المذهب الحنبلي دراسة في تاريخه وسماته

عبد الله بن عبد المحسن التركي

مقدمة الموسوعة

مقدمة الموسوعة الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد من الله على المؤمنين بإكمال الدين، وأتم به النعمة قال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة/ 3). وكمال الدين أن يبلغ تمامه وغاية ما أريد به من إصلاح الناس، وتعبيدهم لربهم الحق، إن في الإعتقاديات وما بأركان الإيمان، أو قي العبادات وما يتصل بأركان الإسلام، أو في العادات وما يتصل بإصلاح الأبدان، أو في المعاملات وما يتممها من الأخلاق والآداب الشرعية، في مختلف مجريات الحياة وتقلبات الأحوال. وقد أنزل الله تبارك اسمه كتابه العزيز، ليكون الأصل الأصيل والمشرع الرَّوِيّ السلسبيل، لكل حكم من أحكام الدين، فقال جل من قائل: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (النحل/89).

وأوكل إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - مهمة تبليغه، وبيان معانيه المجملة، فلا جرم كانت السنة النبوية من الكتاب العزيز، بمنزلة الشرح والتفصيل، مع ما اختصت به من إثبات أحكام مبتدأة ليست منصوصة في الكتاب. ولما ثبت بما لا يحتمل الشك، من عموم الشرع للأزمنة والبقاع والأحوال إلى يوم الدين، وكانت تصرفات الناس أفراداً وجموعاً، غير منحصرة لاختلافها وتجددها وتغيرها، جعل الله التشريع المنصوص في الكتاب والسنة، على وِزَانٍ يفي بحكم مستجدات الحياة، بحيث أجريت أحكامه مجرى التمثيل والتأصيل لما ليس بمنصوص، ليهتدي أولو العلم إلى حمل كل فرع على مثاله، ورده إلى أصله بضروب من العموم للمعاني، وهو ما اصطلح على تسميته بالقياس؛ بقسميه الخاص القائم على اعتبار علةٍ أو معهنى خاص ثبت في أصلٍ معينٍ، وطَرْدِ حكمه في فروعه؛ والقياس العامّ القائم على اعتبار معنى عام مقْصِدِي دلت عليه جملة من النصوص، واطردت فروع الشرع على رَعْيِه. وهذه الصفة التي أسس عليها شرعنا الحنيف، صفة الشمول والإستيعاب لأفعال المكلفين واجتهاداً، أمكنت فقهاء الأمة من إيجاد فقه إسلامي شامل لمجريات الحياة وتقلبات أحوالها، وفق طرائق للبحث منضبطة، ومسالك للنظر والإستنباط مرسومة، تميز بين الرأي الشرعي الصادر عن فهم النصوص وإدراك لمعاني ما دلت عليه من الأحكام، وبين الرأي العادي المبني على مجرد التخمين، وهو الذي ورد عن السلف ذمُّ إعماله في الشرع.

وكان من هؤلاء الفقهاء من زكى علمهم، وتوسع نظرهم في الفروع العملية، فرويت عنهم آلاف المسائل مما أفتوا فيه، وتوفر لهم من الأصحاب ما لم يتوفر لغيرهم، فاعتنوا بتلك المسائل، فحفظوها وجمعوها ودونوها، وقرأوها على الطلاب في المجالس. ثم جاء بعدهم من رتبها وهذبها وحررها وبسطها، وخرج عليها فروعاً كثيرة، واحتج لها من دلائل الكتاب والسنة والإجماع، وفقه الصحابة والتابعين، ومن جهة القياس ومعقول الأصول المقررة. وهكذا نشأت المذاهب الفقهية المشهورة المعروفة، فاشتغلت بها الأمة، وتفقهت عليها أجيالها وبثت مسائلها في الدروس والطروس، وجرت عليها الأقضية في الأمصار، والفتوى فيما يعوض للناس في شؤون عباداتهم ومعاملاتهم. وقد استوعبت هذه المذاهب قي مجموعها، عامة فقه السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة الذين لم يكتب لفقههم من الإشتهار والتدوين ما كتب لأصحاب هذه المذاهب، كالثوري والأوزاعي وأبي ثور وابن شبرمة والليث بن سعد؛ رحمهم الله جميعاً وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خيراً. وكان الإمام الرباني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، المروزي ثم البغدادي، رحمه الله وأجزل مثوبته، أحدَ أئمة هذه المذاهب؛ برز فقهه في المسائل التي دونها عنه جماعة من أصحابه في بغداد، وجمعها وصنفها كتباً وأبواباً في ديوانه الجامع، أبو بكر أحمد بن هارون الخلال،

ثم غلامُه أبو بكر عبد العزيز في كتابيه الشافي وزاد المسافر، ثم أبو عبد الله الحسن بن حامد في كتابه الجامع. ثم انتشر هذا المذهب في العديد من الأمصار والأقطار الإسلامية، بعد القرن الخامس، لا سيما في بلاد الشام ومصر، ثم في نجد في أواسط القرن العاشر. وبرز فيه أعلام طبقت شهرتهم الآفاق، وانتفع الناس بعلمهم على مسترسل الأزمان، كالقاضي أبي يعلى الفراء وأصحابه البغداديين، وأبي محمد عبد الله ابن قدامة المقدسي ثم الدمشقي الصالحي، صاحب المغني الكتاب العجاب الذي شرح فيه الخرقي، وشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية، وتلميذه شمس الدين ابن قيم الجوزية، والحافظ ابن رجب الحنبلى البغدادي، وغيرهم كثير. فخدموا هذا المذهب خدمة جليلة في مختلف أدواره من النشأة إلى النمو إلى الإنتشار إلى الإستقرار، في مختلف الوجوه التي خُدم فيها الفقه الإسلامي عموماً. فمهدوا أصوله وحرروها غاية التحرير، وحققوا ما فيه من اختلاف الروايات والأقوال، وخرَّجوا كثيراً من الفروع على نصوص إمامه أو أصوله، واحتجوا لكل مسألة من النصوص والقياس في المصنفات المذهبية والخلافية، وقعَّدوا قواعده وما يلحق بها من الأشباه والنظائر والفروق، وجردوا مفرداته التى انفرد فيها عن الذاهب الأخرى، وصنفوا في أحاديث الأحكام وفي مسائل الخلاف.

فرحم الله سابقهم ولاحقهم، وأجزل لهم المثوبة بما خلفوا لن بعدهم من علم ينتفع به، وأي علم أنفع للناس من الفقه في الدين؟ ولما مَنَّ الله تعالى على المملكة العربية السعودية، بلم شعثها، وعصمة أمرها على إمام واحد، وراية واحدة راية الكتاب والسنة، ثاب الناس إلى الدين، وازدهرت العلوم الشرعية ونفقت سوقها، لإتصال القول بالعمل. وكان علماؤها توارثوا هذا المذهب السني الجليل، منذ زمن بعيد، وأحبوه لحبهم إمامه الذي أجمع أهل السنة على إمامته، واستشرف السنة أو كاد، واعتمد في فقهه على فتاوى الصحابة، وقدم الأحاديث الضعيفة المنجبرة على القياس احتياطًا للنصوص , ومبالغة في التسليم للمنقول المأثور، واعتبر المصالح الثابتة قي الشرع، أصلاً تنتهي إليه الأحكام وتدور عليه، وأعمل سد الذرائع إلى المحرمات لِمَا دل الدليل القطعي على اعتبارها. لأجل هذه الأسباب عني بالفقه الحنبلي في هذه البلاد المباركة، تعلماً وتعليمًا، وإفتاء وقضاءً، وإخراجاً لكنوزه من دفائق التراث، وتيسيرها بين الناس من الطلاب والعلماء والباحثين، مصححة نصوصها على أصولها الخطية، مع ما يتممها من تفسير الغريب وتراجم الأعلام، وعزو الآيات والأحاديث والآثار، والإحالة على النقول، وصناعة الفهارس، وما سوى ذلك من الأعمال التي درج عليها الناس في تحقيق التراث.

وكان من فضل الله علي أن ضربت بسهم في هذه المهمة الشريفة، وأمسكت بطرف من هذه الفضيلة المنيفة، بما يسر الله تعالى من تحقيقه من الكتب. وكان هذا الإهتمام مني بمذهب الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-، أمرًا اقتضاه الواقع الفقهي لمملكتنا الحبيبة؛ إذ هو المذهب السائد فيها، فى التعليم والإفتاء والقضاء. ولهذا السبب اخترت دراسة أصوله موضوعًا لرسالة الدكتوراه، وتبين لي بجلاء مكانته السامقة في عدة مجالات، وقد أوضحت ذلك بشيء من التفصيل في مقدمة "أصول مذهب الإمام أحمد" ومقدمة تحقيق "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد" لابن بدران، فاتجه العزم لخدمته وإخراج ما تيسر من كتبه. وكان تشجيع ولاة الأمر والأمراء في المملكة وبخاصة الملك فهد بن عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ- عونًا لي بعد الله سبحانه وتعالى، على نشرها وتوزيعها على طلاب العلم، احتذاء للسنة الحسنة التي سنها في ذلك، الإمام المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه. ولما نفد ما طبع من تلك الكتب، وظهرت شدة الحاجة إليها، بتكاثر طلب طلاب العلم لها، رأيت إسعافهم بطلباتهم، في إخراج جملة منها في مجموع واحد سميته" موسوعة الفقه الحنبلي" ورجوت أن أتبعها ببقيتها، إن فسح الله تعالى في العمر وهيأ الأسباب. وقد عرضت ذلك على صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، فاستبشر بذلك -كما هو دأبه أدام الله

عليه سوابغ نعمه- ورحب أن يكون توزيعها على طلاب العلم، على نفقته الخاصة، حسبة لوجه الله وابتغاء لمرضاته، أجزل الله له المثوبة ومتعه بالصحة والعافية. وكنت قد استدركت في بعض تلك الكتب، أشياء من التصويبات والإضافات، وبعضها أفاد بها بعض الإخوة، فسنح في الرغبة تلافيها ومراجعاتها في طبعة جديدة، غير أني وجدت أن ذلك يحتاج إلى وقت طويل، وحاجة الطلاب حاضوة ملحة، فرأيت أن أَرجئ النظر فيها إلى حينٍ، وعسى أن يجعله الله قريباً. والله ولي التوفيق. الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المذهب الحنبلي «دراسة في تاريخه وسماته وأشهر أعلامه ومؤلفاته» [1]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1423 هـ - 2002 م مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع حقوق الطبع محفوظة © 2002 م. لا يُسمح بإعادة نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه بأي شكل من الأشكال أو حفظه ونسخه في أي نظام ميكانيكي أو إلكتروني يمكن من استرجاع الكتاب أو أي جزء منه. ولا يُسمح باقتباس أي جزء من الكتاب أو ترجمته إلى أي لغة أخرى دون الحصول على إذن خطي مسبق من الناشر.

مقدمة

مُقَدِّمَة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد. فقد أنزل الله سبحانه كتابه العزيز بالحق على خاتم النبيين، ليبلغه إلى خاتمة الأمم، وجعله بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة , فهو حجته على الناس جميعًا , مهما باعدت بينهم الأقطار والأمكنة، ومهما توزعتهم الأعصار ولأزمنة، ومهما زايلت بينهم الألوان والعادات والألسنة. وهو كلية الشريعة، وعمدة الملة الحنفية السمحة، وينبوع الحكمة البالغة، وآية الرسالة الخاتمة، ونور الأبصار والبصائر، فلا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة إِلا في التمسك يه واتباعه. وجعل الله خاتم الرسل محمدًا - عليه الصلاة والسلام - حجة؛ بما علمه وأدبه، وحباه به من العصمة عن مقارفة الذنوب وملابسة المعاصي، فكانت أقواله وأفعاله وسائر تصرفاته تشريعًا للناس، وسنة للمسلمين، وييانًا لما أنزل إليهم من ربهم، كما قال -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]. قال الشاطبي -رَحِمَهُ اللهُ-: "تعريف القرأن بالأحكام الشرعية أكثره كليّ لا جزئي .. ويدل على هذا المعنى -بعد الإستقراء المعتبر- أنه محتاج إلى كثير من البيان، فإن السنة على كثرتها وكثرة مسائلها، إنما هي ييان للكتاب .. وإذا كان كذلك، فالقرآن على اختصاره جامع , ولا يكون جامعًا إلا والمجموع فيه أمور كليات؛ لأن الشريعة تمت بتمام نزوله , لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3]. وأنت تعلم أن الصلاة والزكاة والجهاد، وأشباه ذلك لم يتبين جميع أحكامها قي القرآن، إِنما بينتها السنة , وكذلك العاديات من الأنكحة والعمود والقصاص والحدود وغيرها" (¬1). فكان الهاديان: الكتاب العزيز والسنة المطهرة، حجة ومحجة، ونورًا مبينًا , وحبلًا متينًا، وصراطًا، من عمل بهما أجر، ومن تمسك بهما عصم، ومن دعا بهما وإليهما هدي إلى صراط مستقيم. يوشك أن يفوز بالبغية، ويظفر بالطَّلِبة، ويجد نفسه من ¬

_ (¬1) الموافقات 4/ 330، دار المعرفة بيروت، 1996.

السابقين في الرعيل الأول. ومن تنكب عنهما كان من الضالين الزائغين، وياء يوم الفيامة بالخسران المبين. ولم يزل الصحابة والتابعون لهم بإحسان، ومن جاء بعدهم من أئمة الدين وفقهاء الإسلام، وهداة الأنام، ودعاة الخير من كل جيل، يبلغون هذا الدين الذي مما نزل به الكتاب وفصلته السنة، ويعلمون ما تَعلَّموا من علم جيلاً بعد جيل، حتى وصل إلينا سليمًا من التحريف، آمناً من التغيير والتبديل، صافيًا من الأكدار، فلله الحمد والمنة وحده. ولا يزال هذا الدين محفوظًا بحفظ الله له ما تعاقب الملوان، ذلك أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد استحفظ الأمم من قبلنا على دينه الذي شرع لهم، وكتبه التي أنزل على أنبيائهم ورسلهم، وأخذ على علمائهم من الأحبار والرهبان أن يبلغوه كما تبلغوه، وليبينُنَّه للناس ولا يكتمونه، ولا يشترون بآيات الله ثمنًا قليلاً، فخلفت من بعدهم خلوف نبذت هذا الميثاق، وأعملت أيدي التحريف، وتصرفت بالتبديل والكتمان والدس والتزيف، حتى عادت معالم الدين مطموسة، وحقائق العقيدة والشريعة مدرسة، فاستحقوا بذلك عقاب الله وسخطه، وحلت بهم نقمته إلى يوم الدين. أما أمة الإسلام، فقد كُفيت ذلك كله فضلًا من الله ونعمة، وعجل الله لها البشرى من أول يوم أنه حافظ لكتابه، قال -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]. فالقرآن الكريم محفوظ من التحريف والتغيير والتضييع، وإذا الكتاب حفظت السنة أيضًا بلا ريب، لأنها شرحه، وبيان وتفصيل لمجمله، وحلّ لمقفله، وتأويل لمشكله. ثم إن الله سبحانه وتعالى أظهر ذلك الحفظ في الأسباب التي جنَّدها -وإذا أراد الله شيئًا هيأ له أسبابه- وجعل تلك الأسباب المجنَّدة من جملة خصائص هذه الأمة الخاتمة، فمن ذلك: الإسناد والإجماع: فالإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، وتميزت هذه الأمة بأنها أمة الإسناد، فلا يقول أحد قولاً في الدين إلاّ قُيض له من يقول له: من أين لك هذا؟. كما أن إجماع علماء المسلمين في كل عصر من العصور حجة قاطعة، تلزم سائر المسلمين في العصور التي تلت وقت انعقاد الإجماع، فلا تتفق كلمتهم على ضلالة، ولا تجتمع آرهم على خلاف الحق، ولا تزال في المسلمين طائفة ظاهرةً على الحق لا يضرهم

من خالفهم من الطوائف، ولا يثني من عزيمتهم كثرة الأهواء وتشعب المِلل والنحَل والآراء، المتنكبة عن الصراط السوي والحبل القوي الذي هو كتاب الله وسنة رسوله. ومن تلك الطائفه المنصورة، والجماعة المحبورة، حملة العلم المعتبرون ودعاته ورواته، فهم العدول من كل خَلَف، وهم القدوة الصالحة في كل جيل؛ يعلمون الناس دين نبيهم، وينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، سواء كانوا من زمره الفقهاء، أم من جمله المحدثين، أم من عداد المفسرين، أم من غيرهم، كعلماء اللغة والأصول والتاريخ والأنساب، وسائر فنون المعارف التي تخدم الشريعة. ولما كان الفقه الإسلامى يستمد لُحمته وسداه من العلوم المشار إليها، فإنه ما من شك يمكن أن يُساورَ النفوس في أنه يحتل المرتبة العالية والدرجة السامية من حيث الأهمية والإعتبار، كمَا يُعد المشتغلون به آخذين بالحظ الأوفر من التركة النبوية، حائزين على القدح المعلّى من سهامها. وتلك مكانة موموقة ودرجة سامقة شريفة، رامها كثير من الطلاب، وانبوى لها ثلة ممن أراد الله بهم خيرًا، وذلك مصداقًا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" (¬1). فظهر الفقهاء فى هذه الأمة، في كل جيل من الأجيال منهم طائفة، وفى كل مصر من الأمصار منهم ثلة، حتى تكوَّن منهم في تاريخ الإسلام طبقات تعد بالألوف، من الصحابة، إلى التايعين، إلى الأئمة المجتهدين الذين عرفوا فيما بعد بمذاهب وطرائق في الإجتهاد والإستنباط، وانتسب إليهم من جاء بعدهم على توالي القرون، وفي مقدمتهم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة , ومالك، والشافعي، وأحمد، وكانت إلى جانبهم مذاهب أخرى تألقت وسادت فترة من الزمن، ئم انقرضت (¬2) وبادت مع الأيام، كمذهب الثوري والأوزاعي وأبي ثور والليث بن سعد وابن جرير الطبري، وغيرهم. ¬

_ (¬1) أخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 900، والبخاري (71) , في العلم، باب "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" ومسلم (1037) (98) في الزكاة، باب النهي عق المسألة. كلهم عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -. (¬2) الإنقراض لا يعني هنا البطلان والإنعدام، وإنما يعني تقلص عدد من يقلدهم في جميع اجتهادتهم إلى حد الندرة، ونحن في عصرنا بحاجة إلى جمع فقه كل إمام مجتهد من أولئك الأئمة الذين لم يكتب لمذاهبهم أن تدون، لمعرفة مواطن الإجماع والخلاف، وللإستفادة من تلك الأراء والمذاهب في قضايانا المعاصرة".

ولم يكن أحد من هؤلاء الأئمة يقلل من شأن غيره من نظرائه، ولا يعيب الاجتهاد على مخالفه، ولا يدعو الناس الى التزام مذهبه وما أداه إليه اجتهاده، بل حفظ عنهم أنهم كانوا ينصحون تلامذتهم باجتناب التقليد الأعمى، لأنهم غير معصومين من الخطأ. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: "وهولاء الأئمة الأربعة - رضي الله عنهم - قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقودونه، وذلك هو الواجب عليهم؛ فقال أبو حنيفة: هذا رأيي، وهذا أحسن ما رأيت، فمن جاء برأي خير منه قبلناه، ولهذا لما اجتمع أفضل أصحابه: أبو يوسف بمالك، فسأله عن مسألة الصاع، وصدقهَ الخضراوات، ومسألة الأحباس، فأخبره مالك، يما تدل عليه السنة في ذلك، فقال: رجعت إلى قولك يا أبا عبد الله، ولو رأى صاحبي ما رأيت لرجع إلى قولك كما رجعت. ومالك كان يقول: إنما أنا بشر أصيب وأصيب وأخطئ , فاعرضوا قولي على الكتاب والسنة، أو كلامًا هذا معناه. والشافعي كان يقول: إذا صح الحديث فاضربوا بقولي عوض الحائط، وإذا رأيت الحجة موضوعة على الطريق فهي قولي. وفي "مختصر المزني" لما ذكر أنه اختصره من مذهب الشافعي لمن أراد معرفة مذهبه، قال: مع إعلامه نَهْيَه عن تقليده وتقليد غيره من العلماء. والإمام أحمد كان يقول: لا تقلدوني، ولا تقلدوا مالكًا ولا الشافعي ولا الثوري، وتعلموا كما تعلمنا. وكان يقول: من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال، وقال: لا تقلد دينك الرجال، فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا" (¬1). وإذا كان الأئمة أصحاب المذاهب على هذه المبادئ يسيرون، فالتعصب لهم من غير دليل ارتماء في عماية، وانزلاق في غواية، كما أن المفاضلة بينهم، وإقامة سوق الترجيح بين هذا المذهب وذاك، كل ذلك يعد تفريقًا بين أبناء الأمة الواحدة، وإثارة لأسباب الفرقة والشجار والخصام، لأن التمذهب ليس دينًا متزلًا، ولا شرعًا مقدسًا، وإنما هو ضرورة لابدّ منها للعامة، ومن يتدرج في طلب العلم ممن لم يبلغوا درجة النظر في الأدلة، ولأن المذهب الواحد لا يمكن أن يكون ملزمًا لجميع الأمة حتى يتعين تقليده ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى 20/ 211 - 212.

والإلتزام به، فمن ذا الذي لم يعزب عنه شيء عن الأحاديث التي جمعها أئمة الحديث في دواوينهم التي بلغت عدة الأحاديث فيها الآلاف المؤلفة؟ ومن ذا الذي سلم من الخطأ فيما بناه عن الأحكام على القياس والتنظير والتمثيل؟ فالأئمة الفقهاء أصحاب فضل بما سبقوا إليه من رسم قواعد الإستنباط ومسالك الإجتهاد والنظر , وبما بذلوا من جهود في تخريج أحكام الفقه الإسلامي، وفي اختلافهم رحمة وسعة على الأمة، ومذاهبهم فىِ جملتها تتكامل ولا تتفاضل، وتتآزر ولا تتنافر، وللباحثين المجتهدين بعد ذلك أن ينظروا في أقوالهم في مسائل الخلاف مع ما نصبوا عليها من الأدلة، وما استندوا إليه من الحجج، على أنها ظنون راجحة لديهم، وقد تكون مرجوحة عند غيرهم، وهي دائمًا تخضع للدليل وتوزن بموازين الأصول، ويرجح لعنها بقواعد العلم لا بمنازع الهوى. ولا يجادل أحد في أن سلف الأمة الصالح خير من، وهم مع ذلك فد وقع بينهم الخلاف في الرأي، وعلى الرغم من ذلك لم يكن داعيًا للتعصب، ولا مسببًا للفرقة، بل كان مجرد اختلاف رأي، واجتهادًا يرجو أحدهم به أجر الله، أخطأ أم أصاب، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له فيما رواه عمرو بن العاص: "إذا حكم الحاكم، فاجتهد، ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" (¬1)، ولم يذم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدًا عن الصحابة لخطإٍ وقع في اجتهاده , على كثرة ما وقع منهم. وكذلك لم يكن أحد من أئمة الحق يتعمد مخالفة نص من نصوص الشريعة , وإذا وجد لأحد منهم ما يخالف نصًا صحيحًا، فلا بد له من عذر في تركه، إما لعدم اطلاعه عليه، أو لعدم اعتقاده أنه صادر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو لعدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول، أو لمعارضة نصٍّ آخرَ له، أو غير ذلك من الأعذار. التي قد لا نطلع عليها. فلا يجوز للمسلمين أن يعدلوا عن قول ظهرت حجته بحديث لقول أي عالم، فتطرق الخطأ إلى آراء العلماء أكثر من تطوقه إلى الأدلة الشرعية، ومن خالفه من العلماء الذين لم يطلعوا عليه معذور، لا يلحقه عقاب ولا ذم، ولا يقال في حقه: إنه حلّل حرامًا، أو حكم بغير ما أنزل الله" (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (7352) , ومسلم (1716) وأبو داود (3574) وابن ماجه (2314). (¬2) أسباب اختلاف الفقهاء، د. عبد الله التركي، ص 298.

وإذا كان الخلاف في الآراء والإجتهادات ظاهرة طبعية، كاختلاف الأمزجة والأشكال والألوان في البشر، وكان العذر قائمًا مع الأجر في حق من أخطأ في اجتهاده من أئمة الدين، فيما ليس فيه نص قطعي ولا إجماع صريح ثابت، فإن النتيجة الحاصلة من الإجتهاد الواقع في المسائل الشرعية التي يسوغ فيها النظر، لابد أن تسفر عن صواب أو خطأ، والصواب دليل على توفيق الله، كلما أن الخطأ دليل على عدم العصمة في الفهم والإستنباط. ثم إن كل إمام من أئمة المذاهب الفقهية المدونة المتبعة، بل والمنقرضة أيضًا، قد عرف بعدد من الأصحاب والتلاميذ الذين لزموا منهجه قي النظر، وأخذوا بأصوله في الإستنباط، وإن كان منهم من خالفه في بعض ما ذهب إليه لحجة رآها راجحة عنده. وهكذا أصبح المذهب الفقهي الواحد لا يمثله الإمام المنسوب إليه فحسب، بل تمثله تلك المجموعة المتألفة منه ومن أصحابه من تلامذته، وممن جاء بعدهم من أصحاب الوجوه والتخريج وغيره من طبقات المجتهدين فيه. ولا تزال الحاجة إلى التعريف المتكامل بالمذاهب الفقهية؛ نشأة وتأسيسًا، ثم تكميلًا وتدوينًا، ثم تطورًا في الأعصار، وانتشارًا في الأمصار، والكشف عما لها من مزايا ومحاسن، وما خلفت من تراث ومأثر، والدراسة لخصائص كل واحد منها، ومؤلفاته وسائر مآثره بصفة عامة، لا تزال الحاجة إلى ذلك كله ماسة وملحة، ومن هنا كان الهدف من هذا الكتاب هو تلبية هذه الحاجة بقدر الإمكان، والاستجاية لتلك الطلِبة المكنونة في نفوس الراغبين من الطلاب والدارسين، وذلك بالتطرق إلى إيراز ما يختص به المذهب الحنبلي من خصائص ومميزات، وما يمتاز به من مزايا وحسنات؛ وذلك من خلال المحاور التالية: - تاريخ المذهب. - سماته. - أبرز أعلامه ومؤلفاتهم. وتمثلت العناية في الجانب التاريخي بعقد دراسة عن الإمام أحمد؛ لبيان سيرته الذاتية والعلمية، ومنزلته بين أهل العلم، وتصانيفه من كتب ورسائل، والتي يمثل "المسند" حجر الزاوية فيها.

يلي ذلك تقسيم تاريخ المذهب الحنبلي إِلى ثلائة أدوار، تنتظم تطور المذهب في الزمان والمكان، والمواطن التي انتشر فيها منذ نشأته إلى يومنا هذا , وهذه الأدوار هي: - دوو النشأة والتأسيس. - دور النقل والنمو. - دور الإنتشار. وأما السمات التي اتسم بها، فتتمثل بتأثر عامة الحنابلة بسيرة الإمام أحمد في العلم والعمل، والإهتمام بالحديث الشريف وعلومه، والعناية بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والإلتزام بتطبيق هذه الفريضة التزامًا كاملًا، إلى غير ذلك. والغاية المرجوة من وراء هذا وذاك هي لفت النظر إلى المآثر والمحاسن الطيبة التي غرسها الحنابلة في تاريخ الأمة الإسلامية، على أمل أن يقتدي الخلف بالسلف، ويهتدي اللاحق بعمل السابق، مستفيدًا من ذلك الرصيد المكنوز في تاريخنا المجيد. وأما أبرز المؤلفات الففهية الحنبلية فهي جانب آخر من الجوانب التي توضح المنهج الحنبلي في التأليف والتصنيف والصناعة الفقهية، وتكشف عن مدى إسهام الحنابلة الكبير في إثراء مكتبة الفقه الإسلامي كثرة وتنويعًا.

تمهيد

تَمْهِيدْ أولًا - كلمة "مذهب": 1 - المذهب لغة: مذهب على وزن "مَفعل" صياغة للمصدر الميمي المشتق من المادة، كما أنها صياغة لإسم الظرف منها: فأما المصدر الميمي، فإن مادة "ذ هـ ب" يمكنثا أن نصوغ منها ثلاثة مصادر: - الذَّهاب، بالفتح والكسر، وهو مصدر سماعي مستعمل كثيرًا. - الذُّهوب، كالركوب، وهو المصدر القياسي، وهو مستعمل أيضًا. - المَذْهب، وهو المصدر الميمي للكلمة. وأما اسم الظرف، فهو اسم لمكان الذهاب أو زمانه، فلنا أن تقول: ذهب القوم مذاهب شتى , على معنى تفرقوا قي طرائق مختلفة. وقد ورد في الحديث من هذا المعنى: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد الغائط أبعد في المذْهب" (¬1). ولهذا يستعمل لفظ "المَذْهب" في معنى "المُتَوضَّأ" لأنه يذهب إليه. ومعاني هذه المادة -أي: ذ هـ ب- تدور على أصلين، هما: - الحُسن والنضارة، وهو معظم الباب، كما قال ابن فارس. - السير والمرور والمضي، ويستعمل حقيقة ومجازًا، ومن مجازه تكون المعنى العرفي للكلمة، كما سنوضحه (¬2). 2 - المذهب عرفًا: تكون المعنى العرفي لكلمة "مَذْهب" من مجاز المعنى الثاني، الذي استعمل فيه في لغة العرب -بمعنى السير والمرور والمُضي- فقد قال الزييدي: "المذهب: المعتقد الذي يذهب إليه، وذهب فلان لذهبه، أي: لمذهبه الذي يذهب فيه. والمذهب الطريقة، يقال: ذهب فلان مذهبًا حسنًا، أي: طريقة حسنة" (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (18171)، وأصحاب السنن: أبو داود (1)، والترمذي (20)، والنسائي 1/ 18، وابن ماجه (331) من حديث المغيرة بن شعبة. (¬2) ينظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس مادة (ذ هـ ب) تحقيق عبد السلام هارون، نشر دار الفكر , وتاج العروس، للزبيدي، مادة "ذ هـ ب" ت. علي هلالي. مطبعة حكومة الكويت. (¬3) تاج العروس، الموضع السابق.

3 - المذهب اصطلاحا

3 - المذهب اصطلاحًا: لا ريب أن المعنى العرفي لكلمة "مذهب" لا يحقق لنا الغرض الذي من أجله عقدنا هذه المقدمة، فإن التطور الدلالي أكسب هذا اللفظ مضمونًا اصطلاحيًا شاع بين النحاة والفقهاء الأصوليين والمحدثين وعلماء الأدب، وسائر العلوم، فما من فوع من فروع المعرفة الإنسانية إلا ونجد فيه مذاهب تتقاسمه وتسهم في تكوين بنيانه. والمذهب بهذا المعنى الاصطلاحي له معنى عام مشترك بين العلوم، ومعنى خاص في نطاق الفقه الإسلامي، وهو الذي يهمنا في بحثنا هذا: • فأما المعنى العام للمذهب: فهو مبادئ وآراء متصلة منسقة لعالم أو لمدرسة، ومنه المذاهب الفقهية والأدبية والفنية والعلمية والفلسفية (¬1). • وأما المعنى الخاص للمذهب: فهو جملة الأحكام التي ذهب إليها إمام من أئمة الققه الإسلامي. فهو بهذا المعنى اسم للمسائل التي يقول بها المجتهد، والتي يستخرجها أتباعه من قواعده (¬2). فمذهب الإمام أحمد بن حنبل، هو جملة الأحكام التي ذهب إليها الإمام أحمد، أو مجموع المسائل الفقهية التي قال بها الإمام أحمد، وما ألحق بذلك مما خرجه أصحابه على قواعده وأصوله. والجدير بالتنبيه أن الأحكام الفقهية تنقسم قسمين رئيسين: قسم مقطوع يه ومجمع عليه، ومنصوص من قبل الشارع صراحة، كوجوب الصلوات الخمس والزكاة والصوم، وتحريم الخمر والسرقة، ونحو ذلك. فهذه ليست محلًا للإجتهاد، وبالتالي، لا يظهر فيها تنازع الأنظار بين المجتهدين قط. وقسم آخر مظنون، تتنازعه الإحتمالات مهما تباينت وتفاوتت في درجاتها، ويذلك كان هذا القسم محلًا لتنازع الأنظار، وموطنا للإختلاف والإتفاق. وهذا النوع من الأحكام هو الذي يدور الإجتهاد والإستنباط في نطاقه. ¬

_ (¬1) الصحاح في اللغة والعلوم، تأليف نديم مرعشلي وأسامة مرعشلي، كلمة (ذهب). (¬2) الإختلاف الفقهي في المذهب المالكي، للخليفي، ص 43. وقد عقد الإمام القرافي بحثًا مطولًا في تحقيق ماهية "المذهب" وشرحه في "السؤال السابع والثلاثين" من كتابه "الإحكام في تمييز الفتاوى من الأحكام".

ثانيا - نشأة المذاهب الفقهية وسببها

واصطلح المتأخرون من فقهاء المذاهب على أن كلمه "مذهب أحمد" مثلًا إذا أطلقت، فلا يقصد بها دائمًا ما ذهب إليه الإمام نفسه، بل ما استقر عليه القول وجرت به الفتوى، سواء أكان هو قول الإمام نفسه، أم كان قولًا لأصحابه، أم كان قولًا مخرجًا معتمدًا، فيقولون: المذهب في المسألة كذا، ويقصدون هذا المعنى، من باب إطلاق الشيء على جزئه الأهم، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحج عرفة" (¬1)، وذلك لأن الأهم عند الفقيه المقلد هو ما به الفتوى دون غيره (¬2). والمذهب بهذا المعنى الأخير لم يكن معروفًا في زمن الأئمة أصحاب المذاهب المتبوعة، فمالك والشافعي وغيرهما لم يكونوا يعرفون معنى المذاهب، وإنما كانوا ينشرون علم السنة، وفقه الصحابة والتابعين، ولذا قيل: إن نسبة المذهب إلى صاحبه لا يخلو من تسامح. ثم تطورت دلالة هذه الكلمة حتى استقرت على مدلول كبير ومضمون واسع وأصبح إطلاق كلمة "المذهب الحنبلي" مثلًا في الأزمنة المتأخرة إلى يومنا هذا يعني ذلك المجموع المتكامل، والبنيان المتراصف المشيد من فقه وأصول وقواعد وضوابط وفروق واصطلاحات، تولدت وترتبت وهذبت، عبر مدة زمنية غير قليلة، وجهود كوكبة متلاحقة من العلماء، بنى اللاحق فيها على ما انتهى إليه السابق، منذ أن كان المذهب في طي تلك المسائل والفتاوي المتفرقة، والإجتهادات المنثورة في التصانِيف الأولى والأسمعة التي دونها الأصحاب رحمة الله أجمعين. * * * ثانيًا - نشأة المذاهب الفقهية وسببها: من المعلوم أن المذاهب الفقهية لم تكن معروفة في زمن الصحابة ولا التابعين، على أن بعض الصحابة تفردوا بالمشيخة ليبعض فقهاء التابعين، فقد ذكر السخاوي ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (18774)، وأصحابه السنن: أبو داود (1949) والترمذي (889)، والنسائي 5/ 264، وابن ماجة (3015) من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي. (¬2) محاضرات في تاريخ المذهب المالكي د. عمر بن عبد الكريم الجيدي، ص 7، ط. المغرب.

عن علي ابن المديني أن المذاهب المقلَّدة أربابها من الصحابة ثلاثة: عبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس، قال: وكان لكل منهم أتباع في الفقه يدون في علمهم وفتواهم قولهم (¬1). ولنا أن نزعم أن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - كانت على حظ من ذلك؛ إذ تتلمذ عليها ابن أختها عروة بن الزبير، ومسروق بن الأجدع، وعلقمة والأسود النخعيان، فقد جاء أكثر علمها من جهة هؤلاء. وطبقة فقهاء الصحابة لم تكن تتميز بالأمصار والأقاليم، وإنما كانت متميزة بالزمن الذي أظل الخلافة الراشدة وما بعدها إلى نهاية القرن الأول. وقد جرى الشيرازي على هذا المَهيع، فلم يوزع الصحابة الفقهاء على الأمصار الإسلامية، وإنما ترجم لهم ترجمة زمنية عامة، وقسمهم إلى كبار وصغار، مع أن منهم من مات بالمدينة، ومنهم من مات يالبصرة، ومنهم من مات بالشام، وهكذا .. فلما انتهى إلى فقهاء التابعين وزعهم على الأمصار الإسلامية المعروفة آنذاك (¬2). فدل هنا على أن الفقه انتسب إلى البلدان في زمن التابعين، ويالخصوص في طبقة صغارهم، فاشتهر بالمدينة جماعة، وبمكلة جماعة، وبالبصرة والكوفة والشام واليمن ومصر كذلك. ولسنا بحاجة إلى تفصيل ذلك، لكن نقول: إن هذه البلدان احتضنت من فقهاء التابعين أعدادًا متفاوتة بحسب تفاوت عدد الصحابة الذين ورثوهم من قبل، وهذا التفاوت هو السر في تكوين مدرسة الحجاز ومدرسة العراق، فقد كانت الخلافة بالمدينة أولًا، وكانت مجتمع الصحابة وموطن سراتهم، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه من غزوة حنين ترك بها اثني عشر ألفًا من الصحابة، مات بها منهم عشرة آلاف، وتفرق ألفان في سائر أقطار الإسلام، هكذا قال مالك وغيره (¬3). ثم انتقلت الخلافة إلى الكوفة قبل أن تستقر في الشام، وانتقل إليها من الصحابة نحو من ثلاثمائة ونيف (¬4). وكان قد استوطن البصرة والكوفة من الصحابة المشهورين: علي وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر وأبو موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك وحذيفة بن اليمان وعمران بن حصين، وغيرهم - رضي الله عنهم - جميعًا وأرضاهم. وتولدت من الكوفة مدرسة الرأي التي تستعمل القياس، وتعمله بشكل واضح ¬

_ (¬1) الفكر السامي، لمحمد بن الحسن الحجوي 1/ 287. (¬2) طبقات الفقهاء، للشيرازي. (¬3) الفكر السامي 1/ 211. (¬4) المرجع السابق 1/ 310.

ومنهجي في استنباط الأحكام، وكان رائدها إذ ذاك إبراهيم النخعي -رَحِمَهُ اللهُ-، وظهرت مدرسة الحديث بالحجاز، وكان حامل اللواء فيها هو سعيد بن المسيَّب. والواقع أن الحجاز لم تكن فيها مدرسة ولا رائد، وإنما تميز الحجازيون بأنهم أهل حديث وأثر، كما تميز العراقيون باستعمال القياس وكثرة التفريع الفقهي , وقد كان صغار التابعين ومن بعدهم في الشام ومصر واليمن على سنن الحجازيين , كما أن فقهاء الأمصار استعملوا القياس، كما استعمله الصحابة، وكان ربيعة بن عبد الرحمن يسكن المدينة، وهو شيخ مالك ابن أنس في الفقه، ومع ذلك كان يتعاطى الرأي حتى لقب بـ "رييعة الرأي"، كما كان الشعبي وابن سيرين من أعلام محدثي العراق وعلمائهم، ولم يكونا معروفين بالرأي. فالحقيقة أن النزاع قام بين بعض الحجازيين والعراقيين بسبب أن معظم العلم انحصر في الحجاز والعراق، وكان قد دخل في طور الإنتساب إلى البلدان كما قلنا، فحصل ما يشبه تحاسد الأقران وتنازعهم على الفضائل، فكان علماء الحجاز يرون أنهم قد اجتمعت لهم السنة، وأن الإسناد الصحيح الثابث لا يزال متوارثًا فيهم، فأصح الأسانيد عندهم: الزهري عن سالم عن أبيه، ومالك عن نافع عن ابن عمر، وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وأن الحديث إذا جاوز الحرّتين انقطع نخاعه. وكان علماء العراق يرون أنهم هم الآخرون قد استغنوا بما حمل إليهم الصحابة الأولون من العلم، وخصوصًا عبد الله بن مسعود، وكان جادة الإسناد إليه: منصور عن إبراهيم عن علقمة عنه - رضي الله عنه -. ولكن لما قلّت بضاعتهم بالنظر إلى بضاعة الحجازين فتحوا باب الرأي والقياس ليسدوا الفراغ، ويحكموا في تلك الفروع الكثيرة التي خاضوا فيها. إلى جانب ذلك فقد اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، وامتزجت الثقافات فيها، وتفرق الفقهاء في الأمصار، وكثرت الرحلات والفتاوى والوقائع، وشاع الجدل والمناظرات في المجالس، وأخذ التدوين، بمعنى التصنيف، يشق طريقه في صفوف العلماء، كما كثرت الترجمة لعلوم الأوائل، وتجرد كثير من الموالي وانتدبوا يتفقهون ويتعلمون حتى صاروا أئمة الناس وازدهر الفقه بهم ازدهارًا عظيمًا (¬1). كل هذه العوامل تسببت في وجود علماء تميزوا بجمع الفقه، وكثرة الحفظ والتألق في الإجتهاد على ضوء ما انتهى إليهم من شيوخهم، وبذلك صاروا فيما بعد أئمة لمذاهب فقهية تعرف بأسمائهم بصورة تلقائية. ¬

_ (¬1) المدخل للفقه الإسلامي، محمد سلام مدكور، ص 85 - 89.

• ففي المدينة: انتهى الفقه إلى مالك بن أنس، ومن كان في طبقته، من مثل: عبد العريز بن سلمة ومحمد بن أبي سبرة وكثير بن فرقد وابن أبي ذئب، رووه عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن هرمز وربيعة وأبي الزناد، والفقهاء السبعة الذين رووا بدورهم عن الصحابة -وكانوا في الغالب آباءهم- وهم: سعيدُ بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعُبيد الله بن عبد الله، وخارجة بن زيد وسليمان بن يَسار، وأبو بكر بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمد، وقيل: سالم بن عبد الله. • وفي مكة: انتهى الفقه إلى محمد بن إدريس الشافعي، عن شيخه الزَّنجي، عن ابن خريج وابن أبي نجيح عن أصحاب ابن عباس؛ كعكرمة وعمرو بن دينار وعطاء ومجاهد وابن أبي مليكة. • وفي الشام: انتهى الفقه إلى الأوزاعي، عن سليمان بن موسى الأشدق ومكحول ورجاء بن حيَوة وعبد الله بن زكريا وهانئ بن كلثوم، عن شَهْر بن حَوْشَب وأبي إدريس الخولاني؛ من تلامذة أبي الدرداء وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس. • وفي مصر: انتهى الفقه إلى الليث بن سعد، عن بكير بن عبد الله بن الأشج وعمرو بن الحارث ومرثد بن عبد الله اليزني، عن الصُّنابحي وعبد الله بن مالك الجيشاني، وهما من أصحاب عمر بن الخطاب. • وفي الكوفة: انتهى الفقه إلى أبي حنيفة والحسن بن صالح بن حيّ، وشريك النخعي، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَة، وهؤلاء عن الحكم بن عتيبة وحماد ابن أبي سليمان، وحبيب بن أبي ثابت والحارث بن يزيد العكلي، وهؤلاء عن الشعبي وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وهؤلاء عن أصحاب علي وابن مسعود، كعلقمة والأسود النخعيين، ومسروق، وعَبيدة السلماني، وشُريح القاضي والحارث الأعور. • وفي البصرة: انتهى الفقه إلى عثمان البتّي، وعبد الرحمن بن مهدي، ونظرائهم؛ كأيوب ويونس ابن عبيد وابن عون وداود بن أبي هند، وهؤلاء عن الحسن البصري وجابر بن زيد

ثالثا - أهمية المذاهب الفقهية في خدمة الشريعة الإسلامية

ومحمد بن سيرين وأبي العالية وحميد بن عبد الرحمن، وهؤلاء تلمذوا لكثير من الصحابة، أشهرهم أنس وابن عباس. ثالثًا - أهمية المذاهب الفقهية في خدمة الشريعة الإسلامية: ارتبطت كلمة "المذهب" في أذهان البعض بتلك الآثار السلبية التي أورثتها بعض التعصبات المذهيية لففهاء المسلمين , وحفلت بها بعض التراجم والردود والمناظرات والتأليفات المختلفة، كما أرتبطت هذه الكلمة أحيانًا يالتقليد والجمود على اجتهادات الأولين، والإستغناء بذلك عن الحاجة إلى الإجتهاد والبحث والتحقيق العلمي. وقد أخفى هذا الإرتباط ما كان للمذاهب الفقهية من فضل على المسلمين وخدمة لشريعتهم، ولسنا بسيل أن نعرف ذلك الخير وذلك الفضل إلا إذا تصورنا تاريخ الفقه الإسلامي قد انتهى بجميع أدواره وحلقاته إلينا خاليًا من تلك المذاهب المدونة المتبعة، سواء منها ما انقرض أو ما بقي واستمر، فلننظر كيف سيكون الحال ووضع الفقه الإسلامي إذن؟ لا ريب أنه سيكون عبارة عن شتات ومنثورات، كتلك المنثورات التي كانت يين يدي الفقهاء والطلاب في بداية عصر التدوين. وإذا كان الأمر كذلك، فلابد من كشف النقاب عن مزايا المذاهب الفقهية المدونة المتبعة، وهذه المزايا بنظرنا تكمن على العموم في النقط التالية: 1 - استيعاب المذاهب غير المدوة، وكذلك المذاهب المنقرضة، في مصنفات المذاهب المتبعة، ويالتالي تسهيل الرجوع إليها. ففقه السلف قد وصل إلينا في طي تلك المصنفات. 2 - تدوين الفقه الإسلامي وتسهيله للدارسين. وذلك بفضل جهود فقهاء المذاهب في التبويب والفهرسة ووضع المصطلحات، وشرح المجملات وتكميل النقص. 3 - بيان طرائق الإجتهاد وقواعد الإستنباط من خلال ما كتب في أصول الفقه من وجهة نظر كل مذهب. 4 - ملء الفراغ الفقهي بواسطة الإجتهاد التخريجي والإجتهاد المقيد. 5 - تسهيل الإجتهاد لدى فقهاء ما بعد التدوين إلى عصرنا الحاضر؛ بإعطاء ثروة كبيرة من المقررات الفقهية والأدلة والقواعد والنصوص التي ترشد الباحث مهما كانت مسألة بحثه جديدة في الواقع.

الفصل الأول في سيرة الإمام أحمد وعلمه

الفصل الأول في سيرة الإمام أحمد وعلمه

تمهيد

لما كان الإمام أحمد رائد المذهب الحنبلي وواضع أسسه الأولى، آثرنا أن نفرد سيرته بجانبيها الذاتي والعلمي بفصل مستقل، فقد بزغ فجر المذهب الحنبلي في شخصية إمام السنة مستمدًا من الكتاب والسنة، ثم امتد ظله الوارف على الحياة العملية والسلوك التطبيقي، فجاءت القدوة التي أورثها بين يدي أصحابه كاملة، ومَثُل أمام أعينهم منهج جديد يضاف إلى منهج الإمام الشافعي الذي رسمه من حصيلة الإستيعاب لمسلك العراقيين ومسلك الحجازيين. وتأتي سيرة هذا الإمام الجليل وما خلفته من مآثر في آفاق الفقه والحديث والعلم والعمل، في سياق التطور العلمي والثقافي والسياسي للمجتمع الإسلامي في بغداد. ومن ثَم اقتضى المنهج الدراسي أن نمهد للبحث بالوصف الإجمالي للحياة الإجتماعية في عاصمة الإسلام ومدينة السلام (¬1)، في عصر الإمام المبجل، لنكشف للقارئ المناخ التربوي والثقافي الذي فتح هذا الإمام عليه عينيه، وتأثر به تأثرًا مباشرًا، لأن الإنسان ابن بيئته، كما يقولون. وتنقسم سيرة الإمام أحمد، بحسب التدرج التربوي والثقافي الذي كان سائدًا آنذاك، إلى: سيرة النشأة والطفولة، أو السيرة التربوية، فطلب العلم والرحلة فيه، أو سيرة الطلب والتتلمذ، فتكوين الأسرة والحياة المعيشية والتعليمية بعد الزواج. ثم جاءت المحنة بأسبابها وأطوارها ونتائجها. ونختم هذه السيرة المباركة بكلمة موجزة عن وفاته، ثم نسجل في الأخير مجمل مناقب الإمام وعلمه، وهو القسم المهم من حياته بالنسبة إلى منهجنا، وسنقتصر على مختارات من تلك الأخبار الكثيفة الحافلة، لنصل إلى الإطلاع على الشخصية العلمية في ¬

_ (¬1) كانت بغداد تلقب بمدينة السلام، سماها أبو جعفر المنصور بهذا الإسم، كما في "معجم البلدان" (1/ 456). واختلف المؤرخون كثيرًا حول اشتقاق لفظ "بغداد" ومعناه، ولكنهم في كل تفسيراتهم لم يخرجوا عن أن الكلمة مركبة من مقطعين (باغ) وتعني الله، أو بستان، و (داد) وتعني عطية، أو هي اسم لرجل. فهي عطية الله، أو بستان داد. وأصلها فارسي، كما رأى البعض. "دراسات في تاريخ الخلافة العباسية" للدكتورة أمينة البيطار، ص 402.ط. مكتبة دار القلم والكتاب، الرياض، 1997.

مرآة حياة الإمام المبجل من خلال ما شهدت به ألسنة العلماء الذين صاحبوه من شيوخ وتلاميذ، ثم من خلال الرواية عنه وتلقي العلوم من لسانه، سواء في قسم الحديث والآثار، أم في قسم الفقه والإجتهاد، ثم من خلال مؤلفاته التي تُكوّن القسم الثاني من أقسام التلقي لعلومه ومعارفه، سواء منها الكتب العامة أم الرسائل الشخصية التي كانت إحدى طرق التعليم آنذاك. ولابد في الأخير من العطف على دعوى كون الإمام أحمد محدثًا وليس بفقيه، ونقدها في الميزان العلمي نقدًا يكشف عن مكنون تلك الدعوى ومنشئها، ثم بيان بطلانها في حقيقة الأمر وواقع المعارف التي تتصل بالإمام أحمد ومنزلته الفقهية بين المجتهدين، والله الموفق.

المبحث الأول الحياة السياسية في عصر الإمام أحمد

المبحث الأول الحياة السياسية في عصر الإمام أحمد ولد الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- سنة 164 هـ بعد مرور اثنتين وثلاثين سنة على ميلاد الدولة العباسية، على أنقاض الأمويين وأفول نجم دولتهم، ومات سنة 241 هـ. بعدما أنافت هذه الدولة على ما يزيد على القرن بعشر سنوات. فكان الإمام أحمد شاهدًا لقرنها معاصرًا لثمانية من أشهر خلفائها على الإطلاق، وهم: المهدي (161 هـ 169 هـ)، والهادي (169 هـ - 170 هـ)، والرشيد (170 هـ - 193 هـ)، والأمين (193 هـ - 198 هـ)، والمأمون (198 هـ - 218 هـ)، والمعتصم (218 هـ - 227 هـ)، والواثق (227 هـ - 232 هـ)، والمتوكل (232 هـ - 247 هـ). ولم يكن الإمام أحمد بمنأى عن مهد الخلافة ومقر إدارة شؤونها، بل كُتب له أن يولد ويعيش في عاصمتها بغداد -دارالسلام- التي اختطها العباسيون لأنفسهم من أول يوم، ولم تكن قبلهم شيئًا مذكورًا، فبناها المنصور، واتخذها عاصمة لدولته وسريرًا لملكه، وصارت منذ ذلك العهد مثابة للعلماء والأدباء والشعراء، ومشاهير الأعلام من كل صنف. وكان القرن الذي عاصره الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- قرن فتوة الدولة العباسية وزهرة شبابها، فكان الخلفاء المذكورون أقوياء، على تفاوت بينهم، عملوا بما أمدهم الله من الجهد والعون والإخلاص لتوطيد دعائم الخلافة والتمكين لها، وفرض هيبتها على دولة الروم التي كانت لا تزال إذ ذاك الدولة التي ترفع عقيرتها طمعًا باسترجاع ما ضاع من تحت يدها من الأراضي الشامية والمصرية والمغربية، فكان الخلفاء يردون على كل محاولة بغزوة في الصيف أو في الشتاء، فيفتحون ويغنمون ويأسرون.

ولم يكن الخلفاء العباسيون المذكورون بالصورة التي أضفاها عليهم دهاقنة المستشرقين، ومن سار على شاكلتهم من أصحاب الأدب الروائي في عصرنا الحديث، معنمدين على روايات القصاص وأصحاب النوادر والكتب الأدبية، التي لا يعنيها الإسناد والتوثيق بقدر ما يعنيها تزويق المسامرات وتلفيق المنادمات وتدبيج الحكايات الطريفة في مجالس فلان وفلان. فقد جاء في ترجمة هارون الرشيد أنه غزا في حياة أبيه مرارًا .. وكان من أحسن الناس سيرة وأكثرهم غزوًا وحجًا بنفسه .. وكان يتصدق من صلب ماله في كل يوم بألف درهم، وإذا حج أحج معه مائة من الفقهاء وأبنائهم .. وكان يحب الفقهاء والشعراء والأدباء ويعطيهم كثيرًا ولا يضيع لديه بر ولا معروف .. وكان يصلي في كل يوم مائة ركعة تطوعًا إلى أن فارق الدنيا (¬1). وجاء في ترجمة المأمون أنه كان من رجال بني العباس حزمًا وعزمًا ورأيًا وعقلًا وهيبة وحلمًا، ومحاسنه كثيرة في الجملة .. وكان كثير الغزو .. وفي سنة خمس عشرة -بعد المائتين- سار لغزو الروم، ومن غزوته عطف على دمشق، وفي سنة ست عشرة كرَّ غازيًا الروم، وجهز أخاه المعتصم ففتح حصونًا ... وأقبل تُوفيل طاغية الروم، ثم وقعت الهدنة بعد أن كتب "تُوفيل"، فبدأ بنفسه، وأغلظ في المكاتبة، فغضب المأمون (¬2) وعزم على المسير إلى قسطنطينية، فهجم الشتاء. وفي ترجمة المعتصم قال ابن كثير (¬3): فتح ثماني فتوحات: بلاد بابَك على يد الأفْشين، وعمورية بنفسه، والزُّطُ بعُجيف، وبحر البصرة، وقلعة الأجراف، وأعراب ديار ربيعة، والشَّارَك، وفتح مصر بعد عصيانها. وقال الخطيب البغدادي (¬4): غزا المعتصم بلاد الروم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين، فأنكى نكاية عظيمة في العدو، ونصب على عموربة المجانيق .... ¬

_ (¬1) ترجمته مطولة في: تاريخ بغداد 14/ 5، للخطيب البغدادي، وتاريخ الطبري 8/ 347، وسير أعلام النبلاء 9/ 286، للذهبي، والبداية والنهاية 14/ 27، لابن كثير. (¬2) ترجمته مطولة في: تاريخ بغداد 10/ 283، وتاريخ الطبري 8/ 623 - 666، وسير أعلام النبلاء 10/ 272، والبداية والنهاية 14/ 214. (¬3) البداية والنهاية 14/ 283. (¬4) تاريخ بغداد 3/ 344.

وقد كانت الدولة العباسبة نشأت في خراسان بعيدًا عن البلاد العربية، فدخل في الدعوة إلى قيامها وتقويض ملك الأمويين جمهرة كبيرة من العجم، كالترك والفرس والديلم، وكان للعنصر الفارسي الحظ الأوفر والعدد الأكبر في ذلك، فلا جرم كان الخلفاء العباسيون يستعينون بهذه الألوان من الأمم العجمية في الإدارة والجيش والخدمات المختلفة. فقد ولَّى العباسيون أسرة البرامكة مقاليد الوزارة ويعض ولايات الأقاليم منذ النشأة، فكان خالد بن برمك الفارسي توصل إلى أعلى المراتب في دولة أبي جعفر المنصور، ثم كان ابنه يحيى بمثابة رئيس الوزراء عند هارون الرشيد، فكان من أعظم الوزراء، وكان الرشيد يخاطبه: يا أبي، ثم كان ابنه جعفر نائبًا على دمشق بعد أن أخمد فيها فتنة العصبية هناك. وتولَّى الفضل بن يحيى إمرة خراسان وعمل الوزارة (¬1). واتخذ الفضل بن يحيى جندًا من العجم سماهم "العباسية"، وجعل ولاءهم له، ويلغ عددهم خمس مئة ألف رجل، فقدم منهم بغداد عشرون ألفا فسموا ببغداد الكَرنبيّة (¬2). واعتمد المعتصم هو الآخر على العنصر التركي، ولعل ذلك بسبب أن أمه "ماردة" كانت من الأتراك. فكون فرقة عسكرية كبيرة في جيش الخلافة بلغت نحوًا من عشرين ألفًا. ولما ضاقت بهم بغداد، وكثرت الخصومات بينهم ويين الفرس من جهة، وبينهم ويين العامة من جهة ثانية استوطن لهم بالقاطول شرقي بغداد، وبنى به مدينة سماها "سَامُراء" فاتخذها معسكرًا للجيش وحاضرة لملكه (¬3). ولكن هؤلاء الأتراك كانوا من بعد الواثق بالله بلاء على الخلافة وقتلوا عددًا من الخلفاء تترى، كالمتوكل والمستعين والمعتز والمهدي. ومن المعلوم أن ثورات الخوارج والعلويين كانت مما تميز به العهد الأموي، فلما جاء العباسيون خفّت وطأة الفريقين، وانكسرت شوكة الخوارج، ولم يعد لهم في هذه الدولة شأن، وكذلك العلويون لم يكن لهم من بعد الرشيد قوة يصاولون بها بني عمهم وينازلون. أما المتمردون على سلطان الدولة بسبب العداوة للإسلام والمخالفة لملته، فكانوا غير قليل، فقد كثر أتباع ابن الراوندي الرافضي بأصفهان في عهد المنصور، وكثرت الزنادقة في العراق الشرقي ويلاد فارس، وهي حركة كانت تسعى في وجهتها العامة ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 9/ 59 - 61، 89، 91. (¬2) تاريخ الطبري 5/ 257. (¬3) تاريخ الطبري 9/ 217، البداية والنهاية 14/ 287، أصول مذهب الإمام أحمد، ص 36.

الى الرجوع الى الديانات التي كانت قبل الإسلام سائدة هناك، كالمانوية والزرادشتية، والمذاهب الإباحية، كالمزدكية. وظهرت طائفة باطنية تسمى "الخُرَّمية"، قال ابن كثير في حوادث سنة (201 هـ): وفيها تحرك بابك الخُرَّمي واتبعه طائفة من السِّفْلة والجهلة وكان يقول بالتناسخ قبحه الله ولعنه (¬1). واستمرت هذه الحركة تعيث فسادًا وتناوئ الخلافة العباسية وتتعاون مع الدولة الرومانية طيلة فترة خلافة المأمون، ولم يتمكن من القضاء عليها إلا في خلافة المعتصم سنة (223 هـ) على يد قائده الأفشين، بعد أن قُتل من المسلمين ما ينيف على ربع المليون (¬2). وكان الغزو والجهاد مستمرًا، يغزو المسلمون مرتين في السنة الواحدة، فلذلك نجد المؤرخين يقولون: وغزا في صائفة هذه السنة فلان، وغزا في شاتيتها نلان. وكانت أكثر تلك الغزوات متجهة الى دولة الروم الشرقية الثي كانت عاصمتها القسطنطينية، حتى إن المأمون مات وهو على الحدود الساحلية من نواحي طرسوس يجاهد ويفتح الحصون. * * * ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 14/ 121. (¬2) تاريخ الطبري 9/ 29 - 55، وسير أعلام النبلاء 10/ 293.

المبحث الثاني الحياة الثقافية في عصر الإمام أحمد

المبحث الثاني الحياة الثقافية في عصر الإمام أحمد ما إن نزل المنصور "بغداد" بعد أن ابتناها منتقلًا عن "الهاشمية" إليها حتى نقل إليها خزائنه ودواوينه، وفرغ لنشر العلوم، واستدعى إليها المترجمين، وبدأت حركة الترجمة، فترجم له عالم هندي كتابًا في علم حساب النجوم، وترجم ابن المقفع (106 - 142 هـ) كتب أرسطاطاليس في المنطق، وكتاب "كليلة ودمنة" في الأدب، وكان أول من أنشأ بها مدارس للطب والعلوم الإسلامية. وكان أبو حنيفة (80 - 150 هـ) قد جلس في الكوفة يؤسس مدرسة الرأي. ثم جاء المهدي بن المنصور، وكان نقادة للشعر، أديبًا، وفي أيامه وضع له وزيره أبو عبيد الله معاوية بن يسار كتاب "الخراج" ذكر فيه أحكامه الشرعية ودقائقه وقواعده، وكان أول من صنف في الخراج , وتبعه الناس بعد ذلك، فصنفوا في هذا الفن. وألف. المفضل الضبي كتابه "المفضليات" المشهور في الأدب. ثم جاء الرشيد، وكان راغبًا في العلم محبًا للعلماء يجلُّهم ويقرلهم، فاستقضى أبا يوسف صاحب أبي حنيفة، وألف له كلتاب "الخراج" الشهير. ويذل الرشيد الكثير من المال في سبيل خدمة العلم وتأسيس معاهده ومراكزه، وبلغت بغداد في أيامه مكانة لم تظفر بها مدينة في ذلك العهد، فأنشئت فيها المراصد والمكتبات والبيمارستانات (المشافي الجامعية) والمدارس، وإليه يعزى تأسيس "بيت الحكمة" الذي جمع له من الكتب شيئًا كثيرًا، وكان مجتمع المتصلين بالعلم والمشتغلين بالفن والراغبين في الأدب (¬1). ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "المعارف" لابن قتيبة للدكتور ثروت عكاشة ص 7 - 10.

وأما أيام الأمين، فقد كانت خافتة في تألقها، ضعيفة في عطائها، قليلة في عددها، بسبب الفتن المتلاحقة بينه وبين أخيه المأمون، حتى انتهت بقتله وأفضت بالخلافة إلى أخيه الذي اتجه إلى "بيت الحكمة" الذي أسسه أبوه، فأفرد لكل عالم ركنًا، فازدحمت جنبات هذا البيت بالعلماء والفلاسفة والمترجمين والمؤلفين وأساطين اللغة ورجال الأدب. فترجم الحجاج بن يوسف بن مطر مصنفات إقليدس وكتاب بطليموس المعروف بالمجسطي (¬1). وكان قبل ذلك قد توفي مالك بن أنس (179 هـ) بالمدينة، والليث بن سعد (175 هـ) بمصر، وسفيان الثوري (161 هـ) بالكوفة، والأوزاعي (157 هـ) بالشام. وهؤلاء كانوا أئمة الناس في الحديث والفقه معًا، يرحل إليهم وتضرب لهم أكباد المطي. وكان الشافعي قد مات بمصر (204 هـ) بعدما استقر بها وألقى عصا التسيار من الرحلات التي رحلها مترددًا بين مكة واليمن والمدينة والعراق. ويزغ نجم أئمة الحديث ونقاده وحفاظه، كشعبة بن الحجاج وخالد الحذاء وجرير ابن حازم وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان ويزيد بن هارون، وغيرهم. وترك هؤلاء الأئمة، آثارهم وصنفوا التصانيف في الفقه والحديث على حَدٍّ سواء، فوضع مالك بن أنس كتابه "الموطأ" على نحو بديع لم يسبق إلى مثله أحد، وألف سحنون كتاب "المدونة" في الفقه المالكي بعدما ذاكر بها ابن القاسم فيما رواه من فقه عن شيخه مالك بن أنس. ووضع سفيان الثوري كتابًا جامعًا في مسائل الفقه إلى جانب كتابه "الجامع" في الحديث. كما ألَّف الأوزاعي كتاب "السنن"، وألَّف الشافعي كتبه المشهورة المعروفة "الرسالة" في الأصول، و"الأم" و "المبسوط" في الفقه (¬2)، وغيرها. ودوَّن محمد ابن الحسن فقه أبي حنيفة وأبي يوسف، وفقهه هو ثالث الثلاثة. ¬

_ (¬1) الفهرست، لابن النديم، ص 325، 327. تحقيق: رضا - تجدّد. (¬2) قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "ابن حنبل" ص 123: إن بعض المتقدمين سموا كتاب "الأم" باسم "المبسوط". فهو على هذا عنده كتاب واحد باسمين مختلفين، والواقع أنهما كتابان مختلفان، فقد قال ابن النديم في "الفهرست" (ص 264): وتوفي -أي الشافعي- سنة أربع ومائتين بمصر وله من الكتب، كتاب "المبسوط" في الفقه، رواه عنه الربيع بن سليمان والزعفراني، ويحتوي هذا الكتاب على: كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصيام، كتاب الحج، كتاب الإعتكاف ا. هـ. وذكر محقق كتاب "معرفة السنن والآثار" الدكتور عبد المعطي قلعه جي (1/ 27) أن كتاب "المبسوط" وصلت إلينا منه قطع في مختصر البويطي. والله أعلم.

وبرز من الكُتَّاب والأدباء والشعراء والإخباريين والنسابة أعلام تألقوا نجومًا في سماء التاريخ، كالخليل بن أحمد، وسيبويه، والأصمعي، وأبي عييد القاسم بن سلام، والجاحظ، وابن قتيية، وابن السِّكِّيت، وابن سعد، والواقدي، ومحمد بن إسحاق بن يسار. لقد كان عصر الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- عصر النضج الثقافي إلى جانب النضج السياسي، فالتقى العلماء وتدارسوا الفقه، وكانت الرحلات قد كثرت بين البلدان والأمصار، وكان الإمام أحمد أحد روادها، وأخذ حديث العراقيين يجتمع إلى حديث الحجازيين إلى حديث المصريين إلى حديث الشاميين إلى حديث اليمنيين، وأخذ الفقه يجمع من فلان وفلان وفلان، ويتلاقح، ليظهر في ثوب جديد، بعد أن كان متفرقًا في الأمصار من لدن عهد الصحابة إلى ذلك العهد. ولا ريب أن الإمام أحمد كان متصلًا بذلك الرصيد الذي تجمع بين يديه ببغداد ورحل إلى مثله في بقية الأمصار. قال ابن الجوزي: "ابتدأ أحمد - رضي الله عنه - في طلب العلم من شيوخ بغداد ثم رحل إلى الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام والجزيرة، وكتب عن علماء كل بلد" (¬1). وكان في تلك الرحلات يستوعب ما عند الناس في ذلك الزمن، ولو لم يكن يتفق مع مسلكه، فقد قال أبو بكر الخلال: كان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها ثم لم يلتفت إليها (¬2). ويلغ به الحفظ لما عند سفيان الثوري من المرويات والعلوم حدًا قال فيه عبد الرحمن بن مهدي: من أراد أن ينظر إلى ما بين كتفي الثوري فلينظر إلى هذا. وقال: ما نظرت إلى أحمد إلا ذكرت به سفيان (¬3). وعاصر الإمام أحمد تأسيس علم أصول الفقه ومناهج الإستنباط، بل كان تَلْمَذَ لواضعه وأول المصنفين فيه، وهو الإمام الشافعي صاحب "الرسالة" الشهيرة، و"جماع العلم" في الإحتجاج بخبر الواحد، و"إبطال الإستحسان"، وغير ذلك. ¬

_ (¬1) مناقب الإمام أحمد، ص 46. (¬2) سير أعلام النبلاء 11/ 188. (¬3) المصدر السابق 11/ 190.

كما بزغت شمس المناظرات والمساجلات بين الفقهاء، وكذلك بين علماء الكلام من المعتزلة والجهمية والمرجئة وغيرهم، وكانت مجالس المأمون مشهورة بذلك الجدل وتلك المناظرات، مما يدل على أن المذاهب في الفقه والكلام أصبحت يانعة ناضجة الثمار، لها رجالها الذابون عنها، وخصومها المحاججون لها الرادون عليها. وقد صور ابن قتيبة الجانب السلبي مما كان في تلك المناظرات والإحتكاكات، فقال: وكان طالب العلم فيما مضى يسمع ليعلم، ويعلم ليعمل، ويتفقه في دين الله لينتفع وينفخر، فقد صار طالب العلم الآن يسمع ليجمع، ويجمع ليُذكر، ويحفظ ليغالب ويفخر. وكان المتناظرون في الفقه يتناظرون في الجليل من الواقع والمستعمل من الواضح، وفيما ينوب الناس، فينفع الله به القائل والسامع، فقد صار أكثر التناظر فيما دق وخفي، وفيما لا يقع، وفيما قد انقرض من حكم الكتابة وحكم اللعان ورجم المحصن، وصار الغرض فيه إخراج لطيفةٍ وغوصًا على غريبةٍ، وردًا على منقدم، فهذا يرد على أبي حنيفة، وهذا يرد على مالك، وآخر يرد على الشافعي بزخرف من القول، ولطيف من الحيل، كأنه لا يعلم أنه إذا رد على الأول صوابًا عند الله بتمويهه فقد تقلد المآثم عن العاملين به دهر الداهرين. وهذا يطعن بالرأي على ماض من السلف، وهو يرى، وبالإبتداع في دين الله على آخر، وهو يبتدع. وكان المتناظرون فيما مضى يتناظرون في معادلة الصبر بالشكر، وفي تفضيل أحدهما على الآخر، وفي الوساوس والخطرات ومجاهدة النفس وقمع الهوى، فقد صار المتناظرون يتناظرون في الإستطاعة والتولد والطفرة والجزء والعرض والجوهر، فهم دائبون يخبطون في العشوات، قد تشعبت بهم الطرق وقادهم الهوى بزمام الردى. وكان آخر ما وقع من الإختلاف أمرًا خص بأصحاب الحديث الذين لم يزالوا بالسنة ظاهرين، وبالإتباع قاهرين يداجون بكل بلد ولا يداجون، ويستتر منهم بالنحل ولا يستترون، ويصدعون بحقهم الناس ولا يستغشون، لا يرتفع بالعلم إلا من رفعوا، ولا يتضع فيه إلَّا من وضعوا (¬1). ¬

_ (¬1) الإختلاف في اللفظ، لإبن قتيبة ص 10 - 12. تصوير دار الكتب العلمية.

تلك كانت صورة تقريبية عن الواقع الثقافي للمسلمين في ذلك العصر، ولا ريب أن الثقافة كانت إسلامية على الرغم من كل ما هنالك من الجوانب السلبية، وكانت إلى جانب الثقافة الإسلامية ثقافات ثانوية قد ورثتها الشعوب التي دخلت تحت دولة الإسلام، كالثقافة الفارسية والثقافة اليونانية والثقافة الرومانية والثقافة الهندية. وتعتبر الثقافة الفارسية آخذة بالحظ الأوفر في التعايش مع الثقافة الإسلامية والعربية؛ لاْن الدولة الفارسية سقطت بكاملها في أيدي المسلمين. ومن أجل ذلك ظهرت الحركة الشعوبية في تلك التخوم، وذَرَّ قرنُ الزندقة والنِّحلِ الداعية إلى إحياء ما كان قد اندرس من الزرادشتية والمانوية والمزدكية وغيرها.

المبحث الثالث الحياة الإجتماعية في عصر الإمام أحمد

المبحث الثالث الحياة الإجتماعية في عصر الإمام أحمد الحياة الإجتماعية هي وليدة الحياة السياسية والحياة الثقافية، وقد سبق في تصوير الحياة السياسية بيان كيف اختلط العنصر العجمي بالعنصر العربي في المجتمع الإسلامي غب ميلاد الدولة العباسية. فقد ازدحمت بغداد بالفرس والترك إلى جانب العرب، بل كان هناك العنصر الرومي والهندي والزنجي، ولا يخفى ما في تلك الغزوات المتتالية لبلاد الروم مما كان يأسر المسلمون فيها من الرجال وَيسْبُون من النساء، بالإضافة إلى أن الفضل ابن يحيى البرمكي قد جنَّد خمس مئة ألف من الفرس بخراسان، وأدخل منهم عشرين ألفًا إلى بغداد، وأما المعتصم فقد اتخذ هو الآخر عشرين ألفا من غلمان الترك وبوأهم "سامراء" مدينة يعيشون فيها ويقومون على الشؤون المدنية المختلفة لعاصمة الخلافة. وتسارع الناس في اقتناء الإماء واستيلادهن والرفع من شأنهن، حتى صار المولدون منهن في سدة الخلافة، فكانت أم الرشيد أم ولد يمانية اسمها "الخَيْزُران" وكانت أم المأمون أم ولد أيضًا اسمها "مراجل" باذغيسية، وكذلك المعتصم، فقد كانت أمه أم ولد تركية اسمها "ماردة". وقد أجمل الحافظ الخطيب البغدادي وصف مدينة السلام، وما كانت تنعم به من الهناء والحياة الكريمة لأهلها، فقال: قال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي: ثم إن بغداد

سميت حين سكنت: مدينة السلام، فليس في الأرض مدينة على هذا الاسم غيرها، وكان بعض إخواننا إذا ذكرها يقرأ قول الله تعالى: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: 15]. قال أبو الحسين: هذا إلى تركنا ذكر أشياء كثيرة من مناقبها التي أفردها الله بها دون سائر الدنيا شرقا وغربًا، ويين ذلك من الأخلاق الكريمة، والسجايا المرضية، والمياه العذبة الغدقة، والفواكه الدمثة، والأموال الجميلة، والحذق في كل صنعة، والجمع لكل حاجة، والأمن من ظهور البدع، والاغتباط بكثرة العلماء والمتعلمين، والفقهاء والمتفقهين، ورؤساء المتكلمين، وسادة الحساب والنحوية، ومجيدي الشعراء، ورواة الاْخبار والأنساب، وفنون الآداب، وحضور كل طرفة، واجتماع ثمار الأزمنة في زمن واحد، لا يوجد ذلك في بلد من مدن الدنيا إلا بها، سيما زمن الخريف. ثم إن ضاق مسكن بساكن وجد خيرًا منه، وإن لاح له مكان أحب إليه من مكانه لم يتعذر عليه النقلة إليه من أي جانب من جانبيه أراده، ومن أي طرف من أطرافه خف عليه. ومتى هرب أحد من خصمه وجد من يستره في قرب أو بعد، وإن آثر أن يستبدل دارًا بدار أو سكة بسكة أو شارعًا بشارعِ أو زقاقًا بزقاق وغير ذلك من التبديل اتسع له الإمكان في ذَلك حسب الحَالة والوقت. ثم عيون التجارًا المجهزين والسلاطين المعظمين، وأهل البيوتات المبجلين في ناحية ناحية، تنبعث الخيرات بهم إلى الذين هم في الحال دونهم غير منقطع ذلك ولا مفقود، فهي من خزائن الله العظام التي لا يقف على حقيقتها إلا هو وحده (¬1). هكذا كان مسقط رأس الإمام أحمد ومهد أيامه الأولى، وفيها كان مستقره من بعد الرحلات التي قضاها في حواضِرِ العالم الإسلامي طلبًا للعلم وحرصًا على جمع الحديث من أئمته وأساطينه. * * * ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي 1/ 50 - 51. دار الكتاب العربي.

المبحث الرابع سيرة الإمام أحمد

المبحث الرابع سيرة الإمام أحمد حياة الإمام أحمد لم تسجل تسجيلًا عاديًا ولم تحفظ لنا في سطور، بل هي حياة حافلة بالمآثر، مليئة بالمناقب، انبرى للتأليف فيها ثلة من المؤرخين والعلماء وأصحاب التراجم، ذلك أن الزهد لا يذكر إلا وذكر معه هذا الإمام، ولا تذكر السنة إلا وأحمد إمامها، ولا يذكر الحديث وأهله إلا والإمام أحمد مرجع الناس في علله وحفظ متونه وأسانيده ورجاله. وهكذا نجد الامام أحمد على غير العادة يترجم له في طبقات الزهاد وفي طبقات الحفاظ وفي طبقات الفقهاء وغير ذلك. ولهذا لا نستطيع أن نقدم في هذه الوجازة إلا عبون سيرته ومناقبه وأخباره، وذلك حسب التقسيم التالي: الطور الأول: النشأة والطفولة. الطور الثاني: طلبه للعلم والرحلة فيه. الطور الثالث: حياة الإمام أحمد في بغداد إلى بداية المحنة. الطور الرابع: المحنة: أسبابها ومراحلها ونتائجها.

الطور الأول النشأة والطفولة

الطور الأول النشأة والطفولة ينسب الإمام أحمد بن حنبل إلى جده الأدنى، واسمه الكامل: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد، أبو عبد الله. وينتهي نسب الإمام أحمد إلى شيبان بن ذُهل بن ثعلبة، فكان نسبهُ في العرب شيبانيًا صريحًا. وقد وقع خَطَأٌ في نسبه من بعض النُّساب صححه الخطيب البغدادي، فنُسب إلى بني ذهل بن شيبان. وسبب الخطأ هو أن ذهل بن شيبان اسم لعم ذهل بن ثعلبة الواقع في سياق نسب الإمام أحمد (¬1). وكان جد الإمام، وهو حنبل بن هلال، من مؤسسي الدولة العباسية، فقد كان من أبناء الدعوة إليها بعدما كان واليًا للأمويين. وكان أبوه محمد من أجناد مرو، مات شابًا في سن الثلاثين تقريبًا (¬2). وكان مولد الإمام أحمد ببغداد، جاءت به أمه صفية بنت ميمونة الشييانية من مرو وهو حمل في بطنها، على الراجح من الروايات، وعلى ما صرح به هو عن نفسه، إذ قال: قدم بي من خراسان وأنا حمل، وولدت هاهنا، ولم أر جدي ولا أبي (¬3). وكان مولده -رَحِمَهُ اللهُ- في ربيع الأول سنة 164 هـ، وقيل في ربيع الآخر، ولكن لم يختلف في سنة ولادته، فقد صرح هو عن نفسه بذلك في غير ما رواية. ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 4/ 412، وسير أعلام النبلاء 11/ 178. وذكر الذهبي وهما آخر وقع في "مناقب أحمد" لأبي محمد بن أبي حاتم الرازي، وهو أنه قال: "ابن هذيل بن شيبان"، وصوابه ذهل. ووقع ابن الفراء في "الطبقات" (1/ 4) , في الوهم الذي صوبه الخطبب. (¬2) تاريخ بغداد 4/ 415، مناقب الإمام أحمد، لإبن الجوزي، ص 27، سير أعلام النبلاء 11/ 179. (¬3) مناقب الإمام أحمد، ص 36، وذكر الذهبي في السير (11/ 179) قدوم أمه به حملًا إلى بغداد بصيغة التضعيف.

ونشأ الإمام أحمد يتيمًا في حجر أمه في بغداد، وترعرع فيها، وإن كانت الأخبار عن حياته المبكرة شحيحة قليلة، إلا أننا نستطيع أن نعرف بصورة عامة أنه كان يقضي آنذاك معظم وقته في كتاتيب بغداد التي كانت تزخر بالنشاط العلمي، فقد ذكر الخلال عن محمد بن الحسين عن المروذي، قال: "قال لي أبو عفيف وذكر أبا عبد الله أحمد بن حنبل فقال: كان في الكُتّاب معنا، وهو غُلَيِّم نعرف فضله، وكان الخليفة بالرقة، فيكتب الناس إلى منازلهم الكتب فيبعث نساؤهم إلى المعلم: ابعث إلينا بأحمد بن حنبل ليكتب لهن جواب كتبهن، فيبعثه، فكان يجيء إليهن مطأطئ الرأس، فيكتب جواب كتبهن، فربما أملين عليه الشيء من المنكر فلا يكتبه لهن" (¬1). وهذا يدلنا على نبله وعقله وخلقه في صباه. ويذكر المؤرخون أن داود بن بسطام كان مسؤولًا من قبل الخليفة عن أخبار بغداد في تلك الأيام، فاتفق له مرة أن أخرت عنه جريدة الأخبار، فبعث إلى عم الإمام أحمد يستفسره عن سبب ذلك، فقال له: بعثت بها مع ابن أخي؛ يعني أحمد بن حنبل، وكان أحمد ألقى بها في الماء، واستنكر أن يوصلها إليه، ولعل ذلك لما كان فيها من الوشايات والأنباء التي لا ترضي دين الإمام أحمد وخلقه الرفيع (¬2). وكانت الكتاتيب في ذلك الوقت تعلم اللغة العربية، وتحفظ القرآن للأطفال. فقد قال ابن قتيبة في ذكر أسماء المعلمين: ومن المعلمين: علقمة بن أبي علقمة، مولى عائشة، كان يروي عنه مالك بن أنس، وكان له مكتب يعلم فيه العربية والنحو والعروض، ومات في خلافة المنصور (¬3). ¬

_ (¬1) المناقب، لإبن الجوزي، ص 43. (¬2) المصدر السابق ص 44 - 45. قال الذهبي في كتاب "السير" (11/ 186): وذكر الخلال حكايات في عقل أحمد وحياته في المكتب وورعه في الصغر. ولم ينقل لنا شيئًا من ذلك. (¬3) المعارف، ص 549. وذكر الشيخ أبو زهرة -رَحِمَهُ اللهُ- في كتابه "ابن حنبل" (ص 20) أن الإمام أحمد أتمَّ حفظ القرآن في صغر في المكتب. ولكن أورد ابن الجوزي في "المناقب" (ص 57) قصة رواها الخلال تفيد أنه انقطع عن حفظ القرآن لما شغله الحديث، ولم يتم حفظه إلا في السجن في أيام المحنة.

وهكذا كان النبل والعقل والعفة سمة هذا الغلام من أول نشأته، حتى تَفَرَّس فيه أهل زمانه مستقبلًا متميزًا على أبناء جيله، فقال الحافظ الهيثم بن جميل الأنطاكي: إن عاش هذا الفتى فسيكون حجة على أهل زمانه (¬1). وكان جادا في الطلب نشيطًا حريصًا، وريما كان يريد البكور في الحديث فتأخذ أمه بثيابه، وتقول: حتى يؤذن الناس، أو حتى يصبحوا (¬2). وكانت والدته رحمها الله تحوطه بالعناية وتغذوه بالرعاية في ظل الباقي من أسرته، وكان وحبدها. وكان عيشهما من غلة ميراث تركه له والده. قال ابن الجوزي: كان أحمد - رضي الله عنه - قد خلف له أبوه طِرزًا ودارًا يسكنها، وكان يكري تلك الطِّرز ويتعفف بكرائها عن الناس (¬3). * * * ¬

_ (¬1) تقدمة الجرح والتعديل، لإبن أبي حاتم، ص 295. (¬2) المنهج الأحمد، للعليمي 1/ 72. تحقيق محمود الأرناؤوط. (¬3) مناقب الإمام أحمد، ص 306 .. والطرز، قال في "اللسان": هو بيت إلى الطول، فارسي، وقيل: هو البيت الصيفي. قال الأزهري: أراه معربًا، وأصله تِرْز، وقيل: هو الموضع الذي تنسج فيه الثياب.

الطور الثانى طلبه للعلم والرحلة فيه

الطور الثانى طلبه للعلم والرحلة فيه لما أناف الإمام أحمد على الربيع الخامس عشر من عمره توجه بنفسه إلى طلب علم الحديث، وقصد أهله المبرزين فيه، فبدأ بشيوخ بغداد فاستنفد ما عندهم، ثم تنقل في الأمصار المعروفة آنذاك بالحفاظ والفقهاء والأئمة، كالبصرة والكوفة والحجاز واليمن. فبدأ بالطلب سنة 179 هـ وهي السنة التي توفي فيها عالم المدينة؛ مالك بن أنس، وإمام البصرة حماد بن زيد. فسمع من علي بن هاشم بن البريد، لكنه سرعان ما بادره الموت به. قال عبد الله: قال أبي: سمعت من علي بن هاشم بن البريد سنة 179 هـ في أول سنة طبت الحديث، ثم عدت إليه في المجلس الآخر، وقد مات، وهي السنة التي مات فيها مالك بن أنس (¬1). وكتب عن أبي يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة. وفي نفس السنة أي: سنة 179 هـ جلس إلى هشيم ابن بشير الواسطي، وأكثر من الأخذ عنه، ولازمه حتى توفي سنة 183 هـ ولأحمد من العمر عشرون سنة. وكان هشيم ولد سنة 104 هـ بواسط، ثم قدم بغداد قديمًا واستقر فيها. قال عنه الذهبي: شيخ الإسلام محدث بغداد وحافظها (¬2). وروى عنه من أقرانه وأهل طبقته جماعة كبيرة منهم: شعبة والثوري، وهما من شيوخه، وحماد بن زيد، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وغيرهم. فكان الإمام أحمد من طبقة هؤلاء باعتبار هذه المشاركة العالية التي حظي بها. قال أحمد في وصفه: لزمت هشيمًا أربع سنين أو خمسًا ما سألته عن شيء هيبة له إلا مرتين، وكان كثير التسبيح بين الحديث، يقول بين ذلك: لا إله إلا الله، يمد بها صوته (¬3). وكانت حافظة الإمام أحمد تنال إعجاب الألباء، فقد حفظ كل ما سمعه من هشيم ابن بشير، حتى قال عن نفسه: حفظت كل شيء سمعته من هشيم، وهشيم حي قبل ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 4/ 416. (¬2) سير أعلام النبلاء 8/ 288. (¬3) تاريخ بغداد 14/ 89، سير أعلام النبلاء 8/ 290.

موته. وقال: مات هشيم وأنا ابن عشرين سنة وأنا أحفظ ما سمعت منه، ولقد جاء إنسان إلى باب ابن عُلية ومعه كتب هشيم فجعل يلقيها علي، وأنا أقول: إسناد هذا كذا، فجاء المعيطي، وكان يحفظ، فقال له: أجبه، فبقي، أي: لم يستطع الجواب، ولقد عرفت من حديثه ما لم أسمعه (¬1). ولا جرم فقد كان هشيم محدثًا ولم يكن فقيها، لكن كان يجمع في مروياته الأحاديث والآثار وفتاوي الصحابة، يجمعها في الباب الواحد. فقد قال عنه الإمام أحمد: كتبنا عنه كتاب الحج نحوًا من ألف حديث، ويعض التفسير، وكتاب القضاء، وكتبًا صغارًا. قلت (أي ولده صالح): يكون ثلاثة آلاف؟ قال: أكثر، وجاءنا موت حماد بن زيد ونحن على باب هشيم، وهشيم يملي علينا الجنائز (¬2). وإلى جانب اهتمام الإمام أحمد بالحديث واشتغاله فيه منذ نعمومة أظفاره، فقد اطلع على بعض ما دونته مدرسة الرأي وانتهى إلى الناس هناك، فقد كان من شيوخ أحمد الأولين أبو يوسف -رَحِمَهُ اللهُ-. قال أبو بكر الخلال: "كان أحمد قد كتب كتب الرأي، وحفظها، ثم لم يلتفت إليها" (¬3). * * * • رحلات الإمام أحمد: قال ابن الجوزي: ابتدأ أحمد - رضي الله عنه - في طلب العلم من شيوخ بغداد ثم رحل إلى الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام والجزيرة، وكتب عن علماء كل بلد (¬4). ¬

_ (¬1) مناقب الإمام أحمد، ص 85 - 86، تقدمة الجرح والتعديل، ص 295. (¬2) المناقب، ص 48. (¬3) السير 11/ 188. (¬4) المناقب، ص 46.

ويظهر أثر هذه الرحلات واضحًا في ترتيب كتابه "المسند" وكيفية تفننه في توزيع الصحابة على الأمصار والبلدان. وقد استوعب الذهبي عددًا كبيرًا من شيوخه على عادته، ثم قال: فعدة شيوخه الذين روى عنهم في "المسند" مائتان وثمانون ونيف (¬1). وقد رحل الإمام أحمد غِبَّ وفاة شيخه هُشيم سنة 183 هـ، وكان قد وفد عليهم عبد الرحمن بن مهدي قبل ذلك، فكتب عنه واستفاد منه. فخرج من بغداد في صحبة أعرابي إلى الكوفة، وكان بها من أساطين المحدثين أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، من أبرز من خلف الأعمش -رَحِمَهُ اللهُ-، ووكيع بن الجراح الرؤاسي جامع علم سفيان الثوري وراويته. وكان فيها من فقهاء الرأي جماعة كبيرة، فاطلع على ما عند الجميع وأفاد منهم، فحفظ حديث الثوري بواسطة وكيع، حتى شهد له عبد الرحمن بن مهدي بأنه أعلم الناس بذلك (¬2). وقال عن نفسه -رَحِمَهُ اللهُ-: كنت أذاكر وكيعًا بحديث الثوري، وذكر مرة شيئًا، فقال: هذا عند هشيم؟ فقلت: لا. وكان ربما ذكر العشر أحاديث فأحفظها، فإذا قام قالوا لي، فأمليها عليهم (¬3). وكان أحمد في رحلته هذه في حال شظف من العيش حتى كان يتوسد اللَّبِن من قلة ذات اليد، فحُمَّ من جراء ذلك فرجع إلى أمه في بغداد (¬4). ومن الكوفة إلى البصرة دار آبائه وأجداده من بني شيبان، وقد دخل البصرة في المرة الأولى سنة 186 هـ، وتردد عليها خمس مرات آخرها سنة 200 هـ، ولم يحظ بملاقاة محدثها حماد بن زيد (المتوفى سنة 179 هـ). لكن أخلفه الله بها إسماعيل ابن عُلَيَّة، وابن مهدي، ويحيى القطان، والمعتمر بن سليمان وغُنْدَر. قال -رَحِمَهُ اللهُ-: فاتني مالك فأخلف الله علي سفيان بن عيينة، وفاتني حماد بن زيد فأخلف الله علي إسماعيل ابن علية (¬5). ¬

_ (¬1) السير 11/ 181. (¬2) تقدمة الجرح والعديل ص 292. (¬3) السير 11/ 186. (¬4) المناقب، ص 49. ووقع في "سير أعلام النبلاء" (11/ 185): " ... فحجَجتُ فرجعت إلى أمي ولم أكن استأذنتها". والصواب: فحممتُ. والله أعلم. (¬5) المناقب، ص 54.

ثم رحل إلى واسط سنة 187 هـ وأخذ فيها عن يزيد بن هارون. وفاته جرير بن عبد الحميد بالري (¬1)؛ لأنه لم يجد ما ينفق على نفسه في الرحلة إليه فتأسف على ذلك، كما تأسف على يحيى بن يحيى النيسابوري أحد الرواة المكثرين عن مالك بن أنس. ثم رحل إلى الحجاز سنة 187 هـ، فقدم مكة حاجًا لأول مرة، وقد مات الفضيل بن عياض، فكتب عن إبراهيم بن سعد الزهري، وصلى خلفه عدة مرات، ولزم سفيان بن عِيينة وأخذ عنه، واعتبره خلف خير مما فاته من الرواية عن عالم المدينة مالك بن أنس، ولقي الشافعي هناك فروى عنه وأفاد منه قبل أن يجتمع به في المرة الثانية ببغداد. وقد حج أحمد بيت الله الحرام خمس مرات: الأولى هذه، والثانية سنة 191 هـ وفيها حج الوليد بن مسلم محدث الشام، والثالثة في سنة 196 هـ وجاور هناك إلى سنة 197 هـ، والرابعة في سنة 198 هـ وجاور إلى سنة 199 هـ (¬2). وكان سفيان قد توفي سنة 198 هـ، فلعل أحمد كان يكثر التردد على مكة في هذه السنوات من أجل سفيان، فلما مات خرج أحمد إلى صنعاء. وقد قال الذهبي: ولقد كان خلق من طلبة الحديث يتكلفون الحج، وما المحرك لهم سوى لُقي سفيان بن عيينة لإمامته وعلو إسناده. وجاور عنده غير واحد من الحفاظ (¬3). وذكره الشافعي، فقال: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز، وقال: وجدت أحاديث الأحكام كلها عند ابن عيينة سوى ستة أحاديث، ووجدتها كلها عند مالك سوى ثلاثين حديثًا. فهذا يدل على أن سفيان جمع أحاديث العراقيين، لأن أصله من الكوفة، إلى أحاديث الحجازيين (¬4). ورحل اْحمد من مكة سنة 199 هـ متوجهًا نحو اليمن في صحبة يحيى بن معين وإسحاق بن راهويه، وكان يقصد بالذات حافظ صنعاء وعالمها عبد الرزاق بن همام. قال أحمد: أتينا عبد الرزاق قبل المائتين (250 هـ) وهو صحيح البصر، ومن سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع (¬5). ¬

_ (¬1) قال ابن الجوزي في "المناقب" (ص 51): قد سمع أحمد بن حنبل من جرير إلا أنه لم يتفق له الإكثار عنه. اهـ. وذكره الذهبي فى جملة شيوخه، ولم يذكره الخطيب البغدادي. (¬2) البداية والنهاية 14/ 382. (¬3) السير 8/ 457. (¬4) المصدر السابق. (¬5) السير 9/ 565.

وكان الإمام أحمد حريصًا على عبد الرزاق؛ لأنه كان عنده حديث الزهري عن سالم عن أبيه، وحديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. وكان الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه يذهبان إلى أن "الزهري عن سالم عن أبيه" أصح الأسانيد مطلقًا. فاستطاب الرحلة لذلك واهتز طربًا إلى نيل الأمنية: وإذا كانت النفوس كبارًا ... تعبت في مرادها الأجسام وجاء عنه أنه قال: ما أهون المشقة فيما استفدنا من عبد الرزاق، كتبنا عنه حديث الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه، وحديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة (¬1). ورحل أحمد إلى الشام والجزيرة وأخذ عمن هناك من المحدثين والعلماء. وبهذه الرحلات خاض لجة العلم، والتقط جواهر الحديث ولآلئه من قاموس بحره المحيط، وكان يدون كل ذلك ويحفظه في كتبه، ويحدث به بعد ذلك، وما حدث قط إلا من كتاب (¬2) إلا في حالات نادرة شاذة، وكانت هذه سنته وسنة رفيقيه يحيى بن معين وعلي بن المديني في ذلك، على الرغم من حافظته النادرة المجيبة. مجمل شيوخ الإمام أحمد: الشيخ في اصطلاح المحدثين خاصة هو: كل من رويتَ عنه ولو حديثًا واحدًا، فالمشيخة تثبت بالحديث الواحد، لذلك لا نعجب من كثرة شيوخ الأئمة والحفاظ، فإن بعضهم، كالبيهقي ينيف معجم شيوخه على الألف. لكن من الشيوخ من يعد ذا فضل كبير وتأثير خاص على تلميذه، لطول الصحبة والملازمة والإستكثار من الرواية. وكذلك كان الشأن مع الإمام أحمد، فإن له عددًا من الشيوخ أحصي منهم في "المسند" أكثر من (280) شيخًا (¬3)، وقد جرد ابن الجوزي في "المناقب" أسماء شيوخه تفصيلًا، وسردهم المزي في "تهذيب الكمال" مرتبين على حروف المعجم. ¬

_ (¬1) المناقب، ص 57. (¬2) المناقب ص 148، السير 11/ 200. (¬3) أفردهم الشيخ عامر صبري العراقي في كتاب اسمه "معجم شيوخ الإمام أحمد في المسند".

قال البيهقي بعد أن ذكر جماعه من شيوخ الإمام أحمد: وقد أكثر أحمد بن حنبل في "المسند" وغيره الروإية عن الشافعي , وأخذ عنه جملة من كلامه في أنساب قريش وأخذ عنه من الفقه ما هو مشهور، وحين توفي أحمد وجدوا في تركته رسالتي الشافعي القديمة والجديدة (¬1). وفي جملة هذا العدد الضخم هناك من أكثر عنهم، وعرفت الصحبة بينه وبينهم، وأثنوا عليه وأعجبوا به وربَما رووا عنه. وذلك كهشيم بن بشير الواسطي شيخه الأول ببغداد، ويزيد بن هارون وابن علية وعبد الرزاق ووكيع وحفص بن غياث وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان، وغيرهم. وهؤلاء كانوا أئمة حديث في الغالب. وأما شيوخه في الفقه والأصول ويعض العلوم الأخرى، فأبرزهم الإمام الشافعي، كما سبق في كلام البيهقي , وإذ كان الشافعي بهذه المثابة فإننا نقف وقفة بين الإمامين، ونسىجل ما كان بينهما من الفضل والعلم والإحترام المتبادل. * * * العلاقة بين الإمامين: الشافعي وأحمد: مرَّ أن الإمام أحمد رأى الشافعي في مكة في حجته الأولى سنة 187 هـ، رآه وهو في سن الكهولة (37 سنة) وكان له هناك مجلس يفقه فيه ويعلم ويفتي، ويبدو أن الإمام أحمد لم يكن متفرغًا في ذلك الوقت لمجلس الشافعي لحرصه الشديد على جمع الحديث وتلقيه عن كبار أئمته، ولكنه بعدما قدم بغداد في القدمة الثانية جلس إليه ولازمه وأخذ عنه الكثير من الفقه والأصول والتفسير والأنساب وأشعار العرب وأيامهم التي رضعها الشافعي من المنهل الصافي بمكة واليمن. وكان الشافعي قد دخل بغداد ثلاث مرات: كانت الأولى سنة 184 هـ بسبب وشاية من بعض أهل اليمن اتهموه فيها بمعارضة ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 14/ 383.

الحكم العباسي، فأخذ من هناك مكبَّلًا وحوكم في بلاط الرشيد، فكانت محاكمته ومحاورته مع الرشيد سبب إعجابه به (¬1). وكان الشافعي بعد أن خرج منتصرًا من تلك التهمة الملفقة، قد اتصل بفقهاء العراق، وروى مذهبهم عن محمد بن الحسن الشيباني -رَحِمَهُ اللهُ- (ت 189 هـ) ثم عاد إلى مكة يفقه ويعلم. وأما القدمة الثانية فكانت سنة 195 هـ واستمر سنتين هناك، وكانت هذه هي الفرصة الذهبية للإمام أحمد مع الشافعي، لأنه كان قد ألف كتبه، وأخذ يقرؤها على الناس. قال الحسن الزعفراني راوية مذهبه القديم: "قدم علينا الشافعي بغداد سنة 195 هـ فأقام عندنا سنتين، أي إلى سنة 197 هـ ثم خرج إلى مكة، ثم قدم علينا سنة 198 هـ، فأقام عندنا أشهرًا، ثم خرج وكان يخضب بالحناء وكان خفيف العارضين ((¬2). وقال ابن كثير: "ثم عاد الشافعي إلى بغداد سنة 195 هـ فاجتمع به جماعة من العلماء هذه المرة منهم: أحمد بن حنبلْ، وأبو ثور، والحسين بن علي الكراييسي، والحارث بن سريج النقال، وأبو عبد الرحمن الشافعي، والزعفراني وغيرهم" (¬3). وكانت القدمة الأخيرة عبارة عن بضعة أشهر في أواخر سنة 198 هـ ومنها تحول إلى مصر سنة 199 هـ حتى مات بها سنة 204 هـ -رَحِمَهُ اللهُ-. وكان الشافعي قبل قدومه إلى العراق في المرة الثانية قد ذاع صيته، وأصبح الناس يثنون عليه ويتمنون لقاءه والإفادة من علمه وسارت بأخباره الركبان. وكانت بغداد تعج بحلقات العلم، وقد غلب على تلك الحلقات أهل الرأي من الفقهاء، وأهل الإعتزال من المتكلمين، فجاء الشافعي ليرد الحق إلى نصابه، ويدافع عن ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 14/ 133 ومقدمة تحقيق "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" ص 18 للدكتور الشريف نايف الدعيس. ط. مؤسسة الرسالة. (¬2) مناقب الأئمة الأريعة، لإبن عبد الهادي المقدسي، ص 123 - 124، دار المؤيد، 1416 هـ. (¬3) البداية والنهاية 14/ 134.

السنة في الفقه، والسنة في العقيدة، وكان قد صنف في ذلك كتاب "الرسالة" و"جماع العلم" و "إبطال الإستحسان" وغير ذلك من الكتب. قال الخطيب البغدادي: قدم الشافعي بغداد، وكان في المسجد إما نيف وأريعون أو خمسون حلقة، فلما دخل بغداد ما زال يقعد في حلقة حلقة، ويقول لهم: قال الله، قال الرسول، وهم يقولون: قال أصحابنا، حتى ما بقي في المسجد أحد غيره (¬1). وقال الزعفراني: حج بشر المريسي سنةً إلى مكة، ثم قدم، فقال: لقد رأيت بالحجاز رجلًا ما رأيت مثله سائلًا ولا مجيبًا، يعني الشافعي، قال: فقدم الشافعي علينا بعد ذلك بغداد، فاجتمع إليه الناس، وخَفُّوا عن بشر، فجئت إلى بشر يومًا فقلت: هذا الشافعي الذي كنت تزعم، قد قدم، فقال: إنه تغير عما كان عليه. قال الزعفراني: فما كان مثله إلا مثل اليهود في أمر عبد الله بن سلام حيث قالوا: سيدنا وابن سيدنا، فقال لهم: فإن أسلم؟ قالوا: شرنا وابن شرنا (¬2). وبشر المريسي هذا هو الداعية إلى بدعة خلق القرآن في بغداد آنذاك. وكان الشافعي يشدد على المتكلمين لما رأى من بدعهم وقولهم في الله وصفاته بغير علم، ومما يوثر عنه في ذلك قوله: حكمي في أهل الكلام أن يضرلوا بالجريد ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر، ينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام (¬3). أقبل أحمد على الشافعي يأخذ منه ما ليس عنده، فسمع منه "الموطأ" بعد أن كان سمعه من جماعة، وقال: إني رأيته فيه ثبتًا (¬4). وكان يدل إسحاق بن راهويه عليه ويحضه على مجلسه، فيقول له: تعال أذهب بك إلى رجل لم تر عيناك مثله، فذهب به إلى الشافعي. ¬

_ (¬1) نقله ابن عبد الهادي في "مناقب الأئمة الأربعة" ص 124، والمزي في "تهذيب الكمال" (24/ 375). (¬2) المصدرين السابقين في مواضع مقارية. (¬3) السير 10/ 29. (¬4) بيان خطأ من أخطأ على الشافعي، للبيهقي، ص 99، والسير 10/ 59، ومناقب الأئمة الأربعة، ص 118.

وقال الزعفراني: ما دخلت على الشافعي قط إلا وأحمد كان قد سبقني إليه (¬1). وهكذا تضلع أحمد من كتب الشافعي، وتلقى عنه مذهبه القديم الذي يعتبر في أغلبه مذهب مالك وأهل المدينة، لكن الشافعي رجع عن كثير من ذلك المذهب القديم إلى مذهبه الجديد الذي دونه في كتاب "الأم"، ورواه عنه الربيع بن سليمان المرادي وأصحابه المصريون. فهذه الصحبة المباركة بين الشافعي وأحمد كانت ذات أثر عميق في الإنسجام والتقارب بين المذهبين في الأصول والفروع على السواء، وقد ألف في ذلك الشيخ يوسف ابن عبد الهادي المتوفى سنة 959 هـ كتابًا خاصًا سماه "قرة العين فيما حصل من الإتفاق والإختلاف بين المذهبين". وقد ذكر سبب تأليفه لهذا الكتاب في "مناقب الإمام أحمد"، فقال: ومن الناس من يقول: ليس بين مذهب أحمد ومذهب الشافعي خلاف إلا في مسائل قليلة نحو ست عشرة مسألة. وهذا قول بعض الأغبياء، إشارة منه إلى أنه لا حاجة إلى مذهب أحمد. فإذا حقق الإنسان النظر وجد مذهب أحمد مخالفًا لمذهب الشافعي في أكثر من عشرة آلاف مسألة، بل وأكثر من ذلك. هذا القاضي عز الدين صنف في المفردات المخالفة للمذاهب الثلاثة كتابه المشهور الذي فيه أكثر من ثلاثة آلاف مسألة. ولِمَ، وهي بالضرورة مخالفة لمذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة؟ ومفردات مخالفة الشافعي فقط لم يدركها. ومن قال ذلك، ينظر إلى الخلاف الضعيف، فإنه قلَّ مسألة إلا وفيها قول ضعيف في مذهب أحمد، ومذهب الشافعي؛ فيقول: هي موافقة. وهذا قول لا عبرة به. وقد وضعت كتاب "قرة العين فيما حصل من الإتفاق والإختلاف بين المذهبين"، وذكرت من ذلك مسائل كثيرة (¬2). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: وموافقته أي أحمد للشافعي وإسحاق أكثر من موافقته لغيرهما، وأصوله بأصولهما أشبه منها بأصول غيرهما، وكان يثني عليهما، ويعظمهما، ويرجح أصول مذهبهما على من ليست أصول مذهبه كأصول مذهبهما. ومذهبه: أن أصول فقهاء الحديث أصح من أصول غيرهم، والشافعي وإسحاق، هما عنده من أجل فقهاء الحديث في عصرهما، وجمع بينهما في مسجد الخيف فتناظرا في مسألة إجارة بيوت مكة (¬3). ¬

_ (¬1) بيان خطأ من أخطأ على الشافعي، ص 101. (¬2) الفواكه العديدة في المسائل المفيدة، للشيخ أحمد المنقور، 1/ 52. ط. المكتب الإسلامي. (¬3) مجموع الفتاوى 34/ 113، نصب الراية 4/ 267.

واذ كان الشافعي ممتنًا على أحمد بالفقه والأصول وصناعة الحجج والأدلة على الأحكام، فإن أحمد هو الآخر ممتن على الشافعي بالكشف عن علل الأحاديث وأسانيدها وطرقها وما صح منها مما لم يصح. قال ابن كثير: وقد قال الشافعي لما اجتمع به في الرحلة الثانية إلى بغداد بعد سنة 190 هـ، وعمر أحمد إذ ذاك نيف وثلاثون سنة، قال له: يا أبا عبد الله، إذا صح عندكم الحديث فاعلمني به، أذهب إليه حجازيًا كان أو شاميًا أو عراقيًا أو يمنيًا. وقول الشافعي له هذه المقالة تعظيم لأحمد واجلال له، وإنه عنده بهذه المثابة إذا صحَّح أو ضعَّف يرجع إليه في ذلك (¬1). وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كان أحمد بن حنبل بارع الفهم لمعرفة الحديث بصحيحه وسقيمه، وتعلم الشافعي أشياء من معرفة الحديث منه، وكان الشافعي يقول لأحمد: حديث كذا وكذا قوي الإسناد محفوظ؟ فإذا قال أحمد: نعم، جعله أصلًا وبنى عليه (¬2). ومن أجل هذا كان الإمام الشافعي يزوره، فلما قيل له في ذلك أنشد: قالوا يزورك أحمدٌ وتزوره ... قلت المكارم لا تفارق منزلَهْ إن زارني فبفضله أو زرتُهُ ... فلفضله فالفضل في الحالين لَهْ (¬3) وفي مرويات الشافعي عن أحمد لا يصرح باسمه، بل يقول: حدثني الثقة (¬4). * * * ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 14/ 384، وذكر القصة ابن أبي يعلى في "الطبقات" (1/ 6) والذهبي في "السير" (11/ 213) بوجه آخر لم يذكر الحجاز ولا اليمن. وقال الذهبي: لم يحتج إلى أن يقول: حجازيًا، فإنه كان بصيرًا بحديث الحجاز، ولا قال: مصريًا فإن غيرهما كان أقعد بحديث مصر منهما. (¬2) تقدمة الجرح والتعديل ص 302. (¬3) النعت الأكمل ص 186. (¬4) ذكر ابن الجوزي في "المناقب" (ص 116) مثالين من ذلك رواهما بإسناده من طريق الخطيب البغدادي، وذكر الذهبي في "السير" (11/ 183) أحد المثالين نقلًا عن الخطيب في كتابه "السابق واللاحق".

الطور الثالث حياة الإمام أحمد في بغداد إلى بداية المحنة

الطور الثالث حياة الإمام أحمد في بغداد إلى بداية المحنة • أسرة الإمام أحمد: تزوج الإمام أحمد بعدما أوفى على الأربعين من عمره، فتزوج في البداية عباسة بنت الفضل، أم ولده صالح، أحد رواة علمه وحافظي مذهبه، ولم تنجب غيره حتى توفيت -رَحِمَهَا اللهُ-. فتزوج بعد وفاتها ريحانة بنت عمر، أم ولده عبد الله. قال ابن الجوزي: وهاتان زوجتان وما عرفنا أنه تزوج ثالثة (¬1). يعني بذلك أن بقية أولاده ما عدا صالحًا وعبد الله إنما كانوا من جاريته حُسنَ التي اشتراها بعد وفاة ريحانة أم عبد الله، فولدت حسنُ للإمام أحمد زينب أم علي، والحسن والحسين، وهما توأم، لكن لم يلبثا أن ماتا، ثم ولدت الحسن ومحمدا، فعاشا حتى صارا من السن إلى نحو من أربعين سنة، ثم ولدت سعيدًا (¬2). • الإمام أحمد بعد زواجه: كان الإمام أحمد يفضل عيش الكفاف طيلة حياته، ما ثبت عنه أنه ترفه يومًا بنعيم، أو تفكه بطيب عيش ولذيذ طعام وفاخر ثياب ورياش بيت، ولم يكن ذلك منه عن قلة ذات اليد، مع تلهف النفس وحرصها على أن تبلغ المنى في الرخاء والهناء، بل كان ذلك عن رغبة وزهد، وقناعة وغنى في القلب، ولو أراد أن يعيش عيشة المترفين والأغنياء لكان ذلك ميسور المنال داني القطوف، فقد كانت بغداد في ذلك الوقت مليئة بخيرات الدنيا، لا تنقطع ¬

_ (¬1) المناقب ص 375. (¬2) طبقات الحنابلة، لإبن أبي يعلى 1/ 427 , المناقب، ص 376، والسير 11/ 185. ولم تسعفنا المصادر بأخبار متكاملة عن الحسن ومحمد وسعيد.

عنها فواكه الفصول الأربعة، بل جمعت فيها كل ألوان الملذات التي عرفت في ذلك الوقت، حتى إن شعبة بن الحجاج قال لأبي الوليد: أدخلت بغداد؟ قال: لا، قال: فكأنك لم تر الدنيا. ومثله يروى عن الشافعي في قوله ليونس بن عبد الأعلى (¬1). بالإضافة إلى ذلك، فقد كانت أعطيات السلاطين والخلفاء وجوائزهم للعلماء معروفة مشهورة، وقد عرض ذلك على الإمام أحمد خصوصًا بعد انكشاف المحنة في زمن المتوكل، فرفض ذلك كله -رَحِمَهُ اللهُ-، فكان كما قال البوصيري: راودته الجبال الشم من ذهب ... عن نفسه فأراها أيما شمم فأخباره في زهده وتعففه وتظلفه تملأ المجلدات، ونحن نجتزئ بالقدر الذي يفي بالغرض ويصور حياته هناك في بغداد -عليه رحمة الله-: كان في أول الأمر يعيش مع زوجته الأولى عباسة، وولده الوحيد صالح نحوًا من عشر سنوات على حال وصفها ابنه صالح فقال: "ربما رأيت أبي يأخذ الكسَر ينفض الغبار عنها، ويصيرها في قصعة، ويصب عليها ماء، ثم يأكلها بالملح، وما رأيَته اشترى رمانا ولا سفرجلًا ولا شيئًا من الفاكهة، إلا أن تكون بطيخة فيأكلها بخبز، وعنبًا وتمرًا .. وقال لي: كانت والدتك في الغَلاء (¬2) تغزل غزلًا دقيقًا، فتبيع الإستار (¬3) بدرهمين أو أقل أو أكثر، فكان ذلك قوتنا. وكنا إذا اشترينا الشيء، نستره عنه كيَلا يراه، فيوبخنا، وكان ربما خبز له، فيجعل في فخّارة عدسًا وشحمًا وتمرات شِهْرِيز -نوع من التمر- فيجيء الصبيان، فيصوت ببعضهم، فيدفعه إليهم، فيضحكون ولا يأكلون، وكان يأتدم بالخل كثيرًا" (¬4). فلما توفيت أم صالح، وكان سن صالح إذ ذاك يقارب العاشرة، تزوج ريحانة وأسكنها في دار كان قد ورثها من أبيه وحولها جوانب مؤجرة يعيش من غلتها. قال الخلّال: وأخبرني ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 1/ 45. (¬2) في "السير": (الظلام). (¬3) الإستار: وزن أربعة مثاقيل ونصف، والجمع: أساتير، فارسي معرب "اللسان": (ستر). (¬4) السير 11/ 209، المناقب ص 331.

محمد بن علي السمسار، قال: كانت لأم عبد الله بن أحمد دار معنا في الدرب يأخذ منها درهما بحق ميراثه، فاحتاجت إلى نفقة فأصلحها عبد الله، فترك أبو عبد الله الدرهم الذي كان يأخذه، وقال: قد أفسده علي (¬1). وكانت الحاجة قد اشتدت بآل أحمد بن حنبل في أيام المحنة، وكثرت عليهم الديون، ومع ذلك لم يتزحزح الإمام الشيباني عن زهده وورعه، وتظلفه عن الأعطيات والصَّلات، فقد قال ولده صالح: دخلت على أبي في أيام الواثق، والله يعلم في أي حالة نحن، وقد خرج لصلاة العصر، وكان له لبْدٌ يجلس عليه قد أتت عليه سنون كثيرة قد بَلِيَ، فإذا تحته كاغد، وإذا فيه: بلغني يا أبا عبد الله ما أنت فيه من الضيق وما عليك منَ الدَّين، وقد وجهت إليك بأربعة آلاف درهم على يدي فلان لتقضي بها دينك، وتوسع بها على عيالك، وما هي من صدقة ولا زكاة، وإنما هو شيء ورثته من أبي. فقرأت الكتاب، ووضعته، فلما دخل قلت: يا أبة، ما هذا الكتاب؟ فاحمر وجهه، وقال: رفعته منك. ثم قال: تذهب بجوابه، فكتب إلى الرجل: وصل كتابك إلي ونحن في عافية. فأما الدَّين، فإنه لرجل لا يرهقنا، وأما عيالنا فهم في نعمة والحمد لله، فذهبت بالكتاب إلى الرجل الذي كان أوصل كتاب الرجل، فلما كان بعد حين، ورد كتاب الرجل مثل ذلك، فرد عليه بمثل ما رد. فلما مضت سنة أو نحوها ذكرناها، فقال: لو كنا قبلناها، كانت قد ذهبت (¬2). وأما بيت الإمام أحمد فقد كان على حد كبير من البساطة والتواضع، قال الميموني في وصفه: كان منزل أبي عبد الله ضيقًا صغيرًا، وكان ينام في الحر في أسفله، وقال لي عمه: ربما قلت له، فلا يفعل ولا ينام فوقُ، وقد رأيت موضع مضجعه وفيه شاذكونة وبردعة، قد غلب عليها الوسخ (¬3). ¬

_ (¬1) المناقب، ص 332، وقال ابن أبي يعلى في "الطبقات" (1/ 15): إنما تورع من أخذ حقه من الأجرة خشية أن يكون ابنه أنفق على الدار مما يصل إليه من مال الخليفة. (¬2) المناقب، ص 297، السير 11/ 205. (¬3) المناقب، ص 316، وفيه وصف بقية بيته وأثاثه المنزلي، والشاذكونة: ثياب غلاظٌ مضرَّبة تُعمل باليمن، والبردعة: كساء يُبسط في البيت.

• صور من حياته التعليمية في بغداد: سبق القول: إن الإمام الشافعي كان قد دخل بغداد معلمًا مربيًا فيما بين 195 و 197 هـ، فكان أحمد يجلس إليه ويحرص على دروسه العامة والخاصة إلى أن غادر بغداد في أواخر 198 هـ بعد الزيارة الأخيرة التي وقعت له هناك. وكانت هذه الفترة فترة اضطراب وفتن متكررة بين الأمين والمأمون، فقد بدأ الخلاف بينهما منذ تولي الأمين الخلافة سنة 193 هـ ثم تفاقم ذلك في سنة 194 هـ وفي سنة 195 هـ بدأت المواجهات المسلحة وظهرت آثار الخلاف في جميع الأمصار. وفي سنة 196 هـ خلع أهل بغداد بيعة الأمين وأخذوا البيعة لأخيه المأمون. وفي سنة 197 هـ تم حصار بغداد على الأمين، وكانت الوقاح والمشادات تترى بين جيش المأمون بقيادة طاهر بن الحسين وبين أنصار الأمين، وانتهت الأحداث بقتل الأمين سنة 198 هـ واستقر الأمر من ذلك التاريخ لأخيه. وقد وصف ابن كثير صورة من تلك الحوادث والمدلهمات، فقال: "استهلت أي سنة 197 هـ وقد ألح طاهر بن الحسين وهَرْثَمة بن أعين، ومن معهما من الجنود في حصار بغداد، والتضييق على محمد الأمين، وهرب القاسم بن الرشيد، وعمه منصور بن المهدي إلى المأمون فأكرمهما، وولّى أخاه القاسم جرجان، واشتد الحصار ببغداد، ونصبت عليها المجانيق والعرَّادات، وضاق الأمين بهم ذرعًا، ولم يبق معه ما ينفق في الجند، فاضطر إلى ضرب آنية الفضة والذهب دراهم ودنانير، وهرب كثير من جنده إلى طاهر، وقُتل من أهل البلد خلق كثير، وأخذت أموال كثيرة من التجار، وبعث محمد الأمين إلى قصور كثيرة، ودور شهيرة، وأماكن ومحالَّ كثيرة فحرقها لما رأى في ذلك من المصلحة، فعل كل هذا فرارًا من الموت، ولتدوم الخلافة له، فلم تدم، وقتل، وخُربت دياره، وفعل طاهر مثل ما فعل الأمين حتى كادت بغداد تخرب بكمالها، فقال بعض الشعراء ذلك: من ذا أصابك يا بغداد بالعين ... ألم تكوني زمانًا قرة العين؟ ألم يكن فيك قوم كان مسكنهم ... وكان قربهم زينًا من الزين؟ (¬1) ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 14/ 94، تاريخ الطبري 8/ 446 - 447.

فهذه الحوادث لم تكن لتترك بغداد هنيئة بالعلم والمعارف والإزدهار الثقافي الذي بكون من وراء الإستقرار السياسي والاجتماعي. ثم إن الأمور لم تتحسن بعد ما أفضت الخلافة للمأمون، ففي سنة 201 هـ امتلأت بغداد بالشغب والفساد بسبب فساق الحربية (¬1) والشطار الذين كانوا ببغداد والكرخ، فآذوا الناس أذى شديدًا، وأظهروا الفسق وقطع الطريق وأخذ الغلمان والنساء علانية من الطرق. نخرج المتطوعون للقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هناك (¬2). وكان الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- يعيش تلك الأيام العجاف، ويذكر لنا المؤرخون أنه لم يجلس للناس يحدث ويعلم ويفتي إلا بعد تصرّم الأربعين من عمره، أي بعد سنة 204 هـ. قال ابن الجوزي: "اعلم أن أحمد - رضي الله عنه - كان يفتي في شبابه في بعض الأوقات ويحدث إذا سئل ولا يعتبر سن نفسه .. فقد قال القومسي: رأيت أبا عبد الله أحمد بن حنبل في مسجد الخيف بمكة في سنة 198 هـ مستندًا الى المنارة، وجاءه أصحاب الحديث فجعل يعلمهم الفقه والحديث ويفتي الناس في المناسك .. قال: إلا أن الإمام أحمد - رضي الله عنه - لم يتصدر للحديث والفتوى، ولم ينصب نفسه لهما حتى تم له أربعون سنة" (¬3). ولا نعلم الأسباب التي جعلته يتحامى أن يتصدر إلى هذا السن، وقد حاول الشيخ أبو زهرة -رَحِمَهُ اللهُ- أن يعلل ذلك بالإقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: وعندي أن أحمد كان متبعًا للسنة لا يحيد عنها، كان يفعل ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله، ولا يفعل ما لم يفعله، حتى إنه كان اذا احتجم أعطى الحجام دينارًا؛ لأنه روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا (¬4)، وأنه تسرى مع عدم رغبة الطبيعة فيه، بل تسرى؛ لأنه علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تسرى، وقد استأذن زوجته في ذلك، فأذنت له لتعينه على الإتباع. إذا كان أحمد حريصًا على الإتباع في هذه الأمور التي تضمن صغار الأعمال، فأولى أن يكون متبعًا في ¬

_ (¬1) وهم جند من المرتزقة كانوا ببغداد. (¬2) تاريخ الطبري 8/ 552، واين كثير 14/ 118. (¬3) المناقب، ص 243 - 244. (¬4) الحديث أخرجه البخاري في الطب، باب (13) الحجامة في الداء، حديث (5696)، ومسلم في المساقاة، باب (11)، حلّ أجر الحجامة، حديث (1477)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.

ذلك الأمر الجليل الذي لا يوجد عمل أخطر منه في نظر أحمد وغيره، وهو عمل النبيين - صلوات الله وسلامه عليهم -، ألا وهو الدرس والتحديث والإفتاء. لقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأربعين، وبلغ رسالة ربه في هذه السن، ولم يرسله الله رحمة للناس إلا فيها، فلابد أن أحمد المتبع المقتدي استحيا أن يجلس للفتيا والحديث إلا بعد أن بلغ الأربعين، وبعد أن تكامل نموه في الجسم والروح. هذا ما نراه تعليلًا لامتناعه عن الجلوس للحديث والفتوى قبل أن يبلغ هذه السن، وهو تعليل ملتمس من جملة أحواله، كان لم نجد نصًا عليه فيما تحت أيدينا من مصادر (¬1). أقول: قوله: تسرَّى وقد استأذن زوجته في ذلك ... إلخ. هذا مخالف لما في بعض المصادر، فقد ذكر ابن الجوزي في الباب الثالث والستين في ذكر سراريه أنه اشترى جارية واحدة فقط، وهي حُسنُ التيْ ذكرناها في أسرته، وأنه اشتراها بعد ما غابت آخر زوجاته عن الحياة. نعم ذكر ابن الجوزي الإستئذان المشار إليه في "المناقب" (ص 229) ولكن الرواية بذلك ضعيفة على ما يبدو، لأنه رواها بلاغًا، والدليل على ضعفها أنه لم يذكرها في إحصاء سراريه. • وصف مجلسه: كان مجلس الإمام أحمد مجلسًا جليلًا خلدت ذكره الأخبار، وسارت به الركبان في الأنجاد والأغوار، كان مجلس علم ومجلس حلم ومجلس وقار، فيه السمت وفيه الأدب وفيه الورع، فلا جرم كان بعض الطلاب يقصدون الحديث، فيكتبون، ويعضهم يقصدون أخذ الأدب والسمت، والنظر إلى وقار الإمام أحمد واحترامه للحديث والعلم. قال المروذي: لم أر المفقير في مجلس أعز منه في مجلس أحمد، كان مائلًا إليهم، مقصرًا عن أهل الدنيا، وكان فيه حلم، ولم يكن بالعجول، وكان كثير التواضع، تَعلوهُ ¬

_ (¬1) ابن حنبل، ص 36 - 37.

السكينة والوقار، وإذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر (¬1). وعن الحسين بن إسماعيل عن أبيه، قال: كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء خمسة آلاف أو يزيدون، نحو خمسمائة يكتبون، والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسمت (¬2). ويظهر أنه كان له مجلسان للدرس والتحديث: أحدهما: في منزله يحدث فيه خاصة تلاميذه وأولاده. والثاني: في السجد يحضر إليه العامة والتلاميذ، وقدْ رأينا كيف كان يذكر بعضهم أن درسه يبلغ من يحضره خمسة آلاف، وأن خمسمائة فقط هم الذين يكتبون، أي: نحو عُشر الحاضرين الذين ينقلون عنه الحديث، ويروونه، وهم الخاصة من تلاميذه والمستمعين إليه، وخاصة الخاصة من تلاميذه هم الذين كانوا يذهبون إلى بيته، ويتلقون عنه مع أولاده وأهله. وقد كان وقت درسه في المسجد بعد العصر ولعله كان يختار ذلك الوقت؛ لأنه قبل عتمة الليل، وبعد وهج النهار، ولأنه وقت راحة لأكثر الناس فيتيسر لهم أن يحضروا، ولأنه وقت صفاء النفس، وفراغها من تشاغل الحياة واضطرابها، فيكون الحديث أو الإفتاء والنفس مستجمة مقبلة، لا كليلة مدبرة، والدرس عند إقبال النفس أعمق أثرًا فيها وأكثر شيوعًا في نواحيها (¬3). • وصف عام للكتب التي كان يقرؤها على الناس: وكان الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-، كسائر معاصريه من المحدثين، قد جمع الأحاديث التي رواها عن الأئمة من طبقة شيوخه في دواوين، ومسموعات مصنفة على الشيوخ، فحديث هشيم بن بشير في كتاب، وحديث يزيد بن هارون في كتاب، وحديث وكيع في كتاب، وهكذا، ولكنه لم يضع تراجم الشيوخ وأسماءهم على ¬

_ (¬1) السير 11/ 218، المناقب ص. 28. (¬2) السير 11/ 316، المناقب ص 271. (¬3) ابن حنبل، لأبي زهرة ص 39.

ظهور تلك المسموعات، ومع ذلك لا يختلط عليه الحديث، ولا تلتبس عليه النسخ والمرويات والمسموعات، حتى كان أبو زرعة الرازي يعجب من ذلك، ويذعن بعدم القدرة على بلوغه ذلك الشأو. فقد قال البردعي يومًا لأبي زرعة: يا أبا زرعة، أنت أحفظ أم أحمد بن حنبل؟ قال: بل أحمد بن حنبل. قال: وكليف علمت ذاك؟ قال: وجدت كتب أحمد بن حنبل، ليس في أوائل الأجزاء ترجمة أسماء المحدثين الذين سمع منهم، فكان يحفظ كل جزء ممن سمع، وأنا، فلا أقدر على هذا (¬1). كان الإمام أحمد يحدث بتلك الأحاديث، وهي على تلك الحال، وكان يحدث من تلك الصحف ولا يعتمد على حفظه تورعًا وتواضعًا. فقد قال علي بن المديني: "ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل وبلغني أنه لا يحدث إلا من كتاب، ولنا فيه أسوة حسنة (¬2). بالإضافة إلى هذا كان الإمام أحمد قد صنف جملة من الكتب والمؤلفات، وجعل يقرؤها على الناس، فهذه من جملة ما كان يلقي في دروسه، فقد صنف "المسند" و"فضائل الصحابة" و"العلل وصرفة الرجال" و"الأسامي والكنى" و"الزهد" و"الرد على الزنادقة والجهمية" و"الإيمان" و"الناسخ والمنسوخ" و"الأشربة" وغير ذلك من التصانيف. ولكن لا نجزم أنه كان يقرأ هذه الكتب، أو قد قرأها جميعًا على الناس، على أن بعض تلك الكتب كان يقرؤها حسبما تفيد الروايات والأخبار، فقد قال أبو حاتم الرازي -رَحِمَهُ اللهُ-: "أتيت أحمد بن حنبل في أول ما التقيت معه سنة 213 هـ، فإذا قد أخرج معه إلى الصلاة كتاب "الأشربة" وكتاب "الأيمان" فصلى، ولم يسأله أحد فرده إلى بيته. وأتيته يومًا آخر فإذا قد أخرج الكتابين فظننت أنه يحتسب في إخراج ذلك، لأن كتاب "الإيمان" أصل الدين، وكتاب "الأشربة" صرف الناس عن الشر، فإن أصل كل شر من السكر" (¬3). ¬

_ (¬1) تقدمة الجرح والتعديل ص 296، السير 11/ 188، والمناقب ص 86. (¬2) المصدر السابق ص 295. (¬3) المصدر السابق ص 303، المناقب ص 246.

• نهي الإمام أحمد عن كتابة فتاويه وسبب ذلك: كان الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- يكره تأليف الكتب التي تحتوي على الرأي والتفريعات الفقهية ويحب التمسك بالأثر، وكان ينصح طلابه وتلامذته بذلك. فقد أخرج ابن الجوزي عن عثمان بن سعيد قال: قال لي أحمد بن حنبل: لا تنظر في كتب أبي عبيد، ولا فيما وضع اسحاق، ولا سفيان، ولا الشافعي، ولا مالك، وعليك بالأصل (¬1). وإذا كان الإمام أحمد يوجه أصحابه الى الإشتغال بالحديث الذي هو أصل تلك الإجتهادات المدونة في زمنه ومنبعها، فشيء واضح أنه لا يسمح لأولئك التلاميذ أن يدونوا فتاويه ويكتبوا أجوبته عن المسائل التي يُسأل عنها، وإن كان يعرف عنه أنه كان يجيب بما في الكتاب العزيز والسنة المطهرة وفتاوي الصحابة، وقد كان حافظًا لذلك لا يفوته إلا القليل النادر. قال حنبل بن اسحاق: رأيت أبا عبد الله يكره أن يكتب شيء من رأيه أو فتواه. ويلغه أن إسحاق بن منصور الكوسج قد صار يروي مسائله وفتاويه للناس بخراسان، فأشهد الناس أنه رجع عن ذلك (¬2)، وذلك ليكف إسحاق عن نشر الفتاوي، وليس معناه أنه رجع بالفعل، لأننا لو حملنا كلامه على ظاهره للزم من ذلك أن تكون تلك المسائل كلها غلطًا صدر منه، ثم استدركه على نفسه، وهذه النتيجة تتنافى مع ما كان عليه من الورع والإقتفاء للسنن والآثار الثابتة عن الصحابة، وأن ذلك كان دأبه منذ النشأة الأولى، بل ما زالت تلك المسائل التي رواها اسحاق الكوسج محفوظة الى يومنا هذا، قد أوردها أو عامتها الإمام الترمذي في "جامعه" في تعليقاته على أحاديث الأبواب، وهي تدل على صدق ما قلناه. بل ذكر ابن الفراء في ترجمة اسحاق المذكور، أنه لما بلغه رجوع الإمام أحمد عن تلك المسائل جمعها في جراب، وقدم اليه بها، فأقر بها ثانية، وأعجب بذلك أحمد من شأنه. ¬

_ (¬1) المناقب ص 249. (¬2) المناقب ص 251.

وقال أبو عبد الله الحسن بن حامد (403 هـ): وقد رأيت بعض من يزعم أنه منتسب إلى الفقه يُلَيِّن القول في كتاب إسحاق بن منصور، ويقول: إنه يقال: إن أبا عبد الله رجع عنه، وهذا قول من لا ثقة له بالمذهب، إذ لا أعلم أن أحدًا من أصحابنا قال بما ذكره، ولا أشار إليه (¬1). ولماذا كان الإمام المبجل يكره الإشتغال بكتب الرأي ويتدوين مسائله وفتاويه وأقواله؟ هل هو مجرد التواضع لله سبحانه كما قال ابن الجوزي؟ أو هو شيء آخر بالإضافة إلى ذلك؟ فلو كان التواضع فقط لما كان هناك من داع إلى كراهته الإشتغال بما كتبه غيره، فالظاهر أنه -رَحِمَهُ اللهُ- كان يريد أن يرد الناس إلى السنة والأثر الذي رأى أنه قد ضاع في بغداد بين الفقهاء والمتكلمين، وأن الناس أقبلت على أقوال الناس ومؤلفاتهم في الفقه والإجتهاد؛ تحفظها وترويها كما تحفظ الحديث وترويه، فكان الواجب يقتضيه أن يحث الناس على حفظ الحديث والعناية به بقدرما كان غيره يحث على النظر والتفريع والبحث. والذي يؤيد هذا ما رواه عنه ابنه عبد الله في "مسائله" أنه لما ذكر وضع الكتب عنده قال: أكرهها، هذا أبو حنيفة وضع كتابًا، فجاء أبو يوسف فوضع كتابًا، وجاء محمد بن الحسن فوضع كتابًا، فهذا لا انقضاء له، كل ما جاء رجل وضع كتابًا، وهذا مالك وضع كتابًا، وجاء الشافعي أيضًا، وجاء هذا، يعني أبا ثور، وهذه الكتب وضعها بدعة، كلَّ ما جاء رجل وضع كتابًا وترك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (¬2). ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 174. (¬2) المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد بن حنبل، للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد 1/ 351. ط. دار العاصمة، 1997.

الطور الرابع المحنة أسبابها. مراحلها. نتائجها

الطور الرابع المحنة أسبابها. مراحلها. نتائجها قال الله سبحانه في كتابه العزيز: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 - 3]. وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أشد بلاء؟ فقال: "الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان رقيق الدين، ابتلي على حسب ذاك، وإن كان صُلب الدين ابتلي على حسب ذاك". قال: "فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي في الأرض وما عليه خطيئة" (¬1). وإذا كان الرجل يبتلى على حسب دينه فما تظن بدين اللإمام أحمد؟ فعلى قدر دينه تعرف قدر البلاء الذي ابتلي به، ولم يكن ذلك في مجرد الامتحان بمقالة خلق القرآن، كلا بل إن سيرته - رضي الله عنه - كانت سلسلة من الإبتلاءات التي جرها إليه شدة ورعه، وتصلبه في الحق، وحرصه على منهاج السلف. كانت محنة القول بخلق القرآن حلقات من تلك السلسلة، وصفحات من تلك السيرة الطويلة في الصبر والثبات، ضرب فيها أروع الأمثال في الإلتزام بالحق، والصبر عليه. وسيكون الكلام على المحنة في أمور ثلاثة: الأمر الأول: أسباب المحنة. الأمر الثاني: مراحل المحنة. الأمر الثالث: نتائج المحنة. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1494) وفي مواضع أخرى برقم (1481) و (1555) و (1607)، وإسناده حسن.

أسباب المحنة

أسباب المحنة كان الناس أمة واحدة، ودينهم قائمًا في خلافة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -. فلما استشهد قُفْلُ باب الفتنة عمر - رضي الله عنه -، وانكسر الباب، قام رؤوس الشر على الشهيد عثمان - رضي الله عنه - حتى ذبح صبرًا. وتفرقت الكلمة، ووقعت وقعة الجمل، ثم وقعة صفّين، فظهرت الخوارج، وكفَّرت سادة الصحابة، ثم ظهرت الروافض والنواصب. وفي آخر زمن الصحابة ظهرت القدرية، ثم ظهرت المعتزلة بالبصرة، والجهمية والمجسمة بخراسان في أثناء عصر التابعين مع ظهور السنة وأهلها إلى بعد المائتين. وكان المأمون الخليفة ذكيًا متكلمًا، له نظر في المعقول. فاستجلب كتب الأوائل، وعرب حكمة اليونان، وقام في ذلك وقعد، وخَبّ ووضع، ورفعت الجهمية والمعتزلة رؤوسها. وآل به الحال إلى أن حمل الأمة على القول بخلق القرآن، وامتحن العلماء، فلم يُمهَلْ، وهلك دعامه، وخلّى بعده شرًّا وبلاء في الدين، فإن الأمة مازالت على أن القرآن العظيم كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله، لا يعرفون غير ذلك، حتى نبغ لهم القول بأن كلام الله مخلوق مجعول، وأنه إنما يضاف إلى الله تعالى إضافة تشريف؛ كبيت الله وناقة الله. فأنكر ذلك العلماء، ولم تكن الجهمية يظهرون في دولة المهدي والرشيد والأمين. فلما ولي المأمون كان منهم وأظهر المقالة (¬1). وهاتان الفرقتان اللتان كانت لهما صولة ودولة في تلك الأيام قد عرفتا وترجم لهما أصحاب الملل والنحل. وإليك خلاصة التعريف بهما: • الجهمية: هي فرقة من الفرق الضالة المنحرفة، ضلت بمجموعة مقالات في الإعتقاد، خالفت فيها الحق وأهل السنة والجماعة، فعرفت بذلك، وصار هذا الإسم عنوانًا عليها، وهو ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 11/ 236.

عبارة عن نسبة إلى زعيمها الأول "جهم بن صفوان" (ت 128 هـ)، وخلاصة آرائه الإعتقادية الضالة: 1 - أن الإنسان مجبَرٌ على أفعاله مضطرٌّ إليها، مسلوب الإستطاعة. فلا فعل لأحد في الوجود غير الله تعالى، وإنما تنسب الأعمال إلى المخلوقين بالمجاز. 2 - أن الجنة والنار تفنيان وتبيدان. 3 - الإيمان هو المعرفة بالله فقط، كما أن الكفر هو الجهل به فقط. 4 - أن علم الله تعالى حادث. 5 - الإمتناع عن وصف الله تعالى بأنه حيٌّ أو عالم أو مريد، مما يجوز إطلاقه على غيره من المخلوقات. وأجاز وصفه تعالى بأنه قادر وموجد وفاعل وخالق ومحيي ومميت. 6 - القول بحدوث كلام الله تعالى كما قالت ذلك العتزلة (¬1). بالإضافة إلى هذا الخلاف في العقيدة فإن جهمًا وأتباعه كانوا من الخارجين على الدولة الإسلامية بالسلاح منذ الدولة الأموية، وكانوا بنواحي خراسان ونهاوند. • المعتزلة: وهي الأخرى فرقة ضالة مشهورة في تاريخ الإسلام بمقالاتها، وكثرة أتباعها إلى قرون متأخرة. وقد كان منشؤها بالبصرة في أيام الحسن البصري، ولم تعرف بنسبتها إلى زعيم بعينه، وإن كان أول من قال بالمنزلة بين المنزلتين هو واصل بن عطاء (ت 131 هـ)، وتكونت مقالاتها شيئًا فشيئًا ابتداء من القول بنفي القدر، ولهذا سميت بالقدرية. وهذه خلاصة آرائها: 1 - نفي الصفات الأزلية الثابتة لله سبحانه؛ كالسمع والبصر والقدرة والإرادة والعلم والحياة، فلم يكن لله سبحانه في الأزل اسم ولا صفة على حد قولهم هذا. 2 - نفي رؤية الله تعالى بالأبصار يوم القيامة، وأنه لا يرى نفسه. وهل يرى غيره؟ اختلفوا في ذلك. ¬

_ (¬1) ينظر: الفرق بين الفرق، للبغدادي ص 199. ط. دار الآفاق الجديدة، بيروت.

3 - حدوث كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وحدوث أمره ونهيه وخبره. ثم صاروا بعد ذلك يصرحون بان كلام الله مخلوق. وهو الذي كان سببًا في المحنة. 4 - إن الله ليس بخالق لأفعال العباد الإختيارية، وكذلك أفعال الحيوانات الأخرى. ولأجل هذه المقالة سُمُّوا بالقدرية. 5 - تنزيل الفاسق منزلة دون منزلة الإيمان وفوق منزلة الكفر. وبهذا اعتزلوا قول الأمة بأسرها، فسموا معتزلة لذلك (¬1). وهناك مقالات عديدة متفرعة عما ذكرناه سببها الجدل الطويل الذي عرفوا به، والفلسفة التي اتخذوها وسيلة لجدلهم في الدين، وتكونت أصولهم بعد ذلك في خمسة أبواب، شرحها القاضي عبد الجبار الهمداني في كتاب كبير، وهي: 1 - التوحيد، ويجمع مسائل الصفات التي سبقت الإشارة اليها. 2 - العدل، ومنه مقالاتهم في وجوب الثواب والعقاب والصلاح والأصلح على الله تعالى. 3 - الوعد والوعيد، ومنه نتج قولهم بعدم الشفاعة، وعدم المغفرة لمرتكب الكبيرة ... 4 - المنزلة بين المنزلتين، وهو سبب التلقيب بالمعتزلة. 5 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه محتم على جميع المسلمين، كل حسب استطاعته باللسان والسيف واليد كيف قدروا على ذلك (¬2). وبهذا يتبين لك أن الجهمية والمعتزلة شريكان في القول بخلق القرآن، لكن يجب أن تتنبه إلى الفرق بينهما في نشأة هذه المقالة بين صفوفهم، فالجهمية قالوا ذلك من أول يوم، والمعتزلة إنما حدث فيهم ذلك بعد مُضي زمن على نشأة فرقتهم بالبصرة. وقد كان ينشر هذه المقالة ويدعو إليها ببغداد رجل من كبار المرجئة اسمه "بشر بن غياث المريسي" (ت 218 هـ)، وكان في أول أمره يتجه إلى الفقه، فجلس إلى أبي يوسف القاضي، وأخذ عليه وروى عنه الحديث وعن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة، ثم أخذ في تعاطي علم الكلام فانشغل به وأُشرب حبه، فنصحه الإمام الشافعي بتركه فلم يقبل منه. وقال الشافعي: لأن يلقى اللهَ العبدُ بكل ذنب ما عدا الشرك بالله أحب إليَّ من أن يلقاه بعلم الكلام. ¬

_ (¬1) الفرق بين الفرق، ص 93 - 94. (¬2) مقالات الإسلاميين، لأبي الحسن الأشعري، ص 278، ابن حنبل لأبي زهرة ص 135.

قال ابن خلكان في المريسي: جرد القول بخلق القرآن وحكي عنه في ذلك أقوال شنيعة، وكان مُرجئًا، وإليه تنسب المريسية من المرجئة (¬1). قال الدورقي: إن هارون الرشيد قال: بلغني أن بشر بن غياث المريسي يقول: القرآن مخلوق، فلله علي إن أظفرني به لأقتلنه، قال: وكان متواريا أيام الرشيد، فلما مات الرشيد، ظهر ودعا إلى الضلالة (¬2). وكان المأمون قد قرب المعتزلة، واتخذهم ندماءه وسُمّاره، واختصهم بمجلسه، فتلقف عنهم هذه البدعة حتى صار يلحن بها، ولكنه لم يجرؤ على إبدائها للناس والدعوة إليها علنًا؛ لأن بغداد، وباقي حواضر الإسلام، كانت تزخرُ بعلماء السنة من المحدثين والفقهاء وغيرهم. فقد قال المأمون مرة ليحيى بن أكثم وجماعة: لولا يزيد بن هارون لأظهرت أن القرآن مخلوق. فقال بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين، ومن يزيد حتى يتقى؟! فقال: ويحك إني أخاف إن أظهرته فيرد علي، فيختلف الناس وتكون فتنة، وأنا أكره الفتنة (¬3). ويحيى بن أكثم من علماء السنة الذين كانوا يصحبون المأمون، وهو الذي أقنعه بالرجوع عن الإعتقاد بجواز نكاح المتعة بعد أن كان قد تبنى القول به. وأما يزيد بن هارون فقد توفي سنة (206 هـ). ومن ذلك الحين يقدر أن المأمون جعل يستعلن بهذه المقالة، ويعقد المجالس لمناقشتها، لأنه كان يسأل عن يزيد وموته باستمرار (¬4). ثم إن المأمون امتحن القضاة والفقهاء والمحدثين والمؤرخين بهذه المقالة، كما سير بعد قليل إن شاء الله. * * * ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان 1/ 277. (¬2) المناقب، ص 385، السير 11/ 236. (¬3) المناقب ص 386، السير 11/ 237. (¬4) السير 9/ 364.

مراحل المحنة

مراحل المحنة • المرحلة الأولى في خلافة المأمون: (198 هـ - 218 هـ). • المرحلة الثانية في خلافة المعتصم: (218 هـ - 227 هـ). • المرحلة الثالثة في خلافة الواثق: (227 هـ - 232 هـ).

المرحلة الأولى المحنة في زمن المأمون

المرحلة الأولى المحنة في زمن المأمون كان ذلك في آخر خلافة المأمون سنة (218 هـ) لما توجه إلى غزو الروم وفتح حصونها المتبقية على حدودها الجنوبية على ساحل طرسوس وما حولها. وكانت قصة هذه المحنة قد بدأت بكتابة رسالة وجهها المأمون، وهو لا يزال بالرقة، إلى عامله على بغداد (¬1) -وفي بعض الروايات والكتب: صاحب الشرطة ببغداد (¬2) - إسحاق بن إبراهيم الخزاعي (ت 235 هـ). وكان مضمون هذه الرسالة مصدرًا بالكلام على مسؤولية الخلفاء تجاه حفظ الدين وحماية معالمه، وأن من أهم ذلك الذود عما يتعلق بالله وتوحيده وصفاته وكللامه من الأخطاء والجهالات التي أصبحت مذهب "الجمهور الأعظم والسواد الأكبر من حشو الرعية وسفْلة العامة ممن لا نظر له ولا روية، ولا استدلال له بدلالة الله وهدايته والإستضاءة بنور العلم وبرهانه ... " (¬3). ثم ثنى بذكر جملة من الإستدلالات من كتاب الله التي تفيد -بزعمه- أن القرآن مخلوق. ثم عرض بجماعة من العلماء الذين يخالفون هذه المقالة، فطعن بدينهم وأنهم "غروا الجهال حتى مال قوم من أهل السمت الكاذب والتخشع لغير الله والتقشف لغير الدين إلى موافقتهم عليه، ومواطأتهم على سيئ آرائهم ... " , وأنهم إنما فعلوا ذلك ليقربوهم ويقبلوا شهاداتهم في القضاء ... إلخ. ثم ختم كتابه بأمر إسحاق أن يجمع القضاة ليقرأ عليهم الرسالة ويمتحنهم بها، ويكشف عن عقيدة كل واحد منهم في المسألة، وأن من ذهب إلى غير مذهب أمير المؤمنين فهو غير موثوق بدينه، وخلوص توحيده لله -عَزَّ وَجَلَّ-، وأنه سوف لا يبقيه في منصبه ما دام على هذه العقيدة الفاسدة -في زعم الخليفة وأشياعه- وكلفه أن يأمرهم بإعلان ذلك وتوقيعه والإشهاد عليه، وتسجيل من لم يستجب، وإثبات عدم إقراره بذلك. فكانت هذه هي الرسالة الأولى، وكانت موجهة إلى القضاة خاصة، وكأن علماء ¬

_ (¬1) تاريخ الطبري 8/ 631. (¬2) المناقب ص 387. (¬3) جزء من مقدمة الرسالة نقلناه من الطبري 8/ 632.

السنة كانوا قد تفطنوا لخطورة هذه البدعة التي شاعت في بغداد فأوعزوا إلى هؤلاء القضاة أن لا يقبلوا شهادة من يعتقد عقيدة القول بخلق القرآن. إلى جانب ذلك طلب المأمون إرسال سبعة من العلماء إليه، وهم: محمد بن سعد، وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارون، ويحيى بن معين، وزهير بن حرب، وإسماعيل بن داود، وإسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد الدورقي (¬1). فامتحنهم، فأجابوا مكرَهين، وردهم إلى بغداد. ثم كتب المأمون رسالة ثانية مطولة كالتي قبلها، ضمنها كلامًا مطولًا على خطورة الإعتقاد بأن القرآن غير مخلوق "فتعرضوا بذلك لدفع خلق الله الذي بان به عنه خلقه، وتفرد بجلالته من ابتداع الأشياء كلها بحكمته وإنشائها بقدرته ... " وأطال في الإستدلال لخلق القرآن. ثم ثنى هذه المرة بأن من يزعم أن القرآن غير مخلوق فلا حظ له في الدين ولا نصيب من الإيمان واليقين، ويالتالي تسقط عدالتهم وترفض شهادتهم في الأقضية والمحاكمات. وكلف إسحاق بن ابراهيم أن يأخذ على القضاة أن يمتحنوا جميع من يشهد عندهم بحق أو شيء من الأشياء أن يستعلنوا القول بخلق القرآن وإلا ردت شهادتهم، وخصوصا أولئك المبرزين المزكين الذين يحضرون مجالس القضاة. فأحضرهم إسحاق إلى مجلسه، وكان منهم أحمد بن حنبل، وقرأ عليهم الرسالة وامتحنهم، وسجل أجوبتهم، وكانت أجوبتهم عامة تدل على عدم الموافقة على قول المأمون (¬2). وهذه صورة ذلك الامتحان، وجواب الإمام أحمد عنه: "إسحاق: ما تقول في خلق القرآن؟ أحمد: هو كلام الله. إسحاق: أمخلوق هو؟ أحمد: هو كلام الله. لا أزيد عليها". فقدم إليه إسحاق الرقعة التي عرضت على من قبله، وامتحنهم بالموافقة على ما فيها، وقد كان فيها ما يلي: ¬

_ (¬1) تاريخ الطبري 8/ 634. (¬2) تاريخ الطبري 8/ 637 - 639.

"أشهد أن لا إله إلا الله أحدًا فردًا [ليس كمثله شيء] (¬1)، لم يكن قبله شيء ولا بعده شيء، ولا يُشبهه شيء من خلقه في معنى من المعاني، ولا وجه من الوجوه". قال أحمدَ: أشهد ... إلى: ليس كمثله شيء" ثم زاد من عنده: وهو السميع البصير، وأمسك عن الباقي فلم يتكلم به. وكانت التتيجة أن العلماء الذين امتحنوا في هذه المرة خالفوا في أكثرهم رأي المأمون، فكان أن رد عليهم برسالة ثالثة مليئة بالإنتقاص منهم وذكر مثالبهم، وكان حظ الإمام أحمد منها أن قال فيه: وأما أحمد بن حنبل وما تكتب عنه، فأعلمه أن أمير المؤمنين قد عرف فحوى تلك القالة، وسبيله فيها، واستدل على جهله وآفته بها (¬2). وأمر إسحاقَ بكل من لم يجب بصراحة إلى القول بخلق القرآن أن يبعثه إلى معسكر المأمون ليحمله على ذلك بحد السيف. ويعد أن عرض عليهم ذلك من جديد أجابوا كلهم إلا أربعة: أحمد بن حنبل، وسَجّادة، والقواريري، ومحمد بن نوح، المضروب، ثم عرض عليهم بعد ذلك، فأجابوا إلا أحمد، ومحمد بن نوح. ولا شك أن من أجاب كان مكرها يتقي من الفاتنين تقاة. فأرسل أحمدَ وصاحبَه الى المأمون في عِدْلَي بعير موثقين بالحديد، ووجَّههما إلى المأمون وهو في عسكره بطرسوس، وأرسل مع ناقلهما رسالة تشرح موقفهما. وأرسل رسالة مستقلة يشرح فيها نتيجة امتحان الآخرين، وأنهم أجابوا مكرهين، وتأولوا قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106). فلم يرض المأمون بذلك منهم، وبعث إليه أن يرسلهم أيضًا، ففعل. فلما وصلوا جميعًا إلى الرقة بلغهم وفاة المأمون، وقد كان الإمام أحمد يدعو في طريقه أن لا يجمعه الله به، فأجاب الله دعوته وأنجز لو ليه ما كان يرجو (¬3). هذه خلاصة تلك المحنة في مرحلتها الأولى التي طويت بوفاة المأمون، ويدأت مرحلة جديدة في خلافة أخيه المعتصم. ¬

_ (¬1) لم ترد هذه الزيادة عند الطبري في ص 638 وأوردها في الصفحة الموالية بصيغة تفيد أنها سقطت. (¬2) تاريخ الطبري 8/ 640 - 643. (¬3) البداية والنهاية 14/ 213، وأخبار مسيرة أحمد إلى المأمون بتفصيل أوسع في "المناقب" ص 388 - 393، والسير 11/ 239 - 242.

