المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ
ابن الجوزي
باب ذكر فصول تكون كالمقدمة لهذا الكتاب
المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد أحمد الله ذي العز الرفيع الشامخ والصلاة على رسوله محمد ذي القدر المنيع الباذخ فهذا حاصل التحقيق في علم الناسخ والمنسوخ وقد بالغت في اختصار1 لفظه لأحث الراغب على حفظه فالتفت أيها الطالب لهذا العلم إليه وأعرض عن جنسه تعويلا عليه ففيه كفاية فإن آثرت زيادة بسط أو اخترت الاستظهار لقوة احتجاج أو ملت إلى إسناد فعليك بالكتاب الذي اختصر هذا منه وهو كتاب عمدة الراسخ2 والله الموفق. باب ذكر فصول تكون كالمقدمة لهذا الكتاب: فصل: أنكرت اليهود جواز النسخ وقالوا هو البداء3. والفرق بينهما
أن النسخ رفع عبادة قد علم الأمر بها من القرآن للتكليف بها غاية ينتهي إليها ثم يرتفع الإيجاب والبداء هو الانتقال عن المأمور به بأمر حادث لا بعلم سابق ولا يمتنع جواز النسخ عقلا لوجهين أحدهما أن للآمر أن يأمر بما شاء والثاني أن النفس إذا مرنت على أمر ألفته فإذا نقلت عنه إلى غيره شق عليها لمكان الاعتياد المألوف فظهر منها بالإذعان والانقياد لطاعة1 الآمر وقد وقع النسخ شرعا لأنه قد ثبت مِنْ دِينِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَوْلادِهِ جَوَازُ نِكَاحِ الأَخَوَاتِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالْعَمَلِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي شريعة موسى عليه السلام2. فصل: والنسخ إنما يقع في الأمر والنهي دون الخبر المحض والاستثناء ليس بنسخ ولا التخصيص وأجاز بعض من لا يعتد بخلافه وقوع النسخ في الخبر المحض وسمى3 الاستثناء والتخصيص نسخا والفقهاء على خلافه4. فصل: وشروط النسخ خمسة أحدهما أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مُتَنَاقِضًا5 فلا يمكن العمل بهما والثاني أن يكون حكم المنسوخ ثابتا قبل ثبوت حكم الناسخ والثالث أن يكون حكم المنسوخ
ثابتا بالشرع لا بالعادة والعرف فإنه إذا ثبت بالعادة لَمْ يَكُنْ رَافِعُهُ نَاسِخًا بَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءَ شرع آخر والرابع كون حكم الناسخ مشروعا بطريق النقل كثبوت المنسوخ فأما ما ليس مشروعا بِطَرِيقِ النَّقْلِ فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لِلْمَنْقُولِ وَلِهَذَا إِذَا ثَبَتَ حُكْمُ مَنْقُولٍ لَمْ يجز نسخه بإجماع ولا بقياس والخامس كون الطريق الذي ثبت به الناسخ مثل طريق ثبوت المنسوخ أو أقوى منه ولهذا نقول لا يجوز نسخ القرآن بالسنة1. فصل في فضل هذا العلم: روى أبو عبد الرحمن السملي2 أن عليا رضي الله عنه مر بقاض فَقَالَ أَتَعْرِفُ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ؟ قَالَ لا قَالَ3 هلكت وأهلكت وفي لفظ أنه قال من أنت قال أنا أبو يحيى قال بل أنت أبو أعرفوني4. فصل: والمنسوخ في القرآن أضرب أحدها ما نسخ رسمه وحكمه وقد كان جماعة من الصحابة يحفظون سورا وآيات فشذت عنهم فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنها رفعت الثاني ما نسخ رسمه وبقي حكمه كآية الرجم الثَّالِثُ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَبَقِيَ رَسْمُهُ وَلَهُ وضعنا هذا الكتاب.
باب ذكر آي في سورة البقرة في ذلك
باب ذكر آي1 في سورة البقرة في ذلك الْآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} 2 قال مجاهد3 هي نفقة النقل وقال آخرون هي الزكاة وتحتمل العموم فالآية محكمة4 وزعم بعضهم أنها نفقة كانت واجبة قبل الزكاة وزعم أنه كان فرض أن يمسك مما في يده قدر كفاية يومه وليلته ويفرق الباقي عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الزَّكَاةِ5 وهو بعيد. الثانية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} 6 زعم قوم إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} 7 وهذا لا يصح لأنه إن8 أشير إلى من كان في زمن نبي تابعا لنبيه قبل بعثة نبي آخر فَأُولَئِكَ عَلَى الصَّوَابِ. وَإِنْ أُشِيرَ إِلَى مَنْ كان في زمن نبينا فإن من ضرورته أن يؤمن بنبينا عليه السلام ولا وجه للنسخ ويؤكده أنها خبر والخبر لا ينسخ9.
