم في الحجر والشركة. قوله: "فهو من رأس المال" المراد: أنه حاباها في الخلع نفسه1،

_ 1 في الخلع نفسه: في "ش" و"ط": في نفس الخلع والمثبت هو الصحيح؛ لأن التوكيد يأتي بعد المؤكد وفي نفس وعين ومثيلاتهما يجب أن يتصل بها ضمير يعود على المؤكد.

مثل أن سألته الخلع على ألف، فخلعها على مئة، فهذه المحاباه غير معتبره من الثلث؛ لأن له أن يطلقها بغير عوض، فبالعوض اليسير بطريق الأولى، ولا يصح حمل هذه العبارة على أنه خالعها وحاباها في شيء آخر، مثل أن خالعها، ثم باعها ما قيمته ألف: بخمسمائة لوجهين1: أحدهما: أن المحاباة مع الأجنبي، من الثلث، لا من رأس المال، والمخالعة: قصارها أن يكون كالأجنبي. والثاني: أنهم قد أفردوا هذه المسألة، فقالوا: وإن طلقها في مرض موته، أو وصى لها بأكثر من ميراثها، لم تستحق أكثر من ميراثها، ومحاباتها في البيع في معنى الوصية، والله أعلم. قوله: "بِمَهْرِها فَما دُونَ وبما عَيَّنَتْهُ فَمَا دُونُ" "دون" في الموضعين: مبني على الضم لنية الإضافة. قوله: "حال البينونَةِ" البينونة: مصدر بَانَ يَبِينُ بَيْنًا وبينونة: إذا ذهب أو زال، فحال الفراق حال بينونة.

_ 1 العبارة مضطربة في "ش" والتصويب من "ط".

كتاب الطلاق

كتاب الطّلاق مدخل ... كتاب الطَّلاق الطَّلَاقُ: مصدر طلقت المرأة: بانت من زوجها، وأصل الطلاق في اللغة: التخلية، يقال: طلقت الناقة: إذا سرحت حيث شاءت، وحبس فلان في السجن طلقًا إذا كان بغير قيد، وفرس طلق إحدى القوائم، إذا كانت إحدى قوائمها غير محجلة والإطلاق: الإرسال، فالطلاق شرعًا: حل قيد النكاح، وهو راجع إلى معناه لغة؛ لأن من حل قيد نكاحها فقد خليت، ويقال: طلقت المرأة وطلقت "بفتح اللام وضمها" تطلق "بضم اللام وفتحها" طلاقًا وطلقة، وجمعها: طلقات "بفتح اللام لا غير" فهي طالق، وطلقها زوجها، فهي مطلقة، والطلاق خمسة أقسام: واجب: هو طلاق المؤلي بعد المدة والامتناع من الفيأة. ومكروه: إذا كان لغير حاجةٍ على الصحيح. ومباح: وذلك عند ضروره بالمقام. ومستحب: وذلك عند تضرر المرأة بالمقام، لبغض أو غيره، أو كونها مفرطة في حقوق الله تعالى، أو غير عفيفة، وعنه يجب فيهما. وحرام: وهو طلاق المدخول بها حائضًا. قوله: "الْمُخْتَارُ" هو غير المكره، وهو اسم فاعل من اختار، ويقع على المفعول1 أيضًا، يقال: اخترت الشيء فهو مختار، ويفرق بينهما بالقرائن.

_ 1 ويقع على المفعول أيضًا: أي هو اسم فاعل واسم مفعول في الوقت نفسه.

قوله: "والمبرسم": تقدم في باب الهبة. قوله: "وإن هَدَّدَهُ" أي: خوفه، وكذلك يهدده. قوله: "والخَنِقُ" الخنق "بفتح الخاء وكسر النون": مصدر خنقه: إذا عصر حلقه، وسكون النون لغة، والله أعلم.

باب سنة الطلاق وبدعته

باب سُنَّةِ الطَّلَاقِ وبِدْعَتِهِ السنة: الطريقة والسيرة، فإذا أطلقت في الشرع فإنما يراد بها ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- ونهى عنه، وندب إليه مما لم ينطق به الكتاب العزيز، ولهذا يقال في أدلة الشرع: الكتاب والسنة. والبدعة: ما عمل على غير مثال سابق، والبدعة: بدعتان، بدعة هدى، وبدعة ضلالة. والبدعة: منقسمة بانقسام أحكام التكليف الخمسة، وليس هذا موضع تفصيلها، وتعديدها. وقد فسر طلاق السنة وطلاق البدعة، فطلاق السنة: ما أذن فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وطلاق البدعة: ما نهى عنه. قوله: "أو آية" يأتي في العدد1. قوله: "في كل قَرْءٍ" القرء "بفتح القاف": الحيض، والطهر، وهو من الأضداد2، وحكى ابن سيده: ضمها، والجمع: أَقْرَاءٌ، وَقُرُوءٌ، وأَقْرُؤٌ.

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 في "الأضداد" للأنباري: والقرء حرف من الأضداد: يقال: القرء للطهر وهو مذهب أهل الحجاز، والقرء للحيض وهو مذهب أهل العراق، ويقال في جمعه: أقراء وقروء.

قوله: "وَأَسْمَجَهُ" أفعل تفضيل من سمج سماجة، وهو: ضد حسن، واعتدل، والله أعلم.

باب صريح الطلاق وكنايته

باب صريح الطَّلَاق وكنايته الصريح في الطلاق، والعتق، والقذف، ونحو ذلك: هو اللفظ الموضوع له، لا يفهم منه عند الإطلاق غيره. والصريح: الخالص من كل شيء، ولذلك يقال: نسب صريح، أي: خالص لا خلل فيه، وهذا اللفظ خالص لهذا المعنى أي: لا مشارك له فيه. والكناية، قال الجوهري: هي أن تتلكم بشيء وتريد غيره، وقد كنيت بكذا عن كذا، وقال ابن القطاع: كنيت عن الشيء: سترته. والمراد بالكناية هنا: ما يشبه الصريح ويدل على معناه، "فإن لم يشبه الصريح ولم يدل على معناه"1، فليس بصريح ولا كناية، نحو: قومي، واقعدي، وكلي، واشربي. قوله: "والسَّرَاح" السراح: "بفتح السين": الإرسال، تقول: سرحت الماشية: إذا أرسلتها، وتسريح المرأة: تطليقها، والاسم: السراح، كالتبليغ والبلاغ. قوله: "وما تَصَرَّفَ منها" تقدم مثله في أول كتاب العتق. قوله: "مِنْ وَثَاقٍ" الوثاق: "بفتح الواو وكسرها": ما يوثق به الشيء من حبل ونحوه، قال الله تعالى: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} 2.

_ 1 ما بين الحاصرتين مستدرك من "ط". 2 سورة محمد صلى الله عليه وسلم: الآية "4".

قوله: "دُيِّنَ" مبني للمفعول، يجوز أن يكون من دين بمعنى ملك. قال الحطيئة: "من الوافر" لقد دُيِّنْتِ أمر بنيك حتى ... تركتهم أَدَقَّ من الطَّحِينِ1 كأنه ملك أمر بنيه، ويجوز أن يكون من: دينت الرجل تديينًا: إذا وكلته إلى دينه فهو قد وكل في بنيه إلى دينه. قوله: "بِشَيْءٍ لا يَتَبَيَّن" هو مثل أن يكتبه بإصبعه على مخدة أو في الهواء ونحو ذلك. قوله: "بِهَشْتَمْ" "بكسر الباء، والهاء، وسكون الشين المعجمة، وفتح التاء" كذا ضبطناه عنهم ومعناه عندهم: خليتك. قوله: "مُوْجَبَةٌ" "بفتح الجيم" وهو: اسم مفعول من أوجب الشيء: ألزمه، فموجبه: مقتضاه ومطلوبه ومدلوله، تشبيهًا بذلك. قوله: "أنتِ خَلِيَّةٌ وبَرِيَّةٌ" إلى آخر الباب، الخلية في الأصل: الناقة تطلق من عقالها ويخلى عنها، ويقال للمرأة: خلية، كناية عن الطلاق، قاله الجوهري. والبَرِيَّةُ: أصله: بريئة "بالهمز"؛ لأنه صفة من برئ من الشيء براءة، فهو بريء. والأنثى. بريئة، ثم خفف همزه كما خفف بريئة: في {خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} 2 فعلى هذا يجوز أنت بريئة بالهمز، وبرية بغير همز. وبائن، أي: منصلة، من بانت تبين، ويقال: طلقة بائنة: فاعله بمعنى: مفعوله.

_ 1 البيت في "ش" لخطاب المفردة المؤنثة وفي "ط" لخطاب المفرد المذكر، والأول أصح؛ لأن الشاعر يخاطب أمه "مفردة مؤنثة" وكذا ذكره الزمخشري في "أساس البلاغة - دين" ونسبه للحطيئة. 2 سورة البينة: الآية "7".

وبَتَّةٌ: بمعنى مقطوعة، وهي في الأصل: المرة، من بته يبته بتًّا وبتة. يقال: طلقها ثلاثًا بتة، وصدقة بتة، أي: متقطعة، وبتلة بمعنى: منقطعة، من قولهم: بتل الشيء: إذا قطعه، وسميت مريم عليها السلام البتول، لانقطاعها عن1 الرجال، وفاطمة الزهراء البتول، لانقطاعها عن نساء زمانها فضلًا، ودينًا، وحسبًا، وقيل: لإنقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى. قوله: "والْحَرَجُ" "بفتح الحاء والراء": الضيق، يقال: حرج "بكسر الراء" يحرج حرجًا "فتحها في المضارع والمصدر" فقولهم في الكناية: أنت الحرج: من باب الوصف بالمصدر مبالغة، أو على حذف المضاف، أي: ذات الحرج. وخليتك وأنت مخلاة أي: أطلقتك فأنت مطلقة، من قولهم: خلَّى سبيله، فهو: مُخَلَّى، وأنت واحدة، أي: منفردة. واستبري أصله الهمز؛ لأنه من قولهم: إستبرأت الجارية: إذا تركتها حتى يبرأ رحمها، وتتبين حالها، هل هي حامل، أم لا. "واعتزلي": اعتزال الشيء: إذا كان بمعزل منه، فمعنى اعتزلي، أي: كوني وحدك في جانب. وحبلك على غاربك. الغارب: مقدم السنام، فمعنى حبلك على غار بك: أنت مرسلة مطلقة، غير مشدودة، ولا ممسكة بعقد النكاح. "قوله" "ولا سبيل لي عليك" السبيل: الطريق: يذكر ويؤنث، قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} 2 فأنث وقال تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ

_ 1 ما بين الرقمين مستدرك على الهامش في "ش". 2 سورة يوسف: الآية "108".

الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} 1 فذكر، "ولا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك" أي: لا ولاية لي عليك، والسُّلْطانُ: الوالي، من السلاطة: الْقَهْرِ. "قوله" "واقْرُبي" "بضم الراء": أمر من قرب "بضم الراء" من الشيء قُرْبًا: صار قريبًا منه، والله أعلم.

_ 1 سورة الأعراف: الآية "146".

باب ما يختلف به عدد الطلاق

باب ما يَخْتَلِفُ به عَدَدُ الطَّلَاقِ قوله: "طَلَقَات" بفتح الطاء واللام لا غير. قوله: "ما أُرى"أرى: "بضم الهمزة" كذا قرأته على المشايخ، وهو ظاهر حال الإمام أحمد، فإنه كان مُتَهَيِّبًا للفتوى في كثير من فتاويه، لا يجزم بل يقول: أرجو، أو أخاف، ونحو ذلك. قوله: "بِنَّ منه": فعل ماض معتل العين محذوفها لالتقاء الساكنين، مكسور أوله لكون عينه ياء، مدغمة لامه في نون ضمير الفاعلات، فنظيره، قولك: النساء مِنَّ، بمعنى: كذبن، ولن: كن لينات، "والله أعلم"1. باب الاستثناء في الطَّلاق الاستثناء: مصدر استثنيت، وهو إخراج الشيء مما دخل فيه غيره بـ "إلَّا" أو إحدى أخواتها، فإذا قال: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة، فقد أخرج الواحدة مما دخل فيه الاثنان، وهو لفظ الثلاثة، فالمستثنى: داخل لفظًا غير مراد معنى، والله أعلم.

_ 1 عبارة: "والله أعلم": زيادة من "ط".

باب الطلاق في الماضي والمستقبل

باب الطَّلاق في الماضي والمستقبل باب تعليق الطلاق بالشروط ... باب تعليق الطلاق بالشروط قوله: "وأدوات الشَّرط ستة" كذا وقع بخط المصنف رحمه الله: ستة، بالهاء، والوجه: ست بحذفها، ويمكن تخريجه على الحمل على المعنى، على تأويل الأدوات بالألفاظ جمع لفظ، واللفظ، مذكر،

ونظير ذلك قول الشاعر: "من الوافر" ثلاثةُ أنفسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ ... لَقَدْ جَارَ الزَّمَان على عِيالِي1 والنفس: مؤنثة، لكنها أريد بها الإنسان. قوله: "وإن، وإذا، ومتى، ومَنْ، وأَيُّ، وكُلَّما". "إن": المكسورة المخففة الرابطة بين جملتي الشرط والجواب موضوعه للشرط وهو ربط الجزاء بالشرط، فيوجد بوجوده، ويعدم بعدمه من جهته، فإذا قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، دار الطلاق بدخول الدار مع دخولها وجودًا، وعدمًا. ثم تضمنت معناها أسماء، فربطت كربطها وهي المذكورة: فمنها "إذا": وهي: ظرف لما يستقبل من الزمان غالبًا، متضمنة معنى الشرط غالبًا، فإذا قال: إذا قمت فأنت طالق، كان ذلك شائعًا في الزمن المستقبل، متى حصل قيامها فيه، طلقت. ومنها "متى": وهي ظرف زمان، متضمن معنى الشرط، شائع في الزمن المستقبل فأي زمن وجد فيه الشرط، تعقبه جزاؤه2. ومنها "مَن" وهو اسم متضمن معنى الشرط موضوع لمن يعقل، شائع فيه، فإذا قال: من دخلت الدار فهي طالق، أو فهي حرة، كان شائعًا في نسائه، وإمائه، ومنها: أَيُّ: وهو اسم متضمن معنى الشرط، شائع فيما يضاف إليه كائنًا ما كان كقوله: "أَيُّ" امرأة قامت فهي طالق، وأي مكان جلست فيه فأنت طالق، وأي زمان حللت فيه فأنت طالق، ونحو ذلك.

_ 1 البيت ذكره ابن هشام في "أوضح المسالك" "3/ 215" وهو الشاهد "523" ونسبه للحطيئة. 2 كذا في "ش" وفي "ط": "يعقبه جزاؤه" وهما بمعنى.

ومنها "كُلَّمَا" ف "كل": اسم موضوع للعموم، مقتض للتكرار كما ذكر، و "ما" ظرفية، أي: كل وقت فعلت كذا فأنت طالق، فإن حذفت منها "ما": عمت بحسب ما تضاف إليه، كقولك: كل امرأة تقوم فهي طالق، فهو شائع في النساء، وكل يوم أو موضع جلست فيه فأنت طالق، ونحو ذلك. قوله: "وكُلُّها على التَّرَاخِي" إذا تجردت عن "لم" فإن اتصل بها "لم" صارت على الفور، إلا أنه إذا علق الطلاق بغير "إنْ" و "إذا" بإيجاد فعل، كان على التراخي؛ لأنه معلق بذلك لا يوجد قبله، وإن علق بالنفي، كان على الفور؛ لأنه إذا قضى عقيب اليمين أي زمن كان لم يوجد فيه الفعل فقد وجدت الصفة، وأما "إنْ" فلا تقتضي وقتًا أصلًا إلا من جهة لزوم الفعل وقتًا يقع فيه، فهي مطلقة في الزمن كله، وأما "إذا" ففيها وجهان: الفور، والتراخي، بناء على الشرط كـ "إن" والظرفية كـ "مَتَى". قوله: "وإن قال العاميُّ": العامي: منسوب إلى العامة الذين هم خلاف الخاصة؛ لأن العامة لا تعرف العلم، وإنما يعرفه الخاصة، فكل واحد عامي بالنسبة إلى ما لم يحصل علمه، وإن حصل علما سواه. قوله: "الجزاء" أي: الجواب، فجواب الشرط يسمى جوابًا وجزاءً. قوله: "بِمُقْتَضَاهُ" أي: مطلوبه. قوله: "فضرائرها طوالق" جمع: ضرة، سميت به، لما بينهما من المضارة. قوله: "بالعكس" الْعَكْسُ: مصدر عكس الشيء، رد أخره على أوله، فالعكس هنا عدم وقوع الطلاق بوجود الحمل، وكان يقع الطلاق بوجود الحمل.

قوله: "ولَغا مَا زَاد" أي: سقط مازاد. قوله: "بالْمَشِيَّةِ" المشية: الإرادة. وأصلها: الهمز، تقول: شاء الشيء يشاؤه مشيئةً وشيئًا، ويجوز تليين همزته قتصير ياء، ثم تدغم في الياء فتصير مشية بوزن برية. قوله: "مَنْ بَشَرْتَنِي" التبشير: الإخبار بما يظهر أثره على البشرة، وهو ظاهر جلد الإنسان، سواء كان خيرًا أو شرًّا، لكنه لا يستعمل في الشر إلا مقيدًا به، كقوله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} 1 وعند إطلاقه لا يكون إلا في الخير. قوله: "بَرَّ" "بفتح الباء" أي: صدق، يبر "بفتحها".

_ 1 سورة النساء: الآية "138".

باب التأويل في الحلف

باب التأويل في الحلف قوله: "لِتُخْبِرِنِّي" بكسر الراء؛ لأنه مسند إلى ياء المخاطبة محذوفة، وكذلك تميزن. قوله: "على بَارِيَّةٍ" البارية "بالتشديد": هي المنسوجة من القصب، يقال لها: باري وبارية وبوري، بتشديد الثلاث، وبارياء، وبورياء ممدودان1: خمس لغات. قال الأصمعي: البورياء بالفارسية، وهي بالعربية: باري، وبوري. قوله: "يَعْمَلُ من الْبَيْضِ ناطفًا" الناطف: القُبَّيْطى، وهو ضرب من الحلواء.

_ 1 في "ش" و "ط" ممدودين والصواب ما أثبتناه.

كتاب الرجعة

كتاب الرَّجْعةِ الرجعة: "بفتح الراء وبكسرها": مصدر رجعه: المرة، والحالة1، وهي ارتجاع الزوجة المطلقة غير البائن إلى النكاح من غير استئناف عقدٍ. قوله: "ولَمَّا تغتَسِلْ" "لما مشددة الميم": حرف نفي، أي: ولم تغتسل. قوله: "وَلَحْظَةٌ" اللحظة المرة، من لحظة: إذا نظر إليه بمؤخر عينه، والمراد بها هنا: الزمن اليسير قد لحظة على حذف المضاف، وتثنيتها: لحظتان، أي: قدر لحظتين.

_ 1 المرة والحالة: أي هو بهذه الصيغة مصدر مرة ومصدر هيئة.

كتاب الإيلاء

كتابُ الإيلاء الإيلاء بالمد: الحلف، وهو: مصدر، يقال: آلى بمدة بعد الهمزة، يؤلي، إيلاءً وتألَّى، وأتلى، والأليَّة، بوزن فَعِيلةَ: اليمين، وجمعها أَلَايا: بوزن خطايا، قال الشاعر: "من الطويل" قَلِيلُ الْأَلَايا حافظ ليمينِهِ ... وإن سبقت فيه الْأَلِيَّة بَرَّتِ1 والْأُلْوَةُ "بسكون اللام وتثليث الهمزة": اليمين أيضًا. والإيلاء شرعًا: حلف الزوج القادر على الوطء بالله تعالى أو صفة من صفاته على ترك وطء زوجته في قبلها مدة زائدة على أربعة أشهر. قوله: "لا اقْتَضَضْتُكِ" "بالقاء والتاء المثناة فوق"، قال أهل اللغة: اقتضاض البكر، وافتراعها "بالفاء" بمعنى، وهو: وطؤها، وإزالة بكارتها بالذكر، مأخوذ من قضضت اللؤلؤة: إذا ثقبتها. قوله: "أو لا باضَعْتُكِ أو لا بَاعَلْتُكِ أو لا قَرِبْتُكِ أو لا مَسَسْتُكِ": باضعتك بمعنى جامعتك، وهو فاعل من البضع: النكاح والفرج. وباعلتك، من البعال: النكاح. وقربتك "بكسر الراء" أي: لا غشيتك، قاله ابن القطاع في "أفعاله".

_ 1 البيت في "التاج - ألي" نقلًا عن ابن خالويه ولم ينسبه وفيه: قليل الألاء حافظ ليمينه ... الخ.

ومَسَسْتُكِ "بكسر السين الأولى، وفتحها لغة" أي: لا وطئتك، عن ابن القطاع أيضًا. قوله: "بالْحِنْثِ" الحنث في اليمين: نقضها والنكث فيها، يقال: حَنَثَ يَحْنِثُ، وكأنه من الحنث: الإثم والمعصية. قوله: "أو شَلَلٍ" الشلل "بفتح الشين واللام": مصدر شللت بكسر اللام، وهو فساد اليد، والمراد هنا: فساد الفرج. تقول: شل "بفتح الشين" ولا يقال: شل بضمها بل يقال: أشل "بضم الهمزة". قوله: "وَفَيْئَتِهِ" الفيئة: الرجوع عن الشيء الذي يكون قد لابسه الإنسان وباشره والمراد بها هنا: الرجوع إلى جماعها أو ما يقوم مقامه. قوله: "وإن طَرَأَ بها" طرأ بالهمز: إذا جاء مفاجأة، طرأ يطرأ طرءًا وطروءًا، وقد يترك همزه، فيقال: طرا، يطرو طُرُوًّا. قوله: "فإنِّي نَاعِسٌ" النعاس: الوسن، وهو مبدأ النوم، تقول: نعست أنعس نعاسًا، فأنا ناعس، ونعسان عن ابن سيده، وامرأة نعس، كَوَسْنَانَ وَوَسْنى. قوله: "امرأة عدلٌ" عدل: مصدر والمصدر إذا وصف لا يثنى ولا يجمع، والأصل امرأة ذات عدل.

كتاب الظهار

كتاب الظِّهَار الظهار، والتظهر، والتظاهر: عبارة عن قول الرجل لا مرأته: أنت علي كظهر أمي، مشتق من الظهر، وخصوا الظهر دون غيره؛ لأنه موضع الركوب، والمرأة مركوبة إذا غشيت، فكأنه إذا قال: أنت علي كظهر أمي، أراد: ركوبك للنكاح حرام علي، كركوب أمي للنكاح، فأقام الظهر مقام الركوب؛ لأنه مركوب، وأقام الركوب مقام النكاح؛ لأن الناكح راكب، وهذا من استعارات العرب في كلامها1. قوله: "كوجه حماتي" قال الجوهري: حماة المرأة: أم زوجها، فالأحماء في اللغة: أقارب الزوج، والأختان: أقارب الزوجة، والصهر: لكل واحد منهما، ونقل ابن فارس في "المجمل" أن الأحماء كالأصهار، فعلى هذا يقال: هذه حماة زيد، وحماة هندٍ. قوله: "يُجْحِفُ" تقدم في المناسك2. قوله: "المريض الْمَأْيُوسُ" اسم مفعول من يئس 3 من الشيء: إذا

_ 1 قلت: وكان أول ظهار في الإسلام قد حصل في قصة أوس بن الصامت رضي الله عنه مع زوجه خولة بنت ثعلبة سنة "11" هـ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر تفاصيلها ابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب" "1/ 138-141" بتحقيقي، طبع دار ابن كثير بدمشق. 2 انظر ص " " وهذه الفقرة لم ترد في "ط". 3 يئس: كذا في "ش" و "ط" والصواب أن يقول: من أيس والفعلان بمعنى واحد.

انقطع أمله منه. وهو مهموز بوزن مأكول. قوله: "ولا النَّحِيف" وهو الرقيق الضعيف: صفة من نحف "بضم الحاء" وكسرها لغة فيه. قوله: "في اختيار شيوخنا" أي: شيوخ مذهبنا، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه يعني: أن هذه الرواية اختارها الخرقي، وغيره. قال القاضي أبو يعلى: وهو الصحيح. قوله: "والْمَجدَّعُ" الجدع: قطع الأنف، والأذن، والشفقة، وهو بالأنف أخص. يقال رجل أجدع، ومجدوع، فأما مجدع، فللتكثير؛ ولأنه لما كرر جدع أنفه وأذنه كثر الجذع فيه، فقيل: مجدع، فإن جدع أحدهما أجزأ، بل لوجدع أذناه معاً أجزأ، نص على ذلك في "المغني". قوله: "من أوسط ما تطعمون أَهْلِيْكُمْ" قال الجوهري: الوسط من كل شيء: أعدله، ويقال: شيء وسط: بين الجيد والرديء. وقال عبيدة السلماني1: الأوسط: الخبز والخل. والأعلى: الخبز واللحم. والأدنى: الخبز البحت. والكل مجزئٌ، والله أعلم.

_ 1 هو عبيدة السلماني المرادي الكوفي الفقيه المفتي، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتفقه بعليٍّ وابن مسعود، قال الشَّعْبِي: كان يوازي شريحًا في القضاء. مات سنة "72" هـ. انظر "شذرات الذهب" "1/ 304".

كتاب اللعان

كتاب اللِّعان اللِّعَانُ: مصدر لاعن لعانًا: إذا فعل ما ذكر، أو لعن كل واحد من الاثنين الآخر. قال الأزهري: وأصل اللعن: الطرد، والإبعاد، يقال: لعنه الله، آي: باعده. قال الشماخ: "من الوافر" ذَعَرْتُ به الْقَطَا ونفيتُ عنهُ ... مقام الذئب كالرجل العِينِ1 أي: الطريد. الْتَعَنَ الرجل: إذا لعن نفسه من قبل نفسه، واللعان لا يكون إلا من اثنين، يقال: لا عن امرأته لعانًا، ملاعنة، وتلاعنًا، والتعنا: بمعنى واحد ولا عن الإمام بينهما، ورجل لعنة "بوزن همزة": إذا كان يلعن الناس كثيرًا، ولعنة "بسكون العين" يلعنه الناس. قوله: "بغير حَضْرَةِ الْحَاكِمِ" حضرة الحاكم بمعنى: حضوره، مثلث الحاء. قوله: "خَفِرَة" خفرة "بفتح الخاء المعجمة وكسر الفاء": الشديدة الحياء، خَفِرَتْ، "بكسر الفاء" تخفر "بضم الفاء" خفرًا فهي خفرة ومتخفرة: وهي ضد البرزة. قوله: "ولا يُعْرَضُ للزَّوْجِ" يعرض "بضم الياء" على البناء لمفعول: أي: لا يتعرض له. نقل الجوهري عن الفراء: يقال مر بي

_ 1 البيت في"التاج - لعن" منسوب للشماخ. ذعرت: في "ش": دعرت، وفي "ط": دعوت، والتصحيح من التاج.

فُلَانٌ فما عرضت له "بفتح الراء وكسرها" قال يعقوب: ولا تقل: ما يعرضك بالتشديد. قوله: "أو هُنِّئَ به" مبني للمفعول1. يقال: هنئت بكذا: إذا فرحت به، وهنأته به فرحته، وهنئ به، فرح، كله بالهمز. وقال الجوهري: التهنئة: خلاف التعزية. قوله: "أو أَمَّنَ على الدُّعَاءِ" أمن: إذا قال عند الدعاء: آمين. وقد تقدم الكلام على معنى "آمين"، والله أعلم2.

_ 1 مبنى للمفعول: أي مبني لمجهول كما سبق وأشرنا مرارًا. 2 عبارة والله أعلم: ليست في "ط".

كتاب العدد

كتاب العدد مدخل ... كِتابُ العِدَدِ العِدَدُ: جمع عدة "بكسر العين فيهما" وهي: ما تعده المرأة من أيام أقرائها، وأيام حملها، أو أربعة أشهر وعشر ليال للمتوفى عنها، قال ابن فارس، والجوهري: عدة المرأة: أيام أقرائها، والمرأة معتدة. قوله: "قبل الْمَسِيسِ" المسيس: اللمس. قال الجوهري: وأصل اللمس باليد، ثم استعير للجماع؛ لأنه مستلزم للمس غالبًا، وكذا استعير للأخذ والضرب والجنون. قوله: "وَإنِ إرْتَابَتْ" أي: حصل لها ريب، وهو الشك. يقال: رابني الشك: إذا رأيت منه ريبة، وهي التهمة، وهذيل تقول: أرابني. قوله: "وانتفاخ البطن" "بالخاء المعجمة": ارتفاعه، ويقال: أجد نفخة1 "مثلث النون": إذا انتفخ بطنه، ويجوز انتفاج البطن "بالجيم" من قولهم: انتفج جانبا البعير: إذا ارتفعا، ونفج ثدي المرأة قميصها: إذا رفعه. 2 قوله: "قُرْءًا" والقروء، تقدم في باب سنة الطلاق، وبدعته. قوله: "وحد الأياس" يقال: يئس من الشيء، وأيس منه، يأسًا فيهما، فحقه أن يقول: فحد اليأس، فأما الإياس، فمصدر آيسه من الشيء إياسًا.

_ 1 أجد نفخة: كذا في "ش" وفي "ط": أخذته نفخة. 2 ما بين الرقمين ليس في "ط".

فالأيسة قد آيسها الله تبارك وتعالى من الحيض، فلذلك استعمل مصدره لكن استعمال المصنف رحمه الله يأبى ذلك في قوله: يئست وتيأس1 وآيسة. قوله: "الجارية التي أدركت" أي: بلغت الحلم. عن السعدي. قوله: "والسائحُ" السائح: الذاهب في الأرض للتعبد والترهب. قاله الجوهري والسعدي وغيرهما. وقال عطاء: السائحون: الغزاة، وقال عكرمة: طلبة العلم. "ويجب الإحداد" الإحداد: مصدر أحدت المرأة على زوجها: إذا تركت الزينة لموته فهي محد، ويقال أيضًا: حدث تَحِدُّ وتَحُدُّ "بكسر الحاء وضمها" فيكون في مضارعه، ثلاث لغات. واحدة: من الرباعي، واثنتان من الثلاثي، والحداد "بكسر الحاء" ثياب سود يحزن بها. والحد: المنع، فالمحدة: ممتنعة من الزينة. قوله: "والحفاف واسفيداج العرائس" الحفاف "بكسر الحاء": مصدر حفت المرأة وجهها من الشعر تحفه حفًّا وحفافًا، واحتفت مثله، والمحرم عليها إنما هو نتف شعر وجهها، فأما حفه، وحلقه، فمباح، نص عليه أصحابنا. والاسفيداج معروف، يعمل من الرصاص، ذكره الأطباء في كتبهم، ولم أر أحدًا من أهل اللغة ذكره، والألف في المعرب لكونها لفظة مولدة2. والعرائس جمع عروس، قال الجوهري: يقال: رجل عروس في رجال عرس، وامرأة عروس في نساء عرائس، وأعرس الرجل: بنى بأهله أو عمل عرسًا ولا تقل: عرس، والتعريس نزول آخر الليل لنوم أو راحة.

_ 1 وتيأس: كذا في "ش" وفي "ط": ويئسن. 2 مولدة: كذا في "ط" وفي "ش": مؤكدة وهو خطأ.

قوله: "وتَجَنُّبُ النِّقابَ" النقاب بالكسر. قال أبو عبيد: النقاب عند العرب: الذي يبدو منه، محجر العين، ويقال: انتقبت المرأة، وإنها لحسنة النقبة "بالكسر". قوله: "وأما الْمَبْتُوتَةُ" المبتوتة: مفعولة: من بت الطلاق: إذا قطعه، يقال: بت الطلاق وأبته، فالأصل المبتوت طلاقها، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فصار ضميرًا مستترًا، والمراد هنا بالمبتوتة: البائن بفسخ، أو طلاق.

باب في استبراء الإماء

باب في استبراء الإماء الاستبراء: استفعال من برأ، ومعناه: قصد علم براءة رحمها من الحمل بأخذ ما يستبرأ به. قوله: "من الوفاة حَسْبُ" حسب مبني على الضم لقطعه عن الإضافة كـ "قَبْلُ وبَعْدُ" قال الجوهري": كأنك قلت: حسبي أو حسبك، فأضمرت، فلذلك لم تنون.

كتاب الرضاع

كتاب الرَّضَاع الرِّضَاعُ والرضاع: مص الثدي "بفتح الراء وكسرها" مصدر: رضع الصبي الذي "بكسر الضاد وفتحها" حكاهما ابن الأعرابي، وقال: الكسر أفصح، وأبو عبيد في "المصنف" ويعقوب في "الإصلاح" يرضَعُ ويرضِعُ "بالفتح مع الكسر" و"الكسر مع الفتح"1 رَضْعًا: كفلس، ورَضَعًا كَفَرَسٍ ورَضَاعًا ورِضَاعًا ورِضَاعَةً ورَضِعًا "بفتح الراء وكسر الضاد" حكى السبعة ابن سيده والفراء في المصادر، وغيرهما، قال المطرز في "شرحه"2 امرأة مرضع: إذا كانت ترضع ولدها ساعة بعد ساعة، وامرأة مرضعة: إذا كان ثديها في فم ولدها، قال ثعلب: فمن ها هنا جاء القرآن: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} 3 ونقل الجرمي4 عن الفراء: المرضعة، الأم، والمرضع: التي معها صبي

_ 1 ما بين الرقمين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط". 2 هو أبو عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد مر ذكره. و"شرحه" يريد: كتاب "شرح الفصيح" له. 3 سورة الحج: الآية "2". 4 هو صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمي البصري مولى جرم بن زبان من قبائل اليمن فقيه عالم بالنحو واللغة ودين ورع حسن المذهب صحيح الاعتقاد قدم بغداد انتهى إليه علم النحو في زمانه له عدة تصانيف منها: "مختصر في النحو" و "التنبيه" و "غريب سيبويه" وفاته سنة: "225" هـ ترجمته في "بغية الوعاة": 2/ 8-9 و "تاريخ بغداد" 9/ 313.

ترضعه. والولد: رضيع، وراضع، ورَضِعٌ ومُرْضَعٌ: إذا أرضعته أمه. قوله: "وثبوت الْمَحْرَمِيَّةِ" المحرمية: المراد بها: كونه محرمًا لها، ويجوز لها السفر معه، كولدها النسيب، وقد تقدم ذكر المحرم، والياء في "الْمَحْرَمِيَّةِ" للنسب، نسبة إلى المحرم، أي الهيئة المحرمية. قوله: "ثَابَ لامرأة" أي: اجتمع لها لبن، من قولهم: ثاب الناس، أي: اجتمعوا. قوله: "في العامين" واحدهما: عام، وهو: السَّنَةُ. قوله: "بِلَحْظَةٍ" اللحظة: مصدر لحظ: إذا نظر بمؤخر عينه، والمراد الزمن اليسير أي: قدر لحظة1. قوله: "أو لأمر يُلهيه" "بضم الياء" أي: يشغله. يقال: لهيت عن الشيء، "بكسر الهاء"، وألهاني غيري. قوله: "والسَّعُوط والوجور" السعوط: تقدم فيما يفسد الصوم، والوجور "بفتح الواو": الدواء يوضع في الفم، وقال الجوهري: في وسط الفم، تقول منه: وجرت الصبي وأوجرته ويقال لكل واحد من الوجور والسعوط: النشوع "بالعين المهملة، والغين المعجمة" حكاهما أبو عثمان، وشيخنا ابن مالك في كتاب "وفاق الاستعمال". قوله: "واللبن المشوب" أي: المخلوط، شاب الشيء، شوبًا: خلطه، فهو مشوب، كمقول. قوله: "دَبَّتْ" أي: مشت مشيًا رفيقًا، والغرض هنا: أنها دبت منها

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

بنفسها، مشيًا كان، أو زحفًا، أو حبوًا، أو غير ذلك. قوله: "مَنْ كَمَل رضاعها أولًا" أولًا: بالتنوين لا غير. قوله: "امرأةٌ مرضيَّةٌ" أي: مرضي دينها، بحيث تقبل شهادتها، وقد يقال: مرضوة على الأصل، "والله أعلم"1.

_ 1 عبارة: والله أعلم زيادة من "ط".