تعليق على رسائل المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم: يرى الشيخ محمد أبو زهرة -رَحِمَهُ اللهُ- أن تلك الرسائل كانت من صنيع أحمد بن أبي داود، وزير المأمون وكاتبه، وصاحب السلطان في دولته، وأنه كتبها مستغلًا وضعية المأمون الصحية التي كانت تنذر بدنو أجله، ورجح أن المأمون لم يطلع عليها عند إرسالها، ووقعها من دون معرفة مضمونها، أو قد عرف مضمونها، ولكنه كان في حال ضعف لا يملك معه السيطرة الكافية على الأمور. واستدل على ذلك بالقرائن التالية: 1 - الإسهاب الموجود في تلك الرسائل، وهو يتنافى مع المعهود من مكاتبات الملوك. 2 - ورد ذكر الخليفة بصيغة الغائب، مما يدل على أن الذي كتب وعبر هو غيره. 3 - النزول إلى السفاسف التي تأنف عنها سيرة المأمون وسائر الملوك والخلفاء، وذلك بالطعن واللإسفاف بأولئك العلماء الذين سجلت أسماؤهم في تلك المكاتبات. 4 - أن ذلك كان في آخر حياة المأمون، وقي وقت كان فيه بعيدًا عن بغداد ومشغولًا بجهاد الروم (¬1). لكن هذا الذي رجحه الشيخ أبو زهرة إذا عرضناه على جوانب أخرى من وقائع تلك المكاتبات فإننا نجده غير مسلّم له. وذلك للأمور التالية: 1 - إن الكتاب الأول الذي أرسله، إنما أرسله من الرقة، وأرّخه بتاريخ: ربيع الأول من سنة 218 هـ (¬2). وكان المأمون في ذلك الوقت قريبًا من بغداد، وفي كامل صحته. 2 - إن المأمون مرض بسبب وعكة أصابته فجأة، وهو على ساحل طرسوس في شهر جمادى الآخرة 218 هـ فلما اشتد به المرض، وظن أنه سوف يلقى ربه عما قريب كتب وصاياه إلى عماله، وفيها عهد إلى المعتصم أخيه بالخلافة (¬3). فكيف يكون المأمون مغلولًا حتى يقدِّم ابنُ أبي دواد بين يديه؟ ثم كيف لا يكون عالمًا بتلك الرسائل ومحتوياتها، وقد تكررت عدة موات، وفيها الأجولة على تنفيذات إسحاق ابن إبراهيم، وكتابة ما قام به من الأعمال، بل وفيها الأمر بإشخاص الرجال المذكورين وإرسالهم إليه في معسكره ليمتحنهم بنفسه!! إذن، فلنا أن نسلم بأن الكتابة كانت بيد ابن أبي دواد، ولكن لا نسلم أنه هو الذي صنع كل شيء وأنفذه، والمأمون لا يملك زمام الأمور. والله أعلم. ¬

_ (¬1) ابن حنبل، ص 94 - 96. (¬2) المناقب، ص 387، وتاريخ الطبري 8/ 631، 634. (¬3) تاريخ الطبري 8/ 645 وما بعدها.

المرحلة الثانية المحنة في زمن المعتصم

المرحلة الثانية المحنة في زمن المعتصم انتهت المحنة في مرحلتها الأولى بموت المأمون، فتنفس الإمام أحمد ومن معه الصعداء، وظنوا أن الفتنة قد انكشفت، والمحنة قد انجلت، فأرجعوا إلى بغداد، ولكنهم وضعوا في إقامة جبرية مؤقتة. وكان المعتصم قد خَلفَ أخاه المأمون على خلافة المسلمين، وهو بطرسوس، وكان المعتصم على عكس ما كان عليه المأمون من سعة الثقافة، حتى إنهم قالوا: كان أميًا لا يحسن الكتابة. فقد أوقفه أبوه الرشيد عن التردد على الكُتَّاب، وهو صغير، فبقي أميًا (¬1). وإذا كان المعتصم على هذا المستوى وقد تسلم مقاليد الخلافة، فلا ريب أن حجته هي السيف، لكن كان إلى جانبه ذلك الرجل المفوه العليم اللسان، الذي قد قويت شوكته في أيام المأمون، ثم استفحلت في زمن المعتصم والواثق من بعده، إنه أحمد بن أبي دواد الإيادي، فقد جاء به أبوه إلى الشام، وهو حدث صغير، فنشأ في طلب العلم، وخاصة الفقه والكلام حتى بلغ ما بلغ، وصحب هياج بن العلاء السلمي، وكان من أصحاب واصل بن عطاء، فأشربه هياج لبن الإعتزال من أول يوم (¬2). كان أحمدُ البدعة يفتل للمعتصم في الذروة والغارب حتى يجيبه إلى ما يريد، كما كان يفعل مع المأمون قبل ذلك، بل كان عيبته ومن خواصه في كل شيء، حتى قال لازون ابن إسماعيل: ما رأيت أحدًا قط أطوع لأحد من المعتصم لإبن أبي دوَاد، وكان يُسأل الشيء اليسير فيمتنع منه، ثم يدخل ابن أبي دواد، فيكلمه في أهله، وفي أهل الثغور، وفي الحرمين، وفي أقاصي أهل المشرق والمغرب، فيجيبه إلى كل ما يريد (¬3). وكان المأمون قد أوصى به المعتصم عند موته، فقال له: وأبو عبد الله أحمد بن أبي دواد لا يفارقك الشركة في المشورة في كل أمرك، فإنه موضع ذلك، ولا تتخذن بعدي وزيرًا. فلما ولي المعتصم جعله قاضي القضاة (¬4). ¬

_ (¬1) البداية والهاية 14/ 284. (¬2) وفيات الأعيان 1/ 81. (¬3) المصدر السابق 1/ 83. (¬4) المصدر السابق 1/ 84.

وأما إمامنا أحمد، فقد أخذ مقيدًا في الأغلال بعدما مات رفيقه محمد بن نوح بالطريق، فحبس في قرية قرب بغداد، اسمها "الياسرية"، فمكث أيامًا، ثم حبس بدار اكتريت له ببغداد، ثم حول إلى السجن العام، فبقي هناك 28 شهرًا (¬1) من جمادى الآخرة سنة 218 هـ إلى رمضان سنة 220 هـ. • حالة الإمام أحمد في السجن: كان الإمام أحمد يعيش حياة السجناء في ذلك الوقت، وكان السجين يقيد في الأغلال طيلة فترة سجنه. فقال الإمام أحمد: كنت أصلي بأهل السجن وأنا مقيد. وكأن الله امتن عليهم بأحمد بن حنبل، كما امتن بيوسف عليه السلام على سجناء مصر، غير أن ذاك نبي، وهذا ولي. وكان الناس يزورون السجناء بغير صعوبة (¬2)، فكانت صلة الإمام أحمد بالناس مستمرة عبر هذه الزيارات، وكان الناس يعرفون قدره بعد أن تقررت له الفضائل وانعقدت له الإمامة في الدين. وتذكر الروايات أن إسحاق بن إبراهيم كان يرسل إلى أحمد رجلين يناظرانه وهو في السجن، وتكرر ذلك يومين أو ثلاثة، فلما تنتهي المناظرة وتبوء بخيبتهم يشدد عليه الوثاق، فلما استيئسوا منه في اليوم الرابع حمل مكبلًا إلى مجلس المعتصم (¬3). • ملاحظات على مسيرة الأحداث: يتلخص من مجموع ما تقدم في حوادث ما قبل الضرب بين يدي المعتصم ما يلي: أولًا: كان ابن أبي دواد لا يفارق المعتصم، وهو اليوم قاضي القضاة؛ أي المسؤول عن جميع الشؤون العدلية في الدولة، فكان هو اللسان الناطق باسم المعتصم في محاججة ¬

_ (¬1) المناقب ص 395، السير 11/ 242، البداية والنهاية 14/ 398. (¬2) المناقب ص 395. (¬3) المناقب ص 397، السير 11/ 243، البداية والنهاية 14/ 398.

الإمام أحمد (¬1)، وكان هو المحرض للمعتصم على تنفيذ أقسى عقوبة بحقه باعتبار أنه ضال مضل في نظر هذا الشقي! ثانيًا: يبدو أن المعتصم لم يكن يعرف الإمام أحمد قبل مقابلته، بل وصف له وصفًا مخالفًا لما شاهده بعينه من سجيته وخلقته وسنه. فدل ذلك على أن رائد المحنة هو أحمد بن أبي دواد، وأن المعتصم صار عصا غليظة في يده، يضرب بها كيف يشاء. ثالثًا: بعد مرور جزء من المقابلة حين أظهر الإمام أحمد للمعتصم عدم وجود مسوغ لهذه المحنة، اعتذر إليه بأنه لم يكن سببًا فيها، وأنه إنما يتابع من قبله (المأمون). رابعًا: كان أحمد بن أبي دواد يحرض الخليفة باستمرار على النيل من الإمام أحمد، وكان المجلس مليئًا بالقضاة والفقهاء، ويبدو أنهم كانوا على رأي ابن أبي دواد. خامسًا: تكررت المقابلة والمناظرة ثلاثة أيام، وفيها سمع الإمام أحمد ببعض المصطلحات الفلسفية والكلامية التي يلحن بها الخصم، ولم يكن يعرفها أحمد من قبل، وكان يُغَلب الكتاب والسنة ويلتمس العذر في قصر الحجاج عليهما، مما أعجز المعتزلة وأثار حفيظتهم. سادسًا: كان المعتصم يظهر من حين الى آخر خوفه من التورط في الإساءة إلى الإمام أحمد، وأنه ظالم له، فيرده أحمد بن أبي دواد ويشد من أزره، وكذلك إسحاق بن إبراهيم. • مرحلة التعذيب الجسدي: صدر الأمر ببداية التعذيب من قبل المعتصم بعدما اشتط غضبه، وكانوا قبل ذلك يرجون منه التنازل، ولو بشيء قليل عن موقفه، خشية هذه المواجهة التي تبين أن المعتصم كان غير مقتنع بها في قرارة نفسه. وكان ابن أبي دواد يقول: يا أمير المؤمنين، والله لئن أجابك ¬

_ (¬1) أشار الجاحظ إلى بعض تلك المساجلات في رسالته "خلق القرآن" وكان فيها رافعًا من شأن صاحبه، وحاطًا من شأن الإمام أحمد. والرسالة مطبوعة ضمن مجموع رسائله، نشرتها مكتبة الخانجي بمصر.

لهو أحب إلي من مائة ألف دينار، ومائة ألف دينار، فيعد من ذلك ما شاء الله!! فقال المعتصم: والله لئن أجابني لأطلقنَّ عنه بيدي، ولأركبن إليه بجندي، ولأطأن عقبه (¬1)!! وهذا يدل على عظم مكانة أحمد في الناس واقتدائهم به. وعندئذ جُرّد الإمام أحمد وأخذ إلى مكان التعذيب، فضرب نحوًا من ثلاثين سوطًا، ضربًا مبرحًا شديدًا، وكان ذلك بحضرة المعتصم وجماعته، وكان يعرض عليه أن يعود عن رأيه بين الضربات والضربات، فلم ينبس ببنت شفة، على الرغم من أنه أغمي عليه مرارًا، وكان ذلك في أواخر رمضان، وهو صائم، وكان قبل ذلك أخبر عن نفسه أنه لا يخاف من القتل بقدر ما يخاف من الضرب. ثم أفرج عنه يوم 25/ رمضان/ 220 هـ، وسرح إلى أهله (¬2)، فذهب مضرجًا بالدماء. وهل أفرج عنه رحمة به؟ الواقع أن ذلك كان ليأسهم من حياته، ولكن كان المكر يقضي لهم بأن يتركوه يموت بعيدًا عن ساحة الخليفة، لئلا يكون في ذلك بطلًا في الثبات وشهيدًا لا ينسى. قال ابن أبى دوادَ بعد ما أُشير على المعتصم بقتله: لا يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإنه إن قتل أو مات في دارك، قال الناس: صبر حتى قتل، فاتخذه الناس إمامًا، وثبتوا على ما هم عليه، ولكن أطلقه الساعة، فإن مات خارجًا من منزلك، شك الناس في أمره، وقال بعضهم: أجاب، وقال بعضهم: لم يجب!! (¬3). وهكذا كانت المكيدة تتوالى عليه!! ويقي الإمام أحمد في بيته يمرَّض من قبَل أولاده، وقد أقعدته السياط وأثنته عن الحركة، وكان المعتصم خائفًا يترقب أخباره خَشية أن يموت من جراء ذلك، فيبوء بإثمه، فلما شفي أحمد وتماثل للعافية سُرّي عن المعتصم (¬4). * * * ¬

_ (¬1) الماقب ص 401، السير 11/ 247. (¬2) ذكر العليمي في "المنهج الأحمد" (1/ 108): أن المحنة كانت في سنة 218 هـ عقب دخول المعتصم إلى بغداد، وأن الذي تولى كبرها هو بشر المريسي (ت 218 هـ) وأن أحمد استمر في السجن إلى سنة 220 هـ، وهذا كله غريب لا تساعده الروايات واستقراء الأحداث. والله أعلم. (¬3) المناقب ص 420، السير 11/ 259. (¬4) البداية والنهاية 14/ 404.

المرحلة الثالثة المحنة في زمن الواثق

المرحلة الثالثة المحنة في زمن الواثق ذكر ابن كثير (¬1) في سياقة الأحلاث بعد المحنة: أن الإمام أحمد استمر منعزلًا في بيته، لا يشهد جمعة ولا جماعة، ولا يجلس للحديث طيلة أيام العتصم (218 هـ - 227 هـ) واستمر على هذه الحال في أيام ابنه الواثق (227 هـ - 232 هـ). وذلك غير صحيح فيما نرى، فإن الإمام أحمد بعد ما برئ عاد إلى الجمعة والجماعة، وجلس يحدث الناس ويفتيهم، لم ينقطع عن ذلك، فقد صرح بذلك حنبل بن إسحاق ابن أخي الإمام أحمد (¬2). نعم، إنما انقطع عن التحديث في أيام الواثق، قيل: بدون أي منع من السلطان (¬3)، وقيل: لأن الواثق شدد عليه، وقال له: لا يجتمعن إليك أحد ولا تساكني بأرض ولا مدينة أنا فيها (¬4). فكان أحمد في تلك الأيام متخفيًا لا يخرج إلى صلاة ولا غيرها. والسبب في ذلك: أن الواثق كان قد مال إلى ابن أبي دواد أكثر من أبيه، وكان أحمد بن حنبل قد فاز بالنصرة والسمعة الحسنة بعدما ندم المعتصم وأعرض عن هذه الفتنة في بقية حياته، فأحله الإمام أحمد وكلَّ من شارك في تعذيبه، إلا دعاة البدعة وأنصارها. فحنق ابن أبي دواد على هذه النصرة التي حظي بها إمام السنة في بغداد وخارجها، وسارت بها الركبان، وتحدث بها الناس في مجالسهم، فأحنق صدر الواثق من جديد، فبعث الفتنة بعد موتها حتى فرق بين بعض العلماء ويين زوجاتهم لأجل ذلك (¬5). ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 14/ 412. (¬2) السير 11/ 263. (¬3) المناقب ص 428. (¬4) السير 11/ 264، المناقب ص 429، المنهج الأحمد 1/ 110. (¬5) السير 11/ 263.

وصار يلقن للصبيان وهم في الكتاتيب: أن القرآن مخلوق بإيعاز من أحمد البدعة (¬1). ولكن لم يُصب الإمامَ أحمدَ من الواثق في هذه المرة إلا ما أشرنا إليه، إما لأنه علم أن لا فائدة مَن التشديد عليه بعدما عرض على الكير فخرج ذهبًا إبريزًا، وإما للخوف من عاقبة وقوف الناس في جانبه وانقلابهم على الخلافة برمتها. ¬

_ (¬1) المصدر السابق.

نتائج المحنة

نتائج المحنة لكل امتحان نتائجه، ولكل بلية عواقبها وآثارها، ونار هذه الفتنة لم تخمد بموت المعتصم ولا بذهاب الواثق، لأنها مسألة تتعلق بالعقيدة وبكلام الله تعالى، ولئن كان الإمام أحمد واجهها بذلك الثبات، واستحق بثباته وسعة علمه وورعه أن يلقب بإمام أهل السنة، فإن القوم لم يهدأ روعهم، ولم يستقر قرارهم. كان الفقهاء يساقون من الأمصار إلى بغداد، ليختبروا في هذه المسألة، ويفتش عن خبايا قلولهم، وكان منهم أبو يعقوب البويطي الفقيه المصري صاحب الشافعي، فقد جيء به من مصر محمولًا مقيدًا في الأغلال، وأودع السجن حتى مات فيه سنة 231 هـ. ومنهم نعيم بن حماد، فقد مات في سجن الواثق أيضًا سنة 228 هـ (¬1) وكان من أمر الواثق لما استخلف أنه كتب إلى قاضي مصر محمد بن الحارث بن أبي الليث (250 هـ) بامتحان الناس في القرآن، فهرب كثير منهم، وملأ السجون بالكثير ممن أنكر المسألة، وكتب على أبواب المساجد "لا إله إلا الله رب القرآن وخالقه". وعلى الرغم من تمدد مضاعفات هذه المحنة إلى الأمصار الإسلامية، واتباع الولاة مذهب الخليفة في استنطاق القضاة والفقهاء والمحدثين لمعرفة رأيهم في هذه المسألة، على الرغم من ذلك كله، فقد تغلب مذهب أهل الحق فيما بعد، وأدرك الواثق في آخر أيامه ضعف ما هو عليه مما ورث عمن قبله من سوء القول في كتاب الله العزيز، حتى روي أنه ترك امتحان الناس بسبب مناظرة جرت بين يديه رأى بها أن الأولى ترك الإمتحان (¬2). ولما ولي المتوكل بعد الواثق (232 - 247 هـ)، خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الإعتقاد، وطعن عليهم فيما كانوا يقولونه من خلق القرآن، ونهى عن الجدال ¬

_ (¬1) كتاب المحن، لأبي العرب التميمي، ص 444 - 448، ت. الجبوري، نشر دار الغرب الإسلامي. والبداية والنهاية 14/ 405، والمناقب ص 483. (¬2) المناقب ص 431، حياة الحيوان الكبرى، للدميري 1/ 81 - 82. المطبعة التجارية بالقاهرة.

والمناظرة في الأداء، وعاقب عليه، وأمر بإظهار الرواية للحديث، فأظهر الله به السنة، وأمات به البدعة، وكشف عن الخلق تلك الغمة، وأنار به تلك الظلمة، وأطلق من كان اعتقل بسبب القول بخلق القرآن، ورفع المحنة عن الناس (¬1). وقد زاد الله المسلمين إكرامًا بثبات إمام السنة، فأصيب ابن أبي دواد بالفالج، وعُزل عن القضاء، وولي ابنه من بعده، فلم يحسن السيرة في الناس، فسخط المتوكل عليه وعلى أبيه وصادر جميع أمواله، وولى يحيى بن أكثم الذي كان من بقية علماء السنة ممن صحب المأمون، وكان ينصحه ويبصره بالحق في مدلهمات الأمور. وعظم شأن الإمام أحمد عند المتوكل، حتى صار إسحاق بن إبراهيم الخزاعي يعظمه رغم أنفه، ورغب بجواره في عاصمة الخلافة الجديدة "سامراء"، فانتقل الإمام المبجل مع أسرته إلى هناك معززًا مكرمًا، بعدما تبينت براءته من وشاية تولى كبرها ابن الثلجي بالإدعاء على إمام السنة أنه أخفى رجلًا من العلويين في بته، وصار الناس يبايعونه سرًا عنده (¬2). ولكن لم تكن حياة الإمام أحمد بجوار المتوكل إلا زيادة في الزهد، وابتعادًا عن الدنيا وشبهاتها، فلم ينعم بأي شيء مما كان يغدقه الخليفة على أسرته، وسرمد الصيام حتى عاد إلى بغداد في وضعية صحية كادت تأتي على حياته. وكان المتوكل لا يولي أحدًا إلا بمشورة الإمام أحمد، ومكث إلى حين وفاته قل أن يأتي يوم إلا ورسالة الخليفة تنفذ إليه في أمور يشاوره فيها، -رَحِمَهُمَا اللهُ- جميعًا (¬3). • رأي الإمام أحمد في مسألة خلق القرآن: مما ينبغي تسجيله في ذيل هذا الحادث الذي فُتن الناس به، وجعلهم يتقاولون ويتجادلون إلى حين، أن نترجم مذهب الإمام الشيباني الذي كان يسأله عنه الناس بعد تلك المحنة، حتى كان من جملة السائلين له إسحاق بن إبراهيم، بعدما عظم شأنه عند المتوكل، وقال له: "أسالك مسألة مسترشد لا مسألة امتحان، وليكن ذلك عندك مستورًا، ما تقول في القرآن؟ فقلت: القرآن كلام الله غير مخلوق، قال لي: من أين ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 1/ 110. (¬2) المناقب، ص 441، البداية والنهاية 14/ 413. (¬3) وردت تلك المشاورات ورأي الإمام أحمد فيها بالتفصيل في الباب الثالث والعشرين من "المناقب" لإبن الجوزي.

قلت: غير مخلوق؟ فقلت: قال الله - عَزَّ وَجَلَّ-: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، ففرق بين الخلق والأمر، فقال إسحاق: الأمر مخلوق، فقلت: يا سبحان الله، أمخلوق يخلق مخلوقًا!! فقال: وعمن تحكي أنه ليس بمخلوق؟ فقلت: جعفر بن محمد قال: ليس بخالق ولا مخلوق، قال: فسكت" (¬1). ولا ريب أن الإمام أحمد إنما امتحن من أجل ذلك، لكن ورد في استجواب إسحاق ابن إبراهيم النائب على بغداد تنفيذًا لأمر المأمون: أن الإمام اكتفى بالقول: بإن القرآن كلام الله لم يزد على ذلك، كما ذكرناه فيما سبق (¬2). ولنا أن نجمع ببساطة بين الموقفين، فنقول: إنه كان يحب في البداية أن لا يخاض في القرآن الكريم، بأي قول لم يثبت عن السلف، وقد كان ذلك واضحًا في كلامه مع المعتصم حينما قال له: "إلى ما دعا الله ورسوله؟ فسكت هنيهة، ثم قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله .... إلخ" (¬3) وذكر قصة وفد عبد القيس، فكأنه يريد أن يقول: إن هذه المسألة مما ينبغي أن تطوى عن أن يخاض فيها أو تمتحن بها عقائد الناس استنانًا بالسلف. لكن لما أصبحت تناقش في مجالس العلم ويتناظر الناس في شأنها خاف الإمام أحمد أن يتشوش الأمر على أهل السنة، فقال: إن القرآن كلام الله غير مخلوق، على أنه روي عن السلف أنهم كانوا يقولون ذلك. لكن الموضوع لا ينتهي عند هذا الحد، فقد استجر الجدل في هذا الموضوع إلى ضرورة الإجابة عن الأسئلة التالية: 1 - ما حكم من يعتقد أن القرآن مخلوق، ويخالف الحق في ذلك؟ 2 - ما حكم التلفظ بكلام الله وتلاوته بالألسنة هل هو مخلوق أم لا؟ 3 - هل يجوز وصف القرآن بأنه قديم، باعتبار أنه وصف مناقض لكونه مخلوقًا ومساو لكونه غير مخلوق؟ ¬

_ (¬1) المناقب ص. 44، السير 11/ 265. (¬2) ابن حنبل، لأبي زهرة ص 152. (¬3) المناقب ص 399.

• فأما اعتقاد أن القرآن مخلوق: فقد نقل ابن الجوزي (¬1) من وجوه مختلفة عن الإمام أحمد: أنه استفتي في ذلك فأجاب بأن قائل ذلك كافر. لكن لم يذكره اللالكائي في زمرة من أفتوا بتكفير من قال ذلك، على أنه استوعب عددًا كبيرًا منهم، وعده في جملة من قالوا: لا ينكحون ولا يُصلى خلفهم، ولا تعاد مرضاهم، ولا تشهد جنائزهم، وأن موالاة الإسلام انقطعت بينهم وبين المسلمين (¬2). فعلى هذا يكونون عنده معدودين في جملة البتدعة. والذي يستوي عليه النظر، ويليق بمذهب الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-، أنه ممسك عن القول في شيء لم يجد له فيه سلفًا من السنة ومذاهب الصحابة والتابعين، وأنه يكتفي بتقرير: أن كلام الله غير مخلوق دون أن يزيد على ذلك حكمًا بالكفر على من يعتقد خلاف الحق، وإن رسالته إلى المتوكل في هذا الموضوع لتدل على هذا المسلك، فقد جاء في خاتمتها ما يلي: "وقد روي عن السلف أنهم كانوا يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق، وهو الذي أذهب إليه، لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا، إلا ما كان في كتاب الله، أو في حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو عن أصحابه، أو عن التابعين، فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود" (¬3). • وأما حكم التلفظ بكلام الله وتلاوته بالألسنة: فقد اختلفت الرواية في ذلك عن إمام السنة وترجمة مذهبه: قال ابن قتيبة: واختلفت عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل الروايات، ورأينا كل فريق منهم يدعيه، ويحكي عنه قولًا، فإذا كثر الإختلاف في شيء ووقع التهاتر في الشهادات به، أرجأناه مثل أن ألغيناه. ¬

_ (¬1) المناقب ص 201 - 202. وكذلك نقل عنه الآجري في "الشريعة" ص: 80 - 81، واللالكائي في "شرح أصول اعتقار أهل السنة" 1/ 2/ 263، وابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 1/ 342، والذهبي في "تاريخ الإسلام" (حوادث: 241 هـ - 250 هـ، ص 82)، وغيرهم. (¬2) شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/ 2/ 313 - 321. ت. د. أحمد سعد حمدان، نشر دار طيبة، الرياض. (¬3) وهذه الرسالة رواها أبو نعيم في "الحلية" وعنه نقلها الذهبي في "السير" 11/ 281 - 286، و"تاريخ الإسلام". وقال: فهذه الرسالة إسنادها كالشمس. وقال أيضًا: رواة هذه الرسالة عن أحمد أئمة أثبات.

ومن عجيب ما حكي عنه مما لا يشك فيه أنه كذب عليه، إذ كان موفقا بحمد الله رشيدًا أنه قال: من زعم أن القراءة مخلوقة، فهو جهمي، والجهمي كافر، ومن زعم أنها غير مخلوقة، فهو مبتدع، وكل بدعة ضلالة (¬1). واستمر في تحقيق المسألة. ونكتة الأمر أنه قد التبس على الناس كون القرآن غير مخلوق، وكونه حين يتلى بالألسنة لا يتجلى إلا في حروف وأصوات لا يمترى في كونها مخلوقة، فلابد من الذب عن الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ- فيما نسب إليه من القول: بأن أوعية القرآن العزيز صارت غير مخلوقة بمجرد تجسد القرآن فيها، وذلك كالحروف والأصوات، والحبر والأوراق. قأل الإمام البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص 43): أما ما احتج به الفريقان لمذهب أحمد ويدعيه كلٌّ لنفسه، فليس بثابت كثيرٌ من أخبارهم، وريما لم يفهموا دقة مذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم: أنَ كلام الله غير مخلوق، وما سواه مخلوق، وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة، وتجنبوا الكلام والخوض والتنازع إلّا فيما جاء فيه العلم، وبيَّنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وذكر ابن كثير عن البيهقي: أنه لما ترجم عقيدة الإمام أحمد في القرآن أنكر على من يقول: إن لفظه بالقرآن مخلوق يريد به القرآن. قال: وفيما حكى أبو عمارة وأبو جعفر، أخبرنا أحمد -شيخنا- السراج، عن أحمد بن حنبل أنه قال: اللفظ محدث، واستدل بقوله: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]. قال: فاللفظ كلام الآدميين. وروى غيرهما عن أحمد أنه قال: القرآن كيفما تصرف فيه غير مخلوق، وأما أفعالنا فهي مخلوقة (¬2). وقال الذهبي: الذي استقر عليه قول أبي عبد الله: أن من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع (¬3). ثم قال: ¬

_ (¬1) الإختلاف في اللفظ ص 45، والحكاية المذكورة رواها اللالكائي في شرح السنة (1/ 2/ 355). والحلال في "السنة" ق 194 ب عن ابن زنجوية بإسناد صحيح، وأبو يعلى في "الروايتين والوجهين" ق 252، والطبري في صريح السنة 26. (¬2) البداية والنهابة 14/ 384. (¬3) تاريخ الإسلام: حوادث 241 هـ - 250 هـ، ص 83.

الملفوظ كلام الله، وهو غير مخلوق، والتلفظ مخلوق؛ لأن التلفظ من كسب القارئ، وهو الحركة والصوت وإخراجُ الحروف، فإن ذلك مما أحدثه القارئ، ولم يُحدث حروفَ القرآن ولا معانيه، وانما أحدث نطقه به، فاللفظ قدر مشترك بين هذا وهذا، ولذلك لم يُجوِّز الإمام أحمد: لفظي بالقرآن مخلوق، ولا: غير مخلوق؛ إذ كل واحد من الإطلاقين موهِم. والله أعلم (¬1). • وأما وصف القرآن بأنه قديم: فمن المعلوم أن كلمة "قديم" اصطلاح فني استخدمه علماء الكلام للتعبير عن عدم السابقية أو عدم الأولية، فهم يقولون: الله قديم، على معنى: ليس لأوليته بداية، وأنه تعبير عن معنى قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {هُوَ الأَوَّلُ} [الحديد: 2]. ومعلوم أن علم الله -عَزَّ وَجَلَّ- صفة يصدق عليها هذا الحكم، أعني كون علمه -عَزَّ وَجَلَّ- قديمًا لأنه صفة لذاته تعالى. وأما كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- فإنه قديم أيضًا، إذ لم يزل سبحانه متكلمًا لا أولية لذلك. وأما القرآن الذي هو كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- المنزل على قلب نبينا المصطفى محمد - عليه الصلاة والسلام -، فهل يصدق عليه هذا الوصف باعتبار أنه من ذات الكلام القديم، أو لا يجوز أن يوصف بذلك، نظرًا لما تميز به من النزول والوحي به من السماء وغير ذلك؟. فالذي ينسجم معه مذهب إمام السنة أن لا يوصف القرآن الكريم بأنه قديم على اعتبار أنه من لازم القول بكونه غير مخلوق، وذلك لأمرين: الأول: أن السلف وصفوا القرآن بأنه غير مخلوق، ولم يصفوه بأنه قديم، ومذهب الإمام أحمد ينتهي عند السلف، لا يتجاوزهم. الثاني: أن هذا الإطلاق فلسفي مستحدث عند علماء الكلام، والإمام أحمد لم يكن بالذي يتعاطى الكلام ويتسارع في استخدام مصطلحاته ليستغني بها عما عنده من الأثر الذي لا يحتاج معه إلى غيره. وفي الختام نقول، كما قال الذهبي -رَحِمَهُ اللهُ-: ¬

_ (¬1) المصدر السابق: ص 86.

لقد كان هذا الإمام لا يرى الخوض في هذا البحث، خوفًا من أن يُتذرَّع به إلى القول بخلق القرآن، والكف عن هذا أولى. آمنا بالله تعالى، وبملائكته، ويكتبه، ورسله، وأقداره، والبعث، والعرض على الله يوم الدين. ولو بُسط هذا السطر، وحُرر وقُرر بأدلته لجاء في خمس مجلدات، بل ذلك موجود مشروح لمن رامه، والقرآن فيه شفاء ورحمة للمؤمنين، ومعلوم أن التلفظ شيء من كسب القارئ غير الملفوظ، والقراءة غير الشيء المقروء، والتلاوة وحُسنها وتجويدها غير المتلو، وصوت القارئ من كسبه، فهو يحدث التلفظ والصوت والحركة والنطق وإخراج الكلمات من أدواته المخلوقة، ولم يحدث كلمات القرآن، ولا ترتيبه، ولا تأليفه، ولا معانيه. فلقد أحسن الإمام أبو عبد الله حيث منع من الخوض في المسألة من الطرفين، إذ كل واحد من إطلاق الخلقية وعدمها على اللفظ موهم، ولم يأت به كتاب ولا سنة، بل الذي لا نرتاب فيه: أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. والله أعلم (¬1). * * * ¬

_ (¬1) السير 11/ 290.

المبحث الخامس وفاة الإمام أحمد ومجمل مناقبه وعلمه

المبحث الخامس وفاة الإمام أحمد ومجمل مناقبه وعلمه وفاة الإمام أحمد: لما استكمل الإمام أحمد بن حنبل الشيباني 77 سنة من العمر، ودخل في الثامنة والسبعين أصابته حمى، وذلك في أول يوم من شهر ربيع الأول من سنة 241 هـ، فكثر عواده وتردد عليه الأطباء منذ ذلك الحين، وكان قد كتب وصيته قبل ذلك، على عادة العلماء العاملين، وهذا نص تلك الوصية المباركة: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هذا ما أوصى به أحمد بن حنبل، أوصى: أن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون، وأوصى من أطاعه من أهله وقرابته: أن يعبدوا الله في العابدين، وأن يحمدوه في الحامدين، وأن ينصحوا لجماعة المسلمين، وأوصى: أني رضيت بالله -عَزَّ وَجَلَّ- ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًا. وأوصى: أن لعبد الله بن محمد، المعروف بفُورَان عليّ نحوًا من خمسين دينارًا، وهو مصدق فيما قال، فيقضى ماله علي من غلة الدار، إن شاء الله، فإذا استوفى أُعطي ولدُ صالح وعبد الله ابني أحمد بن محمد بن حنبل كل ذكر وأنثى عشرة دراهم، بعد وفاء مال أبي محمد. شهد أبو يوسف، وصالح وعبد الله ابنا أحمد بن محمد بن حنبل" (¬1). ¬

_ (¬1) المناقب ص 454، البدابة والنهاية 14/ 421، المنهج الأحمد 1/ 113.

فلما كانت صبيحة يوم الجمعة 12/ رييع الأول/ 241 هـ، حين ارتفع النهار بنحو ساعتين سلم الإمام أحمد الروح إلى بارئها، وأجاب دعوته المقررة على كل إنسان: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]. وكانت الشوارع والسكك المحيطة بمسكنه ضائقة بالناس. وحضر غسله نحو من مائةٍ من بيت الخلافة من بني هاشم، فجعلوا يقبّلون بين عينيه، ويدعون له، ويترحمون عليه. وخرج الناس بنعشه والخلائق حوله ما لا يعلم عددهم إلا الله، وكان النائب على بغداد محمد بن عبد الله بن طاهر، فتقدم وأم الناس في الصلاة عليه على الرغم من عدم موافقة أولاده على ذلك، وقد كانوا صلوا عليه قبل ذلك في داخل بيته. ولم يستطيعوا دفنه إلا بعد العصر من شدة الزحام (¬1). * * * ¬

_ (¬1) المناقب ص 488 - 505، السير 11/ 334 - 343، البداية والنهاية 14/ 420 - 426، المنهج الأحمد 1/ 112 - 116.

مجمل مناقب الإمام أحمد وصفاته

مجمل مناقب الإمام أحمد وصفاته: عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَضَّر الله امرأً سمع منّا حديثًا، فحفظه حتى يبلغه غيره، فإنه رُبّ حامل فقه ليس بفقيه، ورُبّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه" (¬1). ولا غرو أن إمام السنة كان محلًا لذلك الدعاء المبارك، فقد قال ناعتوه: إنه كان حسن الوجه، رَبْعة، يخضب بالحناء خضابًا ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، أبيض الثياب، وإن كانت غليظة خشنة، يعتمُّ ويلبس إزارًا. وكان أسمر شديد السمرة، طويل القامة (¬2). وكان -عليه رحمة الله- يجلس جلوس المتواضعين في خشوع باد على تقاسيم وجهه، يفضل التربع، وهو القرفصاء، وهي جِلسةكانت تحكيها الصحابية قيلة بنت مخرمة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها رأته يجلس كذلك (¬3). وكان رجلًا مهيبًا لا يجرؤ أحد على انتهاك المهابة التي تكون في مجلسه، وهي مهابة جاء بها الورع والسمت والخشوع لله باستمرار، وليست تلك المهابة التي يفرضها المتجبرون على الناس ظلمًا وعلوًا، فكان الإمام أحمد كما قال مصعب بن عبد الله الزبيري في مالك ابن أنس: يَدَعُ الجوابَ فلا يُراجَعُ هَيْيةَ ... والسائلونَ نواكسُ الأذْقَانِ عِزُّ الوَقَار ونُورُ سُلطانِ التُّقَى ... فهو المَهيبُ وليس ذا سُلْطان (¬4) وكان كما يقول واصفوه: لا يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذكر العلم تكلم، شديد الحياء، كريم النفس، حسن العشرة والأدب، كثير الإطراق والغض، معرضًا عن القبيح واللغو، لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث، وذكر الصالحين ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (21590) وأبو داود (3660) في العلم، باب: فضل نشر العلم، والترمذي (2656) في العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع. (¬2) المناقب ص 269، السير 11/ 184، المنهج الأحمد 1/ 94. (¬3) المصادر السابقة، والحديث رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه. (¬4) تريب المدارك 1/ 167، حلية الأولياء 6/ 318 - 319.

والزهاد، في وقار وسكون ولفظ حسن، وإذا لقيه إنسان بَشَر به وأقبل عليه، وكان يتواضع للشيوخ تواضعًا شديدًا، وكانوا يكرمونه ويعظمونه (¬1). • ثناء العلماء عليه: وقد أثنى العلماء عليه ثناء لا يتسع لنا أن نسجله في هذه المسطورات، لكثرته، فقد أثنى عليه شيوخه وهو صغير، ووصفوه بالعقل والنباهة، وغير ذلك، وأثنى عليه أقرانه الذين صحبهم، وشهدوا له بالحفظ وسعة العلم وجودة القريحة والتفوق على النظراء، مع أن العادة قد جرت بوجود التحاسد بين الأقران والأنظار، لميل النفوس إلى حب التفوق والإنفراد بالفضائل. وأثنى عليه تلاميذه الذين لازموه ورووا عنه العلم (¬2). قال شيخه عبد الرزاق فيه: ما رأيت أفقه من أحمد بن حنبل ولا أورع (¬3). وقال الشافعي: خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلًا أفضل ولا أعلم ولا أورع ولا أفقه، ولا أتقى من أحمد بن حنبل (¬4). وقال محمد بن الحسين الأنماطي: كنا في مجلس فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة، فجعلوا يثنون على أحمد بن حنبل، فقال رجل: فبعضَ هذا، فقال يحيى: وكثرة الثناء على أحمد تستنكر! فلو جلسنا مجالسنا بالثناء عليه ما ذكرنا فضائله بكاملها (¬5). ومن تلامذته: قال النسائي: جمع أحمد بن حنبل المعرفة بالحديث والفقه والورع والزهد والصبر. وقال أبو داود: كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة، لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا، ما رأيته ذكر الدنيا قط (¬6). ¬

_ (¬1) المناقب ص 277، المنهج الأحمد 1/ 96. (¬2) ذكر ابن الجوزي في "المناقب" ثناء شيوخه في الباب العاشر، وثناء أقرانه في الباب الثالث عشر، وثناء الأتباع في الباب الذي يليه. (¬3) المناقب ص 96. (¬4) السير 11/ 195. (¬5) السير 11/ 196، المناقب ص 155. (¬6) السير 11/ 199.

وأثنى عليه الذهبي بكلمة جامعة فقال: "إن أحمد عظيم الشأن، رأسًا في الحديث، وفي الفقه، وفي التألُّه، أثنى عليه خلق من خصومه، فما الظن لإخوانه وأقرانه؟ وكان مهيبًا في ذات الله، حتى لقال أبو عبيد: ما هبت أحدًا في مسألة ما هبت أحمد بن حنبل" (¬1). وكتب الله للإمام أحمد الإحترام حتى في قلوب أهل الذمة الذين كانوا يعيشون مع المسلمين في بغداد. فقد قال المرّوذي: رأيت طبيبًا نصرانيًا خرج من عند أحمد ومعه راهب، فقال: إنه سألني أن يجيء معي ليرى أبا عبد الله. وأدخلتُ نصرانيًا على أبي عبد الله، فقال له: إني لأشتهي أن أراك منذ سنين ما بقاؤك صلاح للإسلام وحدهم، بل للخلق جميعًا، وليس من أصحابنا أحد إلا وقد رضي بك. فقلت لأبي عبد الله: إني لأرجو أن يكون يدعى لك في جميع الأمصار. فقال: يا أبا بكر، إذا عرف الرجل نفسه فما ينفعه كلام الناس؟ (¬2) * * * ¬

_ (¬1) المصدر السابق 11/ 203. (¬2) المصدر السابق 11/ 211.

علم الإمام أحمد

علم الإمام أحمد (¬1) يتجلى لنا علم هذا الإمام المؤسس للمذهب الرابع من المذاهب الفقهية المشهورة في ثلاث نواح رئيسة: • في شهادة الناس له بذلك، وقد مضى بعض ذلك في الثناء عليه. • في الرواية عنه. • في مؤلفاته. أولاً: شهادة الناس له بالعلم: ليس أزكى للإنسان، بعد توفيق الله -عَزَّ وَجَلَّ- له، ورضاه عنه من شهادة أفضل أهل زمانه له بالعلم والتفوق في الفضائل وحيازة السبق في الفنون، وكم يلهث أكثر أهل زماننا وراء الإجازات ونيل التزكيات، ولكن هيهات فقد أدركنا ما وراء الأكمة! والحق كما قال الراجز: والحقُّ أن لا تُفتي حتَّى ترى ... نفسك أهلاً ويرى ذاكَ الورَى فمالكٌ أجازه سَبْعونَ ... محنَّكاً للصَّحْب يتبعونَ (¬2) وإمامنا أحمد لا يسأل عنه، كما يقول علماء الرجال، فقد انعقدت له الإمامة في العلم بالإستفاضة والشهرة، ولو ذهبنا ننقل شهادات الأعيان له لظن الظانون أن الرجل بحاجة إلى ذلك، ولكننا سنكتفي ببعض ذلك ليدلك على غيره. فقد قال قرينه أبو زرعة الرازي: كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث!! فقيل له: وما يدريك؟ قال: ذاكرته، فأخذت عليه الأبواب. وعلق الذهبي على ذلك بقوله: ¬

_ (¬1) عقد الشيخ أبو زهرة بحثاً مطولاً في 14 صفحة أبرز في صفات الإمام أحمد التي تركت آثارها في تكوين علمة، وهو بحث جدير بالإطلاع. (¬2) من منظومة "الطليحية"، للنابغة القلاوي.

فهذه حكاية صحيحة في سعة علم أبي عبد الله، وكانوا يعدون في ذلك المكرر، والأثر وفتوى التابعي، وما فسر، ونحو ذلك، وإلا فالمتون المرفوعة القوية لا تبلغ عُشر معشار ذلك (¬1). وقد تقدم: أن الإمام أحمد أتى على ما عند شيخه هشيم من مسموعات وهو لا يزال حياً، وكان الشافعي يسترشده في معرفة ما ثبت من صحيح الأحاديث ليعمل به. كما تقدم أنه لم يكن عنده ترجمة على ظهور الأجزاء المروية عن شيوخه، وكان يعرفها مع ذلك ويميزها، مما أذهل أبا زرعة الرازي. وتقدم أن عبد الرحمن بن مهدي كان يعتبر الإمام أحمد وارث علم سفيان الثوري، حتى إنه يُذكِّره به وكأنه نسخة ثانية من شخصيته، وكان عبد الرحمن واسطة بين الرجلين تلميذاً لهذا وشيخا لهذا. وزاد محمد بن إبراهيم البوشنجي على ذلك فقال: هو -أي أحمد- عندي أفضل وأفقه من سفيان الثوري، وذلك أن سفيان لم يمتحن من الشدة والبلوى بمثل ما امتحن أحمد بن حنبل، ولا عِلْم سفيان ومن تقدم من فقهاء الأمصار كعلم أحمد بن حنبل؛ لأنه كان أجمع لها وأبصر بمتقنيهم وغالطيهم، وصدوقهم وكذوبهم منه (¬2). فهذه الشهادات تعطينا صورة عن حفظ الإمام أحمد، وسعة اطلاعه على السنن والآثار وفتاوى التابعين، وأنه كان لا يشق له غبار في ذلك، حتى قال أبو بكر ابن أبي شيبة: لا يقال لأحمد بن حنبل: من أين قلت؟! (¬3). وقال عبد الوهاب الوراق: "ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، فقالوا له: وأي شيء بأن لك من فضله وعلمه؟ قال: رجل سئل ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال: حدثنا وأخبرنا (¬4). ¬

_ (¬1) السير 11/ 187. (¬2) المناقب ص 603. (¬3) السير 11/ 186. (¬4) المنهج الأحمد 1/ 85.

ثانيا. في الرواية عنه

ثانياً. في الرواية عنه: روى الناس عن اللإمام أحمد الحديث بسنده، ورووا عنه الفقه الذي نُسج منه مذهبه وتألف فيما بعد. وكان إذ ذاك في صورة مسائل أجاب عنها، ثم دوَّنها الأصحاب من بعده وجمعوها، وصارت هي أم المذهب. • فأما الحديث: فهو الإمام فيه، والمفتاح لخزائن كنوزه، والجهبذ في معرفة علله ورجاله، وصحيحه وسقيمه، بل يعتبر فقهه وليداً من حديثه، لا يكاد يسأل عن مسألة إلا ويجيب فيها بحديث مسند، أو أثر لصحابي، أو فتوى لتابعي. قال عبد الوهاب الوراق: "ما رأيت مثل أحمد بن حنبل. قالوا له: وأيش الذي بأن لك من علمه وفضله على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال: "أخبرنا" و"حدثنا" (¬1). وقد روى عنه الناس في مسانيد الصحابة، وخرجوا أحاديثه في مصنفاتهم، ورووا عنه في علل الأحاديث، كلما رووا عنه في معرفة الرجال فيما يتعلق بأسمائهم، وكناهم، وألقابهم، وجرحهم وتعديلهم، وغير ذلك. وحدث عنه جماعة من مشايخه ومن الأكابر منهم، قد استوفاهم ابن الجوزي بأسمائهم، فذكر منهم (19) شيخاً؛ كإسماعيل ابن علية، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن إدريس الشافعي، وتقدم أنه يذكره في مروياته بوصفه لا باسمه، فيقول: حدثني الثقة (¬2). وحدث عنه من تلامذته جماعة لا يحصون كثرة، جرد ابن الجوزي أسماءهم في "المناقب" والمزي في "تهذيب الكمال". ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة، لإبن أبي يعلى 1/ 6. (¬2) "المناقب": ص 116، و"السير" 11/ 183.

• أحمد في الكتب الستة: ومن جملة تلاميذه المباشرين وبواسطة، أصحاب الأصول الستة. قال الذهبي: "حدث عنه البخاري حديثاً، وعن أحمد بن الحسن عنه حديثاً آخر في المغازي، وحدث عنه مسلم، وأبو داود بجملة وافرة، وروى أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه عن رجل عنه" (¬1). وإليك ذلك الحديث المذكور في مغازي "الجامع الصحيح": "حدثني أحمد بن الحسن، حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال، حدثنا معتمر بن سليمان، عن كهمس، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست عشرة غزوة" (¬2). وأما الحديث الثاني، فهو موقوف على ابن عبَّاس في كتاب النكاح. قال البخاري: وقال لنا أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني حبيب، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس: حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع. ثم قرأ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الآية. وذكر الآثار بطولها (¬3). • قلة أحاديث أحمد في صحيح البخاري وسببها: ذكر الحافظ ابن حجر سبب إقلال البخاري من التخريج للإمام أحمد في "صحيحه"، فقال: وليس للمصنف في هذا الكتاب رواية عن أحمد إلا في هذا الموضع -إشارة إلى الحديث السابق- وأخرج عنه في آخر المغازي حديثا بواسطة -وقد أوردناه آنفا- وكأنه لم يكثر عنه، لأنه في رحلته القديمة لقي كثيراً من مشايخ أحمد فاستغنى بهم، وفي رحلته الأخيرة كان أحمد قطع التحديث، فكان لا يحدث إلا نادراً، فمن ثَمّ أكثر البخاري عن علي بن المديني دون أحمد (¬4). ¬

_ (¬1) السير 11/ 181. (¬2) الحديث رقم 4473, آخر كتاب المغازي. قال الحافظ في "الفتح" (8/ 153): وهو أحد الأحاديث الأربعة التي أخرجها مسلم عن شيوخ أخرج البخاري تلك الأحاديث بعينها عن أولئك الشيوخ بواسطة. (¬3) الحديث رقم 5105، في باب: ما يحل من النساء وما يحرم، من كتاب النكاح. (¬4) فتح الباري 9/ 154.

وقد خلف لنا الإمام أحمد ذلك الديوان العظيم المسمى: "المسند"، وقد صُنِّف في جمع السنة ما يزيد على المائة مسند (¬1)، فكان لابد من قرن اسم المصنِّف بالمسند الذي صنفه كـ"مسند عبد بن حميد" و"مسند أبي يعلى الموصلي" .. حتى يتميز عن غيره، ولكن لشهرة مسند أحمد، وتفوقه على غيره أصبح هذا الإسم المجرد -أعني "المسند"- علماً عليه بالغلبة، فإذا أطلق فهو المقصود به حصراً، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله في ذكر المؤلفات في الحديث. • وأما الفقه: فقد روي عنه -رَحِمَهُ اللهُ- في صيغة أسئلة وأجولة على غرار الفتاوي المسموعة، ولم يدوّن كتاباً في ذلك قط، لأنه كان يكره حتى التعليقات المكتوبة بإزاء السنن والآثار، كما هو صنيع مالك في "الموطأ"، بَلْهَ الفقه المجرد الذي ليس فيه إلا الإجتهاد الخالص. فيكون المذهب الحنبلي قد ولد أول ما ولد في صورة أسمعة كتبها الأصحاب، بعضها في حياته وبعضها بعد وفاته، فكان بهذا شبيهاً بالمذهب المالكي. فقد تَكوَّن هو الآخر بهذه الطريقة، وبزغ فجره في كتاب "الموطأ" وأسمعة الأصحاب لمسائل الفقه التي أجاب عنها، فعبد الرحمن بن القاسم له سماع من مالك بلغ عشرين كتاباً، وأبو محمد عبد الله بن وهب له سماع من مالك بلغ ثلاثين كتاباً، وأشهب بن عبد العزيز له سماع من مالك يقول عنه سحنون: حدثني المتحري في سماعه: اْشهب ... وكان ورعاً في سماعه. وعدد كتب سماعه عشرون كتاباً. وأبو محمد عبد الله بن عبد الحكم كان له سماع من مالك، "الموطأ" نحو ثلاثة أجزاء. وصنف كتباً اختصر فيها أسمعته (¬2). وكذلك الإمام أحمد دون أصحابه مذهبه في مرحلته المبكرة، فيما عرف واشتهر بـ "المسائل". ¬

_ (¬1) "الرسالة المستطرفة"، لمحمد بن جعفر الكتاني. (¬2) الإختلاف الفقهي، ص 81، نقلاً عن "ترتيب المدارك" و"الديباج" وغيرها من تراجم علماء المالكية.

قال الذهبي: "وقد دوّن عنه كبار تلامذته مسائل وافرة في عدة مجلدات، كالمرّوذي، والأثرم، وحرب، وابن هانئ، والكوسج، وأبي طالب، وفوران، ويدر المغَارلي، وأبي يحيى الناقد .. " وسرد نحواً من خمسين راوية، ثم قال: "وخلق سوى هؤلاء، سماهم الخلال في أصحاب أبي عبد الله، نقلوا المسائل الكثيرة والقليلة" (¬1). وجرد ابن أبي يعلى في مقدمة "الطبقات" عدداً من نقلة الفقه عن الإمام أحمد، ثم قال: وهم مائة ونيف وعشرون نفساً. ويتميز هذا الكتاب -يعني كتاب الطبقات- بالعناية برواية المترجمين عن الإمام أحمد وذكر مصنفاتهم (¬2). ويعتبر جرد العلامة علاء الدين المرداوي (ت 885 هـ) أحسن جرد في هذا الموضوع، فقد عقد في آخر كتاب "الإنصاف" فصلاً في ذكر أسماء نقلة الفقه عن الإمام أحمد، ورتبهم على حروف المعجم، وعرَّف بكل واحد منهم تعريفاً موجزاً مبيناً ما لكل واحد منهم من الرواية على وجه الإجمال، فتارة يقول: "نقل مسائل كثيرة جداً حساناً" وتارة يقول: "نقل مسائل كثيرة" وتارة يقول: "نقل مسائل" وتارة يقول: "نقل أشياء" .. فأحصى نيفاً وثلاثين رجلاً. وقال في أوله: "فصل في ذكر من نقل الفقه عن الإمام أحمد، - رضي الله عنه - من أصحابه ونقله عنه إلى من بعده، إلى أن وصلت إلينا، فمنهم المقل، ومنهم المكثر، وهم كثيرون جداً، لكن نذكر جملة صالحة منهم يحصل المقصود بها إن شاء الله" (¬3). وقال في خاتمته: "وهذا آخر ما قصدنا ذكره من أئمة أصحاب الإمام أحمد - رضي الله عنهم -، ممن نقل الفقه عنه، مما لا يستغني عنه طالب العلم. وهم نيف على ثلاثين ومائة نفس. ومن نقل عنه الفقه وغيره جماعة كثيرون جداً، ذكرهم أبو بكر الخلال، وأبو بكر بن عبد العزيز -يعني غلام الخلال- في "زاد المسافر" والقاضي أبو الحسين بن أبي يعلى في "الطبقات" وقد زادوا فيها على الخمسمائة. وذكر ابن الجوزي بعضهم في "مناقب الإمام أحمد" وغيرهم. فإن من طالع في هذا الكتاب وغيره ¬

_ (¬1) السير 11/ 330 - 331. (¬2) ذكر في المقدمة (1/ 20) ما يفيد أنه التزم ذكر المصنفات للترجمين. (¬3) الإنصاف 30/ 399. ط. دار هجر, 1996.

من كتب الأصحاب يحتاج إلى معرفة الناقلين عنه، فإن بعضهم تارة يذكرهم بكناهم، ويعضهم يذكرهم بألقابهم، ويعضهم يذكرهم بأسمائهم. وهم أيضاً متفاوتون في المنزلة عند الإمام أحمد - رضي الله عنه -، والنقل عنه والضبط والحفظ" (¬1). وينبغي أن نعلم أن كلمة "فقه" الواردة في مثل هذه المواطن تعني أوسع من مدلولها الإصطلاحي المستقر. فكتب "المسائل" هي عبارة عن دواوين لفقه الدين بمعناه الواسع، فنجد فيها الفقه والاعقاد والتفسير والأصول والزهد ومناحي من الفنون لا تحصى كثرة، يتجلى لنا ذلك في أعمال أبي بكر الخلال (ت 311 هـ). فقد قال عنه ابن الجوزي: "صرت عنايته إلى جمع علوم أحمد بن حنبل، وسافر لأجلها، وكتبها عالية ونازلة، وصنفها كتباً، منها كتاب "الجامع" نحو من مائتي جزء, ولم يقارب أحد من أصحاب أحمد في ذلك" (¬2). وهو يعد في الطبقة الثانية من الأصحاب، فلذلك يعتبر متلقياً لعلم الإمام أحمد بواسطة أصحابه، فيكون هو جامع شتات تلك "المسائل" من مدونيها، كما يدل عليه عنوان كتابه الكبير. قال الذهبي: "وجمع أبو بكر الخلال سائر ما عند هؤلاء من أقوال أحمد وفتاويه وكلامه في العلل والرجال والسنة والفروع حتى حصل عنده من ذلك ما لا يوصف كثرة" (¬3). ثم قال: "وألف كتاب "الجامع" في بضعة عشر مجلدة أو أكثر، وقد قال في كتاب "أخلاف أحمد بن حنبل": لم يكن أحدٌ علمتُ عُنِيَ بمسائل أبي عبد الله قط، ما عُنيت بها أنا". وقد طبع من هذه المسائل: رواية ابنيه صالح وعبد الله، وأبي داود السجستاني صاحب "السنن"، وإسحاق ابن هانئ، وعبد الله البغوي المشهور بابن بنت منيع، وإسحاق بن منصور الكوسج، ومسائله ممزوجة بمسائل إسحاق بن راهويه، حقق منه: الطهارة، والصلاة، والصيام، والمعاملات. ¬

_ (¬1) الإنصاف 30/ 418. (¬2) المناقب، ص 618. (¬3) السير 11/ 331. و"الطبقات" (2/ 12 - 13)، و"إعلام الموقعين" (1/ 35) ط. دار الحديث.

ثالثا: في مؤلفاته

ثالثاً: في مؤلفاته: قال ابن الجوزي: "كان الإمام أحمد لا يرى وضع الكتب، وينهى أن يكتب عنه كلامه ومسائله، ولو رأى ذلك لكانت له تصانيف كثيرة، ولنقلت عنه كتب، فكانت تصانيفه المنقولات" (¬1). وهذه إشارة مهمة جداً في تصوير المنحى العام لمصنفات الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-، فقد كانت تصانيفه المنقولات، على معنى أنه -رَحِمَهُ اللهُ- كان يجمع في مؤلفاته الأحاديث المرفوعة، والموقوفة، وفتاوى التابعين، وتفاسيرهم التي تلقوها عن الصحابة فيما يتعلق بتأويل القرآن وعلومه المختلفة. فكونه يذهب الى كراهة وضع الكتب لا يتنافى إذن مع تأليفه لمجموعة من الكتب والمصنفات، والرسائل، ما دام يروي في تلك المصنفات ولا يرى، ويتبع ولا يبتدع، ويحيل ولا يتكفل. وإليك جريدة بما نسب إلى الإمام أحمد من كتب: 1 - المسند. طبع مراراً 2 - العلل ومعرفة الرجال. ذكر العقيلي في "الضعفاء" أنه قرأه على عبد الله غن أبيه. طبع منه جزءان. 3 - فضائل الصحابة. فيه زيادات لابنه عبد الله وأبي بكر القطيعي. طبع في (مجلدين) بتحقيق وصي الله بن محمد عباس سنة (1403) هـ، مؤسسة الرسالة ببروت. 4 - التفسير. ذكره ابن النديم وابن الجوزي، ونقل عن الزجاج في "معاني القرآن" حيث قال فيه (4/ 166): أكثر ما رويتُ في هذا الكتاب من التفسير فهو من كتاب "التفسير" عن أحمد بن حنبل. وقال في موضع آخر منه (4/ 8): روينا عن أحمد بن حنبل -رَحِمَهُ اللهُ- في كتابه "كتاب التفسير"، وهو ما أجازه لي عبد الله ابنه عنه. ومع ذلك فقد أنكره الذهبي في "السير" (11/ 332 و 13/ 325). ¬

_ (¬1) المناقب، ص 248.

5 - الناسخ والمنسوخ. مصورته في مكتبة الشيخ حماد الأنصاري بالمدينة المنورة. 6 - الزهد. قال ابن حجر في "تعجيل المنفعة": إنه كتاب كبير في قدر ثلث "المسند" مع كبر "المسند" وفيه من الأحاديث والآثار مما ليس في "المسند" شيء كثير. فعلى هذا يكون المطبوع منه جزءاً يسيراً فقط. 7 - الفرائض. ذكره ابن النديم. وقال الذهبي في "السير" (11/ 228): رأيت له ورقة من هذا الكتاب. وفي "المناقب" (613) لإبن الجوزي ما يشير إلى أنه كان عند إبراهيم الحربي يرويه للناس. 8 - الأسامي والكنى. ذكره الوادي آشي في "برنامجه" ضمن مسموعاته. وقد طبع. 9 - حديث شعبة. ذكره ابن الجوزي والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (9/ 375). 10 - التاريخ. ذكره ابن الجوزي. 11 - الورع. نُسب إليه، وليس من تأليفه بل هو من تأليف أبي بكر المرّوذي (تلميذه). وقد طبع. 12 - الرد على الزنادقة والجهمية. وقد طبع مراراً. 13 - كتاب أهل الردة والزنادقة. يوجد في مكة في حوزة محمد حمزة، ومنه نسخة مصورة بالقاهرة. انظر "تاريخ التراث العربي" لسزكين (3/ 225). وهو مطبوع. 14 - الإيمان. ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/ 353) وتوجد منه مخطوطة في المتحف البريطاني. انظر "تاريخ التراث العربي" لسزكين (3/ 229). 15 - طاعة الرسول. ذكره ابن النديم. 16 - الإمامة. ذكره الذهبي في السير (11/ 335) وقال: مجلدة صغيرة. 17 - نفي التشبيه. ذكره الذهبي في السير (11/ 335) وقال: مجلدة. 18 - المقدم والمؤخر في القرآن. ذكره الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/ 375). وفي ترجمة المروذي من "الطبقات" (1/ 62) لإبن أبي يعلى شيء من مضمونه. 19 - جوابات القرآن. ذكره الخطيب في "التاريخ" (9/ 375).

20 - المناسك الكبير. ذكره ابن النديم. 21 - المناسك الصغير. ذكره ابن الجوزي. 22 - الأشربة. ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/ 303). وهو مطبوع. 23 - الوقوف والوصايا. وصل إلينا ضمن "الجامع" للخلال. وهو مطبوع. 24 - أحكام النساء. وصل إلينا ضمن "الجامع" للخلال. وهو مطبوع. 25 - الترجل. وصل إلينا ضمن "الجامع" للخلال. وهو مطبوع، 26 - الإرجاء. وصل إلينا ضمن "الجامع" للخلال. 27 - الفتن. توجد منه نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق. وهو مطبوع. 28 - فضائل أهل البيت. ذكره الحاكم في "المستدرك" (3/ 157). 29 - مسند أهل البيت. مُستلّ من "المسند". وهو مطبوع.

رسائل الإمام أحمد

رسائل الإمام أحمد وتنسب إلى الإمام أحمد الرسائل التالية: 1 - رسالة "السُّنة" المعروفة برسالة الإصطخري: رواها ابن أبي يعلى في "الطبقات" (1/ 24 - 36). 2 - رسالة كتبها إلى المتوكل في مسألة خلق القرآن: أخرجها أبو نعيم في "الحلية" (9/ 216 - 219) ومن طريقه رواها ابن الجوزي والذهبي، وأثنى على إسنادها ثناء حسناً. 3 - رسالة الحسن بن إسماعيل الربعي: قصيرة جداً، أوردها ابن أبي يعلى في "الطبقات" (1/ 130). 4 - رسالة عبدوس بن مالك العطار: مطولة، أوردها ابن أبي يعلى أيضاً (1/ 241 - 246). 5 - رسالة محمد بن عوف الطائي: مطولة، نقلها ابن أبي يعلى (1/ 311 - 313). 6 - رسالة محمد بن يونس السرخسي: أوردها ابن أبي يعلى (1/ 329 - 330). 7 - رسالة إلى مسدد بن مسرهد البصري (ت 228 هـ): مطولة، نقلها ابن أبي يعلى (1/ 341 - 345). 8 - رسالة في الصلاة: كتبها إلى مهنا بن يحيى الشامي، كما في "الطبقات" (1/ 348 - 380) وهي موضوعة على الإمام أحمد، كما قال الذهبي (11/ 287، 330)، والذي يقرؤها يجد أنها تتجافى مع أسلوبه وطريقته، مما يؤكد قول الذهبي. وتوجد منها نسخة خطية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (2/ 13853 مجاميع) مؤلفة من (9) ورقات، ونسخة أخرى برقم (1/ 6786 مجاميع) مؤلفة من (12) ورقة. وهي مطبوعة بمصر بعنوان "الرسالة السنية في الصلاة وما يلزم فيها للإمام".

المسند ديوان السنة النبوية

المسند ديوان السنة النبوية

تاريخ تأليف المسند

لا يذكر الإمام أحمد إلا ويذكر معه ذلك الديوان العظيم "المسند" والذي غابت في ضياء شمسه لوامع كتبه ومصنفاته الأخرى، لقد انتشر هذا الكتاب في الآفاق وسارت به الركبان، وكان له من المنزلة بين كتب الإسلام ما كان للإمام أحمد من المنزلة بين أئمة الإسلام الكبار. وسيكون الحديث عن المسند في المباحث التالية: - تاريخ تأليفه. - وصفه. - روايته. - مكانته. - الأعمال التي تمت عليه. • تاريخ تأليف المسند: لقد مر تاريخ تدوين السنة النبوية بعدة مراحل، فكانت في زمن الصحابة محفوظة في صدور الرجال إلا بعض الصحائف التي كانت بأيدي ثلة قليلة من الصحابة ... وكذلك كان الحال في صدر زمن التابعين، إلى أن عهد عمر بن عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ- إلى حافظ زمانه ابن شهاب الزهري (ت 124 هـ) بجمع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبدأ الجمع من يومئذ وبزغ فجر التدوين، فدونت السنة في تلك المرحلة الأولى في "جوامع" كجامع سفيان الثوري، وجامع سفيان بن عيينة، وجامع ابن جريج، وجامع فلان وفلان ... وكانت تلك "الجوامع" لا تتميز بأي نظام تصنيفي، وإنما كانت تجمع أحاديث فلان على حدة وأحاديث فلان على حدة، وهكذا، ويسمى المجموع الكلي لتلك المسموعات المترجمة على الشيوخ: الجامع. ثم جاء دور"التصنيف"، والتصنيف يختلف عن التدوين؛ إذ إنه يعتمد على منهج محدد وترتيب منسق داخل الكتاب المؤلف.

فهناك من صنف الأحاديث التي رواها عن شيوخه على أبواب الفقه، فوضع كل حديث في كتابه المناسب وبابه المناسب. وهذا ما عرف "بالسنن"، كسنن أبي داود والترمذي وهناك من توسع أكثر فأضاف إلى أبواب الفقه علوماً أُخر، كالمغازي والتفسير والإيمان والتوحيد والفضائل، وغير ذلك، فكان كتاباً جامعاً، وذلك كـ: "صحيح الإمام البخاري" و"صحيح الإمام مسلم". وهناك من سلك مسلكاً آخر وكان غرضه تجميع أحاديث الصحابة صحابياً صحابياً، وإفراد مرويات كل صحابي في كتاب، وتكوين ديوان جامع من ذلك كله، وهو ما سمي بـ"المسند". فالمسند: هو الكتاب الذي يكون فيه حديث كل صحابي على حدة، صحيحاً كان أو حسناً أو ضعيفاً، من غير التفات إلى الموضوعات والأبواب، ويتبع في ترتيب مسانيد الصحابة طرائق عدة، فقد ترتب على حروف الهجاء، أو على القبائل، أو السابقة في الإسلام، أو الشرافة النسبية، أو غير ذلك، وقد يقتصر في بعضها على أحاديث صحايي واحد، كمسند أبي بكر، أو أحاديث جماعة منهم، كمسند الأربعة أو العشرة، أو طائفة مخصوصة يجمعها وصف واحد، كمسند المُقلِّين، ومسند الصحابة الذين نزلوا مصر إلى غير ذلك (¬1). وهكذا كان "مسند الإمام أحمد" الذي يقع إلى جانبه ما يزيد على مئة كتاب بهذا العنوان، مثل: مسند الحميدي، ومسند أسد بن موسى، ومسند عَبد بنِ حُميد، ومسند الطيالسي. متى بدأ الإمام أحمد بتصنيف مسنده؟ يرى الشيخ محمد أبو زهرة -رَحِمَهُ اللهُ- أن الإمام أحمد بدأ في تصنيف "المسند" مع بداية الطلب، أي في حدود سنة (180 هـ) قبل خروجه من بغداد (¬2). وهذا الرأي بعيد، فأما أن يكون الإمام أحمد بدأ بجمع مادة "المسند" مع بداية الطلب فذلك ما لا يجادل فيه أحد، وأما أن يكون فكَّر في "المسند" وأخذ في تصنيفه منذ ذلك الحين فهناك من الأدلة ما يخالفه، وذلك أن أحاديث الشيوخ الذين روى عنهم الإمام أحمد كانت في ذلك الوقت عبارة عن "جوامع" لمرويات الشيوخ على ما وصفنا آنفاً، وبالتالي فتصنيف "المسند" لا يمكن أن يخصل لأحد إلا بعد استشراف ما عند الشيوخ من الأحاديث ليرتبها بعد ¬

_ (¬1) "الرسالة المستطرفة": 60 - 61. (¬2) ابن حنبل ص: 168. دار الفكر العربي.

وصف المسند

ذلك على مسانيد الصحابة، وهذا مالم يكن قد توفر للإمام أحمد وهو في بداية الطريق. بالإضافة إلى ذلك فإننا نجد من النقل ما يصرح بأن بداية تصنيف "المسند" كانت على رأس المئتين حينما رجع الإمام أحمد من رحلاته التي كان آخرها رحلته اليمنية إلى عبد الرزاق الصنعاني (ت 211 هـ). فقد روى الحافظ أبو موسى المديني بسنده إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال: صنف أبي السند بعد ما جاء من عند عبد الرزاق (¬1). فالإمام أحمد لما أنهى تلك الرحلات التي رحلها إلى الأمصار الإسلامية التي كانت فيها الأحاديث، ويستوطنها الحفاظ والرواة، وجد نفسه قد دوَّن ما يتجاوز ثلاثة أرباع المليون 750.000) من الأحاديث، فجاءت فكرة تصنيف مسند يجمع أحاديث كل صحابي على حدة، وينتقي من ذلك العدد الهائل الأحاديث ذات الأسانيد المعروفة المشهورة. * * * • وصف المسند: يتكون المسند من عدد كثير من الأحاديث التي رواها الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2)؛ بعضها رواه الإمام أحمد بأسانيده إلى أولئك الصحابة، وهي تشكل معظم المسند، بالإضافة إلى زيادات رواها ابنه عبد الله عن عوالي شيوخه وأدرجها ضمن مسند أبيه، كما توجد زيادات لأبي بكر القطيعي راوي المسند عن عبد الله بن أحمد عن أبيه. ويتطلب البحث أن نتفحص السند وهو في الوضع الذي كان عليه قبل أن يتصرف فيه عبد الله ابن الإمام بالترتيب والإضافات. ثم نتعرف على عدد أحاديثه إجمالاً وكيفية توزيعها على مسانيد الصحابة، وزوائد عبد الله والقطيعي. ¬

_ (¬1) خصائص المسند: المطبوع في مقدمة طبعة الشيخ شاكر للمسند، ص: 9. مكتبة التراث الإسلامي. (¬2) قال الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 233: والأصل في المسند الأحمدي إيراد الأحاديث المرفوعة لا أقوال الصحابة فمن بعدهم.

• المسند في صورته التي تركه عليها أحمد: يقول ابن الجزري -رَحِمَهُ اللهُ-: إن الإمام أحمد شرع في هذا "المسند"، فكتبه في أوراق مفردة وفرقه في أجزاء منفردة، على نحو ما تكون المسوّدة، ثم جاء حلول المنية قبل حصول الأمنية، فبادر بإسماعه لأولاده وأهل بيته، ومات قبل تنقيحه وتهذيبه، فبقي على حاله، ثم إن ابنه عبد الله ألحق به ما يشاكله، وضم إليه من مسموعاته، ما يشابهه ويماثله (¬1). وهكذا كان "المسند" في بدايته؛ عبارة عن مجموعة من الأجزاء المنفردة بعضها عن بعض، وكل جزء يحتوي على مجموعة من الأوراق المنفردة هي الأخرى بحيث لا تربطها أرقام ولا يهتدى فيها إلى تسلسل معين. • المسند بين يدي عبد الله بن أحمد: وقد رتب عبد الله بن الإمام "المسند" ترتيباً لم يخرجه في حقيقة الأمر عن الصورة التي كان عليها عند أبيه، وقد وقع فيه خلل في جملة مواضع لا تمس جوهر الكتاب، من مثل إدراج عدد من أحاديث المكثرين في غير مسانيدهم، وتكرار الحديث الواحد بإسناده ومتنه لغير فائدة في إعادته، وتفريق أحاديث الصحابي الواحد في أكثر من موضع، والخلط بين أحاديث الشاميين والمدنيين، وعدم التمييز بين روايات الكوفيين والبصريين، وتداخل بعض أحاديث الرجال بأحاديث النساء، واختلاط مسانيد القبائل بمسانيد أهل البلدان. وقد نبه على ذلك الحافظ ابن عساكر في كتابه: "ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند". ثم قال: ولست أظن ذلك إن شاء الله وقع من جهة أبي عبد الله -رَحِمَهُ اللهُ- فإن محله في هذا العلم أوفى، ومثل هذا على مثله لا يخفى، وقد نُراه توفي قبل تهذييه، ونزل به أجله قبل تلفيقه وترتيبه، وإنما قرأه لأهل بيته قبل بذل مجهوده فيه خوفاً من حلول عائق موته دون بلوغ مقصوده فيما يرتضيه (¬2). ¬

_ (¬1) المصعد الأحمد المطبوع في مقدمة الشيخ شاكر للمسند ص 14. (¬2) مقدمة الطبعة الجديدة للمسند الصادرة عن مؤسسة الرسالة ص: 63. نقلاً عن "ترتيب أسماء =

• عدة أحاديثه: قال الحافظ أبو موسى المديني -وهو من جملة من وقع له المسند كاملاً عن شيخه ابن الحصين-: فأما عدد أحاديث "المسند" فلم أزل أسمع من أفواه الناس أنها أربعون ألفاً، إلى أن قرأت على أبي منصور بن زُريق ببغداد، أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: وقال ابن المنادي: لم يكن في الدنيا أحدٌ أروى عن أبيه منه؛ يعني: عبد الله بن أحمد بن حنبل، لأنه سمع "المسند"، وهو ثلاثون ألفاً، والتفسير، وهو مئة ألف وعشرون ألفاً، سمع منه ثمانين ألفاً والباقي وجادةٌ. فلا أدري: هل الذي ذكره ابن المنادي أراد به ما لا مكرر فيه، أو أراد غيره مع المكرر؟ فيصح القولان جميعاً، أو الاعتماد على قول ابن المنادي دون غيره؟ ولو وجدنا فراغاً لعددناه إن شاء الله تعالى (¬1). وعلق الشيخ أحمد شاكر -رَحِمَهُ اللهُ- على ذلك بقوله: "هو على اليقين أكثر من ثلاثين ألفاً، وقد لا يبلغ الأريعين ألفاً. وسيتبين عدده الصحيح عند إتمامه إن شاء الله". اهـ. ولكنه عاجلته المنية قبل تحقيق الأمنية -رَحِمَهُ اللهُ- وقد عمل في "المسند" نحو الربع، ولو أتمه لكوشف بعين الحقيقة، ولصار اليقين الذي قطع به إلى المراجعة، فقد كشفت الطبعة الجديدة الصادرة عن "مؤسسة الرسالة" في (50) مجلداً؛ أن عدد أحاديث "المسند" (27647) حديثاً، بما في ذلك المكررات وزوائد عبد الله. والله أعلم. ¬

_ = الصحابة" بتحقيق الدكتور عامر حسن صبري. وقال الحافظ ابن حجر: وكان الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- لم يرتب مسانيد المقلين فرتبها ولده عبد الله فوقع فيه إغفال كبير من جعل المدني في الشامي ونحو ذلك. اهـ. مقدمة تحقيق "أطراف المسند" ص 55، نقلاً عن "المعجم المفهرس" لإبن حجر. (¬1) خصائص المسند ص 7.

• ترتيب الصحابة في المسند: لقد توخَّى الإمام أحمد ترتيب الصحابة في مسنده حسب اعتبارات عدة، منها: الأفضلية، والسابقة في الإسلام، والشرافة النسبية، وكثرة الرواية. وذلك أنه بدأ "مسنده" بمسانيد الخلفاء الأربعة، وثنى بمسانيد بقية العشرة المبشرين بالجنة، وثلث بمسند أهل البيت، ثم تلاهم بمسانيد المكثرين من الرواية، كالعبادلة الأربعة: ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عمرو، ثم مسانيد الأمصار: مسند المكيين، ثم المدنيين, ثم الشاميين، ثم الكوفيين, ثم البصريين، ثم مسند الأنصار، ثم مسند النساء (¬1). • زوائد المسند: وتعتبر زوائد عبد الله على أصل "المسند" من جملة آثاره التي أكمل بها عمل أبيه في هذا الديوان العظيم. وذلك أن عبد الله لما تلقى "المسند" عن أبيه على الصفة التي مرت ¬

_ (¬1) يتكون المسند الحنبلي على ما ذكره الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند" 1/ 173 من ثمانية عشر مسندَ صحابي: 1 - مسند العشرة وما معه. 2 - مسند أهل البيت، وفيه: مسند العباس وبنيه. 3 - مسند عبد الله بن عباس. 4 - مسند ابن مسعود. 5 - مسند أبي هريرة. 6 - مسند عبد الله بن عمر. 7 - مسند عبد الله بن عمرو بن العاص. 8 - مسند أبي سعيد الخدري. 9 - مسند أنس بن مالك الأنصاري. 10 - مسند جابر بن عبد الله الأنصاري. 11 - مسند الأنصار. 12 و 13 - مسند المكيين والمدنيين. 14 - مسند الكوفيين. 15 - مسند البصرين. 16 - مسند الشاميين. 17 - مسند عائشة. 18 - مسند النساء.

آنفاً، قام بعد ذلك بترتيبه وتهذيبه، وفي ذلك يقول الذهبي: وهذا كتاب "المسند" لم يصنفه هو -يعني الإمام أحمد- ولا رتبه، ولا اعتنى بتهذيبه، بل كان يرويه لولده نسخاً وأجزاء، ويأمره أن: ضع هذا في مسند فلان، وهذا في مسند فلان (¬1) اهـ. فالمسند بالصورة الحالية من عمل عبد الله، وإلى جانب العمل الفني في الترتيب والتهذيب أضاف عدداً غير قليل من الأحاديث بأسانيده عن شيوخ أُخَر غير أبيه، قال الذهبي: وله زيادات كثيرة في "مسند" والده واضحة عن عوالي شيوخه (¬2) اهـ. وجملة الشيوخ الذين روى عنهم الإمام أحمد في "المسند" (283) شيخاً، وجملة شيوخ عبد الله في زوائده (173) شيخاً، وذلك على ما أحصاه ابن الجزري (¬3). وأما زيادات أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي (ت 368 هـ) فقد صرح بوجودها أكثر من واحد من العلماء (¬4). فقد قال ابن الجزري في سياق إسناده في تلقي "المسند": فأخبرني به كذلك مع الزيادات فيه لعبد الله بن أحمد وأبي بكر القطيعي الشيخ الصالح الأصيل رحلة البلاد وجامع لواء الإسناد وملحق الأحفاد بالأجداد اللإمام صلاح الدين أبو عبد الله وأبو عمر محمد بن الشيخ الصالح العالم تقي الدين أبي العباس أحمد بن الشيخ عز الدين ... إلى أن قال: أخبرك بجميع مسند الإمام أحمد من رواية ابنه عبد الله، وبما فيه من زيادات ابنه عبد الله عن غير أبيه، وبزيادات القطيعي أيضًا، وهي في مسند الأنصار - رضي الله عنهم - (¬5). اهـ ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه الزيادات: ثم زاد ابن أحمد زيادات، وزاد أبو بكر القطيعي زيادات، وفي زيادات القطيعي أحاديث كثيرة موضوعة (¬6). اهـ. ¬

_ (¬1) السير: 13/ 522. (¬2) السير: 13/ 524. (¬3) المصعد الأحمد ص 18. (¬4) وفي مقدمة تحقيق "أطراف المسند" ص 61 ذكر المحقق أمثلة من أربعة أحاديث مما خرجه من زيادات القطيعي في "المسند". (¬5) المصعد الأحمد ص: 13. (¬6) منهاج السنة النبوية 4/ 27.

رواية المسند

• رواية المسند: انفرد عبدُ الله بن أحمد بن حنبل برواية "المسند" عن أييه، مع أنه سمعه مع أخيه صالح وابن عم أبيه حنبل بن إسحاق، وصالح -وهو أكبر أولاد الإمام - كان كثيراً ما يتغيَّبُ عن السماع سعياً وراء عياله (¬1)، ولعلَّ حنبلَ بن إسحاق اهتمَّ بفقه الإمام أحمد أكثر من اهتمامه بحديثه (¬2)، ومن ثَمَّ انفرد عبد الله بسماع سائر "المسند" عن أبيه (¬3)، بل إن بعض الأحاديث سمعها منه مرتين وثلاثاً (¬4)، وقد روى لنا "المسند" كما سمعه وزاد عليه أحاديث عن عوالي شيوخه وقد بلغ عددهم مئة وثلاثةً وسبعين شيخاً. وعبد الله وثَّقه النسائي والدارقطني والخطيب وغيرهم، وحدَّث عنه النسائي وابن صاعد، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر بن النجاد، وأبو بكر القطيعي، وخلق كثير. كانت ولادته سنة (213 هـ)، وتوفي سنة (290 هـ) عن سبع وسبعين سنة (¬5). وقد نقل "المسند" برواية ابن الحُصين عن ابن المُذْهب، عن القطيعي، عن عبد الله بن أحمد، عن الإمام أحمد. • ترجمة القطيعي (الراوي عن عبد الله): هو أبو بكر أحمدُ بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعيُّ، ولد سنة (274 هـ)، وسمع "المسند" مع عمِّ أمه عبد الله بن الجصَّاص، وكان لأبيه جعفر اتصالٌ بالدولة، وكان عبد الله ابن الإمام أحمد يقرأ "المسند" لإبن ذلك السلطان، فحضر القطيعيُّ أيضاً، وسمعه منه (¬6). وقد اتهمه ابنُ أبي الفوارس، فقال: لم يكن بذاك، له في بعض "المسند" أصولٌ فيها نظر، ذُكر أنه كتبها بعد الغرق (¬7). وكانت القطيعة -موطن سكناه- قد غرقت، فغرق فيها ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 1/ 182. (¬2) طبقات الحنابلة 1/ 143. (¬3) السير 11/ 181، 13/ 517. (¬4) السير 13/ 520. (¬5) السير: 516/ 13 - 526. (¬6) السير 16/ 212. (¬7) السير 16/ 212.

بعض كتبه، فغمزه الناس لاستحداث نسخها من كتاب لم يكن فيه سماعه (¬1). وقد دافع ابن الجوزي عن هذه التهمة بقوله: ومثلُ هذا لا يُطعنُ به عليه، لأنه يجوز أن تكون تلك الكتب التي غرقت قد قُرئت عليه، وعورض بها أصله، وقد روى عنه الأئمة كالدارقطني، وابن شاهين، والبرقاني وأبي نعيم والحاكم (¬2). وقال الخطيب البغدادي: لم يمتنع أحدٌ من الرواية عنه، ولا ترك الإحتجاج به (¬3). وقال الحاكم: ثقة مأمون (¬4). توفي أبو بكر سنة (368 هـ) وله خمس وتسعون سنة (¬5) • ترجمة ابن المُذهِب (الراوي عن القطيعي): هو أبو علي الحسنُ بن علي ابن المُذْهِب، البغدادي الواعظ. ولدَ سنة (355 هـ). قالَ الخطيب البغدادي: كَتَبْنا عنه، وكان يروي عن ابن مالك القَطيعي "مسند" أحمد ابن حنبل بأسره، وكان سماعه صحيحاً إلا في أجزاء منه، فإنه ألْحقَ اسمَه فيها (¬6). وقد دافع ابن الجوزي عن هذه التهمة أيضاً بقوله: هذا لا يوجب القدح، لأنه إذا تيقن سماعه للكتاب جاز أن يكتب سماعه بخطه (¬7). وقال أبو بكر ابن نقطة: ليتَ الخطيب نبَّه في أيِّ مسند تلك الأجزاء التي استثنى، ولو فعل لأتى بالفائدة، وقد ذكرنا أن مسندي فضالة بن عبيد، وعوف بن مالك لم يكونا في ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 4/ 73. (¬2) المنتظم 7/ 93. (¬3) تاريخ بغداد 4/ 73. (¬4) ميزان الاعتدال 1/ 88. (¬5) السير 16/ 213. (¬6) تاريخ بغداد 7/ 390. (¬7) المنتظم 8/ 155.

نسخة ابن المذهب، وكذلك أحاديث من مسند جابر، لم توجد في نسخته، رواها الحرَّاني عن القطيعي، ولو كان ممن يُلحقُ اسمه كما قيل لألحق ما ذكرناه أيضاً، والعجب من الخطيب يَرُدّ قوله بفعله (¬1). وقد روى الحافظ ابن عساكر "المسند" من طريق ابن المذهب وليس في نسخته مسند فضالة بن عبيد وعوف بن مالك، قال في كتابه "ترتيب أسماء الصحابة": عوفُ بن مالك الأشجعي في جزءٍ فيه فضالة بن عبيد، ولم يقع إلينا مسموعاً (¬2). وقال ابن حجر في "أطراف المسند": وهو فوتٌ لإبن المُذهب على القطيعي لم يسمعه منه، وقد رواه عن القطيعي أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، وحدَّث به عنه أبو الحسن علي بن العلاف، وهذا العلاّف قد أجاز لأبي القاسم بن عساكر ولأبي موسى المديني وطائفة، فيمكن اتصاله بالإجازة من طريق بعضهم (¬3). توفي ابن المُذهب سنة (444 هـ) (¬4). • ترجمة ابن الحصين (الراوي عن ابن المُذْهب): هو أبو القاسم هبةُ الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحُصين الشيباني البغدادي. ولد سنة (432 هـ). قال ابن الجوزي؛ كان ثقةً، صحيح السماع، وسمعتُ منه "مسند" الإمام أحمد جميعه (¬5). وقال السمعاني: شيخٌ، ثقة، دَيِّنٌ، صحيح السماع، واسعُ الرواية (¬6). وقد حدَّث عن ابن الحُصين أيضاً أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، وحنبل ابن عبد الله المكبِّر. ¬

_ (¬1) السير 17/ 642. (¬2) ترتيب أسماء الصحابة ص 87. (¬3) أطراف المسند 1/ ورقة 225. (¬4) السير 17/ 640 - 643. (¬5) المنتظم 10/ 24. (¬6) السير 19/ 538.

وعن ابن الحصين اشتهرت روايةُ "المسند" وذاع في جميع البلدان، ورواه العددُ الجمُّ من الحفاظ الثقات، وتصدوا لإسماعه وروايته. توفي ابن الحُصين سنة (525 هـ) (¬1). • طريق أخرى في رواية المسند: وللحافظ أبي موسى المديني (¬2) طريقٌ آخر للمسند ينتهي إلى القطيعي، قال عنه في كتابه "خصائص المسند": فإن مما أنعم الله علينا أن رزقنا سماع كتاب المسند للإمام الكبير، إمام الدين أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني -رَحِمَهُ اللهُ- تعالى - فحصّل لي والدي -رَحِمَهُ اللهُ- وجزاه عني خيراً - إحضاري قراءته سنة خمس وخمس مئة على الشيخ المقرئ بقية المشايخ أبي علي الحسن بن الحداد، وكان سماعه لأكثره عن أبي نعيم أحمد ابن عبد الله الحافظ -وما فاته منه قرئ عليه بإجازته له- وأبو نعيم كان يرويه عن شيخيه أبي علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، وأبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، على ما تنطقُ فهرست مسموعاتي بخط والدي -رَحِمَهُ اللهُ- (¬3): 1 - أما أبو علي ابن الحدّاد، فهو مسند العصر، الحسن بن أحمد بن الحسن بن محمد بن علي بن مهرة الأصفهاني، شيخ أصبهان في القراءات والحديث جميعاً. ولد سنة (419 هـ)، وبدأ بالسماع سنة (424 هـ) وبعدها، وأكثر عن أبي نعيم الحافظ، ومن جملة ما سمع منه "مسند" الإمام أحمد. قال السمعاني: هو أجلُّ شيخٍ أجاز لي، رَحَل الناس إليه، وكان خيراً صالحاً ثقة. توفي سنة (515 هـ) (¬4). 2 - وأما أبو نعيم: فهو الحافظ، الثقة، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران، الأصبهاني، صاحب كتاب "حلية الأولياء"، و"تاريخ أصبهان"، و"معرفة الصحابة"، و"المستخرج على الصحيحين". ولد سنة (336 هـ). ¬

_ (¬1) السير 19/ 536 - 539. (¬2) هو العلامة الحافظ الكبير الثقة شيخ المحدثين، أبو موسى بن أبي بكر عمر بن أي عيسى أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن أبي عيسى، المديني، الأصبهاني، الشافعي، صاحب التصانيف. ولد سنة (501 هـ) وتوفي سنة (581 هـ). "سير أعلام النبلاء" 21/ 152. (¬3) خصائص المسند ص 4. (¬4) السير 19/ 303 - 307.

كان حافظاً مبرِّزاً، عاليَ الإسناد، تفرَّد في الدنيا بشيء كثيرٍ من العوالي، وهاجر إلى لُقِيِّهِ الحفاظ. توفي سنة (430 هـ) (¬1). 3 - وأما أبو علي ابن الصواف: فهو الشيخ، المحدث، الثقة، الحجة، محمد بن أحمد ابن الحسن بن إسحاق البغدادي. ولد سنة (270 هـ). قال الدارقطني: ما رأت عيناي مثلَ أبي علي ابن الصواف. وقال ابن أبي الفوارس: كان أبو علي ثقة مأموناً، ما رأيتُ مثله في التحرز. توفي سنة (359 هـ) وله تسع وثمانون سنة (¬2). وممن سمع "المسند" من ابن الحصين: المسند، المعمَّر، الصالح، أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة، الواسطي البغدادي، الرُّصافي، المكبِّر، وهو آخرُ من روي "المسند" عنه، فالحق الصغار بالكبار (¬3). ولد سنة (511 هـ)، فبادر والدُه إلى الشيخ عبد القادر الكيلاني، فأعلمه أنه ولد له ولدٌ ذكر فقال: سمِّ ابنك حنبلاً، وأسمعه "المسند" فإنه يُعمَّر ويُحتاج إليه (¬4). فسمَّعه أبوه وهو في الثانية عشرة من عمره جميعَ "المسند" من ابن الحصين بقراءة نحويِّ عصره أبي محمد بن الخشَّاب، وذلك في رجب وشعبان سنة (523 هـ) (¬5). قال ابن الأنماطي (¬6): تتَّبعتُ سماع حنبل للمسند من عدة نُسخ وأثبات، وخطوط أئمة أثبات، إلى أن شاهدتُ بها أصول سماعه لجميع "المسند" سوى أجزاء من مسند ابن عباس، شاهدت بها نقل سماعه بخط من يوثق به. وسمعتُ منه جميع "المسند" ببغداد في نيف وعشرين مجلساً، ثم أخذتُ أرغِّبه في السفر إلى الشام، وقلتُ له: يحصُلُ لك من ¬

_ (¬1) السير 17/ 453 - 463. (¬2) السير 16/ 184 - 186. (¬3) ذيل الروضتين ص 62. (¬4) المصعد الأحمد ص 29. (¬5) السير 21/ 431. (¬6) هو الشيخ العالم الحافظ المجوِّد البارع مفيد الشام، تقي الدين أبو الطاهر، إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن أبي بكر بن هبة الله، الأنصاري، المصري، الشافعي، المعروف بـ"ابن الأنماطي". ولد سنة (570 هـ) وتوفي كهلاً سنة (610 هـ). "سير أعلام النبلاء" 22/ 173.

الدنيا شيء، وتُقْبلُ عليك وجوه الناس، فقال: دعني، فوالله ما أسافرُ من أجلهم، ولا لما يحصُل منهم، إنما أسافر خدمةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أروي أحاديثه في بلد لا تروى. قال: ولما علم الله تعالى نيته الصالحة، أقبل بوجوه الناس عليه، وحرك الهمم للسماع عليه، فاجتمع عليه جماعةٌ ما اجتمعوا بمجلس بدمشق. قال ابن الجزري: وذلك في مجالس، آخرها في صفر سنة ثلاث وست مئة. قال ابن الأنماطي: فحدَّث بالمسند بالبلد (يعني دمشق) مرة، وبالجامع المظفري (أي: بالصالحية) أخرى، وازدحم عليه الخلقُ، وسمع منه السلطان الملك المعظم وأقاربه، وأبو عمر الزاهد، وسائر المقادسة، وحدّث عنه الكبار بالمسند، كالشيخ الفقيه ببعلبك (ت: 617 هـ) (¬1)، وقاضي الحنفية شمس الدين عبد الله بن عطاء (ت: 673 هـ) (¬2)، والشيخ تقي الدين بن أبي اليسر (ت: 672 هـ) (¬3)، والشيخ شمس الدين ابن قدامة (ت: 682 هـ) (¬4)، والشيخ شمس الدين أبي الغنائم ابن علّان (ت: 631 هـ) (¬5)، والشيخ أبي العباس ابن شيبان (ت: 685 هـ) (¬6)، والشيخ فخر الدين ابن البخاري (ت: 690 هـ) (¬7)، والمرأة الصالحة زينب بنت مكِّي (ت: 688 هـ) (¬8). وأما من حدَّث عنه ببعض "المسند" فعددٌ كثير، ورجع إلى وطنه، فمرّ على حلب، فحدَّث بالمسند بها، ثم بالمَوْصل، فحدث بالمسند بها أيضًا ويإربل، ودخل إلى بغداد بخيرٍ كثير. فتوفي بالرصافة في نصف المحرَّم سنة (604 هـ) عن نحو ثلاث وتسعين سنة -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- (¬9). ¬

_ (¬1) السير 22/ 101. (¬2) الجواهر المضية 2/ 336. (¬3) الوافي بالوفيات 9/ 71. (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 304. (¬5) السير 22/ 362. (¬6) الوافي 6/ 417. (¬7) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 325. (¬8) العبر 5/ 358. (¬9) المصعد الأحمد: ص 29 - 30.

• طرق المتأخرين في رواية المسند: وعن حنبل روى "المسند" الإمامُ، العالم، المحدِّث، الفقيه، الصَّالح، الثقة، الأمين، فخر الدين، أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبد الواحد، السَّعدي، المقدسى، الحنبلي، الشهير بابن البخاري، المتوفى سنة (690 هـ) بجبل قاسيون. قال ابن الجزري: وقد قرئ عليه "المسند" مرات، آخرها في سنة (689 هـ)، سمعه منه جماعات بقراءة الإمام كمال الدين أحمد بن أحمد بن محمد ابن الشريشي (ت: 718 هـ) (¬1)، منهم شيختنا أم محمد ست العرب بنت محمد (ت: 767 هـ) (¬2)، وآخرهم شيخنا صلاح الدين محمد بن أحمد (¬3). وصلاح الدين: هو الشيخ الصالح، الصدوق، الدَّيِّن، الخيِّر، المُسْنِد، محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن شيخ الإسلام أبي عمر محمد بن أحمد بن قُدامة، المقدسي، الحنبلي. قال ابن الجزري: أخذتُ عنه "المسند" كاملاً بقراءتي وقراءة غيري في نحو سبع سنين. وسببه أن نسخة أصل سماعه كانت بخط الحافظ الضياء -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فوُجد بعضها، وكان شيخنا الحافظ الكبير شمس الدين أبو بكر ابن المحب يُحرضنا على سماع "المسند" منه، ويقول: لا تشكُّوا في أنه سمعه كاملاً، فكنا نقرؤه من نسخة وَقْفِ الباذرائية (مدرسة لا تزال إلى يومنا هذا بمحلة العمارة الجُوَّانية في الشمال الشرقي من جامع بني أمية) لوضوحها، وكان بعض المحدثين قد احتاط عليها، ولا يُعطي منها شيئاً إلا بعد تعب كثير فطالت المدة لذلك. وسمعه أيضاً كلاملاً الشيخُ صدرُ الدين سليمان الياسوفي (ت: 789 هـ) (¬4)، والشيخ بدر الدين محمد بن مكتوم، والشيخ شهاب الدين أحمدُ بن شيخنا عماد الدين بن الحُسباني (ت: 815 هـ) (¬5)، والشيخ شهاب الدين أحمد بن الشيخ علاء الدين حِجِّي ¬

_ (¬1) الدرر الكامنة 1/ 252. (¬2) شذرات الذهب 6/ 208. (¬3) المصعد الأحمد: ص 33. (¬4) الدرر الكامنة 2/ 166 (¬5) إنباء الغمر 7/ 78

(ت: 816 هـ) (¬1)، والمُحدِّث شمس الدين محمد بن محمود بن إسحاق الحلبي، والشيخُ الإمام ناصرُ الدين محمد بن ظُهيرة المكي (ت: 817 هـ) (¬2)، وصاحبنا أبو عبد الله محمد ابن محمد بن ميمون البَلوي الأندلسي (ت: بعد التسعين وسبع مئة) (¬3)، والفقيهُ الفاضل شمس الدين محمد بن عثمان بن سعد بن السَّقَّا المالكي وغيرهم. وسمع بعضه عليه جماعة كثيرون. ولم يظهر سماعُه بالمجلد الثاني من مسند أبي هريرة، ولا بمسند عبد الله بن عمرو بن العاص، وفي آخره مسند أبي رِمثة نحو ثلاث أوراق، ولا بمسند الكوفيين، ومسند ابن مسعود، ومسند ابن عمر، ومسند الشاميين، ومسند المكيين، لعدم وقوفنا على ذلك من نسخة الحافظ الضياء، فكنا نقرأ ذلك عليه إجازةً إن لم يكن سماعاً، فظهر قبل موته مجلدان من ذلك بخطِّ الحافظ الضياء، وفيهما أصلُ سماعه، فقال لنا الحافظ ابن المحبِّ: ألم أقل لكم: إنه سمع جميع "المسند". ثم بعد وفاة الشيخ صلاح الدين ظهر تتمَّةُ "المسند" بخط الحافظ الضياء، وظهر سماعُه فسُرَّ طلبةُ الحديث بذلك. وكانت وفاته سنة (780 هـ) بمنزله بدَيْر الحنابلة بسَفْح قاسيون (¬4). وذكر المُحَدِّثُ المتقنُ الشيخ أبو بكر محمدُ بن خير الإشبيلي، التوفى سنة (575 هـ)، في "فهرسته" (¬5) من مروياته "مسند" الإمام أحمد، وقال: حدثني به الشيخ أبو محمد بن عتاب إجازةً، قال: حدثنا به أبو عمر بنُ عبد البر إجازةً، عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا أبو بكر أحمدُ بن جعفر بن حمدان بن مالك، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبي -رَحِمَهُ اللهُ-. ثم قال: قال ابن عبد البر: وكذلك ناوَلَنيه وأجازه لي أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوَهراني، عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه -رَحِمَهُ اللهُ-. ¬

_ (¬1) إنباء الغمر 7/ 121 (¬2) العقد الثمين 2/ 53 (¬3) غاية النهاية 2/ 255. (¬4) المصعد الأحمد: 34 - 36. (¬5) فهرست ابن خير ص 139.

قال أبو محمد ابن عتاب: وحدثني به أيضاً أبو عمر أحمد بن محمد بن الحذَّاء، وأبو القاسم حاتِمُ بن محمد الطرابُلسي، قالا: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوهراني، عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك، عن عبد الله بن أحمد ابن حنبل، عن أبيه. وذكر أيضاً إسناده من طريق ابن الحُصين. وقال القاسم بن يوسف التُّجيبيُّ السبَّتي المتوفى سنة (735 هـ) في "برنامجه" (¬1) ص 121 - 122: سمعتُ يسيراً من "المسند"، وذلك جميع مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، على الشيخ الفقيه المفتي علاء الدين أبي الحسن علي بن إبراهيم بن داود بن سلمان بن سليمان بن سالم بن سلامة الدمشقي الشافعي، المعروف بابن العطار، وأجازنا جميعه بحقِّ سماعه من أبي علي حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة الرُّصافي البغدادي المكبِّر بجامع المهدي بالرصافة، بحقّ سماعه لجميعه من أبي علي الحسن بن علي بن المذهب التميمي، بسماعه من الإمام أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، بسماعه من أبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد، بسماعه من أبيه أحمد بن محمد بن حنبل، -رَحِمَهُمْ اللهُ أَجْمَعِينْ-. وأخبرنا أيضًا به الشيخُ الفقيهُ الإمامُ -جار الله تعالى ونزيل حَرَمه- الأمين فخر الدين أبو عمرو عثمان بن محمد المالكي فيما شافهنا به من إذنه، وأقرَّ لنا بروايته، قال: قرأتُه على سفير الخلافة العباسية نجيب الدين أبي الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني في سنة إحدى وستين وست مئة بمنزله من القاهرة، بحقِّ سماعه من أبي محمد عبد الله بن أحمد الحربي في سنة ست وتسعين وخمس مئة ببغداد، بسماعه من أبي القاسم ابن الحصين المذكور بالسند المذكور. وكتب إلينا عامّاً المسنِدُ الأجلُّ، فخر الدين، أبو الحسن عليُّ بن اللإمام أبي العباس أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور المقدسي الحنبلي، ¬

_ (¬1) البرنامج والفهرس والمعجم والمشيخة والثَّبَت، موضوعها واحد في اصطلاح المحدثين، وهو الكتاب الجامع لأسماء شيوخ المُحدث ومروياته عنهم، إلا أن أهل المشرق يستعملون كلمة ثَبَت ومعجم ومشيخة، وأهل المغرب والأندلس يستعملون كلمة الفهرس والبرنامج.

منزلة المسند بين كتب الحديث

المعروف بابن البخاري، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-، قال: سمعتُ جميع هذا "المسند" على حنبل المذكور، وهو آخرُ من روي عنه في الدنيا. وقال العلامة المحدث محمد بن جابر الوادي آشي الأصل، التونسي مولداً وإقامة، المتوفى سنة (749 هـ)، في "برنامجه" (¬1): ناوَلَني "مسند الإمام أحمد" الشيخ جمال الدين أبو يعقوب يوسف المِزّي بدمشق، وكان في أربعة وعشرين سفراً، وأجازنيه، وحدثني به بحق سماعه لجميعه على أبي الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن علّان القيسي، ويجميعه إلا مسند بني هاشم على أبي العباس أحمد بن شيبان بن تغلب، بسماعهما من حنبل بن عبد الله الرصافي، عن أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحُصين، عن أبي علي ابن المذهب، عن أبي بكر القطيعي، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، مع ما فيه من زيادات عبد الله عن شيوخه. وقد ذكر الوادي آشي (¬2) أن صفي الدين محمود بن أبي بكر بن محمود الأُرْمَوي القرافي المتوفى سنة (723 هـ) قرأ "المسند" على المسلَّم بن علان. وذكر أيضاً أن الإمام المحدِّث البارع المتقن شهاب الدين أحمد بن فرْح بن محمد الإشبيلي الأندلسي الشافعي المتوفى سنة (699 هـ) سمع "المسند" على شرف الدين عبد العريز بن محمد الأنصاري، بسماعه من عبد الله بن أحمد بن أبي المجد الحربي، بسماعه من ابن الحُصين. • منزلة المسند بين كتب الحديث: كان الإمام أحمد يقول لابنه عبد الله: احتفظ بهذا "المسند" فإنه سيكون للناس إماماً (¬3). وقال الحافظ أبو موسى المديني (581 هـ): وهذا الكتاب أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث، انتقي من حديث كثير ومسموعات وافرة، فجعله إماماً ومعتمداً، وعند التنازع ملجأً ومستنداً (¬4). ¬

_ (¬1) ص:200 - 201. (¬2) في "برنامجه": ص 88. (¬3) السير 11/ 327 (¬4) خصائص المسند ص: 5.

إن "مسند الإمام أحمد" هو أجلّ كتاب في الحديث في عصر المؤلف وما بعده، وهو المورد الثجاج لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه من الأسانيد والمتون شيء كثير مما يوازي كثيراً من أحاديث مسلم، بل البخاري، وليست عندهما ولا عند أحدهما، بل لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الأربعة. وقد شهد لهذا "المسند" المحدثون في القديم والحديث بأنه أجمع كتب السنة للحديث، وأوعاها لكل ما يحتاج إليه المسلم في زاده ومعاده، فهو كتاب لا تزال بركاته شاملة، يقدره من يعرف قدر السنة النبوية الفاضلة، ولا يزال هذا العمل مشكوراً للإمام أحمد، فجزاه الله خير الجزاء. وهو الكتاب النفيس الذي يُرغب في سماعه وتحصيله، وكان يرحل إليه، إذ كان مصنفه الإمام -المقدم- في معرفة هذا الشأن، والمعترف بفضله عند الفرق في سائر الأزمان. ومع جلالة قدر كتاب "المسند" وحسن موقعه عند ذوي الألباب، فالوقوف على المقصود منه متعسر، والظفر بالمطلوب منه بغير تعب متعذر، لأنه غير مرتب على أبواب السنن، ولا مهذب على حروف المعجم لتقريب السنن، وإنما هو مجموع على مسانيد الرواة من الرجال والنساء، لا يسلم من طلب منه حديثاً من نوع من الملال والعناء (¬1). وفي هذا المضمار يقول الشيخ عبد القادر بن بدران: واعلم أيها الطالب للحق أن البحر الزاخر في هذا الموضوع، والمورد العذب، والوابل الصَّيِّب، إنما هو مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل - رضي الله عنه - وأرضاه، وجعل الجنة منقلبه ومثواه، وإنما منع من الإشتغال به اشتغالاً كالإشتغال بالسنن أمور: أحدها: كونه مرتباً على أحاديث الصحابة، وهذا الترتيب أصبح غير مألوف عند المتوسطين والمتأخرين، فصار بحيث لو أراد محدث أن يجمع أحاديث باب منه احتاج إلى مطالعته من أوله إلى آخره، وهذا أمر عسير جداً. ثانيها: عزة وجوده لطوله؛ فإنه قد ضمّ ثلاثين ألف حديث، وزاد عليه ولده الإمام عبد الله عشرة آلاف حديث، فصار أربعين ألفاً. ثالثها: أن عزة وجوده كانت سبباً لعدم خدمته كما خُدمت السنن وغيرها من كتب الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) من مقدمة ابن عساكر في كتابه "ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند" ص 29 وما بعدها. (¬2) المدخل ص: 471 - 472. باختصار.

فالمسند من جهة كونه يتجه إلى جمع أحاديث الصحابة واحداً واحداً، ومحاولة حصر مروياتهم، كان بعيداً عن اهتمام كثير من الناس الذين لم يكن يعنيهم هذا المقصود بقدر ما كان يعنيهم معرفة الأحاديث المحتج بها في المسائل الفقهية والموضوعات الشرعية، والتي كانت طريقها ممهدة وسبيلها ميسرة في كتب الصحاح والسنن. قال الحافظ ابن حجر: .... فإن النفوس تركن إلى من أخرج له بعض الأئمة الستة أكثر من غيرهم لجلالتهم في النفوس، وشهرتهم، ولأن أصل وضع التصنيف للحديث على الأبواب أن يقتصر فيه على ما يصلح للإحتجاج أو الإستشهاد، بخلاف من رتب على المسانيد فإن أصل وضعه مطلق الجمع (¬1). اهـ وإذا نظرنا إلى "المسند" من جهة كونه مستوعباً للسنة إلا قليلاً (¬2)، فإن ذلك يعطي هذا الكتاب الجليل قيمة متفردة، ويبوئه مكانة متميزة، فإنه يكاد يستوعب جملة ما في الكتب الستة من أحاديث إلى جانب ما تفرد به من زيادات أخرى، حتى إن بعض العلماء كان يستغني بحفظ "المسند" عن حفظ الكتب الستة، فقد قال ابن الجزري: حدثني شيخنا اللإمام العالم شيخ الفقهاء شمس الدين محمد بن عبد الرحمن الخطيب الشافعي، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-، قال: سئل الشيخ الإمام الحافظ أبو الحسين علي بن الشيخ اللإمام الحافظ الفقيه محمد اليونيني -رَحِمَهُمَا اللهُ-: أنت تحفظ الكتب الستة؟ فقال: أحفظها وما أحفظها، فقيل له: كيف هذا؟ فقال: أنا أحفظ "مسند أحمد" وما يفوت "المسند" من الكتب الستة إلا قليل، أو قال: وما في الكتب هو في "المسند" يعني إلا قليل، وأصله في المسند، فأنا أحفظها بهذا الوجه. أو كما قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- (¬3). ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "أطراف المسند" ص 52: نقلاً عن "تعجيل المنفعة" ص: 2 - 3. (¬2) قال الحافظ الذهبي: فإنه محتوٍ على أكثر الحديث النبوي، وقلّ أن يثبت حديث إلا وهو فيه. اهـ. المصعد الأحمد ص 23. (¬3) المصعد الأحمد ص: 16.

• درجة أحاديث المسند: قال الخطيب البغدادي: ومما يتلو الصحيحين سنن أبي داود السجستاني وأبي عبد الرحمن النسوي، وأبي عيسى الترمذي، وكتاب محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري الذي شرط فيه على نفسه إخراج ما اتصل سنده بنقل العدل عن العدل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم كتب المسانيد الكبار مثل مسند أبي عبد الله أحمد بن حنبل وأبي يعقوب إسحاق ابن إبراهيم المعروف بابن راهويه، وأبي بكر وأبي الحسن عثمان ابني محمد بن أبي شيبة وأبي خيثمة زهير بن حرب النسائي، وعبد بن حميد، وأحمد بن سنان الواسطي (¬1). فكتب المسانيد بعامة -ومنها مسند الإمام أحمد- تقع في المرتبة الثالثة بعد الصحيحين والسنن الأربعة، وذلك لأنها لم تلتزم الإنتقاء والإخراج للأحاديث التي يحتج بها في الأحكام، لأن المقصود من وضعها مطلق الجمع لمرويات كل صحابيٍّ صحابيٍّ. قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: "كتب المسانيد غير ملتحقة بالكتب الخمسة (¬2)، التي هي: الصحيحان وسنن أبي داود وسنن النسائي وجامع الترمذي، وما جرى مجراها في الإحتجاج بها والركون إلى ما يورَدُ فيها مطلقاً، كمسند أبي داود الطيالسي، ومسند عبيد الله بن موسى، ومسند أحمد، ومسند إسحاق بن راهويه، ومسند عبد بن حميد، ومسند الدارمي، ومسند أبي يعلى الموصلي، ومسند الحسن بن سفيان، ومسند البزار، وأشباهها. فهذه عادتهم فيها أن يخرجوا في مسند كلّ صحابي ما رووه من حديثه غير متقيدين بأن يكون حديثاً محتجاً به" (¬3). وقال الحافظ ابن حجر معقباً على كلام ابن الصلاح: وأما من يصنف على المسانيد فإن ظاهر قصده جمع حديث كل صحابي على حدة، سواء أكان يصلح للإحتجاج به أم لا. ¬

_ (¬1) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/ 244. (¬2) لم يكن "سنن ابن ماجه" معدوداً في جملة الأصول الستة إلى أواخر القرن السادس وبعده بقليل، وأول من أدخله مع السنن الثلاثة أبو الفضل ابن طاهر المقدسي صاحب "شروط الأئمة الستة". (¬3) علوم الحديث، لإبن الصلاح، ص: 34 - 35.

وهذا هو الظاهر من أصل الوضع بلا شك، لكن جماعة من المصنفين في كل من الصنفين خالف أصل موضوعه فانحط أو ارتفع، فإن بعض من صنف على الأبواب قد أخرج فيها الأحاديث الضعيفة؛ بل والباطلة، إما لذهول عن ضعفها وإما لقلة معرفة بالنقد. وبعض من صنف على المسانيد انتقى أحاديث كل صحابي فأخرج أصح ما وجد من حديثه. كما رويناه عن إسحاق بن راهويه أنه انتقى في "مسنده" أصح ما وجده من حديث كل صحابي، إلا أن لا يجد ذلك المتن إلا من تلك الطريق، فإنه يخرجه. ونحا بقي بن مخلد في "مسنده" نحو ذلك. وكذا صنع أبو بكر البزار قربياً من ذلك، وقد صرح ببعض ذلك في عدة مواضع من "مسنده" فيخرج الإسناد الذي فيه مقال ويذكر علته، ويتعذر عن تخريجه بأنه لم يعرفه إلا من ذلك الوجه. وأما الإمام أحمد فقد صنف أبو موسى المديني جزءاً كبيراً ذكر فيه أدلة كثيرة تقتضي أن أحمد انتقى "مسنده" وأنه كله صحيح عنده، وأن ما أخرجه فيه عن الضعفاء إنما هو في المتابعات، وان كان أبو موسى قد ينازع في بعض ذلك، لكنه لا يشك منصف أن مسنده أنقى أحاديث وأتقن رجالاً من غيره. وهذا يدل على أنه انتخبه. ويؤيد هذا ما يحكيه ابنه عنه أنه كان يضرب على بعض الأحاديث التي يستنكرها. وروى أبو موسى في هذا الكتاب من طريق حنبل بن إسحاق، قال: جمعنا أحمد أنا وابناه عبد الله وصالح، وقال: "انتقيته من أكثر من سبعمئة ألف وخمسين ألفاً فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارجعوا إليه، فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة" (¬1). فهذا صريح فيما قلناه؛ إنه انتقاه، ولو وقعت فيه الأحاديث الضعيفة والمنكرة، فلا يمنع ذلك صحة هذه الدعوى، لأن هذه أمور نسبية، بل هذا كاف فيما قلناه؛ إنه لم يكتف بمطلق جمع حديث كل صحابي (¬2). فكلام الحافظ ابن حجر يقيد الإطلاق الوارد في كلام الخطيب وابن الصلاح من أن المسانيد تترتب من وراء الصحاح والسنن؛ لأنها لم تلتزم الصحة ولا الإنتقاء، فمسند الإمام ¬

_ (¬1) هذا القول المروي عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-، فيه نظر، ويتطلب أولاً تحقيق مدى صحة نسبته للإمام أحمد، وعلى فرض ثبوته، فإن الحجة فيما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن لم يكن في "المسند"، والإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- كغيره من الأئمة ليس معصوماً، فقد يفوته شيء من الأحاديث، وقد يثبت عند غيره ما لم يثبت عنده، أو يطلع عليه. (¬2) النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 446 - 449.

أحمد قد التزم الإنتقاء على الرغم من كثرة الأحاديث التي اشتمل عليها، فهو بهذا يضاهي السنن ويقع في مصافها من حيث درجة الصحة الإجمالية، حتى قال الحافظ ابن حجر: وليست الأحاديث الزائدة في "مسند أحمد" على ما في "الصحيحين" بأكثر ضعفاً من الأحاديث الزائدة على "الصحيحين" من "سنن أبي داود" و"جامع الترمذي" (¬1). وبعد، فهل يصح إطلاق القول بأن ما في "المسند" صحيح في الجملة، على معنى أن الرجال الذين أخرج لهم الإمام أحمد في كتابه هذا هم من رجال الصحيح، ولو على مثل شرط ابن خزيمة أو ابن حبان؟ والجواب: أن هناك من ادعى الصحة في "المسند" كما سبقت الإشارة في كلام ابن حجر إلى الحافظ أبي موسى المديني (581 هـ) أنه ذهب إلى القول بذلك، وهذا نصه في "خصائص المسند": ولم يخرّج إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طُعن في أمانته (¬2). وقال في موضع لاحق: ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد، -رَحِمَهُ اللهُ- "مسنده" قد احتاط فيه إسناداً ومتناً. ولم يورد فيه إلا ما صح عنده (¬3) .. ثم ساق مثالاً لقوله. فعلى قول الحافظ أبي موسى يكون كل ما في "المسند" صحيحاً، وهذا القول لم يذهب إليه أحد مت العلماء الكبار -فيما نعلم- غيره، ويبدو أن هذا القول كان شائعاً بين الناس في أصبهان -وهي بلاد الحافظ أبي موسى- وخراسان، حتى عُرض سؤال على ابن الجوزي (597 هـ) في بغداد حول هذا الموضوع، ذكره في "صيد الخاطر" (¬4) فقال: سألني بعمق أصحاب الحديث: هل في مسند أحمد ما ليس بصحيح؟ فقلت: نعم. فعظم ذلك على جماعة ينسبون إلى المذهب، فحملت أمرهم على أنهم عوام، وأهملت فكر ذلك. وإذا بهم قد كتبوا فتاوى، فكتب فيها جماعة من أهل خراسان، منهم أبو العلاء الهمداني، يعظمون هذا القول، ويردونه، ويقبحون قول من قاله! فبقيت دهشاً ¬

_ (¬1) المصدر السابق. (¬2) خصائص المسند ص: 6. (¬3) المصدر السابق ص: 8. (¬4) ص 245 - 246.

متعجباً. وقلت في نفسي: واعجباً! صار المنتسبون إلى العلم عامة أيضاً، وما ذلك إلا أنهم سمعوا اهديث ولم يبحثوا عن صحيحه وسقيمه، وظنوا أن من قال ما قلته قد تعرض للطعن فيما أخرجه أحمد. وليس كذلك، فإن الإمام أحمد روى المشهور والجيد والرديء، ثم هو قد ردّ كثيراً مما روى ولم يقل به، ولم يجعله مذهباً له. أليس هو القائل في حديث الوضوء بالنبيذ: مجهول؟ ومن نظر في كتاب "العلل" الذي صنفه أبو بكر الخلال رأى أحاديث كثيرة كلها في "المسند" وقد طعن فيها أحمد. اهـ. فادعاء أن ما اشتمل عليه "المسند" كله صحيح يخالف الواقع، إذ إن الطعن في الحديث وإيراده في كتب العلل يؤذن بعدم سلامته ونزوله عن درجة الصحيح إن لم يكن ضعيفاً أو موضوعاً، وقد أورد الخلال جملة من أحاديث "المسند"، في كتابه "العلل" ويوجد في كتاب "العلل" للإمام أحمد نفسه أحاديث من "المسند"، وقد أورد ابن الجوزي جملة من أحاديث "المسند" أيضاً في كتابيه "الموضوعات" و"العلل المتناهية"، مما يدل على أن "المسند" لا يخلو من الأحاديث الضعيفة، وإن كان المحققون لم يسلموا ببعض ما ادُّعي فيه الضعف الشديد والوضع. إذن فليس هناك من العلماء من أيد الحافظ أبا موسى المديني في ذهابه إلى القول بصحة ما في "المسند" من حديث، اللهم إلا السيوطي (911 هـ) فإنه عد جملة ما في "المسند" صالحاً للإحتجاج، فقد قال في مقدمته للجامع الكبير: وكل ما كان في "مسند أحمد" فهو مقبول، فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن. اهـ وتوسط الشيخ عبد القادر ابن بدران فاعتبر أحاديث الأحكام في "المسند" كلها صحيحة، فقد قال: وقد حكى الحفاظ أن الإمام أحمد اشترط أن لا يخرج في "مسنده" إلا حديثاً صحيحاً عنده. قلت: وهذا صحيح بالنسبة إلى أحاديث الأحكام. فقد روي عنه أنه قال: إذا كان الحديث في الحلال والحرام شددنا، وإذا كان في غيره تساهلنا ... إلى أن قال: ومهما تعصب القوم فإن أحاديث "المسند" كلها يصح الإحتجاج بها، وهي صحيحة على طريقته التى استقام عليها، كما أشرنا إلى بعض ذلك عند الكلام على أصوله. ولعل الذين قالوا بضعف أحاديث من مسنده جاءتهم من طرق ضعيفة غير طريقه، فضعفوها

باعتبار ما جاءهم من طرقها، وكثيراً ما يذهب إلى مثل هذا أصحاب الحديث ممن لا يحيط علماً بالطرق، فتأمل هذا، واحفظه، واعتبر به كتب الحديث، فإنك تجد الأمر واضحاً (¬1). وهذا الرأي محل نظر، فقد أورد ابن القيم في كتاب "الفروسية" عدة أمثلة من "المسند" ذاته، وفي أحاديث الأحكام، وأرفقها بعللها التي طعن بها الإمام أحمد نفسه في تلك الأحاديث فيما رواه أصحابه عنه (¬2). وإذا تبين أن "المسند" ليس خالصاً للصحيح، فإن القسم الذي ينزل عن درجة الصحة منه اختلف فيه العلماء، وقد رأينا أن السيوطي -رَحِمَهُ اللهُ- جعله كله من الحسن وما يقاربه، والذي يهمنا من ذلك هو دعوى وجود بعض الأحاديث الموضوعة الباطلة. فهناك من ادعى وجود ذلك في "المسند"، وهناك من أنكر. فمن جملة من ادعى الوضع في "المسند" الحافظ ابن كثير، فقد قال في رده على أبي موسى المديني: وأما قول الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر المديني عن "مسند الإمام أحمد!: إنه صحيح، فقول ضعيف، فإن فيه أحاديث ضعيفة بل موضوعة، كأحاديث فضائل مرو وعسقلان والبرث الأحمر عند حمص، وغير ذلك كما نبه عليه طائفة من الحفاظ (¬3). اهـ وكذلك ادعى الوضع الحافظ أبو الفضل العراقي في نكته على "مقدمة ابن الصلاح" (¬4)، وفي جزء أفرده لبيان تلك الأحاديث والكلام عليها واحداً واحداً، وهي تسعة أحاديث. قال في مقدمته: وقع لنا في أثناء السماع كلام: هل في "المسند" أحاديث ضعيفة أو كله صحيح؟ فقلت: إن فيه أحاديث ضعيفة كثيرة، وإن فيه أحاديث يسيرة موضوعة (¬5). ¬

_ (¬1) المدخل ص 471 - 472. (¬2) مقدمة تحقيق "المسند" طبعة مؤسسة الرسالة، ص 68 - 72. (¬3) الباعث الحثيث ص 31. (¬4) قال السيوطي في "تدريب الراوي" 1/ 172: قال العراقي: وأما وجود الضعيف فيه فهو محقق، بل فيه أحاديث موضوعة جمعتها في جزء، ولعبد الله ابنه فيه زيارات فيها الضعيف والموضوع. (¬5) القول المسدد ص 33، تحقيق عبد الله الدرويش، ط. دار اليمامة، دمشق.

الأعمال التي تمت على المسند

ولا جرم أن دعوى الوضع قوبلت بالنقد والتحقيق من قبل جماعة من الحفاظ، منهم الحافظ ابن حجر العسقلاني، فقد أورد في كتابه "القول المسدد في الذب عن مسند أحمد" الأحاديث التسعة التي جمعها الحافظ الراقي في جزء وانتقدها، وأضاف إليها خمسة عشر حديثاً أوردها الإمام ابن الجوزي في "الموضوعات"، وأجاب عنها حديثاً حديثاً، وقد فاته أحاديث أُخَر ذكرها ابن الجوزي في كتابه المذكور، فنقلها السيوطي في جزء، وسماها "الذيل الممهد" وأجاب عنها وعدتها أربعة عشر حديثاً (¬1). وأقل ما يقال بعد النظر في هذه الأحاديث وما أجاب به العلماء عنها: إنها بالغة الضعف، وكثير منها يُعلم بطلان متونها بالبداهة، فلا يمكن أن تشد أزرها تلك المتابعات والشواهد (¬2). وهذا لا يضير "المسند" شيئاً؛ لأنها -كما قال الذهبي (¬3) - قطرة في بحر. • الأعمال التي تمت على المسند: قديماً تمنى الحافظ الذهبي أمنية عزيزة، فقال: "فلعل الله تبارك وتعالى أن يقيض لهذا الديوان السامي -يعني المسند- من يخدمه، ويبوب عليه، ويتكلم على رجاله، ويرتب هيئته ووضعه، فإنه محتوٍ على أكثر الحديث النبوي، وقلَّ أن يثبت حديث إلا وهو فيه" (¬4). وأمنية الذهبي هذه تدل على أن هذا المسند العظيم كان إلى ذلك الوقت (¬5) لا يزال بعيداً عن الإعتناء والخدمة التي تتناسب ومكانته، وهذا لا ينفي وجود بعض الأعمال التي تمت على "المسند" قبل الإمام الذهبي، إلا أنها لا تقرِّب البعيد ولا تذلِّل الصعب ولا تيسِّر الإستفادة من هذا الكتاب، ولا تقرُّ عيون الناظرين إليه. ¬

_ (¬1) تدريب الراوي 1/ 172. (¬2) مقدمة تحقيق "المسند". مؤسسة الرسالة. ص 77. (¬3) السير 11/ 329. (¬4) نقله عه ابن الجزري في "المصعد الأحمد" ص 23. وفي "السير" 13/ 525 كلام قريب منه. (¬5) توفي الذهبي -رَحِمَهُ اللهُ- سنة (748 هـ).

1 - غريب الحديث، لغلام ثعلب (261 هـ - 345 هـ)

ومن ذلك اليوم إلى عصرنا الحاضر والجهود تتوالى شيئاً فشيئاً على هذا الكتاب الجليل، حتى تحققت أمنية الإمام الذهبي كاملة أو شبه كاملة في جملة تلك التآليف والجهود المتتابعة المتلاحقة المتناسقة وغير المتناسقة؛ تارة في شرحه وبيان غريبه، وتارة في الكشف والتعريف برجاله، وتارة ثالثة بدراسات جزئية مفردة متنوعة، وهناك من ألف في ترتيب المسند وتقريبه على طريقة الأطراف أو على طريقة الأبواب، وغير ذلك. وهذه جريدة تعريفية موجزة بما أمكن التعرف عليه من تلك الجهود والتآليف المبذولة في خدمة المسند من داخله أو من خارجه نعرضها مُرتَّبة حسب تواريخ وفيات مؤلفيها: 1 - غريب الحديث، لغلام ثعلب (261 هـ - 345 هـ): هو العلامة اللغوي، المحدث، أبو عمر بن عبد الواحد بن أبي هاشم، البغدادي، الزاهد، المعروف بغلام ثعلب. قال الخطيب البغدادي: سمعت عبد الواحد بن بَرهان يقول: لم يتكلم في علم اللغة من الأولين والآخرين أحسن كلاماً من كلام أبي عمر الزاهد. قال: وله كتاب "غريب الحديث" ألفه على مسند أحمد بن حنبل (¬1). وهو حسن جداً فيما قيل (¬2). 2 - ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج لهم أحمد بن حنبل في "المسند" لإبن عساكر (499 هـ - 571 هـ): هو الحافظ، المحدث، المؤرخ، ثقة الدين، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي، المعروف بابن عساكر، صاحب "تاريخ دمشق". وقد بلغ عدد الصحابة والصحابيات الذين أحصاهم ابن عساكر في هذا الكتاب (1056) سواء منهم الذين ذكروا بأسمائهم أو بكناهم أو المبهمون. طبع في بيروت بدار البشائر الإسلامية سنة (1409 هـ) بتحقيق الدكتور عامر حسن صبري. وقد كشف بالأرقام التداخل الموجود بين مسانيد الصحابة ضمن "المسند". ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 2/ 358. (¬2) وفيات الأعيان 4/ 332، المنهج الأحمد 2/ 250.

3 - خصائص المسند، للحافظ أبي موسى المديني (501 هـ -581 هـ)

ويعتبر هذا الكتاب في أصله وتحقيقاته ذا أهمية كبيرة نظراً لما توفر عليه، بالإضافة إلى الترتيب والإحصاء، من الفوائد الحديثية النادرة التي لا يستغني عنها المتمرسون في هذا الفن، لا سيما من يتولى خدمة المسند وتحقيقه. 3 - خصائص المسند، للحافظ أبي موسى المديني (501 هـ -581 هـ): هو العلامة الحافظ الكبير، الثقة، شيخ المحدثين، أبو موسى محمد بن أبي بكر عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن أبي عيسى المديني الأصبهاني الشافعي. وقد طبع الكتاب بالقاهرة سنة (1347 هـ) وأعيد طبعه سنة (1368 هـ). وصدر به الشيخ أحمد شاكر -رَحِمَهُ اللهُ- تحقيق "المسند". 4 - تجريد ثلاثيات المسند (¬1)، للمقدسي (ت 613 هـ): وهو العلامة المحدث محب الدين إسماعيل بن عمر المقدسي (¬2). خرّج في هذا الكتاب الأحاديث التي رواها الإمام أحمد بأسانيد عالية ليس بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ثلاثة رجال: الصحابي الراوي ثم التابعي الذي روى عنه، ثم تابع التابعي الذي يكون شيخاً للإمام أحمد. وممن خرج هذه الثلاثيات أيضًا: ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي (¬3) (ت 643 هـ). 5 - التذكرة في رجال العشرة، لإبن حمزة الحسيني (715 هـ - 765 هـ): هو الحافظ محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحسيني الدمشقي، شمس الدين، حافظ للحديث، مؤرخ. ولد ومات في دمشق. يحتوي هذا الكتاب على رجال عشرة مؤلفين في مصنفاتهم العشرة، وهم الصحيحان والسنن الأربعة، وهي الكتب الستة الأصول، وأربعة كتب أخرى للأئمة الفقهاء: موطأ ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق المسند ص 93. ط. مؤسسة الرسالة. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 90، المنهج الأحمد 4/ 115. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 90، المنهج الأحمد 4/ 115. قال ابن حُميد في "السحب" 2/ 841: وعددها (363) حديثاً.

6 - الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال سوى من ذكر في تهذيب الكمال

مالك، ومسند الشافعي، ومسند أحمد، و"المسند" الذي خرّجه الحسين بن محمد بن خَسْرُو من حديث الإمام أبي حنيفة. ويعتبر هذا الكتاب أصلاً لكتاب: تعجيل المنفعة الآتي لاحقاً. وله أيضاً: 6 - الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال سوى من ذُكر في تهذيب الكمال: قال ابن الجزري: وأما رجال "المسند" فما لم يكن في "تهذيب الكمال" أفرده المحدث الحافظ شمس الدين محمد بن علي بن الحسين الحسيني، لإفادة شيخنا الحافظ أبي بكر محمد بن المحب فيما قصر، وما فاته فإني استدركته وأضفته إليه في كتاب سميته "المقصد الأحمد في رجال مسند أحمد" وقد تلف بعضه في الفتنة (¬1)، فكتبته بعد ذلك مختصراً (¬2). وجاءت فكرة تصنيف هذا الكتاب نتيجة لقيام المؤلف باختصار "تهذيب الكمال" للحافظ المزي، وهو يحتوي على رجال الكتب الستة، ثم قام بعد ذلك بترميز رجال المسند الذين وردت أسماؤهم في "التهذيب". فلما تم له ذلك فكر في وضع كتاب يحتوي على سوى مَن ذُكر هناك من بقية رجال المسند (¬3). طبع الكتاب في كراتشي بتحقيق الدكتور عبد المعطي قلعه جي سنة (1409 هـ) ثم طبع مرة ثانية سنة (1412 هـ) بتحقيق عبد الله سرور. 7 - الهدي والسّنن في أحاديث المسانيد والسنن، المعروف بـ"جامع المسانيد والسنن" (¬4)، للحافظ ابن كثير (701 هـ - 774 هـ): وهو عبارة عن كتاب بناه المؤلف على "ترتيب المسند" لإبن المحب. وفي ذلك يقول ابن الجزري: ثم إن شيخنا مؤرخ الإسلام، وحافظ الشام عماد الدين أبا الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-، أخذ هذا الكتاب المرتَّب من ¬

_ (¬1) يعني بذلك كائنة تيمور الشهيرة التي عاث فيها فساداً في دمشق سنة (803 هـ). (¬2) المصعد الأحمد ص 24. (¬3) مقدمة "الإكمال" ص 1 - 3. (¬4) إنباء الغمر لإبن حجر 1/ 47.

8 - ترتيب المسند، لأبي بكر بن المحب (712 هـ - 789 هـ)

مؤلفه، وأضاف إليه أحاديث الكتب الستة، ومعجم الطبراني الكبير، ومسند البزار، ومسند أبي يعلى الموصلي. وأجهد نفسه كثيراً، وتعب فيه تعباً عظيماً، فجاء لا نظير له في العالم، وأكمله إلا بعض مسند أبي هريرة، فإنه مات قبل أن يكمله (¬1). وقد صدر الكتاب بعنوان "جامع المسانيد والسنن" نشرته دار الفكر ببيروت بتحقيق الدكتور عبد المعطي قلعه جي، في (37) مجلداً. 8 - ترتيب المسند، لأبي بكر بن المحب (712 هـ - 789 هـ): هو الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب الصامت، المقدسي، الحنبلي (¬2). قال ابن الجزري في "المصعد الأحمد": وأما ترتيب هذا المسند، فقد أقام الله تعالى لتوتيبه شيخَنا خاتمة الحفاظ الإمام الصالح الورع، أبا بكر محمد بن عبد الله بن المحب الصامت، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-، فرتبه على معجم الصحابة، ورتب الرواة كذلك، كترتيب الأطراف، تعب فيه تعباً كثيراً (¬3). ويعتبر هذا الكتاب عمدة وأساساً لكتب أخرى عُملت على المسند، منها: - إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي، للحافظ ابن حجر، وسيأتي. ومنها: 9 - ترتيب المسند، لإبن زريق (ت 803 هـ): هو الحافظ محمد بن عبد الرحمن بن محمد المقدسي، ثم الصالحي، ناصر الدين، المعروف بابن زريق، تخرج بابن المحب وتمهر، وكان يقظاً عارفاً بفنون الحديث ذاكراً للأسماء والعلل (¬4). وهو مرتب على الأبواب، وغالب الظن أنه فقد في جملة ما فقد في كائنة تيمور في دمشق سنة (803 هـ). ¬

_ (¬1) المصعد الأحمد ص 23. (¬2) المنهج الأحمد 5/ 165. (¬3) المصعد الأحمد ص 23. (¬4) إنباء الغمر 4/ 325، الضوء اللامع 7/ 300، المنهج الأحمد 5/ 192، القلائد الجوهرية 2/ 444.

10 - إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لإبن الملقن (723 هـ -804 هـ)

10 - إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لإبن الملقن (723 هـ -804 هـ): وهو الشيخ عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي، سراج الدين، أبو حفص، النحوي، المعروف بابن الملقن، من أكابر العلماء بالحديث والفقه وتاريخ الرجال (¬1). قال السخاوي: قال -يعني الحافظ ابن حجر-: ومن تصانيفه مما لم أقف عليه: إكمال تهذيب الكمال، ذكر فيه تراجم رجال كتب ستة، هي: أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم (¬2). قلت: قد رأيت منه مجلداً وأمره فيه سهل (¬3). ولابن الملقن أيضاً: 11 - مختصر المسند (¬4). 12 - غاية المقصد في زوائد المسند، للهيثمي (735 هـ - 807 هـ): هو الحافظ علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، أبو الحسن، نور الدين، المصري، القاهري. جرّد في هذا الكتاب زوائد المسند الحنبلي على الكتب الستة الأصول (الصحيحين والسنن الأربعة). فأورد تلك الزوائد بأسانيدها مرتبة على الموضوعات. ويقع الكتاب في مجلدين (¬5). وللحافظ الهيثمي أيضاً: 13 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: وهذا الكتاب يحتوي -كما يوحي عنوانه- على زوائد المسانيد الثلاثة: مسند أحمد، ومسند أبي يعلى الموصلي، ومسند البزار. إضافة إلى زوائد معاجم الطبراني الثلاثة: الكبير، والأوسط، والصغير. ¬

_ (¬1) الضو اللامع 6/ 100، شذرات الذهب 7/ 44 - 45، حسن المحاضرة 1/ 249، معجم المؤلفين 2/ 566 ط. الرسالة. (¬2) لم يذكر السادس، والغالب أنه البيهقي في سننه الكبرى. (¬3) الضوء 6/ 102. (¬4) معجم المؤلفين 2/ 566 ط، الرسالة، المدخل لإبن بدران ص 473. (¬5) الأعلام 4/ 266. وقد طبع في عدة رسائل في جامعة أم القرى.

14 - جزء للحافظ الهيثمي

فالكتاب يتضمن زوائد هذه الكتب الستة على الأصول الستة (الصحيحين والسنن الأربعة)، جمعها، وحذف أسانيدها، ورتبها على موضوعات صحيح البخاري، وعلق عليها بما يفيد الحكم على أسانيدها. وقبل أن يضع الحافظ الهيثمي هذا المجمع عمد أولاً إلى تخريج أصوله، وذلك أنه: أولاً: خرّج زوائد المسند الحنبلي، وهو كتاب "غاية المقصد" السابق. ثانياً: خرّج زوائد البزار والموصلي والطبراني في معجمه الكبير (¬1). ثالثاً: خرّج زوائد المعجمين: الأوسط، والصغير، في كتاب مستقل سماه "مجمع البحرين في زوائد المعجمين". ثم ألّف بين هذه الأصول في كتاب واحد سماه "مجمع الزوائد". قال الحافظ السخاوي: "وتخرّج -أي الحافظ الهيثمي- به -أي الحافظ العراقي- في الحديث، بل درّيه في إفراد زوائد كتب، كالمعاجم الثلاثة للطبراني، والمسانيد لأحمد والبزار وأبي يعلى، على الكتب الستة، وابتدأ أولاً بزوائد أحمد، فجاء في مجلدين، وكل واحد من الخمسة الباقية في تصنيف مستقل، إلا الطبراني الأوسط والصغير فهما في تصنيفين، ثم جمع الجميع في كتاب محذوف الأسانيد سماه "مجمع الزوائد" (¬2). ويضاف إلى ما سبق: 14 - جزء للحافظ الهيثمي: استدرك فيه على الحسيني مما فاته من رجال أحمد، لقطه من "المسند" حين كان يقوم بتخريج زوائده على الكتب الستة (¬3). ¬

_ (¬1) سمى الأول "كشف الأستار عن زوائد البزار" والثاني "المقصد العلي إلى زوائد مسند أبي يعلى الموصلي". والثالث "البدر المنير في زوائد المعجم الكبير". (¬2) الضوء اللامع 5/ 201. (¬3) مقدمة تعجيل المنفعة ص 3.

15 - ترتيب مسند أحمد على حروف المعجم، للمقدسي (ت 820 هـ)

15 - ترتيب مسند أحمد على حروف المعجم، للمقدسي (ت 820 هـ): وهو أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمر المقدسي الحنبلي (¬1). 16 - ذيل الكاشف، لإبن العراقي (762 هـ - 826 هـ): وهو الحافظ أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين الكردي الرازياني، ثم المصري، أبو زرعة، ولي الدين، ابن الحافظ العراقي، قاضي الديار المصرية. وهذا الكتاب أكمل فيه "الكاشف" للحافظ الذهبي وأضاف إليه زوائد رجال "المسند" من كتاب "الإكمال" للحسيني. قال الحافظ ابن حجر: ثم وقفت على تصنيف للإمام أبي زرعة ابن شيخنا حافظ العصر أبي الفضل ابن الحسين الراقي، سماه "ذيل الكاشف" تتبع الأسماء التي في "تهذيب الكمال" ممن أهمله "الكاشف" وضم إليه من ذكره الحسيني من رجال أحمد، ويعض من استدركه الهيثمي، وصيّر ذلك كتاباً واحداً، واختصر التراجم فيه على طريقة الذهبي، فاختبرته فوجدته قلّد الحسيني والهيثمي في أوهامهما، وأضاف إلى أوهامهما مِنْ قبَله أوهاماً أخرى (¬2). اهـ. 17 - المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد، للحافظ ابن الجزري (751 هـ - 833 هـ): هو الشيخ العلامة شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي الدمشقي، الشهير بابن الجزري، شيخ الإقراء في زمانه، ومن حفاظ الحديث. وقد طبع الكتاب مع "خصائص المسند" في تصدير الشيخ شاكر لتحقيق "المسند". ولابن الجزري على المسند أيضاً: 18 - المقصد الأحمد في رجال أحمد. 19 - المسند الأحمد فيما يتعلق بمسند أحمد (¬3). ¬

_ (¬1) تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/ 311، تاريخ التراث العربي لسزكلين 3/ 221. (¬2) تعجيل المنفعة ص 3 - 4، وانظر الضوء اللامع 1/ 343. (¬3) ذُكر هو والذي قبله في الضوء اللامع للسخاوي 9/ 257، والمدخل لإبن بدران ص 473.

20 - ترتيب المسند المسمى "الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري"، لإبن زكنون (758 هـ - 837 هـ)

20 - ترتيب المسند المسمى "الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري"، لإبن زكنون (758 هـ - 837 هـ): هو الشيخ الصالح العالم، أبو الحسن علي بن حسين بن عروة الدمشقي، الحنبلي، المعروف بابن زكنون (¬1). قال الحافظ السخاوي في هذا الكتاب: رتب المسند على أبواب البخاري وسماه "الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري" وشرحه في مئة وعشرين مجلداً. طريقته فيه: أنه إذا جاء لحديث الإفك مثلاً يأخذ نسخة من شرحه للقاضي عياض، ويضعها بتمامها، وإذا مرت به مسألة فيها تصنيف مفرد لإبن القيم أو شيخه ابن تيمية أو غيرهما وضعه بتمامه، ويستوفي ذاك الباب من "المغني" لإبن قدامة ونحوه (¬2). وقال ابن بدران: وقد رأيت من هذا الكتاب أربعة وأربعين مجلداً (¬3)، فرأيت مجلداته تارة مفتتحة بتفسير القرآن، فإذا جاءت آية فيها، أو إشارة إلى مؤلف، وضعه بتمامه، وتارة مفتتحاً بترتيب المسند، فيكون على نمط ما ذكره السخاوي، حتى إن فيه شرح البخاري لإبن رجب (¬4) الذي وصل فيه إلى باب صلاة العيدين، وغالب مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية نسخت من هذا الكتاب وطبعت (¬5). 21 - زوائد المسانيد المسمى بـ: "إتحاف السادة المهرة بزوائد العشرة" للبوصيري (762 هـ - 840 هـ): هو الشيخ أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل، أبو العباس، الكتاني، البوصيري القاهري الشافعي (¬6). ¬

_ (¬1) إنباء الغمر 8/ 319، الضوء اللامع 5/ 214، شذرات الذهب 9/ 223، المنهج الأحمد 5/ 216، السحب الوابلة 2/ 732. (¬2) الضوء اللامع 5/ 214. (¬3) وقال ابن حُميد في "السحب الوابلة" 2/ 735: وقد رأيت في رحلتي سنة (1281 هـ) في مدرسة شيخ الإسلام الشيخ أبي عمر منها -أي مؤلفات ابن زكنون- الكثير الطيب، منها شرحه للمسند في مئة وسبع وعشرين مجلداً. (¬4) سماه "فتح الباري"، وهو مطبوع محقق. (¬5) المدخل ص 474. وهو الذي كان جلّ اعتماد الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم عليه في إخراج الفتاوي لإبن تيمية. (¬6) الضوء اللامع 1/ 251.

22 - القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد، للحافظ ابن حجر العسقلاني (773 هـ - 852 هـ)

ألف زوائد عشرة مسانيد على الكتب الستة، واختصره، ومن جملة تلك المسانيد مسند أحمد. قال السخاوي وهو يتكلم عن مؤلفات البوصيري: ومما جمعه ... زوائد مسانيد الطيالسي، وأحمد، ومسدد، والحميدي، والعدني، والبزار، وابن منيع، وابن أبي شيبة، وعبدِ، والحارث بن أبي أسامة، وأبي يعلى مع الموجود من مسند ابن راهويه، على الستة أيضاً، أحدهما يذكر أسانيدهم والآخر بدونها مع الكلام عليها (¬1). 22 - القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد، للحافظ ابن حجر العسقلاني (773 هـ - 852 هـ): وهو كتاب رد فيه على شيخه أبي الفضل العراقي في دعوى الوضع في (تسعة) أحاديث وردت في المسند الحنبلي، ثم استكمل البحث بالرد على ابن الجوزي في دعواه الوضع في (خمسة عشر) حديثاً من "المسند" أوردها في كتابه "الموضوعات" (¬2). وقد طبع هذا الكتاب بدائرة المعارف بحيدر آباد سنة (1319 هـ). وفي غيرها. وللحافظ ابن حجر أيضاً: 23 - إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي: وهو عبارة عن موسوعة إسنادية جمعت مصدراً واحداً من مصادر السنة المشرفّة، وهو"المسند الحنبلي" على طريقة فن الأطراف (¬3). رتب فيه المؤلف أسماء الصحابة على حروف المعجم، ثم من عُرف بالكنية كذلك، ¬

_ (¬1) الضوء اللامع 1/ 252. (¬2) تدريب الواوي 1/ 172. تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف. (¬3) وهو فن ابتكره الحفَّاظ المتأخرون للجمع بين عدة مصنفات في الحديث ولفهرستها وتقربيها. والأطراف جمع طرف، وطرف الحديث هو الجزء الدال على بقيته، أو العبارة الدالة عليه، مثل حديث الأعمال بالنيات، وحديث الخازن الأمين، وحديث سؤال جبريل. وكتب الأطراف: هي كتب يقتصر مؤلفوها على ذكر طرف الحديث الدال عليه، ثم ذكر أسانيده في المراجع التي ترويه بإسنادها، وبعضهم يذكر الإسناد كاملاً، وبعضهم يقتصر على جزء منه فقط. لكنها لا تذكر من الحديث كاملاً، كما أنها لا تلتزم أن يكون الطرف المذكور من نص الحديث حرفياً. وتفيد هذه الطريقة في الكشف عن أسانيد الحديث الواحد، ومَنْ أخرجه من أصحاب المصادر الأصول، والباب الذي أخرجوه فيه.

24 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة

ثم المبهمات، ثم النساء. ورتب الرواة عن الصحابي إذا كان مكثراً على حروف المعجم، فإن كان بعض الرواة مكثراً على ذلك الصحابي رتب الرواة عنه أيضاً على الحروف، وربما رتب أحاديثه على الألفاظ (¬1). وقد احتوى الكتاب على (12787) حديثاً، وطبع في تسعة مجلدات مع مجلد مخصص للفهارس، بتحقيق الدكتور زهير بن ناصر الناصر، نشرته دار ابن كثير ودار الكلم الطيب بدمشق. وله أيضاً: 24 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة: قال في مقدمته: فلما رأيت كتاب الحسيني أحببت أن ألتقط منه ما زاد لينتفع به من أراد معرفة حال ذلك الشخص، فلذلك اقتصرت على رجال الأربعة (¬2). طبع الكتاب بحيدر آباد الدكن سنة (1324 هـ). وله أيضاً: 25 - التعريف الأجود بأوهام من جمع رجال السند: خصصه في نقد الأوهام التي وقع فيها كل من ألف في رجال المسند: ذكره الحافظ عبد الله زين الدين بن خليل الدمشقي (1170 هـ) في كتابه "جمان الدرر في مؤلفات ابن حجر" (¬3). 26 - الذيل الممهد على القول المسدد، للسيوطي (ت 911 هـ): وهو تكملة لكتاب "القول المسدد" أضاف فيه السيوطي (أربعة عشر) حديثاً مما استدركه على الحافظ ابن حجر في تتبعه لأحاديث "المسند" التي أوردها ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬4). وللحافظ جلال الدين السيوطي أيضاً: ¬

_ (¬1) تنظر بقية منهج المؤلف في "أطراف مسند الإمام أحمد" 1/ 106. (¬2) تعجيل المنفعة ص 8. (¬3) مقدمة تحقيق أطراف المسند، للدكتور زهير بن ناصر، ص 87. (¬4) تدريب الراوي 1/ 172.

27 - عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد

27 - عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد: وهو يختص بإعراب أحاديث المسند. قال في مقدمته: "وقد استخرت الله تعالى في تأليف كتاب في إعراب الحديث، مستوعبٍ جامعٍ، وغيث على رياض كتب المسانيد والجوامع جامع، شامل للفوائد البدائع شافٍ، كافل بالنقول والنصوص كاف، أنظم فيه كل فريدة، وأسفر فيه النقاب عن وجه كل خَريدة، وأجعله على "مسند أحمد" مع ما أضمه إليه من الأحاديث المزيدة، وأرتّبه على حروف المعجم في مسانيد الصحابة، وأنشئ له من بحار كتب العربية كتابة. واعلم أن لي على كل كتاب من الكتب المشهورة في الحديث تعليقة، وهي: "الموطأ" و"مسند الشافعي" و"مسند الإمام أبي حنيفة" والكتب الستة. ولم يبق إلا "مسند أحمد" ولم يمنعني من الكتابة عليه إلا كبر حجمه جداً، وعدم تداوله بين الطلبة كتداول الكتب المذكورة، وقدّرت التعليقة عليه تجيء في عدة مجلدات، والتعاليق التي كتبتها لا تزيد التعليقة منها على مجلد. فلما شرح الله صدري لتصنيف هذا الكتاب عوّقته (¬1) بمسند أحمد عوضاً مما كنت أرويه (¬2) عليه من التعليقة، ولكونه جامعاً لغالب الحديث المتكلم على إعرابه، فإن شئت فسمه "عقود الزبرجد على مسند أحمد"، وان شئت فقل: "عقود الزبرجد في إعراب الحديث" ولا تتقيد" (¬3). 28 - الدر المنضد من مسند أحمد (¬4)، للشماع (ت 936 هـ): وهو الشيخ عمر بن أحمد الحلبي الشافعي، المعروف بالشماع. وهذا الكتاب عبارة عن مختصر للمسند الحنبلي. 29 - شرح المسند، للشيخ أبي الحسن السندي (ت 1139 هـ): وهو نور الدين محمد بن عبد الهادي التتوي، محدث المدينة المنورة. قال ابن بدران في هذا الشرح: وهو شرح مختصر مفيد، كما أخبرني من اطلع عليه ¬

_ (¬1) كذا في النسخة المطبوعة، بدار الكتب العلمية. (¬2) كذا في النسخة المطبوعة، بدار الكتب العلمية، ولعلها: أرومه، بمعنى أقصده. (¬3) عقود الزبرجد 1/ 5 - 6، ط. دارالكتب العلمية، بيروت (1407 هـ). (¬4) الكواكب السائرة 2/ 225، وقال ابن بدران في "المدخل" ص 473: سماه "در المنتقد من مذهب أحمد".

30 - نفثات الصدر المكمد وقرة عين السعد بشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد، للسفاريني (1114 هـ - 1189 هـ)

في خزائن الكتب بالمدينة، وهو في نحو خمسين كراسة كبار، حذا فيه حذو حواشيه على الكتب الستة (¬1). وقال العلامة الشبيخ عبد الحي الكتاني المراكشي: له حاشية على مسند الإمام أحمد، عندي منها الربع الأول، لا يستغني عنها مطالعه أو قارئه (¬2). وقد تضمنت هذه الحاشية -أو الشرح- تعليقات لطيفة اقتصر فيها على ذكر ما يحتاج إليه القارئ والمدرس من ضبط اللفظ وإيضاح الغريب والإعراب. وتعتبر من جملة الكتب التي اعتمد عليها في التعليقات المثبتة في التحقيق الأخير للمسند الصادر عن مؤسسة الرسالة. 30 - نفثات الصدر المُكْمَد وقرّة عين السعد بشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد، للسفاريني (1114 هـ - 1189 هـ): وهو العلامة المتفنن محمد بن أحمد بن سالم، السفاريني (¬3). طبع هذا الكتاب في دمشق سنة (1385 هـ) بعناية الأستاذ الفاضل الشيخ عبد القادر الأرناؤوط. 31 - ذيل القول المسدد، لمحمد صبغة الله المدراسي: وهو تعليق على "القول المسدد" كتبه مؤلفه سنة (1281 هـ) وطبع بحيدر آباد الدكن سنة (1319 هـ) مع الطبعة الأولى لـ: "القول المسدد". 32 - الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني للساعاتي (ت 1378 هـ): وهو الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الساعاتي. ويتمثل عمله في: - حذف الأسانيد إلا نادراً لحاجة البيان لحال بعض الرواة. - جمع المكرر في موضع واحد، مع الإشارة إلى اختلاف الروايات والتمييز بينها. - تقسيم الكتاب إلى سبعة أقسام: التوحيد وأصول الدين - الفقه - التفسير - الترغيب - الترهيب - التاريخ - أحوال الآخرة وما يتقدم ذلك من الفتن. ¬

_ (¬1) المدخل ص 473. (¬2) فهرس الفهارس 1/ 148. (¬3) النعت الأكمل ص 301، السحب الوابلة 2/ 839.

33 - بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني

وتحت كل قسم من هذه الأقسام السبعة تندرج جملة من الكتب، كل كتاب يحتوي على جملة من الأبواب. - وضع الأحاديث الطوال في أول الباب الذي يليق بها. - تجزئة الحديث الواحد على عدة أبواب إذا كان يتضمن عدة أحكام. والكتاب مطبوع في أربعة وعشرين جزءًا. وتوفي الشيخ الساعاتي -رَحِمَهُ اللهُ- سنة (1378 هـ) عند بلوغه منتصف الجزء المذكور (¬1)، فقام شيخنا الشيخ محمد عبد الوهاب بحيري -رَحِمَهُ اللهُ-، بإخراج بقية الجزء الثاني والعشرين، ثم توقف لانشغاله بأمور أخرى، فتكونت لجنة من أبناء الشيخ الساعاتي، وهم: عبد الرحمن ومحمد وجمال، لإتمام الجزأين الأخيرين. وله أيضًا: 33 - بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني: ألف هذا الكتاب تتمة للسابق، وذلك أنه: - ذكر الأسانيد التي وإن قد حذفها في "الفتح". - حل الألفاظ الغريبة بضبط لفظها وشرح معناها. - بيّن حال الحديث مع ذكر من أخرجه من الأئمة أصحاب الأصول، وغيرهم، معتمدًا في الرموز على مصطلحات السيوطي في "الجامع الكبير". - بيّن فقه الحديث، وذكر من ذهب إليه من الأئمة، مع إضافة شواهد وفوائد. - نبّه إلى الأحاديث التي أوردها مقطعة في الأصل، دفعًا لتوهم أن متن الحديث كامل، مع إيراد المتن بكامله عند الحاجة. - نبّه على الأحاديث التي ادُّعي فيها الوضع، وكتب بإزاء كل حديث منها رد الحافظ ابن حجر على دعوى الوضع. 34 - تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر للمسند: عمل الشيخ أحمد محمد شاكر -رَحِمَهُ اللهُ- في "المسند" عملًا علميًا يستحق كل شكر وتقدير أجزل الله له المثوية في العقبى. وجاءت فكرة عمله في "المسند" في أوائل شبابه لما هُدي إلى حب السنة النبوية المطهرة، ¬

_ (¬1) ذكرت وفاته -رَحِمَهُ اللهُ- في الصفحة 212 من نفس الجزء.