الثالثة: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} 1 الجمهور على أن المراد بها الشرك فلا يتوجه النسخ وقيل الذنوب دون الشرك فيتوجه بقوله {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 2 ويمكن حمله على من أتى السيئة مستحلا فلا نسخ3. الرابعة: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} 4 قيل الخطاب لليهود فالتقدير من ساءلكم عن بيان محمد فاصدقوه وقيل أي كلموهم بما تحبون أن يقال لكم فعلى هذا الآية محكمة وقيل الْمُرَادَ بِذَلِكَ مُسَاهَلَةُ الْمُشْرِكِينَ فِي دُعَائِهِمْ5 إِلَى الْإِسْلامِ فَالْآيَةُ عِنْدَ هَؤُلاءِ6 مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ7 وفيه بعد لأن لفظ الناس عام فتخصيصه بالكفار8 يحتاج إلى دليل. الخامسة: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} 9 زعم قوم
أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ1 وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ لم يأمر بالعفو مطلقا بل إلى غاية ومثل هذا لا يدخل في المنسوخ. السادسة: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 2 ذهب بعضهم إلى أن هذه الآية اقتضت جواز التوجه إلى جميع الجهات فاستقبل رسول الله بيت المقدس ليتألف أهل الكتاب ثم نسخت بقوله {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} 3 فإنما يصح القول بنسخها إذا قدر فيها إضمار تقديره فولوا وجوهكم في الصلاة أنى شئتم ثم ينسخ ذلك القدر. والصحيح4 أنها محكمة لأنها أخبرت أن الإنسان أين تولى فثم وجه الله ثم ابتدأ الأمر بالتوجه إلى الكعبة لا على وجه النسخ5. السابعة: {وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} 6 قال بعضهم هذا يقتضي نوع مساهلة الكفار ثم نسخ بآية السيف7 وهو بعيد لأن من شرطها التنافي ولا تنافي وأيضا فإنه خبر. الثامنة: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} 8. زعم
بَعْضُ مَنْ قَلَّ فَهْمُهُ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِالاسْتِثْنَاءِ بعدها1 وهذا لا يلتفت إليه وذلك كلما أتى من هذا الجنس فإن الِاسْتِثْنَاءَ إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا شَمَلَهُ اللَّفْظُ وَلَيْسَ بناسخ. التاسعة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} 2. ذهب بعضهم إلى أن دليل الخطاب منسوخ لأنه لما قال {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} اقتضى أنه لا يُقْتَلَ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ وَكَذَا لَمَّا قَالَ {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} اقْتَضَى أَنْ لا يُقْتَلَ الذَّكَرُ بِالأُنْثَى مِنْ جهة دليل الخطاب فذلك منسوخ بقوله {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} 3 وهذا ليس بشيء يعول عليه لوجهين أحدهما أنه إنما ذكر في المائدة ما كتبه أهل التوراة وذلك لا يلزمنا فإن قيل شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ وَخِطَابُنَا بَعْدَ خِطَابِهِمْ قَدْ ثَبَتَ النَّسْخُ فَتِلْكَ الْآيَةُ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً بِهَذِهِ مِنْ هَذِهِ بِتِلْكَ وَالثَّانِي أَنَّ دَلِيلَ الخطاب إنما يكون حجة ما لم يعارضه دليل أقوى منه وَقَدْ ثَبَتَ بِلَفْظِ الْآيَةِ أَنَّ الْحُرَّ يُوَازِي الحرة فلأن يوازي العبد أولى4. العاشرة: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ} 5. ذهب كثير من العلماء إلى نسخها بآية الميراث6. ونص
أحمد1 على ذلك فقال: الوصية للوالدين منسوخة. الحادية عشرة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} 2 ذهب بعضهم إلى أن الإشارة إلى صفة الصوم وكان قد كتب على من قبلنا أنه إذا نام أحدهم في الليل لم يجز له الأكل إذا انتبه بالليل ولا الجماع3 فنسخ ذلك عنا بقوله {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} الآية4 والصحيح أن الإشارة إلى نفس الصوم والمعنى كتب على من قبلكم أن يصوموا وليست الإشارة إلى صفة الصوم ولا إلى عدده5 فالآية على هذا محكمة6. الثانية عشرة: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} 7 في هذا مضمر تقديره وعلى الذين يطيقونه ولا يصومونه فدية ثم نسخت بقوله {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} 8.
الثالثة عشرة: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا} 1 قيل المنسوخ منها أولها لأنه اقتضى أَنَّ الْقِتَالَ إِنَّمَا يُبَاحُ فِي حَقِّ مَنْ قاتل من الكفار دون من لم يقاتل ثم نسخ بآية السيف وهذا القائل إنما أخذه من دليل الخطاب ودليل الخطاب إنما يكون حجة إذا لَمْ يُعَارِضْهُ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ وَقَدْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ كَآيَةِ السَّيْفِ وَغَيْرِهَا وقال آخرون المنسوخ منها {وَلا تَعْتَدُوا} قالوا والمراد به ابتداء المشركين بالقتال في الشهر الحرام والحرم ثم نسخ بآية السيف وهذا بعيد والصحيح إحكام جميع الآية2. الرابعة عشرة: {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} 3 ذهب قوم إلى أن هذا منسوخ بآية السيف4 والصحيح أنه محكم وأنه لا يجوز أن يقال أحل5 في المسجد الحرام حتى يقاتلوا فإنما أحل القتال لرسول الله ساعة من نهار وكان ذلك تخصيصا له لا على وجه النسخ. الخامسة عشرة {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 6 قال بعضهم إن انتهوا عن الكفر فعلى هذا الآية محكمة وقال آخرون عن قتال المسلمين لا عن الكفر فتوجه النسخ بآية السيف7.
السادسة عشرة: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} 1 نسخت الآية بآية السيف2. السابعة عشرة: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ3} قال جماعة تضمنت ذم الخمر لا تحريمها ثم نسخها {فَاجْتَنِبُوهُ} 4. الثامنة عشرة: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ5} قيل المراد بهذا الإنفاق الزكاة وقيل صدقة التطوع فالآية محكمة وزعم آخرون أنه إنفاق ما يفضل عن حاجة الإنسان وكان هذا واجبا فنسخ بالزكاة6. التاسعة عشرة: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} 7 هذا اللفظ عام خص منه أهل الكتاب والتخصيص ليس بنسخ وقد غلط من سماه نسخا8. وكذلك العشرون وذلك قوله {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 9 عام خص منه الحامل والآيس والصغير لا على وجه النسخ10.