كتاب النفقات

كتاب النّفقات مدخل ... كتاب النَّفقات وهي جمع نفقة، والنَّفَقَةُ: الدراهم، ونحوها من الأموال، وتجمع على نفاق أيضًا، كثمرة وثمار، وسميت بذلك إما لشبهها بذهابها بالموت، وإما لرواجها، من نفقت السوق وإما من1 نفق المبيع: كثر طلابه. قوله: "ما لا غنى لها عنه" يقال: غني عن الشيء غِنًى: استغنى عنه. والغَنَاءُ: "بالفتح والمد": الكفاية و"بالكسر والمد" من الصوت، ويقال: غنى يغني أغنية وغناء فيجب على الرجل أن يتفق على امرأته ما لا تستغني عنه، وذلك "بالكسر والقصر". قوله: "وأُدْمِه" الأدم: "بضم الهمزة" والإدام: ما يؤتدم به. تقول: أدمت الطعام وآدمته: إذا جعلت فيه إدامًا. قوله: "من جيد الكتان" الكتان "بفتح الكاف": النبت المعروف، قال بعضهم: إنه فارسي معرب. قوله: "والخَزُّ والإِبْرِيْسَمِ" الخز. قال أبو السعادات: الخز المعروف أولًا: ثياب تنسج من صوف وإبريسم، وهي مباحة. والخز المعروف الآن: معمول كله من الإبريسم، فهو حرام على الرجال، والمراد هنا الأول؛ لأنه عطف عليه، فكأنه قال: من الإبريسم المصمت

_ 1 لفظ "من" سقط من "ط".

وغيره، فأما الإِبْرِيْسَمُ: فهو الحرير. قال أبو منصور: هو أعجمي معرب "بفتح الألف والراء" وقيل: "بكسر الألف وفتح الراء" قال ابن الأعرابي: هو الإبريسم "بكسر الهمزة والراء وفتح السين" قال: وليس في الكلام إفعيلَل، ولكن إفعيلِلْ1، كإهْلِيلِج. قوله: "وَوِقَايَةٌ وَمِقْنَعَةٌ، وَمَداسٌ، وَجُبَّةٌ للشتاء، وللنوم الفراش واللَّحَافُ والْمِخَدَّةُ، والزِّلَيُّ". وقاية "بكسر الواو"، وهو ما يقي غيره والمراد به2 هنا: ما تضعه المرأة فوق المقنعة وتسميها نساء زماننا: الطرحة. وأما المقنعة "فبكسر الميم": ما تتقنع به المرأة، وكذلك المقنع، قال الجوهري: والقناع أوسع من المقنعة. وأما المدارس "فبفتح الميم مفعل" من داس يدوس لكثرة الدوس عليه، كالمقبر لكثرة القبور فيه، ولو سلك به مسلك الآلات لكسر كالمقص ونحوه. وأما الجبة "بضم الجيم" فالنوع المعروف من اللباس، والجمع: جباب. وأما الفراش: "بكسر الفاء" فهو الفراش المعروف، وجمعه: فرش. وأما المِخدة: "فبكسر الميم" قال الجوهري: لأنها توضح تحت

_ 1 ما بين الرقمين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط" ومكانه في "ش": "وليس في الكلام إفعليل كإهليلج" والذي في "تحرير التنبيه" ص "93": الإبريسم: "فتح الهمزة وكسرها والراء المفتوحة فيهما" وذكره ابن السكيت والجوهري بكسر الهمزة والراء ثلاث لغات وهو معرب. 2 لفظ "به": سقط من "ط".

الخَدِّ وأما الزِّليُّ: "فبكسر الزاء واللام" والزِّلِّيَّةُ: الطِّنْفَسَةُ، وهي البِسَاطُ من الصوف. قوله: "على حَسَبِ عَادَتِهِ" "بفتح الحاء والسين المهملتين" أي: على معدود عادته، وحسب: بمعنى محسوب، أي: معدود، كقبض: بمعنى مقبوض، يقال في المعداد: محسوب وحسب. قوله: "سواءٌ" هو اسم مصدر بمعنى الاستواء، وهو منصوب على المصدر بفعل محذوف، والتقدير والله أعلم: استوت الرجعية والزوجية في ذلك استواء، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هما في ذلك سواء. قوله: "ولا يَنْهَكُ بدنها" ينهك "بفتح الياء" أي: لا يجهده، "والله أعلم"1. قوله: "بخلاف الآجل" "بمد الهمزة" وهو ما كان له أجل يحل إليه.

_ 1 عبارة: "والله أعلم": زيادة من "ط".

باب نفقة الأقارب والمماليك

باب نفقة الأقارب والمماليك الأقارب: جمع قريب، ككريم، وأكارم، وهم: النسباء المنتسبون بالرحم. والمماليك: واحدهم مملوك وهو: اسم مفعول، من ملكت الشيء: إذا دخل في ملكك، والمراد: الأرقاء. قوله: "لا حِرْفَةَ لَهُ" الحرفة: الصناعة وجهة الكسب، وقال شيخنا

في "مثلثه": الحرفة ما يحوله المحترف، أي: المكتسب. قوله: "إلا أن يضطر إليها" يضطر "بضم الياء" مبني للمفعول أي: ألجئ إليه، وهو: يفتعل من الضرر، فقلبت التاء طاء، لكونها بعد الضاد، وغالب بناء يضطر للمفعول، وقد يبنى للفاعل، كقوله تعالى: {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ} 1. قوله: "وقت القَيْلُولَةِ" القيلولة: مصدر قال، يقيل، قيلولة، وقيلًا، ومقيلًا، وهو شاذ، كله نوم القائلة، والقائلة: الظهيرة، وهي الهاجرة. قوله: "ويرْكِبُهُم عُقْبَةً" العقبة بوزن غرفة. النوبة. يقال: دارت عقبة فلان: إذا جاءت نوبته ووقت ركوبه، يعني: إذا سافر بالعبد يُرْكِبه تارة ويمشيه تارة. قوله: "فَضْلٌ عَن رِيَّةِ" وهو مصدر روي رِيًّا "بفتح الراء وكسرها" ويقال: روي رية أيضا "بفتح الراء" إذا أخذ حاجته من الماء عادة. قوله: "على المُخَارَجَةِ" المخارجة في الأصل، مصدر خارجه: إذا ناهده. والتناهد: إخراج كل واحد من الرفقة نفقة بقدر نفقة صاحبه، كأن كل واحد خرج لصاحبه عما أخرجه، والمراد بها: ما يقطعه على العبد في كل يوم باتفاقهما إذا كان له كسب، فإن لم يكن له كسب حرم ذلك، لكونه لا يقدر عليه أن يؤديه من جهة حل، "والله أعلم"2.

_ 1 سورة البقرة: الآية "126". 2 عبارة: "والله أعلم" زيادة من "ط".

باب الحضانة

باب الحضانة الْحَضَانَةُ "بفتح الحاء": مصدر حضنت الصبي حضانة: تحملت مؤونته وتربيته، عن ابن القطاع، والحاضنة: التي تربي الطفل، سميت بذلك؛ لأنها تضم الطفل إلى حضنها، وهو: ما دون الإبط إلى الكشح وهو الخصر. قوله: "تمريضه" مصدر: مرضته تمريضًا: إذا قمت عليه في مرضه، والله أعلم.

كتاب الجنايات

كتاب الجنايات مدخل ... كتاب الجنايات الجنايات: واحدتها جناية، وهي مصدر جنى على نفسه، وأهله، جناية: إذا فعل مكروهًا. عن السعدي. وقال أبو السعادات: الجناية: الجرم والذنب، وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه القصاص والعقاب في الدنيا والآخرة. قوله: "آدميًّا مَعْصُومًا" معصومًا: اسم مفعول من عصم بمعنى: منيع قتله، فليس هو حربيًّا، ولا زانيًا محصنًا، ولا نحو ذلك. قوله: "بما له مَوْرٌ في البدن" أي: دخول وتردد. قوله: "بِمِسَلَّةٍ" المسلة: "بكسر الميم" واحدة المسال، وهي: الإبر الكبار، عن الجوهري وغيره. قوله: "ضَمِنًا" الضمن "بفتح الضاد وكسر الميم". قال الجوهري: الذي به الزمانة في حسده من بلاء أو كسر أو غيره، وقال السعدي: ضمن الرجل ضمنًا وضمانًا1 وضمانة: لزمه علة، فهو ضمن. قوله: "كالفؤاد والخَصْيَتَيْنِ" الفؤاد "بالهمز": القلب، وقيل: وسطه، وقيل: غشاؤه. والقلب: حبته وسويداؤه، والجمع: أفئدة. والخصيان: واحدتهما خصية "بضم الخاء" وحكى الجوهري الكسر، قال أبو عمرو: الخصيان: البيضتان، والخصيان: الجلدتان اللتان فيهما

_ 1 سقطت هذه الكلمة من "ط".

الْبَيْضَتَان، والتثنية: بغير تاء، ووقع في الأصل بخط المصنف رحمه الله: الخصيتان1 بالتاء على الأصل، وهي لغة. قوله: "قطع سِلْعَةٍ" السلعة "بكسر السين": غدة تظهر بين الجلد واللحم، إذا غمزت باليد تحركت. قوله: "فعليه الْقَوَدُ": القود: القصاص، وقتل القاتل بدل القتيل، وقد أقدته به أقيده إقادة. قوله: "عمود الفُسْطَاطِ" الفسطاط: بيت من شعر، وهو فارسي معرب عن أبي منصور، وفيه لغات ست: فستاط، وفسطاط، وفساط بضم الفاء، وكسرها" لغة فيهن فصارت ستًّا. والفستاط: المدينة التي فها مجتمع الناس، وكل مدينة: فستاط، وعموده: الخشبة يقوم عليها. قوله: "كاللُّتِّ والكُوذِين والسِّنْدَانِ" اللُّتُ "بضم اللام": نوع من آلة السلاح معروف في زماننا وهو لفظ مولد، ليس من كلام العرب، ولم أره في شيء مما صنف في المغرب، وأخبرني الشيخ أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبد الواحد، أنه قرأة على المصنف بالضم، فينبغي أن يقرأ مضمومًا كما يقوله الناس. وأما الكوذين، فلفظ مولد أيضًا، وهو عند أهل زماننا، عبارة عن الخشبة الثقيلة التي يدق بها الدقاق الثياب، وأما السندان، فلم أره في شيء من كتب اللغة أيضًا، فالظاهر أنه مولد، وهو عبارة عن الآلة المعروفة من الحديد الثقيلة يعمل عليها الحداد صناعته. قوله: "من شاهق" قال الجوهري: الشاهق: الجبل المرتفع. قوله: "في مَقْتَلٍ" المقتل: "بفتح التاء" واحد المقاتل، وهي

_ 1 الخصيتان: كذا بالألف على اعتباره فاعلًا لفعل وقع وفي "ش": الخصيتين بالياء ولا وجه له لذلك أصلحناه.

المواضع التي إذا أصيبت قتلته. يقال: مقتل الرجل بين فكيه. قوله: "في زُبْيَةِ أَسَدٍ" الزبية: بوزن غرقة: الرابية لا يعلوها الماء، وحفرة تحفر للأسد شبه البئر سميت بذلك لكونها تحفر في مكان عال، وحفرة تحفرها النمل في مكان عالٍ. قوله: "أو أَنْهَشَهُ كَلْبًا، أو سبعًا، أو حَيَّةً، أو أَلْسَعَهُ عقرباً" نهش: "بالشين المهملة والمعجمة" بمعنى، وقيل المهملة: الأخذ بأطراف الأسنان، وبالمعجمة: بالأضراس وقال الخطابي بالعكس، وقال السعدي: نهش الرجل والسبع اللحم: قبض عليه، ثم نتره، والهمزة في "أنهشه": همزة التعدي1 إلى مفعول ثان، ويقال: نهشته الحية ونشطته "بالطاء المهملة، وبالظاء المعجمة": لدغته. ولسعته العقرب، ولسبته "بكسر سين الأول، وفتحها في الثاني" وهمزة "ألسعه" للتعدية إلى مفعول ثان، كما تقدم. قوله: "سقاه سُمًّا" السم: "بضم السين وفتحها، وكسرها" كل ما يقتل إذا شرب أو أكل. قوله: "أن يقتله بِسِحْرٍ" السحر بوزن العلم في اللغة: صرف الشيء عن وجهه، يقال: ما سحرك عن كذا، أي: ما صرفك، وسحره أيضًا بمعنى خدعه، قال السعدي، والجوهري: والساحر: العالم، وقال المصنف رحمه الله في "المغني" والسحر: عقد ورقي، وكلام يتكلم به، أو يكتبه، أو يعمل شيئً يؤثر في بدن المسحور، أو قلبه، أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة، فمنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ومنه: ما يفرق بين المرء وزوجه، وما يبغض أحدهما في الآخر، أو يحبب بين الاثنين.

_ 1 التعدي: أي للتعدية.

قوله: "عَمَدتُ قَتْلَهُ" "بفتح الميم": لا يجوز غيره، وأكثر تعديه بحرف الجر، تقول: عمدت له وعمدت إليه وعمدته، كما تقول: قصدته وقصدت له. قوله: "عَمْدٌ مَحْضٌ" المحض: الخالص من كل شيء. قوله: "أو يَلْكُزُهُ" اللكز: الضرب بجمع الكف في أي موضع من جدسه، وعن أبي عبيدة: الضرب بالجمع على الصدر. قال الجوهري: لكمته: إذا ضربته بجمع كفك. قوله: "على سَطْح" السطح: سطح الدار معروف، وهو: من كل شيء أعلاه. قوله: "كقطع حِشْوَتِهِ" حشوة البطن "بكسر الحاء وضمها": أمعاؤه. قوله: "أو مَريئِهِ أو وَدَجَيْه" المري مهموزًا ممدودًا: مجرى الطعام والشراب من الحلق، والجمع: مرؤ كسرير، وسرور. والودجان: واحدهما ودج "بفتح الدال، وكسرها" وهما، عرقان في العنق. قوله: "في لُجَّةٍ". قال المرزوقي1 في"شرح الفصيح": لجة الماء: معظمه، ويقال: التج البحر: إذا كثر ماؤه، فاضطرب، وقيل: لجة كل شيء: معظمه. قوله: "في أرض مَسْبَعَةٍ" اي: كثيرة السباع "بفتح الميم لا غير" وكذلك يبني للمكان، مما كثر فيه مفعلة من كل ثلاثي، نحو أرض مأسدة، ومذأبة، ومذبة: إذا كثر فيه الأسود، والذئاب، والذباب، والله أعلم

_ 1 هو أحمد بن محمد بن الحسن الإمام المرزوقي في أبو علي من أهل أصبهان كان غاية في الذكاء والفطنة وحسن التصنيف، صنف شرح الحماسة وشرح الفصيح وشرح المفضليات وشرح أشعار هذيل، وشرح الموجز وغيرها، مات سنة "421"هـ انظر ترجمته في "بغية الوعاة": "1/ 365".

باب شروط القصاص

باب شروط القِصَاصِ قوله: "دخَل يكابره" أي: يغالبه، وكابر: فاعل من كبر: أي: غالبه في ذلك حتى يغلبه على أهله أو ماله.

قوله: "وتسقيه اللِّبَأَ" اللبأ: مهموزًا مقصورًا، بوزن العنب، أول ما يحلب من اللبن عند الولادة، يقال: لبأت الشاة ولدها، والبأته، أرضعته اللبأ. قوله: "تُشَاجَّ" تقدم في الأذان1 الآلة: الأداة التي يعمل بها العمل، كالقدوم للنجار، والسيف ونحوه للمقاتل، والمقتص ونحو ذلك، وعينها واو. قوله: "أَوْضَحَهُ" أي: جرحه موضحة ويأتي تفسيرها في الشجاج. قوله: "واللِّوَطُ" اللواط: عمل قوم لوط. يقال: لاط ولاوط لواطا: إذا فعل ذلك.

_ 1 انظر ص "66".

باب استيفاء القصاص

بابُ استِيفَاءِ الْقِصَاص استيفاؤه: أن يفعل المجني عليه أو وليه بالجاني مثل ما فعل أو عوضه. "حتى الزوجين" هكذا هو بخط المصنف رحمه الله بالياء، والأحسن أن يكون الزوجان بالألف؛ لأنه لمثنى معطوف على مرفوع، وهو: كل من ورث، وشرط المعطوف بـ "حتى" أن يكون بعضًا على كل، وهو هنا كذلك. ووجه جره بالياء، أن يكون "حتى" حرف جر بمعنى انتهاء الغاية، أي: كل من ورث المال ورث القصاص، ينتهي ذلك إلى الزوجين وذوي الأرحام. قوله: "وإن شاء عفا" أي: عفا على الدية لا أقل، ولا مجانًا، لعدم الحظ للمسلمين في ذلك ويحتمل جواز العفو على غير مال، لعفو عثمان رضي الله عنه عن قاتل الهرمزان1 من غير نكير.

_ 1 قاتل الهرمزان: هو عبيد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قتله لما شهد عبد الرحمن بن أبي بكر أنه كان نجيًا هو وأبو لؤلؤة وجفينة صبيحة قتل عمر وقاموا كما يقوم الأعاجم للسلام عليه فسقط منهم الخنجر الذي طعن به عمر. انظر: "محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية" للشيخ محمد الخضري: "2/ 25".

باب العفو عن القصاص

باب العفو عن القَصَاص العفو: التجاوز عن الذنب، وترك العقاب عليه، وأصله: المحو والطمس. قوله: "والخِيَرَةُ فيه" الخيرة: "بكسر الخاء وفتح الياء" بوزن العنبة بمعنى: الاختيار. يقال: اختار اختيارًا، الخيرة. يقال: محمد صلى الله عليه وسلم، خيرة الله، وخيرته، بسكون الياء. قوله: "سَرَتْ إلى الكَف" أي: تعدى مرضها وفسادها إلى الكف، أو النفس. يقال: سرى عرق الشجرة في الأرض: إذا مضى فيها، ويقال: سرى الليل وأسراه، إذا قطعه سيرًا. قوله: "في مُوجَبٍ" "بضم الميم وفتح الجيم": اسم مفعول من

أوجب، أي: يما أوجبه العمد، ويجوز أن يراد به المصدر، أي: في إيجاب العمد. قوله: "يحدث" أي: يوجد "بضم الدال" مضارع حدث "بفتحها " والله أعلم.

باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس "ما" في "ما يوجب" بمعنى: الذي، أي: الذي يوجب القصاص في غير النفس. قوله: "والجَفْنُ" الجفن: "بفتح الجيم": جفن العين المعروف وهو: غطاؤها من فوق وأسفل، وحكى ابن سيده فيه، الكسر. قوله: "والشُّفرُ" الشفر بوزن القفل: شفر المرأة، وهو: أحد شفريها، وهما: قدتا الفرج1 المعروفتان، فأما شفر العين، فهو: منبت الهدب، وقد حكي فيه الفتح. قوله: "من الحيف" الحيف: بوزن البيع. وهو: الجور والظلم. يقال: حاف يحيف حيفًا. قوله: "من مَفْصِل" المفصل: "بفتح الميم، وكسر الصاد": واحد المفاصل، وهي ما بين الأعضاء، كما بين الأنامل، وما بين الكف والساعد، وما بين الساعد والعضد، والمفصل: "بكسر الميم وفتح الصاد": اللسان.

_ 1 في "التحرير" ص "325": قال النووي رحمه الله: الشفر "بضم الشين": طرف جانب الفرج. وشفر كل شيء حرفه، ويقال أيضًا: شافر الفرج وشفيرها. وقدتا الفرج حرفاه من قددته قدًا من باب قتل شققته طولًا. انظر "المصباح - قدد".

قوله: "فإن قَطَعَ الْقَصَبَةَ" قال الجوهري: قصبة الأنف: عظمه، وكذلك كل عظم أجوف مستدير، وكذلك ما اتخذ من فضة1 أو وغيره. قوله: "على حَدَقَتِهِ" قال الجوهري: حدقة العين: سوادها الأعظم، والجمع: حَدَقٌ، وحِدَاقٌ. قوله: "الأَنْمُلَةِ" تقدم في باب السواك تبعًا للإصبع2. قوله: "بعد اندمال" الاندمال: مصدر اندمل الجرح: إذا صلح، وهو مطاوع دمل. تقول: دملة فاندمل. قوله: "أخرجها دَهْشَةً" يقال: دهش" بكسر الهاء" فهو دهش، ودهش فهو مدهوش: تحير. الدهشة: المرة منه، ونصبه على أنه مفعول له، ويجوز نصبه على الحال مبالغة، أو على حذف المضاف، أي: ذا دهشة. قوله: "هَدْرًا" "بسكون الدال المهملة وفتحها" أي: باطلًا، ويقال: هدر الدم، وأهدره: أبطله. قوله: "صحيحه بشلاء" الشلل: بطلان اليد والرجل من آفة تعتريها، وقال كراع في "المجرد": الشلل تقبض الكف، وقيل: الشلل: قطعها، وليس بصحيح، يقال: شلت يده تشل شللًّا، فهي شلاء3. وما ضيه مكسور، ولا يجوز شلت بضم الشين إلا في لغة

_ 1 من فضة: كذا في "ش" وفي "ط": من قصب. 2 وفي "تحرير التنبيه" ص "300" قال الإمام النووي رحمه الله: الأنملة: فيها تسع لغات: فتح الهمزة، وضمها، وكسرها. مع تثليث الميم. أفصحهن وأشهرهن: فتح الهمزة مع ضم الميم. 3 في "أساس البلاغة" للزمخشري مادة "شلل": وشلت يده شللًا، ولا تَشْلَلْ يَدَاكَ قال الحطيئة: "من الوافر" لقد قاتلت أمس قتال صدق ... فلا تشلل يداك أبا الرباب ويقال: لا تَشْلَلْ ولا تَكْلِلْ.

قليلة، حكاها اللحياني في "نوادره" والمطرز في "شَرْحِهِ" عن ثعلب، عن ابن الأعرابي. قوله: "ولا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ" العين القائمة: هي الباقية في موضعها صحيحة، وإنما ذهب نظرها وإبصارها. قوله: "ولا ذكر فحل" الفحل: غير الخصي، والفحل ضد الأنثي. قوله: "مارِن الأَشَمِّ بمارِن الأَخْشَمِ، والْمُخْرُومَ، والْمُسْتَحْشَفِ" الأشم: المرتفع الأنف وقد استعمله هنا بإزاء الصحيح الشم. والأخشم: الذي لا يجد ريح شيء، وهو في الأنف: بمنزلة الصمم في الأذن. والْمَخْرُومُ: المقطوع وترة أنفه، وهو: حجاب ما بين المنخرين، أو طرف الأنف ولم يبلغ الجدع. والمستخشف: مستفعل من الخشف وهو: أردأ التمر معروف، أو من الخشف: الضرع البالي. والحشيف من الثياب: الخلق. قوله: "كالْهَا شِمَةِ والْمُنَقِّلَةِ والْمَأْمُومَةِ" تأتي في الشجاج. قوله: "حتى يُيْأَس" "بضم الياء الأولى وسكون الثانية" وبعدها همزة مفتوحة مبنى للمفعول، أي: انقطع الأمل من عودها. قوله: "بالْمَسَاحَةِ" قال الجوهري: ومسح الأرض مساحة:

ذَرَعَها، ومسحًا أيضًا، عن السعدي. قوله: "وَيَتَحَامَلُوا عليها" قال الجوهري: تحامل عليه، أي: مال عليه، وتحاملت عليَّ نفسي، أي: تكلفت الشيء على مشقة. قوله: "وإن شَل" تقدم تفسيره عن قريب1.

_ 1 انظر ص "440".

كتاب الديات

كتاب الدّيات مدخل ... كتاب الدِّيَّات الديات: جمع، واحدتها: دية، مخففة. وأصلها: ودية، والهاء بدل من الواو، تقول: وَدَيْتُ القتيل أديه دية: إذا أعطيت ديته، واتَّدَيْتُ: إذا أخذت الدية وتقول: د القتيل إذا أمرت، فالدية في الأصل مصدر، ثم سمي بها المال المؤدى إلى المجني عليه، أو إلى أوليائه، كالخلق بمعنى المخلوق. قوله: "أَلْقى على إِنْسَانٍ أَفْعى" الأفعى: حية، معروفة، والأكثرون على صرفها كعصًا ورحىً، وقد حكي منع صرفها، لما فيها من وزن الفعل، وشبهها بالمشتق، وهو تصوير إيذائها. "قوله" "فَعَثَرَ به" تقدم في الغضب1. قوله: "فأصَابته صَاعِقضةٌ" قال الجوهري: الصاعقة: نار تسقط من السماء في رعد شديد يقال: صعقتهم السماء: ألقت عليهم الصاعقة، والصاعقة أيضًا: صيحة العذاب وأصعقتهم لغة، حكاها السعدي. قوله: "بمنجنيق" تقدم في الجهاد. قوله: "يُلْغى" تقدم في تعليق الطلاق بالشروط2.

_ 1 ما بين الحاصرتين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط". 2 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

قوله: "فَخَرَّ عليه" خر الشيء يَخِرُّ "ويَخُرُّ "بكسر الخاء وضمها" أي: سَقَطَ. قوله: "مِنْ هَلَكَةٍ" "بفتح الهاء واللام" أي: من هَلَاكٍ، يقال: هَلَكَ يَهْلِكُ. قوله: "فَأَجْهَضَتْ جنينًا" قال أهل اللغة: أجهضت الناقة: ألقت ولدها قبل تمامه. وجهضه، وأجهضه: إذا غلبه، ثم استعمل الإجهاض في غير الناقة.

باب مقادير ديات النفس

باب مقادير دِيَّات النفس المقادير: واحدها مقدار، وهو: مبلغ الشيء وقدره. قوله: "وأربعون خَلِفَةً" الخلفة: "بفتح أوله وكسر ثانيه": الناقة الحامل، والجمع، خلف وخَلِفَاتٌ. قوله: "والْوَثَنِيُّ" الوثني: عابد الوثن، وهو: الصنم. قاله الجوهري. وقال غيره: الوثن: ماله جثة معمولة من جواهر الأرض، أو من الخشب والحجارة، كصورة الآدمي، والصنم: الصورة بلا جثة. قوله: "ومن لم تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ": الدعوة "بفتح الدال": المرة من دعا، والمراد هنا1: دعوة الإسلام. قوله: "خُصْيى عَبْدٍ" تقدم في الجنايات. قوله: "غُرَّةُ عَبْدٍ" الغرة: العبد نفسه، أو الأمة. وأصل الغرة:

_ 1 ما بين قوسين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط".

البياض في وجه الفرس وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: الغرة: عبد أبيض، أو أمة بيضاء، وليس البياض شرطًا عند الفقهاء، والأجود تنوين "غُرَّةٍ" و "عبدٌ" بدل من غرة، وتجوز الإضافة على تأويل إضافة الجنس إلى النوع، فإن الغرة: أول الشيء، وخياره، والعبد، والأمة وبياض في وجه الفرس، فإذا قال: في الجنين غرة، احتمل كل واحد منها، فإذا قال: غرة عبد، تخصصت الغرة بالعبد.

باب ديات الأعضاء ومنافعها

بابُ دِيَّات الْأَعْضَاءِ ومَنَافِعِها الديات: جمع دية، وقد ذكرت، وكذلك الأعضاء ومنافعها، واحدتها: منفعة وهي: اسم مصدر من نفعني كذا نفعًا، فالأعضاء: كالعينين، والأذنين، ومنافعها: كالبصر، والسمع، ونحو ذلك. قوله: "وثَنْدُوَتَيْ الرَّجُلِ" الثندوة: بوزن عرقوة1 غير مهموز، وهو: مغرز الثدي، فإذا ضممت همزت، فقلت، ثندوة، وزنها فُعْلُلَةٌ ووزنها على الفتح وترك الهمز، فنعلة. قوله: "وإسْكَتَيْ الْمَرَأَةِ" الإسكتان: "بكسر الهمزة وفتحها": شفر الرحم، وقيل: جنباه مما يلي شفريه، والجمع: إسْكٌ وإِسَك "بسكون السين وفتحها" كله عن ابن سيده. قوله: "وفي المَنْخِرَيْنِ" واحدهما منخر: "بفتح الميم" كمسجد، وقد تكسر ميمه إتباعًا لكسرة الخاء، والمنخور لغة فيه، وهو ثقب الأنف.

_ 1 عَرْقُوَةٌ: كذا في "ش" وهي كل أكمة منقادة في الأرض كأنها حثوة قبر، وفي "ط": ترقوة وهما بوزن واحد والتمثيل بهما صحيح وثَنْدُوَةٌ بوزن تَرْقُوَةٍ أو عرقوة صحيح.

قوله: "مِمَّن قد1 ثُغِرَ" ثغر الصبي: "بضم الثاء": إذا سقطت رواضعه، وثغر وأثغر: دق فمه عن ابن سيده. قوله: "وحَلَمتي الثَّدْيَيْنِ" الحلمتان: رأسا الثديين. قوله: "جَدْعًا" نصب على التمييز، وهو مصدر جدعه: قطعه. قوله: "عَوَّجَهُما" "بتشديد الواو" ويقال: عاج الشيء وعوجه: عطفه. قوله: "وفي كل حاسَّةٍ" الحاسة: واحدة الحواس. قال الجوهري: الحواس: المشاعر الخمس: السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس. قوله: "وتَجِبُ في الحَدَبِ والصَّعَرِ" " الحدب بفتح الحاء والدال": مصدر حدب "بكسر الدال": إذا صار أحدب، وأحدبه الله تعالى. والحدبة: بوزن خشبة: المعروفة في الظهر. والصَّعَرُ: بوزن الحدب، قد فسره المصنف بقوله: أن يضربه، فيصير الوجه في جانب وقال الجوهري: الصعر: المبل في الخد خاصة. قوله: "دون الشَفَويِة" الشفوية: نسبة إلى الشفة، وأصلها شفهة، وفي النسب إليها وجهان. أحدهما: شفي على اللفظ، والثاني: شفهي على الأصل، فأما شفوي، فلم أر له وجهًا2. قوله: "تمتَمَةٌ" قال السعدي: التمتمة: أن تثقل التاء على المتكلم، يقال: رجل تمتام: إذا كان كذلك. هذا قول ابن دريد. وقال الخليل:

_ 1 لفظ "قد": سقط من "ط". 2 في "التاج - شفه": وزعم قوم أن الناقص من الشفة واو؛ لأنه يقال في الجمع: شفوات كما في "الصحاح". وقال الليث: إذا ثلثوا الشفة قالوا شفهات وشفوات والهاء أقيس والواو أعم؛ لأنهم شبهوها بالسنوات.

التَّمْتَامُ: الذي يخطئ الحرف. فيرجع إلى لفظ، كأنه التاء. قوله: "أو تَقَلَّصَتْ شَفَتُهُ" قال الجوهري: تقلصت شفته: أي: انزوت، وقلص الشيء "وقَلَّصَ"1، وتقلص، كله بمعنى2: انضم وانزوى وقلص الشيء وتقلص، ارتفع، فأما بالسين فلم أقف عليه. قوله: "وإن كَسَرَ صُلْبَهُ" الصلب: الظهر، وقال: ابن فارس: وكذلك الصلب، بوزن فرس وقال الجوهري: الصلب من الظهر، وكل شيء من الظهر فيه فقار، فذلك الصلب. قوله: "وأهداب العينين" واحدها: هدب بوزن قفل: ما نبت من الشعر على أشفار العين. قوله: "فالتحم" يقال: لحمت الشيء فالتحم، أي: لأمته فالتأم: إذا اتصل لحمه بعضه ببعض فصار شيئًا واحدًا والله أعلم3.

_ 1 لفظ "قلص": لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط". 2 كذا ورده في "التاج" وأنشد قول عنترة: "من الكامل" ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى ... إذ تَقْلِصُ الشفتان عن وضح الفم وقال أيضًا: قلصت نفسه غثت كقلص بالكسر والسين لغة فيه "التاج- قلص". 3 "والله أعلم": زيادة من "ط".

باب الشجاج وكسر العظام

باب الشجاج وكسر العظام الشِّجَاج: جمع شجة وهي: المرة من شجه يشجه، ويشجه شجًّا، والمرة الشجة، فهو مشجوج، وشجيج: إذا جرحه في رأسه أو وجهه، وقد يستعمل في غير ذلك من الأعضاء. قوله: "الْحَارِصَة" الحارصة: "بالحاء والصاد المهملتين" قال

الأزهري: وهي التي تحرص الجلد، أي، تشقه قليلًا، ومنه: حرص القصار الثوب، أي: خرقه بالدق. قوله: "ثم البازِلَةُ" البازلة: فاعلة من بزلت الشجة الجلد أي: شقته فجرى الدم ويقال: بزلت الخمر: نقبت إناءها فاستخرجتها. فالدم محبوس في محله، كالمائع في وعائه والشجة بزلته. قوله: "ثم الْبَاضِعَةُ" قال الجوهري: الباضعة: الشجة التي تقطع الجلد وتشق اللحم، إلا أنه لا يسيل الدم، فإن سال فهي: الداحية، وكذلك قال ابن فارس، وقال الأزهري: أول الشجاج: الحارصة ثم، الدامعة يعني: "بالعين المهملة" ثم الدامية، ثم الباضعة. قوله: "ثم السِّمْحَاقُ" قال الأزهري: السمحاق: قشرة رقيقة فوق عظم الرأس، وبها سميت الشجة إذا وصلت إليها: سمحاقًا، وميمه زائدة. قوله: "أوَّلُها الْمُوضِحَةُ" الموضحة: التي تبدي وضح العظم، أي، بياضه، والجمع: المواضح. قوله: "ثم الْهَاشِمَةُ" قال الأزهري: الهاشمة: التي تهشم العظم: تفته وتكسره. وكان ابن الأعرابي يجعل بعد الموضحة المفرشة، وهي: التي يصير منها في العظم صديع مثل الشعرة، ويلمس باللسان لخفائه. قوله: "وفي الْجَائِفَةِ" الجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف، قال أبو عبيد: وقد تكون التي تخالط الجوف والتي تنفذ أيضًا، وجافه بالطعنة وأجافه، بلغ بها جوفه. قوله: "والْوَرْكِ" تقدم في صفة الصلاة. قوله "وفي الضِّلَعِ بعير" الضلع "بكسر الضاد وفتح اللام وتسكينها لغة": واحد الضلوع المعروفة.

قوله: "وفي التَّرْقُوَتَيْنِ" الترقوتان: واحدتهما: ترقوة وهي: العظم الذي بين ثغرة النحر، والعاتق1 وزنها "فَعْلُوَةٌ" "بالفتح" قال الجوهري: ولا تقل "تُرْقُوَةٌ" بالضم. قوله: "الذِّرَاعُ" تقدم في التيمم. قوله: "والزَّنْدُ" الزند: "بفتح الزاي": ما انحسر عنه اللحم من الساعد، وقال الجوهري: الزند: موصل طرف الذراع بالكف، وهما زندان بالكوع والكرسوع2. والكرسوع، وهو طرف الزند الذي يلي الخنصر، وهو الناتئ عند الرسغ. قوله: "مثلُ خَرَزَةِ الصُّلْبِ والعُصْعُصِ" خرزة الصلب، واحدة: خرزة، وهي: فقاره، والعصعص "بضم العينين" من عجب الذهب، وهو: العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز وهو: العسيب من الدواب، والله أعلم.

_ 1 العاتق: لما بين المنكب والعنق لتقدمه "المغرب - عتق". 2 لفظة الكُرْسُوع: سقطت من "ط".

باب العاقلة

باب العاقلة العقلة: صفة موصوف محذوف، أي: الجماعة العاقلة. يقال: عقل القتيل فهو عاقل: إذا غرم ديته، والجماعة: عاقلة، وسميت بذلك؛ لأن الإبل تجمع، فتعقل بفناء أولياء المقتول، أي: تشد في عقلها لتسلم إليهم ويقبضوها، ولذلك سميت الدية عقلًا، وقيل: سميت بذلك لإعطائها العقل الذي هو الدية، وقيل: سموا بذلك لمونهم يمنعون عن

القاتل، وقيل: لأنهم يمنعون من يحملونها عنه من الجناية، لعلمهم بحملها1، والله أعلم. قوله: "وُزِّعَ" أي: قسم وفرق. قوله: "الجَُرْحُ" يجوز الفتح باعتبار الفعل، والضم باعتبار الموضع المجروح.

_ 1 هذا جيدٌ: فالشرع جعل الأقرباء يتحملون جناية قريبهم ليحملهم مسؤولية تربيته وتوجيهه لعلمهم بحملها، وذلك في حال عجز الأب عن تربيته وذلك فيه من الوقاية من وقوع الجنايات ما فيه، فتربية الأبناء والعناية بتوجيههم لا تقف عند حدود الأسرة بل تتعداهم إلى الأقارب بل إلى المجتمع كله فتقل الشرور والآثام ودرهم وقاية خير من قنطار وعلاج.