ومالت رغبته إلى الإشتغال بعلومها والتعمق في الفقه في فنونها، والتنقيب عن روائعها ونفائس كتبها. فاطلع في جملة ما اطلع على"المسند" الذي كان من ضمن ما تحتوي عليه مكتبة أبيه، فوجده بحرًا لا ساحل له، ونورًا يستضاء به، لكن لا تنقاد شوارده، ولا تنال فوائده، ولا تلتقط درره المكنونة فيه إلا بعد تعب وعناء، لا يدركه إلا من حفظه واستَظهره على الغيب وهيهات .. قال: فشُغفت به وشُغلت، ورأيت أن خير ما تخدم به علوم الحديث أن يوفق رجل لتقريب هذا المسند الأعظم للناس، حتى تعم فائدته، وحتى يكون للناس إمامًا، وتمنيت أن أكون ذلك الرجل (¬1). وتتلخص فكرة عمل الشيخ شاكر في المسند بما يلي: أولاً: وضع فهارس لفظية للكتاب، كفهارس الأعلام، والقبائل، والبلدان، وغير ذلك. ثانيًا: وضع فهارس علمية للأبواب والمسائل والموضوعات التي تعرف بعناوين مشهورة في كتب الفقه والعقيدة والآداب والأخلاق والسير وغير ذلك. ولا ريب أن تخريج مثل هذه الفهارس لكتاب مثل "المسند" يستغرق عمرًا طويلاً وجهدًا مضنيًا متواصلاً، وقد فتق الله سبحانه في ذهن الشيخ فكرة العمل بالأرقام، وذلك بأن يقوم بترقيم أحاديث "المسند" من أوله إلى آخره على ما هو عليه، بحيث يصبح كل حديث معروفًا برقم عددي خاص به يكون عَلمًا عليه ويسهل للباحث الرجوع إليه، وتبنى عليه الفهارس كلها مهما تنوعت وتعددت (¬2). وقسم الفهارس اللفظية إلى خمسة أقسام: الأول: فهوس الصحابة رواة الأحاديث مرتب على حروف العجم. فإن أبهم الصحابي وضع اسم التابعي الراوي عنه على الترتيب نفسه. الثاني: فهرس الجرح والتعديل. وهو يتناول الرواة الذين تكلم فيهم الإمام أحمد أو ¬

_ (¬1) مفدمة المسندص 6، ط. مكتبة التراث الإسلامي. (¬2) المصدر السابق ص 7.

ابنه عبد الله في "المسند". وهم قليل. بالإضافة إلى الرواة الذين تكلم عليهم الشيخ شاكر في نقد الأحاديث وتمييز صحيحها من سقيمها. الثالث: فهرس الأعلام الواردة في متون الأحاديث. الرابع: فهرس الأماكن الواردة في متون الأحاديث. الخامس: فهرس لغريب الحديث. وأما الفهارس العلمية فهي الأصل والمقصود من هذا العمل العظيم. وقد خرّج الشيخ تلك الفهارس من فهارس كتب السنة وكتب الفقه والسير والأخلاق، وصاغ من مجموع ما تحصل عنده عناوين جديدة مقاربة للموضوعات الشرعية المختلفة، وفي ذلك يقول: وقد قرأت من أجل هذا الفهرس كل فهارس كتب السنة، وكتب الفقه، وكتب السير، وكتب الأخلاق التي يُسِّر لي الحصول عليها، ثم ضممت كل شبْه إلى شبْهه، وكل شَكْل إلى شكله، وتخيرت في ترتييها أقرب الطرق إلى عقل المحدِّث والفقيه. بعد أن قسمتها إلى كنب جاوزت الأريعين، فيها أكثر من ألف باب. وكلما رأيت بابًا فيه شيء من العموم كثرت أرقام أحاديثه، اجتهدت في تقسيمه إلى معان فرعية، ليُحصر أقرب العاني إلكتابعضها في أرقام يسهل على القارئ الرجوع إليها (¬1). وقد استفاد الشيخ من منهج الإمام البخاري وصنيعه في "صحيحه"؛ وذلك أن الإمام البخاري يكرر الحديث الواحد أو يُقطِّعه على عدة مواضع بحسب ما يرى فيه من علاقة بين ذلك الحديث وذلك الباب. ولئن كان الإمام البخاري ينهج نهج التكرار والتقطيع انسجامًا مع زمانه، فإن الشيخ شاكرًا استفاد من الأرقام التي رقم بها الأحاديث بحيث أراحته من كل ذلك؛ من تقطيع الحديث ومن تكراره. رَقْم الحديث يوضع في كل باب، وفي كل معنى يدل عليه، أو يصلح للإستشهاد به فيه، دون تكلف ولا مشقة (¬2). ¬

_ (¬1) المصدر السابق ص 9 - 10. (¬2) المصدر السابق ص 9.

وكان الشيخ في أول الأمر لا يرى نفسه أهلاً للقيام بنقد الأسانيد، وتمييز الأحاديث وييان درجاتها. ولكنه بعدما واجهته صعوبة اشتباه بعض الأسانيد في بعض الأحاديث، وألجأته إلى مراجعة دواوين الحديث وكتب الرجال، ويعد أن أشار عليه أحد أصدقائه الخُلَّص بأهمية هذا العمل وفائدته، بعد ذلك شرح الله صدره لهذا العمل، فأقدم عليه واستعان بالله. فجاءت الأحاديث التي عمل فيها مبيَّنة الدرجة؛ فإن كان الحديث صحيحًا ذكره كذلك، وإن كان ضعيفًا بين سبب ضعفه، وإن كان في إسناده رجل مختلف في توثيقه وتضعيفه اجتهد فيه رأيه على ما وسعه علمه، وذكر مارآه (¬1). ويعتبر فهرس الجرح والتعديل-وهو الفهرس الثاني من الفهارس اللفظية- كاشفًا بأسماء الرجال الذين تكلم عليهم وهاديًا إلى الموضع الذي يوجد فيه ذلك الكلام، لأن عادته أن لا يتكلم على الرجل الواحد إلا مرة واحدة. وفي النتائج التي توصل إليها من عمله القيم الجليل قال: وإني أرجو أن تكون دعوة الذهبي أُجيبت بما صنعت، وأسال الله سبحانه الهدى والسداد، والعصمة والتوفيق. وما أبغي أن أتمدح بعملي أو أفخر به، ولكني أستطيع أن أقول: إن في بعض ما حققت من الأسانيد قد حللت مشاهل، وبينتُ دقائق، وصححت أخطاء، فاتت على كثير من أئمة الحديث السابقين، لا تقصيرًا منهم، ولا اجتهادًا مني، ولكن هذا الديوان السامي-كما سماه الحافظ الذهبي- وإن مفتاحًا لما أُغلق، ومنارًا يهتدى به في الظلمات، وكان للناس إمامًا، حين وُفق رجل لخدمته، وحين حققت أحاديثه تحقيقًا مفصلاً (¬2). ويُعتبر عمل الشيخ أحمد شاكر -رَحِمَهُ اللهُ- مقربًا للمسند وميسرًا للإستفادة منه لولا أن المنية عاجلته (ت 1377 هـ) قبل تحقيق الأمنية وإتمام المسند، فلم يخرج منه إلا ما يقارب ربع الكناب، كما أنه لم يكمل عمله في سنن الترمذي أيضًا. ¬

_ (¬1) المصدرالسابق ص 11. (¬2) المصدر السابق ص 13.

35 - الموسوعة الحديثية الكبرى

35 - الموسوعة الحديثية الكبرى: إن آخر الأعمال العلمية المنجزة حول "المسند" هو التحقيق الذي قامت به "مؤسسة الرسالة" العامرة؛ ضمن "الموسوعة الحديثية الكبرى". وهو مشروع قد اعتزمت هذه المؤسسة الميمونة بعون الله وتوفيقه على أن تتولى إصداره، مبتدئة بـ: "مسند الإمام أحمد"، وتالية ببقية الدواوين الأخرى، كالصحيحين والسنن الأريعة، وغيرها من كتب السنة المسندة مما دونه المحدثون الثقات خلال القرون الخمسة الهجرية الأولى؛ ما طبع منها وما لم يطبع، متبعة في ذلك أمثل مناهج التحقيق الذي يعتمد على الأصول الخطية المتقنة الموثقة، وضبط النص وترقيمه، وسلامته من التحريف والتصحيف، ووضع الفهارس الميسِّرة للإفادة منها بأقرب الطرق. وقد نشأت هذه الفكرة لدى موسسة الرسالة خطوة جديدة على الطريق الأصيل، والمنهج الإسلامي الواضح الذي سلكته في العناية بالتحقيق والطباعة والنشر للكتب النافعة والهادفة إلى إصلاح الأمة، وبما أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وأنه إنما صلح أول هذه الأمة بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه الخالية عن شوائب التشويه والتغيير، والدس والوضع، فقد رأت أن الطريق إلى صلاح آخر هذه الأمة ونهضتها والسبيل إلى إيجاد وعي إسلامي صحيح لدى أبنائها، بعيد عن الأهواء العاصفة، إنما يتمثل في إخراج أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضمن إطار موسوعة حديثية كبرى تنتظم كتب السنة. ويعتبر "المسند" أول كتاب في طريق تحقيق هذا المشروع الجليل، وباكورة السعد في إنجاز هذه الموسوعة المنشودة. وقد عهدت مؤسسة الرسالة في القيام بمثل هذا العمل ذي الأهمية والخطورة من حيث إنه يتطلب كفاية واقتدارًا وصرفة بالصناعة الحديثية وطول مراسها، عهدت بذلك إلى ثلة من الأساتذة الذين لهم باع في هذا الشأن. ولم يكن "المسند" ليحتل الصدارة في السعي في إنجاز هذه الموسوعة اعتباطًا، ولا وقع عليه الإختيار بضربة لازب، بل إن لتقديمه على غيره ما يبرره من الأسباب، ذلك أنه ما

من حديث -غالبًا- إلا وله أصل في هذا "السند" فعليه مدار السُّنة، وهو يكاد يستوعبها، ويالتالي فالقيام بتحقيقه سيوفر كثيرًا من الجهود في القيام بتحقيق كتب السنة الأخرى. أضف إلى ذلك أن الهيكل الذي يتم وفقه صنع هذه المعلمة الحديثية الكبرى يقوم على جمع حديث كل صحابي على حدة على طريقة أصحاب المسانيد، لأن ذلك يحقق الإستقراء التام، وهذا ما يساعد عليه المسند الحنبلي غاية المساعدة. وتتمثل الجهود التي صُبَّت في هذا العمل الجليل في ثمانية أمور: - توثيق النص بالمقابلة بين النسخ الخطية والمقارنة مع المطبوعة. - ضبط النص ضبطا قريبًا من التمام. -التنبيه على الملاحظات المتعلقة بالسقط والتحريف والتصحيف في المطبوع. - تخريج أحاديث الكتاب من "الصحاح" و"السنن" و"المسانيد" و"المعاجم"، وغيرها من المظان بقدر ما تيسر، مع محاولة الإستيعاب والتقصي، مع الإحالة على مواضع تكرر الحديث بلفظه أو بمعناه في المسند نفسه. - الحكم على أسانيد الأحاديث. - التعليق على بعض المواضع بما يستدعيه المقام من تفسير لفظ غريب، أو توضيح معنى مستغلق. - ترقيم الأحاديث مع ترميز المكررات، وزيادات عبد الله ابن الإمام، ووجاداته، وما رواه عن أبيه وعن شيخ أبيه أو غيره. - صناعة فهارس لشيوخ أحمد وابنه عبد الله، والصحابة، والرواة، والأحاديث. نسأل الله أن يجزل المثوبة لكل من أسهم في هذا المشروع العلمي الكبير، إنه سميع قريب مجيب.

دعوى كون الإمام أحمد محدثا غير فقيه والرد عليها

دعوى كون الإمام أحمد محدثًا غير فقيهٍ والرَّد عليها: لم يعتبر ابن جرير الطبري في الخلافيات مذهب ابن حنبل، وكان يقول: إنما هو رجل حديث لا رجل فقه، وامتحن لذلك، وقد أهمل مذهبه كثير ممن صنفوا في الخلافيات، كالطحاوي، والدَّبّوسي، والنسفي في منظومته، والعلاء السمرقندي، والفراهي الحنفي في منظومته ذات العقدين، وكذلك أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي المالكي في كتابه "الدلائل"، والغزالي في "الوجيز"، وأبو البركات النسفي في "الوافي"، ولم يذكره ابن قتيبة في "المعارف"، وذكره المقدسي في "أحسن التقاسيم" في أصحاب الحديث فقط، مع ذكره داودَ الظاهريَّ في الفقهاء، كما لم يذكره ابن عبد البر في كتابه "الإنتقاء". واعتبره كثير من المتقدمين، كالإمام الترمذي في جامعه (¬1). ومن العلماء الذين ذكروه في كتب الإختلاف: الإمام أبو عبد الله المروزي في كتابه "اختلاف العلماء"، فهو يذكر الأئمة الأريعة، ومنهم أحمد، ويذكر غيرهم من أصحاب المذاهب والأقوال، وعنايته بقول أحمد ورأيه واستدلاله واضح لمن يتصفح كتابه، وكذلك ذكره الشيرازي في "طبقات الفقهاء". ودعوى أن أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- محدث وليس فقيها أثارت كلامًا حول فقه الإمام أحمد ومذهبه، مما جعل بعض العلماء يضعه دون الإمامة في الفقه، ولا يذكر مذهبه ورأيه ضمن مذاهب الفقهاء. وكثيرًا ما يطالع الإنسان الكتب التي تعتني بذكر الخلاف، ومذاهب الأئمة، فلا يرى ذكرًا للإمام أحمد أو الحنابلة. وقد نقل عن القاضي عياض أنه قال في "المدارك" عن الإمام أحمد: إنه دون الإمامة في الفقه وجودة النظر في مأخذه (¬2). ¬

_ (¬1) الفكر السامي 2/ 25. (¬2) الفكر السامي 2/ 26، ابن حنبل، لأبي زهرة ص 7، و"ترتيب المدارك" 1/ 86 الطبعة المغربية.

هذه خلاصة هذه الدعوى، فما دوافعها وأسبابها؟ والجواب عن ذلك يتلخص في النقط التالية (¬1): ا- المعروف أن الإمام أحمد اتجه أول حياته لدراسة الفقه، وتتلمذ على الإمام أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة -رَحِمَهُ اللهُ-، ثم انصرف عن هذه الدراسة ولم تعجبه، لأنها تتعلق تعلقًا قويًا بالرأي. وبعد إنقطاعه عنها اتجه إلى الحديث والمحدثين، والتقى بهُشيم بن بشير الواسطي، ثم تابع لقاءاته بالمحدثين، بل إن الروايات تنقل: أنه لم يلتفت إلى المسائل التي حفظها من الإمام أبي يوسف أولاً، بل ركز جهده على الحديث، وقضى جل حياته في جمعه، ومتابعته، والإعتماد عليه، والبعد عن الرأي، وتتبع الأثر ما وجده. 2 - هذه النزعة والإرتباط بالحديث والمحدثين أضفى عليه -رَحِمَهُ اللهُ- صفة المحدث أكثر من أي صفة أخرى، وذمه للرأي والتأويل ومن يعتمد على أقوال الرجال وتفريعاتهم مع إمكانه أخذ الحق من مصدره الأساسي أبعده - في زعم من قال بأنه ليس فقيهًا- عن الفقه والرأي. فقد ذكر القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ- في الفصل الذي عقده لترجيح مذهب مالك على غيره، ووجوب تقليد المذاهب التي نشأت في العالم الإسلامي واتباعها، وتكلم عن أصحابها، وبين ميزة كل منها، وقال عن أحمد وداود: كما أن أحمد وداود من العارفين بعلم الحديث، ولا تنكر إمامة أحد منهما فيه، لكن لا تسلم لهما الإمامة في الفقه، ولا جودة النظر في مأخذه، ولم يتكلما في نوازل كثيرة كلام غيرهما، وميلهما مع المفهوم من الحديث. 3 - ثبت عنه في أكثر من موضع أنه كان ينهى أصحابه عن أن يكتبوا عنه شيئًا وخاصة في مسائله وفتاواه، وهذا وارد في أكثر من موضع في ترجمته، وفيما كتب عنه. بل قد صرح في بعض المناسبات أنه لما سمع أحد أصحابه يحدث عنه بالمسائل التي أفتى فيها وينشرها في خراسان، جمع عددًا من أصحابه، وقال: أشهدكم أني رجعت عنها، وكان يكره أن يُتخذ كلامه دينًا وشرعًا (¬2). ¬

_ (¬1) أصول مذهب الإمام أحمد، د. عبد الله التركي، ص: 83 - 88. (¬2) سبقت الإشارة إلى هذه القصة والتعليق عليها في الطور الثالث من حياة الإمام.

4 - وثبت أيضًا أنه لم يصنف أو يدون شيئًا كبيرًا في الأصول، ولا في الفقه، مع أنه في عصر ازدهر فيه التأليف، ودونت فيه العلوم، وأسست فيه المذاهب، وجل ما ألف في مذهبه، إنما هو من عمل أصحابه الذين جاؤوا من بعده. فهذه الأمور، وما ماثلها قد تكون هي التي دعت الطبري -رَحِمَهُ اللهُ- وغيره إلى اعتبار أحمد محدثًا وليس فقيهًا. ونحن هنا نورد من الأدلة الواقعية ما يثبت أنه من أعظم الفقهاء، ومن أقواهم في الإستنباط والإجتهاد، وأن مذهبه ليس بعيدًا عن الإجتهاد، خلافاً لما ظن ابن خلدون -رَحِمَهُ اللهُ- (¬1). وقلة أتباع المذهب ليس مقياسًا في كون المذهب قريبًا من الإجتهاد أو بعيدًا عنه. فانتشار المذاهب وكثرة أتباعها لهما أسباب وظروف ودواعٍ كثيرةٌ غير ذلك. وفيما يلي بيان أن النقط السابقة ليست داعية إلى اعتبار اللإمام أحمد محدثًا وليس فقيهًا، كما توهم بعضهم، وفيه أدلة واقعية وتاريخية على إثبات فقه اللإمام أحمد وحسن استنباطه: 1 - لا يُماري أحد في تفوق اللإمام أحمد في الحديث، ونزعته الشديدة للأثر والتمسك به، ولكن ذلك لم يكن سببًا في كونه غير فقيه، فإن الحديث هو أصل الفقه. وتوفر النصوص وأقوال السلف لدى اللإمام أحمد أغناه عن القول في كثير من المسائل بالرأي المجرد، وتطرق الخطأ إلى الرأي المجرد أكثر وأقوى من تطرقه إلى المنقول، وكم من سلف الأمة وعلمائها منذ عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جعل الحديث أصل فتواه، ومع ذلك يُعد من أعظم الفقهاء، واللإمام مالك -رَحِمَهُ اللهُ- ممن اعتمد على النصوص واللآثار واهتم بها، وبنى فقهه عليها. والأمة كلها متفقة على أن خير مناهج القرون في الإستنباط هو منهاج صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن تبعهم بإحسان، وهو من الأسس التي بنى أحمد عليها مذهبه. والرجوع إلى أصل الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، والإعتصام بذلك آمن مزلة من ¬

_ (¬1) فقد قال في "المقدمة" (2/ 544، الطبعة التونسية 1984): فأما أحمد بن حنبل فمقلدوه قليل لبعد مذهبه عن الإجتهاد وأصالته في معاضدة الرواية والأخبار بعضها ببعض.

الإنسياق في الرأي، والتفريع بموجبه بناء على قواعد. وإن كانت قعدت على أساس من النصوص، إلا أنه قد تفوت من قعّدوها نصوصٌ أخرى، لو اطلعوا عليها ما قالوا بمقتض القواعد. والخلاصة: أن أحمد إمام في الحديث، وقد اتفق على هذا، ولكن إمامته فيه لا تنفي عنه صفة الفقه، بل فقهه فقه أثر وسنة. وهذه النزعة مما امتاز بها مذهبه، ووضحت في أصوله. 2 - ذمه للرأي، ولتقليد الرجال، محمول على معارضة النصوص بذلك، كما يتضح عند الكلام على رأيه في القياس، ورأيه في الإجتهاد، وتقديمه النصوص على ذلك كله، وذلك لا يخصه وحده، بل أئمة المذاهب المعتبرة كلهم ينهون عن تقليدهم، ويوجبون عند ظهور الحجة من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضرب بقولهم عرض الحائط. 3 - نهيه أصحابَه عن أن يكتبوا عنه مسائله وفتاواه ثابتٌ عنه، ولكن الهدف منه أن لا يشغلهم ويصرفَهم عن كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته. لأنه رأى بعض الناس صرفتهم خلافات المذاهب، وتقليد الناس عن تعرف الحق من مصدره، وعن النظر في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو يرى أن مرتبة الرأي تأتي بعد ذلك كله، وعند الضرورة، ومع ذلك فقد ثبت عنه آخر حياته أنه أجاز لأصحابه أن يكتبوا عنه، بعد أن خبر أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووثق مما يقول، ويعد محاولات أيضًا من أصحابه. من ذلك ما حدث من عبد الملك بن عبد الحميد الميموني، وهو من أجلِّ أصحاب الإمام أحمد، ومن أكثرهم ملازمة له، وسؤالاً، ونقلاً لمسائله، قال عن نفسه فيما ذكره أبو بكر الخلال: "صحبت أبا عبد الله على الملازمة من سنة خمس ومئتين إلى سنة سبع وعشرين" (¬1). وقال أيضًا: "سألت أبا عبد الله عن مسائل فكتبتها، فقال: أيَّ شيء تكتب يا أبا ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 213، 214.

الحسن؟ فلولا الحياءُ منك، ما تركتك تكتبها، وإنه عليَّ لشديد، والحديث أحبُّ إليَّ منها، قلت: إنما تطيب نفسي في الحمل عنك، إنك تعلم أنه منذ مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد لزم أصحابَه قوم، ثم لم يزل يكون للرجل أصحاب يلزمونه، ويكتبون، قال: من كتب؟ قلت: أبو هريرة، قال: وكان عبد الله بن عمرو يكتب، ولم أكتب، فحفظ وضيعت، فقال لي: فهذا الحديث، فقلت له: فما المسائل إلا الحديث، ومن الحديث تشتق" (¬1). فهذا يدل على أنه أخيرًا لم يُشدد في الكتابة عنه، وقد قال الخلال: "إن عند الميموني من مسائل أبي عبد الله نحو ستةَ عشر جزءًا" (¬2) وغيره من الأصحاب كتب عن أحمد، حتى لقد روي أنه كان يأمر من يكتب عنه أن يقرأ عليه ليصحح له إن كان فيه خطأ. ومن ذلك أن إسحاق بن منصور الكوسج،-وهو أحد الأصحاب الذين نقلوا عن أحمد- لما سمع أن أحمد رجع عن بعض المسائل التي كتبها عنه، جاء بها إليه، وقرأها عليه. قال حسان بن محمد: "سمعت مشايخنا يذكرون أن إسحاق بن منصور بلغه أن أحمدَ ابنَ حنبل رجع عن تلك المسائل التي علقها عنه، قال: فجمع إسحاق بن منصور تلك المسائل في جراب، وحملها على ظهره، وخرج راجلاً إلى بغداد، وهي على ظهره، وعرض خطوط أحمد عليه في كل مسألة استفتاه فيها، فأقر له بها ثانيًا وأعجب بذلك أحمد من شأنه" (¬3). والأمثلة والحوادث في ذلك كثيرة من أصحابه -رَحِمَهُ اللهُ-، مذكورة في تراجمهم، وما كتب عنهم. 4 - كونه لم يصنف في الفقه ولا في الأصول، ليس سببًا أيضًا في كونه غير فقيه، فقد كان يكره التصنيف في ذلك، وليس كل أصحاب المذاهب الفقهية مصنفين، والمذهب ¬

_ (¬1) المصدر السابق 1/ 214. (¬2) المصدر السابق 1/ 213. (¬3) الطبقات 1/ 114.

يتأسس بطريقة صاحبه في الفتاوي والإستنباط، وقد تقدمت الإشارة إلى أن بعض أصحابه دوّنوا عنه "المسائل"، في حياته، ومنهم من استقصاها بعد مماته، وكانوا يتناقلونها بالسند المتسلسل، ويطبقون فيها ما يطبقونه في الحديث، من اشتراط العدالة والثقة والضبط والحفظ، حتى تصل إلى أحمد، وكون الإمام لم يصنف في الفقه والأصول لا يُؤثر على منزلته الفقهية، ما دامت رواياته وأقواله محفوظة متداولة بين الناس، ولم يتوجه الإنكار إليها ولا الشك فيها من أحد. قال الشيخ أبو زهرة: "ومهما يُثر من الغبار حول المرويات الفقهيات عن أحمد، فإن الأجيال قد توارثت تلك المجموعة الفقهية المنسوبة إليه، وتدارسها الناس، وتكون من مجموعها الفقه الحنبلي، وضبطت بقواعد جامعة، وتكون منها منطق فقهي على حد تعبير بعض أصحاب أحمد" (¬1). ¬

_ (¬1) ابن حنبل ص 178.

الفصل الثاني في أدوار المذهب ومواطن انتشاره

الفصل الثاني في أدوار المذهب ومواطن انتشاره الدور الأول: النشأة والتأسيس (164 هـ - 300 هـ) الدور الثاني: النقل والنمو (300 هـ - 403 هـ) الدور الثالث: الإنتشار - الإزدهار - الإستقرار (403 هـ - العصر الحاضر)

الدور الأول النشأة والتأسيس

الدور الأول النشأة والتأسيس وفيه تمهيد، ومبحثان: - المبحث الأول: وصف عام لأصحاب الإمام أحمد. - المبحث الثاني: التعريف بأشهر أصحاب الإمام أحمد.

تمهيد

تَمْهِيدْ رسمنا الدور الأول من أدوار تاريخ المذهب الحنبلي، بالدور النشأة والتأسيس" للعلم بأن هذا المذهب قد نشأ وتأسس بصورة تدريجية على مدى هذا الدور. ويتحدد الإطار الزمني لهذا الدور بحياة الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- وحياة أصحابه وتلامذته، إذ إن التأسيس قام على جهود الإمام في التأصيل والتكوين، وجهود أصحابه في الحفظ والتسجيل، وذلك من أواخر القرن الثاني إلى أواخر القرن الثالث. وأما الإطار المكاني لهذا الدور فهو عاصمة الخلافة الإسلامية، أو مدينة السلام والعلم والعلماء: بغداد، وهذا في الفترة التي كان الإمام أحمد يجلس فيها للفتوى والتعليم، ويرحل الناس إليه، ويسمعون منهء. لكن بعض أصحابه تفرقوا من بعده في الأمصار، ورجعوا إلى بلدانهم التي كانوا قد جاءوا منها، فتوسع بذلك الإطار المكاني حتى طال أصبهان، ومرو، والجزيرة، والشام، وغيرها، حتى إن الخلاَّل (311 هـ) لما جمع علم أحمد بن حنبل تعب كثيرًا في الرحلة إلى بقية هؤلاء الأصحاب المنتشرين في مناطق متعددة. وينبغي أن ندخل إلى هذا الدور بتحديد مميزاته العامة، من أجل رسم الإطار الإجتماعي والثقافي والسياسي، الذي سُجلت فيه أعمال التأسيس، وجهود النشأة الأولى. ولكننا اكتفينا بما وضعناه بين يدي القارئ الكريم في المدخل إلى دراسة سيرة الإمام أحمد، ففيه الكفاية فيما نظن. ثم إن منهج الدراسة يتطلب أن نستعرض حياة الإمام أحمد وجهوده المباركلة أولاً، ونُثني بحياة أصحابه وجهودهم، إلا أننا لما فصلنا سيرة الإمام بفصل مستقل؛ نظرًا لأهميتها، وإن علينا أن نقتصر على دراسة حياة أصحابه من خلال: 1 - الوصف العام لأصحاب الإمام أحمد وتصنيفهم.

2 - التعريف بأصحابه الذين سمعوا منه ورووا فقهه، وييان جهودهم في تأسيس المذهب. وتناولنا ذلك في مطلبين: الأول: وفيه تصنيف رواة المسائل إلى مكثرين ومقلّين، ثم جرد أسمائهم مع تمييز المقل عن المكثر. الثاني: التعريف بأشهر رواة المسائل، وقد اقتصرنا على ما يخدم البحث من جوانب تراجمهم، مع التركيز على الجهود التي بذلها كل واحد منهم في بناء المذهب الحنبلي، سواء برواية المسائل عن أحمد، أو بالتأليف، أو بالتعليم، أو غير ذلك. والله الموفق وهو يهدي السبيل.

المبحث الأول وصف عام لأصحاب الإمام أحمد

المبحث الأول وصف عام لأصحاب الإمام أحمد كلمة "الأصحاب" في السير والتراجم لها معنيان: الأول: أنها تعني الصحبة الحقيقية في اللغة، وهي الملازمة، سواء قلَّت أم كثرت. ويهذا الإعتبار يكتسب كل مسلم حصل له شيء من ذلك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشرفَ بأن يلقب "صحابيًا" مع ما لذلك من الفضل والمزايا. ولكن العرف خصص دلالة الصحبة في غير صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن كثرت ملازمته (¬1). الثاني: أنها تعني الصحبة المباشرة وغير المباشرة، وهي الصحبة المعنوية التي تعني الملازمة للمصحوب بالعناية والهمة. فأصحاب الإمام أحمد بالمعنى الأول، هم تلامذته الذين رووا عنه العلم على مراتبهم وأصنافهم. وهم المعنيون ببحثنا هذا؛ في نطاق الدور الأول من أدوار المذهب، والذي مثله الإمام وأصحابه الذين تلقوا عنه الفقه. وأما أصحابه بالمعنى الثاني، فهم الفقهاء المجتهدون في سلك هذا المذهب، سواء أكانوا من أصحاب التخريج أم من أصحاب الترجيح أم ممن لهم اختيارات تفردوا بالذهاب إليها، ولو خرجوا عن المذهب في ذلك، وهم موزعون على عدة طبقات موزعة على العصور. والذين ترجموا في الطبقات ليسوا كلهم من هذا القبيل، بل قد اعتاد المتأخرون من مقلدة المذاهب أن يذكروا في الطبقات المذهبية كل من له عناية وعمل في المذهب، ولو لم يسلك في عمله أي مسلك اجتهادي. وسنصنف تلاميذ الإمام أحمد ثلاثة أصناف: ¬

_ (¬1) الكليات، لأبي البقاء، ص 558. ط. الرسالة.

الأول: الذين رووا عنه الحديث فقط. الثاني: الذين رووا عنه الفقه إلى جانب الحديث. الثالث: الخواص من رواة الفقه الذين عليهم العمدة في نقل المذهب إلى دور التدوين. • الصنف الأول من الرواة عن أحمد: وهم الذين رووا عنه الحديث فقط، وربما سمعوا منه الفقه والمسائل، لكنهم لم يُعرفوا بحمله للناس، والعناية بتدوينه. وهؤلاء عددهم كثير جدًا، قد أحصى منهم أصحاب التراجم عددًا لا بأس به، ويقي الآخرون لا نعرف عنهم شيئًا. قال الحسين بن إسماعيل: "سمعت أبى يقول: كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون والباقي يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السَّمت" (¬1). فقد حظي الإمام أحمد بشيوخ كُثر، كما حظي بتلاميذ كثُر، وليس ذلك إلا لما حباه الله -عَزَّ وَجَلَّ- وأولاه من العناية والرعاية، فكرمه بنفس زكية طيية، مسجاة بأخلاق عالية، وعقل حصيف راجح، فيه النباهة والنجابة والفهم، وذاكرة حافظة نادرة يقضى منها العجب. ثم إن الله سبحانه قد بسط له القبول في الأرض، وكنب له المحبة في قلوب العباد (¬2). • الصنف الثاني من الرواة عن أحمد: وهم الذين رووا الفقه عنه إلى جانب الحديث، وعددهم أيضًا كثير، وقد حاول العليمي أن يحصيهم (¬3) في "المنهج الأحمد" فذكر (578) ترجمة، ثم قال: "وقد انتهى ذكر أسماء أصحاب الإمام أحمد - رضي الله عنهم -، وهم الطبقة الأولى الذين عاصروه، وتفقهوا عليه، ورووا عنه، وعدتهم خمسمائة وثمانية وسبعون (578) ¬

_ (¬1) المناقب، ص 271. (¬2) يراجع تفصيل ذلك في البابين التاسع والتاسع عشر من "المناقب" لإبن الجوزي، والخصلتين الرابعة والثامنة من الخصال التي ذكرها ابن أبي يعلى في "الطبقات" (1/ 14 - 16). (¬3) وأول من كتب في إحصاء أصحاب الإمام أحمد هو أبو بكر الخلال (ت 311 هـ) وابن المنادي (ت 336 هـ). ويوجد من الأول قطعة محفوظة في "الظاهرية" برقم 383 ضمن مجموع برقم 106.

نفسًا، فمنهم جماعة كانوا على مذهبه في الأصول والفروع، وأخذوا عنه الفقه، ونقل عنهم إلى من بعدهم إلى أن وصل إلينا". ثم قال: "فلنذكر أسماء من اشتهر من أعيانهم سردًا، ليتميزوا عن غيرهم ممن صحب الإمام أحمد، وروى عنه وقرأ عليه الحديث وغيره، فأقول، وبالله التوفيق: أصحاب الإمام أحمد من الفقهاء المشهورين، مئة وثلاثة وثلاثون نفسًا، كما تقدم التنبيه عليه في ترجمة الإمام، وهم:" وذكر أسماءهم (¬1). ثم قال: "هؤلاء هم الحنبليون من أصحاب الإمام أحمد ممن ذُكرت تراجمهم في هذا الكتاب، فمنهم المقل عنه، ومنهم المكثر، وهم أيضًا متفاوتون في المنزلة عند الإمام أحمد والنقل عنه، والضبط والحفظ، وقد تقدم في تراجمهم ما يدل على ذلك" (¬2). وقد ذكرهم المرداوي في آخر "الإنصاف" كما تقدم ذكره في بحث: الرواية عن أحمد (¬3). • الصنف الثالث من الرواة عن أحمد: وهم خواص المصنف السابق وخلاصتهم، فهم المكثرون، ورواة "المسائل"، وأولو الأيدي البيضاء في وضع اللبنات الأولى في بناء البيت الحنبلي، بما حفظوا لنا من مسائل أجاب عنها الإمام أحمد في الفقه أو الحديث، أو العقيدة أو الزهد، أو غير ذلك من علوم الدين التي لم تكن قد تمايزت آنذاك، بل قد حفظوا لنا المسائل التي توقف، فيها الإمام فلم يجب بشيء؛ لتكون كالشهادة المفصلة الدالة على تورعه رحمه الذ فيما ليس له به علم، كما حفظوا لنا المسائل التي قال فيها: لا أدري، وكذلك المسائل التي حلف عليها، وإن كانت هذه الأواخر من جمع المتأخرين. وكان من هؤلاء جماعة ريما تفردوا بتوجيه مسائل الأئمة الآخرين من فقهاء الأمصار، ليعرفوا فيها رأي الإمام المبجل وجواب إمام السنة. فقد كان حنبل بن إسحاق وأحمد بن الفرج يسألانه عن مسائل مالك وأهل المدينة. وكان الميموني يسأله عن مسائل الأوزاعي وأصحابه. وكان الشالنجي يسأله عن مسائل أبي حنيفة وأصحابه. ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 2/ 192، وكذلك 1/ 75. (¬2) المصدر لسابق 2/ 200. (¬3) في الصفحة 99.

وكان إسحاق بن منصور وغيره يسألونه عن مسائل سفيان الثوري وغيره (¬1). ولا ريب أن جل صفات الإمام أحمد قد انعكست على أصحابه وتلامذته والملازمين له منهم على وجه الخصوص، شأن كل إمام وأصحابه، فقد كانوا أئمة في الزهد والورع والمحافظة على مذهب السلف والإقتداء بهم، والحرص الشديد على السنة في الإعتقاد والعمل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولقد كانوا يحفظون فضل إمامهم، وورعه، حتى إنهم تركوا بعض الأشياء المباحة أحيانًا، لما يعلمون من أنها لا تليق بمقام إمامهم. فقد أسند ابن الجوزي إلى الأثرم، أنه قال: "ريما يترك أصحاب أحمد ابن حنبل أشياء ليس لها تبعة عند الله، مخافة أن يُعبَّروا بأحمد بن حنبل" (¬2). وقال ابن عقيل (513 هـ) فيهم كلمة جامعة أحسن فيها وأجاد، قمينة بأن تسجل في خاتمة هذا المبحث: قال ابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة": قرأت بخط الحافظ أبي محمد البرزالي، قال: قرأت بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي، قال: كتب بعضهم إلى أبي الوفاء ابن عقيل يقول: صف لي أصحاب الإمام أحمد على ما عرفت من الإنصاف. فكتب إليه يقول: "هم قوم خُشُن، تقلصت أخلاقهم عن المخالطة، وغلظت طباعهم عن المداخلة، وغلب عليهم الجدّ، وقل عندهم الهزل، وعقلت نفوسهم عن ذل المراءاة، وفزعوا عن الآراء إلى الروايات، وتمسكوا بالظاهر تحرجًا عن التأويل، وغلبت عليهم الأعمال الصالحة، فلم يدققوا في العلوم الغامضة، بل دققوا في الورع، وأخذوا ما ظهر من العلوم، وما وراء ذلك قالوا: الله أعلم بما فيها، من خشية باريها، ولم أحفظ على أحد منهم تشبيها، إنما غلبت عليهم الشناعة؛ لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار، من غير تأويل ولا إنكار. والله يعلم أنني لا أعتقد في الإسلام طائفة مُحِقة، خالية من البدع، سوى من سلك هذا الطريق، والسلام" (¬3). ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى، لإبن تيمية 34/ 114. (¬2) المناقب، ص 607. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 152، والمنهج الأحمد 3/ 86.

المبحث الثاني في التعريف بأصحابه الذين سمعوا منه ورووا فقهه

المبحث الثاني في التعريف بأصحابه الذين سمعوا منه ورووا فقهه تصنيف رواة المسائل عن الإمام أحمد: ذكرنا في الفصل السابق أن أصحاب الإمام أحمد الذين رووا عنه الفقه بمعناه الواسع، أي "فقه الدين" ينقسمون إلى قسمين: مكثرين ومقلين. وعدد الجميع حسب إحصاء المرداوي (131) نفسًا، والمكثرون منهم (33) نفسًا. ونذكر هنا أسماءهم مجردة مرتبة على حروف المعجم، مع وضع حرف "م" قبل اسم المكثرين الذين سنفرد لبعضهم تراجم موجزة في المبحث اللاحق إن شاء الله. 1 - إبراهيم بن اسحاق النَّيسابوري 2 - (م) إبراهيم بن إسحاق الحَربي 3 - إبراهيم بن الحارث الطَّرَسُوسِي 4 - إبراهيم بن زياد الصَّائغ 5 - إبراهيم بن عبد الله الدَّينَوَري 6 - إبراهيم بن محمد بن الحارث 7 - إبراهيم بن هاشم البَغَوي 8 - (م) إبراهيم بن هانئ النَّيْسابوري 9 - إبراهيم بن يعقوب الجَوْزجاني 10 - أحمد بن إبراهيم الدَّوْرَقِي

11 - أحمد بن إبراهيم الكوفي 12 - أحمد بن أبي خَيْثمَة 13 - أحمد بن أبي عَبْدَة الهمداني 14 - أحمد بن أصْرم المُزَني 15 - أحمد بن بشر بن سعيد 16 - أحمد بن جعفر الوكيعي 17 - أحمد بن حسن الترمذي 18 - (م) أحمد بن حُميد المُشْكاني، أبو طالب 19 - أحمد بن سعد بن إبراهيم الزُّهْري 20 - أحمد بن سعيد الدَّارمي 21 - أحمد بن صالح المصَري 22 - أحمد بن الفُرات 23 - أحمد بن القاسم 24 - (م) أحمد بن محمد، أبو بكر المَرُّوذي 25 - (م) أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم 26 - أحمد بن محمد الصائغ، أبو الحارث 27 - (م) أحمد بن محمد الكحَّال 28 - (م) أحمد بن محمد المَرْوزَي، أبو الحارث 29 - أحمد بن محمد، أبو بكر 30 - أحمد بن محمد المقري 31 - أحمد بن محمد، أبو العباس البُرَائي 32 - أحمد بن محمد المزني 33 - أحمد بن مُلاعِب بن حَيَّان 34 - أحمد بن منصور الرَّمادي 35 - أحمد بن منيع

36 - أحمد بن نصر، أبو حامد الخَفّاف 37 - أحمد بن نَصر الخُزاعي 38 - أحمد بن هاشم الأنطاكي 39 - أحمد بن يحيى الحلواني 40 - أحمد بن يحيى ثعلب 41 - (م) إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النَّيسابوري 42 - إسحاق بن إبراهيم البغوي 43 - إسحاق بن الجراح 44 - إسحاق بن الحسن بن مَيمون 45 - إسحاق بن حَنبل، عم الإمام أحمد 46 - (م) اسحاق بن منصور الكَوْسج 47 - (م) إسماعيل بن سعيد الشَّالَنجِي 48 - (م) إسماعيل بن عبد الله، أبو اَلنضر العِجلي 49 - أيوب بن إسحاق بن إبراهيم 50 - بدر بن أبي بدر، أبو بكر المغازلي 51 - (م) بشر بن موسى الأسَدي 52 - (م) بكر بن محمد بن الحكم النَّسائي 53 - جعفر بن محمد النَّسائي 54 - جعفر بن محمد الصائغ 55 - حُبيش بن سِنْدي 56 - (م) حرب بن اسماعيل الكِرْماني 57 - (م) الحسن بن ثواب 58 - (م) الحسن بن زياد 59 - الحسن بن الصباح 60 - الحسن بن عبد العزيز المعروف بالجَروي

61 - الحسن بن علي الإسكافي 62 - الحسن بن محمد الأنماطي 63 - الحسين بن إسحاق الخِرَقي 64 - حنبل بن إسحاق بن حنبل 65 - (م) خطاب بن بشر بن مَطر 66 - زياد بن أيوب بن زياد 67 - زياد بن يحيى بن عبد الملك بن مروان 68 - زياد بن يحيى الناقد 69 - سلمة بن شَبيب 70 - (م) سليمان بن الأشعث، أبو داود صاحب السنن 71 - (م) سِنْدي، أبو بكر الخواتيمي 72 - (م) صالح بن الإمام أحمد 73 - طاهر بن محمد 74 - عباس بن محمد الدُّورِي 75 - عبد الرحمن بن عَمْرو، أبو زُرعة الدمشقي 76 - عبد الرحمن، أبو الفضل المتطبب 77 - عبد الكريم بن الهيثم القطان 78 - (م) عبد الله بن الإمام أحمد 79 - عبد الله بن أحمد بن عبيد الله 80 - عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، صاحب التصانيف 81 - (م) عبد الله، المعروف بلقب "فُوْرَان" 82 - عبد الله بن محمد بن عبد العزيز 83 - (م) عبد الملك بن عبد الحميد الميموني 84 - عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق 85 - عبدوس بن مالك العطار

86 - عُبيد بن سعيد السَّرْخَسي 87 - عبيد الله بن عبد الكريم، أبو زُرعة الرازي 88 - عبيد الله بن محمد الفقيه المروزي 89 - عصْمة بن أبي عصْمة 90 - علي بن أحمد الأنماطي 91 - علي بن أحمد ابن بنت معاوية 92 - علي بن الحسن بن زياد 93 - علي بن الحسن المصري 94 - علي بن سعيد بن جرير النَّسَوي 95 - علي بن عبد الصمد الطيالسي 96 - (م) الفرج بن الصباح البُرْزاطي 97 - (م) الفضل بن زياد القطان 98 - (م) مُثَنَّى بن جامع الأنباري 99 - (م) محمد بن إبراهيم بن سعيد البُوشَنْجِي 100 - محمد بن إدريس، أبو حاتم الرازي 101 - محمد بن إسماعيل التِّرمذي 152 - محمد بن حبيب أبو عبد الله البَزّار 103 - محمد بن بشر بن مطر 104 - محمد بن الحسن بن هارون 105 - (م) محمد بن الحكم، أبو بكر النسائي 106 - محمد بن حَمّاد بن بكر المقري 107 - محمد بن داود المِصِّيصي 108 - محمد بن عبد الرحيم المعروف بصاعقة 109 - محمد بن عبد العزيز البيوردي 110 - محمد بن عبد الله مُطَيِّن

111 - محمد بن علي الجُرجاني 112 - محمد بن ماهان النيسابوري 113 - محمد بن موسى بن أبي موسى 114 - (م) محمد بن موسى بن مُشَيْش 115 - محمد بن هارون الحمال 116 - محمد بن هُبَيرة البغوي 117 - (م) محمد بن يحيى المتطبب الكَحّال 118 - محمد بن يزيد الطَّرسوسي 119 - موسى بن عيسى الجَصّاص 120 - موسى بن هارون الحمال 121 - مُهَنَّا بن يحيى الشامي 122 - ميمون بن الأصبغ 123 - (م) هارون بن عبد الله الحمال 124 - هارون المُسْتمَلي 125 - يحيى بن زكريا المرّوذي 126 - (م) يحيى بن يَزْداد، أبو الصَّقر 127 - يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرقي 128 - (م) يعقوب بن إسحاق بن بُخْتان 129 - يعقوب بن العباس الهاشمي 130 - يوسف بن موسى العطار الحربي 131 - يوسف بن موسى بن راشد

التعريف بأشهر أصحاب الإمام أحمد

التعريف بأشهر أصحاب الإمام أحمد 1 - إبراهيم الحَرْبي (198 هـ - 285 هـ): هو إبراهيم بن إسحاق الحربي البغدادي. سمع من أبي نعيم الفضل بن دكين، وعفان بن مسلم، وعبد الله بن صالح العجلي. ونقل عن الإمام أحمد مسائل وصفها المرداوي بأنها كانت كثيرة جدًا حسانًا جيادًا. وقد أورد ابن أبي يعلى نماذج منها، وهذا واضح فيمن طالت ملازمته، وكأن إبراهيم الحربي فرغ نفسه في أول العمر للحديث، ثم تفرغ للفقه، فجاء بنيانه كاملًا. ووصفه ابن أبي يعلى بقوله: "كان إمامًا في العلم، رأسًا في الزهد، عارفًا بالفقه، بصيرًا بالأحكام، حافظًا للحديث" (¬1). لازم إبراهيمُ الإمامَ أحمدَ نحوًا من عشرين سنة، وأخذ عنه حديثه وفقهه، ولذلك كان يقول لأصحابه: "كل شيء أقول لكم: هذا قول أصحاب الحديث، فهو قول أحمد ابن حنبل، وهو ألقى في قلوبنا مذ كنا غلمانًا اتباع حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقاويل الصحابة، والإقتداء بالتابعين" (1). ومع ملازمته الإمام أحمد لم يَفُتْه إمام الورع بشر بن الحارث الحافي، وإمام اللغة أبو عبيد القاسم بن سلام، فهؤلاء كانوا يملأون عينيه، حتى قال عنهم: "رأيت رجالات الدنيا فلم أر مثل ثلاثة: رأيت أحمد بن حنبل، يعجز النساء أن يلدن مثله. ورأيت بشر بن الحارث؛ من قرنه إلى قدمه مملوءًا عقلًا، ورأيت أبا عبيد كأنه جبل نفخ فيه علم" (1)). وعاش إبراهيم بعد الإمام أحمد أكثر من أربعين سنة، مما يدل على أنه أفاد كثيرًا، ونشر علم الإمام أحمد في الطبقة الثانية بغزارة. ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 86.

2 - إسحاق بن إبراهيم بن هانئ (218 هـ - 285 هـ)

مؤلفاته: "غريب الحديث"، "دلائل النبوة"، "كتاب الحمام"، "سجود القرآن"، "ذم الغيبة"، "النهي عن الكذب"، "المناسك". وغير ذلك من المصنفات الكثيرة، وقد استوفى الكلام عليها الدكتور سليمان العايد في مقدمة تحقيق القسم الذي نشره من "غريب الحديث". نماذج من مسائله: أ- قال إبراهيم: سئل أحمد عن الرجل يختم القرآن في شهر رمضان في الصلاة، أيدعو قائمًا في الصلاة؟ أم يركع ويسلم ويدعو بعد السلام؟ فقال: لا، بل يدعو في الصلاة، وهو قائم بعد الختمة. قيل له: فيدعو في الصلاة بغير ما في القرآن؟ قال: نعم. ب- قال إبراهيم: وسئل أحمد عن رجل صلى في جماعة، أيؤمَّ بتلك الصلاة؟ قال: لا، ومن صلى خلفه يعيد. قيل له: فحديث معاذ؟ قال: فيه اضطراب، وإذا ثبت فله معنى دقيق، لا يجوز مثله اليوم (¬1). 2 - إسحاق بن إبراهيم بن هانئ (218 هـ - 285 هـ): هو إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري الأصل، البغدادي المولد والنشأة والوفاة. وأبوه إبراهيم من المكثرين للرواية عن الإمام أحمد أيضًا، بل ييتهم كله بيت علم ورواية، فقد كان عمه وإخوته من أهل الفضل والتعبد والرواية. وكان له ولأبيه اختصاص بالإمام أحمد، فقد خدمه وهو ابن تسع سنين، ولازمه إلى أن مات، واختفى الإمام أحمد عندهم أيام الواثق بالله. ويظهر أثر هذه الصلة الوثيقة بشكل واضح جلي من خلال "مسائله" التي رواها عنه، فقد كان الإمام أحمد يأتي إلى دارهم، ويأكل عندهم، وينبسط في منزلهم. نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة في ستة أجزاء (¬2)، وقد طبعت في مجلد. ¬

_ (¬1) المصدر السابق ص 92. (¬2) الطبقات 1/ 108، والمنهج الأحمد 1/ 274.

3 - أحمد بن حميد (أبو طالب) (؟ - 244 هـ)

نماذج من مسائله: أ - سألت أبا عبد الله، عمن يقرأ بقراءة عبد الله-أي ابن مسعود- أيصلَّى خلفه؟ ويحتج بقراءته (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله) (فجعلهم كالصوف المنفوش)؟ قال: لا يصلى خلفه (¬1). ب - وسألت أبا عبد الله عن الرجل يفجر بالمرأة، ثم يتزوجها؟ قال: لا يتزوجها حتى يعلم أنها قد تابت؛ لأنه لا يدري لعلها تعلق عليه ولدًا من غيره. قلت: وما عِلمُه أنها قد تابت؟ قال: يريدها على ما كان أرادها عليه، فإن امتنعت فهي تائبة، يتزوجها، وإن طاوعته فلا يتزوجها (¬2). 3 - أحمد بن حُميد (أبو طالب) (؟ - 244 هـ): هو أحمد بن حُميد، أبو طالب، المُشْكاني، نسبة إلى مُشْكان قرية من نواحي همذان. صحب أحمد قديمًا ولازمه حتى مات، وكان الإمام أحمد يكرمه ويقدمه، وكان رجلاً صالحًا فقيرًا صبورًا على الفقر. روى أبو طالب المسائل عن الإمام أحمد، فأكثر الرواية عنه، وله أفراد تفرد بها، ولكنه لموته المبكر إثر الإمام أحمد لم يتلق عنه رواية هذه "المسائل" إلا الكبار من رجال الطبقة الثانية (¬3). ¬

_ (¬1) مسائل الإمام أحمد، رواية إسحاق ابن هانئ، ص 59، ط. المكلتب الإسلامي. (¬2) المصدر السابق، ص 203. (¬3) الطبقات 1/ 40، والمنهج الأحمد 1/ 197، والأنساب للسمعاني 5/ 306. تحقيق المعلِّمي، منشورات محمد أمين دمج، بيروت.

4 - أحمد المروذي (؟ - 275 هـ)

نماذج من مسائله: أ - قال أبو طالب: سألت أحمد عن الخفاش يكون في المسجد يبول، فيصيب الرجل؟ فقال: أرجو أن لا يضره. قلت: إن كان كثيرًا، نجس؟ قال: ما أدري. قلت: أليس البول قليله وكثيره يغسل؟ قال: ذاك بول الإنسان. قلت: هذا لا يؤكل لحمه، يغسل؟ قال: إن كان كثيرًا يغسل. ب - وقال أبو طالب: سمعت أحمد يقول: إذا أخذ شعره، إن شاء مسح على رأسه، وإن شاء لم يمسح. قلت: لا يكون مثل العمامة؟ قال: لا، العمامة يمسح عليها، والخف يمسح عليه، فإذا خلع أعاد، والشعر إذا مس بالرأس يصيبه الماء، ويبلغ أصول الشعر، فإذا أخذ الشعر، فالماء قد أصاب ما بقي من شعره، وليس هو مثل العمامة والخف (¬1). 4 - أحمد المرّوذي (؟ - 275 هـ): هو أحمد بن محمد بن الحجاج، أبو بكر، المروذي، كانت أمه مرّوذية وأبوه خوارزميًا. وهو المقدم من أصحاب الإمام أحمد، لورعه وفضله، وكان الإمام يأنس به وينبسط إليه، وهو الذي تولى إغماضه يوم مات، وغسله. وقد روى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة. وهو الذي روى كتاب "الورع" عن الإمام أحمد، وقد نقل الخطيب البغدادي تكذيب رواية كتاب "الورع" عن غيره، وقد طعن فيه بعض الناس. فقال عبد الوهاب الوراق رادا على طعنهم: "أبو بكر ثقة صدوق، لا يشك في هذا، إنما يحملهم على هذا الحسد" (¬2). وقد كان أحمد يثق به الثقة كلها، يثق بنقله، كما يثق بورعه وعقله، حتى إنه كان يقول: كل ما قلتَ على لساني فأنا قلته (¬3). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 40. (¬2) تاريخ بغداد 4/ 424. (¬3) المناقب، ص 611، الإنصاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير 30/ 404. المنهج الأحمد 1/ 273.

5 - أحمد الأثرم (؟ - 273 هـ)

نماذج من مسائله: أ - قال أبو بكر: سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات، والرؤية، والإسراء، وقصة العرش؟ فصححها، وقال: قد تلقتها الأمة بالقبول، وتُمَرُّ الأخبار كما جاءت. ب - وقال أبو بكر: سئل أبو عبد الله أحمد بن حنبل -وأنا أسمع- عن الحقنة؟ فقال: أكرهها، لأنها تشبه اللواط (¬1). جـ - وقال أبو بكر: سئل أحمد: أمرُّ في الطريق، فأسمع الإقامة، ترى أن أصلي؟ فقال: قد كنت أُسهِّل، فأما إذ كثرت البدع فلا تصل إلا خلف من تعرف (¬2). 5 - أحمد الأثرم (؟ - 273 هـ): هو أحمد بن محمد بن هانئ، أبو بكر، الأثرم، الطائي -ويقال: الكلبي- الإسكافي. جليل القدر، حافظ، سمع حرميّ بن حفص، وعفان بن مسلم، وأبا بكر بن أبي شيبة، وعبد الله بن مسلمة (¬3) القعنبي؛ تلميذ مالك بن أنس، وعددًا لا بأس به من طبقة شيوخ البخاري، وأخرج له النسائي في "السنن". ويعتبر الأثرم من المعمرين، فقد ولد في خلافة هارون الرشيد، وكان قد انصرف في أول حياته إلى الحديث، ثم لازم الإمام أحمد فتفقه عليه، ونقل عنه مسائل كثيرة، وصنفها ورتبها أبوابًا. وكان معه تيقظ عجيب، حتى نسبهُ يحيى بن معين، ويحيي بن أيوب المقابري، فقالا: أحد أبوي الأثرم جني! وكان الأثرم عالمًا بمؤلفات أبي بكر بن أبي شيبة (ت 235 هـ) لأنه لازمه مدة طويلة. ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 127. (¬2) "الطبقات" 1/ 56 - 59. (¬3) في الطبقات 1/ 66 "مسلم"، وهو خطأ.

6 - إسحاق الكوسج (170 هـ - 251 هـ)

مؤلفاته: كتاب "السنن" في الفقه الممزوج بالحديث، وكتاب "التاريخ"، وكتاب "العلل"، وكتاب "الناسخ والمنسوخ" في الحديث (¬1). قال الذهبي: ووقع لنا جزء من البيوع من "سننه" (¬2). وله رسالة إلى أهل الثغر أورد منها ابن أبي يعلى حوالي أربع صفحات (¬3). نماذج من مسائله: أ - قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: فضل وَضوء المرأة؟ قال: إذا خَلتْ به فلا يتوضأ منه، إنما رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضآ جميعًا. ب - وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن المسح على العمامة، قيل له: تذهب إليه؟ قال: نعم. قال أبو عبد الله: [ثبت] من خمسة وجوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. جـ - وقال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن الوضوء من القيء؟ فقال: نعم، يتوضأ. قلت له: على إيجاب الوضوء؟ قال: نعم، واحتج بحديث ثوبان: "أنا صببت لرسول الله وضوءه" (¬4). 6 - إسحاق الكَوْسَج (170 هـ - 251 هـ): هو إسحاق بن منصور بن بهرام، أبو يعقوب، الكوسج، المروزي (¬5). شارك الإمام أحمد في بعض شيوخه؛ كسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، والنضر ابن شميل، ويحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق، وعفان بن مسلم. وحدث عنه أصحاب الكتب الستة ما عدا أبا داود، وله "مسند" يروى عنه. ومن هنا يتبين أن إسحاق الكوسج وكان يغلب عليه جانب الحديث، لكنه مع ذلك دوّن "مسائل الإمام أحمد" في حياته وضم إليها "مسائل إسحاق بن راهويه"، وصار يمليها على ¬

_ (¬1) ذكر هذه المؤلفات ابن النديم في الفهرست، ص 285. (¬2) السير 12/ 627. (¬3) الطبقات 1/ 68 - 72. (¬4) الطبقات 1/ 66 - 67، السير 12/ 623 و 628، المنهج الأحمد 1/ 240 - 242. (¬5) وقع في طبعة المنهج الأحمد 1/ 212 "المرّوذي" وهو خطأ سببه تصحيف المشابهة.

7 - حرب الكرماني (؟ - 280 هـ)

الناس بخراسان، فأنكر الإمام أحمد ذلك، وأشهد على رجوعه عنها كلها، لكن -كما تقدم- عاد بها إليه فأقره عليها، وأعجب به (¬1). وفقه أحمد في "سنن الترمذي" بالإضافة إلى فقه إسحاق بن راهويه يروى من طريق إسحاق الكوسج، كما صرح بذلك الترمذي في آخركتابه، فلذلك يجب التنبه إلى أنه لا يكون قول الإمام أحمد دائمًا معتمدًا في الترمذي، فقد يكون الصحيح من النقل أو الراجح من الروايات خلافه. وقد طبع من مسائل إسحاق الكوسج "الطهارة" و"الصلاة" و"الصيام" و"المعاملات". نماذج من مسائله: أ - قال إسحاق: قلت لأحمد: إذا نوى الصوم بالنهار، وأن يصوم غدًا من قضاء شهر رمضان، ثم لم ينوه من الليل؟ قال: قد تقدمت منه النية، لا بأس به، إلا أن يكون قد فسخ النية بعد ذلك. ب - وقال إسحاق: وسألت أحمد عن الرجل يعرض عليه الإسلام عند الموت، يقر، ويشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، أيرثه وارثه المسلم؟ قال: نعم، ومن يقول غير هذا؟! هؤلاء في مذهبهم لا ينبغي أن يكون هذا، ولكن العجب أن لا يوافقوا. جـ - وقال إسحاق: قلت لأحمد: الرجل يأتي أهله، وليس له شهوة النساء، أيؤجر على ذلك؟ قال: إي والله، يحتسب الولد. قلت: إن لم يرد الولد، إلا أن يقول: هذه امرأة شابة؟ قال: لِمَ لا يؤجر؟ (¬2). 7 - حرب الكرماني (؟ - 280 هـ): هو حرب بن إسماعيل بن خلف، أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله، الحنظلي، الكرماني. ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 174. (¬2) الطبقات 1/ 113 - 115، المنهج الأحمد 1/ 212 - 214، السير 12/ 258 - 260، معجم المؤلفين 1/ 345.

رحل وطلب العلم، وأخذ عن أبي الوليد الطيالسي، وأبي بكر الحميدي، وأبي عبيد، وسعيد بن منصور، وإسحاق بن راهويه. وقد ابتدأ حياته سالكًا مسلك المتزهدين الذي ساد في ذلك العصر، ولذلك تأخر في لقاء أحمد، فلم يلقه إلا في سنن متقدمة، فقد نقل عنه ابن أبي يعلى أن أبا بكر الخلّالَ سأله عن سبب تأخره في لقاء أحمد - رضي الله عنه -، فأجاب: كنت أتصوف قديمًا، فلم أتقدم في السماع (¬1). وكانت بينه وبين المرّوذي مودّة، وقد أنزله في بيته لما جاء للقاء أحمد، وقد حث المروذيُّ الخلال على السفر إليه والسماع منه، ونقل مسائل أحمد عنه. ومعلوم أن الخلّال كان يجمع "المسائل" من مدونيها وسامعيها قبل أن يحررها في كتابه الكبير "الجامع لمسائل الإمام أحمد". وقد نقل الكرماني عن الإمام أحمد فقهًا كثيرًا، ولكنه لم يسمع عنه كل ما أذاع عنه، حتى إن الخلّال قال: إنه حفظ أربعة آلاف مسألة عن أحمد وإسحاق بن راهويه قبل أن يلقاهما. قال الذهبي في وصف مسائله: "مسائل حرب" من أنفس كتب الحنابلة، وهو كبير في مجلدين. نماذج من مسائله: أ - قال حرب: قلت لأحمد: أنصلي خلف رجل يقدم عليا على أبي بكر وعمر؟ قال: لا تصل خلف هذا. ب - وقال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الناس يحتاجون إلى العلم مثل الخبز والماء؛ لأن العلم يحتاج إليه في كل ساعة، والخبز والماء في كل يوم مرة أو مرتين. جـ - وقال حرب: سمعت أحمد يكره الإمالة مثل {وَالضُّحَى} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} وقال: أكره الخفض الشديد والإدغام (¬2). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 145. (¬2) الطبقات 1/ 145، 14، المنهج الأحمد 2/ 95، 96، السير 12/ 244 - 245.

8 - حنبل بن إسحاق (؟ - 273 هـ)

8 - حنبل بن إسحاق (؟ - 273 هـ): هو حنبل بن إسحاق بن حنبل، أبو علي، الشيباني، ابن عم الإمام أحمد. ولد حنبل قبل المائتين، فهو من كبار أصحاب أحمد في السن والرواية، وسمع الحديث من محمد بن عبد الله الأنصاري، وسليمان بن حرب، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وعفان بن مسلم، والحميدي، وأبي الوليد الطيالسي، وخلقٍ كثيرٍ من طبقة شيوخ البخاري، وبعض شيوخ أحمد. يُعدّ حنبل ثالث ثلاثة ممن اختصهم الإمام أحمد بإسماعهم "المسند" في بيته، والإثنان الآخران هما ولداه: عبد الله وصالح. قال عن نفسه: "جمعنا عمي، لي، ولصالح، ولعبد الله، وقرأ علينا "المسند". وما سمعه منه -يعني تامًا- غيرنا، وقال لنا: إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمئة وخمسين ألفًا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه، وإلا فليس بحجة" (¬1). ولحنبل مسائل كثيرة رواها عن أحمد، والعجب أن المرداوي لم يذكره في زمرة المكثرين. وقد وصف الخلّال تلك "المسائل"، فقال عنها: "قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بغير شيء، وإذا نظرت في "مسائله" شبهتها في حسنها وإشباعها، وجودتها بمسائل الأثرم" (¬2). مؤلفاته: كتاب "الفتن"، وكناب "المحنة"، وكتاب "التاريخ". وله جزء حديثي. بالإضافة إلى كتاب "المسائل" عن الإمام أحمد. نماذج من مسائله: أ - قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: لم يزل الله متكلمًا، والقرآن كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- غيرمخلوق، وعلى كل جهة، ولا يوصف الله بشيء أكثر مما وصف به نفسه -عَزَّ وَجَلَّ-. ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 143. وقوله: "جمعنا عمي" مجاز شبه الأدب مع الإمام أحمد، لأنه كان أكبر منه سنًا، وإلا فالحقيقة أنه ابن عمه، وسبق التعليق ص 127 على قوله: فما اختلف فيه. . الخ. (¬2) المصدر السابق ص 143.

9 - سليمان بن الاشعث أبو داود (202 هـ - 275 هـ)

ب - وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يضع قدمه" نؤمن به، ولا نرد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال، بل نؤمن بالله ويما جاء به الرسول. قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] (¬1). جـ - وقال حنبل: وسمعت أبا عبد الله، وسأله رجل عن رفع اليدين في الصلاة، فقال: يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه، وعن أصحابه أنهم فعلوه: إذا افتتح، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع. قلت له: فبين السجدتين؟ قال: لا. قلت: فإذا أراد أن ينحط ساجدًا؟ قال: لا، فقال له عباس العنبري: يا أبا عبد الله، أليس يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعله؟ قال: هذه الأحاديث أقوى وأكثر (¬2). 9 - سليمان بن الاشعث أبو داود (202 هـ - 275 هـ): هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق، أبو داود، الأزدي، السجستاني. وهو أحد أصحاب الكتب الستة المصنفة في الأصول الحديثية التي أجمع عليها أهل الإسلام. وهو ممن رحل، وطوف، وجمع، وصنف، وكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والبصريين. وترجمته في طبقات المحدثين مشهورة حافلة، ولذلك سنوجز الكلام فيه على ما يتعلق بالفقه والرواية عن الإمام أحمد، وعلاقته به. ألف الإمام السجستاني كتاب "السنن"، وهو كتاب يصنف في كتب "أحاديث الأحكام"، وبالتالي يكون قد رتب أبو داود أدلة الفقه الحنبلي، بل أدلة الفقه الإسلامي ومهدها للفقهاء على اختلاف المذاهب، حتى إن الغزالي اعتبره كافيًا لطالب الإجتهاد في خصوص المعرفة بالسنة (¬3)، قال الخطابي في مقدمة "معالم السنن": "اعلموا رحمكم الله أن كتاب السنن لأبي داود -رَحِمَهُ اللهُ- كتاب شريف لم يصنف في علم الدين كتاب مثله، وقد رزق القبول من ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 144. (¬2) المنهج الأحمد 1/ 204. (¬3) "المستصفى" 2/ 384.

كافة الناس، فصار حكمًا بين فرق الناس، وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، فلكلٍ منه ورد ومنه شرب، وعليه مُعوَّل أهل العراق وأهل مصر وبلاد الغرب، وكثير من أقطار الأرض" (¬1). ويشتمل كتاب السنن على: - (35) كتابًا، كلها مبوية ما عدا ثلاثة أبواب. - (1871) بابًا. - (5274) حديثًا. وقد ذكر في رسالته إلى أهل مكة أن كتابه يشتمل على (4800) حديث، وقد حرّر الشيخ محيى الدين عبد الحميد سبب هذا الإختلاف، وأنه يرجع إلى اختلاف في النسخ، بالإضافة إلى مراعاة التكرار في الأسانيد والمتون (¬2). قال الخلّال: أبو داود الإمام المقدم في زمانه، رجل لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم، ويصره بمواضعه أحد في زمانه، رجل ورِع مقدم، سمع منه أحمد بن حنبل حديثًا واحدًا، كان أبو داود يذكره (¬3). وقال الذهبي: أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء، فكتابه يدل على ذلك، وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد، لازم مجلسه مدة، وساله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول. وكان على مذهب السلف في اتباع السنة والتسليم لها، وترك الخوض في مضايق الكلام (¬4). مؤلفاته: "السنن" (مطبوع)، و"المراسيل" (مطبوع)، و"الزهد" (مخطوط في خزانة القرويين بفاس رقم 80/ 133)، "البعث"، و"تسمية الإخوة"، وهما رسالتان، و"سؤالات أبي داود للإمام أحمد" في الجرح والتعديل (مطبوع) (¬5). بالإضافة إلى ¬

_ (¬1) تنظر مقدمة "السنن" للشيخ محيى الدين عبد الحميد، ص 12. نشر دار إحياء السنة النبوية. (¬2) المصدر السابق، ص 13 وما بعدها. (¬3) السير 13/ 211. (¬4) المصدر السابق 13/ 215. (¬5) الأعلام، للزركلي 3/ 122. دار العلم للملايين -بيروت-، ومعجم المؤلفين، لكحالة 1/ 784.

10 - صالح بن الإمام أحمد (203 هـ - 266 هـ)

كتاب "المسائل" في الفقه عن الإمام أحمد. نماذج من مسائله: أ - قال أبو داود: قلت لأبي عبد الله أحمد ابن حنبل: أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة، أترك كلامه؟ قال: لا، أو تُعْلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإن ترك كلامه فكلِّمه، وإلا فألحقه به. قال ابن مسعود: "المرءُ بِخِدْنِه". ب - وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن القراءة في فاتحة الكتاب "ملك" أو "مالك" يعني: أيهما أحب إليك؟ قال: "مالك"، أكثر ما جاء في الحديث (¬1). جـ - وقال أبو داود: سمعت أحمد ابن حنبل - رضي الله عنه -؛ سثل عن المُعْتمِّ تحت الحنك؟ فقال: ما نعرف العمامة تحت الحنك. قال أبو داود: ورأيت أحمد يعتمُّ بعمامة بيضاء يجعلها تحت الحنك، ورأيت أحمد يعتم على قلنسوة (¬2). و"مسائل الإمام أحمد" برواية أبي داود مطبوع في مطبعة المنار بمصر (1353 هـ)، وقد قدم له العلامة الشيخ محمد رشيد رضا. 10 - صالح بن الإمام أحمد (203 هـ - 266 هـ): وهو أكبر أولاد الإمام أحمد، يكنى أبا الفضل. سمع من والده، وأبي الوليد الطيالسي، وعفان بن مسلم، وإبراهيم بن أبي سويد، وعلي بن المديني، وطبقتهم. وروى عنه ابنه زهير، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، وأبو الحسن بن المنادي، وأبو بكر الخلّال. وتولى قضاء أصبهان، وتوفي بها، وكان قد تولى القضاء بطرسوس قبل ذلك. وكان أحمد معنيًا بتربيته، حفيًا بأن يكون من الزهاد مثله، وكانت طريقته في تهذيبه أمثل الطرق، وهي التربية بالأسوة الحسنة، وقد حظي صالح بذلك؛ لأنه كان ابنه الوحيد مدة عشر سنين قبل أن يولد عبد الله. ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 160 - 161. (¬2) الطبقات 2/ 143.

وكان الإمام أحمد إذا زاره رجل من ذوي التقى والورع أحضر ابنه صالحًا هذا ليراه، فقد قال صالح في ذلك: "كان أبي يبعث خلفي إذا جاءه رجل زاهد أو رجل صالح متقشف، لأنظر إليه، يحب أن أكون مثلهم" (¬1). وكان صالح رجلاً سخيًا جدا، وكان كثير العيال، فدخل عليه الدَّين، وكان ذلك سببًا في قبوله ولاية القضاء، وفي قلة روايته عن أبيه، على أنه روى عنه الكثير بالنظر إلى بقية الأصحاب. وقد روى صالح عن أبيه كثيرًا من الفقه والحديث. قال الخلال: سمع من أبيه مسائل كثيرة، وكان الناس يكتبون إليه من خراسان، ومن المواضع يسأل لهم أباه عن المسائل، فوقعت إليه مسائل جياد (¬2). وقد طبع الموجود من "المسائل" برواية صالح عن أَبيه وتوجد منه مخطوطة بدار الكتب الصرية برتم 2168 ب. نماذج من مسائله: أ - قال صالح: قلت -لأبي-: رجلٌ أسلف رجلاً دراهمَ في بُرٍّ، فلما حل الأجل لم يكن عنده بُرٌّ، فقال: قَوم البُرَّ دراهمَ، وخذ بالدراهم شعيرًا؟ قال: لا يأخذ منه شعيرًا إلاَّ مثلَ كيل البُرِّ أو أنقص، لا يأخذ منه زيادة (¬3). ب - قال صالح: قلت -لأبي-: رجل يدفع أرضه إلى الأكّار على الثلث والريع؟ قال: لا بأس بذلك إذا كان البذر من رب الأرض، والبقرُ والحديدُ والعمل من الأكّار. أذهب فيه مذهب المضارية (¬4). ب - قال صالح: قلت- لأبي-: رجل رهن رهنًا، وأخذ مالاً، فلمّا حلّ الأجل لم يأته بماله والْتَوى عليه، كيف يصنع بالرهن؟ قال: يكون عنده باقيًا على حاله إلاَّ أن يوكله ببيعه (¬5). ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 1/ 253. (¬2) الطبقات 1/ 173 .. (¬3) مسائل صالح 1/ 208. (¬4) المصدر السابق 1/ 209. (¬5) المصدر السابق 1/ 187.

11 - عبد الله بن الإمام أحمد (213 هـ - 290 هـ)

11 - عبد الله بن الإمام أحمد (213 هـ - 290 هـ): يكنى أبا عبد الرحمن، وأمه ريحانة، تزوجها الإمام أحمد بعد وفاة عباسة أم صالح أخيه. كان عبد الله رجلاً صالحاً، صادق اللهجة، كثير الحياء، شغوفًا بالحديث، سالكًا مسلك أبيه. قال الحافظ ابن عَدِيّ: "نبل عبد الله بأبيه، وله في نفسه محل في العلم، أحيا علم أبيه من "مسنده" الذي قرأه عليه أبوه، خصوصاً قبل أن يقرأه على غيره، ومما سأل أباه عن رواة الحديث، فأخبره به ما لم يسأله غيره، ولم يكتب عن أحد، إلا مَن أَمَره أبوه أن يكتب عنه" (¬1). فكان عبد الله أروى الناس عن أبيه على الإطلاق، وسمع معظم تصانيفه وحديثه، وسمع من عبد الأعلى بن حماد، وكامل بن طلحة، ويحيى بن معين، وأبي بكر، وعثمان ابني أبي شيبة، وشيبان بن فروخ، وكثير من الشيوخ قد أتى الذهبي على معظمهم سردًا، ثم قال: "وسائر هؤلاء حدث عنهم في "مسند" أبيه سوى بعض الأحمدين" (¬2). وقد طال عمر عبد الله بعد أبيه نحوًا من خمسين سنة، مع عنايته البالغة بنشر الحديث والعلم، فلذلك روى عنه الأكابر والأصاغر من رجال الطبقة الثانية، وتلقوا عنه مصنفاته ومصنفات أييه. قال أبو الحسين بن المنادي: "لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أَبيه من عبد الله بن أحضد، لأنه سمع منه "المسند"، وهو ثلاثون ألفًا، و"التفسير" وهو مائة ألف وعشرون ألفًا، سمع منه ثلاثين ألفًا، والباقي وجادة، وسمع "الناسخ والمنسوخ"، و"التاريخ"، و"حديث شعبة" و"المقدم والمؤخر في كتاب الله" و"جوابات القرآن"، و"المناسك الكبير"، و"الصغير"، وغير ذلك من التصانيف، و"حديث الشيوخ". قال: "وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث، والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن ¬

_ (¬1) السير 13/ 523. (¬2) السير 13/ 517 - 520.

أسلافهم الإقرار له بذلك، حتى إن بعضهم أسرف في تقريظه إياه بالمعرفة، وزيادة السماع للحديث على أبيه" (¬1). وقال الخلال في قصة جمعه لعلوم الإمام أحمد: "فلما قدمت من كرمان سألني عبد الله عن حرب، وعما عنده من المسائل والأحكام والعلل. وجعل يسألني عما جمعت من مسائل أبي عبد الله. فقال لي: أنت أحوج إلى ديوان، يعني لكثرتها" (¬2). قال ابن أبي يعلى (2): فوقع لعبد الله عن أبيه مسائل جياد كثيرة، يغرب منها بأشياء كثيرة في الأحكام، فأما العلل، فقد جود عنه، وجاء عنه بما لم يجئ به غيره. اهـ. مؤلفاته: "زوائد المسند" وهو ممزوج مع "المسند"، و"زوائد كتاب الزهد" ممزوج أيضًا مع الأصل، و"السنة"، و"الرد على الجهمية". قال الذهبي: في مجلد، و"الجمل" (¬3). و"مسائل الإمام أحمد" برواية عبد الله، وهو مطبوع في المكتب الإسلامي. نماذج من مسائله: أ - قال عبد الله: سألت أبي عن ماء الطّهور إذا تطهر به، فأصاب ذلك الماءُ خفَّه أو نعله، ينبغي أن يغسل ذلك أم لا؟ قال: لا يغسل ولا يلتفت إلى شيء من ذلك (¬4). ب - وقال عبد الله: سألت أبي عن رجل سَهَا في الركعة الثانية، فقام، فذكر مِنْ بعد قيامه أنه قد سها؟ فقال: يمضي على صلاته، ويسجد سجدتين قبل أن يُسلِّم، وإن هو جلس فأرجو أن لا يكون بذلك بأس (¬5). جـ - وقال عبد الله: سألت أبي عن الرجل يبيع ثمرة أرضه، يستثني كرًا أو كُرّين؟ فقال: أرجو ليس به بأس (¬6). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 183 - 184، والسير 13/ 521، والمنهج الأحمد 1/ 315. وقد أنكر الذهبي كتاب "التفسير" في التعليق على هذا النص. (¬2) الطبقات 1/ 183. (¬3) السير 13/ 523، ومعجم المؤلفين 2/ 226. (¬4) مسائل عبد الله 1/ 8. (¬5) مسائل عبد الله 1/ 284. (¬6) مسائل عبد الله 3/ 917.

12 - عبد لله بن محمد (فوران) (- 256 هـ)

وقال أبي: حديث ابن مسعود: "إذا تكلم الله بالوحي سمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان". قال أبي: والجهمية تنكره، قال أبي: وهولاء كفار. 12 - عبد لله بن محمد (فوران) (- 256 هـ): هو عبد الله بن محمد بن المهاجر، أبو محمد، الملقب بـ "فوران". روى الحديث عن شعيب بن حرب، ووكيع، وأبي معاوية الضرير، وإسحاق بن سليمان الرازي، وغيرهم. وروى عنه عبد الله بن الإمام، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وغيرهم. وكان فوران من خواص أصحاب الإمام أحمد، الذين يقدمهم، ويأنس بهم، ويخلو معهم، وكان يستقرض منه، وقد ذكره الإمام أحمد في وصيته، وأقر له بدين له عليه أوصى بقضائه، ولكن فوران لم يأخذ ذلك الدين وأحله منه. نقل فوران عن الإمام أحمد أشياء كثيرة (¬1). ومسائل فوران مفرقة مبثوثة في كتب الفقه الحنبلي القديمة. نموذج من مسائله: قال فوران: سمعت أحمد يقول: إذا اختلط المال، وكان فيه حلال وحرام، فالزهري ومكحول قالا: إذا اختلط الحلال والحرام، نكل هذا عندي من مال السلطان، كما قال علي -رَحِمَهُ اللهُ-: "بيت المال يدخله الخبيث والطيب". فمال السلطان يدخله الحلال والحرام، فيوصل إلى الرجل، يكل منه، فأما إذا كان حلالاً وحرامًا من ميراث، أو أفاد رجل مالاً حرامًا وحلالاً، فإنه يرد على أصحابه، فإن لم يعرفهم ولم يقدر عليهم تصدق به، فإن لم يعلم كم الحلال والحرام، يتصدق بقدر ما يرى أن فيه من الحرام، ويأكل الباقي (¬2). 13 - عبد الملك الميموني (- 274 هـ): هو عبد الملك بن عبد الحميد، أبو الحسن، الميموني، الرقي. والميموني نسبة إلى جده الثاني ميمون بن مهران، شيخ الجزيرة. ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 195. (¬2) المصدر السابق ص 196.

سمع من ابن علية، وأبي معاوية الضرير، وعلي بن عاصم، وإسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون. فهو من علية أصحاب الإمام أحمد بهذه المشاركة المباركة في شيوخه. وكان عبد الملك الميموني عالم الرقة ومفتيها فى زمانه. وذكره الخلّال، فقال في وصفه: "الإمام في أصحاب أحمد، جليل القدر، كان سنة يوم مات دون المائة، فقيه البدن، كان أحمد يكرمه، ويفعل معه مالا يفعله مع غيره. وقال لي: صحبت أبا عبد الله على الملازمة من سنة (205 هـ) إلى سنة (227 هـ). قال: وكنت بعد ذلك أخرج وأقدم عليه الوقت بعد الوقت. قال: فكان أبو عبد الله يضرب لي مثَل ابن جريج في عطاء، من كثرة ما أسأله، ويقول لي: ما أصنع بأحد ما أصنع بك" (¬1). وقوله: "فقيه البدن" اصطلاح وإن شائعًا آنذاك يستعمل في معنى "الفقه" بمعناه العهود عندنا، ففقيه البدن هو العالم بأحكام البدن، ليقع ذلك في مقابل "فقيه القلب"، و"فقيه النفس": فالأول: من يتمتع بجودة القريحة وشدة الفهم والغوص على المعاني، سواء في فقه الأحكام أم في غيرها. والثاني: من يتقن دقائق علم السلوك والتزكية. ويفيدنا كلام الخلّال السابق: أن الميموني من أكثر اللازمين للإمام أحمد، وأن ملازمته قد طالت عقدين من الزمان، مع إلحاحه في الأسئلة والإستفتاء، فيكون ذلك قد أكسبه تفوقًا في المعرفة بمذهب الإمام أحمد وعلمه، وأن روايته للمسائل يُقَدَّر فيها أن تكون حافلة، كما يُقَدَّر فيها أن يكون فيها المرجوع عنه كثيرًا، فإن انقطاع اللازمة للإمام أحمد فيما بين (227 - 241 هـ) جدير بأن يفوِّت على الميموني كثيرًا مما رجع عنه الإمام أحمد وخالفه إلى غيره. فهل هذه التوقعات صحيحة في واقع الأمر؟ فأما الكثرة، فنعم، فقد قال الخلّال في ذلك: "وعنده عن أبي عبد الله مسائل كثيرة، في ستة عشر جزءًا، منها جزءان كبيران بخط جليل، مائة ورقة إن شاء الله، أو نحو ذلك، لم يسمعه منه أحد غيري فيما علمت من مسائل لم يشركه فيها أحد، كبار جياد تجوز الحد في عظمتها وقدرها وجلالتها"!! (1). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 213، والمنهج الأحمد 1/ 269.

وأما وقوع المرجوع عنه بكثرة نسبيًا في رواية الميموني، فلا نستطيع أن نحكم في ذلك بشيء، إلا أن ولوع الميموني بالإمام أحمد له سببه، فقد كان من أعلام الرقة، وقد كان فقه الإمام الأوزاعي نقل إليها، فكان الميموني أراد أن يجمع بين المعرفة بفقه الأوزاعي وفقه الإمام أحمد، فكان يعرض عليه مسائل الأوزاعي وأصحابه (¬1) ليجيبه فيها، على غرار ما كان يصنع أسد بن الفرات مع ابن القاسم، فقد جاء بمسائل "المدونة" من العراق، وعليها أجوية الحنفية، فعرضها على ابن القاسم ليجيبه بمذهب مالك فيها. ولعل هذا هو السبب في حرص الميموني على تدوين "مسائل الإمام أحمد" في أثناء حياته، وقد أنكره عليه الإمام، لكن الميموني راجعه في ذلك حتى أقنعه (¬2). وعلى أية حال، فالميموني يعد في زمرة السبعة الذين كان يظلهم اسم "الجماعة" على اعتبار أنهم في المرتبة الأولى من ناقلي الفقه الحنبلي عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-. فقد قال النجدي في حاشيته على "منتهى الإرادات" ما نصه: "وحيث أطلق الجماعة، فالمراد بهم: عبد الله بن الإمام، وأخوه صالح، وحنبل ابن عم الإمام، وأبو بكر المرّوذي، وإبراهيم الحري، وأبو طالب، والميموني" (¬3). ولم يكتب لمسائل الميموني أن تصل إلينا في مجموع مخطوط، بل هي مبثوثة في كتب المذهب التي تعنى بالنقل. نماذج من مسائله: أ - قال الميموني: قلت لأحمد: اجتمع عيدان في يوم، أيكفي أحدهما من الآخر؟ قال: أما الإمام فيجمعهما جميعًا، ومن شاء ذهب في الآخر، ومن شاء قعد. ب - وقال الميموني: قلت لأحمد: من قتل نفسه يصلي عليه الإمام؟ قال: لا يصلي الإمام على من قتل نفسه، ولا على من غل. قلت: فالمسلمون؟ قال: يصلون عليهما. جـ - وقال الميموني: قلت لأحمد: تحج المرأة من مكة إلى منى بغير محرم؟ قال: لا يعجبني، قلت: لم؟ قال: لأن مذهبنا لا تسافر امرأة سفرًا إلا مع ذي محرم (¬4). ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى، لإبن تيمية 34/ 114. (¬2) الطبقات 1/ 214. (¬3) حاشية النجدي على منتهى الإرادات 2/ 179. (¬4) الطبقات 1/ 215.

14 - مهنا بن يحيى الشامي

14 - مُهَنّا بن يحيى الشامي: هو مُهنّا بن يحيى، أبو عبد الله، السلمي، الشامي. حدث عن بقية بن الوليد، وسمرة بن رييعة، ومكي بن إبراهيم، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق الصنعاني. وروى عنه حمدان الوراق، وابراهيم النيسابوري، وعبد الله بن الإمام أحمد، وسهل التستري. ويعتبر مُهنّا من أكبر أصحاب الإمام أحمد، وأكثرهم ملازمة له، وإلحاحًا عليه في المسائل، فإنه قال عن نفسه: لزمت أبا عبد الله ثلاثًا وأربعين سنة. ورحل معه إلى عبد الرزاق الصنعاني، ولازم أحمد إلى أن مات، وكان أبو عبد الله يكرمه، ويعرف له حق الصحبة. وكان مُهنّا يسأل أبا عبد الله ويلح عليه حتى يضجره في بعض الأحيان، فكان في ذلك أشبه بابن جريج مع شيخه عطاء. وكانت هذه الملازمة الطويلة والإلحاح الدائب قد فَوَّق مُهنّا على بقية أقرانه وأناف به على اليفاع. فقد حصل كثيرًا من العلم والأدب، وغير ذلك. قال مُهنَّا: "صحبت أبا عبد الله، فتعلمت منه العلم، والأدب، واكتسبت به مالًا. قال عبد الله: قلت له: فيف اكتسبت به مالًا؟ قال: فقال: وُلي أبو موسى الأنصاري على الصدقات، فكتب العلماءَ، فمضوا وأخذوا. قال: وجاء إلى أبي عبد الله، فعرض عليه في القول، فحرج منه، فلما كان بعد ذلك ضقت، فجئت إلى أبي عبد الله، فقلت له: اكتب لي إلى أبي موسى في الغارمين، فلم يفعل، وقال: لو بقي الإنسان على كذا وكذا -لشيء يذكره- ما كان ينبغي له أن يفعل هذا. قال: فسكت عنه مدة. قال: ثم عاودته الكلام، فسكت عني. قال: فسكت عنه مدة، قال: ثم عاودته الكلام، فقال: لن أفعل، ولا أفعل. قال: فلما قال: لا أفعل، علمت أنه لا يفعل، فسكت عنه مدة، ثم أتيته، فقلت: يا أبا عبد الله لي عليك حقوق: حق الجوار، وحق الصحبة. وجعلت أذكر له حقوقي عليه. وقد قلتَ: لا أفعل، فأكتب عن لسانك كتابًا؟ قال: فقال لي: افعل، أنت أعلم. قال: فكتبت عن لسانه، فلما جئت بالكتاب إلى أبي موسى أنكره، وقال: أحمد لا يكتب في مثل هذا، فهذا خطه؟ قال: فحدثته بالقصة، فقلت: إن شئت

قبلت، وإن شئت وجهت إليه وسألته. قال: واختبرني، وكتب لي إلى البصرة بأريعة آلاف، قال: وأحسب قال: كتب لي مرة أخرى. قال: فاشتريت وبعت. قال عبد الله: وكان ينسى، قال: فاكتسبت نحوًا من ثلاثين ألفًا" (¬1) ا. هـ. وروى مُهّا كثيرًا من المسائل في الفقه والحديث وعلله وأصوله ورجاله، وغير ذلك من علوم الشريعة المطهرة. وكانت مسائله من الكثرة بحيث كان يفخر بها، ووصفها ابن أبي يعلى بأنها كانت أكثر من أن تحد لكثرتها. حتى إن عبد الله ابن الإمام تتلمذ عليه وأخذ عنه مسائل كئيرة جيادًا لم يسمعها عبد الله من أبيه، بل ولم تكن عند غير مُهنّا بن يحيى، وقد حددت ببضعة عشر جزءًا. وهى مبثوثة في متفرقات الكتب لا توجد في مجموع مخطوط فيما نعلم. نماذج من مسائله: أ - قال مُهنَّا: سألت أحمد عن رجل مات وترك كتبًا كثيرة من كتب الرأي، وترك عليه دينًا. فقلت له: فأي شيء يصنع بالكتب؟ قال: تدفن. ب - وقال مُهنّا: سألت أحمد عن الرجل يحفظ الشيء، ويكون في الكتاب شيء، أيهما أحب إليك؟ قال: الكتاب. جـ - وقال مُهنّا: سألت أحمد عن رجل يجد في كتابه الشيء، فيقول له الناس خلاف ما في كتابه؟ قال: يقول في كتابي كذا وكذا، ويقول الناس: كذا (¬2). د- وقال مُهنّا: سألت أبا عبد الله عن رجل يختن ابنه لسبعة أيام؟ فكرهه، وقال: هذا فعل اليهود، وقال لي أحمد بن حنبل: كان الحسن يكره أن يختن الرجل ابنه لسبعة أيام. قال الخلّال: إن ذلك قديم، والعمل على ما رواه حنبل وغيره (¬3). * * * ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 346 - 347، المنهج الأحمد 2/ 162. (¬2) الطبقات 1/ 345، والمنهج الأحمد 2/ 161. (¬3) الطبقات 2/ 175، وقوله: "على ما رواه حنبل وغيره، يعني: أنه لا يكره ختن الصبي على رأس الأسبوع ولا في أي وفت آخر، وكذلك لا يستحب وقت محدد أو عند سنن معينة ما لمِ يبلغ، فإذا بلغ ووجبت عليه الصلاة والصيام وجب عليه الختان. قال ابن المنذر: ليس في باب الختان خَبرٌ حتى يرجع إليه، ولا سنة تُتْبع، والأشياء على الإباحة. اهـ. قال ابن أبي عمر في "الشرح الكبير" 1/ 271 (طبعة هجر): ولا يثبت في ذلك توقيت، فمتى ختن قبل البلوغ كن مصيبًا. والله أعلم.

الدور الثاني النقل والنمو

الدور الثاني النقل والنمو وفيه: تمهيد، ومبحثان: - الأول: مميزات هذا الدور - الثاني: أشهر علماء هذا الدور

تمهيد

تَمْهِيدْ رسمنا هذا الدور بعنوان "دور النقل والنمو". وهو دور يترتب فوق "دور التأسيس والتدوين" مباشرة، فالمذاهب الفقهية على اختلافها دونت بعد نشأتها، ثم نقلت وأخذت تنمو قليلًا قليلًا، وتتكامل مع الزمان، وفي أعقاب هذا الدور أخذت عبارات النقل ومصطلحاته تلوح في الأفق، وأخذت الروايات والوجوه تتمايز قوة وضعفا، وصحة وسقمًا، من حيث انتسابها إلى الإمام المجتهد وأصحابه. فهناك الصحيح، والأصح، والضعيف، والشاذ، والمنكر من الأقوال والوجوه. والنقل للفقه مسؤولية صعبة وأمانة ذات حمل ثقيل، إذ تعتبر طرق النقل والرواية مظنة للخطأ والغلط والإلتباس، بل والكذب في بعض الأحيان، فكان لابد من ضبط قواعد نقل الفقه وروايته، لئلا يضيع بين تلك الأخطاء والأغلوطات والأوهام التي تعرض للرواة عادة، وقد عالج منها نقاد الحديث وصيارفته من قبل معالجة لا تخفى. وفي مجمل هذه القواعد والشروط اللازمة في نَقَلَة الفقه الإسلامي على وجه العموم ننقل إليك كلام الجويني بحرفه لما فيه من النفائس. فقد قال -رَحِمَهُ اللهُ-: "لا يستقل بنقل مسائل الفقه من يعتمد الحفظ، ولا يرجع إلى كيس وفطنة وفقه طبع. فإن تصوير مسائلها أولًا، وإيراد صورها على وجوهها لا يقوم بها إلا فقيه. ثم نقل المذاهب بعد استتمام التصوير لا يتأتى إلا من مرموق في الفقه خبير، فلا ينزل نقل مسائل الفقه منزلة نقل الأخبار والأقاصيص والآثار. وإن فُرض النقل في الجليات من واثقٍ بحفظه، موثوق به في أمانته، لم يمكن فرض نقل الخفيات من غير استقلال بالدراية. فإذا وضح ما حاولناه من صفة الناقل، فالقول بعد ذلك فيما على المستفتين. فإذا وقعت واقعة، فلا يخلو إما أن يصادف النقلة فيها جوابًا من الأئمة الماضين، وإما أن لا يجدوا فيها بعينها جوابًا. فإن وجدوا فيها مذهب الأئمة منصوصًا عليه نقلوه واتبعه المستفتون".

ثم قال: "قد تقدم أن نقل الفقه يستدعي كيسًا وفطنة وحُظوة بالغة في الفقه. ثم الفقيه الناقل يُفرض على وجهين: أحدهما: أن يكون في الفقه على مبلغ يتأتى منه بسببه نقل المذاهب في الجليات والخفايا، تصويرًا وتحريرًا، وتقريراً، ولا يكون في فن الفقه بحيث يَسْتَدُّله قياسُ غير المنصوص عليه على المنصوص. فإن كان كذلك، اعتُمد فيما نقل ... " (¬1). فراوية الفقه ليس كراوية الأخبار، بحيث يكتفى فيه بالعدالة مع الضبط، بل لابد من الفقاهة، ولابد من الدراية بمسالك الإجتهاد التي اختطها الأئمة المنقول عنهم، وذلك يتطلب قدرًا من الفهم والمراس، والمعرفة بالمعاني، والقواعد، وطرق الإستدلال، ومناهج الإستنباط. والنقل الذي نتحدث عنه كما يكون في الرواية والحكاية لمذهب الإمام المجتهد، كذلك يكون في عملية التخريج والإثراء والزيادة على المنصوصات بالوجوه والأقوال المخرجة المختلفة. فكلمة "النقل" لها مدلولها بهذا المعنى الثاني على وجه الخصوص، ولذلك فهي قريبة من كلمة "التخريج" في المعنى والمضمون إلا أن بينهما فرقًا. أوضحه الشيخ عبد القادر بدران بقوله: "واعلم أيضاً أن بين التخريج والنقل فرقًا، من حيث إن الأول أعم من الثاني؛ لأن التخريج يكون من القواعد الكلية للإمام أو الشرع أو العقل؛ لأن حاصل معناه: بناء فرع على أصل جامع مشترك، كتخريجنا على تفريق الصفقة فروعًا كثيرة، وعلى قاعدة "تكليف مالا يطاق" أيضًا فروعًا كثيرة في أصول الفقة، وفروعه، وقد جعل فقهاؤنا ذلك كأنه فن مستقل، فألف فيه الحافظ ابن رجب كتابه المسمى بـ"القواعد الفقهية" وألف بعده في ذلك ابن اللحام، لكنهما لم يتجازوا في التخريج القواعد الكلية الأصولية. وأما النقل: فهو أن ينقل النص عن الإمام، ثم يُخرج عليه فروعًا، فيجعل كلام الإمام أصلًا وما يخرجه فرعًا، وذلك الأصل مختص بنصوص الإمام، فظهر الفرق يينهما" (¬2). ¬

_ (¬1) الغياثي: 417 - 421، تحقيق د. عبد العظيم الديب. (¬2) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، للشيخ عبد القادر بدران، ص 136. وأصله مذكور في "شرح مختصر الروضة"، للطوفي، 3/ 644 - 645.

هذا، ونحاول في دراسة هذا الدور أن نبرز مميراته العامة فيما يتعلق بتصوير الخريطة السياسية للعالم الإسلامي، تتلوها الخريطة الإجتماعية، ثم الخريطة الثقافية التي لها علاقة قوية جدًا ببحثنا في البحث الذي يليه، والذي قد خُصص لبيان الأعمال المهمة التي قام بها رجال هذا الدور، في الجمع والإختصار، وعَمَلِ الشروح والتآليف الجزئية المفردة، والكتابة في أصول الفقه الحنبلي. ولابد أن نعرف بأبرز هؤلاء الرجال الذين قامت على عواتقهم هذه الجهود والأعمال الناقلة للمذهب والمنمية لشجرته الباركة. والله ولي توفيقنا وعليه التكلان.

المبحث الأول مميزات هذا الدور

المبحث الأول مميزات هذا الدور يعتبر القرن الرابع من أبرز قرون الدولة الإسلامية في السياسة والإجتماع والثقافة. فالدولة العباسية كانت قد قطعت أكثر من مائة وسبعين سنة في مطالع هذا القرن، ويالتالي تكون تجربتها في السياسة والحكم والإدارة قد بلغت حد النضج، على الرغم من الفتن الداخلية ومنازعة الدول المنشقة عنها لها في أطراف العالم الإسلامي. وتتبين خريطة العالم الإسلامي السياسية على وجه التقريب في هذه الحقبة الزمنية واضحة في انقسام الخلافة الإسلامية إلى ثلاث دول: فنجد بلاد الأندلس قد خلصت للأمويين منذ الأيام الأولى التالية لسقوط دولتهم في المشرق، وقد استقلت استقلالًا تامًا عن بغداد، وتَسمَّى أميرها بأمير المؤمنين. وتكونت دولة الفاطميين (العُبيديين) في تونس على أنقاض الأغالبة وأخذت تمتد في ناحية المشرق طامعة في الوصول إلى العاصمة العباسية، فامتدت على رقعة واسعة من المغرب الأقصى والجزائر ومصر والحرمين والشام، وزاحمت بني العباس حتى في العراق، وبني أمية في الأندلس التي كانت قد عظمت جدًا في آخر القرن الثالث والرابع. فصارت الخلافة الإسلامية في القرن الرابع يدعيها ثلاث دول عظمى: بنو أمية في الأندلس، والفاطميون الروافض في المغرب ومصر والحجاز والشام، وبنو العباس فيما وراء ذلك (¬1). وقد كانت سُلطة الدولة العباسية في هذا القرن قد انتقلت إلى بني بُوَيه بالفعل، وان كانت عباسية بالإسم، وهم جماعة من الفرس حكموا العراق وجنوي فارس زهاء قرن ¬

_ (¬1) الفكر السامي 2/ 13.

ونيف، فكان من الطبعي أن يصاب العربي في عهدهم بنكسة، وأن تكون الغلبة للقومية الفارسية، وأن يسود المذهب الشيعي، ويتوغل في شرق الخلافة العباسية المفككة وغربها، وأن يؤدي ذلك إلى صراع عنيف بين السنِّيين الذين كان يساندهم الأتراك، ويين الروافض الذين كان يساندهم البويهيون. وكان هؤلاء البويهيون على ما لهم من مزايا معروفين بالسطوة والجبروت والقسوة، حتى امتلأ تاريخهم بأخبار الويلات والمآسي التي حلت بالناس من جراء الفوضى التي سادت أيام حكمهم. ويذكر كثير من المؤرخين أن الخلافة العباسية فقدت هيبتها، وضعف شأنها في العهد البويهي، وأن الخليفة أصبح عبارة عن رمز ديني ليس له من السلطة سوى الإسم فقط، أما السلطة الفعلية في الدولة فكانت في يد الأمير البويهي. وفي الحقيقة لم يكن بنو بويه هم السبب المباشر لضعف الخلافة العباسية وفقدانها لهيبتها، فالأحداث التاريخية تثبت أن الخليفة العباسي والخلافة العباسية فقدا ما كان لهما من نفوذ وهيبة في عهد ازدياد نفوذ الأتراك قبل قيام الدولة البويهية، حيث أصبح القواد الأتراك، هم المسيطرين فعلًا على مقاليد الأمور في الدولة، وبلغ من نفوذهم المتزايد أن الخلفاء الأريعة الذين تعاقبوا على الخلافة بعد المتوكل على الله في الفترة ما بين (247 هـ) و (256 هـ) وهم المنتصر بالله، والمستعين بالله، والمعتز بالله، والمهتدي بالله، فقدوا جميعاً حياتهم بسبب ذلك النفوذ المتزايد يومًا بعد يوم. وكانت النتيجة الحتمية لذلك، هي أن الخليفة أصبح ألعوبة في يد القواد الأتراك، كما كان عاجزًا تمامًا عن عمل أي شيء يتعلق بالخلافة إلا بعد أخذ موافقتهم (¬1). هذا من الناحية السياسية. أما من الناحية الإجتماعية، فقد كان وضع المجتمع صورة منعكسة للحالة السياسية على مرآة الزمان والتاريخ، إذ لا ينفك المجتمع عن التأثر والتأثير في السياسة التي تحكمه وتقود زمام الأمور فيه. ¬

_ (¬1) نظام الوزارة في الدولة العباسية (العهدان البويهي والسلجوقي)، الدكتور محمد مسفر الزهراني، ص 22، ط. مؤسسة الرسالة، 1986.

فقد كانت بغداد مسرحًا للفوض وفقدان الإستقرار، وكان من أبرز مظاهر هذا الاضطراب تباعد في الطبقات الشعبية، وفشو الإستغلال والترف والبذخ في الطبقات العليا على حساب الطبقات الدنيا حتى أصبح الناس كما يقول مسكويه:"بين هارب جال، إلى مظلوم صابر، إلى مستريح لتسليم ضيعته إلى المُقْطَع ليأمن شره ويوائقه" (¬1). وقد ازداد الحال سوءًا لكثرة الضرائب واشتداد وطأة الإقطاعات، وفرض الرسوم، واشتطاط عمال البويهين من جند وقواد ومتصرفين في تحصيل الأموال، واحتكار قوت الفقراء، والإعتداء على الناس، ومصادرتهم حتى ثارت الطبقة الفقيرة أكثر من مرة وخاصة في عهدي عضد الدولة، وصمصام الدولة. وقال المقدسي يصف حال العراق سنة (375 هـ):"إنه ييت الفتن والغلاء، وهو في كل يوم إلى الوراء، ومن الجور والضرائب في جهد وبلاء" (¬2). وأما الناحية الثقافية، فقد كانت على العكس من ذلك، قد ازدهرت وذهبت بعيداً في الإنتاج والإبداع. فقد كان الوزراء البويهيون يعنون عناية واضحة بالعلم والأدب، بل كان كثير منهم من جملة العلماء والأدباء الكبار، وكانت مجالسهم تضم كبار العلماء والأدباء، فيحوطونهم بالرعاية مما يشجعهم على تأليف الكتب، ونظم الأشعار في مدحهم والإشادة بفضلهم. وفد كانت الري وأصفهان من مراكز الثقافة والعلم في شرق الدولة الإسلامية، ويخاصة في عهد البويهين، وقد تقدمت الحركة العلمية في الري بعد أن استقر فيها الوزير البويهى أبو الفضل ابن العميد، الذي تشبه بالبرامكة أيام الرشيد، ففتح بابه للعلماء والأدباء والشعراء، وكان هو الآخر أديباً عالمًا يضرب به المثل في البلاغة حتى قيل: إن الكتابة بدئت بعبد الحميد وختمت بابن العميد. وسمي بـ"الجاحظ الثاني"لمكانته الأدبية الرفيعة. وكان متبحراً في علوم الهندسة والمنطق والفلسفة. إلى جانب ذلك فقد أنشأ مكتبة عظيمة وعين أحد العلماء خازناً لها، وهو مسكويه (¬3). ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني. لكتاب "مثالب الوزيرين" لأبي حيان التوحيدي، ص (ج) نقلاً عن "تجارب الأمم" لمسكويه. (¬2) المصدر السابق ص (د). (¬3) نظام الوزارة في الدولة العباسية، ص 184.

والوزير الصاحب ابن عباد، هو الآخر يعد من أشهر رجال الأدب في عصره، فقد وصفه ابن النديم بأنه كان "أو حد زمانه وفريد عصره في البلاغة والفصاحة والشعر" (¬1). وقد تعمق في دراسة العلوم الشرعية واللسانية والأدبية. وكان كثير الإحسان إلى رجال العلم والأدب، دؤوياً على عقد مجالس علمية وأديية لهم، ويذكر ابن خلكان أنه اجتمع عنده من الشعراء مالم يجتمع عند الفقهاء والأدباء والعلماء، مما ساعد على انتعاش الحركة العلمية والأدبية (¬2). وإذا راجعت كتب الوفيات من الفقهاء والمحدثين والأدباء ومشاهير الأعلام على مدى هذا القرن، فإنك تجد أكثرهم مراوزة أو رازيين أو أصفهانيين أو همذانيين، مما يدل على غزر العلوم هناك ونفاق سوقها في تلك البلدان. ويصف الشيخ محمد بن الحسن الحجوي -رَحِمَهُ اللهُ- حالة الفقه العامة في هذا الطور. فيقول: "تطور الفقه في طور الكهولة من مبدأ المائة الثالثة إلى منتهى الرابعة، إذ وقف في قوته ولم يزد قوة، ومال إلى القهقرى، ولكن لم يسرع إليه الهرم، ولا وصل إلى طور الإنحلال، بل حفظ قوته الأصلية زمن قرنين بسبب ما ظهر فيه من الحفاظ والمجتهدين الكبار والتآليف العظام. وفي هذا العصر اختلط فيه المجتهدون بغيرهم، فكان يوجد أهل الإجتهاد الطلق، ولكن غلب التقليد في العلماء، ورضحوا به خطة لهم، ولا يزال في هذا العصر يزيد التقليد وينقص الإجتهاد إلى المائة الرابعة، إذ أصبح كثير من علمائها راضين بخطة التقليد، عالة على فقه أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن خنبل، وأضرابهم ممن كانت مذاهبهم متداولة إذ ذاك. وانساقوا إلى اتخاذ أصول تلك المذاهب دوائر حصرت كل طائفة نفسها بداخلها لا تعدوها، وأصبحت أقوال هؤلاء الأئمة بمنزلة نصوص الكتاب والسنة لا يعدونها، ويذلك نشأت سدود بين الأمة ويين نصوص الشريعة، ضخمت شيئاً فشيئًا إلى أن تنوسيت السنة، ¬

_ (¬1) الفهرست، ص 150. (¬2) نظام الوزارة في الدولة العباسية، ص 184، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، 1/ 172، تأليف آدم متز، ترجمة عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة.

ووقع البعد من الكتاب بازدياد تأخر اللغة، وأصبحت الشريعة هي نصوص الفقهاء وأقوالهم، لا أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - " (¬1). وهذا الذي صوره الحجوي، وإن كان طابعاً عاماً، إلا أنه ليس كلياً، فقد ظهر في هذا القرن كوكبة من أعظم الفقهاء، وهم وإن صُنفوا في طبقات أحد المذاهب إلا أنهم كانوا يجتهدون ويأنفون من التقليد، كأبي القاسم الداركي الشافعي البغدادي وأحمد بن ميسر المالكي القرطبي، وأبي جعفر الطحاوي الحنفي. فقد قال الخطيب البغدادي في ترجمة الداركي: "كان عبد العزيز بن عبد الله الداركي إذا جاءته مسألة يُستفتى فيها تفكر طويلاً ثم أفتى فيها، وربما كانت فتواه خلاف مذهب الشافعي وأبي حنيفة - رضي الله عنهما -، فيقال له في ذلك، فيقول: ويحكم حدث فلان عن فلان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بكذا وكذا، والأخذ بالحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أولى من الأخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة - رضي الله عنهما - إذا خالفاه" (¬2). وقال ابن فرحون في ترجمة أحمد بن ميسر: "مشاور في الأحكام يميل إلى النظر والحجة، ربما أفتى بمذهب مالك حفظاً حسناً واعتنى بكتب الشافعي، وكان يميل إليه، وكان إذا استفتي ربما يقول: أما مذهب أهل بلدنا فكذا، وأما الذي أراه فكذا" (¬3). وعلى الرغم من أن الفقه نزل من درجة الإجتهاد المطلق إلى درجة الإجتهاد المذهبي والتقليد البحت، فإن العلوم الإسلامية الأخرى قد ازدهرت وتكاملت، وبلغت حد النضج في هذا القرن على وجه الخصوص، وذلك كعلوم القرآن وعلوم الحديث وعلوم اللغة، والأصول والجدل والمناظرة. كل تلك الفنون الخادمة للفقه، والمغذية لأدلته ورسم مناهجه وقواعده، كانت قد مهدت الطريق إلى التدوين ¬

_ (¬1) الفكر السامي 2/ 5. (¬2) تاريخ بغداد 10/ 464. قال الذهبي في "السير"16/ 405: قلت: هذا جيد، لكن بشرط أن يكون قد قال بذلك الحديث إمام من نظراء هذين الإمامين مثل مالك، أو سفيان، أو الأوزاعي، وبأن يكون الحديث ثابتاً سالماً من علة، وبأن لا يكون حُجة أبي حنيفة والشافعي حديثاً صحيحاً معارضاً للآخر. أما من أخذ بحديث صحيح وقد تنكبه سائر أئمة الإجتهاد، فلا، كخبر "فإن شرب في الرابعة فاقتلوه" وكحديث "لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده". اهـ. (¬3) الديباج المذهب في أعيان المذهب، لإبن فرحون، ص 34، ط. الكتب العلمية.

والترتيب رالجمع والتنقيح، وتقسيم الفقه إلى أقسام متعددة، وجعل كل قسم يختص بجانب من جوانبه، كفقه الأدلة وفقه الخلاف وفقه الروايات والأقوال المتعددة المروية عن الإمام الواحد. ومما يجدر ذكره في هذا الصدد هو اكتشاف المسلمين لأوراق الكاغد أو الكاغيط في زمن الدولة العباسية على يد الفضل بن يحيى البرمكي، ولا ريب كان ذلك الاختراع من أعظم التسهيلات لنشر العلم وتدوينه، ولذلك كانت المائة الثالثة الهجرية متميزة بظهور الدواوين الكبار في الإسلام في مختلف العلوم والمعارف. وكانت قد اتخذت عدة مصانع للكاغد في بغداد والشام ومصر وفاس والأندلس في شاطبة وبلنسية وطليطلة، ومنها انتقلت صناعته إلى أوربا في حدود القرن الخامس الهجري (¬1). ¬

_ (¬1) صبح الأعشى، للقلقشندي، 2/ 485 - 486، الفكر السامي 2/ 14 - 15، ضحى الإسلام، لأحمد أمين، 2/ 23.

المبحث الثاني أشهر علماء هذا الدور وأبرز أعمالهم

المبحث الثاني أشهر علماء هذا الدور وأبرز أعمالهم أشهر علماء هذا الدور ينتظم هذا الدور أحفاد الإمام أحمد في التلمذة ورواية العلم، فمن دونهم، إلى خاتمة المتقدمين وشيخ الشيوخ الحسن بن حامد -رَحِمَهُ اللهُ- (ت 403 هـ). وقد ذكر ابن الجوزي منهم عددًا كثيرًا في "المناقب" واستقصاهم القاضي ابن أبي يعلى في "الطبقات". وسنعرّف بأشهرهم متتبعين في ذلك سير الزمن وترتيب الطبقات: 1 - الخلال (311 هـ): أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر، الشهير بالخلال. نشأ في بغداد وعاش فيها إلى أن مات. والخلّال نسبة إلى بيع الخل فيما يبدو، ويشاركه في هذه النسبة جماعة من أصحاب أحمد وغيره، لكن لشهرته وعظم شأنه عند الحنابلة أصبحت هذه النسبة عَلمًا عليه بالغلبة عند الإطلاق. سمع الخلال من الحسن بن عرفة، وسعدان بن نصر، ومحمد بن عوف الحمصي، ومن في طبقتهم ويعدهم، وصحب أبو بكر المروذي إلى أن مات. ورحل إلى فارس والشام والجزيرة يتطلب فقه الإمام أحمد وفتاويه وأجوبته، وكان فقه الإمام أحمد إذ ذاك لا يزال مفرقًا في دواوين أصحابه: رواة السائل، وكان كثير منهم قد رحل إليه من بلدان مختلفة ثم رجعوا إلى أوطانهم أساتذة معلمين، وهناك من كان ببغداد، كالمروذي وعبد الله بن الإمام أحمد.

ولماكان قصد الحلال هو جمع علم الإمام أحمد وتدوينه في كتاب مصنف، كان لابد من الرحلة والتقصي في البلدان. ولم يقتصر على الرواة الكبار للمسائل، ولا على طبقة واحدة، بل تتبع الرواة على اختلافهم في الكثرة والقلة، والمباشرين والذين رووا بواسطة، وهكذا. قال ابن أبي يعلى: "سمع منهم مسائل أحمد، ورحل إلى أقاصي البلاد في جمع مسائل أحمد، وسماعها ممن سمعها من أحمد، وممن سمعها ممن سمعها من أحمد، فنال منها، وسبق إلى ما لم يسبقه إليه سابق، ولم يلحقه بعده لاحق، وكان شيوخ المذهب يشهدون له بالفضل والتقدم" (¬1). وقال ابن الجوزي: "صرف عنايته إلى جمع علوم أحمد بن حنبل، وسافر لأجلها، وكتبها عالية ونازلة، وصنفها كتبا، منها كتاب "الجامع" نحو من مائتي جزء، ولم يقاريه أحد من أصحاب أحمد في ذلك" (¬2). وهذا يدل على حجم ذلك الديوان العظيم الذي أطلق عليه اسم "الجامع لعلوم أحمد" تارة، و"جامع الرواية عن أحمد" تارة، و"الجامع في الفقه من كلام الإمام أحمد" تارة ثالثة. فهو نحو من مائتي جزء في كلام ابن الجوزي السابق، وقال الذهبي وابن القيم (¬3): يكون عشرين مجلدًا أو أكثر. ولا معارضة بين ذلك، لأن المتقدمين كانوا يطلقون على الكراس، وعلى ما يقرب من الكراسين جزءًا، وأما السفر -أو المجلد- فهو ما جمع عدة أجزاء (¬4). • مصنفات الخلّال: صنف الخلال إلى جانب "الجامع" كتبًا أخرى، منها: "العلل"، و"السنة"، و"الطبقات" يعني طبقات أصحاب الإمام أحمد، و"العلم"، و"تفسير الغريب"، و"الأدب"، و"أخلاق أحمد"، و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، و"الحث على التجارة" (¬5). ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 13. وقد تبين الكثير من ذلك من خلال الأسانيد التى خرج منها فقه الإمام أحمد عن أصحابه في كتاب "الوقوف" وهو مطبوع نشرته مكتبة العارف سنة (1410 هـ)، وكتاب "أحكام أهل الملل" وهو مطبوع، نشرته دار الكتب العلمية سنة (1414 هـ). (¬2) المناقب، ص 618. (¬3) الشر 14/ 297، وإعلام الموقعين 1/ 35، ط. دار الحديث، 1993. (¬4) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد، ص 124. (¬5) معجم المؤلفين 1/ 302، السير 14/ 297.

2 - ابن المنادي (256 هـ - 336 هـ)

2 - ابن المنادي (256 هـ - 336 هـ): أحمد بن جعفر بن محمد، أبو الحسين، البغدادي المولد والنشأة والوفاة. سمع جده محمدًا، وأباه جعفرًا، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وعباس الدوري، وزكريا بن يحيى المروذي، وعبد الله بن أحمد، وغيرهم. لكنه اختص بكثرة الرواية عن عبد الله بن الإمام أحمد، فلئن كان الخلال اختص بالمروذي، وروى ما عنده، فقد اختص ابن المنادي بعبد الله. وكان -رَحِمَهُ اللهُ- ثقة أمينًا ثبتًا صدوقًا ورعًا، حجة فيما يرويه، محصلًا لما يحكيه. وكان من المصنفين المكثرين، حتى قالوا: إن مصنفاته بلغت نحوًا من أربعمائة مصنف، قال ابن الجوزي: ولا يوجد في كلامه حشو، بل هو نقي الكلام جمع بين الرواية والدراية (¬1). ومع كثرة هذه التصانيف، فإن الناس لم يسمعوا منها إلا أقلَّها، والسبب في ذلك على ما قاله الخطيب البغدادي، هو أنه كان صُلْب الدين، شرس الأخلاق (¬2). ويعد ابن المنادي، بالإضافة إلى روايته الفقه عن أحمد، من الحفاظ للحديث، ومن القراء واللغويين، فلذلك نجده مترجمًا في طبقات علماء هذه الفنون. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضاً، وروى الحروف سماعًا عن الحسن بن العباس، وأبي أيوب الضبي، وإدريس بن عبد الكريم، والفضل بن مخلد الدقاق .. ثم قال: مقرئ جليل، غاية في الإتقان، فصيح اللسان، عالم بالآثار، نهاية في علم العربية، صاحب سنة، ثقة مأمون (¬3). وكان ابن المنادي من المشاركين في الفقه الممارسين له، المستقلين بالفهم داخل الذهب الحنبلي، حتى إنه كانت له اختيارات، منها: إيجاب غسل اليدين عند القيام من نوم الليل، وتنجيس أسآر جوارح الطيور، وتحريم الوضوء من آنية الذهب والفضة مع الحكم بصحة الطهارة (¬4). ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 2/ 245. (¬2) تاريخ بغداد 4/ 69. (¬3) السير 15/ 361. (¬4) الطبقات 2/ 6.

3 - أبو بكر النجاد (253 هـ - 348 هـ)

3 - أبو بكر النجاد (253 هـ - 348 هـ): أحمد بن سلمان بن الحسن، أبو بكر النجاد، البغدادي. العالم الناسك الورع، الحافظ، الفقيه المفتي. كان له في جامع المنصور حلقتان قبل الصلاة للفتوى على مذهب الإمام أحمد، وبعد الصلاة لإملاء الحديث. وقد اتسعت رواياته، وانتشرت أحاديثه ومصنفاته. سمع الحسن بن مكرم، ويحيى بن أبي طالب، وأحمد بن ملاعب، وأبا داود السجستاني، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن الإمام، وغيرهم. وكان النجاد إذا أملى الحديث في جامع المنصور يكثر الناس في حلقته حتى يغلق البابان من أبواب الجامع مما يليان حلقته، وكان يملي في حلقة عبد الله بن الإمام، وفيها كان يملي تلميذه من بعده ابن مالك (¬1) (أبو بكر القطيعي). وهذا يدل على التوارث الذي أخذ يتناسق على الدهر في رواية الفقه الحنبلي وعلومه في مدينة السلام. صنف النجاد كتاباً كبيرًا في السنن (¬2)، كان محدثاً معدودًا في الحفاظ، حتى كان تلامذته يفرحون به ويقايسونه بابن صاعد. قال أبو الحسن بن رَزقُوَيهْ: النجاد ابن صَاعدنا. وهو يعني -كما قال الخطيب البغدادي: "أن النجاد في كثرة حديثه، واتساع طرقه، وعظم رواياته، وأصناف فوائده، لمن سمع منه، كيحيى بن صاعد لأصحابه، إذ كل واحد من الرجلين كان واحد وقته في الحديث" (¬3). وصنف أبو بكر النجاد كتابًا كبيرًا في "الخلاف"، قال ابن الجوزي: نحو مائتي جزء (¬4). ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 8. (¬2) تاريخ بغداد 4/ 190، والسير 15/ 503، والرسالة المستطرفة، ص 36. (¬3) تاريخ بغداد 4/ 190. (¬4) المناقب، ص 618.

4 - الخرقي (334 هـ)

وهذا يعني أنه يقع بحدود عشرين مجلدًا بتقديرنا الحالي. وفقه الخلاف هو الفقه المقارن بين إمامين أو مجموعة من الأئمة المجتهدين، وقد ألف فيه العلماء من مختلف المذاهب من لدن الإمام الشافعي (204 هـ) في كتابه "الأم" إلى قرون متأخرة، وللغزالي فيه كتاب "المآخذ"، ولأبي بكر بن العربي المالكي كتاب "التلخيص" جلبه من المشرق، ولأبي زيد الدبوسي الحنفي كتاب "التعليقة"، ولابن القصار من شيوخ المالكية "عيون الأدلة"، وقد جمع ابن الساعاتي في مختصره في أصول الفقه جميع ما ينبني عليها من الفقه الخلافي، مدرجاً في كل مسألة منه ما ينبني عليها من الخلافيات (¬1). وأما الحنابلة فلهم الباع الطويل في هذا الفن، حتى إن تصنيفاتهم بلغت فيه نحوًا من خمسين عنوانًا في الخلاف العالي فقط، وهو الخلاف خارج المذهب الحنبلي، فضلًا عن الخلاف المذهبي الممثل بالروايات والوجوه والإحتمالات والإختيارات وغير ذلك. 4 - الخِرَقي (334 هـ): عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد، أبو القاسم، الخرقي، نسبة إلى بيع الخِرَق، البغداري المولد الدمشقي الوفاة (¬2). أحد أئمة الذهب الحنبلي، كان عالمًا بارعًا فيه، ذا دين وورع. تلقى العلم على تلامذة المرّوذي وحرب الكرماني وصالح وعبد الله ابني الإمام أحمد. صنف الخرقي عدة مصنفات، لكن حظه منها في الإنتشار كان كحظ ابن المناري من قبله، فلم ينتشر منها إلا "المختصر" الشهير، والسبب في ذلك: أنه خرج من بغدار -مدينة السلام- لما ظهر سب الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين -، وأودع كتبه في درب سليمان، فاحترقت الدار التي كانت فيها الكتب، ولم تكن انتشرت لبعده عن البلد (¬3). ¬

_ (¬1) مقدمة ابن خلدون 2/ 556. (¬2) جمع الشيخ عبد الله الجبرين ترجمة حافلة له في مقدمة تحقيقه لكتاب شرح الزركشي على متن الخرقي. ج 1 ص: 69 - 76. (¬3) الطبقات 2/ 75. وقال الذهبي في (السير) (15/ 364): وظهر في هذا الوقت الرفض والإعتزال بالعراق ببني بُوَيه.

5 - الآجري (360 هـ)

وظهور سب الصحابة في مدينة السلام يدل على مدى الضعف الذي آلت إليه الخلافة في تلك السنوات العجاف، فقد كانت الخلافة مهددة من داخلها بالعُبيديين الروافض من جهة مصر والشام، وظهور حركلة القرامطة في نواحي الكوفة، وأخذت تعيث فسادًا حتى وصلت إلى المسجد الحرام فأعملت سيف القتل ويد النهب في الحجيج حتى طال ذلك أميرَ مكة: ابن محارب، وقلعوا باب الكعبة المشرفة وأخذوا الحجر الأسود (¬1). وكانت مهددة من خارجها بدولة الروم التي كانت تنقض على بعض الأطراف من حين إلى آخر. ويعتبر الخرقي أستاذًا لجماعة من كبار شيوخ المذهب، منهم: أبو عبد الله ابن بطة العكبري، وأبو الحسين بن سمعون، وغيرهما. توفي الخرقي بدمشق في سنة 334 هـ، وسبب موته أنه أنكر منكرًا بدمشق فضُرب، فكان موته بذلك. -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-. 5 - الآجُرّي (360 هـ): محمد بن الحسين بن عبد الله، أبو بكر، الآجري نسبة إلى قرية من قرى بغداد على أحد الأقوال. من أكابر الأصحاب، سمع خلقًا كثيرًا، وكان ثقة، عالمًا، فقيهًا، دَيِّنًا، حجّة، صدوقًا. له تصانيف كثيرة، أكثرها في الحديث والفقه، منها كتاب "الأريعين حديثًا" وهي مشهورة به، و"النصيحة" في الفقه ينقل عنه ابن مفلح في "الفروع" اختيارات حسنة، وكتاب "الشريعة وفي السنة"، وكتاب "الرؤية" و"الغرباء" و"آداب العلماء"، و"مسألة الطائفين"، و"التهجد"، وغير ذلك (¬2). ¬

_ (¬1) شذرات الذهب 4/ 81. (¬2) الفهرست، ص 268، السير 16/ 134، المنهج الأحمد 2/ 271.

6 - غلام الخلال (285 هـ - 3763 هـ)

ويعتبر الآجري من أصحاب الإختيارات في المذهب الحنبلي، لعلو كعبه فيه، فقد ذكر ابن الزاغوني (ت 527 هـ) في كتابه "الواضح في الفقه" عن أحمد أن الجد كالأب يحجب الإخوة، وهي اختيار أبي حفص العكبري، وأبي بكر الآجري. وعادة صاحب "الواضح" أن لا يذكر فيه إلا اختيارات الأصحاب (¬1). وقد أورد ابن مفلح اختيارات كثيرة له. توفي الأجرّي بمكة المكرمة -رَحِمَهُ اللهُ- ورضي عنه. 6 - غلام الخلَّال (285 هـ - 3763 هـ): عبد العزيز بن جعفر بن أحمد، أبو بكر، الشهير بغلام الخلال. كان أحد أهل الفهم، موثوقًا به في العلم، متسع الرواية، مشهورًا بالديانة، موصوفًا بالأمانة، مذكورًا بالعبادة. أخذ العلم عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هارون، وجعفر الفريابي، والحسين بن عبد الله الخرقي، وأبي بكر بن أبي داود، وجماعة آخرين من طبقتهم. وتفقه به كثير من شيوخ المذهب الحنبلي، مثل أبي إسحاق بن شَاقْلَا، وأبي عبد القه ابن بطة، وأبي الحسن التميمي، وأبوي حفص: العكبري والبرمكي، وخاتمة متقدمي الذهب: الحسن بن حامد، حدث عنه بمسائل الأثرم، وصالح، وعبد الله، وغير ذلك. ويعتبر عبد العزيز تلميذًا خاصًا لأبي بكر الخلال جامع المذهب الحنبلي، حتى عرف به بهذا اللقب: "غلام الخلال". وهذا يدل على أنه كان من أقرب الناس إلى ذلك الديوان العظيم "جامع الرواية عن أحمد" ومستوعبًا لمضمونه. ولهذا سهل عليه التصنيف في المذهب والتفقه فيه. قال الذهبي: ومن نظر في كتابه "الشافي" عرف محله من العلم لولا ما بشَّعه بِغَضِّ بعض الأئمة، مع أنه ثقة فيما ينقله (¬2). ومن مصنفاته عدا "الشافي": "المقنع" نحو مائة جزء، و"زاد المسافر"، و"الخلاف مع الشافي" و"مختصر السنة"، و"تفسير القرآن"، و"القولين"، و"التنبيه"، وغير ذلك. ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 2/ 271. (¬2) السير 16/ 144.

7 - ابن بطة العكبري (304 هـ - 387 هـ)

وكان غلام الخلال معظمًا في النفوس، متقدمًا عند الدولة، بارعًا في مذهب الإمام أحمد. وهو معدود من نظراء الخرقي وأترابه، إذ كلاهما قد عمل في المذهب ترجيحًا واختصارًا واختيارًا. ولذلك وقع بينهما الخلاف في بعض المسائل وتقرير ما هو مذهب الإمام أحمد فيها. قال عبد العزيز: خالفني الخرقي في مختصره في ستين مسألة. قال ابن أبي يعلى: ولم يسمها، فتتبعت أنا اختلافهما فوجدته في ثمانية وتسعين مسألة. ثم أوردها بالتفصيل والتعليق والتحقيق في كتابه "الطبقات" (¬1). وكان عبد العزيز متفوقًا في الفهم، مستقلًا في الإختيار، تبعًا لما ترجح عنده من النقل أو الدليل، فلذلك نجده يخالف شيخه في كثير من اختياراته (¬2). بل قال: سمع مني الخلال نحوًا من عشرين مسألة، وأثبتها في كتابه (¬3). 7 - ابن بَطة العُكْبَري (304 هـ - 387 هـ): عُبيد الله بن محمد بن محمد، أبو عبد الله، العكبَري، البغدادي، الشهير بابن بطة. أخذ العلم عن الخرقي، وغلام الخلال، وابن صاعد، وجماعة من طبقتهم. وصحبه جماعة من شيوخ المذهب، منهم: أبَوَا حفص: العكبَري والبرمكي، وأبو عبد الله الحسن بن حامد، وأبو علي بن شهاب، وأبو إسحاق البرمكي. نشأ ابن بطة محبًا للعلم في أسرة علمية، فقد كان لأبيه ببغداد شركاء، فأشار أحدهم على أبيه بأن يبعثه إلى بغداد ليسمع الحديث، وقدكان صغيرًا، وتكفل بأخذه والعناية به نيابة عن أبيه، فحظي بمجلس ابن منيع، فسمع عنه معجمه في عشرة أيام تقريبًا. ثم إنه سافر بعد ذلك إلى أمصار الإسلام: البصرة، ودمشق، وحمص، وأردبيل، ومكة، والثغور المختلفة، ولقي العلماء وأخذ عنهم علومًا جمة، ثم ما لبث أن رجع إلى عكبرا، ولزم بيته، وتفرغ للتصنيف وإفادة الناس، وكان أمّارًا بالمعروف، لم يبلغه خبر منكر إلا غيَّره. ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 11876 (¬2) الطبقات 2/ 120، والمنهج الأحمد 2/ 276. (¬3) السير 16/ 144.

8 - ابن المسلم (387 هـ)

وكان ابن بطة طويل اليد، متضلعاً في رواية الحديث والدفاع عن عقيدة السلف، فقد ألف في ذلك "السنن" والإبانتين "الكبرى" و"الصغرى". ولم يغفل جانب الفقه والتصدي لإفتاء الناس، وإرشادهم فيما يشكل عليهم من أموردينهم، فقد أولى ذلك عناية خاصة، ووجّه إليه همته منذ وقت مبكر، حتى ليقال: إنه أفتى وهو ابن خمس عشرة سنة، ولهذا يرد اسمه في بعض المصادر مقرونًا بوصف: الفقيه. وقد صنف في عدد من المسائل الفقهية، بحيث بلغت مصنفاته في هذا الشأن خمسة وعشرين مضنفاً من مجموع خمسة وثلاثين. فلا غرو أن نجده مشاركاً في تكوين الإختيارات والترجيحات في المذهب الحنبلي. مؤلفاته: مؤلفاته كثيرة، حتى إنها لتنوف على المائة، ذكر منها ابن أبي يعلى (19) عنوانًا، منها: "الإبانة الكبرى". و"الإبانة الصغرى" و"السنن"، و"المناسك"، و"الإمام ضامن"، وغير ذلك (¬1). 8 - ابن المُسْلِم (387 هـ): عمر بن إبراهيم بن عبد الله، أبو حفص، العكبري، الشهير بابن المُسْلِم. سمع من أبي علي الصواف، وأبي بكر النجاد، وأبي محمد بن موسى، وغيرهم. ورحل إلى الكوفة والبصرة وغيرهما من البلدان، وسمع من شيوخهما. وصحب من فقهاء الحنابلة: عمو بن بدر المغازلي، وأبا بكر عبد العزيز، وأبا إسحاق بن شَاقْلَا، وأكثر ملازمة ابن بطة العكبري. ومعرفة ابن المسلم بالمذهب الحنبلي معرفة عالية، وقد صنف فيه تصانيف عديدة، منها: "المقنع"، و"شرح الخرفي"، و"الخلاف بين أحمد ومالك"، و"رؤوس المسائل"، و"الآداب" (¬2). ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 144، السير 16/ 529، المنهج الأحمد 2/ 291. وقد أحصى الدكتور سليمان بن عبد الله العمير (35) عنوانًا من مؤلفات ابن بطة في مقدمة تحقيقه لكتاب "إبطال الحيل". (¬2) الطبقات 2/ 163، المنهج الأحمد 2/ 300، المدخل المفصل 2/ 967.

9 - الحسن بن حامد (403 هـ)

وله اختيارات في مسائل خلافية فقهية وأصولية، منها: أن كل سُنة سنَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته فبأمر الله، واحتج لذلك بما رواه بإسناده إلى أبي نضلة، قال: أصاب الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَنَة، فقالوا: يارسول الله سعّر لنا، فقال: "لا يسألني الله -عَزَّ وَجَلَّ- عن سُنّة أحدثتها فيكم لم يأمرني الله -عَزَّ وَجَلَّ- بها" (¬1). وبقوله تعالى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3 - 4]. 9 - الحسن بن حامد (403 هـ): الحسن بن حامد بن علي، أبو عبد الله، البغدادي. إمام الحنابلة في زمانه، ومدرسهم، ومفتيهم، ويعد واسطة العقد الحنبلي بين المتقدمين والمتأخرين. فقد روى العلم عن أبي بكر القطيعي، وأبي بكر النجاد، وأبي بكر الشافعي، وأحمد ابن سالم الخُتَلي، ويعتبر أكبر تلامذة أبي بكر عبد العزيز، غلام الخلال. وتفقه عليه القاضي أبو يعلى الفراء، وجماعة آخرون. وصنف كتبًا كثيرة في علوم مختلفة، منها (¬2): "الجامع في الذهب" نحو أربعمائة جزء و"تهذيب الأجوبة"، و"شرح الخرقي"، و"شرح أصول الدين"، و"شرح أصول الفقه". وقد نقل ابن أبي يعلى في "الطبقات" مقدمة ابن حامد في كتابه "الجامع في النصب"، وسنثبتها بين يدي القارئ لما فيها من الفائدة في الكشف عن طييعة التصنيف الفقهي في ذلك الوقت. قال ابن حامد: "اعلم أن الذي يشتمل عليه كتابنا هذا من الكتب والرواية المأخوذة، من حيث نقل الحديث والسماع، منها: كتاب الأثرم، وصالح، وعبد الله، وابن منصور، وابن إبراهيم، وأبو داود، والميموني، والمروذي، وأبو الحارث، وأبو طالب، وحنبل، وعلي بن سعيد، ومُهنا، وأبو النضر، وأبو الصقر، ويعقوب بن بختان، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 287، فى ترجمة علقمة بن نضلة، والإمام ابن حجر في "الإصابة" 3/ 535، في ترجمة طلحة بن نضيلة، كما عزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 100) إلى الطبراني في "الكبير". ولعله في الجزء المفقود منه. (¬2) المنهج الأحمد 2/ 315.

وإبراهيم بن هانئ، وحَمْد بن علي، وجعفر بن محمد النسائي، وعبد الكريم بن الهيثم ... وكتاب الخرقي. فأما كتاب الأثرم، فقرأته على: أحمد بن سَالم الختلي (¬1)، قال: حدثنا أبو حفص، عمر الشرابي، قال: حدثنا الأثرم، عن أبي عبد الله. وعبد العزيز بن جعفر عن أحمد بن محمد بن خلف القاضي، عن الأثرم عنه". وساق الأسانيد (¬2) إلى الإمام الأحمد في أصول كتاب "الجامع" التي هي "السائل" بالإضافة إلى "مختصر الخرقي"، وهي أسانيد جياد تحصر طرق الرواية للفقه الحنبلي من لدن إمامه (241 هـ) إلى خاتمة علمائه المتقدمين الحسن بن حامد (403 هـ). ثم إن ابن حامد علق على الروايات المختلفة التي وقعت له ولمن قبله عن الإمام أحمد، بأنه يجب تقبلها كلها ما دام أصحابها "أثباتًا فيما نقلوه، أمناء فيما دونوه، وواجب تقبل كل ما نقلوه، وإعطاء كل رواية حظها على موجبها، ولا تُعَل رواية وإن انفردت، ولا تنفى عنه، وان غربت، ولا ينسب إليه في مسألة رجوع إلا ما وجد ذلك عنه نصّاً بالصريح، وإن نقل "كنت أقول به وتركناه"،وإن عَرِيَ عن حد الصريح في الترك والرجوع أقر على موجبه، واعتبر حال الدليل فيه لإعتقاده؛ بمثابة ما اشتهر من روايته" (¬3). وكان ابن حامد زاهداً، ورعاً محتاطاً، ينسخ الكتب ولقتات من أجرة النسخ، فسمي لأجل ماكثر ذلك منه: ابن حامد الوراق. وكان كثير الحج، فعوتب في كثرة سفره وحجه مع كبر سنه، فقال: لعل الدرهم الزيف يخرج مع الدراهم الجيدة (¬4). ¬

_ (¬1) نسبة إلى ختّل، (بتشديد التاء فتحاً وضماً) قرية تقع على الطريق المؤدي من بغداد إلى خراسان. الأنساب للسمعاني 5/ 44. (¬2) وقد أورد ابن أبي يعلى تلك الأسانيد مفصلة في "الطبقات" 2/ 171 - 174. (¬3) من مقدمة "الجامع" أثبتها ابن أبي يعلى في "الطبقات" 2/ 174، والعليمي في"المنهج الأحمد" 2/ 317. (¬4) الطبقات 2/ 177، المنهج الأحمد 2/ 319.

توفي ابن حامد شهيدًا سنة (403 هـ) راجعًا من مكة، وهو في طريقه إلى العراق، في منزلة "واقصة" قرب الفرعاء، وهي على طريق حاجّ الكوفة، وبينها وبين "تيماء" نحو (150) كيلو مترًا، وكان ذلك ضحية عصابة لصوص من الأعراب (¬1). وبهذا نكون قد تعرفنا على عدد غير حاصر لعلماء المذهب الذين دونوه وصنفوا فيه وهذبوا مسائله في مدة قرن من الزمان تقريبًا، وهو القرن الرابع، وهو أهم القرون الزمنية في أعمال المذهب الحنبلي. ¬

_ (¬1) السير 17/ 204 وهامشه، والبداية والنهاية 11/ 347. ط. المعارف. بيروت، والمدخل المفصل 1/ 456.

أبرز أعمال علماء هذا الدور

أبرز أعمال علماء هذا الدور عرّفنا فيما سبق بأبرز الرجال الذين خدموا الذهب في هذا الدور، ومن خلال ذلك التعريف نستطيع أن نستخلص أهم الأعمال العلمية التي قام بها أولئك الأئمة، وما هي مميزاتهما العامة، وكيف كانت حجر الأساس لمن أتى بعدهم. ولئن كان على عاتق أصحاب الإمام الأولين أمانة حفظ تلك المسموعات، وتدوين تلك المسائل للأجيال اللاحقة، فإن على عاتق الذين جاءوا من بعدهم رسالة الجمع لتلك المدونات والمسموعات غير المدونة أيضاً، بالإضافة إلى التصنيف لها وصبها في قالب منهجي مرتب على غرار ما عرف من أساليب الكتابة في المذاهب الأخرى التي كانت تعتبر تجربة سابقة يعول عليها الحنابلة من حيث الشكل، وينسجون على منوالها فقههم الواسع المتشعب. وتلك الأعمال تتطلب جهودًا في عملية النقل والرواية، كما تتطلب جهوداً في التبويب والترتيب، كما أن عليهم أن يختصروا الطوال ويهذبوا المختلطات، ويوضحوا المشكلات، ويكتبوا أصول فقه المذهب، وغير ذلك. ومن خلال تتبع المصنفات التي مرت في ثنايا تراجم رجال هذا الدور يمكننا أن نقسم التأليف فيه إلى الأقسام التالية: 1 - جمع مسائل الرواية عن أحمد. 2 - الإختصار الفقهي. 3 - شروح المختصرات. 4 - التآليف الجزئية المفردة. 5 - الكتابة في أصول الفقه الحنبلي.

أولا - الجمع للمسائل

أولاً - الجمع للمسائل لكل مذهب من المذاهب الفقهية المدونة المتبعة عملية جمع، مر بها في مرحلة من تاريخه، مع الإختلاف الملحوظ بين مذهب وآخر. فالمذهب الحنفي، جمعه محمد بن الحسن الشيباني في تلك الكتب التي سميت فيما بعدبـ "ظاهر الرواية"، ولخصها الحاكم الشهيد في كتابه "الكافي". والمذهب المالكي كان في بدايته عبارة عن مجموعة من الأسمعة المدونة بأيدي أصحاب الإمام، كابن القاسم، وأشهب، وابن وهب، وابن نافع، وغيرهم، فجاء محمد العتبي الأندلسي فجمع هذه الأسمعة وألفها في كتاب "المستخرجة من الأسمعة" وهي المعروفة عند المالكية بـ "العتبية". كما اختصر أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم ما انتهى إليه من تلك الأسمعة والكتب في "المختصر الكبير"، و"الأوسط"، و"الصغير"، وكان هو عمدة علماء المالكية البصريين. ثم جاء ابن أبي زيد القيرواني (386 هـ) فاختصركتاب " المدونة" لسحنون، وألف كتاب "النوادر والزيادات على ما في المدونة من الأمهات"، فجمع في هذا الكتاب النصوص والمسائل المروية عن المذهب (¬1) في غير "المدونة" وذلك كـ"ـالعتبية"، و"الواضحة"، و"المبسوط"، و"الموازية"، و"المجموعة"، و"كتب ابن سحنون". وبالتالي يعتبر أبو عبد الله محمد بن أبي زيد القيرواني صاحب الفضل في جمع المذهب المالكي وتقريبه لمن أتى بعده، فسهل الإختصار، وسهل الترجيح، وسهلت المقارنة. وأما المذهب الشافعي، فإنه لم يبدأ متفرقًا حتى يحتاج إلى جمع وتحرير، لأن الإمام الشافعي كتب فقهه بيده، فاختصر المزني ذلك الفقه، وكذلك فعل البويطي، وعمل الفقهاء من بعدهم تعليقات وشروحًا على مختصر المزني خاصة، وهكذا انتقل المذهب الشافعي إلى الطبقات اللاحقة سهلًا وميسرًا من أول يوم. ¬

_ (¬1) المقدمة، لإبن خلدون، 2/ 547. وقد طبع كتاب "النوادر" مؤخرًا في خمسة عشر مجلدًا. نشرته دار الغرب الإسلامي.

ونستطيع أن نقول: إن المذهب الحنبلي يشبه في عملية تأسيسه وتدوينه، ثم جمعه وتحريره، مذهب الإمام مالك؛ إمام دار الهجرة. ويعتبر أبو بكر الخلال -رَحِمَهُ اللهُ- جامع المذهب الحنبلي بحق، كما تقدم في ترجمته، فإنه جمع كتب"المسائل" وفحص رواياتها، ورتبها على أبواب العلم، وأخرجها في كتابه المَعْلَمي الكبير "جامع الروايات عن أحمد"، فلفت بهذا الأنظار، وصار مطلبًا لعلماء الأمصار، ومن هنا بدأ ظهور الإنتساب إلى الإمام، وبرز في مذهبه المشايخ الكبار، وأصبحت أصول المذهب، وخطوطه العريضة، ومصطلحاته الدقيقة، وآثاره النفيسة، محل درس وتدريس، واستقراء وتأليف، وتقريب وتلقين. ونظرًا لوجود المذهب متفرقًا في مرويات الأصحاب المختلفة المتفاوتة في الكمية، فإن من العذر لإبن قتية (276 هـ)، في عدم عد الإمام أحمد من الفقهاء في كتابه "المعارف"، أن نقول: إنه لو عاش حتى اطلع على جامع الخلال لكان الشأن غير الشأن، بل وكذلك يقال في الإعتذار عن ابن جرير الطبري (310 هـ). فكان "الجامع" هو الأصل في الروايات المنقولة عن أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- حيث تناوله المجتهدون من أصحابه بالترجيح والإختيار لما نقل من الروايات (¬1). ويعتبر جامع الخلال كتابًا يحتوي على عناوين كبيرة تختلف عن العناوين التي نجدها في فهارس الكتب الفقهية المعتادة، فنجد من تلك العناوين مثلًا: كتاب الوقوف، وكتاب الترجل، وكتاب أهل الملل والردة والزنادقة وتارك الصلاة والفرائض، وكتاب أحكام النساء (¬2) .. وهكذا. وهذا يدل على أنه لم يستوعب "المسائل" فقط، بل أفرغ مصنفات الإمام أحمد فيه. ومع هذا فقد قال ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: وفاته أمور كثيرة ليست في كتبه (¬3). ¬

_ (¬1) أصول مذهب الإمام أحمد، ص 793. (¬2) المدخل المفصل 2/ 671. (¬3) مجموع الفتاوى 34/ 111.

ثانيا - الإختصار الفقهي

ثانياً - الإختصار الفقهي والإختصار تقليل الشيء، فقد يكون اختصار الكتاب بتقليل مسائله، وقد يكون بتقليل ألفاظه مع تأدية المعنى، ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أوتيتُ جوامع الكلم، واختصر لى الكلام اختصاراً" (¬1). ومن ذلك مختصرات الطرق، قال ابن قدامة المقدسي: وفائدة الإختصار التقريب والتسهيل على من أراد تعلمه وحفظه، فإن الكلام يختصر ليحفظ، ويطول ليفهم (¬2). ويعتبر ابن خلدون (¬3) الإختصار في مختلف العلوم عملاً مخلًا بالتعليم وذاهبًا بفوائده المودعة في مطولاته ومبسوطاته، وذلك للأسباب التالية: أ - الخلط على المبتدئين بتحفيظهم هذه المتون، وفيها من المسائل والبحوث التي لا يجوز إلقاؤها على الطالب إلا في نهاية المراحل التعليمية. ب - تزاحم المعاني المفرغة في قالب الألفاظ العويصة التي صيغت بها المختصرات. ج - عدم جدوى المختصرات في تحصيل الملكة، لإنعدام الإحالات، والتكرار، وغبر ذلك. وعند التحقيق في تاريخ الإختصار الفقهي على الخصوص نجد أن ما أنحى به ابن خلدون إنما يتجه على تلك الإختصارات التي درج عليها الناس وألِفُوها في العصر الذي عاشه، وقبله ويعده، حيث شحنت المختصرات بالمصطلحات والألفاظ الفنية الطاغية على حلاوة الفقه ونضارته. أما الإختصارات التي قام بها علماء المذاهب المتقدمون، فهي بعيدة عن تلك المغامز، لأن فيها كثيرًا من الجهود في الجمع والتهذيب والصياغة والترتيب الفني البديع مع قلة المصطلحات. وهذا ما ينطبق على"مختصر الطحاوي" و"مختصر القدوري" في الفقه ¬

_ (¬1) قال العجلوني: رواه العسكري عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا، ورواه النسائى عن ابن عباس بلفظ: "أعطيت". وله شواهد في الصحيح. كشف الخفاء 1/ 308 (819)، تحقيق أحمد القلاش، ط. الرسالة. (¬2) المغني، لإبن قدامة، 1/ 3 - 4، ط. مكتبة الرياض الحديثة. (¬3) "المقدمة" 2/ 694، وقريب منه رأي الحجوي في "الفكر السامي" 2/ 163.

الحنفي، و"مختصر ابن عبد الحكم"، و"مختصر ماليس في المختصر" لإبن شعبان، و"مختصر الوقار" في الفقه المالكي. و"مختصر المزني"، و"مختصر البويطي" في الفقه الشافعي. و"مختصر الخرقي" في الفقه الحنبلي. هذا، وقد وقع الإختصار الفقهي للمذهب الحنبلي خلال هذا الدوركما وقع الجمع، فيكون المذهب الأحمدي قد سار سيراً طبعياً في عمليتي جمعه واختصاره في مدة زمنية لم تتجاوز القرن منذ وفاة الإمام أحمد. وكما تفرد الخلال (311 هـ) بجمع المذهب، كذلك تفرد الخرقي (334 هـ) باختصاره في هذا الدور. ويعد "مختصر الخرقي" أول متن وُضع في الفقه الحنبلي المجرد، وضعه صاحبه على طريقة مختصر المزني (¬1)، واقتصر فيه على المعتمد من المذهب، وهذا يعني أنه في كل مسألة يقتصر على رواية واحدة من مجموع الروايات، ويعقدها على أنها المذهب. فيقول في كتاب الطهارة مثلاً: "وإذا كان معه في السفر إناءان: نجس وطاهر، واشتبها عليه أراقهما وتيمم" (¬2). فجزم بالإراقة، مع أن صاحب "المحرر" قال: "وهل يلزمه إعدام الطهور بخلط أو إراقة أم لا؟ على روايتين: إحداهما: لا يلزمه، وهو المذهب" (¬3). ويعتبر مختصر الخرقي وحيدًا في زمانه، صغيراً من حيث الحجم، لم تتجاوز مسائله (2300) مسألة (¬4)، ولهذا سهل حفظه، وبنى عليه المشايخ، وجعلوه عمدتهم قراءةً إقراءً، وحفظاً، وشرحاً، بل عمدة لدى طبقات علماء المذهب الكبرى الثلاث، وهم: المتقدمون، والمتوسطون، والمتأخرون (¬5). وكان واسعَ الشُّهْرَةِ عندهم مثنياً عليه أحسن ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى 4/ 450. (¬2) مختصر الخرقي، ص 23، ط. مكتبة المعارف، الرياض. (¬3) المحرر، 1/ 7، ط. المعارف، الرياض. وشرح الزركشي 1/ 150، بتحقيق الجبرين. ط. العبيكان (¬4) المدخل، لإبن بدران، ص 425. (¬5) اصطلع متأخرو الحنابلة على تقسيم علماء المذهب الذين اشتهروا بالتأليف فيه، فاعتنوا بالرواية، وجمعها، وترتيبها، وانتخاب المذهب المعتمد منها، وهم في جملتهم نحو (500) عالم وفقيه، وبلغت تآليفهم نحو (1400) كتاب. اصطلحوا على تقسيمهم إلى ثلاث طبقات زمانية متميز هي: - المقدمون: يبدأون من تلامذة الإمام أحمد (241 هـ) إلى وفاة الحسن بن حامد (403 هـ). - المتوسطون: يبدأون من تلامذة الحسن بن حامد وعلى رأسهم القاضي أبو يعلى (458 هـ). إلى وفاة البرهان ابن مفلح (884 هـ). - المتأخرون: يبدأون من علاء الدين المرداوي (885 هـ) إلى الآخر. =

ثالثا - شروح المختصرات

الثناء، حتى قال ابن البناء في مقدمة شرحه له: "وكان بعض شيوخنا يقول: ثلاثة مختصرات في ثلاثة علوم لا أعرف لها نظيرًا: "الفصيح"لثعلب، و"اللمع" لإبن جني، وكتاب "المختصر" للخرقي، ما اشتغل بها أحد وفهمها كما ينبغي إلا أفلح وأنجح" (¬1). ويعتبر مختصر الخرقي غير منتسب لكتاب قبله على خلاف ما هي العادة في أن تكون المختصرات تهذيبات وتصحيحات وتصغيرات لأمهات قبلها، فمختصر الخرقي، هو مختصر لفقه الإمام أحمد نفسه (¬2)، وخلاصة اجتهاده، كما أن "الرسالة" لإبن أبي زيد القيرواني (386 هـ) تعد اختصارًا لفقه الإمام مالك بن أنس، و"مختصر المزني" يعد اختصارًا لعلم الشافعي. ثالثا - شروح المختصرات لم يشتهر في هذا الدور من المختصرات إلا "مختصر الخرقي" المتقدم، وبالتالي لا نجد من شروح المختصرات إلا ما شرح به المختصر المذكور. فمن تلك الشروح: شرح المصنف نفسه على ما تذكره بعض المصادر، فقد قال ابن مفلح في مباحث النية في الصيام من كتاب "الفروع" ما نصه: " ... وهذا اختيار الخرقي في شرحه للمختصر" (¬3). وشرحه أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المعروف بـ"ابن شاقْلا" (369 هـ)، فقد قال أبو يعلى في كتاب"العُدّة" في أصول الفقه: "وذكر أبو إسحاق في جزء وقع إلي من شرح الخرقى، فقال: "أصحابنا على وجهين، فمنهم من يرى تخصيص العلة، ومنهم من لا يرى ذلك" (¬4). وشرحه ابن المسلم: أبو حفص عمر بن إبراهيم العكبري (387 هـ). ¬

_ = (المدخل المفصل 1/ 455 وما بعدها). (¬1) المنهج الأحمد 2/ 267. (¬2) فقد قال في مقدمته: "اختصرت هذا الكتاب على مذهب الإمام إلي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ... ". (¬3) الفروع 3/ 41، ط. عالم الكتب. ومثله لابن تيمية في "الفتاوى" (25/ 100). (¬4) العدة في أصول الفقه، لأبي يعلى، 2/ 563، تحقيق د. أحمد بن علي سير المباركي، ط. مؤسسة الرسالة.