الحادية والعشرون: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} 1 قال المفسرون2 كانت الجاهلية تمكث زوجة المتوفي فِي بَيْتِهِ حَوْلا يُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مِيرَاثِهِ فأقرهم بهذه الآية على مكث الحول ثم نسخها {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} 3. الثانية والعشرون: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} 4 اختلفوا فيه فقيل هو من العام المخصص خص منه أهل الكتاب فعلى هذا هو محكم وقيل نزلت قَبْلَ الأَمْرِ بِالْقِتَالِ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ5. الثالثة والعشرون: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} 6 قيل نسخت بِقَوْلِهِ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} 7 وقال ابن عباس8 نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها وقال مجاهد في الشك واليقين فعلى هذا الأية محكمة ويؤكده9 أنه خبر10.
سورة آل عمران
سورة آل عمران ألأولى 1: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ} 2 قالوا هي منسوخة بآية السيف3. وبعضهم يقول إنها نزلت تسكينا لجأشه فإنه كان يزعم في الحرص على إيمانهم فقيل له4 إنما عليك البلاغ لا أن تشوق قلبهم إلى الصلاح فالآية على هذا محكمة. الثانية: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} 5 قيل الْمُرَادَ بِالْآيَةِ اتِّقَاءُ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُوقِعُوا فِتْنَةً أو ما يوجب القتل6 فالفرقة ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ السَّيْفِ7 وَلَيْسَ هَذَا بشيء وإنما المراد جواز تقواهم إذا أكرهوا المؤمنين8 على الكفر بالقول الذي لا يعتقد وهذا الحكم باق غير منسوخ. الثالثة: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} 9 ذهب كثير من المفسرين10 إلى أنها نسخت بقوله {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} 11 والصحيح أنها
سورة النساء
محكمة وأن {مَا اسْتَطَعْتُمْ} بيان لحق1 تقاته فإن القوم ظنوا أن حق تقاته ما لا يطاق فزال الإشكال ولو قَالَ لا تَتَّقُوهُ حَقَّ تُقَاتِهِ كَانَ نَسْخًا2. سورة النساء ألأولى3: {وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} 4 روى عطاء الخراساني5 عن ابن عباس قال نسخها {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} 6 وهذا يقتضي قول ابي حنيفة7 لِأَنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُ أَنَّهُ لا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ الأخذ من مال اليتيم بحال8. الثانية: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} 9 ذهب جماعة إلى إحكامها ثم اختلفوا في الأمر فأكثرهم على الاستحباب وهو الصحيح وبعضهم على الوجوب وقال آخرون نسختها آية الميراث10.
الثالثة والرابعة: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} 1 وقوله {وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} 2 فالأولى دلت على أن حد الزانية في ابتداء الْإِسْلامِ الْحَبْسَ إِلَى أَنْ تَمُوتَ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهَا سَبِيلا وَهُوَ عَامٌّ فِي الْبِكْرِ والثيب والثانية أفضت أَنَّ حَدَّ الزَّانِيَيْنِ الأَذَى فَظَهَرَ مِنَ الآيَتَيْنِ أَنَّ حَدَّ الْمَرْأَةِ كَانَ الْحَبْسَ وَالأَذَى جَمِيعًا وحد الرجل كان الأذى فقط ونسخ الحكمان بقوله {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي3 فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} 4. الخامسة: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} 5 كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل على أن يتوارثا ويتناصرا ويتعاقلا6 في الجناية فجاءت هذه الآية فقررت ذلك ثم نسخت بالمواريث وهذا قول عامة العلماء وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا الْحُكْمُ لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ إلا أنه جعل ذوي الأرحام أولى من المعاقدة فإذا فقد ذوو الأرحام فالعاقد أحق من بيت المال7. السادسة: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} 8 قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هَذِهِ الآيَةُ اقْتَضَتْ إِبَاحَةَ السُّكْرِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلاةِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بقوله9 {فَاجْتَنِبُوهُ} 10.
السابعة: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ} 1 قال المفسرون فيه تقديم وتأخير تقديره فعظمهم فإن امتنعوا من الإجابة فأعرض عنهم وهذا قَبْلَ الأَمْرِ بِالْقِتَالِ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ2. الثامنة: {وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} 3 زعم قوم انها نسخت بآية السيف4 وليس بصحيح لأن ابن عباس قال في تفسيرها ما أرسلناك عليهم رقيبا تؤخذ بهم فعلى هذا لا نسخ. التاسعة: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} 5 قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مَعْنَى الْكَلامِ أَعْرِضْ عَنْ عُقُوبَتِهِمْ ثم نسخ هذا الإعراض بآية السيف6. العاشرة: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ7 إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} 8 المراد يصلون9 يدخلون في عهد قوم بينكم وبينهم ميثاق كدخول خزاعه في عهد رسول الله ثم نسخ ذلك بآية السيف10.