باب القسامة

باب الْقَسَامَةُ القسامة "بالفتح": اليمين، كالقسم بالله تعالى يقال: إنما سمي القسم قسمًا من القسامة1؛ لأنها تقسم على أولياء الدم، ويقال: أقسم الرجل: إذا حلف، وقد فسرها المصنف رحمه الله. قوله: "فَأَمَّا الْجِرَاحُ" الجراح: مصدر جارحه جراحًا، ولذلك ذكر ضميره فقيل: فلا قسامة فيه، ولم يقل: فيها، ويحتمل أن تكون جمع جراحة، وتذكيره على تأويله بمذكر؛ لأنه مذكور وشيء ونحوهما. قوله: "بِثَأْرٍ" الثأر مهموزًا، قال الجوهري: وغيره: الثأر: الدخل، قال أبو السعادات: والذحل: الوتر، وطلب المكافأة بجناية جنيت عليه: من قتل، أو جرح، ونحو ذلك، والذحل، العداوة أيضا، والله تعالى أعلم2.

_ 1 قوله "من القسامة": سقط من "ط". 2 في "أساس البلاغة - ذحل": طلبت عند فلان ذحلًا "أي ثارًا" ولي عندهم ذُحُولٌ "أي جمع ذحل" قال عبد قيس بن خفاف البرجمي: "من المتقارب" ولا سابقي كاشح نازح ... بذحل إذا ما طلبت الذُّحُولا

قوله: "مُلَطَّخ" "بفتح اللام وتشديد الطاء": اسم مفعول من لطخة، ولا يجوز التخفيف؛ لأنه لا يقال: أَلْطَخَ والله أعلم.

كتاب الحدود

كتاب الحدود مدخل ... كتاب الحدود الْحُدُودُ: جمع حد، وهو في الأصل: المنع، والفصل بين شيئين. وحدود الله تعالى: محارمه كقوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} 1 وحدود الله تعالى أيضًا: ما حده وقدره، فلا يجوز أن يتعدى، كالمواريث المعينة، وتزوج الأربع ونحو ذلك مما حده الشرع، فلا تجوز فيه الزيادة ولا النقصان، قال الله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} 2. والحدود: العقوبات المقدرة، يجوز أن تكون سميت بذلك من الحد: المنع؛ لأنها تمنع من الوقوع في مثل ذلك الذنب، وأن تكون سميت بالحدود التي هي المحارم لكونها زواجر عنها، أو بالحدود التي هي المقدرات لكونها مقدرة، لا يجوز فيها الزيادة ولا النقصان. قوله: "ولا خَلَقٍ" الخلق "بفتح اللام": البالي، وهو مصدر في الأصل. قوله: "بِالْجَرِيْدِ" الجريد: واحدتها جريدة، وهي السعفة. قوله: "والْعُثْكُول" العثكول بوزن عصفور، والعثكال بوزن مفتاح: كلاهما: الشمراخ، وهو في النخل بمنزلة العنقود في الكرم، والله تعالى أعلم3.

_ 1 سورة البقرة: الآية "187". 2 سورة البقرة: الآية "229". 3 عبارة: "والله تعالى أعلم": لم ترد في "ش" وأثبتناها من "ط"، وليته لم يقل: "الْكَرْمُ" تجنبًا للكراهة ففي العنب عنها مندوحة.

باب حد الزنى

باب حدُّ الزِّنى قال الجوهري: الزنى: يمد ويقصر، فالقصر لأهل الحجاز، والمد لأهل نجد، وأنشد ابن سيده: "من البسيط" أما الزِّنَاءُ فإني لست قاربه ... والمال بيني وبين الخمر نصفان1 وقال المصنف رحمه الله تعالى: لا خلاف بين أهل العلم في أن من وطئ المرأة في قبلها حرامًا، لا شبهة له في وطئها أنه زان، عليه حد الزنى إذا كملت شروطه، والوطء في الدبر مثله في كونه زنى قال الخرقي: الزاني: من أتى الفاحشة من قبل أو دبر. قوله: "والمُحْصِن" المحصن "بكسر الصاد": اسم فاعل من أحصن، يقال: حصنت المرأة "بفتح الصاد وضمها وكسرها": تمنعت عما لا يحل، وأحصنت فهي محصنة "بكسر الصاد" ومحصنة "بفتحها" وهو أحد ما جاء بالفتح بمعنى فاعل، يقال: أحصن الرجل، فهو محصن، وألفج فهو ملفج: افتقر، وأسهب، فهو مسهب: أكثر الكلام، وأحصنت المرأة زوجها فهو محصن، وأحصنها زوجها فهي محصنة. وقد جاء الإحصان بمعنى الإسلام والحرية، والعفاف، والتزوج. والمحصن في حد الزنى: غير المحصن في باب القذف. قوله: "وغُرِّبَ عَامًا" غرب. أي: نفي من البلد الذي وقعت فيه

_ 1 في الأصول كلها: نصفين، وهو خطأ والتصويب من "التاج" مادة "زنى" والبيت مذكور فيه بغير نسبة لأحد، وفي الأساس والتاج: قال الفراء: المقصور من زنى والممدود من زانى يقال: زاناها "صيغة مشاركة" مزاناة وزناء كما يقال: قد زنى بها زنى وهذا أصل مقصور.

الجناية. يقال: غرب الرجل بفتح الراء: بعد، وغربته وأغربته: أبعدته ونحيته. قوله: "وَحَدَّ اللوطيّ" اللوطي: منسوب إلى لوط النبي عليه السلام، والمراد أنه يعمل عمل قومه الذين أرسل إليهم، ولهم صفات مذمومة، أشهرها وأقبحها إتيان الذكور في الدبر وهو المراد هنا، يقال: لاط ولاوط: عمل عمل قوم لوط. قوله: "ببادية" البادية، والبدو: خلاف الحاضرة، عن ابن سيده، والبداوة "بكسر الباء وبفتحها": الخروج إلى البادية.

باب القذف

باب القذف "أَصْلُ"1 القذف: رمي الشيء بقوة، ثم استعمل في الرمي بالزنى ونحوه من المكروهات. يقال: قذف يقذف قذفًا، فهو قاذف، وجمعه، قذاف وقذفة، كفاسقٍ وفسقهٍ، وكافر وكفرة. قوله: "العفَيْفَ" تقدم في أركان النكاح2. قوله: "أو اسْتَفَاضَ زِنَاها" استفاض: استفعل، من فاض الخبر يفيض: إذا شاع وانتشر في الناس فهو مستفيض، ولا يقال: مستفاض، إلا على لغة قليلة. قوله: "يعرف بالفجور" الفجور: مصدر فجر يفجر فجورًا: إذا انبعث في المعاصي والمحارم. قوله: "يا عاهر" العاهر: اسم فاعل من عهر، إذا أتى المرأة ليلًا،

_ 1 لفظ "أَصْلُ": زيادة من "ط". 2 انظر ص "390".

للفجور بها، ثم غلب فصار العاهر: الزاني مطلقًا، وقال السعدي: عهر بها عهرًا: فجر بها ليلًا. قوله: "أو يا مَعْفُوجُ" المعفوج: مفعول، من عفج، بمعنى: نكح، فكأنه بمعنى منكوح. أي موطوء، ونص الإمام أحمد على وجوب الحد بذلك. قوله: "زَنَاْتَ في الْجَبَلِ" زنا بالهمز، بمعنى: صعد، وبمعنى: ضيق، وبمعنى: ضاق وبمعنى: قصر، وبمعنى: لصق، وبمعنى: لجأ. قوله: "فَضَحْتِهِ" قال الجوهري: فضحه فافتضح: إذا انكشفت مساويه. قوله: "نكَّسْتِ رَأْسَهُ" أي: قلبته، وطأطأته، قاله الجوهري. قوله: "يا قَحْبَةُ يا خَبِيثَةُ" القحبة: الفاجرة، عن ابن سيده، قال: وأصلها من السعال، أرادوا أنها تسعل أو تتنحنح، ترمز بذلك، وقال الجوهري: كلمة مولدة، قال السعدي: قحب البعير والكلب: سعل، واللئيم في لؤمه، ومنه القحبة، وهي في عرف زماننا: المعدة للزنى. والخبيثة: صفة مشبهة من خبث الشيء، فهو خبيث: ضد طيب، ولحقته التاء؛ لأنه بمعنى فاعل، وما كان من فعيل بمعنى مفعول، كقتيل لم تلحقه التاء إلا سماعًا كخصلة ذميمة. قوله: "يا نَبَطِيُّ يا فارِسِيُّ يا رومِيُّ" النبطي: منسوب إلى النبط والنبيط، وهم قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين، والجمع: أنباط، ورجل نبطي ونباطي ونباطٍ، كيمني ويماني ويمانٍ والفارسي: منسوب إلى فارس، وهي: بلاد معروفة، وأهلها: الفرس، وفارس أبوهم. والرومي: نسبة إلى الروم، هذا الجيل من الناس، والروم في الأصل:

هُوَ الرُّومُ بن عِيصُو، ابن اسحاق بن إبراهيم عليهما السلام، فإذا قال ذلك العربي، فقد نفاه عن نسبه. قوله: "إذا طَالَبُوا أو واحدٌ منهم" واحد معطوف على الضمير المرفوع المتصل من غير فصل ولا تَوْيِكدٍ، وهو ممتنع عند أكثر النحويي، وجائز عند بعضهم على ضعف ما هو مستقصى في كتب النحو، والله أعلم.

باب حد المسكر

باب حدِّ المُسْكِرِ المسكر: اسم فاعل من أسكر الشراب فهو مسكر: إذا جعل شاربه سكران، أو كانت فيه قوة تفعل ذلك. قال الجوهري: السكران: خلاف الصاحي، والجمع: سكرى، وسكارى ولغة بني أسد سكرانه، وقد سكر يسكر سكرًا، مثل: بطر يبطر بطرًا والاسم السكر "بالضم" قال السامري صاحب "المستوعب" والسكر الذي تترتب عليه أحكام السكران كلها: هو الذي يجعل صاحبه يخلط في كلامه ولا يعرف بوثبه من ثوب غيره ولا نعله من نعل غيره، وقال ابن عقيل: المعتبر أن يخلط في كلامه، وكذلك ذكر ابن البناء1: أنه لا يعتبر تمييزه السماء من الأرض، والرجل من المرأة2. قوله: "والْعَصِيرُ" العصير فعيل بمعنى مفعول، أي: المعصور من ماء العنب.

_ 1 هو محمد بن الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء البغدادي، كان ثقة من أهل الدين والصدق والعلم والمعرفة وفاته سنة "510" هـ ترجمته في "المنهج الأحمد" "3/ 56". 2 مقابل هذه الفقرات في حاشية "ش" ما يلي: "اللهم إلا حد الشرب فإنه يترتب على شارب قليل الخمر بالإجماع فلا يعتبر به تخليط صاحبه والله أعلم، وهو بخط مغاير وغير معزو لأحد".

قوله: "إلَّا أَنْ يَغْلِيَ قَبْلَ ذلك" يقال: غلت القدر تغلي: إذا ارتفع ماؤها من شدة التسخين، فغليان العصير: تحركه في وعائه واضطرابه كما تغلي القدر على النار، قوله: "في الدُّبَاءِ والْحَنْتَمِ والنَّقِيرِ والْمُزَفَّتِ" الدباء: القرعة اليابسة المجعولة وعاء. والْخَنتُم: جرار مذهونة واحدتها حنتمة. والنقير: فعيل بمعنى مفعول وهو أصل النخلة، ينقر ثم ينبذ فيه التمر. والمزَفَّتُ: الوعاء المطلي بالزفت: نوع من القار. قوله: "ولا بأس بالفُقَّاعِ" قال ابن فارس: الفقاع: الذي يشرب، قال ابن سيده: الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سمي بذلك لما يعلوه من الزبد، وفي الكتاب المنسوب إلى الخليل أنه سمي فقاعًا لما يعلو على رأسه كالزبد والفقاقيع، كالقوارير فوق الماء، وقال الجوهري: نُفَاخَاتٌ فوق الماء.

باب التعزير

باب التَّعزير التعزير في اللغة: المنع، يقال: عزرته وعزرته: إذا منعته، ومنه سمي التأديب الذي دون الحد: تعزيرًا؛ لأنه يمنع الجاني من معاودة الذنب، وقال السعدي: يقال: غزرته: وقرته، وأيضًا أدبته، وهو من الأضداد1. قوله: "استمنى" تقدم فيما يفسد الصوم.

_ 1 قال الأنباري في "الأضداد" ص "147": وعزرت حرف من الأضداد، يقال: عزرت الرجل إذا أدبته وعنقته ولمته، ومنه قول الفقهاء: يجب عليه التعزيز. ويقال عزرت الرجل إذا عظمته وكرمته ... الخ.

باب القطع في السرقة

باب القطع في السرقة يقال: سَرَق يَسْرِق سَرَقًا وسَرِقًا وسَرِقَةً فهو سارق. والشيء مسروق، وصاحبه مسروق منه. قوله: "على منتهب ولا مختلس" الْمُنْتُهِبُ: اسم فاعل من انتهب الشيء: إذا استلبه، ولم يختلسه، والمختلس اسم فاعل من اختلس الشيء: اختطفه عن ابن فارس وقال السعدي: خلس الشيء: استلبه والاسم الخلسة. قوله: "ويُقْطَعُ الطَّرَّارُ" وهو الذي يبط الجيب، والطرار: فعال من طر الشيء فهو طار وطرار للتكثير، ولا يشترط هنا التكثير، بل لو فعل هذا مرة فهو طرار له حكمه، وقال السعدي: طر الشيء: اختلسه، ويبط، أي: يشق ومنه بط القرحة. إذا شقها. قوله: "صَنَم ذهبٍ" تقدم في عقد الذمة. قوله: "هَتَكَ" قال الجوهري: الهتك: خرق الستر عما وراءه. قوله: "إلى باب النَّقْبِ" النقب: مصدر نقب الشيء نقبًا: خرقه، واسم المكان المخروق أيضًا: نقب، والنقب: الطريق في الجبل. قوله: "يُخْرِجه من الحِرْز" قال الجوهري: الحرز: الموضع الحصين: يقال: هذا حرز حريز واحترزت من كذا وتحررت منه، أي: توقيته. قوله: "أو مَعْتُوه" معتوه: اسم مفعول عته، إذا فقد عقله أو دهش، وقال الجوهري: المعتوه: الناقص العقل، والْعَتَهُ: التجنن والرعونة1.

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

قوله: "والأغلاق الوثيقة" واحد الأغلاق غلق، بوزن فرس المغلق: وهو ما يغلق به الباب، وكأنه -والله أعلم- اسم للقفل خشبًا كان أو حديدًا. قوله: "وراء الشرائج" الشرائج واحدتها شريجة، قال الجوهري: الشريجة: القوس يتخذ من الشريج، وهو العود الذي يشق فلقتين، والشريجة: شيء ينسج من سعف النخل ويحمل فيه البطيخ ونحوه، وهذا آخر كلامه، والشريجة في زماننا: قصب أو نحوه يضم بعضه إلى بعض بحبل أو غيره. قوله: "الْحَظَائِرُ" واحدتها حظيرة، وهي ما يعمل للإبل والغنم من الشجر تأوي إليه، وأصل الحظر في اللغة: المنع. قوله: "وحِرْزُ المواشي الصِّيَرُ" واحدة الصير صيرة، وهي حظيرة الغنم، كسيرة وسير. قوله: "بتقطيرها" تقطيرها مصدر قطرها: إذا جعلها قطارًا. قوله: "رِتَاجَ الْكَعْبَةِ" قال الجوهري: الرتج، والرتاج: الباب العظيم، ومنه رتاج الكعبة، ويقال: رتج الباب، وأرتجه: إذا أغلقه، وأرتج على القارئ: إذا لم يقدر على القراءة1. قوله: "أو تأزيرَهُ" التأزير: مصدر أزره، بتشديد الزاي: إذا جعل له إزارًا، ثم أطلق على ما يجعل إزارًا، من تسمية المفعول بالمصدر، فتأزير المسد: ما جعل على أسفل حائطه من لباد، أو دفوف، ونحو ذلك.

_ 1 تقدم الكلام على "أرتج" في صفة الصلاة بأتم من هذا.

باب حد المحاربين

باب حدّ المحاربين واحد المحاربين: محارب، وهو: اسم فاعل من حارب، وهو فاعل من الحرب. قال ابن فارس: الحرب: اشتقاقها من الحرب "يعني: بفتح الراء" وهو مصدر حرب ماله، أي: سلبة، والحريب: المحروب، ورجل محرب أي: شجاع. قوله: "فيغصبونهم المال" يقال: غصبت المال، فيتعدى إلى مفعول واحد، والضمير المنصوب في "يغصبونهم" مفعول، والمال بدل منه، والتقدير: فيغصبون مالهم. قوله: "حَتْما" مصدر حتم الشيء: إذا أوجبه، وإذا قضاه، وإذا أحكمه، ونصبه على أنه صفة مصدر أي: قتلًا حتمًا، أي: متحتمًا. قوله: "وَحُكْمُ الرِّدْءِ" الردء مهموزًا بوزن علم: المعين، وهو العون أيضًا قال الله تعالى: {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} 1 أي: معينًا. قوله: "وَشُرِّدَ" شرد، أي: طرد، قال الجوهري: التشريد: الطرد منه قوله تعالى: {فَشَرِّدْ بِهِمْ} 2. أي: فرق وبدد شملهم. الشريد: الطريد. قوله: "بما يَرْدَعُه" أي: بما يكفه. قوله: "صائلًا" تقدم في محظورات الاحرام3.

_ 1 سورة القصص: الآية "34". 2 سورة الأنفال: الآية "57". 3 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

قوله: "من خَصَاصِ الْبَابِ" خصاص الباب: الفرج التي فيه، واحدتها خصاصة. قوله: "ففقأها" فقأها بالهمز أي: أطفأ نورها، والله أعلم.

باب قتال أهل البغي

باب قتال أهل البغي البغي: مصدر بغى يبغي بغيًا: إذا تعدى، وأهل البغي هنا هم: الظلمة الخارجون عن طاعة الإمام المتعدون عليه. قوله: "مَنَعَةٌ وشَوْكَةٌ" منعة: تقدم فيما يلزم الجيش، والشوكة: شدة البأس والجد في السلاح، وشاك الرجل: ظهرت شوكته. قوله: "ما يَنْقِمُون" يقال: نقم "بفتح القاف" ينقم "بسكرها" وبالعكس فيهما، أي: فيما يعيبون ويكرهون. قوله: "مَكِيدَةٌ" هو مفعلة من كاد: إذا مكر واحتال، أي: إن ظن أن فعلتهم مكيدة. قولهم: "وَكُراعِهم" أي: خيلهم. قوله: "ولا يُجَازُ على جريح" أي: لا يقتل. قال السعدي: وأجاز عليه: قتله. وجهز على الجريح وأجهز: أسرع قتله. قوله: "الْخَوَارِجُ" واحده: خارجة، أي: طائفة خارجة، ولا يجوز أن يكون واحده خارجًا؛ لأنه ليس مما سمع جمعه على خوارج، وهم الحرورية الخارجون على علي رضي الله عنه واستحلوا دمه، ودم أصحابه، وكانوا متشددين في الدين تشددًا زائدًا. قوله: "أو طَلَبِ رئاسةٍ" الرئاسة: مصدر رأس الإنسان: صار رئيسًا، أي: كبير قومه مطاعًا فيهم، والله أعلم1.

_ 1 عبارة: "والله أعلم" لم ترد في "ش" وأثبتناها من "ط".

باب حكم المرتد

باب حكم المرتدّ المرتد لغة: الراجع يقال: ارتد مرتد: إذا رجع، والمرتد شرعًا: هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر. قوله: "جَحَدَ رُبُوبِيَّتَهُ" ربوبية الله تعالى: اتصافه بكونه ربًّا، كالرجولية. ووحدانيته1 اتصافه بكونه واحدًا سبحانه وتعالى. قوله: "أَوْ سَبَّ الله تعالى" السب "بفتح السين": الشتم وقد سبه يسبه سبًّا: إذا شتمه. قوله: "توبة الزِّنْدِيْقِ" الزنديق: فارسي معرب، وجمعه زنادقة، قال سيبويه: الهاء في "زَنَادِقَةٍ" بدل من ياء "زنديق" وقال الجوهري: وقد تزندق، والاسم: الزندقة قال ثعلب: ليس زنديق، ولا فرزين، من كلام العرب، إنما يقولون: زندق وزندقي: إذا كان شديد البخل. قال المصنف رحمه الله في "المغني" والزنديق: هو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر، كان يسمى منافقًا، ويسمى اليوم زنديقًا. قوله: "خَاصَّةً" نصوب على أنه صفة مصدرٍ محذوفٍ: أي: بعثة خاصة، لا عامة. قوله: "يَرْكبُ المِكْنَسَةَ" "هي بكسر الميم" ما يكنس به. قوله: "يُعَزِّمُ على الْجِنِّ" يعزم، أي: يقرأ العزائم، قال ابن فارس: العزائم: الآيات تقرأ على المريض يرجى بركتها، وقال الجوهري: العزائم: الرقى، والله أعلم.

_ 1 ربوبية، رجولية، وحدانية، مصادر صناعية وهي تشتق من الأسماء الجامدة بزيادة ياء مشددة وتاء على الاسم، فمن الإنسان يشتق الإنسانية ومن العرب العربية ومن الإسلام الإسلامية.

كتاب الأطعمة

كتاب الأطعمة مدخل ... كتاب الأطعمة الأطعمة: جمع طعام، قال الجوهري: الطعام: ما يؤكل، وربما خص به البر: والأطعمة: جمع قلة، لكنه بتعريفه بالألف واللام أفاد العموم. قوله: "من السُّمُومِ" السموم: جمع سم "بضم السين وفتحها وكسرها" ويجمع على سمام أيضًا وهو القاتل، وغيره مما فيه مضرة. قوله: "يَغْرِسُ به" "بكسر الراء" أي: يكسر به الفريسة. قوله: "والنمر والذئب" النمر: "بفتح أوله وكسر ثانية" والذئب: "بالهمز" بوزن علمٍ. قوله: "وابن آوى" "بقطع الهمزة مفتوحة" بوزن "غالي" حيوان معروف، قال الجوهري: يسمى بالفارسية "شغال" وجمعه: بنات آوى. وآوى لا ينصرف؛ لأنه أفعل، وهو معرفة. قوله: "وَمَا لَهُ مِخْلَبٌ" المخلب: "بكسر الميم" للطائرة والسباع بمنزله الظفر للإنسان قاله الجوهري. قوله: "كالعُقَاب" طائر من العتاق، مؤنثة، يقع على الذكر والأنثى، والجمع أعقب وأعقبةٍ وعقبانٍ وعقابين جمع الجمع. قوله: "والْبَازِي" البازي معروفن وفيه ثلاث لغات: البازي، بوزن القاضي وهي فصحاهن، والبز بوزن النار، حكاها الجوهري: والبزي: بتشديد الياء. حكاها أبو حفص الحميدي.

قوله: "والقنفُذُ" القُنْفُذ: حيوان معروف "بضم القاف وبضم الفاء وفتحها" حكاهما الجوهري، قال والأنثى قنفذة، وحكى ابن سيده: أنه يقول: بالدال والذال. وحكى صاحب "المشارق" و "المطالع" قنفظ "بالظاء المعجمة" وهو غريب. قوله: "والفأر" تقدم في كتاب البيع1. قوله: "وَالْحَشَرَاتِ" الحشرات: صغار دواب الأرض، كالضب، واليربوع، وقيل: هوام الأرض مما لا اسم له، واحدتها حشرة. قوله: "والسِّمْعُ" السمع "بكسر السين" ما فسره به والسمع أيضًا: الصيت2. قوله: "والعِسْبَارُ": ولد الذئبة من الذيخ. العسبار "بكسر العين" والذيخ، ذكر الضباع الكثير الشعر، قال الكسائي: والأنثى، ذيخة، والجمع: ذيوخ وأذياخ وذيخة، "والجمع ذيوخ وأذياخ وذيخة"3. قوله: "والدَّجَاجُ" "بفتح الدال وكسرها لغة" الواحدة: دجاجة للذكر والأنثى، ودخلته الهاء لكونه واحدًا من جنسٍ، كبطةٍ، وبط، وقد تقدم تثليث دال الدجاج في خيار العيب.

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 كذا في "ش" وفي "ط" "الضب" وهو خطأ إذا لم يرد لها إلا هذا المعنى من السماع وسمع ومسمع ومعنى آخر هو: السمع: ولد الذئب من الضبع وسمع أيضًا "بلا ألف ولام": جبل، والسمع أي ولد الذئب من الضبع: له مزايا فهو لا يعرف العلل وسريع في عدوه، وهو حديد السمع قال الشاعر: "من الطويل" تراه حديد الطرف أبلح واضحًا ... أغر طويل الباع أسمع من سمع انظر "التاج - سمع". 3 ما بين الحاصرتين تكملة من "ط".

قوله: "والزَّرَافَةِ" الزرافة "بفتح الزاي وضمها مخففة الفاء" الحيوان المعروف، والزرافة بالفتح، الجماعة. قوله: "إلا الضِّفْدَع" الضفدع "بكسر الضاد والدال، وبكسر الضاد وفتح الدال" وحكى المطرز في "شرحه" ضُفْدَعٌ: بضم الضاد وفتح الدال، ولم أر أحدًا حكى ضمها1. قوله: "والتِّمْسَاحَ" "بكسر التاء" الحيوان المعروف من دواب البحر، له خرطوم كالمنشار وعطفه بالواو في قوله: وإلا الكوسج إيذانًا بأن ابن حامد يضم إلى الثلاثة المذكورة الكوسج. قوله: "وإلا الكَوْسَجُ" بوزن جوهر معرب: سمكة في البحر. قوله: "وتَحْرُمُ الجَلَّالَةُ" الجلالة بوزن حمالة مبالة في جالة، يقال: جلت الدابة الجلة فهي جالة، والجلة: البعر، فوضع موضع العذرة؛ لأن الجلالة في الأصل: التي تأكل العذرة. قوله: "ما يَسُدَّ رَمَقَهُ" الرمق "بوزن فرس" بقية الروح، ويسد رمقه أي: يمسكه، كما يسد الشيء المنفتح. قوله: "أَوْ رِباطًا" الرباط: "بكسر الراء": واحد الرباطات المبنية المعروفة.

_ 1 جاء في هامش "ط": "وجد في هامش بعض النسخ ما نصه: حكى ضم الدال البطليوسي في شرحه "أدب الكات" عن أبي حاتم، كما قاله الشيخ بهاء الدين في تعليقه على "التنبيه"، وأما أبو عمرو المطرز فلم يحك إلا فتح الدال وضمها كما قال عنه ابن دحية الكيلبي، فيما رد على ابن قتيبة فليحرر نقل المؤلف عنه ضم الدال. كتبه حمزة الحنبلي".

باب الذكاة

باب الذَّكَاةِ يقال: ذكي الشاة ونحوها تذكية: ذبحها، والاسم: الذكاة، والمذبوح ذكي، فعيل بمعنى مفعول. قوله: "ما أَنْهَرَ الدَّمَ" الإنهار: الإسالة، والصب بكثرة، شبه خروج الدم من موضع الذبح يجري الماء في النهر. قوله: "أن يقطع الْحُلْقُوم" الحلقوم: قال الجوهري: الحلقوم: الحلق، والمريء، والودج تقدم في الجنايات. قوله: "مِثْلُ أن يَنِدَّ البعيرُ" يند "بكسر النون" أي: يشرد، يقال: ندَّ البعير يند ندًّا وندادًا وندودًا، انفرد وذهب على وجهه شاردًا. قوله: "أو يتردى" تردى، أي: سقط في بئر أو تهور من جبل، والتردي: الهلاك أيضًا. قوله: "كالْمُنْخَنِقَةِ والنَّطِيحَةِ وَأَكِيلَةِ السَّبُعِ" المنخنقة: اسم فاعل من انخنقت الشاة ونحوها فهي منخنقة: إذا خنقها شيء فماتت. والنطيحة: فعيلة بمعنى مفعولة أي: منطوحة، نطحت فماتت به. وأكيلة السبع أيضًا، فعيلة بمعنى مفعولة أي: مأكولة السبع ودخلته الهاء لغلبة الاسم عليه، والمراد، ما أكل السبع بعضها، وإلا فما أكلها جمعًا قد صارت معدومة لا حكم لها. قوله: "وهو شحم الثَّرْبِ والكليتين" الثرب بوزن فلس: شحم قد غشي الكرش والأمعاء رقيق والكليتان: واحدتهما: كلية - وكلوة لغة - "بضم الكاف فيهما" وهي معروفة، والجمع كليات وكلى. قوله: "فوجد في حَوْصَلَّتِهِ حبًّا"، الحوصلة: "بتشديد اللام": ما يصير إليه الحب ونحوه من الطائر، تحت عنقه في صدره، وهي معروفة.

كتاب الصيد

كتاب الصَّيد الصَّيد في الأصل: مصدر صاد يصيد صيدًا فهو صائد، ثم أطلق الصيد على المصيد تسمية للمفعول بالمصدر كقوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} 1 والصيد ما كان ممتنعًا حلالًا لا مالك له. قوله: "فَأَثْبَتَهُ" أي: منعه من الامتناع، وحبسه عنه، من قولهم: أثبت الرجل: سجنته ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ} 2. قوله: "زجره" أي: حثه، وحمله على السرعة، قال الجوهري: زجر البعير: أي: ساقه. وإن صار بالمعراض" قال القاضي عياض في "مشارقه" المعراض: خشية محددة الطرف وقيل: فيه حديدة، وقيل: سهم بلا ريش. قوله: "مَنَاجِل" واحدها: منجل "بكسر الميم" وهو: الآلة التي يحصد بها الحشيش والزرع، وميمه زائدة، من النجل، وهو: الرمي. قوله: "تردى" تقدم في الزكاة3. قوله: "أن يكون الجرح موحيًا" موحيًا: اسم فاعل من أوحى، يقال: وحيت العمل وأوحيته، أسرعته، والوحي بالمد والقصر:

_ 1 سورة المائدة: الآية "95". 2 سورة الأنفال: الآية "30". 3 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

السرعة، فالجرح الموحي: المسرع للموت1. قوله: "وأُفْلِتَ حيًّا" يقال: فلت وأفلت، وتفلت بمعنى: انفلت، وأفلته غيره، فعلى هذا يجوز بناؤه للمفعول، فيقال: أفلت2. قوله: "فأبان مِنْهُ عُضْوًا" بمعنى: أزال، يقال: بان الشيء، وأبانه غيره. قوله: "لِأَنَّهُ وَقِيذٌُ" وقيذ: فعيل بمعنى مفعول، أي: موقوذ، والموقوذة: المقتولة بالخشب قال قتادة: كانوا في الجاهلية: يضربونها بالعصا، فإذا ماتت أكلوها. قوله: "الأسود البهيم" البهيم: الذي لا يخالطه لون آخر، أسود كان أو غيره والجمع: بهم، كرغيب ورغف. قوله: "أن يَسْتَرْسِلَ إذا أُرْسِلَ ويَنْزَجِرَ إذا زُجِرَ" يسترسل: يرسل، تقول: أرسلته فاسترسل، أي: بعثته فانبعث. وينزجر، أي: ينتهي إذا نهاه، فهو من الأضداد زجره: حثه، وزجره: كفه3. قوله: "وخَنْقه" تقدم في الطلاق4. قوله: "إلى هدف" الهدف "بفتح الهاء والدال"، قال الجوهري: الهدف: كل شيء مرتفع من بناء أو كثيب رمل، أو جبل، ومنه سمي الغرض: هدفًا.

_ 1 كذا في "ط" وهو المثبت وفي "ش": "المسرع الموت وهو جائز". 2 فعلى هذا يجوز بناؤه للمفعول: أي؛ لأنه فعل متعد، وبناؤه للمفعول: أي: بناؤه للمجهول. 3 في "الأضداد" للأنباري: قال: وكذلك الزجور: يقال للزاجر وللناقة التي لا تدر حتى تزجر وتضرب. 4 انظر ص "406".

قوله: "بِرْكَةً" البركة: بوزن كسرة كالحوض والجمع برك. قوله: "أو عَشَّشَ فيها" عشش الطائر: اتخذ عشًّا، وهو موضعه الذي يجمعه من دقاق العيدان وغيرها. قوله: "وَصَيْدُ الطَّيْرِ بالشَّبَاشِ" وهو طائر يخيط الصائد عينيه أو يربط، ذكره الشيخ في "المغني".

كتاب الأيمان

كتاب الأيمان مدخل ... كتاب الأيمان الْأَيْمَانُ: جمع يمين، واليمين: القسم، والجمع: أيمن وأيمان، وقيل: سمي بذلك؛ لأنهم كانوا إذا تحالفوا، ضرب كل امرىء منهم يمينه على يمين صاحبه، واليمين: توكيد الحكم بذكر معظم على وجه مخصوص فاليمين وجوابها جملتان ترتبط إحداهما بالأخرى، ارتباط جملتي الشرط والجزاء، كقول: أقسمت بالله لأفعلن، ولها حروف، يجر بها المقسم به، وحروف يجاب بها القسم، وأحكام غير ذلك موضعها كتب النحو. قوله "وايمُ اللهِ" همزته همزة وصل تفتح وتكسر، وميمه مضمومة، وقالوا: أيمن الله "بضم الميم والنون مع كسر الهمزة وفتحها" وعند الكوفيين: ألفها ألف قطع، وهي: جمع يمين، وكانوا يحلفون باليمن، فيقولون: ويمين الله. قاله أبو عبيد. وأنشد لامرىء القيس: "من الطويل" فقلت يمين الله أبرح قاعدًا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي1

_ 1 البيت: ذكره ابن هشام في "أوضح المسالك" الشاهد رقم "80" بحث الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر: "1/ 163" واستشهد به على عمل أبرح "مضارع برح" عمل كان مع أنه ليس معه في اللفظ حرف نفي بسبب أن حرف النفي مقدر قبله أي: لا أبرح قاعدًا. وجاء بالنسبة لقوله: يمين الله: يروى بالرفع وبالنصب: فأما الرفع فعلي أنه مبتدأ حذف خبره والتقدير: يمين الله قسمي أو علي يمين الله. وأما النصب فعلى أحد وجهين: أولهما أنه منصوب بنزع الخافض وأصل الكلام: بيمين الله، وثانيهما أن يكون مفعولًا مطلقًا وتقدير الكلام أقسم يمين الله فالمحذوف أقسم من معنى المذكور "يمين"، وأورد البيت الزجاج في جملة: باب القسم وحروفه صفحة "70-75" وقال بالنسبة لقوله: يمين الله: يروى يمين ويمين رفعًا ونصبًا.

وهو: اسم مفرد مشتق من اليمن والبركة، وفي استعمالها أربعة عشر وجهًا ذكرتها في كتابي "المفاخِرُ في شرحِ جُمَلِ عبدِ القاهر" فمن أحب الوقوف عليها، فلينظرها1 فيه. قوله: "لَعَمْرُ اللهِ" العَمْرُ، والعُمْرُ: الحياة "بفتح العين وضمها" واستعمل في القسم، المفتوح خاصة واللام للابتداء، وهو مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف وجوبًا تقديره "قسمي" أو ما أقسم به، والقسم به يمين منعقدة؛ لأنه حلف بصفة من صفات الله تعالى، وهي حياته. قوله: "يُمْكِنُ فيها البِرُّ والحِنْثُ" فالبر في اليمين: الصدق فيان والحنث: عدم البر فيها وقال ابن الأعرابي: الحنث: الرجوع في اليمين: أن يفعل غير ما حلف عليه والحنث في الأصل: الإثم، ولذلك شرعت فيه الكفارة. قوله: "يَمِيْنُ الْغَمُوسِ" هي اليمين الكاذبة الفاجرة، يقتطع بها الحالف مال غيره، سميت غموسًا؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار، و"غموس" للمبالغة. قوله: "في عُرْضِ حديثِه" عرض الشيء: "بالضم" جانبه، وبالفتح: خلاف طوله، ففي عرض حديثه أي: في جانبه، ويجوز أن

_ 1 وانظر "الجمل في النحو" للزجاجي صفحة: "72-74".

يراد العرض خلاف الطول، ويكون ذلك عرضًا معنويًّا. قوله: "أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ" البيعة: المبايعة، أي: يحلف بها عند المبايعة والأمر المهم، وكانت البيعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بالمصافحة، فرتبها الحجاج أيمانًا تشتمل على ما ذكر.