رابعا - التآليف الجزئية المفردة

وآخرهم شرحاً له هو الحسن بن حامد (403 هـ)، وهو خاتمة رجال هذا الدور. رابعاً - التآليف الجزئية المفردة وذلك في موضوعات مختلفة متناثرة من أصول الدين وفروعه. وذلك كـ"الرد على الجهمية"، و"الناسخ والمنسوخ"، و"الفرائض"، و"أحكام النساء"، و"إبطال الحيل"، و"أركان الإسلام"، و"أحكام أهل الذمة"، و"الخصال والأقسام"، و"المناسك"، و"الحمام"، و"الغناء والملاهي"، وغير ذلك. وتكون هذه الطريقة البديعة عند علماء الحنابلة المتقدمين خصيصة من خصائص المذهب، ومناهج التأليف فيه، فإن إفراد المسائل والموضوعات العلمية بالبحث مفيد جداً، كما هو الآن في البحوث والرسائل الجامعية، فهي سنة الحنابلة، وإن كانت موجودة عند غيرهم، لكنها ليست بالقدر الذي عرف عند الحنابلة من الإتساع والتفنن. بالإضافة إلى ذلك فإننا نجد تلك العناوين الجزئية في المباحث المختلفة المفردة قد تكررت عند المتوسطين والمتأخرين، مما يدل على أن المذهب الحنبلي حافظ على هذه المزية على اختلاف الأزمنة والأعصار. خامساً - الكتابة في أصول الفقه الحنبلي تكاد تكون مباحث علم الأصول عند الحنابلة خلال هذا الدور مبثوثة في كتبهم الفقهية المطولة والجامعة، شأن كل علم في نشأته وبداية تأسيسه. فهناك من كان يلقي على تلامذته الأصول العامة لمذهب الإمام أحمد في اعتبارها وترتيبها، وذلك كما روى الفضل بن زياد القطان عن أبي طالب - صاحب الإمام أحمد- أنه أملى عليه ما يلي: "قال أبو عبد الله: إنما على الناس اتباع الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعرفة صحيحها من سقيمها. ثم يَتبعها إن لم يكن لها مخالف، ثم بعد ذلك قول أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأكابر، وأئمة الهدى يُتَّبعون على ما قالوا، وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك لا يخالفون، إذا لم يكن بعضهم لبعض مخالفاً، فإذا اختلفوا، نظر في الكتاب، فأي قولهم كان أشبه بالكتاب أخذ به، أوكان أشبه بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ به، فإن لم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر في قول التابعين، فأي قولهم كان

أشبه بالكتاب والسنة أخذ به، وترك ما أحدث الناس بعدهم" (¬1). ونجد في كتاب "الرد على أهل الإلحاد" لأبي بكر الأنباري بحثًا في المحكم والمتشابه، أفاد منه القاضي أبو يعلى (458 هـ) في كتابه "العدة"، كما أفاد أيضًا فيه من كتاب "القدر" لغلام الخلال في مسألة صيغة الأمر هل هي للوجوب أو لا؟ وأفاد من كتاب "التفسير" لنفس المؤلف في: أسماء الأشياء هل حصلت عن توقيف أو عن مواضعة؟ ومسألة اقتضاء الأمر المجرد عن القرائن للوجوب، ومسألة وقوع المجاز في القرآن، كما أفاد من كتابه "التنبيه" في بحث مسألة وجوب العمل بالعام قبل البحث عن المخصص، وأفاد من كتابه "الشافي" في مسألة مروية عن الإمام أحمد في أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بواجب (¬2). إلى جانب ذلك نجد بعض المصنفات المخصصة لأصول الفقه أو التي غلب عليها مباحث هذا الفن، منها ما هو كلي جامع، ومنها ما هو جزئي مفرد. فمن ذلك: كتاب "العلم" لأبي بكر الخلال (311 هـ) فإنه هو وكتاب "السنة" صنوان، بين في الأول أصول الإمام أحمد في الفقه، ويين في الثاني أصوله في العقيدة، قال شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللهُ-: " ... "السنة" وهو أجمع كناب يذكر فيه أقوال أحمد في مسائل الأصول الدينية، وإن كان له أقوال زائدة على ما فيه، كما أن كتابه في "العلم" أجمع كتاب يذكر فيه أقوال أحمد في الأصول الفقهية" (¬3). وفي ترجمة إلي إسحاق ابن شاقلًا يقول ابن إلي يعلى: "كثير الرواية، حسن الكلام في الأصول والفروع" (¬4). وهذا يعني أن له عناية بالأصول. وفي ترجمة أبي الحسن التميمي، قال ابن أبي يعلى: "وصنّف في الأصول والفروع والفرائض" (¬5). وفي ترجمة أبي الحسن الجزري البغدادي قال: "كان له قدم في المناظرة ومعرفة ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 1516. (¬2) العُدة في أصول الفقه 1/ 192، 216، 230؛ و 2/ 526، 689، 697؛ و 3/ 749. (¬3) مجموع الفتاوى 7/ 390. وينظر الجزء الثاني من هذا الكتاب (ص 32) للتحقيق في موضوع كتاب "العلم". (¬4) الطبقات 2/ 128. (¬5) المصدر السابق 2/ 139.

الأصول والفروع" (¬1). وقد نقل القاضي أبو يعلى عنه في تخصيص العموم بالقياس، فقال: "وقع إلي جزء فيه مسائل في أصول الفقه، إملاء أبي الحسن الجزري، وذكر فيه هذه المسألة، وحكى فيها خلافاً بين أصحابنا، واختار أبو الحسن: أنه لا يجوز تخصيصه بالقياس، وذكر فيها كلاماً كثيرًا (¬2). وقد مّر معنا في ترجمة منقح المذهب الحسن بن حامد -رَحِمَهُ اللهُ- أن من جملة مؤلفاته كتاب "شرح أصول الفقه". على أن الذي يطالع كتاب "العدة في أصول الفقه" للقاضي أبي يعلى (458 هـ) يستطيع أن يعتبره أول كتاب صدر للحنابلة في أصول الفقه بمباحثه الكاملة وتحرراته المنهجية المقارنة، والدليل على ذلك أنه بناه على "أصول الجصاص" الحنفي و"المعتمد" لأبي الحسين البصري المعتزلي الشافعي، وذلك يدل دلالة واضحة أنه لم يكن بين يديه كتاب حنبلي ينسج على منواله، وهذا من ناحية المنهج والمسلك في الإستدلال والمناقشة، أما مادته العلمية فقد استقاها من كتب المذهب التي وصلت إليه، وهي في عامتها متنوعة وجامعة للفقه والأصول والعقيدة وغير ذلك، كما سبق وصفها. ويالتالي يكون القاضي أبو يعلى -رَحِمَهُ اللهُ- جامعا ومحرراً لأصول المذهب الحنبلي، كما أن الخلال وابن حامد جمعا الفروع وحرراها التحرير الأولي المبكر، والقاضي أبو يعلى يعتبر من رجالات الدور اللاحق، إلا أن البحث اقتضانا أن نعطف عليه بما تقدم من الكلام لاستكمال التوضيحات اللازمة في موضوع كتابة الحنابلة في أصول الفقه الإسلامي في الدور الثاني من أدوار تاريخ هذا المذهب السَّني. * * * ¬

_ (¬1) المصدر السابق 2/ 167. (¬2) العُدّة في أصول الفقه 2/ 563.

الدور الثالث الإنتشار - الإزدهار - الإستقرار

الدور الثالث الإنتشار - الإزدهار - الإستقرار وفيه تمهيد، وخمسة مباحث: - الأول: المذهب في العراق. - الثاني: المذهب في حرّان. - الثالث: المذهب في الشام. - الرابع: المذهب في مصر. - الخامس: المذهب في الجزيرة العربية.

تمهيد

تَمْهِيدْ لم نر ضرورة تدعو إلى تقسيم فترة ما بعد نهاية القرن الرابع إلى يومنا هذا إلى أكثر من دور واحد، وذلك لأن الأعمال الأساسية في تحرير المذاهب الإسلامية الفقهية التي دونت وانتشرت، أصبحت منجزة ومستكملة في حدود نهاية القرن الرابع، ولذلك لم يبق لمن جاؤوا بعدهم من العلماء إلا الترتيب الفني والجمع بين الكتب والمصنفات، والموازنة في نطاق الرواية والحكايهَ للخلاف، وغير ذلك من الأعمال التي سنشير إليها في مواضعها المناسبة إن شاء الله تعالى. ولا شك أن المذهب الحنبلي انتشر انتشارًا متاخراً عن بقية المذاهب التي كانت في ذات الوقت تتعرض للإنحسار والإنقراض من بعض الأمصار. وفي ظل هذا الإنتشار كان المذهب الحنبلي يتطور نحو الأحسن، ويتوجه نحو الإزدهار والقوة والتمكن في أصوله وفروعه ومناهجه. ولذلك لا نتفق مع الشيخ محمد بن الحسن الحجوي حين عَمَّم في وسم هنا الطور بأنه "طور الشيخوخة والهرم المقرب من العدم" (¬1)، فإن هذه الشيخوخة، وهذا الهرم إن لزم بعض المذاهب، فإنه لا يلزم المذهب الحنبلي، لأننا إذا رجعنا إلى كتب المذاهب المعتمدة إلى يومنا هذا، فإننا نجد سائر المذاهب لا زالت نحتفظ بكتب المتقدمين "كالمدونة" عند المالكية، ومختصري الطحاوي والقدوري عند الحنفية، و"الأم" عند الشافعية، أما المذهب الحنبلي فإنه لا يكاد يعرف إلا من خلال مؤلفاته التي صنفها الأئمة فيما بعد القرن الرابع. وهذا يدل بصفة عامة على مدى الجهود المبذولة في تنمية هذا المذهب وتقويته على مدى القرون الثلاثة الأولى من هذا الدور على الأقل. ويبدو أن بداية هذا الدور تميزت بفجوة أخذت لتكون وتتنامى في صفوف العلماء، وهي انقسام العلماء إلى فقهاء ومحدثين. ¬

_ (¬1) الفكر السامي 2/ 163.

وقد رصد الخطابي المتوفى سنة 388 هـ تلك الفجوة، وأقام النكير على تكونها، فقال في "معالم السنن": "ورأيت أهل العلم في زماننا قد حصلوا حزبين وانقسموا إلى فرقتين: أصحاب حديث وأثر، وأهل فقه ونظر. وكل واحدة منهما لا تتميز عن أختها في الحاجة، ولا تستغني عنها في درك ما تنحوه من البغية والإرادة، لأن الحديث بمنزلة الأساس الذي هو الأصل، والفقه بمنزلة البناء الذي هو كالفرع. وكل بناء لم يوضع على قاعدة وأساس فهو منهار، وكل أساس خلا عن بناء وعمارة فهو قفر وخراب. ووجدت هذين الفريقين على ما بينهم من التداني في المحلين، والتقارب في المنزلتين، وعموم الحاجة من بعضهم إلى بعض، وشمول الفاقة اللازمة لكل منهم إلى صاحبه، إخوانًا متهاجرين، وعلى سبيل الحق بلزوم التناصر والتعاون غير متظاهرين: فأما هذه الطبقة، الذين هم أهل الأثر والحديث، فإن الأكثرين منهم إنما وَكْدُهُم الروايات وجمع الطرق، وطلب الغريب والشاذ من الحديث، الذي أكثره موضوع أو مقلوب، لا يراعون المتون ولا يتفهمون المعاني ولا يستنبطون سرها، ولا يستخرجون ركازها وفقهها، وربما عابوا الفقهاء، وتناولوهم بالطعن، وادعوا عليهم مخالفة السنن، ولا يعلمون أنهم عن مبلغ ما أوتوه من العلم قاصرون، وبسوء القول فيهم آثمون. وأما الطبقة الأخرى، وهم أهل الفقه والنظر، فإن أكثرهم لا يعرجون من الحديث إلا على أقله، ولا يكادون يميزون صحيحه من سقيمه، ولا يعرفون جيده من رديئه، ولا يعبأون بما بلغهم منه أن يحتجوا به على خصومهم إذا وافق مذاهبهم التي ينتحلونها، ووافق آراءهم التي يعتقدونها، وقد اصطلحوا على مواضعة بينهم في قبول الخبر الضعيف، والحديث المنقطع، إذا كان ذلك قد اشتهر عندهم، وتعاورته الألسن فيما يينهم، من غير تثبت فيه أويقين علم به، فكان ذلك ضلالة في الرأي وغبنًا فيه. وهؤلاء -وفقنا الله إياهم- لو حكى لهم عن واحد من رؤساء مذاهبهم، وزعماء نحلهم قول يقوله باجتهاد من قبل نفسه، طلبوا فيه الثقة واستبرؤوا له العهدة" (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 3، المكتبة العلمية، بيروت، 1981.

وقد واجه المذهب الحنبلي في انتشاره في ديار الإسلام صعوبة بسبب تأخره في الزمان، وذلك أن الناس قد استقروا على المذاهب التي انتهت إليهم، ودرجوا على تلك المذاهب في شأن الفتوى والقضاء والتعلم والتعليم والتصنيف وغير ذلك. وعلى الرغم من تلك العوائق، فإن هذا المذهب لم ينقرض، كما انقرضت بعض المذاهب مع مطلع القرن الخامس للهجرة، بل كتب له الإستمرار في مسقط رأسه وموطن نشأته: دار السلام، فبقي هناك يدرّس ويعلّم، ويتلقاه اللاحق عن السابق إلى عهود متأخرة، كما انتشر هنا وهناك في الأقطار الإسلامية، كحرآن، والشام، ومصر، والجزيرة العريية، وملأ سجلات التاريخ الإسلامي برجاله وآثاره، فما من فن من الفنون إلا وللحنابلة فيه مشاركة عالية ويد بيضاء سابغة. وفي المراحل الأولى من هذا الدور ازدهر المذهب الحنبلي ازدهارًا شاملًا، وتكامل تكاملًا نسبيًا، وتدريجيًا، وذلك بالأعمال العلمية التالية: أولاً: ضبط القواعد العامة في نقل المسائل المروية عن الإمام أحمد وأصحابه، ومن ثَمَّ تبين ما هو منصوص، وما ليس منصوصًا، وما هو منصوص: هل فيه رواية واحدة أو أكثر؟ وهل الروايات المتعددة مختلفة أو متفقة؟ وهكذا. ثانياً: نشاط المجتهدين في المذهب بتخريج الفروع على الأصول، وبناء غير المنصوص على المنصوص. ثالثا: نشاط المجتهدين في الترجيح بين الروايات، والوجوه، والإحتمالات، وتولدت من جراء ذلك عدة اصطلاحات فنية استخدامية. وهذا النوع من النشاط الإجتهادي امتد حتى عصور متأخرة، وكثرت عليه التعقبات والتصحيحات، حتى أواخر القرن التاسع تقريباً، وكان خاتمتهم في ذلك العلامة علاء الدين المرداوي (885 هـ). الذي وصفه العليمي بقوله: "شيخ المذهب وإمامه ومصححه ومنقحه" (¬1). ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 5/ 290.

رابعًا: وضع "قواعد" عامة و"ضوابط" خاصة لفقه المذهب، وتنظيم فروعه، ليسهل على الطلاب والعلماء والمحققين معرفة القول الشاذ من المطرد، ورد كل حكم إلى قاعدته ما أمكن، وجمع النظير إلى النظير، وقرن الشبيه بالشبيه، وضبط ما يمكن ضبطه من المتشابهات في الباب الواحد بضابط عام، كما ظهرت إلى جانب ذلك جهود كثيرة في تحديد "الفروق" بين المسائل المتشابهة. فبهذه الأعمال الجليلة دخل الفقه الحنبلي في طور جديد، وأصبح مُمكنًا بفضل فقه القواعد وفقه الضوابط وفقه النظريات وفقه الفروق (¬1). خامسًا: استكمال البحث في أصول الفقه الحنبلي على غرار المذاهب الأخرى، لبيان القواعد العامة والخاصة في تفسير نصوص الكتاب والسنة، بالإضافة إلى طرق الإستنباط ومناهج الإجتهاد والفتوى، وييان المصادر التشريعية التبعية الأخرى، وتحديد موقف الحنابلة منها اعتبارًا وإلغاء، بالإضافة إلى طرق الترجيح عند التعارض بين الأدلة. ولا ريب أن هذا الإستكمال في هذه الجوانب أمَدَّ فقهاء المذهب فيما بعد - فضلًا عن أصول فقه الأدلة والإستنباط، ومصادر التشريع- بعُدّة لا بأس بها طبقت على كيفية التصرف مع كلام المتقدمين، والموازنة بين المرويات من الأقوال والوجوه والإحتمالات، وغير ذلك. سادسًا: إثراء المذهب بالصطلحات المختلفة التنوعة، كالإصطلاحات المفردة في ألفاظ الإمام أحمد، والإصطلاحات المختصة بالنقل والرواية، والإصطلاحات المختصة بالترجيح وطرقه، والإصطلاحات اللفظية الموضوعية في التعبير عن الأحكام، ومختلف أنواعها ودرجاتها. وهذه المصطلحات كثرت وطغت على كتب المختصرات، ومصنفات المتأخرين، الذين عنوا بتصحيح المذهب، وتولد عند الحنابلة فقه خاص بالمصطلحات يسمى "لغة الفقهاء". ويعد ابن الجوزي (597 هـ) صاحب الفضل في السبق إلى التأليف في هذا الموضوع (¬2). ¬

_ (¬1) ويلاحظ أن قواعد الفقه الحنبلي حررت متأخرة نسبياً، وأبرز الجهود في ذلك جهود للطوفي وابن رجب وابن اللحام."المدخل" لإبن بدران، ص 456 - 458. (¬2) واسم كتابه "لغة الفقه". ذكره ابن رجب في"ذيل طبقات الحنابلة" 1/ 420.

ويمكن القول بأن المذهب الحنبلي قد استقر من الناحية التنقيحية بعد القرن التاسع، إذ لم نر بعد نهاية هذا القرن غير النقول، والفتاوي، والحفظ، والتدريس، والإعتناء بالتراجم، وبالتالي فوصف "الإستقرار" لم يكن عاما لهذا الدور، بل اختص بالقسم الأخير منه فقط. وسيتم بحث هذا الدور الكبير في مداه الزمني، الحافل بالأعمال والحوادث والتغيرات، مراعيًا تطور المذهب وتوضعه هنا وهناك، في محوري الزمان والمكان بآن واحد.

المبحث الأول المذهب في العراق

المبحث الأول المذهب في العراق نشأ المذهب الحنبلي في العراق كما هو معروف، وبالتالي فنحن إذا تحدثنا عن انتشاره، فإنما نتحدث عن وجوده ونموه خارج بغداد، ولكن آثرنا أن نفرد عاصمة المذهب الأولى بتسليط الضوء على ما كان فيها من جهود وأعمال في ظل ذلك الإنتشار، الذي أخذ ظله يتمدد في بلاد الإسلام عبر زمن طويل، وذلك من أجل الكشف عن جهود البغاددة في خدمة هذا المذهب السني وإعلاء شأنه، وتصديره إلى الخارج. ويغمز الحنابلة بأنهم قليلو الأتباع، لم يحظو بما حظي به غيرهم من كثرة الإنتشار في الأمصار، وأن سحائبهم لم تبلّ بوابلها إلا قلًّا قليلاً من الأراضي والديار، إذ بزغ النجم الحنبلي بعدما ملأت نجوم غيره الآفاق بضيائها. وهذا المغمز إنما يتضرر منه من يعد المناقب بعدد الأتباع والأشياع، وينظر إلى الأمور يمنظار الحساب المادي الذي لا قيمة له في بعض المواطن بتاتا، فإن العبرة في قوة المذاهب وضعفها بأئمتها وشيوخها المجتهدين، وعلمائها العاملين، لا بالسواد الذي لا يقدم شيئًا ولا يؤخره في هذا المضمار (¬1). وإذاكانت العبرة بالعلماء لا بالعوام، وبالأئمة لا بالطَّغام، فإن العالم الواحد قد يقاس بأمة، وذلك بما يبذله من الجهود العظيمة وما يقدمه للأمة من الأعمال الجليلة التي تَخْلُدُ مِنْ بَعده، وتتوارثها الأجيال، لا تفتأ تستفيد منها، مما لا يستطيعه العشرات. فهذا ابن حزم لا يكاد يُعرف المذهب الظاهري إلا من خلال كتبه ومصنفاته التي لا يستطيع تأليف مثلها إلا الفحول الأفذاذ. ¬

_ (¬1) وصدق الشيخ أبو زهرة حين قال: "وكان من المخرجين وأصحاب الوجوه من لا يحصون في ذلك المذهب الجليل، وكأن الله عوضه عن عدد العوام الذبن يعتنقونه بعدد عظيم من العلماء ذوي القدم الراسخة في البحث والإستنباط والتخريج". ابن حنبل، ص 431.

فالحنابلة إن قل عددهم بالنظر إلى غيرهم، فقد بورك في تلك القلة، حتى انتشر علمها، وكثر المستفيد منها، ونهل من معينها الصافي القريب والبعيد، وصارت بذلك كثرة في المعنى، كما قال القائل (¬1): يقولون لي: قد قل مذهب أحمدٍ ... وكلُّ قليل في الأنام ضئيلُ فقلت لهم: مهلًا غلطتم بزعمكم ... ألم تعلموا أن الكرام قليلُ وما ضرنا أنا قليل وجارنا ... عزيز وجار الأكثرين ذليلُ على أن أبا الوفاء ابن عقيل (513 هـ) البغدادي رد سبب هذه القلة إلى ميل الأصحاب إلى التزهد والإنقطاع إلى العبادة، فقال في ذلك: "هذا المذهب إنما ظلمه أصحابه، لأن أصحاب أبي حنيفة والشافعي إذا برع واحد منهم في العلم تولى القضاء وغيره من الولايات. فكانت الولاية لتدريسه واشتغاله بالعلم. فأما أصحاب أحمد، فإنه قل فيهم من تعلق بطرف من العلم إلا ويخرجه ذلك إلى التعبد والتزهد، لغلبة الخير على القوم، فينقطعون عن التشاغل بالعلم" (¬2). ولكلن هذا الحكم من ابن عقيل ليس عامًا، بل هو وصف لأصحابه البغدايين فقط، فقد تقلد الحنابلة في الشام ومصر مناصب القضاء، وإدارة المدارس، وشؤون الفتوى، بل عمل بعضهم في الوزارة كابن هبيرة (560 هـ) والسفارة كأبي محمد التميمي (488 هـ). وانتشار المذهب بعد القرن الرابع خارج بغداد يدل على قوته، وتلقي الناس له بالرضا والقبول، وترجيحه على غيره عند كثير من العلماء (¬3). ¬

_ (¬1) ذكر هذه الأبيات الشيخ أبو زهرة (ابن حنبل: ص 431) ولم ينسبها لأحد. وفيها معارضة للامية السمَوْال ابن عاديا، والتي مطلعها: إذا المرء لم يدنَس من اللُّؤم عرضُه ... فكلُّ رداءٍ يرتديه جميلُ (¬2) ذيل طبقات الحنابلة، لإبن رجب الحنبلي، 1/ 157. (¬3) ينظر في ذلك الباب الثامن والتسعين من"المناقب" لإبن الجوزي، فقد عقده بعنوان: سبب اختيارنا لمذهب أحمد على مذهب غيره. ومقدمة كتاب "المدخل" لإبن بدران، وكذلك "العقد الثاني" منه.

والمذهب الحنبلي، وإن انتشر خارج بغداد خلال هذا الدور واشتد ساعده بعد ذلك في الشام ومصر والجزيرة العربية، إلا أن الفضل في ذلك إنما يرجع إلى ما بذله البغداديون من الجهود والأعمال، وذلك كما قال القائل (¬1): نقِّل فؤادك حيثُ شئتَ من الهوى ... ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأولِ فقد كان علماء العراق مثابة للطلاب من الأنحاء المختلفة، إليهم تضرب أكباد اللإبل في الأغوار والأنجاد، فكانوا هم السبب في تصدير المذهب إلى بلدان مختلفة. وقد ضرب الحنابلة في بغداد أروع الأمثال في الصبر والثبات، والأمر بالمعروف والنهي عن النكر، ومواجهة البدع، والدفاع عن السنة ومذهب السلف (¬2). وقد التزم الحنابلة القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بغداد أيما التزام، فقد كانوا يأخذون على أيدي العصاة والفساق، ويداهمون دور الفساد، ويقيمون الحسبة على الناس في أسواقهم، وبيعهم وشرائهم، ويمنعون اختلاط الرجال بالنساء، والخلوة المحرمة بين الجنسين، حتى سجلوا في ذلك مقامات وقصصًا مشهورة، دونها الأخباريون والمؤرخون في سجلاتهم. قال ابن الأثير في حوادث سنة 323 هـ: "وفيها عظم أمر الحنابلة، وقويت شوكتهم، وصاروا يكبسون من دور القواد والعامة، وإن وجدوا نبيذًا أراقوه، وإن وجدوا مغنية ضربوها، وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء، ومشي الرجال مع النساء والصبيان، فإذا رأوا ذلك سألوه عن الذي معه: من هو؟ فأخبرهم، وإلا ضربوه وحملوه إلى صاحب الشرطة، وشهدوا عليه بالفاحشة، فأرهجوا بغداد" (¬3). ¬

_ (¬1) هو أبو تمام، والييت في "ديوانه" 4/ 353. (¬2) ينظر على سبيل المثال ما ورد في ترجمة الشريف أبي جعفر (470 هـ) وما كان بينه ويين ابن القشيري من الوقائع في "طبقات الحنابلة" 2/ 239، و"ذيل الطبقات"، لإبن رجب، 1/ 15 - 16. (¬3) الكامل في التاريخ، 8/ 307، دار صادر، بيروت، 1966.

1 - القاضي أبو يعلى (380 - 458 هـ)

فلما أبلى الحنابلة البلاء الحسن وصبروا في ذات الله بوأهم الله المراتب العالية والمناصب المرموقة، فتولوا القضاء، والتدريس في المدارس الرسمية وغير الرسمية، والقيام ببعض الأعمال في الدولة العباسية، كتولي الوزارة، والقيام بالسفارة. ومن أبرز العلماء الذين خدموا المذهب في بغداد: 1 - القاضي أبو يَعْلى (380 - 458 هـ): وهو محمد بن الحسين، المعروف بالفراء، تلميذ الحسن بن حامد (403 هـ). تتلمذ على يديه منذ السنة العاشرة من عمره، والشيخ ابن حامد هذا كان إمام الحنابلة وفقيههم في زمانه. أخذ القاضي عنه أخلاقه، ونهل من علمه وتفقه على يديه، وفاق أقرانه، ولاحظ ذلك الشيخُ الأستاذُ الذكاءَ والتفوق يبرق في عيني تلميذه أبي يعلى، فاعتنى به، وكانت له فراسة، فرأى في أبي يعلى مع صغر سنه بين أصحابه الذين يدرسون ويتفقهون عليه أنه أجدرهم بحمل الراية من بعده، وتولي رئاسة حلقة الحنابلة ليدرسهم ويفتيهم. قال أبو بكر ابن الخياط: "سألت أبا عبد الله ابن حامد إمام الحنبلية في وقته عند خروجه إلى الحج في سنة 402 هـ. فقلت: على من ندرس؟ وإلى من نجلس؟ فقال: إلى هذا الفتى. وأشار إلى القاضي الإمام أبي يعلى" (¬1). وهذا يدل على أنه تصدر للتدريس والتعليم في سن الثانية والعشرين. ومعنى ذلك أنه بقي في هذا الشأن بالإضافة إلى القضاء والتأليف مدة ست وخمسين سنة!! وقد بدأ بالتصنيف في هذه السنة أيضًا، أي: سنة 402 هـ، على ما ذكر عنه ولده، لذلك كثرت مصنفاته وتنوعت. ويمكن القول بأن القاضي أبا يعلى خدم المذهب الحنبلي من خلال ثلاث قنوات رئيسة: التأليف، والتعليم، والقضاء. ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 177.

فأما التأليف: فقد حاز فيه قصب السبق، إذكانت كتبه كثيرة ومتنوعة ومفيدة في نفس الوقت. قال الذهبي في وصفها: "صاحب التعليقة الكبرى، والتصانيف المفيدة في المذهب" (¬1). وقد تجاوزت مصنفاته الخمسين في عدتها، أحصاها ولده (¬2). وكانت هذه التصانيف موزعة على علوم التفسير، وأصول الدين، وأصول الفقه، والفقه بكافة فروعه، والأدب، والطب، وغير ذلك. وقد كانت عمدة الطالبين، وبغية الباحثين، عول عليها الشيوخ وبنوا في قالبها، ونسجوا على منوالها. قال ولده أبو الحسين في وصفها: "ومن نظر في تصانيفه حقيقة النظر، علم أن ما وراءه مرامًا ولا مقالًا، إلا ما يدخل على البشر من التقصير عن الكمال، ويخرج به العالم عن منازل الأنبياء، ويتميز به المتأخر عن مراتب أهل التقدم من العلماء. فلقد حمل الناس عنه علماً واسعًا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن الأصول والفروع" (¬3). ¬

_ (¬1) السير 18/ 89. (¬2) الطقات 2/ 205، واستقرأ الدكتور عبد القادر أبو فارس أسماء الكتب التي لا تزال موجودة إلى اليوم من مؤلفات المترجم، وأشار إلى أماكن وجودها في مكتبات العالم، ثم سرد بعد ذلك بقية أسماء الكتب الفقودة مع التعليق المفيد عليها. القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، ط. مؤسسة الرسالة، ص 184 و 245. وهذه عناوين الكتب التي لا تزال موجودة إلى اليوم: 1 - كتاب الأحكام السلطانية. 2 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3 - كتاب الإيمان. 4 - كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة. 5 - كتاب الروايتين والوجهين. 6 - كتاب شرح مختصر الخرقي. 7 - كتاب العُدة في أصول الفقه. 8 - الكفاية في أصول الفقه. 9 - مختصر المعتمد في أصول الدين. (¬3) الطبقات 2/ 206.

ولم تكن مصنفاته نقولًا لكلام من تقدم عليه فحسب، بل هي مليئة بالتحقيقات والإجتهادات والإختيارات والوجوه. والإحتمالات التي لأبي يعلى تشكل نسبة عالية من الإحتمالات الواردة في الفقه الحنبلي كله. قال البعلي: "وكثير من الإحتمالات في المذهب، بل أكثرها للقاضي أبي يعلى محمد بن الفراء في كتابه "المجرد" وغيره" (¬1). لا شك أن هذه الإحتمالات فعلت فعلها الإيجايي البَنّاء في إثراء المذهب وتنميته. والدليل على ذلك أن فقهاء الحنابلة عدوا القاضي أبا يعلى في زمرة المجتهدين في المذهب في الدرجة العالية. فقد قال ابن القيم في النوع الثاني من أنواع المجتهدين ما نصه: "النوع الثاني: مجتهد مقيد في مذهب ائتم به، فهو مجتهد في معرفة فتاويه وأقواله ومأخذه وأصوله، عارف بها، متمكن من التخريج عليها، وقياس مالم ينص من ائتم به [عليه] على منصوصه، من غير أن يكون مقلداً لإمامه، لا في الحكم، ولا في الدليل. لكن سلك طريقه في الإجتهاد والفتيا، ودعا إلى مذهبه ورتبه وقرره. فهو موافق له في مقصده وطريقته معاً. وقد ادعى هذه المرتبة من الحنابلة: القاضي أبو يعلى، والقاضي أبو علي بن أبي موسى في شرح "الإرشاد" الذي له" (¬2). وأما التعليم: فقد كان القاضي أبو يعلى شيخ الحنابلة في وقته بلا منازع، يدرس ويعلم، لم يفتر عن ذلك حتى مع تقدم السن به، فبرز على يديه تلامذة نجباء، وعلماء أعلام. فمن الذين تفقهوا على يديه: الشريف أبو جعفر، وأبو علي ابن البناء، وأبو الوفاء ابن عقيل، ومحفوظ الكلوذاني (أبو الخطاب). وغيرهم عدد كثير (¬3). ¬

_ (¬1) المطلع على أبواب المقنع، للبعلي، ص 461، المكتب الإسلامي، 1981، و"الإنصاف" المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 1/ 9. (¬2) إعلام الموقعين 4/ 173، ويلاحظ أن ابن حمدان جعل هنا النوع من المجتهلين مقلداً لإمامه في الحكم والدليل، على ما نقله عنه المنقور في"الفواكه العديدة"2/ 172. وهذا يخالف ما قال ابن القيم، إلا أن يكون هناك خطأ أو تصحيف في النقل. ويبدو أن الصواب مع ابن القيم لما يعلم لأبي يعلى من التفردات والتخريجات، والله أعلم. (¬3) الطبقات 2/ 2204، السير 18/ 89، القاضى أبو يعلى، لعبد القادر أبو فارس، ص 257.

وأما القضاء: فقد عاش القاضي أبو يعلى في ظل خلافة القادر بالله، الذي تعتبر مدته في الخلافة أطول المدد، فقد أنافت على أربعين سنة، وكان من الفقهاء المشتغلين بالعلم حتى عده ابن الصلاح في طبقات فقهاء الشافعية. وكان القادر بالله يميل إلى القاضي أبي يعلى ويقربه. فلما توفي سنة 422 هـ، وخلفه ولده القائم بأمر الله، ولاه على قضاء الحريم، وكان يُشترط لهذا المنصب الجمع بين العلم والزهد، وكان القاضي أبو يعلى على جانب عظيم من الزهد والورع والعبادة والعفة والنظافة. وأما العلم فهو المفسر الأصولي الفقيه المحدث المناظر. فكان هو المرشح الوحيد لهذا المنصب في رأي القائم بأمر الله. فوافق أبو يعلى على ذلك بعد إلحاح شديد وتمنع متكرر، واشترط على الخليفة شرائط، منها: أن لا يحضر أيام المواكب الشريفة، ولا يخرج في الاستقبالات، ولا يقصد دار السلطان، وفي كل شهر يقصد نهر المعلّى يوما وياب الأزج يوماً، ويستخلف من ينوب عنه في الحريم. فاستجاب الخليفة لشروطه، وولاه القضاء في الدماء والفروج والأموال، وأسند إليه قضاء حرّان وحلوان العراق (¬1). فسار في القضاء سيرة الأبرار النزهاء، فأصلح الفساد، وأنصف المظلوم، وأوصل الحقوق، وفصل الخصومات، وكان في ذلك كله يعرض المذهب الحنبلي على ميدان الواقع، ولا يخفى ما في ذلك من إعطاء هذا المذهب قوته وحيويته في الجانب القضائي، وكان القاضي أبو يعلى من السابقين الأولين في الكتابة في موضوع الأحكام السلطانية (¬2) من وجهة نظر الإجتهاد الحنبلي، ولعل عمله في القضاء وعلاقته الطيبة مع الخليفة هي التي حفزت همته لذلك. ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 199، السير 18/ 90. (¬2) قال الدكتور عبد القادر أبو فارس:"وأما كتابه"الأحكام السلطانية" فهو ثاني اثنين من الكتب التي صنفت في النظم الإسلامية، وحَوَيا بين دفتيهما النظام السياسي والنظام القضائي والنظام الإداري والنظام المالي. ولم يوجد فيما نعلم من صنف كتابا جمع هذه النظم غير القاضي أبي يعلى بن الفراء في كتابه هنا، ومعاصره أبي الحسن الماوردي". اهـ. القاض أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، ص 543.

2 - أبو الخطاب (432 - 510 هـ)

ومع ما كان لديه من الحظوة عند الخلفاء العباسيين، فإنه لم يكن مداهناً لهم، بل بالعكس كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كتابه "تبرئة معاوية" لأعظم دليل على أنه بعيد كل البعد عن مداهنة الخلفاء. -رَحِمَهُ اللهُ- وجزاه خيراً على ما قدم وأبلى. 2 - أبو الخَطّاب (432 - 510 هـ): محفوظ بن أحمد الكَلْوَذَاني. تلميذ القاضي أبي يعلى. ويعتبر أبرز من جاء بعد القاضي بالنسبة إلى تحقيق المذهب وخدمته والإجتهاد فيه، فقد درس على أبي يعلى ولزمه حتى برع في المذهب والخلاف. وقرأ عليه بعض مصنفاته، وقرأ الفرائض على أبي عبد الله الوني، وبرع فيها أيضاً، وصار فريد عصره في الفقه، ودرّس وأفتى، وقصده الطلبة (¬1). قال ابن رجب في وصفه: "كان أبو الخطاب - رضي الله عنه - فقيهاً عظيماً كثير التحقيق، وله من التحقيق والتدقيق الحسن في مسائل الفقه وأصوله شيء كثير جداً، وله مسائل ينفرد بها عن الأصحاب" (¬2). ثم شرع في إيراد تلك التفردات معلقاً عليها. وهذا التحقيق والتدقيق الذي أشار إليه ابن رجب، قد بثه أبو الخطاب فيما خلّف من ذخائر المواريث، وهي مصنفاته الحسان في المذهب والأصول والخلاف، ومن جملتها: "الهداية" في الفقه، وقد طبع في الرياض في جزأين، والخلاف الكبير سماه "الانتصار في المسائل الكبار" حُقق منه مسائل: الطهارة والصلاة والزكاة في ثلاث رسائل جامعية، والخلاف الصغير المسمى "رؤوس المسائل" وهى التي كان يشير صاحب "المحرر" إلى أن ما ذكره فيها ظاهر المذهب (¬3). ومن تأليفاته أيضاً: "التهذيب" في الفرائض، و"التمهيد" في أصول الفقه، وقد طبع في جامعة أم القرى في أريعة مجلدات، و"مناسك الحج". ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة لإبن رجب 1/ 116. (¬2) المصدر السابق، 1/ 120. (¬3) الفروع لإبن مفلح مع تصحيحه للمرراوي، 1/ 52.

3 - ابن المني (501 - 583 هـ)

بالإضافة إلى هذا يعتبر الكلوذاني من الأدباء الشعراء المجيدين، وظف شعره في خدمة العلم، فقد نظم قصيدة دالية في بيان اعتقاده في مسائل الصفات وغيرها. وقد أوردها العليمي (¬1) كاملة، ومن جملة ما جاء فيها: قالوا: فتزعم أنْ على العرش استوى ... قلت: الصوابُ كذاك أخبر سيدي قالوا: فما معنى استِواه؟ أبِن لنا ... فاجبتهم: هذا سُؤالُ المعتدي قالوا: فأنت تراه جسمًا قُلْ لنا ... قلت: المجسِّم عندنا كالمُلحِدِ وقد تخرج على يدي أبي الخطاب عدد من أعلام المذهب، منهم: أبو المحاسن هبة الله بن أبي القاسم منصور الحراني، وعبد الوهاب بن حمزة البغدادي، وعلي بن الحسن الدواحي، وأبو بكر أحمد الدينوري، وعبد الله بن هبة الله السامُرّي، وعبد الرحمن الحلواني، وأحمد الأزجي، وعبد القادر الجيلي، وابن الدجاجي، ومسلم ابن ثابت المأموني، وأحمد بن أبي الوفاء البغدادي. 3 - ابن المَنِّي (501 - 583 هـ): نصر بن فِتْيان بن مطر النهرواني. وهو وإن لم يكن معروفا بمؤلفاته، إذ لم يذكر له مترجموه إلا تعليقة كبيرة في الخلاف، فإنه صاحب المنة على كثير من الحنابلة من مختلف البلدان الإسلامية، فقد رحلوا إليه، وتربوا بين يديه، وتلقوا الفقه من لسانه. قال ابن رجب في وصفه:"ناصح الإسلام، وأحد الأعلام، وفقيه العراق على الإطلاق" (¬2). وقد صرف همته طول عمره إلى الفقه أصولًا وفروعًا، وطال عمره، وبعُد صيته، وتخرج عليه أئمة كثيرون. قال ناصح الدين ابن الحنبلي -وهو من حنابلة الشام-: "رحلت إليه فوجدت مسجده بالفقهاء والقراء معمورًا، وكل فقيه عنده من فضله وإفضاله مغمورًا، فأنخت راحلتي بربعه، وحططت زاملة بغيتي على شرعة شرعه، فوجدت الفضل الغزير، والدين القويم المنير، والفجر المستطيل المستطير، والعالم الخبير، ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 3/ 58 - 61. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 358.

فتلقاني بصدر بالأنوار قد شرح، ومنطق بالأذكار قد ذكر ومدح، وبباب إلى كل باب من الخيرات قد شرع وفتح، فتح الله عليه. حفظ القرآن العظيم، وهو في حداثة من سنه، ولاحت عليه أعلام المشيخة، فرجح مَنُّه على كل مَنّ بفضل الله تعالى ومَنّه، ولم ينقل عنه أنه لعب، وَلَاَلهَا، ولا طرق باب طرب ولا مشى إلى لذة ومشتهى" (¬1). وقال ابن الحنبلي أيضًا: أفتى ودرّس نحوًا من سبعين سنة، ما تزوج ولا تسرى، ولا ركب بغلة ولا فرسًا ... وكان لا يتكلم في الأصول. ويهذا تدرك السر الذي لأجله كثر تلاميذ هذا الشيخ وذاعت أخباره ورحل إليه الرجال من الآفاق. فمن تلامذته البغداديين: أبو بكر الحلاوي، وقاضي القضاة نصر بن عبد الرزاق، حفيد الشيخ عبد القادر الجيلي. ومن تلامذته الشامين: الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي، والحافظ عبد الغني المقدسي، وكلاهما غني عن التعريف، ومنهم الناصح ابن الحنبلي. ومن تلامذته الحرانيين: الشيخ المفسر فخر الدين ابن تيمية، والموفق ابن صديق، ونجم الدين ابن الصيقل. قال الناصح بن الحنبلي: "وفقهاء الحنابلة اليوم في سائر البلاد يرجعون إليه وإلى أصحابه". ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 359، المنهج الأحمد 3/ 295. وننبه القارئ الكريم إلى أن طبقات الحنابلة وذيله مطبوعان طباعة سيئة مليئة بالتحريفات والتصحيفات وبعض السقط مما يوجب التأكد من المعلومات في المصادر الأخرى.

4 - ابن الجوزي (509 - 597 هـ)

وعقب ابن رجب على ذلك، فقال: "وإلى يومنا هذا الأمر على ذلك، فإن أهل زماننا، ومن قبلهم إنما يرجعون في الفقه من جهة الشيوخ والكتب إلى الشيخين: موفق الدين المقدسي، ومجد الدين ابن تيمية الحراني. فأما الشيخ موفق الدين، فهو تلميذ ابن المنّي، وعنه أخذ الففه، وأما ابن تيمية فهو تلميذ نلميذه أبي بكر محمد بن الحلاوي" (¬1). 4 - ابن الجَوزي (¬2) (509 - 597 هـ): هو الشيخ العلامة، الحافظ، المفسر، شيخ الإسلام، جمال الدين، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد. ينتهي نسبه إلى خليفة المسلمين الأول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه وأرضاه - (¬3). ولد في بغداد سنة (509 هـ) ونشا فيها وتعلم حتى برع في كثير من الفنون والعلوم، وصار شيخ وقته، وواعظ زمانه. وكان مولده بدرب حبيب -محلة ببغداد- وتوفي أبوه وهو صغير لا يتجاوز الثالثة من العمر، فقامت على رعايته وكفالته أمه وعمته، وكانت عمته جاهدة حريصة على تعليمه وتحفيظه، فحملته عند ترعرعه إلى مسجد أبي الفضل بن ناصر، فاعتنى به وأسمعه الحديث (¬4). وهكذا أخذ يتدرج ويتقدم في العلوم حتى نضج واكتمل وبرع، ومالت نفسه إلى الوعظ منذ صغره، فلهج به وهو مراهق، ووعظ الناس وهو صبي. وبدأ مسيرته العلمية سنة (516 هـ)، وقد تحدث هو بنفسه عن تلك البداية في مقدمة مشيخته فقال: "حملني شيخنا ابن ناصر إلى الأشياخ في الصغر، وأسمعني العوالي، وأثبت ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 360، المنهج الأحمد 3/ 296. (¬2) اختلف في هذه النسبة إلى ماذا تكون؛ فقيل: إلى محلة بالبصرة تعرف باسم "الجوزة"، وقيل: إلى شجرة الجوز، وذلك أنه كانت بداره في واسط جوزة، لم يكن بواسط جوزة سواها. السير 21/ 372، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 400. (¬3) السير 21/ 365، وذيل طبقات الحنايلة 1/ 399. (¬4) السير 21/ 368، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 401.

سماعاتي كلها بخطه، وأخذ لي إجازات منهم. فلما فهمت الطلب كنت ألازم من الشيوخ أعلمهم، وأوثر من أرياب النقل أفهمهم، فكانت همتي تجويد العُدد لا تكثير العدد. ولما رأيت من أصحابي من يؤثر الإطلاع على كبار مشايخي ذكرت عن كل واحد منهم حديثًا" (¬1). وكانت بغداد إلى ذلك الوقت لا تزال عاصمة العلم يجتمع فيها الجهابذة في كل فن، فكان ذلك نعمة على ابن الجوزي وفضلًا من الله، إذ إنه لم يحتج إلى أن يرحل في طلب العلم، فالشيوخ بين يديه تزخر بهم بغداد في كل فن، فجعل يختار منهم الأعلم والأفهم، ومع هذا الإنتقاء فقد حصلت له مشيخة حافلة تنوف على الثمانين شيخًا (¬2)، ومن أشهر هؤلاء الشيوخ: - أبو بكر الدينوري الحنبلي، وهو شيخه في الفقه والخلاف والجدل والأصول. - القاضي أبو الحسين بن أبي يعلى الفراء. وهو شيخه في الفقه. - أبو حكيم النهرواني. وهو شيخه في الفقه أيضًا. - أبو الحسن بن الزاغوني. أخذ عنه الفقه والوعظ. - سبط ابن الخياط. وهو شيخه في القرآن. - أبو منصور الجواليقي. وهو شيخه في اللغة والأدب. فهؤلاء الأئمة اجتمعوا على تكوين ثقافة ابن الجوزي وتعاونوا على تثقيف قلبه وعقله ولسانه، وانضاف إلى ذلك ما كان متوفرًا بين يديه من الكتب التي كانت موقوفة على المدارس آنذاك، إلى جانب حصافة في الذهن وحذاقة في الفكر وذاكرة عجيبة تحفظ ما يستودع فيها. وكان يثابر على طلب العلم بنهمة لا تنقطع. وهكذا حتى جاءت مرحلة النضج سريعة مبكرة، فصار الفتى شيخًا مصنفًا وهو في ريعان شبابه، فقد صنف وعمره لا يتجاوز السابعة عشرة (¬3)، وكان شيخه وشيخ الحنابلة في وقته؛ أبو حكيم النهرواني، قد أسند إليه إعادة دروسه في المدارس التي وكان يتولاها (¬4). ¬

_ (¬1) ذيل طبقات لحنابلة 1/ 401. (¬2) السير 21/ 366، الذيل 1/ 401. (¬3) الذيل 1/ 400. (¬4) الذيل 1/ 404.

ونبغ ابن الجوزي في كثير من الفنون والعلوم، له المشاركة الواسعة، فكان بحرًا في التفسير، علّامة في السِّير والتاريخ، موصوفًا بحسن الحديث ومعرفة فنونه، فقيهًا، عليمًا بالإجماع والإختلاف، جيد المشاركة في الطب، ذا تفنن وفهم وذكاء وحفظ واستحضار، وإكباب على الجمع والتصنيف، مع التصوّن والتجمل، وحسن الشارة ورشاقة العبارة، ولطف الشمائل، والأوصاف الحميدة، والحرمة الوافرة عند الخاص والعام (¬1). وقد أورث لنا ابن الجوزي مكتبة لا يزال الزمان يتحدث بها إلى اليوم في كثرتها وتنوعها، كشف عنها بالتفصيل مطبوعًا ومخطوطًا ومفقودًا الأستاذ عبد الحميد العلوجي، فبلغ (574) عنوانًا، المطبوع منها (66)، والمخطوط منها (166) عنوانًا، والباقي مفقود (¬2). ومن تلك المصنفات الكثيرة والمتنوعة نجد مجموعة تختص بخدمة الفقه الإسلامي والمذهب الحنبلي في أصوله وفروعه. وإليك جريدة بأسماء بعض تلك الكتب مع وضع علامة (ط) أمام المطبوع، وعلامة (خ) أمام المخطوط، وعلامة (ف) أمام المفقود. 1 - أحكام النساء. (ط). 2 - الإنصاف في مسائل الخلاف. (ف). 3 - إيثار الإنصاف وآثار الخلاف. (خ). 4 - تعظيم الفتوى (خ). 5 - تقرير القواعد وتحرير الفوائد. (خ). 6 - الدلائل في منثور المسائل (ف). 7 - السر المصون في الفرائض. (ف). 8 - العدة في أصول الفقه (ف). ¬

_ (¬1) السير 21/ 367. (¬2) مؤلفات ابن الجوزي، لعبد الحميد العلوجي، ط. الكويت.

9 - فتوى فقيه العرب. (ف). 10 - الفرائض للوازم الفقه. (ف). 11 - فضائل الفقه. (ف). 12 - لغة الفقه. (ف). 13 - المَذهب الأحمد في فقه الإمام أحمد. (خ). 14 - المُذْهَب في المَذْهَب. (ف). 15 - المعتمد في الأصول. (ف). 16 - المنفعة في المذاهب الأريعة. (ف). 17 - منهاج الوصول إلى علم الأصول. (خ). 18 - التحقيق في أحاديث التعليق. (ط). 19 - عمدة الدلائل في مشهور المسائل. (ف). 20 - المسائل المفردة. (ف). 21 - الخواتيم. (خ). 22 - مناقب الإمام أحمد بن حنبل (ط). ولئن لم يكن ابن الجوزي. قد تخصص في خدمة الذهب الحنبلي، كما تخصص القاضي أبو يعلى وأمثاله، فإنه كان إمامًا في الوعظ قدوة في الزهد والورع، يجتمع على مجلسه الألوف، وأوقع الله في القلوب القبول والهيبة. وهو من هذا الجانب، بالإضافة إلى ما خلف من كتب، وتولى من الدارس، وعلم من الطلاب، وتخرج على يديه من أمثال الحافظ عبد الغني وموفق الدين القدسيين، كان بذلك كله مفخرة للحنابلة، فلتة من الزمان رمى الله بها المبتدعة في بغداد وقطع دابرهم بما كان له من الحجة، والمنزلة عند السلطان (¬1). توفي -رَحِمَهُ اللهُ- ببغداد سنة (597 هـ). ¬

_ (¬1) الذيل 403 - 405.

وبعد، فهؤلاء الأريعة الذين عرفنا بهم: أبو يعلى، وأبو الخطاب، وأبو الفتح، وأبو الفرج، هم أساطين المذهب الحنبلي في بغداد خلال قرنين من الزمن (الخامس والسادس). وهذا لا يعني الغض من شأن غيرهم، كإبن عقيل وابن الزاغوني، وأبي حكيم النهرواني، وغيرهم، وهم كثر، ذلك لأن المقصود من هذا البحث هو بيان المسار العام للمذهب، دون الترجمة لأعيانه وفقهائه. والحقيقة أن المذهب أخذ يتناقص في بغداد بعد ابن المنيّ، الذي يعتبر نقطة انعطاف في تاريخه، وجعل يتقوى في حرّان والشام على وجه الخصوص، كما تنوه كلمة ابن رجب السابقة في ترجمة ابن لمنّي. ولا يخفى أن بغداد كانت موطنًا للمذهب الشافعي، ولا ريب فقد كانت المساجلات بين المذهبين تقوم من حين إلى آخر في شأن المناظرات الفقهية تارة، وفي شأن العقيدة وأصول الدين تارة أخرى، والسبب في ذلك أن كثيرًا من الشافعية كانوا على مذهب الأشعري في الإعتقاد، فكانت تقع الواقعات بينهم ولين الحنابلة بسبب الخلاف في مسائل الصفات وأخبارها على وجه الخصوص. ومن تلك المساجلات ما وقع بين ابن القشيري والشريف أبي جعفر، تلميذ القاضي أبي يعلى، وكانت الخلافة إذ ذاك في جانب الحنابلة، والوزارة في جانب الشافعية إلا أن الوزير كان في تلك الأيام قويا نافذًا أمره (¬1). بالإضافة إلى ذلك كانت المعتزلة مستمرة الوجود هي الأخرى في عاصمة الخلافة، وكان الحنابلة بالمرصاد في مواجهتها، ودحض شبهها، ومع ذلك فقد كاد يقع بعض كبار رجالاتهم في شركها في أول نشأتهم العلمية، فقد كان ابن عقيل (513 هـ) يتردد في أول أمره على ابن الوليد وابن التبان شيخي المعتزلة، وكان يقرأ عليهما علم الكلام سرًا، ثم استدرك على نفسه بعد ذلك وأعلن توبته من تلك الأباطيل (¬2). ¬

_ (¬1) تفصيل هذه الواقعة في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 19، والبداية والنهاية 12/ 115 (حوادث سنة 469 هـ). ومع هذا نقد كانت العلاقة بين الحنابلة والشافعية جد طيبة في الناحية الفقهية. ذيل الطبقات 1/ 147 - 156. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 144.

وكانت الحنابلة تُتهم بصفة متكررة على أنهم مجسمة مخالفون لما يعتقده علماء الإسلام وأئمته، ولم يكونوا يرضون بهذه التهمة العظيمة والفرية الكبيرة، التي تطعن عليهم في أصل الدين وصميمه، فكانوا يردون بأبلغ الردود على ذلك، ويجابهون الخصوم بأسنة الأقلام وقوارع الحجج. ويذكر المؤرخون أن السلطان جلال الدولة لما دخل إلى بغداد، ومعه وزيره نظام الملك سنة 482 هـ، قال النظام: أريد أن أستدعي بهم -يعني الحنابلة- وأسالهم عن مذهبهم، فقد قيل: إنهم مجسمة، فانبرى ابن عقيل لذلك وتصدى للرد عليه، وكان خلاصة ما أعد لهم من الحجة أن يقول لهم: نحن نقلد فيما نعتقد من اعتقادات الإمام أحمد ابنَ حنبل، الذي أجمعت الأمة على أنه إمام السنة وحامل لوائها، فإن طعن أحد علينا فليطعن عليه (¬1). وقد وكانت علاقة الحنابلة بالخلافة العباسية جيدة على وجه العموم خلال هذه الفترة، ومن أجل ذلك تقلدوا عدة مناصب في القضاء والوزارة، وعملوا في بعض السفارات، وأشرفوا على إدارة المدارس والمكتبات. ولا يسعنا المجال في الراد تلك التقاليد لئلا نخرج عن الصدد، ويإمكان أي منا أن يطلع على ذلك من خلال تواريخ الوزارء والقضاة والمدارس والمكتبات في بغداد. وإننا لنقرأ على سبيل المثال في ترجمة عبد العزيز بن دُلف البغدادي أنه: "ولي نظر خزانة الكتب بمسجد الشريف الزيدي، ثم خزانة كتب التربة السلجوقية، ثم صرف عنها، ثم أعيد إليها" (¬2). ¬

_ (¬1) المصدرالسابق 1/ 150. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 218.

المبحث الثاني المذهب في حران

المبحث الثاني المذهب في حَرَّان هذه البلدة تتميز بحسن موقعها الجغرافي، فإنها قريبة من بغداد نسبيًا، كما أنها كانت ملتقى الطرق المؤدية إلى الشام والروم والموصل في نفس الوقت، ولا ريب أن الذاهب والجائي من تلك البلدان يتعرف عليها وعلى أهلها، كما يتعرف أهلها عليه. فتحها أمير المؤمنين عمر بنُ الخطاب - رضي الله عنه - بواسطة أميره عياض بن غنم، وكانت قبل الإسلام موطنًا للصابئة عبدة النجوم (¬1). فلا غرو أن تسهل الرحلة على الحرانيين إلى عاصمة العلم والحضارة الإسلامية بغداد، فيتعلموا من هناك، ثم يعودوا علماء دعاة إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- بألسنتهم وأقلامهم. وكان في عداد هؤلاء المتعلمين من تفقه على المذهب الحنبلي وتلمذ لأصحابه البغداديين. وإننا لنجد في "المقصد الأرشد" لإبن مفلح قائمة بأسماء الحرّانيين تقارب الأربعين عالمًا. فمن جملة هؤلاء الرجال: أبو الفتح عبد الوهاب ابن جلبة البغدادي، ثم الحراني، تلميذ القاضي أبي يعلى ونائبه على قضاء حرّان، المقتول شهيدًا في فتنة الرافضة التي كان يقودها مسلم بنُ قريش العقيلي، حاكم الموصل آنذاك، وذلك سنة 476 هـ (¬2). قال ابن أبي يعلى: "قدم بغداد من ثغر حَرَّان، قاصدًا لمسجد الوالد السعيد، وطالبًا لدرس الفقه، فتفقه عليه، وكتب كثيرًا من مصنفاته، وكان يلي القضاء ¬

_ (¬1) معجم البلدان، لياقوت، 2/ 235 - 236. (¬2) البداية والنهاية 12/ 124، المنهج الأحمد 2/ 417.

بحران من قبل الوالد السعيد، كلتب له عهدًا بولاية القضاء بحران. وكان ناشرًا لمذهبنا داعيًا إليه في تلك الديار، وكان فقيهها وواعظها وخطيبها ومدرسها" (¬1). وهذا يدل على أنه صاحب الفضل والسبق في نشر المذهب هناك، وأنه خدم المذهب الحنبلي من خلال: القضاء، والفتوى، والوعظ والخطابة، والتدريس، والتأليف. ومن تأليفاته القيمة: اختصار "المجرد" الذي صنفه شيخه أبو يعلى، و"رؤوس المسائل" و"أصول الفقه" و"أصول الدين" و"النظام بخصال الأقسام" (¬2). والذي يتراءى لنا من سياقة تراجم حنابلة حرّان، أن هذه البلدة كانت خالصة لهم، لا ينازعون فيها، فكانت مقاليد القضاء والفتوى مسندة إليهم، ففي ترجمة فتيان بن مياح (566 هـ ظنًا) قال ابن رجب (¬3): "وتفقه بمذهب الإمام أحمد، وعاد إلى بلده، فأفتى ودرّس به إلى أن مات" وفي ترجمة حامد بن محمود (570 هـ) قال (¬4): "شيخ حرّان وخطيبها ومفتيها ومدرسها". ونقل عن الشيخ ناصح الدين ابن الحنبلي أنه قال فيه: "كان شيخ حرّان في وقته، بنى نور الدين محمود المدرسة في حَرّان لأجله، ودفعها إليه، ودرس بها، وتولى عمارة جامع حرّان، فما قصر فيه". وفي ترجمة فخر الدين ابن تيمية (622 هـ) نجد: "شيخ حَرَّان وخطيبها .. ولي الخطابة والإمامة بجامع حرّان، والتدريس بالمدرسة النورية. وبنى هو مدرسة بحران أيضًا. قال الناصح ابن الحنبلي: انتهت إليه رئاسة حَرَّان، وله خطبة الجمعة، وإمامة الجامع، وتدريس بالمدرسة النورية، وهو واعظ البلد، وله القبول من عوام البلد، والوجاهة عند ملوكها" (¬5). ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 245. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 43. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 315. (¬4) المصدر السابق 1/ 332. (¬5) المصدر السابق 2/ 151 - 152.

آل تيمية وجهودهم في خدمة المذهب الحنبلي

وعلى وجه العموم، فقد كانت العلاقة جد طيبة بين حنابلة حَرَّان، ويين الدولة النورية، وكان من نتيجة ذلك أن ولوهم الشؤون القضائية والفتوى والخطابة وإدارة المدارس والتدريس. إن المتتبع لتراجم الحنابلة ليجد كثافة واضحة من الحرّانيين في القرن السابع على وجه الخصوص، مما يدل على ازدهار المذهب هناك خلال هذا القرن، ولا أوضح ولا أدل على ذلك من أن أسرة ابن تيمية (عبد السلام وعبد الحليم وأحمد) قد كان لها أثر عظيم في هذا الشأن، وفي هذا القرن على وجه الخصوص، ولذلك فإننا ننوه بشيء من التعريف بهذه الأسرة، وكشف اللثام عن شيء من جهودها في خدمة المذهب الحنبلي في حَرَّان. آل تيمية وجهودهم في خدمة المذهب الحنبلي: جدّ هذه الأسرة (¬1) هو: أبو القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي. ينتهي نسبهم إلى بني نمير. ولقب محمد بـ "تيمية"، قيل: لأنه حج على درب تيماء فرأى هناك طفلة اسمها تيمية، وكانت امرأته حاملًا، فجاء وقد وضعت بنتًا، فقال: تيمية، لما رأى من شبهها بتلك الطفلة، فلقب بذلك. وقيل: إن أم محمد هذا كانت تسمى: تيمية، وكانت واعظة (¬2). نشأت هذه الأسرة بحران، ثم انتقلت إلى دمشق الشام بسبب غارة التتار، وكانت عدة أسر أخرى قد هاجرت في تلك الغارة، وكان أحمد بنُ عبد الحليم تقي الدين في ذلك الوقت لم يتجاوز السابعة من عمره. وقد كان أبوه عبد الحليم (682 هـ) وجده عبد السلام (652 هـ)، من علماء حرّان المشهورين، قبل الهجرة إلى الشام. كان عبد السلام أبو البركات فقيهًا إمامًا مقرئًا، محدثًا مفسرًا أصوليًا، نحويًا. نشأ نشأته الأولى في حرّان وتلقى العلوم الأولية فيها، ثم رحل إلى بغداد على ¬

_ (¬1) يمكن الإطلاع على مشجرة هذه الأسرة في مقدمة تحقيق "المنهج الأحمد" 1/ 58. (¬2) ذيل الطبقات 2/ 161، وهامش "المقصد الأرشد" 2/ 407.

ما كانت عليه سنة الطلب والتدرج العلمي في ذلك الوقت. تلمذ على يدي أبي بكر الحلاوي تلميذ القاضي أبي يعلى. وكانت بغداد في ذلك الوقت قد دخلت في طور التخصص العلمي، فلكل فن شيخه المختص فيه، فكان يأتي الطالب إليها فيأخذ القراءات على فلان، والخلاف على فلان، والعربية على فلان، والفرائض على فلان، والجبر والمقابلة على فلان ... وهذا الذي حصل مع عبد السلام ابن تيمية (¬1). وكانت نتيجة ذلك أن فاض على بلاده وغيرها بتلك العلوم، قال الحافظ عز الدين الشريف: "حدث بالحجاز، والعراق، والشام، وبلده حرّان، وصنف، ودرّس، وكان من أعيان العلماء، وأكابر الفضلاء ببلده، وبيته مشهور بالعلم والدين والحديث" (¬2). ولما رآه جمال الدين ابنُ مالك صاحب "الألفية" في النحو، أعجب به وبفقهه، وقال: "أُلين للشيخ المجد الفقه كما أُلين لداود الحديد" (¬3). وقال الذهبي: "كان الشيخ مجد الدين معدوم النظير في زمانه، رأسًا في الفقه وأصوله، بارعًا في الحديث ومعانيه، له اليد الطولى في معرفة القرآن والتفسير، وصنف التصانيف، واشتهر اسمه، وبَعُد صيته، وكان فرد زمانه في معرفة المذهب، مفرط الذكاء، متين الديانة، كبير الشأن" (¬4). وكان المجد ينشر العلم في حَرَّان من خلال المدرسة النورية التي تولى مشيختها بعد وفاة ابن عمه الفخر ابن تيمية سنة 622 هـ، فلا ريب كان شيخًا لعدة تلاميذ هناك. ومنهم ولده شهاب الدين عبد الحليم على وجه الخصوص، وابن تميم صاحب "المختصر". وبالإضافة إلى التعليم، فقد صنف المجد عدة تصنيفات، منها: "أطراف أحاديث التفسير" رتبها على السور معزوة، و"أرجوزة في علم القراءات"، ¬

_ (¬1) السير 23/ 293، وذيل الطبقات 2/ 250. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 251. (¬3) المصدر السابق 1/ 251. (¬4) نقله عنه ابن رجب في ذيل الطبقات 2/ 252، وإننا لنجد مصداقًا لقول الذهبي في وجود هذا العَلَم مترجمًا في طبقات المفسرين وطبقات القراء فضلًا عن طبقات الفقهاء.

و"الأحكام الكبرى" في عدة مجلدات، و"المنتقى من أحاديث الأحكام"، وهو الكتاب المشهور، انتقاه من الأحكام الكبرى (¬1)، و"المحرر في الفقه"، و"منتهى الغاية في شرح الهداية" بيض منه أربع مجلدات كبار إلى أوائل الحج، والباقي لم يبيضه، و"مسودة" في أصول الفقه، زاد فيها ولده عبد الحليم، ثم حفيده أبو العباس، طبعت بعنوان "المسودة في أصول الفقه" لآل تيمية. و"مسودة في العربية" على نمط المسودة في الأصول. ويعتبر كتاب "منتقى الأخبار" -وقد احتوى على (5529) حديث- مرجعًا من المراجع الأساسية في أحاديث الأحكام التي اعتمد عليها الأئمة على وجه العموم، وفقهاء الحنابلة على وجه الخصوص، وإن بعض الأحاديث التي نزلت درجتها إلى حد الضعف، وعمل بها الحنابلة وتركوا القياس لأجلها، مذكورة في كتابه، وربما أخلى ابن حجر كتاب "بلوغ المرام" من بعضها. كما نجده يعلق في بعض الأحيان على الأحاديث تعليقًا خفيفًا أو طويلًا. ففي التعليق على حديث أنس في نبع الماء من بين أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال المجد: "وفيه تنبيه على أنه لا بأس برفع الحدث من ماء زمزم، لأن قصاراه أنه ماء شريف مستشفى، متبرك به، والماء الذي وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده فيه بهذه المثابة (¬2) ". وقال في عقيب حديث آخر لأنس في باب الدخول في الماء بدون إزار: "وقد نص أحمد على كراهة دخول الماء بغير إزار. وقال إسحاق: هو بالإزار أفضل، لقول الحسن والحسين - رضي الله عنهما - وقد قيل لهما وقد دخلا الماء وعليهما بردان- فقالا: إن للماء سكانًا (¬3) ". وأما "المحرر" فهو الكتاب الذي بنى عليه علماء الذهب من بعده، واعتمدوا على ترجيحاته وتحريراته، بالإضافة إلي "شرح الهداية" الذي يُحتمل أن يكون أصلًا للمحرر، فإن منهج "المحرر" ومنهج "الهداية" منهج واحد (¬4). ¬

_ (¬1) كذا قال ابن رجب والعليمي، لكن لم نر إشارة إلى ذلك في مقدمة "المنتقى"، فقد قال فيها: "هذا كتاب يشتمل على جملة من الأحاديث النبوية التي ترجع أصول الأحكام إليها، ويعتمد علماء الإسلام عليها، انقيتها من صحيحي البخاري ومسلم، ومسند الإمام أحمد بن حبل .. ". والله أعلم. (¬2) المنتقى 1/ 6، طبعة حامد الفقي، المكتبة التجارية، 1931. (¬3) المصدر السابق 1/ 158. (¬4) المدخل، لإبن بدران، ص 433.

وبالجملة فقد سبق كلام ابن رحب في ترجمة ابن المنّي: أن العلماء وإلى وقته لم يزالوا يرجعون في الفقه من جهة الشيوخ والكتب إلى المجد والموفق ابن قدامة. فالعمدة في معرفة الصحيح والراجح في المذهب الحنبلي عند اختلاف الشيوخ في ذلك إلى هذين الإمامين (¬1). وأما عبد الحليم (682 هـ) فله هو الآخر أثر كبير في القيام بنشر العلم بحرّان قبل رحلته إلى الشام، وإنما اختفى نوره -كما قالوا- بين ضوء الشمس ونور القمر، أعني: ولده أبا العباس ووالده عبد السلام، فإن فضائله وعلومه انغمرت بين فضائل أبيه وابنه وعلومهما. قرأ المذهب على أبيه، فلما أتقنه وصار في درجة الإمامة فيه، تسلّم مقاليد التدريس والإفتاء، والتصنيف، وصار شيخ البلد بعد أبيه خمسة عشرة سنة قبل أن يهاجر إلى الشام سنة 667 هـ، بالإضافة إلى ذلك كان خطيب حرّان وحاكمها، وكان إمامًا محققا لما ينقله (¬2). وقد خدم المذهب من خلال هذه المنابر، بالإضافة إلى أنه أنجب شيخ الإسلام أبا العباس فكان والده وشيخه بآن واحد، "والولد من كسب أبيه" كما ورد في الترمذي وغيره، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. ولما قدم عبد الحليم إلى الشام مع أسرته، سكن بدار الحديث السكرية، واستلم مشيختها، وكان له كرسي خاص به في الجامع الأموي يتكلم عليه عن ظهر قلبه، فلما توفي خلفه ولده أحمد في هذا المجلس (¬3). * * * ¬

_ (¬1) الفروع مع تصحيحه 1/ 50، والإنصاف 1/ 25. (¬2) ذيل الطبقات 2/ 311. (¬3) الدارس في تاريخ المدارس، للنعيمي، 1/ 74.

المبحث الثالث المذهب في بلاد الشام

المبحث الثالث المذهب في بلاد الشام تعتبر الشام -وقلبها النابض دمشق- رائدة للحضارة الإسلامية، ومعقلًا للعلم، ومثابة للعلماء منذ فجر التاريخ الإسلامي الذي بزغ بفتح الصحابة لها واستيطان كثير منهم فيها، ثم اتخذها خلفاء بني أمية عاصمة للخلافة ومركزًا لإدارة شؤون الدولة الإسلامية. وورثت حضارة الرومان البائدة فهذبتها بتهذيب الإسلام وحضارته السائدة، فصنعت هناك الأمجاد، وارتفع صرح العلوم والمعارف عاليًا خفاقًا، فأخذت الرحلات من طلاب العلم تشق طرقها إلى ذلك المعقل الزاخر من كل مشرق ومغرب. وكان العلم في بلاد الشام في القرون الأولى والأزمنة التقدمة يُتلقى عن طريق حلقات المساجد وفي بيوت العلماء، وكان لمسجد بني أمية أثر فعال في هذا المضمار من أول يوم. ثم إنه تحول بعد أريعة قرون أو خمسة إلى مؤسسات علمية مستقلة، فبنيت دور لتحفيظ القرآن الكريم وتلقينه، ودور لرواية الحديث الشريف وسماعه، ودور مشتركة بين هذا وذاك. كما أنشئت مدارس لتعليم الفقه ونشره بمختلف مذاهبه، فعرفت دمشق عددًا من المدارس للشافعية وأخرى للحنفية وأخرى للمالكية ورابعة للحنابلة. وأوقفت الأوقاف لبناء تلك الدور والمدارس وتعميرها، والنفقة على تسييرها، وعلى من يقوم عليها من الشيوخ والنظار ومن يؤمُّها من الطلاب (¬1). ومن تلك ¬

_ (¬1) يعتبر العلامة عبد القادر النعيمي الدمشقي (927 هـ) صاحب الفضل في السبق إلى تدوين أسماء تلك الدور والمدارس وتجريدها، بالإضافة إلى إحصاء مدارس الطب والخوانق والتكايا والزوايا والربط والمساجد منذ القرن الخامس حتى القرن العاشر للهجرة، وذلك في كتابه الشهير (الدارس في تاريخ المدارس)، فكان ذلك الكتاب شاهدًا حيًا ومرآة جلية تعكس المستوى الثقافي على مدى خمسة قرون. ثم جاء الشيخ عبد القادر ابن بدران الدوماني الدمشقي فألف كتابه المعروف بـ "منادمة الأطلال ومسامرة الخيال" فعمل ما عمل النعيمي، وأضاف الدارس والمعاهد العلمية التي أنشئت بعد القرن العاشر، ونبه على ما بقي من تلك الآثار المجيدة إلى اليوم. كما يعتبر كتاب "القلائد الجوهرية" لإبن طولون الدمشقي الصالحي معلمة أخرى بما كشف من مدارس الصالحية ومكباتها ومساجدها وآثارها العلمية والخيرية المجيدة.

المدارس والمعاهد العلمية تخرج كبار الحفاظ والمقرئين والفقهاء والمؤرخين. كما أوقفت الكتب على بعض تلك المدارس والدور وأنشئت لها خزائن وعُيِّن لها نُظَّار، إلى جانب تأسيس دور مستقلة للكتب، واشتهر ذلك في العهد المملوكي خاصة، ولا يزال بعضها باقيًا إلى اليوم، كالظاهرية والعادلية. وكان أثر تلك المكتبات والخزائن واضحًا في المؤلفات التي أئرى بها الشاميون المكتبة الإسلامية، فإن مؤلفاتهم كانت تتميز بالكثرة والتنوع، وتكثير المصادر للكتاب الواحد. وجاء المذهب الحنبلي إلى بلاد الشام في أواسط القرن الخامس الهجري، وتركز بعد ذلك شيئًا فشيئًا، حتى قوي وازدهر في دمشق وما حولها من القرى والضواحي التابعة لها، والمدن والأعمال التي كانت ترتبط بها آنذاك ارتباطًا عضويًا، وتتصل بها اتصالًا سياسيًا وعلميًا، كعسقلان ونابلس وبعلبك وبيت المقدس. وصارت الشام منذ أواسط القرن السادس معقلًا وريثًا لبغداد في حمل راية المذهب الحنبلي، والعناية به، وإثرائه بالتدريس والتأليف والفتوى والشرح والتنقيح. ولعل الضعف الذي لحق هذا المذهب في بغداد في نهاية القرن السادس، إنما مرده إلى النهضة القوية التي أخذت تشق طريقها في دمشق على أيدي المقادسة، فأخذت الأنظار تتوجه إليهم، وتضرب إليهم أكباد الإبل، والطلاب يتجمعون هناك ويؤسسون المدارس. وسنعود إلى ذلك بعد قليل إن شاء الله. ويرجع الفضل الأول في نشر هذا المذهب في بلاد الشام إلى الفقيه الزاهد، شيخ الشام في وقته، أبي الفرج عبد الواحد الشيرازي، ثم المقدسي (486 هـ)، فإنه كان هو وذريته خَدَمة المذهب الحنبلي في الشام. قال ابن رجب: "وللشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- ذرية، فيهم كثير من العلماء، نذكرهم إن شاء الله تعالى في مواضعهم من هذا الكتاب، يعرفون ببيت ابن الحنبلي" (¬1). ¬

_ (¬1) ذيل الطبقات 1/ 71.

وهذه الأسرة ترجع في نسبها إلى الصحابي الجليل سعد بن عبادة الأنصاري - رضي الله عنه - (¬1). تفقه أبو الفرج على القاضي أبي يعلى ببغداد، ثم قدم الشام، فسكن ببيت المقداس، فنشر مذهب الإمام أحمد فيما حوله، ثم أقام بدمشق فنشر المذهب، وتخرج به الأصحاب. وكما نشر فقه أحمد في ريوع الشام، فقد نشر أصوله الاعتقادية ومذهبه السَّني هناك، وكان ذلك قد سبب له عدة وقائع مع الأشاعرة، قال ابن أبي يعلى: "وكانت له كرامات ظاهرة ووقعات مع الأشاعرة، وظهر عليهم بالحجة في مجالس السلاطين ببلاد الشام" (¬2). وجاء ولده من بعده، وهو شرف الإسلام عبد الوهاب، الذي وقف المدرسة الحنبلية الشريفية في دمشق وراء الجامع الأموي (¬3)، وقد توالى على المشيخة فيها كثير من ذريته، وعلى رأسهم حفيده عبد الرحمن الملقب ناصح الدين، والشهير بـ "ابن الحنبلي" المتوفى سنة 634 هـ. وهو تلميذ أبي الفتح ابن المنِّي البغدادي في الفقه، والعكبري في اللغة وعلومها. وشارك الناصح في فتح بيت المقدس مع صلاح الدين الأيوبي -رَحِمَهُ اللهُ-، وكان يستفتيه في كثيرٍ من المسائل (¬4). وتولى التدريس بعدة مدارس بدمشق، منها: مدرسة جده المشار إليها آنفًا، وقد بَنَت له الصاحبة رييعة خاتون مدرسة خاصة به بجبل قاسيون (¬5)، وانتهت إليه رئاسة المذهب بعد وفاة الموفق ابن قدامة المقدسي سنة 620 هـ. ¬

_ (¬1) ذيل الطبقات 1/ 68. كانت قلة الحنابلة في بلاد الشام سببًا في نسبة الناس إياهم إلى هذا المذهب كما ينسب الإنسان إلى قبيلته أو بلده، فيقال لأحدهم: "فلان الحنبلي". فلما هاجر المقادسة إلى دمشق وبنوا مدينة الصالحية اختفت هذه النسبة لكثرة عددهم ومشاركهم في القضاء والفتوى ومشيخة المدارس والشهادة ونظارة الأوقاف. (¬2) الطبقات 2/ 248. (¬3) الدارس في تاريخ المدارس 2/ 64. وقد ذكر أسماء من درس فيها مع تراجمهم. (¬4) ذيل الطبقات 2/ 194. (¬5) الدارس، 2/ 71، 79، 82.

المقادسة وجهودهم

المقادسة وجهودهم ونعني بالمقادسة تلك الأسرة المباركة التي تسمى "آل قدامة" على وجه الخصوص، ثم الأسر التي تبعتها في الهجرة والتحقت بها، فكونوا المجتمع الجديد بصالحية دمشق. وهي أسرة فلسطينية الأصل، دمشقية الدار، قد كان لها الأثر الواضح والنور اللائح في سماء تاريخ التراث الإسلامي بعامة، والفقه الحنبلي على وجه الخصوص، خلال العصر المملوكي، سواء بكثرة من ظهر فيها من العلماء، أو باستمرار نشاطها العلمي على مدى عدة قرون (ما بين أواسط القرن السادس والحادي عشر الهجريين). والجد الأعلى لهذه الأسرة هو: قُدامة بن مقدام بن نصر بن عبد الله المقدسي. وكان من أهل قرية جَمَّاعيل (أو جمَّاعين) على القرب من نابلس في القرن الخامس الهجري. وكان أول لقاء بين فقهاء الحنابلة وبين هذا الجد في أرض بيت المقدس، ذلك اللقاء الذي كان مع ناشر المذهب الحنبلي في الشام، أبي الفرج الشيرازي (486 هـ) المتقدم. ويروي لنا الموفق قصة ذلك اللقاء المبارك، فيقول: "كلنا في بركات الشيخ أبي الفرج ... لما قدم الشيخ أبو الفرج إلى بلادنا من أرض بيت المقدس تسامع الناس به، فزاروه من أقطار تلك البلاد. فقال جدي قدامة لأخيه: تعال نمشي إلى زيارة هذا الشيخ، لعله يدعو لنا. فزاروه، فتقدم إليه قدامة، فقال له: يا سيدي، ادع لي أن يرزقني الله حفظ القرآن. فدعا له بذلك، وأخوه لم يسأله شيئًا، فبقي على حاله" (¬1). ¬

_ (¬1) ذيل الطبقات 1/ 71. بتصرف.

وكان محمد بن قدامة، ثم ابنه أحمد، ثم حفيده محمد أبو عمر، خطباء جمَّاعيل حين غزا الفرنجة الصليبيون فلسطين سنة 492 هـ (1099 م). وقد عاشوا مع فلاحي الريف الفلسطيني في إقطاع الأمراء الفرنجة. وتمثلت مقاومة آل قدامة في المزيد من التمسك بالدين والتقوى، حتى كان أبناء القرى يجتمعون إليهم في خطب الجمعة، وكان لأقوالهم صدى طيب في نفوسهم، بسبب ما يعانونه من اضطهاد الإقطاع الفرنجي الذي كان يتقاضاهم الجزية أضعافًا مضاعفة، ويؤذي الناس بالضرب والحبس وقطع الأرجل. وحين تنبه الفرنجة لنشاط الشيخ أحمد، وعزموا على قتله هرب إلى دمشق (¬1). وكانت تلك الهجرة المباركة في سنة 551 هـ، وكانت دمشق قد صارت قبل سنتين فقط من ذلك التاريخ لنور الدين محمود بن زنكي، الذي اشتهر يومذاك بالجهاد والتقوى. وقد رافق الشيخ أحمد في هجرته بعض أقربائه، فلما استقروا في ظاهر دمشق (في مسجد أبي صالح خارج باب توما)، بعث فأحضر أسرته وسائر الأقرباء. وقد لحق بهم فيما بعد كثيرون من جمّاعيل والقرى المحيطة بها (الجمّاعيليات)، وانتسبوا جميعًا فيما بعد إلى القدس، فصاروا يسمون: المقادسة. وضاق المسجد بعد ثلاث سثوات باللاجئين، وكثرت عليهم المصاعب والأمراض المميتة (¬2)، والمشاكل بسبب عددهم ومذهبهم الحنبلي (وقد كان أكثر سكان دمشق شافعية آنذاك). فارتاد لهم أبو عمر منزلًا آخر في سفح جبل قاسيون المطل على دمشق، وبنى دارًا سميت "دير الحنابلة"، وهي اليوم "جامع الحنابلة" (¬3). ومنذ سنة 554 هـ بدأ تاريخ جديد لآل قدامة، والبقعة التي نزلوها من قاسيون -وقد سميت "الصالحية" باسم سكنهم القديم في جامع أبي صالح- والمذهب الحنبلي الذي كان يحمله هولاء المقادسة. ¬

_ (¬1) الموسوعة الفلسطينية 3/ 504، الطبعة الأولى، 1984، القلائد الجوهرية 1/ 67، ط 2، 1980. (¬2) القلائد الجوهرية 1/ 76، ذيل طبقات الحنابلة 2/ 52. (¬3) المصدر السابق 1/ 80 - 81.

توفي الشيخ أحمد بعد أربع سنوات من ذلك التاريخ. وابنه أبو عمر محمد هو الذي بنى مجد الجماعة، ورسم لها خط الحياة العلمية الذي ظلت عليه في القرون التالية. فقد بنى لنفسه مدرسة عرفت بـ "المدرسة العمرية" (¬1) على ضفة نهر يزيد في سفح الجبل، وآثارها لا تزال باقية إلى اليوم، وظل يعمل على التدريس فيها طوال نصف قرن، إلى أن توفي سنة 607 هـ. وقد اْدت زيادة الطلبة إلى قيام مدرسة أخرى بناها ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي، صهر أبي عمر، على باب دير الحنابلة لتكون دار حديث للغرباء، ووقف عليها كتبه (¬2). خلال ذلك أخذت سمعة آل قدامة في التقى، وسمعة مدرستهم في العلم، تنتشران، وأخذ تلاميذهم في القرآن والحديث والفقه يتكاثرون. وكانت الأموال والأوقاف والهبات بالمقابل تتدفق على الجماعة المقدسية (¬3)، والمدرستين، والأبنية القائمة حول دير الحنابلة، فتحولت البقعة إلى بلدة كاملة العمران ذات أسواق، ومنازل وسكان ومساجد (¬4). وإذا كان آل قدامة قد أعطوا هذا المركز الكثير من جهودهم الفكرية، فإن ما لقوه من التشجيع الكبير والاحترام والتكريم، دفعهم بالمقابل إلى المزيد من العمل والإنتاج والاندفاع على مدى أيام الدولة النورية، فالصلاحية، فالعادلية. ولم يكن آل قدامة في هذا الجهد كله وحدهم، فإن نجاحهم كان قد أغرى منذ الأيام الأولى مجموعة من الأسر الحنبلية القريبة لهم في جمّاعيل وما حولها بالهجرة إليهم على توالي السنين، والدخول في نشاطاتهم العلمية نفسها، وبرز منهم كما برز ¬

_ (¬1) القلائد الجوهرية 1/ 248، الدارس 2/ 100. (¬2) وتسمي دار الحديث الضيائية المحمدية، وهي غير المدرسة الضيائية المحاسنية، القلائد الجوهرية 1/ 130، والدارس 2/ 91. (¬3) القلائد الجوهرية 1/ 82. (¬4) صبح الأعشى 4/ 94 وفيه وصف العمران الكائن آنذاك على ضفاف نهر بردى، ووصف مدينة الصالحية.

من آل قدامة وبتأثيرهم، عدد من العلماء، يرتبطون بآل قدامة بالروابط العائلية المتفاوتة. وقد حملوا مثلهم لقب "المقادسة". وأبرز تلك الأسر خمس: 1 - آل عبد الهادي، وجدهم يوسف بن محمد بن قدامة، شقيق أحمد المهاجر الأول إلى دمشق. 2 - بنو سرور بن رافع الجماعيليين، ويرتبطون بآل قدامة برابطة المصاهرة. 3 - بنو عبد الواحد بن أحمد السعدي، وهم أصهار لآل قدامة. 4 و 5 - أسرة راجح، وجماعة ممن يحملون نسبة المرداوي، وبينهما وبين آل قدامة روابط قرابة عائلية. من جهة أخرى اجتذب آل قدامة بحركتهم العلمية النشطة، وسمعتهم الدينية، علماء الحنابلة من: حرّان، وبغداد، ونابلس، وبعلبك، وغيرها إلى دمشق، فجاؤوها، وشاركوا في جهود المركز الحنبلي الصالحي، وذيوع شهرة دمشق العلمية. ومن أبرز هؤلاء، شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (728 هـ) المجتهد المشهور الذي عرفنا بأسرته في السابق، وأبناء مفلح المقدسيون، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المسندين والحفاظ المحدثين، والفقهاء والقضاة من أصحاب المذاهب الأخرى (¬1). وأدى تأثير المركز الصالحي من جهة ثانية إلى تصدير المذهب الحنبلي إلى مصر، ويعلبك وغيرهما. وقام في نابلس فرع من بني سرور (أولاد نعمة) خرّج -بعد تحرير فلسطين من الفرنجة- عددًا من العلماء الحنابلة، ناظروا أقرباءهم في الشام، وإن لم يحظوا بالتألق نفسه. وقد استمر نشاط هذه الجماعة العلمية في نابلس حتى أواسط القرن الثامن الهجري. وكانت النتيجة التي حصلت من جهود المقادسة ومن اتصل بهم في الشام: أن دخل عدد كبير من العلماء الذين أنجبوهم في سجلات التاريخ. إن مجموع العلماء الذين ظهروا من آل قدامة والأسر المتصلة بهم، ممن ذكرتهم كتب التراجم ليزيدون في العدد على (110) شيخ، منهم قرابة النصف من آل قدامة فقط (أسرة ¬

_ (¬1) تفصيل ذلك في القلائد الجوهرية 2/ 387 - 507.

أحمد وابنه أبي عمر 52 اسمًا) وحوالي الرلع من بني سرور بفرعيهم الشامي والنابلسي (26) اسمًا و (14) اسمًا من آل عبد الهادي و (12) اسمًا من آل عبد الواحد. والبقية من أسرة راجح ومن المرداووين. وتتضمن هذه الأسماء عددًا من النساء العالمات، فقد مس النشاط العلمي نساء البيت القدامي أيضًا، وأدخلهن في الجو العام لعلوم الحديث، والفقه، وسمع عليهن عدد من علماء العصر (¬1). ومن أبرز علماء آل قدامة والأسر المتصلة بهم: - عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور (541 - 600 هـ) ومؤلفاته تزيد على 45 عنوانًا. - موفق الدين عبد الله بن أحمد (541 - 620 هـ) صاحب "المغني" و"الكافي" و"المقنع" التي هي عمدة علماء الحنابلة من بعده. - ضياء الدين محمد بن عبد الواحد بن أحمد (569 - 643 هـ) وكان محدث عصره، وهو صاحب الفضل في كتابة تاريخ المقادسة. - شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي (603 - 676 هـ) قاضي قضاة مصر. - عائشة بنت عيسى بن الموفق. - فخر الدين علي بن احمد بن عبد الواحد (575 - 690 هـ) الذي حدَّث ستين سنة، وصار مسند عصره كله. - شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي (704 هـ - 744 هـ) وله 58 مؤلفًا. - عائشة بنت محمد بن عبد الهادي (¬2) (723 - 816 هـ). ¬

_ (¬1) الموسوعة الفلسطينية 3/ 506، ومقدمة تحقيق "النعت الأكمل"، ص 10، دار الفكر. (¬2) القلائد الجوهرية 2/ 399.

نتائج جهود المقادسة

نتائج جهود المقادسة ولا شك في أن آل قدامة، ومن ارتبط بهم من الأسر العلمية قد تركوا في تاريخ الفترة التي عاشوها أثرهم الواضح في النواحي التالية (¬1): 1 - أسهموا في إشاعة النماذج المثلى للعلم والتقوى في تلك العصور، بما عرف عنهم من السلوك الديني والزهد. وتمثل الإحترام العام لهم في رعاية الحكام لمكانتهم، ومبالغة الناس في تكريمهم. 2 - امتد تأثيرهم في المدى الزماني عدة قرون، وفي المدى المكاني من الصالحية ودمشق إلى ضواحي الشام (دوما والرحيبة والضمير)، ثم إلى بعلبك، وتراهم في جمَّاعيل، وإلى نابلس، والقدس، ومصر، والإسكندرية، وحرَّان، وأربيل، وبغداد. 3 - قدموا لنظام الحكم المملوكي أعدادًا كثيرة من رجال القضاء والإفتاء وأصحاب الوظائف الدينية. 4 - تركوا تراثًا واسعًا من المؤلفات في الفقه الحنبلى، وكتب التراجم والحديث وعلوم القرآن واللغة، وكان إسهامهم الأساسي في بلورة الفقه الحنبلي. 5 - جمعوا مجموعة واسعة من الكتب المخطوطة، ما تزال بقاياها من ثروة المكتبة الظاهرية بدمشق، وكتبوا منها بخطوطهم الآلاف. 6 - أسهموا في تلك العصور في تعليم المرأة حتى ظهرت منهم عدة نساء عالمات. المقادسة نماذج حية في الإلتزام العملي بالإسلام: كان المقادسة نماذج حية في الإلتزام التام بالإسلام فقها وتفقها وعلما وعملًا، حتى إنه لا يكاد يجاريهم أحد أو ييلغ ما بلغوا من الشأو. وكان الشيخ أبو عمر محمد بن أحمد، أخو موفق الدين، وواقف "المدرسة العمرية" ¬

_ (¬1) مقدمة الشيخ الدهمان لكتاب "القلائد الجوهرية"، ص 9 - 12.

أشهر الفقهاء الشاميين الذين خدموا المذهب

قدوة صالحة لإخوته وذريتهم من بعدهم، فكان لا يكاد يسمع بجنازة إلا حضرها، ولا بمريض إلا عاده، ولا جهاد إلا خرج فيه. وكان يقرأ في الصلاة في كل ليلة سُبُعًا مرتلًا، ويقرأ في النهار سُبُعًا بين الظهر والعصر، وكانت التزاماته اليومية بالصلاة والدعاء والأذكار تملأ وقتًا طويلًا من الليل والنهار. وكان يزور القبور كل جمعة بعد العصر، ولا ينام إلا على وضوء، ولا يترك غسل الجمعة، ولا يخرج إلى الجمعة إلا ومعه شيء يتصدق به، وكان يحمل همَّ أصحابه، ومن سافر منهم تفقد أهله، وكان يتفقد الأشياء النافعة مثل النهر والسقاية، وغير ذلك مما فيه نفع للمسلمين (¬1). وكان أخوه الموفق يقول: هو شيخنا، ربَّانا وأحسن إلينا، وعلمنا وحرص علينا، وكان للجماعة، كالوالد يقوم بمصالحهم، وهو الذي هاجر بنا، وسفَّرنا إلى بغداد، وبنى الدير ... إلخ (¬2). أشهر الفقهاء الشاميين الذين خدموا المذهب: لقد ازدهر المذهب الحنبلي وتبلور تبلورًا دقيقًا على أيدي علماء الشام، ولا يزال الموجع والمعول على جهودهم إلى يومنا هذا. ولتجلية هذه الحقيقة والكشف عن مكنونها نعرف بأشهر من كان له منة في ذلك، مع التركيز على إبراز الجوانب التي تخدم بحثنا هذا من تراجمهم. فمن أولئك الأفذاذ: - موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي (541 - 620 هـ): كان من المهاجرين مع أبيه وإخوته من جمَّاعيل إلى دمشق، ومنها رحل إلى بغداد مرتين، كانت الأولى مع ابن خاله عبد الغني، تعلم الفقه والزهد من الشيخ عبد القادر الجيلي. فلما توفي، انتقل الموفق إلى حلقة أبي الفتح ابن المنّي، فتعلم منه فقه المذهب، والفقه المقارن، وأصول الفقه، حتى برع في تلك الفنون، وتمكن منها، فتمهد له الطريق إلى شرح "مختصر الخرقي" الذي كان يحفظة منذ صغره، فبدأ في تأليف الموسوعة الموسومة بـ "المغني" في حدود سنة 576 هـ، فأتمه بتوفيق الله تعالى وقرأه عليه بعض تلامذته. ¬

_ (¬1) ذيل الطبقات 2/ 53. (¬2) المصدر السابق 2/ 57.

ومع أنه شرح فيه الخرقي إلا أن الكتاب يعد كتاب المسلمين عامة، يرجع إليه المتخصص وغير التخصص، والحنبلي وغير الحنبلي، فكان بحق فيه الغَناء لمن حازه عالمًا ومتعلمًا. ثم ألف كتابه (المقنع) الذي صار المتن المقرر للحفظ عند الحنابلة، فرتبه ترتيبًا جديدًا جيدًا، فاق به "مختصر الخرقي"، فعَمَد إليه ابن أخيه أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الجمَّاعيلي، فشرحه، وكانت مادة هذا الشرح: "الشرح الكبير" (¬1) مأخوذة من "المغني". ثم ألف كتاب "الكافي"، فجعله واسطة بين "المغني" و"المقنع"، إذ عرض فيه المذهب عرضًا وسطًا بين الإطالة والإختصار. وعلى وجه العموم، فإن الموفق كان موفقًا في تأليفاته، لا يقلد غيره، بل يتبع أسلوبًا خاصًا به، مما يدل على تمكنه واستقلاليته، وبلوغه درجة الإجتهاد. قال الحافظ ابن رجب: وانتفع بتصانيفه المسلمون عمومًا، وأهل المذهب خصوصًا، وانتشرت واشتهرت بحسن قصده، وإخلاصه في تصنيفه، ولا سيما كتاب "المغني" فإنه عظم النفع به، وأكثر الثناء عليه (¬2). وقال ابن بدران: راعى موفق الدين في مؤلفاته أربع طبقات، فصنف "العمدة" للمبتدئين، ثم ألف "المقنع" لمن ارتقى عن درجتهم، ولم يصل إلى درجة المتوسطين، فلذلك جعله عريا عن الدليل والتعليل، غير أنه يذكر الروايات عن الإمام، ليجعل لقارئه مجالًا إلى كدّ ذهنه، ليتمرن على التصحيح، ثم صنف للمتوسطين "الكافي"، وذكر فيه كثيرًا من الأدلة، لتسمو نفس قارئه إلى درجة الإجتهاد في المذهب، حينما يرى الأدلة، وترتفع نفسه إلى مناقشتها، ولم يجعلها قضية مسلَّمة، ثم ألّف "المغني" لمن ارتقى درجة عن المتوسطين، وهناك يطلع قارئه على الروايات، وعلى خلاف ¬

_ (¬1) وقد وفق الله لتحقيقه مع أصله "المقنع" ومعهما كتاب "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" لعلاء الدين المرداوي، والذي وضعه أيضًا على كتاب "القنع". فَضُم "المقنع" و"الشرح الكبير" ومعهما "الإنصاف" في كتاب فصارت موسوعة فقهية عظيمة النفع في اثنين وثلاثين مجلدًا. (¬2) ذيل الطبقات 2/ 140. وقد سبقت الإشارة إلى أن عمدة الحنابلة من جهة الكتب والشيوخ على الموفق والمجد ابن تيمية.

الأئمة، وعلى كثير من أدلتهم، وعلى ما لهم وما عليهم من الأخذ والرد، فمن كان فقيه النفس حينئذ، مرَّن نفسه على السمو إلى الإجتهاد المطلق، إن كان أهلًا لذلك، وتوفرت فيه شروطه، وإلا بقي على أخذه بالتقليد، فهذه هي مقاصد ذلك الإمام في مؤلفاته الأربعة (¬1). ولم يقتصر الشيخ في تصنيفاته على الفقه، بل له تصانيف متنوعة (¬2) حسنة على كثرتها، تخدم المذهب الحنبلي في الفروع والأصول، باللإضافة إلى الحديث واللغة والزهد والرقائق، وفي العقيدة وأصول الدين، وهذه الأخيرة وصفت بأنها: "في غاية الحسن، أكثرها على طريقة أئمة المحدثين، مشحونة بالأحاديث والآثار بالأسانيد، كما هي طريقة اللإمام أحمد وأئمة الحديث. ولم يكن يرى الخوض مع المتكلمين في دقائق الكلام، ولو كان بالرد عليهم، وهذه طريقة أحمد والمتقدمين، وكان كثير المتابعة للمنقول في باب الأصول وغيره" (¬3). وتصنيفاته المتنوعة تدل على تمكنه من كثير من الفنون، واختصاصه وتبريزه في عدة علوم، حتى إن أبا الفتح ابن المنّي -وهو شيخه في الفقه- اقترح عليه أن يبقى في بغداد لحاجة البلد إليه، وذكر الضياء المقدسي في الكتاب الذي خصصه لسيرة الموفق ومناقبه، أنه إمام في تسعة فنون: القرآن وتفسيره، والحديث ومشكلاته، والفقه، والخلاف (الفقه المقارن)، والفرائض، والأصول، والنحو، والحساب، والنجوم السيارة ومنازلها (¬4) (علم الفلك). باللإضافة إلى تصنيف الكتب، فقد كان الشيخ دائبًا في جمع الطلاب وتعليم التلاميذ، وإن أبرز من تخرج على يديه ابن أخيه شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر قاضي القضاة فى زمانه. ¬

_ (¬1) المدخل، ص 433 - 434. (¬2) قائمة أسماء مؤلفاته في: ذيل الطبقات 2/ 139، المنهج الأحمد 4/ 154، السير 22/ 168. (¬3) ذيل الطبقات 2/ 139، المنهج الأحمد 4/ 154. (¬4) المقصد الأرشد 2/ 17.

- شمس الدين ابن مفلح (712 - 763 هـ)

- شمس الدين ابن مفلح (712 - 763 هـ): تعتبر أسرة آل مفلح من الأسر العلمية الحنبلية الشهيرة التي وفدت إلى دمشق واستقرت بالصالحية، وحملت راية العلم هناك، فتقلد علماؤها مناصب القضاء، والفتوى، والتدريس، والإمامة، والخطابة، والوعظ، والحسبة، وغير ذلك من المناصب. وأصل هذه الأسرة من رامين، قرية من القرى التابعة لنابلس الفلسطينية، ولا يعرف متى كان انتقال هذه الأسرة إلى دمشق، ولعل ذلك راجع إلى أنه ليس لها هجرة كبيرة جماعية، كهجرة المقادسة من آل قدامة المقدسيين. ويعتبر شمس الدين محمد بن مفلح أكبر رجال هذه الأسرة والجد الأعلى لها في بلاد الشام (¬1). ولد برامين، وقدم إلى دمشق فأخذ العلم عن مشاهير علمائها آنذاك، وعلى رأسهم شيخ الإسلام المجاهد تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية الحرّاني -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-، وكان يقول له: ما أنت ابن مفلح، أنت مفلح (¬2). وكان ابن القيم قرينه في الطلب، ولم يمنعه ذلك من الإستفادة منه والشهود له بالفضل والعلم، فقد كان يراجعه في مسائل ابن تيمية واخياراته، وقال لقاضي القضاة موفق الدين الحجّاوي سنة 731 هـ: ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب أحمد من ابن مفلح (¬3). وإذا كان ابن مفلح شيخ الحنابلة في وقته، فلا ريب أن يكون الشيوخ قد اعتمدوا عليه في النقل والتصحيح وسائر الأعمال التي عرفت في تلك الفترة. نجد ذلك واضحًا من خلال تأليفاته القيمة، وما قيل فيها، ولا سيما كتابه الشهير في الفقه، والذي يعرف به، وهو كتاب "الفروع"، فكثيرًا ما نقرأ أو نسمع: ابن مفلح صاحب "الفروع"، وما ذلك إلا لشهرة الكتاب وكثرة الإعتماد عليه والرجوع إليه. قال علاء الدين المرداوي في مقدمة "تصحيح الفروع": "أما بعد، فإن كتاب الفروع -تأليف الشيخ الإمام العالم العلّامة أبي عبد الله محمد ابن مفلح- أجزل الله له الثواب وضاعف له الأجر يوم الحساب -من أعظم ما صنف في ¬

_ (¬1) التعريف بهذه الأسرة في مقدمة تحقيق كتاب "المقصد الأرشد" للدكتور عبد الرحمن العثيمين. (¬2) المقصد الأرشد 2/ 519. (¬3) المصدر السابق ص 519.

فقه الإمام الرباني؛ أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، قدس الله روحه، ونوّر ضريحه، نفعًا، وأكثرها جمعًا، وأتمها تحريرًا، وأحسنها تحبيرًا، وأكملها تحقيقًا، وأقربها إلى الصواب طريقًا، وأعدلها تصحيحًا، وأقومها ترجيحًا، وأغزرها علمًا، وأوسطها حجمًا، قد اجتهد في تحريره، وتصحيحه، وشفر عن ساعد جده في تهذيبه وتنقيحه، فحرر نقوله، وهذب أصوله، وصحح فيه المذهب". إلى أن قال: "ومرجع الأصحاب في هذه الأيام إليه وتعويلهم في التصحيح والتحرير عليه، لأنه اطلع على كتب كثيرة، ومسائل غزيرة، مع تحرير وتحقيق، وإمعان نظر وتدقيق، فجزاه الله أحسن الجزاء، وأثابه جزيل النعماء" (¬1). وقال في مقدمة "الإنصاف": "واعلم أن من أعظم هذه الكتب نفعًا، وأكثرها علمًا وتحريرًا، وتحقيقًا، وتصحيحًا للمذهب، كتاب "الفروع"، فإنه قصد بتصنيفه تصحيح المذهب وتحريره وجمعه" (¬2). والعلاء المرداوي قد توفي سنة 885 هـ، وهو لا يكيل المدح جزافًا، فإنه عني بتصحيح "الفروع" بل بتصحيح المذهب كله، كما يعلم من كتابه "الإنصاف"، وبالتالي نستطيع أن نستخلص من كلمته الآنفة مسألتين مهمتين: الأولى: أن كتاب "الفروع" أغنى عن الكتب التي سبقته، إلى حد كبير، وأنه لم يصنف كتاب يساميه أو يقاريه حتى نهاية القرن التاسع. وهكذا بقي عمدة الحنابلة في الدراسة والتدريس والإفتاء، إلى أن جاء العلامة تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي المصري الشهير بابن النجار، فوضع كتاب "منتهى الإرادات" و"شرحه" فانتقل الناس إليه، وعولوا عليه (¬3)، ومع ذلك فغالب استمداده من "الفروع" (¬4). الثانية: أن ابن مفلح يعد مصحح المذهب ومحرره وجامعه، لكن ليس ذلك الجمع الذي قام به الحسن بن حامد أو الخلال من قبله، بل هو جمع ملخص من الكتب التي ¬

_ (¬1) تصحيح الفروع، المطبوع مع "الفروع" 1/ 22 - 23، عالم الكتب، 1967. (¬2) الإنصاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير 1/ 23، دار هجر، 1993. (¬3) السحب الوابلة، لإبن حميد، ص 855، ط. مؤسسة الرسالة، وتقديم الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع لكتاب "منتهى الإرادات". (¬4) المدخل، لإبن بدران، ص 440.

- علاء الدين المرداوي (817 - 885 هـ)

اجتمعت لديه في ذلك العصر من مطولات ومختصرات، ومتون وشروح، ومجردات ومقرونات بأدلتها، ومذهبيات وخلافيات. ومن هنا يظهر لنا قيمة هذا العالم ومنزلته في الفقه الحنبلي، بل في الفقه الإسلامي المقارن، حتى قيل فيه: إنه لا يعلم أحد في زمنه في المذاهب الأربعة له محفوظات أكثر منه (¬1)، وإن القارئ لكتابه "الفروع" ليجد مصداق هذا الكلام واضحًا جليًا. - علاء الدين المرداوي (817 - 885 هـ): يعتبر علاء الدين علي بن سليمان المرداوي، فاتحة المتأخرين من الحنابلة (¬2)، ورأسهم ورئيسهم، خرج من بلاده مَرْدَا الفلسطينية في سن الشباب، فسكن الخليل بقصد تعلم القرآن، ثم توجه إلى دمشق التي كانت آنذاك - وصالحيتها على وجه أخص- قد حلت محل بغداد في احتضان العلم والعلماء، وكادت تنقطع الرحلة إلا إليها. تفقه العلاء على الشيخ تقي الدين ابن قندس البعلي، شيخ الحنابلة في وقته، فبرع وفضل في فنون من العلوم، وتدرج حتى انتهت إليه رئاسة المذهب الحنبلي. وصار قوله حجة في المذهب، يعمل به، ويعول عليه في الفتوى والأحكام في جميع مملكة الإسلام (¬3). عمل المرداوي في نيابة القضاء مدة طويلة، فكان ذلك تجربة ميدانية لما تعلم من علم، ثم فُتح عليه في التأليف، فألف كتبًا كثيرة (¬4) , وعلى رأس تلك التأليفات ثلاثة كتب تكون حجر الزاوية، وهي في جملتها وضعت خصيصًا لتصحيح الخلاف، وهي: - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف. - التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع. - الدر المنتقى والجوهر المجموع في معرفة الراجح من الخلاف المطلق في الفروع. ¬

_ (¬1) المقصد الأرشد 2/ 519. (¬2) وذلك أن متأخري الأصحاب اصطلحوا على تقسيم علماء المنصب الذين اشتهروا بالتأليف فيه إلى ثلاث طبقات زمانية: المقدمون: وخاتمتهم الحسن بن حامد (403 هـ)، والمتوسطون: وخاتمتهم البرهان ابن مفلح (884 هـ)، والمتأخرون: وفاتحتهم العلاء المرداوي. المدخل المفصل 1/ 455. (¬3) المنهج الأحمد 5/ 290، 291. (¬4) جريدة الكتب التي أمكن التعرف عليها مع التعليق المناسب فى مقدمة تحقيق "الإنصاف" المطبوع مع "المقنع" و"الشرح الكبير"، ص 19. =

وسلك المؤلف منهجًا دقيقًا في تأليف هذه الكتب الثلاثة، وفي ربط العلاقة بينها ربطًا متينًا: فأما "الإنصاف" فقد وضعه على "المقنع" للموفق ابن قدامة، و"شرحه" لإبن أخيه شمس الدين، نظرًا لأهمية هذين الكتابين، فكان صنيع المرداوي إذن مع "المقنع" إكمالًا وتتميمًا للشرح الكبير، حيث اهتم بمواضع الخلاف في المذهب، واستطاع عن طريق مكتبته الحافلة (¬1) أن يبين رأي كل مؤلف أو إمام، والمنقول عن الإمام أحمد، والمنصوص عليه، وماذا يرجح كل مصنف أو مؤلف مع ذكر كتابه، وكان عمله هذا توثيقًا للمذهب، وجمعًا لأقوال علمائه، وبذلك استغنى مقتنيه عن الرجوع إلى مصادر كثيرة (¬2). وأما "التنقيح" فهو اختصار للإنصاف، ليقرأه المتوسط والمستعجل. وأما "الدر المنتقى" أو"تصحيح الفروع" فهو كتاب عمل فيه ما عمل في "الإنصاف" تقريبًا، وكانت مادته الأساسية في عمله في هذا الكتاب، هي "الإنصاف"، فقد قال في مقدمة "تصحيح الفروع": " ... ولكن أعاننا على ذلك توفيق الله تعالى لنا على إكمال كتابنا المسمى بـ "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف"، وتصحيحه، فإن غالب المسائل التي في المذهب مما أطلق الأصحاب فيها الخلاف، أو بعضهم تتبعتها فيه، وصححت ما يسر الله تعالى علينا تصحيحه، فجاء بحمد الله تعالى وافيًا بالمراد في معناه، فبذلك هان علينا ما قصدنا فعله في هذا الكتاب وما أردناه" (¬3). ¬

_ (¬1) السحب الوابلة، ص 742. ط. الرسالة. (¬2) مقدمة تحقيق "الإنصاف" المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، ص 22. (¬3) الفروع، مع تصحيحه، 1/ 25. ويعتبر ابن تيمية وابن القيم وابن رجب من أبرز علماء الإسلام، وأشهر حنابلة الشام، فكان ينبغي التنويه بأعمالهم والإشادة بمآثرهم في هذا لموضع، ولكنه لما أُفردوا بالكتابة والدراسة لم يُتطرق اليهم هنا تفاديًا للتكرار. فعلى سبيل المثال كتب عن ابن القيم الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ثلاثة كتب: - ابن القيم وآثاره وموارده. - التقريب لفقه ابن القيم. - التقريب لعلوم ابن القيم. =

حالة المذهب الحنبلي بعد المقادسة

حالة المذهب الحنبلي بعد المقادسة لقد تألق نجم النشاط العلمي والعملي الذي عرفته الشام على أيدي المقادسة نحو أربعة قرون متتالية، ثم إن المذهب الحنبلي أخذ في التناقص والتراجع في تلك البلاد، وبدأ مساره في الإنحدار في مطلع القرن العاشر، واستمر يتناقص إلى يومنا هذا، حيث لم يبق من البيوتات الحنبلية التي تعنى بهذا المذهب الجليل في دمشق وضواحيها -فيما نعلم- إلا بيت الشيخ أحمد الشامي الدوماني المتوفى سنة 1413 هـ. وقد وصف الشيخ عبد القادر ابن بدران تلك الحالة التي آل إليها المذهب الحنبلي في الشام في زمانه بعبارة رقيقة تثير الأشجان، وتقشعر منها الأبدان، فقال: "تعلم أيها الفاضل الألمعي أن الخوض في هذا البحر (¬1) الزاخر صعب المسلك، بعيدُ المرمى، خصوصًا في هذا الزمان المعاند للعلم وأهله، حتى رماهم في سوق الكساد، ونادى عليهم بالحرمان، فأنى لمثلي أن يجول في هذا الميدان، ويناضل أولئك الفرسان؟ مع أنه تمضي علي الشهور، بل الأعوام، ولا أرى أحدًا يسألني عن مسألة في مذهب الإمام أحمد، لإنقراض أهله في بلادنا، وتقلص ظله منها، فلذلك أصبح اشتغالي بغير الفقه من العلوم، وإن اشتغلت به، فاشتغالي إما على طريقة الإستنباط، وإما بمراجعة كتب الأئمة على اختلاف مذاهبهم" (¬2). ويصف لنا حالة المدرسة الشيخية العمرية الشهيرة، وماآلت إليه من الخراب، بعد أن كانت عامرة بنفائس المخطوطات ونوادر الكتب، فضلًا عن المشهورات، فيقول في كتابه "منادمة الأطلال": "هي موجودة بالصالحية مشهورة معمورة بالجدران، لا ظل فيها للعلم ولا أثر، ¬

_ = وقُدّمت رسالة جامعية، في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عن الحانظ ابن رجب بعنوان: ابن رجب وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف، قدمها عبد الله بن سليمان الغفيلي، وقدمت رسالة أخرى في الأزهر عنه أيضًا، بعنوان: ابن رجب فقيهًا، قدمها محمد بن حمود الوائلي. وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد كتب عنه من لا يحصي كثرة، ويعد كتاب "ابن تيمية" للشيخ أبو زهرة من أجمع وأوسع الدراسات في هذا الموضوع. (¬1) الإشارة إلى موضوع العقد السابع من كتابه "المدخل" وهو: ذكر الكتب المشهورة في المذهب. (¬2) المدخل ص 423.

يسكنها قوم من ذوي المتربة، ويمر بها نهر يزيد، وداخلها مدرسة لطيفة، ويها ما يقرب من تسعين خلوة، وقد كان بها خزانة كتب لا نظير لها، فلعبت بها أيدي المختلسين .... وكذلك لعبت أيدي المختلسين في أوقافها فابتلعوها، هذه حالتها اليوم" (¬1). وهذه سنة الله في خلقه، فإن دوام الأحوال من المحال، ولا يكمل شيء في هذه الدنيا الفانية، إلا وفي كماله إيذان ببداية النقص، وكما يقول أبو البَقَاء الرَّنْدي في رثاء الأندلس بعد سقوطها في أيدي الصليبيين (¬2): لكلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ ... فلا يُغرَّ بطيب العيش إنسانُ هي الأمورُ كما شاهدتُها دولٌ ... من سرَّه زمنٌ ساءته أزمانُ وعلى الرغم من ذلك كله، فإن القيام بالتدريس والتأليف والفتوى في هذا المذهب قد تسلسل في الأسر الحنبلية؛ كبني مفلح الرامينيين، وآل الحجاوي، وآل المرداوي وغيرهم، إلى عهود متأخرة. كما أننا نجد تألقًا لعدد من كبار الحنابلة عرفتهم الشام خلال الأربعة قرون المتأخرة من أمثال: الجمال يوسف بن حسن بن عبد الهادي المقدسي الصالحي (841 هـ - 909 هـ) الشهير "بابن المِبْرَد"؛ الذي كان جبلًا في العلم، وفردًا من أفراد العالم، عديم النظير في التحرير والتقوير (¬3). والذي اشتهر كعصريَّه سميِّه الجلال السيوطي (911 هـ) بكثرة التصنيف والتأليف، فقد فاقت مؤلفاته الخمس مئة ما بين رسالة صغيرة وكتاب كبير، في فنون كثيرة: الحديث، والفقه، والأصول، والتراجم، وغير ذلك (¬4). ومن أشهر مؤلفاته في الفقه الحنبلي: - مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة الأحكام. - الدر النقي في حلّ ألفاظ الخرقي. ¬

_ (¬1) منادمة الأطلال ص 244. (¬2) نفح الطيب 4/ 487. (¬3) النعت الأكمل ص 68. (¬4) مقدمة تحقيق كتابه "ثمار المقاصد في ذكر المساجد"، لمحمد أسعد طلس، ص 17 وما بعدها.

ومنهم: شرف الدين موسى بن أحمد الحجاوي المقدسي ثم الدمشقي الصالحي (¬1) (895 هـ - 960 هـ) الذي تفرد في عصره بتحقيق مذهب الإمام أحمد وصار إليه المرجع، ورحل إليه الطلاب من مختلف الأصقاع، وممن رحل إليه وتتلمذ على يديه من علماء نجد: الشيخ أحمد بن محمد بن مشرّف (¬2) (1012 هـ)، والشيخ زامل بن سلطان (توفي في أواخر القرن العاشر) الذي كان قاضي الرياض آنذاك (¬3)، والشيخ محمد بن إبراهيم بن أبي حميدان المشهور "بأبي جَدّه" (توفي في أواخر القرن العاشر" (¬4). كما أن مؤلفاته: "الإقناع لطالب الإنتفاع" و"زاد المستقنع في اختصار المقنع" و"حاشية التنقيح" شاعت وانتشرت بين الحنابلة منذ ذلك الوقت، لكثرة ما فيها من الفوائد وحسن السبك، وكان عليها المعول أكثر من غيرها في البلاد النجدية. وفي القرن الحادي عشر للهجرة تألق عدة مشاهير توالوا على التفقيه في المذهب الحنبلي، منهم: شمس الدين محمد البلباني (¬5) (1006 - 1083 هـ) الذي تتلمذ على يد أحمد بن أبي الوفاء المفلحي الصالحي (1038 هـ) الذي كانت سيرته في الشام تذكِّر بسيرة الحسن البصري في زمانه بالبصرة، وهو تلميذ الحجاوي، ومن بيت مفلح المشهور بالعلم الكثير، المعروف بالتصنيف والتأليف بين الكبير والصغير. ومنهم: المؤرخ عبد الحي ابن العماد (¬6) (1032 - 1089 هـ) الدمشقي الصالحي الذي كان معروفًا بكثرة التفتيش والبحث في الخزائن والمكتبات، شارح "غاية المنتهى" للشيخ مرعي ومؤلف "شذرات الذهب في أخبار من ذهب". ¬

_ (¬1) النعت الأكمل ص 124، السحب الوابلة 3/ 1134. (¬2) علماء نجد خلال ثمانية قرون 1/ 540. (¬3) المصدر السابق 2/ 198. (¬4) المصدر السابق 5/ 481. (¬5) النعت الأكمل ص 231. (¬6) النعت الأكمل ص 240.

الشيخ عبد القادر ابن بدران (1280 - 1346 هـ)

وفي القرن الثاني عشر برزمن علماء الحنابلة في الشام الشيخ محمد بن أحمد بن سالم السفاريني (¬1) (1188 هـ) الذي جاء من بلده سفارين -وهي إحدى القرى النابلسية- إلى دمشق فدرس وتعلم بها ثم عاد إلى بلده فقيهًا جليلًا، ترك ثروة غزيرة من المؤلفات والتصانيف التي كانت في عامتها مبنية على إجابة عن أسئلة وفتاوى في موضوعات مختلفة. وآخر من تألق نجمه في الشام من الحنابلة هو: الشيخ عبد القادر ابن بدران الدمشقي الدومي، وهو خليق بأن ننوه به ويالتعريف بآثاره. الشيخ عبد القادر ابن بدران (1280 - 1346 هـ) 1 - اسمه، نسبه، مولده، نشأته: هو العلّامة المحقق المحدث الأصولي المتبحر المتفنن الشيخ عبد القادر بن أحمد ابن مصطفى بن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد المشهور كأسلافه بابن بدران، السعديُّ الدومي، الدمشقي (¬2). ولد في بلدته دوما سنة (1280 هـ)، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة على يد الشيخ عدنان بن محمد عدس، وذلك في الكتاب الذي كان يوجد آنذاك في جامع المسْيَد في دوما، ونشأ في بلدته إلى أن أُخرج منها في حدود سنة (1338 هـ) (¬3). 2 - طلبه للعلم ومشايخه ورحلاته: تلقى ابن بدران العلم عن جده الشيخ مصطفى (¬4)، كما أخذ عن شيخه العلامة محمد بن عثمان الحنبلي المشهور بخطيب دوما، وقد تأثر به واستفاد منه طريقة ¬

_ (¬1) النعت الأكمل ص 301. واشتهر في القرن الثالث عشر بيت يعرف بـ "بيت الشطي" في دمشق بإنجاب كثير من العلماء، من أشهرهم محمد جميل الشطي مؤرخ القرن الثالث عشر، وصاحب "مختصر طبقات الحنابلة" الذي اختصر فيه "النعت الأكمل" للغزي، واستمر بعده حتى سنة 1339 هـ فترجم لمعاصريه. (¬2) منادمة الأطلال ص 21، المدخل ص 42، نزهة الخاطر العاطر ص 11. (¬3) علامة الشام عبد القادر بن بدران حياته وآثاره، لمحمد ناصر العجمي، ص 8، ط. دار البشائر الإسلامية، 1996. (¬4) علامة الشام ص 9.

حميدة (¬1)، ثم رحل في طلب العلم بعد أخذه عن مشايخ بلدته، فأخذ عن شيخ دمشق ورئيس علمائها سليم بن ياسين العطار الشافعي (¬2)، والعلامة محمد بن مصطفى الطنطاوي الأزهري، والشيخ علاء الدين عابدين الحنفي، ومفتي الحنابلة الشيخ أحمد بن حسن الشطي، وكذلك الشيخ محمد بن ياسين العطار، والشيخ بدر الدين الحسني (¬3). وسافر إلى أورويا، فزار إيطاليا وفرنسا ثم زار بعض دول المغرب كالجزائر وتونس (¬4). ويعد أن استكمل مرحلة التتلمذ واستوى على سوقه في مدة ست سنوات تقريبًا عكف على المطالعة بنفسه حتى برع في الكتاب والسنة والأصلين (¬5)، والمذهب، ومعرفة الخلاف، وسائر العلوم العقلية والأدبية والرياضية (¬6). 3 - انتقاله إلى المذهب الحنبلي وما كان عليه السلف في الإعتقاد: كان الشيخ ابن بدران في أول طريقه العلمي شافعي المذهب، ثم مال إلى مذهب الإمام أحمد (1)، وقد أشار إلى ذلك في كتابه "المدخل" فقال: وهذا ما وقع اختيارنا عليه من القول في هنا الموضوع، ليعلم المتبع لمذهب ما لأي معنى اتبعه، ولأي برهان اختاره دون غيره، فلا يكون متبعًا للهوى والمقليد الأعمى الضار، والتعصب الذميم (¬7). وكانت مطالعته لكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أقامت في نفسه القناعة بأفضلية المذهب الحنبلي (¬8)، وفي ذلك يقول: "ثم منَّ الله علي فحبب إلي الإطلاع على ¬

_ (¬1) المدخل ص 488. (¬2) علامة الشام ص 10. (¬3) المصدر السابق ص 11 - 13. (¬4) المصدر السابق ص 14. (¬5) كثيرًا ما تتكرر عبارة: "وبرع في الأصلين" وشبهها في تراجم المتأخرين. والمقصود بالأصلين: أصول الدين وأصول الفقه. (¬6) نبذة من ترجمة ابن بدران في مقدمة كتابه "المدخل" كتبها محمد بن سعيد الحنبلي العماني. (¬7) المدخل ص 110. (¬8) سادت المفاضلة بين الأئمة الفقهاء والترجيح بين مذاهبهم سرًا طويلًا، وأخذت حيزًا واسعًا من تاريخنا الثقافي، وكان ينبغي أن ننظر إلى الأئمة الأربعة على أنهم كلهم أصحاب علم وفضل، وقد بذلوا جهدهم في الوصول إلى الحق، وهم مجتهدون كغيرهم من مجتهدي الأمة، إن أصابوا الحق فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد جزاء اجتهادهم، وكان رائدهم في خلافهم وآرائهم الحق واتباع الدليل، وقد ثبت عن كل منهم قوله: "إذا خالف قولي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالحجة في قول رسول الله، واضربوا بقولي عرض الحائط". ولم يكن منهم تعصب ولا نزاع ولا تعالٍ، بل كان التواضع والإحترام والحب، فجزاهم لله عن المسلمين خيرًا. =

كتب التفسير والحديث وشروحها وأمهات كتب المذاهب الأربعة وعلى مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الحافظ ابن القيم، وعلى كتب الحنابلة، فما هو إلا أن فتح الله بصيرتي وهداني للبحث عن الحق من غير تحزب لمذهب دون مذهب، فرأيت أن مذهب الحنابلة أشد تمسكًا بمنطوق الكتاب العزيز والسنة المطهرة ومفهومهما، فكنت حنبليًا من ذلك الوقت" (¬1). وانتقل إلى العقيدة السلفية المستمدة من معين كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وماوإن عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين، وخرج بذلك من ريقة الكتب التي كانت تُعلّم الفلسفة بدلًا من العقيدة الصافية كـ "الشفا" و"النجاة" و"الإشارات" و"المواقف" و"المقاصد" وغيرها، وقد أفصح عن ذلك كله في مقدمته لكتاب "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" (¬2). 4 - معرفته بالمذهب الحنبلي: وعلى الرغم من أن الشيخ ابن بدران لم ينشأ في بيت من البيوتات التي توارثت فقه الإمام أحمد، فإنه بعد انتقاله من المذهب الشافعي إلى المذهب الحنبلي أخذ يتضلع من أصول هذا الذهب وفروعه، ويتعرف على طبقات علمائه ومؤلفاتهم حتى أحكم المعرفة به، وصنف كتابه "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" الذي أبان فيه عن اطلاع واسع علي كتب الحنابلة وآرائهم في مختلف الفنون، فإذا تحدث عن عالم أو عن كتاب تحدث حديث من قرأه وخبره وتتبع آراءه وعرف مزاياه، فهو لا يعتمد على ما ينقل في ¬

_ = وإن حصلت ميزات لبعضهم على بعض فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو أمر لا يستدعي إقامة سوق التعصب والانتصار لإمام على آخر، وترتيبهم في المفاضلة ليس دينًا يجب على الأمة صرفته والإلتزام به، بل يجب على الأمة معرفة ما كانوا عليه من فضل وعلم، والأدلة التي استندوا إليها في آثارهم، والقول الحق الذي هو حكم الله وشرعه في حق الناس للعمل به وتطبيقه. وما يثار من بعض متبعة المذاهب ومقلدتهم من تعصب ونزاع ومفاضلة لينهم وتقليد أعمى قد يؤدي إلى ترك الحق الموافق لما جاء عن الله سبحانه وعن رسوله، لمجرد أن إمامه لم يقله، إن هذا يعتبر أمرًا يجب الحذر منه، والإبتعاد عنه، فلم يكن في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا سلف الأمة الصالح وأثمتها المعتبرين، فيجب التنبه لذلك، والإقتداء بالسلف الصالح الذين اقتدوا برسولنا - صلى الله عليه وسلم -. (¬1) نبذة من ترجمة ابن بدران في مقدمة "المدخل" ص (أ). (¬2) ص 42 - 43.

الكتب عن مذهب أحمد وعلمائه وكتبهم، بل جمعها ودرسها، فحديثه حديث صاحب الخبرة. وييدو أنه تيسر له من كتب الحنابلة ومخطوطاتهم ما لم يتيسر لغيره، ومن هنا كان خاتمة الحنابلة بالشام، بل يكاد يكون أعلم الناس في عصره بكتب الحنابلة ومزاياهم في مختلف العلوم، من الأصول والفقه والحديث والتفسير، وغير ذلك. وانتسابه إلى المذهب الحنبلي لم يشغله عن التعرف على المذاهب الأخرى والتفقه فيها، وإن كلامه على الأصول التي دونها أصحاب الإمام أحمد في كتابه "المدخل" ليكشف عن دراية واسعة بما هو مقرر عند المذاهب الأخرى من الآراء والمذاهب الأصولية. والحق أن الرجل كان موسوعي الإطلاع، مشاركًا في الفنون، ذا نزعة استقلالية في الرأي المعتمد على الدليل، يرغب في معرفة الأدلة والإستنباط منها والإعتماد عليها وينحى على التقليد والمقلدين باللائمة والنقد. 5 - صفاته وثناء العلماء عليه: كان الشيخ ابن بدران ذا صفات علمية وخلقية حمدت بين العلماء، أثنى عليها كثير من الفضلاء، فمن ذلك: • قال عنه خير الدين الزركلي -وهو من تلاميذه-: فقيه أصولي حنبلي، عارف بالآداب، والتاريخ ..... كان حسن المحاضرة كارهًا للمظاهر، قانعًا بالكفاف، لا يعنى بملبس ولا مأكل، يصبغ لحيته بالحناء، وريما ظهر أثر الصبغ على أطراف عمامته. ضعف بصره قبل الكهولة، وفُلجَ في أعوامه الأخيرة. ولي إفتاء الحنابلة (¬1). • وقال عنه محمد تقي الدين الحصني: وهو متضلع من العلوم العصرية والفنون الكثيرة، اشتهر في الشعر والتاريخ .. كان سلفي العقيدة، يحب التقشف ويميل طبعه إلى الإنفراد عن الناس والبعد عن الأمراء ... وله اختصاص في علم الآثار والكتب القديمة، ومعرفة أسماء الرجال ومؤلفاتهم من صدر الإسلام إلى اليوم (¬2). ¬

_ (¬1) الأعلام 4/ 37. (¬2) علامة الشام ص 32؛ نقلًا عن "منتخبات التواريخ لدمشق" 2/ 762 - 763.

وقال الأستاذ محب الدين الخطيب حين ذكر وفاته في مجلة "الفتح": وهو -أي ابن بدران- من أفاضل العلماء .... وتلقى العلم عن المشايخ مدة خمس سنوات، ثم انصرف إلى تعليم نفسه بنفسه، فكان من أهل الصبر على التوسع في اكتساب العارف من العلوم الشرعية والأدبية والعقلية والرياضية، وهو حنبلي المذهب (¬1). 6 - أعماله وآثاره: عمل الشيخ ابن بدران عضوًا في شعبة المعارف في دوما، وعُين مصححًا ومحررًا بمطبعة الولاية وجريدتها، كما أنه اشترك في عهد الأتراك بتحرير جريدة المقتبس، وكتب في صحف دمشق، كالمشكاة والشام والكائنات والرأي العام (¬2). ثم اشتغل بالتدريس والتعليم، فكان يدرس في الجامع الأموي المفسير والحديث والففه (¬3). وولي إفتاء الحنابلة، وانصرف مدة إلى البحث عما بقي من الآثار في مباني دمشق القديمة، فكان أحيانًا يستعير سلّمًا خشبيًا وينقله بيديه ليقرأ كتابة على جدار أو اسمًا فوق باب، ومنها جمع مادة علمية وافرة لكتابه "منادمة الأطلال". وترك الشيخ ابن بدران آثارًا عديدة تمثلت بعدد من التلاميذ؛ النين صاروا فيما بعد أدباء وعلماء، ورواد أدب وفكر، منهم: المؤرخ الشيخ محمد أحمد الدهمان، والمؤرخ خير الدين الزركلي، وعبد الحليم بن علي بن سماية المغربي، والشيخ عبد الحكيم الأفغافي، والشيخ محمد صالح العقاد، والأديب الشاعر محمد سليم الجندي. كما تمثلت آثاره بعدد من الكتب المتعددة الفنون، تجاوزت الأربعين مصنفًا (¬4)، نذكر أهمها: 1 - تهذيب تاريخ دمشق لإبن عساكر. 2 - حاشية على أخصر المختصرات للبَلْبَاني. 3 - حاشية على شرح منتهى الإرادات. ¬

_ (¬1) علامة الشام ص 33؛ نقلًا عن مجلة "الفتح" عدد 67 الصادر في 25/ 4/ 1346. (¬2) علامة الشام ص 35. (¬3) علامة الشام ص 36 نقلًا عن "أعلام الأدب والفن" 1/ 224، للأستاذ أدهم الجندي. (¬4) جرد الأستاذ محمد بن ناصر العجمي مؤلفات ابن بدران في كتابه "علّامة الشام" جردًا مستقصيًا ومعرفًا بمكان وجود مخطوطاتها وما طبع منها، فبلغ في تعداده (46) عوانًا.

4 - حاشية على الروض المربع شرح زاد المستقنع. 5 - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل. 6 - منادمة الأطلال ومسامرة الخيال (تاريخ مدارس دمشق). 7 - نزهة الخاطر العاطر شرح روضة الناظر وجنة المناظر. توفي الشيخ عبد القادر ابن بدران بمدينة دمشق سنة (1346 هـ) بعد معاناة طويلة قاساها من جراء داء الفالج الذي أقعده، -رَحِمَهُ اللهُ- رحمة واسعة وأجزل له المثوبة.

المبحث الرابع المذهب في مصر

المبحث الرابع المذهب في مصر تعتبر الشام همزة الوصل بين المدرسة العراقية والمدرسة المصرية، فانتقال المذهب الحنبلي إلى البلاد المصرية إنما كان عن طريق التواصل الثقافي والسياسي بين مصر والشام، خصوصًا في تلك الأحقاب التي كان فيها الإقليمان محكومين بسلطة واحدة، ودولة واحدة. دخل فقهاء الحنابلة وعلماؤهم إلى مصر عن طريق الإيفاد القضائي تارة، وعن طريق الرحلات العلمية تارة ثانية، وعن طريق اللجوء بسبب النزاع مع الأشاعرة تارة ثالثة. وكان لهم الأثر الكبير في تدعيم المذهب الحنبلي وتمكينه هناك عن طريق الوزارة والقضاء والتدريس والإفتاء، وغير ذلك. ويعتبر الإيفاد العلمي والقضائي من بلاد الشام إلى بلاد مصر ميزة لامعة من مميزات الوجود الحنبلي في مصر، فكثير من علماء الشام إنما وفدوا، أو أوفدوا على مصر في أوقات محدودة، ثم رجعوا إلى بلادهم، ولكن بقي أثرهم اللائح سابغًا على المصريين، كان المطالع لكتب الطبقات ليجد ذلك جليًا في الفترة ما بين القرنين: التاسع والعاشر على وجه الخصوص. بل إننا لنجد في "حسن المحاضرة" أن أول عالم من الحنابلة بالديار المصرية كان وافدًا عليها من الشام، هو الحافظ عبد الغني المقدسي صاحب "العمدة" في أحاديث الأحكام (¬1). ويعتبر محمد بن إبراهيم الجمّاعيلي المقدسي، من آل بني سرور، المتوفى سنة 676 هـ، أول من تسلم التدريس بالمدرسة الصالحية للحنابلة بمصر، وأول من استلم ¬

_ (¬1) حسن المحاضرة، للسيوطي، 1/ 485. وهذا لا ينفي أن يكون للحنابلة وجود قبل الحافظ عبد الغني، إذ يعتبر الفقيه الزاهد عثمان بن مرزوق (564 هـ) البغدادي نزيلًا على مصر. قال ابن رجب في "طبقاته" (1/ 306): استوطن مصر، وأقام بها إلى أن مات، وأفتى بها ودرس وناظر. فلعل السبب في كونه لم يعرف لدى السيوطي هو كثرة اشتغاله بالتصوف إلا أنه تفقه على حنابلة بغداد.

تضاء القضاة منهم بالقاهرة، فصار شيخ المذهب هناك علمًا وصلاحًا، وديانة ورياسة (¬1). ويذكر لنا السيوطي قائمة بأسماء ستة عشر فقيهًا حنبليًا تولوا القضاء المصري (¬2)، وواحدًا وعشرين إمامًا (¬3)، وهذا اللإحصاء ينتهي عند أوائل القرن العاشر، لأن السيوطي توفي سنة (911 هـ)، وهذا يدل على أن العدد أكثر من ذلك، لأن الوجود الحنبلي بعد السيوطي قد استمر هناك، بل وقوي نسبيًا، على أن السيوطي -رَحِمَهُ اللهُ- لم يذكر لنا أسماء أولئك الموفدين إلى مصر، والذين لم يستوطنوها، كالطوفي والعلاء المرداوي، وغيرهم. وكان الحنابلة شَديدي التمسك بالفضائل الخلقية والورع والزهد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحرص على الإلتزام بالسنة الشريفة في الإعتقاد والعمل. وكان هذا التمسك يسبب لهم حرمانًا من بعض الوظائف في الدولة حينًا، كما سبب لهم محنًا وكائنات مع المخالفين والخصوم حينًا آخر. وقد سجل لنا التاريخ من ذلك الكثير في بغداد، وفي الشام، لكن لم يسجل لنا من ذلك شيئًا في مصر (¬4). ولعل السبب في ذلك راجع إلى قلة عددهم وضعف شوكتهم، بالإضافة إلى أن المتأخرين منهم مالوا في أكثرهم إلى التصوف والزهد والخمول. ومع ذلك بقي غالب الحنابلة محافظين على مزاياهم في الورع والإستقامة على منهج السلف. ويذكر لنا السيوطي نموذجًا من ذلك متمثلًا بشيخه أحمد بن إبراهيم الكناني (876 هـ)، فقد قال فيه: "شيخنا قاضي القضاة، عز الدين أبو البركات ابن قاضي القضاة برهان الدين ابن قاضي القضاة ناصر الدين الحنبلي، قاضٍ مشى على طريقة السلف، وسعى إلى أن بلغ ¬

_ (¬1) ذيل الطبقات 2/ 294 - 295، وحسن المحاضرة 2/ 191. وكانت المدرسة الصالحية في القاهرة ذات أربعة أقسام، كل قسم يختص بتدريس مذهب من المذاهب الفقهية الأربعة. وهذا يدل على أن الحنابلة كان لهم طلاب وشيوخ هناك في ذلك الوقت. (¬2) حسن المحاضرة 2/ 191 - 192. (¬3) المصدر السابق 1/ 480 - 484. (¬4) إلا بعض المشاجرات النادرة بينهم وبين الأشاعرة, كما في "ذيل الطبقات" 1/ 439، والنعت الأكمل ص 10.

العلا لما كلَّ غيره ووقف، من أهل بيت في العلوم والقضاء عريق، ويالرياسة والنفاسة حقيق، خدم فنون العدم إلى أن بلغ منها المُنى، وتفرد بمذهب اللإمام أحمد، فما كان في عصره من يشير إلى نفسه بأنا، وولي القضاء فأحيا سنة التواضع والتقشف، وترك الناموس، وطرح التكلف، .. وبكى على فراقه مذهب ابن حنبل ... ودرس للحنابلة بغالب مدارس البلد، وله تعاليق، وتصانيف، ومسودات كثيرة، في الفقه وأصوله، والحديث والعربية والتاريخ وغير ذلك" (¬1). ويرى الشيخ أبو زهرة -رَحِمَهُ اللهُ- أن سبب قلة الوجود الحنبلي في مصر، إنما مرده إلى المسلك الذي كانت تسلكه الدولة الأيوبية تجاه المذاهب، فقد كان ملوكها شديدي التعصب للمذهب الشافعي، فحاربوا غيره من المذاهب، فلم يسمحوا لغيره من المذاهب إلا ما كان له تأييد من العامة، كالمذهب المالكي، ولم يكن للمذهب الحنبلي ذلك النفوذ من قبل (¬2). وهذا الرأي يحتاج إلى بينة من واقع التاريخ، فإن الدولة الأيوبية وإن كانت تقدم الشافعية على غيرهم، فإنها لم تغلق الأبواب في وجوه المذاهب الأخرى، والذي يدل على ذلك أن الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل بنى المدرسة الصالحية بالقاهرة، وذلك سنة 639 هـ، أي في عز الدولة الأيولية. قال المقريزي: ورتب فيها دروسًا أربعة للفقهاء المنتمين إلى المذاهب الأربعة في سنة 641 هـ، وهو أول من عمل بمصر دروسًا أربعة في مكان (¬3). ونزيد ذلك تأكيدًا بما ورد في ترجمة الفقيه الواعظ المفسر علي بن إبراهيم الدمشقي، المعروف بـ "ابن نجية"، فإنه أوفد إلى بغداد من قبل السلطان نور الدين الشهيد، ثم أوفد إلى مصر من قبل السلطان صلاح الدين الأيوبي، فبقي هناك إلى أن مات. وكان ذا رَأي صائب، حتى كان صلاح الدين يسميه عمرو بن العاص، ويعمل برأيه، ويكاتبه، ويحضر مجلسه هو وأولاده (¬4). ¬

_ (¬1) حسن المحاضرة/ 484، وذكر له السخاوي ترجمة حافلة نقلها ابن حميد في "السحب الوابلة" 1/ 85. ط. مؤسسة الرسالة. (¬2) ابن حنبل ص 461. (¬3) حسن المحاضرة 2/ 263 مع هامشه للشيخ محمد أبو الفضل إبراهيم. (¬4) ذيل الطبقات 1/ 437.

1 - ابن النجار الفتوحي (898 هـ - 972 هـ)

أبرز الحنابلة المصريين لم يبلغ المذهب الحنبلي في الديار المصرية من الشأو والتألق ما بلغه في الشام وفي بغداد من قبل، ومع ذلك فقد كان له شأن لا يستخف به في تلك الديار، فقد تقلد عدد من فقهائه مناصب القضاء، ورئاسة الفتوى في المذهب الحنبلي، وتشيخوا في المدارس، وكانت لهم مشاركة إلى جانب المذاهب الثلاثة الأخرى في جامع الأزهر. وأنجبت مصر هي الأخرى ثلة من أعلام الحنابلة ورجالاتهم الذين قدموا خدمة جليلة للمذهب بما تركوا من مصنفات، وما خلفوا من آثار. وكانت الرحلة العلمية لطلاب نجد في القرن العاشر والحادي عشر تتجه عادة نحو الشام ثم مصر. ومن أبرز الحنابلة المصريين: 1 - ابن النجار الفُتُوحي (898 هـ - 972 هـ): هو العلامة الشيخ محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي بن إبراهيم بن رُشيد، الفُتُوحي، تقي الدين، أبو بكر، الشهير بـ "ابن النجار"، قاضي القضاة ابن قاضي القضاة (¬1). ولد بالقاهرة سنة (898 هـ) وبها نشأ. وأسرة ابن النجار من الأسر التي تشرفت بالعلم، وتولى أبناؤها مناصب القضاء والتدريس والفتوى بمصر. فوالد ابن النجار، وهو العلامة الشيخ شهاب الدين أحمد (861 - 949 هـ)، كان فقيه الحنابلة، ومدرسهم ومفتيهم في عصره، زاد مشايخه على (130) شيخًا، وانتهت إليه الرئاسة في تحقيق نقول المذهب الحنبلي، وفي علوّ السند في الحديث، فضلًا عن علم الطب والمعقولات. تولى منصب قضاء القضاة في آخر دولة المماليك (¬2). وولده موفق الدين كان عالمًا فقيهًا في حياة أبيه، حتى إنه تنازل له عن مشيخته على المدارس التي كان يُدرِّس فيها، وأجازه بالتدريس والفتيا، فاستمر على ذلك بعد وفاته (¬3). ¬

_ (¬1) السحب الوابلة 2/ 854. (¬2) "النعت الأكمل" ص 113، و"السحب الوابلة" 1/ 156. (¬3) السحب الوابلة 2/ 856.

وأما حفيده عثمان بن أحمد (1064 هـ)، فقد كان أحد أجلّاء علماء الحنابلة بمصر، قاضيًا بالمحكمة الكبرى بالقاهرة، وضع حاشية جليلة على كتاب جده "منتهى الإرادات" (¬1). أخذ ابن النجار علم الفقه عن والده، وحفظ كتاب "المقنع" للموفَّق، وغيرَه من المتون، ولازم والده مع الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد البُهُوتي الحنبلي، والشيخ العلامة شهاب الدين أحمد المقدسي. ثم رحل إلى الشام التي كانت إلى ذلك العهد-أي مطلع القرن العاشر- لا تزال تمد غيرها بمدارسها وشيوخها ومكتباتها الزاخرة العامرة، فأقام بها مدة من الزمان، فحصل فيها علمًا غزيرًا، فلم يرجع من تلك السفرة الموفقة إلا ومعه كتابه الشهير "منتهى الإرادات" الذي صنفه هناك (¬2). انتهت رئاسة الفقه الحنبلي إلى ابن النجار بعدما توفي والده (949 هـ) فانفرد بالإفتاء والتدريس بالأقطار المصرية، ثم بعد وفاة الشيخ الشهاب الشويكي (939 هـ) بالمدينة المنورة، وتلميذه العلامة الشيخ موسى الحجاوي (968 هـ) بالشام، انفرد في سائر أقطار الأرض بالتَّصدُّر في الفقه الحنبلي، وقصد بالأسئلة من البلاد الشاسعة كاليمن وغيره (¬3). وأثنى على ابن النجار، علمًا وعملًا، علماء عصره الذين عرفوه عن كسب، منهم تلميذه وصديقه العلامة الباحث عبد القادر الجزيري، قال عنه في كتابه "الدرر الفرائد": "كانت أيامه جميعا اشتغالًا بالفتيا أو بالتدريس، أو بالتصنيف .. على غاية من التقشف والتقلل من زينة الدنيا، وبالجملة، فلم يكن من يضاهيه في مذهبه، ولا من يماثله في منصبه، وكان قلمه أحسن من لفظه، وله في تحرير الفتاوى اليد الطولى، والكتابة المقبولة، على الوجه الصحيح الأولى، وكان ربْع فوائده بفضائله وفواضله مأهولًا" (¬4). ¬

_ (¬1) النعت الأكمل ص 216، السحب الوابلة 2/ 700. (¬2) السحب الوابلة 2/ 854. (¬3) السحب الوابلة 2/ 855 وشهاب الدين أحمد الشويكي المذكور، هو الذي كان سبق ابن النجار إلى فكرة الجمع بين "المقنع" و"التنقيح"، وقد شرع في ذلك بالفعل في كتاب سماه "التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح" السحب الوابلة 1/ 216، المدخل لإبن بدران ص 440. (¬4) السحب الوابلة 2/ 855.

2 - منصور بن يونس البهوتي (1000 - 1051 هـ)

ومن أشهر مصنفات الشيخ ابن النجار الفتوحي (¬1): 1 - كتاب "منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات". 2 - شرح "منتهى الإرادات" المسمى "معونة أولي النُّهى على المنتهى". 3 - مختصر كتاب "التحرير" المسمي "الكوكب المنير". و"التحرير" هو متن في أصول الفقه للقاضي علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (885 هـ)، صاحب "الإنصاف"، واسمه الكامل: "تحرير المنقول وتهذيب الأصول". 4 - شرح الكوكب المنير المسمى "المختبر المبتكر شرح المختصر". فهذه الكتب الأربعة: اثنان في الفقه، واثنان في الأصول، هي زبدة ما استفاده ابن النجار، ثم أفاد به من تلخيص للفقه الحنبلي وأصوله في القرن العاشر الهجري. وهي على قلتها في العدد كثيرة النفع والفائدة، أقبل عليها الناس واعتمدوها، قال ابن بدران عن كتاب "المنتهي": هو كتاب مشهور، عمدة المتأخرين في المذهب وعليه الفتوى فيما بينهم (¬2). 2 - منصور بن يونس البُهُوتي (1000 - 1051 هـ): هو العلامة الشيخ منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن أحمد بن علي بن إدريس، أبو السعادات، البُهُوتي؛ نسبة إلى بُهُوت وهي محلّة بالجهة الغربية بمصر. ولد بها سنة (1000 هـ) (¬3). أخذ الشيخ منصور العلم عن كثير من المتأخرين من الحنابلة المصريين، منهم الشيخ المعمَّر المسند عبد الرحمن البهوتى، والشيخ محمد الشامي المرداوي، وأكثر أخذه عنه، والشيخ يحيي بن الشرف موسى الحجاوي الدمشقي، والشيخ عبد الله الدنشوي الشافعي، والنور علي الحلبي، والشهاب أحمد الوارثي الصديقي (¬4). وبلغ الشيخ منصور من التحصيل العلمي والمعرفة بالمذهب الحنبلي درجة عالية؛ ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "معونة أولي النهى" للدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ص 17، والدر المنضد في أسماه كتب مذهب الإمام أحمد ص 55. (¬2) المدخل ص 439. (¬3) النعت الأكمل ص 210، مختصر طبقات الحنابلة ص 114، السحب الوابلة 3/ 1131. (¬4) السحب الوابلة 3/ 1131، والنعت الأكمل ص 211.

ظهرت في مؤلفاته التي أورثها لنا، وفي رحلة طلاب العلم من الحنابلة إليه من الشام ويعلبك وفلسطين ونجد، وفي ثناء العلماء عليه وتلقيبه بألقاب تفيد أنه كان مرجعًا للحنابلة في وقته. قال المحبي عنه: "شيخ الحنابلة بمصر، وخاتمة علمائهم بها، الذائع الصيت، البالغ الشهرة، وكان عالمًا عاملًا، متبحرًا في العلوم الدينية، صارفًا أوقاته في تحرير المسائل الفقهية، ورحل الناس إليه من الآفاق، لأجل أخذ مذهب الإمام أحمد - رضي الله عنه -، فإنه انفرد في عصره بالفقه .. وكان ممن انتهى إليه الإفتاء والتدريس (¬1). وقال الشمس محمد السفاريني: "هو أحد أعلام المذهب المتأخرين كان كثير العبادة، غزير الإفادة والإستفادة، رحل إليه الحنابلة من الديار الشامية، والنواحي النجدية، والأراضي القدسية، والضواحي البعلية" (¬2). وقال عنه ابن حميد: "وبالجملة فهو مؤيد المذهب ومحرره، وموطد قواعده، ومقرره، والمعوّل عليه فيه، والمتكفل بإيضاح خافيه، جزاه الله أحسن الجزاء (¬3) ". وتكاد تكون مؤلفات الشيخ منصور محصورة في خدمة الفقه الحنبلي، وإليك جريدة بأسماء تلك المؤلفات (¬4): 1 - شرح الإقناع المسمى "كشاف القناع عن متن الإقناع" طبع في مصر في ستة مجلدات. قال السفاريني: هو أحسن شروحه. 2 - شرح منتهى الإرادات المسمي "دقائق أولي النُّهى في شرح المنتهى" طُبع قديمًا في مصر في ثلاثة مجلدات، وطبع حديثًا محققًا في مؤسسة الرسالة في ستة مجلدات. 3 - حاشية على الإقناع. 4 - حاشية على المنتهى سماها "إرشاد أولي النُهى لدقائق المنتهى" في مجلد، منها نسخة بدار الكتب المصرية (فقه حنبلي - 59)، وأخرى بالمكتبة البلدية بالإسكندرية برقم (3940). ¬

_ (¬1) خلاصة الأثر 4/ 426. (¬2) النعت الأكمل ص 212، مختصر طبقات الحنابلة ص 115. (¬3) السحب الوابلة 3/ 1131. (¬4) الدر المنضد ص 57، السحب الوابلة 3/ 1131 - 1132.

5 - شرح زاد المستقنع المسمى "الروض المربع" طبع مرارًا، إحداها بتحقيق العلامة أحمد شاكر وغيره. 6 - شرح المفردات المسمى "المنَح الشافيات في شرح المفردات، شرح فيه منظومة محمد بن علي المقدسي (820 هـ). وقد طبع بمصر قديما، وبقطر حديثًا بتحقيق د. عبد الله المطلق. 7 - عمدة الطالب، وهو متن لطيف طُبع مع شرحه المسمي "هداية الراغب" للشيخ عثمان ابن قائد النجدي (¬1). طبعه معالي الشيخ محمد سرور الصبان، الأمين العام السابق لرابطة العالم الإسلامي، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-. 8 - إعلام الأعلام بقتال من انتهك حرمة البيت الحرام. طبع بتحقيق الشيخ جاسم ابن سليمان الفُهيد. 9 - منسك مختصر. ويقول الشيخ محمد جميل الشطي في وصف مؤلفاته: وقد عم الإنتفاع بمؤلفات صاحب الترجمة -يعني البهوتي- فلم تزل تتداولها الأيدي، ويقرأها أهل المذهب وغيرهم إلى يومنا هذا (¬2). ويقول الدكتور عبد الرحمن العثيمين: مؤلفاته كلها موجودة لم يفقد منها شيء، وهي من أصول مراجع الفقه في مذهب أحمد، وعليها المعتمد والمعوّل لدى علمائه، وهي من أوائل الكتب التي عرفت طريقها إلى النشر وأفاد منها الطلبة جيلًا بعد جيل. ولا زال كتابه "الروض المربع" بيد جميع طلبة العلم في كلية الشريعة بمكة الآن، عمدة الفقهاء، ومنهج الدارسين، ومرجع الشيوخ (¬3). ¬

_ (¬1) قال الشيخ عبد الله البسام في كتابه "علماء نجد خلال ثمانية قرون" 5/ 132: وقد منّ الله علي فقمت بدمج أصله بشرحه، ودعمته بالأدلة النقلبة، وحذفت مالا تدعو اليه الحاجة من المسائل، وأضفت إليه زيادات هامة فيما علقت عليه بحاشيته لما استجد من المسائل، وتحقيق المسائل الخلافية، فجاء ولله الحمد قرة عين للمسفيدين، أسأل الله عملًا خالصًا لوجهه، وقد سميته: (نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب) أما التعليقات والحاشية فسميتها "الإختيارات الجلية في المسائل الخلافية"، وقد جاء مطبوعًا في أربعة أجزاء في مجلدين. (¬2) مختصر طبقات الحنابلة ص 116. (¬3) من هامش السحب الوابلة 3/ 1131.