سورة المائدة
الحادية عشرة: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} 1 ذهب الأكثرون إلى أنها منسوخة بقوله {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 2 وقال قوم هي محكمة ولهم في طريق إحكامها قولان أحدهما أن قاتل المؤمن مخلد في النار وأكدها هنا3 بأنها خبر والثاني أَنَّهَا عَامَّةٌ دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قتله كافر ثم أسلم سَقَطَتْ عَنْهُ الْعُقُوبَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ فَإِذَا4 ثَبَتَ كَوْنُهَا مِنَ الْعَامِّ5 الْمُخَصَّصِ فَأَيُّ دَلِيلٍ صَلُحَ لِلتَّخْصِيصِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَمِنْ أَسْبَابِ التخصيص6 أن يكون قتله7 مستحلا لأجل إيمانه فاستحق التخليد لاستحلاله وذهب قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ فِي حَقِّ مَنْ لم يتب وقيل فجزاؤه جهنم إن جازاه وفيه بعد لقوله {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} 8. سورة المائدة الأولى 9: {لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} 10 ذهب بعضهم إلى إحكامها11 وقال12 لا يَجُوزُ اسْتِحْلالُ الشَّعَائِرِ وَلا الْهَدْيِ قَبْلَ أَوَانِ
ذبحه. وقال1 آخرون: كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تُقَلِّدُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ فَقِيلَ لا تَسْتَحِلُّوا أَخْذَ الْقَلائِدِ مِنَ الْحَرَمِ وَلا تصدوا القاصدين إلى البيت وذهب آخرون إلى أنها منسوخة ولهم في المنسوخ ثلاثة أقوال أحدها ولا آمين البيت الحرام فنسخ في المشركين بِقَوْلِهِ {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} 2. والثاني الآية3 تحرم الشهر الحرام والآمين إذا كانوا مشركين وهدي المشركين ولم يكن لهم أمان والثالث أن جميعها منسوخ هكذا أطلقه جماعة وليس بصحيح4 فإن قوله {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا5 وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} إلى آخرها فلا وجه لنسخه6. الثانية: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ7} . فيها ثلاثة أقوال إحداها أَنَّهَا اقْتَضَتْ إِبَاحَةَ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الإطلاق وإن علمنا أنهم أهلوا عليها بغير اسم الله وأشركوا به غيره هذا قول الشعبي8 وآخرين والثاني أن ذلك كان9 مباحا في أول الإسلام ثم نسخ بقوله {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} 10. والثالث:
إنما أبيحت ذبائحهم لأن الأصل أنهم يذكرون اسم الله1 فمتى علم أنهم قد ذكروا غير اسم الله لم يؤكل فعلى هذا الآية محكمة2. الثالثة: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} 3 الأكثرون على نسخها بآية السيف4 وقال ابن جرير5 يجوز أن يعفو6 عنهم في غدرة7 فعلوها ما لم يصيبوا8 حربا ولم يمتنعوا من أداء الجزية فلا يتوجه النسخ9. الرابعة: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} 10 اقتضت تخيره11 بين الحكم وتركه ثم قيل وهل هذا التخيير ثابت أم نسخ فيه قولان أحدهما12 في الحكم أنه نسخ بقوله {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} 13 وهذا مذهب ابن عباس وعطاء وعكرمة14.
والسدى1. والثاني أنه ثابت لم ينسخ وأن الإمام ونوابه مخيرون إذا ترافعوا2 اليهم إن شاءوا حكموا وإن شاءوا أعرضوا فإن حكموا حكموا بالصواب3. الخامسة: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ} 4 قيل هي محكمة والمراد ما عليه إلا البلاغ لاالهدى وقيل أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الاقْتِصَارَ عَلَى التَّبْلِيغِ دُونَ الأَمْرِ بِالْقِتَالِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِآيَةِ السَّيْفِ وَالأَوَّلُ أَصَّحُ5. السادسة: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} 6. فيها قولان أحدهما أنها تضمنت الأمر بكف الأيدي عن قتال الضالين فنسخت بآية السيف7 والثاني أنها محكمة لأنها لا تمنع من قتال المشركين فهو الصحيح8. السابعة: {شَهَادَةُ9 بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ10 مِنْ غَيْرِكُمْ} الإشارة بهذا إلى الشاهدين اللذين شهدا على الموصي في السفر وفي قوله {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} 11 قولان: أحدهما: من غير عشيرتكم وهم مسلمون أيضا فعلى
سورة [الأنعام]
هذا الآية محكمة والثاني من غير ملتكم وهل هذا الحكم باق عندنا إنه باق1 لم ينسخ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ2 وَابْنِ جبير3 وابن سيرين4 والشعبي والثوري5 والثاني أنه منسوخ بقوله {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} 6 وإليه مال أبو حنيفة ومالك7 والشافعي8 ونحن نقول هذا موضع ضرورة فجاز فيه ما لا يجوز في غيره لقبول الشهادة من النساء بالنفاس والحيض والاستهلال9. سورة [الأنعام] الأولى: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} 10
زعم بعضهم أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ1 عَلَى النَّبِيِّ "صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم2" خوف عواقب الذنوب ثم نسخ بِقَوْلِهِ {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} 3 الظاهر من هذه المعاصي الشرك لأنها جاءت عقب {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 4 فإذا قدرنا بالعفو من ذَنْبٍ إِذَا كَانَ لَمْ تُقَدَّرُ الْمُسَامَحَةُ فِي شِرْكٍ لَوْ تَصَوَّرَ إِلا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يجزه5 فِي حَقِّهِ بَقِيَ ذِكْرُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّهْدِيدِ وَالتَّخْوِيفِ مِنْ عَاقِبَتِهِ كَقَوْلِهِ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} 6 فعلى هذا الآية محكمة وتوكيده أنها خبرية والأخبار لا تنسخ7. الثانية: {قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} 8 فيه قولان أحدهما أَنَّهُ اقْتَضَى الاقْتِصَارَ فِي حَقِّهِمْ عَلَى الإِنْذَارِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ والثاني أن معناه لست عليكم حفيظا إنما أطالبكم بِالظَّوَاهِرِ مِنَ الْإِقْرَارِ وَالْعَمَلِ لا بِالأَسْرَارِ فَعَلَى هذا هو9 محكم وهو الصحيح وتوكيده10 أنه خبر. الثالثة {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} 11.