باب جامع الايمان

بابُ جامع الايمان جامع: صفة لموصوف محذوف، أي: أمر أو وصف أو نحوهما. قوله: "وما هَيَّجَها" قال الجوهري: هاج الشيء هيجًا وهياجًا وهيجانًا واهتاج وتهيج أي: ثار، وهاجه غيره وهيجه يتعدى ولا يتعدى، فالمعنى: سبب اليمين وما أثارها. قوله: "يريد جفاءها" الجفاء "بالمد" الأطراح والإبعاد، يقال: جفوته جفاء وجفوة وجفوة. قوله: "فَضاءً" الفضاء "ممدودًا": الساحة، وما اتسع من الأرض، يقال: أفضى: إذا خرج إلى الفضاء. قوله: "لحمُ ذها الْحَمَلِ" بوزن فرس، الصغير من أولاد الضأن. قوله: "شَرْعِيَّةً وحَقِيقيَّةُ وعُرْفِيَةً" فالشرعية: نسبة إلى الشرع: وهو ما شرع الله تعالى لعباده من الدين، يقال: شرع يشرع شرعًا وشريعةً. والحقيقية: نسبة إلى الحقيقة: وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له أولًا. والعرفية: منسوبة إلى العرف كما فسر ذلك. قوله: "لا يَهَبُ زيدًا شيئًا" حقه أن يقول: لا يهب لزيد شيئًا، يتعدى إلى المفعول الأول بحرف الجر، وإلى الثاني بنفسه، كقوله تعالى:

{فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً} 1 {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ} 2 {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ} 3 وغير ذلك. قوله "وَحَابَاه" تقدم في الشركة4. قوله: "أو المُخَّ" المخ الذي في العظام، والمُخَّةُ: أخص منه. قوله: "أو الكَرِشَ أو الْمُصْرَانَ أو الدِّمَاغَ أو الْقَانِصَةَ" الكرش: "بفتح أوله وكسر ثانيه وسكونه": لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان. وهي مؤنثة. والمصران: "بضم الميم": جمع مصير، وهو المعاء، كرغيف ورغفان، ثم المصارين: جمع الجمع. وأما الدماغ: فهو الذي داخل الرأس، وهو معروف. وأما القانصة: فهي واحدة القوانص، وهي للطير بمنزلة المصارين لغيرها. قوله: "على سبيل الوَرَع" الورع: مصدر وَرِعَ يَرِعَ، "بكسر الراء فيهما" ورعًا ورعة، كف عن المعاصي فهو ورع. وقال صاحب "المطالع" الورع: الكف عن الشهبات، تحرجًا وتخوفًا من الله تعالى، ثم استعير للكف عن الحلال أيضًا. قوله: "أو كَشْكًا أو جُبْنًا" الكشك هذا المعروف الذي يعمل من القمح واللبن، لم أره في شيء من كتب اللغة، ولا في المعرب. وأما الجبن: ففيه ثلاث لغات: فصحاهن: جبن بوزن قفل، وجبن

_ 1 سورة الشعراء: الآية "21". 2 سورة الأنبياء: الآية "72". 3 سورة ص: الآية "30". 4 انظر ص "312" وهذه الفقرة بتمامها لم ترد في "ط".

بوزن عُنُقٌ، وجُبُنٌّ "بضمتين وتشديد النون" كقوله: جبنة من أطيب الجبن. قوله: "فأكَلَ مُذَنِّبًا" المذنب: الذي بدأ فيه الإرطاب من قبل ذنبه، يقال: ذنبت البسرة، فهي مذنبة "بكسر النون". قوله: "أو بُسْرًا" البسر: قبل المذنب، قال الجوهري: البسر: أوله طلع، ثم خلال ثم بلح، ثم بسر، ثم رطب، ثم تمر، والواحدة: بُسْرَةٌ وبُسَرَةٌ. قوله: "ما يُصْطَبَغُ به" أي: ما يغمس فيه الخبز، ثم الأدم، ويسمى ذلك المغموس فيه صبغًا "بكسر الصاد". قوله: "أو جوشنًا" قال الجوهري: الجوشن: الدرع، فكأنه درع مخصوص، فأما في زماننا، فلا يسمى درعًا، لكنه اسم لنوع معروف، هو قرقل "بكسر القافين وسكون ما بعدها1. قوله: "عَقِيقًا أوْ سَبَجًا" العقيق: ضرب من الخرز أحمر معروف، والسبج: الخرز الأسود، فارسي معرب قاله الجوهري. قوله: "في مُرْسَلَةٍ" المرسلة: اسم مفعول من أرسل القلادة فهي مرسلة والمرسلة هنا القلادة. قوله: "جُعِلَتْ بِرَسْمِهِ" أي: جعل ركوبها له يقال: رسم الشيء رسمًا، علمه بعلامة. قوله: "طاقَ البابِ" قال ابن فارس: الطاق: عقد البناء، قال موهوب: هو فارسي معرب، فطاق الباب إذن: ثخانة الحائط، وقال

_ 1 ما بين الرقمين لم يرد في "ش" وأثبتناه من "ط"، وقوله "وسكون ما بعدها" كذا في "ط"، والأجود أن يقال: "وسكون ما بينهما" وقوله: ستة أشهر أي: مدة ستة أشهر.

القاضي، أبو يعلى: إذا قام على العتبة لم يحنث لكونه يحصل خارج الدار إذا أغلق بابها. قوله: "لا يُكَلِّمُهُ حينًا" الحين: الوقت والمدة قليلًا كان أو كثيرًا، وقال الفراء: الحين حينان: حين لا يوقف على حده. والحين الذي ذكره الله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} 1 ستة أشهر. قوله: "أو مَلِيًّا" الملي: الطائفة من الزمان لا واحد لها. يقال: مضى مليء من الزمان، ومليٌّ من الدهر. أي طائفة. قوله: "الأَبَدُ والدَّهْرُ" قال الجوهري: الأبد: الدهر، والدهر: الزمان قال الشاعر: "من الطويل" هل الدَّهْرُ إلا ليلة ونَهارُها ... وإلا طلوع الشمس ثم غبارها2 قوله: "والحُقْبُ" "بضم الحاء": ما ذكر، ويقال: أكثر من ذلك، والجمع: حقاب، والحقبة "بالكسر" واحدة الحقب، وهي السنون، والحقب "بضمتين": الدهر والأحقاب: الدهور. قوله: "والشُّهُورُ والْأَشْهُرُ" واحده شهر، فالشهور جمع كثرة والأشهر: جمع قلة فلذلك فرق بينهما من فرق. قوله: "ولَهُ مَالٌ غيرُ زَكَاتِيٍّ" كذا وقع بخط المصنف قدس الله روحه نسبة إلى الزكاة، وقياسه زكوي، لأن النسب إلى المقصود الثلاثي بقلب

_ 1 سورة إبراهيم: الآية "25". 2 غبارها: كذا في "ش" و"ط" وهو بمعنى غروبها وغيابها وهو من فعل غير بمعنى مضى ومصدره غبور وكان الأصح أن يقول: ثم غبورها؛ لأن غبار بوزن فعال لم يرد في فعل غبر "القاموس والمصباح - غبر".

أَلِفِهِ واوًا مُطْلَقًا، كفَتَوِيّ وعَصَوِيّ، وهو الصواب. قوله: "اشتَهَرَ مَجَازُها" المجاز: هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه، كالراوية والظعينة والدابة والغائط والعذرة، فالراوية في الأصل: البعير الذي يستقى عليه، ثم سميت به المزادة فصارت حقيقة عرفية. قوله: "والْيَاسِمِين" هو المسموم المعروف، وفيه لغتان: إحداهما: لزوم الياء والنون حرف الإعراب. والثاني: أن يعرب بالواو رفعًا وبالياء جرًّا ونصبًا. والسين مكسورة فيهما، حكي عن الأصمعي أنه قال: هو فارسي معرب. قوله: "متاعِهِ" وهو كل ما انتفع به الإنسان مما هو في المسكن المخلوف عليه1. قوله: "فَسَكَنَ كُلُّ واحد حُجْرَةً" الحجرة "بضم الحاء": كل منزل محوط عليه، ذكره شيخنا في "مثلثه" وقال الجوهري: الحجرة: حظيرة الإبل ومنه حجرة الدار. قوله: "وَمَرَافِقا" المرافق: جمع مرفق. وقال الجوهري: مرافق الدار: مصاب الماء ونحوها: كخلاها2 وسطحها.

_ 1 ما بين الرقمين لم يرد في "ط". 2 في "ط": "كخلائها" وهما بمعنى.

باب النذر

باب النَّذْرِ يقال: نذرت أنذر "بكسر الذال وضمها" نذرًا، فأنا ناذر: إذا أوجبت على نفسك شيئًا تبرعًا. قوله: "ولا يَصِحُّ في مُحَال" المحال: ضد الممكن، وهو: اسم مفعول من أحيل، فهو محال. قوله: "نَذْرُ اللَّجَاجِ" اللجاج: مصدر لججت في الشيء بالكسر تلج لججا ولجاجة، ولجاجاً لم تنصرف عنه، فأنت لجوج. قوله: "نذر التَّبَرُّرِ" التبرر: التقرب: تبرر تبررًّا، أي: تقرب تقربًا. قوله: "وإن نذر الطواف على أربع" أي: نذر أن يمشي حبوًا على يديه ورجليه كما تمشي ذوات الأربع.

كتاب القضاء

كتاب القضاء مدخل ... كتاب القضاء القضاء: مصدر قضى يقضي قضاء، فهو قاض: إذا حكم وإذا فصل، وإذا أحكم وإذا أمضى، وإذا فرغ من الشيء، وإذا خلق، وجمع القضاء: أقضية. وقضى فلان واستقضى: صار قاضيًا. قوله: "في كل إقْلِيم" الإقليم: "بكسر الهمزة" أحد الأقاليم السبعة: قال أبو منصور: الإقليم ليس بعربي محض. قوله: "في كل صُقَعٍ" الصقع "بضم الصاد": الناحية، وفلان من أهل هذا الصقع، أي: هذه الناحية. قوله: "ومُشَافَهَتُه بالولاية" المشافهة: مصدر شافهته: إذا خاطبته من فيك إلى فيه؛ لأن شفاهكما متقابلة. قوله: "خاصًّا" منصوب على أنه صفة لمفعول محذوف "أي: يوليه عملًا خاصًّا أو لمصدر محذوف"1 أي: فيتولى توليًا خاصًّا. قوله: "أو محلة خاصة" المحلة: "بفتح الميم واللام": منزل القوم، ومكان محلال، أي: يحل به الناس كثيرًا. قوله: "ومَنْ طَرَأَ إِليه" قال الجوهري: طرأت على القوم، أطرأ طرءًا وطُرُؤًا: إذا طلعت عليهم من بلد آخر، وقد تقدم معناه في باب الإيلاء2.

_ 1 ما بين الحاصرتين مستدرك على الهامش في "ش". 2 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

قوله: "مع صلاحيته" يقال: صلح صلاحًا وصلوحًا، وصلح "بضم اللام" لغة، والصلاحية مصدر، كالكراهية. قوله: "والمجتهد" تقدم في الجهاد1. قوله: "والأمر والنهي إلى آخر الباب" فأما الأمر: فاستدعاء الفعل بالقول على وجه الاستعلاء وقيل: القول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به، وقيل: الأمر صيغة إفعل وما في معناها. وأما النهي: فعبارة عن صيغة لا تفعل وما في معناها. وأما المجمل فهو ما لا يفهم منه عند الإطلاق معنى، وقيل: ما احتمل أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر. وأما المبين: فهو في مقابلة المجمل، وهو الذي يفهم منه عند الإطلاق مراد المتكلم، أو ما احتمل أمرين هو في أحدهما أظهر من الآخر. وأما المحكم والمتشابه فقال القاضي أبو يعلى: المحكم المفسر والمتشابه المجمل، وقيل: المتشابه الحروف المقطعة في أوائل السور والمحكم ما عداه، وقال ابن عقيل: المتشابه: الذي يغمض علمه على غير العلماء المحققين كالآيات التي ظاهرها التعارض. وقيل: المحكم: الوعد والوعيد، والحلال والحرام، والمتشابه، القصص والأمثال، قال المصنف رحمه الله في "الروضة" والصحيح أن المتشابه ما ورد في صفات الله تعالى مما يجب الإيمان به ويحرم التعرض لتأويله، كقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 2 و {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} 3 ونحو ذلك.

_ 1 انظر ص "251" وهذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 سورة طه: الآية "5". 3 سورة المائدة: الآية "64".

وأما الخاص: فهو الدال على واحد عينًا، كقولك: زيد وعمرو، وقد يكون خاصً بالنسبة عامًّا بالنسبة، كالنامي، فإنه خاص بالنسبة إلى الجسم، عام بالنسبة إلى الحيوان. وأما العام: فهو اللفظ الدال على شيئين فصاعدًا مطلقًا معًا، وهو منقسم إلى عام لا أعم منه، وإلى عام بالنسبة، خاص بالنسبة. وأما المطلق، فهو الدال على شيء معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه، وهو النكرة في سياق الإثبات. وأما المقيد، فهو ما دل على شيء معين أو مطلق مع تقييد الحقيقة بقيد زائد. كقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} 1. وأما الناسخ: فهو الرفاع لحكم شرعي، وأما المنسوخ: فهو ما ارتفع شرعًا بعد ثبوته شرعًا. وأما المستثنى، فهو المخرج "بإلّا" أو ما في معناها من لفظ شامل له، وأما المستنثى منه: فهو العام المخصوص، بإخراج بعض ما دل عليه بـ "إلا" أو ما في معناها. وأما صحيح السنة: فهو ما نقله العدول الضابطون من أوله إلى آخره. خاليًا من الشذوذ والعلة، ويعرف ذلك بالنظر في الإسناد لحفاظ الحديث، أو بأن ينص على الصحة إمام حافظ، كأصحاب الكتب الستة أو غيرهم، كالإمام أحمد والشافعي والبيهقي والدارقطني، ولو كان متأخرًا، كعبد الغني، ومحمد بن عبد الواحد المقدسيين. وأما سقيمها: فهو ما لم يكن فيه شروط الصحة ولا شروط الحسن2:

_ 1 سورة النساء: الآية "92". 2 كذا ضبطها في "ش" ويمكن أن تقرأ: "ولا شروط الحسن" إذا أردنا مقابلتها بما قبلها: "شروط الصحة" ولكنه قابلها بما بعدها: المنقطع والمعضل والشاذ ... الخ ولا بأس بذلك.

كالمنقطع والمعضل، والشاذ، والمنكر، والمعلل، إلى غير ذلك. وأما متواترها1، فهو الخبر الذي نقاله جماعة كثيرون لا يتصور تواطؤهم على الكذب، مستويًا في ذلك طرفاة ووسطه، والحق أنه ليس لهم عدد محصور، بل يستدل بحصول العلم على حصول العدد، والعلم الحاصل عنه2 ضروري في أصح الوجهين. وأما آحادها: فهي ما عدا التواتر فهو آحاد. وأما مرسلها: فالمرسل على ضربين: مرسل صحابي وغيره. فمرسل الصحابي روايته ما لم يحضره، كقول عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي: الرؤيا الصادقة الحديث ... فالصحيح أنه حجة، وهو قول الجمهور. وأما غيره، فإن كان تابعيًّا كبيرًا لقي كثيرين من الصحابة كالحسن وسعيد، فهو مرسل اتفاقًا، فإن كان صغيرًا، كالزهري، فالمشهور عند من خص المرسل بالتابعي، أنه مرسل أيضًا، وإن كان غير تابعي، فليس بمرسل عند أهل الحديث، ويسمى مرسلًا عند غيرهم. وأما متصلها: فهو ما اتصل إسناده، فكان كل واحد من رواته سمعه ممن فوقه، سواء كان مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو موقوفًا على غيره. وأما مسندها، فهو ما اتصل إسناده من راوية إلى منتهاه، وأكثر استعماله فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخصة ابن عبد البر3 به سواء كان

_ 1 كذا في "ط" وفي "ش": "تواترها" وكلاهما مقبول. 2 والعمل بها والدلالة قطعية أيضًا والحجة قطعية أيضًا. 3 هو أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي، إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلق بهما، كان موفقًا في التأليف معانًا عليه ونفع الله به. من مصنفاته "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" و "جامع بيان العلم وفضله" مات سنة: "463" هـ انظر ترجمته في "شذرات الذهب": "5/ 266" و "سير أعلام النبلاء": 18/ 153.

متصلًا: كمالك عن نافع عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم، أو منقطعًا: كمالك، عن الزهري، عن ابن عباس؛ لأن الزهري لم يسمع من ابن عباس، وحكى ابن عبد البر، عن قوم أنه لا تقع إلا على المتصل المرفوع. وأما منقطعها: فهو ما لم يتصل سنده على أي وجه كان الانقطاع، وأكثر ما يوصف بالانقطاع رواية من دون التابعي عن الصحابي، كمالك عن، ابن عمر، وقيل هو ما اختل فيه قبل الوصول إلى التابعي رجل سواء حذف أو ذكر مبهمًا: كرجل وشيخ، وقيل: الموقوف على من دون التابعي قولًا أو فعلا، وهو غريب بعيد1. وأما القياس فهو في اللغة: التقدير ومنه قست الثوب بالذراع، إذا قدرته به، وفي الشرع: حمل فرع على أصل لجامع بينهما، وقيل: حكمك على الفرع بما حكمت به على الأصل لاشتراكهما في العلة التي اقتضت ذلك في الأصل: وقيل: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما لجامع بينهما من إثبات حكم أو صفة لهما أو نفيه عنهما ذكر الثلاثة المصنف رحمه الله في "الروضة" فهذه حدوده. وأما شروطه: فبعضها يرجع إلى الأصل وبعضها إلى الفرع وبعضها إلى العلة وذلك كله مذكور في أصول الفقه يطول ذكره، وكذلك كيفية استنباطه.

_ 1 انظر في أقسام الحديث وأنواعه: "مقدمة ابن الصلاح" ص "11-59"، و "رسوم التحديث في علوم الحديث" للجعبري ص "20-43" بعناية "ياسين محمود الخطيب" طبع دار البشائر بدمشق، و"علوم الحديث ومصطلحه" للأستاذ الدكتور صبحي الصالح رحمه الله ص "139-214".

وأما العربية فللعلماء فيما تنطبق عليه1 ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الإعراب. والثاني: أنها الألفاظ العربية من حيث هي ألفاظ العرب. والثالث: اللغة العربية من حيث اختصاصها بأحوال من الإعراب لا يوجد في غيرها من اللغات. والفرق بينها وبين اللغة وقوع العربية على أحوال كل مفرد ومركب، واللغة لا تطلق على أحوال المركب، كقولك: الجملة في موضع رفع، خبر المبتدأ، بل اللغة عبارة عن ضبط المفردات على ما تكلمت بها العرب وشرح معانيها، والثالث: أشبه بالمراد هنا، والله تعالى أعلم2.

_ 1 كذا في "م" وفي "ش": "تنطلق" وهو سهو والمثبت أجود. 2 عبارة: "والله تعالى أعلم": زيادة من "ط".

باب أدب القاضي

باب أدب القاضي الأدب "بفتح الهمزة والدال": مصدر أدب الرجل "بكسر الدال وضمها لغة": إذا صار أديبًا في خلق أو علم، وقال ابن فارس: الأدب: دعاء الناس إلى الطعام، والمأدبة: الطعام، والآدب بالمد: الداعي، واشتاق الأدب من ذلك، كأنه أمر قد أجمع عليه وعلى استحسانه، فأدب القاضي أخلاقه التي ينبغي أن يتخلق بها، والخلق "بضم الخاء واللام" لصورة الإنسان الباطنة بمنزله الخلق "بفتح الخاء" لصورته الظاهرة. قوله: "مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ" العنف بوزن قفل ضد الرفق، تقول: عنف عليه وبه "بضم النون".

قوله: "مِن غير ضَعْفٍ" تقدم في باب صلاة أهل الأعذار1. قوله: "حَلِيمًا" الحلم "بالكسر": الأناة والصفح، فالحليم الذي لا يستفزه غضب ولا يستخفة جهل جاهل، ولا عصيان عاص ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم. والأناة: التأني فقوله ذا أناة: خبر أخص مما قبله وهو الحلم. قوله: "ذا أناة وفِطْنَةٍ" الأناة: اسم مصدر من "تَأَنَّى" بالأمر تَأَنِّيًا: أي: ترفق فيه واستأنى به، والاسم الأناة. والفطنة، كالفهم، قاله الجوهري، وقال السعدي: فطن للأمر فطنة، علمه، وفطن فطانة وفطانية: صار فطنًا. قوله: "وَرِعًا" قال الجوهري: الورع "بالكسر": الرجل التقي، وتورع من كذا: أي تحرج والورع في الأصل: الكف عن المحارم ثم استعمل في الكف عن المباح، يقال: ورع يرع "بكسر الراء في الماضي والمضارع" وهو أحد ما ألتزم فيه ذلك2. قوله: "عفيفًا" يقال: عف يعف عفة وعفافًا فهو عفيف: كف عما لا يحل. قوله: "الفقهاءِ والفضلاءِ والعدولِ" فالفقهاء واحدهم فقيه، وهو العالم بالأحكام الشرعية العملية: كالحل والحرمة، والصحة والفساد. والفضلاء: واحدهم فضيل وهو أعم من الفقيه؛ لأن الفضيلة أعم من أن تكون في الفقه، فيصح أن يقال: فلان فاضل وإن لم يكن فقيهًا. والعدول واحدهم عدل، وهو من وصفه المصنف رحمه الله في كتاب

_ 1 انظر ص "133" وهذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 هذه الفقرة بتمامها لم ترد في "ط".

الشهادات، ويجوز أن يراد هنا بالعدول، المشهورون بالعدالة والمسمون بها والقائمون بالشهادة على الحكام. قوله: "لِيَتَلَقَّوْهُ" أي: ليستقبلوه، قال الجوهري: تلقاه: استقبله. قوله: "أمر بعهده فَقُرِئَ" العهد: الأمان واليمين، والموثق، والذمة، والحفاظ، والوصية وقد عهدت إليه، أي: أوصيته، قال الجوهري: ومنه اشتق العهد الذي يكتب للولاة، فعهد القاضي: الكتاب الذي يكتبه موليه له بما ولاه، ونحوه. قوله: "ديوان الحُكْمِ" الديوان "بكسر الدال" وحكي فتحها، وهو فارسي معرب وجمعه دواوين: وهو الدفتر الذي يكتب فيه القاضي ما يحتاج إلى ضبطه. قوله: "مِنَ الزَّلَلِ" الزلل جمع زلة: وهي الخطيئة والسقطة. قوله: "في أَكْثَرِ مِنْ حُكُومَةٍ" الحكومة "بضم الحاء": القضية المحكوم فيها، أي: لا يقدم في أكثر من قضية1 واحدة. قوله: "ولا يُسَارَّ" تفاعل من السر، ولا يكون إلا من اثنين2، وهو مجزوم محرك بالفتح لالتقاء الساكنين3. قوله: "ولا تقدمُ" تقدم في استقبال القبلة، يجوز جزمه ورفعه على الخير.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "حكومة". 2 أي هو من الصيغ الدالة على المشاركة. 3 قوله" لالتقاء الساكنين" الساكن الأول الراء الأولى. والساكن الثاني الراء الثانية بعد دخول لا الناهية يمكن أن يفك الإدغام فيقال: ولا يسارِرْ.

قوله: "يجوز له تحرير الدعوى" تحرير كل شيء تقويمه. قوله: "يرتَشي" تقدم في حكم الأرضين المغنومة1. قوله: "إلا مِمَّنْ كان يُهدي له" يهدي "بضم الياء" من أهديت الهدية، وحكى الزجاج هدى الهدية يهديها: بفتح الياء. قوله: "ويُوصِي الوكلاءَ والأعيانَ" واحد الوكلاء: وكيل: وهو المعد لتوكيل الخصم له والأعوان واحدهم: عون"بفتح العين": وهو الظهير والمعين. قوله: "شيُوخًا أو كُهُولًا" الشيوخ: جمع شيخ، ويجمع على سبعة جموع قد نظمها شيخنا الإمام عبد الله بن مالك فقال: وقد تقدم ذكره في الجهاد، والشيخ: من جاوز الخمسين إلى آخر العمر. والكهول: واحدهم كهل، بوزن فلس، وهو من جاوز الثلاثين إلى الخمسين. قوله: "ويَجْعَلُ القِمَطْرَ" القمطر "بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء" أعجمي معرب، وهو الذي تصان فيه الكتب، قال ابن السكيت: ولا يشدد، وينشد: "من الرجز" ليس بعلم ما يعي القِمَطْرُ ... ما العلم إلا ما وعاه الصدر قوله: "أَمْرُ الْمُحَبَّسِينَ" يقال: حبست الرجل: إذا سجنته، أحبسه حبسًا فهو محبوس، والجمع محبوسون وكن حقه أن يقول: أمر المحبوسين، لكن إذا قصد التكثير شدد، فتقول: حبسته فهو محبس، ويكون التكثير تارة بحسب تعدد من حبس وتارة بتكرر مدة الحبس، فهذا وجه ما ذكرت.

_ 1 انظر ص "259".

قوله: "في تُهَمَةٍ أو افتِئاتٍ" التهمة1: "بوزن همزة" أصلها وهمة، قال الجوهري: وتوهمت ظننت وأوهمت غيري إيهاما، والتوهم مثله، واتهمت فلانًا بكذا، والاسم التهمة. قال الجوهري: والافتئات، افتعال من الفوت، وهو السبق إلى الشيء دون إئتمار من يؤتمر. تقول: افتأت عليه بأمر كذا، أي: فاته به، وفلان لا يفتات عليه أي: لا يعمل شيء دون أمره. قوله: "إلا ما خَالَفَ نَصَّ كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أَوْ إِجْماعًا": النص في اللغة: عبارة من الظهور، ومنه سمي كرسي العروس منصة لظهورها عليه، وعند الفقهاء: ما يفيد بنفسه من غير احتمال: كقوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} 2. وقيل: هو الصريح في معناه، وقد يطلق على الظاهر ولا مانع منه لموافقته اللغة، وقد يطلق على الظاهر ما لا يتطرق إليه احتمال يعضده دليل. والكتاب: كتاب الله تعالى، وهو القرآن المكتوب في المصحف الذي أوله "الحمد" وآخره: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} . والسنة في اللغة: الطريقة، وفي الشرع، ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم قولًا أو فعلًا أو تقريرًا. والإجماع في اللغة: الاتفاق، وقد يطلق بإزاء تصميم العزم، يقال: أجمع فلان رأيه على كذا وفي الشرع: اتفاق علماء العصر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من أمور الدين. ووجوده متصور، وهو حجة لم يخالف فيه إلا النظام ولا اعتبار بخلافه.

_ 1 التهمة "بفتح الهاء" وقد تسكن الهاء فيقال: التهمة. "المصباح - تهم". 2 سورة البقرة: الآية "196".

قوله: "تَبْذِيلِي" مصدر بذلة: إذا عرضه للامتهان، أي: قصد إهانتي1. قوله: "أو رِشْوَةٌ" تقدم في حكم الأرضين المغنومة2. قوله: "غَيْرِ بَرْزَةٍ" البرزة: الكهلة، التي لا تحتجب احتجاب الثواب، وقال لي شيخنا أبو عبد الله بن مالك، هي التي تخرج آمنة على نفسها، وإن كانت شابة3.

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 انظر ص "259". 3 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

باب طريق الحكم وصفته

بابُ طَريق الْحُكْمِ وصِفَتِهِ الطريق: السبيل، يذكر ويؤنث، وطريق كل شيء، ما يوصل إليه. والحكم بوزن قفل: مصدر حكمت بينهم بحكم، وكذا حكمت له، وحكمت عليه، والحكم أيضًا الحكمة، والحكم "بالفتح": الحاكم. قوله: "نَكَلَ" تقدم تفسيره في البيع4. قوله: "إلا أن يَرْتَابَ" ارتاب، افتعل من الريب، وهو الشك، والريب أيضًا ما رابك من أمر. قوله: "وإنْ جَرَحَهُما" الجرح في الأبدان معروف، فأما جرح الشهود، فهو الطعن فيهم بما يمنع قبول الشهادة، قال الجوهري وغيره: الاستجراح: العيب، والفساد. قوله: "ترجَمَ له من 5 يَعْرِفُ لِسَانَهُ" الترجمة، تفسير الكلام بلسان

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 انظر ص "259". 3 هذه الفقرة لم ترد في "ط". 4 وهذه الفقرة لم ترد في "ط" أيضًا وانظر ص "285". 5 كذا في "ش": "من" وفي "ط": "ما" وهو خطأ؛ لأن "من" للعاقل و "ما" لغير العاقل والمراد بها ها هنا العاقل "من يعرف لسانه".

آخَرَ، والمراد باللسان اللغة، قال الله تعالى: {وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} 1 أي: لغاتكم. قوله: "والتعريفِ" المراد به: تعريف الحاكم لا تعريف الشاهد المشهود2 عليه، قال الإمام أحمد رحمه الله: لا يجوز أن يقول الرجل للرجل، أنا أشهد أن هذه فلانة ويشد على شهادته. والفرق بين الشهود والحاكم من وجهين: أحدهما: أن دُعُوَّ3 حاجة الحاكم إلى ذلك أكثر من الشهود. والثاني: أن الحاكم يحكم بغلبة الظن، والشاهد لا يجوز أن يشهد غالبًا إلا على العلم. قوله: "الشُّرْطَةُ" الشرطة "بوزن غرفة" الجماعة المهيؤون لمهم، واحدهم شرطي وشرطي "بسكون الراء وفتحها" سموا بذلك؛ لأنهم أعدوا لذلك، وأعلموا أنفسهم بعلامات، فمعنى صاحب الشرطة، صاحب الجماعة المذكورة، وهو الوالي ونحوه في زمننا، والله أعلم.

_ 1 سورة الروم: الآية "22". 2 المشهود: مفعول به منصوب لمصدر "تعريف" أضيف إلى فاعله ونصب مفعوله. 3 كذا في "ش" وفي "ط": "دَعْوى" وهما بمعنى تقريبًا.

باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي

باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي قوله: "والاحْتِيَاطُ" الاحتياط: الأخذ بالثقة وهو افتعال من خاطه يحوطه حوطًا، إذا كلأه ورعاه. قوله: "وَأَدْرَجَهُ" أي: طواه، يقال: درج الكتاب وأدرجه.

قوله: "مَحْضَرًا" "المحضر بفتح الميم والضاد المعجمة": الصك، وسمي محضرًا لما فيه من ذكر حضور الخصمين والشهود. قوله: "وأما السِّجِلُّ": السجل "بكسر السين والجيم" الكتاب الكبير، وأسجل له كتابًا يسجل إسجالًا، إذا كتبه له، وقوله في المحضر يسجل به أي: يكتب له به، والضمير في "به" يجوز أن يعود على الثبوت الدال عليه، ثبت، أي: يكتب له بالثبوت، ويجوز أن يعود على المحضر، وتكون الباء بمعنى "في" أي: يكتب في محضره بالثبوت. قوله: "معرفَةُ فلان" بالرفع، فاعل "ثبت عنده" و "إقراره" بالرفع معطوف عليه ويجوز نصبه عطفًا على المشهود عليه أي: ويذكر المشهود عليه وإقراره. قوله: "المُؤَرَّخِ" يقال: أرخت الكتاب، "بوزن كتبت"، وأرحت "بوزن سَلَّمْتُ"، وورخت فهو مأروخ ومؤرخ، ومورخ، والتاريخ: التوقيت بوقت بعينه والله أعلم قال أبو منصور: ويقال: إن التاريخ ليس بعربي محض، وإن المسلمين أخذوه من أهل الكتاب، وقيل: إنه عربي، واشتقاقه من الأرخ "بفتح الهمزة وكسرها" ولد البقرة الوحشية الأنثى، وقيل: الأرخ: الوقت.

باب القسمة

باب القِسْمَةُ قال الجوهري: القسم: مصدر قسمت الشيء فانقسم، وقاسمه المال وتقاسماه واقتسماه، والاسم القسمة "يعني بكسر القاف" والقسم "بكسرها أيضًا" النصيب المقسوم وأصل القسم تمييز بعض الأنصباء من بعض وإفرازها عنها. قوله: "والْعَضَائِد": واحدة العضائد، عضادة: وهي ما يصنع

لجريان الماء فيه من السواقي ذوات الكتفين ومنه: عضادتا الباب، وهما خشبتاه من جانبيه، فإن تلاصقت لم يمكن قسمتها، وإن تباعدت أمكن قسمها. قوله: "وإن اسْتَهْدَمَ": استهدم: مطاوع هدم، تقول: هدمت الحائط فاستهدم. قوله: "عَرْصَتِهِ" تقدم في الشفعة1. قوله: "لها عُلُوٌّ وسُفْلٌ" تقدماً في الصلح2. قوله: "بينهما منافِعُ" واحدتها منفعة، قال الجوهري: النفع ضد الضر، يقال: نفعته بكذا فانتفع به، والاسم المنفعة، فالمنافع: الانتفاع بالأعيان، كسكنى الدور، وركوب الدواب، واستخدام العبيد. قوله: "بالْمُهَايَأَةِ" تقدم في الاعتكاف3. قوله: "ينبُع ماؤها" يَنْبَُِعُ "بضم الباء وفتحها وكسرها" أي: يجري. قوله: "في مَصْدَم الماء فيه ثَقْبَانِ "مصدَم "بفتح الدال": مصدر صدمه، بمعنى: ضربه على حذف المضاف، أي: مكان صدم الماء، ويجوز أن يكون مكانًا، ويجوز كسر الدال إن كسرت في المضارع، وثقبان واحدهما ثقب "بفتح الثاء المثلثة": وهو الخرق. قوله: "إفْرَازُ حَقٍّ" يقال: فرزت الشيء وأفرزته: إذا عزلته، فالإفراز، مصدر أفرز. قوله: "نصف العقار طِلْقًا" الطلق "بكسر الطاء" الحلال، وسمي

_ 1 انظر ص "336". 2 انظر ص "300". 3 انظر ص "194".

المملوك طلقًا؛ لأن جميع التصرفات فيه حلال من البيع والهبة والرهن وغير ذلك، والموقوف ليس كذلك. قوله: "سَيْحًا" تقدم في المساقاة1. قوله: "بَعْلًا" البعل: ما شرب بعروقة من غير سقي ولا سماء، ذكره الجوهري. قوله: "على حِدَةٍ" أصله وحدة، فالتاء عوض من الواو، والمعنى على حياله وانفراده. قوله: "من تَقْوِيم" التقويم: مصدر قومت السلعة، إذا حددت قيمتها وقدرتها وأهل مكة يقولون: استقمت الشيء بمعنى: قومته. قوله: "في بنادِقِ شَمْعٍ" البدق ليس بعربي، وهو الذي يرمى به، واحدته، بندقة "بضم الباء والدال" والشمع معروف، بوزن فرس، وتسكين ميمه لغة. قوله: "لا غَيْرُ "بضم الراء" لقطعة عن الإضافة منوية.

_ 1 انظر ص "315" وهذه الفقرة لم ترد في "ط".

باب الدعاوى والبينات

باب الدَّعاوِى والبينات الدعاوي "بكسر الواو وفتحها": جمع دعوى كَحُبْلى وحبالى، وفرى وذفار تقول: أدعيت على فلان كذا ادعاء، والاسم، الدعوى: وهي طلب الشيء زاعمًا ملكه. والبينات: جمع بينة صفة من بان يبين فهو بين، والأنثى بينة، أي: واضحة وهو صفة لمحذوف أي: الدلالة البينة أو العلامة، فإن قيل له بينة أي: علامة واضحة على صدقه وهي الشاهدان والثلاثة والأربعة، ونحوها من البينات.

قوله: "له عليها حِمْلٌ" الحمل "بالكسر": ما على ظهر أو راس "بالفتح" ما في بطن الحبلى، وفي حمل الشجرة "الفتح والكسر". قوله: "الإِبْرَة والْمِقَصّ" المقص "بكسر الميم": المقراض وهما مقصان تسمى كل فردة مقصا مجتمعتين. قوله: "عَرْصَةً" تقدم في الشفعة1. قوله: "أَوْ لَهُ عَلَيْهِ أَزَجٌ" الأزج: بوزن فرس، قال الجوهري: الأزج ضرب من الأبنية والجمع أزج وأزاج، فكأنه على حذف المضاف، أي: حائط أزج. قوله: "بِوُجُوهِ الآجُرِّ" الآجُرُّ الذي يبني به: لبن مشوي، فارسي معرب، ذكر أبو منصور اللغوي في "المعرب" فيه، ست لغات: آجر "بتشديد الراء" وآجر بتخفيفها وأجور وياجور كلاهما بوزن صابون، وآجرون "بسكون الجيم" وأجرون "بفتحها" وحكي عن الأصمعي، آجرة وآجرة. قوله: "ومَعَاقِدَ القُمُط في الخُصِّ" المعاقدن واحدها معقد "بكسر القاف" على أنه موضع العقد "وبفتحها" على أنه العقد نفسه، والقمط "بكسر القاف" ما تشد به الأخصاص قاله الجوهري، وحكى الهروي في "الغربيين" أنه "القُمُط" بوزن عنق، جمع قماط: وهي الشروط التي يشد بها الخص، ويوثق من ليف أو خوص أو غيرهما. والخُصُّ: بيت يعمل من الخشب والقصب، وجمعه أخصاص وخصاص، سمي به، لما فيه من الخصائص، وهي الفرج والأثقاب. قوله: "تحت الدَّرَجَةِ" الدرجة: المرقاة، والدرجة بوزن همزة لغة فيها.