المبحث الخامس المذهب في الجزيرة العربية

المبحث الخامس المذهب في الجزيرة العربية لا يخفى ما للجزيرة العربية من أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي، حيث كانت مهبط الوحي، ومبعث الرسالة الخاتمة، التي بلغها محمد بن عبد الله للعربي الهاشمي القرشي - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة، وحملها صحابته وأتباعه إلى العالمين، رحمةً بهم. ولا يخفى ما لمدينة البعثة والدعوة الإسلامية الأولى، مكة المباركة، وما لمدينة النصرة والهجرة، الملينة النبوية، من مكانة في قلوب المسلمين، وما فرض الله عليهم من حج إلى بيت الله الحرام، وتوجه إلى الكعبة المشرفة في لواتهم، وما في الصلاة في المسجد الحرام، ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مضاعفة للأجر والثواب، مما جعل قلوب المسلمين تهفو إلى تلك البقاع، ويحرص كل منهم على نيل مزية زيارتها والإقامة فيها. وسنعرض للمذهب الحنبلي في الحرمين الشريفين أولًا، ثم في البلاد النجدية، لما لها من أهمية كبيرة في احتضان المذهب الحنبلي ثانيًا، ثم انطلاق الدعوة الإصلاحية التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ونصيره الإمام محمد بن سعود، -رَحِمَهُمَا اللهُ-، وما تبع ذلك من توحيد معظم الجزيرة العربية في دولة إسلامية واحدة، هي الدولة السعودية الأولى، والثانية، ثم المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبد العزنى بن عبد الرحمن آل سعود -رَحِمَهُ اللهُ-، وما تلاه من أبنائه البَرَرَة، إلى العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- ونصر به دينه. لم تكن بلاد الحرمين كغيرها من أمصار الإسلام، تعرف بالإنتساب إلى مذهب بعينه من المذاهب الفقهية المتبعة، وذلك أنها كانت مجتمع العلماء، من مختلف المذاهب بسبب المناسك والرحلة العلمية، بالإضافة إلى أن ظاهرة التقليد والإنتساب الصريح إلى المذاهب لم تكن قد فشت قبل القرن الرابع.

وقد تميزت المدينة النبوية بعد ذلك بالإنتساب إلى المذهب المالكي على وجه العموم إلى حدود القرن السادس. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن أهلها كانوا متمسكين بمذهبهم القديم منتسبين إلى مذهب مالك إلى أوائل المئة السادسة، أو قبل ذلك، أو بعد ذلك، فإنهم قدم إليهم من رافضة المشرق من أهل قاشان وغيرهم من أفسد مذهب كثير منهم" (¬1). وأشار ابن فرحون عند الكلام على توضّع المذاهب في البلاد الإسلامية إلى أن المذهب المالكي قد انتشر في الجزيرة العريية (¬2)، وهو إنما يعني بذلك المدينة النبوية دون مكة المكرمة، بدليل أننا نجد في "شجرة النور الزكية" في طبقات المالكية، والتي رتبها مؤلفها على الأمصار، أنه يذكر من علماء الجزيرة العربية المدنيين بصفة غالبة. وبالتالي نستطيع القول: إن مكة حرسها الله لم تكن منتسبة لمذهب بعينه على مختلف العصور والدهور. ولعل السبب في ذلك يعود إلى أنها مجمع الفقهاء المتتسبين إلى بلدان شتى ومذاهب مختلفة، وإن غلب عليها المذهب الشافعي في الفتوى والتدريس في العصور المتأخرة. وكان من جراء ذلك التجمع المتعدد للعلماء ومقلدتهم حول المسجد الحرام، أن أُنشئ أربعة مقامات (محاريب) في المسجد، كل مقام يختص لإمام مذهب من المذاهب المتبعة، فكانت الصلاة الواحدة تتكرر أربع مرات، ولا جرم أن ذلك يعدُّ لونًا من التفرق، ومظهرًا من مظاهر التمكين للتعصب المقيت الذي عرفته عصور الضعف، ومع ذلك فقد وقف بعض الفقهاء لى وجه ذلك التشرذم المنظم، فأفتوا بعدم جواز تكرار الصلوات من أجل حقوق المذاهب (¬3). وكان من حسنات الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رَحِمَهُ اللهُ- حينما دخل مكة، ونشر العدل والأمن فيها أن منع ذلك، ووحد المسلمين لإمام واحد، وأزال مظاهر التعصب المقيت لأي مذهب. ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوي 20/ 300. (¬2) الديباج المذهب 1/ 261، تحقيق الدكتور محمد الأحمدي أبو النور، دار التراث، القاهرة. (¬3) العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، لتقي الدين الفاسي، 1/ 89، مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة.

وكانت المناطق المجاورة للحرمين من بلاد الجزيرة العربية، وخاصة نجدًا، تحتضن مختلف المذاهب، وربما كان ذلك امتدادًا للمدارس القديمة التي عرفت في البصرة والكوفة، ثم بغداد. والذي يدل على ذلك، هو أن المطالع لمجموع الشيخ أحمد المنقور النجدي -رَحِمَهُ اللهُ- المسمى "الفواكه العديدة في المسائل المفيدة) يجد استمدادًا واضحًا من مختلف المذاهب بواسطة كتب فقهية كثيرة وقعت له، فهو ينقل منها بالنص والحرف. وإذا كانت المذاهب الأربعة قد عاشت متجاورة في البلاد النجدية قرونا عديدة، فما هو السبب في غلبة المذهب الحنبلي في الأخير، وتفوته وازدهاره هناك؟ يبدو للدارس أن السبب في ذلك الإنتشار، وتلك الغلبة يعود إلى أن طلبة العلم النجديين كانوا يسافرون إلى المراكز العلمية المعروفة آنذاك، من مثل: الأحساء، والعراق، والشام، ومصر، والحجاز (مكة والمدينة)، ويتلقون علومهم العالية هناك، وكانوا يتبعون شيوخهم الذين يأخذون العلم عنهم. فمن درس في الأحساء عاد مالكيًا أو حنفيًا، ومن درس في العراق عاد حنفيًا، ومن درس في مكة رجع شافعيًا، ومن درس في الشام تحنبل. وبما أن نجدًا كانت في ذلك الوقت (القرن العاشر) وثيقة الصلة في الجانب الإقتصادي مع بلاد الشام، فإن الرحلات التجارية كانت رفدًا للرحلات العلمية وحافزًا لها ولا ريب، فكان الطالب يرحل بسهولة إلى الشام، فيتصل بدمشق ونابلس على وجه الخصوص، وهي معاقل الحنابلة آنذاك، فيتعلم، ثم يعود إلى بلاده فقيهًا حنبليًا. فعلى سبيل المثال، نجد الشيخ أحمد بن يحيى بن عطوة (948 هـ) قد رحل إلى دمشق، بعد تلقي العلوم الإبتدائية في مسقط رأسه "العُيينة"، وسكن في المدرسة العمرية الشهيرة بالصالحية، وكانت حافلة بالعلماء والكتب النادرة آنذاك، فتضلع من أولئك العلماء، ونهل من تلك الكتب، وكان من أشهر شيوخه: جمال الدين يوسف بن عبد الهادي (909 هـ) مؤلف "جمع الجوامع"، وعلاء الدين المرداوي (885 هـ) مصحح المذهب، ومؤلف كتاب "الإنصاف"، وكان من أشهر زملانه في الطلب العلامة موسى الحجاوي المصري صاحب "الإقناع" (¬1). ¬

_ (¬1) علماء نجد خلال ثمانية قرون، للشيخ عبد لله بن عبد الرحمن آل بسام، 1/ 544، دار العاصمة.

ومنهم الشيخ زامل بن سلطان، الذي رحل إلى الحجاوي في الشام، وإلى ابن النجار الفتوحي في مصر، وكذلك الشيخ أبو نُمي التميمي الذي رحل إلى الشيخ مرعي بن يوسف مؤلف "الغاية" و"دليل الطالب". فأمثال هؤلاء العلماء النجديين الكبار بلغوا في العلم مبلغاً كبيرًا، وانتهت إليهم الرئاسة العلمية في بلدان نجد، فهم قد حملوا راية المذهب الحنبلي عن بصيرة وتحقيق، فأثروا في أهل بلادهم، فصار جمهور النجديين حنابلة منذ نهاية القرن العاشر تقريباً. فالخلاصة: أن الشام كانت صاحبة الفضل بعلمائها وكتبها النفيسة في تصدير المذهب الحنبلي في هذه الفترة إلى الجزيرة العربية وبعثه حيا، فتيا، كما كانت بغداد من قبل صاحبة الفضل على الشاميين في نشر المذهب في بلادهم. • كيف استقر المذهب الحنبلي في البلاد النجدية؟ تشغل نجد الجزء الأكبر من وسط الجزيرة العربية. وهي عبارة عن هضبة واسعة، يتراوح ارتفاعها بين (750) و (1000) م، وتبرز فيها سلسلة جبال طويق، ويقطعها عدد من الوديان، من أهمها وادي الرمة، ووادي حنيفة ووادي الدواسر (¬1) وأهم القبائل العربية التي تسكنها: عنزة، وعتيبة، وحرب، ومطير، وتميم، وشمر، والدواسر. ونَجْد هي مهد الدعوة الإصلاحية التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله- وفيها بيت آل سعود، ذلك البيت العربي الأصيل، الذي كتب الله على أيدي زعمائه إنقاذ الجزيرة العربية من التفرق، وجمع كلمتها على كتاب الله وسنة رسوله. ولنا أن نتساءل عن كيفية استقرار المذهب الحنبلي في الديار النجدية بعدما أخذنا لمحة عن سبب انتشار هذا المنهب السَّني في تلك الربوع. الواقع أن نجداً كانت تزخر بعدة مراكز علمية تتوزعها، منها: العُيينة، وأُشيقر، ومقرن، وعنيزة، وغيرها من المدن المنتشرة في نجد. ¬

_ (¬1) الموسوعة العربية الميسرة، دار نهضة لبنان، بيروت، 1981.

فالعُيينة، وهي مسقط رأس شيخ الإسلام ومصباح الظلام أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب (1115 - 1206 هـ)، -رَحِمَهُ اللهُ-، وأكرم مثواه، لقاء جهاده في نصرة كتاب الله وسنة رسوله، كانت معقلاً من معاقل العلم، وكذلك أشيقر، حتى إنّه كان في الأولى في فترة من الفترات أكثر من ثمانين عالماً يدرسون العلم في جوامعها، متعاصرين في زمن واحد، وكان في الثانية أريعون عالماً في وَقت واحد، كلهم يصلح لتولي القضاء، في ذلك الوقت الذي لم يكن يصل فيه الى هذا المنصب إلا كبار العلماء وفحولهم. ولكن ضعفت الحركة العلمية فيهما بعدَ ذلك، وخلفتهما الدرعية والرياض (¬1). وكذلك كانت مقرن وعنيزة، وغيرهما مقراً لطلبة علم، لهم قدم راسخة في المعارف، ومقراً لمدارس خرجت العديد من العلماء. لقد نفذ المذهب الحنبلي عبر أقنية تلك المدارس، وحفظ في تلك المعاقل، وأخذ يتقوى ويسود بالتدريس، والإفتاء، والأقضية، وتجميع الكتب المصنفة فيه، إلى أن شمل المنطقة بسحابه الوادق الميمون. وقد ازدهر المذهب هناك خلال القرن الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر على وجه الخصوص. لكن هناك فرقاً واضحاً بين فترة ما قبل الدعوة الإصلاحية التجديدية وفترة ما بعدها، فقد كان قبل ظهور الدعوة الإصلاحية فتور واضح سابغ على المنطقة برمتها، وكان جل اهتمام الناس بالفقه والمسائل الفرعية، فهم مقتصرون على بحث تلك المسائل، وتحريرها، وتحقيقها، وحفظ المتون واستيعاب الشروح وتدبيج الحواشي. أما العلوم الشرعية الأخرى فنصيبها قليل، وحظها زهيد، فالتوحيد مهمل، والتفسير منسي، والحديث مهجور، بل وعلوم اللغة واللسان لا تكاد تتجاوز "الآجرومية" وشروحها!! وكان من نتيجة ذلك فشو البدع، وانتشار مظاهر الشرك، والغلو في الإعتقاد في الصالحين، وهكذا تكدر صفو الإسلام في تلك الأيام. ¬

_ (¬1) ينظر في هذا وما بعده الكتاب القيم: علماء نجد خلال ثمانية قرون 1/ 15.

أبرز علماء نجد قبل الدعوة الإصلاحية

ويموازنة سريعة بين مجموع الشيخ أحمد المنقور الذي يعتبر ديواناً لفتاوي ما قبل الحركة التجديدية، ويين "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" لجامع فتاوي نجد وفتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم (¬1) (1392 هـ) -رَحِمَهُ اللهُ- وأجزل مثوبته- بموازنة سريعة بين ما في المجموعين يتبين لنا بصورة واضحة الفرق بين العصرين، وكيف تطورت الثقافة الإسلامية، بل تجددت على أيدي علماء نجد الذين أنجبتهم هذه الدعوة المباركة. وقبل التعريف بالدعوة الإصلاحية وباعثها وآثارها في الجزيرة العربية وغيرها، يجدر بنا أن نقف عند عالمين كان لهما فضل كبير في نشر العلم وتخريج الطلاب في نجد قبل ظهور الدعوة الإصلاحية، وهذان العالمان هما: • الشيخ أحمد بن يحيى بن عطوة (948 هـ): هو الشيخ الفقيه العلامة أحمد بن يحيى بن عطوة بن زيد، شهاب الدين، التميمي. ولد ونشأ في مدينة العُيينة، وقرأ على فقهائها. وبهانت هذه المدينة أشهر مدن نجد وأجرها، وأكثرها علماء في ذلك الوقت. ثم انتقل بعد ذلك إلى الشام، فنزل في الصالحية، وسكن في المدرسة الشيخية العمرية الشهيرة، ويذلك أصبح الشيخ أحمد ابن عطوة قريباً من مناهل العلم، ويناييعه، بما أُتيح له من الشيوخ الذين أدركهم فأخذ عليهم، والطلاب الذين زاملهم وتنافس معهم، والكتب الكثيرة النافعة التي أصبحت في متناوله. ومن الشيوخ الذين تلمذ عليهم ابن عطوة: - الشيخ جمال الدين يوسف ابن عبد الهادي الشهير بـ "ابن المِبْرَد" المقدسي الصالحي (909 هـ) صاحب المؤلفات الكثيرة التي منها "جمع الجوامع" (¬2). ¬

_ (¬1) تُنظر ترجمته في "علماء نجد" 3/ 202، والتنويه بجهوده الجليلة في جمع الفتاوي المشار إليها. (¬2) هذا الكتاب يعتبر موسوعة في الفقه، كبير جداً، جمعه من عدة كتب كبار، يعدّ من أجمع ما ألف في المذهب الحنبلي، لكنه لم يتم. قال ابن حميد في "السحب الوابلة" 3/ 1167: جمع فيه الكتب الكبار الجامعة لأشتات المسائل كـ" المغنى" و"الشرح الكبير" و"الفروع" وغيرها، وزاد عليه نقولات غريبة بديعة، ويرمز فيه للخلاف بحمرة على طريقة "الفروع"،ووسع الكلام فيه بحيث إنه ينقل الرسائل والفتاوى الطويلة بتمامها، ورأيت الجزء الأول منه بخط يده تاريخ سنة (1262 هـ)، وآخر من أثناء البيوع بخطه أيضاً سنة (1268 هـ)

- الشيخ علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (885 هـ)، شيخ المذهب ومحرره، وصاحب المؤلفات التي منها "الإنصاف". - الشيخ الفقيه أحمد بن عبد الله العُسكُري (910 هـ)، صاحب المؤلفات، التي منها كتابه: "الجامع بين القنع والتنقيح" الذي اخترمته النية قبل إتمامه، فأتمه تلميذه أحمد بن محمد الشويكي، وسماه "التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح" (¬1). وقد أكثر ابن عطوة من الأخذ عن الشهاب العسكري واختص به ولازمه أكثر من غيره. فهؤلاء الشيوخ الثلاثة عُرفوا بالتحقيق والتأليف وعلوّ الشأن في معرفة المذهب الحنبلي، عليهم تمرَّن ابن عطوة، ويهم تفقه وتخرج وتمكن، وحصل من كل واحد منهم على إجازة. أضف إلى ذلك الزمالة الصالحة والرفقة المعينة على الطلب التي حُبي بها ابن عطوة، فقد عاصر الشيخ موسى الحجاوي صاحب "الإقناع" وغيره، وتزاملا في الدراسة، وقرأ عليه الحجاوي واستفاد منه (¬2). كما تزامل مع الشيخ أحمد الشويكي النابلسي. ومن جهة ثالثة، فقد توفرت بين يدي الشيخ كتب كثيرة جداً ومتنوعة في علومها وفنونها؛ مما كان موقوفاً على المدرسة العمرية، فطالع وراجع، وقرأ وحقق ودقق، وجد واجتهد حتى مهر في الفقه مهارة تامة، وتضلع من العلوم إلى النهاية. ويذكر عن قوة حافظته أنه كان يفعل كما يفعل يحيى بن يمان حين يَحضُر درس سفيان، حيث كان يحضر خيطاً، وكلما حدّث سفيان بحديث عقد عقدة، فإذا رجع إلى بيته كان يكتب حديثاً ويحلّ عقدة. وكذلك فعل ابن عطوة المترجم -مع قوة حفظه- مع شيخه أحمد بن عبد لله العسكري، فكان يعقد المسائل مسألة مسألة. ويحلها بعد الدرس ويكتبها (¬3). وحصل الشيخ في أثناء دراسته في الشام كتباً كثيرة جدّاً، فلما رجع إلى نجد أوقف الكثير من تلك الكتب على مدرسة أبي عمر (¬4)، أسوة بشيخه ابن عبد الهادي (¬5). ¬

_ (¬1) علماء نجد خلال ثمانية قرون 1/ 548، السحب الوابلة 1/ 274 - 275. (¬2) علماء نجد 1/ 545. (¬3) الفواكه العديدة 1/ 4. (¬4) علماء نجد 1/ 546. (¬5) قال الشيخ محمد جميل الشطي في "مختصر طبقات الحنابلة" ص 86: وقد أوقف -يعني ابن عبد الهادي- جميع كتبه على المدرسة العمرية، وهي يومئذ آلاف مؤلفة، وضعت لها فهرسة في مجلد. وتراجع: مقدمة "ثمار المقاصد في ذكر المساجد" ص 15 - 16.

فلما آنس الشيخ من نفسه أنه قد أدرك وبلغ المبلغ الكبير من العلم، عاد إلى نجد، وسكن بلدة "الجبيلة" المجاورة لمدينة العُيينة، فأخذ ينشر العلم هناك حتى اشتهر، وعُرف بكثرة الإفادة للطلاب، لكثرة ما كان يتمتع به من سعة العلم ودقة الفهم، إلى جانب ما كان عليه من الصلاح والتقى والوقار والسمت. قال ابن حميد في الثناء عليه: "فرجع إلى بلده موفور النصيب من العلم والدين والورع، فصار المرجوعَ إليه في قُطر نَجْد، والمشار إليه في مذهب الإمام أحمد، وانتفع به خلق كثير من أهل نجد وتفقهوا عليه" (¬1). وقال الشيخ عبد الله البسام: "الشيخ ابن عطوة ليس أول عالم نجدي، ولكنه أول عالم كتب عنه المؤرخون، وابتدأ كثير منهم تاريخه بوفاته" (¬2). مؤلفاته (¬3): - التحفة البديعة. - الروضة الأنيقة. اكثر من النقل عنها الشيخ أحمد المنقور في مجموعه الفقهي. - درر الفوائد وعقيان القلائد. وهذه الثلاثة كلها في الفقه. - منسك في الحج. - فتاوى وتحريرات، نقل كثيراً منها الشيخ أحمد المنقور في مجموعه الفقهي المسمى بـ "الفواكه العديدة"، وهي تدل على غزارة علم وسعة اطلاع. ¬

_ (¬1) السحب الوابلة 1/ 275. (¬2) علماء نجد 1/ 551. (¬3) علماء نجد 1/ 551، عنوان المجد 1/ 22، السحب الوابلة 1/ 275، الدار المنضد ص 57.

الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان (1099 هـ)

• الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان (1099 هـ): وهو الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان، النجديّ، المِقْرِنيّ، من كبار علماء نجد قبل دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وشيخ قضاتها ومفتيها. ولد في مدينة العيينة، ونشا فيها، وتلقى العلم في المراحل الأولى عن مشايخها؛ ومن أشهرهم: الشيخ محمد بن إسماعيل الأشيقري النجدي، وأحمد بن ناصر بن محمد بن ناصر المشرفي (¬1). ولما أنهى دراسته الأولية، ويلغ مبلغ الرحلة، سافر إلى الشام، فاخذ عمن هناك من أعيان حنابلة القرن الحادي عشر، وتتلمذ بصفة خاصة على الشيخ شمس الدين محمد ابن بدر الدين البَلْبَاني البعلي ثم الدمشقي الصالحي؛ الذي انتهت إليه رئاسة العلم بالصالحية آنذاك. وجدَّ الشيخ ابن ذهلان في تحصيل العلم حتى بلغ المبلغ الأوفى، ثم رجع إلى بلاده، فتولى قضاء الرياض، فذاع صيته وعلا قدره، واستفاد منه خلق كثير (¬2). وعلى الرغم من أن ابن ذهلان لم يشتغل بالتأليف، ولا ترك من التصانيف شيئاً يؤثر، فإنه يعتبر شيخاً لكثير من علماء نجد في القرن الحادي عشر، منهم: - العلامة المحقق الشيخ عثمان بن قائد النجدي، ثم الدمشقي، ثم المصري، صاحب المؤلفات البديعة التي منها: "هداية الراكب شرح عمدة الطالب" وهو شرح مفيد مسبوك سبكاً حسناً، حرره تحرراً نفيساً، فصار من أنفس كتب المذهب (¬3). ومنها: حاشيته على "منتهى الإرادات" التي حقق فيها ودقق، وفصل فيها، وقسم في مواضع كثيرة، وحل فيها كثيراً من غوامض متن المنتهى، فجاءت نفيسة جدا (¬4). ¬

_ (¬1) عنوان المجد 1/ 97، علماء نجد 4/ 411. (¬2) علماء نجد 4/ 412. (¬3) المدخل ص 444، السحب الوابلة 2/ 699. (¬4) علماء نجد 5/ 133.

- العلامة الفقيه أحمد بن محمد المنقور، فقد رحل إليه من الحوطة إلى الرياض خمس مرات ذكرها في "تاريخه" (¬1)، وقرأ عليه عدة كتب، منها: "الإقناع" للحجاوي، قراءة تحقيق ويحث، وأكثر من الإسناد إليه والعزو له في "مجموعه" الفقهي، وإذا قال في كتابه المذكور: "شيخنا"، فمراده بذلك الشيخ عبد الله بن ذهلان. وقد جاء في مقدمة هذا الكتاب: "ويعد: فهذه مسائل مفيدة، وقواعد عديدة ... لخصتها من كلام العلماء ... غالبها بعد الإشارة من شيخنا وقدوتنا الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان - بلّل الله بالرحمة ثراه- ومسائل قررها في مجلس الدرس وغيره، فأحببت أن أضبط كلامه بعضه بالحرف وبعضه بالمعنى" (¬2). ويهذا يظهر أن للشيخ ابن ذهلان جهوداً كبيرة في مجموع المنقور الشهير. وكذلك له جهود كبيرة في "حاشية ابن فيروز" على الروض المربع (¬3). ويالجملة يعتبر المنقور من خيرة تلاميذ ابن ذهلان، فقد اشتهر بالثقة في نجد، والمشايخ النجديون يعولون على نقله ويعتمدون عليه (¬4). نجد قبل الدعوة الإصلاحية: يلاحظ المتأمل في تراجم علماء نجد الذين سبقوا ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رَحِمَهُ اللهُ- أن كثيراً من أولئك العلماء قد ولدوا في بلدة أشيقر وتعلَّموا فيها، وأن بعضاً ممن لم يولد فيها قد وفد إليها لتلقي العلم عن مشايخها، ويلاحظ أيضاً أن كثيراً من العلماء النجديين في تلك الفترة ينتمون إلى آل وهبة من تميم، وإلى فرع واحد من آل وهبة. وهو آل مشرف أسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (¬5). ¬

_ (¬1) هامش السحب الوابلة 2/ 649، علماء نجد 1/ 518. (¬2) الفواكه العديدة 1/ 3. (¬3) عمل عبد الوهاب بن فيروز (1205 هـ) حاشية على الروض لم تكمل، وحاشية على شرح المقنع، وحاشية على شرح منصور البهوتي للمنتهى، وشرحاً على أخصر المختصرات لإبن ببان البعلي الدمشقي. السحب الوابلة 2/ 682 - 683، علماء نجد 5/ 63، المدخل المفصل 2/ 1010. (¬4) من الترجمة التي كتبها الشيخ العلامة محمد بن محمد العزيز بن مانع للمنقور في تصديره لكتابه "الفواكه العديدة"، ص (هـ). (¬5) تاريخ المملكة العربية السعودية، للدكتور عبد الله صالح العثيمين، 1/ 492، ط 1، 1984. وعلماء نجد 1/ 156.

ويلاحظ -كما تقدمت الإشارة إليه- أن الدراسة تركزت في تلك الأحقاب على مادة الفقه، وانصرف جل الإهتمام بالمسائل الفرعية بحثاً وتحريراً وتحقيقاً، وحفظاً للمتون، واستيعاباً للشروح والحواشي، أما العلوم الشرعية الأخرى فالإهتمام بها قليل فيما بيدو لناظر، فلم تكن هناك عناية بالتوحيد والعقيدة، ولا بالتفسير وعلوم القرآن، ولا بالحديث وشروحه، بل حتى العلوم العربية لم يكن الإهتمام بها بالمحلّ الذي يتجاوز المقررات الأولية. حالة المسلمين بعامة قبل ظهور الدعوة الإصلاحية: بدأ المسلمون في الضعف والتراجع منذ سقوط الأندلس في أيدي الصليبيين أواخر القرن التاسع، وظل هذا الضعف والتمزق يتنامى في الأوضاع السياسية والدينية والإجتماعية، إلى أن بلغ النهاية في القرن الثاني عشر، وهو القرن الذي شهدت فيه الدولة العثمانية مرحلة الشيخوخة والهرم، ودبت فيها عوامل الضعف والتدهور في مختلف مجالات الحياة العامة، الأمر الذي أغرى كثيراً من دول الغرب وزعمائه فيما يعد بالسعي إلى تجهيز حملة صليبية جديدة يكون الهدف منها القضاء على الدولة، ثم اقتسام بلاد المسلمين فيما بينهم، ظانين أن تلك هي الفرصة الثمينة، والكرّة النهائية التي لا تقوم للإسلام بعدها قائمة. وقد صور المؤرخ الأمريكي لوثروب ستودارد تلك الحالة المتضعضعة، فقال: "في القرن الثامن عشر (يعني الثاني عشر الهجري) كان العالم الإسلامي قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ، ومن التدني والإنحطاط أعمق دركة، فاربدَّ جوّه، وطبّقت الظلمة كل صقع من أصقاعه، ورَجا من أرجائه، وانتشر فيها فساد الأخلاق والآداب، وتلاشى ما كان باقياً من آثار التهذيب العربي، واستغرقت الأمم الإسلامية فى اتباع الأهواء والشهوات، وماتت الفضيلة في الناس، وساد الجهل، وانطفأت قبسات العلم الضئيلة، وانقلبت الحكومات الإسلامية إلى مطايا استبداد، وفوض واغتيال، فليس يُرى في العالم الإسلامي في ذلك العهد سوى المستبدين الغاشمين، كسلطان تركية وأواخر ملوك المغول في الهند، يحكمون حكماً واهناً فاشي القوة متلاشي الصبغة، وقام كثير من الولاة والأمراء يخرجون على الدولة التي خرجوا عليها، فكان هؤلاء الخوارج لا يستطيعون إخضاع من في

حكمهم من الزعماء هنا وهناك، فكثر السلب والنهب، وفُقد الأمن، وصارت السماء تمطر ظلماً وجوراً، وجاء فوق جميع ذلك رجال الدين المستبدون، يزيدون الرعايا إرهاقاً فوق إرهاق (¬1)، فغُلت الأيدي، وقُعد عن طلب الرزق، وكاد العزم يتلاشى في نفوس المسلمين، ويارت التجارة بواراً شديداً، وأهملت الزراعة أيما إهمال. وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء، فألبست الوحدانية (¬2) التي علمها صاحب الرسالة الناسَ، سجفاً من الخرافات وقشور الصوفية، وخلت المساجد من أرياب الصلوات، وكثر عديد الأدعياء الجهلاء، وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان، يحملون في أعناقهم التمائم والتعاويذ والسبحات، ويوهمون الناس بالباطل والشبهات، ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء (¬3)، ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور. وغابت عن الناس فضائل القرآن، فصار يشرب الخمر والأفيون في كل مكان، وانتشرت الرذائل وهتك ستر الحرمات على غير خشية ولا استحياء. ونال مكة المكرمة والمدينة المنورة ما نال غيرهما من سائر مدن الإسلام، فصار الحج المقدس الذي فرضه النبي (¬4) على من استطاعه ضرباً من المستهزآت، وبالجملة فقد بدل المسلمون غير المسلمين، وهبطوا مهبطاً بعيد القرار، فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر، ورأى ما كان يدهى الإسلام؛ لغضب وأطلق اللعنة (¬5) على من استحقها من المسلمين، كما يلعن المرتدون وعبدة الأوثان" (¬6). ¬

_ (¬1) يريد أن يقتّم صورة علماء الإسلام بأنهم كانوا يدعون الناس إلى الإستسلام للواقع المر وأنه من صميم الإستسلام للقدر الذي هو ركان هن أركان الدين. وهذه دعوى غير صحيحة في واقع الأمر، إلا إذا كان يقصد أولئك الذين انتحلوا التصوف، وحولوا الممارسات الدينية إلى شعوذة ودروشة وتخريف. (¬2) يعني عقيدة التوحيد. (¬3) من ذلك المواسم التي كانت تقام سنوياً مرة أو مرتين على الضرائح والمشاهد. (¬4) الحج فرضه الله -عَزَّ وَجَلَّ- ويلغه النبي - عليه الصلاة والسلام -، لأنه مبلغ وليس مشرعاً من عنده. (¬5) لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعًانا ولا لعًانا ولا صخاباً في الأسواق. كما في الحديث ومع ذلك فقد برئ ممن يغير الدين ويبدل فيه، وأنه محروم من الورود على حوضه ونيل شفاعته يوم القيامة. (¬6) حاضر العالم الإسلامي 1/ 259.

هكذا كان وضع العالم الإسلامي بصفة عامة، وأما وضع الجزيرة العربية، فقد كان صورة مصغرة، ونموذجاً لذلك الوضع العام الذي ساد العالم الإسلامي في تلك الحقبة الزمنية العصيبة. ويصف الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن -رَحِمَهُ اللهُ- تلك الحالة القاتمة بأبلغ وصف، فيقول: "كان أهل عصره ومصره -يعني الشيخ محمد بن عبد الوهاب- في تلك الأزمان قد اشتدت غربة الإسلام بينهم، وعفت آثار الدين لديهم، وانهدمت قواعد الملة الحنيفية، وغلب على الأكثرين ما كان عليه أهل الجاهلية، وانطمست أعلام الشريعة في ذلك الزمان، وغلب الجهل والتقليد، والإعراض عن السنة والقرآن، وشب الصغير لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه أهل تلك البلدان، وهرم الكبير على ما تلقاه عن الآباء والأجداد، وأعلام الشريعة مطموسة، ونصوص التنزيل وأصول السنة فيما بينهم مدروسة، وطريق الآباء والأسلاف مرفوعة الأعلام، وأحاديث الكهان والطواغيت مقبولة غير مردودة، ولا مدفوعة، قد خلعوا ربقة التوحيد والدين، وجذوا واجتهدوا في الإستعانة والتعلق بغير الله من الأولياء والصالحين، والأوثان والأصنام والشياطين، وعلماؤهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون، ويبحر الأجاج ساريون به، قد أغشتهم العوائد والمألوفات، وحبستهم الشهوات والإرادات عن الارتفاع إلى قلب الهدى من النصوص المحكمات والآيات البينات" (¬1). وهكذا يتبين أن نجداً كانت في تلك الأيام بحاجة إلى دعوة إصلاح دينية توضح للجهال من الناس ما خفي عليهم من أمور الدين وأحكامه، وتقضي على كل ما من شأنه أن يخل بعقائد المسلمين، وتلزم من لم يكونوا يؤدون أركان الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج، بأدائها. ومن جهة أخرى، كانت في حاجة إلى حركة سياسية إصلاحية تجمع شتات إماراتها وقبائلها تحت راية واحدة ليسود الأمن والإستقرار فيها. ¬

_ (¬1) حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، للدكتور سليمان بن عبد الرحمن الحقيل، ص 24.

الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته

الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته يعتبر الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عليه رحمة الله المجللة، باعثاً لدعوة إصلاحية ودعوة تجديدية إسلامية شاملة، تركت أثرها البالغ في داخل الجزيرة العربية، ووصل صداها إلى مختلف الأنحاء من الأقطار الإسلامية في خارجها. ينتسب الشيخ إلى أسرة تسمى في نجد بآل مشرف، من بني تميم، إحدى القبائل العربية الشهيرة. ويعتبر بيت آل مشرف بيت علمِ قد توارثوه أباً عن جد، فجد الشيخ هو سليمان ابن علي كان من أبرز علماء نجد في وقته، صنف، ودرس، وأفتى، وتولى قضاء العُيينة. وكذلك كان والده عبد الوهاب عالماً فقيهاً قاضياً في العُيينة ثم حُرِيملاء، أريعة عشر عاماً في هذه وأربعة عشر عاماً في هذه (¬1). ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العُيينة سنة 1115 هـ، ونشأ فيها نشأته الأولى، متعلماً على والده، حتى أدرك قسطاً طيباً من العلم. وكانت نجد على ما تقدم آنفاً من الركود والجمود والبدع والجهل. فاعتزم الشيخ السفر إلى مكة، فأخذ عن علمائها هناك، ثم توجه إلى المدينة. فوجد فيها عالمين سلفيين: الشيخ المحدث محمد حياة السندي، والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف الشمري النجدي (¬2)، فتضلع مما عندهما. ثم توجه إلى البصرة، فقرأ على أهلها، ولازم الشيخ محمد المجموعي البصري، الذي ينتهي نسبه إلى طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه -، وزار الأحساء، وأخذ عن علمائها، فاستكمل العلوم التي كانت تنقصه من تفسير وحديث ولغة، وغير ذلك (¬3). ¬

_ (¬1) عوان المجد في تاريخ نجد، للعلامة عثمان بن بشر النجدي، 1/ 89 - 90، وعلماء نجد عمر ثمانية قرون 1/ 127. (¬2) تُرجم الاول في: أبجد العلوم، للقنوجي، 3/ 169، ط. الكنب العلمية، والثاني في: علماء نجد خلال ثمانية قرون 4/ 6. (¬3) ولا يفوتنا هنا أن ننبه إلى الأخطاء الي وقعت في كتاب "حاضر العالم الإسلامي" (4/ 161) وغيره، من أن الشيخ طلب العلم في دمشق وبغداد، وغيرهما. وقد حقق الشيخ عبد الله البسام عدم صحة ذلك من أحد أحفاد الشيخ، كما أثبته في كتابه "علماء نجد" 1/ 164.

وكان الشيخ يسلك طريق المباحثة مع شيوخه، فهو الطالب البصير والباحث المحقق، حتى إنه لم يلبث أن أخذ ينكر البدع والأعمال الشركية على العلماء والعامة على السواء، وهو لا يزال في البصرة، وفي هذه الفترة قيل: إنه صنف كتابه "التوحيد" هناك (¬1). ولا ريب أن هذه الوثبة الجريئة من الشيخ قد سببت له الأذى من أهل البصرة، حتى اضطر إلى الخروج منها والإتجاه إلى الزيير، فالأحساء، فحُرِيملاء، حيث انتقل والده إليها قبل ذلك. عاد الشيخ من هذه الرحلة العلمية بما معه من الزاد العلمي القوي والعزيمة الماضية على الإصلاح والتغيير، إذ لا يزال يرى تلك المنكرات التي دبت في صفوف المسلمين من أهل نجد وما حولها، حتى بلغت بهم -أحياناً- حدّ الشرك الاكبر والعودة إلى الأوثان الجاهلية الأولى. وعكف الشيخ في ذات الوقت على المطالعة لكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، فوجد ضالته المنشودة ويغيته المفقودة في هذين العالمين الجليلين، من خلال ما أورثاه من الكتب والمصنفات. فالتقى ذهنه الحاد الثاقب، وفكره النير، وفهمه الصحيح الرشيد، مع تلك الكتب الداعية في عمومها إلى الكتاب والسنة، واتباع منهج السلف، ونبذ البدع والمحدثات. وكانت نتيجة ذلك وثمرته الطيبة: أن نادى بالدعوة إلى تحديد ما قد بلي من ثوب الإسلام في بلدة حريملاء، وندد بتلك العادات والعبادات التي ليست على بصيرة، ودعا الناس إلى تصحيح العقيدة، وخلوص العبادة لله وحده، والرجوع إلى نقاوة الدين وصفاء التوحيد، فصادف معارضة قوية، ومشادة متينة، وأذية كبيرة. ولما توفي والده سنة 1153 هـ جلس للتدريس والإفادة، وتقرير العقيدة الصحيحة، فاخذ الأنصار لهذه الدعوة يتكاثرون في حريملاء، ووفد إليه الناس من بلدان جاورة، يتعلمون منه، ويأخذون عنه. ثم ضاقت عليه حُريملاء ببعفس السفهاء، فخرج إلى العُيينة، حيث مسقط رأسه، وأكبر بلدان نجد آنذاك. فآواه أميرها عثمان ابن معمَّر ونصره، ولكن سرعان ما طلب منه المغادرة تحت ضغط حاكم الأحساء خالد ابن عريعر، وتهديده، فتوجه الشيخ إلى ¬

_ (¬1) علماء نجد 1/ 133.

"الدرعية" سنة 1157 هـ، فوجدها درعاً له وحصناً حصيناً لدعوته، حيث وجد النصرة من أميرها محمد بن سعود، فسار الشيخ والإمام متعاونين على حمل هموم هذه الدعوة وتبعاتها. ومنذ ذلك اليوم دخلت تلك الدعوة في طورها الجديد، طور التنفيذ والجهاد، فوجدت معارضة شديدة من عدد من أمراء بلدان نجد، وعلمائها وأعيانها وأتباعها من العامة، ومع ذلك فقد كتب الله لها النصر والغلبة، وكان الشيخ في ذلك كله لا يفتر يكاتب ويراسل، ويشرح المسائل التي يدعو إليها. فجاهد الشيخ بلسانه وقلمه، وكان إلى جانب ذلك يشارك الإمام محمد بن سعود، ومن بعده ابنه الإمام عبد العزيز بن محمد، بالمشورة الصادقة والنصح الخالص مما تستدعيه أمور الدولة. ويهذه الجهود الضخمة المتوالية تحولت الدرعية عاصمة للجزيرة العربية، ومثابة ومهاجَراً للبلدان المجاورة، بعدما كانت بالأمس بلدة صغيرة. وتبع ذلك نهضة دينية وعلمية شاملة، إذ توافد إليها علماء أقطار الجزيرة، وطلابها، وراجت فيها سوق العلم والكتب، وعقدت في جوامعها ومساجدها حلقات الدروس. بالإضافة إلى ذلك فقد صار فيها جيش منظم كامل القوة وافر السلاح، ودانت لها غالب الجزيرة العربية بالطاعة، فما توفي الشيخ (سنة 1206 هـ) حتى أقر الله عينيه بالنجاح الذي كللت به تلك التضحيات، والتمكين الذي جاء من وراء ذلك البلاء (¬1). ثم جاءت المواجهة الصعبة مع نائب الدولة العثمانية على مصر، فدارت رحا الحرب على أشدها بين الطرفين، ووإنت أيامها سجالاً، ولكنها آلت في النهاية إلى تغلب الدولة السعودية في المنطقة، وتوحيدها كاملة تحت راية الحق والعدل. ¬

_ (¬1) عنوان المجد 1/ 6 - 15، 89 - 92، أبجد العلوم 3/ 194، علماء نجد 1/ 135 - 148، الإمام محمد بن عبد الوهاب، محاضرة ألقاها الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رَحِمَهُ اللهُ- سنة 1385 هـ، بالجامعة الإسلامية.

نتائج دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

نتائج دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانت نتائج الدعوة التجديدية التي قادها محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن سعود -رَحِمَهُمَا اللهُ-، ذات أثر عميق في قلب الجزيرة العردلا بالدرجة الأولى، كما أن صداها القوي بلغ مناطق بعيدة في العالم الإسلامي شرقاً وغرباً، وتأثر بها كثير من العلماء والدعاة والمصلحين، وكانت حاجة السلمين في ذلك الوقت خاصة جدُّ ملحة إلى هذه الدعوة الجريئة الراشدة، إذ كان العالم الإسلامي يرزح تحت حكومات قد انقلبت إلى مطايا استبداد وفوضى واغتيال، الأمر الذي مهد الطريق إلى الإستعمار الحديث لأكثر بلاد المسلمين، بالإضافة إلى الجهل والغفلة التي كانت طاغية على الوضع الثفافي آنذاك. النتائج الداخلية: فأما النتائج في داخل الجزيرة، فقد تمثلت بتحقيق أهداف هذه الدعوة المباركة التي رسمت من أول يوم، وهي إزالة الدخن الذي كان قد أصاب عقائد المسلمين وعباداتهم. فعرَّف الشيخ بحقيقة التوحيد، وأقسامه الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات: فتوحيد الربوبية: هو الإعتقاد بوجود خالق واحد مدبر لهذا الكون، وهو الذي أقر به الكفار في الجاهلية. وتوحيد الألوهية: هو إخلاص العبادة لله وحده من دون جميع الخلق، وهو الذي بُعثت من أجله الرسل، وأُنزلت من أجله الكتب. وتوحبد الأسماء والصفات: هو أن يوصف الله سبحانه بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من صفات الكمال التي تَعرَّف بها إلى عباده (¬1)، وأن يثبت له من الأسماء والصفات ما ثبت في الكتاب والسنة. ¬

_ (¬1) الدرر السنية 2/ 37، 119، الطبعة الثانية.

وإذا كان الشرك هو الإخلال ببعض شرائط التوحيد أو بعض أركانه، فلا غرو أن ينقسم هو الآخر إلى ثلاثة أقسام: شرك في الربوبية، وشرك في الألوهية، وشرك في الصفات. وقد جاء في رسالة في الصفات للإمام فيصل بن تركي -رَحِمَهُ اللهُ-: "وأما تعريف الشرك وأنواعه، فقد عرفه شيخنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في "كتاب التوحيد"، فذكر أنواعه وأقسامه، وجليه وخفيه، وأكبره وأصغره، خصوصاً الشرك في العبادة، مما عساك لا تجده مجموعاً في غيره من الكتب المطولات، فإن الإيمان النافع لا يوجد إلا بترك الشرك مطلقاً. وأما أنواعه: 1 - فمنها: الشرك في الربويية، وهو نوعان: شرك التعطيل، كشرك فرعون، وشرك الذي حاجّ إبراهيم في ريه، ومنه شرك طائفة ابن عربي، ومنه شرك من عطل أسماء الرب سبحانه، وأوصافه من غلاة الجهمية، ومنه شرك من جعل مع اللأ إلها آخر، ولم يعطل ربوبيته، كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة. 2 - النوع الثاني: الشرك في أسمائه وصفاته، ومنه تشبيه الخالق بالمخلوق، كمن يقول: يد كيدي، وهو شرك المشبهة. 3 - والنوع الثالث: الشرك في توحيد الإلهية والعبادة. فكل ما ذكرنا من توحيد الإلهية وأنواع العبادة والقصد التي لا يستحقها إلا الله، صرفها إلى غيره شرك" (¬1). ولقد أفاض الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- في مؤلفاته ورسائله في شرح أنواع التوحيد وأقسام الشرك المتقدمة، واعتمد في ذلك كله على كتاب الله سبحانه وتعالى، وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة، والمنقول من أقوال السلف المتقدمين من الصحابة والتابعين، إلى أئمة الإسلام المجمع على إمامتهم، باعتبار أن القرون الثلاثة الأولى هي قرون السلامة من البدعة والإنحراف وتَمَثل السنة قولاً وعملاً واعتقاداً. وقد كان الشيخ في ذَلك كله متشبعاً بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه الموضوعات، وكذلك تلميذه ابن القيم، فهو سليل تلك المدرسة السلفية، ومترجم أفكارها والذاب عنها بلسانه وقلمه، وسيفه حين يجد الإصرار على الشرك والمعاندة من غير حجة ولا برهان. ¬

_ (¬1) المصدر السابق 2/ 147 - 148.

وكان الشيخ يفضل كتب السلف على كتب الخلف، ويدعو إلى الإعتماد عليها، لأنها قريبة من النبع الصافي، بعيدة عن الدخن والزغل والكدر. فقد جاء في رسالته إلى ابن عبد اللطيف قوله: "فإن لم تتبع هؤلاء، فانظر كلام الأئمة قبلهم، كالحافظ البيهقي في كتاب "المدخل"، والحافظ ابن عبد البر والخطابي وأمثالهم، ومن قبلهم، كالشافعي وابن جرير وابن قُتيبة، وأبي عبيد، فهؤلاء إليهم المرجع في كلام الله وكلام رسوله وكلام السلف" (¬1). وقد كللت جهود الشيخ بالنجاح التام، فأصبحت الجزيرة العربية موحدة براية التوحيد، صافية من كدر الشرك، خصوصاً وأن اللإمام محمد بن سعود استعمل سيف الحق في مواجهة المعاندين، وإبطال كيدهم باللسان والسنان، لأن دعوة لا تحميها قوة، ولا يؤازرها جهاد لا تصنع شيئاً على أرض الواقع: إذا لم تكن إلّا الأسنة مركباً ... فما حيلة المضطر إلّا ركوبها وكان من نتائج الدعوة أيضاً ما حققته من منجزات على الصعيد العلمي، بحيث تكونت مدرسة علمية سلفية خالصة، وضع الشيخ نواتها في حُريملاء، وتعاهد غراسها بعد انتقاله إلى العُيينة، ووسع قاعدتها، وعمق جذورها وتعاهد نموها في الدرعية، حتى استطاع أن يبعث من المبرزين منبها: الدعاة والقضاة والموجهين، إلى مختلف الأقاليم النجدية (¬2). وكان لهذه المدرسة صداها في التأليف والتعليم والبحث والتحقيق، فانبعثت الهمم للتنقيب عن كتب السلف والعناية بها، وازدهر الإهتمام بكتب التفسير بالمأثور، كإبن جرير وابن كثير والبغوي، ونحوها، والتفت الناس إلى الحديث وكتبه ورجاله، درساً وتحقيقاً وحفظاً، وتحول الإهتمام بالفقه من "الإقناع" و"المنتهي" إلى مطولات الكتب، التي تعنى بالخلاف والدليل والموازنة على ضوء أصول الفقه وقواعد الإستنباط، والأخذ بما يعضده الدليل من الأقوال والروايات والوجوه وغير ذلك. ¬

_ (¬1) الدرر السنية 1/ 37، والقسم الخامس من مؤلفات الشيخ (الرسائل الشخصية)، ص 259. (¬2) حركة التجديد والإصلاح في نجد، د. عبد الله بن محمد العجلان، ص 172 الرياض، 1989. وانظر أيضا: حاضر العالم الإسلامي 1/ 262. وكانت تلك المدرسة العلمية السلفية نواة لقيام مؤسسات علمية ومعاهد انتشرت في الوقت الحاضر في جميع أنحاء المملكة.

وإن شئت أن ترى الثمرة ماثلة بين عينيك، فاقرأ الكتب الفقهية التي صنفت في ظل هذه الحركة المباركة، وسياق نتائجها، ككتاب "منار السبيل" و"السلسبيل في معرفة الدليل" وغيرها. وكان من نتائج هذه الدعوة ومناصرتها أن قامت دولة بكامل مؤسساتها شعارها: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" بعد جهود مضنية متطاولة تقيم الإسلام وتطبقه تطبيقاً عملياً، وكان للفقه الحنبلي الأثر الرئيس في استمدادات هذه الدولة للأنظمة والأقضية وغير ذلك. النتائج الخارجية: وأما النتائج في خارج الجزيرة العربية، فقد أثرت الدعوة تأثيراً شاملاً في العالم الإسلامي، حتى في أولئك الذين كانوا يحملون ألوية المعارضة ونصب العداوة، فقد دفعتهم إلى التحقيق العلمي، والجد والبحث في بطون الأمهات، وتصحيح الأخطاء التي كان يعسر عليهم الإعتراف بها تحت ركام العوائد وتأثير الواقع المر: ففي المغرب الإسلامي ومصر ظهرت بوادر يقظة إسلامية تنادي بالإصلاح الديني والسياسي بما يتلاءم مع ييئتها المحلية، متأثرة من قريب أو بعيد، بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب. كما كانت أصداء هذه الدعوة قوية في شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا بمالا يتسع المجال لكشف تفاصيلها في هذه العجالة (¬1). ¬

_ (¬1) انظر تفصيل ذلك في: حركة الإصلاح والتجديد في نجد، ص 173، وكذلك في: حاضر العالم الإسلامي 1/ 263 مع الإحتراز مما يزيده المؤلف من عنده بسبب الروح الصليية؛ التي يكتب بها.

آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ترك الشيخ -إلى جانب جهوده الأخرى- جملة وافرة من المكتوبات المتنوعة في موضوعاتها ومضامينها، فبعضها كتب جامعة، وبعضها رسائل مفردة، وبعضها اختصارات لكتب سابقة. وتتسم تأليف الشيخ على وجه العموم بالجدَّة والتبصُّر، والرجوع ما أمكن إلى أمهات التراث الإسلامي التي صنفها السلف، في العقيدة، والتفسير، والحديث، وغير ذلك، بل وكثرة الإحتجاج بنصوص الشرع من كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- وسنة نبيه المصطفى. وتتسم من جهة أخرى بكونها خادمة لأهداف الدعوة التي قام من أجلها، وتصب في مجاريها، وتُسدِّد صوبَ مراميها. ومن جملة آثاره التي تتصل بخدمة المذهب الحنبلي خاصة (¬1). 1 - آداب المشي إلى الصلاة. 2 - كتاب الطهارة. 3 - أريع قواعد تدور عليها الأحكام. 4 - إبطال وقف الجنف والإثم. 5 - مختصر الإنصاف والشرح الكبير. 6 - مختصر زاد المعاد لإبن القيم. وهذه الكتب مطبوعة ضمن مجموع "مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب" الذي قامت بإعداده وإصداره جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1400 هـ)، وسبق لبعضها أن طُبع في طبعات مستقلة، أو ضمن مجموع كـ "مجموعة الرسائل والمسائل النجدية" (¬2). ¬

_ (¬1) يُرجع إلى الجزء الثاني من هذا الكناب لمزيد من الفصيل. (¬2) يحسن الرجوع أيضاً، لمعرفة آثار الشيخ، إلى كتاب "آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب" للدكتور أحمد الضبيب.

أبرز علماء نجد في عهد الدولة السعودية الأولى والثانية

وقد أثمرت دعوة الشيخ في نجد وما حولها ثلةً من أهل العلم والفضل، تألّقت نجومهم وأسهموا بجهود مبرورة على عهد الدولة السعودية الأولى والثانية، وكان من هذه الثلة كوكبة نيِّرة من آل الشيخ أبناءً وأحفاداً (¬1). ومن أبرز هؤلاء العلماء: 1 - الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1165 - 1244 هـ): وُلد في الدرعية، وتلمذ لأبيه في بواكير حياته، فحظي بحَوْطٍ من الرعاية والعناية والتربية، فنشَّأه تنشئَةً حسنة، فقرأ القرآن وحفظه عن ظهر قلب، بالإضافة إلى مبادئ العلوم الشرعية والعربية. فلما كبر لازم العلّامة حمد بن معمر، فأخذ عنه الأصول والفروع والحديث، ثم رحل إلى مكة المشرَّفة فتلقى عن علماء المسجد الحرام علوم اللغة والحديث، ثم انتقل إلى المدينة المنورة، فتضلع من علم الحديث خاصة عن علمائها، ثم رجع إلى بلدته ومسقط رأسه، فخاض جهاد الدعوة مع والده ويعده، حتى غزا الأتراك نجداً وخرّلوا الدرعية، فنُقل إلى القاهرة في آخرين من أسرة الشيخ سنة (1233 هـ)، فاستقر بها حتى توفي سنة (1244 هـ) في عهد الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية، -رَحِمَهُمَا اللهُ- وأجزل لهما المثوبة. ويرز الشيخ عبد الله في الأصول والتفسير والحديث وأصولهما، وكان بصيراً بالعقائد، عارفاً بمقالات الفرق الإسلامية. وفي عهد والده كان جلُّ اهتمامه منصرفاً إلى المزيد من التفقه، وتعليم الخاصة من تلاميذه وقاصديه. فلما توفي والده حلّ محله في نشر الدعوة ومحمل أعبائها ومهامّها الجليلة، وكان مرجع أهل العلم في بلاد نجد قاطبة بعد والده، -رَحِمَهُمَا اللهُ- جميعاً. وكان عضداً مساعداً لثلاثة من الأئمة في الدولة السعودية الأولى: الإمام عبد العزيز بن محمد، وابنه الإمام سعود، وحفيده الإمام عبد الله. ¬

_ (¬1) صُنفت عدة كتب في تراجم علماء نجد وتاريخه الحديث؛ من أبرزها: علماء نجد خلال ثمانية قرون، للشيخ البسام، ومشاهير علماء نجد، للشيخ عبد الرحمن آل الشيخ، وروضة الناظرين ومآثر علماء نجد وحوادث السنين، لمحمد القاضي، وعقد الدرر فيما وقع من الحوادث في آخر القرن الثالث عشر، لإبراهيم بن عيسى، وعنوان المجد، لإبن بشر، والأخبار النجدية، لمحمد عمر الفاخري، وغير ذلك.

2 - الشيخ عبد لله بن عبد الرحمن الملقب بـ "أبا بطين" (1194 - 1282 هـ)

وتتلخص جهود الشيخ عبد الله في الأنحاء التالية: أولاً: في رسالة المسجد التي أداها من خلال دروسه العلمية والوعظية وخُطبه المنبرية. وقد تخرج على يديه عدد من الشيوخ؛ منهم أبناؤه الثلاثة: سليمان، وعبد الرحمن، وعلي، وابن أخيه عبد الرحمن بن حسن. ثانياً: في جهاد القلم، وتمثل ذلك بكتبه ورسائله التي وجهها لنشر الدعوة والرد على المخالفين؛ بكشف الشبهات وإبطال ما ألصق بها وبرجالها من الآراء والمعتقدات الباطلة التي هم منها برآء. وترك من الكتب والمصنفات: مختصر سيرة ابن هشام، وجواب السنة في نقض كلام الشيعة والزيدية، والتوضيح عن توحيد الخلاف، والكلمات النافعة عن المكفرات الواقعة، وكتاباً في المناسك. ثالثاً: القضاء، فقد تولى قضاء الدرعية في عهد الإمام عبد الله بن سعود آخر أئمة الدولة السعودية الأولى. وكان الشيخ آية في الزهد والورع والإستقامة في دين الله، متحلياً بحلية السلف من الأخلاق العالية، كما كان داعية خير ورشد، عازفاً عن الدنيا مقبلاً على الآخرة، صادعاً بالحق لا يخاف في الله لومة لائم (¬1). 2 - الشيخ عبد لله بن عبد الرحمن الملقب بـ "أبا بُطين" (1194 - 1282 هـ): وأبا بُطين، أو: البابطين لقب أسلافه أيضا، وهو علم على بيت من البيوت القديمة في نجد، انتشرت فروعهم فيما بعد بين الكويت والملكة العربية السعودية. ولد الشيخ عبد الله في روضة سدير بنجد، وفيها نشا وتعلم على قاضيها وفقيهها الشيخ محمد بن طراد الدوسري، ولازمه ملازمة تامة مع ما وهبه الله من الذكاء الوقاد والذاكرة القوية، فمهر في الفقه. ثم ارتحل إلى شقراء، فأخذ عن قاضيها الشيخ عبد العزيز الحصين. ثم رحل إلى الدرعية فأخذ عن علمائها التوحيد والتفسير والحديث ¬

_ (¬1) نرجمته في: علماء نجد 1/ 169، وروضة الناظرين 1/ 327.

والفقه وأصول هذه العلوم، ومنهم الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، والشيخ حمد بن ناصر بن معمَّر. وفي سنة (1220 هـ) استُقضي للإمام سعود بن عبد العزيز على الطائف وملحقاته من قبائل الحجاز، وفيها أخذ علم النحو عن السيد حسين الجفري. وفي عهد الإمام تركي بن عبد الله -مؤسس الدولة السعودية الثانية- تولى قضاء مقاطعة الوشم ثم ضُمّ إليه قضاء مقاطعة سدير عام (1231 هـ). وتولى قضاء عنيزة مرتين. وفي ذلك كله كان ناشراً للعلم مفيداً للطلاب تدريساً وتعليماً وإفتاءً، وهكذا كانت ولايته في القضاء مصحوبة بسيرة أخرى تتمثل بنشر العلم في الطائف وشقراء وسدير وعمان والقصيم في أواخر الدولة السعودية الأولى، وطيلة فترة الدولة السعودية الثانية، حتى تخرجت على يديه جماعة كبيرة من العلماء، منهم: الشيخ محمد بن عبد الله بن حميد صاحب "السحب الوابلة"، والشيخ عثمان بن بشر صاحب "عنوان المجد"، والشيخ محمد بن عبد الله بن مانع جدُّ آل المانع المعروفين في عنيزة بالعلم والفقه وتولي القضاء. وترك الشيخ إلى جانب ذلك جملة وافرة من المؤلفات والرسائل والفتاوى والتحريرات، بعضها طُبع ضمن مجامع رسائل علماء نجد، وبعضها طبع مفرداً، وبعضها لم يطبع بعد، ومن ذلك: 1 - مختصر بدائع الفوائد لإبن قيم الجوزية. 2 - مختصر إغاثة اللهفان لإبن القيم أيضاً. 3 - حاشية على شرح منتهى الإرادات للبهوتي. جرّدها من أصله الشيخ عبد الرحمن بن مانع. 4 - حاشية على الروض المربع للبهوتي. 5 - مختصر قواعد ابن رجب. 6 - فتاوى وتحريرات، جمع بعضَها ورتبه وطبعه إبراهيم بن محمد الحازمي، ولا تزال منها بقية مخطوطة في مدينة شقراء.

3 - الشيخ عبد الرحمن بن حسن أل آلشيخ (1193 - 1285 هـ)

وكان الشيخ أبا بُطين إلى جانب الزهد والورع، ماهراً بالفقه ومذاهبه حتى إنه ليُعدُّ فقيه الديارالنجدية في القرن الثالث عشر بلا منازع، قال عنه تلميذه ابن حميد: "وأما اطلاعه على خلف الأئمة الأريعة، بل. وغيرهم من السلف، والروايات والأقوال المذهبية، فأمر عجيب، ما أعلم أني رأيت في خصوص هذا من يضاهيه؛ بل ولا من يقاربه" (¬1). وقال عنه تلميذه ابن بشر: "وكان من الزهد والورع والكرم على جانب عظيم، مشتغلاً ليله ونهاره في خدمة العلم وطلبته، وهو كثير الإحسان إليهم، له المعرفة التامة في التفسير والحديث والفقه، وكان إماماً في كل العلوم" (¬2). توفي الشيخ البابطين في شقراء سنة (1282 هـ) بعد عمر طويل قضاه في خدمة المسلمين ونفع طلاب العلم، -رَحِمَهُ اللهُ- رحمة واسعة وأجزل له المثوبة (¬3). 3 - الشيخ عبد الرحمن بن حسن أل آلشيخ (1193 - 1285 هـ): وهو حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومجدد دعوته الإصلاحية. وُلد في الدرعية، وكانت يومئذ موطن العلم الدعوة ومعهد علماء السلف. وتلقى ترييته ونشأته الأولى على يد جده؛ إذ قُتل والده وهو صغير، فحفظ القرآن ولازم الدروس وتدرب على الفقه، ثم لازم علماء الدرعية بعد وفاة جده، ومنهم عمه عبد الله، والشيخ حمد بن ناصر بن معمَّر، حتى مهر وتمكن وهو في باكورة شبابه، فأقبل عليه الطلاب وأخذوا عليه من فنون العلوم: التوحيد والتفسير والحديث والفقه وغير ذلك. ثم استُقضي للإمام سعود بن عبد العزيز على الدرعية، فسار السيرة الحسنة، وصاحب الإمام عبد الله بن سعود مجاهداً بالسيف والقلم واللسان. ولما غزا الأتراك نجداً وخربوا الدرعية سنة (1233 هـ) نُقل الشيخ إلى القاهرة في ثلة من أفراد أسرته. وهناك أقبل على التوسع في العلم بين مجالسة العلماء ومنادمة الكتب، فقرأ على بعض كلبار علماء الأزهر ومصر، ولازم كثيراً منهم، كالشيخ عبد الله بن سويدان والشيخ حسن القويني، وأجازوه بإجازات طويلة مسلسلة وأثنوا عليه فيها. ¬

_ (¬1) السحب الوابلة 2/ 631. (¬2) علماء نجد 4/ 230، نقلاً عن نسخة خطية خاصة من كتاب "عنوان المجد". (¬3) علماء نجد 4/ 225، ومشاهير علماء نجد ص 235، والسحب الوابلة 2/ 626.

وفي سنة (1241 هـ) خرج من مصر والتحق بالإمام تركي بن عبد الله في الرياض، فآزره في القيام بالأعمال التي كان يقوم بها جدُّه من قبل، فجمع الشمل ولمّ الشعث ورأب الصدع الذي كان قد حصل بعد موت جدِّه، ونقلِ عمه الشيخ عبد الله إلى القاهرة. وتوزعت جهوده على ثلاثة أنحاء: مؤازرة الأئمة من آل سعود -تركي وابنه وحفيده- بالرأي في شؤون الدولة، وتأليف الكتب والرسائل والنصائح، والوعظ والإرشاد والتدريس، حتى ازدهرت الرياض في عهده بالمعاهد العلمية. واستمر على ذلك في عمرٍ طويلٍ حافلٍ بالنشاط، حتى وافاه الأجل سنة (1285 هـ) -رَحِمَهُ اللهُ- برحمته الواسعة. ومن أبرز من تخرج على يد الشيخ عبد الرحمن: ابنه الشيخ عبد اللطيف، والشيخ حمد ابن عتيق، والشيخ عبد الرحمن ابن مانع، والمؤرخ إبراهيم ابن عيسى. ومن آثاره المكتوبة: 1 - فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد لجده. 2 - قرة عيون الموحدين. 3 - مختصر العقل والنقل لإبن تيمية. 4 - مجموعة كبيرة من الفتاوى والرسائل تُقدّر بمجلد ضخم (¬1) ¬

_ (¬1) علماء نجد 1/ 180، وعنوان المجد 2/ 20، ومشاهير علماء نجد ص 87.

أثر الملكة العربية السعودية في ازدهار الفقه الحنبلي

أثر الملكة العربية السعودية في ازدهار الفقه الحنبلي تعتبر المملكة العربية السعودية اليوم امتداداً للجهود المتواصلة التي قام بها آل سعود في توحيد الجزيرة العربية ولم شتاتها منذ أن قام الإمام محمد بن سعود -رَحِمَهُ اللهُ- يؤازر الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رَحِمَهُ اللهُ- في دعوته، ويفضل الله، تم بفضل تلك الجهود التي قام بها الشيخ والإمام تكونت الدولة السعودية الأولى التي مثلت النتائج المباشرة للدعوة الإصلاحية. واستمرت تلك الدولة مدة تَنوفُ على السبعين عاماً قبل نشوب الحرب مع الأتراك، وتولى الإمامة فيها على التوالي الأئمة: محمد بن سعود، ثم عبد العزيز ابن الإمام محمد، ثم سعود بن عبد العزيز، ثم عبد الله بن سعود، رحمهم الله وأكرم مثواهم. ويعتبر عهد الإمام سعود بن عبد العزيز العهد الذهبي للدولة، إذ امتدت ظلالها إلى قلب اليمن جنوباً، ومشارف العراق وسورية شمالاً (¬1). وفي ظل ذلك الإمتداد والتوحيد للمناطق العربية التي كانت قبل ذلك تعيش في فوضى وتشرذم دائم، انتشرت الدعوة الإسلامية بهدوء، وأمن واطمئنان، وفتحت الجزيرة عينيها على عهد جديد زاهر على كافة المستويات، وقد جندت الدولة العثمانية قواتها المصرية لكسر شوكة هذه الدولة، التي وحدت ما تحت يديها، وألفت بين أبناء المنطقة، بدعوى أن هذا العمل خروج عن الخلافة العثمانية، وشق لعصا المسلمين، والواقع أن الدولة العثمانية كانت غائبة تماما من الناحية الفعلية عن المنطقة قبل قيام الدولة السعودية الفتية، كما كانت غائبة عن الثغر الجزائري حين احتلته فرنسا بسهولة تامة. وعن كثير من البلاد الإسلامية، علاوة على ضعفها، وعدم اهتمامها بالدعوة إلى الكتاب والسنة، والى نشر الإسلام بلغته العربيه التي نزل بها كتاب الله الكريم. ¬

_ (¬1) تاريخ المملكة العرية السعودية، للدكتور عبد الله بن صالح العثيمين، 1/ 147.

يقول الدكتور عبد الله بن محمد العجلان: "ولما كانت نجد -وهي قلب جزيرة العرب- أقل أقاليم الخلافة العثمانية رعاية؛ إذ أن العثمانيين لم يعيروا هذه المنطقة أي اهتمام، ولم تحظ منهم بأي رعاية، بل اكتفوا ببسط نفوذهم على الحرمين الشريفين، والساحل الغربي من شبه الجزيرة العربية، وساحل الخليج العربي، وتركوا وسط الجزيرة العربية، فلم يكن لهم فيها وجود مما جعله في عزلة شديدة عن العالم الإسلامي. لما كانت نجد كذلك اضطرب فيها حبل الأمن، وقطعت فيها السبل، وسادت فيها الفوضى والسلب والنهب، والأخذ بالثأر، وماجت فيها الفتن، وعم الجهل، ودرست معالم الحضارة الإسلامية في مختلف جوانب الحياة" (¬1). وتعتبر الدولة السعودية الثانية وثبة أخرى في قلب الجزيرة في الاتجاه نحو توحيدها سياسياً، تحت سلطان واحد، وراية واحدة، يسودها نظام قائم على أساس الكتاب والسنة. وقد واجه الإمام تركي بن عبد الله في بداية تأسيس هذه الدولة صعوبات كبيرة من الخارج ومن الداخل. وعلى الرغم من الصعوبات الداخلية والخارجية، فقد تكلل جهد الإمام تركي بالنصر سنة (1240 هـ). ومنذ ذلك التاريخ حتى العقد الأول من القرن الرابع عشر الهجري، وهذه الدولة تسير سيراً متموجاً بسبب الكيد الخارجي بالإضافة إلى الفتن الداخلية. ويعتبر عهد الإمام فيصل بن تركي الذي تولى الأمور من بعد أبيه على فترتين: دامت الأولى ما بين 1249 و 1254 هـ، والثانية ما بين 1256 و 1282 هـ، عهداً زاهراً بالطموحات لدولة سعودية ناهضة، مستقلة الكيان، مرهوبة الجانب، فقد أمضى حياته في الفترتين معاً في جهاد طويل متواصل سعياً في توحيد نجد وما حولها من المناطق، بالإضافة إلى إخرانج بقايا الحامية المصرية من أرض الجزيرة بصفة نهائية. ولقد ظلت الدعوة الإصلاحية، التي قامت على أساسها الدولة السعودية الأولى، هي الركيزة التي اعتمد عليها الحكم في الدولة السعودية الثانية؛ بشكل عام، وفي عهدي الإمامين تركي بن عبد الله وابنه فيصل بشكل خاص، فقد توخى هذان الإمامان سيرة أسلافهما من آل سعود في استشارة ذوي الدين والرأي والخبرة والمعرفة فيما يتعلق بأمور الدولة العامة. ¬

_ (¬1) حركة التجديد والإصلاح في نجد ص 20.

أما المملكة العربية السعودية اليوم، فقد قامت على الجهود المظفرة التي بذلها البطل الهمام الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود -رَحِمَهُ اللهُ- منذ دخوله الرياض سنة (1319 هـ) إلى أن تم توحيد البلاد كلها تحت راية واحدة وتكوين المملكة العربية السعودية سنة (1351 هـ). ولا ريب أن جهد المملكة لم ينحصر في دعم الفقه الحنبلى واحتضانه فحسب، بل إن هذه المملكة ذهبت إلى أبعد من ذلك بكثير، إذ هي البلد الوحيد في العالم العربي والإسلامي التي تتخذ من الكتاب والسنّة دستوراً لها، وتلتزم بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، فأنواع المعاملات تطبق فيها أحكام الشريعة الإسلامية، وقد روعي في الأنظمة التي وضعت لتنظيم الإدارة أن تكون متلائمة مع روح الشريعة الإسلامية. وكلمات "تشريع" و"شريعة" لا تطلق في الملكة إلا على الأحكام الواردة في الشريعة الإسلامية. أما ما عداها من أحكام وضعية فيطلق عليها تعبير: أنظمة، أو تعليمات، أو أوامر، أو مراسيم (¬1). وغني عن البيان أن نقول: إن الفقه الحنبلي يشكل النسبة الكبرى في استمدادات المملكة التنظيمية والتشريعية، وبالتالي فإن هذا الفقه قد كتب له أن ينبعث غضاً ناضراً في التطبيق الميداني في مهد الرسالة وأرض الوحي. ولئن كان المذهب المالكي قد شهد ازدهاراً تحت رعاية دول الإسلام المتعاقبة في الأندلس والمغرب، والمذهب الشافعي قد شهد مثل ذلك في أيام الأيوبيين والمماليك في بلاد الشام ومصر، وازدهر المذهب الحنفي على عهد الدولة العثمانية في البلاد التي كانت قوية مكينة فيها، فإن المذهب الحنبلي قد أصاب حظه من الإزدهار والعناية تحت رعاية الدول السعودية المتعاقبة التي تمثل المملكةُ اليوم العهدَ الجديدَ فيها. قال الشيخ أبو زهرة: وإذا كان ذلك المذهب الجليل قد فقد الأتباع في الماضي، فإن الله سبحانه وتعالى قد عوضه في الحاضر، وذلك أن بلاد الجزيرة العربية تسير حكومتها في أقضيتها وعبادتها على مقتضى أحكامه، وكان ذلك تعويضا كريماً، وإخلافاً حسناً، لأن بلاد الجزيرة العربية تطبق الشريعة الإسلامية في كل أقضيتها، ولا تقصرها على نظام البيت (قانون الأسرة)، بل إنها تطبق أحكام الحدود والقصاص تطبيقا صحيحاً كاملاً، ¬

_ (¬1) موسوعة السياسة 3/ 192.

فالحدود فيها قائمة، ومعالم الشريعة فيها معلنة، وأحكام المعاملات المالية كلها مستمدة من ذلك الذهب الجليل، فالربا حرام في شتى ضرويه بالقليل والكثير، من غير محاولة لتحليله، ومن غير تحايل على تسويغه، بل غلقت كل أبوابه ما ظهر منها وما بطن، وأخذت الصدقات الإسلامية، وجمعت زكاة المال في السائمة والزرع والنقدين وعروض التجارة، ويذلك قامت دولة الشريعة محكمة البنيان، ثابتة الأركان (¬1). وقيام المملكة العربيه السعودية على النحو الذي صورنا بعض جوانبه لم يكن آتياً من فراغ أو وليد طفرة وارتجال، بل هو تكامل في العمل وتواصل في البناء القائم على منهج قويم واضح المعالم، فيه الوفاء التام لأولئك الأسلاف الذين قضوا حياتهم في الدعوة والجهاد لتصحيح العقيدة وتجديد الدين، وعقد العزم على تطهر الجزيرة من كل عرف، أو تقليد، أو عادة، أو خرافة تفسد على الناس توحيدهم الخالص (¬2)، ليأتي تطبيق الشريعة السمحة سهلاً مقبولاً على أمة قد وعت دينها وعرفت رسالتها، وليتعاون الراعي والرعية على القيام بهذا الواجب العظيم. وقي هذا الصميم يقول الملك عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ-: "وعليّ جعل الحكم في هذه الديار بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، لا يد طائلة عليكم اليوم، فكتاب الله فوق الجميع. فالواجب عليكم هو معرفة الله تعالى، والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله، وترك البدع، والخرافات والتأدب بآداب الشريعة السمحاء، وتوثيق عرى الألفة وأوامر النصيحة والإخلاص" (¬3). وإن إعلاناً كهذا ليس من السهولة أن يصدرمن ملك أو رئيس في زمن احتشدت فيه مغريات التجافي عن الإسلام ونظامه، فقد كانت سورة الحكم الإسلامي مهتزة في أذهان الخاصة والعامة على السواء إلا من عصم الله ورحم، وذلك من جراء أخطاء اقترفها المسلمون أنفسهم، ومن جراء الحملات الثقافية والفكرية والنفسية التي يشنها أعداء الإسلام على قضية الحكم الإسلامي. وفي ذات الوقت كانت النظريات السياسية الجديدة تفتن القادة والزعماء، فضلاً عن طبقات أخرى كثيرة (¬4). ¬

_ (¬1) ابن حنبل، ص 462. (¬2) الملك عبد العزيز المنهج القويم في الفكر والعمل، ص 37. (¬3) المصدر السابق، ص 72 (¬4) المصدر السابق، ص 42.

خلاصة ما تم في المملكة العربية السعودية من جهود في خدمة المذهب الحنبلي

خلاصة ما تمّ في المملكة العربية السعودية من جهود في خدمة المذهب الحنبلي إن المملكة العربية السعودية تتميز عن بقية دول العالم الإسلامي وأقطاره: بأنها دولة قامت على أساس الكتاب والسنة، وأدرك مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رَحِمَهُ اللهُ- أن أهم وظائف الدولة الإسلامية هي: تحقيق سيادة شرع الله، ونشر الدعوة الإسلامية؛ امتثالاً لقول الله تعالى {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41]. وقد تبين عمق هذا الإدراك جلياً في خطاب الملك عبد العزيز في الجلسة الإفتتاحية لمجلس الشورى بتاريخ 7 ربيع الأول سنة 1349 هـ إذ قال مخاطباً أعضاء المجلس والحاضرين: "وإنكم تعلمون أن أساس حكمنا ونظمنا هو الشرع الإسلامي، وأنتم في تلك الدائرة أحرار في سنّ كل نظام، وإقرار العمل الذي ترونه موافقاً لصالح البلاد، على شرط أن لا يكون مخالفاً للشريعة الإسلامية؛ لأن العمل الذي يخالف الشرع لن يكون مفيداً لأحد، والضرر كل الضرر هو السير على غير الأساس الذي جاء به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - " (¬1). فأقضية المملكة مستمدة من الشرع الإسلامي، والأنظمة والمراسيم الصادرة لا تخالف الشريعة الغرّاء بحالٍ من الأحوال. ولا ريب أن الفقه الحنبلي يحظى بالدرجة الأولى في تكوين مصادر تلك الأقضية، كما هو واضح في التوجيهات الخاصة بالمحاكم والقضاة. ¬

_ (¬1) الملك عبد العزيز الشخصية والقيادة، لإبراهيم بن عبد الله السماري، ص 36.

كذلك تصدر الفتوى في المملكة في غالبها على ما هو الراجح، أو الصحيح المفتى به في هذا المذهب الجليل. فهذا وذاك، كلاهما قد أعطيا دفعاً قوياً للعناية بالفقه الحنبلي من الناحية العملية، أما من الناحية العلمية فإن الدروس، والحلقات التي تُعقد في المساجد، وما هو المقرر على التلاميذ في المدارس الإبتدائية والإعدادية والثانوية، والمعاهد والكليات له عناية خاصة بالفقه الحنبلي وكتبه وعلمائه. وتعتبر المراكز العلمية القائمة في المملكة خادمة بشكل أو بآخر لهذا الذهب؛ بما تحتوي عليه من كتب ومخطوطات ووثائق ومواد علمية مختلفة. وإلى جانب تلك المراكز توجد المكتبات العامة سواءٌ منها التابعة للجامعات أو المستقلة، فهذه المكتبات تجمع ما طبع وحُقق ونُشر من التراث الحنبلي، كما أنها تجمع من المخطوطات الأصلية والصورة العدد الكثير. ولا غير أن هذه الثروة من المخطوطات قد فتحت الطريق واسعاً أمام الطلاب والباحثين للإطلاع على الترات الحنبلي وتحقيقه تحقيقاً علمياً بما يستحق من العمق والدقة ليخرج في حُلة قشيبة مقرباً ممهداً أمام الدارسين والعلماء والمفتين والقضاة وغيرهم. إن هذه الثروة العلمية التي تزخر بها المملكة العربيه السعودية الآن فيما يخص أصول المذهب وفروعه وأعلامه ومكتباته والدراسات التي أنجزت حوله، لتشهد بمدى الخدمة الجليلة التي قامت بها المملكة، ولا تزال تقوم تجاه هذا المذهب. إلى جانب ذلك كله نجد العناية بالطباعة والنشر والتوزيع قد أسهمت هي الأخرى مساهمة فعّالة في إخراج جزء كبير من التراث الحنبلي من عالم المخطوطات إلى عالم المطبوعات وتوزيعه في مختلف أنحاء العالم. وقد بدأ الإهتمام بنشر الفقه الحنبلي الذي يعتبر ثرياً في مؤلفاته منذ تأسيس المملكة، وبعناية أُولي الأمر فيها، فقد طبع كتاب "المغني" ونشر لأول مرة مع "الشرح الكبير"، بأمر الملك عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ-، وفي ذلك يقول الشيخ رشيد رضا:

"ما زلت أفكر في السعي لطبعه -أي المغني- إلى أن هداني الله تعالى إلى تبليغ أمنيتي هذه إلى السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إمام نجد وملحقاتها، فبُلِّغت عنه أولاً أنه - أيد الله به العلم والدين، وأعز به الإسلام والمسلمين - عازم على طبع هذا الكتاب مع كتب أخرى لإحياء العلم وتوسيع نطاقه في بلاده، ثم خاطبني آخراً في طبعه مع "الشرح الكبير"، وطبع تفسيري ابن جرير وابن كثير، وكتب أخرى من كتب السنة والفقه، وتلا ذلك إرساله "المغني" و"الشرح الكبير للمقنع" ليُطبعا معاً مع غيرهما، مما عزم على طبعه" (¬1). وقد أشار الملك عبد العزيز إلى تلك المراسلة التي تمت بينه وبين الشيخ رشيد رضا في مقابلة مع رئيس تحرير "مجلة الكويت" في عددها المصادر في شهر شوال عام 1348 هـ قال فيها الملك عبد العزيز: "إن أمثال هذه الكتب الدينية من المؤلفات الجليلة، التي عرفت أهميتها، وكنت من أمد بعيد حريصاً على طبعها، لينتفع بما فيها من فوائد غزيرة، كان جُلّها محجوياً عن الأبصار، وليسهل اقتناؤها على المعدمين، ولا سيما "المغني" الذي لم يطبع قبل هذه المرة، وقد عثرنا على نسخة كاملة منه، فبعثنا بها وبتفسير ابن كثير ومؤلفات أخرى غيرها إلى السيد رشيد رضا في مصر، وبلغنا أنه تم طبعها، وكذا بعثنا إليه أيضاً بكتاب في الآداب ليطبعه" (¬2). ¬

_ (¬1) مقدمة طبعة المغني مع الشرح الكيير ص 16، دار الكناب العربي، 1972. (¬2) مجلة الفيصل ص 78، العدد 239، جمادى الأولى 1417 هـ.

من أشهر العلماء الذين برزوا في عهد المملكة

وبرز في ظل المملكة منذ نشأتها إلى اليوم ثلّةكبيرة من العلماء، ممن لهم إسهام سابغ في النهضة العلمية عموماً وخدمة المذهب الحنبلي خصوصاً، نذكر منهم: 1 - الشيخ سعد بن حمد بن علي ابن عتيق (1267 - 1349 هـ): وُلد ببلدة الحلوة: إحدى قرى الأفلاج، وتعلم في صغره على والده الذي كان قاضياً في حوطة سدير، فتعلم التوحيد والتفسير والحديث والفقه والنحو، ثم رحل إلى الهند بعد أن تجاوز الثلاثين من عمره، مكث بها تسع سنين فقرأ على كبار محدثيها، كالشيخ صديق حسن خان والشيخ نذير حسين الدهلوي وغيرهما. ثم عاد إلى مكة المكرمة فحج وأخذ عن جماعة من علمائها من بين نجديين وحجازيين وهنديين، حتى بلغ في العلم مبلغاً عظيماً، إلى جانب الغيرة الشديدة في الدين والصلابة في العقيدة. ويعد عودته إلى الأفلاج عيّنه الإمام عبد الله بن فيصل قاضياً على الأفلاج، فاستمر على ذلك إلى أن دخل الملك عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ- الرياض سنة (1319 هـ) فنقله إليها وولّاه قضاء سكان البادية المحيطة بالرياض والقادمين إليها، وولاه أيضاً إمامة الجامع الكبير، وكان يعقد حلقتين للدروس، فأقبل عليه الطلاب وحفوا به وانتفعوا بعلمه، فتخرج على يديه عدد من أكابر العلماء من أمثال: الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ، والشيخ سليمان بن سحمان، والشيخ عبد الله العنقري، وغيرهم. وإلى جانب هذا أورث منثورات من بين كتب ورسائل وفتاوى، من ذلك: 1 - نظم زاد المستقنع سماه "نيل المراد بنظم متن الزاد". لم يكمله، فأكمله الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن سحمان. 2 - حجة التحريض في تحريم ذبح المريض. توجد منها نسخة في مكتبة جامعة اللك سعود (215). 3 - فتاوى ورسائل منثورة تبلغ نحو الأريعين رسالة. جمعت وطبعت بعنوان: "المجموع المفيد من رسائل وفتاوى الشيخ سعد بن حمد بن عتيق". وله شعر جيد ونظم رائق.

2 - الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العنقري (1290 - 1373 هـ)

وقد اشهر الشيخ ابن عتيق بسعة العلم والتقى والصلاح، والجد والإجتهاد في نشر الدعوة السلفية. -رَحِمَهُ اللهُ- رحمة واسعة وأجزل له المثوبة (¬1). 2 - الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العنقري (1290 - 1373 هـ): وُلد بثرمداء: قرية من قرى الوشم، وكانت إمارتها متسلسلة في آبائه. ونشأ يتيماً ضريراً بين والدته وأعمامه، فحفظ القرآن وتلقى العلوم الإبتدائية في بلدته على إمام جامعها حمد بن شعيل، فحفظ جملة من المتون (¬2) في التوحيد والفقه واللغة والمصطلح وغير ذلك. فلما شب عن الطوق سافر إلى الرياض عام (1311 هـ) فتلقى عن علمائها المشهورين آنذاك، كالشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وأخيه إبراهيم، والشيخ سليمان بن سحمان، والشيخ إسحاق بن عبد الرحمن، والشيخ سعد ابن عتيق، وغيرهم. وكانت له -رَحِمَهُ اللهُ- محبة شديدة للعلم ورغبة صادقة في طلبه وتحقيقه والعمل به وجمع كتبه، حتى إنه جمع مكتبة من أنفس المكتبات؛ حافلة بنفائس المخطوطات، وكان له الفضل في جمع أشتات كتاب "المغني" لإبن قدامة لتكوين نسخة كاملة منه، حيث لم تكن منه في نجد نسخة كاملة، فجمع أجزاءه من البلدان وخزائن العلماء، حتى جمع نسخة كاملة، فنُسخت ثم أرسلها إلى الملك عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ- فطبع عليها الكتاب. وكانت للشيخ عناية خاصة بالفقه الحنبلي؛ له اليد الطولى في التحقيق والتدقيق فيه من خلال ما عُرف في دروسه ومؤلفاته وفتاواه المحررة التي سلك فيها مسلك المحققين، بذكر الدليل والتعليل والترجيح؛ تبعاً لما رجحته الحجج من أقوال المجتهدين. ¬

_ (¬1) علماء نجد 2/ 220، ومشاهير علماء نجد ص 323، وذيل النعت الأكمل ص 414، والأعلام 3/ 84. (¬2) من ذلك: ثلاثة الأصول، والواسطية، والتدمرية، والحموية، والأربعون النووية، وبلوغ المرام، وزاد المستقنع، وعمدة الفقه، والرحبية، والآجرومية، والملحة، والألفية، والبيقونية، ونخبة الفكر، والورقات، والجزرية.

3 - الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (1307 - 1376 هـ)

تولى الشيخ قضاء بلدة المجمعة وإقليم سدير مع بلدان أخرى، عينه لهذا الشأن الملك عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ- وكانت له آثار طيبة ومواقف محمودة مشكورة في الصلح العام والوساطة بين المتحاريين في حوادث معروفة في أيامه. واستمر في القضاء نحواً من ثلاثة عقود ونصف إلى سنة (1360 هـ) حيث استعفى فأعفي، وتفرغ للتدريس والتأليف حتى توفي، عام (1373 هـ) -رَحِمَهُ اللهُ-. وتخرج على يديه من العلماء: الشيخ عبد الله بن زاحم، والشيخ محمد الخيَّال، والشيخ عبد الرحمن ابن قاسم، والشيخ حمو بن عبد الله التويجري، وغيرهم كثير، وكثرهم تقلدوا مناصب القضاء في المملكة. وترك من المؤلفات من بين تعليقات ورسائل وفتاوى أشياء كثيرة، منها: 1 - حاشية على الروض المربع للبهوتي. 2 - تعليقات على نونية ابن القيم في العقيدة. ويعض رسائله وفتاواه محفوظة ضمن مجاميع الرسائل النجدية (¬1). 3 - الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (1307 - 1376 هـ): ولد في بلدة عنيزة، ونشأ يتيم الأم، ثم يتيم الأب، فعنيت به زوجة أبيه، فلما كبر انتقل إلى بيت أخيه الأكبر حَمَد، فحفظ القرآن وأقبل على العلم في بلده، فانقطع له وجدّ في تحصيله حفظاً وفهماً ودراسة، حتى مهر، ونبغ وهو لا يزال في أطوار الطفولة ويواكير الشباب، وانصرف إلى العثاية بعلوم التفسير والحديث والتوحيد، وجعل من مطالعة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم نبراساً له، فهي عنده في السمع والبصر والمورد والمصدر، فتوسعت مداركه، وتفتق ذهنه عن قريحة اجتهادية وثابة تنزع بالدليل، ولا تنقاد إلا لما ترجحه الحجج من الأقوال والروايات والوجوه في المذهب الحنبلي. وبالرغم من أنه لم يحظ بالرحلة خارج بلده إلا أنه كان يكاتب العلماء في شتى بلاد الإسلام يسأل عن قضايا العصر، وما أفرزته المدنية الحديثة. ¬

_ (¬1) علماء نجد 4/ 265، وروضة الناظرين 2/ 68، وتسهيل السابلة 2/ 1825.

ومن أبرز شيوخه بعنيزة: الشيخ إبراهيم بن محمد بن جاسر، في التفسير والحديث- وأصولهما، والشيخ صالح بن عثمان آل قاضي في الفقه وأصوله، والشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، في علوم اللغة، وغيرهم كثير. واختصاصُ كل شيخ بما يتقنه من الفنون قد أكسب الشيخَ ابن سعدي معرفةً متميزة في تلك الفنون، كما تأثر بالشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رَحِمَهُ اللهُ- بطريقته في إلقاء الدرس وتقرير المسائل. ولما بلغ الشيخ أشُدَّه واستوى في العلم تولى إمامة جامع بلدته عنيزة الكبير، ونشر علمه فيه خطيباً وفقيهاً ومفيداً للطلاب، يصرف جل أوقاته للدرس والتعليم (¬1)، إلى جانب كنابة الوثائق وتحرر أوقاف الواقفين، ووصايا الموصين، وعقد الأنكحة، وغير ذلك. وممن تخرج على يديه: الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام مؤلف "علماء نجد خلال ثمانية قرون"، والشيخ محمد بن صالح العثيمين تغمده الله بواسع رحمته، والشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان -رَحِمَهُ اللهُ- صاحب المؤلفات الكثيرة. وغيرهم من أبناء الأسر المتفرقة في عنيزة وما حولها من ىل البسام والزغيبي والقاضي والشبل والزامل والعقيل، في آخرين يتجاوزن مئة وخمسين. وقد أسندت إلى الكثير منهم مناصب القضاء والدعوة والإفتاء والإرشاد، والقيام بالتدريس في المدارس والمعاهد العلمية التي أنشأتها المملكة. وترك علامة القصيم -رَحِمَهُ اللهُ- جملة وافرة من الكتب في التفسير والفقه وغير ذلك، منها: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ويهجة قلوب الأبرار، والرياض الناضرة، والمختارات الجلية، والجمع بين الإنصاف ونظم ابن عبد القوي، والأصول الجامعة، وغيرها. وله فتاوى جمعت بعد وفاته ورتبت وطبعت (¬2). ¬

_ (¬1) ومن جملة الكتب التي كان يدرسها لطلابه: منتقى الأخبار، وبلوغ المرام، وشرح العقيدة الطحاوية، وكتاب التوحيد، ومنتهى الإرادات مع شرحه، وزاد المستقنع مع شرحه، والألفية في النحو وشرحها لإبن عقيل، وقطر الندى وشرحه، بالإضافة إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب. (¬2) علماء نجد 3/ 218، وروضة الناظرين 1/ 220. وقد أطال تلميذه الشيخ البسام في التعريف به وبشيوخه وتلاميذه وآثاره، بالإضافة إلى التعريف بجاهع عنيزة الكبير الذي كان يدرس فيه الشيخ، وبقايا المخطوطات التي تحتوي عليها خزائته العامرة. وقام الدكتوران الفاضلان: عبد الله بن محمد الطيار =

4 - الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع (1300 - 1385 هـ)

4 - الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع (1300 - 1385 هـ): ولُد في بلدة عنيزة، ويعد السابعة من عمره توفي والده، فنشأ يتيماً، فحفظ بعض القرآن الكريم، وحصل العلوم الإبتدائية من المختصرات التي كانت تدرس في ذلك الوقت، ككتاب التوحيد، ودليل الطالب، وبلوغ الرام، والرحبية، والآجرومية. ولما ناهز الإحتلام رحل إلى عواصم العالم الإسلامي: بغداد، فالقاهرة، فدمشق، فبغداد ثانية، واتصل بكبار العلماء ولازمهم حتى حصل الكثير في الزمن القليل، وكان جادًّا مجدًّاً واصلاً نهاره بليله قراءة ومراجعة وحفظاً، لا يُضيع من الوقت قليلاً ولا كثيراً. وكان سريع الحفظ، حاضر القلب، حتى نبغ واستوح ذاكرته كثيراً من المتون، وكان يقرأ على شيوخه الكتب قراءة بحث وتحقيق واستيعاب، حتى أوفى على الغاية وصار من كبار العلماء، فقيهاً بالمذهب الحنبلي، عارفاً بخلاف العلماء. ومن جملة شيوخه الذين تلمذ لهم في أقطار العالم الإسلامي: الشيخ إبراهيم بن حمد بن جاسر، والشيخان: محمود شكري، وعلي نعمان، الآلوسيان، والشيخ جمال الدين القاسمي، والشيخ عبد الرزاق البيطار، والشيخ عبد الوهاب أفندي. تقلب الشيخ في أعمال عديدة بين قطر والمملكة والبحرين، فقد ترأس النادي العلمي الذين أنشاه المحسن مقبل بن عبد الرحمن الذكير في البحرين، ثم تولى القضاء والتدريس والخطابة بقطر سنة (1334 هـ) لمدة ثلاث وعشرين سنة، ثم عينه الملك عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ- مدرساً بالمسجد الحرام والمدارس الحكومية سنة (1358 هـ)، ثم عينه رئيسًا لثلاث هيئات في المملكة: هيئة تمييز الأحكام الشرعية، وهيئة الأمر بالمعروف، وهيئة الوعظ والإرشاد. وفي سنة (1365 هـ) عُيّن مديراً عاماً للمعارف، فرئيساً لدار التوحيد. ثم عاد إلى قطر مرة ثانية سنة (1374 هـ) ليشرف على سير التعليم فيها لإصلاح المناهج. وكانت إقامته الثانية في قطر، ونفوذ كلمته فيها، سبباً في عناية الحكومة القطرية بنشر الكثير من الكتب العلمية النافعة، في مختلف العلوم، ومنها الفقه الحنبلي، فقد أشرف على طباعة عدد كبير منها مع التقديم لها والتعريف بها. ¬

_ = وسليمان بن عبد الله أبا الخيل. بدراسة وافية عن الشيخ ابن سعدي في القسم الأول من كتابيهما "فقه الشيخ ابن سعدي". وفي الجزء الثاني من "تاريخ المذهب الحنبلي" تعريف بآثاره الفقهية والأصولية.

5 - الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (1311 - 1386 هـ)

وتعلم على يد الشيخ ابن مانع عدد كبير من الأعلام، منهم: الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، والشيخ عبد الله ابن دهيش، والشيخ عبد الله الأنصاري القطري، وابنه أحمد مدير البعثات السعودية في القاهرة، والمعروفُ بكثرة الإطلاع على الكتب المطبوعة والمخطوطة، والمعرفة التامة بها. ومن آثار العلامة محمد ابن مانع الكتوبة: 1 - مختصر شرح عقيدة السفاريني. 2 - حاشية على عمدة الفقه لإبن قدامة. 3 - حاشية على دليل الطالب للشيخ مرعي. 4 - إقامة البرهان على تحريم الإجارة في تلاوة القرآن. 5 - كشف الغطا عما في إعلام الورى من الخطا. توفي ابن مانع في بيروت ونقل إلى قطر فدفن فيها. -رَحِمَهُ اللهُ- وجزاه عما قدم أحسن الجزاء (¬1). 5 - الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (1311 - 1386 هـ): وجده العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. وُلد سماحة شَيخنا الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم في مدينة الرياض سنة (1311 هـ)، وتلقى العلم في بواكير حياته على والده، وابتلاه الله بفقد حبيبتيه وهو في الرابعة عشرة من عمره، وعؤضه عنهما عقلاً كبيراً وفهماً ثاقباً، فجدّ واجتهد في تحصيل متواصل حتى بلغ الغاية وصار من أبرز العلماء. ولما توفي عمه الشيخ الداعية عبد الله بن عبد اللطيف سنة (1339 هـ) خلفه من بعده في شؤون الدعوة وأعبائها الجسام؛ من دروس وتوجيه وإرشاد ونحو ذلك، وظل يفيد أفواج الطلاب المتوافدين عليه. ¬

_ (¬1) علماء نجد 6/ 100، وروضة الناظرين 2/ 293.

وللشيخ محمد بن إبراهيم -رَحِمَهُ اللهُ- جهود كبيرة قام بها في المملكة، نلخصها فيما يلي: • كان له الفضل في الإشارة على أولي الأمر بفتح المعاهد العلمية في مختلف أنحاء المملكة في العقد السابع من القرن الرابع عشر الهجري. وكان يشرف عليها إشرافاً علمياً، وعهد إلى أخيه الشيخ عبد اللطيف بالنيابة عنه في إدارتها التنفيذية. • لما أُنشئت دار الإفتاء سنة (1373 هـ) وصار لها مجلس تولّى رئاسته، وسُميّ مفتياً عاماً للمملكة، وقد جُمعت فتاواه المحررة فيما بعد فبلغت ثلاثة عشر مجلداً. • في سنة (1376 هـ) وُحِّدت محاكم المملكة وأُنشئ لها مجلس قضاء أعلى، فأسندت إليه رئاسته، لما كان يتمتع به من الحكمة والبصيرة وحسن الرأي مع العلم الغزير. • في سنة (1381 هـ) أنشئت الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، بمشورة الشيخ وتنفيذه ورئاسته، فأناب عنه الشيخَ العلّامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رَحِمَهُ اللهُ- في القيام بذلك. • تولى رئاسة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، التي قامت من أجل جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم وتنشيط الدعوة الإسلامية ومراعاة أحوال الأقليات المسلمة خارج العالم الإسلامي. بالإضافة إلى أشياء أخرى، كإشرافه على مدارس البنات، ورئاسته لمكتب الدعوة الإسلامية خارج المملكة، وتأسيسه المكتبة العامة السعودية بالرياض. وبالجملة كان مرجع البلاد في شؤونها الدينية والإسلامية دقيقها وجليلها. فكان الشيخ منذ سنة (1370 هـ) يقوم بهذه المهام الجسيمة بالمباشرة أو بالتعاون مع النائبين عنه واهباً وقته كفه لنفع المسلمين، على نهج سليم وهدى مستقيم وعقل راجح يحجزه عن الإندفاع والتسرع، ويهدي إلى التبصر في مقبلات الأمور، معتدلاً في المواقف والنظر، متزناً في الموقف والسير، إلى أن أدركه الأجل المحتوم، في مدينة الرياض سنة (1386 هـ)، -رَحِمَهُ اللهُ- برحمته المجللة.

ومن أشهر من تتلمذ على مفتي البلاد وعلَّامة الأمة -رَحِمَهُ اللهُ-: الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، والشيخ صالح بن سليمان بن سحمان، والشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم جامع فتاواه وفتاوى نجد، وغيرهم كثير. ومن الآثار التي تركها من إملائه: 1 - الجواب المستقيم. 2 - تحكيم القوانين. 3 - مجموعة من أحاديث الأحكام. 4 - الفتاوى. -رَحِمَهُ اللهُ- رحمة واسعة وأحسن له الجزاء (¬1). ¬

_ (¬1) علماء نجد 1/ 242، ومشاهير علماء نجد ص 169، والأعلام للزركلي 5/ 306.

الفصل الثالث سمات الحنابلة

الفصل الثالث سمات الحنابلة وفيه تمهيد، وستة مباحث: - الأول: أثر سيرة الإمام أحمد ومواقفه. - الثاني: الإعتناء بعلوم الحديث الشريف. - الثالث: الحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - الرابع: الإتباع للسلف ومناهضة البدع. - الخامس: الحنابلة والسلطة السياسية. - السادس: الحرية الإجتهادية عند فقهاء الحنابلة.

تمهيد

تَمْهِيدْ لكل مذهب من مذاهب الفقه ميزاته وخصائصه التي يعرف بها، ويتلون بلونها، وتلك الخصائص إنما يرسمها عادة إمام المذهب ومؤسسه الأول. ولا يخفى أن المذاهب الفقهية إنما نشأت نتيجة لاشتهار بعض علماء الشريعة الإسلامية بكثرة الفتوى وغزارة الإجتهاد في الوقائع أو التقديرات. ثم إن تلك النشأة الأولى تكاملت، وتنامت عبر الزمن بفضل الجهود المتواصلة، حتى صارت عبارة عن مدارس لها ميزاتها، ومنهجها الواضح في استنباط الأحكام الشرعية، والصناعة الفقهية. وعندما نتصفح السيرة الكاملة لإمام المذهب الواحد، والمسيرة الشاملة لأصحابه نجد جملة من الميزات والخصائص السلوكية والعملية قد تجمعت حولهم، وصاغت من يأتي بعدهم صياغة متقارية في التفكير والعمل والمنهج. ومذهب الإمام المبجل أحمد ابن حنبل هو أحد هذه المذاهب، فيكون هو الآخر قد تفرد بميزات واختص بخصائص وسمات. • وتلك الخصائص إنما تكونت من سيرة الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- في مواقفه، وعلمه، وانبثت فيما بعد في أصحابه، وتوارثها الذين جاءوا من بعدهم، لما للإسلام من فضل على المسلمين في إعطاء التربية بالقدوة قيمة كبيرة في الإلتزام العملي بالشريعة. واذا كان الإمام أحمد إمام المسلمين في السنة، وإمامهم في الحديث، فلا غرو أن نجد الأتباع من رجالات هذا المذهب قد صرفوا جهداً وافراً من اهتمامهم العلمي في العناية بالحديث الشريف وتطوير علومه. كما تميز الحنابلة بإعطاء فريضة الأمر بالعروف والنهي عن المنكر أهميةكبيرة في التطبيق والتنفيذ. وتميزوا أيضاً بالإتباع للسلف، ومناهضة البدع، والوقوف في وجه كل دعوة أو سلوك من شأنه أن يفتح ثغرة في هذا الدين، للخدش فيه وتكدير صفوه. على أننا لا ننكر أن يكون في كثير من عامة المسلمين فضلاً عن علمائهم من عض على هذه الخصلة بالنواجذ، لكن الذي يعنينا هنا هو الإتجاه العام والخط الرئيس الذي كان يسير فيه هذا المذهب بكوكبة علمائه.

وقد عاش الحنابلة في عهدهم الأول في عاصمة الخلافة الإسلامية العباسية، وكانت لهم مع الخلفاء مواقف تستحق أن نشير إلى شيء منها. ويعتبر الزهد عند الحنابلة وصفاً أساسياً، يندر أن نجد منهم من تقلل منه، حتى إنهم زهاد الأمة، ومتمثلو هذا الجانب من الإسلام في حياة المسلمين ومرآة واقعهم. وفي الأخير يكاد يكون شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، وما تركه من آثار علمية وعملية من خيرة ما أنعم الله به على الأمة، وساق إليها من الخير مما أنجبته الأسرة الحنبلية، ولا مرية في أن اجتهاداته التي تفرد بها، واختياراته التي ذهب إليها تكون سمة جديدة في المذهب، تعكس مدى الحرية الإجتهادية التي عُرف بها فقهاء الحنابلة، فهذه الإختيارات خليقة بأن نتوقف عندها ونسلط الضوء على جوانبها. هذه من أهم سمات الحنابلة في نظرنا، والتي سنأتي عليها بالبيان والإيضاح واحدة تلو الأخرى بالقدر الذي تحتاجه من البحث.

المبحث الأول أثر سيرة الإمام أحمد على الحنابلة

المبحث الأول أثر سيرة الإمام أحمد على الحنابلة لقد أتينا على سيرة الإمام المبجل بالقدر الذي يستدعيه البحث في السابق، ونتصور أننا قد وضعنا أمام القارئ مرآة جلية تنعكس عليها الصورة الكاملة لهذا الإمام العظيم، ويمكنه بسهولة أن يطالع تلك السيرة الحافلة بالأمجاد والمواقف التي صارت فيما بَعدُ معالم للعالم الرباني والإمامِ القدوةِ لغيره. والآن نحاول أن نمهد للقارئ شيئاً جديدًا مما هو من نتائج تلك السيرة الجليلة، فيما يخص الأثر الذي تركته في نفوس أصحابه، ومقلدة مذهبه إلى عهود وقرون متطاولة. لقد كان إمام السنة مدرسة لأصحابه يتعلمون فيها الزهد والورع، والإقتداء بالسلف، والإخلاص في العلم، وغير ذلك من الفضائل والمناقب التي دون حصرها خرط القتاد. فلا تعجب إذا وجدت في تاريخنا الثقافي أو في مكتبتنا الإسلامية ذلك العدد الكبير من الأئمة والحفاظ والمؤرخين، يفردون سيرة هذا الإمام بالدراسة، ويدبجون الصحف في جمع مناقبه وتسجيل فضائله، ناهيك عفا كُتب عنه ضمن المجاميع والدواوين المخصصة لتواريخ البلدان وطبقات المحدثين والفقهاء أو غير ذلك. فقد كانت أخلاق الإمام أحمد جذابة للطلاب ليلتفوا حوله، ويأخذوا من مشكاته المضيئة، فقد وصفا المرّوذي -وهو من ألصق أصحابه به- تلك الأخلاق الجذابة، فقال: كان أبو عبد الله لا يجهل، كان جُهل عليه حَلُم واحتمل، ويقول: يكفي الله. ولم يكن بالحقود ولا العجول، كئير التواضع، حسن الخلق، دائم البشر، لين الجانب، ليس بفظ، وكان يحب في الله، ويبغض في الله، وإذا كان في أمر من الدين، اشتد له غضبه. وكان يحتمل الأذى من الجيران (¬1). ¬

_ (¬1) السير 11/ 220.

فانظر وتأمل في هذا الوصف، وقارنه مع ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أليس حقاً إذا قلنا: إنه مجدد سنة الأخلاق النبوية الشريفة؟ وأظن أنك وقفت على ذلك القلب الكبير الذي أعفى المعتصم ومن معه ممن شاركوا في تلك المحنة، وحلَّلهم من تبعاتها إلا مبتدعاً مضلاً، وأعقب ذلك بقوله: وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سبيلك (¬1). هذه الجاذبية أفاءت على أصحابه وملازميه قدوة في السلوك، ومثالاً يحتذى في الأخلاق التي يجب على العالم أن يلتزم بها، ولا ريب أن الإنسان يتأثر بالشعاع المسلط عليه، والخلة والصحبة تنقل السجايا والأخلاق والصفات، كما قالوا: عن المرء لا تسل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي وإن المتقلب بين صفحات تراجم أئمة المذاهب الفقهية، مطالعةً ودراسةً، ليجد تميزاً واضحاً لدى الحنابلة، يتمثل بتأثير سيرة الإمام على المنهج العلمي والعملي على سواء. فاهتمام الحنابلة الكبير بالسنة والآداب، والإقتداء بالسلف لم يكن إلا صورة منعكسة لما كان عليه أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - في هذا الجانب، فقد ألزم نفسه أن لا يكتب حديثاً إلا وقد عمل به، حتى مر به أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وأعطى أبا طيبة ديناراً، فأعطى الحجام ديناراً حين احتجم (¬2). قال الذهبي: وإلى الإمام أحمد المنتهى في معرفة السنة علماً وعملاً، وفي معرفة الحديث وفنونه، ومعرفة الفقه وفروعه، وكان رأساً في الزهد والورع والعبادة والصدق (¬3). وهكذا كان الإمام أحمد يفضل لنفسه أن يعيش حياة سلفية خالصة، مع أنه كان في عاصمة الحضارة الإسلامية التي قد تجمعت فيها كل أسباب النعيم والرفاهية، وقد تجرد من جميع ملابسات العصر، ومناحراته، وما يجري من منازلات فكرية وسياسية أو اجتماعية أو حريية، واختار أن يحلق في جو الصحابة والصفوة من التابعين، ومن جاء بعدهم، ممن نهج نهجهم، واختار سبيلهم. ولأجل ذلك كان علمه وفقهه هو السنة بعينها، لا يخوض في أمر إلا إذا علم أن الصحابة خاضوا فيه، فإن علم بذلك اتبع رأيهم، ونفى غيره، وإن لم يعلم أن الصحابة خاضوا في ذلك الأمر كف عنه، واستعصم متوقفاً حذراً، فلا يقفو ما ليس له به علم، ¬

_ (¬1) السير 11/ 261. (¬2) السير 11/ 213، 296. (¬3) السير 11/ 292.

لأنه يعتقد أن الخروج عن تلك الجادة زيغ عن منهاج السلف، وإلحاد في دين الله سبحانه وتعالى، لا يتكلف التعمق في مسائل عقلية قد تكون متاهات للعقل البشري، وإن خرج من وعثائها سالمًا، فقد جهد نفسه في غير طائل، وشغل فكره في غير جدوى. قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: من أحب الكلام لم يفلح، لأنه يؤول أمرهم إلى حيرة، عليكم بالسنة والحديث، وإياكم والخوض في الجدال والمراء، أدركنا الناس، وما يعرفون هذا الكلام، عاقبة الكلام لا تكون إلى خير (¬1). والخلاصة: أن الإمام أحمد تميز عن غيره: بأن كانت له شخصية جد مؤثرة، قد لاح أثرها في مرآة طبقات علماء المذهب بجلاء لمن تصفحها تصفح المتأمل البصير. وفي هذا السياق يقول الأستاذ سعدي أبو جيب: لقد وقفت على سيرة علماء الحنابلة من أصحاب الإمام أحمد، ومن جاء بعدهم، حتى منتصف القرن الثامن الهجري، فوجدت أحمد في كل واحد منهم فكراً، ومنهجاً، ونظرة للحياة ... بل إني وجدت جانباً أو أكثر، من جوانب شخصية الإمام أحمد، حيا يتجول بين الأسطر .. تلك ظاهرة لم أجدها عند علماء مذهب من المذاهب ... أسجلها للتاريخ ... ليس إلا .. وعن عمد لم أجعل ميدان دراستي أصحاب الإمام أحمد، وتلاميذهم، من الذين ترجم لهم القاضي أبو يعلى (¬2)، حتى لا تذهب بك الظنون إلى أن هؤلاء لقربهم من الإمام ربما كانوا أشد تأثراً به من سواهم .. وأنت محق في ذلك بلا شك، لأن طبيعة الأمور، وواقع الحياة يؤكد ما ذكرت .. ولهذا اخترت العلماء الذين ترجم لهم ابن رجب، وهم الذين أدركهم الأجل خلال انفترة الممتدة من 460 هـ إلى 751 هـ (¬3). ثم مضى في تسجيل النتائج التي ألّفت ما بين الإمام وأتباعه بتأليف محكم على الرغم من بعد الزمن وتطاول القرون. * * * ¬

_ (¬1) السير 11/ 291. (¬2) لا يخفى أن صاحب "الطبقات" هو القاضي أبو الحسين (526 هـ) ابن القاضي أبي يعلى (458 هـ). (¬3) أحمد بن حنبل السيرة والمذهب، ص 461، دار ابن كثير، 1998.

المبحث الثاني الإعتناء بعلوم الحديث الشريف

المبحث الثاني الإعتناء بعلوم الحديث الشريف إذا كانت السمة الأولى للحنابلة متمثلة بالإستمداد من سيرة الإمام - رضي الله عنه -، ومواقفه وعلمه، تدوة في السلوك الفردي، ومنهجاً في الإصلاح الإجتماعي، وأصولاً في البحث العلمي، فإن الميزة الثانية التي تميز بها الحنابلة قد تمثلت بالعناية الواضحة بعلوم الحديث، والعمل على نشرها وخدمتها بإتقان. لقد أسهم الحنابلة بجهد جهيد في خدمة السنة في شتى فنونها، فإذا فتشنا في أحاديث الأحكام وجدناهم من المشاركين في تجريدها، وإذا فتشنا في الأحاديث المتعلقة بالعقيدة وجدناهم حازوا فيه القدح المعلّى في جمعها وترتيبها، وكذلك في الشروح الحديثية، وعلم الرجال، وغير ذلك. فهذا عبد الرحمن بن أبي حاتم (327 هـ) الرازي (¬1) الحافظ، نموذجاً حيا من تلك العناية بالحديث والسنة، وكتابه "الجرح والتعديل" لا يخفى على طالب حديث، كما أن كتابه في "التفسير" يعد مادة علم التفسير بالمأثور لمن جاء بعده، فقد جمع فيه الأحاديث المتعلقة بتأويل الكتاب العزيز، بالإضافة إلى موقوفات الصحابة، وأسباب النزول. وصنف كتباً أخرى متنوعة، بالإضافة إلى ذلك قال الحافظ يحيى بن مندة: صنف ابن أبي حاتم "المسند" في ألف جزء، وكناب "الزهد" وكتاب "الكنى" وكتاب "الفوائد الكبير" و"فوائد أهل الري" وكتاب "تقدمة الجرح والتعديل". زاد الذهبي: قلت: وله كتاب "العلل" مجلد كبير. وهو مطبوع بالقاهرة في مجلدين، وعامة ما فيه أجوبة أبيه -أبي حاتم- وأبي زرعة عن علل الأحاديث المتعلقة بالأحكام. ¬

_ (¬1) ذكره ابن أبي يعلى في الطبقة الثانية من أصحاب أحمد، أخذ عن ابنه صالح، الطبقات 2/ 55.

وفي الجملة يعد هذا الرجل -كما قال أبو يعلى الخليلي- مستوعباً لعلم أبيه وأبي زرعة، وكان بحراً في العلوم ومعرفة الرجال. صنف في الفقه، وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار (¬1). فمن أين جاءت هذه العناية الشديدة؟ إنها القدوة التي كان يترسمها من شيخ شيخه؛ الإمام أحمد، يدل على ذلك شيئان اثنان: الأول: متابعته للإمام أحمد في أسماءْ المصنفات التي صنفها ومحتوياتها، "كالزهد"، و"الرد على الجهمية"، و"المسند"، و"العلل"، و"الكنى"، فهذه كلها عناوين لمؤلفات هذا وهذا. الثاني: ذلك الثناء العطر الذي جمعه في "تقدمة الجرح والتعديل" عن الإمام أحمد وفضائله وعلمه وإمامته في الدين، مما يدل على إعجاب ابن أبي حاتم وتأثره البالغ بإمام السنة علماً وعملاً. وإذا كان ابن أبي حاتم نموذجاً من المتقدمين، فأمامنا نموذج من المتأخرين متمثل ببيت كامل تسلسل فيه الإختصاص بالحديث وعلومه أباً عن جد، إنه بيت ابن منده العبدي الأصبهاني. ففي ترجمة الحافظ يحيى ابن مندة (511 هـ)، قال ابن رجب (¬2): الحافظ "المحدث ابن المحدث، ابن المحدث ابن المحدث ابن المحدث ابن المحدث"!! فلاحظ كيف تشرف هذا البيت على الأقل بتوارث الحديث على مدى ستة أعقاب، فهو كما قال أبو بكر اللَّفْتَواني: بيت ابن مندة بُدئ بيحيى، وخُتم بيحيى. قال ابن السمعاني: يريد في معرفة الحديث والفضل والعلم (¬3). ويعتبر الحافظ عبد الوهاب الأنماطي (538 هـ) محدث بغداد، بل حافظ عصره فيها، كما قال أبو موسى المديني في "معجمه". وكان مختصاً بجمع الأجزاء الحديثية التي كانت قد بلغت ذروتها في ذلك الزمان، وكان جمَّاعتها من قبله أبو الحسن ابن الطُيُوري، فقرأ الأنماطي ما عنده من تلك الأجزاء، حتى قال ابن السمعاني فيه: جمع الفوائد وخرج التخاريج، لعله ما بقي جزء مروي إلا وقد قرأه وحصل نسخته (¬4)!! ¬

_ (¬1) السير 13/ 264 - 265. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 127. (¬3) المصدر السابق 1/ 128. (¬4) المصدر السابق 1/ 202.

وكان مع ذلك شيخًا لحفاظ زمانه من أمثال: ابن ناصر، والسَّلَفي، وابن عساكر، وأبي موسى المديني، وابن السمعاني، وابن الجوزي. وكذلك كان في المقادسة حفاظ وجهابذة، منهم حافظ الإسلام عبد الغني المقدسي (541 هـ - 600 هـ) صاحب "العمدة" و"الكمال في أسماء الرجال" وغيرهما، الذي كان رفيقاً للموفق في رحلته إلى بغداد، وطلب العلم بها، والحافظ ضياء الدين المقدسي (569 هـ - 643 هـ) مؤرخ الأسرة المقدسية، صاحب كتاب "الأحاديث المختارة" وغيرها. • بعض مشاهير محدثي الحنابلة: وفيما يلي نجرد أسماء بعض الحنابلة الذين غلب عليهم في سيرتهم العلمية الإشتغال بالصناعة الحديثية وفنونها، مرتبين على تواريخ الوفيات: - أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال (311 هـ) مؤلف كتاب "السنة" و"العلل" وغيرهما. - أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني (316 هـ) صاحب كتاب "الطهور" و، المصاحف" وغيرهما. - أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد (348 هـ) صاحب كتاب "السنن". - أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (360 هـ) صاحب المعاجم الثلاثة وغيرها. - أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده (395 هـ) صاحب "الكنى" و"معرفة الصحابة" وغيرهما. - أبو الفتح محمد بن أبي الفوارس (412 هـ) صاحب "الفوائد" وغيرها. - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده (470 هـ) صاحب "المستخرج" و"المسند" وغيرهما. - أبو الحسين علي بن الحسن بن أحمد الحنبلي (471 هـ) المقرئ الفقيه صاحب التصانيف التي بلغت مئة وخمسين كتاباً. - أبو زكريا يحيى بن عمرو بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن منده

(511 هـ) الحافظ ابن الحافظ ابن الحافظ ابن المحدث وهو خاتمة المحدثين في بيت ابن منده. - أبو موسى محمد بن عمر المديني (581 هـ) الأصبهاني الحافظ. - أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي (600 هـ) صاحب التصانيف. - أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي (612 هـ) صاحب "الأربعين المتباينة". - أبو عبد الله ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (643 هـ) صاحب "المختارة". - أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحرّاني (728 هـ) شيخ الإسلام. - شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي (744 هـ) صاحب "المحرر في أحاديث الأحكام". - أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد المعروف بابن رجب (795 هـ) البغدادي، صاحب "شرح علل الترمذي" و"شرح جامع الترمذي"، وغيرهما. وإذا كان البيت الحنبلي هو بيت الحديث، فلا جرم أننا نجد ذلك منعكساً على الفقه الحنبلي، فإنه فقه الحديث والسنة. وما السبب فى تلك العناية الفائقة بالحديث عند الحنابلة يا ترى؟ إن السبب يعود في جوهره إلى التأثر بأمام المذهب ومؤسسه، إذ لا يخفاك أن الإمام أحمد قد اشتهر بشدة تمسكه بالحديث والأثر، ونزعته السلفية في ذلك. حيث وقف جزءاً كبيراً من حياته على تتبع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما أُثر عن صحابته، حتى أصبح حجة في علم الحديث، وعلم الرجال. وطغى ذلك على بقية العلوم لديه، مما جعل بعض العلماء يعده من المحدثين دون الفقهاء. وإجلال السنة والوقوف عندها، وطلب تفسير القرآن منها أمر واضح في منهج أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-، وفيمن تأثر به من أتباعه وأصحابه. ولذلك كان الفقه الحنبلي فقه السنة

والأثر، أو بالأخص ما روي عن الإمام أحمد من مسائل وفتاوى. فكان يكره أن يتكلم في شيء لم يكن له فيه سلف، وكان قد اجتمعت لديه مجموعة ضخمة من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفتاوي صحابته الكرام، حتى كان من شدة تمسكه ومتابعته للأثر إذا نقل عن الصحابة في المسألة قولان، روي عنه فيها روايتان (¬1). وللسنة مقام كبير في فقه الإمام أحمد، ومن تبعه من أصحابه، ويحق للدارس في ذلك أن يعتبر ذلك الفقه هو فقه السنة لوقوفه عندها، وحرصه على الإستشهاد بها، وتقصيه لا ورد منها، حتى لقد كان الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- يتوقف في الإفتاء، وفي المسائل حتى يجد لها سنداً من السنة، وأقوال الصحابة، وقول الصحابي يرتفع لديه إلى درجة قوية في الإستدلال (¬2). * * * ¬

_ (¬1) أصول مذهب الإمام أحمد ص 226. (¬2) المصدر السابق ص 229.

المبحث الثالث الحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

المبحث الثالث الحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر روى مسلم في "صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". وخرّج مسلم أيضاً من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون، ويفعلون مالا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". هذه الأحاديث، وغيرها كثير، تعلن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقرر مسؤولية حراسة الرأي العام داخل المجتمع المسلم على العام والخاص. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة محكمة ماضية في الأمة إلى يوم القيامة، وهي من أهم ميزات هذه الأمة المحمدية التي قال الله -عَزَّ وَجَلَّ- في شأنها: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]. ولايخفى ما تتطلبه هذه الفريضة من صبر وشجاعة واحتساب، وعلم بالمأمور به والمنهي عنه، بالإضافة إلى الآداب المطلوبة في القيام بالأمر والنهي. هذه فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فما مدى تقيد الحنابلة بها؟ إن التاريخ الإسلامي ليصدع بما حفظ من وقائع للحنابلة في شأن هذه الفريضة، وتطبيقها، فقد كانت أصداء الحنابلة في بغداد على وجه الخصوص، وفي الشام، وغير ذلك، قوية لائحة في الآفاق، وإنك لتجد في طبقات ابن أبي يعلى هذه العبارة متكررة في تراجم كثير من أعلام الحنابلة: "الأمّار بالمعروف النّهّاء عن المنكر".

ففي ترجمة الحسن بن علي البربهاري (329 هـ) نجده موصوفاً بأنه: "شيخ الطائفة في وقته، ومتقدمها في الإنكار على أهل البدع، والمباينة لهم باليد واللسان" (¬1). وقد مر معنا (¬2) أن الخرقي (334 هـ) توفي بالشام متأثراً بآثار الضرب الذي ناله في سبيل إنكار منكر رآه هناك. وفي ترجمة علي بن الحسين العُكبَري: "الأمَّار بالمعروف النَّهاء عن المنكر" (¬3). وفي ترجمة طاهر بن الحسين: "كان زاهداً أمَّاراً بالمعروف نهَّاء عن المنكر" (¬4). ومن صور تلك الوقائع التي سجلها التاريخ في مدينة السلام بشأن القيام الجماعي بمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما حصل مع الشريف أبي جعفر (470 هـ) الذي انتهت إليه الرحلة في وقته لطلب مذهب الإمام أحمد. قال المؤرخون عن تلك الواقعة الشهيرة: "وفي سنة 464 هـ اجتمع الشريف أبو جعفر ومعه الحنابلة في جامع القصر، وأدخلوا معهم أبا إسحاق الشيرازي وأصحابه. وطلبوا من الدولة قلع المواخير (¬5) وتتبع المفسدين والمفسدات، ومن يبيع النبيذ، وضرب دراهم تقع بها المعاملة عوض القراضة. فتقدم الخليفة بذلك، فهرب المفسدات، وكُبست الدور، وأريقت الأنبذة، ووعدوا بقلع المواخير، ومكاتبة عضد الدولة برفعها، والتقدم بضرب الدراهم التي يتعامل بها، فلم يقنع الشريف ولا أبو إسحاق بهذا الوعد، وبقي الشريف مدة طويلة متعتباً مهاجراً لهم" (¬6). ويقيت سنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في صفوف الحنابلة محفوظة إلى يومنا هذا، ولأجل ذلك كان من أوائل الهيئات الحكومية تكويناً في المملكة العربية السعودية "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ليحتسب على الناس في شؤون العبادات والمعاملات الظاهرة العامة. وإذا كان الحنابلة -رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى- قد أبلوا في إعطاء الأمر بالمعروف أهميته التنفيذية، وإقامة جانبه العملي، فقد قاموا برسم معالمه الفقهية وأحكامه الشرعية، حتى لا يكون ¬

_ (¬1) الطبقات، لإبن أبي يعلى، 2/ 18. (¬2) في الصفحة 211. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 11. (¬4) المصدر السابق: 1/ 39. (¬5) جمع ماخور، وهو المكان الذي تباع فيه الخمر، أو هو مجتمع الفُسَّاق. (¬6) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 18، البداية والنهاية 12/ 105.

الآمر والناهي ماشياً في عماية، ولا متعاطياً لمضلات الفتن في غير هداية. فقد ألف الحنابلة في ذلك التآليف المفردة، منها: • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأبي بكر الخلال (311 هـ). • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأبي بكر بن أبي الدنيا (281 هـ) • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للقاضي أبي يعلى (458 هـ). • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للحافظ عبد الغني القدسي (600 هـ). • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للحافظ ابن تيمية (728 هـ (. بالإضافة إلى ذلك، فقد أودعوا في ضمن المجاميع بحوثاً مطولة في تناول هذا الموضوع، كما نجد أبا عبد الله ابن مفلح (763 هـ) صاحب "الفروع" قد خصص لبحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجزء الأول من كتابه "الآداب الشرعية" زهاء مئة وعشرين صفحة، وهو مليء بالفوائد، مشحون بالعلم، ينبغي الإطلاع عليه. كما ألفوا تآليف موجهة إلى الحكام والأمراء في بيان ما عليهم من الفرائض الشرعية في هذا الجانب، وذلك مثل: "الأحكام السلطانية" للقاضي أبي يعلى، و"السياسية الشرعية" لإبن تيمية، و"الطرق الحكمية" لإبن القيم. ومن شدة الإهتمام بهذه الفريضة أدخل بعض الحنابلة تقريرات عنها في مصنفات العقيدة ورسائل التوحيد والسنة، ففي كتاب "شرح السنة" للبربهاري (329 هـ) نجد العبارة التالية: "والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب إلا من خِفْتَ سَيْفَه وعصاه .. " ثم قال: "والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باليد واللسان والقلب بلا سيف" (¬1). وهكذا "بلا سيف" حتى يتمايز أهل السنة عن أهل البدعة في أنهم لا يتجاوزون حدود الطاعة لسلطان المسلمين، ولا يخرجون عليه بالسيف، بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أهل البدع يرون قتالهم والخروج عليهم إذا فعلوا ما هو ظلم، أو ما ظنوه هم ظلماً، ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (¬2). * * * ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 2/ 35. (¬2) الآداب الشرعية، لإبن مفلح، 1/ 181، ط. مؤسسة الرسالة، 1996، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لإبن تيمية، ص 40، دار المدني بجدة، 1987.

المبحث الرابع الإتباع للسلف ومناهضة البدع

المبحث الرابع الإتباع للسلف ومناهضة البدع لا يخفى ما بين الإتباع للسلف والمناهضة للبدع من التلازم والتوافق، فإن الرجل لا يستطيع أن يكون مستمسكاً بمنهاج السلف - رضي الله عنهم -، دون أن يذب البدع عن دين الله -عَزَّ وَجَلَّ- بأقواله وأفعاله. فالمنهج الصحيح القويم الذي يستقيم عليه دين العالم المسلم الصادق، إنما ينهض على ركنين: ركن القيام بشأن السنة علماً وتعليماً ودعوة وعملاً. وركن المناهضة للبدع في الإعتقاد والعمل وإنكارها، والتشديد على أهلها. والبدع: هي ما أحدثه الناس واخترعوه في أمر الدين. وهي نوع من المحرمات أخطر من المعاصي العادية، فإن فاعلها يتقرب بها إلى الله تعالى، ويعتقد ببدعته أنه يطيع الله ويتعبد له، وهذا هو خطرها. والبدعة تكون: إما باعتقاد خلاف الحق، الذي بعث الله به رسوله وأنزل به كتابه. وهذه هي البدعة الاعتقادية، أو القولية، ومنشؤها من القول على الله بلا علم. وهذا من أعظم المحرمات، بل هو -كما يقول ابن القيم- أعظمها. كما قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]. وإما أن تكون بالتعبد الله تعَالى بما لم يشرعه من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين، كما قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]. وفي الحديث: "إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة". أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث العرباض بن سارية.

والبدعتان -كما قال العلامة ابن القيم- متلازمتان، قلّ أن تنفك إحداهما عن الأخرى، كما قال بعضهم: تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال، فاشتغل الزوجان بالعرس، فلم يفجأهم إلا وأولاد الزنى يعيثون في بلاد الإسلام، تضج منهم العباد والبلاد إلى الله تعالى. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة، فتولد بينهما خسران الدنيا والآخرة (¬1). وإذا كان هذا هو شأن البدع في الميزان الشرعي، فما هو موقف الحنابلة القولي والفعلي من ذلك؟ لا مرية في أن الحنابلة كانوا تبعاً لإمامهم في هذا الشأن، فقد كان الإمام أحمد زينة بغداد ومنارتها اللامعة في الإستمساك بالسنة ومواجهة البدع التي كانت مدينة السلام مرتعا لها، ومسرحاً لترويجها، حيث إن عاصمة الخلافة أقوى من غيرها في اجتذاب الطلاب والزائرين وأصحاب الشؤون المختلفة من أقاصي البلدان وأدانيها. فكلام الإمام أحمد في المحافظة على السنة والإقتداء بالسلف، وذم البدع والتنفير من أهلها كثير جداً. قال ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: وأهل البدع في غير الحنبلية أكثر منهم في الحنبلية بوجوه كثيرة، لأن نصوص أحمد في تفاصيل السنة ونفى البدع أكثر من غيره بكثير (¬2). ومن أجل ذلك ألّف الإمام أحمد كتاب "الرد على الزنادقة والجهمية"، وبث في رسائله إلى أصحابه نصوصاً واضحة بشأن هذا الموضوع الخطير، فقد قال في رسالته إلى عبدوس بن مالك العطار: "أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والإقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات، وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين" (¬3). وقال في رسالته إلى مسدد بن مسرهد: ¬

_ (¬1) مدارج السالكين، لإبن القيم، 1/ 245، ط. دار الكتب العلمية، 1983. (¬2) مجموع الفتاوى 20/ 186. (¬3) الطبقات 1/ 241.

"أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم، ولزوم السنة، فقد علمتم ما حلّ بمن خالفها، وما جاء فيمن اتبعها، بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- ليدخل العبد الجنة بالسنة يتمسك بها". إلى أن قال: ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك" (¬1). ولئن كان الإمام أحمد في أول أمره يحض أصحابه وينصح طلابه بعدم الخوض مع أهل البدع، وينهاهم أن يجادلوهم، باعتبار أن ذلك من الجدال المذموم في دين الله -عَزَّ وَجَلَّ-، والمراء الممقوت في القرآن الكريم. فإنه قد عدل عن ذلك في آخر أمره، ورأى أن فريضة الذب عن الشريعة في أصولها وفروعها قد وجبت بعد ما استفحل أمر الزنادقة والجهمية والمرجئة، وصارت فتنهم تنفذ إلى قلوب الخواص والعوام في بغداد. قال ابن مفلح -رَحِمَهُ اللهُ-: "وقد صنف الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- ورضي عنه، كتاباً في الرد على الزنادقة والقدرية في متشابه القرآن وغيره، واحتج بدلائل العقول. وهذا الكتاب رواه ابنه عبد الله، وذكره الخلّال في كتابه (¬2)، وما تمسك به الأولون من قول أحمد فهو منسوخ. قال أحمد في رواية حنبل: قد كنا نُأمر بالسكوت، فلما دُعينا إلى أمرٍ ما كان بدٌّ لنا أن ندفع ذلك، ونبين من أمره ما ينفي عنه ما قالوه. ثم استدل لذلك بقوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] (¬3). ومن صور ذلك الجدال العلمي الذي حُفظ لنا عن إمام أهل السنة قوله: "من قال، القرآن مخلوق، فهو عندنا كافر، لأن القرآن من علم الله، وفيه أسماء الله ... [و] إذا قال الرجل: العلم مخلوق فهو كافر، لأنه يزعم أنه لم يكن لله علم حتى خلقه" (¬4). وبهذا فتح الإمام أحمد أمام أصحابه باباً للدفاع عن السنة ومحاججة المبتدعة باللسان والقلم، فتتابعوا يناظرون، ويؤلفون، حتى ملأت مآثرهم في ذلك سمع التاريخ وبصره. ¬

_ (¬1) المصدر السابق 1/ 342، 344. (¬2) يعني بذلك "الجامع لعلوم أحمد". (¬3) الآداب الشرعية 1/ 227. (¬4) من كتاب "السنة" لعبد الله بن الإمام أحمد، ص 9، ط. دار الكتب العلمية، 1985. وانظر صورة أخرى من كتاب "الرد على الجهمية" في طبقات ابن أبي يعلى 2/ 48.

قال ابن مفلح نقلاً عن حفيد القاضي أبي يعلى: "والصحيح في المذهب أن علم الكلام مشروع مأمور به، وتجوز المناظرة فيه. والمحاجة لأهل البدع، ووضع الكتب في الرد عليهم، وإلى ذلك ذهب أئمة التحقيق: القاضي، والتميمي، في جماعة المحققين، وتمسكوا في ذلك - مع استغنائه عن قول يسند إليه - بقول الإمام أحمد في رواية المرّوذي: إذا اشتغل بالصوم والصلاة، واعتزل وسكت عن الكلام في أهل البدع، فالصوم والصلاة لنفسه، وإذا تكلم كان له ولغيره، يتكلم أفضل" (¬1). هذا هو موقفهم من الناحية العلمية. وأما من الناحية العملية، فقد كان عِلمُهم عَمَلهم، يعملون بالسنة ويقتدون بالسلف، لا يبالون بما يصيبهم في سبيل ذلك من النبز بالألقاب، فيوصفون تارة بالتشديد، وتارة بالتجسيم، وتارة بالحشوية، وتارة بالمشبّهة الذين يشبّهون الله بخلقه، وهم في كل ذلك صابرون محتسبون. بالإضافة إلى التقيد العملي بالسنة وما أثر عن السلف، فقد أخذوا على أنفسهم أن يقاطعوا أهل البدع، ويجانفوهم، لما في ذلك من الإيحاش لقلوبهم والزجر لهم عما هم فيه، وكان قدوتهم في ذلك الإمام أحمد، فإنه لم يكلم أولئك الذين أجابوا في المحنة بخلق القرآن حتى مات. قال ابن مفلح: وقد اشتهرت الرواية عنه في هَجْرِهِ من أجاب في المحنة إلى أن مات (¬2). وكذلك كان الصف الحنبلي نقياً -في جملته- على مدى الدهور. بقي علينا في ختام هذا المبحث أن نميط اللثام عن صلة رجلين من أكابر الحنابلة بأهل البدع، والتحقيق في مدى صحة تلك الصلة وأثرها. وهذان الرجلان هما: أبو الوفاء ابن عقيل البغدادي (513 هـ)، ونجم الدين الطوفي الصرصري، ثم البغدادي (716 هـ). ¬

_ (¬1) الآداب الشرعية 1/ 226. (¬2) الآداب الشرعية 1/ 247.

فأما ابن عقيل: فعلى الرغم من المكانة السامية التي بلغها، والمنزلة الرفيعة التي تبوَّأها، فإن بعض أصحابه من الحنابلة قد تكلَّم فيه، لتردُّده على بعض المشايخ من المعتزلة، وتلقيه عنهم علم الكلام. يقول ابن عقيل عن ذلك: "وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء -يعني شيوخه من المعتزلة- وكان ذلك يحرمني علماً نافعاً" (¬1). وقد علَّق الحافظ الذهبي -الذي نقل هذا الكلام- عليه بقوله: "قلت: كانوا ينهونه عن مُجالسة المعتزلة، ويأبى، حتى وقع في حبائلهم، وتجسَّر على تأويل النصوص، نسأل الله السلامة" (¬2). وقد اشتدت نقمةُ الحنابلة عليه نتيجة تجاسُرِه على تأويل نُصوص الصفات، ودفاعه عن الحلّاج، واعتذاره له، حتى طلبوا دمه، وأهدروه، إلى أن أعلن توبته عن آرائه الإعتزالية، ورجوعه عن ترحُّمِه على الحلّاج، فانطفأت بذلك نار الفتنة. ولم يكتف -رَحِمَهُ اللهُ- بإعلان التوبة، بل أخذ يُصنِّفُ في الردِّ على المعتزلة، هاتكاً أستارهم، وكاشَفاً عن عوارِهم عن علم ودراية. يقول الحافظُ ابن حجر: "نعم، كان مُعتزلياً، ثم أشهد على نفسه أنه تاب على ذلك، وصحَّتْ توبتُهُ، ثم صَنَّفَ في الردِّ عليهم، وقد أثنى عليه أهل عصره ومن بعدهم، وأطْراهُ ابنُ الجوزي، وعَوَّلَ على كلامه في أكثر تصانيفه" (2) ونَقل الحافظ ابن رجب قصة توبة ابن عقيل، ورجوعه عمّا كان عليه، فقال: "فمضى ابن عقيل إلى بيتِ الشريف، وصالحهُ، وكتب خطَّهُ: يقولُ عليُّ بن عقيل بن محمد: إني أبرأُ إلى الله تعالى من مذاهب مبتدعةِ الإعتزال، وغيره، ومن صُحبة أربابه، وتعظيم أصحابه، والتَّرحُّمِ على أسلافهم، والتكثُّر بأخلاقهم، ومما كنتُ عَلَّقْتُه ووُجِد بخطِّي من مذاهبهم وضلالتهم، فأنا تائبٌ إلى الله تعالى من كتابته، ولا تحلُّ كتابتُه، ولا قراءتُه، ولا اعتقاده، وإنني علَّقتُ مسألة الليل في جملة ذلك، وإنَّ قوماً قالوا: هو أجسادٌ سود. وقلتُ: الصحيحُ: ما سمعتُه من الشيخ ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 19/ 447. (¬2) لسان الميزان 4/ 243.

أبي علي، وأنه قال: هو عدمٌ، ولا يُسمى جسماً، ولا شيئاً أصلاً، واعتقدتُ أنا ذلك، وأنا تائبٌ إلى الله تعالى منهم. واعتقدتُ في الحلّاج: أنه من أهل الدين والزُّهد والكرامات، ونصرتُ ذلك في جزء عملتُه، وأنا تائبٌ إلى الله تعالى منه، وأنه قُتل بإجماع علماء عصره، وأصابوا في ذلك، وأخطأ هو، ومع ذلك فإني أستغفر الله تعالى، وأتوب إليه من مخالطة المعتزلة والمبتدعة وغير ذلك، والترحم عليهم، والتعظيم لهم، فإن ذلك كله حرامٌ، ولا يحلُّ لمسلمٍ فعله، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من عَظَّم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام". وقد كان الشريف أبو جعفر، ومن كان معه من الشيوخ والأتباع ساداتي وإخواني - حرسهم الله تعالى- مصيبين في الإنكار عليَّ، لما شاهدوه بخطي من الكتب التي أبرأ إلى الله تعالى منها، وأتحقَّقُ أني كنتُ مخطئاً غير مصيبٍ. ومتى حُفِظ عليَّ ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار، فلإمام المسلمين مكافأتي على ذلك، واشهدتُ الله وملائكته وأولي العلم على ذلك سواءٌ. قال تعالى {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: 95]. وكتب يوم الأربعاء، عاشِر مُحرّم سنة خمس وستين وأربع مئة" (¬1). هكذا تاب ابن عقيل -رَحِمَهُ اللهُ- ورجع عمّا كان عليه، والله سبحانه يقبلُ التوبة عن عباده ويعفو عن السَّيِّئات، والتوبةُ تَجُبُّ ما قبلها، ومن أتبع السيئة بحسنةٍ محتها. وهذا ما فعله ابنُ عقيل، فقد عاد بعد توبته الى نصِّ السنَّة، وردَّ على من مشى بُرهة في ركابهم من المبتدعة. يقول ابن قُدامة المقدسي عنه: "ثُم عاد بعد توبته إلى نصِّ السُّنة والردِّ على من قال بمقالته الأولى بأحسن الكلام، وأبلغ نظام، وأجاب على الشُّبه التي ذُكِرت بأحسن جوابٍ، وكلامه في ذلك كثيرٌ في كتبٍ كبارٍ وصغارٍ، أجزاءٍ مفردةٍ، وعندنا من ذلك كثير، فلعلَّ إحسانهُ يمحو إساءته، وتوبته تمحو بدعته، فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السَّيِّئات" (¬2). ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 144 - 145، والمنتظم 8/ 275. (¬2) الرد على ابن عقيل: 2

وأما الطوفي: فقد اتُّهم بالتشيّع، بل بالرفض، وأُظْهر من شِعره ما يدلُّ على ذلك. وقد وصفه الذهبيّ بـ"ـالشيعي"، وقال فى "ذيل العبر". "وكان على بدعته كثيرَ العلم، عاقلاً متديناً"، وعن الذهبيّ نقل اليافعي في "مرآة الجنان". وقال الصفدي: "كان فقيهاً ... شيعياً، يُظاهر بذلك، وُجِدَ بخطه هجْوٌ في الشيخين، ففُوِّض أمرُه الى بعض القضاة، وشُهِدَ عليه بالرفض، فضُرب ونُفِيَ إلى قُوص، فلم يُرَ منه بعد ذلك ما يَشِين، ولازم الإشتغال وقراءة الحديث". نقل ذلك عنه السيوطي، في "بغية الوعاة"، والخوانساري، في "روضات الجنات". وهذا الذي أجمله الصفدي، فصَّله ابن رجب، في نَقْله عن ابن مكْتُوم قوله: "واشتهر عنه الرفض، والوقوع في أبي بكر وابنته عائشة، - رضي الله عنهما -، وفي غيرهما من جملة الصحابة، - رضي الله عنهم -، وظهر له في هذا المعنى أشعارٌ بخطه، نقلها عنه بعض من كان يصحبه، ويُظْهِر موافقةً له، منها قوله: كَمْ بَينْ مَن شُكَّ في خلافتِه ... وبَيْن مَن قِيل إنه الله فرُفع أمرُ ذلك الى قاضي الحنابلة سعد الدين الحارثي، وقامت عليه بذلك البّيِّنةُ، فتقدَّم الى بعض نوابه بضربه وتعزيره وإشهاره، وطِيف به، ونُوِديَ عليه بذلك، وصُرف عن جميع ما كان من من المدارس، وحُبِس أيَّاماً ثم أُطْلِق، فخرج من حينه مسافراً، فبلغ قوص من صعيد مصر ... ". وقد شغلت هذه القضية ابنَ رجب، فزادها بياناً، حيث قال: "وكان مع ذلك كله شيعياً، منحرفاً في الإعتقاد عن السنة، حتى إنه قال عن نفسه: حنبليٌّ رافضِيٌّ ظاهِري ... أشْعريٌّ إنها إحْدَى الكُبَرْ (¬1) ووُجِد له في الرفض قصائد، وهو يَلوحُ في كثير من تصانيفه، حتى إنه صنَّف كتاباً سماه "العذاب الواصب على أرواح النواصب". ¬

_ (¬1) هذه هي رواية البيت عند ابن حجر، في الدرر الكامنة 2/ 251، ورواية ذيل طبقات الحنابلة للبيت مضطربة: حنبلي رافضي أشعري ... هذه إحدى العبر

وعندما ذكر البغدادي كتابه هذا قال: "يُقال: إنه حُبِس وطِيف به لأجل ذلك" (¬1). ثم زاد ابنُ رجب: "ومن دسائسه الخبيثة أنه قال في شرح الأربعين للنووي: اعلم أنَّ من أسباب الخلاف الواقع بينَ العلماء تعارضَ الروايات والنصوص، وبعضُ الناس يزعم أن السبب في ذلك عمر بن الخطاب، وذلك أن الصحابة استأذنوه في تدوين السنة من ذلك الزمان فمنعهم من ذلك، وقال: لا أكتب مع القرآن غيرَه. مع عِلْمِه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "اكتبوا لأبي شاه خطبة الوداع". وقال: "قيِّدوا العلم بالكتابة". قالوا: فلو ترك الصحابة يُدَوِّنُ كلُّ واحد منهم ما روى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لانضبطت السنة، ولم يبقَ بين آخر الأمة وبينَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في كل حديث إلا الصحابي الذي دَوَّن روايته، لأن تلك الدواوين كانت تتواتر عنهم إلينا، كما تواتر البخاري ومسلم ونحوهما". قال ابن رجب: "فانظر إلى هذا الكلام الخبيث المتضمن أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه هو الذي أضل الأمة، قصداً منه وتعمداً، ولقد كذب في ذلك وفجر. ثم إن تدوين السنة أكثر ما يفيد صحتها وتواترها، وقد صحَّت بحمد الله تعالى، وحصل العلمُ بكثير من الأحاديث الصحيحة المتفق عليها -أو أكثرها- لأهل الحديث العارفين من طرق كثيرة، دونَ من أعمى الله بصيرتَه، لإشتغاله عنها بشُبَهِ أهل البدع والضلال. والإختلاف لم يقع لعدم تواترها، بل وقع من تفاوت فهم معانيها، وهذا أمر موجود، سواء دونت وتواترت أم لا، وفي كلامه إشارة إلى أن حقها اختلط بباطلها، وهذا جهل عظيم" (¬2). ونقل ابن حجر، عن الكمال جعفر -قرأه بخطه-: "كان القاضي الحارثي يكرمه ويبجله ونزَّله في دروس، ثم وقع بينهما كلام في الدرس، فقام عليه ابن القاضي، وفوضوا أمره إلى بعض النواب، فشهدوا عليه بالرفض، فضُرب، ثم قدم قوص، فصنف تصنيفاً أنْكَرتُ عليه فيه ألفاظاً فغيَّرها، ثم لم نَرَ منه بعدُ ولا سمعنا شيئاً يَشِينُ، ولم يزل ملازماً للإشتغال، وقراءة الحديث والمطالعة، والتصنيف، وحضور الدروس معنا إلى حين سفره إلى الحجاز" (¬3). ¬

_ (¬1) إيضاح المكنون 2/ 96. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 368. (¬3) الدرر الكامنة 2/ 299.

جواب هذه الدعوى: هذه هي النقول التي وردت في اتهام الطوفي بالتشيع والرفض في مصادر ترجمته، وبنظرة فاحصة إليها يتضح أن نجم الدين الطوفي كان قد احتل منزلة سامية بين علماء القاهرة، جعلت أستاذه سَعد الدين الحارثي يكرمه، وينزله في دروس، ويبدو أن الطوفي في هذه الفترة كان كثيرَ الهموم العلمية، تشغلُه مسائل لم يصل في دراستها إلى مرحلة النضج، ويُلهِبُ الشك فكرَه في بعض الأمور، وكان يرى وقوف العلماء على أنماط ثابتة، ورسوم موروثة، فلا يُعجبه هذا. وهو ما يفسر ما وقع بينه ويينَ أستاذه الحارثي من كلام في الدرس، اقتضى أن يقومَ عليه ابن أستاذه، واستطاع خصومُه أن يجمعوا من البيِّنات، مِن فَلَتات لسانه، ويعضِ شعره، وربمَا زادوا فيه إلى الحد الذي أدى إلى تعزيره وحبسه، والتشهير به، ثم نفيه، وقد ذكر ابن رجب (¬1) عن المطري، حافظ المدينة ومؤرخها، أن الطوفي بعد سجنه نُفِيَ إلى الشام، فلم يمكنه الدخولُ إليها، لأنه كان قد هجا أهلَها وسبَّهم، فخشي منهم، فسار إلى دمياط، فأقام بها مدة، ثم توجَّه إلى الصعيد، إلا أن الدلائل كُلَّها تشير بعد ذلك إلى استقامة فكره، ونضوج علمه، فلم يَرَ منه الناسُ ولم يسمعوا ما يَشِين، كما تقدَّم نقلُه. وأمَّا ما ذكر ابنُ رجب أنه من دسائسه الخبيثة، فليس فيه ما يقومُ دليلاً على اتهامه، وهو يحكي عن قوم رأيهم في نتائج تأخُّر تدوين السنة، ولو كان رافضياً، لما تحدث عن رواية الصحابة لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالشيعةُ لا يُقرون من الحديث إلا. ما جاء عن أئمتهم. وأما قولُه عن اتهامه بالرفض: إنه يلوح في كثير من تصانيفه. فكلام بغير بينة، وقد عقد الدكتور مصطفى زيد فصلاً نفى فيه عن الطوفي تهمة التشيع، ودرس كتبه الموجودة، ونقل منها نصوصاً كثيرة تنفي عنه التشيع والرفض، بل تقول في الرافضة أعْنَفَ مما يقول أعداؤهم (¬2). وعلى الرغم مما تقدم من أن الطوفي استقام أمرُه حين وصل إلى قوص، ولم ير منه الناس أو يسمعوا ما يَشيِن، إلا أن ابنَ رجب يرفض ذلك كلَّه، ويقول: "وقد ذكر بعضُ ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 370. (¬2) المصلحة في التشريع الإسلامي ونجم الدين الطوفي، صفحات 74 - 88.

شيوخنا، عمن حدثه عن آخر، أنه أظهر التوبة وهو محبوس. وهذا من تَقيَّته ونفاقه، فإنه في آخر عمره، لما جاور بالمدينة، كان يجتمع هو والسكاكيني شيخ الرافضة، ويصحبه، ونظم في ذلك ما يتضمن السب لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه -". وهكذا لا يصدق ابن رجب توبته، ويحملها على التَّقيَّة، ويتهمه في صحبته للسكاكيني. والسكاكيني هذا: هو محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمذاني ثم الدمشقي، المتوفى سنة 721 هـ، وقد قال في حقه الذهبيّ -وهو من هو بُغْضاً للرافضة-: "ومات شيخ الشيعة بدمشق وفاضلهم محمد ... في صفر عن ست وثَمانين سنة، وكان لا يغلو ولا يسب معيناً، ولديه فضائل. روى عن ابن مسلمة، والعراقي، ومكي بن عَلَّان. وتلا بالسبع، وله نظم كثير. وأخذ عن أبي صالح الحلبيّ الرافضي. وأخذه معه منصور صاحب المدينة، فأقام بها سنوات، وكان يتشَيَّعُ به سُنَّةٌ، وَيتسَنَّنُ به رافضَةٌ. وفيه اعتزال" (¬1). والخوانساري الشيعي، حين ترجمه في "روضات الجنات" قال: "ولم نجد في تراجم الشيعة، ومعاجم الإمامية، ما يدل على كَوْنِ الرجل منهم، فضلاً عن كونه من جملة فقهائهم ومجتهديهمَ، ولو كان ما ذكره الصفدي في حقه صحيحاً لما خَفِيَ ذكرُه عن أهل الحق، ولَما ناسب وصف الحافظ السيوطي إيَّاه بالحنبلية، مع أنها أبعدُ مذاهب العامة (¬2) عن طريقة هذه الطائفة الخاصة، كما أشير إلى ذلك في ترجمة أحمد بن حنبل، فليتأمل". ومن جهة أخرى، يعتبر كتابه "شرح مختصر الروضة" في أصول الفقه ميزاناً لمعرفة مذهبه، ومرآة للكشف عن مكمن معتقده، فهو في هذا الكتاب على العكس مما نُسب إليه، نجده يترضى عن الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم -، وبخاصة الشيخين، ويصرح في أماكن مختلفة باعتقاده بما يعتقده أهل السنة والجماعة، ويرد على الشيعة، ويبيّن أن الحق بخلافها. ويستعمل في بعض العبارات ما يستعمله الذين عندهم ميول صوفية، مما يُبعد كونه شيعياً، فالشيعة لا ينحون ذلك المنحى. إلا في مواضع ثلاثة من كتابه المتقدم، قد يفهم منها ميوله للتشيع، ولكن الأمر غيرُ صريح، وهي: ¬

_ (¬1) من ذيول العبر 117. (¬2) يعني الشيعة بالعامة: أهل السنة.

1 - كلامه على المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - في الجزء الثاني ص 130، واستنتاجه أن أبا بكر - رضي الله عنه - توقف في خبره، وأنه تفرس فيه نوع ضعف أو تهمة. كما أنه يلاحظ أن الطوفي لا يترضى عن المغيرة - رضي الله عنه - عند ذكره، وقد أفاض فيمَا قيل عنه، ونقله من مصدر غير موثوق، وذلك في الجزء الثاني من ص 169 إلى ص 173. 2 - كلامه على إجماع أهل البيت والإعتداد به في الجزء الثاني من ص 107 إلى ص 117، وقد توسع في ذكر أدلة الشيعة ومناقشتها، وإجاباتهم على الأسئلة الموجهة إليهم، وقواها في بعض الأماكن، ولكنه لم يظهر منه بشكل واضح ترجيحه للإعتداد بإجماع أهل البيت. 3 - كلامه على خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - في الجزء الثالث ص 262، وأنها تمت من باب القياس على الإمامة في الصلاة، لا بالنص عليها، وتجويزه - الطوفي - أنه كشف للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بوحي أو إلهام أن الخليفة بعده أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - بحكم المقدور السابق، وأنه لم يوص بالتغيير عليهما لذلك، ولا يلزم من ذلك رضاه ... إلخ. وهذا كلام غير صحيح، ولا يستقيم مع القول الحق في ذلك (¬1). * * * ¬

_ (¬1) نقلاً عن مقدمة تحقيق "شرح مختصر الروضة" ص 33 - 37. ط مؤسسة الرسالة، 1987.