الْمُرَادُ بِهَذَا الْخَوْضِ الْخَوْضُ1 بِالتَّكْذِيبِ2 وَيُشْبِهُ أَنْ يكون الإعراض منسوخا بآية السيف3. الرابعة: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً} 4 فيه قولان أحدهما اقْتَضَى الْمُسَامَحَةَ لَهُمْ وَالإِعْرَاضَ عَنْهُمْ ثُمَّ نُسِخَ بآية السيف والثاني أنه خرج مخرج التهديد كقوله {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} 5 فعلى هذا هو6 محكم وهو الصحيح7.. الخامسة: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ} 8 فيه قولان أحدهما أنه أمر بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ وَالثَّانِي أنه تهديد فهو محكم وهو الصحيح9. السادسة: {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} 10 قيل تضمنت ترك قتال المشركين ثم نسخ بآية السيف11 وقيل المعنى لست رقيبا عليكم أحصي أعمالكم فعلى هذا هي محكمة. السابعة: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} 12 قال ابن عباس: نسختها
آية السيف1. الثامنة: {مَا جَعَلْنَاكَ2 عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} 3 قال ابن عباس نسخت بِآيَةِ السَّيْفِ4 وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي نَظَائِرِهَا تكون محكمة. التاسعة: {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} 5 إن قلنا هذا تهديد فهو محكم وإن قلنا أمر بترك قتالهم فمنسوخ بآية السيف6. العاشرة: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} 7 ذهب جماعة منهم الحسن8 وعكرمة9 إلى نسخها بِقَوْلِهِ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} 10 وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُمْ إِنْ أَرَادُوا النَّسْخَ حَقِيقَةً فليس نسخا وَإِنْ أَرَادُوا التَّخْصِيصَ وَأَنَّهُ11 خُصَّ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} 12 فليس بصحيح لأن أهل الكتاب ذكروا اسم الله على الذبيحة فحمل أمرهم على تلك فإن تيقنا أنهم تركوه جاز أن يكون من نسيان والنسيان لا يمنع الحل أولا عَنْ نِسْيَانٍ لَمْ يَجُزِ الأَكْلُ فَلا وَجْهَ للنسخ فعلى13 قَوْلِ الشَّافِعِيِّ هَذِهِ الآيَةُ مُحْكَمَةٌ لِأَنَّهُ إِمَّا أن يراد بها عند الميتة أو يكون نهي كراهة.
الحادية عشرة1 {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} 2 للمفسرين فيه قولان أحدهما أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا تَرْكُ قِتَالِ الْكُفَّارِ فَهِيَ منسوخه بآية السيف3 والثاني التهديد فهي محكمة وهو الأصح. الثانية عشرة: {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} 4 قيل هذا تهديد ووعيد فهو محكم وقد يقتضي قتال المشركين فهو منسوخ بآية السيف5. الثالثة عشرة {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} 6 قال عطية العوفي7 كانوا إذا حصدوا وإذ أديس8 وغربل أَعْطُوا9 مِنْهُ شَيْئًا فَنَسَخَ ذَلِكَ الْعُشْرُ وَنِصْفُ العشر قلت وهذا إن كان واجبا صح نسخه بالزكاة وإن قيل مستحب فالحكم باق10. الرابعة عشرة 11: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} الآية12 هذه الآية محكمة وفي وجه إحكامها طريقان أحدهما أنها13 حصرت
المحرم ولا محرم سواه والثاني أنها أخبرت عن المحرم من جملة ما كانوا يحرمون في الجاهلية وقد ادعى قوم نسخها بآية المائدة1 ورد هذا عليهم بأن جميع المذكور في تلك الآية ميتة وقد ذكرت الميتة ها هنا وزعم بعضهم أنها نسخت بالسنة2 فإنها حرمت لحوم الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ومخلب من الطير وهذا لا يصح لأن السنة لا تنسخ القرآن والصواب أن يقال هذه نَزَلَتْ بِمَكَّةَ وَلَمْ تَكُنِ الْفَرَائِضُ قَدْ تَكَامَلَتْ ولا المحرومات فأخبرت عن المحرمات في الحالة الحاضرة والماضية لا عن المستقبلة فيؤكد إحكامها أنها خبر3. الخامسة عشرة: {قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} 4 قد سبق ذكر نظائرها قيل هي تهديد فتكون محكمة أو تتضمن النهي عن قتالهم فتكون منسوخة5. السادسة عشرة: {لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} 6 قال السدي لست من قتالهم في شيء ثم نسخت بآية السيف وقال غيره7 ليس اليك من أمرهم شيء وإنما أمرهم في الجزاء إلى الله تعالى فعلى هذا تكون محكمة8.