_ 1 انظر ص "336" وهذه الفقرة لم ترد في "ط".

قوله: "مصراع" تقدم في الخيار في البيع". قوله: "بآلة" تقدم في الصلح والوقف1. قوله: "تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ وقيلَ الْخَارِجُ" الداخل: من العين المتنازع فيها في يده، والخارج: من لا شيء في يده. بل جاء من خارج ينازع الداخل. قوله: "نُتجت" بضم النون. قوله: "قَطِيعَةُ" تقدم في إحياء الموات. قوله: "المُطْلِقَةُ" "بكسر اللام"؛ لأنه من أطلقت. قوله: "تَرِكَةً" بالنصب على التمييز. قوله: "وإن تَنازَعا مُسَنَّاةً" المسناة: السد الذي يرد ماء النهر من جانبه. قوله: "يُقْرَع بين المُدَّعِينَ" واحدهم مدع، وياء المنقوص تحذف في جمع التصحيح لا لبقاء الساكنين، كعم وعمين قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِينَ} 2 ووقع في خط المصنف رحمه الله المدعيين، بياءين على صورة التثنية والصواب بياء واحدة. قوله: "غَصَبَني إيّاهُ" تقدم الكلام على الغصب، ويقال: غصبه منه وعليه فقوله غصبني غياه، معدي إلى مفعولين يحتمل أنها لغة، فإن أبا السعادات قال: ومنه الحديث "أنه غَصَبَها نَفْسَهَا" أو ضمن "غصب" معنى "منع" أو على إسقاط الخافض، أي: غصبه مني، فحذف "من".

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 سورة الأعراف: الآية "64".

باب في تعارض البينتين

باب في تعارض البينتين التعارض، مصدر تعارض الشيئان: إذا تقابَلَاً، تقول: عارضته بمثل ما صنع، أي: أتيت بمثل ما أتى، فتعارض البينتين: أن تشهد إحداهما بنفي ما أثبتته الأخرى، أو بإثبات ما نفته، والله أعلم1. قوله: "تَطْعُنُ" تقدم في الأضحية2.

_ 1 عبارة "والله أعلم" زيادة من "ط". 2 وهذه الفقرة لم ترد في "ط".

كتاب الشهادات

كتاب الشهادات مدخل ... كتاب الشهادات الشهادات: جمع شهادة، والشهادة مصدر شهد يشهد شهادة، فهو شاهد، قال الجوهري: الشهادة: خبر قاطع، والمشاهدة: المعاينة، والشهادة في قول المصنف رحمه الله، تحمل الشهادة وأداؤها، بمعنى: المشهود به فهو مصدر بمعنى المفعول، فالشهادة تطلق على التحمل، تقول: شهدت بمعنى تحملت، وعلى الأداء تقول: شهدت عند الحاكم بشهادة، أي: أديتها، وعلى المشهود به تقول: تحملت شهادة، بمعنى: المشهود به. فأما شهد ففيه وفيما جرى مجراه من كل ثلاثي عينه حرف حلق مكسور، أربعة أوجه: فتح أوله وكسر ثانيه، وكسرهما والإسكان فيهما، قال الشاعر: "من الطويل" إذا غاب عنا غاب عنا ربيعنا ... وإن يَشْهَد أغنى فضله ونوافله1 قوله: "على القريب والبعيد" أي: على القريب منه، كأخيه وابنه، والبعيد منه كأجنبي. قوله: "لا يَسَعُهُ التَّخَلُّفُ" أي: لا يجوز له التخلف، فهو مضيق عليه في ترك غقامتها؛ لأن الشيء إذا لم يسع صاحبه كان ضيقًا عليه، وأصل "يسع" يوسع "بالواو"؛ لأن مافاؤه واو إذا كان مكسورًا في الماضي

_ 1 البيت أنشده في "التاج" "شهد" ولم ينسبه.

لا تحذف الواو في مضارعه، نحو: وله يؤله ووغر صدره، يوغر ووددت أود، ولم يسمع حذف الواو إلا في يسع ويطأ، قال الجوهري: وإنما سقطت الواو منهما لتعديهما، وما عداهما من هذا النوع لا يكون إلا لازمًا، فلذلك خولف بهما نظائرهما. قوله: "الاستفاضة" تقدم في القذف1. قوله: "ومَصْرِفِهِ" مصرفه "بكسر الراء": موضع صرفه، وهو الجهات التي يصرف فيها، فأما مصرفة "بفتح الراء" فهو المصدر. قوله: "شهادة المستخفي" المستخفي: المتواري. قال الجوهري: ولا تقل اختفيت، والله أعلم.

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

باب شروط من تقبل شهادته

باب شروط من تقبل شهادَتُهُ الشروط: جمع شرط، وقد تقدم، ومن تقبل شهادته، أي: الذي يحكم بشهادته. قوله: "في حال أَهْلِ العَدالة" هو: أن يكون مسلمًا، عاقلًا، عدلًا، عالمًا بما يشهد به غير متهم. ذكر المصنف رحمه الله ذلك في "المغني"، وقال السامري، في "المستوعب": لا يختلف المذهب في اشتراط هذه الخمسة. قوله: "معتوه" تقدم في الطقع في السرقة1. قوله: {لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} 2: "لا نشتري" جواب

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط". 2 سورة المائدة: الآية "106".

القسم أي: يقولون: والله لا نشتري، والهاء في "به" عائدة على لفظ الجلالة أو على الحلف أو على تخريف الشهادة، أو على الشهادة، "ثمنًا" مفعول نشتري؛ لأن الثمن يشترى، كما يشترى المثمن، وقيل: التقدير: ذا ثمن، "ولو كان ذا قربى" أي: ولو كان المشهود له ذا قرابة. قوله: {وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} 1 لا نكتم، معطوف على "لا نشتري" وأضاف الشهادة إلى الله؛ لأنه أمر بها، فصارت له، وتقرأ "شهادة" بالتنوين و"الله" بالجر والنصب: فالجر مع قطع الهمزة ووصلها، وبالمد مع قطع الهمزة على حذف حرف القسم بتعويض ودونه. قوله: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً} 2 عثر "بضم العين" أي: اطلع، يقال. عثر على الشيء عثورًا، وعثر في مشيه ومنطقه ورأيه عثارًا، "أنهما" أي: الوصيان. "استحقا إثمًا" أي: استوجبا إثمًا بخيانتهما، وأيمانهما الكاذبة. قوله: "شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ" المغفل "بفتح الفاء": أسم مفعول من غفل، يقال: غفل عن الشيء فأغفله غيره وغفله، جعله غافلًا، فهو مُغْفَلٌ ومُغَفَّلٌ "بتشديد الفاء وتخفيفها مفتوحة فيهما". قوله: "ولا مَعْرُوفٍ بكثرة الغَلَطِ والنِّسْيَانِ" الغلط: مصدر غلط: إذا أخطأ الصواب في كلامه عن السعدي، والعرب تقول: غلط في منطقته، وغَلِطَ في الحساب، وحكى الجوهري عن بعضهم، أنهما لغتان بمعنى. والنسيان بكسر النون وسكون السين، مصدر نسي الشيء، وهو

_ 1 سورة المائدة: الآية "106". 2 سورة المائدة: الآية "107".

خلاف الذكر والحفظ، ورجل نسيان "بفتح النون" أي: كثير النسيان. قوله: "العدالة" العدالة مصدر عدل "بضم الدال عدالة" ضد جار، قال الجوهري: ورجل عدل أي رضى ومقنع في الشهادة، وقوم عدل وعدول، وهو أيضًا القيمة والفدية، والحكم بالحق، والعدل "بالفتح والكسر": المثل "وبالكسر وحده": الوعاء المعروف، وبالضم وحده: جمع عدولٍ: وهو الكبير الجود1. قوله: "رِيبةٌ" الريبة: التهمة، ورابني الشيء، عرفت منه الريبة. قوله: "لا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً ولا يُدْمِنُ على صَغِيرَةٍ" الكبيرة: المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله فيها، أنها كل ما أوجب حدًّا في الدنيا، كالزنا، وشرب الخمر، أو وعيدًا في الآخرة كأكل الربا، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، والصغيرة ما دون ذلك، كالغيبة والنظر المحرم. قوله: "ولا تقبل شهادة فاسق" تقدم تفسير الفاسق في الأذان2. قوله: "أو الاعْتِقَاد" الاعتقاد: من أفعال القلوب، وهو "افتعال" من عقد القلب على الشيء: إذا لم يزل عنه، وأصل العقد: ربط الشيء بالشيء، فالاعتقاد: ارتباط القلب بما انطوى عليه ولزمه. قوله: "المُتَدَيِّنِ به" المتدين "بوزن المتكلم": اسم فاعل من تدين بكذا: إذا جعله دينه يقال: دان بكذا دينا وتدين به، فهو دين، ومتدين، والضمير في به للاعتقاد. قوله: "متأولًا" المتأول: هو صارف اللفظ عن ظاهره لدليل وشروطه ثلاثة:

_ 1 كذا في "ش": "الكبير الجود" وفي "ط": "الكثير الجود" وهما بمعنى. 2 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

أن لا يمكن حمله على ظاهره. وجواز إرادة ما حمله عليه. والدليل الدال على إرادته. قوله: "استعمال الْمُروءَةِ" المروءة "بالهمز، بوزن سهولة": الإنسانية، قال الجوهري: ولك أن تشدد، وقال أبو زيد: مرؤ الرجل: صار ذا مروءة، فهو مريء على فعيل وتمرأ: تكلف المروءة. قوله: "ما يُجَمِّلُهُ ويزينُهُ" جمله كذا: جعله جميلًا، وزانه وأزانه وزينه بمعنى، والزين نقيض الشين. قوله: "شهادة المُصَافِعِ" المصافع، مفاعل من صفع، قال السعدي: وصفعه صفعًا: ضرب قفاه بجمع كفه، وقال ابن فارس: الصفع معروف، وقال الجوهري: الصفع: كلمة مولدة، فالمصافع إذن: من يصفع غيره، ويمكن قفاه من غيره فيصفعه. قوله: "والْمُتَمَسْخر" المتمسخر، اسم فاعل من تمسخر، وهو تمفعل من سخر فالمتمسخر يفعل ويقول أشياء تكون سببًا؛ لأن يسخر منه، أي: يتهزأ به. قوله: "والرَّقَّاص" الرقاص: من أمثله المبالغة: فهو الكثير الرقص. يقال: رقص، يرقص رقصًا، فهو رقاص، ورقص الآل: اضطرب، والشراب: أخذ في الغليات، والرقص معروف. قوله: "واللاعب بالشَّطَرَنْجِ والنَّرْدِ" الشطرنج: فارسي معرب وهو هذا المعروف، قال أبو منصور اللغوي: وبعضهم يكسر شينه ليكون على مثال من أمثلة العرب، كجردحل: وهو البعير الشديد الضخم، والنرد: معروف أيضًا، وهو أعجمي معرب. قوله: "بِمُبَاضَعَةِ أَهْلِهِ" المباضعة: المجامعة: وكذلك البضاع.

قوله: "كالنَّخَالِ والنَّفَاطِ، والْقَمَّامِ، والزَّبَّالِ، والمُشَعْوِذِ، والقرَّادِ والْكَبَاشِ" النخال: مبالغة في ناخل: يقال: نخل الشيء نخلًا: نقى رديئة، ونخل الدقيق: غربلته، والمنخل: "بضم الميم الخاء": ما ينخل به، فالنخال هنا، هو الذي يتخذ غربالًا أو نحوه يغربل به ما في مجاري السقايات، وما في الطرقات من حصى وتراب ليجد في تلك شيئًا من الفلوس والدراهم وغيرها. والنَّفَّاطُ: اللعاب بالنفط: مثل لبان وتمار. والْقَمَّامُ: فعال: من قم البيت: إذا كنسه، والقمامة: الكناسة، والجمع: قمام فالقمام الكناس. والزَّبَّالُ: معروف، وهو الذي صناعته الزبل كنسًا ونقلًا وجمعًا غير ذلك. والمشعوذ: من الشعوذة، قال ابن فارس: ليست من كلام أهل البادية وهي خفة في اليدين، وآخذة كالسحر، وقال السعدي: الخفة في كل أمر. والقراد: الذي يلعب بالقرد، ويطوف به في الأسواق ونحوها، مكتسبا بذلك. الكباش: الذي يلعب بالكبش ويناطح به، وذلك من أفعال السفهاء والسفلة. قوله: "شهادة البدوي على القروي" البدوي: منسوب إلى البدو، وهي البادية، والنسب إليه بدوي بفتح الباء، والقروي: نسبة إلى القرية "بفتح الراء" في القروي، فالبدوي ساكن البادية والقروي ساكن القرية، والله أعلم.

باب موانع الشهادة

بابُ موانع الشَّهادة الموانع: جمع مانع، وهو اسم فاعل من منع الشيء: إذا حال بينه وبين مقصوده فهذه الموانع تحول بين الشهادة وبين مقصودها، فإن المقصود من الشهادة قبولها والحكم بها. قوله: "الرابعُ الْعَدَاوَةُ" العداوة: ضد الولاية. تقول: عدو بين العداوة والمعاداة. والمعاداة ضربان: دنيوية وأخروية، فالدنيوية: كما مثل به، والأخروية. كشهادة المسلم على الكافر، والسني على الرافضي فتقبل، ولا يمنع ذلك قبول الشهادة. قوله: "والمَقْطُوعِ عليه الطَّرِيقُ" المقطوع بالجر عطفًا على المقذوف، والألف واللام في المقطوع موصولة1، والطريق: مفعول قام مقام الفاعل، أي: الذي قطعت عليه الطريق.

_ 1 أي هي اسم موصول.

باب الشهادة على الشهادة الرجوع عن الشهادة

باب الشَّهادة على الشَّهادة الرُّجُوعِ عن الشَّهادة قوله: "أن يَسْتَرْعِيَهُ" الاسترعاء: استفعال من رعيت الشيء: إذا حفظته، تقول: استرعيته الشيء فرعاه أي: استحفظته الشيء فحفظه، فشاهد الأصل يسترعي شاهد الفرع، أي: يستحفظه شهادته، ويأذن له بأن يشهد عليه. قوله: "بحقٍّ يَعْزِيهِ" يعزيه ويعزوه أي: ينسبه1.

_ 1 في "المصباح - عزا": عزوته إلى أبيه أعزوه، نسبته إليه، وعزيته: لغة، وفي "المصباح - نسب" أيضا: نسبته إلى أبيه نسبًا "من باب طلب": عزوته إليه.

قوله: "شاهِدِ الزُّورِ" الزور: الكذب والباطل، والتهمة، فشاهد الزور: الشاهد بالكذب. قوله: "أو أَحُقُّ" أحق، أي: أتحقق، يقال: حققت الأمر أحققته أحقه وأحقه "بفتح الهمزة وضمها على اللغتين"، والله أعلم.

باب اليمين في الدعاوى

بابُ اليمينِ في الدَّعاوى قوله: "وسائر الستة" هكذا هو بخط المصنف وحقه: وسائر التسعة، لما تقدم من أن سائرًا بمعنى باق، ولا يجوز وسائر الستة، لا إذا قيل سائر بمعنى كل. قوله: "حَلَف على البَتِّ" البت: القطع والجزم، يقال: بت الشيء يبته ويبته، بتًّا إذا قطعه. قوله: "تعالى اسمه" أي: جل وارتفع عن إفك المفترين. قوله: "تغليظها" تغليظ اليمين: تفخيمها وتشديدها، يقال: غلظ الشيء غلظً صار غليظًا -والخلق غلظة وغلظة "بكسر الغين وضمها" وغلاظة. قوله: "الطالِبِ، الغالِبِ، الضَّارِ، النَّافِعِ الذي يعلم خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ". الطالب: اسم فاعل من طلب الشيء، بمعنى: قصد. والغالب: اسم فاعل من غلب يغلب بمعنى: قَهَرَ وأسماه الله تعالى توقيفية، وقد اختلف في اشتقاق ما لم يرد مما ورد فالطالب من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يطلبنكم الله بشيء من ذمته". والغالب من قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} 1.

_ 1 سورة المجادلة: الآية "21".

الضَّارُّ النافع: هما من أسماء الله تعالى الحسنى، وصف نفسه بالقدرة على ضر من شاء ونفع من شاء، وذلك أن من لم يكن على النفع والضر قادرًا، لم يكن مرجوًّا ولا مخوفًا. و"خائنةُ الْأَعْيُن" يفسر بتفسيرين: أحدهما: أن يضمر في نفسه شيئًا، ويكف لسانه ويومئ بعينه، فإذا ظهر ذلك من قبل العين، سميت خائنة الأعين. والآخر: أنه ما تخون فيه الأعين من النظر إلى ما لا يحل، والخائنة: بمعنى الخيانة: وهو من المصادر التي جاءت على لفظ الفاعل. قوله: "من فرعون ومَلَئِهِ" فرعون: يذكر في الأسماء، والملأ: بالقصر والهمز: أشراف الناس ورؤساؤهم، ومقدموهم الذين يرجع إلى قولهم، وجمعهم أملاء. قوله: "يُبْرِئُ الأَكْمَهَ والْأَبْرَصَ" الأكمه: الذي يولد أعمى عن الجوهري والسعدي. وقيل: الذي يعمى بعد بصر. والأبرص: الذي أصابه البرص، وهو داء معروف وهو بياض يخالط بقية البشرة. قوله: "بين الرُّكْنِ والْمَقَامِ" الركن في الأصل: جانب الشيء الأقوى، والمراد به: ركن الكعبة المعظمة الذي فيه الحجر الأسود. والمقام: مقام إبراهيم عليه السلام المتقدم ذكره في باب دخول مكة. قوله: "خَطَرٌ" الخطر والخطر "بفتح الطاء وسكونها" الشرف والقدر، أي: فيما له شرف، وماله قدر.

كتاب الإقرار

كتاب الإقرارِ مدخل ... كتاب الإِقْرَارِ الإقرار: الاعتراف، يقال: أقر بالشيء يقر إقرارًا: إذا اعترف به، فهو مقر، والشيء مقر به، وهو إظهار لأمر متقدم وليس بإنشاء، فلو قال: داري لفلان، لم يكن إقرارً، لتناقض كونها له ولفلان على جهة استقلال كل واحد منهما بها. قوله: "يُحَاصُّ" مضارع حاصة: وهو مفاعلة من الحصة، قال الجوهري: يتحاصون: إذا اقتسموا حصصًا، ويحاص مرفعوع على الخبر، ويجوز فتحه على الجزم محركًا. لالتقاء الساكنين. قوله: "باع عبده من نَفْسِهِ" يقال: بعت فلانًا كذا، وبعت منه، وله، وفي "صحيح مسلم" مرفوعًا "لو بِعْتُ من أَخِيك ثمرًا". قوله: "فهو بينهما سواء" الذكر والأنثى، وهو مبتدأ يجوز أن يكون خبره "بينهما"، و "سواء" نصب على الحال، الذكر والأنثى مجرور على البدل من الضمير في "بينهما" أي: فهو بين الذكر والأنثى، ويجوز أن يكون "سواء" مرفوعًا خبرًا مقدمًا، والذكر الأنثى مبتدأ مؤخرًا. فيكون على هذا جملتين "فهو بينهما" جملة "والذكر والأنثى سواءٌ" جملة أخرى، ويجوز رفع "سواء" وجر "الذكر والأنثى" على ما ذكر، والله أعلم1.

_ 1 عبارة "والله أعلم" زيادة من "ط".

قوله: "يَعْزِيهِ" تقدم في الشهادة على الشهادة1، والله أعلم.

_ 1 هذه الفقرة لم ترد في "ط".

باب ما يحصل به الإقرار

باب ما يحصل به الإقرار "أَجَلْ" أَجَلْ "بفتح الهمزة والجيم وسكون اللام": حرف تصديق، بمعنى: نعم. قال الأخفش: إلا أنه أحسن من "نعم" في التصديق، و "نعم" أحسن منه في الاستفهام. فإذا قال: أنت سوف تذهب، قلت: أجل، وإذا قال: أتذهب؟ قلت "نعم" وكان أحسن من "أجل". قوله: "وأُقَدِّرُ" أقدر "بضم الهمزة وتشديد الدال" من التقدير، وهي مثل أظن وأحسب في الشك. قوله: "أو أَحْرِزْ" "هو بقطع الهمزة" أمر من أحرز الشيئ: جعله في حرز، والله أعلم.

باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره

باب الحكم فيما إذا وَصَلَ بإقراره ما يُغَيِّرُهُ قوله: "لم يُقْضَ ولم يُبْرِ" يقض "بضم الياء" مبنيًّا للمفعول، ويبر: بضم الياء وكسر الراء مبنيًّا للفاعل. قوله: "له عليَّ هؤلاء الْعَبِيدُ" أي: تسليمهم أو دفعهم أو نحو ذلك. قوله: "إلا أن يستثني عينًا من وَرِقٍ" العين هنا: الدنانير، والعين: لفظ مشترك في نحو من عشرين معنى، مذكورة في كتاب "الوجوه والنظائر"، والورق الفضة، وخصة بعضهم بالدراهم المضروبة. قوله: "زُيوفًا" الزيوف: الرديئة، يقال: درهم زيف وزائف: إذا كان رديئًا وهو منصوب على التمييز للأنف لاحتماله الزيوف وغيرها وكذلك صغارًا.

قوله: "ناقصة" نَصْبٌ على الحال من فاعل لزمته. قوله: "أو مَغْشُوشَةٌ" المغشوشة: المشوبة بغير الفضة من الغشش وهو: المشرب الكدر. قوله: "بَدَا لي من تَقْبِيضِهِ" بدا للرجل في الأمر بداء: رجع عنه، عن السعدي، وقال الجوهري: وبدا له في هذا الأمر بداء: أي: نشأ فيه رأي، و"من" بمعنى: "عن" وبدا لي متضمن معنى أعرضت، وهو يتعدى بـ "عن" و "من" بمعنى "عن" في قوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} 1 أي: عن جوع، وفاعل بدا "رَأَيٌ مُقَدَّرٌ، وساغ حَذْفُهُ لِكَثْرَة اسْتِعْمَالِ هذه العبارة، وقد يحذف الفاعل لظهور المعنى، كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا} 2 فاعل "يهدِ" محذوف، فهذا الذي أمكن تصحيح هذه العبارة به، والله أعلم. قوله: "عارِيَّةً" نصب على الحال والعامل فيه معنى الإشارة أو التنبي، وهو كقوله تعالى: {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً} 3 ويجوز رفع عارية على أنه خبر، وهذه الدار مبتدأ وله في موضع نصب إما على الحال لكونه صفة لعارية تقدمت عليها، أو لتعلقه بفعل دل عليه عارية، والله أعلم.

_ 1 سورة قريش: الآية "4". 2 سورة السجدة: الآية "26". 3 سورة هود: الآية "72".

باب الإقرار بالمجمل

باب الإقْرَارِ بالْمُجْمَل ثلمُجْمَلُ: ضد المفسر: وهو ما احتمل أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر. قوله: "أو خَطِير" الخطير: الذي له خطر أي: قدر. يقال: خطر "بضم الطاء" فهو خطير.

قوله: "له عليَّ كذا درهم" كذا: كناية عن عدد مبهم، ويفتقر إلى مميز، قال الجوهري: تنصب ما بعده على التمييز، تقول: عندي كذا درهمًا، كما تقول: عندي عشرون درهمًا وذكر غيره، أنه يجوز جزء بمن، تقول: كذا من درهم، ولم أر أحدًا من اللغويين ذكر جره بغير من ولا جوز رفعه، وذكر المصنف رحمه الله في "المغني" أنه إذا رفع كان التقدير شيء هو درهم، فالدرهم بدل من كذا، وإذا جر كان التقدير: جزء درهم أو بعض درهم، ويكون كذا كناية عنه، وقد يصرف العرف إلى ما لا يجوز في اللغة. قوله: "أردتُ التهزُّؤَ" التهزؤ: "بضم الزاي مهموزًا": مصدر تهزأ: أي: استسخر والتهزي بالياء، من إبدال الهمزة "ياء". قوله: "لكن درهم" لكن حرف استدراك، والاستدراك في أصل اللغة تعقيب اللفظ، بما يشعر بخلافه، فإذا قال: له على درهم، أشعر بعدم غيره؛ لأن تخصيص الشيء بالذكر يدل على نفي الحكم عما عداه، فإذا قال: لكن درهم، فقد عقب اللفظ بما أشعر بخلافة وهو وجوب الدرهم الثاني. قوله: "تمر في جِرَابٍ" الجراب "بكسر الجيم" ويجوز فتحها، الجراب المعروف. قوله: "مِنْدِيلٌ" "هو بكسر الميم الزائدة" من ندلت يده: غذا أصابها الغمر1. قوله: "معًا" نصب على الظرف. قوله: "خاتم فيه فَصٌّ" فص الخاتم معروف "بفتح الفاء وكسرها

_ 1 ما بين الرقمين حصل فيه تقديم وتأخير في "ط".

وضمها" ذكره شيخنا1 في "مُثَلَّثِهِ" والجوهري رحمه الله لم يطلع على غير الفتح، فلذلك قال: فص الخاتم والعامة تقول: فص بالكسر، والله أعلم.

_ 1 يريد ابن مالك صاحب "الألفية" في النحو.

باب ذكر ما في الكتاب من الأسماء

باب ذكر ما في الكتاب من الأسماء النبي صلى الله عليه وسلم ... باب ذكر ما في الكتاب من الأَسْمَاءِ فنبدأ بذكر: النبي صلى الله عليه وسلم ثم بذكر غيره على ما شرطت في أول الكتاب1. "نَسَبُ الرَّسول صلى الله عليه وآله وسلم"2 أما نبينا صلى الله عليه وسلم فهو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة، بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، بن النضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة، بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، إلى هنا إجماع الأمة وما وراءه فيه اختلاف، واضطراب. والمحققون ينكرونه، ومن أشهره: عدنان بن أد بن أدد بن مقوم بن ناحور -بالنون والحاء- بن ثيرح بن يعرب بن يسجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن تبارك وتعالى -بن تار- وهو آزر بن ناحور بن ساروح بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، بن لامك ابن متو شلخ بن خنوخ بن يرد مهليل ويقال: مهلايل بن قينن، ويقال: قينان ابن يانش، ويقال: انش، ويقال: أتوسن بن شيث بن آدم صلى الله عليه وسلم وعلى سائر الأنبياء.

_ 1 انظر ص "6". وفي "ط": "فنبدأ بذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بذكر الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، ثم بذكر مصنف الكتاب رحمه الله تعالى، ثم بباقي الأسماء على حروف المعجم. 2 ما بين الحاصرتين من "ط".

كنية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم 1 المشهور أبو القاسم، وكناه جبريل عليه السلام: أبا إبراهيم، وله أسماء كثيرة أفرد لها الحافظ أبو القاسم بن عساكر كتابًا في "تاريخه" بعضها في "الصحيحين" وبعضها في غيرهما، منها، محمد، وأحمد، والحاشر، والعاقب، والمنفي، وخاتم الأنبياء، ونبي الرحمة، ونبي الملحمة، ونبي التوبة، والفاتح. قال أبو بكر بن العربي المالكي الحافظ في "شرح التِّرْمِذِيّ": قال بعض الصوفية: لله عز وجل ألف اسم، وللنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم، قال ابن العربي: فأما أسماء الله تعالى فهذا العدد حقير2 فيها. وأما أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فلم أحصها إلا من جهة الورود الظاهر بصيغة الأسماء البينة، فوعيت منها أربعة وستين اسمًا. ثم ذكرها مفصلة مشروحة فاستوعب وأجاد. وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم، آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب، بن لؤي بن غالب. ولد -صلى الله عليه وسلم- عام الفيل، وقيل: بعده بثلاث سنين3 وقيل: بأربعين، وقيل: بعشر، والصحيح الأول، واتفقوا على أنه ولد يوم الاثنين من شهر

_ 1 في "ط": "كنية الرسول صلى الله عليه وسلم". 2 يريد: قليلًا أو يسيرًا. 3 كذا في "ش" وفي "ط": "بعده بثلاثين سنة" والذي عليه المحققون الأول، انظر "محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية" للخضري: "1/ 62" و "مختصر تاريخ دمشق" لابن منظور: "1/ 34" و "جامع الأصول" "12/ 221-222" بتحقيق "محمود الأرناؤوط" طبع دار ابن الأثير ببيروت.

ربيع الأول، قيل: يوم الثاني، وقيل الثامن، وقيل العاشر، وقيل: الثاني عشر، وتوفي ضحى يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، سنة إحدى عشرة من الهجرة، ودفن يوم الثلاثاء حين زالت الشمس، وقيل: ليلة الأربعاء، وله ثلاث وستون سنة، وقيل خمس وستون، وقيل: ستون، والأول أشهر وأصح. كان -صلى الله عليه وسلم، ليس بالطويل البائن ولا القصير ولا الأبيض الأبهق ولا الآدم، ولا الجعد القطط ولا السبط، توفي ليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء، وكان حسن الجسم بعيد ما بين المنكبين، كث اللحية شثن الكفين، أي: غليظ الأصابع، ضخم الرأس والكراديس، أدعج العينين، طويل أهدابهما، دقيق المسربة، إذا مشى تقلع، كأنما ينحط من صبب، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، حسن الصوت، سهل الخدين، ضليع الفم، أشعر المنكبين والذراعين، وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، بين كتفيه خاتم النبوة كزر الحجلة أو كبيضة الحمامة، إذا مشى كأنما تطوى به الأرض، يجدون في لحاقه وهو غير مكترث. كان له ثلاثة بنين، القاسم، وبه كان يكنى ولد قبل النبوة وتوفي وهو ابن سنتين، وعبد الله، ويسمى الطيب والطاهر؛ لأنه ولد بعد النبوة، وإبراهيم ولد بالمدينة، ومات بها سنة عشر وهو ابن سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرًا. وكان له أربع بنات، زينب، امرأة أبي العاص بن الربيع، وفاطمة امرأة علي بن أبي طالب، ورقية وأم كلثوم تزوجهما عثمان بن عفان. وكان له أحد عشر عمًّا، الحارث، وهو أكبر أولاد عبد المطلب وبه كان يكنى، وقثم، والزبير، وحمزة، والعباس، وأبو طالب، وأبو لهب، وعبد الكعبة، وحجل "بحاء مهملة مفتوحة ثم جيم ساكنة".

وضرار، والغيداقُ، أسلم منهم حمزة والعباس، وكان أصغرهم سنًّا وهو الذي كان يلي زمزم بعد أبيه، وكان أكبر سنًّا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نظمت أسماؤهم في هذين البيتين: "من الخفيف" قُثَمٌ والزُّبَيْرُ حَمْزَةُ والْعَبَّاسُ ... حَجْلٌ أَبُو طَالِبِ أَبَو لَهَبٍ وضِرارٌ غَيْدَاقُ ثُمَّتَ عبدُ ... الكعبة الحارِثُ أَعْمَامُ سَيِّدِ الْعَرَبِ ونظمهم بعضهم بقوله "من الكامل" قثم وحمزة والزبير وحارث ... حجل وعباس وعبد الكعبة ضرار وغيداق أبو طالب كذا ... أبو لهب أعمام خير البرية1 وعماته ست، صفية وهي أم الزبير، أسلمت وهاجرت وتوفيت في خلافة عمر رضي الله عنه، وعاتكة، قيل: أنها أسلمت، وبرة وأروى وأميمة، وأم حكيم، وهي البيضاء وقد نظمت أسماؤهن في بيت وهو: "من الطويل". أُمَيْمَةُ أَرْوى بَرَّةٌ وَصَفِيَّةٌ ... وَأُمَّ حَكِيمٍ واخْتِمَنَّ بِعَاتِكَهْ وأما أزواجه: فأولهن خديجة، ثم سودة، ثم عائشة، ثم حفصة، وأم حبيبة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وميمونة، وجويرية، وصفية، هؤلاء التسع بعد خديجة، توفي عنهن، وكان له سرديتان، مارية، وريحانه. وأما مواليه صلى الله عليه وسلم: فكثيرون نحو الخمسين من الرجال والعشر من الإمام على اختلاف في بعضهم. فأما أخلاقه صلى الله عليه وسلم، فكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان أحسن الناس خلقًا وخلقًا، وألينهم كفًّ، أطيبهم ريحًا،

_ 1 ما بين الرقمين ليس في "ط" وهو مستدرك في هامش "ش" بخط مغاير.

وأحسنهم عشرة وأشجعهم1، وأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية، لا يغضب لنفسه ولا ينتقم لها، وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله تعالى، وكان خلقه القرآن، وكان أكثر الناس تواضعًا، يقضي حاجة أهله، ويخفض جناحه للضعفة، ما سئل شيئًا قط فقال: لا، وكان أحلم الناس، وأشد حياءً من العذراء في خدرها، القريب والبعيد والقوي والضعيف عنده في الحق سواء. ما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه، ولا يأكل متكئًا ولا على خوان، ويأكل ما تيسر، وكان يحب الحلواء والعسل، ويعجبه الدباء، وقال: نعم الإدام الخل، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، ويكافئ على الهدية. ويخصف النعل ويرقع الثوب، ويعود المريض، ويجيب من دعاه من غني ودني وشريف، ولا يحقر أحدًا. وكان يقعد تارة القرفصاء، وتارة متربعًا، وتارة يتكيء، وفي أكثر أوقاته محتبيًا بيديه. وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن، ويتنفس في الإناء2 ثلاثًا خارج الإناء. ويتكلم بجوامع الكلم، ويعيد الكلمة ثلاثًا لتفهم. ولا يتكلم في غير حاجة ولا يعقد ولا يقوم إلا على ذكر الله تعالى.

_ 1 كذا في "ش": "وأشجعهم" وفي "ط": "وأخشعهم" وهو حسن، وإن شئت فأجمع بينهما، وقل: وأحسنهم عشرة وأشجعهم وأخشعهم وأعلمهم بالله ... إلخ. 2 كذا في "ش" وفي "ط": "في الشراب" وهما بمعنى.

وركب، الفرس والبعير والحمار، والبغلة وأردف على ناقة، وعلى حمار ولا يدع أحدًا يمشي خلفه. وعصب على بطنه الحجر من الجوع، وفراشه من أدم حشوه ليف، وكان متقللًا من أمتعة الدنيا كلها، وقد أعطاه الله مفاتيح خزائن الأرض كلها فأبى أن يأخذها، واختار الآخرة عليها. وكان كثير الذكر دائم الفكر، جُلُّ ضحكه التبسُّمُ. ويحب الطيب، ويكره الريح النتنة. ويمزح ولا يقول إلا حقا، ويقبل عذر المعتذر. وكان كما وصفه الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} 1 الآية. وكانت معاتبته تعريضًا، ويأمر بالرفق ويحث عليه وينهى عن العنف، ويحث على العفو والصفح، ومكارم الأخلاق. وكان مجلسه مجلس حلم وحياء وأمانة وصيانة وصبر وسكينة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم، أي: لا تذكر فيه النساء، يتعاطفون فيه بالتقوى ويتواضعون، ويوقر الكبار ويرحم الصغار، ويؤثرون المحتاج، ويخرجون أدلة على الخير، وكان يتألف أصحابه ويكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويتفقد أصحابه، ولم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا يجزي: السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولم يضرب خادمه ولا امرأة ولا شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فقد جمع الله تعالى له كمال الأخلاق ومحاسن الشيم، وآتاه علم الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز وما لم يؤت

_ 1 سورة التوبة: الآية "129".

أحدًا من العالمين، واختاره على جميع الأولين والآخرين، صلوات الله وملائكته ورسله والصالحين من عباده من أهل أرضه وسمائه، عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، صلاة دائمة ما اختلف الملوان، وتعاقب الجديدان "وسلم وكرم ووالى وجدد وسلم"1.

_ 1 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".

آدم عليه السلام

آدم عليه السلام 1 ذكر في باب القرض: إلا بني آدم والجواهر. وهو أبو البشر وأول نبي أرسل إلى أهل الأرض، خلقه الله تعالى بيده ونفح فيه من روحه، وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته، وزوجه حواء أمته، نهاه عن أكل الشجرة فخالف وأكلها بوسوسة اللعين إبليس هو وحواء فتساقط عنهما لباسهما، وبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، وفي ذلك يقول بعض شعراء العرب: "من الطويل" فَظَلَّا يَخِيطَانِ الْوَرَاقَ عَلَيْهِما ... بِأَيْدِيهِما من أَكْلِ شَرِّ طَعَامِ {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ، قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 2 فأهبطا من الجنة إلى السماء، ثم أهبطا من السماء إلى الأرض، ولذلك

_ 1 ترجمته وأخباره في: "المعارف" صفحة "56" و"تلقيح فهوم أهل الأثر" صفحة: "4-6" و "جامع الأصول" "12/ 282" و "الكامل في التاريخ": "1/ 62-63" والبداية والنهاية: "1/ 99-100" وقصص الأنبياء: صفحة: "24-29" و "تاريخ الرسل والملوك": "1/ 89-164". 2 سورة الأعراف: الآيتان "22، 23".