المبحث الخامس الحنابلة والسلطة السياسية

المبحث الخامس الحنابلة والسلطة السياسية الموقف الذي نسجله للحنابلة -رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى- إزاء السلطة السياسية ينقسم بطبيعة الحال إلى موقف نظري مبني على فقه المسألة السياسية، وتقويمها من الوجهة الشرعية، وإلى موقف عملي يتمثل بممارسة الحنابلة الميدانية لما يفقهون في هذا الموضوع، وإعطائه الجانب العملي في خصوص الصلة بينهم وبين الخلفاء. ثم إن كلا القسمين النظري والعملي يتوزعان في البحث على الإمام أحمد باعتباره إمام المذهب وراسم معالم طريقه، ثم على فقهاء المذهب على مختلف العصور. وسننتقي منهم جماعة كان لهم الأثر الواضح في بلورة الموقف العام من السلطة السياسية والتعامل معها. • آراء الإمام أحمد في السياسة: يذهب الإمام أحمد إلى ما اقتضته السنة المأثورة عنده في مناصحة الأئمة والإلتفاف حولهم، وعدم نزع يدٍ من طاعتهم، والصبر على ما كان منهم، وعدم جواز الخروج عليهم بالسيف ... إلى غير ذلك من الأحكلام التي آثر علماء السنة أن يلحقوها بمباحث التوحيد ومصنفات العقيدة. ويحسن بنا أن نترجم رأي الإمام المبجل من لسانه وقلمه في هذا الموضوع، فقد وصل إلينا مبثوثاً في كثير من أجويته وكلامه المسموع، بالإضافة إلى كلامه المكتوب، ومن جملة ذلك المكتوب، ما أودعه في بعض الرسائل التي كتب بها إلى أصحابه، فقد جاء في رسالته إلى عبدوس بن مالك العطار حظٌّ وافر من الآراء السياسية، وإليك نصها: " ... والسمع والطاعة للأئمة، وأمير المؤمنين: البر والفاجر، ممن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه، ورضوا به، ومن خرج عليهم بالسيف حتى صار خليفة، وسُمي

أمير المؤمنين. والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة، البر والفاجر، لا يترك. وقسمة الفيء، وإقامة الحدود إلى الأئمة ماضٍ، ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم، ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة؛ ومن دفعها إليهم أجزأت عنه، براً كان أو فاجراً. وصلاة الجمعة خلفه، وخلف من وَلَّى جائزة تامة ركعتان، ومن أعادها فهو مبتدع تارك للآثار، مخالف للسنة، ليس له من فضل جمعته شيء إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا، برهم وفاجرهم. فالسنة أن يصلي معهم ركعتين، ويدين بأنها تامة، لا يكنْ في صدرك من ذلك شك. ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين -وقد كان الناس اجتمعوا عليه، وأقروا له بالخلافة، بأي وجه كان بالرضا والغلبة- فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية. ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق" (¬1). ونلاحظ كيف يبني أحمد الإمام رأيه في الموضوعات السياسية، على الآثار والاتباع للسنة والسلف، وذلك واضح في قوله: " ... فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنة ... " وقوله: " ... فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ". ويقول الشيخ أبو زهرة في هذا الصدد: ولقد كان مسلك أحمد في دراسته لبعض النواحي المتصلة بالسياسة رجلاً يتبع الأثر، ولا يتجانف عن مسلكه، وكان بالنسبة لآرائه في الصحابة، يتبع المنقول، وما كان عليه الكثرة من الصحاية والتابعين، - رضي الله عنهم - أجمعين، فهو في هذا أثري، كشأنه في كل ما كان يتجه إليه من دراسات. وفي شأن الخلافة والخليفة، وممن يختار، وكيف يختار، كان رجلاً واقعياً يتجنب الفتن، ويجتهد في أن يكون شمل المسلمين ملتئماً، ويؤثر الطاعة لإمام متغلب، ولو كان ظالماً، على الخروج على الجماعة (¬2). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 244. (¬2) ابن حنبل ص 166.

ومن هنا يتضح لنا أن الإمام أحمد لا يتوقف في كون علي عليه رضوان الله رابع الخلفاء الراشدين المهديين، عملاً بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء" (¬1). فإنه يتناول فترة خلافة علي - رضي الله عنه -، فلا حجة لمن توقف في ذلك معللاً بافتراق الناس عليه (¬2). وكذلك يعتبر الخلافة الأموية صحيحة شرعاً، وكذلك الخلافة العباسية. فقد ثبتت بطريق الغلبة والقهر في بدايتها، ثم توالى الخلفاء عليها بطريق ولاية العهد من السابق للاحق. وانعقاد الإمامة بطريق الغلبة والقهر، مقرر بالإجماع. فهذه آراء الإمام أحمد السياسية في الجملة، أو بالأحرى فقه السلطة السياسية، فما هو موقفه الواقعي من السلطة التي كان تحت إمرتها؟ • موقف الإمام أحمد من الخلفاء العباسيين: عاش الإمام أحمد في خلافة سبعة خلفاء من البيت العباسي، وهم على الترتيب: الهادي، والرشيد، والأمين، والمأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل. لكنه في فترة الثلاثة الأُول كان صغيراً، ثم شغل بطلب العلم والرحلة فيه، فلم يعش حياته السياسية وتجربته مع الخلفاء إلا مع الأربعة الأخر، فما موقفه منهم؟ كان الإمام أحمد متمسكاً بمبدئه العلمي تجاه العباسيين، في السمع والطاعة، والتزام الجماعة، يؤدي الذي عليه، ويسأل الله الذي له، كما هو اعتقاد سائر علماء أهل السنة والجماعة. وعلى الرغم من أنه ابتلي بتلك المحنة العظيمة -محنة القول بخلق القرآن- على يدي المأمون، فالمعتصم، فالواثق، إلا أنه لم يخرج عليهم بالسيف، ولا أذن لأحد بذلك. فكان بلا ريب ملتزماً بتلك النصائح التي كتب بها إلى عبدوس بن مالك العطار، والتي تترجم فقه المسألة تماماً. ومما يدل على صدق ما نقوله ما رواه المؤرخون في موقفه من الواثق لما أمعن في القول بخلق القرآن والدعوة إليه، واجتمع إلى أحمد فقهاء بغداد ليروا رأيه فيما يجب أن يفعل: ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود وغيره عن سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) مجموع الفتاوى 35/ 18 - 19.

قال حنبل: اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله، وقالوا له: إن الأمر قد تفاقم، وفشا -يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك- ولا نرضى بإمرته، ولا سلطانه، فناظرهم في ذلك، وقال: عليكم بالإنكار بقلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم، ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح برٌّ، أو يُستراح من فاجر. وقال: ليس هذا بصواب، هذا خلاف الآثار (¬1). فأنت ترى كيف يرجح الإمام أحمد مصلحة الطاعة والجماعة، وحقن دماء المسلمين على مصلحة المواجهة والخروج والثورة على الخليفة. وأن هذا الموقف إنما هو الإلتزام بالوصية النبوية الغالية، والوقوف عند حدود ما دلت عليه الآثار، وما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمناصحة للخلفاء ولغيرهم، على الوجه المشروع، وما يدخل في ذلك من تبليغ رسالة الله إليهم، وأنه لا يترك ذلك جبناً، ولا بخلاً، ولا خشية لهم، ولا اشتراء للثمن القليل بآيات الله، ولا يفعل ذلك أيضاً للرئاسة عليهم، ولا على العامة، ولا للحسد، ولا للكبر، ولا للرياء لهم، ولا للعامة. ولا يُزال المنكر بما هو أنكر منه، بحيث يخرج عليهم بالسلاح، وتظهر الفتن، كما هو معروف من أصول أهل السنة والجماعة، وكما دلت عليه النصوص النبوية، لما في ذلك من الفساد الذي يربي على فساد ما يكون من ظلمهم، بل يطاع الله فيهم، وفي غيرهم، ويفعل ما أمر به، ويترك ما نهى عنه (¬2). وإذا كان هذا موقف أحمد من الواثق الذي كان أشد الناس في القول بخلق القرآن، يدعو إليه ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً (¬3)، فكيف يكون من المأمون والمعتصم اللذَّيْن كانا أهون، لولا أنهما فتحا باب الفتنة، وبدأا بالمحنة؟ قال القاضي أبو يعلى: وقد روي عنه -أي الإمام أحمد- في كتاب "المحنة" أنه كان يدعو المعتصم بأمير المؤمنين، في غير موضع، وقد دعاه إلى القول بخلق القرآن، وضربه عليه، وكذلك قد كان يدعو المتوكل بأمير المؤمين، ولم يكن من أهل العلم، ولا كان أفضل وقته وزمانه (¬4). ¬

_ (¬1) الآداب الشرعية، لإبن مفلح، 1/ 196. والسير 11/ 263. (¬2) مجموع الفتاوي 35/ 21. (¬3) البداية والنهاية 14/ 311. (¬4) الأحكام السلطانية، للقاضي أبي يعلى، ص 20، ط. الكتب العلمية، 1983.

• مواقف فقهاء الحنابلة من السلطة السياسية: سجل فقهاء الحنابلة مواقفهم من السلطة السياسية علمياً وعمليّاً من بعد الإمام أحمد، ولا ريب أنهم كانوا يقتبسون من مشكاته. فأما الناحية العلمية، فهي التي نطالعها في مرآة الفقه الحنبلي تحت مباحث "الأحكام السلطانية" و"السياسة الشرعية" و"الخلافة والملك" و"أحكام الإمامة"، وغير ذلك من العناوين التي تدل على هذا الموضوع. وأما الناحية العملية، فإننا نقرؤها في السير الذاتية لعلماء الحنابلة، وما سُجل لهم من الصلة بالخلفاء، وتولي بعض المناصب في الدولة، كالوزارة والسفارة، والقضاء، وغير ذلك. • الموقف العلمي: لا يكاد يفترق موقف الحنابلة عن موقف الإمام أحمد تجاه الإمامة، في كيفية انعقادها، ومن يتولاها، ووجوب الطاعة في غير معصية، والمناصحة في غير فتنة، وتحريم الخروج بالسيف، وهذا موقف أهل السنة والجماعة الذين يعتبر الحنابلة في مقدمتهم وعلى رأسهم. وقد أدّى القاضي أبو يعلى -رَحِمَهُ اللهُ-، فرض الكفاية بجمع شتات أحكام الإمامة في كتابه "الأحكام السلطانية". قال في مقدمته (¬1): أما بعد، فإني كنت صنفت كتاب "الإمامة"، وذكرته في أثناء كتاب "المعتمد"، وشرحت فيه مذاهب المتكلمين وحجاجهم، وأدلتنا، والأجوبة عما ذكروه. وقد رأيت أن أفرد كتابا في الإمامة، أحذف فيه ما ذكرت هناك من الخلاف والدلائل، وأزيد فيه فصولاً أُخر، تتعلق بما يجوز للإمام فعله من الولايات وغيرها، وأسال الله الكريم العون على ذلك، والنفع به إن شاء الله. اهـ. ومن خلال كتاب الفرّاء يمكننا أن نطلع على جملة صالحة من كتاب "الإمامة" للخلال، الذي يعتبر مصدراً رئيساً من مصادر "الأحكام السلطانية". ¬

_ (¬1) ص 19.

كما أن شيخ الإسلام ابن تيمية جلى السياسة الشرعية، والأحكام السلطانية في مباحث رائعة بثها في مصنفاته ورسائله وفتاويه، وقد جمع الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي، من فتاوي شيخ الإسلام قسماً كبيراً رسمه بعنوان "الخلافة والملك وقتال أهل البغي" (¬1). ويقسم ابن تيمية الحكام إلى قسمين: خلفاء النبوة، وملوك. ويستدل بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخلافة بعدي ثلاثون، ثم تصير ملكاً عضوضاً". والأولون، وهم خلفاء النبوة هم الذين استوفوا شروط الخلافة، وأن ذلك لم يتحقق إلا في الخلفاء الراشدين، ثم تحولت الخلافة من بعدهم إلى ملك، على أن ذلك لا يقدح في شرعيتهم، وجواز تسميتهم "خلفاء" وإن كانوا ملوكاً، ولم يكونوا خلفاء الأنبياء. واستدل على ذلك بحديث الصحيحين عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كانت بنو إسرائيل يسوسهم الأنبياء، كما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر". قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "فُوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم". فقوله: "تكثر" دليل على من سوى الراشدين، فإنهم لم يكونوا كثيراً (¬2). ويقرر -رَحِمَهُ اللهُ- أيضاً: أن الميزان المحكم في تقويم أعمال الناس -ومنهم الملوك- إنما هو الموازنة بين مجموع حسناتهم ومجموع سيئاتهم، فمن ترجحت حسناته على سيئاته كان مقبولاً مرضياً. ولما كانت مصالح الملك وحسنات الإمامة والخلافة لا تتحقق في الغالب إلا ببعض المفاسد والسيئات، كان لابد من عدم الإلتفات إلى تلك المفاسد والسيئات المرجوحة في جانب المصالح والحسنات (¬3)، فهناك من الخلفاء من لا تطيعه نفسه إلى القيام بمصالح الإمارة من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، وأمن السبل، وجهاد العدو، وقسمة المال، إلا بحظوظ منهي عنها، من الإستئثار ببعض المال، والرياسة على الناس، والمحاباة في القسم، وغير ذلك من الشهوات ... فهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر ¬

_ (¬1) وهو يتصدر محتوى المجلد 35 من مجموع الفتاوى، وقد طبع طبعة مستقلة. (¬2) مجموع الفتاوى 35/ 20، وابن تيمية، لأبي زهرة، ص 345، دار الفكر العربي. (¬3) مجموع الفتاوى 35/ 30 - 31.

سيئاً، وحكم الشريعة: أنهم لايؤذن لهم فيما فعلوه من السيئات، ولا يؤمرون به، ولا يجعل حظ أنفسهم عذراً لهم في فعلهم، إذا لم تكن الشريعة عذرتهم، لكن يؤمرون بما فعلوه من الحسنات، ويحضون على ذلك، ويرغبون فيه، وإن علم أنهم لا يفعلونه إلا بالسيئات المرجوحة، كما يؤمر الأمراء بالجهاد، وإن علم أنهم لا يجاهدون إلا بنوع من الظلم، الذي تقل مفسدته بالنسبة إلى مصلحة الجهاد (¬1). • الموقف العملي: والموقف العملي من السلطة السياسية القائمة يوضحه جماعة من كبار علماء الحنابلة الذين كانت لهم أصداء وأيام مشهورة في الحياة الإجتماعية والسياسية الواسعة، فضلاً عن جهودهم ومآثرهم الجليلة في إثراء الفقه، وبلورة أصوله وسائر العلوم الشرعية الأخرى. ومن أولئك الكبار: القاضي أبو يعلى: فقد كان -رَحِمَهُ اللهُ- ورعاً نزيها عفيفاً زاهداً، لا ترنو عينه إلى ما عند الخلفاء والأمراء من أعراض الدنيا الزائلة، بل لا يشغل نفسه أصلاً بذلك، ولا يفكر فيه. وهذا يظهر جليا في شروطه على الخليفة القائم بأمر الله، عندما عرض عليه القضاء، فقد نفّذ ما اشترطه فعلاً، وكان يكره الأمراء الظَّلَمة ويقاطعهم، ويأمر تلامذته بمقاطعتهم (1). وعلى الرغم من أنه كان قد استُقضي لدى الخليفة القائم بأمر الله في الدماء والفروج والأموال بحريم دار الخلافة، إلا أن ذلك لم يؤثر عليه في علمه ورأيه ومواقفه، فلم يكن بالذي يقف في صف العباسيين في النقمة على الأمويين الذين كانت لا تزال لهم بقية في الأندلس في ذلك الوقت، خصوصاً وأن الدولة العباسية في ذلك الوقت كانت في يد الأمراء البويهيين الذين كانوا يميلون إلى الشيعة والرافضة. ومما يؤيد هذا في القاضي أبي يعلى، أنه قد صنف كتابا سماه "تبرئة معاوية" دافع فيه عن معاوية - رضي الله عنه -، ورد الشبهات والإفتراءات التي وجهها خصومه إليه، ويعضهم ¬

_ (¬1) القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، للدكتور عبد القادر أبو فارس، ص 319.

كان من بني العباس. فدل ذلك على أنه كان جريئاً إذ صنف هذا الكتاب في قلب العاصمة العباسية، وإن تصنيفه هذا لدليل على أنه عاش مستقلاً في تفكيره، عزيزاً في نفسه، رافعاً هامته، لا يخاف في الله لومة لائم. ومنهم: أبو الوفاء ابن عقيل: فقد سجل مواقف سياسية رائعة، وهو تلميذ القاضي أبي يعلى. فقد كان ابن عقيل عظيم المكانة عند الخلفاء والملوك، وكان جريئاً في الإنكار بلسانه وقلمه لما يراه من المنكرات التي يقع فيها الأمراء فضلا عن العامة. فقد كتب رسالة بعث بها إلى الوزير عميد الدولة ابن جهير، وكانت شديدة اللهجة، لما ظهرت المنكرات في بناء سور بغداد على يديه (¬1). وكتب رسالة أخرى إلى السلطان جلال الدولة "ملكشاه" ينقذه من براثن الباطنية، الذين أفسدوا عقيدته، ودعوه إلى إنكار الصانع، وجاء في مقدمة تلك الرسالة: أيها الملك، اعلم أن هؤلاء العوام والجهال يطلبون الله من طريق الحواس، فإذا فقدوه جحدوه، وهذا لا يحسن بأرباب العقول الصحيحة، وذلك أن لنا موجودات ما نالها الحس، ولم يجحدها العقل، ولا يمكننا جحدها، لقيام دلالة العقل على إثباتها (¬2). ومع هذا لم ينزع يداً من طاعة، ولا خرج عن الجماعة، وكانت له قيمة كبيرة عند الخلفاء، فقد تولى غسل الخليفة المستظهر بالله، ولما تولى المسترشد بالله بايعه ابن عقيل على شرطه الخاص، وقد قال في ذلك: ولما تولى المسترشد تلقاني ثلاثة من المستخدمين، يقول كل واحد منهم: قد طلبك مولانا أمير المؤمنين ثلاث مرات، فلما صرتُ بالحضرة، وقال لي قاضي القضاة -وهو قائم بين يديه- طلبك مولانا أمير المؤمنين ثلاث مرات، فقلت: ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس، ثم مددت يدي، فبسط لي يده الشريفة، ¬

_ (¬1) "ذيل طبقات الحنابلة" 1/ 147. (¬2) المصدر السابق 1/ 148.

فصافحته بعد السلام، وبايعت، فقلت: أبايع سيدنا ومولانا أمير المؤمنين المسترشد بالله على كتاب الله وسنة رسوله، وسنة الخلفاء الراشدين، ما أطاق واستطاع، وعلى الطاعة مني (¬1). ومنهم: شيخ الإسلام ابن تيمية: فقد عاش حالة سياسية جد حرجة، عاشتها أمتنا الإسلامية في تلك الأيام، فقد انقسم المسلمون إلى دويلات وحوزات ملوك ينظر بعضهم إلى بعض نظر العدو المفترس، ثم جاءت هجمة التتار الساحقة فكسرت الشوكة واستباحت البيضة وعاثت فساداً في بغداد، ثم الشام، وإن خير وصف لتلك الحال القاتمة ما ذكره ابن الأثير في أول غارات التتار، إذ قال: لقد بلي الإسلام والمسلمون في هذه المدة بمصائب لم يبتل بها أحد من الأمم، منها هؤلاء التتر، فمنهم من أقبلوا من المشرق، ففعلوا الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها، ومنها خروج الفرنج -لعنهم الله- من المغرب إلى الشام، وقصدهم ديار مصر، وامتلاكهم ثغرها، أي دمياط، وأشرفت ديار مصر وغيرها على أن يملكوا لولا لطف الله تعالى ونصره عليهم، ومنها أن السيف بينهم مسلول والفتنة قائمة (¬2). هذا كلام ابن الأثير، الذي كان يؤرخ لتلك الأيام العصيبة عن مشاهدة ومعاينة ومعاصرة، فالإسلام قد هوجم من ثلاث جهات: من شرقه بالتتار، ومن غربه بالصليبين، ومن داخله بالعداوة المستحكمة بين الأمراء والفرق، وموالاة أهل الذمة للأعداء أياً كان لونهم (¬3). وقد ذكرنا فيما مضى أن أسرة الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- قد انتقلت من حرَّان مهاجرة إلى دمشق بسبب غارة التتار على بلادهم. وإننا لنجد لشيخ الإسلام مواقف جليلة مع أمراء عصره وبلده، ومع التتار المحتلين ¬

_ (¬1) المصدر السابق 1/ 151. (¬2) الكامل في التاريخ: حوادث سنة 617 هـ. وانظر ابن كثير 13/ 89. (¬3) البداية والنهاية 13/ 200 - 202، 219.

الغاشمين على السواء. وكانت تلك المواقف قد أثمرتها شجاعته النادرة، وجرأته في الحق التي امتحن بسببها عدة مرات في الشام ومصر، وفَوقَّت إليه سهام النقد من أعدائه وخصومه، كما قال الشاعر (¬1): حَسَدوا الفتى إذ لم ينالوا سَعْيَه ... فالقومُ أعداءٌ له وخصومُ كضرائرِ الحسناءِ قُلْنَ لوجهِهَا ... حسداً وبَغْياً إنه لدَميمُ فمن مواقفه مع بعض حكام عصره: أنه بلغه في سنة 693 هـ أن نصرانياً سب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وآوى إلى أحد العلويين، فحماه من غضب العامة، فثارت حمية الشيخ وغيرته على سيد الخلق، فاصطحب معه شيخ دار الحديث، وذهب إلى نائب السلطنة بدمشق (¬2)، فكلماه في ذلك، فأرسل إلى النصراني، فحضر ومعه بدوي، فأغلظ القول للعامة المتجمعين، فحصبوهما بالحجارة، فأوذي الشيخ وصاحبه من قبل النائب بدعوى التحريض على ذلك. وانتهت القصة بإسلام ذلك النصراني، واعتذر نائب السلطنة من الشيخين، وبهذه المناسبة ألف الشيخ كتابه المشهور "الصارم المسلول على ساب الرسول" (¬3). فهذه القصة تدل على أن الشيخ لم يكن قابعاً في زوايا التدريس والتعليم، غافلاً عن شؤون المجتمع، بل كان حارساً للرأي العام الإسلامي، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، ملتزماً في ذلك ضوابط الشرع وحدوده من تبليغ أولي الأمر ما يحدث في سلطتهم مما هو من مسؤولياتهم، ولا يخشى في ذلك لومة لائم. ولما غزا التتار الشام سنة 699 وهزموا عساكر الناصر بن قلاوون، وشتتوهم شذَر مذَر، بعد أن أبلى الجميع بلاء حسناً، فولى جند مصر والشام الأدبار، واجتازوا دمشق إلى مصر لائذين بالفرار، ومعهم أعيان العلماء والقضاة والوجهاء، حتى صار البلد شاغراً من الحكام والكبار (¬4). ¬

_ (¬1) هو أبو الأسود الدّؤلي، والبيتان من قصيدة له متوسطة، وهي في ديوانه: 129 - 132 والخزانة 3/ 617. والبيان 3/ 259. (¬2) وهو الأمير عز الدين أيبك الحموي. (¬3) البداية والنهاية 13/ 335. (¬4) البداية والنهاية 14/ 6 - 7.

لما استولت تلك الحالة المأساوية الذاعرة على الشام جمع ابن تيمية جماعة من الأعيان، واتفق معهم على ضبط الأمور، وأن يذهب على رأس وفد منهم يخاطبون قائد التتار (قازان) في الإمتناع عن دخول دمشق. قال ابن كثير: وكلمه الشيخ تقي الدين كلاماً قوياً شديداً، فيه مصلحة عظيمة عاد نفعها على المسلمين، ولله الحمد (¬1). ويروي لنا بعض أصحابه صورة من ذلك اللقاء، فيقول: كنت حاضراً مع الشيخ، فجعل يحدث السلطان بقول الله ورسوله في العدل، ويرفع صوته، ويقرب منه ... والسلطان مع ذلك مقبل عليه، مصغ لا يقول، شاخص إليه، لا يعرض عنه، وإن السلطان من شدة ما أوقع الله في قلبه من الهيبة والمحبة سأل: من هذا الشيخ؟ إني لم أر مثله، ولا أَثبَتَ قلباً منه، ولا أَوْقَع من حديثه في قلبي، ولا رأيتني أعظم انقياداً لأحد منه، فأُخبر بحاله، وما هو عليه من العلم والعمل (¬2). وكان لذلك اللقاء أثره في دمشق إلى حين، وأمن الناس على أنفسهم وأموالهم، إلا أن الأمور تغيرت بعد ذلك بسبب همجية التتار وإيغالهم في الفساد والتخريب، ففعلوا في دمشق الأفاعيل المنكرة الشهيرة (¬3)، مما أثار غيرة ابن تيمية على الإسلام وأهله، فصار يحث على القتال قولاً وفعلاً، وأصدر بذلك عدة فتاوى مطولة في شأن التتار، والحكم فيهم، بعد أن علم من حالهم الداخلية أنهم ينتسبون إلى الإسلام بالإسم فقط (¬4). وقد استمرت جهود ابن تيمية في تلك الأيام قوية، لأن العامة رأوا فيه ناصرهم، وولاة الأمور رأوا فيه قوة لهم، وقد استمر على درسه يلقيه، ولم يكن طالب منصب يبتغيه (¬5)، بل استمر مبتعداً عن المناصب، ولكن كان يؤخذ رأيه في تولية المناصب العلمية آنذاك، فإنه لما توفي ابن دقيق العيد سنة 702 هـ، وكان شيخاً لدار الحديث، أشار ابن تيمية بتعيين الشيخ كمال الدين الشريشي في محله، كما أشار بتعيين من اختارهم للخطابة ولرياسة المدارس المختلفة (¬6). ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 14/ 7. (¬2) ابن تيمبة لأبي زهرة، ص 37، نقلاً عن "القول الجلي". (¬3) البداية والنهاية 14/ 8 - 9. ط. دار هجر. (¬4) مجموع الفتاوي 28/ 501، 509، 589. (¬5) قال ابن رجب في الطبقات (2/ 390): عُرض عليه قضاء القضاة قبل التسعين ومشيخة الشيوخ، فلم يقبل شيئاً من ذلك. (¬6) البداية والنهاية 14/ 28.

فكان في الجملة -كما وصفه ابن رجب - قد أعلى اللهُ منارَهُ، وجَبَل قلوب الملوك والأمراء على الإنقياد له غالباً، وعلى طاعته، وأحيا به الشام، بل والإسلام، بعد أن كاد ينثلم بتثبيت أولي الأمر لما أقبل حزب التتار والبغي في خيلائهم، فظنت بالله الظنون، وزلزل المؤمنون، واشرأبّ النفاق، وأبدى صفحته (¬1). * * * ¬

_ (¬1) ذيل الطبقات 2/ 390.

المبحث السادس أضواء على الإجتهاد عند فقهاء الحنابلة

المبحث السادس أضواء على الإجتهاد عند فقهاء الحنابلة يتميز مذهب الإمام أحمد عن بقية المذاهب الأخرى بأنه دُوِّنَ، وحُرِّرَ، ونُقّحَ، في فترة زمنية شملت عدة طبقات من أصحابه، لذلك نجد هذا المذهب غنيًا بالمجتهدين الذين عاشوا في القرون: السادس والسابع والثامن، فضلاً عن المتقدمين، وذلك من أمثال: أبي الخطاب، وابن عقيل، وابن الجوزي، وموفق الدين ابن قدامة المقدسي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن رجب، وغيرهم (¬1). فهؤلاء أثروا المذهب بالتأليف والترجيح للروايات، والإستدلال عليها، والتفريع والتخريج. والسبب في تمدد عمل التدوين والتحرير والتنقيح على مدى تلك الفترة الطويلة التي كان لها فضلٌ كبير في توفر عدد كبير من المجتهدين في هذا المذهب الجليل، السبب في ذلك يعود إلى نشأة المذهب في ذاته، وكيفية تكوّنه في أيامه الأولى. وفحوى ذلك: أن الإمام أحمد كان لا يرضى لنفسه ولا لأحدٍ من تلامذته أن يُدوّن كلامه، بل كان يفضّل أن لا تُدون آراء الرجال، وأن الإكتفاء بتدوين السنة بما فيها من المرفوع والآثار الموقوفة على الصحابة، بالإضافة إلى اجتهادات التابعين، كان يرى أن ذلك يُغني عن آراء الرجال الذين جاءوا من بعدهم. فكان من شأن موقف الإمام أحمد هذا أن اختلفت الرواية في نقل فتاويه واجتهاداته وسائر آرائه اختلافاً أدى إلى تميز هذا المذهب بتعدد الأقوال المنصوصة، ونما المذهب فيما بعد في طي هذا التعدد، بالإضافة إلى الوجوه المخرجة للأصحاب، الأمر الذي أتاح لمجتهدي الترجيح والإختيار مجالاً رحباً في توظيف آلة الإجتهاد وإعمال النظر والتحقيق. وتلك كانت سمة من سمات المذهب الحنبلي وفّرت مساحة اجتهادية أمام فقهاء المذهب في مختلف طبقاتهم. ¬

_ (¬1) أصول مذهب الإمام أحمد ص 793 وما بعدها.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأقوال القديمة للإمام أحمد، وهي الأقوال المرجوع عنها، لم يكن الأصحاب ليتصرفوا بشأنها بالطرح والنسيان، ولم يعاملوها معاملة المنسوخ، بل وضعوها على بساط البحث والنظر، لتشكل آراء أخرى منسوبة إلى مَن قال بها من أصحاب الوجوه، وفي ذلك يقول الطوفي: قيل: قد كان القياس أن لا تُدون تلك الأقوال -يعني الأقوال القديمة المرجوع عنها- وهو أقرب إلى ضبط الشرع، إذ ما لا عمل عليه لا حاجة إليه، فتدوينه تعب محض، لكنها دُونت لفائدة أخرى، وهي التنبيه على مدارك الأحكام واختلاف القرائح والآراء، وأن تلك الأقوال قد أدى إليها اجتهاد المجتهدين في وقت من الأوقات، وذلك مؤثر في تقريب الترقي إلى رتبة الإجتهاد المطلق أو المقيد، فإن المتأخر إذا نظر إلى مآخذ المتقدمين نظر فيها، وقابل بينها، فاستخرج منها فوائد، وربما ظهر له من مجموعها ترجيح بعضها، وذلك من المطالب المهمة، فهذه فائدة تدوين الأقوال القديمة عن الأئمة، وهي عامة. وَثَمَّ فائدة خاصة بمذهب أحمد، وما كان مثله، وذلك أن بعض الأئمة، كالشافعي ونحوه نصُّوا على الصحيح من مذهبهم، إذ العمل من مذهب الشافعي على القول الجديد، وهو الذي قاله بمصر، وصنف فيه كتاب الأم ونحوه. ويقال: إنه لم يبقَ من مذهبه شيء لم ينص على الصحيح منه إلا سبع عشرة مسألة، تعارضت فيها الأدلة، واختُرم قبل أن يحقق النظر فيها، بخلاف الإمام أحمد ونحوه، فإنه كان لا يرى تدوين الرأي، بل همه الحديث وجمعه، وما يتعلق به، وإنما نَقَلَ المنصوصَ عنه أصحابُه تلقياً من فيه، من أجوبته في سؤالاته وفتاويه، فكل من روى منهم عنه شيئاً دونه، وعُرِف به، كمسائل أبي داود، وحرب الكرماني، ومسائل حنبل، وابنيه صالح، وعبد الله، وإسحاق بن منصور، والَمرُّوذِي، وغيرهم ممن ذكرهم أبو بكر في أول "زاد المسافر" وهم كثير، وروى عنه أكثر منهم، ثم انتدب لجمع ذلك أبو بكر الخلَّال في "جامعه الكبير"، ثم تلميذه أبو بكر في "زاد المسافر"، فحوى الكتابان علماً جمّاً من علم الإمام أحمد - رضي الله عنه -، من غير أن يُعلم منه في آخر حياته الإخبار بصحيح مذهبه في تلك الفروع، غير أن الخلَّال يقول في بعض المسائل: هذا قولٌ قديمٌ

لأحمد رجع عنه، لكن ذلك يسير بالنسبة إلى ما لم يُعلم حاله منها، ونحن لا يصح لنا أن نَجْزم بمذهب إمام حتى نعلم أنه آخر ما دونه من تصانيفه ومات عنه، أو أنه نص عليه ساعة موت، ولا سبيل لنا إلى ذلك في مذهب أحمد، والتصحيح الذي فيه، إنما هو من اجتهاد أصحابه بعده، كإبن حامد، والقاضي وأصحابه، ومن المتأخرين الشيخ أبو محمد المقدسي -رحمة الله عليهم أجمعين-، لكن هؤلاء بالغين ما بلغوا، لا يحصل الوثوق من تصحيحهم لذهب أحمد، كما يحصل من تصحيحه هو لمذهبه قطعاً، فمن فرضناه جاء بعد هؤلاء، وبلغ من العلم درجتهم أو قاربهم، جاز له أن يتصرف في الأقوال المنقولة عن صاحب المذهب كتصرفهم، ويُصحح منها ما أدى اجتهاده إليه، وافقهم أو خالفهم، وعمل بذلك وأفتى. وفي عصرنا من هذا القبيل شيخنا الإمام العالم العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية الحرّاني حرسه الله تعالى، فإنه لا يتوقف في الفُتيا على ما صححه الأصحاب في المذهب، بل يعمل ويفتي بما قام عليه الدليل عنده، فتكون هذه فائدة خاصة بمذهب أحمد، وما كان مثله لتدوين النصوص ونقلها، والله تعالى أعلم بالصواب (¬1). اهـ. فهذه السعة الإجتهادية انعكست صورتها على آراء المجتهد شيخ الإسلام أحمد ابن عبد الحليم ابن تيمية الحرّاني (728 هـ) فيما عُرف بـ "اختيارات ابن تيمية". ¬

_ (¬1) شرح مختصر الروضة 3/ 626 - 628.

تعريف "الإختيارات"

اختيارات ابن تيمية • تعريف "الإختيارات": كلمة اختيار كلمة تتردد في كتب الفقه والأصول تردداً اصطلاحياً خاصّاً، وجمعها "اختيارات"، فهي من لغة الفقهاء واصطلاحاتهم، ومدلولها اللغوي واضح لا يحتاج إلى تفسير. وجاءت هذه الكلمة متكررة في تراجم كثير من مجتهدي المذهب المترجَمين في "طبقات ابن أبي يعلى" (526 هـ)، فإنه كثيراً ما يصف المترجَم بقوله: له الإختيارات في المسائل المشكلات، أو: له الإختيارات في المذهب، أو ما يشبه ذلك. فالاختيار يعني: الإنتقاء من الخلاف المذهبي، بناء على اجتهاد في الترجيح للقول أو الرواية أو الوجه الذي يختاره الفقيه المنتسب. وقد يخرج الإختيار بصاحبه عن المذهب كلية لا يقتضيه الدليل. والإختيار قد يكون مطلقاً بحيث لا يتقيد بأحد المجتهدين في المذهب، بل يتخير الفقيه من أقوالهم وتخريجاتهم، أو من الروايات المختلفة المروية عن الإمام ما يؤيده الدليل وتساعده الأصول، ويفتي به. وقد يكون الإختيار مقيداً بالخلاف مع أحد المجتهدين، كاختيارات غلام الخلَّال التي خالف فيها شيخه الخلال، واختياراته التي خالف فيها شيخه الخرقي، فاختياراته هذه ليست مطلقة، بل هي مقيدة بما قرره الخلَّال أو الخرقي مذهباً للإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-. فإذا تبين هذا، فالاختيارات المعروفة في الفقه الحنبلي ترجع في مجموعها إلى هذين القسمين: إما اختيارات مطلقة، كما هي اختيارات شيخ الإسلام التي نتحدث عنها. وإما اختيارات مقيدة شاعت كثيراً في الأدوار التي كان المذهب يتكامل فيها، ويتنسق، ويُحرر. • التأليف في الإختيارات: ألف علماء الحنابلة عدة كتب في فن الإختيارات الفقهية تأليف تدل على السعة الإجتهادية التي تميز بها فقهاء هذا المذهب، ومارسوها في الصناعة الفقهية. فمن ذلك:

اختيارات ابن تيمية ومميزاتها

1 - الإختيارات، لبهاء الدين المقدسي. (624 هـ) 2 - اختيارات ابن تيمية، جمع برهان الدين ابن القيم (767 هـ). 3 - اختيارات ابن تيمية، جمع محمد بن أبي بكر العلائي. (1051 هـ) 4 - اختيارات ابن تيمية، جمع علاء الدين ابن اللحام (803 هـ). 5 - الإختيار في بيع العقار، ليوسف بن عبد الهادي (909 هـ). 6 - المختارات الجلية من المسائل الفقهية، للشيخ عبد الرحمن السعدي (1376 هـ) صاحب "الفتاوي السعدية". 7 - اختيارات ابن قدامة صاحب المغني، لعبد العزيز الغامدي. 8 - اختيارات ابن القيم الفقهية في العبادات، لعبد العزيز الغامدي. 9 - اختيارات ابن القيم الفقهية في المعاملات، لعبد العزيز الغامدي. ونجد جملة وافرة من الإختيارات والتفردات في طي كتب التراجم، خصوصاً طبقات ابن أبي يعلى، وابن رجب الحنبلي، مما يمكن أن يُجمع منه كتاب حافل. • اختيارات ابن تيمية ومميزاتها: أولاً: نماذج منها (¬1): يرى -رَحِمَهُ اللهُ-: أ - ارتفاع الحدث بكل ما يسمى ماء، وبمعتصر الشجر، وبالمتغير بطاهر، وبماءٍ خلت به امرأة لطهارة، وبالمستعمل في رفع الحدث (¬2). ب - جواز المسح على النعلين والقدمين -أي معهما- وكل ما يحتاج في نزعه من الرجل إلى معالجة باليد أو بالرجل الأخرى، فإنه يجوز عنده المسح عليه مع القدمين (¬3). جـ - المسح على الخفين لا يتوقف مع الحاجة، كالمسافر على البريد ونحوه (¬4). د - جواز المسح على اللفائف ونحوها (4). ¬

_ (¬1) هذه النماذج مأخوذة من "ذيل طبقات الحنابلة" 2/ 404، لإبن رجب وموثقة من كتاب "الأخبار العلمية من الإختيارات الفقهية" لإبن اللحام، تحقيق محمد حامد الفقي. (¬2) الإختيارات ص 3. (¬3) الإختيارات ص 13. (¬4) الإختيارات ص 15.

هـ - جواز التيمم لخشية فوات الوقت في حق غير المعذور .. وكذا خائف فوات الجمعة والعيدين وهو محدث (¬1). و- المرأة إذا لم يمكنها الإغتسال في البيت أو شق عليها النزول إلى الحمام، وتكرره أنها تتيمم وتصلي (1). ز - لا حد لأقل الحيض ولا لأكثره، ولا لأقل الطهر بين الحيضتين، ولا لسن الإياس من الحيض. وأن ذلك راجع إلى ما تعرفه كل امرأة من نفسها (¬2). حـ - تارك الصلاة عمداً لا يجب عليه القضاء ولا يشرع له، بل يكثر من النوافل (¬3). ط - يجوز القصر في قصير السفر وطويله (¬4). وأن سجود التلاوة لا يشترط له الطهارة (¬5). ثانياً: مميزاتها: تتميز اختيارات ابن تيمية بكونها لا تتقيد بالمذهب الحنبلي على ما هو الغالب في الإختيارات، ولكنها آراء مختارة من الفقه الإسلامي الواسع الرحيب من غير تقيد بمذهب من بينها، يتخير منها ولا يتقيد، إلا أنه يميل إلى المذهب الحنبلي في الغالب (¬6). فاختيارات شيخ الإسلام تدل على مدى قدرته الواسعة في الإجتهاد، مع مراعاة الموافقة لفقهاء الصحابة أو التابعين أو الأئمة المجتهدين الذين جاءوا من بعدهم، ولو كان ذلك خارج نطاق المذاهب الأربعة ما دام الدليل هو السائق إليه، وما دامت المسألة خلافية يصح فيها الإجتهاد، ولم تنحسم بإجماع يعتد به وتحرم مخالفته. وهذه نماذج من تلك الإختيارات الخارجة عن نطاق المذاهب الأربعة: ففي الطهارة يقول: وتجوز طهارة الحدث بكل ما يسمى ماء، وبمعتصر الشجر، قاله ابن أبي ليلى والأوزاعي والأصم وابن شعبان (¬7). ¬

_ (¬1) الإختيارات ص 20. (¬2) الإختيارات ص 28. (¬3) الإختيارات ص 34. (¬4) الإختيارات ص 72. (¬5) الإختيارات ص 60. (¬6) ابن تيمية، لأبي زهرة، ص 406. (¬7) الأخبار العلمية من الإختيارات الفقهية، ص 3.

فأنت تلاحظ أنه في هذه المسألة خالف أئمة المذاهب الأربعة، لكن وافق أربعة من غيرهم. ويقول في باب المسح على الخفين: ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما، ولا بانقضاء المدة، ولا يجب عليه مسح رأسه، ولا غسل قدميه، وهو مذهب الحسن البصري (¬1). فقد وافق الحسن البصري من فقهاء التابعين، واستعمل في ذلك القياس على عدم وجوب الإعادة لمسح الرأس بعد الحلق، وهو قول الجمهور، والصحيح من مذهب الإمام أحمد. ويقول في كتاب البيع: وتصح الشروط التي لم تخالف الشرع في جميع العقود، فلو باع جارية، وشرط على المشتري: إن باعها فهو أحق بها بالثمن، صح البيع والشرط، ونقل عن ابن مسعود - رضي الله عنه - (¬2). هذه نماذج من اختياراته التي لم يتقيد فيها بالمذاهب الأربعة. وإذا كان كذلك، فكونه يختار ما يتوافق مع بعض المذاهب الأربعة من باب أولى. وهذه بعض الأمثلة: ففي الطهارة يقول: والأحداث اللازمة، كدم الإستحاضة، وسلس البول، لا تنقض الوضوء مالم يوجد المعتاد. وهو مذهب مالك (¬3). ويقول في باب الحيض: ويجوز للحائض قراءة القرآن، بخلاف الجنب، وهو مذهب مالك. وحُكي رواية عن أحمد (¬4). وفي البيع يقول: وإن اصطرفا ديناً في ذمتهما جاز، وحكاه ابن عبد البر عن أبي حنيفة، ومالك، خلافاً لما نص عليه أحمد (¬5). ¬

_ (¬1) المصدر السابق، ص 15. (¬2) المصدر السابق، ص 123. (¬3) المصدر ص 15. (¬4) المصدر ص 27. (¬5) المصدر ص 128.

الأسس التي ترتكز عليها اختيارات شيخ الإسلام

• الأسس التي ترتكز عليها اختيارات شيخ الإسلام: بعدما تبين أن اختيارات ابن تيمية هي اختيارات من الخلاف داخل المذهب الحنبلي في الكثير منها، والقليل الباقي هو اختيار من الخلاف العالي -أي الخلاف خارج المذهب الواحد- في نطاق المذاهب الأربعة، أو خارج نطاقها، بعد معرفة ذلك نحاول أن نكشف عن الأسس والمنطلقات التي بنى عليها ابن تيمية اختياراته. ولا شك أن تلك الأسس والمنطلقات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمنزلة ابن تيمية في مراتب المجتهدين، ثم في منهجه في الفتوى وأصوله في التصرف بشأنها. • مرتبة ابن تيمية في طبقات المجتهدين: درج المتأخرون من علماء الأصول على ترتيب المجتهدين في عدة مراتب، وقسموهم إلى طبقات متعددة، بعضها فوق بعض. قال ابن بدران في "المدخل": جعل بعض المتأخرين أقسام المجتهدين على خمس مراتب، وممن علمناه جنح إلى هذا التقسيم أبو عمرو ابن الصلاح، وابن حمدان من أصحابنا في كتابه "أدب المفتي" وتلاهما شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية، فإنه نقل في "مسودة الأصول" كلام ابن الصلاح ولم يتعقبه، وتبعهم العلامة الفتوحي في آخر كتابه "شرح المنتهى" الفقهي (¬1). وخلاصة هذه المراتب حسبما في آخر "الإنصاف" للمرداوي: أن المجتهدين ينقسمون إلى قسمين: - القسم الأول: المجتهد المطلق، وهو الذي اجتمعت فيه شروط الإجتهاد التي ذكرها ابن قدامة في "المقنع" في شروط القاضي، لدى قوله: "والمجتهد من يعرف من كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه السلام والحقيقة والمجاز ... " (¬2) الخ. إذا استقل بإدراك الأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية العامة والخاصة، وأحكام الحوادث منها، ولا يتقيد بمذهب أحد. ¬

_ (¬1) المدخل، لإبن بدران، ص 374. (¬2) المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/ 307.

- القسم الثاني: المجتهد المقيد، وهو المجتهد في مذهب إمامه، أو إمام غيره، وأحواله أربعة: الحالة الأولى: أن يكون غير مقلد لإمامه في الحكم والدليل، لكنه سلك طريقه في الإجتهاد والفتوى، ودعا إلى مذهبه، وقرأ كثيراً منه على أهله، فوجده صواباً، وأولى من غيره، وأشد موافقة فيه وفي طريقه. الحالة الثانية: أن يكون مجتهداً في مذهب إمامه، مستقلاً بتقريره بالدليل، لكن لا يتعدى أصوله وقواعده، مع إتقانه للفقه وأصوله، وأدلة مسائل الفقه، عالماً بالقياس ونحوه، تام الرياضة، قادراً على التخريج والإستنباط، وإلحاق الفروع بالأصول والقواعد التي لإمامه. وهذه مرتبة أصحاب الوجوه والطرق في المذاهب. الحالة الثالثة: أن لا يبلغ به رتبة أئمة المذهب من أصحاب الوجوه والطرق، غير أنه فقيه النفس، حافظ لمذهب إمامه، عارف بأدلته، قائم بتقريره، ونصرته، يصور، ويحرر، ويمهد ويقوي، ويزيف، ويرجح، لكنه قصر عن درجة أولئك. وهذه صفة المتأخرين الذي رتبوا المذاهب، وحرروها، وصنفوا فيها تصانيف. الحالة الرابعة: أن يقوم بحفظ المذهب، ونقله وفهمه، فهو حجة في نقل المذهب وفتواه به، على أنه مخبر ناقل، لا مجتهد مستنبط، ولا يجتهد إلا في المسائل التي تتشابه مع المنصوصات بغير كبير تأمل ولا فكر. وكذلك المسائل التي يعلم أنها تندرج تحت ضابط من الضوابط الفقهية (¬1). إذا تبين هذا، فأين يرتب شيخ الإسلام؟ لا شك أن فتاويه التي أفتى بها على خلاف مذهب الإمام أحمد تدل على أنه إما مجتهد مطلق، وإما مجتهد مقيد من الدرجة الأولى. وقد عده المرداوي في "الإنصاف" (¬2) مجتهداً مطلقاً، فقال: قد ألحق طائفة من أصحابنا المتأخرين بأصحاب هذا القسم -يعني القسم الأول- الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمة الله عليه- وتصرفاته في فتاويه، وتصانيفه تدل على ذلك. ا. هـ. ¬

_ (¬1) الإنصاف، المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 30/ 384، الفواكه العديدة 2/ 171، المدخل ص 374، إعلام الموقعين 4/ 173، معونة أولي النُّهى 9/ 588. (¬2) 30/ 384

ومعنى ذلك: أن شيخ الإسلام يستقل بأصول في الإجتهاد والفتوى عن الأئمة الأربعة، ومنهم الإمام أحمد، ولكن تلك الأصول التي استقل بها تتشابه إلى حد بعيد مع أصول الإمام أحمد. ويذهب الشيخ محمد أبو زهرة إلى القول بأن شيخ الإسلام معدود في المجتهدين المنتسبين، أي: إنه عنده مجتهد ضمن المذهب الحنبلي. فقال: ولقد غالى فيه بعضهم فادعى أنه من أصحاب الإجتهاد المطلق الذي لم ينتسب إلى مذهب من المذاهب، وعلى ذلك يكون القول المعتدل الذي لا مغالاة فيه ولا شطط، ولا بخس ولا وكس: إنه مجتهد منتسب (¬1). وكلام الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- غير مسلم لعدة أسباب، منها: أولاً: أنه اعتبر من وصفه بالإجتهاد المطلق مغالين فيه، وأنهم يقعون على الطرف النقيض من أولئك الذين ينزلون به عن درجات الإجتهاد كلية لسبب العداوة والخصومة، ونحن لا نستطيع أن نتعرف على عالم من علماء المسلمين الذين غبروا إلا من خلال تلك الكتب التي عرّفت به أو الآثار التي تركها ووصلت إلينا، ولا يجوز لنا أن نعتبر كلامهم مغالاة أو اشتطاطاً إلا إذا تبين ذلك بوضوح. وقد تقدم أن المرداوي يعتبره من المجتهدين على الإطلاق، وهو من علماء المذهب المحققين، الذين لا يطلقون الكلام جزافاً ولا مبالغة. ووصفه ابن رجب في "الطبقات" (¬2) بأنه: الإمام الفقيه المجتهد المحدث ... إلخ. وعادته -رَحِمَهُ اللهُ- أن لا يصف كبار الحنابلة بوصف "المجتهد" فضلاً عن صغارهم، فدل ذلك أنه يعتبره مجتهداً مطلقا. وقال الذهبي فيه: وقد خالف الأربعة في مسائل معروفة، وصنف فيها واحتج لها بالكتاب والسنة ... إلى أن قال: وله الآن عدة سنين لا يفتي بمذهب معين، بل بما قام الدليل عليه عنده (¬3). ¬

_ (¬1) ابن تيمية ص 448. (¬2) 2/ 378. (¬3) الشهادة الزكية، للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي، ص 41، ط. الرسالة.

وقال في موضع آخر: وإن عُد الفقهاء فهو مجتهدهم المطلق (¬1)، وقال البرزالي-وهو تلميذه-: وبلغ رتبة الإجتهاد، واجتمعت فيه شروط المجتهدين (¬2)، ولا ريب أنه يعني بذلك المجتهد المطلق، لأن شروط المجتهدين التي نص عليها الأصوليون والفقهاء هي الشروط التي تؤهل الفقيه إلى رتبة الإجتهاد المطلق. فهذه الشهادات، وغيرها مما تركناه، تدل على أنه كان مجتهداً مطلقاً في نظر أولئك الذين يعرفونه عن قرب، ويشهدون على المعاينة، أو النقل القريب. وبالتالي لا يعتبر التوسط بين هؤلاء وبين أولئك الذين ظلموه ويخسوه حقه عدالة في القول وصواباً في الحكم وتجانفاً عن الغلو. ثانياً: أن كثيراً ممن ترجم له وصفه بأنه كامل المعرفة بالقرآن وعلومه، والحديث وفنونه، واللغة ومباحثها، والأصلين، وغير ذلك مما يعده الأصوليون في الشروط المطلوبة في المجتهد. وإذا كان الذي يحفظ أحاديث الأحكام بالإضافة إلى الدراية بعلوم السنة محصلاً لشرط الإجتهاد المطلق في ذلك، فكيف برجل قيل فيه: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث (¬3)؟!! بل قد صرح الكمال ابن الزملكاني باستكمال شروط الإجتهاد لدى ابن تيمية، فقال: اجتمعت فيه شروط الإجتهاد على وجهها (¬4). ثالثاً: إن الشيخ أبا زهرة نفسه يقرر استقلال شيخ الإسلام بأصول يتميز بها عن غيره في الإجتهاد، فيقول مثلاً: إنه بلا شك من حيث أدوات الإجتهاد، والمدارك الفقهية، ومن حيث علمه بالسنة واللغة ومناهج التفسير، وفهمه للقرآن، وأصول السنة وإحاطته بالحديث دراية ورواية، يوضع في الدرجة الأولى من الإجتهاد المطلق (¬5). لكنه مع ذلك لم يجعله مجتهداً مستقلاً، لكونه يدور في فلك المذهب الحنبلي في نتائج الإجتهاد، حيث يتفق غالباً مع مذهب أحمد، ولو في بعض الروايات التي نُقلت عنه. ¬

_ (¬1) المصدر السابق، ص 42. (¬2) المصدر، ص 48. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة، لإبن رجب 2/ 391، ولا يَخفَى ما في هذا القول والمغالاة التي لا يرضاها ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-. (¬4) المصدر السابق 2/ 390. (¬5) ابن تيمية ص 439.

منهج ابن تيمية في الفتوى والإجتهاد

وهذا لا حجة فيه، لَما عَلمنا من أن الروايات عديدة في مذهب الإمام أحمد، حتى إننا لو اعتبرنا تلك الروايات مذهباً له على إطلاقها دون إعمال قواعد الترجيح والإعتماد والتمييز، إذاً لإستغرق مذهبه الخلافَ الموجودَ بين الصحابة والتابعين، ولم يبق من تفردات الإمام أحمد المطلقة عن بقية المذاهب إلا النادر الذي لا يلتفت إليه عادة. ولا شك في أن شيخ الإسلام وليد المدرسة الحنبلية، وأنه من أتقن الناس معرفة بمذهب إمام السنة أصولاً وفروعاً، فهذا لا يجادل فيه أحد، ولا مجادلة في أن تفردات ابن تيمية عن المذهب الحنبلي قليلة. وكذلك عن المذاهب الأربعة هي أقل، ولكن ذلك لا يمنع من صحة ما ترجح، لأن الإنسان مهما اجتهد في الأزمنة المتأخرة، فإنه لابد أن ينتهي إلى ما يوافق أحد المذاهب الأربعة، ولو في قول مرجوح، أو في وجه من الوجوه، أو في إحدى الروايات التي لم يعتمدها المتأخرون. وذلك لا يعد مانعاً من أن يبلغ العالم من المتأخرين ما بلغه المتقدمون، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. • منهج ابن تيمية في الفتوى والإجتهاد: ويسلك شيخ الإسلام في منهاجه العام في الإجتهاد والفتوى مسلك الإمام أحمد، وأصوله العامة، لأنها أصح الأصول في نظره، كما أنه يضيف إلى ذلك أصول أهل المدينة وعلى رأسهم إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رَحِمَهُ اللهُ-، وهو يعتبر أصولهم راجحة على أصول غيرهم، وأنها تتشابه في الجملة مع أصول الإمام أحمد. هذا ما يلحظ من خلال تفحص فتاويه ومباحثه المتعلقة بالمذاهب، فقد قال بصدد ترجيح أصول الإمام أحمد ما نصه: "ومن كان خبيراً بأصول أحمد ونصوصه عرف الراجح في مذهبه في عامة المسائل، وإن كان له بصر بالأدلة الشرعية عرف الراجح في الشرع، وأحمد كان أعلم من غيره بالكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولهذا لا يكاد يوجد له قول يخالف نصا كما يوجد لغيره، ولا يوجد له قول ضعيف في الغالب إلا وفي مذهبه قول يوافق القول الأقوى، وأكثر مفاريده التي لم يختلف فيها مذهبه يكون قوله فيها راجحاً، كقوله بجواز فسخ الإفراد والقِران إلى التمتع، وقبوله شهادة أهل الذمة على المسلمين عند الحاجة ... وأما ما يسميه بعض الناس مفردة لكونه انفرد بها

عن أبي حنيفة والشافعي، مع أن قول مالك فيها موافق لقول أحمد أو قريب منه .... فهذه غالبها يكون قول مالك وأحمد أرجح من القول الآخر، وما يترجح فيها القول الآخر يكون مما اختلف فيه قول أحمد، وهذا: كإبطال الحيل المسقطة للزكاة والشفعة، ونحو ذلك الحيل المبيحة للربا والفواحش ونحو ذلك، وكاعتبار المقاصد والنيات في العقود، والرجوع في الأيمان إلى سبب اليمين، وما هيجها مع نية الحالف، وكإقامة الحدود على أهل الجنايات، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون يقيمونها، كما كانوا يقيمون الحد على الشارب بالرائحة والقيء ونحو ذلك، وكاعتبار العرف في الشروط، وجعل الشرط العرفي كالشرط اللفظي، والإكتفاء في العقود المطلقة بما يعرفه الناس، وإن ما عده الناس بيعا فهو بيع، وما عدوه إجارة فهو إجارة، وما عدوه هبة فهو هبة، وما عدوه وقفاً فهو وقف، لا يعتبر في ذلك لفظ معين، ومثل هذا كثير" (¬1). فأنت تلمس من خلال هذا، أن شيخ الإسلام يفضل المذهبين ويقارب بينهما، لأنهما يعتمدان جميعاً في الأصول الإجتهادية ما يلي: - الإعتداد بسد الذرائع وإبطال الحيل التي تؤدي إلى هدم مقاصد الشارع. - الإعتبار للمعاني والمقاصد في العقود وعدم التركيز على الألفاظ المعبرة عنها. - إعمال السياسة الشرعية في تنفيذ الحدود والزجر عن الجرائم. - الإعتبار للعرف في الشروط وألفاظ العقود وغير ذلك مما لا يتناقض مع نصوص الشرع. وقد حُفظ في فتاويه -رَحِمَهُ اللهُ- كلام مطول نحو مائة صفحة تحت عنوان: "صحة أصول أهل المدينة" (¬2). وهذه بعض المقتطفات المهمة منه: "مذهب أهل المدينة النيوية -دار السنة ودار الهجرة ودار النصرة ... - مذهبهم في زمن الصحابة والتابعين، وتابعيهم أصح مذاهب أهل المدائن الإسلامية شرقا وغرباً، في الأصول والفروع ... وفي القرون التي أثنى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان مذهب ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى 20/ 228 - 230. (¬2) مجموع الفتاوى 20/ 294 - 396.

أهل المدينة أصح مذاهب أهل المدائن، فإنهم كانوا يتأسون بأثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من سائر الأمصار، وكان غيرهم من أهل الأمصار دونهم في العلم بالسنة النبوية واتباعها ... ولهذا لم يذهب أحد من علماء المسلمين إلى أن إجماع أهل مدينة من المدائن حجة يجب اتباعها غير المدينة ... فأما الأعصار الثلاثة المفضلة، فلم يكن فيها بالمدينة النبوية بدعة ظاهرة ألبتة، ولا خرج منها بدعة في أصول الدين، كما خرج من سائر الأمصار ... وهذا باب يطول تتبعه، ولو استقصينا فضل علماء أهل المدينة وصحة أصولهم لطال الكلام. إذا تبين ذلك، فلا ريب عند أحد من أن مالكا - رضي الله عنه - أقوم الناس بمذهب أهل المدينة رواية ورأيا، فإنه لم يكن في عصره ولا بعده أقوم بذلك منه ... وأما الحديث فأكثره نجد مالكا قد قال به في إحدى الروايتين، وإنما تركه طائفة من أصحابه، كمسألة رفع اليدين عند الركوع والرفع منه. وأهل المدينة رووا عن مالك الرفع، موافقاً للحديث الصحيح الذي رواه ... إذ قلَّ من سنة إلا وله قول يوافقها، بخلاف كثير من مذهب أهل الكوفة، فإنهم كثيراً ما يخالفون السنة، وإن لم يتعمدوا ذلك. ثم من تدبر أصول الإسلام وقواعد الشريعة وجد أصول مالك وأهل المدينة أصح الأصول والقواعد، وقد ذكر ذلك الشافعي وأحمد وغيرهما". اهـ. ثم ساق شيخ الإسلام في آخر البحث أمثلة كثيرة مما ذهب إليه أهل المدينة في العبادات والمعاملات والجنايات، وانتصر إليه بالحجة والدليل والنظر إلى مقاصد الشريعة وحكمة التكليف، وهو في ذلك كله ينظر بالمنظور الحنبلي، ويزن بميزانه، مما يدل في النهاية أن ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ- جمع بين أصول الحنابلة وأصول أهل المدينة، وجعلها منهاجاً يسير عليه في الفتوى والإجتهاد والترجيح بين أقوال العلماء في الكليات والجزئيات.

الفصل الرابع أبرز مؤلفات المذهب الحنبلي

الفصل الرابع أبرز مؤلفات المذهب الحنبلي وفيه تمهيد، وثلاثة مباحث: المبحث الأول: في فنون الفقه التي توزعتها التصانيف. المبحث الثاني: في ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية. المبحث الثالث: في التعريف بأشهر الكتب المعتمدة في المذهب.

تمهيد

تَمْهِيدْ تعتبر مكتبة المذهب الحنبلي ثروة هائلة في الفقه الإسلامي، في أصوله وفروعه، وقد تكونت هذه المكتبة عبر الأدوار التي مر بها هذا المذهب في تاريخه وتطوره. وكما سبق تركز المذهب الحنبلي في بغداد، ثم في الشام (دمشق - بعلبك - نابلس) ثم في مصر، ثم في المملكة العريية السعودية، فقد كانت المكتبة الحنبلية هي الأخرى تتبع ذلك التركز والتوضع في تطورها، وتكاملها. ولا يخفى أن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على الرأي في أول أمره، كما مرَّ في سيرته، وذلك يستلزم بالحتم والتأكيد كراهة التأليف في الفقه وأصوله، لأن الفقه فيما عدا منصوصات الكتاب والسنة، إنما هو الرأي والقياس والإجتهاد. ومن هنا، فإن فقه الإمام المبجل حُفظ ودون بواسطة جهود أولئك التلاميذ الذين كانوا يحيطون به، ويسمعون منه الأجوبة عن الأسئلة التي كانوا يسألونه إياها، أو يُسأل عنها بحضرتهم، فمنهم من دونها مباشرة، ومنهم من حفظها واستودعها ذاكرته، حتى إذا جاء وقت الحاجة دونها، وأملاها على تلامذته من الطبقة الثانية. ثم جاء الخلَّال فجمع تلك المسائل بقدر ما أمكنه، فأدى واجب الكفاية في لَمِّ شمل هذا المذهب الجليل، وتدوينه تدويناً منهجياً يسهل على من جاء بعده معرفة المذهب الأحمدي وفاقاً وخلافاً وتوقفاً. ثم جاءت أدوار التنقيح، والتهذيب، والتخريج، والإستدلال بالمنقول والمعقول، ووضع الأصول، والقواعد والضوابط، وغير ذلك من الأعمال الفنية والعلمية التي أخرجت الفقه الحنبلي إخراجاً كلاملاً، لا ينقصه شيء، على غرار المذاهب الأخرى التي مرت بنفس المراحل في التنقيح، والتهذيب، والتخريج، والإستدلال، والتأصيل. ولا ريب أن اختلاف الروايات عن الإمام أحمد في المسألة الواحدة كان من المشكلات التي واجهت مقرري المذهب، ومحرريه، ومصححيه، إلا أنهم استطاعوا بفضل الله

وتوفيقه أن يصلوا إلى ييان الصحيح من الضعيف، والراجح من المرجوح، والمحفوظ من الشاذ في تلك الروايات، كما أوضح المرداوي ذلك في "تصحيح الفروع" وابن بدران في "المدخل" (¬1). ويهذه الجهود الضخمة خلف علماء الحنابلة تراثاً فقهياً ضخماً يتمثل في مصنفاتهم الكثيرة والمتنوعة، كثرة وتنوعاً تستعصي على الاستقصاء، وتعزب عن الحصر والإحاطة، وكيف لا، وهذا "مختصر الخرقي" عليه المئات من الشروح، حتى قال يوسف بن عبد الهادي (909 هـ) في آخر شرحه لغريب هذا "المختصر": قال شيخنا عز الدين المصري، إنه ضبط له ثلاثمائة شرح، وقد اطلعنا له على قريب العشرين شرحاً (¬2). وسنحاول أن نعرف بأهم المؤلفات في المذهب الحنبلي، التي اعتمد عليها العلماء والطلاب والباحثون، وعم نفعها، وبنى عليها الفقهاء في الفتوى والتأليف،- ولن نستقصي هنا في سرر المصنفات لأن ذلك سيكون بإذن الله في قسم مستقلٍّ خاصٍّ بذكر مؤلفات الحنابلة. وذلك في ثلاثة مباحث رئيسة: المبحث الأول: في فنون الفقه التي توزعتها التصانيف. المبحث الثاني: في ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية. المبحث الثالث: في التعريف بأشهر الكتب المعتمدة في المذهب. ¬

_ (¬1) الفروع مع تصحيحه 1/ 64، عند قول المرداوي: (مسألة- ا) قول المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- في الخطبة: "وإذا نقل عن الإمام في مسألة قولان، فإن أمكن الجمع ... ألخ" والمدخل، لإبن بدران، ص 126 وما بعدها. (¬2) الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي، ليوسف بن عبد الهادي، ص 873، تحقيق رضوان بن غربية. ط. دار المجتمع، جدة.

المبحث الأول في فنون الفقه التي توزعتها التصانيف

المبحث الأول في فنون الفقه التي توزعتها التصانيف كانت مراحل تدوين الفقه الإسلامي شبيهة بمراحل تدوين السنة وعلومها، فقد كان الفقه في نشأته المبكرة مدوناً في جوامع لمسائله الروية عن أئمته بالسند المتصل، ثم أفرغت تلك الجوامع في مصنفات مبوبة ومرتبة ترتيباً أكثر منهجية، وأوضح تبويباً، وأدق ترتيباً، وهكذا شيئاً فشيئاً، حتى تشعب إلى شعب وفنون مختلفة سواء من الناحية الشكلية أو من الناحية الموضوعية. ويمكن أن نضبط تلك الفنون والشعب التي توزعتها التصنيفات، وتناولتها البحوث والتأليفات، بعشرة أنواع: 1 - التأليف في الفقه العام الشامل للموضوعات. 2 - التأليف في موضوعات فقهية مفردة. 3 - التأليف في فقه الخلاف أو الفقه المقارن. 4 - التأليف في القواعد والفروق والضوابط والكليات. 5 - التأليف في أصول الفقه وأدب الفتوى. 6 - التأليف في لغة الفقهاء أو المعاجم الفقهية أو فقه المصطلحات. 7 - التأليف في المفردات والغرائب والنوادر. 8 - التأليف في الإختيارات الفقهية. 9 - التأليف في الفتاوي. 10 - التأليف في الألغاز. التأليف في الفقه الشامل للموضوعات: نقصد بالفقه العام، أو الفقه الشامل للموضوعات، مجموع الأحكام التكليفية والوضعية، وما يتصل بها ويتبعها، والتي تنتظم الحياة الإنسانية في حالتيها الفردية والجماعية.

وقد درج الفقهاء على تقسيم موضوعات الفقه الإسلامي إلى عبادات ومعاملات، وذلك أن الإنسان لا يخلو في نشاطه الدنيوي المسؤول من أن يكون مخاطباً أو مشغولاً بعبادة ربه سبحانه وتعالى، أو مخاطباً أو مشغولاً بعاملة من المعاملات التي لها علاقة بنفسه أو بغيره. وفي ذلك كله فِقْهٌ يحدد الأركان والواجبات، والسنن والآداب والمستحبات، والشروط والموانع والمفسدات، كما يحدد الحقوق والواجبات، والحلال والحرام، والمكروه والمباح. فإذا تبين هذا، فإننا عندما نرجع إلى جدول الترتيب الموضوعي للفقه في كتب الحنابلة، نجدهم درجوا على هذا التسلسل: أولاً: قسم العبادات: وفيه كتاب الطهارة. كتاب الصلاة. كتاب الجنائز. كتاب الزكاة. كتاب الصيام. كتاب المناسك (الحج والعمرة). ثانياً: قسم المعاملات المالية: وفيه: كتاب البيوع، وتوابعه من: القرض، والسلم، والحوالة، والكفالة، والصلح، والوكالة، والمضاربة، والشركة، والإجارة، والعارية، والغصب، والوديعة، والشفعة، وإحياء الموات، والوقف، واللقطة، والهبة. ثالثاً: قسم الأحوال الشخصية: وفيه كتاب الوصايا. كتاب الفرائض. كتاب العتق. كتاب النكاح. كتاب الصداق. كتاب الطلاق. كتاب الرجعة. كتاب الإيلاء. كتاب الظهار. كتاب القذف واللعان. كتاب العِدَد. كتاب الرضاع. كتاب النفقات. رابعاً: قسم العقوبات: وفيه كتاب الجراح وما يتبعها من قصاص وديات. كتاب الحدود. كتاب الجهاد. خامساً: قسم الحظر والإباحة: وفيه: كتاب الأطعمة وما يتبعها من الذكاة والصيد. كتاب الأيمان والنذور. سادساً: قسم الأحكام: وفيه: كتاب الأقضية. كتاب الشهادات. كتاب الإقرار. وقد صنف الحنابلة عدداً كبيراً من الكتب الجامعة التي استوعبت الموضوعات السابقة، من مطولات ومختصرات، مما سنعرِّف ببعضه فيما بعد إن شاء الله. وقد روعي الترتيب السابق في جل التصنيفات الجامعة، وهو المنهج الذي استقر عليه المتأخرون من بعد المجد ابن تيمية في "محرره " وابن قدامة في "المقنع" و"الكافي" و"العمدة".

أما في "المغني" فقد اتبع ترتيب الأصل، وهو"مختصر الخرقي"، وهو يختلف شيئًا قليلاً في الترتيب وفي تسمية بعض العناوين، فنجده يدرج كتاب الإقرار في ضمن المعاملات المالية، كما يؤخر الوديعة عن المعاملات المالية، ويدرجها فيما بين الميراث والنكاح، ويجعل العتق آخر الكتب، ويجعل كتاب السبق والرمي بين الصيد والأيمان، وهو من المعاملات المالية. كما أننا نجد فيه كتاب قسم الغنيمة والفيء والصدقة، وهو كتاب وزعه المتأخرون على الجهاد والزكاة. وكتاب الأضاحي، وهو يندرج عند المتأخرين ضمن كتاب الحج لمناسبته للهدي، كالعقيقة. وكتاب الكفارات وهو يتوزع عند المتأخرين على عدة كتب، كالصيام، والقتل، والأيمان، والظهار. وفي الجملة نجد المتقدمين يختلفون بعض الإختلاف مع المتأخرين في الترتيب، وفي العناوين، كما نلاحظ ذلك في "مسائل عبد الله" وفي كتاب "الروايتين والوجهين" لأبي يعلى، "والإرشاد" للشريف أبي علي بن أبي موسى. التأليف في موضوعات فقهية مفردة: وذلك، كأن يجرد المؤلف كتاباً من الكتب الفقهية التي سبقت الإشارة إليها، ويصنف فيه تصنيفاً مستقلاً، أو يصنف في باب من أبواب ذلك الكتاب، أو في فصل، أو في مسألة. وقد يكون عنوان الموضوع المفرد في التأليف غير معروف في فهارس الموضوعات للكتب الفقهية الجامعة، وذلك مثل: أحكام النساء، وأحكام الخواتيم، والأقسام التي أقسم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ والتأليف في الموضوعات المفردة عند الحنابلة سُنَّة سنها الإمام أحمد نفسه في التصنيف الفقهي وغيره. فقد سبق التعريف بكتبه التي ألفها، وإذا لاحظنا عناوينها الدالة على محتوياتها نجد أكثرها مفردات في علوم مختلفة، وذلك كـ: "فضائل الصحابة" و"الناسخ والمنسوخ" و"الفرائض" و"الإمامة" و"نفي التشبيه" و"المناسك" الكبير والصغير، و"الأشربة" و"الوقوف والوصايا" و"أحكام النساء" و"الترجل" و"الإرجاء". وغير ذلك. وقد طَبَعت هذه المصنفات في نفوس أصحاب الإمام أحمد فكرة التصنيف في الموضوعات المفردة المستقلة، وعلى وجه أخص فإننا نجد في طبقات المتقدمين منهم اهتمامًا كبيرًا بهذا اللون من التأليف، لشدة تأثرهم بسيرة الإمام المبجل في العلم والعمل، حتى إنهم ألفوا كتباً كثيرة تحت نفس العناوين التي سبقت الإشارة إليها.

فنجد "الناسخ والمنسوخ" لأبي داود، ولأبي جعفر ابن النحاس، ولمحمد الموصلي. ونجد "الفرائض" لعبد الله العكبري. ونجد "نفي التشبيه" لإبن عقيل، ونجد "المناسك" لعبد الله العكبري، وإبراهيم الحربي، ولأبي الخطاب الكلوذاني، ولجعفر السراج، ولعلي الزاغوني، ولابن قدامة المقدسي، ولعبد الوهاب النابلسي. ونجد "أحكام النساء" للآجري، والعكبري، وابن رجب، والخلال، وابن الجوزي. ولا يخفى ما في التآليف المفردة من فوائد، فإنها تدل على الإهتمام بالموضوع المؤلف فيه، والإستقصاء في جمع شتاته ولَمِّ شعثاته، وقد يجد المؤلف بالنَّاس حاجةً ماسةً يراها من فريضة العصر وواجب الوقت، ليبين لهم ما أنزل الله لهم من الحق، وما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته في ذلك من الكتاب والحكمة. قال أبو حاتم الرازي: أتيت أحمد بن حنبل في أول ما التقيت معه سنة 213 هـ، فإذا قد أخرج معه إلى الصلاةكتاب "الأشربة" وكتاب "الإيمان"، فصلَّى، ولم يسأله أحد، فرده إلى بيته. وأتيته يوماً آخر، فإذا قد أخرج الكتابين فظننت أنه يحتسب في إخراج ذلك، لأن كتاب "الإيمان" أصل الدين، وكتاب "الأشربة" صرف الناس عن الشر، فإن أصل كل شر من السكر (¬1). فنلاحظ كيف تنبه الإمام أبو حاتم إلى أهمية الكتابين، وضرورتهما للناس، ونزيد على ذلك، فنقول: إنه ما من شك يمكن أن يحوم بالأذهان أن بغداد في زمن الإمام أحمد كانت مرتعاً لنشر البدع والفقه الشاذ، فقد كانت بدع المعتزلة والقدرية والمرجئة تفعل فعلها في الناس كبارًا وصغاراً، فكان الإمام أحمد يرى تأليف مثل كتاب "الإيمان" فريضة الوقت في الرد على تلك البدع المضلة بأبلغ جواب، وذلك ببيان ما في كتاب الله وسنة رسوله من الحق الذي لا يمتري فيه مسلم. والى جانب ذلك، فقد درج بعض الخلفاء العباسيين على استحلال النبيذ وتناوله، مصيراً منهم إلى تقليد بعض فقهاء الكوفة الذين أباحوا الأنبذة المتخذة من غير العنب، ولو كانت مسكرة، ما دام القدر المشروب منها لم يصل بالشارب إلى حد الثمول. وتلك بلية تستحق تأليف كتاب مثل "الأشربة" لبيان ما ثبت في السنة مما يخالف ذلك الإجتهاد مخالفة صريحة. ¬

_ (¬1) تقدمة الجرح والتعديل ص 295.

ولا ينبغي أن نمتري في أن التأليف في الموضوعات المفردة في العقائد والفقه وعلوم القرآن والسنة، كانت ميزة القرن الثاني والثالث والرابع، لدى أئمة المذاهب وأصحابهم، إلا أن الحنابلة فاقوا غيرهم، وحازوا قصب السبق في ذلك، فلله دَرُّهم، كما قال ابن بدران في "العقد الثامن" من كتابه: أعلم أن أصحابنا تفننوا في علومهم الفقهية فنوناً، وجعلوا لشجرتها المثمرة بأنواع الثمرات غصوناً، وشعبوا من نهرها جداول تروي الصادي، ويحمد سيرها الساري في سبيل الهدى، وطريق الاقتدا، ففرعوا الفقه إلى المسائل الفرعية، وألفوا فيها كتباً قد اطلعت على بعض منها (¬1). التأليف في فقه الخلاف، أو الفقه المقارن: وذلك بتجريد المسائل الفقهية الشهيرة التي اختلف فيها الأئمة، وانقسموا على مذهبين فأكثر، وهي المسماة في كتب المتقدمين بـ "مسائل الخلاف" أو"رؤوس المسائل" أو"عيون المسائل" أو غير ذلك من التسميات المقارية. فقد جرد الفقهاء الذين اعتنوا بالإجماع والخلاف، كإبن المنذر والطبري وابن عبد البر، وغيرهم، جردوا تلك المسائل، ونصوا على الخلاف فيها بين العلماء، ثم جاء فقهاء النظر من المنتسبين إلى المذاهب، فتناولوا تلك المسائل بالإحتجاج، كلُّ فريق يحتج لمذهبه، ويرد على خصمه بحجج من النقل والعقل. وفي ذلك يقول ابن خلدون: وهو لعمري علم جليل الفائدة في معرفة مآخذ الأئمة وأدلتهم، ومران المطالعين له على الإستدلال فيما يرومون الإستدلال عليه. وتآليف الحنفية فيه والشافعية أكثر من تآليف المالكية، لأن القياس عند الحنفية أصل للكثير من فروع مذهبهم، كما عرفت، فهم لذلك أهل النظر والبحث. أما المالكية فالأثر أكثر معتمدهم، وليسوا بأهل نظر. وأيضًا فأكثرهم أهل المغرب، وهم بادية غُفَّل من الصنائع إلا في الأقل، وللغزالي فيه "المآخذ" ولأبي بكر ابن العربي من المالكية كتاب "التلخيص" جلبه من المشرق، ولأبي زيد الدبوسي كتاب "التعليقة" ولابن القصار من شيوخ المالكية "عيون الأدلة"، وقد جمع ابن الساعاتي ¬

_ (¬1) المدخل ص 451.

في مختصره في أصول الفقه جميع ما ينبغي عليها من الفقه الخلافي، مدرجاً كل مسألة منه ما ينبغي عليها من الخلافيات (¬1). ويلاحظ من كلام ابن خلدون السابق أنه أهمل الحنابلة، وأقصاهم من الحلبة، كما أنه حط على المالكية حطا لا يتفق مع ما هو عليه الواقع التاريخي والمعرفي لهذا المذهب الجليل. وإذا استعرضنا كشَّاف المؤلفات الحنبلية في الخلاف أو الفقه المقارن، فإننا نجدهم من السابقين الأولى في هذا الفن، أو أنهم أتقنوا الصنعة فيه، وأحكموا مسالكه وموارده ومصادره، خصوصاً في القرن الخامس والسادس، ومما ساعدهم على ذلك أنهم كانوا مستوطنين لبغداد التي كانت عاصمة العلم، يرحل الناس إليها من أقصى المشرق وأقصى المغرب، فلا جرم أنها كانت جامعة لأكبر الفقهاء من كافة المذاهب، وكان يعقد فيها من مجالس المناظرة مالا يعقد في غيرها على الإطلاق. ومن ثَم فقد برع الحنابلة في فقه الخلاف أو الفقه المقارن، براعة لا تزال تشهد بها كتبهم إلى اليوم. ومن جملة ما ألف الحنابلة في الخلاف: • "اختلاف الصحابة والتابعين في الفقه" لإبن أبي حاتم الرازي (327 هـ). • "كتاب في الفقه والإختلاف" لأبي بكر النجاد (348 هـ). • "الخلاف مع الشافعي" لغلام الخلال (363 هـ). • " الخلاف" لعبد العزيز بن الحارث التميمي (371 هـ). • "رؤوس المسائل" له أيضًا. • "التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة" (¬2) للقاضي أبي يعلى (458 هـ) شيخ المذهب. وله عدة تسميات أخرى، لكن المسمى واحد، والسبب في ذلك أن أصحاب التراجم لا يوردون أسماء الكتب بالعناوين التي وضعها مؤلفوها، فيلتبس الأمر على من لا يعرف الحقيقة، فيظن الكتاب الواحد كتباً عديدة. • "رؤوس المسائل" للشريف أبي جعفر (470 هـ). ¬

_ (¬1) المقدمة لإبن خلدون 2/ 555 - 556. (¬2) تكلم ابن بدران على هذا الكتاب بشيء من التفصيل في كتابه "المدخل" ص 450.

• "نزهة الطالب في تجريد المذاهب" للبناء (471 هـ). • "الإنتصار في المسائل الكبار" لأبي الخطاب (510 هـ). • "رؤوس المسائل" له أيضًا. وهو مختصر من السابق. وغير ذلك كثير، ولسنا بسبيل استقصاء المؤلفات، ولكن ذكرنا هذه الجملة ليتنبه الغافل، ويتعلم الجاهل أن الحنابلة أخذوا من هذا الفن بالحظ الوافر. وتعتبر كتب الخلاف عند الحنابلة مادة غزيرة في جمع روايات المذهب في الخلاف داخل المذهب، وبيان الراجح من المرجوح منها. وفي هذا الصدد يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ- في الجواب عن سؤال يتعلق بكيفية التعرف على الأصح والأرجح مما هو غير منصوص في المتون المعتمدة كـ "الكافي" و"المحرر" و"المقنع"، يقول في ذلك: "فطالب العلم يمكنه معرفة ذلك من كتب أخرى؛ مثل "التعليق" للقاضي أبي يعلى، و"الإنتصار" لأبي الخطاب، و"عمد الأدلة" لإبن عقيل، وتعليق القاضي يعقوب البرزبيني، وأبي الحسن بن الزاغوني، وغير ذلك من الكتب الكبار التي يذكر فيها مسائل الخلاف، ويذكر فيها الراجح. وقد اختصرت رؤوس مسائل هذه الكتب في كتب مختصرة مثل "رؤوس المسائل" للقاضي أبي الحسين، وقد نقل عن الشيخ أبي البركات صاحب "المحرر" أنه كان يقول لمن يسأله عن ظاهر مذهب أحمد: إنه ما رجحه أبو الخطاب في رؤوس مسائله" (¬1). التأليف في القواعد والفروق والضوابط والكليات: والقواعد: هي الكليات التي تضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه على مآخذ الفقه، وتنظم له منثور المسائل في سلك واحد، وتقيد له الشوارد، وتقرب عليه كل متباعد. ويمكن تعريف القاعدة بالتعبير الإصطلاحي بأنها: حكم شرعي في قضية أغلبية يتعرف منها أحكام ما دخل تحتها (¬2). ومثال ذلك: القاعدة (158) من قواعد ابن رجب، ونصها: إذا تعارض معنا أصلان عُمل بالأرجح منهما، لإعتضاده بما يرجحه، فإن تساويا خُرج في المسألة وجهان غالبًا. ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى 20/ 227. (¬2) القواعد الفقهية، لعلي أحمد الندوي، ص 43، ط دار القلم، 1986.

ونظرًا لما تتسم به القواعد من المعاني الكلية الضابطة للفقه وأصوله، فإنها تعد من دون مرية ذخيرة الفقيه وميزانه الذي يزن به، كما توفر عليه كثيرًا من المعارف الجزئية التي يقضي العمر ولا يدرك مرامها، وفي ذلك يقول القرافي: "وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه، ويشرف، ويظهر رونق الفقه وَيعرف (¬1)، وتتضح مناهج الفتوى وتكشف. فيها تنافس العلماء، وتفاضل الفضلاء، وبرز القارح على الجذع، وحاز قصب السبق من فيها برع، ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية، دون القواعد الكلية، تناقضت عليه الفروع، واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها، واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، وانتهى العمر، ولم تقض نفسه من طلب منَاها. ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات، لاندراجها في الكليات" (¬2). وأمَّا الفروق فهي البيانات التي تكشف عن الإختلاف في الأحكام بين المسائل المتشابهة في الصورة والظاهر، وما يتبع ذلك من تبيين مآخذ أحكامها وأدلتها وعللها، ليتضح للفقيه طرق الأحكام، ويكون قياسه للفروع على الأصول متسق النظام، ولا يلتبس عليه طرق القياس، فيبني حكمه على غير أساس (¬3). ومن أمثلة الفروق: إذا أحرم مبهمًا، نظرنا، فإن كان في أشهر الحج، فله صرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة، أو قران، والأفضل صرفه إلى التمتع، وإن كان في غير أشهر الحج، انعقد إحرامه بعمرة. والفرق بينهما: أن الإحرام بالحج في غير أشهره مكروه، فلهذا لم يقع موقعاً موقوفًا، وانصرف إلى غير المكروه. ويفارق إذا كان ذلك في أشهر الحج، لأنه وقت للإحرام بالحج، فلهذا وقع موقوفًا (¬4). ¬

_ (¬1) بكسر الراء، من العَرْف الذي هو الرائحة، وفي ذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن دم الحيض أسود يَعرف". وقال: " .... لا يجدن عَرْف الجنة" أي ريحها كما في الرواية الأخرى. (¬2) الفروق، للقرافي، 1/ 3، ط. عالم الكتب، بيروت. (¬3) الفروق للسامرّي، 1/ 115، ت. محمد بن إبراهيم بن محمد اليحيى، ط. دار الصميعي. المدخل لإبن بدران، ص 457،449. (¬4) الفروق، للسامرّي، 1/ 312.

وأمَّا الضوابط والكليات، فهي تنظيمات ثانوية للفقه الإسلامي، بحيث يكون عمومها لا يتعدى الباب الواحد (¬1). وقد ألف الحنابلة -رَحِمَهُمُ اللهُ- في القواعد والفروق تأليفات متقنة محررة، وإن كانت متأخرة في الجمع، وقد شهد القرن الثامن في ذلك نشاطاً خاصًا على أيدي ثلة من الأعلام، كالطوفي، وابن تيمية، وابن رجب. فمن ذلك: • "القواعد الكبرى" للطوفي، سليمان بن عبد القوي الصرصري (716 هـ). وهذا يعني أن له "القواعد الصغرى" وهو كذلك، كما في ترجمته من "ذيل الطبقات"، وله أيضًا: "الرياض النواضر في الأشباه والنظائر". • "القواعد الفقهية" لإبن قاضي الجبل (771 هـ). • "القواعد الفقهية" لإبن رجب (795 هـ). واسمه الكامل: "تقرير القواعد وتحرير الفوائد". ويعدُّ كتاب المذهب في هذا الشأن، فإنَّه يدل على معرفة تامة بالمذهب، حتى قال حاجي خليفة في "كشف الظنون": هو كتاب نافع، من عجائب الدهر، حتى إنه استُكْثرَ عليه، وزعم بعضهم أن ابن رجب وجد قواعد مبددة لشيخ الإسلام ابن تيمية، فجمعها، وليس الأمر كذلك، بل كان -رَحِمَهُ اللهُ- فوق ذلك (¬2). • "القواعد والفوائد الأصولية" لإبن اللحام (803 هـ). وهي قواعد أصولية لا فقهية، كما يدل عليها العنوان، لكن فرع عليها أمثلة وفروعاً فقهية. فكان الكتاب معدوداً في جملة المصنفات التي صُنفت في تخريج الفروع على الأصول، بمعنى تطبيق القواعد والمسائل الأصولية على فروع الفقه. ¬

_ (¬1) القواعد الفقهية للندوي، ص 49، ومقدمة تحقيق كتاب القواعد، للحصني، للدكتور الشعلان، 1/ 28، ط. مكتبة الرشد،1997. (¬2) المدخل، لإبن بدران، ص 457.

وقد ألف في ذلك الإسنوي والزنجاني الشافعيان، وأبو عبد الله محمد الشريف التلمساني المالكي (¬1). هذا، وتكاد مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، سواء منها الرسائل، أو الفتاوي، أو المصنفات المفردة، تكاد تكون مصوغة صياغة القواعد الكلية العامة في الشريعة، أو ما يسمى بـ "النظريات الفقهية" فإننا كثيراً ما نجده يصدر فتاويه ورسائله بعنوان "قاعدة في كذا". التأليف في أصول الفقه وأدب الفتوى: تُعرَّف أصول الفقه بأنها: العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعيّة الفرعية من أدلتها التفصيلية (¬2). وهذا يفيد أنها قواعد متعلقة بالفقه، لكن تعلقًا يختلف عن "القواعد الفقهية"، وذلك أن القواعد الفقهية تكونت بعد الفقه ونشأت من داخله، وهي تنظيم الفقه في صيغ كلية، فهي إذن عملية داخلية مستفادة من الإستقراء العام للجزئيات. أما أصول الفقه فهي قواعد نشأت خارج الفقه، لأنها هي الطريق الممهد للوصول إلى استنباط الفقه؛ واستخراج الفروع، فباتت بهذا أساساً للبناء الفقهي، والأساس يختلف عن البنيان الناشيء فوقه. قال القاضي أبو يعلى: وأما أصول الفقه فهو: عبارة عما تبنى عليه مسائل الفقه، وتعلم أحكامها به، لأن أصل الشيء ما تعلق به وعرف منه، إما باستخراج أوتنبيه. فسميت هذه الأصول بهذا الإسم، لأن بها يتوصل إلى العلم بغيرها، فتكون أصلًا له (¬3). وهذا العلم مستمد من عدة علوم أخرى، كالقرآن الكريم وعلومه، والسنة الشريفة وعلومها، واجتهادات الصحابة وأقضيتهم وتصرفاتهم بشأن الفتوى، وعلوم اللغة من نحو وصرف وبلاغة وغريب، وغير ذلك. ¬

_ (¬1) فأما كتاب جمال الدين الإسنوي، فيسمى: "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" حققه الدكتور حسن هيتو، وأما كتاب الزنجاني فيسمى: "تخريج الفروع على الأصول" حققه الدكتور محمد أديب الصالح. وأما كتاب الشريف التلمساني فيسمى: "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول". حققه الدكتور محمد علي فركوس (جامعة الجزائر). (¬2) مختصر الروضة مع شرحه للطوفي، 1/ 120. (¬3) العدة في أصول الفقه 1/ 70.

وأما أدب الفتوى، فهو جملة من الشروط والصفات الضرورية والكمالية التي تطلب من المفتي والمستفتي، هذا في القيام بالفتوى، وذاك في تلقي الفتوى والعمل بها. وفي جملة شروط المفتي وما يلزمه، قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح عنه: "ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالمًا بوجوه القرآن، عالمًا بالأسانيد الصحيحة، عالماً بالسنن، وإنما جاء خلاف من خالف، لقلة معرفتهم بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها" (¬1). وقال في رواية ابنه عبد الله: "إذا كان عند الرجل الكتب المصنفة فيها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واختلاف الصحابة والتابعين، فلا يجوز أن يعمل بما شاء، ويتخير، فيقضي به، ويعمل به، حتى يسأل أهل العلم: ما يؤخذ به، فيكون يعمل على أمر صحيح (1). وروى الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (¬2) عن الشافعي أنه قال: "لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلًا عارفًا بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه، ويمحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، وفيما أنزل، ثم يكون بعد ذاك بصيراً بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث ما عرف من القرآن، ويكون بصيراً باللغة، بصيراً بالشعر، ويما يحتاج إليه للعلم والقرآن (¬3)، ويستعمل مع هذا الإنصاف، وقلة الكلام، ويكون بعد هذا مشرفاً على اختلاف أهل الأمصار، وتكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هكذا، فله أن يتكلم، ويفتي في الحلال والحرام، لماذا لم يكن هكذا، فله أن يتكلم في العلم ولا يفتي". وقد ألف العلماء من مختلف المذاهب في كل من "أصول الفقه" و"أدب الفتوى" فأما تآليفهم في أصول الفقه فإنها تستعصي على العد، فمنها البسيط ومنها الوسيط ومنها الوجيز، وسلكوا في ذلك أحد مسلكين: ¬

_ (¬1) إعلام الموقعين 1/ 49. (¬2) 2/ 157. ط. دار الكتب العلمية، 1975. (¬3) كذا، ويبدو أن صواب العبارة: للعلم بالقرآن. ومعناه: أن يكون لديه من المعرفة بلغة العرب وأشعارهم ما يكفيه للإستشهاد في فهم القرآن الكريم في ألفاظه وتراكيبه.

إما طريقة المتكلمين، أو طريقة الشَّافعية التي رسمها الإمام الشافعي في كتابه "الرسالة" الذي يعد أول كتاب صنف في أصول الفقه. وأما طريقة الفقهاء أو طريقة الحنفية التي رسمها الكرخي والجصاص وأبو زيد الدبوسي وأمثالهم. وظل الوضع على هاتين الطريقتين حتى القرن السابع، فظهرت طريقة جديدة ألَّفت بين الطريقتين ومزجت بين المنهجين، ويعتبر ابن الساعاتي الحنفي (694 هـ) صاحب الفضل والسبق في ذلك في كتابه "بديع النظام" الذي جمع فيه بين "الإحكام" للآمدي الشافعي و"أصول البزدوي" الحنفي (¬1). وأما الحنابلة فقد نهجوا نهج الشافعية في غالب تصنيفاتهم، وأثْروا المكتبة الأصولية إثراء ملحوظاً. ومع الأسف فإن كثيراً من الناس كان -ولا يزال- يعتقد أنه ليس للحنابلة كتب أصول مستقلة الوجهة واضحة النزعة، والحقيقة غير ذلك، فإني لما أتممت جمع المصادر لكتاب "أصول مذهب الإمام أحمد" من مكتبات المملكة العربية السعودية، ومكتبات مصر، والشام، وتركيا، والعراق، وغير ذلك؛ لما تم مسح الفهارس والإطلاع على ما للحنابلة من مصنفات في هذا الشأن، وَضُح أن مخطوطاتهم في أصول الفقه تعدّ بالمئات (¬2). ومن أشهر الكتب المؤلفة في الأصول الفقهية الحنبلية: • "العُدة في أصول الفقه" للقاضي أبي يعلى (458 هـ). وقد اختصره في مختصر لطيف. • "التمهيد في أصول الفقه" لأبي الخطاب الكلوذاني (510 هـ). • "الواضح في أصول الفقه" لأبي الوفاء ابن عقيل (513 هـ). وكلا الرجلين تلميذٌ للقاضي أبي يعلى، إلا أن أبا الخطاب تتبع أبا يعلى في إيراد الأقوال، والإستدلال والمناقشة، بخلاف ابن عقيل، فإنه سلك مسلكاً بديعاً وطريقة متميزة مستقلة. ¬

_ (¬1) مقدمة ابن خلدون 2/ 554. (¬2) أصول مذهب الإمام احمد ص 21.

• "روضة الناظر وجنة المناظر" لموفق الدين ابن قدامة المقدسي (620 هـ) صاحب "المغني" وغيره. وقد اختصره الطوفي في "البلبل" ثم شرحه. • "المسودة" لآل تيمية، وهم المجد عبد السلام (652 هـ) وابنه عبد العليم (682 هـ) وحفيده أحمد، شيخ الإسلام (728 هـ). بيضها ورتبها شهاب الدين أحمد بن محمد الحراني الدمشقي (745 هـ). وهو عبارة عن مجموعة نقول عن القاضي وأبي الخطاب وابن عقيل، وغيرهم، ممن سبق آل تيمية، مع بعض الإختيارات والتعقبات. • "شرح مختصر الروضة" للطوفي (716 هـ). • "التحرير" للمرداوي (885 هـ) وقد اختصره الفُتوحي الشهور بابن النجار (972 هـ) في كتاب سماه "الكوكب المنير باختصار التحرير" ثم شرحه في كتاب بعنوان "شرح الكوكب المنير". ويعتبر ابن تيمية من المشاركين بغزارة في أصول الحنابلة، ومؤلفاته في هذا الفن توجد إما في رسائل مستقلة، وإما في "الفتاوي الكبرى"، وإما في "مجموع الفتاوي"، وابن تيمية معروف بين أئمة الحنابلة بقوته العلمية، واختياراته الجيدة (¬1). وأما كتب أدب الفتوى: فمن أشهرها: • "صفة الفتوى والمفتي والمستفتي" لإبن حمدان (695 هـ) • "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لإبن قيم الجوزية (751 هـ). وتوجد آداب المفتي والمستفتي ضمن المجاميع، ومن ذلك كتاب "الآداب الشرعية" لإبن مفلح، فقد ضمن الجزء الثاني كلاماً مطولاً على آداب العالم والمتعلم والمفتي والمستفتي. كما توسع الشيخ أحمد المنقور في مجموعه الفقهي المسمى "بالفواكه العديدة في المسائل المفيدة" في مباحث الفتوى والإجتهاد والتقليد في كتاب القضاء. التأليف في لغة الفقهاء، أو المعاجم الفقهية، أو فقه المصطلحات: لغة الفقهاء تعني: تلك المصطلحات الفقهية الداخلية التي تداولها الفقهاء على ألسنتهم وفي كتبهم، بحيث تختلف دلالتها عندهم عن دلالتها اللغوية المجردة، وقد لا ¬

_ (¬1) أصول مذهب الإمام أحمد ص 24.

تختلف إلا أن الفقيه استعملها استعمالاً خاصًا، وذلك مثل كلمة: "المسيس" التي تعني مس الشيء ولمسه باليد وغيرها، ولكنها في لغة الفقهاء تعني الجماع غالباً. فنجد في "المطلع على أبواب المقنع" (¬1) قوله: "قبل المسيس". المسيس: اللمس، قاله الجوهري. وأصل اللمس باليد، ثم استعير للجماع، لأنه مستلزم للمسلى غالبًا، وكذا استعير للأخذ والضرب والجنون. ونظراً لكثرة المصطلحات الفقهية وتزايدها في الكتب والمصنفات عبر الزمن عمد بعض العلماء إلى وضع معاجم فقهية أو كتب تعنى بفقه المصطلحات، وهي شبيهة بكتب غريب الحديث الموضوعة في شرح الألفاظ النبوية وما يتعلق بها. ومن أشهر المؤلفات في هذا الفن: عند الحنفية: • طَلِبة الطَّلَبة في الاصطلاحات الفقهية، للشيخ نجم الدين أبي حفص عمر بن محمد النسفي (537 هـ). • التعريفات للسيد الشريف علي بن محمد الجرجاني. • المغرب في ترتيب المعرب، لأبي الفتح ناصر بن السيد بن عدي المطرزي الخوارزمي. وعند الشافعية: • تهذيب الأسماء واللغات، للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي. • المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، للرافعي، لأحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي. وعند المالكية: • الحدود، لمحمد بن عَرْفة الوَرْغَمِي التونسي، وهو عبارة عن تعاريف للموضوعات الفقهية، كالييع والإجارة. وقد شرحه الرصاع التلمساني شرحاً جيداً. وهناك "كشاف مصطلحات الفنون" للتهانوي، و"التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي، و"القاموس الفقهي" للأستاذ سعدي أبو حبيب. و"دليل الألفاظ والمصطلحات الفقهية" الذي وضعته كلية الشريعة بجامعة دمشق. وأما الحنابلة فلهم الباع الطويل واليد البيضاء في هذا الفن، فمن ذلك: ¬

_ (¬1) ص 348.

"مختصر في الحدود، للشيرازي الدمشقي: عبد الواحد بن محمد (486 هـ). • "لغة الفقهاء" لإبن الجوزي (597 هـ). • "شرح لغة الفقهاء" لأبي البقاء العكبري (616 هـ). • "المطلع على أبواب المقنع" للإمام أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي (709 هـ) وهو يختص يحل ألفاظ "المقنع" لإبن قدامة المقدسي. التأليف في المفردات والغرائب والنوادر: المفردات جمع مفردة، والمقصود بهذه الكلمة: المسألة الفقهية، التي تفرد بها أحد الفقهاء عن الجمهور، فذهب إلى خلاف ما ذهبوا إليه، فكان بذلك منفردًا عن أقرانه وطبقته وأهل فنه في الرأي والإختيار، وفي معنى ذلك الغرائب والنوادر. وكثيراً ما نجد، في ذيول التراجم من كتب الطبقات عند الحنابلة، قولهم: له تفردات في المذهب، أو نحو هذه العبارة. ففي ترجمة أبي الخطاب يقول ابن رجب: كان أبو الخطاب - رضي الله عنه - فقيهاً عظيمًا، كثير التحقيق، وله من التحقيق والتدقيق الحسن في مسائل الفقه وأصوله شيء كثير جداً. وله مسائل ينفرد بها عن الأصحاب (¬1). ويقول في ترجمة ابن عقيل: وله مسائل كثيرة ينفرد بها، ويخالف فيها المذهب. وقد يخالفه في بعض تصانيفه، ويوافقه في بعضها، فإن نظره كثيرًا يختلف، واجتهاده يتنوع (¬2). وفي الخلاف الكبير أو الخلاف العالي، وهو الخلاف بين أئمة المذاهب نجد الإمام أحمد قد تفرد بعدة مسائل عن بقية الأئمة. وفي هذا النوع من التفردات صنف الأصحاب: - المفردات المطلقة، وهي التي لا تتقيد بالإنفراد عن إمام معين. - المفرادات المقيدة، وهي في غالبها المسائل التي خالف فيها الإمامُ أحمد الإمامَ الشافعي. ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 120. (¬2) المصدر السابق 1/ 157.

وقد صنف الإمام أبو محمد علي بن حزم الأندلسي (456 هـ) كتابًا في تفردات الأئمة الثلاثة: مالك وأبو حنيفة والشافعي (¬1). قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" تعليقاً على الكتاب المذكور: ولا ريب أن الأئمة الكبار تقع لهم مسائل ينفرد المجتهد بها، ولا يعلم أحد سبقه إلى القول بتلك المسألة، قد تمسك فيها بعموم، أو بقياس، أو بحديث صحيح عنده. والله أعلم. ومما ألف الحنابلة في هذا الفن: • الخلاف بين أحمد ومالك، لعمر بن إبراهيم العكبري، المعروف بابن المسلم (387 هـ). وفيه بيان مفردات أحمد عن الإمام مالك. • الخلاف مع الشافعي، لأبي بكر عبد العزيز المعروف بغلام الخلّال (363 هـ). وفيه بيان مفردات الإمام أحمد عن الإمام الشافعي. • "المفردات" لأبي الخطاب (510 هـ)، ومثله لإبن عقيل (513 هـ)، ومثله لإبن الزاغوني (527 هـ)، ومثله لعبد الوهاب الشيرازي (536 هـ)، وللوزير ابن هبيرة (560 هـ)، ولأبي يعلى الصغير، محمد بن أبي خازم ابن أبي يعلى المتوفى سنة (560 هـ). وقد توهم بعض المصنفين ومنهم الشيخ ابن بدران فجعل القاضي أبا الحسين ابن أبي يعلى الشهيد هو نفس أبا يعلى الصغير. والصّواب أنه محمد بن أبي خازم الحفيد. • "الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني". للشيخ أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (1192 هـ). وهو خاص بتفردات أحمد عن الشافعي على خلاف ظاهر عنوان الكتاب، ويتبين ذلك من مقدمة المصنف نفسه. وفي الأخير لنا أن نتساءل عن السبب الذي جعل الحنابلة دون غيرهم يؤلفون في مفردات إمامهم؟ ¬

_ (¬1) ذكره الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/ 1152) و"السير" (18/ 194)، وأشار إليه ابن حزم في "المحلى" (9/ 273) فقال: وقد أفردنا أجزاء ضخمة فيما خالف فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي جمهور العلماء ... إلخ.

والجواب فيما نظن -والله أعلم- يكمن في رد دعوى كون المذهب الحنبلي داخلاً في المذهب الشافعي وتابع له، وقد بحثنا هذه الدعوى عند الكلام على العلاقة بين أحمد والشافعي في الفصل الأول. ويبدو أن أبا الحسين علي بن محمد الطبري المعروف بـ "إِلْكيا الهرّاسي"، الشافعي (504 هـ) كان من النقاد لمفردات الإمام أحمد، يُقَلِّل من عددها وقيمتها؛ ليسلم به عَدُّ أحمد من أصحاب الشافعي ورواة مذهبه، فانبرت طائفة من معاصريه ومن جاء بعدهم من فقهاء الحنابلة فردوا عليه، منهم: ابن الجوزي، وابن عبد الهادي، وابن قاضي الجبل. وكان علي بن عقيل البغدادي معاصراً لإلكيا الهرّاسي، وكان كثير المناظرة له، فكان الكيا ينشده ويقول (¬1): ارفق بعبدك إن فيه فهاهة ... جبلية ولك العراق وماؤها التأليف في الإختيارات الفقهية: وقد سبق الكلام عليها في "خصائص الحنبلية والحنابلة" (¬2) فلتراجع من هناك. التأليف في الفتاوي: الفتاوي -بكسر الواو أفصح مع صحة فتحها في اللغة (¬3) - جمع فتوى، وهي: الكشف عن الحكم الشرعي لا على سبيل الإلزام. ومعنى ذلك أن الحكم الشرعي يكشفه الفقيه تارة على سبيل الإلزام لمن كشف له، وتنفيذه عليه جبرًا، وهذا ما يسمى بـ "القضاء" أو"الحكم" وتارة يكشفه لصاحب الحاجة دون أن يلزمه به ويجبره على تنفيذه، مع أن العامي المقلد يجب عليه شرعاً وديانة أن يعمل بفتوى العالم حيث لا سبيل له إلى تعديها، وذلك حين لا يجد من يفتيه غيره، وتكون حاجته إلى العمل بالفتوى عاجلة ومتعينة. فالقضاء والفتوى صنوان في كون كل منهما ممارسة للاجتهاد في الميدان الواقعي، وذلك في الإجابة على الأسئلة والفصل في الخصومات بطريق الحكم بين المتخاصمين إذا ترافعا إلى القاضي. ¬

_ (¬1) "ذيل طبقات الحنابلة" لإبن رجب 1/ 147. (¬2) في الصفحة 378. (¬3) قال الفيومي في "المصباح" (الفتي): الفتاوي، بكسر الواو على الأصل، وقيل يجوز الفتح للتخفيف.

فالمجتهد إذا كان حاكماً فهو يفتي باجتهاده، ويحكم باجتهاده، فالإخباران صادران عن اجتهاد، إلا أن الفرق بين الحالتين، هو أنه في الفتيا يخبر عن مقتضى الدليل الراجح عنده، فهو كالمترجم عن الله تعالى فيما وجده في الأدلة، كترجمان الحاكم يخبر الناس بما يجده في كلام الحاكم أو خطه، وهو في الحكم يُنشئ إلزاماً أو إطلاقاً للمحكوم عليه بحسب ما يظهر له من الدليل الراجح والسبب الواقع في تلك القضية الواقعة (¬1). ويعتبر منصب الفتوى منصباً كبيراً في الإسلام، باعتبار أنه منصب التوقيع عن الله -عَزَّ وَجَلَّ- في بيان أحكامه للناس، فمن لم يكن أهلاً لذلك وإن غاشًا للناس في الدين، مفترياً على الله ورسوله، فيكون مَنْ هذه حاله واقفاً على شفير جهنم. ففي سنن أبي داود (¬2) من حديث مسلم بن يسار، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أُفْتِيَ بغير علم كان إثمه على من أفتاه، ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه". وقال الخطيب البغدادي: "ينبغي لإمام المسلمين أن يتصفح أحوال المفتين، فمن كان يصلح للفتوى أقره عليها، ومن لم يكن من أهلها منعه منها، وتقدم إليه بأن لا يتعرض لها، أو وعده بالعقولة إن لم ينته عنها، وقد كان الخلفاء من بني أميَّة ينصبون للفتوى بمكة في أيام الموسم قومًا يُعَيِّنونهم، ويأمرون بأن لا يستفتى غيرهم" (¬3). ولهذا لم يزل العلماء يؤلفون الكتب والرسائل والأبحاث في بيان عظم شأن الفتوى، وما هي الشروط المطلوية فيمن تصدى للفتوى، وماهي الآداب التي ينبغي أن يلتزم بها. وقد بُلي عصرنا الحاضر برؤوس جهال، وأئمة مضلين يفتون بغير علم، ويتسارعون في الفتوى، على عكس ما كان عليه سلفنا الأبرار، إذ أنهم كانوا يتدافعون الفتوى حتى تعود إلى اللأول. ¬

_ (¬1) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، للقرافي، ص 84. (¬2) في كتاب العلم، باب: التوقي في الفتيا، الحديث (3657). (¬3) الفقيه والمتفقه 2/ 154.

ومن البلاوي أن هؤلاء الجهال ينتقون من رخص الفقهاء ما يحلُو لهم، ويتفق مع أهوائهم، مما تنبو عنه الشريعة الغراء، وتتجافى عنه الحنيفية السمحاء، التي جاءت من أجل إخراج الناس من دواعي الأهواء والشهوات إلى داعية الحق والعبودية لله. وبعد: فإن فقهاءنا -رَحِمَهُمُ اللهُ- نشروا هذا العلم تارة عن طريق التأليف المتتابع والتصنيف المتناسق، وتارة عن طريق الأجوبة عن الأسئلة المتنوعة المتناثرة في الواقعات أو الحوادث أو النوازل (¬1). ومن هنا تكوَّن "فقه الواقع" الذي يعتبر مادة المفتين وعمدتهم ومرشدهم. وهناك من دون فتاويه بنفسه، وهناك من دون فتاويه غيره من تلامذته وأصحابه من العلماء، كما أننا نجد من علمائنا من اهتم بجمع الفتاوي لعدة فقهاء في كتاب واحد، كما فعل الونشريسي المالكي في "المعيار المعرب" الذي جمع فيه فتاوي تونس والأندلس والمغرب، فكان بذلك مدونة الفتوى وموسوعتها عند المالكية. وممن ألف أو جمع أو دون الفتاوي من الحنابلة: • "جوابات المسائل" للقاضي أبي يعلى (458 هـ) بعضها ورد من الحرم، وبعضها ورد من تِنيِس (قرية مصرية) وبعضها من مَيافارقين (مدينة بديار بكر)، وبعضها من أصفهان. • "فتاوى ابن عقيل" (513 هـ). اعتمد عليها ابن القيم في بعض كتبه. • "فتاوى ابن الزاغوني" (527 هـ). أفاد منها المنقور في "الفواكه العديدة" في موضعين. • "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (728 هـ). قام بجمعها الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم (1392 هـ). وفي ذلك يقول صاحب "علماء نجد": "عمد إلى رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية وفتاويه ومختصرات كتبه في العقائد والتوحيد والتفسير والحديث والفقه وعلم السير والسلوك وأصول التفسير وأصول ¬

_ (¬1) دونت فتاوى الحنفية القديمة تحت عنوان "الواقعات" و"الحوادث" ثم دونت بعد ذلك تحت عنوان "الفتاوي" ولا تزال أكثر الكتب التي دونت فتاوي المالكية ترسم بعناوين "النوازل" جمع نازلة على معنى القضية المستجدة، ومن ذلك "نوازل مازونة" للمازوني، و"النوازل الكبرى" و"الصغرى" كلاهما لمحمد المهدي الوزاني المغربي.

الحديث وأصول الفقه، عمد إلى هذا التراث الكبير الكثير المطبوع منه والمخطوط، فحققه وبوبه ورتبه، وفهرسه فهارس مقربة موضحة، حتى صار منه موسوعة إسلامية كبرى، تقع في (37) مجلداً ثم أمر بطبعها وتوزيعها على العلماء في داخل البلاد وخارجها جلالة الملك سعود بن عبد العزيز، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-" (¬1). • "الأجوبة النُّجدية عن الأسئلة النَّجدية". للسفاريني (1188 هـ). • "الفواكة العديدة في المسائل المفيدة" المسماة أيضاً بـ "المجموع الفقهي"، لأحمد بن محمد المنقور التميمي (1125 هـ). وهو عبارة عن فتاوٍ وفوائد وأبحاث فقهيات وأصوليات متنوعة مما قيده من مجالس شيخيه عبد الله بن محمد بن ذهلان، والشيخ شهاب الدين ابن عطوة، ووثقها بنصوص من كتب مختلفة الفنون والمذاهب. • "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" وهي عبارة عن ديوان فتاوى علماء نجد ورسائلهم ونصائحهم التي كانت مبعثرة مفرقة، جمعها الشيخ عبد الرحمن ابن قاسم المتقدم ذكره، ثم حققها ورتبها حسب التأليف المعروفة، حتى صارت عدة أجزاء في التوحيد والردود والنصائح والفتاوي. عمل في ذلك كما عمل في جمع فتاوى ابن تيمية. التأليف في الألغاز: والألغاز جمع لُغُز، ومعناه في اللغة: تعمية المراد، يقال ألغز في كلامه، إذا عمّى مراده (¬2). والمقصود هنا: الألغاز الفقهية التي تسمى مسائل الامتحان أو المعاياة (¬3)، وهي ما يتطارحه الفقهاء في المجالس والمناقشات من المسائل بشكل يخفى فيه الجواب على البديهة، ويتوقف على الذكاء والنباهة الفقهية، نظير ما يجري من المسامرات والمنادمات والنوادر بين الشعراء والأدباء. ¬

_ (¬1) علماء نجد خلال ثمانية قرون 3/ 205. (¬2) الكليات لأبي البقاء الكفوي، ص 310، ط. الرسالة. (¬3) وهو معنى قول المرداوي في "الإنصاف" 1/ 15 (طبعة هجر التي في هامش المقنع والشرح الكبير): وربما تكون المسألة غريبة أو كالغربية، فأنبه عليها بقولي: "فَيُعَايَى بها".

والألغاز الفقهية، وإن كانت من الترف الفقهي، والملح التي قد لا تستحسن عند البعض، إلا أن لها أثراً في تنمية الملكة الفقهية، وتدريب القريحة، والتسلية العلمية الهادفة، خاصة وأنها كثيراً ما تصاغ في أبيات شعرية لطيفة. وقد ألف الحنابلة في ذلك عدة تآليف، منها: • "مسائل الامتحان" لعبد الواحد الشيرازي الدمشقي (486 هـ). • "حلية الطراز في حل مسائل الألغاز" للجُراعي (883 هـ). • "الألغاز الفقهية" لعبد الله بن فايز أبا الخيل. (1251 هـ).

المبحث الثاني في ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية

المبحث الثاني في ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية يعتبر هذا المبحث من أصعب المباحث، فإن الخوض في غماره أشبهُ بالغَوصِ في بحار لجية سحيقة الأعماق، بعيدة الأغوار، إذ إن ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية عمل يتطلب الإشراف على جميع ماكتبه الحنابلة في الفقه الإسلامي وأصوله وقواعده، وغيره من الفنون العشرة التي تقدم الكلام عليها. ثم القيام بترتيب ذلك العدد الهائل من المصنفات ترتيباً نوعياً وفق منهج محدد، بحيث يتضح موقع كل كتاب من ذلك الترتيب الغني المتسلسل. وهذا شيء صعب، فإن كثيراً من الكتب التي صنفت لا يعرف عنها شيء، فهذا ابن أبي يعلى (526 هـ) لما جرد مصنفات أبيه، قال: فأما عدد مصنفاته فكثيرة، فنشير إلى ذكر ما تيسر منها (¬1). ومعنى ذلك أنه ما جرد منها إلا ما تيسر مع أنه ابن المصنف، فكيف بغيره؟! ثم إنه جرد (56) عنواناً، يوجد منها في عالم المخطوطات (9) عناوين، و (48) عنواناً مفقوداً (¬2)!. وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يقول في "الأجوبة المصرية" عن كتب ابن الجوزي: كان الشيخ أبو الفرج كثير التصنيف والتأليف، وله مصنفات في أمور كثيرة، حتى عددتها، فرأيتها أكثر من ألف مصنف، ورأيت له بعد ذلك ما لم أره له (¬3)!!. وعلي هذا، فإن الكتب التي نعرفها الآن قليل من قليل، ولو أن بعضها لم يصل إلينا منه إلا العنوان. ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 205. (¬2) القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، للدكتور عبد القادر أبو فارس. (¬3) مؤلفات ابن الجوزي، لعبد الحميد العلوجي، ص 6 ط. الكويت، 1992. وقد أحصى له في الكتاب المذكور (574) عنواناً. فانظر كم بقي مجهولاً؟

ويمكن أن نصنف تلك الكتب التي نعرفها إلى الأقسام التالية: - المطبوع الكامل غير المنقوص في أصوله، وهذا الكم الموجود بين أيدينا فيه الكفاية والغناء والحمد لله، حتى إنه ليغني عن تلك الكتب التي فقدت منذ زمن بعيد، فلم تصل إلينا. وإن من أسباب وصول الكتب الكاملة إلينا كثرة نفعها وتوالي علماء الأعصار على الإشتغال بها: تدريساً ومدارسة. وغير ذلك. - المطبوع الناقص، لعدم توفر مخطوطاته الكاملة في مكتبات العالم. - المخطوط، الذي لم تصل إليه أيدي الإخراج والتحقيق بعد. - ومنها المفقود الذي لا نعرف منه إلا العنوان، وربما حفظت لنا نصوص منثورة منه في طي الكتب التي وصلت إلينا، مما يؤكد وجوده في الأصل، ويثبت نسبته إلى مؤلفه. بالإضافة إلى بعض المعارف الأخرى التي تحصل في أثناء مطالعة النصوص المنقولة من ذلك الكتاب المفقود. وبناء على ما تقدم يجدر أن نقسم هذا المبحث إلى: - كيفية التعرف على كتاب من الكتب الفقهية. - كيفية ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية.

كيفية التعرف على كتاب من الكتب الفقهية

كيفية التعرف على كتاب من الكتب الفقهية إذا أردنا أن نتعرف على كتاب في مكتبة الفقه الحنبلي، وتوصلنا إلى معرفة اسم المؤلف وعنوان الكتاب، فعلينا أن نسير وفق الخطوات التالية: أولاً: نبحث عنه في فهارس الكتب المطبوعة، فهذه الفهارس ترشدنا إلى المعلومات الأولية عن الكتاب مما ييسر الوصول إليه والإطلاع على محتوياته الكاملة. وقد خصصت بعض الأبحاث والتأليفات في جرد الكتب المطبوعة وإحصائها وفهرستها، سواء منها العربية أو المعربة، ويعتبر "المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع" الذي أعده الدكتور محمد عيسى صالحية لمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة (¬1)، عملاً نموذجياً موفقاً في هذا الميدان، بالإضافة إلى "معجم المطبوعات العربية والمعربة" ليوسف إليان سركيس الدمشقي ثم المصري الذي أعانه على جمعه أحمد تيمور باشا. و"معجم المخطوطات المطبوعة" للدكتور صلاح الدين المنجد، وقد أصدره في عدة أجزاء، كل جزء يتناول ما نشر خلال خمس سنوات تقريباً بداية من سنة 1954 م. ثانياً: إذا لم نجد الكتاب في الفهارس الخاصة بالكتب المطبوعة، رجعنا إلى فهارس المخطوطات العامة والخاصة. والفهارس العامة للمخطوطات، هي تلك الكتب الجرائدية التي اعتنت بذكر النسخ الخطية للكتاب الواحد في المكتبات التي يوجد فيها في مختلف أنحاء العالم. ويعتبر الأستاذ فؤاد سزكين صاحب سبق في السعي وراء هذا المرام في محاولته لحصر المخطوطات العربية في العالم، وذلك في كتابه الكبير المؤلف بالألمانية "تاريخ التراث العربي". وقد نشرت جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية هذا العمل عام (1403) هـ بعنوان: "تاريخ التراث العربي مجموعات المخطوطات العربية في مكتبات العالم"، بعد أن نقله إلى العربية الدكتور محمود فهمي حجازي. كما يعتبر جهد الأستاذ كوركيس عواد في كتابه "فهارس المخطوطات العربية في العالم" جهداً طيباً في هذا المسعى. ¬

_ (¬1) صدر الجزء الأول منه سنة 1992.

هذا عن الفهارس العامة، وأما الفهارس الخاصة للمخطوطات، فنعني بها الفهارس الموضوعة للمكتبات المختلفة المبثوثة هنا وهناك في العالم، والتي تحتوي على ذخائر المواريث من المخطوطات، فمنها المكتبات الخاصة بالمساجد أو الجوامع أو الديارات أو الكنائس، ومنها دور الكتب العامة الوطنية، كالمكتبة الظاهرية بدمشق، ودار الكتب المصرية، وخزانة الكتب الملكية بالرباط، والمكتبة الوطنية التونسية، ومكتبات المملكة العربية السعودية، ومنها مكتبات الجامعات والمتاحف والمجامع والمعاهد والجمعيات العلمية. بالإضافة إلى الخزائن الخاصة التي يحرزها العلماء والباحثون، كمكتبة أحمد تيمور باشا المصري، والمكتبات الخاصة بعلماء من مختلف البلاد الإسلامية. وتوجد كتب الفقه الحنبلي على وجه الخصوص في المكتبات التي تقع في الأماكن التي انتشر فيها هذا المذهب الجليل عبر القرون، وذلك كبغداد، ودمشق وما حولها، وفلسطين، ومصر، والمملكة العربية السعودية. وغني عن البيان أنه ينبغي للباحث أن يعرف كيف يستعمل فهارس المخطوطات في البحث عن كتب الفقه الحنبلي وأصوله. مع ملاحظة أن بعض الكتب تصنفٌ في غير مواضعها بالغلط، وهذا كثيراً ما يحصل في وضع فهارس المكتبات الخاصة بالكتب المطبوعة، أما فهارس الكتب المخطوطة فقد وضع أكثرها علماء مختصون، فيقل الخطأ فيها، ولكنه لا يخلو من الوجود، كيف لا وهذا ابنُ حُميد قد وقعت له أوهام في جرد كتب المذهب الحنبلي حتى عد ابن حزم وكتابه "المحلَّى" في جملة الحنابلة (¬1)! ونشير إلى أن مكتبات المملكة العربية السعودية وجامعاتها ومراكز البحث فيها قد بذلت جهداً مبروراً في تقريب فهارس المؤلفات في الفقه الحنبلي المخطوطة، بحيث يمكن أن توصل الباحث إلى الكتاب بسهولة. ثالثًا: إذا لم نجد الكتاب في فهارس المخطوطات، فعلينا أن نتعرف عليه من خلال مصادر أخرى، وذلك بالبحث في الكتب المختصة بالتأليف في هذا الشأن أصالة أو تبعاً. فأما الكتب المختصة بالتأليف والمؤلفين أصالة، فهي كثيرة، نذكر منها: • أخبار المؤلِّفين والمؤلِّفات، لأحمد بن طيفور البغدادي (280 هـ) صاحب كتاب "بلاغات النساء". ¬

_ (¬1) الدر المنضد ص 19.

• فهرس العلوم، المعروف بـ "الفهرست"، لمحمد بن إسحاق الوراق، أبي الفرج، الشهير بابن النديم (385 هـ). ألفه سنة (377 هـ). • مفتاح السعادة ومصباح السيادة، لعصام الدين أبي الخير أحمد بن مصطفى بن خليل، الشهير بطاش كبرى زاده الحنفي البرساوي (968 هـ). • موضوعات العلوم، لكمال الدين محمد أفندي ابن طاش كبرى زاده المذكور، توفي سنة (1026 هـ) بالقسطنطينية. • أبجد العلوم والوشي المرقوم والسحاب المركوم، لصديق حسن خان الحسيني القنوجي (1307 هـ) ملك بهوبال الهندية. • كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لمصطفى بن عبد الله القسطنطيني الحنفي الشهير بالملا كاتب جلبي (1067 هـ)، أو: حاجي خليفة، وهي شهرته عند العرب. أورد فيه ما يقرب من (20) ألف اسم، ما بين كتاب ورسالة يستفيد منه أهل الفضل ورواد العلم على اختلاف طبقاتهم. وقد ذيل عليه إسماعيل باشا البغدادي بكتابين هما: • إيضاح المكنون. • هدية العارفين. • معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة (1407 هـ). • الأعلام، لخير الدين الزركلي (1396 هـ). بإضافة إلى: المعاجم والفهارس والأثبات والإجازات، وكتب التراجم والسير، وهي كثيرة جدًا، ومن أشهرها "فهرس ابن خير الإشبيلي" و"المجمع المؤسس في المعجم المفهرس" للحافظ ابن حجر العسقلاني، و"فهرس الفهارس" لعبد الحي الكتاني المراكشي. وهناك كتب عنيت عناية خاصة بجرد أسماء كتب الحنابلة في الفقه وأنواعه، وكيفية الإستفادة منها. من ذلك: • الدر المنضد في أسماء كتب مذهب الإمام أحمد، للشيخ عبد الله بن علي بن حميد

المكي (1346 هـ). وهي محاولة وصل فيها المؤلف إلى جرد (205) كتاب لـ (105) عالم. وقد حققه وعلق عليه وذيله الشيخ جاسم بن سليمان الفُهيد الدوسري، فاستدرك عليه (177) كتابًا وذيله بـ (259) كتابًا لـ (147) عالم، فصار المجموع الحاصل من أصل الكتاب ولواحقه: (641) كتابًا لـ (253) عالم. • المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل، للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، وصل في إحصاء الكتب إلى (1250) كتاباً لـ (486) عالماً. • اللآلى البهية في كيفية الإستفادة من الكتب الحنبلية، لمحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل الإحسائي (1135 هـ). وأما الكتب التي عنيت بالتأليف في الفقه الحنبلي تبعًا، فهي كتب الطبقات على وجه الخصوص، وأشهرها: • طبقات الحنابلة، لإبن أبي يعلى. • ذيل طبقات الحنابلة، لإبن رجب. • المقصد الأرشد، لإبراهيم بن مفلح. • المنهج الأحمد، للعُليمي، وله أيضاً: الدر المنضد. • الجوهر المنضد، ليوسف بن عبد الهادي. • السحب الوابلة، لإبن حميد المكيِّ. • علماء نجد خلال ثمانية قرون، للشيخ عبد الله البسام. ومن المصادر التي تعرِّف بكتب الفقه الحنبلي تبعاً: • مقدمات تحقيق الكتب المطبوعة وفهارسها. • الدراسات المستقلة عن علماء الحنابلة ومؤلفاتهم.

كيفية ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية

كيفية ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية بعد التعريف الذي قدمناه عن كيفية الوصول إلى كتاب من الكتب الفقهية الحنبلية، وهو نفس المنهج، بطبيعة الحال، الذي نسلكه في التعرف على أي كتاب في أي فرع من فروع المعرفة. بعد هذا العرض السريع تتجلى ملامح المكتبة الفقهية، وتبدو لنا موزعة على ثلاثة أقسام رئيسة: - قسم مطبوع. - قسم مخطوط. - قسم مفقود، لا نعرف عنه إلا العناوين والأسماء. ثم إن الكتب المطبوعة والمخطوطة توجد مبعثرة وموزعة في خزائن شتى من مكتبات العالم. ونود الآن أن نتقدم خطوة أخرى إلى الإمام في سبيل الكشف عن المناهج أو الطرق التي اعتمدت في ترتيب الكتب والمعايير التي تم على أساسها تقديم هذا الكتاب وتأخير ذاك. هناك عدة طرق: الأولى: الترتيب على أسماء المؤلفين: وذلك بأن يوضع للمؤلفين ترتيب متسلسل داخل الكتاب: إما على الحروف أو الوفيات أو غير ذلك. وتسرد مؤلفات كل واحد بإزاء ترجمته من غير أن تكون هناك قاعدة لترتيب كتبه ومؤلفاته. وهذا المسلك نجده معتمداً لدى "معجم المؤلفين" لعمر كحالة، و"الدر المنضد" لإبن حميد، الأول على الحروف، والثاني على الوفيات، وبالتالي فمعرفة الإسم الكامل والحقيقي للمؤلف وتاريخ وفاته ضرورية للباحث وفق هذه الطريقة. الثانية: الترتيب للكتب على حروف المعجم:

وهذا هو الترتيب المعتمد في معاجم اللغة المختصة بالألفاظ، فعناوين الكتب تعتبر بمثابة الكلمات في داخل "الدليل" أو"المعجم" أو"الفهرس الفقهي". والكشف عن الكتاب وفق هذا الترتيب يتطلب المعرفة الصحيحة بعنوان الكتاب، وقد يكون الكتاب مسمى باسم في كتب التراجم ومعاجم المؤلفين، ويكون مطبوعاً باسم مخالف أو بعدة أسماء، ككتاب "الجواب الكافي لمن يسأل عن الدواء الشافي" لإبن القيم، فقد طبع بهذا العنوان، وبعنوان "الداء والدواء". وهذا الترتيب هو المعتمد في المكتبات العامة، وفي أدلة مَعَارض الكتب، وفي فهارس المصادر والمراجع الملحقة بالبحوث والتأليفات الحديثة. الثالثة: الترتيب على الأعصار والبلدان: وذلك بأن تترتب الكتب وفق ترتيب المؤلفين في طبقات التراجم، المرتبة هي الأخرى بدورها على الأعصار والبلدان، وهذا الترتيب هو الموجود في كتب "طبقات الحنابلة" التي رتب بعضها على الحروف داخل الطبقة الواحدة، كما فعل ابن أبي يعلى، أو على الوفيات فقط، كما فعل ابن رجب، أو على الحروف والوفيات بنفس الوقت، كما فعل العليمي، أو على مجرد الحروف، كما فعل ابن مفلح وابن حميد. والترتيب على الأعصار والبلدان يفيد الباحث عدة فوائد، منها: - أنه يعطي صورة عن طبيعة التصنيف الغالب في حقبة ما من حقب تاريخ الفقه الحنبلي. - أنه يعطي بعض المعلومات بخصوص ابتناء الكتب بعضها على بعض، وكيفية استفادة اللاحق من عمل السابق في بلورة الفقه وتطوير التأليف فيه. - يمكننا من التعرف على ما كتبه علماء بلدة معينة وطريقتهم في التأليف، وغير ذلك. الرابعة: الترتيب على الموضوعات: وذلك بأن توزع الكتب على الفنون المختلفة التي تشعب إليها الفقه، كفقه عام، وأحكام سلطانية، وفرائض، وأصول فقه، ومصطلحات فقهية، وغير ذلك.

وهذا النوع من الترتيب قليل الوجود لا نكاد نلتقي به إلا في مقدمات بعض الكتب المحققة، أو المؤلفة تأليفا مستقلاً، فعلى سبيل المثال نجد في كتاب "القواعد الفقهية" للندوي، مبحثا خاصًا بعنوان: "مصادر القواعد الفقهية في المذهب الحنبلي" عرف فيه بالكتب الأساسية التي ألفها الحنابلة في هذا الفن. وفي مقدمة تحقيق "الفروق" للسامرّي، نجد المحقق ذكر ما ألفه الحنابلة في الفروق الفقهية، ضمن المذاهب الأربعة، فذكر أربعة كتب لأربعة علماء حنابلة.

المبحث الثالث في التعريف بأشهر الكتب المعتمدة في المذهب

المبحث الثالث في التعريف بأشهر الكتب المعتمدة في المذهب سيكون التعريف بأشهر الكتب المعتمدة في المذهب على النحو التالي: أولاً: التعريف بعنوان الكتاب: مع ذكر الإختلاف حول العنوان إن وجد، وتسجيل الملاحظات الأخرى المتعلقة، بالتسمية، وما يقع من الأوهام فيها. ثانياً: التعريف بالمؤلف: ونقتصر على بطاقة التعريف، كالإسم والكنية واللقب والنسب والنسبة والميلاد والوفاة، دون التعرض إلى تفاصيل الترجمة. ثالثاً: من ذكر الكتاب من المصنفين: وهذا يختص بالكتب غير المشهورة، أما غيرها فنستغني بشهرتها عن تقصي المصادر التي ذكرتها. رابعاً: مكان وجوده: أي ذكر مواضع وجود نسخه الخطية في المكتبات المشهورة. خامساً: وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته. سادساً: مقتطفات من الكتاب: وهذا يختص بالكتب غير المشهورة، وذلك رغبة في وضع القارئ أمام نماذج من الكتاب ليتعرف بنفسه على الأسلوب والطريقة. ويكون المنهج المتبع في التسلسل في إيراد الكتب، هو الترتيب الزمني حسب تواريخ وفيات المؤلفين. ونظرًا لكثرة الكتب، فإننا سننتقي منها انتقاءَ مبنيًا على أهمية الكتاب. • الجامع للخلال: عنوان الكتاب: تُرجم هذا الكتاب بعناوين مختلفة متقاربة في المصادر التي ذكرته، فسمي "الجامع" على الإختصار، وسمي "الجامع الكبير" و"جامع الروايات" و"الجامع لعلوم شيخ مشايخه" و"الجامع لعلوم الإمام أحمد" و"المسند في مسائل أحمد بن حنبل" و"الجامع المسند لمسائل أحمد بن حنبل".

ويبدو أن هذه الأسماء أكثرها وصفية، فتكون من إطلاق بعض العلماء المتقدمين، ويبقى العنوان الذي نرجح أنه من وضع المصنف هو "الجامع لعلوم شيخ مشايخه". المؤلف: هو الحافظ الكبير، أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون، البغدادي الشهير بالخلال. المولود سنة (234 هـ)، والمتوفى سنة (311 هـ). من ذكر الكتاب من المصنفين: ذكر هذا الكتاب كل من: ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" وابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" وابن تيمية في "مجموع الفتاوي" وابن القيم في "إعلام الموقعين" والذهبي في "سير أعلام النبلاء" وابن كثير في "البداية والنهاية" والعليمي في "المنهج الأحمد" وابن العماد في "شذرات الذهب" وغيرهم. مكان وجود الكتاب: لقد عرفنا تعريفاً موجزاً بجامع الخلّال لدى بحث أعمال رجال دور النقل والنمو من أدوار المذهب، وذكرنا أن هذا الديوان المعلمي العظيم يشتمل على عدة كتب، كل كتاب يتضمن موضوعًا من الفقه، فنجد فيه: كتاب الصَّلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصوم ... والذي وصل من "الجامع" أربعة كتب، هي: -كتاب الوقوف. -كتاب الترجل. - كتاب أحكام النساء. -كتاب أحكام أهل الملل والردة والزنادقة وتارك الصلاة والفرائض. وصلت هذه الكتب الأربعة في مجموع واحد، والمعروف من مخطوطاتها في العصر الحاضر ثلاث مخطوطات، هي: الأولى: مجموع يشتمل على الكتب الأربعة المذكورة، موجودة في مكتبة العلامة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، التي آلت في الوقت الحاضر بعد موت

صاحبها -رَحِمَهُ اللهُ- إلى مدرسة دار الحديث بمكة المكرمة. وعدد أوراقه (212) ورقة، نسخ في شهر المحرم سنة 583 هـ، بخط نسخ نفيس. ومنه نسخة مصورة في دار الكتب بالقاهرة، تحت رقم (21888 ب) في (212) لوحة. كل لوحة صفحتان. وتوجد منه نسخة مصورة في مكتبة المخطوطات بجامعة الملك سعود بالرياض، محفوظة تحت رقم (822 ص). الثانية: مجموع يشتمل على الكتب الأربعة المذكورة، محفوظ في دار الكتب بالقاهرة، تحت رقم (21945 ب) بقلم محمود عبد اللطيف النساخ، نقله عن نسخة دار الكتب السابق ذكرها، رقم (21888 ب). وفرغ من كتابتها يوم الخميس 29 صفر سنة 1360 هـ. الثالثة: مجموع يشتمل على الكتب الأربعة المذكورة، محفوظ في المكتبة السعودية بالرياض، رقم (578/ 86)، بقلم الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله التويجري، نقله عن نسخة كتبت في المحرم سنة (583 هـ) عدد الأوراق (176) ورقة، بخط نسخ جيد، كتبت سنة (1360 هـ). وقد طُبع الموجود من أجزائه؛ كلُّ جزء في طبعة مستقلة. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: بالنظر إلى الكتب التي وصلت من "الجامع لعلوم شيخ مشايخه" يظهر أن الخلال يقسم الكتاب إلى عدة أبواب، ثم يجمع تحت الباب المترجم كل ما روي عن الإمام أحمد مما يراه صالحًا أن يترتب في ذلك الباب، ولا يقسم الباب إلى فصول، ولا يرتب المرويات داخل الباب الواحد، بل يسردها تباعاً على طريقة كتب الحديث الجامعة المصنفة على الموضوعات الفقهية وغيرها. وعلي سبيل المثال في "كتاب الترجل" يروي كل ما جاء عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- في الطيب والكحل وترجيل الشعر، وما إلى ذلك، ومن أهم مباحثه: - باب صفة شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، واتخاذ الشعر. - باب ما يستحب من فرق الشعر. - باب حلق الرأس.

- باب أخذ الحاجبين. - باب حف الوجه ونتفه وحلق القفا. - باب السنة في أخذ الشارب. - باب كراهة نتف الشيب. - باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أعفوا اللحى". - باب الخضاب. - باب كراهة الخضاب بالسواد. - باب نتف الإبط. - باب نتف العانة. - باب في الختان. - باب القزع للصبيان. - باب ما يكره للنساء من حلق الشعر. - باب المرأة تحلق رأسها. - باب كسب الماشطة. والخلّال، بنقله مسائل الإمام أحمد، يجردها من جميع الأقوال الأخرى ما عدا قول أحمد، فلا يدخل مع قول الإمام ما لم يجزم أنه من كلامه، ومن هنا يتضح لنا مدى عناية الخلّال بأقوال أحمد وفتاويه، فهو حين يفعل ذلك إنما يفعله احتراماً وتقديراً لتلك النقول، وهو في نفس الوقت يرغب في إيصالها إلى المستفيد منها سليمة من أي دخيل عليها من أقوال أخرى، وهذا يدل على رغبته الصادقة المجردة لخدمة تلك الأقوال. • مقتطفات من الكتاب: • من "كتاب الوقوف": باب الرجل يوقف على نفسه ثم على ولده من بعده. - أخبرني منصور بن الوليد، حدثنا علي بن سعيد، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: لا بأس أن يوقف الرجل على ولده في حياته.

مختصر الخرقي

- أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد الله قيل له: وإن وقف على نفسه ثم على ولده من بعده؟ قال: نعم. - أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم، قال: سمعت أبا عبد الله قال له أبو جعفر: وإن أوقف على نفسه ثم على ولده من بعده؟ قال: نعم. - أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم، قال: قلت لأبي عبد الله: فإن أوقف على نفسه شيئاً، ثم على ولده من بعده، فهو جائز؟ قال: نعم، جائز (¬1). ومن "كتاب أحكام أهل الملل": باب المسلم يؤاجر نفسه من أهل الذمة. - أخبرنا محمد بن علي، قال: حدثنا الأثرم. وأخبرني الحسن بن محمد قال: كتبت من كتاب أبي علي الدينوري من "مسائل ابن مزاحم". وأخبرنا محمد بن أحمد بن حازم، قال: حدثنا إسحاق بن منصور -والمعنى واحد-: أن أبا عبد الله قيل له: فيؤاجر الرجل نفسه من اليهودي والنصراني؟ قال: لا بأس، نعم. - أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مُهنَّا قال: قلت لأحمد: هل تكرَه للمسلم أن يؤاجر نفسه للمجوسي؟ قال: لا. وسألت أحمد، قلت: يكري الرجل نفسه لمجوسي يخدمه؛ يذهب به في حوائجه؟ قال: لا بأس. قلت لأحمد: فيقول: لبيك إذا دعاه؟ فقال: لا. - أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد الله، وسأله عن الرجل يحفر لأهل الذمة قبراً بِكَرْيٍ؟ قال: لا بأس به (¬2). • مختصر الخرقي: عنوان الكتاب: لم يضع له مؤلفه عنواناً، ولم يسمه باسم خاص، فاشتهر بإضافته إلى مؤلفه، ¬

_ (¬1) كتاب الوقوف من مسائل الإمام أحمد، للخلال، تحقيق الدكتور عبد الله بن أحمد بن علي الزيد، 1/ 266، مكتبة المعارف، الرياض. (¬2) كتاب أحكام أهل الملل، ص 5، ط. دار الكتب العلمية.

واشتهر بـ "مختصر الخرقي" وتارة يسمى -كما في بعض الكتب القديمة- بـ"الخرقي" على حذف كلمة "المختصر". المؤلف: هو العلامة الفقيه عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد، أبو القاسم، الشهير بالخرقي، البغدادي، ثم الدمشقي. المولود ببغداد، والمتوفى بدمشق سنة 334 هـ. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: لم نتعرض للبحث في مَنْ ذكر الكتاب من المصنفين، ولا في ذكر أماكن وجود نسخه الخطية، لعدم الحاجة إلى ذلك، باعتبار أن الكتاب مشهور ومعروف ومتداول متناً وشرحاً. وهو عبارة عن مختصر صغير، لا يتجاوز عدد مسائله (2300) مسألة. وقد نهج فيه صاحبه نهج أغلب المؤلفين في السنن والأحكام المرتبة على الأبواب، حيث بدأ بقسم العبادات، ثم المعاملات المالية، ثم الأحوال الأسرية، ثم الجنايات والعقوبات والجهاد، ثم القضاء والدعاوى والبينات، ثم العتق. وقد سجلنا بعض الملاحظات لدى الموازنة بين الترتيب للموضوعات عند الخرقي، وعند غيره من المتأخرين؛ كالمجد ابن تيمية والموفق ابن قدامة المقدسي. وكان الخرقي في ترتيبه للأبواب سالكاً طريقة أصحاب الشافعي، كما في "الأم" و"مختصر المزني"، لشهرة تلك الكتب في ذلك الوقت. ولا يعرف لدى الحنابلة متن في الفقه حظي بالشهرة والقبول والعناية، حفظاً وشرحاً ونظماً، وغير ذلك، ما حظي هذا المختصر (¬1). ولا تزال شروحه التي وصلت إلينا تصدر إلى عالم المطبوعات حيناً بعد حين. وأبرز تلك الشروح وأكثرها علماً وتحقيقاً وتوسعاً كتاب "المغني" للموفق ابن قدامة المقدسي. ويعتبر مختصر الخرقي خاليًا من اختلاف الرواية عن الإمام أحمد، مما يدل على أنه بناه على رواية واحدة (¬2)، وهي الرواية الراجحة في نظره، ومن هنا يعتبر الخرقي من طبقة ¬

_ (¬1) ينظر فيما وضع على هذا الكتاب من الأعمال: مقدمة تحقيق "شرح الزركشي"، للشيخ عبد الله الجبرين، المبحث السادس، ومقدمة تحقيق "الدر النقي"، لرضوان بن غريبة، ص 92. (¬2) وقد سلك عدد من المصنفين هذه الطريقة، كأبي الخطاب في "الهداية" والمجد ابن تيمية في "المحرر".

أهل الترجيح والإختيار في المذهب. ونجده يشير إلى الرواية المرجوحة أحياناً، كما في "باب أجل العنين والخصي غير المجبوب" من كتاب النكاح فقد قال في الأخير: وقد روي عن أبي عبد الله -رَحِمَهُ اللهُ- قول آخر: إن القول قوله مع يمينه (¬1). وبما أن الخرقي -رَحِمَهُ اللهُ- تصرَّف بالترجيح والإختيار في مذهب الإمام أحمد، ولم يعن باختلاف الرواية، فإنه من المحتمل جدّاً أن يكون خرّج كثيراً من المسائل على أصول الإمام، واجتهد فيها بالنقل والإستنباط. فهل هذا واقع؟ إنَّ الجواب عن هذا السؤال مطويٌّ في مناقشة مسألة مهمة، وهي: هل القول المقيس على كلام الإمام أحمد مذهب له أو لا؟ وبعبارة أوضح: إذا لم نجد للإمام نصًا في مسألة، ولكن وجدنا أصحابه قاسوها على مسألة مشابهة لها في المعنى، وهو ما يسمى بالتخريج للمسائل على نصوص الإمام، وقد يسمى: نقلًا، ويسمى القول المخرَّج وجهاً أو رواية مخرجة. فهل هذا الإجتهاد يصح أن ينسب للإمام؛ من حيث إنه مذهب له أم لا يصح؟ قال ابن مفلح في "الفروع" (¬2): والمقيس على كلامه مذهبه في الأشهر. وقال المرداوي في التعليق عليه: واعلم أن الصحيح من المذهب أن ما قيس على كلامه مذهب له، قال المصنف هنا: "والمقيس على كلامه مذهبه في الأشهر". انتهى. وهو مذهب الأثرم، والخرقي، وغيرهما من المتقدمين، وقاله ابن حامد وغيره في "الرعايتين" و"آداب المفتي" و"الحاوي" وغيرهم، وقيل: ليس بمذهب له، قال ابن حامد: عامة مشايخنا، مثل الخلال وأبي بكر عبد العزيز، وأبي علي، وإبراهيم، وسائر من شاهدناهم، لا يجوزون نسبته إليه، وأنكرو على الخرقي ما رسمه في كتابه من حيث إنه قاس على قول. اهـ. وهذا يكشف عن أن الخرقي -رَحِمَهُ اللهُ- قاس كثيراً من مسائل المختصر على كلام الإمام أحمد، ولا يوجد عن أحمد نص صريح بشأنها، وإنما حملها على المنقول عنه. وبهذا يكون هذا "المختصر" نموذجاً من التأليفات المبكرة للحنابلة في الترجيح والتخريج على السواء. والله أعلم. ¬

_ (¬1) مختصر الخرقي ص 175، المعارف، الرياض. (¬2) 1/ 65، ط. عالم الكتب. و"الإنصاف" 30/ 370.

الإرشاد إلى سبيل الرشاد

• الإرشاد إلى سبيل الرشاد: عنوان الكتاب: يعرف هذا الكتاب بعنوان: "الإرشاد" كما جاء في الكتب التي صرحت بالإعتماد عليه، مثل "المستوعب" للسامرّي، و"الإنصاف" للمرداوي. وعنوانه الكامل فيما اطلعنا عليه من النسخ الخطية: "الإرشاد إلى سبيل الرشاد"، ولا ندري من سمى الكتاب بهذا العنوان، مع احتمال أن يكون المؤلف نفسه سماه كذلك؛ لأن خطبته تشير إلى ذلك. المؤلف: هو العالم الفقيه، محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي البغدادي، السيريف أبو علي. المولود ببغداد سنة 345 هـ والمتوفى بها سنة 428 هـ. من ذكره في المصنفين: ذكره كل من: ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة"، والسامرّي في "المستوعب"، والمرداوي في "الإنصاف"، والعليمي في "المنهج الأحمد"، وغيرهم. وقد اعتمد المرداوي عليه في "الإنصاف". وكذلك ابن قدامة في "المغني"، والحجّاوي في "الإقناع"، وابن قاضي الجبل في "الفائق"، واستوعبه السامري في كتابه "المستوعب" كما نص على ذلك في المقدمة إذ قال: وضمنت كتابي هذا من أصول المذهب وفروعه ما استوعب جميع ما تضمنه "مختصر الخرقي" و"التنبيه" لغلام الخلال، و"الإرشاد" لإبن أبي موسى (¬1) ... إلخ. مكان وجوده: توجد منه نسخة محفوظة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات برقم (14382) وهي مصورة عن أصل خطِّي موجود في المكتبة الوطنية بباريس. عدد ورقات الأصل (162) ورقة، مكتوبة بخط معتاد مقروء، فرغ منه ناسخه أحمد بن علي ابن سلام نهار السبت التاسع من رجب سنة 892 هـ. ويوجد باب الإعتقاد الذي في أول الكتاب في ورقتين ضمن مجموع في العقائد محفوظ في مكتبة شهيد علي بتركيا برقم (2763). وهي في الورقات: 30 ب إلى 32 ب (¬2). ¬

_ (¬1) المستوعب 1/ 76، تحقيق مساعد بن سالم الفالح، الرياض. (¬2) مقدمة تحقيق "الإرشاد" ص 12، مؤسسة الرسالة، 1998.

وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: يعتبر كتاب "الإرشاد" من الكتب المهمة التي ألفت في الفقه الحنبلي على طريقة المتقدمين، ويعتبر صاحبه ممن يذكر في الخلاف المذهبي. وقد تميز هذا الكتاب عن غيره بصغر حجمه وسهولة عبارته ووضوحها، واعتنى مصنفه بذكر الأقوال والروايات عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- ولم يكتف بذلك، بل كان يرجح فيما بينها، ويختار بعضها أحياناً بقوله: "وهو اختياري"، وأحيانا يقول: "والذي عليه العمل عندي" أو: "والأول أحب إلي" أو: "بهذا أقول" إلى غير ذلك من العبارات المبثوثة في معظم أبواب الكتاب. ووشّى كتابه -رَحِمَهُ اللهُ- بذكر الأدلة من الكتاب والسنة، وبذكر التعليل لبعض الأحكام. كما تميز هذا الكتاب بأن مصنفه -رَحِمَهُ اللهُ- ذكر في أوله باباً في الإعتقاد على غير عادة مصنفي الكتب الفقهية، سماه "باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب الديانات"، ضمنه مسائل في الإعتقاد، تبع في ذلك طريقة أبي محمد عبد الله ابن أبي زيد القيرواني المالكي (386 هـ) في كتابه "الرسالة" الذي صدره بنفس الباب، كما أن الباب الجامع منه يتشابه مع جامع "الرسالة" المذكورة. ثم ثنى بباب في فضل العلم والتفقه في الدين، وذكر العام والخاص، وما ظاهره العموم والمراد به الخصوص، وما ظاهره الخصوص والمراد به العموم، وذكر الأصول التي عليها مدار الفقه، وما في معنى ذلك. وفي الأخير عقد المؤلف باباً جامعاً ذكر فيه جملاً من الفرائض والسنن المؤكدات، والرغائب، والآداب، جعله باباً مختصراً طوى فيه نشر ما بسطه في أبواب الكتاب، ليقدم لطالب العلم من خلاله خلاصة مقتضبة ينتفع بها. • مقتطفات من الكتاب: باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب الديانات: حقيقة الإيمان عند أهل الأديان: الإعتقاد بالقلب، والنطق باللسان: أن الله واحد أحد، فرد صمد، لا يغيره الأبد، ليس له والد ولا ولد، وأنه سميع بصير، بديع قدير، حكيم خبير، علي كبير، ولي نصير، قوي مجير (¬1) .... ¬

_ (¬1) الإرشاد ص 5.

الخلاف الكبير للقاضي أبي يعلى

وأن الإيمان غير مخلوق، وهو قول باللسان، وإخلاص بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالأوزار .... وأن محمدًا خاتم النبيين، وأفضل القرن الذين صحبوه أربع عشرة مائة بايعوه بيعة الرضوان (¬1). باب الغصب: الغاصب ظالم متعد ضامن لما غصب. فإن رد ذلك بعينه، فلا شيء عليه غيره، إلا أن يكون لمثله أجرة فيلزمه أجرة مثله لمدة كونه في يده، انتفع به أو لم ينتفع. فإن استعمله فأخلقه -أي أبلاه- لزمه مع أجرته ما نقص من قيمته، فإن كانت له قيمة يوم غصبه، فنقصت في يده، ثم رده، فعليه رد ما نقص من قيمته، وقيل عنه: إن لم يتغير في عينه، وإنما نقصت قيمته لنقصان السعر رده كما غصبه، ولم يلزمه رد نقصان القيمة معه (¬2). • الخلاف الكبير للقاضي أبي يعلى: التعريف بعنوان الكتاب: سماه ولده أبو الحسين "الخلاف الكبير" ويسمى أيضاً: "التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة"، وهو العنوان الموجود على المخطوط الذي عُرف. وقد يسمى "الحلاف" على الَّاختصار، أو"مسائل الخلاف على مذهب أحمد بن حنبل". وفي هذا الخلاف في تسمية الكتاب دخل الوهم على بعض المؤلفين، فظنوا هذه العناوين كتبًا مختلفة للمؤلف. المؤلف: هو القاضي محمد بن الحسين بن محمد، أبو يعلى، المعروف بابن الفراء، البغدادي، شيخ الحنابلة في وقته. المولود سنة 380 هـ ببغداد، والمتوفى بها سنة 458 هـ. من ذكر الكتاب من المصنفين: ذكره كل من: ولده أبي الحسين في "طبقات الحنابلة"، والذهبي في "سير أعلام النبلاء"، والبعلي الحنبلي في "القواعد والفوائد الأصولية"، وعلاء الدين المرداوي في مقدمة "الإنصاف"، وابن رجب في "الإستخراج لأحكام الخراج"، والعليمي في "المنهج ¬

_ (¬1) الإرشاد ص 7. (¬2) الإرشاد ص 257.