سورة الأعراف
سورة الأعراف الأولى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ1} قال ابن2 زيد نسخها الأمر بالقتال وقال غيره هو تهديد لهم وهذا لا ينسخ3. الثانية: {خُذِ الْعَفْوَ} 4 ذهب قوم إلى أنه الزكاة فتكون محكمة وقال آخرون هي صَدَقَةٌ كَانَتْ تُؤْخَذُ قَبْلَ فَرْضِ الزَّكَاةِ ثُمَّ نسخت بالزكاة وقال ابن زيد المراد بذلك مُسَاهَلَةُ الْمُشْرِكِينَ وَالْعَفْوُ عَنْهُمْ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ السيف {وَأَعْرِضْ5 عَنِ الْجَاهِلِينَ} قيل نسخ بآية السيف وقيل المراد وأعرض عن مقاتلتهم لسفههم وذلك لا يمنع قتالهم فتكون محكمة6. سورة الأنفال الأولى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} 7 قيل نسختها {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} 8
وهذا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ النَّسْخَ لا يَدْخُلُ عَلَى الأخبار وإنما بينت1 الآية الثانية استحقاقهم العذاب فأما الأولى فبينت2 دفعه عنهم لكون الرسول فيهم وكون3 المؤمنين يستغفرون4 فلا وجه للنسخ5. الثانية: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} 6 قال ابن عباس نسخها: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} 7 وقال مجاهد آية السيف قلنا8 إنها نزلت في9 ترك محاربة أهل الكتاب إذا بذلوا الجزية فهي محكمة10. الثالثة: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} 11 المعنى يقاتلوا ولفظه الخبر ومعناه الأمر ثم نسخ بقوله {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} 12 الآية. الرابعة: {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} 13. قال
سورة التوبة
الْمُفَسِّرُونَ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْهِجْرَةِ وَكَانَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي لم يُهَاجِرُ لا يَرِثُ قَرِيبَهُ الْمُهَاجِرَ وَذَلِكَ مَعْنَى قوله تعالى1 {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} فنسخت بقوله {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} 2. سورة التوبة 3 {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} 4. زعم بعضهم نسخها بآية السيف5. سورة يونس الأولى: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} 6 تكلمنا على نظيرها في الأنعام7 الثانية: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} 8 زعم قوم منهم مقاتل9 نسخها بآية السيف10 والصحيح أنها محكمة لأن
سورة هود عليه السلام
الإيمان لا يصح1 مع الإكراه إنما يصور2 الإكراه على النطق. الثالثة: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} 3 زعم قوم نسخها بآية السيف4 وقد سبق الكلام في نظائرها وأنه لا وجه للنسخ. الرابعة: {وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ} 5 قيل نسختها آية السيف6 وليس بصحيح لأن الأمر بالصبر إلى غاية وما بعد الآية يخالف ما قبلها على ما بينا7 في8 {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} 9. سورة هود عليه السلام الأولى: {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ10 وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} 11 قيل معناها اقْتَصَرَ عَلَى إِنْذَارِهِمْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ ثُمَّ نسخ بآية السيف12 ولا يصح وإنما المعنى ليس عليك أن تأتيهم مقترحاتهم من الآيات والوكيل الشهيد.
سورة الرعد
الثانية: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا1 نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا2 وَهُمْ فِيهَا3 لا يُبْخَسُونَ} 4 زعم مقاتل أنها نسخت بقوله تعالى {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} 5 وليس هذا بصحيح لأنه الآن خبر. الثالثة والرابعة: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} 6 قال بعضهم هَاتَانِ الآيَتَانِ اقْتَضَتَا7 تَرْكَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ8 وَالاقْتِنَاعَ بِإِنْذَارِهِمْ ثُمَّ نُسِخَتَا بِآيَةِ السَّيْفِ9 وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ هذا تهديد ووعيد معناه فستعلمون10 عاقبة أمركم وهذا لا ينافي قتالهم فلا وجه للنسخ. سورة الرعد {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ} 11 قالوا نسخ بآية السيف12. وعلى ما سبق تحقيقه في نظائرها13 لا وجه للنسخ
سورة [الحجر]
سورة [الحجر] الأولى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ1 فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} 2 قالوا نسخت بآية السيف3 والتحقيق أنها وعيد وذلك لا ينافي قتالهم. الثانية: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} 4 قالوا نسخ بآية السيف5. الثالثة: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} 6 قالوا نسخ بآية السيف7. سورة النحل الأولى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} 8 في السكر أقوال أحدها الخمر9 فنسخت بقوله {فَاجْتَنِبُوهُ} 10 ويمكن أن تكون محكمة ويكون المعنى إنما رزقناكم عنبا فتخذتم منه السكر والثاني أنه الخل بلغة الحبشة والثالث أنه
الطعم يقال هذا سكر أي طعم1 فعلى هذا2 الآية محكمة. الثانية: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} 3 قالوا نسختها4 آية السَّيْفِ5 وَقَدْ بَيَّنَّا فِي نَظَائِرِهَا أَنَّهُ لا حاجة إلى ادعاء النسخ6. الثالثة: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 7 ذهب جماعة إلى نسخها بآية السيف8 وفيه بعد لأن الجدال لا ينافي القتال9 ولم يقل اقتصر على جدالهم. الرابعة: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا10 بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} 11 قال جماعة أمر أَنْ يُقَاتِلَ مَنْ قَاتَلَهُ وَلا يَبْدَأُ بِالْقِتَالِ ثم نسخ بآية السيف وقال آخرون هي محكمة لأنها فِيمَنْ ظُلِمَ ظَلامَةً فَلا يَحِلُّ لَهُ أَنْ ينال من ظالمه أكثر مما نال ظالمه12. الخامسة: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} 13. هذه
سورة الإسراء
متعلقة بالتي1 قبلها وحكمها حكمها وزعم بعضهم2 أن الصبر هنا نسخ بآية السيف3 سورة الإسراء4 الأولى: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا} 5 ذهب بعضهم إِلَى أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ الْمُطْلَقَ نُسِخَ مِنْهُ الدعاء للوالدين المشركين6 وهذا ليس بنسخ عند الفقهاء وإنما هو تخصيص العام. الثانية: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} 7 زعم بعضهم نسخها بآية السيف8 وقد منعنا ذلك في نظائرها سورة طه الأولى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} 9 قيل فاصبر على ما تسمع من أذاهم ونسخ بآية السيف10 الثانية: {قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا} 11 قال بعض المفسرين12 نسخت بآية السيف13.