كرر {اهْبِطَا مِنْهَا} في البقرة مرتين، فالضمير منها {مِنْهَا} في الأولى للجنة، وفي الثانية للسماء. وقيل: إن آدم هبط بأرض الهند فمكث زمانًا طويلًا، لا يرفع رأسه حياءً من الله تعالى، عاش ألف سنة وكان قد وهب لابنه داود النبي عليه السلام أربعين سنة، فلما مضى له تسعمائة وستون سنة، جاءه ملك الموت لقبض روحه، فقال: بقي لي أربعون سنة فقال: أليس قد وهبتها لولدك داوود فانكر، فانكرت ذريته ونسي فنسيت ذريته، صلاة الله عليه وسلامه.

إبراهيم الخليل عليه السلام

إبراهيم الخليل عليه السلام 1 ذكر في التَّشهد. هو إبراهيم بن تَارَحَ، وهو آزر، وبقية نسبه مستقصى في نسب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خليل الرحمن عز وجل، قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} 2 والخليل: الصديق، فعيل بمعنى مفعول من الخلة "بضم الخاء" وهي الصداقة التي تخللت القلب، فصارت خلاله، أي: باطنه، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول من الخلة أي: الحاجة. قال زهير: "من البسيط"

_ 1 ترجمته وأخباره في "المحبر" صفحة "1 و2و4و394" و"المعارف" صفحة: "30-33" و"تاريخ الرسل والملوك": 1/ 308-313 و"تلقيح فهوم أهل الأثر" صفحة: "4-5" و "الكامل في التاريخ": "1/ 94-114" و "جامع الأصول": 12/ 286 و"البداية والنهاية": 1/ 139-175 و"وقصص الأنبياء صفحة": 70-96. 2 سورة النساء: الآية "125".

وَإِنْ رَآه خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْأَلَةٍ ... يَقُولُ لَا غَائِبٌ مَالي ولا حَرِمُ1 أي: صاحب خلة، والأول أحسن وأكثر. وإبراهيم صلوات الله عليه أول من أضاف الضيف، وأول من ثرد الثريد، وأول من قص شاربه، واستحد، واختتن، وقلم أظفاره، واستاك، وفرق شعره وتمضمض واستنشق واستنجى بالماء، وأول من شاب، وهو ابن مئة وخمسين سنة، نقله ابن قتيبة عن وهب بن منبه2 رضي الله عنهما. قال: وعاش إبراهيم مئة سنة وخمسًا وسبعين سنة، وقيل: عاش مئتي سنة، وكان بينه وبين نوح ألفا سنة ومئتا سنة واثنتان وأربعون سنة، وكان بين موت آدم إلى غرق الأرض ألفا سنة ومئتا سنة وإثنتان وأربعون سنة. وإبراهيم لا ينصرف للعجمة والعلمية، وفيه ست لغات، إبراهيم وأبراهام وإبراهوم وإبراهم بغير ياء "بفتح الهاء وكسرها وضمها" نقلها الإمام أبو عبد الله محمد بن مالك -رحمه الله- ونظمها في بيت قال: "من البسيط" تَثْلِيثُهم هَاءَ إبراهيم صَحَّ بِقَصْـ ... رٍ أو بمد وَوَجْها الضَّمِّ قد غَرُبا

_ 1 كذا رواية البيت في "ش" وفي "ط": "وإن أتاه": مكان: "وإن رآه". 2 هو وهب بن منبه الصنعاني، من أبناء الفرس الذي بعث بهم كسرى أنوشروان إلى اليمن، ولي القضاء لعمر بن عبد العزيز، وكان شديد الاعتناء بكتب الأولين وأخبار الأمم وقصصهم، بحيث كان يشبه بكعب الأحبار في زمانه مات سنة: "114" هـ ترجمته في "شذرات الذهب": "2/ 73".

لوط عليه السلام

لوط عليه السلام 1 لوط عليه السلام النبي المرسل الذي ذكره المصنف -رحمه الله- في باب القذف. وهو لوط بن هارون بن تارح2، وهو آزر أبي إبراهيم الخليل، ولوط بن أخي إبراهيم الخليل عليهما السلام وهو نبي مرسل ذكره الله تعالى في كتابه في غير موضع أرسله الله تعالى إلى خمس مدائن من مدن الشام وهي: المؤتفكات، أي: المنقلبات، قلبها الله تعالى بأهلها، وكانت في قومه أوصاف مذمومة، من أفحشها إتيان الذكور، وعبادة الأصنام، ومنها اللعب بالحمام والحدف بالحصا والحبق في المجالس3، ومهارشة الكلاب، ومناقرة الديوك ومي البندق ومضغ العلك، وخضب أطراف الأصابع بالحناء، وتصفيف الطرز، والصفير والتصفيق، وحل الأزرار، وشرب الخمر، وقص اللحية، وطول الشارب، فهذه سبع عشرة خصلة، فأقام لوط عليه السلام يدعوهم إلى الله تعالى وينهاهم عما كانوا عليه فلم ينتهوا ولم يزدادوا إلا تماديًا في غيهم، فأهلكهم الله تعالى، بقلب المدائن بهم فجعل أعلاها أسفلها والإمطار بالحجارة، قلبت بهم ثم أَتْبِعَتْ بالحجارة، قيل: كانت الحجارة لمن لم يكن في المؤتفكات أهلكوا بها، قيل إن رجلًاً منهم كان في الكعبة أربعين يومًا والحجر ينتظره، فلما خرج قتله ولحق لوط بعمه إبراهيم، فكان معه حتى مات وأوصى ببناته إلى إبراهيم قيل: كنَّ إثنتي عشرة وقيل: ثلاثًاً فالله أعلم.

_ 1 انظر "المحبر" صفحة: "131و 383، و"تلقيح فهوم أهل الأثر" صفحة: "4و6" و "الكامل" في التاريخ": "1/ 118" و"قصص الأنبياء" ص: "112". 2 تارح، كذا في "ش" وفي رسمها اضطراب "تارخ" "بخاء معجمة فوق" ووردت في "ش": تارج "الجيم معجمة تحت". 3 الْحَبْقُ في المجالس: إخراج صوت من الدبر.

موسى عليه السلام

موسى عليه السلام 1 موسى عليه السلام ذكره في باب اليمين في الدعاوي، وهو موسى بن عمران بن فاهت بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وكان جعدًا آدم طوالًا كأنه من رجال شنوءة في أرنبته شامة وعلى طرف لسانه شامة، وهي العقدة التي ذكرها الله تعالى، فبلغ من العمر مئة وسبع عشرة سنة، اجتمع به نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، وأشار عليه بالتردد إلى ربه تبارك وتعالى في تخفيف الصلاة، فرضت خمسين فصارت إلى خمس، فله علينا بذلك المنة صلى الله عليه وسلم.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "المحبر" صفحة: "1-4و131و464" والمعارف صفحة: "43-44" و "تاريخ الرسل والملوك": "1/ 385-434" وتلقيح فهوم أهل الأثر صفحة: "4-6" و "الكامل في التاريخ": "1/ 160-198" و"البداية والنهاية": "1/ 237-316" و "قصص الأنبياء" صفحة: "155-301" وجامع الأصول: "12/ 289".

داود النبي عليه السلام

داود النبي عليه السلام 1 داود علي السلام، ذكر في صوم التطوع وهو أبو سليمان، داود بن

_ 1 ترجمته وأخباره في: "المحبر" صفحة: "1 و5" و"المعارف" صفحة: 45-46 و"تلقيح فهوم أهل الأثر" صفحة: "5" و "الكامل في التاريخ": "1/ 223-229" و "كتاب التوابين" صفحة: "16-20" و"البداية والنهاية": "2/ 9-16" وقصص الأنبياء صفحة: "303-316" وجامع الأصول: "12/ 292".

إيشا، كان سابع سبعة إخوة، هو أصغرهم، وكان يرعى على أبيه، كان فيه قصر وزرق وقرع في ناحية من رأسه، وكان تزوج بنت طالوت. أنزلت عليه الزبور في ست ليال، وعن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا ذكر داود، قال: أعبد البشر، وكان لا يأكل إلا من عمل يديه. ومات فجأة يوم السبت: وقيل: يوم الأربعاء، وهو ابن مئة سنة، وعن وهب، قال شهد جنازته أربعون ألف راهب سوى غيرهم من الناس، ولم يمت في بني إسرائيل بعد موسى نبي كانت بنو إسرائيل أشد جزعًا عليه منهم على داود عليه السلام.

عيسى ابن مريم عليهما السلام

عيسى ابن مريم عليهما السلام 1 عيسى ابن مريم عليهما السلام: ذكره في باب اليمين في الدعاوى. وهو عيسى ابن مريم بنت عمران، وعمران من ولد سليمان بن داود عليهما السلام، خلقه الله تعالى من غير أب، ذكر أهل التفسير أن مريم عليها السلام، ذهبت تغتسل من الحيض، فبينما هي متجردة، إذ عرض لها جبريل عليه السلام، قيل أنه نفخ في جيب درعها فحملت حين

_ 1 ترجمته وأخباره في: "المحبَّر" صفحة: "1 و131و 391" و "المعارف" صفحة: "53" و "تاريخ الرسل والملوك": "1/ 585-605" و"تلقيح فهوم أهل الأثر" صفحة: "5-6" و "الكامل في التاريخ": "1/ 307-317" و "البداية والنهاية": "2/ 56-96" و "قصص الأنبياء" صفحة: "272-317" و "جامع الأصول": "12/ 293".

لبسته، وقيل: مد جيب درعها بإصبعه ثم نفخ في الجيب، وقيل نفح في كم قميصها، وقيل: في فيها، وقيل: نفخ من بعيد، فوصل الريح إليها لحملت بعيسى في الحال، وروي عن ابن عباس، كان الحمل والولادة في ساعة واحدة، وقيل: كانت مدة الحمل ثمانية أشهر، ولا يعيش مولود لثمانية أشهر فكانت آية لعيسى، وقيل: ستة أشهر، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان، فيستهل صارخًا من نخسة الشيطان، إلا ابن مريم وأمه"، ثم قرأ أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} 1 أخرجاه، وهذا لفظ مسلم. وعنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء أولاد علات وليس بيني وبينه نبي" أخرجاه أيضًا، ولفظه لمسلم. ثم رفعه الله تعالى إلى السماء، واختلف، هل رفع ميتا أم لا؟ واجتمع به النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وأخبر صلى الله عليه وسلم، أنه ينزل من السماء في آخر الزمان على المنارة شرقي دمشق فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية ويقتل الدجال بباب لُدٍّ، ثم يمكث سبع سنين، ثم يرسل الله تعالى ريحًا باردة من قبل الشام، فلا تبقي أحدًا على وجه الأرض في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، ثم يبقى شرار الناس يتهارجون، ثم تقوم الساعة.

_ 1 سورة آل عمران: الآية "36".

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

عمر بن الخطاب رضي الله عنه 1 ذكره في باب حكم الأرضين المغنومة، وهو أبو حفص، عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح - "بكسر الراء بعدها ياء مثناة تحت" بن قُرْط بن رزاح "بفتح الراء بعدها زاي"- بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي، وأمه حنتمة بنت هاشم، وقيل: بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر2 بن مخزوم، أسلم بمكة، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجر إلى المدينة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه جماعة كثيرة من الصاحبة والتابعين، ولي الخلافة عشر سنين وخمسة أشهر، وقتل يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة، وقيل لثلاث بقين منه، سنة ثلاث وعشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وفي اختلاف،

_ 1 ترجمته وأخباره في: "جمهرة النسب" صفحة: "105" و "طبقات ابن سعد": "3/ 265" و "نسب قريش" صفحة: "347-348" و "طبقات خليفة" صفحة: "22" و "تاريخ خليفة" صفحة: "152-153" والمعارف صفحة: "179-190" و "حلية الأولياء": "1/ 38" و"الاستيعاب": 3/ 1144 - 1159 و "أسد الغابة": 4/ 154 و"جامع الأصول" 12/ 305 و"شذرات الذهب": 1/ 177 و "مختصر تاريخ دمشق": 18/ 261-351 و "تهذيب الكمال": "لوحة 1010 و "تذكرة الحفاظ": 1/ 5 و "مختصر المحاسن المجتمعة في الخلفاء الأربعة" صفحة: "104-131" و "الإصابة": "2/ 518-519" و"تهذيب التهذيب": "7/ 438" "وتجريد أسماء الصحابة": "1/ 397" و "تاريخ الخلفاء" صفحة: "108". 2 كذا في "ش" وهي مستدركة على الهامش فيها. وفي "ط": عمرو.

هذا أصحه، ودفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، وصلى عليه صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنهم أجمعين.

عثمان بن عفان رضي الله عنه

عثمان بن عفان رضي الله عنه 1 عثمان بن عفان رضي الله عنه، بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأب الرابع وهو عبد مناف، وأمه أروى بنت كريز "بضم الكاف وفتح الراء" ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسلم قديمًا، وهاجر الهجرتين وتزوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقية فماتت فتزوج أم كلثوم، فماتت عنده أيضًا، ولد بعد عام الفيل بست سنين، وقتل يوم الجمعة بعد العصر، لثمان عشرة خلت من ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين وهو ابن تسعين سنة، وقيل: ثمان وثمانين وقيل: اثنتين وثمانين وصلى عليه جبير بن مطعم، ولي الخلافة اثنتى عشرة سنة رضي الله عنه، ذكر في مقادير الديات.

_ 1 ترجمته وأخباره في: جمهرة النسب صفحة: "42" و"طبقات ابن سعد": "8/ 53" و "نسب قريش" صفحة: "101-104" و"طبقات خليفة" صفحة: "10" و "تاريخ خليفة" صفحة: "176" و "حلية الأولياء": "1/ 55" و "الاستيعاب": "3/ 1037-1053" و"تلقيح مفهوم أهل الأثر" صفحة: "109، 110" و "أسد الغابة": "3/ 584" و "تهذيب التهذيب": "7/ 139" و "الإصابة": "2/ 462-463" و "مختصر المحاسن المجتمعة في الخلفاء الأربعة" صفحة: "141-155" "وشذرات الذهب": "1/ 201" و "جامع الأصول": "12/ 307-309".

علي بن أبي طالب رضي الله عنه

علي بن أبي طالب رضي الله عنه 1 علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مذكور في المنبرية وحديث الزُّبْيَةِ، وهو علي بن أبي طالب واسمه، عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو الحسن، كناه النبي صلى الله عليه وسلم أبا تراب، وأمه، فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهي أول هاشمية، ولدت هامشيًّا، أسلمت وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصلى عليها، ونزل قبرها، شهد بدرًا والمشاهد إلا تبوك. روى عنه ابناه الحسن والحسين، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، , وأبو موسى، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر، وأبو سعيد الخدري، وصهيب، وزيد بن أرقم، وجابر، وأبو أمامة وأبو هريرة، وحذيفة بن أسيد، وجابر بن سمرة، وعمرو بن حريث، والبراء بن

_ 1 ترجمته وأخباره في: "طبقات ابن سعد": "2/ 337" و "3/ 19" و "6/ 12" و "نسب قريش" صفحة: "39-46" و "طبقات خليفة" صفحة: "4و 126و189" و "تاريخ الخليفة": صفحة: "198-199" و "التاريخ الكبير": "6/ 259" و "حلية الأولياء": 1/ 61" "والاستيعاب": "3/ 1089-1133" و "أسد الغابة": "4/ 91" و "تهذيب التهذيب": "7/ 334" و"مختصر المحاسن المجتمعة في الخلفاء الأربعة" ص: "156" و"شذرات الذهب": "1/ 221- 227" و "تاريخ مدينة دمشق" حرف "الطاء في آباء من اسمه علي" وستصدر الترجمة مستقلة في مجلد مستقل عن مجمع اللغة العربية بدمشق "كما هو مقرر"، بتحقيق "رياض عبد الحميد مراد" و "محمود الأرناؤوط" و "ياسين محمود الخطيب" بإذن الله وتوفيقه، وانظر أخيرًا في ترجمته رضي الله عنه وأرضاه: "جامع الأصول": "12/ 309-311".

عازب، وطارق بن شهاب، وطارق بن أشيم، وعبد الرحمن بن أبزي، وأبو جحيفة، وخلق سواهم من الصحابة والتابعين، ولي الخلافة أربع سنين وسبعة أشهر وأيامًا مختلفًا فيها، وقيل: غير ذلك، وقتل يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين، عام الجماعة، وله ثلاث وستون، وقيل: أربع وستون، وقيل: خمس وستون: وقيل: ثمان وخمسون، وقيل: سبع وخمسون رضي الله عنه.

عبد الله بن عباس رضي الله عنه

عبد الله بن عباس رضي الله عنه 1 عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ذكر في الرَّضاع، وهو أبو العباس، عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقال له: الحبر، والبحر لكثرة علمه، دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين، وقال ابن مسعود: "نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس". ولد في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، ومات النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل خمس عشرة وصوبه الإمام أحمد بن حنبل، ومات بالطائف سنة ثمان وستين، وقيل سنة، تسع وستين، وقيل: سنة سبعين وصلى عليه محمد بن الحنفية رضي الله عنهما.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "طبقات ابن سعد": "2/ 365" و"تاريخ البخاري": 5/3 و"الاستيعاب": 933 و "تاريخ بغداد": 6/ 173، و "أسد الغاية": "3/ 290" و"الجمع بين رجال الصحيحين": "1/ 239" و "تهذيب التهذيب": "5/ 276" و "جامع الأصول": "14/ 468".

زيد بن ثابت رضي الله عنه

زيد بن ثابت رضي الله عنه 1 زيد بن ثابت رضي الله عنه، ذكره في قوله "مختصرة زيد" و "تسعينية زيد". وهو زيد بن ثابت بن الضحاك، بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف، بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري، يكنى أبا سعيد، وقيل: أبا خارجة، أخو يزيد بن ثابت لأبيه وأمه، كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم. وروي عن أبي بكر وعمر وعثمان، روي عنه من الصحابة، أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وأبو هريرة، وعبد الله بن يزيد الخطمي، وسهل بن أبي حثمة، وسهل بن سعد الساعدي، وسهل بن حنيف، وأبو سعيد الخدري، ومن التابعين خلق كثير، وكان كاتبًا لعمر بن الخطاب، وكان يستخلفه إذا حج، وكان معه لما قدم الشام، وخطب بالجابية عند خروجه لفتح بيت المقدس، وتولى قسمة غنائم اليرموك، ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة أربعين: وقيل: خمس وأربعين، وقيل: غير ذلك رضي الله عنه وعن سائر الصحابة.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "طبقات خليفة": صفحة "89" و "التاريخ الكبير": "3/ 380" و "الاستيعاب": "2/ 537" و "أسد الغابة": "2/ 278" و"مختصر تاريخ مدينة دمشق لابن منظور": "9/ 114" و"تهذيب الكمال": "449" و "الإصابة": "1/ 561" و "جامع الأصول": "14/ 103".

عمران بن حصين رضي الله عنه

عِمْرَان بن حصين رضي الله عنه 1 عمران بن حصين رضي الله عنه، ذكره في أول صلاة أهل الأعذار، وهو أبو نجيد، عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبد نُهْم بن سالم بن غاضرة الخزاعي. أسلم هو وأبو هريرة عام خيبر، روى عنه جماعة من التابعين، نزل البصرة وكان قاضيًا بها، استقضاه عبد الله بن عامر فأقام أيامًا ثم استعفاه فأعفاه ومات بها ستة اثنتين وخمسين، واختلف في إسلام أبيه وصحبته، والصحيح أنه أسلم، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه "اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي"

_ 1 ترجمته وأخباره في: "طبقات ابن سعد": "4/ 278و 9/ 7" و "طبقات خليفة" صفحة: "106و 187" و "التاريخ الكبير" "6/ 408" والاستيعاب: "1208" وأسد الغابة: "4/ 281" والإصابة: "3/ 26" و "جامع الأصول": "14/ 563" وفيه مصادر ترجمته.

صخر بن حرب

صخر بن حرب 1 صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، بن عبد مناف بن قضي القرشي الأموي المكي، يكنى أبا سفيان، أسلم زمن الفتح، ولقي النبي صلى الله عليه وسلم بالطريق قبل دخوله مكة، وشهد حنينًا وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم من غنائمها مئة

_ 1 ترجمته وأخباره في: تاريخ ابن معين: "2/ 268" والتاريخ الكبير: "4/ 310" والاستيعاب: "714" وأسد الغابة: "3/ 10" و "مختصر تاريخ دمشق لابن منظور": "11/ 47" و "الإصابة": "2/ 178" و "تهذيب التهذيب": "4/ 411" و "جامع الأصول": "14/ 343".

بعير وأربعين أوقية، وشهد الطائف واليرموك، نزل المدينة ومات بها سنة احدى وثلاثين، وقيل أربع وثلاثين وهو ابن ثمان وثمانين سنة رحمه الله، ذكر في كتاب النفقات.

عائشة رضي الله عنها

عائشة رضي الله عنها 1 عائشة رضي الله عنها ذكرها في باب صوم التطوع، وهي عائشة بنت أبي بكر الصديق: عبد الله بن أبي قحافة: عثمان بن عامر بن كعب بن سعد، بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب التيمية، تلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب، أم المؤمنين، أم عبد الله، الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب رب العالمين، التي برأها الله تعالى في كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة فمن قذفها بما برأها الله منه فهو كافر بالله العظيم، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بسنتين، هذا قول أبي عبيدة، وقال غيره بثلاث سنين، وقيل: تزوجها قبل الهجرة بسنة ونصف، وبنى بها بالمدية بعد منصرفه من وقعة بدر في شوال، سنة اثنتين وهي بنت تسع، وقيل أيضًا: دخل بها في شوال على رأس ثمانية عشر شهرًا من مهاجره إلى المدينة، وتوفيت بالمدية سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنهما ودفنت بالبقيع، قال الواقدي: ماتت ليلة الثلاثاء لسبع عشرة من رمضان سنة ثمان وخمسين، وهي ابنة ست وستين رضي الله عنها.

_ 1 ترجمتها وأخبارها في: "المحبر": صفحة: "80-81" و "المنتخب من كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم": صفحة: "35" وكتاب "الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" صفحة: "41" و "أسد الغابة": "7/ 188" و "در السحابة" صفحة: "318" وجامع الأصول: "12/ 248".

هند بنت عتبة

هند "بنت عتبة" 1 هند ذكرها في آخر كتاب النفقات. وهي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، امرأة أبي سفيان، صخر بن حرب أم معاوية، أسلمت عام الفتح بعد إسلام زوجها، فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على نكاحهما، وكانت فيما ذكر لها أنفه، شهدت أحدًا مع زوجها وهي كافرة، وكانت تقول يوم أحد: "من مجزوء الرجز" نحن بنات طارقْ ... نمشي على النمارقْ إن تقبلوا نعانقْ ... أو تدبروا نفارقْ فراق غير وامقْ

_ 1 ترجمتها وأخبارها في: "طبقات ابن سعد": "8/ 235" جمهرة ابن حزم: صفحة: "76و 111" و "الإصابة": "4/ 425" و "جامع الأصول": "15/ 525".

عمرو بن ميمون

عمرو بن ميمون 1 عمرو بن ميمون، أبو عبد الله، ويقال: أبو يحيى الكوفي الأودي، أدرك الجاهلية، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع عمر بن الخطاب، وسعد بن

_ 1 ترجمته وأخباره في: "طبقات ابن سعد": "6/ 117" و"طبقات خليفة" صفحة: "147" و "تاريخه" صفحة: "275، 253" و"أسد الغابة": 4/ 134 و"شذرات الذهب": 1/ 313 و"تهذيب التهذيب": "8/ 109-110" و "جامع الأصول": "14/ 790".

أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأبا أيوب، وأبا مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، أبا هريرة، وخلقًا من التابعين، قال أبو إسحاق السبيعي، كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يرضون عمرو بن ميمون، وقال يحيى بن معين هو ثقة وقال عمرو بن علي: مات سنة خمس وسبعين، وقال أبو نعيم: سنة أربع وسبعين وحديثه، أن عمر رضي الله عنه وضع على كل جريب من أرض السواد قفيزًا ودرهمًا. روى له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

مالك بن أنس

مالك بن أنس 1 مالك بن أنس بن مالك بن عامر، أبو عبد الله الأصبحي المدني، إمام دار الهجرة، سمع نافعًا مولى ابن عمر، ومحمد بن المنكدر، وأبا بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وخلقًا كثيرًا من التابعين يطول ذكرهم، روي عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، والزهري، وهما من شيوخه، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعيد، وشعبة، ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن إدريس، وخلق كثير يطول ذكرهم. أخبرنا أبو القاسم بن عبد الغني بن محمد بن أبي القاسم، أخبرنا جدي، أخبرنا سعد الله بن نصر بن سعيد، أخبرنا أبو منصور محمد بن

_ 1 ترجمته وأخباره في: المؤتلف والمختلف: "2/ 768" وسير أعلام النبلاء: "10/ 430" و"شذرات الذهب": "2/ 350" و "جامع الأصول": "15/ 225و1/ 180".

أحمد بن علي الخياط، أخبرنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد المؤدب، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسين بن الصواف، أخبرنا يسر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يضرب الناس آباط الإبل في طلب العلم، فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة" 1 وأخرجه الترمذي عن الحسن بن الصباح. وإسحاق بن منصور عن سفيان، وقال: حديث حسن، وقد روي عن سفيان بن عيينه أنه قال في هذا: هو مالك بن أنس، وعن معن بن عيسى، قال: كان مالك بن أنس، إذا أراد أن يجلس للحديث اغتسل وتبخر وتطيب، فإن رفع أحد صوته في مجلسه، قال: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} 2 فمن رفع صوته عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رحمه الله، ثقة، مأمونًا، ثبتًا، ورعًا، فقيهًا، عالمًا، حجة، وقال أبو المعافى بن أبي رافع المديني: "من الطويل" ألا إن فقد العلم في فقد مالك ... فلا زال فينا صالح الحال مالك يقيم طريق الحق والحق واضح ... ويهدي كما تهدي النجوم الشوابك فلولاه ما قامت حدود كثيرة ... ولولاه لانسدت علينا المسالك عشونا إليه نبتغي ضوء ناره ... وقد لزم الغي اللجوج المماحك3 فجاء برأي مثله يقتدي به ... كنظم جمان زينته السبائك

_ 1 رواه أحمد "2/ 299" والترمذي رقم "2682" وابن حبان رقم "2308". 2 سورة الحجرات: الآية "2". 3 كذا في "ش" و"ط"، والمماحك: من: محك بمعنى لج، وتماحكا: تلاجا "القاموس - محك".

توفي صبيحة أربع عشرة ليلة من ربيع الأول، وقيل: في صفر سنة تسع وسبعين ومئة، في خلافة الرشيد، وهو ابن خمس وثمانين، وقيل: ابن تسعين، وحمل به في الطن ثلاث سنين. روي له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم من الأئمة رضي الله عنهم1.

_ 1 عبارة "رضي الله عنهم": زيادة من "ط".

علي بن حمزة

علي بن حمزة 1 علي بن حمزة، أبو الحسن الأسدي الكسائي النحوي الكوفي، ثم البغدادي، أحد الأئمة القراء، كان يعلم الرشيد، ثم الأمين بعده، قرأ على حمزة الزيات، وأقرأ بقراءته ببغداد زمانًا، ثم اختار لنفسه قراءة فأقرأ بها، قرأ عليه خلق كثير ببغداد والرقة وغيرهما، وصنف "معاني القرآن" و"الآثار" في القرآن. سمع سليمان بن أرقم، وأبا بكر بن عياش، ومحمد بن عبد الله العرزمي، وسفيان بن عيينة روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو ثوبة ميمون بن حفص، وغيرهما، وتوفي سنة تسع وثمانين ومئة، وله مناقب ومآثر ليس هذا موضعها، ذكره في جزاء الصيد.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "شذرات الذهب": "2/ 407" و"الإعلام بوفيات الأعلام" صفحة: "86" و "سير أعلام النبلاء": "9/ 131".

القاسم بن سلام

القاسم بن سَلَّام 1 القاسم بن سلام، ذكره في حكم الأرضين المغنومة في قوله: قال أحمد: وأبو عبيد. وهو أبو عبيد القاسم بن سلام "بفتح السين وتشديد اللام" كان أبوه عبدًا روميًا لرجل من أهل هراة. سمع إسماعيل بن جعفر، وشريكا، وإسماعيل بن عياش، وهشيمًا، وسفيان بن عيينة، وابن علية، ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، وكان يقصد الإمام أحمد، ويحكي عنه أشياء، وذكره ابن درستويه النحوي فقال: جمع صنوفًا من العلم، وصنف الكتب في كل فن من العلوم والآداب، وكان ذا فضل ودين وستر، ومذهب حسن، روى عن أبي زيد الأنصاري، وأبي عبيدة، وغيرهم، مات سنة أربع وعشرين ومئتين، وقيل سنة اثنتين وعشرين في خلافة المعتصم، والأول قول البخاري رضي الله عنهما.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "سير أعلام النبلاء": 10/ 490 و"شذرات الذهب": 3/ 111 و"جامع الأصول": 15/ 71-72.

الإمام أحمد بن حنبل

الإمام أحمد بن حنبل 1 الإمام المبجل، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد، بن إدريس بن عبد الله ابن حيان - بالمثناة- ابن عبد الله بن أنس بن

_ 1 ترجمته وأخباره في: "تاريخ يحيى بن معين": 1/ 19- 20 و"التاريخ الكبير": 2/ 5 و"حلية الأولياء": 9/ 161- 233 و"ذكر أسماء التابعين" للدارقطني: 66 و"صفة الصفوة": 2/ 221 و"تهذيب الكمال" - الرسالة -: 1/ 437 و"شذرات الذهب": 3/ 185 و"جامع الأصول": 13/ 66-68، و"المنهج الأحمد": 1/ 69.

عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان، بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة، بن صعب، بن علي، بن بكر، بني وائل، بن قاسط، بن هنب "بكسر الهاء وإسكان النون وبعدها باء موحده" ابن أفصى بالفاء والصاد المهملة، ابن دعمي بن جديلة، بن أسد، بن ربيعة، بن نزار، بن معد، بن عدنان، الشيباني المروزي البغدادي، هكذا ذكره الخطيب الحافظ أبو بكر البغدادي، وأبو بكر البيهقي وابن عساكر وابن طاهر. وقال عباس الدوري، وابن ماكولا: ذهل بن شيبان، وأنكر ذلك الخطيب، وقال: هو غلط من الدوري. قال الجوهري: وشيبان حي من بكر، وهما شيبانان. أحدهما: شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، والآخر شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة، وهو موافق لما قال الخطيب. وذكره المصنف في أول "المغني"1 فقال: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله ابن حيان بن عبد الله بن ذهل بن شيبان، فأسقط أنس بن عوف بن قاسط بن مازن، أربعة2، وقدم ذهلًا على شيبان، والله أعلم. حملت به أمه، بمرور وولد ببغداد ونشأ بها وأقام بها إلى أن توفي بها، دخل مكة والمدينة والشام، واليمن والكوفة والبصرة والجزيرة. قال الحافظ ابن عساكر3: كان شيخًا شديد السمرة طوالًا مخضوبًا

_ 1 انظر "المغني": "1/ 8" بتحقيق الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، والأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو رحمه الله، توزيع وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية. 2 انظر نسبة كاملًا في "المنهج الأحمد" للعليمي: "1/ 70" بتحقيق "محمود الأرناؤوط" طبع دار صادر ببيروت. 3 انظر ترجمته المطولة النافعة في "تاريخ دمشق": "7/ 218-296" بتحقيق الأستاذ الشيخ عبد الغني الدقر، طبع مجمع اللغة العربية بدمشق.

بالحناء، وقيل: كان ربعة، سمع سفيان بن عيينة، وإبراهيم بن سعد، ويحيى القطان، وهشيمًا، ووكيعًا، وابن علية، وابن مهدي، وعبد الرزاق وخلائق كثرين، ذكرهم الحافظ أبو الفرج بن الجوزي وغيره على حروف المعجم، وروي عنه عبد الرزاق ويحيى بن آدم، وأبو الوليد، وابن مهدي، ويزيد بن هارون، وعلي بن المديني، والبخاري، ومسلم وأبو داود، وأبو زرعة الرازي والدمشقي، وإبراهيم الحربي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم، وعبد الله بن محمد البغوي، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وأبو حاتم الرازي، وأحمد بن أبي الحواري، وموسى بن هارون، وحنبل بن إسحاق، وعثمان بن سعيد الدارمي، وحجاج بن الشاعر، وخلائق كثيرون، ذكرهم الحافظ أبو الفرج في "المناقب" على حروف المعجم. روينا عن الشافعي الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس، أنه قال: خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدًا أورع ولا أتقى ولا أفقه -وأظنه قال:- ولا أعلم من أحمد بن حنبل. وعن الربيع بن سليمان قال: قال لنا الشافعي: أحمد إمام في ثقة خصال، إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمم في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة. وروينا عن الشافعي أنه قال: عند قدومه إلى مصر من العراق، ما خلفت بالعراق أحدًا يشبه أحمد بن حنبل. وروينا عن إبراهيم الحربي قال: يقول الناس أحمد بن حنبل بالتوهم، والله ما أجد لأحد من التابعين عليه مزية، ولا أعرف أحدًا يقدر قدره، ولا يعرف من الإسلام محله، ولقد صحبته عشرين سنة صيفً وشتاء وحرا وبردًا وليلً ونهارًا، فما لقيته لقاة في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس، ولقد

كان يقدم أئمة العلماء من كل بلد وإمام كل مصر، فهم بجلالتهم مادام الرجل منهم خارجًا من المسجد، فإذا دخل المسجد صار غلامًا متعلمًا، وروينا عنه أيضًا أنه قال: لقد رأيت رجالات الدنيا، فلم أر مثل ثلاثة، أحمد بن حنبل، وتعجز النساء أن تلد مثله، ورأيت بشر بن الحارث من قرنه إلى قرنه مملوءًا عقلا، ورأيت أبا عبيد القاسم بن سلام، كأنه جبل نفخ فيه علم. وروينا عن عبد الوهاب الوراق، قال: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، قالوا له: وأي شيء بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال: حدثنا وأخبرنا. وروينا عن علي بن المديني أنه قال: سيدي أحمد بن حنبل أمرني أن لا أحدث إلا من كتاب. وروينا عنه أنه قال: إن الله عز وجل أعز هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث، أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة. وروينا عنه أنه قال: ما قام أحد بأمر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل1 ما قام أحمد بن حنبل، قلت: يا أبا الحسن، ولا أبو بكر الصديق، قال: ولا أبو بكر الصديق2، إن أبا بكر الصديق كان له أعوان وأصحاب، وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان ولا أصحاب. وروينا بالإسناد عن أبي عبيد القاسم بن سلام أنه قال: أحمد بن حنبل إمامنا، إني لأتزين بذكره.

_ 1 زيادة من "ط". 2 يحسن أن نذكر هنا بما ورد من الأحاديث الواردة في مناقب الصحابة عامة، ومناقب أبي بكر رضي الله عنه خاصة، فمما ورد بحق الصحابة: "لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفة"، ومما ورد بحق أبي بكر رضي الله عنه: "لو وزن إيمان الخلق بإيمان أبي بكر لرجح إيمان أبي بكر".

وعن أبي بكر الأثرم قال: كنا عند أبي عبيد، وأنا أناظر رجلًا عنده، فقال الرجل: من قال بهذه المسألة؟ فقلت: من ليس في شرق ولا غريب مثله. فقال: من؟ قلت: أحمد بن حنبل، قال أبو عبيد: صدق من ليس في شرق ولا غرب مثله، ما رأيت رجلًا أعلم بالسنة منه. وعن إسحاق بن راهوية أنه قال: أحمد بن حنبل حجة بين الله وبين عبيده في أرضه. وقال أيضًا: لولا أحمد بن حنبل وبذله نفسه لما بدلها له لذهب الإسلام. وعن بشر بن الحارث، أنه قيل له حين ضرب أحمد بن حنبل، يا أبا نصر لو أنك خرجت فقلت إني على رأي أحمد بن حنبل، فقال بشر: أتريدون أني أقوم مقام الأنبياء؟ إن أحمد بن حنبل قام مقام الأنبياء. وقال أيضًا: أدخل أحمد بن حنبل الكير فخرج ذهبة حمراء. وروينا بالإسناد إلى بشر، قال: سمعت المعافى بن عمران يقول: سئل سفيان الثوري عن الفتوة، فقال: الفتوة: العقل والحياء، ورأسها الحفاظ1 وزينتها الحلم والأدب، وشرفها العلم والورع، وحليتها المحافظة على الصلوات وبر الوالدين وصلة الأرحام، وبذل المعروف، وحفظ الجار وترك التكبر، ولزوم الجماعة والوقار، وغض الطرف عن المحارم، ولين الكلام، وبذل السلام، وبر الفتيان العقلاء الذين عقولًا عن الله تعالى أمره ونهيه، وصدق الحديث، واجتناب الحلف2 وإظهار المودة، وإطلاق الوجه، وإكرام الجيس، والإنصات للحديث، وكتمان السر، وستر العيوب، وأداء الأمامنة، وترك الخيانة، والوفاء

_ 1 في "ط": الحفظ والمثبت من "ش" وهو أجود. 2 كذا في "ش" وفي "ط": التكلف وكلاهما حسن.