الأحمد"، وابن بدران في "المدخل"، وصاحب "العقود الدرية" وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (¬1). مكان وجود الكتاب: يوجد من هذا الكتاب المجلد الرابع في دار الكتب المصرية تحت رقم 140 فقه حنبلي. ونسخة مصورة عنها في معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية ذات رقم 18 اختلاف الفقهاء (¬2). وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: يتكون كتاب "التعليق الكبير" من أحد عشر مجلداً، كما وصفه لنا شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية، إذ جاء في رسالة له أرسلها إلى أهله في الشام وهو في مصر: وترسلون أيضاً من تعليق القاضي أبي يعلى الذي بخط القاضي أبي الحسين إن أمكن الجميع، وهو أحد عشر مجلداً، وإلا فمن أوله مجلداً، أو مجلدين، أو ثلاثة (¬3). اهـ. ومن حرص ابن تيمية على اقتناء الكتاب واستصحابه في الغربة والسفر، تظهر أهميته وقيمته في المكتبة الحنبلية. ويعتبر هذا الكتاب ذخيرة للحنابلة في مسائل الخلاف، أو الفقه المقارن، من حيث إنه أبان عن حجج الحنابلة، وأدلتهم، والرد على مخالفيهم فيما ذهبوا إليه من مسائل الخلاف. قال الشيخ عبد القادر بدران: وأجمع ما رأيته لأصحابنا في هذا النوع "الخلاف الكبير" للقاضي أبي يعلى، وهو في مجلدات لم أطلع منه إلا على المجلد الثالث، وهو ضخم، أوله كتاب الحج، وآخره باب السلم، وقد سلك فيه مسلكاً واسعًا، وتفنن في هدم كلام الخصم تفنناً لم أره في غيره (¬4). وطريقة المؤلف في هذا الكتاب أن يصدر الكلام بذكر رأي الحنابلة في المسألة، فيورد الروايات عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-، وأقوال أصحابه، ثم يردف رأي الحنابلة برأي ¬

_ (¬1) القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، للدكتور عبد القادر أبو فارس، ص 199. (¬2) فهرس المخطوطات المصورة لمعهد المخطوطات 1/ 330، تصنيف فؤاد سيد، ط. القاهرة، 1954. (¬3) العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية، للحافظ محمد بن عبد الهادي، ص 258، تحقيق محمد حامد الفقي، القاهرة، 1938. (¬4) المدخل ص 450.

من وافقهم من غيرهم من أصحاب المذاهب، ثم بعد ذلك يتعرض لأقوال المخالفين، ثم يعود ليذكر أدلة الحنابلة بالتفصيل والإسهاب الكثير، ثم يذكر بعض أدلة المخالفين، ويناقشها ويورد بعض اعتراضات الخصوم أو المخالفين، ويرد عليها (¬1). مقتطفات من الكتاب: جاء في المجلد الرابع قوله في المسألة الأولى من كتاب الحج: مسألة: من شروط وجوب الحج: وجود الزاد والراحلة. نص عليها في رواية حنبل. فقال: السبيل: الزاد والراحلة. وليس عليه أن يحج راجلًا إلا أن يتطوع بنفسه، وكذلك نقل صالح قول أبي حنيفة والشافعي. وقال مالك وداود: الراحلة غير معتبرة، فمن قدر على المشي لزمه ذلك. ولم يقف وجوبه على وجود الراحلة، وأما الزاد فلا يعتبر ملكه، وإنما يعتبر القدرة عليه، فإن كان ذا صنعة يمكنه الإكتساب بها لزمه. دليلنا: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]. فلها دليلان: أحدهما: من جهة الإستنباط، والثاني: من جهة التفسير. وأما الإستنباط: فهو أن كل عبادة أمر بفعلها اقتضى ذلك القدرة على الفعل؛ كالصوم والصلاة وغيرها. فلما اشترط في الحج استطاعة السبيل اقتضى ذلك زيادة على القدرة التي اعتبرها مالك، وليس ذلك الإستطاعة التي نعتبرها. وأما التفسير: فروى أبو بكر (¬2) بإسناده عن الحسن قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: "من وجد زاداً وراحلة" (¬3). رواه الدارقطني عن ابن مسعود، وابن عمر، وعمرو بن شعيب، وعلي، وأنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قيل له: ما السبيل؟ قال: "الزاد والراحلة " (¬4). ¬

_ (¬1) وقد وضع ابن الجوزي على هذا الكتاب كتاباً سماه "التحقيق في مسائل التعليق" تعقب فيه القاضي أبا يعلى في الأحاديث التي استدل بها. (¬2) هو عبد العزيز المعروف بـ "غلام الخلّال". (¬3) الحديث رواه عبد الله بن أحمد في "المسائل" 2/ 675، وأبو داود في "المسائل" (ص 97) أيضاً. كلاهما عن الإمام أحمد عن هشيم بن بشير عن يونس عن الحسن. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 327، من طريق سفيان عن يونس عن الحسن. (¬4) سنن الدارقطني 2/ 215 - 218.

كتاب الروايتين والوجهين

فإن قيل: يحتمل أن يكون الرجل الذي سأله ممن لا يجب عليه الحج إلا بوجود زاد وراحلة، فبين له السبيل المشروطة في حقه. قيل له: النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر السبيل بالألف واللام، وإنما يكون المراد بذلك جنس السبيل، أو المعهودة المذكورة في الآية، فلا يمكن حمل الخبر على غير هذين. • كتاب الروايتين والوجهين: التعريف بعنوان الكتاب: يعرف هذا الكتاب بعنوان: "كتاب الروايتين والوجهين"، لا يكاد يوجد خلاف في ذلك، وهو نفس العنوان الموجود على المخطوط الذي وصل إلينا عن طريق مكتبة أحمد الثالث بتركيا، وتوجد منه نسخة ناقصة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة بعنوان "الروايتين". المؤلف: هو القاضي أبو يعلى المتقدم. من ذكر الكتاب من المصنفين: ذكره كل من: القاضي أبي الحسين في "طبقات الحنابلة" وابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة" في ترجمة ابن المؤلف: أبي الحسين، والعليمي في "المنهج الأحمد"، وشيخ الإسلام ابن تيمية في "المسودة في أصول الفقه"، وابن اللحام البعلي في "القواعد والفوائد الأصولية"، وعلاء الدين المرداوي في مقدمة "الإنصاف"، وابن رجب في "الاستخراج لأحكام الخراج"، وغيرهم (¬1). مكان وجوده: توجد منه نسخة ناقصة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة برقم 17/ 4313 كتبت بخط واضح في القرن الثامن الهجري، بقلم محمد عبد الوهاب بن محمد الحنبلي، وعدد أوراقها (112) ورقة. وتوجد نسخة أخرى كاملة وبخط جيد كتبت في القرن السابع الهجري بقلم عبد الله بن سليمان ابن خمرتاشي، وعدد أوراقها (258)، محفوظة في مكتبة أحمد الثالث بإستنابول بتركيا، تحت رقم 1121. ¬

_ (¬1) القاضي أبو يعلى، للدكتور عبد القادر أبو فارس، ص 206، والمسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين، للدكتور عبد الكريم بن محمد اللاحم، 1/ 27، المعارف الرياض.

وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: يبحث هذا الكتاب في فقه الإمام أحمد، والروايات المختلفة عنه في المذهب، فهو مرجع الحنابلة في معرفة الروايات الواردة عن الإمام أحمد، حيث جمعها القاضي، وأفردها في مؤلف مستقل، مع توجيهها والإستدلال لها، وبيان الراجح منها. جمع فيه المؤلف ما يقارب ألف مسألة، وذكر في كل مسألة روايتين أو وجهين مع الإستدلال لكل رواية أو وجه بدليل، أو أكثر من الكتاب، أو السنة، أو أقوال الصحابة أو التّابعين، أو ذكر وجه ذلك من قياس أو تعليل، مع بيان ما يرى أنه الراجح أو المذهب. ويبين القاضي طريقته في هذا الكتاب بقوله في المقدمة: هذا الكتاب يشتمل على ذكر المسائل التي اختلفت الرواية فيها عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني -رحمة الله عليه- وشرحها وبيانها، وذكر ما عرف من مواضعها، وبيان صحيحها وضعيفها، وإبراز نكتة لكل رواية منها، وينضاف إلى ذلك بيان المسائل التي اختلف أصحابنا فيها، واضافة كل قول لقائله، وذكر ما يعتمد عليه لصحة قوله، وغير الصحيح من غيره. والله الموفق والمعين. مقتطفات من الكتاب: لقد أخرج الدكتور عبد الكريم اللاحم هذا الكتاب إلى عالم المطبوعات بالإعتماد على النسخ الخطية التي سبقت الإشارة إليها. وقسمه إلى قسمين: - قسم خصصه للمسائل الققهية، طبع في ثلاثة مجلدات. - قسم خصصه للمسائل الأصولية، طبع في جزء لطيف. وهذه مقتطفات من القسمين: من كتاب المسائل الفقهية: قال في كتاب البيوع: مسألة [رقم 22]: واختلف في المقبوض على وجه السوم: هل هو مضمون أم لا؟ فنقل أبو طالب فيمن ساوم رجلاً بدابة، فقال: خذها بما أحببت، فأخذها، ولم يقطع الثمن، فماتت: فهي من مال البائع، لأنها ملك له، فقد نص علي أنها من ضمان صاحبها دون المساوم.

ونقل ابن منصور فيمن قبض سلعة على سوم، ولم يسم الثمن، فهلكت: فهو ضامن للقيمة، على اليد ما أخذت حتى تؤدي، فقد نص على أنها من ضمان المساوم. فإن قلنا: إنه غير مضمون، فوجهه: أنه قبض بإذن مالكه لا على وجه العوض والمنفعة، فلم يكن مضمونا عليه، دليله الوديعة. وقولنا: بإذن مالكه. احتراز من الغصب. وقولنا: لا على وجه العوض. احتراز من المبيع إذا قبضه المبتاع أنه مضمون عليه بالثمن، وكذلك منافع الدار إذا قبضها، هي مضمونة عليه، لأنه على وجه العوض قبضه، وها هنا لايقابل هذا القبض عوض، وإنما يحصل العوض في الثاني في مقابلة عقد البيع. وقولنا: لا على وجه المنفعة بها. يعني: لا يجوز له الإنتفاع بها حال المساومة، احترازاً من العارية فإنها مضمونة، لأنه قبض على وجه الإنتفاع بها. وإذا قلنا: إنه مضمون، وهو أصح، فوجهه: أنه قبضه لينفرد بمنفعته لنفسه، فكان مضمونا عليه، كالعارية والغصب، وقولنا: لينفرد بمنفعته، نريد به أنه ينظر ويتفكر، هل المنفعة في شرائه وحصول الحظ له أم لا؟ ولسنا نريد بالمنفعة أنه ينتفع بنفس العين المقبوضة، لأن ذلك لا يجوز بلا خلاف (¬1). من كتاب المسائل الأصولية: مسألة [رقم 16]: إذا ثبت الحكم في الأصل بدليل مقطوع عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع، وجب رد غيره إليه إذا كان معناه فيه، وهذا لا إشكال فيه، فأما إن كان معنى الأصل عرف بالإستنباط، مثل علة الرِّبا في الزائد مكيلاً أو مطعوماً، فهل يجب رد غيره إليه أم لا؟ قال شيخنا أبو عبد الله (¬2): لا يجب رد غيره إليه، فعلى قوله، يكون القول ببعض القياس دون بعض، وقد أومأ أحمد إليه في رواية مُهنا، وقد سأله: هل يقيس بالرأي؟ فقال: لا، هو أن يسمع الرجل الحديث فيقيس عليه. معنى قوله: لا يقيس بالرأي: يعني ما ثبت أصله بالرأي لا يقيس عليه، وعندي: أنه يجب رد غيره إليه، وقد أومأ إليه ¬

_____ (¬1) المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 1/ 332، تحقيق الدكتور عبد الكريم اللاحم، مكتبة المعارف الرياض، 1985. (¬2) يريد به الحسن بن حامد شيخ المذهب المتوفى سنة 403 هـ.

شرح مختصر الخرقي للقاضي أبي يعلى

في رواية ابن القاسم، فقال: لا يجوز الحديد والرصاص متفاضلاً، قياساً على المذهب والفضة. فقد قاس الحديد والرصاص على المذهب والفضة، والعلة في الأصل غير مقطوع عليها، لأن العلة عند بعضهم: كونها قيمة المتلفات، وعند ابن عباس معنى آخر. وجه الأول: أنه إذا كان معنى الأصل عرف بالإستدلال وغالب الظن، فإذا رددنا غيره إليه، عرفناه بالإستدلال وغالب الظن، من غير أصل مقطوع به على معناه، وهذا لا يجوز، وتحريره: أن المعنى المستنبط غير مقطوع على صحته، فلم يجز القياس عليه. ووجه الثاني: عموم قوله: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}. ولم يفصل، بل هذا أولى، فإنه اعتبار حكمه، والذي قالوه اعتبار الفرع فقط، فكان بالآية أخص، ولأنه إجماع الصحابة، وذلك أنهم أجمعوا على القياس المستنبط، فقال عمر وعلي لأبي بكر: ارتضاك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لديننا، أفلا نرضاك لدنيانا؟ وهذا قياس على معنى استنباطه بالظن، وكذلك قالوا لعمر: إنما أنت مؤدِّب، فلا شيء عليك (¬1). • شرح مختصر الخرقي للقاضي أبي يعلى: عنوان الكتاب: يعرف هذا الكتاب بـ"شرح الخرقي" و"شرح مختصر الخرقي". المؤلف: هو القاضي أبو يعلى المتقدم. من ذكر الكتاب من المصنفين: ذكره كل من: ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة"، وعلاء الدين المرداوي في "الإنصاف"، والعليمي في "المنهج الأحمد"، وابن بدران في "المدخل"، وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (¬2). ¬

_______ (¬1) المسائل الأصولية من كتاب الروايتين والوجهين، تحقق د. عبد الكريم اللاحم، ص 68، مكتبة المعارف، الرياض، 1985. (¬2) القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، للدكتور عبد القادر أبو فارس، ص 213.

مكان وجوده: وصل هذا الكتاب مخروماً، فلا توجد له إلا أجزاء ناقصة مما لا يستفاد منه استفادة كاملة، ولا التعرف عليه إلا من خلال هذا القسم الموجود. قال ابن بدران: "ومما اطلعنا عليه من شروح الخرقي، شرح القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين ابن الفراء البغدادي، وهو في مجلدين ضخمين، وبعض نسخه في أربع مجلدات" (¬1). والذي يوجد حالياً في المكتبة الظاهرية بدمشق نسختان: الأولى: محفوظة تحت رقم 57 فقه حنبلي، ويوجد منها المجلد الثاني فقط، وعدد أوراقه (267) ورقة، أما الأول، فمفقود. الثانية: محفوظة تحت رقم 58 فقه حنبلي، ويوجد منها المجلد الثالث فقط، وعدد أوراقه (280) ورقة، أما الأول والثاني، فمفقودان. وتوجد نسخة ثالثة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة، محفوظة تحت رقم (10643) تبدأ من "كتاب الأشربة" وهي تحتوي على المجلد الرابع فقط، وبقية المجلدات مفقودة. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: يعتبر هذا الكتاب شرحاً مبكراً لمختصر الخرقي، إذ لم يسبقه إلى شرحه - فيما نعلم- إلا ثلاثة: عمر بن إبراهيم العكبري الشهير بابن المسلم (387 هـ) والحسن بن حامد (403 هـ) شيخ المذهب، وشيخ القاضى أبي يعلى، وابن أبي موسى (428 هـ) صاحب "الإرشاد". وبالتالي يعتبر هذا الشرح مادة العلماء الذين جاءوا من بعده، خصوصاً وأنه يعني بإقامة الدليل المنقول والمعقول، شأن عمله في كتبه الفقهية والأصولية والكلامية. قال ابن بدران: "وطريقته: أن يذكر المسألة من الخرقي، ثم يذكر من خالف فيها، ثم يقول: ودليلنا، فيفيض في إقامة الدليل من الكتاب والسنة والقياس على طريقة الجدل" (¬2). ولا يعرض القاضي أبو يعلى أدلة المخالف من المذاهب الأخرى، على خلاف ما في "المغني" لإبن قدامة المقدسي، فإنه يورد أدلة المخالفين، وقد يسهب وقد يوجز، ¬

_ (¬1) المدخل، ص 427. (¬2) المدخل ص 427.

الانتصار في المسائل الكبار

خصوصاً وأن المخالف قد يكون متفقاً مع إحدى الروايات عن أحمد والتي تعتبر مرجوحة عند ابن قدامة. مقتطفات من الكتاب: قال في كتاب النكاح: النكاح في اللغة: حقيقة في الوطء، مجاز في العقد، وأما في الشريعة: فقد اختلفوا فيه: فمنهم من قال: حقيقة في الوطء والعقد جميعًا، ومنهم من قال: حقيقة في الوطء مجاز في العقد. والدلالة على أنه حقيقة في الوطء وفي العقد: ما روته عائشة - رضي الله عنها -: كان نكاح الجاهلية على أربعة أنحاء ... إلخ، وساق الحديث بطوله (¬1). ثم ساق المسألة الأولى من "المختصر" وهي قول أبي القاسم -رَحِمَهُ اللهُ-: (ولا ينعقد النكاح إلا بولي وشاهدين من المسلمين). ثم قال: أما قوله: لا ينعقد إلا بولي، فهو خلاف أبي حنيفة في قوله: ليس بشرط في نكاح البالغة. دليلنا: ما روت عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نكاح إلا بولي" (¬2). فنفى النكاح عند عدم الولي، ولا يمكن أن يقال: إن المرأة ولية نفسها، لأن الولي إذا أطلق عقل منه الذكر، ولأنه يقال: ولي وولية، كما يقال: شاهد وشاهدة، وعلي أنه قد فسر في خبر آخر، فروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا نكاح لإمرأة إلا بإذن وليها". فعلم أن المراد بذلك ولي عن المنكحة. اهـ. • الانتصار في المسائل الكبار: عنوان الكتاب: اسم هذا الكتاب "الإنتصار في المسائل الكبار"، كما هو موجود على ظهور المخطوطات والصفحات الأولى من أجزائه. ولم يضع المؤلف عنواناً معيناً لهذا الكتاب، ¬

_ (¬1) الحديث أخرجه البخاري في النكاح، باب: من قال: لا نكاح إلا بولي، الحديث (5127). وأبو داود في الطلاق، باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية، الحديث (2272). (¬2) أخرجه أحمد في "المسند" (26235)، وروي مثله من حديث أبي موسى عند أبي داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881).

فالغالب أنه من وضع تلامذته أو غيرهم، نسقوه من المقدمة. وقد يسمى بـ "الإنتصار" على وجه الإختصار. ويسمى أيضاً بـ"الخلاف الكبير". وهذا اسم وصفي في نظرنا، فقد أطلق هذا الإسم أيضًا على "التعليق الكبير" لأبي يعلى المتقدم. وهذا يفيد أن له كتاباً صغيراً في الخلاف، وهو كذلك، وهو المسمى بـ "رؤوس المسائل" ويطلق عليه "الخلاف الصغير". المؤلف: هو العلامة الفقيه محفوظ بن أحمد بن الحسن الكَلْوَذاني البغدادي الأزجي. وكلوَذان قرية جنوب بغداد على الجانب الشرقي لنهر دجلة (¬1). المولود سنة 432 هـ والمتوفى ببغداد سنة 510 هـ. من ذكر الكتاب من المصنفين: ذكر هذا الكتاب كثير ممن ترجم لأبي الخطاب، مثل: ابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة"، والعليمي في "المنهج الأحمد"، والبغدادي في "إيضاح المكنون" و"هدية العارفين"، والزركلي في "الأعلام"، وعمر كحالة في "معجم المؤلفين". كما ذكره المصنفون في الفقه الحنبلي وقواعده، ومنهم: ابن مفلح في "الفروع"، (¬2) وابن تيمية كما في "مجموع الفتاوي" (¬3) وابن رجب في "القواعد" (¬4) وقد أكثر من النقل عنه في كتابه هذا. وابن اللحام في "القواعد والفوائد الأصولية" (¬5) وغيرهم. مكان وجوده: لا يوجد من هذا الكتاب -في حدود علمنا- إلا نسخة خطية واحدة تم الإعتماد عليها في طبعه. وهي النسخة المحفوظة في "دار الكتب الظاهرية" بدمشق تحت رقم (2743) عدد أو ارقها (343) ورقة بخط معتاد. ويبدو أنها كانت ملكاً للشيخ يوسف ابن عبد الهادي (909 هـ) الدمشقي الصالحي، وكانت موقوفة في "المدرسة الشيخية العمرية" قبل انتقالها إلى الظاهرية. ¬

_______ (¬1) معجم البلدان، لياقوت الحموي، 4/ 477، نشر دار صادر ودار بيروت، 1404 هـ. (¬2) 1/ 230. (¬3) 20/ 227. (¬4) ص 5 - 6. (¬5) ص 87.

وتعتبر هذه النسخة ناقصة، إذ هي عبارة عن المجلد الأول فقط، ويحتوي على: الطهارة -الصلاة- الزكاة. وقد نشر الكتاب محققًا في ثلاثة مجلدات كبار (¬1). وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: يصنف الكتاب في "الفقه المقارن" أو"الخلاف" كما يسمى قديمًا، فإن المصنف يبين الخلاف بين الفقهاء، ثم ينتصر لمذهب الإمام أحمد بالحجج الثقلية والعقلية، فهو بهذا يرتب بعد كتاب "التعليق الكبير" لشيخه القاضي أبي يعلى زمانا وموضوعًا. لكن أبا الخطاب اقتصر على أشهر المسائل الخلافية التي سماها "المسائل الكبار" كما أبان عن ذلك في المقدمة. ويمتاز أبو الخطاب بذكر غير الأئمة الأربعة في الخلاف على الغالب، كداود الظاهري والأوزاعي والثوري والليث، كما يذكر أحيانا جماعة الصحابة والتابعين القائلين بذلك القول (¬2). وطريقة المؤلف في هذا الكتاب: أن يورد المسألة تحت عنوان "مسألة" ويذكر بعدها رأي الإمام أحمد في رواياته المتعددة، كما يذكر وجوه الأصحاب عند عدم النص من الإمام، ويحرص دائمًا على تقديم الرواية المعتمدة للمذهب في نظره، ثم يذكر من وافقه ومن خالفه من الفقهاء. وبعد الإنتهاء من تصوير المسألة وعرض الأقوال، يأخذ أبو الخطاب في الإنتصار والإحتجاج لمذهب الإمام أحمد بقوله: لنا: كذا، أو: دليلنا: كذا، أو: ونصرة اختيار أصحابنا كذا. وعند اختلاف الرواية يقول: وجه الأولى كذا .. ووجه الثانية: كذا .. ثم يسرد الأدلة مرتبة، وهي: الكتاب، ثم السنة، ثم القياس والمعقول. ويمتاز أبو الخطاب بإطالة النفس في للراد اعتراضات الخصوم، بقوله: فإن قيل كذا. . . ثم يرد عليها بقوله: قلنا: كذا. . . ¬

_ (¬1) نشرته مكتبة العبيكان بالرياض، 1993. (¬2) مقدمة تحقيق كتاب الصلاة، للدكتور عوض رجاء بن فريح، ص 77.

وتبرز أهمية الكتاب في نواح عديدة، منها: - أنه يعد مصدرًا من مصادر معرفة خلافيات أبي الخطاب واختياراته داخل المذهب الحنبلي. - أنه معتمد كثير من فقهاء الحنابلة في معرفة الخلاف في المسائل الفقهية بين الأئمة، ومعرفة دليل الحنابلة، وقد عول عدد كبير من العلماء في تصنيفه على كتاب "الإنتصار"، وخاصة ابن رجب في "القواعد". - أنه مصدر من مصادر معرفة الراجح من الخلاف في المذهب. وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه (¬1). وبالجملة: فإن هذا الكتاب يعد ذخيرة علمية لا يستهان بها، لولا أنه ناقص، فهو قد حوى خلاصة لآراء الأئمة الأربعة وغيرهم في أمهات المسائل الخلافية، كما أنه تضمن نصوصًا من كتب تعتبر في حكم المفقود حاليًا، مثل "سنن هبة الله الطبري" و"علل الحديث للسَّاجي" وغيرهما (¬2). مقتطفات من الكتاب: من كتاب الزكاة: مسألة [رقم 11]: للخلطة تأثير في إيجاب الزكاة وإسقاطها، نص عليه في رواية جماعة من أصحابه، وبه قال مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا تؤثر في ذلك. لنا: ما تقدم من خبر أنس أن أبا بكر - رضي الله عنه - كتب كتاب الصدقة: هذه فريضة الصدقة التي فرض الله على المسلمين، وأمره لرسوله. . . وقال فيه: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية. أخرجه البخاري وابن خزيمة وابن أبي حاتم. وخبر ابن عمر: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاب الصدقة، ففرضه (¬3) بسيفه، وعمل به ¬

_ (¬1) مجموع الفناوي 20/ 227. (¬2) مقدمة تحقيق كتاب الطهارة للدكتور سليمان بن عبد الله العمير، ص 72. (¬3) كذا في "الإنتصار"، وفي سنن أبي داود والترمذي: فَقَرَنَه.

المستوعب

أبو بكر وعمر. كان فيه: "لا يفرق بين مجتمع". لفظ الخبر سواء. أخرجه الترمذي وأبو داود. فمنه دليلان: أحدهما: أنه نهى أن يكون لكل رجل أربعون شاة في موضعين، فيجمعان بينهما عند مجيء الساعي، ليأخذ شاة واحدة. أو يكون لرجل أربعون، فيفرقها في موضعين، ليُسقط الصدقة. والثاني: قوله: وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية. وهذا إنما يتصور إذا اختلط من له عشرون بمن له أربعون. فإن الساعي إن أخذ الشاة من صاحب العشرين، يرجع على الآخر بثلثي شاة، وإن أخذها من صاحب الأربعين رجع على الآخر بثلث شاة. فإن قيل: يحمل النهي عن الاجتماع والإفتراق على المالك الواحد، لا يفرق أربعين، ليسقط الزكاة، وعلى الساعي لا يفرق ثمانين شاة لرجل، ليأخذ شاتين. قلنا: قد استفدنا ذلك من أول الخبر (¬1). . . إلخ. • المستوعب: عنوان الكتاب: يعرف هذا الكتاب بعنوان "المستوعِب" بكسر العين وزن اسم الفاعل على ما نرجحه تبعًا لإبن بدران (¬2). وذلك أن مؤلفه لم يضع له عنوانًا خاصًا غيره من الكتب التي قدمنا التعريف بها، فاستنتج هذا العنوان من مقدمة الكتاب التي جاء فيها: "ضمنت كتابي هذا من أصول المذهب وفروعه ما استوعب جميع ما تضمنه "التنبيه" لغلام الخلال. . . الخ" فصار هذا الكتاب مستوعِبًا لما سمّى مصنفه. المؤلف: هو مجتهد المذهب محمد بن عبد الله بن الحسين السامُرِّي البغدادي، المعروف بـ "ابن سُنَيْنَة". المولود بسامُرّاء سنة 535 هـ، والمتوفى ببغداد سنة 616 هـ. ¬

_ (¬1) كتاب الزكاة، ص 284. تحقيق الدكتور عبد العزيز بن سليمان بن إبراهيم البعيمي. (¬2) المدخل ص 418، وص 429.

من ذكر الكتاب من المصنفين: ذكر الكتاب عامة من ترجم للمؤلف، منهم: ابن رجب في "ذيل الطبقات" وابن العماد فى "شذرات الذهب" والزركلي في "الأعلام" وعمر كحالة في "معجم المؤلفين". كما ذكره عدد كبير من المصنفين في الفقه الحنبلي بعد السامّري أحصى منهم محقق كتاب "الفروق" (14) عنوانا، وأحصى محقق "المستوعب" (31) عنوانا (¬1). وقد اعتبره ابن بدران أصلاً لكتاب "الإقناع" للحجاوي في الشكل والمضمون، فقال: وقد حذا حذوه الشيخ موسى الحجاوي في كتابه "الإقناع لطالب الإنتفاع" وجعله مادة كتابه، وإن لم يذكر ذلك في خطبته، لكنه عند تأمل الكتابين تبين ذلك -رَحِمَهُمَا اللهُ- (¬2). مكان وجود الكتاب: يُوجد من هذا الكتاب نسختان خطيتان -فيما نعلم-: النسخة الأولى: محفوظة بالمكتبة الظاهرية بدمشق رقمها (48 فقه حنبلي) وتتكون هذه النسخة من ثلاثة أجزاء: الأول: يبدأ بكتاب الطهارة وينتهي بانتهاء كتاب البيوع، عدد أوراقه (285) ورقة. الثاني: يبدأ بكتاب الضمان، وينتهي بكتاب الطلاق، وعدد أوراقه (77) ورقة. الثالث: يبدأ بكتاب الجنايات، وينتهي بباب الكراهة، وعدد أوراقه (230) ورقة. النسخة الثانية: محفوظة بالمكتبة الظاهرية أيضًا تحت رقم 85 فقه حنبلي. وتتكون هذه النسخة من جزأين. عدد أوراق الأول (280) ورقة، وعدد أوراق الثاني (250) ورقة. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: اعتبر ابن بدران هذا الكتاب أحسن من صنُف في مذهب الإمام أحمد وأجمعه (¬3). ¬

_ (¬1) الفروق ص 85، والمستوعب 1/ 53. (¬2) المدخل ص 430، 434. (¬3) المدخل، ص 430.

وهو متن من المتون الفقهية الجامعة، وقد عُني صاحبه بسبك مسائل الأبواب سبكًا حسنا متتابعًا، خاليًا من إيراد الأدلة، إلا أنه حفل باختلاف الروايات والوجوه، وكثيرًا ما يورد الإختلاف في صورة سؤال، كقوله في الوضوء: وهل يجوز للصبيان حمل الألواح التي فيها قرآن يقرؤون فيها؟ على وجهين (¬1). وقد استوعب السامُرّي في هذا الكتاب ثمانية مصنفات لمن سبقه من علماء المذهب، وهي: "مختصر الخرقي" و"التنبيه" لعبد العزيز غلام الخلال، و"الإرشاد" لإبن أبي موسى، و"الجامع الصغير"، و"الخصال" للقاضي أبي يعلى، و"الخصال" لإبن البنا، و"الهداية" لأبي الخطاب، و"التذكرة" لإبن عقيل. ثم قال: فمن حصل كتابي هذا أغناه عن جميع هذه الكتب المذكورة، إذ لم أخل بمسألة منها إلا وقد ضمنته حكمها، وما فيها من الروايات وأقاويل أصحابنا التي تضمنتها جميع هذه الكتب، اللهم إلا أن يكون في بعض نسخها نقصان، ولقد تحريت أصح ما قدرت عليه منها (¬2). اهـ. ولم يكتف بالكتب المذكورة، بل استكمل نقص مجموعها، بإضافة مسائل وروايات وردت في "الشافي" لغلام الخلال، و"المجرد" للقاضي أبي يعلى، و"كفاية المفتي" لأبي الوفاء ابن عقيل، وهو كتاب "الفصول". وتتلخص فوائد الكتاب وميزاته فيما يلي: - وضوح الأسلوب وسهولة العبارة. - اعتباره مصدرًا مقربا لإختلاف الرواية في المذهب. - تنوع مصادر الكتاب وأصالتها. - وعد المؤلف في مقدمته بتوضيح المشكل، وتفسير المجمل، وجمع المفرق، وتقريب فهم الكتاب على قارئه ومتأمله، وحسن ترتيبه وتنظيمه، فكان كما وعد، فجزاه الله خيرًا (¬3). ¬

_ (¬1) المستوعب 1/ 132، تحقيق الدكتور مساعد بن قاسم الفالح، مكتبة المعارف، الرياض، 1993. (¬2) المستوعب 1/ 78. (¬3) مقدمة تحقيق المستوعب ص 57، للدكتور الفالح.

المغني

وطُبع منه إلى الآن أربعة أجزاء؛ من أول الكتاب إلى آخر العقيقة، بدراسة وتحقيق الدكتور مساعد بن قاسم الفالح. نشرته مكتبة المعارف بالرياض في أربعة أجزاء. مقتطفات من الكتاب: من كتاب الزكاة: باب زكاة التجارة: حكم قيم عروض التجارة في الزكاة، كحكم الناض (¬1)، فإذا بلغت قيمتها نصابا قدره مقدار نصاب الناض، وحال الحول، ولم ينقص عن ذلك وجبت زكاتها، وهي كزكاة الناض ربع العشر، وما زاد على النصاب فبحسابه، وإن قل، ويخرج من القيمة لا من العروض. فإن نقصت قيمتها في بعض الحول عن النصاب فلا زكاة إلا أن يكون في ملكه ناض زكوي، فيكمل الجميع نصابًا فتجب الزكاة. وكل عروض التجارة تقوم إذا تم الحول، سواء كانت مما تجب الزكاة في عينه، كبهيمة الأنعام أو غير ذلك، وسواء كانت مما ينقل، كاللآلئ والجواهر جميعها، والمكيل والموزون والمذروع، والعبيد، وسائر الحيوان، أو مما لا ينقل، كالعقار والغراس (¬2). • المغني: عنوان الكتاب: يعرف هذا الكتاب بـ"المغني" بدون أي شيء زائد، والظاهر أن هذا الإسم وضعه المؤلف على ظهر الكتاب، لأنه لم يذكر في المقدمة أنه سماه باسم معين، والذي يدل على أن المؤلف سماه بهذا الإسم شهرة هذا العنوان في عصر المؤلف، فقد قال ابن أخيه الشيخ عبد الرحمن بن أبي عمر في مقدمة "الشرح الكبير": اعتمدت في جمعه على كتابه "المغني" وذكرت فيه من غيره ما لم أجده فيه من الفروع والوجوه والروايات، ولم أترك من كتاب "المغني" إلا شيئًا يسيرًا من الأدلة. . . إلخ. ¬

_ (¬1) أي: الدراهم والدنانير المضروية في لغة أهل الحجاز، وقال أبو عبيد: إنما يسمونه ناضا إذا تحول الثمن عينًا بعد أن كان متاعًا. المصباح المنير "نضَّ" (¬2) المستوعب 3/ 295.

المؤلف: هو عبد الله بن أحمد بن قدامة، موفق الدين، أبو محمد المقدسي، ثم الصالحي الفقيه الزاهد. المولود بجمّاعيل سنة 541 هـ، والمتوفى يوم السبت يوم عيد الفطر سنة 620 هـ بمنزله بدمشق. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: يعتبر كتاب "المغني" من أوسع الكتب المصنفة في المذهب، وأكبرها حجمًا، فهو يقع في (9) مجلدات كبار بخط مصنفه (¬1). واعتبر كثير من العلماء كتاب "المغني" أحسن شروح الخرقي، من حيث التوسع وكثرة الفوائد، وغير ذلك. قهو إذن شرح على "مختصر الخرقي". لكن الذي يبدو من منهج الموفق -رَحِمَهُ اللهُ-، وقصده في هذا الكتاب، هو تكوين موسوعة للفقه الحنبلي، وليس شرح مختصر الخرقي بالذات، وإنما بناه على المختصر، وجعل مسائله كتراجم لأبحاث كتاب "المغني". وهذا ما نلمسه واضحًا في مقدمته الوجيزة للكتاب، إذ جاء فيها: وقد أحببت أن أشرح مذهبه -أي الإمام أحمد - واختياره، ليعلم ذلك من اقتفى آثاره، وأبين في كثير من المسائل ما اختلف فيه مما أجمع عليه، وأذكر لكل إمام ماذهب إليه، تبركًا بهم (¬2)، وتعريفًا لمذاهبهم، وأشير إلى دليل بعض أقوالهم على سبيل الإختصار، والإقتصار من ذلك على المختار، وأعزو ما أمكنني عزوه من الأخبار، إلى كتب الأئمة من علماء الآثار، لتحصل الثقة بمدلولها، والتمييز بين صحيحها ومعلولها، فيعتمد على معروفها ويعرض عن مجهولها. ثم بنيت ذلك على شرح مختصر الخرقي أبي القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي -رَحِمَهُ اللهُ- لكونه كتابا مباركًا نافعًا، ومختصرًا موجزًا جامعًا، ومؤلفه إمام كبير ¬

_ (¬1) المدخل، لإبن بدران، ص 425. (¬2) تجاوز -رَحِمَهُ اللهُ- في هذا التعبير؛ لأنه لا يجوز التبرك بالصالحين، لأن الصحابة لم يكونوا يفعلونه مع غير النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته؛ لا مع أبي بكر ولا غيره، ولا فعله التابعون مع قادتهم في العلم والدين. وللنبي - صلى الله عليه وسلم - خصائص في حال حياته لا يصلح أن يشاركه فيها غيره، فلا يجوز أن يقاس عليه أحد من الأئمة، هذا لو كانوا على قيد الحياة، فكيف وهم أموات!! إن الأمر إذًا أشدّ، ولا يجوز إطلاقًا.

صالح، ذو دين، أخو ورع، جمع العلم والعمل، فنتبرك بكتابه (¬1)، ونجعل الشرح مرتبًا على مسائله وأبوابه (¬2). فالكتاب يعد شرحًا للمذهب، وليس لمختصر الخرقي فحسب، كما يعتبر أصله مختصرًا لفقه الإمام أحمد، وليس مختصرًا لكتاب آخر. طريقة ابن قدامة في المغني: طريقة المصنف في هذا الكتاب: أنه يكتب المسألة من مختصر الخرقي، ويجعلها كالترجمة للبحث، ثم يأتي على شرحها وتبيينها، وما دلت عليه بمنطوقها ومفهومها ومضمونها، ثم يتبع ذلك ما يشابهها مما ليس بمذكور في الكتاب، فتحصل المسائل كتراجم الأبواب (¬3). ويلتزم صاحب المغني في عناوين الكتاب وتراجمه، ما في مختصر الخرقي، بحيث يقسم الكتاب كله إلى مجموعة كتب، ككتاب الطهارة، وكتاب الصلاة. . . . ويقسم الكتاب الواحد إلى عدة أبواب، كباب الآنية، باب الحيض. . . ويقسم الباب إلى عدة مسائل، كل مسألة يجعلها كالترجمة للبحث. ثم إنه يورد المباحث والأحكام التي لم ينص عليها الخرقي تحت فصول غير مترجمة. فيقول مثلاً: فصل: وحكم المستحاضة حكم التيمم. . . الخ، فصل: يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع رأسه. . . . العناية بالخلاف والأدلة في المغني: يعنى المؤلف بذكر الخلاف والأدلة في هذا الكتاب، وهو قبل أن يكون مصدرًا لمعرفة الخلاف، فهو مصدر لمعرفة الإجماع، إذ أخذ على نفسه أن يبين في كثير من المسائل ما اختلف فيه مما أجمع عليه. قال الشيخ رشيد رضا -رَحِمَهُ اللهُ- في تقدمته لطبع "المغني" و"الشرح الكبير": الفائدة الخامسة: إن الذي يقرأ الكتابين أو يراجع المسائل فيهما يقف على مسائل ¬

_ (¬1) هذه مبالغة منه -رَحِمَهُ اللهُ- لأنه ليس هناك كتاب يعتقد فيه البركة غير كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92]، ولأنه معصوم من الخطأ، وما عداه من الكتب فهو عرضة للخطأ. والله أعلم. (¬2) المغني 1/ 5، ط. دار هجر (1406 هـ - 1986 م) (¬3) المغني 1/ 3.

الإجماع، وهي الواجبة قطعًا على جميع المسلمين، فلا يسع أحدًا منهم ترك شيء منها إلا بعذر شرعي (¬1). اهـ. ونلاحظه تارة يحيل في حكاية الإجماع على ابن المنذر، وتارة يتكفل ذلك بنفسه، فيقول مثلا: لا نعلم في ذلك خلافًا. أو نحو هذه العبارة. وأما الخلاف والأدلة: فيذكر ابن قدامة في "المغني" الخلاف في حكاية المذهب على روايتين أو أكثر متى وجد، وينسب كل رواية لصاحبها، ويوجهها بوجوه من النظر والدليل، كما يعنى بذكر الخلاف بين الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الأئمة الأربعة وغيرهم، ويستدل لكل مذهب بدليل مقتضب، وقد صرح بذلك في المقدمة، فقال: وأشير إلى دليل بعض أقوالهم على سبيل الإختصار، والإقتصار من ذلك على المختار (¬2). اهـ. ويرجح في الأخير ما يراه راجحًا على طريقة فن الخلاف والجدل، ويتوسع في فروع المسألة. قيمة كتاب المغني وأهميته: بعد هذا التعريف الموجز بشأن هذا الكتاب العظيم، يتبين أنه ديوان الإسلام في الفقه، وليس كتابًا للحنابلة فحسب، وليس أدل على ذلك من مسارعة العلماء في الاقتناء له على اختلاف مذاهبهم، فهو في الفقه الإسلامي بمنزلة تفسير ابن جرير الطبري في تفسير القرآن، أو تفسير القرطبي في جمع أحكامه، وبمنزلة "السنن الكبرى" للبيهقي في جمع أحاديث الأحكام. وقديمًا قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل "المحَلَّى والمجلَّى" (¬3) وكتاب "المغني" للشيخ موفق الدين ابن قدامة، في جودتهما وتحقيق ما فيهما. ونقل عنه أيضًا قوله: لم تطب نفسي بالفتيا حتى صار عندي نسخة من "المغني" (¬4). وعلق الذهبي على الكلمة الأولى بقوله: قلت: لقد صدق الشيخ عز الدين. وثالثهما: "السنن الكبرى للبيهقي"، ورابعها: "التمهيد" لإبن عبد البر. ¬

_ (¬1) مقدمة "المغني" ص 27، ومقدمة "المغني مع الشرح الكبير" ص 18، ط. دار الكتاب العربي. (¬2) المغني 1/ 2. (¬3) يعني كتاب ابن حزم الشهير بـ "المحلى" واسمه الكامل "المحلَّى بالآثار في شرح المجلى بالأخبار". (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 142.

فمن حصل هذه الدواوين، وكان من أذكياء الفتين، وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم- حقا (¬1) اهـ. وقد كتب الشيخ محمد رشيد رضا -رَحِمَهُ اللهُ- مقدمة حافلة لطبعة "المغني" الأولى التي طبعت مع "الشرح الكبير" لإبن أخي الموفق، والتي كانت بأمر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رَحِمَهُ اللهُ-. وكان الشيخ رشيد يتمنى قبل ذلك طبع الكتاب، ويقول: وإذا يسر الله تعالى لكتاب "المغني" من يطبعه فأنا أموت آمنا على الفقه الإسلامي أن يموت (¬2). ونلخص أهم فوائد "المغني" وكذلك "الشرح الكبير" فيما يلي: - إن الكتابين مصدران من مصارد الإجماع. - وكذلك يعتبران مصدرين من مصادر معرفة اختلاف الصحابة والتابعين، فأغنى هذان الكتابان عن مراجعة كتب السنن الآثار المعرفة بمذاهب الصحابة والتابعين إجماعًا وخلافًا، كمصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، وكتب الأثرم، وكتب ابن المنذر. - إن المطالع لهذين الكتابين بإدمان ومواظبة، ليتدرب على تكوين آلة الإجتهاد وحسن النظر في فقه الأدلة والخلاف بين العلماء، فيخرج من رِبْقَةِ الجمود على التقليد المحض المذموم. - وقد سلك الوفق وابن أخيه في عرض مسائل الخلاف ومناقشتها مسلك الأدب العالي مع جميع علماء الأمصار، عند ى خلاف صاحب "المُحلَّى" -رَحِمَهُ اللهُ-، مما يدل على أن المسائل الخلافية لم تكن بعد ذاتها سببًا للتفرق أو التعادي بين المسلمين، ولا للمفاضلة بين علمائهم، لولا ذلك التعصب المقيت الذي سلكه بعض أنصار المذاهب في كتبهم. وكتاب "الشرح الكبير" لا يختلف عن "المغني" في الطريقة والمنهج، بل وفي المحتوى إلا شيئًا قليلًا، فمن أجل ذلك رأينا أن ما قيل عن في "المغني" يكفي في التعريف بـ "الشرح الكبير" فهو المقنع والكافي والمغني إن شاء الله. ¬

_ (¬1) سبر أعلام النبلاء 18/ 193. (¬2) مقدمة طبعة المغني ص 16.

العمدة

• العمدة، المقنع، الكافي: هذه ثلاثة متون ألفها الموفق ابن قدامة، صاحب "المغني". ونعرف بها مجتمعة لما لها من علاقة فيما بينها. • فكتاب "العمدة": هو أصغرها، وهو عبارة عن مختصر، وضعه للمبتدئين، وجرى فيه على قول واحد مما اختاره، وهو سهل العبارة. وطريقته فيه: أن يصدر الأبواب بحديث من الصحاح، ثم يذكر من الفروع ما إذا دققت النظر وجدتها مستنبطة من ذلك ألحديثا، فترتقي همة مطالعه إلى طلب الحديث، ثم يرتقي إلى مرتبة الإستنباط والإجتهاد في الأحكام (¬1). قال مصنفه في المقدمة: هذا كتاب أحكام في الفقه، اختصرته حسب الإمكان، واقتصرت فيه على قول واحد، ليكون عمدة لقارئه، ولا يلتبس عليه الصواب باختلاف الوجوه والروايات. . . . وأودعته أحاديث صحيحة تبركًا بها، واعتمادًا عليها، وجعلتها من الصحاح لأستغني عن نسبتها إليها (¬2). وقد حفل علماء المذهب بهذا الكتاب وتناولوه بالشرح والتحشية والنظم، ويعتبر كتاب "العدة في شرح العمدة" للبهاء المقدسي (624 هـ) أهم شروحه، كما شرح بعضه (¬3) شيخ الإسلام وبحر العلوم أحمد ابن تيمية، فجعله مسائل، وجعل المسائل تراجم للبحث والشرح والإفاضة على طريقة "المغني" إلا أنه لا يذكر الخلاف الكبير ويقتصر على المذهب الحنبلي، ويكثر من الأدلة النقلية. • وأما كتاب "المقنع": فهو متن يأتي بعد "العمدة" في الترتيب. قال المصنف في خطبته: اجتهدت في جمعه وترتيبه، وإيجازه وتقريبه، وسطًا بين القصير والطويل، وجامعًا لأكثر الأحكام، عريَّة ¬

_ (¬1) المدخل ص 431. (¬2) العمدة ص 19، تحقيق ثناء الهواري وإيمان زهراء، ط. الدار المتحدة، دمشق. (¬3) قال الشيخ خالد المشيقح: لم يشرح شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللهُ- كتاب "العمدة" كاملاً، وإنما انتهى شرحه بنهاية كتاب الحج، إلا أنه لم يتيسر بعدُ العثور على جميع القدر المشروح من الكتاب. ا. هـ. من مقدمة تحقيق "شرح العمدة"، لإبن تيمية، ص 20، ط. دار العاصمة، 1997.

عن الدليل والتعليل، ليكثر علمه، ويقل حجمه، ويسهل حفظه وفهمه، ويكون مقنعًا لحافظيه نافعًا للناظر فيه (¬1). اهـ. لطيفة: من متشابه الأسماء في الكتب والتصانيف أن "المقنع" عنوان لعدة مؤلفات عند الحنابلة، منها: - المقنع، لغلام الخلال (363 هـ). - والمقنع، لإبن المسلم (387 هـ). - والمقنع في شرح الخرقي، لإبن البناء (471 هـ). - والمقنع في النيات، لإبن أبي يعلى (526 هـ). - والمقنع في أصول الفقه، لإبن حمدان (695 هـ). وطريقة المصنف في هذا المتن أن يورد الأحكام متتابعة عارية عن الدليل والتعليل، كما نبه على ذلك في الخطبة، ثم إنه يذكر اختلاف الروايات عن الإمام، والوجوه عن أصحابه باختصار شديد، فيقول: على روايتين أو وجهين، أو: فيهما روايتان، أو وجهان، وتارة يقول: وعنه. . . الخ ويعني بذلك: رواية أخرى عن أحمد. ولا يرجح بين الروايات في الغالب، وكذلك في بعض الوجوه، وهذا ما يسمى بالخلاف المطلق في المذهب، وأحيانا يرجح بين الوجوه، فيقول: والأول أصح، أو: في أصح الوجهين. ويشير إلى تفردات بعض مجتهدي المذهب، كالقاضي أبي يعلى وأبي الخطاب. ونظرًا لوجود الخلاف مطلقًا في هذا المتن، فقد وضعت عليه عدة طرر وحواشٍ في تحرير الرواية، وتصحيح المذهب، مثل "تصحيح الخلاف المطلق في المقنع" مطولًا ومختصرًا لمحمد بن عبد القادر الجعفري، المعروف بالجنة (¬2) (797 هـ) و"تصحيح المقنع" لشمس الدين ابن أحمد النابلسي (805 هـ). و"التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" للعلامة مصحح المذهب ومنقحه علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (885 هـ). وهو ¬

_ (¬1) المقنع ص 10، ط. دار الكب العلمية. (¬2) قال العليمى في "المنهج الأحمد" 5/ 172: وكان يُلقب بالجَنّة لكثرة ما عنده من العلوم، لأن الجنة فيها ما تشتهي الأنفس، وكان عنده ما تشتهي أنفس الطلبة وانتهت إليه الرحلة في زمانه. اهـ.

يكاد يكون اختصارًا لكتاب "الإنصاف"، فصحح المرداوي في كتاب "التنقيح" ما أطلقه ابن قدامة في "المقنع" من الروايتين أو الروايات، ومن الوجهين أو الوجوه، وقيّد ما أخل به من الشروط، وفسر ما أبهم فيه من حكم أو لفظ، واستثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب حتى خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، وقيد ما يحتاج إليه مما فيه إطلاق، وزاد مسائل محررة مصححة، فصار تصحيحًا لغالب كتب المذهب (¬1). قيمة كتاب "المقنع": تظهر قيمة هذا المتن في انتداب ابن أخي المصنف إلى القيام بشرحه شرحًا عظيمًا سماه "الشافي"، ويطلق عليه: "الشرح الكبير"، ولا نعرف له شرحًا صغيرًا يقابله، بل ربما لكبر حجمه سمي بذلك. وتظهر قيمته أيضًا في أنه عمدة الحنابلة من زمنه إلى يومنا هذا، وهو أشهر المتون بعد "مختصر الخرقي"، فلهذا أفاضوا في شرحه وتحشيته وبيان غريبه وتصحيحه وتنقيحه وتوضيحه. قال ابن بدران: "واعلم أن لأصحابنا ثلاثة متون حازت اشتهارًا أيما اشتهار: أولها: "مختصر الخرقي" فإن شهرته عند المتقدمين سارت مشرقا ومغربًا، إلى أن ألف الموفق كتابه "المقنع" فاشتهر عند علماء المذهب قريبًا من اشتهار الخرقي إلى عصر التسعمائة، حيث ألف القاضي علاء الدين المرداوي "التنقيح المشبع" ثم جاء بعده تقي الدين أحمد بن النجار الشهير بالفتوحي، فجمع "المقنع" مع "التنقيح" في كتاب سماه "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات" فعكف الناس عليه، وهجروا ما سواه من كتب المتقدمين، كسلاً منهم ونسيانًا لمقاصد علماء هذا المذهب التي ذكرنا آنفا. وكذلك الشيخ موسى الحجاوي ألف كتابه "الإقناع" ا. هـ" (¬2). وقال المرداوي في مدح هذا الكتاب: أما بعد، فإن كتاب "المقنع" في الفقه، تأليف شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد ¬

_ (¬1) من مقدمة الأستاذ الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع لكتاب "الفروع" 1/ 8، نقلا عن "شرح المنتهي". (¬2) المدخل ص 434.

الكافي

عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، قدس الله روحه، ونور ضريحه، من أعظم الكتب نفعًا وأكثرها جمعًا، وأوضحها إشارة، وأسلسها عبارة، وأوسطها حجمًا، وأغزرها علمًا، وأحسنها تفصيلًا وتفريعًا، وأجمعها تقسيمًا وتنويعًا، وأكملها ترتيبًا، وألطفها تبويبًا؛ قد حوى غالب أمهات مسائل المذهب، فمن حصَّلها فقد ظفر بالكنز والمطلب) (¬1). • وأما "الكافي": فهو كتاب وسط فوق "المقنع" ودون "المغني"، وهو أعظم مصنفاته بعد "المغني" إذ عرض فيه المذهب عرضًا وسطًا بين الإطالة والإختصار، فهو يعرض المسألة، ويتبعها بالدليل في يسر وبساطة تجعلانها تستقر في الذهن، وتعود مطالعه ودارسه على مجاوزة التقليد إلى الدليل، ثم يسمو به إلى مناقشة هذه الأدلة، وهي من أبرز ما يتميز به مذهب الإمام أحمد على غيره (¬2). وقد بين المصنف مقصده من هذا الكتاب في خطبته، فقال: توسطت فيه بين الإطالة والإختصار، وأومأت إلى أدلة مسائله مع الإقتصار، وعزوت أحاديثه إلى كتب أئمة الأمصار، ليكون الكتاب كافيًا في فنه عما سواه، مقنعًا لقارئه بما حواه، وافيًا بالغرض من غير تطويل، جامعًا بين بيان الحكم والدليل. وبالله أستعين وعليه أعتمد. (¬3) • المحرر: عنوان الكتاب: يعرف هذا الكتاب باسم "المحرر" هكذا على التجريد والإفراد، ويقال: "المحرر في الفقه"، وقد ألمح المصنف في المقدمة إلى ذلك فقال: هذبته مختصرًا، ورتبته محررًا. • المؤلف: هو الفقيه، المحدث، الأصولي، النحوي، المقرئ، شيخ الإسلام، مجد الدين، أبو البركات عبد السلام بن عبد الله ابن أبي قاسم بن خضر بن محمد بن علي بن تيمية، ¬

_ (¬1) الإنصاف 1/ 5، طبعة دار هجر. (¬2) مقدمة طبعة دار هجر للكافي ص 7. (¬3) الكافي 1/ 3، ط. دار هجر، القاهرة، 1997.

الحرّاني، صاحب "منتقى الأخبار" في أحاديث الأحكام، وشارح هداية أبي الخطاب. المولود بحرّان سنة (590 هـ) والمتوفى بها يوم الجمعة عيد الفطر سنة (652 هـ). مكان وجوده: طبع هذا الكتاب طبعته الأولى، ويهامشه حواشٍ ونكت للشمس ابن مفلح (763 هـ)، في مطبعة أنصار السنة المحمدية بعناية الشيخ محمد حامد الفقي -رَحِمَهُ اللهُ- سنة (1369 هـ)، ثم أعادت طبعه مكتبة المعارف بالرياض سنة (1404 هـ). وتوجد منه نسختان خطيتان بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة. رقم الأولى (1465) وعدد أوراقها (90) ورقة من القطع الكبير (35 سطرًا) نسخت سنة 978 هـ. ورقم الثانية (1403) وعدد أوراقها (240) ورقة. كما توجد منه نسخة بدار الكتب المصرية رقمها 28 فقه حنبلي عدد أوراقها (192) ورقة من القطع الوسط (23 سطرًا). ولعلها هي المعتمدة في طبع الكتاب أول مرة على يد الشيخ الفقي. والحق أن هذا الكتاب يحتاج إلى تحقيق وخدمة ومقابلة بين نسخه الخطية ليخرج في حلة قشيبة، وفق الله من يقوم بهذا العمل. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: هذا الكتاب عبارة عن من شبيه بمتن "المقنع" لإبن قدامة، ولكنه قليل الحجم في جانبه، بحيث يقع في ثلثيه تقريبًا. فهو متن خال من الأدلة والتعليلات، وجيز اللفظ والعبارات. قال صاحبه في خطبته: هذبته مختصرًا، ورتبته محررًا، حاويًا لأكثر أصول المسائل، خاليًا من العلل والدلائل، واجتهدت في إيجاز لفظه، تيسيرًا على طلاب حفظه (¬1). اهـ. وقال ابن بدران: حذا فيه حذو"الهداية " لأبي الخطاب، بذكر الروايات، فتارة يرسلها، وتارة يبين اختياره فيها (¬2). اهـ. وهذا يفيد أنه مبني على الكتاب المذكور، ولعل المجد اختصره من الشرح الذي وضعه على "الهداية" والمسمى "منتهى الغاية في شرح الهداية" على أنه لم يبيض منه إلا بعضه إلى صفة الحج (¬3)، وبقي الباقي مسودة. ¬

_ (¬1) المحرر 1/ 1. (¬2) المدخل ص 433. (¬3) قال ابن رجب في "ذيل الطبقات" 2/ 252: بيض منه أربع مجلدات كبار إلى أوائل الحج.

الفروع

وللهداية مكانة جليلة في كتب المذهب، من حيث إنه من جامع معتمد في طبقة المؤلف -وهي طبقة المتوسطين- حذا فيه حذو المجتهدين في المذهب، المصححين لروايات الإمام. والكتاب إذن مصدر من المصادر التي قررت المذهبَ بالروايات والوجوه المطلقة، فإننا كثيرًا ما نجده يقول: فيه روايتان، أو: وجهان، أو: على روايتين، أو: وجهين. وتارة ينسب الإختيارات إلى أصحابها، فيقول: قال أبو الخطاب: كذا، أو: قال القاضي: كذا. ونجده يتصرف بالترجيح والإختيار أحيانًا، فيقول: ويتخرج كذا، و: هو أصح عندي، و: يحتمل كذا، و: وهو المذهب، و: على الأصح. ومن أجل هذه التصرفات بالنقل، والترجيح، والحكاية للروايات والوجوه، كان "المحرر" من أهم الكتب التي عول المرداوي عليها في "إنصافه"، فصوب فيها الخطأ، وصحح الخلاف، وقيد المطلق، وغير ذلك. ويعتبر "المحرر" صنوًا للمقنع، كما يعتبر المجد صنوًا للموفق، وذلك في الإعتماد عند اختلاف الترجيح. قال المرداوي في "الإنصاف": فإن أطلق الخلاف، أو كان من غير المعظم (¬1) الذي قدمه، فالمذهب ما اتفق عليه الشيخان، أعني المصنف (الموفق) والمجد، أو وافق أحدهما الآخر في أحد اختياريه (¬2). وتقدم أن الحافظ ابن رجب (795 هـ) قال في ترجمة ابن المنِّي البغدادي: وأهل زماننا، ومن قبلهم إنما يرجعون من جهة الشيوخ والكتب إلى الشيخين؛ الموفق والمجد. • الفروع: عنوان الكتاب: يعرف هذا الكتاب بـ "الفروع" ولا يعرف بغيره، وبما أن المصنفين لكتب الفقه اعتادوا أن يجعلوا بين العنوان والمحتوى نسبًا، فلعل ابن مفلح سمى كتابه بهذا الإسم لأجل أن فيه من كثرة الفروع، وتحريرها، ما لم يسبقه إليه سابق، ولم يدركه بعده لاحق. وقد أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" فقال: صنف ابن مفلح ¬

_ (¬1) أي: معظم المسائل. (¬2) الإنصاف المطبوع مع "المقنع" و"الشرح الكبير" 1/ 25. وقريب منه قاله في "تصحيح الفروع" 1/ 50.

"الفروع" في مجلدين، أجاد فيهما إلى الغاية، وأورد فيه من الفروع الغريبة ما بهر به العلماء (¬1). المؤلف: هو الشيخ العلامة محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، شمس الدين أبو عبد الله، المقدسي الراميني، ثم الصالحي. المتوفى يوم الخميس ثاني رجب سنة (763 هـ) بمسكنه بالصالحية، وقد سبق التعريف به لدى الكلام على المذهب في الشام، وذكر شيء مقتضب عن كتابه "الفروع" هناك. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: وصف الكتاب: هذا الكتاب عبارة عن متن من المتون المطولة، يقع في مجلد أو مجلدين (¬2). وقد طبع طبعته الأولى سنة (1345 هـ) في ثلاثة مجلدات ضخام، على نفقة الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني حاكم قطر آنذاك. ثم أعيد طبعه على نفقة ولده الشيخ علي، وأشرف على الطبعة الثانية الشيخ أحمد المانع، وطُبع في ستة مجلدات، وفي كلا الطبعتين أرفق الكتاب بتصحيح العلامة علاء الدين المرداوي في هوامشه (¬3). طريقة المصنف فيه: ذكر ابن مفلح -رَحِمَهُ اللهُ- طريقته في "الفروع" بتفصيل واضح، عقده في المقدمة، نثبتها هنا ببعض التصرف والإختصار، قال: اجتهدت في اختصاره وتحريره، ليكون نافعا وكافيًا للطالب، وجردته عن دليله وتعليله غالبًا، ليسهل حفظه وفهمه على الراغب، وأقدم غالبًا الراجح في المذهب، فإن اختلف الترجيح أطلقت الخلاف، و: "على الأصح" أي: أصح الروايتين، و: "في الأصح" أي: أصح الوجهين. وإذا قلت: وعنه: كذا، أو: وقيل: كذا، فالمقدَّم خلافه، وإذا قلت: ويتوجه، أو: يقوى، أو: عن قول، أو: رواية، و: هو، أو: هي أظهر، أو: أشهر، أو: متجه، أو: غريب، أو بعد حكم مسألة: فدل، أو: هذا يدل، أو: ظاهره، ¬

_ (¬1) الدرر الكامنة في معرفة أعيان المائة الثامنة 6/ 14. (¬2) هذا ليس على الشك، وإنما لإختلاف النسخ التي وقعت لدى بعض العلماء، فقد ذكر ابن بدران أن عنده نسخة من مجلد واحد، وقال ابن حجر -كما سبق في الدرر الكامنة- إنه في مجلدين. (¬3) والكتاب الآن قيد تحقيقِ جديد على أصول خطية مع تصحيحه للمرداوي، وحواشي ابن قندس عليه، يسر الله إتمامه.

أو: يؤيده، أو: المراد كذا، فهو من عندي. وإذا قلت: المنصوص، أو: الأصح، أو: الأشهر، أو: المذهب كذا، فثمَّ قول. وأشير إلى الخلاف والوفاق. اهـ. وذكر رموزًا من الحروف الأبجدية، بعضها يشير للإجماع، وبعضها للوفاق مع بقية الأئمة الثلاثة، أو بعضهم، وبعضها للخلاف معهم أو مع بعضهم (¬1). فالكتاب مجرد من الدليل حسبما أفادت المقدمة السابقة، لكن الغائص في بحاره سرعان ما يرجع بعكس الصورة، فالكتاب فيه أدلة كثيرة، بل وتعليلات كثيرة، إلا أن المصنف لما لم يقصد إلى الإستدلال، بل قصد إلى جمع الفروع، كانت تلك الأدلة المقتضبة والتعليلات الموجزة من نافلة العمل وكمالياته. أهمية الكتاب وقيمته: يعتبر كتاب "الفروع" من أعز ما تعتز به المكتبة الفقهية الحنبلية، ومن أتقن ما صنف في الفقه الحنبلي، قل أن يوجد له نظير، فقد أورد فيه من الفروع ما بهر العقول، كثرة وتحريرًا، وعني بالخلاف والوفاق مع بقية الأئمة، واستخدم لذلك رموزًا على طريقة "الوجيز" للغزالي. وبالتالي: فالفائدة من هذا الكتاب ليست قاصرة على الحنابلة، بل يستفيد منه أتباع كل مذهب، كما عني عناية فائقة باختيارات شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم. يقول المرداوي في مدح كتاب "الفروع": "أما بعد، فإن كتاب "الفروع" تأليف الشيخ الإمام العلامة أبي عبد الله محمد بن مفلح- أجزل الله له الثواب، وضاعف له الأجر يوم الحساب -من أعظم ما صنف في فقه الإمام الرباني أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني -قدس الله روحه ونور ضريحه- نفعًا، وأكثرها جمعًا، وأتمها تحريرًا، وأحسنها تحبيرًا، وأكملها تحقيقًا، وأقربها إلى الصواب طريقًا، وأعدلها تصحيحًا، وأقومها ترجيحًا، وأغزرها علمًا، وأوسطها حجمًا، وقد اجتهد في تحريره وتصحيحه، وشمر عن ساعده في تهذيبه وتنقيحه، فحرر نقوله، وهذب أصوله، وصحح فيه ¬

_ (¬1) الفروع 1/ 63.

الإنصاف

المذهب، ووقع فيه على الكنز والمطلب. . . إلى أن قال: إلا أنه -رَحِمَهُ اللهُ- لم يبيضه كله، ولم يقرأ عليه، فحصل بسبب ذلك بعض خلل في مسائله" (¬1). اهـ. ونظرًا لقيمة "الفروع" المتميزة، وقصد مصنفه فيه إلى تصحيح المذهب وتحريره وجمع فروعه، ندب المرداوي نفسه إلى وضع تعليقات عليه سماها "تصحيح الفروع"، فصار الكتاب مع تصحيحه نهاية التحقيق والضبط للمذهب الحنبلي. كما وضع المرداوي كتابه "الإنصاف" على "المقنع" لإبن قدامة لنفس الغرض. • الإنصاف: عنوان الكتاب: هذا الكتاب معروف بعنوان: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف"، نص مؤلفه على ذلك آخر المقدمة للكتاب (¬2). المؤلف: هو مصحح المذهب ومنقحه ومحرره، العلامة أبو الحسن، علاء الدين علي بن سليمان بن أحمد بن محمد، السعدي المرداوي، ثم الصالحي. المولود بمراد -محلة بفلسطين- سنة 814 هـ. والمتوفى يوم الجمعة سادس جمادى الأولى سنة 885 هـ بمنزله في الصالحية. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: يقع هذا الكتاب في أربعة مجلدات في نسخه الخطية، وقد صدر في طبعته الأولى في اثني عشر مجلدًا (¬3). طبعته مكتبة السنة المحمدية سنة (1375 هـ) بتصحيح وتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي -رَحِمَهُ اللهُ-. ويعد "الإنصاف" شرحا لكتاب "المقنع" كما تقدم، لكنه ليس شرحا عاديًا، بل هو شرح انصرف به صاحبه إلى ييان الراجح من الخلاف المذكور في "المقنع" وتصحيح ما ليس بصحيح، كما تعقب المصنِّف في كثير من المواضع، واستدرك عليه بعض ما فاته، ولا يسلم من النقص إلا من عصمه الله. ¬

_ (¬1) تصحيح الفروع المطبوع مع "الفروع" 1/ 22. وقريب منه في "الإنصاف" 1/ 23. طبعة دار هجر. (¬2) الإنصاف 1/ 27، طبعة دار هجر. (¬3) وصدر في طبعة جديدة مقرونًا بـ "المقنع" و"الشرح الكبير" في اثنين وثلاثين مجلدًا.

وقد كشف المرداوي نفسُه في المقدمة عن مقاصده من تأليف هذا الكتاب، فقال. فأحببت -إن يسر الله تعالى- أن أبين الصحيح من المذهب، والمشهور، أو: المعول عليه، والمنصور، وما اعتمده أكثر الأصحاب، وذهبوا إليه، ولم يعرجوا على غيره ولم يعولوا عليه (¬1). ثم قال: وربما تكون الرواية أو الوجه السكوت عنه مقيدًا بقيد، فأذكره ... ويكون ذلك في تفصيل، فنبينه إن شاء الله تعالى (¬2). ثم قال: وقد يكون الأصحاب اختلفوا في حكاية الخلاف، فمنهم من حكى وجهين، ومنهم من حكى روايتين، ومنهم من ذكر الطريقتين، فأذكر ذلك إن شاء الله تعالى (¬3). ثم قال: وأحشي على كل مسألة إن كان فيها خلاف واطلعت عليه، وأبين ما يتعلق بمفهومها ومنطوقها، وأبين الصحيح من المذهب من ذلك كله، فإنه المقصود والمطلوب من هذا التصنيف، وغيرُه داخلٌ تبعًا، وهذا هو الذي حداني إلى جمع هذا الكتاب لمسيس الحاجة إليه، وهو في الحقيقة تصحيح لكل ما في معناه -أي المقنع- من المختصرات (¬4). طريقة المرداوي في هذا الكتاب: قال ابن بدارن: وطريقته فيه أن يذكر في المسألة أقوال الأصحاب، ثم يجعل المختار ما قاله الأكثر، سالكًا في ذلك مسلك ابن قاضي عجلون في صحيحه لمنهاج النووي، وغيره من كتب التصحيح. فصار كتابه مغنيًا للمقلد عن سائر كتب المذهب (¬5). وفي قول الشيخ ابن بدران: إن المرداوي يبني اختياره على أساس الكثرة نظر، ولعله فهم ذلك من قوله السابق:. . وما اعتمده أكثر الأصحاب، وذهبوا إليه، ولم يعرجوا على غيره ... الخ. ¬

_ (¬1) الإنصاف 1/ 6. (¬2) المصدر السابق ص 7. (¬3) المصدر ص 8. (¬4) المصدر ص 14. (¬5) المدخل ص 436.

والحقيقة: أن العلامة المرداوي يعتبر من المصححين للمذهب والمحررين له، وليس هو من أهل الإختيار حتى نقول: إنه يبني اختياره على أساس الكثرة وغيرها، والتصحيح والتحرير من ققه حكاية المذهب، ونقله، والبحث عن اختلاف قول الإمام واختلاف الرواية عنه في ذلك، واختلاف أصحابه من سائر الطبقات في الأقوال المخرجة، ونحو ذلك. والعلامة المرداوي فريد عصره ووحيد دهره في هذا الفن الجليل، والعمل الشاق الطويل، في كتبه الثلاثة، وأشهرها "الإنصاف"، وقد كشف عن منهجه فيه فقال: اعلم وفقك الله تعالى وإيانا، أن طريقتي في هذا الكتاب، النقل عن الإمام أحمد والأصحاب، وأعزو إلى كل كتاب ما نقلت منه، وأضيف إلى كل عالم ما أروي عنه، فإن كان المذهب ظاهرًا أو مشهورًا، أو قد اختاره جمهور الأصحاب وجعلوه منصورًا، فهذا لا إشكال فيه، وإن كان بعض الأصحاب يدعي أن المذهب خلافه. وإن كان الترجيح مختلفًا بين الأصحاب في مسائل مجتذبة المأخذ، فالاعتماد في معرفة المذهب من ذلك على ما قاله المصنف -يعني ابن قدامة في كتابه "المقنع"- والمجد، والشارح -يعني عبد الرحمن بن أبي عمر، صاحب "الشرح الكبير"- وصاحب "الفروع" و"القواعد الفقهية" و"الوجيز" و"الرعايتين" و"النظم" و"الخلاصة"، والشيخ تقي الدين، وابن عبدوس في "تذكرته"، فإنهم هذبوا كلام المتقدمين، ومهدوا قواعد المذهب بيقين (¬1). أهمية كتاب الإنصاف وقيمته: يعتبر كتاب "الإنصاف" زبدة ما ألف المرداوي، -رَحِمَهُ اللهُ-، وجزاه خيرًا عما قدم للفقه الحنبلي، فإنه بذل فيه جهدًا عظيمًا، وعمل فيه عملًا جليلًا، لم يسبقه فيه سابق، ولا لحقه من بعده لاحق، تلقاه الناس من مصنفه بالحظوة والقبول، وأثنوا عليه ثناءً عطرًا، وقرظوه تقريظًا جميلاً، فقال عنه مجير الدين العليمي (928 هـ) في "المنهج الأحمد": ¬

_ (¬1) الإنصاف 1/ 24.

فصنف كتبًا كثيرة في أنواع العلوم، جليلة مفيدة، أعظمها "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" أربع مجلدات، جعله على "المقنع"، وهو من كتب الإسلام، فإنه سلك فيه مسلكًا لم يسبق إليه، بين فيه الصحيح من المذهب، وأطال فيه الكلام، وذكر في كل مسألة ما نقل منها من الكتب، وكلام الأصحاب، فهو دليل على تبحر مصنفه وسعة علمه، وقوة فهمه، وكثرة اطلاعه (¬1). ويمكننا أن نلخص قيمة هذا الكتاب في العبارات التالية: 1 - يعتبر "الإنصاف" مع أصله "المقنع" مصدرًا عظيمًا من مصادر الفقه الحنبلي الجامعة المستوعبة، فهو يتكلم على المسائل الفقهية، بدقة متناهية، ثم يوشي ذلك بزيادات ونفائس، يعقدها عادة تحت عنوان: "فائدة". 2 - ويعتبر "الإنصاف" مصدرًا من مصادر معرفة الصحيح من المذهب من غير الصحيح، والراجح من المرجوح، وييان من قال بأحد القولين أو الأقوال، كل ذلك على التفصيل التام، عند استواء الخلاف، وعدم وجود ترجيح في المسألة. 3 - كما يعتبر "الإنصاف" مصدرًا مهمًا في التعرف على ما ألفه الحنابلة قبل المرداوي، من متون، وشروح، وتعليقات، وطرر، وحواش، ومدللات، ومجردات، ومذهبيات، وخلافيات، حتى إنه لا يعزب عما استودعه هذا الكتاب الجليل من أسماء كتب الحنابلة ومؤلفيها، إلا القليل النادر، فهو لا يعرض لمسالة من المسائل إلا ويذكر من الكتب التي وردت فيها وفاقًا وخلافًا ما يقضى منه العجب. 4 - وكما كان "الإنصاف" مصدرًا من مصادر معرفة الصحيح من المذهب، فإنه يعتبر كاشفًا للأغلاط والأوهام الواقعة في المتون الفقهية الحنبلية على اختلافها، فهو وإن كان وضع على "المقنع" في الأصل، إلا أنه تصحيح لبقية الكتب الأخرى، فلهذا سهل عليه بعد ذلك تأليف "تصحيح الفروع" الذي وضعه على كتاب "الفروع" لإبن مفلح، فإنه اعتمد في ذلك على "الإنصاف" كما ذكر ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 5/ 290.

الإقناع

ذلك في المقدمة. ثم إن علماء المذهب من بعده عولوا عليه في إخراج الفقه الحنبلي في ثوب جديد، خاليًا من كثير من الخلاف الذي استمر غير محسوم على مدى عدة قرون، فجاء من بعده محررًا مصححًا منقحًا على قول واحد في معظم المسائل، كما ترى ذلك في "الإقناع"، و"المنتهى"، و"غاية المنتهى"، و"دليل الطالب"، وسائر المتون التي صنفت بعد المرداوي. فشكر الله له سعيه، وأجزل له المثوبة في دار العقبى إنه سميع قريب مجيب. • الإقناع: عنوان الكتاب: يعرف هذا الكتاب بعنوان "الإقناع لطالب الإنتفاع"، ووقع لإبن بدران في "المدخل" "الإقناع لطلب الإنتفاع"، على المصدر بدلاً من اسم الفاعل، ولعله خطأ مطبعي. المؤلف: هو موسى بن أحمد بن سالم بن أحمد، شرف الدين، أبو النَّجا، الحجَّاوي، المقدسي، ثم الصالحي، منسوب إلى حجَّة قرية قرب نابلس. ولد -كما في "ذخائر القصر" لإبن طولون- سنة 895 هـ (¬1)، وتوفي يوم الخميس ثاني رييع الأول سنة 968 هـ بالصالحية. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: يعتبر "الإقناع" واحدًا من الكتب الجامعة، والمتون الحافلة، ذات الفروع الكثيرة، والفوائد الغزيرة. قال ابن بدران: يقع في مجلد ضخم، كثير الفوائد، جم النافع. وقال في موضع آخر: حذا به حذو صاحب "المستوعب" بل أخذ معظم كتابه منه، ومن "المحرر" و"الفروع" و"المقنع" وجعله على قول واحد (¬2). ¬

_ (¬1) قال ابن طولون (953 هـ) في "ذخائر القصر": مولده ظنًا قويًا سنة خمس وتسعين وثمان منة قال [الحجاوي] وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - خمس مرات. ثم ذكر ابن طولون: قرأ علي المسلسل بالمحمدين واستجازني يوم الثلاثاء تاسع عشر ذي الحجة سنة أربع وأربعين وتسع مئة. اهـ. من هامش النعت الأكمل ص 124. (¬2) المدخل ص 441، وص 434 - 435.

وقال ابن العماد: ومن تآليفه "الإقناع" جرد فيه الصحيح من مذهب الإمام أحمد، لم يؤلف مثله في تحرير النقول، وكثرة المسائل (¬1). فهو كتاب جليل القدر، عظيم النفع، قد استعاض فيه مؤلفه عن إيراد الأدلة والتعليلات، بالإستكثار من الفروع والفوائد والمسائل، فجاء الكتاب -على اختصاره- جامعًا لأصول المذهب وفروعه. وقد جعله مؤلفه على قول واحد، كما صرح بذلك في المقدمة، فقال: اجتهدت في تحرير نقوله واختصاره بعدم تطويله، مجردًا غالبًا عن دليله وتعليله، على قول واحد، وهو ما رجحه أهل الترجيح، منهم العلامة القاضي علاء الدين، المجتهد في التصحيح في كتبه "الإنصاف" و"تصحيح الفروع" و"التنقيح" وربما ذكرت بعض الخلاف لقوله (¬2). وبالنظر إلى موقع الحجاوي في سلسلة فقهاء الحنابلة بالاعتبارين الزماني والمكاني نستطيع أن نصل إلى معرفة ما كان يقصد إليه في كتابه هذا، وذلك أنه -رَحِمَهُ اللهُ- عاش في الصالحية التي كانت تجمع من كتب الفقه الحنبلي وغيره العجب العجاب، ثم إنه وجد بين يديه عمل رجلين جليلين محققين، فأراد أن يجمع بين جهودهما ويستكمل عملهما، وهذان الرجلان هما: الشمس ابن مفلح (763 هـ) والعلاء المرداوي (885 هـ). فأما عمل الشمس ابن مفلح، فيتمثل أساسًا بجمع فروع المذهب في كتابه الجليل المسمى بـ"الفروع" الذي وصفه بعض العلماء: بأنه مكنسة المذهب. وأما العلاء المرداوي، فيتمثل عمله في تصحيح المذهب في كتبه الثلاثة الشهيرة، وهي: "الإنصاف " و"تصحيح الفروع" و"التنقيح". فيكون ابن مفلح جمع فروع المذهب، والمرداوي صححها، لكن بقي اختلاف الروايات والوجوه موجودًا في كلا تصنيفي الشيخين، فجاءت الفكرة بتكوين متن يجمع بين محاسن "الفروع" ومحاسن تصحيحات المرداوي، فتحرى الشيخ الحجاوي رحمه الله أن يستقصي في تجريد الفقه الحنبلي من ذكر الخلاف، وإنهائه جهد المستطاع، فتجد الكتاب خاليًا إلى حد بعيد من ذكر الروايات والوجوه والتخريجات والإحتمالات. ثم ¬

_ (¬1) شذرات الذهب 8/ 327. (¬2) الإقناع 1/ 3، ط. دار هجر.

إنه وضع كتاب "الإقناع" بعد ما تهيأت له مادته من عمله في اختصار "المقنع" في كتابه المسمى "زاد المستقنع" بالإضافة إلى حواشيه التي وضعها على كل من كتابي "التنقيح" و"الفروع". وبهذا يعتبر كتاب "الإقناع" من أعظم ما صنف الحجاوي بحق، فهو يشكل حجر الزاوية في مصنفاته، حتى صار يعرف بكتابه هذا دون غيره، فيقال: صاحب "الإقناع"، فكانت شهرة الكتاب مغنية عن التصريح باسم مؤلفه، كما يعد عمدة في المذهب، لأنه جمع فيه الراجح من أقوال المتقدمين والمتأخرين، فصار بحق ديوان المذهب (¬1). طريقة الحجاوي في هذا الكتاب: وأما طريقة المؤلف في كتابه هذا، فهي طريقة المتون المجردة من كل دليل وتعليل، ولا يتعرض لذكر الخلاف العالي (الخلاف بين المذاهب) ولا الخلاف داخل المذهب، مما يدل على أنه جهد نفسه غاية الجهد في الإقتصار على الصحيح من الروايات، والراجح من الأقوال، فهو يفتح الباب بإيراد مسائله متتابعة في سبك عجيب، وعبارة سهلة جزلة يمكن لأي أحد فهمها، كما هو الشأن في غالب كتب الحنابلة ومصنفاتهم. أهمية الكتاب وقيمته: يعتبر كتاب "الإقناع" أحد المتون الثلاثة التي حازت اشتهارًا أيما اشتهار في مكتة الفقه الحنبلي، وهي: "مختصر الخرقي" و"المقنع" للموفق ابن قدامة و"الإقناع" (¬2). فالإقناع بما تميز به من الميزات التي ذكرناها -وأهمها التجريد من الخلاف- صارت له عند الحنابلة المنزلة العظيمة، والرتبة الرفيعة، وعلى مسائله تدور الفتيا، ومرجع القضاء، وعكف عليه المتأخرون بالتحشية، والإختصار، وحلّ الغريب، وقد زاد اعتماده وقبوله شرحه الفرد الفريد لمحقق المذهب الشيخ منصور البهوتي (1051 هـ) المسمى "كشاف القناع". ¬

_ (¬1) مقدمة طبعة دار هجر لكتاب "الإقناع"، ص 6. (¬2) المدخل، لإبن بدران، ص 434.

منتهى الإرادات

وتعتبر كتب الحجاوي بصورة عامة مقررات الطلاب والعلماء في الديار النجدية وما حولها منذ عدة قرون، وكان من جملة من رحل إلى الحجاوي من النجديين، وقرأ عليه "الإقناع" أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي جدّه، المعروف بـ "ابن أبي حمُيدان" المولود سنة 925 هـ تقريبًا، والمتوفى في آخر القرن العاشر. فقد رحل إلى الشام للتزود من العلم، وقرأ على علمائها، وأشهر مشايخه فيها العلامة الحجاوي، فلازمه أكثر من سبع سنين ملازمة تامة، حتى استفاد منه فائدة تامة، وأجازه إجازة مطولة، أثنى عليه فيها، وجاء في تلك الإجازة ما يلي: "وبعد: فقد قرأ وسمع علي الإمام العالم العلامة محمد أبو عبد الله شمس الدين بن الشيخ إبراهيم بن محمد بن أبي حميدان، الشهير بنسبه الكريم بـ "أبي جَدّه". . قراءة وسماعًا ببحث وتحقيق وتدقيق كتابي "الإقناع". . فقد قرأ جميع ذلك في مدة لا تريد على سبع سنين ... " (¬1). كما نلاحظ قيمة كتاب "الإقناع" جلية في رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ومكاتباته، خصوصًا باب الردة، فإنه كان مادة الشيخ في فتاويه واحتجاجه على الخصوم، مما يدل على أهمية هذا الباب في هذا الكتاب، حتى إن العلامة السفاريني (1188 هـ) وضع بإزائه كتابًا سماه: الذخائر لشرح منظومة الكبائر الواقعة في "الإقناع" (¬2). • منتهى الإرادات: عنوان الكتاب: يعرف هذا الكتاب بعنوان "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات" صرح بتسميته بذلك مصنفه في خطبة الكتاب. المؤلف: هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي بن إبراهيم بن رُشيد الفُتُوحي، تقي ¬

_ (¬1) علماء نجد خلال ثمانية قرون 5/ 481 - 482. (¬2) النعت الأكمل ص 302،

الدين أبو بكر شهاب الدين، الشهير بـ "ابن النجار" قاضي القضاة، ابن شيخ الإسلام قاضي القضاة. المولود في القاهرة سنة 898 هـ، والمتوفى بها عصر يوم الجمعة ثامن صفر سنة 972 هـ. وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته: هذا الكتاب عبارة عن متن من المتون المجردة، المصححة، المبنية على قول واحد، والخالية من الدليل والتعليل، شأن "الإقناع"، فـ "المنتهى" و"الإقناع" متنان متشابهان إلى حد بعيد، إلا أن "الإقناع" أغزر وأوعب من "المنتهى". قال ابن حميد في "الدر المنضد" عن "المنتهى": إنه يقع في مجلد واحد متوسط الحجم. ويعتبر كتاب "منتهى الإرادات" جمعًا لكتابين جليلين، كما أفاد ذلك عنوان الكتاب وخطبته، ألف بينهما ومزجهما مزجًا عجيبًا، وأضاف إلى ذلك زيادات وأشياء، ليخرج عمله عن مجرد الجمع، إلى التحقيق والتكميل والتحرير. وهذان الكتابان هما: وكتاب "المقنع" لموفق الدين، عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي المتوفى سنة (620 هـ). - وكتاب "التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" للقاضي علاء الدين، علي بن سليمان؛ المرداوي المتوفى سنة (885 هـ)، الذي تتبع في كتابه هذا كتاب "المقنع" ورجح فيه الأوجه التي أطلقها مؤلفه. فجاء كتاب "منتهى الإرادات" جامعًا بين هذين الكتابين، ضاما ما نُثِر فيهما من فوائد وشوارد، مما لاغنى عنه لطالب العلم، ومريد معرفة دقائق المذهب. ولا ريب أن هناك سببًا وهدفًا حدا بابن النجار إلى صرف همته للجمع بين هذين الكتابين وسبكهما في متن واحد، صار فيما بعدُ عمدة للفتوى والقضاء. وقد كشف هو بنفسه عن هذا السبب وهذا الهدف في شرحه على المنتهى المسمى "معونة أولي النُّهى في شرح المنتهى" فقال (باختصار): ويعد، فـ"التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" في الفقه، كان المذهب محتاجًا إلى مثله، فإنه صحح ما أطلقه الشيخ الموفق في "المقنع" من الروايتين أو الروايات، ومن الوجهين أو الأوجه، وقيد ما أخل به من شرط، وفسر ما فيه من إبهام في حكم أو لفظ،

واستثنى من عموم ألفاظه ما هو مستثنى على المذهب، حتى خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما هو مقيد للإطلاق، وكمل على بعض فروع مسائله ما هو مرتبط بها، وزاد عليه مسائل محررة مصححة، فصار تصحيحًا لغالب ما في المطولات. وأما ما قطع به الشيخ في "المقنع" من الحكم أو قَدَّمه أو صححه وذكر أنه المذهب، وكان موافقًا للصحيح، ومفهومه مخالفًا لمنطوقه، فإنه لم يتعرض إليه غالبًا، ولم يذكره في "التنقيح". فاحتاج مَنْ عنده "التنقيح" أن يكون عنده "المقنع" فاستخرت الله تعالى أن أجمع مسائلهما في كتاب واحد، مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد الشوارد (¬1). وفكرة الجمع بين "المقنع" و"التنقيح" كانت أمنية في أذهان فقهاء المذهب قبل ابن النجار، وحاول بعض العلماء أن يحققها، منهم الشيخ أحمد بن عبد الله بن أحمد العسكري الصالحي (910 هـ). قال عنه الغزي: "وألف كتابًا في الفقه، جمع فيه بين "المقنع" و"التنقيح" ومات قبل أن يتمه" (¬2). وقال ابن طولون الدمشقي: "وقد صنف صاحب الترجمة كتابا جمع فيه بين "المقنع" في الفقه لإبن قدامة و"التنقيح" لأبي الحسن علي المرداوي، وهو كتاب مفيد، لكنه اخترمته المنية قببل إكماله. وقد بلغني أن صاحبنا الشهاب الشويكاني تلميذه شرع في تكملته" (¬3). وممن جمع "التنقيح" مع "المقنع" أيضًا: الشيخ أحمد بن أحمد الشويكي النابلسي الصالحي (948 هـ) في كتاب سماه "التوضيح " (¬4). طريقة المصنف في هذا الكتاب: رتب الشيخ ابن النجار كتابه هذا على ترتيب أصليه "المقنع" و"التنقيح" في الكتب والأبواب والفصول، إلا أنه أخلاها من العناوين، فتراه يعقد الكتاب أو الباب أو الفصل، عاريًا عن الترجمة، إلا أنه يأتي بالكلمة الأولى من النص على أنها تمثل العنوان والمفتاح، ثم ينسقها مع ما يليها، فيقول مثلاً: كتاب: الطهارة: ارتفاع حدث وما في معناه ... . الخ. باب: المياه ثلاثة: طهور يرفع الحديث ... الخ. فصل: سنن وضوء استقبال قبلة وسواك ... الخ. ¬

_ (¬1) معونة أولي النُّهى في شرح المنتهى 1/ 154. دراسة وتحقيق د. عبد الملك بن عبد الله دهيش، ط. دار خضر، بيروت، 1995. (¬2) النعت الأكمل ص 78. (¬3) المصدر السابق ص 86، وانظر المدخل، لإبن بدران، ص 440. (¬4) المدخل ص 440.

ثم إنه يورد الفروع في مواضعها بسبك عجيب، وتأليف بارع، في وضوح عبارة، وسهولة أسلوب. فهو يُشبه إلى حدّ كبير كتاب "الإقناع" لتلميذه موسى الحجاوي. ونلاحظ عند المقارنة مع "المقنع" أنه زاد عليه زيادات وافرة وتفصيلات مفيدة، حتى كأنه شرح له، فلا شك أنه استوعبه مع "التنقيح" وزاد عليهما، إلا أنه حذف ما رآه مستغنى عنه أو مرجوحًا، وفي جملة ذلك يقول: ولا أحذف منهما إلا المستغنى عنه والمرجوح وما بني عليه، ولا أذكر قولاً غير ما قدم، أو صحح في "التنقيح" إلا إذا كان عليه العمل، أو شُهر، أو قوي الخلاف، فربما أشير إليه. وحيث قلت: قيل وقيل -ويندر ذلك- فلعدم الوقوف على تصحيح، وإن كان لواحد، فلإطلاق احتماليه (¬1). أهمية الكتاب وقيمته: يعتبر متن "منتهى الإرادات" كسَمِيِّه "الإقناع" خلاصة الفقه الحنبلي منذ القرن العاشر إلى الآن، في جمع الفروع وترتيبها، وتحريرها، وتصحيحها، وتجريدها من الخلاف. وتظهر أهمية هذا المتن في مرآة التقاريظ التي كتبت عليه، بالإضافة إلى منزلة مصنفه في فقهاء الحنابلة، ثم بالجهود التي وضعت عليه. فأما تقاريظ العلماء عليه فكثيرة، منها قول ابن بدران: هو كتاب مشهور، عمدة المتأخرين في المذهب، وعليه الفتوى فيما بينهم (¬2). وقال ابن حُميد النجدي ثم المكي: وقد ألف مصنَّفَه المشهور المنعوت "منتهى الإرادات" حرر مسائله على الراجح من المذهب، فاشتغل به عامة طلبة الحنابلة في عصره، واقتصروا عليه، وقُرئ على والده مرات بحضرته، فأثنى على المؤلف، وشرحه المصنف شرحًا مفيدًا في ثلاث مجلدات، أحسن فيه ما شاء (¬3). ¬

_ (¬1) منتهى الإرادات وبهامشه حاشية النجدي 1/ 6، ط مؤسسة الرسالة، 1999. (¬2) المدخل ص 439. (¬3) السحب الوابلة 2/ 854.

وقال الشيخ منصور بن يونس البهوتي (1051 هـ) في خطبة شرحه على "المنتهى": "وبعد، فإن كتاب "المنتهى" لعلم الفضائل، وأوحد العلماء الأماثل؛ محمد تقي الدين ابن شيخ الإسلام أحمد شهاب الدين ابن النجار الفتوحي الحنبلي، تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جنانه، كتاب وحيد في بابه، فريد في ترتيبه واستيعابه، سلك فيه منهاجًا بديعًا ورضّعه ببدائع الفوائد ترصيعًا، عُدَّ ذلك الكتاب من المواهب، وسار في المشارق والمغارب" (¬1). وأما منزلة مصنفه فهي المنزلة الرفيعة بين فقهاء الحنابلة، فهو عَلم في الفتيا والتدريس والقضاء وفصل الأحكام. يقول عنه العلامة عبد القادر الجزيري فيما نقله عنه ابن حُميد: "وانفرد بعد والده بالإفتاء والتدريس بالأقطار المصرية، ثم بعد وفاة شيخنا الشهاب الشويكي بالمدينة المنورة، وتلميذه العلامة الشيخ موسى الحجاوي بالشام، انفرد -فيما أعلم- في سائر أقطار الأرض، وقصد بالأسئلة من البلاد الشاسعة، كاليمن وغيره، وتصدى لنفع المسلمين بالمدرسة الصالحية؛ بخط بين القصرين -مكان مسكنه بخلوة الحنابلة- وكانت أيامه جميعًا اشتغالاً بالفتيا، أو بالتدريس، أو بالتصنيف، مع جلوسه في ديوان الحنابلة للقضاء وفصل الأحكام .. إلى أن قال: وبالجملة فلم يكن من يضاهيه في مذهبه، ولا من يماثله في منصبه، وكان قلمه أحسن من لفظه، وله في تحرير الفتاوي اليد العليا، والكتابة المقبولة على الوجه الصحيح الأولى" (¬2). ومما يدل على علو شأن "المنتهى" ما عني به علماء المذهب شرحًا وتحشية وجمعًا مع غيره واختصارًا له. فقد شرحه الشيخ منصور بن يونس البهوتي (1051 هـ) (¬3) شيخ الحنابلة في عصره، اعتمد فيه على شرح المصنف، ووضع حاشية على شرح المصنف الذكور، كما حشّاه حفيد المصنف الشيخ عثمان بن أحمد الفتوحي القاهري (1064 هـ)، وحشاه الشيخ عثمان بن أحمد النجدي (1097 هـ) حاشية نفيسة ومفيدة، جردها من هوامش ¬

_ (¬1) شرح منتهى الإرادات، لمنصور البهوتي، 1/ 5، ط. عالم الكتب، بيروت، 1996. (¬2) السحب الوابلة 2/ 855 - 856. (¬3) وقد طبع هنا الشرح سابقاً، ووفقني الله لإعادة نشره محققًا على عدة نسخ خطية، وصدر عن مؤسسة الرسالة سنة (1421 هـ) في ستة مجلدات مع ملحق بفهارسه.

نسخته تلميذُه ابن عوض النابلسي، فجاءت في مجلد ضخم محررًا تحريرًا نفيسًا، فصار من أنفس كتب المذهب (¬1). كما جمع بينه وبين الإقناع الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي (1033 هـ) في كتابه "غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى" واختصره أيضًا في كتابه "دليل الطالب". والجمع بين "الإقناع" و"المنتهى" دليل على أنهما صنوان. ومن أجل ذلك قام الشيخ منصور البهوتي بشرح الكتابين معًا، فشرح "الإقناع" أولاً في كتاب سماه "كشاف القناع على متن الإقناع"، وهو مطبوع مشهور متداول، ثم شرح "المنتهى"، واعتمد في ذلك على شرح "الإقناع"، وعلى شرح المصنف المسمى بـ "معونة أولي النُّهى"، فكان الشرحان من حيث الأهمية، كالمتنين في الرجوع إليهما والإعتماد عليهما، حتى اعتُبرا من المصادر المعتمدة في الفقه في المحاكم في المملكة العربية السعودية. فما اتفق عليه هذان الشرحان، أو انفرد به أحدهما، فهو المتبع، وما اختلفا فيه فالعمل بما في المنتهى (¬2). * * * وبهذا خُتم الجزء الأول من المذهب الحنبلي، ويليه الجزء الثاني في مصادر الفقه الحنبلي وأصوله، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. ¬

_ (¬1) وقد يسر الله لي تحقيق هذه الحاشية وطبعها مع المتن، وصدرت في مجلدين سنة (1419 هـ/ 1999 م) عن مؤسسة الرسالة. (¬2) مجموعة النظم الحكومية، قسم القضاء الشرعي 14.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المذهب الحنبلي «دراسة في تاريخه وسماته وأشهر أعلامه ومؤلفاته» [2]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى 1423 هـ - 2002 م مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع حقوق الطبع محفوظة © 2002 م. لا يُسمح بإعادة نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه بأي شكل من الأشكال أو حفظه ونسخه في أي نظام ميكانيكي أو إلكتروني يمكن من استرجاع الكتاب أو أي جزء منه. ولا يُسمح باقتباس أي جزء من الكتاب أو ترجمته إلى أي لغة أخرى دون الحصول على إذن خطي مسبق من الناشر.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله حمدًا وشكرًا على ما هدى وألهم، وأنعم وعلم، ووهب وفهم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ولا نعلم إلا ما علَّمناه، فسبحانه المبتدئ بالنعم، تفضلًا منه على العباد، الهادي من يشاء منهم ممن اختصه برحمته إلى سبيل الرشاد، بعث الرسل، وبيَّنَ السبل، وختم أنبياءه صلوات الله عليهم وسلامه بأكرمهم عليه وأحبهم إليه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل عليه القرآن بالحجة والبرهان؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينه. وبعدُ: فإن أولى الأمور بمن نصح نفسه وأُلهم رشده، أن يصرف خالص أوقاته، ويستعمل حرّ جهوده وطاقاته لخدمة الشريعة وعلومها، فإن الله عز وجل أنزل کتابه العزيز على نبيه الکريم، ليبين للناس ما نزل إليهم من ربهم، وإن ما انبثق من القرآن وما يتعلق به ويرجع إليه من علوم ومعارف، سواء منها المقاصد والوسائل، ما ذلك كله إلا جهود متنوعة متناسقة تندرج في معنى قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]. فكان تبيين معاني الكتاب العزيز متمثلًا بالسنن النبوية القولية والفعلية وما في معناهما، وما استنبط منهما مما أُثر عن فقهاء الصحابة وعلمائهم من اجتهادات مختلفة، وهكذا حتى انتهى الأمر إلى أئمة الفقه الإسلامي الذين عنوا بوضع ضوابط للاجتهاد وقواعد للاستنباط، ثم اجتهدوا على ضوء تلك الضوابط والقواعد، فأخرجوا للناس فقهًا خالصًا سائغًا للطالبين، قائمًا على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وكان من أبرز هؤلاء الأئمة الأعلام الإمام المبجل أبو عبد الله أحمد ابن حنبل الشيباني المروزي البغدادي رحمه الله تعالى. ولما كان القسم الأول من الدراسة التي سبق جمعها حول مذهب هذا الإمام،

مقسومة أبحاثه إلى ثلاثة محاور، تنتظم تاريخه وخصائصه ومؤلفاته، وخُتم بدراسة عامة عن مؤلفات الحنابلة في الأصول والفروع، فقد سنحت بالبال فكرة جرد أهم المكتبة الحنبلية إتمامًا للفائدة وتكميلًا لما سبق من التأليف في هذا المضمار، واقتضى ذلك اختيار منهج في الشكل والموضوع ينبني على مراعاة تلك الجهود ويكون مكملًا لما عسى أن يكون فيها من نقص، مبرزًا لبعض الجوانب المغفلة، وكاشفًا لبعض الفوائد الدفينة المهملة. ووقع الاختيار على سلوك الترتيب الزمني التاريخي للمؤلفين على غرار ما صنع ابن حميد في كتابه «الدر المنضد»، وذلك لجعل القارئ المستفيد يلمح المسار العام، الذي كان يتنامى فيه التأليف عبر الزمن لدى فقهاء الحنابلة، ويلاحظ موقع كبار الشيوخ الذين ضربوا بحظ وافر وحازوا القدح المعلّى في تدوين المذهب وترتيبه والاحتجاج له، ثم تحريره وتنقيحه، ثم تصحيحه وتقريره، في الأصول والفروع، وذلك من أمثال أحمد بن هارون الخلال، وتلميذه أبي بكر عبد العزيز بن جعفر، والقاضي أبي يعلى بن الفراء وتلامذته؛ كأبي الخطاب وابن عقيل وابن الزاغوني، وكأبي محمد عبد الله ابن قدامة المقدسي وقرينه المجد ابن تيمية، ومحمد بن مفلح، والعلاء المرداوي، وابن النجار الفتوحي، والشيخ منصور البهوتي. فَعُرِّف کل مؤلف بشهرته وتاريخ وفاته، وخُصَّ بعنوان بارز يکون كالترجمة لما تحته، ليكون ذلك مفتاحًا سهلًا للوصول إلى ما له من مؤلفات، وبجانبه تاريخ وفاته، وتحت هذا العنوان تقع التسمية للمؤلف من: الاسم والنسبة والكنية واللقب والنسبة القبلية أو البلدية أو المهنية أو غير ذلك، مع ذكر المصدر الأساسي الذي ترجم له. ثم تُسرد أهم ما لديه من مصنفات في الفقه والأصول، سواء في ذلك ما هو صحيح النسبة إليه وما هو مغلوط عليه أو مشكوك في صحته أو في كون موضوعه داخلًا في الفقه أو الأصول وما يتعلق بهما. ثم توثيق وجود الكتاب ومدى صحة نسبته إلى المؤلّف، وكشف ما قد يوجد في هذا من

التباس أو أوهام أو تداخلات. يليه ذكر ما أمكن التعرف عليه من مخطوطات الكتاب من خلال ما أفادت المصادر المعنية بهذا الجانب، ورُؤي ذِكرُ المخطوطات ولو كان الكتاب خارجًا إلى حيز الطباعة، لأن الغرض ليس قاصرًا على الاكتفاء بمعرفة كون الكتاب مخطوطًا أو مطبوعًا، ولا منتهيًا عند حدّ جرائد الفهارس، بل هو بالغٌ إلى إعطاء لمحة عن مدى وفرة مخطوطات الكتاب وموقعها من النسخة أو النسخ المطبوعة، وإن مما هو واقع مشهود أن كثيرًا من الطبعات القديمة لم تكن تعنى باستقصاء نسخ الكتاب وتحقيقه تحقيقًا سليمًا، بقدر ما كانت العناية مشدودة إلى نشره وإيصاله للطلاب والقراء لتعميم فائدته، الأمر الذي يلفت النظر إلى أهمية إعادة تحقيق كثير من تلك الكتب وفق الأصول والمناهج المتبعة، وقد حققت التجربة في هذا المضمار قدرًا لا بأس به من تصحيح بعض أمهات المذهب الحنبلي من مثل «المغني» و «الشرح الكبير» و «الإنصاف» و «منتهى الإرادات» وغير ذلك. وبعد الفراغ من وصف المخطوطات، تُذكر طباعة الكتاب زمانًا ومكانًا وعددًا، ومن قام بتحقيق الكتاب أو عمل دراسة عنه أو عن المؤلف أو تصحيح أو إشراف على الطباعة، أو غير ذلك من الجوانب المتعلقة بهذا الشأن، وذلك بالقدر المستطاع. ثم وصف الكتاب وصفًا موجزًا يعطي القارئ فكرة عامة عن موضوع الكتاب ومنهج المؤلِّف فيه، وبيان خصائصه وأهميته وما قد قيل فيه من كلمات التقريظ أو النقد أو غير ذلك. وفي الأخير يُذكر ما تَمَّ على الكتاب من أعمال علمية متنوعة، كالشروح والحواشي والاختصارات والمنظومات والتصحيحات وغير ذلك؛ إتمامًا للفائدة ومزيدًا من الكشف والبيان لما يحتله الكتاب من منزلة، بالإضافة إلى إبداء ما بين التصانيف من الترابط والتناسق. وسيجد القارئ في هذا الجزء شيئًا من التكرار مع ما سبق في الجزء الأول، ولكنه تكرار تدعو إليه الحاجة؛ لأن ما سبق من معلومات عن بعض المؤلفين ومؤلفاتهم اقتضاه السياق الموضوعي.

وبإتمام هذا القسم من «المذهب الحنبلي» يكون قد تقرب هذا المذهب إلى الأفهام تقريبًا يوضح تطوره الزمني، ويبرز بعض خصائص علمائه وسماتهم العامة، كما يوضح الجوانب التي تفرد الحنابلة بالعناية بها، وفي الأخير يضع بين أيدينا مكتبة في الفقه والأصول والقواعد والآداب وما يتعلق بذلك مرتبة ترتيبًا زمنيًا من أجل ردّ العَجز إلى الصدر وربط أول البحث بآخره. ولو كُتب لكل مذهب من بقية المذاهب أن يقوم أهله بالتعريف به وبمصنفاته بصورة مفصلة، بعيدة عن أساليب العصبية المذهبية، متجانفة عن الدندنة حول المفاضلة بين الأئمة والترجيح بين المذاهب، فإن مستقبل الفقه الإسلامي سيكون بإذن الله زاهرًا مشرقًا، وقد أخذت بوادر الاهتمام في هذا المسعى تتزايد في المذهب المالكي بعد أن كادت جذوته أن تنطفئ على إثر الهجمات الصليبية التي تعرض لها التراث الإسلامي في الأندلس والمغرب التي تعتبر معاقل لهذا المذهب في القرون المتأخرة، ولكن أبى الله إلا أن يُتم نوره ولو کره الکافرون. والله الموفق لکل خير وهو الهادي إلى سواء السبيل. د. عبد الله بن عبد المحسن التركي

مصادر الفقه الحنبلي وأصوله

1 - الكَوْسَج (251 هـ) هو إسحاق بن منصور بن بَهْرام، أبو يعقوب، المرْوَزي الملقب بـ "الكَوْسج". ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 113 - 115). له: المسائل عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه دوّن في هذا الكتاب الأجوبة الفقهية التي سمعها من الإمام أحمد ومن إسحاق بن راهويه. قال ابن أبي يعلى: "وهو الذي دَوَّن عن إمامنا المسائل في الفقه" (¬1). وقال الذهبي: "وهو صاحب المسائل عن أحمد بن حنبل الذي يستهزئ به المبتدعة والمتجرِّئون" (¬2). وأفاد منه ابن رجب في "القواعد" (ص 105) نصًا في المزارعة، و (ص 138) نصًا آخر في بيع المال المشترك. • مخطوطات الكتاب: توجد للكتاب أصول خطية بدار الكتب الظاهرية بدمشق، وبدار الكتب المصرية بالقاهرة. ففي دار الكتب الظاهرية: 1 - نسخة محفوظة برقم (2772)، عدد أوراقها (115) ورقة، نسخت بخط محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد العمري، سنة (787 هـ)، ولدي صورة منها، ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (95). وكُتب خطأً: مصدرها: دار الكتب المصرية. 2 - ونسخة ثانية محفوظة بنفس الرقم السابق، عدد أوراقها (121) ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 114. (¬2) السير 12/ 259.

ورقة، بنفس الناسخ ونفس التاريخ، وعنها صورة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، رقم (1111). 3 - ونسخة ثالثة محفوظة برقم (2691) بدون معرفة الناسخ ولا تاريخ النسخ، ناقصة البداية، تقع ضمن مجموعة من: ص 1 - 225، فعدد أوراقها (113) ورقة، ناقصة في البداية، وعنها صورة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم (7306/ 2)، وصورة بجامعة أم القرى برقم (57). وكُتب خطأً: مصدرها: دار الكتب المصرية. وفي دار الكتب المصرية: 4 - نسخة محفوظة برقم (22660 ب) عدد أورا قها (325) ورقة، نسخت حديثًا (سنة 1362 هـ) بخط محمود عبد اللطيف. وعنها صورة بجامعة أم القرى برقم (31). 5 - ونسخة أخرى محفوظة بنفس الرقم السابق، عدد أوراقها (185) ورقة، بخط الناسخ السابق وبنفس التاريخ، وهي الجزء الثاني من الكتاب. وعنها صورة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، برقم (758/ 2). 6 - ونسخة أخرى من الجزء الثاني أيضًا، عدد أوراقها (56) ورقة، لا يعرف ناسخها ولا تاريخ نسخها، وهي ناقصة من أولها، أولها: المال والربح هو في البيع جائز. وعن هذه النسخة صورة في الجامعة الإسلامية برقم (7974/ 1). • طباعة الكتاب: طبع الجزء الأول منه، وفيه "الطهارة" و"الصلاة" و"الصيام" و"المعاملات"، بتحقيق د. محمد بن عبد الله الزاحم، وصدرت منه الطبعة الأولى عام (1412 هـ/ 1992 م) نشرتها دار المنارة بالقاهرة. • ما قيل عن مسائل الكوسج: دوّن الكوسج "مسائل الإمام أحمد" في حياته وضَمَّ إليها "مسائل إسحاق ابن راهويه" وصار يمليها على الناس بخراسان، فبلغ الإمامَ أحمد ذلك،

فأنكره وأشهد على رجوعه عنها كلها، فلما بلغ إسحاقَ بنَ منصور أن الإمام أحمد رجع عن تلك المسائل التي علقها عنه، جمع تلك المسائل كلها في جراب، وحملها على ظهره، وخرج راجلًا إلى بغداد، وهي على ظهره، وعرض خطوط أحمد عليه في كل مسألة استفتاه فيها، فأقرّ له بها ثانيًا، وأعجب أحمد بذلك من شأنه (¬1). وانتشرت هذه القصة في صفوف الحنابلة، إلا أن بعضًا منهم لم يبلغه أن الإمام أحمد أقرَّ ابن منصور ثانية وأجازه بها، فصار يُليِّن القول في تلك المسائل وفي الثقة بها، فنبه الحسن بن حامد (ت 403 هـ) إلى هذا الغلط في مقدمة كتابه الكبير المسمى بـ "الجامع"، فقال: "وقد رأيت بعض من يزعم أنه منتسب إلى الفقه يُليِّن القول في كتاب إسحاق بن منصور، ويقول: إنه يقال: إن أبا عبد الله رجع عنه، وهذا قول من لا ثقة له بالمذهب، إذ لا أعلم أن أحدًا من أصحابنا قال بما ذكره ولا أشار إليه" (¬2). وكما حُفظتْ تلك المسائل -أو معظمها- إلى يومنا هذا فيما يوجد من مخطوطات الكتاب، فقد حُفظتْ حفظًا معنويًا في "جامع الإمام الترمذي"، فقد أوردها، أو عامتها، في تعليقاته على أحاديث الأبواب، كما صرح هو بذلك في آخر كتابه، فقال: "وما كان فيه من قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم، فهو ما أخبرنا به إسحاق بن منصور عن أحمد وإسحاق، إلا ما في أبواب الحج والديات والحدود، فإني لم أسمعه من إسحاق بن منصور، أخبرني به محمد ابن موسى الأصمّ عن إسحاق بن منصور عن أحمد وإسحاق. وبعض كلام إسحاق بن إبراهيم أخبرنا به محمد بن أفلح عن إسحاق، وقد بينا هذا على وجهه في الكتاب الذي فيه الموقوف" (¬3). ¬

_ (¬1) مناقب الإمام أحمد ص 251، طبقات الحنابلة 1/ 114، سير أعلام النبلاء 12/ 259. (¬2) الطبقات 2/ 174. (¬3) جامع الترمذي 6/ 229، بتحقيق د. بشار عواد معروف، ط. دار الجيل. ولعل الترمذي يعني بقوله: "الكتاب الذي فيه الموقوف، كتابًا صنفه في جمع الأحاديث الموقوفة، والله أعلم.

2 - النسوي (256 هـ)

وقد شرح أبو حفص البرمكي (ت 387 هـ) بعض مسائل الكوسج، كما سيأتي. ويبدو أن أصل مسائل إسحاق بن منصور ومأخذها من "الجامع" لسفيان الثوري، كتبها الكوسج أسئلة واستفتى الإمام أحمد فيها مخبرًا إياه بجواب سفيان، فيجيبه الإمام أحمد بالموافقة أو المخالفة. وفي ذلك يقول الحافظ ابن رجب: "فإن إسحاق بن منصور يذكر لأحمد أولًا المسالة وجواب سفيان فيها، فيجيبه أحمد عنها بعد ذلك بالموافقة أو بالمخالفة، فريما يشتبه جواب أحمد بجواب سفيان، وقد وقع ذلك للقاضي كثيرًا، فلينبه لذلك وليراجع كلام أحمد من أصل مسائل ابن منصور" (¬1). * * * 2 - النَّسَوي (256 هـ) هو علي بن سعيد بن جَرير أبو الحسن النَّسَوي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 224 - 225). له: المسائل عن الإمام أحمد لا نعلم عن مخطوطاته شيئًا. وقد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال عن كتابه هذا: "روى عن أبي عبد الله جزأين: مسائلَ، وقد كنتُ تعبتُ فيها، سمعتُ بعضها بنزول" (¬2). وقد ساق ابن أبي يعلى جملة من تلك المسائل. * * * 3 - الجُوزْجَاني (259 هـ) هو إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق، أبو إسحاق، السَّعْدي الجُوزْجَاني. ¬

_ (¬1) القواعدص 351، ط. الكتب العلمية. (¬2) الطبقات 1/ 224. وقول الخلّال: بنزول، معناه بسند نازل فيه واسطة بينه وبين النسوي لتقدُّم وفاته في طبقة أصحاب الإمام أحمد.

المسائل عن الإمام أحمد

ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 98 - 99). له: المسائل عن الإمام أحمد لا نعلم عن مخطوطاته شيئًا. وقد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال: "عنده عن أبي عبد الله جزءان مسائل" (¬1). * * * 4 - أبو زُرْعَةَ الرَّازي (264 هـ) هو عُبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فَرُّوخ الرّازي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 199 - 203). له: جملة من المسائل رواها عن الإمام أحمد؛ هو وخاله ورفيقه في الطلب والإمامة في الحديث: أبو حاتم الرازي (ت 277 هـ). وهذه المسائل رواها الخلال عنهما منثورة متفرقة فلا تُعرف عنه بكتاب واحد، وقال في ذلك: "أبو زرعة وأبو حاتم -خال أبي زرعة- إمامان في الحديث، رويا عن أبي عبد الله مسائل كثيرة، وقعتْ إلينا متفرقة، كلها غرائب، وكانا عالِمَيْن بأحمد بن حنبل يحفظان حديثه كله" (¬2). * * * 5 - صالح بن الإمام أحمد (266 هـ) هو صالح بن أحمد بن حنبل، أكبر أولاد الإمام، يكنى أبا الفضل، الشيباني، البغدادي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 173 - 176). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 98. (¬2) الطبقات 1/ 199، 285.

مسائل الإمام أحمد

له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال في ذلك: "سمع من أبيه مسائل كثيرة، وكان الناس يكتبون إليه من خراسان، ومن المواضع يسأل لهم أباه عن المسائل، فوقعت إليه مسائل جياد" (¬1). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم (21681 ب) عدد أوراقها (99) ورقة، في حجم (21) سطرًا. وذكر الدكتور علي المهنا في مصادر تحقيقه لمسائل عبد الله بن الإمام أنه حصل على نسخة مصورة في مكتبة الشيخ عبد الرزاق حمزة بدار الحديث بمكة المكرمة. وهي نسخة ناقصة عدد أوراقها (76) ورقة في حجم (21) سطرًا. ومنها صورة في الجامعة الإسلامية رقمها (5706/ 1). • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب، بدراسة وتحقيق وتعليق الدكتور فضل الرحمن دين محمد، وصدرت منه الطبعة الأولى سنة (1408 هـ / 1988 م) بالدار العلمية بدلهي (الهند). * * * 6 - الأَثْرم (273 هـ) هو أحمد بن محمد بن هانئ، أبو بكر الأَثْرَم، الإسكافي من إسكاف بني جُنَيد. ترجمه القاضي أبو الحسين في الطبقات (1/ 66 - 74). له: مسائل الإمام أحمد - سنن الأثرم ذكره ابن أبي يعلى، فقال: ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 173.

"نقل عن إمامنا مسائل كثيرة، وصنفها، ورتبها أبوابًا" (¬1). ويُعرف الأثرم بكتابه الشهير باسم "السنن"، والعلاقة بينه وبين "المسائل" - فيما يبدو- هي أن الأثرم بنى كتابه "السنن" على "المسائل"، بحيث رتب تلك المسائل في أبواب، وصنفها تصنيفًا مناسبًا، ثم وشَّى كل مسألة بما وقع له من الأحاديث الآثار فيها، فجاء الكتاب حديثيًا فقهيًا؛ بحيث قَرَن أجوبة الإمام أحمد بأدلتها النقلية، ومن هنا عَظُم شأن هذا الكتاب، وصار مرجعًا للمحدثين والفقهاء على السواء. وذكر الذهبي كتاب "السنن" (¬2) وقال: "وقع لنا جزء من البيوع من سننه" (¬3). ثم ساق منه بإسناده إليه أثر ابن عمر: "لا يصلح الكراء بالضمان". وذكره صاحب "هدية العارفين" (1/ 50)، وسماه: "السنن في الفقه على مذهب أحمد وشواهد من الحديث". وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (10/ 189، 14/ 383، 26/ 241). • مخطوطات الكتاب: توجد منه قطعة في دار الكتب الظاهرية، بعنوان "أجوبة الإمام أحمد على أسئلة الأثرم"، محفوظة تحت رقم (11400) تقع في (7) أوراق، نسخها علي بن محمد النابلسي، كما نقل ابن أبي يعلى منها في "الطبقات" نحو سبع مسائل. • ما قيل في هذا الكتاب: قال ابن بدران: "وهو -أي الأثرم- أحد الناقلين روايات الإمام أحمد، وأكثر أصحابنا المتقدمين يقولون عن أحاديث: رواه الأثرم" (¬4). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 66. (¬2) السير 12/ 624. (¬3) السير 12/ 627. (¬4) المدخل ص 411.

7 - حنبل (273 هـ)

وقال الشيخ بكر أبو زيد: "فهو -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- يذكر فقه الإمام أحمد ومذهبه في أجوبته، ومنزلته من السنن، فجمع بهذا بين الدليل وففه الدليل، ولهذا تجده مرجعًا للمحدث والفقيه. ومن نظر في "المغني" رأى اعتماده له في الأمرين، وهذه التسمية أي: السنن في الفقه ... . من ألطف ما رأيت في أسماء الكتب، -فَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-" (¬1). * * * 7 - حَنْبَل (273 هـ) هو حَنْبل بن إسحاق بن حَنْبَل، ابن عم الإمام أحمد، أبو علي الشيباني، البغدادي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 143 - 145). له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال عن مسائله هذه: "قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بغير شيء، وإذا نظرتَ في مسائله شبهتَها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم. وكان حنبل رجلًا فقيرًا، خرج إلى عُكبَرَا، فقرأ "مسائله" عليهم، وخرج أيضًا إلى واسط، فلقيته بواسط، فسمعت منه مسائل يسيرة، ثم سمعت مسائله بعُكْبرا من أصحابنا العُكْبريين عنه" (¬2). وقال الذهبي: "له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويُغرب" (¬3). ولا نعلم عن مخطوطات الكتاب شيئًا. * * * ¬

_ (¬1) المدخل المفصل ص 627. (¬2) الطبقات 1/ 143. (¬3) السير 13/ 52.

8 - الميموني (274 هـ)

8 - المَيْموني (274 هـ) هو عبد الملك بن عبد الحميد بن مِهْران، أبو الحسن، الميْموني، الرَّقِّي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 212 - 216). له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال عن مسائله هذه: "وعنده عن أبي عبد الله مسائل في ستة عشر جزءًا، منها جزأين كبيرين (¬1) بخط جليل، مئة ورقة إن شاء الله، أو نحو ذلك، لم يسمعه أحد غيري فيما علمتُ، من مسائل لم يشركه فيها أحد، كبارٌ جيادٌ تجوز الحدَّ في عظمتها وقدرها وجلالتها" (¬2). ولا نعرف عن مخطوطات الكتاب شيئًا، إلا أن القاضي أبا الحسين أورد نماذج منها في طبقاته. وقد كان الميموني من أعلام الرَّقّة، فقيه البدن، يرجع إليه الناس فيما يعرض لهم من الوقائع والنوازل، وقد كان فقه الإمام الأوزاعي قد دخل من الشام إلى الرقة قبل ذلك، فكانَّ الميموني أراد أن يجمع بين المعرفة بفقه الإمام الأوزاعي وفقه الإمام أحمد، فكان يعرض عليه مسائل الأوزاعي وأصحابه ليجيبه فيها (¬3)، ولعل هذا هو السبب في حرص الميموني على تدوين "مسائل الإمام أحمد" في أثناء حياته، وقد أنكره عليه الإمام، لكن الميموني راجعه في ذلك حتى أقنعه (¬4). * * * 9 - أبو داود (275 هـ) هو سُليمان بن الأشعث بن شَدّاد بن عمرو، أبو داود الأزْدي ¬

_ (¬1) كذا في النسخ المطبوعة، والقواعد تقتضي الرفع. (¬2) الطبقات 1/ 213. (¬3) مجموع الفتاوى 34/ 114. (¬4) الطبقات 1/ 214.

مسائل الإمام أحمد

السِّجستاني، صاحب "السنن". ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 159 - 162). له (¬1): مسائل الإمام أحمد ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 395) وقال الدكتور أكرم ضياء العمري: "وقد اهتم الخطيب بمصنفات الإمام أحمد، وكان يحتفظ ببعضها، وقد ورد دمشق بستة منها، هي: السند، والفرائض، وكتاب مسائل أبي بكر المروذي لأحمد بن حنبل، ومسائل أبي داود لأحمد بن حنبل، وكتاب التاريخ، وكتاب فضائل الصحابة الأربعة" (¬2). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة رقم (650) عدد أوراقها (136) ورقة، في حجم (25) سطرًا، كتبت بخط عبد الله بن أحمد بن عبد الله ابن أحمد، سنة (1219 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع بالقاهرة سنة (1353 هـ/ 1934 م)، ثم صُور ببيروت بدار المعرفة بتقديم محمد رشيد رضا. وينبغي أن يحترز من التباس كتاب "المسائل" بكتاب "سؤالات أبي داود" الذي هو عبارة عن مسائل تتعلق بالجرح والتعديل ومعرفة الرجال، وهو مطبوع أيضًا، فهما كتابان متباينان. بالإضافة إلى ذلك نسب لأبي داود كتاب "المسائل التي خالف -أو حلف- عليها الإمام أحمد"، توجد منه نسخة في الظاهرية (دمشق)، برقم (334 - حديث) تقع في (100) ورقة، كتبت سنة (266 هـ) (¬3). ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "سؤالات أبي داود" للدكتور زياد محمد منصور، ص 88 - 89، ط. مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة. (¬2) موارد الخطيب في كتابه تاريخ بغداد ص 342. (¬3) تاريخ التراث العربي، لسزكين 1/ 1/ 295.

10 - ابن هانئ (275 هـ)

كما أن كتابه الجليل "السنن" من الكتب التي ينبغي أن تصنف في كتب أحاديث الأحكام، ويستحق أبو داود بتأليفه هذا الكتاب أن يقال عنه: إنه قد رتب أدلة الفقه الحنبلي، بل أدلة الفقه الإسلامي، ومهدها للفقهاء على اختلاف المذاهب، حتى إن الغزالي اعتبره كافيًا لطالب الإجتهاد في خصوص المعرفة بالسنة. وقال الذهبي: "أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء، فكتابه يدل على ذلك، وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد، لازم مجلسه مدة، وسأله عن دقائق المسائل في الفروع والأصول" (¬1). * * * 10 - ابن هانئ (275 هـ) هو إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، أبو يعقوب، النَّيْسابوري. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 108 - 109). له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال: "نقل عن أحمد مسائل كثيرة في ستة أجزاء" (¬2). وأورد ابن أبي يعلى نماذج منها. وذكره الذهبي وقال: "من أصحاب الإمام أحمد، له عنه سؤالات في مجلدة" (¬3). وأفاد ابن مفلح من "باب الأدب" من كتابه هذا في "الآداب الشرعية" في موضعين (¬4). كما أفاد منه ابن رجب في "القواعد" في موضعين (¬5). • طباعة الكتاب: طبع الكتاب في المكتب الإسلامي ببيروت في جزأين، بتحقيق الأستاذ ¬

_ (¬1) السير 13/ 215. (¬2) الطبقات 1/ 108. (¬3) السير 13/ 19. (¬4) 3/ 426، 450، ط. الرسالة. (¬5) القواعد ص: 121، 142.

11 - المروذي (275 هـ)

زهير الشاويش، وصدر سنة (1400 هـ/ 1985 م). واعتمد المحقق على نسخة خطية واحدة تتألف من جزأين. ولم يذكر المصدر الذي حصل منه على هذه النسخة. والكتاب مرتب في كتب وأبواب، على الموضوعات الفقهية المعتادة، إلا أنه يحتوي في القسم الأخير منه على أبحاث ومسائل منوعة، وهو يضم ثلاثة كتب: كتاب فيه: السنة، والإيمان، والرأي والعلم، والتفضيل، والأمر والنهي، والأدب، وتفسير الأحاديث. وكتاب التاريخ. وكتاب العلل (أي علل الأحاديث). * * * 11 - المَرُّوذي (275 هـ) هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد العزيز، أبو بكر، المَرُّوذي. وكثيرًا ما تتصحف هذه النسبة إلى: المرْوزي، فليتنبه. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 56). له: 1 - مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال: "روى عن أبي عبد الله مسائل مشبعة كثيرة، وأغرب على أصحابه في دقَاق المسائل وفي الورع" (¬1). وأخرج ابن أبي يعلى نماذج من تلك المسائل في ترجمته من "الطبقات". ولا نعلم عنه غير ذلك. 2 - الأدب ذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (3/ 450 - ط. الرسالة) فقال: "قال القاضي أبو الحسين: إنه نقل من الجزء الثالث من "الأدب" تأليف المرّوذي". وكُتب الأدب عند الحنابلة تشتمل على كثير من فقه المعاملات، فمن ¬

_ (¬1) السير 13/ 175.

12 - التستري (بعد 275 هـ)

أجل ذلك أدخلتها في ضمن موارد الفقه الحنبلي. * * * 12 - التُّسْتَري (بعد 275 هـ) هو الحسين بن إسحاق التُّسْتَري، كان حيا سنة (275 هـ). ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 142). له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب اللإمام أحمد"، وقال: كان عنده عن أبي عبد الله جزء مسائل كبار (¬1). * * * 13 - عبد الكريم القَطَّان (278 هـ) هو عبد الكريم بن الهيثم بن زياد بن عمْران، أبو يَحيى، الدِّيرْ عاقولي القَطَّان. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 216 - 217). له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب اللإمام أحمد"، وقال: عنده جزءان صغيران، مسائل حسان مشبعة (¬2). * * * 14 - حَرْبٌ الكِرْماني (280 هـ) هو حربُ بن إسماعيل بن خَلف، أبو محمد الحَنْظَلي، الكِرْماني. ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 142. (¬2) الطبقات 1/ 216.

مسائل الإمام أحمد

ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 145 - 146). له: مسائل الإمام أحمد ذكره الذهبي، وقال: "مسائل حرب من أنفس كتب الحنابلة، وهو كبير في مجلدين (¬1) اهـ. ونقل منه ابن رجب في "الإستخراج" (ص 186)، وأصله في "الأحكام السلطانية" لأبي يعلى (ص 163). ومسائل حرب تشبه مسائل الكوسج في كونها تحتوي على أجوية الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه. وفي ذلك يقول الخلال: "قال لي -يعني حربًا- هذه المسائل حفظتها قبل أن أقدم إلى أبي عبد الله، وقبل أن أقدم إلى إسحاق بن راهويه، وقال لي: هي أربعة آلاف عن أبي عبد الله وإسحاق بن راهويه، ولم أعُدَّها" (¬2). وقال ابن تيمية: "والكوسج سأل مسائله لأحمد وإسحاق، وكذلك حرب الكرماني سأل مسائله لأحمد وإسحاق، وكذلك غيرهما، ولهذا يجمع الترمذي قول أحمد وإسحاق، فإنه روى قولهما من مسائل الكوسج" (¬3). وتمتاز مسائل حرب أيضًا بأنها تشتمل على بيان علل الأحاديث المحتج بها في الأحكام على ما أفاده الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 179). وذكر الأستاذ زهير الشاويش في تقدمته لسائل إسحاق بن منصور أن في عزيمته إخراج جملة من المسائل التي رواها الأصحاب عن الإمام أحمد، وعدّ من ذلك "مسائل حرب"، فلعل عنده بعض الأصول الخطية للكتاب. والله أعلم. * * * ¬

_ (¬1) السير 13/ 245. (¬2) الطبقات 1/ 145. (¬3) مجموع فتاوى ابن تيمية 34/ 114.

15 - أبو زرعة الدمشقي (281 هـ)

15 - أبو زُرْعَةَ الدِّمشقي (281 هـ) هو عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان، أبو زُرعة، النَّصْري، الدمشقي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 205 - 206). له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في ترجمته في "أصحاب الإمام أحمد". وهو باعتبار كونه من أئمة الحديث وحفاظهم حتى لُقب محدث الشام (¬1)، فإن المسائل الفقهية التي رواها عن الإمام أحمد، قد أفردها بجزء عن بقية مروياته عنه؛ في الحديث والعلل وغير ذلك. وفي ذلك يقول الخلال: "كان عالمًا بأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وسمع منهما كثيرًا، وسمع من أبي عبد الله خاصة مسائل مشبعة محكمة، سمعتُها منه، وقال لي: اكتبْ اسمك على الجزء، فكتبت اسمي بخطي على ظهر جزء "المسائل"، واسم أبي ومن لي ببغداد، وخرجت إلى مصر" (¬2). وخرَّج له القاضي أبو الحسين بعض تلك المسائل في طبقاته. * * * 16 - إبراهيم الحَرْبي (285 هـ) هو إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشْر بن عبد الله بن دَيْسَم، أبو إسحاق، الحَرْبي، البغدادي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 86 - 93). له (¬3): ¬

_ (¬1) السير 13/ 311. (¬2) الطبقات 1/ 205. (¬3) ترجم الدكتور سليمان العايد لإبراهيم الحربي ترجمة حافلة في مقدمة تحقيق القسم الذي نشره من كتابه "غريب الحديث"، وذكر هناك جملة مصنفاته.

1 - مسائل الإمام أحمد

1 - مسائل الإمام أحمد. 2 - التيمم. 3 - مناسك الحج. 4 - الفرائض. 5 - الهدية والسُّنة فيها. 6 - الأدب. 7 - الحمَّام وآدابه. 1 - مسائل الإمام أحمد ذكرها ابن أبي يعلى في "الطبقات" (1/ 86) وساق منها مجموعة لا بأس بها في ترجمته. وذكرها المرداوي أيضًا في آخر "الإنصاف" (30/ 400)، ووصفها بأنها "مسائل كثيرة جدًا حِسانًا جيادًا". 2 - التيمم ويقال له: كتاب التيمم. ذكره ابن النديم في "الفهرست" (ص 287) والبغدادي في "الهدية" (1/ 4)، وكحالة في "معجم المؤلفين" (1/ 14 - ط. الرسالة)، والعايد في مقدمة تحقيق "غريب الحديث" (ص 46). وذكر له أبو زيد (ص 831) كتابًا باسم "الطهارة" وعزاه إلى الدارقطني في "العلل"، فلعله هو "كتاب التيمم". والله أعلم. 3 - مناسك الحج ذكره ياقوت في "معجم الأدباء" (1/ 128) والعليمي في "المنهج الأحمد" (1/ 303)، والبغدادي في "الهدية" (1/ 4)، وكحالة في "معجم المؤلفين" (1/ 14 - ط. الرسالة)، والزركلي في "الأعلام" (1/ 32). • طباعة الكتاب: وهذا الكتاب مطبوع - طُبع بعنوان "المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزبرة"، ضقه الأستاذ حَمَد الجاسر، وصدر عن مطبعة المثنى سنة (1389 هـ / 1969 م).

4 - الفرائض

• ما قيل عن هذا الكتاب: شكك الدكتور العايد في نسبة القطعة المطبوعة من الكتاب إلى إبراهيم الحربي، فقال في ذلك: "وقد نشر حَمَد الجاسر كتابًا وجده مخرومًا، فركب عليه هذا الإسم وأخرجه منسوبًا للحربي، وأنا على وَجَلٍ من هذه النسبة، ولم يستقم لها عندي أمر، وفي قراءتي لـ"فتح الباري" وجدت نصّين وطلبتهما في هذا الكتاب فلم يَقَعَا لي". وذكر النصين. ثم قال: "ثم إن ما ذكره الشيخ حَمَد الجاسر أدلةٌ يشترك فيها الحربي وغيره، ولا تكفي لإثبات هذه التسمية، وهذه النسبة" (¬1). ويغلب على الظن أن تكون "مناسك الحربي" مخرجة من "مناسك الإمام أحمد"؛ على ما عُرف من كثرة ملازمته له، وتتلمذه عليه في الحديث والفقه. ويعتبر هذا الكتاب صنو إخوانه من الكتب المصنفة في تلك الطبقة، والتي كانت تعتمد أساسًا على رواية الأحاديث والآثار وفتاوى السلف من الصحابة والتابعين. والله أعلم. 4 - الفرائض ذكره ابن رجب في "القواعد" (ص 281 - طبعة الكليات الأزهرية) والمرداوي في "الإنصاف" (7/ 381 طبعة حامد الفقي). ولا نعلم عنه غير ذلك. 5 - الهدية والسنة فيها ويسمى "الهدايا والسنة فيها" و"الهدايا" على الإختصار. ذكره ياقوت في "معجم الأدباء" (1/ 128) والبغدادي في "الهدية" (1/ 4) والزركلي في "الأعلام" (1/ 32) والعايد في مقدمة تحقيق "غريب الحديث" (ص 49)، وذكر أنه وقع لإبن حجر روايته، كما أثبته في "المعجم المفهرس". ولا نعلم عنه غير ذلك. ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "غريب الحديث" ص: 47 - 48.

6 - الأدب

6 - الأدب ذكره ابن النديم في "الفهرست" (ص 287) والبغدادي في "الهدية" (1/ 4) وكحالة في "معجم المؤلفين" (1/ 14). وطُبع لإبراهيم الحربي كتاب بعنوان "إكرام الضيف"، صدر عن مطبعة المنار بالقاهرة سنة (1349 هـ/ 1930 م)، والذي يبدو لي أن هذا المطبوع هو جزء. من كتاب "الأدب"، بقرينة أن أحدًا ممن ترجمه لم يذكر له كتابًا بهذا الإسم فيما علمتُ. وكُتب الأدب عند الحنابلة تحمل في طيها فقهًا جما؛ مما رجح لديَّ اعتبارها من مصادر الفقه الحنبلي (¬1)، على أن الحنابلة يتميزون عن بقية المذاهب بإدماج الآداب والأخلاق والعقائد في كثير من مصنفاتهم الفقهية. 7 - الحمّام وآدابه ذكره ياقوت في "معجم الأدباء" (1/ 128) والعليمي في "المنهج الأحمد" (1/ 303) والبغدادي في "الهدية" (1/ 4) والزركلي في "الأعلام" (1/ 32). وذكر الدكتور أكرم ضياء العمري في "موارد الخطيب في كتابه تاريخ بغداد" (ص 357) أن الخطيب كان يمتلك نسخًا من بعض تصانيف الحربي، وهي: كتاب سجود القرآن، وكتاب المناسك، وكتاب النهي عن الغيبة، وكتاب الحمّام. والكتاب -فيما يبدو- يحتوي على جملة الأحكام والآداب المتعلقة بالحمّام؛ كحكم بنائه، وبيعه، وإجارته، وحكم دخوله للرجال والنساء، والآداب المطلوبة في ذلك من ستر العورة عن الأنظار، وغض البصر عن عورات الآخرين إذا انكشفت، والإغتسال الشرعي بماء الحمّام، وحكم ذكر الله تعالى فيه، وغير ذلك. وقد أفرد ابن قدامة في "المغني" (1/ 305) في خاتمة باب الغسل أبحاث الحمام أحكامًا وآدابًا، وعقد ذلك في سبعة فصول. ¬

_ (¬1) قال ابن بدران (461): وأما فن الآداب فإنه فن شريف وقد يذكر مفرقًا في كتب الفقه، كالمستوعب والإقناع ومختصر الإفادات وغيرها، وقد أفرده كثير من الأصحاب بالتأليف، كإبن أبي موسى وغيره.

17 - أبو عبد الله البغدادي (289 هـ)

ولابن بطة العكبري (ت 387 هـ) -وكذا الخلّال- كتاب بهذا العنوان، مما يدل على أن الحنابلة البغاددة خصصوا للحمّام تآليف مفردة، تعليمًا وتوجيهًا للناس في ذلك الزمان الذي كانت فيه حمّامات بغداد تعدُّ بالمئات. * * * 17 - أبو عبد الله البَغْدادي (289 هـ) هو محمد بن موسى بن أبي موسى أبو عبد الله النَّهْرَتِيرِي البغدادي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 323 - 324). له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال: "عنده عن أبي عبد الله جزءُ مسائلَ كبارٍ جيادٍ، فسألته عنها، فقال: قَدِم رجل من خُراسانَ ومعه مسائل، فأملى أبو عبد الله الجواب، وكتبنا نحن من الخراساني" (¬1). ونقل القاضي أبو الحسين جملة من تلك المسائل في سياق ترجمته. وذكره المرداوي في آخر "الإنصاف" (30/ 413) ووصف تلك المسائل بمثل ما وصفها به الخلال. * * * 18 - عبد الله بن الإمام أحمد (290 هـ) هو عبد الله بن أحمد بن حنبل، أبو عبد الرحمن، الشَّيباني البغدادي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 180 - 188). له: مسائل الإمام أحمد ذكره أبو بكر الخلال في "أصحاب الإمام أحمد" في سياقِ قصة جَمْعِه لمسائل حرب الكرماني، وقال: "فوقع لعبد الله عن أبيه مسائلُ جيادٌ كثيرة، ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 324.

يُغرب منها بأشياء كثيرة في الأحكام" (¬1). وذكره المرداوي في آخر "الإنصاف" (30/ 410) وقال: روى عن أبيه مسائل كثيرة جدًّا حِسَانًا. • مخطوطات الكتاب: ذكر الدكتور فؤاد سزكين (¬2) مخطوطتين للكتاب: 1 - الأولى: محفوظة بدار الكتب الظاهرية (دمشق)، رقم (2 - فقه حنبلي)، وتقع في (203) ورقة. 2 - الثانية: محفوظة في مكتبة أحمد تيمور باشا بالقاهرة، رقم (511 - فقه)، وتقع في (172) ورقة، كُتبت سنة (773 هـ)، ومنها نسخة مصورة بدار الكتب المصرية (ملحق 3/ 54 رقم 20754 ب). وهي ناقصة من أولها، أولها: إذا تغيرت عادة الحائض. حدثنا قال سمعت أبي يقول ... عليه بياض في مواضع كثيرة. وعلى هاتين النسختين حقق الدكتور علي بن سليمان المهنا كتاب "المسائل"، وأضاف إليهما نسخة ثالثة وجدها في ذيل "مسائل الكوسج" المحفوظة في دار الكتب المصرية برقم (20755 ب) وهي نسخة منقوصة من طرفيها، والموجود منها يحتوي على (76) ورقة. وهناك نسخة ثالثة بدار الكتب المصرية رقم (22660 ب) عدد أوراقها (185) ورقة في حجم (21) سطرًا، نسخها محمود عبد اللطيف فخر الدين سنة (1362 هـ). ونسخة رابعة توجد في مكتبة الشيخ عبد الرزاق حمزة (مكتبة دار الحديث) مكة، تقع في (202) ورقة في حجم (15) سطرًا وعليها تعليقات. منها صورة في الجامعة الإسلامية (1991). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 183. (¬2) تاريخ التراث العربي (1/ 3/ 224، 233).

ونسخة خامسة في دار الكتب الظاهرية رقم (1 - فقه حنبلي) تقع في (405) ورقة. • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب طبعتين: الأولى: بتحقيق زهير الشاويش، صدرت عن المكتب الإسلامي سنة (1401 هـ / 1981 م). الثانية: بعناية الدكتور علي بن سليمان المهنا، دراسة وتحقيقًا، وصدرت الطبعة الأولى عام (1406 هـ 1986/ م)، وطُبع في مطبعة المدني بمصر، ونشرته مكتبة الدار بالمدينة المنورة. • وصف الكتاب: صنف عبد الله -رَحِمَهُ اللهُ- المسائل التي رواها عن أبيه تصنيفًا فقهيًا حسب الترتيب الدارج للموضوعات في كتب الفقه الجامعة، إلا أنه اقتصر على تراجم الكتب الكبار، وساق المسائل تحتها تباعًا من غير تبويب. ويورد عبد الله المسائل في صيغة أسئلة وأجوية، وتارة يقتصر على ذكر الجواب فقط، ويوشِّي بعض المسائل بما وقع له من الأحاديث من مرويات أبيه أو من مروياته. وبهذا يختلف عن "مسائل ابن هانئ" فإن فيها المسائل مجردة عن الأحاديث والآثار الدالة عليها. والكتاب في نفسه يحمل طابع فقه الحديث، وبيان المسائل في ضوئه، فهو مرجع مُهم من مراجع الفقه الإسلامي، يمرّن الطالب على استنباط المسائل من الكتاب والسنة مباشرة، ويرغبه في مذهب أهل الحديث الذين استخرجوا المسائل في ضوئه، بدون استعمال الأقيسة والعقول إلا إذا دعت الحاجة إليها، فقد قال الإمام أحمد لأبي الحارث: ما تفعل بالرأي والقياس، وفي الحديث ما يغنيك عنه؟. والكتاب ليس كتاب فقه فحسب، بل يشتمل على أنواع من العلوم الإسلامية، كالتفسير والحديث والآثار والتاريخ والرجال والعلل، والعقيدة، وغير ذلك (¬1). * * * ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق مسائل عبد الله، ص 162.

19 - البزاز (291 هـ)

19 - البَزَّاز (291 هـ) هو محمد بن حبيب، أبو عبد الله، البَزّاز، البغدادي. ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/ 278 - 279). له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال، وقال: "عنده عن أبي عبد الله جزءُ مسائلَ حِسانِ" ولم أكن عرفته قديمًا، فذكرها لي أبو الطيب المؤدب، فسمعتها منه عن محمد بن حبيب، وكانت عند أبي محمد بن أبي العنبر أيضًا عن محمد بن حبيب، وهو رجل معروف جليل، من أصحاب أبي عبد الله" (¬1). وذكره المرداوي أيضًا في آخر "الإنصاف" (30/ 415 - 416). * * * 20 - الخَفَّاف (لم تؤرخ وفاته) هو أحمد بن نَصر، أبو حامد، الخَفّاف. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 82) ترجمة موجزة، ولم تُؤرخ وفاته. له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال: "كان عنده جزءٌ فيه مسائلُ حِسان، أغرب فيها" (¬2). وأورد ابن أبي يعلى منها ثلاثة أمثلة. وذكره المرداوي في آخر "الإنصاف" (30/ 405). * * * ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 2/ 278 - 279، الطبقات 1/ 293. (¬2) الطبقات 1/ 82.

21 - ابن الحارث (لم تؤرخ وفاته)

21 - ابن الحارث (لم تؤرخ وفاته) هو إبراهيم بن الحارث بن مصعب بن الوليد بن عبادة بن الصامت، أبو إسحاق، العُبَادي، الطَّرَسوسي. ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (6/ 55 - 56) وأبو الحسين في "الطبقات" (1/ 94)، ولم تؤرخ وفاته. له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال: عنده عن أبي عبد الله أربعة أجزاءٍ مسائل (¬1). وذكره المرداوي في آخر "الإنصاف" (30/ 400) وقال: مسائل كثيرة في أربعة أجزاء. * * * 22 - أبو الحارث (لم تؤرخ وفاته) هو أحمد بن محمد، أبو الحارث، الصائغ، المَرْوَزي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 74)، ولم تُؤرخ وفاته. له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، وقال: روى عن أبي عبد الله مسائل كثيرة، بضعة عشر جزءًا (¬2). وساق ابن أبي يعلى عدّة أمثلة منها. وذكره المرداوي في آخر "الإنصاف" (30/ 404). * * * ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 94. (¬2) الطبقات 1/ 74.

23 - حبيش (لم تؤرخ وفاته)

23 - حُبَيش (لم تؤرخ وفاته) هو حُبيش بن سِنْدي، القَطيعي، البغدادي. ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/ 395) والقاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 146 - 147). ولم تُؤرّخ وفاته. له: مسائل الإمام أحمد ذكره الخلال، وقال: "عنده عن أبي عبد الله جزءان مسائل مُشبعة، حسان جدا، يُغرب فيها على أصحاب أبي عبد الله (¬1) ". ورفض أن يُسمعها الخلّالَ حتى توفي، فوجدها بعد ذلك عند محمد بن هارون الوراق، فسمعها منه. وذكره المرداوي في آخر "الإنصاف" (30/ 409). * * * 24 - الخَلَّال (311 هـ) هو أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد، أبو بكر، الخلَّال: نسبة إلى عمل الخَلِّ وبيعه. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 12 - 15). له: 1 - الجامع لعلوم الإمام أحمد. 2 - الوقوف. 3 - أحكام أهل المِلَل. 4 - التَّرجُّل. 5 - أحكام النساء. 6 - اللباس. ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 146.

1 - الجامع لعلوم الإمام أحمد

7 - العقيقة. 8 - أدب القضاء. 9 - الأدب. 10 - العلم. 11 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 12 - كتاب المجانبة. 13 - الحمّام والراجح أن الكتب الستة الأولى هي أجزاء من "الجامع". وهذا تعريف موجز بالمؤلفات المذكورة: 1 - الجامع لعلوم الإمام أحمد وله عدة أسماء تداولها العلماء عند الإشارة إلى هذا الديوان الكبير، أو الإحالة عليه أو النقل منه. فمن تلك الأسماء: "الجامع" و"الجامع في الفقه" و"الجامع الكبير" و"جامع الروايات" و"الجامع لعلوم شيخ مشايخه" و"المسند في مسائل أحمد بن حنبل" و"الجامع المسند لمسائل أحمد بن حنبل". ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" (2/ 12) وابن تيمية في "الفتاوى" (34/ 111) ووَصَفَه، وابن القيم في "إعلام الموقعين" (1/ 29 - 32 - طبعة دار الحديث) ووَصَفَه أيضًا، والذهبي في "السير" (11/ 331) و (14/ 297) وفي "تذكرة الحفاظ" (3/ 785)، وابن رجب في "القواعد" (ص: 141، 142، 358، 381، 222، 227) والمرداوي في "الإنصاف" (1/ 261، 15/ 280، 27/ 85، 29/ 161، 366). وغيرهم كثير، مما يدل على شهرة هذا الكتاب وأهميته، وعظم شأنه في المذهب الحنبلي، حتى قال العليمي: لم يصنف في المذهب مثله (¬1). وهو كتاب في الفقه المروي بالسند المتصل إلى الإمام أحمد والموشَّى ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 2/ 205.

بالأحاديث والآثار الدالة على المسائل، وإذن فلا يعول على قول الزركلي: هو كتاب في الحديث (¬1). • مخطوطات الكتاب: الَّذي عُثر عليه -إلى الآن- من مخطوطات هذا الكتاب جزء فقط يتألف من أربعة كتب، يمكن من خلالها وصف الكتاب وأخذ صورة عامة عنه. وهذه الكتب هي: - كتاب الوقوف. - كتاب الترجل. - كتاب أحكام النساء. -كتاب أحكام أهل المِلَل والردة والزنادقة وتارك الصلاة والفرائض. وصلت هذه الكتب الأربعة في مجموع واحد، والمعروف من مخطوطاتها في الوقت الحاضر ثلاث نسخ: الأولى: مجموع يشتمل على الكتب الأربعة المذكورة، موجود في مكتبة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، التي آلت في الوقت الحاضر بعد وفاة صاحبها -رَحِمَهُ اللهُ- إلى مدرسة دار الحديث بمكة المكرمة. وعدد أوراقه (212) ورقة، نسخ في شهر المحرم سنة (583 هـ) بخط نسخ نفيس. ومنه نسخة مصورة في دار الكتب المصرية بالقاهرة، تحت رقم (21888 ب)، وتوجد منه أيضًا نسخة مصورة في مكتبة المخطوطات بجامعة الملك سعود بالرياض، محفوظة تحت رقم (822 ص). الثانية: مجموع يشتمل على الكتب الأربعة المذكورة، محفوظ في دار الكتب المصرية بالقاهرة، تحت رقم (21945 ب) نسخ بقلم محمود عبد اللطيف النساخ، نقله عن دار الكتب السابق ذكرها، رقم (21888 ب). وفرغ من كتابتها يوم الخميس 29 صفر سنة (1360 هـ). ¬

_ (¬1) الأعلام 1/ 206.

2 - كتاب الوقوف

الثالثة: مجموع يشتمل على الكتب الأريعة المذكورة، محفوظ في المكتبة السعودية بالرياض، رقم (578/ 86)، نسخ بقلم الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله التويجري، نقله عن نسخة كتبت في المحرم سنة (583 هـ)، عدد أوراقه (176) ورقة، بخط نسخ جيد، كتبت سنة (1360 هـ) (¬1). ومن الترقيم السابق يتضح لنا أن مصدر هذه النسخ الثلاث واحد، وهو النسخة التي كُتبت في القرن السادس، والتي توجد صورتها في مكتبة الشيخ عبد الرزاق حمزة. وذكر الدكتور فؤاد سزكين أنَّه توجد له نسخة بالمتحف البريطاني (الملحق 168، مخطوطات شرقية 2675) تتألف من (212) ورقة وعليها سماع مؤرِّخ سنة (560 هـ) وآخر مؤرَّخ سنة (577 هـ). وقال الدكتور الزهراني عن المخطوط البريطاني المشار إليه عند سزكين: وهو الذي أعمل في تحقيقه، وفي مكتبة الجامعة الإسلامية منه نسخة ميكروفيلم تحت رقم (993) (¬2). ويوجد في مصورات الجامعة الإسلامية أيضًا رقم (3844) نسخة من أحكام أهل الملل، مصدرها المتحف البريطاني. عدد أوراقها (110) ورقة، في (25) سطرًا. • طباعة الكتاب: عن النسخ الخطية المذكورة تمَّ طبع جزء من "الجامع الكبير"، والذي يتألف من الكتب الأربعة التالية: 2 - كتاب الوقوف: حققه الدكتور عبد الله بن أحمد بن علي الزيد تحقيقًا متميزًا، مع دراسة عن الوقف، وأردفه بترجمة وافية للخلال وآثاره. ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق د. عطية الزهراني لكتاب "السنة" للخلال (ص 34)، ومقدمة تحقيق د. عبد الله بن أحمد بن علي الزيد لكتاب "الوقوف" له أيضًا (1/ 141 - 148)، وتاريخ التراث العربي لسزكين (1/ 3/ 225، 234). (¬2) تقدمة تحقيق "السنة" ص 34.

3 - كتاب أحكام أهل الملل والردة والزنادقة وتارك الصلاة والفرائض

وصدر عن مكتبة المعارف بالرياض سنة (1410 هـ/ 1989 م) في جزأين. والكتاب يتناول موضوع الأوقاف تأصيلًا لمشروعيته وتفصيلًا لأحكامه، مما وقع له من الرواية عن الإمام أحمد في ذلك، وقد أضفى عليه محققه حلّة قشيبة بما ضَمَّنه من فوائد أثبتها في الدراسة والتحقيق، أجزل الله له المثوبة. 3 - كتاب أحكام أهل المِلَل والردة والزنادقة وتارك الصلاة والفرائض حققه إبراهيم بن حَمَد السلطان في مجلدين، وصدر عن مكتبة المعارف بالرياض سنة (1416 هـ/ 1996 م). وهو من ضمن كتاب "الجامع لمسائل الإمام أحمد"، وموضوعه يتناول الأحكام الفقهية التي تختص بأهل الملل الأخرى كاليهود والنصارى، ممن يعيشون في ظل الدولة الإسلامية، سواء في ذلك الأحكام المتعلقة بالمعاملة فيما بينهم، أو فيما بينهم وبين المسلمين. ويحتمل أن يكون ابن القيم قد أفاد من هذا الكتاب إفادة كبيرة، مباشرة أو بواسطة، في كتابه "أحكام أهل الذمة"، على أنَّه لم توجد له في فهرس مصادره إحالة على كتاب الخلال هذا. بالإضافة إلى ذلك يمكننا أن نعتبر هذا الكتاب متضمنًا لما صنفه الإمام أحمد في الرد على الزنادقة، وفي الفرائض، على أن الدكتور سزكين ذكر هذا الكتاب في جملة آثار الإمام أحمد بن حنبل، دون إشارة إلى أن الخلال جمعه أو رواه عنه (¬1). 4 - التَّرجُّل وهو يتناول في موضوعه أحكام الشَّعر وآدابه، كفرقه، وحلق شعر الرأس، وأخذ الحاجبين، وحف الوجه ونتفه، وحلى القفا، والسنة في الأخذ من الشارب، وحكم اللحية، والخضاب، ونتف الإبط والعانة. ثم أردفه ببحث الختان، والقزع للصبيان، وحلق شر المرأة، وكسب الماشطة. ¬

_ (¬1) تاربخ التراث العربي 1/ 3/ 225.