سورة [الحج]
سورة [الحج] الأولى: {وَإِنْ1 جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} 2 قيل عن المشركين ثم نسخ بآية السيف3 وقيل المنافقين كان تظهر4 منهم فلتات ثم يجادلون عنها فأمر أن يكل5 أمرهم إلى الله فعلى هذا الآية محكمة. الثانية: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ6} قيل مَنْسُوخَةٌ لِأَنَّ فِعْلَ مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِحَقِّ الله7 لا يتصور من أحد وفي ناسخها قولان أحدهما {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} 8 وقيل {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} 9 وقيل هي محكمة والمراد منها10 بذل الإمكان على ما بينا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} 11 سورة المؤمنون الأولى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} 12 قيل نسخت بآية
سورة النور
السيف1 وقيل معناها التهديد فهي محكمة. الثانية: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} 2 ادعى بعضهم نسخها بآية السيف3 ولا حاجة إلى هذه الدعوى4 لِأَنَّ الْمُدَارَاةَ مَحْمُودَةٌ مَا لَمْ تَضُرَّ بِالدِّينِ أو تؤدي إلى إثبات باطل أو إبطال5 حق. سورة النور الأولى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} 6 قال ابن المسيب نسخها {وَأَنْكِحُوا7 الْأَيَامَى مِنْكُمْ} 8. الثانية: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ9} الآية قال بعض ناقلي التفسير نسخ من هذا النهي العام حكم البيوت التي لا أهل لها يستأنسون بقوله {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ} 10 وهذا تخصيص لا نسخ. الثالثة 11: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} 12
سورة الفرقان
قيل نسختها1 آية السيف2 وليس بصحيح لأن الأَمْرَ بِقِتَالِهِمْ لا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ ما حمل وعليهم ما حملوا وإذا لم يقع تنافي فلا نسخ. سورة3 الفرقان {أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} 4 قيل نسختها آية السيف5 وليس بصحيح لأن معناها أفأنت تكون عليهم حفيظا تحفظ من اتبع6 هواه فليس للنسخ وجه. سورة النمل {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} 7 قال بعضهم نسختها آية السيف8 وقد تكلمنا في9 ضمن هذا وهنا10 عدم النسخ. سورة القصص {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ
سورة العنكبوت
أَعْمَالُكُمْ1} قال الأكثرون نسختها آية السيف2. سورة العنكبوت {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 3 قيل هي منسوخة بقوله {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} 4 الآية وقيل محكمة فمن5 أدى الجزية لم يقل له إلا الحسن6. سورة السجدة {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} 7 ذكروا أنها نسخت بآية السيف8 سورة الأحزاب الأولى: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ} 9 زعم جماعة نسخها بآية السيف10. الثانية: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ} 11 إن هذا لمن لم يسم لها مهرا لقوله {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} 12 وهل هذه المتعة مستحبة أو
سورة سبأ
واجبة1 قول الأكثر أنها واجبة للمطلقة التي لم يسم لها مهرا إذا طلقها قبل الدخول فعلى هَذَا الآيَةُ مُحْكَمَةٌ وَقَالَ قَوْمٌ2 الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لكل مطلقة ثم نسخت بقوله {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} 3. الثالثة: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} 4 قيل نسخت بقوله {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} 5 وقيل محكمة ثم فيها قولان أحدهما إن الله أثاب نساء من اخْتَرْنَهُ بِأَنْ قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ فَلَمْ يُحِلَّ لَهُ غيرهن ولم ينسخ هذا والثاني أن المراد بالنساء ها هنا الكافرات قاله مجاهد6. سورة سبأ {قُلْ لا تُسْأَلونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} 7 زعموا أنها نسخت بآية السيف8 ولا وجه للنسخ لأن الإنسان لا يسأل عن عمل غيره. سورة الصافات الأولى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ} 9 قال قتادة10 إلى موتهم وقال ابن زيد إلى القيامة فعلى القولين يتوجه النسخ بآية
سورة الزمر
السيف1. الثانية: {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} 2 المعنى انتظر إليهم إذا أنزل بِهِمْ بِبَدْرٍ3 فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ مَا أَنْكَرُوا وَكَانُوا يستعجلون به في الدنيا وقوله تهديدا {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} 4تكرار إلى يقينه5 وتوكيده. سورة الزمر الأولى: {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} 6 زعم قوم أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ7 وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ وهو تهديد. الثانية: {فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} 8 زعم قوم نسختها آية السيف9 وقد تكلمنا على نظائرها ومنعنا النسخ. سورة المؤمن 10 {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} في موضعين11 وقد ذكروا نسخها
سورة السجدة
بِآيَةِ السَّيْفِ1 وَعَلَى مَا قَرَّرْنَا فِي نَظَائِرِهَا النسخ. سورة السجدة2 {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 3 قيل نسخت بآية السيف4 والأكثر أنه لدفع الغضب بالصبر والإساءة بالعفو وقيل لا تخص الكفار5 فلا وجه للنسخ. سورة حم عسق6 الأولى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} 7 قال وهب8 وغيره نسخت بقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} 9 وليس بصحيح لأن المراد بمن في الأرض المؤمنين. الثانية: {اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} 1 0 قيل منسوخة بآية السيف11 وقد ذكرنا مذهبنا في نظائرها فلا نسخ. الثالثة: {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} 12 قال
الأكثرون اقتضت الاقتصار على الإنذار ثم نسخت بآية السيف1 وقال بعضهم معناها الكلام بعد إظهار البراهين قَدْ سَقَطَ بَيْنَنَا فَلَمْ يَبْقَ إِلا السَّيْفُ فعلى هذا هي محكمة. الرابعة: {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا} 2 قال بعضهم3 نسخ بِقَوْلِهِ {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} 4 وليس بصحيح لأنه5 لا يؤتى إلا ما شاء6 ويكون المعنى لمن نريد أن نفتنه7. الخامسة: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} 8 زعم قوم أنها أثبتت الانتصار بعد البغي ثم نسخ هذا بقوله {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ} 9 والتحقيق أنها محكمة لأن الانتصار مباح والتبصر والغفران فضيلة10. السادسة: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ} 11 زعم بعضهم نسخها بِآيَةِ السَّيْفِ وَقَدْ بَيَّنَّا مَذْهَبَنَا فِي نَظَائِرِهَا وأنه لا نسخ.