بالعهد، والصَّمت في الجالس من غير عيٍّ، والتواضع من غير حاجة، وإجلال الكبير، والرفق بالصغير، والرأفة والرحمة للمسكين، والصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، وكمال الفتوة: الخشية لله عز وجل، فينبغي للفتى أن يكون فيه هذه الخصال، فإذا كان كذلك كان فتى بحقه. قال بشر: وكذلك كان أحمد بن حنبل فتى؛ لأنه قد جمع هذه الخصال كلها. وعن أبي زرة: عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، قال: ما رأت عيني مثل أحمد بن حنبل في العلم والزهد والفقه والمعرفة وكل خير، ما رأت عيناي مثله، وقال أيضًا: ما رأيت أحدًا أجمع منه، وما رأيت أحدًا أكمل منه. وعن المزي صاحب الشافعي أنه قال: أحمد بن حنبل "يوم المحنة"1. وأبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار2، وعلي يوم صفين. وعن أبي داود السجستاني، قال: رأيت مئتي شيخ من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل، لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس: فإذا ذكر العلم تكلم. وعن إبراهيم الحربي، قال سعيد بن المسيب في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه، وأحمد بن حنبل في زمانه. وعن عبد الوهاب الوراق قال: لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فردُّوه إلى عالمه" 3.

_ 1 عبارة "يوم المحنة": مستدركة من "ط". 2 يوم الدار: هو اليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر "تاريخ الطبري": "4/ 365- 396". 3 قطعة من حديث وراه أحمد في "المسند": "2/ 181" من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده وإسناده حسن، وهو عند عبد الرازق في "المصنف" "11/ 216-217" ولفظه فيه: "فكلوه إلى عالمه".

رددناه إلى أحمد بن حنبل، وكان أعلم أهل زمانه. وقد صنف في مناقبه من المتقدمين والمتأخرين، جماعة كابن منده والبيهقي، وشيخ الإسلام الأنصاري، وابن الجوزي، وابن ناصر، وغيرهم، وشهرة إمامته ومناقبه وسيادته وبراعته وزهادته، ومجموع محاسنه كالشمس إلا أنها لا تغرب رضي الله عنه وحشرنا في زمرته. ولد رضي الله عنه في ربيع الأول سنة أربع وستين ومئة، وتوفي ببغداد يوم الجمعة لنحو من ساعتين من النهار لا ثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين ومئتين والمشهور من ربيع الآخر رضي الله عنه، صنف "المسند" ثلاثون ألف حديث1 و"التفسير" مئة ألف وعشرون ألفًا، و"الناسخ والمنسوخ" و"التاريخ" و"حديث شعبة" و"المقدم والمؤخر" في القرآن و" جوابات القرآن" و"المناسك" الكبير والصغير، وأشياء أخر، وليس هذا مكان استقصاء مناقبه، والله أعلم.

_ 1 وهو موسوعة حديثية كبرى، تصدى لتحقيقها في مصر قبل سنوت طويلة العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر، فأخرج قرابة ثلثه. ثم قام بتحقيقه كاملًا شيخنا العلامة الشيخ شعيب الأرناؤوط، وشاركه العمل به عدد من زملائنا، ونشرته مؤسسة الرسالة.

حنبل بن إسحاق

حنبل بن إسحاق 1 حنبل بن إسحاق بن حنبل، أبو علي الشيباني، ابن عم الإمام أحمد. سمع أبا نعيم: الفضل بن دكين، وأبا غسان مالك بن إسماعيل،

_ 1 ترجمته وأخباره في: "تاريخ بغداد" "8/ 286" و "سير أعلام النبلاء": "13/ 51"، و "شذرات الذهب": "3/ 307" ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور: "19/ 109" و"المنهج الأحمد": "1/ 264".

وعفان بن مسلم، وسعيد بن سليمان، وعارم بن1 الفضل، وسليمان بن حرب، والإمام أحمد في آخرين. حدث عنه: ابنه عبيد الله، وقيل: عبد الله، وعبد الله البغوي، ويحيى بن صاعد، وأبو بكر الخلال وغيرهم. ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، فقال: كان ثقة ثبتًا، قال الدارقطني: كان صدوقًا، وذكره الخلال فقال: قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية وإذا نظرت في مسائله، شبهتها في حسنها وجودتها بمسائل الأثرم. وكان رجلًا فقيرًا، خرج إلى عكبرا، فقرأ مسائله عليهم، روينا بالاسناد إلى حنبل بن إسحاق قال: جمعنا عمي، أنا وصالح، وعبد الله2، وقرأ علينا" المسند" وما سمعه منه -يعني تمامًا- غيرنا، وقال لنا: إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من تسعمائة وخمسين ألفا، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه، وإلا فليس بحجة. وعن بعض الشيوخ بعكبرا قال: حضرنا عند حنبل بن إسحاق حين قدم عكبرا فنزل بعكبرا، فلما اجتمع إليه أصحاب الحديث، قال لهم: اكترينا هذه الغرفة لسنكنها، فإذا كثر الناس، خشينا أن نضر، فإذا اجتمعتم خرجنا إلى المسجد، وتوفي بواسط في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومئتين رحمه الله.

_ 1 كذا في "ش" وفي "ط": "عامر بن الفضل" وهو خطأ. 2 في "ش" و"ط": "جمعنا عمي لي ولصالح وعبد الله" والتصحيح من "شذرات الذهب": "3/ 308".

أحمد بن محمد الخلال

أحمد بن محمد الخَلَّال 1 هو أحمد بن محمد بن هارون المعروف بالخلال، له التصانيف الدائرة والكتب السائرة، من ذلك "الجامع" و"العلل" و"السنة" و"العلم" و"الطبقات" و"تفسير الغريب" و"الأدب" و"أخلاق أحمد" وغير ذلك. سمع الحسن بن عرفة، وسعدان بن نصر، ومحمد بن عوف الحمصي وطبقتهم، وصحب أبا بكر المروزي إلى أن مات، وسمع جماعة من أصحاب الإمام أحمد، منهم صالح، وعبد الله، ابناه، وإبراهيم الحربي، والميموني، وبدر المغازلي، وأبو يحيى الناقد، وحنبل، والقاضي البرني، وحرب الكرماني، وأبو زرعة، وخلق سواهم، سمع منهم مسائل أحمد، ورحل إلى أقاصي البلاد في جمعها وسماعها، ممن سمعها من الإمام أحمد وممن سمعها ممن سمعها منه، شهد له شيخ المذهب بالفضل والتقدم، حدث عنه جماعة، منهم، أبو بكر عبد العزيز ومحمد بن المظفر، ومحمد بن يوسف الصيرفي، وكانت له حلقة بجامع المهدي، ومات يوم الجمعة لليلتين خلتا من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، ودفن إلى جنب قبر المروزي عند رجل أحمد رضي الله عنهما وعنا معهما.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "تاريخ بغداد": "5/ 112" و"طبقات الحنابلة": "2/ 12" و"سير أعلام النبلاء": "14/ 297" و "تذكرة الحفاظ: ص: "785" و "المنهج الأحمد: "2/ 205".

عمر بن الحسين

عمر بن الحسين 1 هو عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد أبو القاسم الخرقي، قرأ العلم على من قرأه على أبي بكر المروزي، وحرب الكرماني، وصالح، وعبد الله ابني الإمام أحمد، له المصنفات الكثيرة في المذهب، لم ينتشر منها إلا هذا "المختصر" في الفقه؛ لأنه خرج عن مدينة السلام لما ظهر بها سب الصحابة رضوان الله عليهم، وأودع كتبه في درب سليمان2 فاحترقت الدار التي كانت فيها، ولم تكن انتشرت لبعده عن البلد، قرأ عليه جماعة من شيوخ المذهب منهم -أبو عبد الله بن بطة، وأبو الحسن التميمي، وأبو الحسين بن سمعون وغيرهم، وانتفع بهذا المختصر، خلق كثير، وجعل الله تعالى له موقعًا في القلوب، حتى شرحه من شيوخ المذهب، جماعة من المتقدمين والمتأخرين، كالقاضي أبي يعلى وغيره، وآخر من شرحه الإمام موفق الدين، أبو محمد المقدسي في كتابه "المغني" المشهور الذي لم يسبق إلى مثله، فكل من انتفع بشيء من شروح الخرقي، فللخرقي في ذلك نصيب من الأجر، إذا كان الأصل في ذلك، خالفه أبو بكر عبد العزيز في ثمان وتسعين مسألة يطول ذكرهما، وتوفي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ودفن بدمشق رحمه الله تعالى. والخِرَقي: "بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء المهملة آخره القاف"

_ 1 ترجمته في "سير أعلام النبلاء": "15/ 363" و "الوافي بالوفيات": "22/ 456" و "المنهج الأحمد": "2/ 266" و "شذرات الذهب": "4/ 186". 2 كذا في "ش" وفي "ط": "دار سليمان" وما أثبتناه من "المنهج الأحمد". وفي معجم البلدان: "2/ 448": درب سليمان: درب كان ببغداد، كان يقابل الحسم في أيام المهدي والهادي والرشيد، وهو درب سليمان بن جعفر بن أبي جعفر المنصور توفي سنة: "199" هـ وفيه كانت داره.

نسبة إلى بيع الخرق، كذا ذكره المسعاني. والخرقي - بفتح الخاء والراء- نسبة إلى خَرَق: قرية كبيرة تقارب مرو، وممن نسب إليها أبو قابوس محمد بن موسى، وعبد الرحمن بن بشير1، ومحمد بن عبيد الله، أبو مذعور، والله أعلم.

_ 1 زيادة من "ط".

عبد العزيز بن جعفر

عبد العزيز بن جعفر 1 عبد العزيز بن جعفر بن أحمد، يزاداد بن معروف أبو بكر المعروف بغلام الخلال. حدث عن: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هارون، ومحمد بن الفضل الوصيفي، وأبي خليفة الفضل بن الحباب البصري، وعلي بن طيفور النسوي، وجعفر الفريابي، ومحمد بن محمد الباغندي، والحسين بن عبد الله الخرقي، وأبي القاسم البغوي وآخرين. حدث عنه: أحمد بن علي بن عثمان بن الجنيد الخطبي2، وأبو إسحاق بن شاقلا، وأبو عبد الله من بطة، وأبو الحسن التميمي، وأبو حفص البكرمي، والعكبري، وأبو عبد الله بن حامد. كان عبد العزيز أحد أهل الفهم وموثوقًا به في العلم، متسع الرواية مشهورًا بالديانة موصوفًا بالأمانة، مذكورًا بالعبادة. له المصنفات في العلوم المختلفات "الشافي" و"المقنع" و"تفسير

_ 1 ترجمته وأخباره في:"طبقات الحنابلة" "2/ 119" و"سير أعلام النبلاء" "16/ 143" و"المنهج الأحمد": "2/ 274-283" و"شذرات الذهب": "4/ 335". 2 كذا في "ش" وهو موافق لما في "المنهج الأحمد": "2/ 275" وفي "ط": "الخطي" وهو خطأ.

القرآن" و"الخلاف" مع الشافعي و"كتاب القولين" و"زاد المسافر" و"التنبيه" وغير ذلك. وذكره القاضي الإمام أبو يعلى، فقال: ذا دين، وأخا ورع، علامة، بارعًا في علم مذهب أحمد، وذكر تصانيفه وتعظيمه في النفوس، وكان له قدم راسخ في تفسير القرآن، ومعرفة معانيه، روي أن رافضيًّا سأله عن قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} 1 من هو؟ فقال: أبو بكر الصديق، فرد عليه وقال: بل هو علي، فهم به الأصحاب، فقال: دعوه، ثم قال: اقرأ ما بعدها: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ، لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} 2 وهذا يقتضي أن يكون هذا المصدق ممن له إساءات سبقت وعلى قولك أيها السائل، لم تكن لعلي إساءات، فقطعه، هذا استنباط حسن لا يعقله إلا العلماء، فدل على علمه، وحلمه، وحسن خلقه، فإنه لم يقابل السائل على جفائه، وعدل إلى العلم. توفي يوم الجمعة بعد الصلاة لعشر بقين من شوال سنة ثلاث وستين وثلثمائه، روي عنه أنه قال: أنا عندكم إلى يوم الجمعة وذلك في علته، فقيل له: يعافيك الله، أو كلامًا هذا معناه، فقال: سمعت أبا بكر الخلال يقول: سمعت أبا بكر المروزي يقول: عاش أحمد بن حنبل ثمانيًا وسبعين سنة ومات يوم الجمعة ودفن بعد الصلاة، وعاش أبو بكر المروزي، ثمانيًا وسبعين سنة ومات يوم الجمعة ودفن بعد الصلاة، وعاش أبو بكر الخلال ثمانيًا وسبعين سنة، ومات يوم الجمعة، ودفن بعد الصلاة، وأنا عندكم إلى يوم الجمعة، ولي ثمان وسبعون سنة، فلما كان

_ 1 سورة الزمر: الآية "33". 2 سورة الزمر: الآية "34- 35".

يوم الجمعة، مات، ودفن بعد الصلة -رحمه الله- وكان يومًا عظيمًا لكثرة الجمع رحمه الله.

إبراهيم بن أحمد بن شاقلا

إبراهيم بن أحمد بن شاقلا 1 إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا، أبو إسحاق البزاز، جليل القدر، كثير الرواية حسن الكلام في الأصول والفروع. سمع من أبي بكر الشافعي، وأبي بكر أحمد بن آدم الوراق، ودعلج، وعبد العزيز بن محمد اللؤلؤي، وابن مالك، وابن الصواف وأبي عبد الله الحسين بن علي بن محمد المخرمي. روى عنه، أبو حفص العكبري، وأحمد بن عثمان، وعبد العزيز غلام الزجاج، وكانت له حلقتان، إحداهما بجامع المنصورن والأخرى بجامع القصر، وحج سنة تسع وأربعين، ومات سنة تسع وستين وثلاثمائة -سلخ جمادى الأخرى، وقيل: مستهل رجب، وكان سنة يوم مات، أربعًا وخمسين سنة، وغسله أبو الحسن التميمي وكان له ابنان علي وحسن. وشاقلا -بالشين المعجمة والقاف الساكنة بعد الألف وآخره ألف ساكنة- هكذا قيدناه عن بعض شيوخنا، وكذا سمعته من غير واحد منهم، والله أعلم.

_ 1 ترجمته في: "طبقات الحنابلة" "2/ 128-139" و"سير أعلام النبلاء" "16/ 292" و"المنهج الأحمد": "2/ 283-286" و"شذرات الذهب": "4/ 373".

عبد العزيز التميمي

عبد العزيز التَّميمي عبد العزيز بن الحارث بن أسد، أبو الحسن التميمي1. حدث عن أبي بكر النيسابوري، ونفطويه، والقاضي المحاملي وغيرهم، وصحب أبا القاسم الخرقي وأبا بكر عبد العزيز. وصنف في الفروع والأصول، والفرائض. صحبه القاضيان أبو علي بن أبي موسى، وأبو الحسين بن هرمز. وكان له أولاد، أبو الفضل، وأبو الفرج وغيرهما. وقيل: إنه حج ثلاثًا وعشرين حجة. ومولده سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وتوفي في ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة رضي الله عنه وأرضاه.

_ 1 ترجمته في "تاريخ بغداد" "10/ 461" و"الأعلام" "4/ 16".

عبيد الله المعروف ابن بطه

عبيد الله المعروف ابن بطَّه 1 عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان، بن عيسى بن عمر بن عيسى بن إبراهيم، بن سعد بن عتبة بن فرقد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو عبد الله العكبري، المعروف بابن بطه. سمع أبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وإسماعيل بن العباس الوراق وأبا بكر النيسابوري، وأبا طالب أحمد بن نصر الحافظ، ومحمد بن محمود بن السراج ومحمد بن مخلد العطار، ومحمد بن ثابت

_ 1 ترجمته وأخباره في: "المنهج الأحمد": "2/ 291-298" و"شذرات الذهب": "4/ 463"، و"سير أعلام النبلاء": "6/ 529" و"الإعلام بوفيات الأعلام" صفحة: "164".

العُكْبَري، وأبا القاسم الخرقي، وأبا بكر عبد العزيز وغيرهم من الغرباء، فإنه سافر الكثير إلى مكة والثغور، والبصرة وغير ذلك من البلاد. صحبه جماعة من مشايخ المذهب، أبو حفص والعبكري، والبرمكي، وأبو عبد الله بن حامد، وابن شهاب، وأبو اسحاق البرمكي في آخرين. ولما رجع ابن بطة من الرحلة لازم بيته أربعين سنة، فلم ير في سوق، ولا رؤي مفطرًا إلا في يوم الفطر والأضحى وأيام التشريق. قال الحافظ أبو بكر الخطيب: حدثني عبد الواحد بن علي العكبري، قال: لم أر في شيوخ أصحاب الحديث ولا في غيرهم، أحسن هيئة من ابن بطة، وكان أمارًا بالمعروف، لم يبلغه منكر إلا غيره. وعن علي بن شهاب قال: سمعت أبا عبد الله بن بطة يقول: أستعمل عند منامي أربعين حديثًا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروي أنه كان وصف له ترك العشاء فكان يجعل عشاءه قل الفجر بيسير، ولا ينام حتى يصبح. وكان عالمًا بمنازل الشمس والقمر. ومن مصنفاته كتاب "الإبانة الكبير"، و"الإبانة الصغير" و"السنن" و"المناسك" و"الإمام ضامن" و"الإنكار على من قص بكتب الصحف الأولى"، و"الإنكار على من أخذ القراءات من الصحف" و"النهي عن صلاة النافلة بعد العصر وبعد الفجر"، و"تحريم النميمة" و"صلاة الجماعة" و"منع الخروج من المسجد بعد الأذان والإقامة لغير حاجة"، و"إيجاب الصداق بالخلوة" و"فضل المؤمن" و"الرد على من قال: الطلاق الثلاث لا يقع" و"ذم البخل" و"تحريم الخمر" و"ذم الغناء والاستماع إليه" و"التفرد والعزلة" وغير ذلك وقيل: إنها تزيد على مئة مصنف.

قال القاضي أبو الحسين بن القاضي أبي يعلى: وجدت بخط أبي قال: اجتاز الشيخ أبو عبد الله بن بطة بالأحنف العكبري، فقام له، فشق ذلك عليه فأنشأ يقول: "من الخفيف" لا تلمني عل القيام فحقي ... حين تبدو أن لا أمل القياما أنت من أكرم البرية عندي ... ومن لحق أن أجل الكراما فقال ابن بطة لابن شهاب: تكلف له جواب هذه فقال: "من الخفيف" أنت إن كنت لاعدمتك ترعى ... لي حقا وتظهر الإعظاما فلك الفضل في التقدم والعلم ... ولسنا نحب منك احتشاما فاعفني الآن من قيامك أو لا ... فسأجزيك بالقيام قياما وأنا كاره لذلك جدًّا ... إن فيه تملقًا وأثامًا لا تكلف أخاك أن يتلقا ... ك بما يستحل فيه الحراما وإذا صحت الضمائر منا ... اكتفينا أن نتعب الأجساما كلنا واثق بود أخيه ... ففيم انزعاجنا وعلى ما توفي أبو عبد الله بن بطة، رحمه الله، يوم عاشوراء سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ورثاه تلميذه، أبو علي الحسن بن شهاب العكبري فقال: "من الكامل" هيهات ليس إلى السلو سبيل ... فليكفينك تفجع وعويل موت ابن بطة ثلمة لا يرتجى ... لمسدها شكل له وعديل فمضى فقيدًا ما له خلف ولا ... منه وإن طال الزمان عديل أما المحاسن بعده فدوارس ... والعلم ربع مقفر وطلول أما القبور فإنهن أوانس ... بحلوله وعلى الديار تحول من للخصوم اللد إن هم شغبوا ... وعناهم التمويه والتأويل من للقران وكشف مشكل آيه ... حتى يقوم عليه منك دليل

من للحديث وحفظه برواية ... منقولة إسنادها منقول يا ليت شعري عن لسان كان كالسيـ ... ف الصقيل وليس منه فلول مات الذي آثاره وعلومه ... مدروسة مسطورها منقول الشيخ مات أم البسيطة زلزلت ... أم صار في البدر المنير أفول من للفرائض في عويص حسابها ... في الجد أو في الرد حيث تعول من للشروط وحفظ حكم فروعها ... إذ حكمت قبل الفروع أصول من فعله الثبت السديد موافق ... للقول منه حيث صار يقول هيهات أن يأتي الزمان بمثله ... إن الزمان بمثله لبخيل الله حسبي بعده وهو الذي ... في كل ما أرجوه منه وكيل وبَطَّةُ "بفتح الباء والطاء المشددة": وأما بُطَّةُ "بضم الباء" فأبو علي الحسن بن بطة بن سعيد بن عبد الله الزعفراني. وأبو عبد الله محمد بن يحيى، بن مندة بن الوليد بن سيده بن بطة، بن استندار وذريته وأحمد بن بطة الأصبهاني، وولده أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة.

الحسن بن عبد الله أبو علي النجاد

الحَسَنُ بن عبد الله أبو علي النَّجَّاد 1 الحسن بن عبد الله أبو علي النجاد، كان فقيهًا معظمًا، إمامًا في أصول الدين وفروعه، صحب من شيوخ المذهب: أبا الحسن بن بشار، وأبا محمد البربهاري، ومن في طبقتهما، وصحبه جماعة: أبو حفص البرمكي العكبري، وأبو الحسن الخرزي، وابن حامد وغيرهم رضي الله عنهم.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "شذرات الذهب": "40/ 319" وفيه: "الحسين بن عبد الله" وطبقات الحنابلة: "2/ 140-142" وفيه: "الحسين بن عبد الله أيضًا" والوافي بالوفيات: "12/ 73" وفيه وفي "المقصد الأرشد": "الحسن بن عبد الله".

عمر بن إبراهيم العكبري

عمر بن إبراهيم العُكْبَري 1 عمر بن إبراهيم بن عبد الله أبو حفص العكبري، يعرف بابن المسلم. كان له في المذهب المعرفة العالية، له التصانيف السائرة "المقنع" و"شرح الخرقي" و"الخلاف بين الإمامين" أحمد ومالك وغير ذلك من المصنفات. سمع من أبي علي بن الصواف وأبي بكر النجاد، وأبي محمد بن ماسي، وأبي عمرو بن السماك، ودعلج بن أحمد، ورحل إلى الكوفة والبصرة وغيرهما من البلدان، وسمع من شيوخهما، وصحب عمر بن بدر المغازلي وأبا بكر عبد العزيز، وأبا إسحاق بن شاقلا وأكثر ملازة ابن بطة. له الاختيارات في المسائل المشكلات منها: أن كل سنة سنها رسول الله صلى اله عليه وسلم بأمر الله تعالى ويحتج على ذلك بعموم قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} 2 واختيار ابن بطة والقاضي أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الاجتهاد في أمر الشرع، واحتجا على ذلك بعموم قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} 2 وبمعاتبة الله تبارك وتعالى له في أسارى بدر، وفي إذنه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك للمتخلفين بالعذر حتى تخلف من لا عذر له فقال تعالى:

_ 1 ترجمته وأخباره في: "المنهج الأحمد": "2/ 300-304" و"طبقات الحنابلة": "2/ 163-166" و"مناقب الإمام أحمد" صفحة: "625" و"الوافي بالوافيات": "22/ 410" و"المقصد الأرشد": "2/ 291-292". 2 سورة النجم: الآية "3". 3 سورة آل عمران: الآية "159".

{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} 1 الآية. قال أبو حفص: المواضع التي يستحب تخفيف الركعتين فيها، ركعتا الفجر، وافتتاح قيام الليل، والطواف، وتحية المسجد، والركعتان والإمام يخطب، فتلك خمسة مواضع، توفي رحمه الله، يوم الخميس ضحوة لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، فهذا أبو حفص صاحب العبارات والأقوال.

_ 1 سورة التوبة: الآية "43".

أبو حفص العكبري

أبو حفص العُكْبَرِي 1 ومن أصحابنا أبو حفص العكبري أيضًا. وهو عمر بن محمد بن رجاء، حدث عن عبد الله بن أحمد وغيره، وكان رجلًا صالحًا شديدًا في السنة، لا يكلم من يكلم رافضيًّا إلى عشرة، روى عنه جماعة، منهم ابن بطة. توفي سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة. والعكبري: منسوب إلى عكبرا، وهي بليدة على نحو عشرة فراسخ من بغداد "بضم أوله وإسكان ثانيه وفتح ثالثه مقصورًا".

_ 1 ترجمته وأخباره في: "تاريخ بغداد": "11/ 239" و"طبقات الحنابلة": 2/ 56 و"مناقب الإمام أحمد" صفحة: 620 و"المقصد الأرشد": 2/ 306 و"المنهج الأحمد": 2/ 247.

أبو حفص البرمكي

أبو حفص البرمكي 1 ومن أصحابنا أيضًا أبو حفص البرمكي.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "تاريخ بغداد": "11/ 268" "وطبقات الحنابلة": "2/ 153-155" والمنهج الأحمد: "2/ 298" وفيه مصادر ترجمته.

وهو عمر بن أحمد بن إبراهيم، كان من الفقهاء الأعيان، النُّسَّاك، الزهاد، ذو الفتيا الواسعة والتصانيف النافعة، حدث عن: ابن مالك، وابن الصواف، والخطبي في آخرين، صحب: النجاد، وأبا بكر عبد العزيز وعمر بن بدر المغازلي. توفي في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، ودفن بمقبرة الإمام أحمد رضي الله عنه.

الحسن بن حامد

الحسن بن حامد 1 الحسن بن حامد بن علي بن مروان، أبو عبد الله البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه ومدرسهم ومفتيهم. له المصنفات في العلوم المختلفات، له "الجامع" في المذهب نحو من أربعمائة جزء، وله شرح "الخرقي" وشرح "أصول الدين" و"أصول الفقه". سمع أبا بكر بن مالك، وأبا بكر الشافعي، وأبا بكر النجاد، وأبا علي بن الصواف، وأحمد بن سلم الحلي. ومن أصحابه: القاضي أبو يعلى، وأبو إسحاق، وأبو العباس البرمكيان وأبو طاهر بن القطان، وأبو عبد الله بن الفقاعي، وأبو عبد الله المزرقي، وأبو طالب بن العشاوي وأبو بكر بن الخياط. وله المقام المشهود في الأيام القادرية، ناظر أبا حامد الإسفراييني في

_ 1 ترجمته وأخباره في: "تاريخ بغداد": 7/ 303 و"طبقات الحنابلة": 2/ 169-171 والمنتظم: 7/ 258 و"العبر": 3/ 163 و"المقصد الأرشد": 2/ 199-200 والمنهج الأحمد: 2/ 314-319 و"شذرات الذهب": "5/ 17".

وجوب الصيام ليلة الإغمام في دار الإمام القادر بالله، بحيث يسمع الخليفة الكلام فخرجت الجائزة السنية له من أمير المؤمنين، فردها مع حاجته إلى بعضها فضلًا عن جميعها تعففًا وتنزهًا. روي أنه كان يبتدئ في مجلسه بإقرار القرآن، ثم بالتدريس ثم ينسخ بيده ويقتات من أجرته، فسمي الوراق لأجل ذلك، وأنه كان في كثير من أوقاته، إذا اشتهت نفسه الباقلاء، لم يأكل معه دنا، وإذا كان دهن لم يجمع بينه وبين الباقلاء، وكان رحمه الله كثير الحج فعوتب في ذلك لكبر سنه، فقال: لعل الدرهم الزيف، يخرج مع الدراهم الجيدة. حكى أن إنسانًا جاءه بقليل ماء وهو مستند إلى حجر وقد أشرف على التلف، فأومأ إلى الجائي له بالماء، من أين هو؟ وايش وجهه؟ فقال له: هذا وقته؟ فأومأ إليه: أن نعم هذا وقته، عند لقاء الله تعالى أحتاج أن أدري ما وجهه؟ أو كما قال. وتوفي راجعًا من مكة بقرب وَاقِصَةَ1 سنة ثلاث وأربعمائة، رحمه الله.

_ 1 واقصة: منزل بطريق مكة بعد القرعاء نحو مكة وقبل العقبة. انظر "معجم البلدان": "5/ 353".

محمد بن أحمد الهاشمي

محمد بن أحمد الهاشمي 1 محمد بن أحمد بن أبي موسى أبو علي الهاشمي القاضي، ذكره في آخر باب طريق الحكم وصفته كان رحمه الله عالي القدر، سامي الذكر، له القدم العالي، والحظ الوافي عند الإمامين القادر بالله، والقائم بأمر الله.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "المنهج الأحمد": 2/ 336-341 و"تاريخ بغداد": 1/ 534 و"طبقات الحنابلة": 2/ 182 و"المنتظم": 8/ 93 و"شذرات الذهب": 5/ 138.

سمع الحديث من جماعة منهم، محمد بن المظفر في آخرين. صنف "الإرشاد" في المذهب. وكانت له حلقة بجامع المنصور يفتي ويشهد، صحب أبا الحسن التميمي وغيره من شيوخ المذهب، ولي قضاء الكوفة مرتين، ولاه القادر بالله. روي عن رزق الله، قال: زرت قبر الإمام أحمد صحبه القاضي الشريف أبي علي، فرأيته يقبل رجل القبر، فقلت له: في هذا أثر؟ فقال لي أحمد، في نفسي شيء عظيم، وما أظن أن الله يؤاخذني بهذا، أو كما قال. ولد في ذي القعدة سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وتوفي في ربيع الآخر، سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، ودفن بقرب الإمام أحمد رحمه الله.

محمد بن الحسين الفراء

محمد بن الحسين الفرَّاء 1 محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء، وهو القاضي السعيد الإمام أبو يعلى، قال ولده القاضي أبو الحسين: في كتاب "الطبقات" الذي أخبرنا به2 الإمام الزاهد أبو محمد عبد الرحمن بن 3 يوسف بن محمد قراءة عليه: أخبركم الفقيه أبو محمد عبد الرحمن بن

_ 1 ترجمته وأخباره في: "المنهج الأحمد": 2/ 354 و"تاريخ بغداد": 2/ 256 و"طبقات الحنابلة": 2/ 193 و"المنتظم": 8/ 243 وشذرات الذهب: 5/ 252. 2 كذا في "ط" وفي "ش": الذي أصابه. 3 ما بين الرقيمن سقط من "ش" والمثبت من "ط".

إبراهيم بن أحمد المقدسي، أخبرنا عبد المغيث بن زهير الحربي، أخبرنا القاضي أبو الحسن رحمه الله فقال: الوالد السعيد أبو يعلى كان عالم زمانه، وفريد عصره، ونسيج وحده وقريع دهره، وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدين والدنيا المحل السامي، والحظ الرفيع عند الإمامين: القادر، والقائم، وأصحاب أحمد رحمه الله له يتبعون ولتصانيفه يدرسون ودرسون، وبقوله يفتون، والفقهاء على اختلاف مذاهبهم وأصولهم كانوا عنده يجتمعون، ولمقاله يسمعون ويطيعون وبه ينتفعون وبالائتمام به يقتدون. وقد شوهد له من الحال ما يغني من المقال، لا سيما مذهب إمامنا أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل واختلاف الروايات عنه، وما صح لديه منه مع معرفته بالقرآن وعلومه والحديث والفتاوى والجدل، وغير ذلك من العلوم مع الزهد والورع والعفة والقناعة، وانقطاعه عند الدنيا وأهلها واشتغاله بسطر العلم وبثه، وإذاعته ونشره. وكان والده أبو عبد الله، أحد شهود الحضرة بمدينة السلام وصحب ابن حامد إلى أن توفي ابن حامد سنة ثلاث وأربعمائة وتفقه عليه وبرع في ذلك. ولد-يعني القاضي أبا يعلى- لتسع وعشرين أو ثمان وعشرين ليلة خلت من المحرم سنة ثمانين وثلاثمائة، وتوفي ليلة الاثنين بين العشاءين، تاسعة عشر رمضان وصلى عليه أخي أبو القاسم يوم الاثنين بجامع المنصور ودفن في مقبرة الإمام أحمد رضي الله عنه.

محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني

محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني 1 محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني من أهل باب الأزج، وكلوذا، من نواحي بغداد يلقب، بنجم الهدى، وهو الإمام البارع، ذو التصانيف المفيدة منها "الهداية" وكتاب "الانتصار" و"رؤوس المسائل" و"التهذيب" في الفرائض وغير ذلك. وله الشعر الحسن منه قصيدته في معاتبة النفس، قال الحافظ أبو الفضل بن ناصر السلامي، وبكى حين أنشدها حتى حن، وأولوها: "من الكامل" يا نَفْسُ لَيْسَ بليتي إلَّاكِ ... لولاكِ كُنْتُ مُهَذَّبًا لَوْلَاكِ وهي خمسة وعشرون بيتًا، وهو من جلة أصحاب القاضي ابن الفراء وأعيانهم. مولده ثاني شوال سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتوفي سحرة يوم الخميس ودفن يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة عشر وخمسمائة. سمع الحديث من الحسن بن علي الجوهري، وأبي طالب، محمد بن علي بن أبي الفتح العشاري، والقاضي أبي يعلى رضي الله عنهم.

_ 1 ترجمته وأخباره في: "المنهج الأحمد": 3/ 57 وطبقات الحنابلة: 2/ 258 والأنساب: 10/ 461 و"المنتظم": 9/ 190 و"سير أعلام النبلاء": 190/ 348 "وشذرات الذهب": 6/ 45 و"التاج المكل" صفحة: 192.

علي بن عقيل

علي بن عَقيل 1 علي بن عقيل بن محمد بن عقيل "بفتح العين فيهما" البغدادي، انتهت إليه الرئاسة في الأصول والفروع، وله الخاطر العاطر، والفهم الثاقب، واللباقة، والفطنة البغدادية، والتبريز في المناظرة على الأقران، والتصانيف الكبار، ومن طالع مصنفاته أو قرأ شيئًا من خواطره وواقعاته في كتابه المسمى بـ" الفنون" وهو مئتا مجلد2، وعرف مقدار الرجل. سمع أبا بكر بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا، وأبا محمد الجوهري، والقاضي أبا يعلى وغيرهم مولده سنة ثلاثين وأربعمائة، وتوفي سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. له مؤلفات كثيرة في أصول الدين والفقه والفروع منها "الكفاية" في أصول الدين و"الواضح" في أصول الفقه، ثلاث مجلدات و"كفاية

_ 1 ترجمته وأخباره في: "طبقات الحنابلة": 2/ 259 و"المنتظم": 9/ 212 و"الكامل لابن الأثير": 10/ 561 وسير أعلام النبلاء: 19/ 443 والعبر: 4/ 29 و"شذرات الذهب": 6/ 58 و"المنهج الأحمد: 3/ 78-100. 2 وقال ابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب" بتحقيقي: 6/ 62: "وقال الحافظ الذهبي في "تاريخه": لم يصنف في الدنيا أكبر من هذا الكتاب، حدثني من رأى منه المجلد الفلاني بعد الربع مئة. وقال بعضهم: هو ثمان مئة مجلد". قلت: وقد نشر الأستاذ جورج مقدسي الجزء الأول والجزء الثاني منه عن بعض النسخ التي عثر عليها في أوروبة، واستخرج الأستاذ كامل الخراط بعض فوائدهما في جزء صغير طبع في بيروت. والكتاب بتماتمه جدير بالتحقيق والنشر والفهرسة على أيدي مجموعة من الخبراء.

المغني" في الفقه، سبع مجلدات كبار، وكتاب "التذكرة" و"رؤوس المسائل"، و"الإرشاد" في أصول الدين وغير ذلك. نشأ ببغداد ومات بها رضي الله عنه، ودفن بمقبرة الإمام أحمد رحمه الله.

مؤلف الكتاب المقنع

مؤلف الكتاب المقنع هو الإمام العلامة الرباني المتفق على إمامته وديانته وسيادته وورعه، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، ولد بقرية جماعيل "بفتح الجيم وتشديد الميم" من جبل نابلس من الأرض المقدسة في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. اشتغل من صغره بالقرآن العزيز والفقه، وقرأ على الشيخ أبي الفتح بن المني بقراءة أبي عمرو بن العلاء، وعلى أبي الحسن علي البطائحي بقراءة نافع. سمع الحديث الكثير بمكة وبغداد والموصل ودمشق وروى كثيرًا من مسموعاته، وسمع من خلق كثير يطول ذكرهم، منهم، الإمام العارف أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وأبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان1، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن النقور وأبو المعاني أحمد بن عبد الغني بن حنيفة الباجسرائي، والإمم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب، ووالده أبو العباس أحمد. رحل في طلب العلم إلى بغداد وهو شاب في سنة إحدى وستين وخمسمائة فأقام نحوًا من أربع سنين ثم رجع، وقد حصل الفقه والحديث

_ 1 كذا في "ط" وفي "ش": "ابن سلمان" وهو خطأ. وانظر من "شذرات الذهب": 6/ 354.

والخِلَاف، ثم سافر ثانية، فأقام سنة، ثم رجع، ثم حج سنة ثلاث وسبعين، ومضى على طريق العراق ودخل بغداد وأقام ثالثة واشتغل، فقيل: إنه في هذه السفرة، كرر على مئة مسألة من الخلاف، ثم رجع واشتغل بالإشغال والتصنيف. فمن تصانيفه: كتاب "البرهان" وجزء في "الأعتقاد" وكتاب "العلو" وكتاب "ذم التأويل" وكتاب "القدر" ومن الحديث كتاب "المتحابين" وكتاب "التوابين"1 وكتاب "الرِّقة" وكتاب "فضائل الصحابة" وأجزاء جمعها، وله كتاب "التبيين في أنساب القرشيين" وكتاب "الاستنصار في أنساب الأنصار" وصنف في الفقه كتاب "المغني" في سبع مجلدات بخطه2، وكتاب "الكافي" مجلدان، وكتاب "المقنع" مجلد3، وكتاب "العمدة" مجلد لطليف و"مختصر الهداية" مجلد، وله كتاب "الروضة" في أصول الفقه وكتاب "قنعة الأريب في تفسير الغريب" ومقدمتان في الفرائض وغير ذلك. كان -رحمه الله- إمامًا في الفقه والخلاف والفرائض والجبر والحساب، والنحو، والنجوم السيارة له فيها نظم حسن، وكان شديد الحلم والتواضع، حسن الأخلاق والشيم، ذا رأي ومعرفة قليل الاهتمام بالدنيا، مفوضًا أموره إلى الله تعالى، كثير التعبد حسنه، ذا كرامات

_ 1 وقد قام بتحقيقه والدي العلَّامة الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، ونشرته مكتبة دار البيان بدمشق، ثم دار الكتب العلمية ببيروت. وقمت باختصاره بالاشتراك مع الأستاد حسن إسماعيل مروة، ونشرت المختصر دار الخير بدمشق. 2 وهو من خيرة كتب الفقه الحنبلي، وقد نشر عدة مرات أفضلها التي صدرت بتحقيق الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، والأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو رحمه الله. 3 وقد حققناه والحمد لله وتولت نشره الدار الناشرة لهذا الكتاب.

ظاهرة، فلذلك نفع الله تعالى الخلق به في حياته، واتصل النفع به بعد موته بتصانيفه، بحيث لا يكاد يستغني عنها أحد من أهل مذهبه، وله شعر حسن. توفي رحمه الله تعالى، يوم السبت، وهو يوم عيد الفطر بدمشق، ودفن يوم الأحد من سنة عشرين وستمائة بجبل قاسيون تحت المغارة المعروفة بمغارة "توبة"، وكان الخلق لا يحصي عددهم إلا الله، وقبره مشهور يزار رضي الله عنه.

الحجاج

الحجَّاج 1 ذكر في كتاب الأيمان. وهو الحجَّاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود، بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب، من الأحلاف، يكنى أبا محمد، كان أخفش رقيق الصوت وأول ولاية وليها تبالة "بفتح التاء"، ثم ولاه عبد الملك بن مروان قال ابن الزبير، فحاصره وقتله، وأخرجه فصلبه، فولاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين ثم ولاه العراق، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فوليها عشرين سنة، فذلل أهلها، وروى ابن قتيبة عن عمر أنه قال: يا أهل الشام تجهزوا لأهل العراق، فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ، اللهم عجل لهم الغلام الثقفي، الذي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم، مات بواسط، ودفن بها وعفي قبره وأجري عليه الماء، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين، رضي الله عن المسلمين.

_ 1 ترجمته وأبخاره في: "شذرات الذهب": "1/ 377" و"مختصر تاريخ دمشق" لابن منظور: "6/ 200" و "تاريخ خليفة بن خياط": "1/ 409" و "سير أعلام النبلاء": "4/ 343".

آمنة

آمنة 1 آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم، ذكرها في آخر باب القذف عند قوله، ومن قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم. وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهره بن كلاب بن مرة، بن كعب بن لؤي بن غالب، تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة، توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أربع سنين، وقيل: وهو ابن ست سنين قال ابن قتيبة: ولم يكن لآمنة أخ فيكون خالًا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن بنو زهرة كانوا يقولون، نحن أخوال النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن آمنة منهم.

_ 1 ترجمتها في "تهذيب السماء واللغات" 1/ 22 و"الدر المنثور في ربات الخدور" ص 16 و"الأعلام" 1/ 26.

تغلب

تغلب 1 تغلب ذكره في أحكام الذمة، وهو علم منقول من تغلب مضارع غلبت، ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، وبنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار، انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية، فدعاهم عمر رضي الله عنه إلى بذل الجزية، فأبوا، وأنفوا وقالوا نحن عرب، خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر رضي الله عنه لا آخذ من مشرك صدقة، فلحق بعضهم بالروم فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين، إن القو لهم بأس وشدة، وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم، خذ منهم الجزية باسم الصدقة فبعث عمر في طلبهم فردهم وضعف عليهم عن الإبل من كل خمس شاتين، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين، ومن كل عشرين دينارًا دينارًا، ومن كل مئتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقي بنضح أو دولاب العشر، ولم يخالف عمر، فصار إجماعًا.

_ 1 انظر "الأعلام" 2/ 85.

هاشم

هاشم 1 هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم، والد عبد المطلب واسمه عمرو، وسمي هاشمًا؛ لأنه هشم الثريد لقومه، وفيد يقول الشاعر: "من الكامل" عمروُ الذي هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ... ورجال مكة مسنتون عجافُ

_ 1 انظر: "الأعلام": "7/ 66".

المطلب

المطَّلب 1 المطلب: ذكره في الزكاة، وهو المطلب بن عبد مناف بن قصي عم عبد المطلب، جد النبي صلى الله عليه وسلم، وله ثلاثة إخوة، هاشم جد أبي النبي صلى الله عليه وسلم ونوفل، وعبد شمس، أمهم عاتكة بنت مرة، ونوفل بن عبد مناف أمه واقدة بنت عمرو المازنية، فبنو المطلب يصرف إليهم من خمس الخمس قولًا واحدًا وفي الزكاة روايتان، وبنو هاشم لا تحل لهم الزكاة قولًا واحدًا، وتحل لهم خمس الخمس قولًا واحدًا وبنو نوفل وعبد شمس تحل لهم الزكاة قولًا واحدًا ولا يصرف إليهم من خمس الخمس قولًا واحدًا، والله أعلم.

_ 1 انظر: "الأعلام": "8/ 252".

شيبة

شَيْبَة 1 شيبة ذكر في دخول مكة في قوله: باب بني شيبة، فشيبة هو ابن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي، هاجر أبوه عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الهدنة، ودفع إليه مفتاح الكعبة وقال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة، كذا ذكر ابن منده، وذكر الأزرقي: أن باب بني شيبة هو باب بني عبد شمس بن عبد مناف، وبهم كان يعرف في الجاهلية والإسلام، عند أهل مكة، فيه اسطوانتان، وعليه ثلاث طاقات. فهذا آخر ما تهيأ جمعه في شرح ألفاظ "المقنع" وأعلامه. الحمد لله وحده أبدًا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، وحسبنا الله ونعم الوكيل. وفرغ من كتابته العبد محمد بن عيسى بن عبد الله بن سليمان البعلي الحنبلي، غفر الله له ولوالديه ولمؤلف الكتاب ولمالكه ولجميع المسلمين.

_ 1 انظر: "الأعلام": "3/ 681".

خاتمة الكتاب والتحقيق

خاتمة الكتاب والتحقيق ... خاتمة التحقيق كان الفراغ من تحقيقه وتدقيقه وتصحيح تجارب طبعه بدمشق الشام، في العاشر من شهر رجب المعظم لعام 1423هـ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. المحققان

مصادر ومراجع التحقيق

مصادر ومراجع التحقيق "أ" 1 الأحكام السلطانية، للماوردي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة. 2 الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين، لابن عساكر، تحقيق الدكتور محمد مطيع الحافظ، دار الفكر، دمشق. 3 أساس البلاغة، للزمخشري، بيروت. 4 الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة. 5 أسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير الجزري، طبعة كتاب الشعب، القاهرة. 6 الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني، دار صادر، بيروت. 7 إصلاح المنطق، لابن السكيت، دار المعارف القاهرة. 8 الأضداد، للأنباري، وزارة الأعلام، الكويت. 9 الأعلام، للزركلي1، دار العلم للملايين، بيروت. 10 الإعلام بوفيات الأعلام، للذهبي، تحقيق رياض عبد الحميد مراد وعبد الجبار زكار، دار الفكر، دمشق.

_ 1انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص "139-141" تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

11 إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين، لابن طولون الدمشقي، تحقيق محمود الأرناؤوط، مراجعة الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت. 12 الأغاني، لأبي الفرج الأصبهاني، دار الكتب المصرية، القاهرة. 13 الأمالي، لأبي علي القالي، بيروت. 14 إملاء ما من به الرحمن، للعكبري، القاهرة. 15 إنباه الرواة على أبناء النحاة، للقفطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم1، مطبعة دار الكتب المصرية القاهرة "1369" هـ. 16 الإنصاف في مسائل الخلاف، للأنباري، تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد2، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة. 17 أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية، القاهرة. 18 إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، لإسماعيل باشا البغدادي، طبع دار الكتب العلمية، ببيروت. "ب" 19 البحر المحيط، لأبي حيان، بيروت. 20 البداية والنهاية، لابن كثير الدمشقي، مكتبة المعارف، بيروت "1358" هـ. 21 البداية والنهاية، لابن كثير الدمشقي، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، وزارة الشؤون الإسلامية، المملكة العربية السعودية.

_ 1 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص "155-157" تأليف محمود الأرناؤوط، مكتبة دار العروبة بالكويت. 2 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص "133- 135" تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

22 بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، للسيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا. "ت" 23 تاريخ الأدب العربي، لبروكلمان1، دار المعارف، القاهرة. 24 تاريخ أصبهان، لأبي نعيم الأصبهاني، ليدن 1351هـ. 25 تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، مصورة دار الكتب العلمية، بيروت. 26 تاريخ الخلفاء، للسيوطي، تحقيق إبراهيم صالح، دار صادر بيروت. 27 تاريخ خليفة بن خياط، تحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري، دار القلم، دمشق. 28 تاريخ الرسل والملوك، للطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة. 29 تاج العروس من جواهر القاموس، للزبيدي، تحقيق مجموعة من المحققين، وزارة الإعلام بالكويت. 30 التاريخ الكبير، للبخاري، دار الكتب العلمية، بيروت. 31 تاريخ ابن معين، تحقيق الدكتور أحمد محمد نور سيف، جامعة أم القرى، مكة المكرمة. 32 التاج المكلل، لصديق حسن خان، الدار القيمة، الهند. 33 تجريد أسماء الصحابة، للذهبي، دار المعرفة، بيروت. 34 تحرير التنبيه، للنووي، دار القلم، دمشق. 35 تذكرة الحفاظ، للذهبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

_ 1 انظر أعلام التراث في العصر الحديث" ص "93- 94" تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

36 التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، للقرطبي، تحقيق الدكتور أحمد حجازي السقا، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة. 37 الترغيب والترهيب، للمنذري، تحقيق، محيي الدين مستو، سمير العطار يوسف البديوي، دار ابن كثير، دمشق. 38 تفسير غريب القرآن، لابن قتيبة، بيروت. 39 تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، دار الكتب العلمية، بيروت. 40 تلقيح فهوم أهل الأثر، لابن الجوزي، مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة. 41 تهذيب الأسماء واللغات، للنووي، القاهرة. 42 تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، بيروت. "ج" 43 جامع الأصول في أحاديث الرسول، لابن الأثير الجزري: أ "1-11" تحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة الحلواني، مطبعة السلاح. مكتبة دار البيان، دمشق 1389-1393هـ. ب "12-15" تحقيق محمود الأرناؤوط، رياض عبد الحميد مراد، محمد أديب الجادر، بإشراف الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، دار ابن الأثير بيروت. 1412هـ. 44 جامع الدروس العربية، للغلاييني، بيروت. 45 الجمل، للزجاجي، بعناية الدكتور محمد بن أبي شنب1، الجزائر. 46 الجمل في النحو، للزجاجي، القاهرة.

_ 1 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص 43-45 تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

47 جمهرة أنساب العرب، لابن حزم الأندلسي، تحقيق عبد السلام هارون1، دار المعارف القاهرة. 48 جمهرة النسب، لابن الكلبي، عالم الكتب، بيروت. "ح" 49 حاشية الجمل على الجلالين، القاهرة. 50 حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم الأصبهاني، طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1405هـ. "خ" 51 خزانة الأدب، للبغدادي، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة. "د" 52 در السحابة، للشوكاني، تحقيق الدكتور حسين عبد الله العمري، دار الفكر دمشق. 53 الدر المنثور في ربات الخدور، تأليف زينب بنت فواز2، بيروت. 54 الدعوة التامة، تأليف الدكتور مازن المبارك، مكتبة الغزالي، دمشق. 55 ديوان أبي تمام، دار المعارف، القاهرة.

_ 1 انظر ترجمته في "أعلام التراث، العصر الحديث" ص "169-171" تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت. 2 انظر ترجمتا في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص "32-34" تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

56 ديوان الأعشى، تحقيق محمد محمد حسين، دار الكتب المصرية القاهرة. 57 ديوان الحطيئة، دار المعارف القاهرة. 58 ديوان زهير بن أبي سلمى، دار المعارف، القاهرة. 59 ديوان الفرزدق، بيروت. 60 ديوان لبيد بن ربيعة العامري، دار صادر بيروت 1386هـ. "ر" 61 الرسالة القشيرية، طبعة مصرية قديمة. 62 رسوم التحديث في علوم الحديث، للجعبري، بعناية ياسين محمود الخطيب، دار البشائر، دمشق. "ز" 63 زاد المسير في علم التفسير، لابن الجوزي، المكتب الإسلامي، دمشق 1384-1388هـ. "س" 64 سنن أبي داود، تحقيق عزة عبيد الدعاس وعادل السيد، دار الحديث، حمص 1388هـ. 65 سنن ابن ماجه، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي1، المكتبة العلمية، بيروت.

_ 1 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص "155-157" تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

66 سنن الترمذي، تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر1، محمد فؤاد عبد الباقي، وزميلهما، المكتبة العلمية، بيروت. 67 سنن النسائي الصغرى، شرح السيوطي، وحاشية السندي، اعتنى به وصنع فهارسه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة2، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب 1409هـ. 68 سير أعلام النبلاء، للذهبي، تحقيق مجموعة من المحققين، بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت 1401-1405هـ. "ش" 69 شأن الدعاء، للخطابي، تحقيق أحمد يوسف الدقاق، دار المأمون للتراث، دمشق. 70 شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العمد الحنبلي، 1- 11 تحقيق محمود الأرناؤوط، بإشراف الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق - بيروت 1406-1414 هـ. 71 شرح أبيات مغني اللبيب، للبغدادي، تحقيق عبد العزيز رباح وأحمد يوسف الدقاق، دار المأمون للتراث، دمشق. 72 شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، القاهرة. 73 شرح صحيح مسلم، للنووي، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 74 شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة.

_ 1 انظر ترجمته في "اعلام التراث في العصر الحديث" ص "95-97" تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت. 2 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص "209-211" تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

75 الشعر والشعراء لابن قتيبة، تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، دار المعارف القاهرة. 76 شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، لتقي الدين الفاسي، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة. "ص" 77 الصحاح، للجوهري، تحقيق عبد الغفور العطار، دار الكتاب العربي، القاهرة 1377هـ. 78 صحيح البخاري: انظر فتح الباري. 79 صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث، بيروت. 80 صفة الصفوة، لابن الجوزي، بيروت. "ض" 81 الضعفاء الكبير، للعقيلي، تحقيق عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية بيروت. "ط" 82 طبقات لاحنابلة، لابن أبي يعلى، تحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، القاهرة. 83 طبقات خليفة، لابن خياط، تحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة.

84 طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي، تحقيق الدكتور محمود محمد الطناحي1، والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو2، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 85 الطبقات الكبرى، لابن سعد، دار صادر، بيروت. 86 طبقات المفسرين، للداودي، تحقيق الدكتور علي محمد عمر، مكتبة وهبة، القاهرة، وطبعة دار الكتب العلمية، بيروت. "ع" 87 العباب، للصاغاني، تحقيق مجموعة من الأساتذة، بغداد. 88 العبر في خبر من غبر، للذهبي، تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجدد، وفؤاد سيد3، وزارة الإعلام، الكويت 1404هـ. "ف" 89 فتح الباري بشرح صحيح البخاري4، لابن حجر العسقلاني، طبعة المكتبة السلفية، القاهرة، بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، وتعليق الشيخ عبد العزيز بن باز5.

_ 1 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص 225-227 تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت. 2 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص 195-197 تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت. 3 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص 107-108 تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت. 4 تنبيه: حيثما ورد اسم "صحيح البخاري" في الحواشي فالمقصود هذا الكتاب "فتح الباري بشرح صحيح البخاري "؛لأنه المعتمد لدى المشتغلين في تخريج الحديث النبوي في هذا العصر. 5 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص 228- 229 تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

90 فصل الخطاب بتفسير أم الكتاب، للورداري، تحقيق خليل مهتيش البوسنوي "رسالة ماجستير" بإشراف الدكتور حسام الدين فرفور، جامعة الدراسات الإسلامية، كراتشين الباكستان. "ق" 91 القاموس المحيط، للفيروز آبادي، طبعة مؤسسة الرسالة، بيروت. 92 القراءات العشر المتواترة، إعداد محمد كريم راجح وفهد خاروف، دمشق. "ك" 93 الكمل في التاريخ، لابن الأثير الجزري، دار صادر، بيروت. 94 كتاب التوابين، لموفق الدين قدامة المقدسي، تحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، دار الكتب العلمية، بيروت. 95 الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، للزمخشري، ضبطه مصطفى حسين أحمد، دار الكتاب العربي، بيروت 1407 هـ. 96 كشف الخفاء ومزيل الإلباس، عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، للعجلوني، بعناية أحمد قلاش، مؤسسة الرسالة بيروت 1408هـ. 97 كنز العمال، للمتقي الهندي، مؤسسة الرسالة، بيروت. "ل" 98 لسان العرب، لابن منظور، تحقيق جماعة من المحققين، دار المعارف، القاهرة.

"م" 99 مجمع الأمثال، للميداني، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب، القاهرة. 100 محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية، تأليف الشيخ محمد الخضري، بيروت. 101 المحبر، لابن حبيب، دار الآفاق، بيروت. 102 مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور، تحقيق مجموعة من الباحثين، دار الفكر، دمشق. 103 مختصر سنن أبي داود، للمنذري، بيروت. 104 مختصر المحاسن المجتمعة في الخلفاء الأربعة، للصفوري، اختصره وحققه محمد خير المقداد، راجعه وقدم له وعلق عليه محمود الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق. 105 مدارج السالكين، لابن قيم الجوزية، بيروت. 106 مرآة الجنان، لليافعي، دائرة المعارف الإسلامية، حيدر آباد 1337-1339هـ. 107 المسالك والممالك، لابن خرداذبه، مطبعة بريل، ليدن - هولندا. 108 المسند للإمام أحمد بن حنبل، مصورة المكتب الإسلامي، ودار صادر، بيروت. 109 المصباح المنير، للفيومي، دار الفكر، بيروت. 110 المعارف، لابن قتيبة، ثروت عكاشة، دار المعارف القاهرة. 111 معجم الأدباء، لياقوت الحموي، دار المأمون، القاهرة. 112 معجم البلدان، لياقوت الحموي، دار صادر بيروت. 113 المغرب في ترتيب المعرب، تحقيق محمود فاخوري وعيد الحميد مختار، مكتبة أسامة بن زيد، حلب.

114 المغني لابن قدامة، تحقيق الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي، والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو، توزيع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، في المملكة العربية السعودية. 115 مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام النحوي، تحقيق الدكتور مازن المبارك وعلي حمد الله، ومراجعة سعد الأفغاني1، دار الفكر، بيروت. 116 مفاتيح الغيب، "وهو تفسير الرازي" لفخر الدين الرازي، بيروت. 117 المفصل في صنعة الإعراب، للزمخشري، بيروت. 118 المفصل في علم اللغة، للزمخشري، بيروت. 119 المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، للإمام موفق الدين بن قدامة المقدسي، حققه وعلق عليه محمود الأرناؤوط وياسين محمود الخطيب، قدم له وعرف بمؤلفه الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة السوادي، جدة. 120 المقصد الأرشد، لابن مفلح، تحقيق الدكتور عبد الرحمن العثيمين، مكتبة الرشد، الرياض. 121 مناقب الإمام أحمد، لابن الجوزي، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، مكتبة الخانجي القاهرة. 122 المنتخب من كتاب النبي صلى الله عليه وسلم للزبير ابن بكار، تحقيق سكينة الشهابي، مؤسسة الرسالة، بيروت. 123 المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، للعليمي، تحقيق محمود الأرناؤوط، رياض عبد الحميد مراد، إبراهيم الصالح، حسن إسماعيل مروة، محيي الدين نجيب، بإشراف الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، دار صادر بيروت 1418هـ.

_ 1 انظر ترجمته في "أعلام التراث في العصر الحديث" ص "206-208" تأليف محمود الأرناؤوط، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.

124 المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء، للآمدي، تحقيق عبد الستار فراج، القاهرة. 125 الموطأ، للإمام مالك، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1406هـ. "ن" 126 النصيحة في الأدعية الصحيحة، تحقيق محمود الأرناؤوط، بإشراف الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت 1401هـ. 127 النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير الجزري، تحقيق طاهر أحمد الزاوي، والدكتور محمد محمد الطاحي، المكتبة العلمية، بيروت. "و" 128 الوافي بالوفيات، للصفدي، تحقيق جماعة من المحققين، جمعية المستشرقين الألمان، بيروت. 129 وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، لابن خلكان، تحقيق الدكتور إحسان عباس، دار صادر، بيروت.

فهرس الموضوعات

فهرس الموضوعات الموضوع الصفحة تقديم الكتاب................................................................................ -1 مقدمة التحقيق............................................................................. -4 ترجمة المؤلف............................................................................... -11 مقدمة المؤلف................................................................................ 5 فصل مما تكرر ذكره في الكتاب.......................................................... 11 كتاب الطهارة................................................................................ 14 باب الآنية.................................................................................... 20 باب الاستنجاء.............................................................................. 23 باب السواك................................................................................ 27 باب فرض الوضوء وصفته................................................................... 31 باب مسح الخفين.......................................................................... 36 باب نواقض الوضوء........................................................................... 38 باب الغسل................................................................................. 42 باب التيمم................................................................................... 48 باب إزالة النجاسة........................................................................... 52 باب الحيض................................................................................... 56 كتاب الصلاة.................................................................................. 63 باب الأذان والإقامة........................................................................... 65 باب شروط الصلاة........................................................................... 72

الموضوع ... ... الصفحة باب سَتْرُ العَوْرَةِ ... .................................................................... ... 78 باب اجتناب النجاسات ... .................................................................... ... 82 باب استقبال القبلة ... .................................................................... ... 85 باب النية ... .................................................................... ... 88 باب صفة الصلاة ... .................................................................... ... 88 باب سجود السهو ... .................................................................... ... 113 باب صلاة التطوع ... .................................................................... ... 115 باب صلاة الجماعة ... .................................................................... ... 123 "فصل في الإمامة" ... .................................................................... ... 124 باب صلاة أهل الأعذار ... .................................................................... ... 129 باب صلاة الجمعة ... .................................................................... ... 134 باب صلاة العيدين ... .................................................................... ... 137 باب صلاة الكسوف ... .................................................................... ... 139 باب صلاة الاستسقاء ... .................................................................... ... 139 كتاب الجنائز ... .................................................................... ... 145 كتاب الزكاة ... .................................................................... ... 155 باب زكاة بهيمة الأنعام ... ... 157 باب زكاة الخارج من الأرض ... .................................................................... ... 163 باب زكاة الأثمان ... .................................................................... ... 170 باب زكاة العروض ... .................................................................... ... 173 باب زكاة الفطر ... .................................................................... ... 174 باب إخراج الزكاة ... .................................................................... ... 176 باب ذكر أهل الزكاة ... .................................................................... ... 179

الموضوع ... ... الصفحة كتاب الصيام ... ................................................................ ... 182 باب ما يفسد الصوم ... ................................................................ ... 184 باب ما يكره وما يستحب ... ................................................................ ... 185 باب صوم التطوع ... ................................................................ ... 188 كتاب الاعتكاف ... ................................................................ ... 194 كتاب المناسك ... ................................................................ ... 196 باب المواقيت ... ................................................................ ... 200 باب الإحرام ... ................................................................ ... 204 باب محظورات الإحرام ... ................................................................ ... 206 باب الفدية ... ................................................................ ... 213 باب جزاء الصيد ... ................................................................ ... 214 باب صيد الحرم ونباته ... ................................................................ ... 219 باب دخول مكة ... ................................................................ ... 222 باب صفة الحج ... ................................................................ ... 231 باب الفوات والإحصار ... ................................................................ ... 241 باب الهدي والأضاحي ... ................................................................ ... 242 كتاب الجهاد ... ................................................................ ... 247 باب ما يلزم الإمام والجيش ... ................................................................ ... 251 باب قسمة الغنائم ... ................................................................ ... 255 باب حكم الأرضين المغنومة ... ................................................................ ... 257 باب الفيء ... ................................................................ ... 259 باب الأمان ... ................................................................ ... 261

الموضوع ... ... الصفحة باب الهدنة ... ................................................................ ... 262 باب عقد الذمة ... ................................................................ ... 263 باب أحكام الذمة ... ................................................................ ... 266 كتاب البيع ... ................................................................ ... 270 باب الشروط في البيع ... ................................................................ ... 277 باب الخيار في البيع ... ................................................................ ... 279 باب الربا والصرف ... ................................................................ ... 286 باب بيع الأصول والثمار ... ................................................................ ... 290 باب السلم ... ................................................................ ... 293 باب القرض ... ................................................................ ... 295 باب الرهن ... ................................................................ ... 296 باب الضمان ... ................................................................ ... 297 باب الحوالة ... ................................................................ ... 299 باب الصلح ... ................................................................ ... 299 كتاب الحجر ... ................................................................ ... 304 باب الوكالة ... ................................................................ ... 309 كتاب الشركة ... ................................................................ ... 311 باب المساقاة ... ................................................................ ... 314 باب الإجارة ... ................................................................ ... 316 باب السبق ... ................................................................ ... 321 كتاب العارية ... ................................................................ ... 327

الموضوع ... ... الصفحة كتاب الغصب ... ................................................................ ... 330 باب الشفعة ... ................................................................ ... 335 باب الوديعة ... ................................................................ ... 337 باب إحياء الموات ... ................................................................ ... 338 باب الجعالة ... ................................................................ ... 340 باب اللُّقَطَةِ ... ................................................................ ... 340 باب اللقيط ... ................................................................ ... 343 كتاب الوقف ... ................................................................ ... 344 كتاب الهبة والعطية ... ................................................................ ... 352 كتاب الوصايا ... ................................................................ ... 356 باب الموصى له ... ................................................................ ... 357 باب الموصي به ... ................................................................ ... 358 باب الوصية بالأنصباء والأجزاء ... ................................................................ ... 359 باب الموصى إليه ... ................................................................ ... 361 كتاب الفرائض ... ................................................................ ... 362 باب ميراث ذوي الفروض ... ................................................................ ... 364 باب العَصَبَات ... ................................................................ ... 366 باب أصول المسائل ... ................................................................ ... 368 باب تصحيح المسائل ... ................................................................ ... 369 باب المناسخات ... ................................................................ ... 369 باب قسم التركات ... ................................................................ ... 370 باب ذوي الأرحام ... ................................................................ ... 370

الموضوع ... ... الصفحة باب ميراث الحمل ... ................................................................ ... 372 باب ميراث المفقود ... ................................................................ ... 374 باب ميراث الخنثى ... ................................................................ ... 375 باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم ... ................................................................ ... 376 باب ميراث أهل الملل ... ................................................................ ... 377 باب ميراث المطلقة ... ................................................................ ... 377 باب ميراث المعتق بعضه ... ................................................................ ... 377 باب الولاء ... ................................................................ ... 378 كتاب العتق ... ................................................................ ... 381 باب التدبير ... ................................................................ ... 383 باب الكتابة ... ................................................................ ... 384 باب أحكام أمهات الأولاد ... ................................................................ ... 385 كتاب النكاح ... ................................................................ ... 386 باب أركان النكاح وشروطه ... ................................................................ ... 389 باب المحرمات في النكاح ... ................................................................ ... 391 باب الشروط في النكاح ... ................................................................ ... 392 باب حكم العيوب في النكاح ... ................................................................ ... 393 باب نكاح الكفار ... ................................................................ ... 395 كتاب الصداق ... ................................................................ ... 396 باب الوليمة ... ................................................................ ... 398 باب عشرة النساء ... ................................................................ ... 401 كتاب الخلع ... ................................................................ ... 403

الموضوع ... ... الصفحة كتاب الطلاق ... ................................................................ ... 405 باب سنة الطلاق وبدعته ... ................................................................ ... 406 باب صريح الطلاق وكنايته ... ... 407 باب ما يختلف به عدد الطلاق ... ................................................................ ... 410 باب الاستثناء في الطلاق ... ................................................................ ... 410 باب الطلاق في الماضي والمستقبل ... ................................................................ ... 411 باب تعليق الطلاق بالشروط ... ................................................................ ... 411 باب التأويل في الحلف ... ................................................................ ... 414 كتاب الرجعة ... ................................................................ ... 415 كتاب الإيلاء ... ................................................................ ... 316 كتاب الظهر ... ................................................................ ... 418 كتاب اللعان ... ................................................................ ... 420 كتاب العدد ... ................................................................ ... 422 باب في استبراء الإماء ... ................................................................ ... 424 كتاب الرضاع ... ................................................................ ... 425 كتاب النفقات ... ................................................................ ... 428 باب نفقة الأقارب والمماليك ... ................................................................ ... 430 باب الحضانة ... ................................................................ ... 432 كتاب الجنايات ... ................................................................ ... 433 باب شروط القصاص ... ................................................................ ... 437 باب استيفاء القصاص ... ................................................................ ... 437

الموضوع ... ... الصفحة باب العفو عن القصاص ... .......................................................... ... 438 باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس ... .......................................................... ... 439 كتاب الديات ... .......................................................... ... 443 باب مقادير ديات النفس ... .......................................................... ... 444 باب ديات الأعضاء ومنافعها ... .......................................................... ... 445 باب الشجاج وكسر العظام ... .......................................................... ... 447 باب العاقلة ... .......................................................... ... 449 باب القسامة ... .......................................................... ... 450 كتاب الحدود ... .......................................................... ... 452 باب حد الزنى ... .......................................................... ... 453 باب القذف ... .......................................................... ... 454 باب حد المسكر ... .......................................................... ... 456 باب التعزير ... .......................................................... ... 457 باب القطع في السرقة ... .......................................................... ... 458 باب حد المحاربين ... .......................................................... ... 460 باب قتال أهل البغي ... .......................................................... ... 461 باب حكم المرتد ... .......................................................... ... 462 كتاب الأطعمة ... .......................................................... ... 463 باب الذكاة ... .......................................................... ... 466 كتاب الصيد ... .......................................................... ... 467 كتاب الأيمان ... .......................................................... ... 470 باب جامع الأيمان ... .......................................................... ... 472

الموضوع ... ... الصفحة باب النذر ... .................................................... ... 477 كتاب القضاء ... .................................................... ... 478 باب أدب القاضي ... .................................................... ... 483 باب طريق الحكم وصفته ... .................................................... ... 488 باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي ... .................................................... ... 489 باب القسمة ... .................................................... ... 490 باب الدعاوى والبينات ... .................................................... ... 492 باب في تعارض البينتين ... .................................................... ... 495 كتاب الشهادات ... .................................................... ... 496 باب شروط من تقبل شهادته ... .................................................... ... 497 باب موانع الشهادة ... .................................................... ... 502 باب الشهادة على الشهادة الرجوع عن الشهادة ... .................................................... ... 502 باب اليمين في الدعاوى ... .................................................... ... 503 كتاب الإقرار ... .................................................... ... 505 باب ما يحصل به الإقرار ... .................................................... ... 506 باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره ... .................................................... ... 506 باب الإقرار بالمجمل ... .................................................... ... 507 باب ذكر ما في الكتاب من الأسماء ... .................................................... ... 509 النبي صلى الله عليه وسلم ... .................................................... ... 509 آدم عليه السلام ... .................................................... ... 515 إبراهيم الخليل عليه السلام ... .................................................... ... 516 لوط عليه السلام ... .................................................... ... 518

الموضوع ... ... الصفحة موسى عليه السلام ... ....................................................... ... 519 داود النبي عليه السلام ... ....................................................... ... 519 عيسى ابن مريم عليهما السلام ... ....................................................... ... 520 عمر بن الخطاب رضي الله عنه ... ....................................................... ... 522 عثمان بن عفان رضي الله عنه ... ....................................................... ... 523 علي بن أبي طالب رضي الله عنه ... ....................................................... ... 524 عبد الله بن عباس رضي الله عنه ... ....................................................... ... 525 زيد بن ثابت رضي الله عنه ... ....................................................... ... 526 عمران بن حصين رضي الله عنه ... ....................................................... ... 527 صخر بن حرب ... ....................................................... ... 527 عائشة رضي الله عنها ... ....................................................... ... 528 هند بن عتبة ... ....................................................... ... 529 عمرو بن ميمون ... ....................................................... ... 529 مالك بن أنس ... ....................................................... ... 530 علي بن حمزة ... ....................................................... ... 532 القاسم بن سلام ... ....................................................... ... 533 الإمام أحمد بن حنبل ... ....................................................... ... 533 حنبل بن إسحاق ... ....................................................... ... 539 أحمد بن محمد الخلال ... ....................................................... ... 541 عمرو بن الحسين ... ....................................................... ... 542 عبد العزيز بن جعفر ... ....................................................... ... 543 إبراهيم بن أحمد بن شاقلا ... ....................................................... ... 545 عبد العزيز التَّميمي ... ....................................................... ... 546

الموضوع ... ... الصفحة عبيد الله المعروف ابن بطَّه ... ...................................................... ... 546 الحسن بن عبد الله أبو علي النَّجَّاد ... ...................................................... ... 549 عمر بن إبراهيم العُكْبَرِي ... ...................................................... ... 550 أبو حفص العُكْبَرِي ... ...................................................... ... 551 أبو حفص البرمكي ... ...................................................... ... 551 الحسن بن حامد ... ...................................................... ... 552 محمد بن أحمد الهاشمي ... ...................................................... ... 553 محمد بن الحسين الفرَّاء ... ...................................................... ... 554 محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني ... ...................................................... ... 556 علي بن عقبل ... ...................................................... ... 557 مؤلف الكتاب المقنع ... ...................................................... ... 558 الحجَّاج ... ...................................................... ... 560 آمنة ... ...................................................... ... 561 تغلب ... ...................................................... ... 561 هاشم ... ...................................................... ... 562 المطَّلب ... ...................................................... ... 562 شيبة ... ...................................................... ... 563 خاتمة الكتاب والتحقيق ... ...................................................... ... 564 مصادر ومراجع التحقيق ... ...................................................... ... 565 فهرس الموضوعات ... ...................................................... ... 578

§1/1