سورة الزخرف
سورة الزخرف الأولى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} 1 زعم بعضهم نسخها بآية2 السيف وقد ذكرنا مَذْهَبُنَا فِي نَظَائِرِهَا وَأَنَّهَا3 وَارِدَةٌ لِلْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ فلا نسخ. الثانية: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} 4 قالوا منسوخة بآية السيف5. سورة الدخان {فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} 6 ذكر بعضهم نسخها بآية السيف7 وليس بصحيح لأنه لا يتأتى في ارتقاب عذابهم ومن قتالهم. سورة الجاثية {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} 8 جمهور
سورة الأحقاف
المفسرين أنها تضمنت الإعراض عن المشركين ثم نسخها بآية السيف1. سورة الأحقاف {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} 2 اختلفوا هل المراد بذلك الدنيا أما الآخرة فمن قال الآخرة قال نسخت بِقَوْلِهِ {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} 3 وقوله {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} 4 ومن قال الدنيا قال ما أدري ما يجري علينا من أمور الدنيا وهذا الصحيح ولا يتصور النسخ في مثل هذه الآية وإذا لم يعلم الحالة ثم أعلم بها له لم يلزم ذلك نسخا5. سورة محمد صلي الله عليه وسلم6 {فإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} 7 فيها قولان أحدهما أنها محكمة ولأن الحكم الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ بَاقٍ لَمْ يُنْسَخْ وَهَذَا مَذْهَبُ أحمد والشافعي والثاني أنه نسخ بقوله {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} 8. وهو قول أبي حنيفة
سورة ق
سورة ق {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} 1 نسخ بآية السيف2. سورة الذاريات الأولى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} 3 من قال إشارة4 إلى الزكاة أو إلى التطوع رآه محكما ومن قال هو شيء كان يجب سوى الزكاة رآه منسوخا بالزكاة5. الثانية: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} 6 قالوا نسختها آية السيف7. سورة الطور الأولى: {قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} 8 قالوا نسخت بآية السيف9 ولا يصح لما بينا في نظائرها.
سورة النجم
الثانية: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} 1 زعم بعضهم أنها نسخت بآية السيف2 وإذا كان معناها الوعيد فلا يصح. الثالثة: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 3 قال بعضهم يعني الصبر منسوخ بآية السيف4 وإنما يصح هذا لو كان المراد الصبر عن القتال والصبر هنا مطلق يمكن أن يشار به إلى الصبر على أوامر الله. سورة النجم {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} 5 زعموا أنها منسوخة بآية السيف6 ومثالها7 في سورة القمر {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} 8. سورة المجادلة {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} 9 نسخت بقوله {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} 10.
سورة الحشر
سورة الحشر {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} 1 ذهب بعضهم أنها منسوخة2 بقوله {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} 3 وقال بعضهم بل هي مبينة حكم الفيء وهو ما أخذ من المشركين مما لم يؤخذ عليه خيل ولا ركاب كالصلح والجزية والعشور وآية الأنفال مبينة لحكم الغنيمة فلا يصح4. سورة الممتحنة الأولى والثانية: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} 5 وَقَوْلُهُ {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} 6 قال قتادة نسخت7 بآية السيف وقال ابن جرير لا وجه للنسخ لأن بر8 المؤمنين للمحاربين9 إذا لم يكن فيه تقوية على الحرب أو دلالة على الإسلام جائز10 الثالثة والرابعة: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} 11
سورة التغابن
الآيَةُ وَقَوْلُهُ1 {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} 2 الآية دل على أن الأحكام المذكورة في الآية مِنْ أَدَاءِ الْمَهْرِ وَأَخْذِهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَتَعْوِيضِ الزَّوْجِ مِنَ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ صَدَاقٍ قَدْ3 وجب رده على أهل الحرب منسوخ وقد نص أحمد على هذا قال مقاتل كل هذه الآيات نسخت بآية السيف4. سورة التغابن {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا} 5 قالوا نسخ بآية السيف6 وقد روينا سبب نزولها7 أن الرجل كان إذا أراد الهجرة منعه أهله حبا لإقامته عندهم فعلى هذا لا نسخ. سورة ن8 الأولى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} 9 قالوا نسخت10 بِآيَةِ السَّيْفِ وَإِذَا قُلْنَا إِنَّهُ وَعِيدٌ فَلا نسخ. الثانية: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} 11 قال بعضهم نسخ يعني
سورة المعارج
الصبر بآية السيف1 وقد تكلمنا على نظائرها. سورة المعارج الأولى: {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً} 2 والآية الثانية {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} 3 قال جماعة نسخت بآية السيف4 وقد تكلمنا على نظائرها ومنعنا النسخ. سورة المزمل الأولى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ} 5 كان قيام الليل فرضا عليه وعلى أمته ثم نسخ بِقَوْلِهِ {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ} 6 وقيل نسخ عن الأمة وبقي فرضا عليه وقيل بل كان فرضا عليه دونهم7. الثانية: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} 8 ذهب أكثرهم إلى9 نسخها بآية السيف10 وقيل المعنى اصبر على ما يقولون من تلبيسهم واهجرهم هجرا لا جزع فيه فعلى هذا لا نسخ.
سورة الغاشية
ومثلها في هل أتى1 {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} 2 وفي الطارق {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ} 3 الثالثة4: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ} 5 هذا وعيد فهو محكم وقد قالوا نسخ بآية السيف6 ومثله في المدثر {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} 7. سورة الغاشية {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} 8 قيل نسخت بآية السيف9 وقيل مَعْنَاهَا "لَسْتَ عَلَيْهِمْ10" بِمُسَلَّطٍ فَتُكْرِهَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ فعلى هذا لا نسخ. سورة الكافرون {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} 11 قال الأكثرون نسخت بآية السيف12 وإنما يصح هذا لو كان المعنى قد13 أقررتكم على
دينكم وإذا لم يكن المفهوم هذا بعد النسخ والله أعلم وصلى الله على سيدنا وآله وصحبه وسلم تسليما1.