5 - أحكام النساء

5 - أحكام النساء قام بنشره عبد القادر أحمد عطا، وصدر عن دار التراث العربي سنة (1400 هـ / 1980 م). وهو يتناول في موضوعه الأحكام المختصة بالنساء، كالحجاب والنظر والخروج من البيت، وسائر ما يختص بهن في العبادات والمعاملات والحدود والآداب. وقد ذُكر للإمام أحمد من المصنفات كتاب "أحكام النساء"، والغالب على الظن أن يكون الخلال روى هذا الكتاب عن بعض أصحاب الإمام، وأودعه باسمه ومضمونه في كتابه "الجامع". وقد تتابع الحنابلة في التصنيف في أحكام النساء تبعًا للإمام أحمد والخلال، منهم: ابن بطة العكبري (ت 387 هـ) وابن الجوزي (597 هـ) وابن رجب (79 هـ هـ). ونلفتُ الإنتباه إلى أن ناشر الكتاب تصرف في ترتيبه، وإدخال بعض مباحث أحكام النساء من بعض كتب المسائل عن الإمام أحمد فيه (¬1). • وصف "الجامع" وما قيل فيه: يبدو من خلال ما تم استعراضه من الكتب أن هذا الديوان المعلمي العظيم يشتمل على عدة كتب، كل كتاب منها يتضمن موضوعًا من الفقه، فنجد فيه: كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصوم ....... ونلاحظ في "الجامع" تراجمَ كتبٍ غير معهودة في جوامع الفقه المعتادة، ككتاب الترجل، وكتاب أحكام النساء، وكتاب أحكام أهل المِلل (¬2)، مما أعطى فكرة لدى فقهاء الحنابلة لإتباع هذه المأثرة في التأليف، وإفراد كثير من الأبحاث الفقهية بتصانيف مستقلة. ومن جهة أخرى يدل هذا التقسيم على أنه لم يستوعب "المسائل" فقط، ¬

_ (¬1) المدخل المفصل ص 883، ومقدمة تحقيق كتاب الوقوف ص 147. (¬2) وفي "القواعد الفقهية" لإبن رجب كتابان آخران من "الجامع" مترجمان: أحدهما بـ "كتاب القرعة" والآخر بـ "كتاب أحكام العبيد". القواعد ص: 141، 222، ط. دار الكتب العلمية.

بل أفرغ مصنفات الإمام أحمد في كتاب "الجامع". ومع هذا فقد قال ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: وفاته أمور كثيرة ليست في كتبه (¬1). ويقسم الخلّال الكتاب الواحد إلى عدة أبواب، ثم يجمع تحت الباب المترجم كل ما رُوي عن الإمام أحمد مما يراه صالحًا أن يترتب في ذلك الباب، ولا يفصل الأبواب إلى فصول، ولا يرتب المرويات داخل الباب الواحد، بل يسردها تباعًا على طريقة كتب الحديث الجامعة، المصنفة على الموضوعات الفقهية وغيرها. ويروي الخلّال في كتابه هذا مسائل الفقه بالسند المتصل إلى الإمام أحمد، ومن خلال تلك الأسانيد يمكن أن تكشف عن مدى ما لكلّ تلميذ من تلاميذه وأصحابه من المسائل والروايات. ثم إن الخلّال بنقله مسائل الإمام أحمد، يجردها من جميع الأقوال الأخرى ما عدا قول أحمد، فلا يُدخل معه شيئًا لا يجزم أنه من كلامه. ومن هنا يتضح لنا مدى عناية الخلّال بأقوال الإمام وفتاويه، فهو حين يفعل ذلك إنما يفعله احترامًا وتقديرًا لتلك النقول، وهو في نفس الوقت يرغب بإيصالها إلى المستفيد منها سليمة من أي دخيل عليها من أقوال أخرى، وهذا يدل على رغبته الصادقة المجردة لخدمة تلك الأقوال. هذا إلى جانب القسم الحديثي الذي وشّى به الكتاب، وعزّز به المسائل بإيراد ما وقع له من أدلتها، فهو بهذا القسم يكوِّن مصدرًا من أهم مصادر أحاديث الأحكام وآثاره. وكثيرًا ما يقتصر الحنابلة في كتبهم على رواية الخلال في كتابه هذا لدى عزو الحديث، فيقولون: رواه الخلّال، ويقصدون بذلك روايته في "الجامع". وقد تكلم على هذا الكتاب جمع من العلماء، وصفًا وتقريظًا وتنويهًا بشأنه، منهم ابن الجوزي في "المناقب" (ص 681 - 682" وابن تيمية في "الفتاوى" (34/ 111) وابن القيم في "الإعلام" (1/ 29 - 32 - ط. دار الحديث) والذهبي في "السير" (11/ 331) و (14/ 297) وابن كثير في ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى 34/ 111.

6 - كتاب اللباس

تاريخه (11/ 166) وابن بدران في "المدخل" (ص 134 - 135). وقال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" بعد ذكر رواة المسائل: "وغيرهم ممن ذكرهم أبو بكر في أول "زاد المسافر"، وهم كثير، وروى عن أكثر منهم، ثم انتدب لجمع ذلك أبو بكر الخلّال في جامعه الكبير ثم تلميذه أبو بكر عبد العريز في "زاد المسافر" فحوى الكتابان علمًا جما من علم الإمام أحمد - رضي الله عنه -" (¬1). وقال ابن الجوزى في "المنتظم" (6/ 174): "كل من تبع هذا المذهب يأخذ من كتبه". هذا، ومما نُسب إلى الخلّال مما يترجح أنه من ضمن "الجامع" السالف الذكر، كتابان آخران، هما: 6 - كتاب اللباس ذكره الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 882). 7 - كتاب العقيقة ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" في ترجمة الحسن بن حامد. بالإضافة إلى ذلك صنف الخلّال: 8 - أدب القضاء ذكره الذهبي في "السير" (12/ 530) في ترجمة صالح بن الإمام أحمد. وكُتب أدب القضاء تحتوي عادة على حكم تنصيب القضاة، والشروط المطلوبة في القاضي، وسيرته تجاه الخصومات والدعاوى والإجراءات القضائية؛ مما يسمى حديثًا "أصول المحاكمات"، وتستمد معلوماتها كثيرًا من سير مشاهير قضاة الإسلام وتنفيذاتهم. 9 - الأدب ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" (2/ 12) وابن تيمية في "الفتاوى" ¬

_ (¬1) شرح مختصر الروضة 3/ 627.

10 - العلم

(34/ 112)، وأفاد منه ابن مفلح في مواضع عديدة من "الآداب الشرعية" (¬1) 10 - العلم ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" (2/ 12) وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (7/ 390) ووصفه بأنه أجمع كتاب في الأصول الفقهية. وهذا نص كلامه: " .. ذكرها الخلال في كتاب "السُّنة"، وهو أجمع كتاب يذكر فيه أقوال أحمد في مسائل الأصول الدينية، وإن كان له أقوال زائدة على ما فيه، كما أن كتابه في "العلم" أجمع كتاب يذكر فيه أقوال أحمد في الأصول الفقهية". وهذا يعني أنه كتاب في أصول الفقه، فاعتمد الشيخ بكر أبو زيد على ذلك وصنفه في جملة كتب الأصول الحنبلية (¬2). إلا أن الذي ظهر لي -والله أعلم- أنه كتاب في موضوع أدب التعليم والتعلم، ورواية الحديث، ونحو ذلك، ولا علاقة له بأصول الفقة، وذلك للقرائن التالية: 1 - لم نر من المصنفين، خاصة المتقدمين منهم كالقاضي أبي يعلى، من رجع إليه أو أسند إليه، في عزو مسائل أصول الفقه الحنبلية وتخريجها. 2 - يبدو من استقراء آداب العلم من كتاب "الآداب الشرعية" لإبن مفلح، أن المؤلف أفرغ فيه محتوى كتاب الخلّال، يدل على ذلك كثرة إيراده الروايات المطلقة عن الخلّال في هذا الموضوع، مما يوحي بأنه كان يخرّج من هذا الكتاب، بالإضافة إلى أنه ذو بعض أبواب الكتاب، فعلى سبيل المثال نجد: - في (2/ 152): قال الخلّال: (كراهية أن يستمد الرجل من محبرة الرجل إلا بإذنه). - وفي (2/ 153): قال الخلّال: (التوقي أن لا يُتَرَّبَ الكتابُ إلا من المباحات) ثم روى عن المروذي ... إلخ. - وفي (2/ 159): قال الخلّال: (كراهية النظر في كتاب الرجل إلا بإذنه). ¬

_ (¬1) 1/ 409، 458، 2/ 191، 229، 3/ 546،289. (¬2) المدخل المفصل ص: 941، 966.

11 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- وفي (2/ 161): قال الخلّال: (كراهية حبس الكتاب). وبعد أن غلب على الظن أن هذا الكتاب تدور أبحاثه في الموضوع المرقوم أعلاه، فإن إيراده هاهنا لم يكن إلا لأجل هذا التنبيه، لأن موضوع آداب التعلم خارج عن صدد كتابنا، ويمكن أن نقول هنا: إنه ينبغي أن يصنَّف كتاب الخلّال هذا في جملة المصنفات المبكرة في أدب الرواية والتحديث، إذ يكاد يكون على شاكلة "الجامع في أخلاق الراوي وآداب السامع" للخطيب البغدادي. والله أعلم. وهناك تنبيه آخر، وهو أن محقق كتاب "السنة" ذكر هذا الكتاب في جملة مصنفات الخلّال بعنوان "العلم وتفسير الغريب والأدب". والحق أنها ثلاثة كتب مستقلة عطف ابن أبي يعلى بعضها على بعض في الذكر، فالتبس الأمر من جرّاء ذلك. 11 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذكره كحالة في "معجم المؤلفين" (1/ 3 هـ 2) وذكر ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 182) نقلًا عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: وقد صنف القاضي أبو يعلى كتابًا مفردًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما صنف الخلّال والدارقطني في ذلك. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة خطية في دار الكتب الظاهرية (دمشق)، حديث (245/ 1) الأوراق (1 - 31)، كُتبت سنة (576) (¬1). - وتوجد منه نسخة ثانية في جامعة القاهرة (¬2). • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب طبعتين: ¬

_ (¬1) بروكلمان 3/ 314، ط. المعارف، سزكين (1/ 3/ 234)، فهرس المخطوطات المصورة (¬2) مقدمة تحقيق "الوقوف" ص 150.

12 - كتاب المجانبة

الأولى: بتحقيق الشيخ إسماعيل الأنصاري، عن النسخة المحفوظة بالظاهرية، وطُبع بمطابع القصيم بالرياض سنة (1389 هـ/ 1969 م)، ونشرته الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد. الثانية: بتحقيق الأستاذ عبد القادر أحمد عطا، عن النسخة المحفوظة بجامعة القاهرة، وصدر عن دار الاعتصام (القاهرة) سنة (1395 هـ / 1975 م). وحبذا لو طُبع طبعة جديدة تستفيد من الطبعتين السابقتين. • وصف الكتاب: يشتمل على عدة مباحث في القواعد الشرعية والأدبية المتعلقة بإقامة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسياستها، ويحتوي الكتاب على (21) بابًا في الموضوعات المذكورة. ومنه يستفاد بالإضافة إلى كتاب القاضي أبي يعلى وما كتبه ابن تيمية وابن مفلح في "الآداب"، منظومة متكاملة لضبط أحكام وآداب هذه الفريضة وآدابها، التي تُعتبر من خصائص الأمة الإسلامية. 12 - كتاب المجانبة ذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 252) في فصل حكم هجر أهل المعاصي. ويبدو أنه كتاب في موضوع هجر من جهر بالمعاصي الفعلية والقولية والإعتقادية. 13 - الحمّام ذكر 5 محقق كتاب "المستوعب" في المقدمة (ص 52) في جملة المصادر الثانوية التي اعتمد عليها السامري في كتابه المذكور. والذي يترجح عندي أنه يندرج ضمن كتاب "الجامع". والله أعلم.

25 - أبو القاسم البغوي (317 هـ)

25 - أبو القاسم البَغَوي (317 هـ) هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ابن بنت أحمد بن مُنيع، أبو القاسم البَغَوي. وهو من المعمَّرين حتى ألحق الأحفاد بالأجداد، وتأخرت وفاته عن وفاة الخلّال بست سنين. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (1/ 190 - 192). له: مسائل الإمام أحمد. ذكره الخلّال في "الطبقات"، وقال: له مسائل صالحة، وفيها غرائب. قال ابن أبي يعلى تعقيبًا على ذلك: سمعتُ جميع "المسائل" من ابن الطيوري عن أبي محمد الخلّال عن ابن حَيُّوَيَهْ عن البغوي (¬1). وخرَّج ابن القيّم بعضًا منها في كتابه "بدائع الفوائد" (المجلد الثاني). وذكر له ابن النديم كتابًا باسم "السنن على مذاهب الفقهاء" (¬2)، فلعله هو هذا الكتاب. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة الظاهرية (دمشق)، ضمن مجموع رقم (83/ 7) في ثمان ورقات (من: 110 إلى 118 أ)، كتبت في القرن السادس الهجري (سنة 575 هـ) بخط أبي الحسين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي (¬3). ونظرًا لصغر حجم المعثور عليه من الكتاب، فإننا لا نستطيع أن نأخذ صورة وصفية كاملة عنه، وتتميز مسائل البغوي باشتمالها على بعض ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 191. (¬2) الفهرست ص 289. (¬3) تاريخ التراث العربي 1/ 3/ 224.

26 - الخرقي (334 هـ)

الغرائب والزيادات، وتمتاز في الضبط والنقل وإيراد الروايات التي تعضد المسألة (¬1). * * * 26 - الخِرَقي (334 هـ) هو عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد، أبو القاسم، الخِرَقي: نسبة إلى بيع الثياب والخِرَق. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 75 - 118). له: 1 - المختصر في الفقه. 2 - شرح المختصر. وهذا تعريف بكل من الكتابين: 1 - المختصر وهو من جملة مصادر "الإنصاف" للمرداوي، كما نص في المقدمة (ص 16). وهذا الكتاب من أشهر كتب الفقه الحنبلي المجرد على الإطلاق، ونسبته إلى مؤلفه كالشمس، ويعرف باسم مؤلفه "الخرقي" على حذف كلمة "المختصر"، كما يقال في شروحه: شرح الخرقي لفلان، وهكذا تنسب المؤلفات لمن لا يعرف له إلا كتاب واحد باسماء مؤلفيها، كالمترجم، ومختصر ابن تميم، ومجموع المنقور. وللخرقي عدة كتب في المذهب، فُقدت كلها ما عدا "المختصر" قال أبن أبي يعلى: "له المصنفات الكثيرة في المذهب، لم ينتشر منها إلا "المختصر في الفقه"؛ لأنه خرج عن مدينة السلام -أي: بغداد- لمَا ظهر سبُّ الصحابة ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "مسائل عبد الله" ص 127.

- رضوان الله عليهم - أجمعين، وأودع كتبه في درب سليمان، فاحترقت الدار التي كانت فيها الكتب، ولم تكن انتشرت لبعده عن البلد" (¬1). ونظرًا لشهرة الكتاب بين صفوف العلماء إلى اليوم، فليس من حاجة إلى تتبع نسخه الخطية والبحث عن أماكن وجودها. • طباعة الكتاب: علق عليه ونشر 5 محمد زهير الشاويش، وصدر عن دار السلام (دمشق)، سنة (1378 هـ / 1959 م)، وطُبع على نفقة قاسم بن درويش فَخْرو. وطُبع طبعة ثانية في المكتب الإسلامي بدمشق سنة (1383 هـ / 1964 م). وطُبع أيضًا في طنطا بمصر، نشرته دار الصحابة سنة (1413 هـ/ 1993 م) بقراءة وتعليق أبي حذيفة إبراهيم بن محمد. • وصف الكتاب: هو عبارة عن مختصر صغير، لا يتجاوز عدد مسائله (2300) مسألة. وقد نهج فيه مصنفه نهج أغلب المؤلفين في السنن والأحكام المرتبة على الأبواب الفقهية، حيث بدأ بقسم العبادات، ثم المعاملات المالية، ثم الأحكام المتعلقة بالأسرة، ثم الجنايات والعقوبات والجهاد، ثم القضاء والدعاوى والبينات، ثم العتق. وكان الخرقي في ترتيبه للأبواب سالكًا طريقة الشافعي وأصحابه، كما في "الأم" و"مختصر المزني"، لشهرة تلك الكتب في ذلك الوقت، واقتراب المذهبين في المسالك والنتائج. ولا يعرف لدى الحنابلة متن في الفقه حظي بالشهرة والقبول والعناية حفظًا وشرحًا ونظمًا، وغير ذلك ما حظي به هذا المختصر. ولا تزال شروحه، التي حُفظت من التلف، تصدر إلى عالم المطبوعات حينًا بعد حين. ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 75.

ويعتبر "مختصر الخرقي" خاليًا من اختلاف الرواية عن الإمام أحمد، مما يدل على أنه بناه على رواية واحدة، وهي الرواية الراجحة في نظره، ويلزم على ذلك أن يكون الخرقي سلك مسلك الترجيح والإختيار في المذهب الحنبلي. ونجده يشير إلى الرواية المرجوحة أحيانًا، بصيغة التضيعف، كما في "باب أجَل العنِّين والخَصِي غير المجبوب" من كتاب النكاح، فقد قال في الأخير: وقد رُوي عن أبي عبد الله -رَحِمَهُ اللهُ- قول آخر: إن القول قوله مع يمينه (¬1). • عناية الحنابلة بمختصر الخرقي: كُتب لهذا المختصر -على صغر حجمه- من القبول والعناية، ما لم يكتب لغير 5 من المصنفات، فكان الأقدمون يحفظون مسائله كما يحفظون السورة من القرآن، ثم تناولوه بالشروح والتعليقات المطولة والمختصرة تارة، وبالنظم لمسائله تارة أخرى، ويضم بعض الكتب إليه تارة ثالثة، وتلك فنون من الأعمال العلمية تعزب عن الحدّ، وتتجافى عن الحصر والعدّ. قال ابن عبد الهادي: "قال شيخنا عز الدين المصري؛ إنه ضبط له ثلاث مئة شرح، وقد اطلعنا له على قريب العشرين شرحًا، وسمعنا من شيوخنا وغيرهم: أن من قرأه حصل له أحد ثلاث خصال: إما أن يملك مئة دينار، أو يلي القضاء، أو يصير صالحًا" (¬2). • فمن شروحه:. 1 - شرح المختصر، لمصنِّفه، وسيأتي. 2 - شرح الخرقي، لأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان المعروف بـ "ابن شَاقْلا" (ت 369 هـ). ¬

_ (¬1) مختصر الخرقي ص 105، ط. الصحابة، طنطا. (¬2) الدر النقي في شرح الفاظ الخرقي ص 873. ولا تلازم بين قراءة "مختصر الخرقي" وحصول واحدة من الخصال الثلاث المذكورة، وهذا الكلام من المبالغة التي يحسن بالعلماء تجنبها.

3 - شرح مختصر الخرقي، لأبي حفصٍ عمر بن إبراهيم العُكبري، المعروف بـ (ابن المسلم) (ت 387 هـ). 4 - شرح الخرقي، للحسن بن حامد البغدادي (ت 403 هـ). 5 - شرح الخرقي، للقاضي أبي علي محمد بن أبي موسى، الشريف الهاشمي (ت 428 هـ) صاحب "الإرشاد". 6 - شرح الخرقي، للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفرّاء (ت 458 هـ) صاحب التصانيف في المذهب. 7 - المقنع في شرح الخرقي، لأبي علي الحسن بن أحمد البناء (ت 471 هـ) صاحب التصانيف الكثيرة. 8 - شرح الخرقي، لأبي خازم محمد بن محمد، ابن القاضي أبي يعلى (ت 527 هـ). 9 - شرح الخرقي لأبي الحسن علي بن عبد الله بن نصر الزاغوني (ت 527 هـ). 10 - المغني في شرح مختصر الخرقي، لموفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت 620 هـ). 11 - شرح الخرقي لأبي الفرج عبد الرحمن بن رزين بن عبد العزيز الفساني (ت 656 هـ). 12 - المنتصر في شرح المختصر، لإبن أبي الهيجاء عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني (ت 661 هـ). 13 - المهمّ في شرح الخرقي، لعبد الله بن أبي بكر الحربي البغدادي المعروف بـ "كتيلة" (ت 681 هـ). 14 - الكافي في شرح الخرقي، لأبي طالب عبد الرحمن بن عمر الضرير البصري (ت 684 هـ).

15 - الواضح في شرح الخرقي لأبي طالب الضرير (ت 684 هـ). 16 - شرح الخرقي، لسليمان بن عبد القوي الصرصري الطوفي (ت 716 هـ) صاحب "شرح مختصر الروضة". 17 - شرح الخرقي، لمحمد بن أحمد الحبّال، الحرّاني (ت 749 هـ). 18 - شرح الزركشي على مختصر الخرقي، لشمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي المصري (ت 772 هـ). 19 - شرح الخرقي، لقاضي الأقاليم ابن أبي العز عبد العزيز بن علي القرشي البغدادي، ثم المقدسي (ت 846 هـ). 20 - شرح الخرقي، لأحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي، المعروف بـ "ابن المبْرد" (ت 89 هـ هـ) (¬1) 21 - كفاية المرتقي إلى شرح فرائض الخرقي، لعبد القادر بن أحمد المعروف بابن بدران الدمشقي (ت 1346 هـ). وسيأتي توثيق هذه الشروح والتعريف بها في مواضعها من تراجم أصحابها وما لهم من مؤلفات، إن شاء الله. • ومن الكتب التي اعتنت بغريبه: 1 - شرح غريب ألفاظ الخرقي، لأبي المحاسن محمد بن عبد الباقي المجمعي الموصلي (ت هـ 7 اهـ). 2 - الدّر النقيّ في شرح ألفاظ الخرقي، ليوسف ابن عبد الهادي، المعروف با ابن المبْرد" (ت 909 هـ) صاحب التصانيف الكثيرة. • ومِمّن نَظَم الخرقي: 1 - جعفر بن أحمد السراج البغدادي الأديب (500 هـ). ¬

_ (¬1) المدخل لإبن بدران ص: 426 - 432، سزكين 1/ 3/ 236، مقدمة تحقيق "الدر النقي في حل ألفاظ الخرقي" ص: 92 - 97، مقدمة تحقيق "شرح الزركشي" ص: 42 - 47.

2 - شرح المختصر

2 - مكي بن محمد بن هبيرة البغدادي (ت 567 هـ). 3 - أحمد بن الحسين بن أحمد البغدادي، المعروف بالعراقي (ت 588 هـ) نظم العبادات منه فقط. 4 - محمد الموصلي، شمس الدين، الملقب بـ "شُعلة" (ت 656 هـ). نظم العبادات منه فقط. 5 - يحيى بن يوسف أبو زكريا الصرصري، الملقب بـ "حسَّان السُّنة" (ت 656 هـ). ويسمى نظمه "الدَّرة اليتيمة والمحجة المستقيمة". وله: 6 - نظم زوائد "الكافي" لإبن قدامة على "الخرقي" سماه "واسطة العقد الثمين وعمدة الحافظ الأمين". وممن اختصر الخرقي: أبو الفضل أحمد بن نصر الله بن أحمد الكرماني التستري البغدادي (ت 844 هـ). وسيأتي توثيق هذه التآليف في مواضعها، وفقًا للترتيب التسلسلي المعتمد، إن شاء الله تعالى. 2 - شرح المختصر ذكره القاضي أبو يعلى في "كتاب الروايتين والوجهين" في النية في الصيام (1/ 254)، قال: " ... وهو اختيار الخرقي، ذكره في شرحه"، وابن قدامة في "المغني" (4/ 339 - ط. دار هجر)، قال: "قال القاضي: وجدت هذا الكلام اختيارًا لأبي القاسم، ذكره في شرحه". وشيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (25/ 100)، وابن مفلح في "الفروع" (3/ 14). والزركشي في "شرحه" (2/ 565 و 566)، وابن رجب في "القواعد" (ص: 24، 332) والمرداوي في "الإنصاف" (3/ 294 - طبعة الفقي). وبعض هؤلاء المصنفين ذكره باسم "شرح المختصر"، وبعضهم ذكره باسم "شرحه". وإنما أوردته بهذا التوسع؛ لما ذُكر في ترجمته من أن مصنفاته احترقت كلها

27 - ابن المنادي (336 هـ)

في بغداد، ولم يسلم منها إلا "المختصر"، فاحتاج ذكر هذا الكتاب إلى توثيق. والذي يمكن إثباته في هذه العجالة أن المصادر التي ترجمت للخرقي، كالخطيب البغدادي، وابن خلِّكان، وغيرهما، اتفقت على أن الخرقي صنف كتبًا كثيرة في المذهب الحنبلي، وأن فيها تخريجات على بعض المسائل (¬1)، مما يجعلنا لا نستبعد أن يكون بعض المتقدمين قد اطلع على بعض كتبه قبل احتراقها، ونقل منها اختياراته الخارجة عن "المختصر". والله أعلم. * * * 27 - ابن المُنَادي (336 هـ) هو أحمد بن جعفر بن محمد بن عُبيد الله، أبو الحسين بن المُنَادي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 3 - 6). له (¬2): 1 - أحكام الملاهي. 2 - اختلاف العدد. 3 - كتاب المناسك. 1 - أحكام الملاهي ذكره ابن قَيِّم الجوزية في "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" (1/ 248). وموضوع الكتاب -كما يبدو من ظاهر عنوانه- بيان الأحكام المتعلقة باستعمال المعازف، كالطنبور، والدف، والمزمار، والطبل، والبَرْبَط، والعود، وغير ذلك. وللحنابلة عدة تصانيف في موضوع الغناء والآت اللهو، من ذلك: 1 - ذم الملاهي، لإبن أبي الدنيا. (ت 281 هـ). ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "شرح الزركشي" ص 74 - 75. (¬2) ذكر مترجموه أن له مصنفات كثيرة تنوف على المئة، أكثرها في علوم القرآن، وأنها لم تنتشر عنه لصلابته وخشونة طريقته. تاريخ بغداد 4/ 69، المتظم 6/ 358، السير 15/ 362.

2 - اختلاف العدد

2 - تحريم النرد والشطرنج والملاهي، للأجريّ (ت 360 هـ). 3 - ذم الغناء والإستماع إليه. لإبن بطة (ت 387 هـ). 4 - ذم الغناء، للقاضي أبي يعلى (ت 458 هـ). 5 - الدليل الواضح في النهي عن ارتكاب الهوى الفاضح في تحريم الغناء وآلات اللهو، لعبد المغيث بن زهير (ت 583 هـ). 6 - رياض الأزهار في حكم سماع الأوتار والغناء والأشعار، للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي (1033 هـ). 2 - اختلاف العدد ذكره ابن النديم في "الفهرست" (ص 41) والبغدادي في "الهدية" (1/ 61) والزركلي في "الأعلام" (1/ 107). وكلهم ذكروه غفلًا من الضبط. فإذا كان بفتح العين، فهو في علوم القرآن على ما يبدو، في موضوع اختلاف القرّاء في عدد السور، أو الآي، أو غير ذلك. وإذا كان بكسرها، فهو جمع "عِدَّة"، وبالتالي يكون في الفقه، في بيان موضوع عِدَد الطلاق والوفاة، وما في ذلك من الوفاق والخلاف بين العلماء، وبهذا التقدير يكون داخلًا في مقصودنا. والله أعلم. ويوجد في المكتبة الظاهرية بدمشق ضمن مجموع رقم (106) كتاب بعنوان "العِدَد"، لا يُعرف مؤلفه، ولا تاريخ نسخه، يحتوي على (18) ورقة، في حجم (19 - 21) سطرًا. أوله: مسألة ... التي ذكرها الله تعالى هي الحيض، وقال أبو حفص ... الملل والسامع هي الأطهار وفائدة الخلاف. وآخره: فدل على أنها يمين، والله أعلم بالصواب. فلعل لهذا الكتاب علاقة بالكتاب المذكور، على أن ابن تيمية صنف تصنيفًا مفردًا في نفس الموضوع، كما سيأتي.

3 - كتاب المناسك

3 - كتاب المناسك ذكره الدكتور أكرم ضياء العمري في "موارد الخطيب في كتابه تاريخ بغداد" (ص 285) قائلًا: وكان الخطيب يحتفظ ببعض كتب ابن المنادي، وقد ورد دمشق ببعضها، وهي: التاريخ، وكتاب المناسك، ومسند العشرة، وكتاب "كلّا"، وكتاب الملاحم. * * * 28 - النَّجَّاد (348 هـ) هو أحمد بن سَلمان -وفي بعض المصادر: سليمان- بن الحسن بن إسرائيل بن يونس، أبو بكر، النجاد: نسبة إلى خياطة اللُّحف والحشايا (¬1). ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 7 - 12). له: كتاب في الفقه والإختلاف ذكره الشيرازي في "طبقات الفقهاء" (ص 172) وقال: له كتاب الخلاف. وذكره العليمي في "المنهج الأحمد" (2/ 256) بالعنوان المرقوم أعلاه، والزركلي (1/ 132)، وقال: نحو مئتي جزء. ولعله أول كتاب يصنف في علم الخلاف عند الحنابلة. وذكروا للنجاد كتابًا آخر في "السنن" (¬2) أي: في أحاديث الأحكام، ووُصف بأنه كبير الحجم، فيكون من مصادر أدلة الحنابلة الأثرية، كسنن الأثرم، وسنن أبي داود. * * * ¬

_ (¬1) الأنساب 5/ 458. (¬2) السير 15/ 503، الرسالة المستطرفة ص 36، سزكين 1/ 3/ 237.

29 - الآجري (360 هـ)

29 - الآجُرّي (360 هـ) هو محمد بن الحسين بن عبد الله، أبو بكر، البغدادي، الآجُرّي. قال ابن العِماد: كان حنبليًا، وقيل شافعيًا، وبه جزم الأسنوي وابن الأهدل (¬1). وقال ابن الجوزي: الآجرّي من أعيان أعيان أصحابنا (¬2). ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" 2/ 243. ذُكر له من الكتب: 1 - النصيحة. 2 - أحكام النساء. 3 - كتاب اللباس. 4 - تحريم النرد والشطرنج والملاهي. 5 - كتاب مختصر الفقه. وهذا تعريف موجز بهذه الكتب: 1 - النصيحة. ذكره ابن النديم (ص 268) وقال: يحتوي على عدة كتب في الفقه، والعليمي في "المنهج" (2/ 271) وقال: ينقل عنها ابن مفلح صاحب "الفروع" في فروعه اختيارات حسنة. وذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 47) وابن بدران في "المدخل" (ص 418) وقال: وعادته فيه أنه لا يذكر إلا اختيارات الأصحاب. اهـ. وتبعه الدوسري في ذيل "الدر المنضد" (ص 76). والشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 915)، فصنف الكتاب في جملة المؤلفات في "الإختيارات". وفي هذ انظر؛ فإن الكلام الذي نقله ابن بدران إنما هو في وصف كتاب "الواضح في الفقه" لإبن الزاغوني، فقد قال ابن مفلح في "المقصد الأرشد" ¬

_ (¬1) الشذرات 3/ 35. (¬2) الإنصاف 18/ 20.

2 - أحكام النساء

2/ 390: وذكر العم -رَحِمَهُ اللهُ- أن بعض الثقات نقل عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية أنه -أي الآجري - مالكي المذهب، والأصح خلافه، ... وذكر ابن الزاغوني في "الواضح في الفقه" عن أحمد رواية أن الجد كالأب يحجب الإخوة، وهي اختيار أبي حفص العكبري وأبي بكر الآجري، وعادته -يعني ابن الزاغوني - في هذا الكتاب لا يذكر إلا اختيارات الأصحاب، وعدم ذكر أبي الحسين له في الطبقات لا يمنع كونه حنبليًا" (¬1). ويعتبر "النصيحة" من المصادر الثانوية التي اعتمد عليها السامري في "المستوعب" كما أفاد محققه في المقدمة (ص 52). 2 - أحكام النساء ذكره ابن النديم (ص 268). وهو فيما يبدو على غرار ما وصفت من كتاب الخلّال، المصنف بنفس العنوان. وهذا الكتاب أيضًا من المرجحات لكون الآجرّي من فقهاء الحنابلة، فإنهم عُرفوا بإفراد أحكام النساء بالتصنيف من لدن الإمام أحمد إلى ابن الجوزي. 3 - كتاب اللباس ذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (3/ 508) قائلًا: وروى أبو بكر الآجرّي من أصحابنا في "كتاب اللباس" ... إلخ. والكتاب يتناول ما يتعلق باللباس، كالعمائم والخواتم والنعال والجُبب والأقبية، أحكامًا وآدابًا، وما روي في دلك من السنن والآثار. وقد صنف في اللباس من الحنابلة كل من: الخلّال، والقاضي أبي يعلى، وابن البَنّا. 4 - تحريم النرد والشطرنج والملاهي. ذكره البغدادي في "ذيل كشف الظنون" (1/ 235) و"الهدية" (2/ 46). وذكره الزركلي (6/ 97). ¬

_ (¬1) أورد المرداوي المسألة المذكورة بما فيها من اختيار العكبري والآجرّي. ثم قال: قال ابن الجوزي: والآجرّي من أعيان أعيان أصحابنا. "الإنصاف" 18/ 19 - 20.

5 - كتاب مختصر الفقه

• مخطوطات الكتاب: منه نسخة في الظاهرية ضمن مجموع (42) تقع في (1 هـ) ورقة: (38 ق - 53 ق). • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب في الرياض (مطابع وإعلانات الشريعة) بتحقيق عمر غرامة العمروي، وصدر سنة (1400 هـ/ 1980 م). ثم طبع طبعة ثانية بدراسة وتحقيق واستدراك محمد سعيد عمر إدريس، وصدر عن دار إحياء السُّنة (الرياض) سنة (1404 هـ/ 1984 م). 5 - كتاب مختصر الفقه ذكره ابن النديم (ص 268). ولا نعلم عنه شيئًا. * * * 30 - غُلام الخَلّال (363 هـ) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يَزْداد، أبو بكر، البَغدادي، المعروف ب "غلام الخَلّال" لكثرة ملازمته له. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 119 - 127). له (¬1): 1 - الشافي. 2 - المقنع. 3 - الخلاف مع الشافعي. ¬

_ (¬1) ذكر كتبه القاضي أبو يعلى في كتابه "الإنتصار لشيخنا أبي بكر"، ومنها أخذها مترجموه. وسيأتي التعريف بكتاب "الإنتصار" لدى ذكر مصنفات القاضي أبي يعلى، وأورد محقق "شرح الزركشي" في الفهارس جملة من الكتب التي رجع إلبها الزركشي كثيرًا في كتابه المذكور، وسمّى من تلك الكتب: التنبيه - الخلاف - زاد المسافر - الشافي - المقنع.

1 - الشافي

4 - كتاب القولين. 5 - زاد المسافر. 6 - التنبيه. وكُتبه هذه تكاد تكون كلها متمحضة للفقه، وبذلك عظمت قيمتها، وأكثر الحنابلة من الإستفادة منها والإعتماد عليها. وفيها اختيارات أبي بكر عبد العزيز من الخلاف المروي عن الإمام أحمد، فإنه عُرف بكثرة الإختيارات (¬1)، واحتلّ بذلك مرتبة عالية في الإجتهاد في المذهب، وهو صنو الخرقي وأبي إسحاق البرمكي وابن شاقلا، وأضرابهم. وللأسف، فإن جميع مصنفات غلام الخلّال فُقدت منذ زمن بعيد، ولم نقف على شيء من نسخها الخطية. وهذا تعريف موجز بالكتب المذكورة واحدًا واحدًا. 1 - الشافي ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" (2/ 120)، وعزا إليه القاضي أبو يعلى في "العُدّة في أصول الفقه" (ص 749)، وكذا أبو الخطاب في "الإنتصار" (2/ 648 - مسائل الصلاة). وذكره الذهبي في "السير" (16/ 144)، وحكى عن القاضي أبي يعلى أنه يقع في نحو ثمانين جزءًا. وذكره البعلي في "المطلع" (ص 438). وذكره حاجّي خليفة في "الكشف" (ص 1522) والبغدادي في "الهدية" (1/ 577)، وقالا: في الحديث. وهذا غير صحيح. وأحال عليه ابن رجب في "قواعده" (ص: 82، 210، 227، 260، 336، 357، 360). واعتمد المرداوي على جزء منه في جملة مصادر كتابه "الإنصاف" كما صرح في المقدمة (ص 16). ¬

_ (¬1) أورد ابن أبي يعلى طرفًا منها في ترجمته من "الطبقات" 2/ 120.

2 - المقنع

• ما قيل في هذا الكتاب: قال الذهبي: "ومن نظر في كتابه "الشافي" عرف محلّه من العلم، لولا ما بَشَّعه بِغَضِّ بعض الأئمة، مع أنه ثقة فيما ينقله" (¬1). وقال ابن بدران: "وكثيرًا ما يقول أصحابنا: قاله أبو بكر عبد العزيز في "الشافي"، ونحو هذه العبارة" (¬2). وهذا يدل على أهمية الكتاب وكثرة الإستفادة منه. 2 - المقنع ذكره ابن أبي يعلى (2/ 120) وعزا إليه في كتابه التمام" (2/ 74)، والبعلي في "المطلع" (ص 438)، والذهبي في "السير" (16/ 144) وحكى عن القاضي أبي يعلى أنه يقع في نحو مئة جزء. وذكره ابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص: 26، 113، 308) وابن رجب في "القواعد الفقهية" (ص 26) والعليمي في "المنهج" (2/ 27 هـ) وابن بدران في "المدخل" (ص 41 هـ). ولا نعلم عنه شيئًا غير ذلك. 3 - الخلاف مع الشافعي وفي بعض الكتب يذكر باسم "الخلاف" على الإختصار. ذكره ابن أبي يعلى (2/ 120) والبعلي في "المطلع" (ص 438) والذهبي في "السير" (16/ 144). وعزا إليه القاضي أبو يعلى في "الروايتين" (1/ 143، 273، 302) وأبو الخطاب في "الإنتصار" (2/ 481 - مسائل الصلاة) واقتصرا على تسميته: "الخلاف" وكلذلك ابن رجب في "القواعد" (ص: 47، 339، 341) والمرداوي في "الإنصاف" (12/ 413). وذكر محقق كتاب "المستوعب" (ص 52) أن هذا الكتاب من جملة المصادر الثانوية التي اعتمد عليها السامري في كتابه المذكور. ¬

_ (¬1) السير 16/ 144. (¬2) المدخل ص 415.

وهذا الكتاب، على ما يبدو، جرد فيه عبد العزيز بن جعفر جملة المسائل الخلافية بين الإمامين الشافعي وأحمد، فاجتهد في تخريجها وترتيبها على الأبواب الففهية، وبيّن أدلة الإمام أحمد من المنقول والمعقول. ولا ويب أن هذا الكتاب يعدُّ أولَ تصنيف يصدر للحنابلة كاشفًا عن مدى تميز أحمد عن الشافعي، إلى حدّ أن خلافه ليس اختيارًا في مذهب الشافعي، كما وصف بعض المتقدمين، بل هو خلاف بين مذهبين مختلفين في المسألك والنتائج على حَدٍّ سواء. ولم يزل الحنابلة يؤلفون في خصوص تفردات (¬1) الإمام أحمد عن الشافعي، إلى أن كان آخرهم تصنيفًا في ذلك جمال الدين يوسف بن عبد الهادي المقدسي الصالحي (ت 909 هـ) صاحب التصانيف الكثيرة، في كتابه "قرّة العين في الخلاف والوفاق بين المذهبين" (¬2). وكما يأتى كتاب "الخلاف مع الشافعي" لغلام الخلّال في موقع التمييز بين المذهبين، فإن كتاب "الخلاف بين أحمد ومالك" لإبن المسلم (ت 387 هـ) يأتي هو الآخر في موقع التمييز بين مالك بن أنس وأحمد، ويبين تفردات هذا عن ذاك؛ ليصبح المذهب الحنبلي واضح الإستقلال بخطة اجتهادية ضمن مدرسة الحديث التي تولد منها مذهب مالك، فالشافعي، فأحمد. ولا نعلم أحدًا من علماء الحنابلة انتدب لإفراد الخلاف بين الإمام أحمد والإمام أبي حنيفة، وأصحابه، وريما يعود السبب في ذلك إلى الهوة السحيقة والمحاجزة السميكة بين مسلك أهل الرأي ومسلك أهل الحديث. على أن هذا لا ينفي وجود اتفاق بين الحنابلة والحنفية، بل نجدهم يتفقون في التفرد بالذهاب إلى ما لم يقل به غيرهم في عدد غير قليل من المسائل الخلافية ¬

_ (¬1) قال ابن بدران في "المدخل" (ص 420): المفردات: اسم لمؤلفات متعددة في هذا النوع، أشهرها عند المتأخرين الألفية المسماة بـ "النظم المفيد الأحمد في مفردات الإمام أحمد" للقاضي محمد بن علي بن عبد الرحمن بن محمد الخطيب، توفي سنة (820 هـ). (¬2) هناك من ألف بعد ابن عبد الهادي في هذا الموضوع، وهو العلَّامة الدمنهوري في كتابه "الفنح الرباني" إلا أنه جامِعٌ أكثرُ من كونه مصنفًا محققًا، وقد أثبت له محققه أوهامًا عديدة.

4 - كتاب القولين

الشهيرة، كإيجاب الصداق بالخلوة، وجعل علة ربا الفضل هي الكيل والوزن، وعدم جواز إجارة العين المستأجرة، واشتراط أربع مرات في الإقرار بالزنا، وتحديد عورة المرأة بالنسبة للأجانب، وغير ذلك. 4 - كتاب القولين ذكره ابن أبي يعلى (2/ 120) ونقل منه في كتابه "التمام" (1/ 137)، والبعلي في "المطلع" (ص 438) والعليمي في "المنهج" (2/ 275) والداودي في "طبقات المفسرين" (1/ 357). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (2/ 395). ومحتوى الكتاب فيما يظهر هو تجريد للمسائل الفقهية التي فيها قولان مرويان عن الإمام أحمد، وتوجيه كل منهما، مثال ذلك: إذا كانت النجاسة على الأرض وورد عليها الماء وانفصل غير متغير، فهل يكون الماء طاهرًا؟ قال أبو بكر في كتاب "القولين": "إذا لم تنشف الأرض أعيانها قولان: أحدهما: أن الماء المنفصل طاهر، قال: وبهذا أقول، والوجه فيه: أنه انفصل غير متغير بعد الحكم بطهارة المحلّ، فهو كما لو نشفها الأرض. والقول الثاني: الماء نجس؛ لأنه لو وردت النجاسة على هذا الماء نجسته، فكذا الورود عليها" (¬1). ونظرًا لوجود عدد لا بأس به من المسائل التي اختلف فيها القول عن أحمد، فإن علماء المذهب بحثوا في كيفية التصرف بإزاء ذلك، وقرروا قواعده وأصوله في مداخل وخواتم الكتب التي تُعنى بالمصطلحات، بالإضافة إلى الكتب المستقلة ببحث القواعد والأصول (¬2). ¬

_ (¬1) التمام لإبن أبي يعلى 1/ 137. (¬2) كما نجد ذلك في "تصحيح الفروع" للمرداوي (1/ 64 - 66) وفي كتابه "الإنصاف" (1/ 12، 13) و (30/ 368 - 370)، و"شرح مختصر الروضة" (3/ 621 - 628) و"ذيل الطبقات" لإبن رجب (1/ 360 - 361) و"المدخل" لإبن بدران (ص: 136 - 141).

5 - زاد المسافر

5 - زاد المسافر ذكره ابن أبي يعلى (2/ 120) والبعلي في "المطلع" (ص 438) والطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 621 - 627) والذهبي في "السير" (16/ 144). وأحال عليه، وابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 3 هـ، 463، 476، 3/ 1 هـ 2) وابن رجب في "القواعد" (ص 163) والمرداوي في "الإنصاف" (11/ 440، 22/ 276، 28/ 354). وغيرهم. وذكره الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 179) في معرض الكلام عن الكتب التي احتوت على نقد الإمام أحمد للأحاديث وبيان الصحيح من غيره، بذكر أسباب ضعف الحديث والعلل الموجبة لرده. وذكر معه "جامع الخلال" و"مسائل حرب". وذكره في موضع آخر (3/ 621) ونقل منه نصا. • ما قيل عن هذا الكتاب: لا يتوفّر من المعلومات ما يمكن به وصف "زاد المسافر" إلا شذرات يسيرة، من ذلك: 1 - أنه يحتوي في مقدمته على ذكر طبقة رواة المسائل من أصحاب الإمام أحمد (¬1). 2 - أنه يعتبر كتابًا جامعًا لمسائل الرواية عن اللإمام أحمد، فهو يضاهي كتاب "الجامع" لشيخه، وفي ذلك يقول الطوفي: " ... ثم انتدب لجمع ذلك أبو بكر الخلّال في "جامعه الكبير" ثم تلميذه أبو بكر في "زاد المسافر"، فحوى الكتابان علمًا جما من علم الإمام أحمد - رضي الله عنه -" (¬2). 3 - وصف ابن رجب نقل أبي بكر عبد العزيز في كتبه -ومنها زاد المسافر- بأنه لا يحافظ على اللفظ الذي وقع له، بل يذكره بمعناه، فحصل له من جرّاء ذلك تغيير شديد، فقال في ذلك: ¬

_ (¬1) شرح مختصر الروضة 3/ 627، الإنصاف 30/ 418. (¬2) شرح مختصر الروضة 3/ 627.

6 - التنبيه

"وأبو بكر كثيرًا ما ينقل كلام أحمد بالمعنى الذي يفهمه منه، فيقع فيه تغيير شديد، ووقع له مثل هذا في كتاب "زاد المسافر" كثيرًا" (¬1). 6 - التنبيه ذكره ابن أبي يعلى (2/ 120). وأحال عليه في كتابه "التمام" (1/ 82) وكذا والده في "الروايتين" (1/ 64) و"العدّة في أصول الفقه" (ص 526) وأبو الخطاب في "الإنتصار" (2/ 485 - قسم الصلاة) وابن اللحام في "القواعد الأصولية، (ص: 46، 80، 117، 144، 168، 353) واستكثر ابن رجب من الإحالة عليه في كتابه "القواعد" (¬2). وهذا الكتاب من أشهر كتب عبد العزيز بن جعفر رواجًا وتداولًا بين علماء المذهب، حتى إن المصادر المذكورة أعلاه لا تمثل إلا نماذج لتوثيق الكتاب. وكثرة اعتماد علماء المذهب عليه يدل على أهميته وكثرة فوائده، إلا أننا لا نعلم عن وصفه شيئًا. وهو معدود من جملة المصنفات التي ضَمَّن السامُرّي جميع محتواها في كتابه "المستوعب" (¬3)، كما نص المرداوي في مقدمة "الإنصاف" على أنه من جملة المتون التي اعتمد عليها (¬4). هذا، ويمكن أن نعتبر كتاب "التفسير" لغلام الخلال مصدرًا ثانويًا تبعيًا من مصادر الفقه الحنبلي وأصوله، فقد أفاد منه القاضي أبو يعلى في عدة مواضع في مباحث أصول الفقه (¬5). وحكى ابن اللحام عنه أنه اختار في تفسيره القول بوجوب كتابة المماليك إذا كانوا من ذوي الكسب والأمانة، قال: وذكرها في "التنبيه" روايةً، وهو ¬

_ (¬1) القواعد ص 162. (¬2) مثلًا: ص: 29، 33، 46، 84، 86، 88، 89، 138، 145. (¬3) المستوعب 1/ 76. (¬4) الإنصاف 1/ 16. (¬5) العُدّة ص: 192، 230، 697، 707، 713، 718، 946.

31 - ابن شاقلا (369 هـ)

متجه (¬1). وهذا يدل على اهتمام الكتاب ب آيات الأحكام. وأحال القاضي أبو يعلى في كتابه "العُدّة" (¬2) على "مجموع في مسائل" وجده بخط غلام الخلّال، فيحتمل أن يكون من جملة المصنفات التي لم ترد في ترجمته وذكر أخباره. * * * 31 - ابن شاقْلا (369 هـ) هو إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقْلا (¬3)، أبو إسحاق، البغدادي، البَزَّاز. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 128 - 139). له: شرح الخرقي ذكره القاضي أبو يعلى في "العُدّة" في مسألة تخصيص العموم بالقياس (ص 563)، فقال: وذكر أبو إسحاق في جزء وقع إليَّ من "شرح الخرقي" ... وفيه أيضًا في مسألة استصحاب حال الإجماع في محل الخلاف (ص 1265): وهو اختيار أبي إسحاق من أصحابنا: ذكره في الجزء الأول من "شرح الخرقي" ... ومع أن الإقتصار على ذو كنيته يوهم احتمال غيره، لكن صرّح أبو الخطاب في "التمهيد" (4/ 256) وابن قدامة في "الروضة" (1/ 392) و 2/ 169 - ط. المعارف) باسمه لدى الكلام على المسألتين المذكورتين. وقال القاضي في "الروايتين" (1/ 354) في مسألة بيع الحاضر للبادي: ¬

_ (¬1) القواعد والفوائد الأصولية ص 168. (¬2) ورد ذلك في المواضع التالية: ص: 105، 130، 488. (¬3) قال السمعاني في "الأنساب" (3/ 382): الشاقلاني: بفتح الشين المعجمة، والقات الساكنة بين الألف واللام ألف، هذه النسبة إلى بعض أجداد المنتسب إليه، وهو شاقلا. وأثبت البعلي ضبط اسمه كذلك بالسماع كما في "المطلع" (ص 430).

32 - أبو حفص البرمكي (387 هـ)

ذكره هذه الرواية -إشارة إلى جواز بيع الحاضر للبادي- أبو إسحاق ابن شاقلا. وأشار ابن قدامة في "المغني" (6/ 359 - ط. هجر) قائلًا: ونقل أبو إسحاق ابن شاقلا في جملة سماعاته أن الحسن بن علي المصري سأل أحمد عن بيع حاضر لبادٍ ... إلخ. ولعل اختياراته المنسوبة إليه في الكتب والمصنفات الفقهية والأصولية ترجع إلى هذا الكتاب؛ فإن العادة أن من كان معروفًا بكتاب واحد أن يذكر اسمه دون كتابه. وذكر له المرداوي في "الإنصاف" (12/ 205) كتابًا آخر باسم: التعليق. * * * 32 - أبو حَفْص البَرْمَكي (387 هـ) هو عمر بن أحمد بن إبراهيم، أبو حَفْص، البَرْمكي، توفي سنة (387 هـ) وقيل: سنة (389 هـ). ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 153 - 155). له: 1 - المجموع. 2 - شرح بعض مسائل الكوسج. 3 - الصيام. 4 - كتاب حكم الوالدين في مال ولدهما. 5 - كتاب أحكام الملل. وهذا تعريف موجز بالكتب المذكورة: 1 - المجموع ذكره ابن أبي يعلى (2/ 153) في ترجمته، و (1/ 174) في ترجمة صالح بن الإمام أحمد. وذكره العليمي في "المنهج" (2/ 298) وابن القيم

2 - شرح بعض مسائل الكوسج

في "تهذيب سنن أبي داود" (5/ 112) والزركلي (5/ 40). ولا نعلم عنه شيئًا غير ذلك، إلّا أن هذا لا يغض من أهمية الكتاب، فإن أبا حفض البرمكي معدود في جملة من يكثر ذكرهم في مصادر الفقه الحنبلي، وهذا يحتمل أن يكون علماء المذهب قد استفادوا من كتاب "المجموع" مع إغفال تسميته لسبب قد يعود إلى أنه الكتاب الوحيد من جملة كتبه الذي مع فيه مسائل الرواية عن أحمد، وهذا نظير كتاب "الجامع" للحسن بن حامد، فإن عامة علماء المذهب لا يذكرون اسم الكتاب، على كثرة ما يعزون إلى مؤلفه من اختلاف الرواية في الفقه والأصول وغيرها. والله أعلم. 2 - شرح بعض مسائل الكوسج ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" (2/ 153) ووالده في "الروايتين، (1/ 254) والعليمي في "المنهج" (2/ 298) والزركلي (5/ 40). وخرّج ابن القيم شيئًا منه في كتابه "بدائع الفوائد" (المجلد الثاني) مما انتقاه القاضي أبو يعلى بخطه. وهو نحو ستة أجزاء. و"مسائل الكوسج" هي المسائل الفقهية التي دوَّن أجوبتها إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج (ت 251 هـ) عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه. وسبق التعريف بها في موضعها (¬1). 3 - الصيام ذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 781). وخرّج ابن القيم جزءًا منه في كتابه "بدائع الفوائد" (المجلد الثاني) مما انتقاه القاضي أبو يعلى من هذا الكتاب بخطه. 4 - كتاب حكم الوالدين في مال ولدهما ذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 781). وأفاد منه ابن رجب في "قواعده" (ص 87). وخرّج ابن القيّم بعضًا منه في كتابه "بدائع الفوائد" (المجلد الثاني) مما انتقاه القاضي أبو يعلى من هذا الكتاب بخطه. ¬

_ (¬1) في الصفحة (1).

5 - أحكام الملل

5 - أحكام الملل ذكره ابن القيّم في كتابه "بدائع الفوائد" (المجلد الثاني) وخرَّج بعضًا منه عن القاضي أبي يعلى مما انتقاه بخطه. وذكر له ابن مفلح في "الآداب" (1/ 317) كتابًا آخر باسم "الهبات". وذكر له ابن القيّم في "بدائع الفوائد" (2/ 402 - دار البيان) كتابًا باسم "شرح مبسوط الخلال" وأفاد منه بعض النقول. * * * 33 - ابن المُسْلِم (387 هـ) هو عمر بن إبراهيم بن عبد الله، أبو حَفْص، العكبَري، المعروف "بابن المُسْلِم". ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 163 - 166). ويشتبه مع أبي حفص البرمكي في: اسمه، وكنيته، وتاريخ وفاته، والمشاركة في بعض الشيوخ، كالنجاد وأبي بكر عبد العزيز وعمر بن بدر المغازلي. ويتميز ابن المسلم بأنه صاحب اختيارات وأقوال في المذهب الحنبلي. وظن بعض المؤلفين أن قول ابن أبي يعلى: "له الإختيارات في المسائل المشكلات" كتاب من كتبه (¬1). له: 1 - المقنع. 2 - شرح الخرقي. 3 - الخلاف بين أحمد ومالك. 4 - الأدب. ¬

_ (¬1) المدخل المفصل ص: 916 - 967.

1 - المقنع

5 - الإجارات. وهذا تعريف موجز بالكتب المذكورة: 1 - المقنع ذكره ابن أبي يعلى (2/ 163) والبعلي في "المطلع" (446) والعليمي في "المنهج" (2/ 300). 2 - شرح الخرقي ذكرته المصادر السابقة، والقاضي أبو يعلى في "الروايتين" (1/ 274). وأحال عليه ابن أبي عمر في "الشرح الكبير" (¬1). 3 - الخلاف بين أحمد ومالك ذكرته المصادر السابقة. وهو كتاب تتبع فيه مصنفه المسائل الفقهية التي وقع فيها خلاف مذهبي بين الإمامين: أحمد بن حنبل ومالك بن أنس. ولعل ابن المسلم تأثر بشيخه أبي بكر عبد العزيز حين صنف كتاب "الخلاف مع الشافعي" وأُعجب بهذا النوع البديع من التأليف، فانقدحت في نفسه فكرة تخريج أفراد أحمد عن مالك. ويعتبر الكتابان كلاهما من المصادر المبكرة في معرفة الخلاف العالي بين أحمد وغيره من الأئمة، وفي تكوين ديوان "المفردات" الحنبلية (¬2) الذي صنف فيه كوكبة من الحنابلة تعاقبت على توالى السنين. 4 - الأدب ذكره ابن مفلح في "الآداب" (1/ 356، 458، 2/ 163، 192، 320). ¬

_ (¬1) الشرح الكبير المطبوع مع الإنصاف 12/ 59. (¬2) المفردات: هي المسائل الفقهية التي تفرد الإمام أحمد فيها بحكم، بحيث لم يوافقه غيره من الفقهاء الثلاثة، وذلك: كقوله بجواز فسخ الإفراد والقران إلى التمتع، وقبوله شهادة أهل الذمة على المسلمين عند الحاجة؛ كالوصية في السفر، وقوله بتحريم نكاح الزانية حتى تتوب، وقوله بجواز شهادة العبد، وتوله بأن السُّنَّة للمتيمم أن يمسح الكوعين بضربة واحدة.

5 - الإجارات

وهو معدود -كغيره من كتب الأدب عند الحنابلة- مصدرًا من المصادر الثانوية للفقه الحنبلي. 5 - الإجارات ذكره القاضي أبو يعلى في "الأحكام السلطانية" (ص 308). * * * 34 - ابن بَطَّة (387 هـ) هو عُبيد الله بن محمد بن محمد بن حَمدان، أبو عبد الله، العُكبري، المعروف بـ "ابن بَطَّة". ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 144 - 153). له (¬1): 1 - المناسك. 2 - النهي عن الصلاة النافلة بعد العصر وبعد الفجر. 3 - منع الخروج بعد الأذان والإقامة بغير حاجة. 4 - إيجاب الصداق بالخلوة. 5 - إبطال الحيل. 6 - الرد على من قال: الطلاق الثلاث لا يقع. 7 - الحمّام. 8 - جوابات مسائل البرمكي. 9 - جوابات مسائل ابن شاقلا. 10 - تحريم نكاح المتعة. 11 - تحريم الخمر. ¬

_ (¬1) ذكر كثيرًا من مصنفاته الدكتور سليمان بن عبد الله العمير في مقدمة تحقيق "إبطال الحيل" ص: 17 - 26.

1 - المناسك

12 - تحريم النبيذ. 13 - أحكام النساء. 14 - النكاح. 15 - الطرقات. 16 - جزء فيه اتخاذ السقاية والمطاهر في رحبة المسجد. وتتسم مصنفاته على العموم بكونها مباحث جزئية في أبواب من العلم أو في مسائل مفردة هي من مفاريد المذهب في غالبها. وهذا تعريف بالكتب المذكورة من مصنفاته: 1 - المناسك ذكره ابن أبي يعلى (2/ 152). ولابن بطة جزء في "مسألة فسخ الحج إلى العمرة" أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في "شرح العمدة"، فقال: " ... لما روى ابن بطة في مسألةٍ أفردها في الفسخ، عن جابر ابن عبد الله ... إلخ" (¬1). 2 - النهي عن الصلاة النافلة بعد العصر وبعد الفجر ذكره ابن أبي يعلى (2/ 152) وأشار إليه الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (¬2). وقد ورد في هذه المسألة نص صريح في حديث صحيح. 3 - منع الخروج بعد الأذان والإقامة لغير حاجة ذكره ابن أبي يعلى (2/ 152). وقد ورد في هذه المسألة نص من السُّنة (¬3). وله كتب أخرى في الصلاة، منها: ¬

_ (¬1) شرح العمدة، كتاب المناسك 1/ 507، مكتبة الحرمين، الرياض، 1409 هـ. (¬2) مقدمة تحقيق: "إبطال الحيل" ص 24. (¬3) فقد رأى أبو هريرة - رضي الله عنه - رجلًا خرج من المسجد وقد أذن الموذن، فقال: أمّا هذا فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه مسلم (655) (258) وأبو داود (536) والترمذي (204) والنسائي 2/ 29. وابن ماجة (733). قال المرداوي في "الإنصاف" (3/ 112): لا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان بلا عُذرٍ أو نية الرجوع، على الصحيح من المذهب.

4 - إيجاب الصداق بالخلوة

- صلاة الجماعة. - الإمام ضامن. 4 - إيجاب الصداق بالخلوة ذكره ابن أبي يعلى (2/ 1 هـ 2)، وأشار إليه والده في "العُدَّة" (4/ 1229)، فقال: وذكر ابن بطة في مسألة أفردها: أن الخلوة تكمل بالصداق ... إلخ. والكتاب في باب الصداق من كتاب النكاح، في مسألة حصول الخلوة بين الزوج والزوجة، قبل الدخول بها، وهما على صفة يمكن وطؤها فيها، أو على صفة لا يمكن معها ذلك، هل يجب عليه كامل الصداق فيما إذا طلقها قبل الدخول الحقيقي، أم لا؟ والقول بإيجاب المهر بالخلوة في النكاح واستقراره بها من تفردات المذهب الحنبلي عن الشافعي (¬1). 5 - إبطال الحيل ذكره القاضي أبو يعلى في "العُدة" (5/ 1 هـ 99) وسماه "الرد على من أفتى في الخلع" وابن تيمية في "إقامة الدليل على بطلان التحليل" (ص 99) وسماه "الرد على من يفتي بخلع اليمين" وكذلك (ص 84) وسماه "مسألة خلع اليمين". وأشار إليه أبن القيم في "الإعلام" (4/ 199 - ط. عبد السلام شقرون). وذكره ابن مفلح في "الفروع" (5/ 361) والمرداوي في "الإنصاف" (8/ 424 - ط. الفقي". وأخرج ابن أبي يعلى منه عدة نصوص بإسناده إلى المؤلف في كتابه "الطبقات" (2/ 148 - 152). • مخطوطات الكتاب: ذكر الدكتور سزكين (¬2) أن له نسخة خطية في ظاهرية دمشق، ولم نتحقق من ذلك بالحصول على رقمها. • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب ثلاث طبعات: ¬

_ (¬1) الفتح الرباني للدمنهوري 2/ 178 - 179، ط. دار العاصمة. (¬2) تاريخ التراث العربي 1/ 3/ 239.

1 - في مطبعة المنار بالقاهرة سنة (1349 هـ/ 1931 م) بعنوان "جزء في الكلام على مسألة الخلع وما يحل منه وما لا يحل ... " ضمن مجموعة من الرسائل (من ص 20 إلى ص 53) بعنوان "من دفائن الكنوز" (¬1)، وهي خمس رسائل، أشرف على نشرها الشيخ محمد حامد الفقي. 2 - وفي بيروت في المكتب الإسلامي سنة (1403 هـ / 1983 م) باسم "إبطال الحيل"، وهىِ طبعة مستقلة بحجم الكف تقع في (27) صفحة، ويلاحظ عليها أنها منسوخة من الطبعة المصرية بصف جديد وتعليقات وتخريجات مختصرة. 3 - وطبعة ثالثة في مؤسسة الرسالة (بيروت) سنة (1417 هـ/ 1996 م) باسم "إبطال الحيل" بدراسة وتحقيق وتعليق الدكتور سليمان بن عبد الله العمير، وذكر المحقق أنه لم يتوفر على أصول خطية للكتاب، فاعتمد على النسختين المطبوعتين. وجاء في آخر الكتاب: "تَمَّ كتاب الرد على من أفتى بالخلع في غير موضعه وصفة الذي تحل له الفتوى ويجوز للناس أن يستفتوه ويقلدوه. والحمد لله أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. علقه لنفسه محمد بن محمد بن بكر بن أحمد بن عبد الدائم المقدسي حامدًا لله من نسخة سقيمة كثيرة الغلط، واجتهدت فيها على ما أطيق". • وصف الكتاب: أصل هذا الكتاب ومنشؤه جواب عن سؤال وُجَّه إلى ابن بطة، فحواه: أن رجلًا حلف بالطلاق ثلاثًا إن لم يقتل رجلًا مسلمًا لأجل خصومة جرت بينهما، فلم يجد مخلصًا ليمينه حتى أفتاه أحد الحنابلة بأن يطالب زوجته بالإختلاع منه؛ لتبين بذلك، فتسقط يمين الطلاق، ثم يستأنف نكاحها. فصنف ابن بطة كتابه هذا في الرد على هذه الفتوى، واحتوى الرد على: ¬

_ (¬1) تاريخ التراث العربي لسزكين 1/ 3/ 239.

6 - الرد على من قال: الطلاق الثلاث لا يقع

1 - مقدمة مطولة ضمّنها صفة الفقيه الذي يجوز تقليده والفزع إليه عند المشكلات. فأورد جملة من الآيات، وأردفها بجملة من الآثار عن السلف في هذا الموضوع. 2 - الرد على الفتوى المرسومة. 3 - الإستدلال على بطلان الحيل من الكتاب والسنة وأقوال السلف، وتقرير مذهب الإمام أحمد في الموقف من الحيل، وأنه لا يأخذ بها. 4 - التحذير من الجرأة على الفتوى. ويعتبر هذا الكتاب أول تصنيف يصدر للحنابلة -فيما أعلم- في إبطال الحيل الفقهية، ثم تلاه: القاضي أبو يعلى (ت 458 هـ) ونجم الدين الطوفي (ت 716 هـ) وشيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ). والذي يمكن تلخيصه في هذا المقام أن المذاهب الفقهية الأربعة على قسمين: - قسم منهم يتبنى القول بالحيل الفقهية ويجيزها، ويقع المذهب الحنفي في المرتبة الأولى من هذا القسم، يليه المذهب الشافعي. - قسم يرفض القول بالحيل ويمنعها ويرى أنها متعارضة مع مقاصد الشرع من وضع التكاليف وتشريع الأحكام، ويقع المذهب الحنبلي في المرتبة الأولى منه يليه المذهب المالكي (¬1). 6 - الرد على من قال: الطلاق الثلاث لا يقع ذكره ابن أبي يعلى (2/ 152) والذي يترجح من الدراسة السابقة أنه هو نفس كتاب "إبطال الحيل" فلا ينبغي أن يُعرَّج على اعتبار المحقق إياه كتابًا مستقلًا. ¬

_ (¬1) هناك رسالتان علميتان ألَّفتا في هذا الموضوع: الأولى: الحيل في الثريعة الإسلامية. لمحمد عبد الوهاب بحيري - طُبعت سنة 1394 هـ. الثانية: الحيل الفقهة في المعاملات المالية. لمحمد بن إبراهيم. طبعت سنة 1403 هـ.

7 - الحمام

7 - الحمّام ذكره السامُري في "المستوعب" (1/ 253) وأفاد محققه أنه من الصادر الثانوية التي اعتمد عليها المصنف في كتابه هذا (¬1). وموضوعه في ذكر مشروعية الحمّام وبيان أحكامه وآدابه. وقد سبقت اللإشارة إلى ذلك لدى الكلام على كتاب "الحمّام" للإبراهيم الحربي (ت 285 هـ). 8 - جوابات مسانل البَرْمَكي ذكره القاضي أبو يعلى في "العُدّة" (5/ 1598) ونقل ابن القيم عنه في "الإعلام" (1/ 48 - ط. إحياء التراث العربي). ولا أجزم بأن مضمونه مسائل فقهية أو أصولية، إلا بقرينة أن المكاتبات بين العلماء تكون عادة في الموضوعات الأصولية، وأن المسألة المذكورة في الإحالة المشار إليها في "العدَّة" و"الإعلام" تتعلق بأدب الفتوى، فقد قال القاضي: "ذكر ابن بطة في مكاتباته إلى البرمكي: لا يجوز له أن يفتي بما يسمع من يفتي، إنما يجوز أن يقلد لنفسه، فأما أن يتقلد لغيره، ويفتي به، فلا". اهـ. والله أعلم. 9 - جوابات مسائل ابن شاقْلا ذكره القاضي أبو يعلى في "العُدَّة" (5/ 1578) ونقل عنه. 10 - تحريم نكاح المتعة ذكره ابن أبي يعلى في كتابه "المسائل التي حلف عليها أحمد" ونقل منه ثلاثة نصوص (¬2)، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في "قاعدة في العقود" (¬3). 11 - تحريم الخمر ذكره ابن أبي يعلى (2/ 152). ¬

_ (¬1) المستوعب 1/ 52. (¬2) جزء المسائل ص: 82 - 84، ط. دار العاصمة الرياض، 1407 هـ. (¬3) نظرية العقد ص 201، ط. دار المعرفة، بيروت.

12 - تحريم النبيذ

12 - تحريم النبيذ ذكره ابن قدامة فى "المغني" (6/ 318 - ط. هجر) ونقل منه نصا. ويمكن أن يكون هو وكتاب "تحريم الخمر" اسمين مختلفين لمسمى واحد، فليحقق. 13 - أحكام النساء ذكره ابن قدامة في "المغني" (10/ 224 - ط. هجر) ونقل منه نصًا. وذكره المرداوي في "الإنصاف" (21/ 412، 421). 14 - النكاح ذكره القاضي أبو يعلى في "الأحكام السلطانية" (ص 297). 15 - الطرقات ذكره ابن رجب في القاعدة الثامنة والثمانين؛ في الإنتفاع وإحداث ما ينتفع به من الطرق المسلوكة في الأمصار والقرى وهوائها وقرارها (¬1). 16 - جزء فيه اتخاذ السقاية والمطاهر ذكره بدر الدين الزركشي الشافعي في كتابه "إعلام الساجد بأحكام المساجد" (ص 383). وتوجد منه نسخة خطية بجامعة أم القرى برقم (43) مصورة عن نسخة محفوظة بمكتبة جامعة برنستون برقم (1852) (1506) وتقع في (26) ورقة. * * * 35 - ابن حَامدِ (403 هـ) هو الحسن بن حامد بن علي بن مروان، أبو عبد الله، البغدادي. شيخ المذهب: أول من لُقِّب بذلك فيما أعلم. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 171 - 177). له: ¬

_ (¬1) القواعد ص 194.

1 - الجامع في المذهب

1 - الجامع في المذهب. 2 - تهذيب الأجوبة. 3 - شرح الخرقي. 4 - أصول الفقه. وهذا تعريف موجز بالكتب المذكورة: 1 - الجامع في المذهب ويسمى "جامع المذهب" و"الجامع" على الإختصار. ذكره ابن أبي يعلى (2/ 171) وحزر حجمه بنحو أربع مئة جزء، أي ما يقارب العشرين مجلدًا. ويبدو أن هذا الكتاب فُقد منذ زمن بعيد، فلا نجد علماء المذهب يعزون إليه باسمه، ولا ينقلون منه بالنص، إلا أن القاضي أبا الحسين ساق مقدمة هذا الكتاب في ضمن ترجمته، والتي جاء فيها: "اعلم أن الذي يشتمل عليه كتابنا هذا من الكتب والروايات المأخوذة، من حيث نقل الحديث والسماع منها: كتاب الأثرم، وصالح، وعبد الله، وابن منصور، وابن إبراهيم، وأبو داود، والميموني، والمرّوذي، وأبو الحارث، وأبو طالب، وحنبل، وعلي بن سعيد، ومُهنا، وأبو النضر، وأبو الصقر، ويعقوب بن بختان، وإبراهيم بن هانئ، وحمد بن علي، وجعفر بن محمد النسائي، وعبد الكريم بن الهيثم، وأحمد بن القاسم، وزكريا بن الفرج، ومحمد بن الحكم، وابنه بكر، وحرب الكرماني، ويوسف بن موسى، وأحمد بن أصرم المزني، ومحمد بن يحيى الكحّال، وابن مُشَيْش، وأبو زرعة، ومسلم بن الحجاج، والمُشْكاني (¬1)، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن هشام، وكتاب الخرقي". ¬

_ (¬1) المشكاني هو أبو طالب المذكور في صدر الجريدة، لأنه لا يعرف بهذه النسبة غير أبي طالب من أصحاب الإمام أحمد، وهو: أحمد بن حميد أبو طالب المشكانى، المتوفى سنة (244 هـ). الأنساب 5/ 306 والطبقات 1/ 39.

ثم ساق الأسانيد إلى أصحاب مسائل الرواية المذكورين بالإضافة إلى "مختصر الخرقي" (¬1)، وهي أسانيد جياد تحصر طرق الرواية للفقه الحنبلي من لدن إمامه (ت 241 هـ) إلى خاتمة علمائه المتقدمين: الحسن بن حامد (ت 453 هـ). وقد استوعب المصنِّف (33) كتابًا من كتب المسائل والتي تُعدّ مع الخرقي أصول "الجامع"، ورتبها كتبًا وأبوابًا، فوضُح السبيل إلى معرفة الخلاف في الرواية أكثر، وأصبح سهل المنال؛ ليتمهد الطريق من وراء ذلك إلى الطبقة اللاحقة فتعمل في التنقيح والتلخيص والتوجيه والإختيار وتصنيف المتون الميسرة المختصرة. ثم إن ابن حامد علق على الروايات المختلفة التي وقعت له ولمن قبله عن الإمام أحمد، بأنه يجب قبولها ما دام أصحابها "أثباتًا فيما نقلوه، أمناء فيما دونوه، وواجب تقبل كلل ما نقلوه، وإعطاء كل رواية حظها على موجبها، ولا تُعدّل رواية وإن انفردت، ولا تُنفى عنه، وإن غَرُبت، ولا ينسب إليه في مسألة الرجوع إلا ما وجد ذلك عنه نصًا بالصريح، وإن نُقل: "كُنت أقول به وتركناه"، وإن عَرِي عن حدّ الصريح في الترك والرجوع أُقِرَّ على موجبه، واعتبر حال الدليل فيه لاعتقاده؛ بمثابة ما. اشتهر من روايته" (¬2). ثم عطف بالكلام على رواية إسحاق بن منصور الكوسج، وتخطئة من يُلَيِّن القول فيها بزعم أنها من جملة ما رجع عنه الإمام أحمد، بَيْد أن الحقيقة على خلاف ذلك، فقد أجازه بها ثانية وأثنى عليه. وليس لدينا من المعلومات ما يجيز بالموازنة بين "جامع ابن حامد" و"جامع" الخلال و"زاد المسافر" لأبي بكر عبد العزيز، إلا أن القاسم المشترك بين الكتب الثلاثة هو أنها حوت جملة كبيرة من الرواية لفقه الإمام أحمد، بحيث لم يشذ من ذلك إلا القليل النادر. والله أعلم. ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 171 - 174. (¬2) من مقدمة "الجامع" التي أثبتها ابن أبي يعلى في "الطبقات" 2/ 174 وعنه العليمي في "المنهج" 2/ 317.

2 - تهذيب الأجوبة

2 - تهذيب الأجوبة ذكره ابن أبي يعلى (2/ 171). واعتمده المرداوي في جملة مصادر كتابه "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 16). ولخصه في آخر كتابه المذكور لدى ذكر مصطلحات الإمام أحمد الفقهية (¬1). • مخطوطات الكتاب: توجدمنه نسخة في مكتبة برلين برقم (4784) تقع في (95) ورقة، كُتبت حوالي سنة (900 هـ) (¬2) ولديَّ نسخة (ميكرو فيلم) ونسخة مصورة عنها أيضًا. • طباعة الكتاب: طُبع بتحقيق الحاج صبحي السامُرَّائي. ثم حُقق رسالة دكتوراه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة (1415 هـ)، حققه عبد العزيز القايدي، ووضع في هوامشه حواشيَ وتعليقاتٍ قيمة. • وصف الكتاب: يصنف هذا الكتاب في كتب المصطلحات المستعملة في الألفاظ الفقهية، وعلى الخصوص في لسان إمام المذهب: أحمد بن حنبل، فقد تتبع كلامه من خلال أجوبته التي دونها الأصحاب رواة المسائل. فكتاب "تهذيب الأجوبة" يخلّص مصطلحات الإمام في أجوبته المعبرة عن مذهب 5 من الإحتمالات المتعددة ببيان معناها وفَسْر المراد منها، وذلك كالتعبير عن أحكام التكليف ودرجاته، من: الواجب والمندوب والحرام والمكروه والمباح. ويحتوي الكتاب في مجمله على أربعين بابًا، يندرج تحت بعضها فصول ومسائل. ¬

_ (¬1) الإنصاف 30/ 367 - 381. (¬2) تاريخ التراث العربي 1/ 3/ 240.

3 - شرح الخرقي

ويعتبر هذا الكتاب، بحكم أسبقيته واعتماده على النقل بالرواية والسند، دمدة من جاء بعد 5 من المصنفين في هذا الشأن، لإبن حمدان في كتابه "صفة الفتوى" وابن مفلح في مقدمة "الفروع" والمرداوي في "تصحيحه"، وفي رسالة مستقلة سماها "قاعدة نافعة جامعة لصفة الروايات المنقولة عن الإمام أحمد - رضي الله عنه -. والأوجه والإحتمالات الواردة عن أصحابه - رضي الله عنهم - وغفر لهم وللمؤمنين"، وهي مذكورة في آخر "الإنصاف". واعتمد عليه الشيخ بكر أبو زيد في الجزء الأول من كتابه "المدخل المفصل". 3 - شرح الخرقي ذكره ابن أبي يعلى (2/ 171) وأبو الخطاب في "الإنتصار" (2/ 468، 507، 525). 4 - أصول الفقه ذكره ابن أبي يعلى (2/ 171) باسم "شرح أصول الفقه" وذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 120) باسم "كتاب الأصول". * * * 36 - أبو الفَضْل التَّميمي * (410 هـ) هو عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث بن أسَد: أبو الفَضْل، التميمي، البغدادي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 179). له: ¬

_ * آل التميمي من الحنابلة في بغداد ينتسبون إلى عبد العزيز بن الحارث بن أسد أبي الحسن التميمي (ت 371 هـ)، الذي صنف في الأصول والفروع والفرائض، لكن لم نطلع على أسماء شيء من مصنفاته. وله من الأولاد العلماء: عبد الواحد أبو الفضل (ت 410 هـ) وعبد الوهاب أبو الفرج (ت 425 هـ)، ومن أحفاده شيخ أهل العراق في زمانه أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب (ت 488 هـ) صاحب "شرح الإرشاد" وغيره.

أصول الفقه

أصول الفقه ذكره القاضي أبو يعلى في "العُدَّة" (2/ 697). * * * 37 - القَطَّان (424 هـ) هو أحمد بن إبراهيم، أبو طاهر، البغدادي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 182) ترجمة موجزة، وذكر له: 1 - التعليق. 2 - التحقيق. 3 - الفرائض. 4 - الأصول. * * * 38 - الحَسَن العُكْبَري (428 هـ) هو الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي بن شهاب، أبو علي، العُكْبَري. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 186). له: 1 - رسالة في أصول الفقه. 2 - المبسوط. وقال ابن أبي يعلى: له المصنفات في الفقه والفرائض والنحو. ولم يسم شيئًا من تلك المصنفات.

1 - رسالة في أصول الفقه

1 - رسالة في أصول الفقه • مخطوطة الكتاب: توجد منه نسخة خطية محفوظة في الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية، تحت رقم (4/ 345) تتألف من (10) ورقات في (24) سطرًا، منسوخة بخط فارسي نيِّر، نسخها الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان الحنبلي في شعبان ليلًا سنة (1333 هـ). أولها: الحمد لله ذي الحجج البوالغ والنعم السوابغ ... اعلم فهمك الله ونفعك به أن أحكام الفقه سبعة ... ... ... ... ... ... ... . . وآخرها: فمن أراد الإستيعاب في هذا العلم فعليه بالنظر في كتابنا "المبسوط"، فقد أودعناه أحكام الفقه وأصوله. • طباعة الكتاب: طُبعت هذه الرسالة عن النسخة الوحيدة المذكورة، حققها الدكتور موفق ابن عبد الله، ونشرته المكتبة المكية بمكة المكرمة سنة (1413 هـ / 1993 م). 2 - المبسوط ذكره المؤلف في الرسالة السابقة، وأفاد أنه كتاب مطوَّل مشتمل على الفقه وأصوله. * * * 39 - الشَّريف ابنُ أبي مُوسى (428 هـ) هو محمد بن أحمد بن أبي موسى، أبو علي، الشَّريف القاضي، عم الشريف أبي جعفر، الهاشمي، البغدادي. ترجمه القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 182 - 186). له: 1 - الإرشاد.

1 - الإرشاد

2 - شرخ الخرقي. 3 - المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد. وأشهرها وأكثرها ذكرًا في الكتب "الإرشاد" حتى إن العزو المطلق لأقواله يتوجه إلى هذا الكتاب. 1 - الإرشاد ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" (2/ 182) والعليمي في "المنهج" (2/ 337). وأشار إليه الشيرازي في "طبقات الفقهاء" (ص 174) بقوله: له مصنَّف مليح. واعتمد عليه ابن قدامة في "المغني" وابن قاضي الجبل في "الفائق" والمرداوي في "الإنصاف" والحجاوي في "الإقناع". وضمَّنه السامُرّي كتابه "المستوعب" كما نص على ذلك في المقدمة إذ قال: "وضمَّنتُ كتابي هذا من أصول المذهب وفروع 5 ما استوعب جميع ما تضمن 5 مختصر الخرقي"، و"التنبيه" لغلام الخلّال، و"الإرشاد" لإبن أبي موسى (¬1) ... إلخ. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات، محفوظة برقم (14382)، وهي مصورة عن أصل خطي موجود في المكتبة الوطنية بباريس رقم (1105). عدد ورقات الأصل (162) ورقة مكتوبة بخط معتاد مقروء، فرغ منه ناسخه أحمد بن علي بن سلام نهار السبت التاسع من رجب سنة (892 هـ)، ولدي صورة منها. ويوجد باب الإعتقاد الذي في أول الكتاب في ورقتين ضمن مجموع في العقائد محفوظ في مكتبة شهيد علي (تركيا) برقم 2763/ 2 (من 30 ب -32 ب) كتب سنة (668 هـ). كما أخرج الرسالة برمتها ابن أبي يعلى في ترجمة المصنف. ¬

_ (¬1) المستوعب 1/ 76.

• طباعة الكتاب: حُقّق الكتاب تحقيقين: الأول: في رسالة جامعية تقدم بها الطالب عبد الرحمن بن محمد الجار الله، لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قسم المعهد العالي للقضاء. الثاني: وفقني الله تعالى لتحقيقه، وصدر عن مؤسسة الرسالة في مجلد واحد سنة (1419 هـ / 1998 م). • وصف الكتاب وتقييمه: يعتبر كتاب "الإرشاد" من الكتب المهمة التي أُلّفت في الفقه الحنبلي المجرد، على طريقة المتقدمين، ويعتبر صاحبه ذا مشاركة في الخلاف المذهبي، فكثيرًا ما يُذكر في الإختيارات والوجوه والإحتمالات والتخريجات. وقد تميز هذا الكتاب عن غيره بصغر حجمه وسهولة عبارته ووضوحها، واعتنى مصنفه بذكر الأقوال والروايات عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- لكنه يطلقها ولا ينسُبُها، ويرسلها ولا يخرِّجها، ولم يكتف بذلك، بل كان يُرجِّح فيما بينها، ويختار بعضها أحيانًا بقوله: "وهو اختياري"، وأحيانًا يقول: "والذي عليه العمل عندي"، أو: "والأول أحبّ إليّ"، أو: "وبهذا أقول"، إلى غير ذلك من العبارات المبثوثة في معظم أبواب الكتاب. ووشّى كتابه -رَحِمَهُ اللهُ- بذكر الأدلة من الكتاب والسنة، وبذكر التعليل لبعض الأحكام. كما تميز هذا المتن بوضع مقدمة في الإعتقاد (¬1) عقد بها الباب الأول، مخالفًا بذلك ما هو معتاد في التصنيفات الفقهية من تجريدها عن العلوم ¬

_ (¬1) ذكر الدكتور فؤاد سزكين (1/ 3/ 242) أن هذه المقدمة تعتمد على "كتاب الإعتقاد" لأبي الفضل التميمي (ت 410 هـ) الذي نشره محمد حامد الفقي ملحقًا بكتاب "الطبقات" لإبن أبي يعلى.

2 - شرح الخرقي

الأخرى، وترجم هذا الباب بعنوان: "باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب الديانات"، ضمنه جواهر مسائل العقيدة، ويبدو أنه تبع في ذلك طريقة أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي (ت 386 هـ) في كتابه "الرسالة" الذي صدّره بنفس الباب، كما أن الباب الجامع منه -وهو خاتمة الأبواب - يتشابه في محتوا 5 مع جامع "الرسالة" المذكورة. ثم ثنّى بباب في فضل العلم والفقه في الدين، وبعض الشذرات من أصول الفقه. وفى الأخير عقد المؤلف بابًا جامعًا ذكر فيه جملًا من الفرائض والسنن المؤكدات والرغائب والآداب، جعله بابًا مختصرًا طوى فيه نشر ما بسطه في أبواب الكتاب. ليقدم لطالب العلم من خلاله خلاصة مقتضبة ينتفع بها. • الأعمال التي تمت عليه: شرحه تلميذه أبو محمد رزق الله التميمي البغدادي (ت 488 هـ) كما سيأتي. 2 - شرح الخرقي ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" (2/ 182) وقال: شاهدت أجزاء بخطه من شرحه لكتاب الخرقي. وذكره ابن اللحام في "القواعد" (ص 13). ولا نعلم عنه شيئًا غير ذلك. 3 - المسائل التي حلف عليها أحمد ذكره ابن مفلح في "الآداب" (3/ 243) وخرَّج منه مسألة، كما خرَّج منه ابن القيم عدّة مسائل في "إعلام الموقعين" (4/ 213 - 215 - ط. إحياء التراث العربي) وردت تحت عنوان (¬1): للمفتي أن يحلف على ثبوت الحكم عنده. ولكنه لم يصرح باسم الكتاب، بل اكتفى بقوله: "ذكر هذه المسائل القاضي أبو علي الشريف". ¬

_ (¬1) عناوين كتاب "إعلام الموقعين" ليست من وضع المصنف بل هي من وضع المحقق عبد الرحمن الوكيل.

40 - القاضي أبو يعلى (458 هـ)

وموضوع الكتاب هو جرد أجوبة الإمام أحمد التي أعقبها بالحلف عليها بمثل قوله: لا والله، أو: إي والله، ونحو ذلك. وهي من المؤكدات لجواب المفتي. وهذا النوع من التصنيف يُعدّ من مُلح العلم وطرائفه، إذ ليس وراء تتبع ذلك من فائدة إلا بيان جواز الحلف على الجواب في باب أدب الفتوى والتعليم. وقد صنف في هذا الموضوع غير ابن أبي موسى، القاضي أبو الحسين ابن أبي يعلى كتابًا بنفس العنوان. وهو مطبوع كما سيأتي في محله (¬1). * * * 40 - القاضي أبو يَعْلَى (458 هـ) هو محمد بن الحسين بن محمد بن خَلَف بن أحمد البغدادي ابن الفَرّاء، القاضي، شيخ الحنابلة في زمانه وصاحب التصانيف المفيدة في المذهب. ترجمه ولده أبو الحسين ترجمة حافلة في كتابه "طبقات الحنابلة" (¬2) (2/ 193 - 230). له: 1 - المجرد. 2 - الجامع المنصوص. 3 - الخلاف. 4 - عيون المسائل. 5 - التعليق. 6 - الإنتصار لشيخنا أبي بكر. 7 - شرح الخرقي. ¬

_ (¬1) في الصفحة: 140. (¬2) (2/ 205 - 206).

8 - مختصر في الصيام. 9 - إيجاب الصيام ليلة الإغمام. 10 - شرح المذهب. 11 - الخصال والأقسام. 12 - إبطال الحيل. 13 - شروط أهل الذمة. 14 - كتاب الروايتين والوجهين. 15 - العدة في أصول الفقه. 16 - الأحكام السلطانية. 17 - الجامع الصغير. 18 - الكفاية في أصول الفقه. 19 - الجامع الكبير (عمل قطعة منه). 20 - أحكام القرآن. 21 - جزء في المفهوم. 22 - التخريج. 23 - المعتمد. 24 - الشرح الصغير. 25 - كتاب اللباس. 26 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 27 - المذهب. 28 - التعليق الصغير. 29 - جوابات مسائل وردت من: تِنِّيس. 30 - جوابات مسائل وردت من: أصفهان.

1 - المجرد

31 - جوابات مسائل وردت من: الحرم. 32 - جوابات مسائل وردت من: مَيَّافارقين (¬1). 33 - تعليقات على الجامع للخلّال. ونعرف بكل كتاب من هذه الكتب بما توفر: 1 - المجرد هذا الكتاب ذكره ولده في "الطبقات" (2/ 205). ولا نعلم عن مخطوطاته شيئًا. ولكن يبدو أنه من تصانيفه المبكرة، وأنه كان متداولًا بين محرري المذهب ومحققيه. فقد أحال عليه البعلي في "المطلع" (ص 132 - 133) وذكره أيضًا في (ص 461) في شرح مصطلح "الإحتمال" في أصول المذهب، فقال: "وكثير من الإحتمالات في المذهب بل أكثرها للقاضي الإمام أبي يعلى محمد بن الفراء في كتابه "المجرد" وغيره". وعول عليه المرداوي في "الإنصاف" كما في مقدمته (1/ 16 - ط. هجر). وذكره ابن القيم في معرض بحث إجارة الذمي للمسلم على محرم، من كتابه "أحكام أهل الذمة"، فقال عنه: ". . وجعل المسألة رواية واحدة: أن هذه الإجارة لا تصح، وهي طريقة ضعيفة، فإنه صنف "المجرد" قديمًا ورجع عن كثير منه في كتبه المتأخرة" (¬2). كما نقل عنه السامُرّي كثيرًا في كتابه "المستوعب" (¬3). وأكثر ابن اللحام البعلي من الإحالة عليه في كتابه "القواعد والفوائد الأصولية" فقد أحصيت له (23) موضعًا من ذلك. وكذلك شيخه ابن رجب في "القواعد" (¬4). وذكره الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 434) وقال: احتج فيه كثيرًا بقياس الشبه. ¬

_ (¬1) مَيَّافارِقِين: أشهر مدينة بديار بكر، شهدت الكثير من الحروب بين الفرس والروم، إلى أن افتتحها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عنوةً وقيل صلحًا. "معجم البلدان" 5/ 238. (¬2) أحكام أهل الذمة 1/ 279. تحقيق وتعليق د. صبحي الصالح. كما نقل عنه في الكتاب المذكور في عدة مواضع. (¬3) مقدمة تحقيق المستوعب ص 51. (¬4) ص: 22، 29، 30، 38، 44.

2 - الجامع مع المنصوص

• الأعمال التي تمت عليه: شرح "المجرد" الحسن بن أحمد البناء المتوفى سنة (471 هـ) صاحب التصانيف الكثيرة. وشرحه هذا سماه: الكافي المجدد في شرح المجرد (¬1). واختصره أيضًا أبو طالب عبد الرحمن بن عمر الضرير البصري المتوفى سنة (684 هـ). ذكره المرداوي في جملة مصادره في مقدمة "الإنصاف" (1/ 19 - ط. هجر) فقال: وجزء من "مختصر المجرد" من البيوع للشيخ أبي نصر (¬2) عبد الرحمن مدرس المستنصرية. • ما قيل في هذا الكتاب: سبق أن ابن القيم ألمح إلى أن القاضي تراجع عن كثير مما في هذا الكتاب فيما صنفه من الكتب بعده. وهكذا شأن الإنسان في النقص والكمال، يستدرك في كتبه الجديدة على ما في كتبه القديمة. 2 - الجامع مع المنصوص ذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 19). ولم يذكر ابن أبي يعلى في "الطبقات" كتابًا لأبيه بهذا الإسم، فلعله هو نفس "الجامع الصغير"، وذكره الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" (ص 809) و (ص 969) مع "الجامع الصغير" مما يدل على أنهما عنده كتابان مختلفان. 3 - الخلاف لا يعرف للقاضي أبي يعلى كتاب بهذا العنوان المطلق: "الخلاف"، وذلك أنه صنف كتابًا في الخلاف، ذكره ولده باسم "الخلاف الكبير" فحامت الأوهام حوله واختلفت الأسماء التي سمي بها، فظن أن تلك الأسماء المختلفة المطلقة على مسمى واحد، كُتُبٌ مختلفة (¬3). ومن الأسماء التي أطلقت على هذا الكتاب: ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 35. ووقع فيه: "المحدد" بالحاء، والتصويب من "الدر المنضد" ص 21. (¬2) كذا، وكنيته -كما في ذيل طبقات الحنابلة 2/ 313 - أبو طالب. (¬3) الدر المنضد ص 20، والمدخل المفصل ص (969 - 970).

4 - عيون المسائل

- التعليق الكبير في المسائل الخلافية (وهو الإسم الموجود على المخطوط الموقوف عليه). - عيون المسائل. - عمدة المسائل. - التعليقة. - الخلاف الكبير. - الخلاف. - مسائل الخلاف على مذهب أحمد بن حنبل. وإنما ذكرته من أجل هذا التنبيه. والله أعلم. 4 - عيون المسائل انظر: الخلاف. 5 - التعليق سماه ولده أبو الحسين "الخلاف الكبير"، ويسمى أيضًا "التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة"، وهو العنوان الموجود على المخطوط الذي تم الوقوف عليه. وقد يسمى "الخلاف" على الإختصار، أو"مسائل الخلاف على مذهب أحمد بن حنبل". وسماه ولده أبو الحسين في كتابه "التمام" (6/ 77) باسم "اختلاف الفقهاء" فقال: " ... ... . مما لم يذكره الوالد السعيد - رضي الله عنه - في كتابه المترجم بـ"الروايتين والوجهين" وذكره في غيره من كتبه مثل كتابه الكبير المسمى باختلاف الفقهاء". وهذا الكتاب ذكره ولده أبو الحسين أيضًا في "الطبقات" والذهبي في "السير" وابن اللحام البعلي في "القواعد والفوائد الأصولية" وأكثر من الإحالة عليه، وكذلك شيخه ابن رجب في "القواعد"، وعلاء الدين المرداوى في مقدمة "الإنصاف" قال: ومعظم "التعليقة"، وهي "الخلاف الكبير".

وابن رجب في "الإستخراج لأحكام الخراج" والعليمي في "المنهج الأحمد" وابن بدران في "المدخل" وصاحب "العقود الدرية" وحاجي خليفة فى "كشف الظنون" (¬1). • النسخ المخطوطة للكتاب: يوجد من هذا الكتاب -فيما نعلم- المجلد الرابع في دار الكتب المصرية تحت رقم (140) عدد أوراقه (299) ورقة في (25) سطرًا، نُسخ سنة (870 هـ) بخط مشرقي يبتدئ بكتاب الحج وينتهي بكتاب العتق. ونسخة مصورة عنها في معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية ذات رقم (18) اختلاف الفقهاء، وصورة أخرى في الجامعة الإسلامية بالمدينة رقم (3388) (¬2) ولدي صورة منه. كما توجد نسخة من الجزء الرابع في مكتبة فيض أفندي بتركيا، رقم (695) من أثناء مسائل الإعتكاف إلى الربا، كتبت في القرن السابع، تقع في (310) ورقات في (25) سطرًا بخط مشرقي (¬3). • طباعة الكتاب: قام الباحث عبد الله بن علي الدخيل بتحقيق (كتاب البيوع) منه، وقدمه لنيل درجة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1416 هـ). • ما قيل في هذا الكتاب: يتكون كتاب "التعليق الكبير" من أحد عشر مجلدًا في النسخة التي كتبها ولد المؤلف، كما وصفه لنا شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية، إذ جاء في رسالة له أرسلها إلى أهله في الشام وهو يومئذ في مصر: "وترسلون أيضًا ¬

_ (¬1) القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، للدكتور عبد القادر أبو فارس، ص 199. كما نقل منه ابن القيم في "أحكام أهل الذمة" في عدة مواضع. الصفحات: 801، 803، 810، 817؛ من الكتاب المذكور. طبعة دار العلم للملايين، تحقيق د. صبحي الصالح. (¬2) فهرس المخطوطات المصورة لمعهد المخطوطات 1/ 330، تصنيف فؤاد السيد، ط. القاهرة، 1954. (¬3) نوادر المخطوطات العربية في مكتبات تركيا 2/ 305.

من تعليق القاضي أبي يعلى الذي بخط القاضي أبي الحسين، إن أمكن الجميع، وهو أحد عشر مجلدًا، وإلا فمن أوله مجلدًا، أو مجلدين أو ثلاثة" (¬1). ويعتبر هذا الكتاب ذخيرة للحنابلة في المسائل التي وقع فيها الخلاف بين أئمة المذاهب، وكان للحنابلة فيها قول من الأقوال، من حيث إنه أبان عن حجج الحنابلة وأدلتهم، والرد على مخالفيهم فيما ذهبوا إليه في تلك المسائل. وهكذا مهّد الطريق لأصحابه وتلامذته كأبي جعفر وأبي الخطاب وابن عقيل وأبي المواهب العكبري، فنسجوا على منواله في تخريج مسائل الخلاف، بل تعتبر كتبهم منتخبات من هذا الكتاب. قال الشيخ عبد القادر ابن بدران: "وأجمع ما رأيته لأصحابنا في هذا النوع "الخلاف الكبير" للقاضي أبي يعلى، وهو في مجلدات لم أطلع منه إلا على المجلد الثالث، وهو ضخم، أوله كتاب الحج، وآخره باب السلم، وقد سلك فيه مسلكًا واسعًا، وتفنن في هدم كلام الخصم تفننًا لم أره في غيره" (¬2). وقال الطوفي في (شرح مختصر الروضة) (3/ 434): احتج فيه كثيرًا بقياس الشبه. • الأعمال التي تمت عليه: لخصه تلميذه يعقوب بن إبراهيم العكبري البرزييني (ت 486 هـ) باسم التعليق أو التعليقة (¬3). ووضع عليه ابن الجوزي كتابا ناقدًا للأحاديث التي استدل بها سماه "التحقيق في أحاديث التعليق". ¬

_ (¬1) العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية، للحافظ محمد بن عبد الهادي، ص 258، تحقيق محمد حامد الفقي، القاهرة 1938. (¬2) المدخل ص 452. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 75.

6 - الإنتصار لشيخنا أبي بكر

6 - الإنتصار لشيخنا أبي بكر هذا الكتاب يوهم بظاهر عنوانه أنه في موضوع الخلاف، وأن القاضي أبا يعلى انتصر فيه لاختيارات أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال المتوفى سنة (363 هـ). فذكره الدوسري في تعليقه على "الدر المنضد" (ص 20) وذكره الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 902) في جملة المصنفات في علم الخلاف، وفي (ص 970) فى مصنفات القاضي في الخلافيات. والذي يبدو أنه كتاب في أصول الدين ومباحث العقيدة ألفه في الإنتصار لغلام الخلال ضد أحد الروافض، ومما يشير إلى ذلك أن ولده رتبه في مثاني تصنيفاته في العقيدة، فقد جاء ذكره هكذا: ". . والرد على الباطنية، والرد على المجسمة، والرد على ابن اللبان، وإبطال التأويلات لأخبار الصفات، ومختصر إبطال التأويلات، والإنتصار لشيخنا أبي بكر، والكلام في الإستواء ... " (¬1). وقد أشار أبو الحسين ابن أبي يعلى إلى هذا الكتاب في ترجمة أبي بكر عبد العزيز الشهير بغلام الخلال، فقال: "وذكر الوالد السعيد في "الإنتصار لعبد العزيز" فقال: كان ذا دين، وأخا ورع، علامة بارعًا في علم مذهب أحمد بن حنبل. وذكر تصانيفه، وذكر تعظيمه في النفوس، وتقدمه عند السلطان" (¬2). وبهذا يكون الكتاب خارجًا عن صدد بحثنا. والله أعلم. 7 - شرح الخرقي أي شرح مختصر أبي القاسم الخرقي المتوفى سنة (334 هـ). هذا الكتاب ذكره ولده في "الصبقات" (2/ 205) وابن اللحام البعلي في "القواعد" (ص 51 - الكتب العلمية) وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 1416) وابن بدران في "المدخل" (ص 419). ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 205. (¬2) الطبقات 2/ 122.

وذكره المرداوي في جملة مصادر كتابه "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 21). • النسخ الخطية للكتاب: توجد منه نسختان في المركز العلمي بجامعة أم القرى: - النسخة الأولى: محفوظة تحت رقم (64) يوجد منها الجزء الثاني فقط، تقع في (267) ورقة في (23) سطرًا، مكتوبة بخط نسخ معتاد، نسخت سنة (577 هـ) بخط مشرقي. مصدرها: ميكروفيلم مصور عن النسخة الوجودة بالظاهرية، برقم (2747). ويبدأ هذا الجزء بكتاب النكاح وينتهي بكتاب عتق أمهات الأولاد. - النسخة الثانية: محفوظة تحت رقم (18) يوجد منها الجزء الثالث فقط، تقع في (208) ورقات في (19) سطرًا، مكتوبة بخط نسخ معتاد، نسخت سنة (577 هـ) دون معرفة الناسخ. مصورة عن المكتبة الظاهرية، برقم (2746). ويبدأ هذا الجزء بكتاب ديات النفس وينتهي بآخر كتاب الأقضية. - وتوجد منه نسخة ثالثة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة، محفوظة تحت رقم (10643) تبدأ من "كتاب الأشربة" وهي تحتوي على المجلد الرابع فقط، تقع في (229) ورقة في (15) سطرًا. - نسخة أخرى في المكتبة الظاهرية (دمشق) رقم (2770)، تقع في (120) ورقة مكتوبة بخط نسخي. • طباعة الكتاب: طُبع جزءٌ من هذا الكتاب، وهو من كتاب النكاح إلى آخر باب العتق أول مرة بتحقيق سعود بن عبد الله الروقي قدمه رسالة إلى جامعة أم القرى لنيل شهادة الماجستير سنة (1407 هـ / 1986 م). ويعتبر هذا الكتاب شرحًا مبكرًا لمختصر الخرقي، إذ لم يسبقه إلى شرحه -فيما نعلم- إلا ثلاثة: عمر بن إبراهيم العكبري، الشهير بابن المسلم، المتوفي سنة (387 هـ) والحسن بن حامد، المتوفى سنة (403 هـ) وهو شيخ المذهب

8 - مختصر في الصيام

الحنبلي في زمانه، وأبو علي ابن أبي موسى الهاشمي المتوفى سنة (428 هـ) صاحب "الإرشاد". وبالتالي يعتبر هذا الشرح مادة العلماء الذين جاءوا من بعده، خصوصًا وأنه يعنى بإقامة الدليل المنقول والمعقول، شأن عمله في عامة كتبه الفقهية والأصولية والكلامية. • مما قيل في هذا الكتاب: اطلع الشيخ عبد القادر ابن بدران -رَحِمَهُ اللهُ- على الأجزاء الموجودة في الشام من هذا الكتاب، فوصفه بقوله: "ومما اطلعنا عليه من شروح الخرقي شرح القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين ابن الفراء البغدادي، وهو في مجلدين ضخمين، وبعض نسخه في أربع مجلدات. وطريقته: أنه يذكر المسألة من الخرقي ثم يذكر من خالف فيها، ثم يقول: ودليلنا. . فيفيض في إقامة الدليل من الكتاب والسنة والقياس على طريقة الجدل" (¬1). 8 - مختصر في الصيام ذكره ولده القاضي أبو الحسين في "الطبقات" (2/ 205). 9 - إيجاب الصيام ليلة الإغمام ذكره ولده أيضًا في "الطبقات" (2/ 205). وهو كتاب يتناول مسألة فقهية واحدة شهيرة، أكثر فيها الحنابلة من الرسائل والتصانيف المفردة، وهذه المسألة هي: إذا حال دون الهلال غيم أو قتار ليلة الثلاثين من شعبان، فما حكم الصيام بالنسبة إلى اليوم الذي يلي تلك الليلة؟ اختلف النقل عن الإمام أحمد في ذلك على ثلاث روايات: الأولى: وجوب الصيام وعدُّ ذلك اليوم من أيام رمضان. ¬

_ (¬1) المدخل ص 419.

10 - شرح المذهب

الثانية: عدم وجوب الصيام، وإكمال ثلاثين يومًا من شعبان. الثالثة: يتبع فعل الإمام، فإن صام صمنا وإن أفطر أفطرنا. وهذه الروايات الثلاث حكاها القاضي أبو الحسين في كتابه "التمام" واعتبر الأولى هي أصح الروايات الواردة عن الإمام أحمد، واختارها الخلال وتلميذه أبو بكر والخرقي والقاضي أبو يعلى (¬1). ولم يذهب أحد من الأئمة إلى القول بمثل ما في هذه الرواية، فتكون من أفراد المذهب. قال المرداوي -رَحِمَهُ اللهُ-: "وهو المذهب عند الأصحاب، ونصروه وصنفوا فيه التصانيف، وردوا حجج المخالف، وقالوا: نصوص أحمد تدل عليه. وهو من مفردات المذهب" (¬2). 10 - شرح المذهب ذكره ولده في "الطبقات" (2/ 206). وأشار إليه في كتابه "التمام" (1/ 259) فقال: ". . اختاره الوالد السعيد في شرحه للمذهب. .". وأحال عليه ابن اللحام في "القواعد" (ص 51) في فروع مسألة خطاب الكفار بفروع الشريعة، بعبارة محتملة، فقال: ". . وجهان حكاهما القاضي في شرحه". فلعله هذا الكتاب ولعله "شرح الخرقي" واستكثر ابن رجب من الإحالة عليه في "القواعد" (¬3) كما أحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (1/ 100). والله أعلم. ولا نعلم عن هذا الكتاب شيئًا غير ذلك. وذكر ابن رجب في ترجمة حفيد 5 محمد بن محمد بن محمد بن الحسين المتوفى سنة (560 هـ) الملقب بأبي يعلى الصغير، أنه صنف كتابًا بنفس العنوان وهو في شبيبته (¬4). ونقل ثلاثة نقول من هذا الكتاب (¬5). والله أعلم. ¬

_ (¬1) كتاب التمام 1/ 288. (¬2) الإنصاف ومعه المقنع والشرح الكبير 7/ 327. (¬3) ص: 5، 6، 9، 21، 37، 40، 355، 358. (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 246. (¬5) المصدر السابق ص 249.

11 - الخصال والأقسام

11 - الخصال والأقسام ذكره ولده في "الطبقات" (2/ 206). وذكره المرداوي في جملة مصادره في مقدمة "الإنصاف" (1/ 16 - ط. هجر). وضمنه السامُرّي في كتابه "المستوعب"، إذ جاء في مقدمته قوله: "ضمنت كتابي هذا من أصول المذهب وفروع 5 ما استوعب جميع ما تضمنه "مختصر الخرقي"، و"التنبيه" لغلام الخلال، و"الإرشاد" لإبن أبي موسى، و"الجامع الصغير"، و"الخصال" للقاضي أبي يعلى، و"الخصال" لإبن البنا. . إلخ" (¬1). • ما قيل في هذا الكتاب: وقد ورد في مدح هذا الكتاب قول بعضهم (¬2): قد نظرنا في مصنفات الأنام ... وسبرنا شريعة الإسلام ما رأينا مصنفًا جمع العلم ... مع الإختصار والإفهام مثل ما صنف الإمام أبو يعلى ... كتاب "الخصال والأقسام" 12 - إبطال الحيل ذكره ولد في "الطبقات" (2/ 205) وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (30/ 220) وابن القيم في "إعلام الموقعين" (3/ 176 و 401 و 4/ 14 - طبعة عبد السلام شقرون) ونقل عنه عدة نصوص في كتابه المذكور، وذكره ابن رجب في "القواعد" (ص 270) والمرداوي في "الإنصاف" (23/ 31). 13 - شروط أهل الذمة ذكره ولده في "الطبقات" (2/ 205). 14 - كتاب الروايتين والوجهين ذكره ولده في "الطبقات" وابن رجب في "الذيل" في ترجمة ولده القاضي ¬

_ (¬1) المستوعب 1/ 76 - 77. (¬2) الطبقات 2/ 206.

أبي الحسين، والعليمي في "المنهج الأحمد" وشيخ الإسلام ابن تيمية في "المسودة في أصول الفقه" وابن اللحام البعلي في "القواعد والفوائد الأصولية" وعلاء الدين المرداوي في مقدمة "الإنصاف" وابن رجب في "الاستخراج لأحكام الخراج" (¬1) وأكثر من ذكره في "القواعد" (¬2). • النسخ الخطية للكتاب: - توجد منه نسخة ناقصة من طرفيها في المكتبة الأزهرية بالقاهرة محفوظة برقم (17/ 4313) كتبت بخط واضح في القرن الثامن الهجري (793 هـ) ناسخها محمد بن عبد الوهاب بن محمد الحنبلي، وعدد أوراقها (111) ورقة في حجم (25) سطرًا. وتوجد من هذه النسخة صورة بالمركز العلمي بجامعة أم القرى محفوظة برقم (204)، وأخرى في الجامعة الإسلامية برقم (2659). -كما توجد منه نسخة أخرى كاملة وبخط جيد كتبت في القرن السابع الهجري (640 هـ). ناسخها عبد الله بن سليمان بن مرتاش (أو خمرتاشي) عدد أوراقها (258) ورقة في حجم (25) سطرًا، محفوظة في مكتبة أحمد الثالث بإستانبول (تركيا)، تحت رقم (1121). وتوجد من هذه النسخة صورة بالمركز العلمي بجامعة أم القرى محفوظة برقم (45). • طباعة الكتاب: طبع من هذا الكتاب بالإعتماد على النسختين الخطيتين السابقتين، المسائل الفقهية والمسائل الأصولية. قام بتحقيقها وإخراجها الدكتور عبد الكريم بن محمد اللاحم، فأفرد المسائل الفقهية في ثلاثة مجلدات، والمسائل الأصولية في مجلد لطيف. ونشرته مكتبة المعارف بالرياض سنة (1405 هـ / 1985 م). ¬

_ (¬1) القاضي أبو يعلى، للدكتور عبد القارر أبو فارس، ص 206، والمسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين، للدكتور عبد الكريم بن محمد اللاحم 1/ 27 المعارف الرياض. (¬2) 86، 131، 154، 173، 175، 176، 195، 216، 217، 298، 311.

15 - العدة في أصول الفقه

• قيمة الكتاب العلمية: يبحث هذا الكتاب في فقه الإمام أحمد وأصوله، والروايات المختلفة عنه في المذهب، فهو مرجع الحنابلة في معرفة الروايات الواردة عن الإمام أحمد والوجوه المخرجة لأصحابه المجتهدين في مذهبه، حيث جمعها القاضي، وأفردها في مؤلف مستقل، مع توجيهها والإستدلال لها، وبيان الراجح منها. وقد خرّج فيه القاضي ما يقارب ألف مسألة، وذكر في كل مسألة روايتين أو وجهين مع الإستدلال لكل رواية أو وجه بدليل، أو أكثر من الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة أو التابعين، أو ذكر وجه ذلك من قياس أو تعليل، مع بيان ما يرى أنه الراجح أو المذهب. وقد عمل ولده أبو الحسين ذيلًا على الكتاب أكمل فيه ما لم يذكره والده من المسائل ذات الروايتين أو الوجهين مما جمعه من كتبه الأخرى كـ"التعليق الكبير" و"الجامع الصغير" و"الأحكام السلطانية" و"المعتمد في أصول الدين" و"العدة في أصول الفقه"، وغيرها، وأضاف ما زاد على روايتين أو وجهين إن وجد في المسألة أكثر من ذلك، وخرّج كتابًا وافيًا سماه "التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام، والمختار من الوجهين عن أصحابه العرانين الكرام"، كما سيأتي في محله. 15 - العُدّة في أصول الفقه نسبة هذا الكتاب إلى القاضي أبي يعلى مستفيضة كالشمس. فقد ذكره ولده في "الطبقات" (2/ 205) والذهبي في "السير" (18/ 91) وأفاد منه الطوفي في "شرح مختصر الروضة" وآل تيمية في "المسودة" والمجد ابن تيمية في "المحرر" والمرداوي في "الإنصاف" وابن اللحام في "القواعد والفوائد الأصولية" (¬1). • النسخ الخطية للكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية بالقاهرة، محفوظة تحت رقم ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق العدة، ص 32.

(76 - أصول فقه) ومنها صورة على ميكروفلم في معهد المخطوطات العربية بجامعة الدول العربية، محفوظة تحت رقم (67 - أصول فقه). وتقع هذه النسخة في (257) ورقة في حجم (25) سطرًا، كتبت في القرن الثامن (729 هـ) وناسخها مجهول، مكتوبة بخط نسخ جيد، ولكنه قليل الإعجام، ولدي نسخة مصورة عنها. وتوجد صورة منها في جامعة أم القرى برقم (53). • طباعة الكتاب: حقق هذا الكتاب على النسخة الخطية المذكورة الدكتور أحمد بن علي سير المباركي، وقدمه رسالة لنيل الدكتوراه في الأزهر، ونشرته مؤسسة الرسالة سنة (1400 هـ/ 1980 م) في خمسة مجلدات. • قيمة الكتاب العلمية: يُعتبر كتاب "العدة" -فيما نعلم- أول كتاب صدر للحنابلة يجمع شتات المسائل الأصولية، ويصوغها في أسلوب منهجي وتحريرات مقارنة ضمن أبواب وفصول ومسائل. ومما يدل على ذلك أنه بناه على "أصول الجصاص" الحنفي، و"المعتمد" لأبي الحسين البصري المعتزلي الشافعي، وذلك يدل دلالة واضحة أنه لم يكن بين يديه كتاب حنبلي ينسج على منواله ويبني في قالبه. وهذا من ناحية المنهج وعرض مسائل في الإستدلال والمناقشة، أما مادته العلمية فقد استقاها من كتب المذهب التي وصلت إليه، وهي في عامتها متنوعة وجامعة للفقه والأصول والعقيدة وغير ذلك. والقاضي أبو يعلى يتصرف في هذا الكتاب تصرف المجتهد المحقق، سواء في ضبط الروايات وتمحيصها أو في الفهم والمقارنة والإستدلال والترجيح. ويعد الكتاب مصدرًا من مصادر أصول الفقه المقارن بما يعرضه من نقل المذاهب المختلفة في كل مسألة يسوقها، مع إيراد أدلتهم ومناقشتها والرد عليها إذا خالفت ما اختاره. فقيمة الكتاب بين كتب الأصول من الناحية العلمية متميزة، أما قيمته

16 - الأحكام السلطانية

عند الحنابلة، فغالب من جاء بعده أفاد من كتابه هذا، ونقل عنه، وأشار إلى ما فيه، فهو يعتبر أساسًا لما كُتب بعده، وإن كان هناك علماء قد جاءوا من بعدُ، لهم اجتهاداتهم واختياراتهم، المغايرة لما ذهب إليه القاضي أبو يعلى في بعض الأحيان، كأبي الخطاب، وابن عقيل، وابن تيمية -رَحِمَهُمُ اللهُ- (¬1). وللقاضي أبي يعلى اختصار لكتاب "العُدّة" ذكره ولده أبو الحسين أيضًا. وتوجد منه نسخة مخرومة في مكتبة الأوقاف الشرعية ببغداد. 16 - الأحكام السلطانية ذكره ولده في "الطبقات" (2/ 205) وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 19) والرحيباني في "مطالب أولي النُّهى" (1/ 5 - المكتب الإسلامي). واعتمد عليه ابن رجب في "الإستخراج لأحكام الخراج"، وأكثر من الإحالة عليه في كتابه "القواعد" كما اعتمده المرداوي في جملة مصادره لكتاب "الإنصاف"، صرح بذلك في المقدمة (ص 16). وهو كتاب مشهور، ونسبته إلى مؤلفه مستفيضة. • النسخ الخطية للكتاب: - توجد منه نسخة في مكتبة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ-، ويرجع تاريخ نسخها إلى سنة (866 هـ)، وهي منقولة عن نسخة موجودة في دمشق. - وتوجد نسخة أخرى عند الشيخ عبد الله بن بليهد -رَحِمَهُ اللهُ- كُتبت بخط الشيخ سليمان بن حمدان -رَحِمَهُ اللهُ- أحد أعضاء هيئة مراقبة القضاء بمكة-وهي منقولة من النسخة الأولى. وتحتوي على إجازة لصاحبها ابن بليهد بالسند المتصل إلى المؤلف: القاضي أبي يعلى (¬2). - وتوجد نسخة ثالثة بدار الكتب الظاهرية برقم (3245) عدد أوراقها (216) ورقة من القطع الصغير، مكتوبة بخط جيد ومقروء، نسخها محمود ابن يعمر بن يوسف الحنبلي الطرابلسي، كُتبت سنة (666 هـ). ¬

_ (¬1) أصول مذهب الإمام أحمد ص 22. (¬2) وقد أثبت هذا السند الشيخ محمد حامد الفقي في صدر طبعه للكتاب.

وهذه النسخة تامة وبحالة جيدة، سالمة من الخروم ومن أكل الأرضة ومجلدة تجليدًا جيدًا. • طباعة الكتاب: طُبع هذا الكتاب طبعتين: الأولى: طبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بالقاهرة سنة (1356 هـ / 1938 م) بعناية الشيخ محمد حامد الفقي -رَحِمَهُ اللهُ-. والثانية: طبعة الحلبي أيضًا سنة (1386 هـ / 1966 م) وهي صورة عن الطبعة الأولى. • موضوع هذا الكتاب وقيمته العلمية: يبحث هذا الكتاب في الأحكام الشرعية المتعلقة بالسلطان، من: حكم نصبه، وكيفية انعقاد الإمامة، والشروط المطلوبة في الشخص المرشح لها، وبيان الولايات والأعمال الخلافية التي يجب عليه القيام بها، كإمارة الأجناد وتنصيب القضاة وجباية الأموال وتوزيعها، إما بالمباشرة وإما بتعيين من ينوب عنه فيها، وكيفية تنفيذ تلك الأعمال والتصرف في تلك الولايات. ولا يوجد كتاب في الفقه الإسلامي فيما يتعلق بإدارة شؤون الدولة ونظام الحكم في الإسلام أشمل من كتاب القاضي أبي يعلى، إلا كتاب "الأحكام السلطانية" للقاضي أبي الحسن الماوردي الشافعي، المتوفى سنة (450 هـ)، وهو معاصر للقاضي أبي يعلى. ونظرًا لقلة من كتب في هذا الموضوع الفقهي المهم، فإن هذين الكتابين ظلا كتابين متميزين في المنهج الذي سلكاه وفي استيعاب الأحكام السلطانية بالنظر إلى الوضعية التي كانت تسير عليها الخلافة الإسلامية إلى ذلك الوقت. والذي يلفت الإنتباه أن هذين الكتابين متشابهان تشابهًا كبيرًا في: الإسم، والتبويب الفني، وتوزيع الأبحاث، فالمواضيع موحدة ومرتبة في الكتابين تمامًا، بل هناك تشابه في عبارة القاضي أبي يعلى والقاضي الماوردي، فالقارئ للكتابين يجد تماثلًا بينهما في العبارة والتصنيف، فيذهب إلى القول بأن

17 - الجامع الصغير

أحدهما أخذ عن الآخر. والتحقيق في ذلك يرجع إلى المختصين، وقد ضمّن هذا الموضوع الدكتور عبد القادر أبو فارس مبحثًا مستقلًا في دراسته لكتاب "الأحكام السلطانية" للقاضي أبي يعلى، وترجح عنده أن الكتاب الأصيل هو كتاب الماوردي، وأن الفراء نقل منه (¬1). والله أعلم. 17 - الجامع الصغير ذكره ولده في "الطبقات" (2/ 205 - 256). وهناك من نسب إلى القاضي أبي يعلى كتابًا باسم "الجامع المنصوص" (¬2)، فلعله هو"الجامع الصغير" نفسه. كما ذكره ولده في مقدمة كتابه "التمام" واقتصر على اسم "الجامع" (¬3)، وذكر السامُري في مقدمة "المستوعب" أنه من جملة الكتب التي استوعبها في كتابه المذكوَر (¬4)، وأفاد منه ابن اللحام في "القواعد والفوائد الأصولية" إفادة كبيرة، وأفاد منه شيخه ابن رجب في "القواعد" في عدة مواضع (¬5)، ونقل منه ابن القيم في كتابه "أحكام أهل الذمة" في: (1/ 39 - تحقيق د. صبحي الصالح). واعتمده المرداوي في "الإنصاف" (1/ 16 - ط. هجر). • النسخ الخطية للكتاب: - توجد منه نسخة بدار الكتب الظاهرية بدمشق برقم (ص م 9) عدد أوراقها (132) ورقة. مكتوبة بخط نسخ، كتبت في القرن الخامس (465 هـ) بعد وفاة المؤلف بسبع سنوات، ولا يعرف ناسخها. -كما توجد منه نسخة في مكتبة وزارة الأوقاف بالكويت برقم (260) مكتوبة بخط نسخي عتيق نسخت سنة (465 هـ)، وكأنها صورة عن نسخة الظاهرية. ¬

_ (¬1) القاضي أبو يعلى وكابه الأحكام السلطانية، للدكور عبد القادر أبو فارس، ص 495 - 540. (¬2) سبقت الإشارة الى ذلك عند ذكر هذا الكتاب في الصفحة 78. (¬3) التمام 1/ 77. (¬4) المستوعب 1/ 77. (¬5) ص: 19، 74، 75، 172.

18 - الكفاية في أصول الفقه

ومع هذا فقد عده الدكتور عبد القادر أبو فارس في جملة الكتب المفقودة (¬1). وقد حقق قسم العبادات من هذا الكتاب الشيخ محمد بن حمود التويجري، وقدمه لنيل درجة الماجستير في كلية الشريعة من جامعة الإمام عام (1405 هـ/ 1985 م). • وصف الكتاب وما قيل فيه: جمع هذا الكتاب على اختصاره أبواب الفقه، وطريقة المؤلف فيه: أنه يستهلّ كل باب من أبوابه بآية قرآنية أو حديث نبوي ليكون دليلًا عامًا على الكتاب، ثم يسرد المسائل سردًا من غير تبويب، وفي بعض الحالات يفصل بعمق المسائل عن بعضها الآخر بكلمة "فصل"، وهو في ذكر المسائل مخالف لما سار عليه متأخرو الحنابلة وكثير من متقدميهم من حيث الترتيب، ويمتاز أسلوب الكتاب بالسهولة والوضوح. ومن أهم ما يميز الكتاب اهتمامه بذكر الروايات عن أحمد في كثير من المسائل، فالكتاب يعتبر مرجعًا مهمًا في معرفة الروايات في المذهب، وأكثر الروايات الموجودة فيه مطلقة عن الترجيح والتقديم والتوجيه. وقد كان هذا الكتاب مشهور التداول في القراءة والإقراء والحفظ (¬2). • الأعمال التي تمت عليه: شرحه أحد الحنابلة في كتاب سماه "المنير شرح الجامع الصغير". كذا ذكره المرداوي في "الإنصاف" (1/ 58) نقلًا عن ابن خطيب السلامية في تعليقه على "المحرر"، ولم يفصح عن اسم مؤلفه. 18 - الكفاية في أصول الفقه ذكره ولده القاضي أبو الحسين في "الطبقات" وابن تيمية في "المسودة" والبعلي في "القواعد والفوائد الأصولية" وابن رجب في "القواعد" ¬

_ (¬1) القاضي أبو يعلى لعبد القادر أبو فارس، ص 246. (¬2) مقدمة تحقيق المستوعب ص 49، والمدخل المفصل ص 471، 683.

(ص 268) والعليمي في "المنهج الأحمد" وحاجي خليفة في "كشف الظنون" وابن بدران في "المدخل" (¬1). • النسخ الخطية للكتاب: يوجد في دار الكتب المصرية بالقاهرة مجلد كُتب على صفحة عنوانه: "الكفاية في أصول الفقه ... المجلد الرابع"، وهو محفوظ تحت رقم (365 - أصول فقه) يقع في (247) ورقة بحجم (25) سطرًا، نسخه عبد الله بن علي بن عمر القرشي ابن عبد ربه سنة (734 هـ) ولدي منه نسخة مصورة. ومنه أيضًا صورة في جامعة أم القرى رقم (179). وتوجد منه نسخة أخرى مصورة في معهد المخطوطات التابع لجامعة الدولة العربية، برقم (90) في مادة أصول الفقه. • وصف الكتاب وما قيل فيه: خلص الدكتور عبد القادر أبو فارس في دراسة هذا الكتاب إلى القول بأنه يقع في خمسة أجزاء كبار. وأنه كتاب يتألف من قسمين: القسم الأول مخصص للقواعد الأصولية، ويتكون من الأجزاء الثلاثة الأولى. والقسم الثاني مخصص للفروع الفقهية التي أوردها القاضي لتطبيق القواعد الأصولية المقررة في القسم الأول عليها (¬2). وبعد الإطلاع والتدقيق والمقارنة تبيَّن أن المجلد المشار إليه جزء من "المغني" لإبن قدامة المقدسي، وإنما وضع على صفحة عنوانه "الكفاية" فالتبس الحال. وبهذا يكون كتاب الكفاية مفقودًا في حدود ما نعلم. وللقاضي أبي يعلى اختصار لكتاب "الكفاية" ذكره ولده أبو الحسين أيضًا. ¬

_ (¬1) القاضي أبو يعلى، للدكتور عبد القادر أبو فارس، ص 230. (¬2) القاضي أبو يعلى، ص 231.

19 - الجامع الكبير

19 - الجامع الكبير ذكره ولده القاضي أبو الحسين في "الطبقات" وقال عنه: ". . وقطعة من "الجامع الكبير" فيها الطهارة وبعض الصلاة والنكاح والصداق والخلع والوليمة والطلاق" (¬1). وذكره أيضًا في كتابه "التمام" (1/ 137) في مسألة الغسل بالتراب في غير نجاسة الولوغ. وذكره المرداوي في "الإنصاف" (1/ 16 - ط. هجر) في جملة الكتب التي عول عليها. كما أحال عليه ابن اللحام في "القواعد والفوائد الأصولية" في كثير من المواضع، وكذلك شيخه ابن رجب في "القواعد" (¬2). ولا نعلم عن مخطوطاته شيئًا. 20 - أحكام القرآن ذكره ولده في "الطبقات" (2/ 205) والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (18/ 91). وابن اللحام في "القواعد والفوائد الأصولية" (¬3)، وأفاد منه ابن رجب في عدة مواضع من "القواعد" (¬4)، وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (10/ 9). والظاهر من العنوان أن هذا الكتاب يختص بتفسير آيات الأحكام، كأحكام القرآن لكل من أبي بكر الجصاص الرازي الحنفي، وأبي بكر ابن العربي الإِشبيلي المالكي، وإلكيا الهراسي الشافعي، وغيرهم ممن صنف في هذا الفن. ¬

_ (¬1) الطبقات 2/ 205. (¬2) ص: 5، 89، 91، 172، 219. (¬3) ص 49 - طبعة الكتب العلمية. قال فيه: "وقال القاضي أبو يعلى في "أحكام القرآن": الأفضل أن لا يعطي التقية ولا يظهر الكفر حتى يقتل. واحتج بقصة عمار وخبيب بن عدي، حيث لم يعط خبيب أهل مكة التقية حتى قل، فكان عند المسلمين أفضل من عمار". ونفس الكلام نقله صاحب "شرح مختصر الروضة" (1/ 465). (¬4) ص: 220، 314، 333، 354.

21 - جزء في المفهوم

ويبدو أنه لا يوجد للحنابلة في أحكام القرآن غير هذا الكتاب (¬1). 21 - جزء في المفهوم ذكره ابن اللحام في "القواعد" (289 - 292). وهو في موضوع "مفهوم المخالفة" الذي يُعدُّ من أهم المباحث في قواعد تفسير النصوص في أصول الفقه. 22 - التخريج ذكره ابن رجب في "القواعد" (ص: 174، 277، 297، 306) وتلميذه ابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص 51) والمرداوي في "الإنصاف" (4/ 217) ولعله في المسائل الفقهية المخرّجة على المنصوص من الأقوال والروايات. 23 - المعتمد عده ابن بدران في "المدخل" (ص 466) في جملة المصنفات في أصول الفقه، والحقيقة أنه في أصول الدين، وهو مطبوع حققه الدكتور وديع زيدان حدّاد، ونشرته دار المشرق في بيروت سنة (1392 هـ / 1972 م). وإنما ذكرته من أجل هذا التنبيه فقط، وإلا فهو خارج عن الموضوع. 24 - الشرح الصغير ذكره ابن اللحام في "القواعد" (ص 98) وابن رجب في "الذيل" (1/ 158) والمرداوي في "الإنصاف" (1/ 319، 4/ 440). 25 - كتاب اللباس ذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (3/ 387، 497، 508). ¬

_ (¬1) زاد الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" (ص 894) كتابًا آخر ونقل عن صاحب "مفتاح السعادة" أنه نسبه للخرقي. وكتابًا ثالثًا للشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد المتوفى سنة (1408 هـ). ذكره الشيخ عبد الله البسام في "علماء نجد" (3/ 534) في جملة مؤلفاته.

26 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

26 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذكره ابن اللحام في "القواعد" (ص 43، 276) وابن مفلح في "الآداب" (1/ 273) وقال في (1/ 182): وقد صنف القاضي أبو يعلى كتابًا مفردًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما صنف الخلال والدارقطني في ذلك. توجد منه نسخة ناقصة من أولها في دار الكتب الظاهرية ضمن مجموع برقم (42) في (28) ورقة: (97 ق- 125 ق). 27 - المذهب ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" (2/ 250) في ترجمة رزق الله التميمي، فقال: وقرأ على الوالد السعيد قطعة من "المذهب". فهذا يدل دلالة غير جازمة على أن له كتابًا بهذا الإسم، كما أن كتابه "شرح المذهب" قرينة أخرى على ذلك، يدل على ذلك ظاهر العنوان. و"المذهب" في لغة الفقهاء المتقدمين يطلق على ما يقابل "الخلاف"، إذ كان التصنيف والتدريس في الفقه آنذاك، ينقسم إلى قسمين: قسم مذهبي وقسم خلافي، فكثيرًا ما نلتقي في تراجم الفقهاء مع هذه العبارات: قرأ المذهب والخلاف، أو: صنف في المذهب والخلاف، أو: درس أو أعاد درس فلان في المذهب والخلاف ... إلخ. فيتحصل من ذلك أن كتاب "المذهب" هو تأليف في الفقه الحنبلي الخالص دون تعرض إلى ذكر أقوال الأئمة الآخرين. والله أعلم. 28 - التعليق الصغير = رؤوس المسائل ذكره ولده أبو الحسين في كتابه "التمام" (1/ 275) وابن اللحام في "القواعد" (ص 186). 29 - جوابات مسائل وردت من تِنِّيس (قرية من قرى مصر) 30 - جوابات مسائل وردت من أصفهان 31 - جوابات مسائل وردت من الحرم 32 - جوابات مسائل وردت من ميّافارقين (أشهر مدينة بدياربكر) أربعتها مذكورة في (الطبقات) لولده أبي الحسين.

33 - تعليقات على الجامع للخلال

33 - تعليقات على الجامع للخلّال ذكره ابن اللحام في "القواعد" (ص 221، 261، 375). * * * 41 - الحسين العُكْبَري (لم تؤرخ وفاته) هو الحسين -أو الحسن- بن محمد العكبري، أبو المواهب. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 171 - 172) وقال: له تصانيف في المذهب، أظنه من أصحاب القاضي -أو أصحابه القدماء- ووقفت له على "رؤوس المسائل" وهي منتخبة من "الخلاف الكبير"، على طريق أبي جعفر وأبي الخطاب. له: رؤوس المسائل الخلافية وهو الذي ذكره ابن رجب آنفًا. ويستفاد من كلامه السابق أن "رؤوس المسائل" لكل من: الشريف أبي جعفر، والحسين العكبري، وأبي الخطاب، هي عبارة عن اختصار لكتاب القاضي أبي يعلى المسمى "التعليق الكبير في المسائل الخلافية". • مخطوطاته: توجد منه نسخة في مكتبة الجامعة الأمريكية ببيروت برقم (51)، عدد أوراقها (142) ورقة في (18) سطرًا، نسخت في القرن السادس الهجري بخط مشرقي. ومنها صورة في الجامعة الإسلامية برقم (7169/ 2). وهذه النسخة ناقصة تبدأ من كتاب الطهارة وتنتهي بكتاب الوقف. كما نلاحظ تأريخ وفاة المصنف في جدول الفهارس بسنة (439 هـ). وهذا خطأ، ولعله انجرّ إلى من وقع فيه من سياق الترجمة في "الذيل"، والحقيقة أنها سنة وفاة شيخه محمد بن عبد الله الخياط العكبري (¬1). ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 3/ 30.

42 - الآمدي (467 هـ)

وقد قدم الباحث خالد بن سعد الخشلان رسألة دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1417 هـ) وحقق قسمًا من الكتاب من أوله إلى الوصايا. * * * 42 - الآمدِي (467 هـ) هو علي بن محمد بن عبد الرحمن، أبو الحسن، البغدادي، المعروف بالآمِدي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 8 - 9). له: 1 - عمدة الحاضر وكفاية المسافر ذكره ابن رجب وقال: في الفقه، في نحو أربع مجلدات، وهو كتاب جليل يشتمل على فوائد كثيرة نفيسة. ويقول فيه: ذكر شيخنا ابن أبي موسى في "الإرشاد"، فالظاهر أنه تفقَّهَ عليه أيضًا (¬1). وذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 1166). 2 - الفصول ذكره المرداوي في "الإنصاف" (20/ 61). * * * 43 - ابن جَدَا (468 هـ) هو علي بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم، أبو الحسن العُكْبَري، المعروف بـ"ابن جَدَا". ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 234) وابن رجب (1/ 11 - 12). له: ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 9

مصنف في الأصول

مصنف في الأصول ذكره ابن أبي يعلى وابن رجب في المواضع المشار إليها من ترجمته. * * * 44 - عبد الرحمن بن مَنْدَه * (470 هـ) هو عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن مَنْدَه، أبو القاسم العَبْدي، الأصبهاني. ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 242) وابن رجب (1/ 26 - 31). له: كتاب صيام يوم الشك ذكره ابن رجب (1/ 29). وهو في موضوع حكم صيام يوم الشك، وقد سبق الكلام على ذلك لدى التعليق على كتاب "إيجاب الصيام ليلة الإغمام" للقاضي أبي يعلى. وقد انتصر ابن منده في كتابه المذكور إلى القول بعدم وجوب الصيام (¬1) مخالفًا بذلك القاضي أبا يعلى الذي كان معاصرًا له، ووقعت بينهما مراسلات. * * * 45 - الشريف أبو جَعفر (470 هـ) هو عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى، العباسي الهاشمي، السيريف أبو جعفر، البغدادي، إمام الحنابلة في عصره بلا مدافعة. ¬

_ * آل منده أصبهانيون، وهم من بيت يحيى بن إبراهيم بن الوليد، الذي أعقب من العلماء محمدًا وعبد الرحمن، وأعقب محمد إسحاق، وأعقب إسحاق أبا عبد الله محمدًا الحافظ، وهو والد أبي القاسم عبد الرحمن المترجم أعلاه ووالد أخيه عبد الوهاب الذي أنجب الحافظ يحيى. ومن هنا قيل: بيت ابن منده بدأ بيحيى وختم بيحيى. والجدير بالذكر أنهم كانوا من المشتغلين بالحديث، ولم يكونوا من فقهاء الحنابلة إلا أبا القاسم هذا. (¬1) قال ابن رجب في "الذيل" (1/ 30): ذكر ابن تيمية في "مسائله الماردينيات": أن طائفة من الأصحاب لم يذهبوا إلى صيام يوم الغيم، منهم أبو القاسم ابن منده. مجموع الفتاوى 25/ 99، والإنصاف 7/ 328.

1 - رؤوس المسائل

ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 237 - 241) وابن رجب (1/ 15 - 26) له: 1 - رؤوس المسائل. 2 - شرح المذهب. 3 - أدب الفقه. 1 - رؤوس المسائل ذكره ابن رجب (1/ 17) وقال: هي مشهورة. وجعله المرداوي من جملة المصادر المعتمدة لكتابه "الإنصاف" كما صرح في المقدمة (ص 16). وهذا العنوان من متشابه الأسماء في كتب الحنابلة، فهو اسم لعدة مصنفات، منها: - رؤوس المسائل لإبن جلبة (ت 476 هـ). - رؤوس المسائل لأبي الخطاب (ت 510 هـ). - رؤوس المسائل لإبن عقيل (ت 513 هـ). - رؤوس المسائل لإبن أبي يعلى (ت 526 هـ). - رؤوس المسائل لإبن بكروس (ت 576 هـ). وكلها في موضوع واحد، وهو: أمهات المسائل الخلافية. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة الظاهرية (دمشق) محفوظة برقم (2744) تقع في (136) ورقة يختلف عدد الأسطر من (22) إلى (27)، منسوخة بخط معتاد، من دون معرفة الناسخ ولا التاريخ. وعنها صورة في جامعة أم القرى رقم (259) وأخرى بالجامعة الإسلامية (7976 و 7986/ 13).

2 - شرح المذهب

• طباعة الكتاب: حُقّق رسألة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. • وصف الكتاب: هو منتخب من "الخلاف الكبير" لشيخه القاضي أبي يعلى (¬1). قال ابن بدران: وطريقته فيه: أنه يذكر السائل التي خالف فيها الإمام أحمد واحدًا من الأئمة أو أكثر، ثم يذكر الأدلة منتصرًا للإمام، ويذكر الموافق له في تلك المسألة بحيث إن من تأمل كتابه وجده مصححًا للمذاهب وذاهبًا من أقوالها المذهب المختار. فجزاه الله خيرًا (¬2). 2 - شرح المذهب ذكره ابن رجب (1/ 17)، وقال: وصل فيه إلى أثناء الصلاة، وسلك فيه مسلك القاضي في "الجامع الكبير". 3 - أدب الفقه ذكره ابن رجب (1/ 17) وقال: جزء في أدب الفقه وبعض فضائل أحمد وترجيح مذهبه. وهو بهذا الموضوع لا يدخل في المقصود إلا تبعًا. * * * 46 - ابن البَنَّاء (471 هـ) هو الحسن بن أحمد بن عبد الله، أبو علي، المعروف بـ"ابن البَنَّاء"، البغدادي. ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 243) وابن رجب (1/ 33 - 37). له: 1 - المقنع في شرح الخرقي. ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 171. (¬2) المدخل ص 434.

1 - المقنع في شرح الخرقي

2 - الكافي المجدد في شرح المجرد. 3 - الخصال والأقسام. 4 - التعليق. 5 - الإشراف. 6 - كتاب اللباس. 7 - نزهة الطالب في تجريد المذاهب. 8 - الكامل في الفقه. 9 - العقود. وهذا تعريف بالكتب المذكورة بقدر ما توفر: 1 - المقنع في شرح الخرقي ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 35) وسماه: شرح الخرقي. وأورد منه بعض الغرائب في ذيل ترجمته. وأفاد محقق "شرح الزركشي" (ص: 44 - 45) أن شرح ابن البناء معدود من موارد الزركشي في كتابه المذكور. كما صرّح المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (1/ 21) أنه من جملة الشروح التي اعتمد عليها. وذكره الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (1/ 301) والمنقور في "مجموعه" (1/ 317). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة السعودية بالرياض، محفوظة برقم (86/ 539) عدد أوراقها (180) ومسطرتها مضطربة: (11 - 25) سطرًا، لا يعرف ناسخها ولا تاريخ نسخها. ومنها صورة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رقم (5986).

2 - الكافي المجدد في شرح المجرد

• طباعة الكتاب: طبع الكتاب بعنوان "كتاب المقنع في شرح مختصر الخرقي" بتحقيق الدكتور عبد العزيز بن سليمان بن إبراهيم البعيمي، وصدرت الطبعة الأولى منه عن مكتبة الرشد بالرياض سنة (1414 هـ / 1994 م). 2 - الكافي المجدّد في شرح المجرد أي: شرح "المجرد" لشيخه القاضي أبي يعلى. ولا أعلم أحدًا غير ابن البناء عمل في شرح المتن المذكور. ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 35) وقد تحرفت كلمة "المجدّد" إلى: المحدد. وأورد منه بعض الفوائد التي أغرب بها ابن البناء في ذيل ترجمته. 3 - الخصال والأقسام وقد سبق لشيخه القاضي أبي يعلى كتاب موسوم بنفس العنوان. ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 35) وفي كتابه "الخواتيم" (ص 192)، كما ضَمَّنه السامرِّي في كتابه "المستوعب" (¬1). وجعله المرداوي من جملة مصادر كتابه "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 17). • مخطوطات الكتاب: توجد نسخة منه في مكتبة الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية، محفوظة برقم (1/ 293). وهذه النسخة عبارة عن قطعة من الكتاب تحتوي على الجزء الرابع منه، عدد أوراقها (12) ورقة ومسطرتها (35) سطرًا، كُتبت بخط نسخي عتيق، ويرجع تاريخ نسخها إلى ذي الحجة سنة (460 هـ) كما ذكر ذلك الشيخ إبراهيم بن عيسى على طرة الكتاب، حيث ذكر أن ناسخه أشار إلى ذلك في آخره. ويوجد على هذه النسخة تملّك لأبي البركات موهوب بن علي بن موهب بن عسكر. ¬

_ (¬1) المستوعب 1/ 77 - 78.

4 - التعليق

أول الجزء: باب شركة الوجوه، وهي جائزة وليس من شرطها المال ... وآخره: باب ما انفرد ابن عباس وابن مسعود عن الصحابة - رضي الله عنه - وعن أبيه. 4 - التعليق ذكره المرداوي في "الإنصاف" (13/ 529). وحُقِّق منه كتاب الحج رسالة في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية. 5 - الإشراف ذكره المؤلف في شرحه على الخرقي "المقنع" (1/ 241). 6 - كتاب اللباس ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 35). 7 - نزهة الطالب في تجريد المذاهب ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 35)، والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 639) و"الهدية" (1/ 276). وهل هو نفس كتاب "التعليق"؟ 8 - الكامل في الفقه ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 35). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (1/ 205). 9 - العقود ذكره ابن مفلح في "الفروع" (4/ 173) والمرداوي في "الإنصاف" (1/ 17) في جملة المتون التي اعتمد عليها. وذكره في (1/ 275، 82/ 350). * * * 47 - ابن جَلَبة (476 هـ) هو عبد الوهاب بن أحمد بن الوهاب بن جَلَبة، أبو الفتح،

1 - مختصر المجرد

البغدادي ثم الحرّاني قاضيها، توفي شهيدًا. ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 245) وابن رجب (1/ 42). له: 1 - مختصر المجرد. 2 - رؤوس المسائل. 3 - أصول الفقه. 4 - كتاب النظام بخصال الأقسام. 1 - مختصر المجرّد أو: اختصار المجرّد. أي: المجرد لشيخه القاضي أبي يعلى. ذكره ابن رجب في (الذيل) (1/ 43) حكاية عن ابن حمدان. 2 - رؤوس المسائل ذكره ابن رجب (1/ 43) حكاية عن ابن حمدان. 3 - أصول الفقه ذكره ابن رجب (1/ 43) حكاية عن ابن حمدان. 4 - كتاب النظام بخصال الأقسام ذكره ابن رجب (1/ 43)، وهو ما استدركه على ابن حمدان. * * * 48 - عبد الواحد الشِّيرازي * (486 هـ) هو عبد الواحد بن محمد بن علي بن أحمد، أبو الفرج، الشيرازي ثم المقدسي ثم الدمشقي. ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 248 - 249) وابن رجب (1/ 68 - 73). ¬

_ * وهو جدّ الأسرة التي كانت معروفة في الشام بـ "بيت ابن الحنبلي" وفيهم كثير من العلماء.

1 - الإيضاح

له: 1 - الإيضاح. 2 - المبهج. 3 - مختصر في الحدود. 4 - مختصر في أصول الفقه. 5 - مسائل الامتحان. 6 - الممتع. 7 - الإشارة. 1 - الإيضاح ذكره ابن رجب (1/ 71) وابن مفلح في "الآداب" (2/ 448) وابن اللحام في "القواعد" (ص 75) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 155) والهدية (1/ 634). والزركلي (4/ 177) وقال: في أصول الفقه. وهو غير مسلَّم بل هو في الفقه. وهو من جملة مصادر المرداوي لكتابه "الإنصاف" كما في مقدمته (ص 17). وقد انتقد ابن رجب مؤلفات الشيرازي الفقهية -ومنها الإيضاح- بكثرة الغرائب، وأورد نماذج منها عزاها إلى "الإيضاح" و"المبهج". 2 - المُبْهِج وقد ذُكر في بعض المصادر باسم "المنهج" وهو تحريف. ذكره ابن رجب (1/ 71) وأورد منه بعض المسائل الغريبة في المذهب. وذكره البغدادي في "الإيضاح" (2/ 425) و"الهدية" (1/ 634) وابن اللحام في "القواعد" (ص 25). وهو من جملة مصادر المرداوي لكتابه "الإنصاف" كما في مقدمته (ص 17) قال: غالبه

3 - مختصر فى الحدود

3 - مختصر فى الحدود ذكره ابن رجب (1/ 71) والعليمي في "المنهج" (3/ 15). ولعله في لغة الفقهاء 4 - مختصر في أصول الفقه. ذكره ابن رجب (1/ 71) والعليمي في "المنهج" (3/ 10) وأحال عليه ابن مفلح في "الآداب" (3/ 158) وأفاد منه النص التالي بقوله: "قال الشيخ أبو الفرج الحنبلي المقدسي في كتابه في أصول الفقه في مسألة: الأمر هل يقتضى الوجوب؟ فإن قيل: النهي يقتضي الكراهة، فالجواب: أنا لا نسلِّم ذلك؛ لأن الله تعالى قال: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ}. [النور: 22] الآية. ونهى عن القران بين التمرتين، والتعريس على الطرقات، وذلك كله غير مكروه". 5 - مسائل الامتحان ذكره ابن رجب (1/ 71) والعليمي في "المنهج" (3/ 10) والبغدادي في "الهدية" (1/ 634). ولعله في الألغاز الفقهية 6 - الممتع ذكره ابن اللحام في "القواعد" (ص 242) بقوله: وقد منع ابن أبي موسى فى "الإرشاد" والشيرازي في "الممتع" وابن عقيل في "الفصول" ... إلخ. فهو فى الفقه بدلالة الإقتران هذه. 7 - الإشارة ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 17) فى جملة المصادر. * * * 49 - البَرْزَبِيني (486 هـ) هو يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن سَطُور، أبو علي، البَرْزَبِيني (¬1)، ¬

_ (¬1) نسبة إلى بَرْزَبِين: قرية كبيرة على خمسة فراسخ من بغداد.

التعليق

العكْبَري، القاضي. ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 245 - 247) وابن رجب (1/ 73 - 76). له: التعليق أو: التعليقة. قال ابن أبي يعلى: صنّف كتبًا في الأصول والفروع. ولم يسم منها شيئًا. وقال ابن رجب: له تصانيف في المذهب، منها: "التعليقة" في الفقه، في عدة مجلدات، وهي ملخصة من تعليقة شيخه القاضي (¬1). ثم ساق منها بعض المسائل التي أغرب بها القاضي يعقوب. وذكره أيضًا: المرداوي في "الإنصاف" (15/ 204) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 299) و"الهدية" (2/ 544) والزركلي (8/ 194) وقال: في الفقه والخلاف. وكحالة (4/ 122). وكلام ابن رجب السابق يفيد أن هذا الكتاب ملخص من "التعليق الكبير في المسائل الخلافية" للقاضي أبي يعلى. كما أن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (20/ 227) عليه مع غيره يفيد أنه من مظان معرفة الصحيح في المذهب. * * * 50 - رِزْق الله التَّميمي (488 هـ) هو رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث، أبو محمد، التميمي، البغدادي. ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 250) وابن رجب (1/ 77 - 85). له: ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 75.

شرح الإرشاد

شرح الإرشاد ذكره ابن رجب (1/ 79) فقال: له تصانيف منها: "شرح الإرشاد" لشيخه ابن أبي موسى في الفقه والخصال والأقسام. ومن هذه العبارة نستفيد أن الكتب التي صُنِّفت تحت عنوان "الخصال والأقسام" هي متون جامعة في فقه المذهب الحنبلي. وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (3/ 385). وقال الزركلي في "الأعلام" (3/ 19): "لعله هو المخطوط المسمى "كتابًا مما يذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل" في مكتبة جامعة الرياض" (1928 م/ 2) " (¬1). * * * 51 - ابن الحَدّاد (493 هـ) هو عبد الباقي بن حمزة بن الحسين، أبو عبد الله، الحدّاد، الفَرَضي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 90 - 91). له: الإيضاح في الفرائض ذكره ابن رجب (1/ 90) وقال: "رأيت منه المجلد الأول، وهو حسن جدًّا، صنفه على مذهب الإمام أحمد، وحرَّر فيه نقل المذهب تحريرًا جيدًا". ثم ساق منه مسألة في توريث ذوي الأرحام وبحثها معه على أصول المذهب، كعادته مع غيره. وذكره أيضًا: البغدادي في "الإيضاح" (1/ 155) و"الهدية" (1/ 495) والزركلي (3/ 271). * * * ¬

_ (¬1) مخطوطات جامعة الرياض 6/ 116.

52 - السراج (500 هـ)

52 - السَّرَّاج (500 هـ) هو جعفر بن أحمد بن الحسن بن أحمد، ابو محمد، السَّرَّاج، البغدادي، الأديب. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 100 - 103) وغيره، وهو صاحب "مصارع العشاق". له: 1 - نظم الخرقي. 2 - نظم التنبيه. 3 - نظم كتاب مناسك الحج. 1 - نظم الخرقي أي: مختصر الخرقي. ذكره ابن رجب (1/ 100). وقال الشيخ ابنمانع في مقدمة مختصر الخرقي: ومن العلماء من شرحه بالنظم، كما فعل ذلك غير واحد من النحاة في ألفية ابن مالك، فنظمه العلامة المحدث جعفر بن محمد السراج المتوفى سنة (500 هـ) مؤلف "مصارع العشاق" (¬1). 2 - نظم التنبيه ذكره ابن رجب (1/ 100). وهو نظم لكتاب "التنبيه" لأبي بكر عبد العزيز المعروف بغلام الخلّال (ت 363 هـ). ويحتمل أن يكون كتاب "التنبية" لأبي إسحاق الشيرازي الشافعي (ت 476 هـ) كما صرح به صاحب "هدية العارفين" (1/ 253). 3 - نظم كتاب مناسك الحج ذكره ابن رجب (1/ 100). ويحتمل أن يكون هذا الكتاب الذي نظمه لأحد المصنفين في المناسك قبله. وهم: ¬

_ (¬1) نقله الجبرين في مقدمة تحقيق الزركشي ص 45.

53 - ابن شهاب العكبري (لم تؤرخ وفاته)

- الإمام أحمد. - أبو بكر المرّوذي. - إبراهيم الحربي. - ابن بطة العكبري. كما يحتمل أن يكون أحد مصنفات فقهاء الشافعية في المناسك. ومن مصنفاته أيضًا "حكم الصبيان" وقد أدرجه الشيخ بكر أبو زيد في جملة المصنفات الفقهية المتعلقة بأحكام الصبيان. والذي يترجح عندي أنه كتاب في الأدب في الحِكم التي تروى أو تضاف إلى الصغار، وليس في الفقه، وذلك لأن الرجل لا يعرف بأنه فقيه، فقد ذكروا في ترجمته أنه مقرئ محدث أديب، ولم يصفوه بالفقه. ثم إن أحكام الصبيان كثيرة، فلو كان الكتاب في هذا الموضوع لسُمِّي باسم "أحكام الصبيان". والله أعلم. * * * 53 - ابن شهِاب العُكْبَري (لم تؤرخ وفاته) هو أبو علي بن شهاب العكبري. قال ابن رجب: ما وقعت له على ترجمة، ومن الناس من يظنه الحسن ابن شهاب الكاتب الفقيه صاحب ابن بطة، وهذا خطأ عظيم (¬1). له: عيون المسائل ذكره ابن رجب (1/ 172) وأفاد منه ابن مفلح في "الآداب" (1/ 127، 357، 2/ 256) وابن اللحام في "القواعد" (ص: 25، 117، 278) وهو من جملة الكتب المعتمدة في "الإنصاف" كما في مقدمته (1/ 16 - ط. هجر)، قال: من المضاربة إلى آخره. * * * ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 172.

54 - ابن المراق (505 هـ)

54 - ابن المَرَّاق (505 هـ) هو محمد بن علي بن محمد بن عثمان ابن المَرَّاق، أبو الفتح، الحَلواني. ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 257) وابن رجب (1/ 156). له: 1 - كفاية المبتدي. 2 - مصنف في أصول الفقه. 3 - مختصر العبادات. 4 - الروايتين والوجهين. 1 - كفاية المبتدي ذكره ابن رجب (1/ 106) وقال: في الفقه، مجلدة. قال: وله مصنف آخر في الفقه أكبر منه. وذكره البغدادي في "الإيضاح" (2/ 373) و"الهدية" (2/ 81) وابن بدران في "المدخل" (ص 419). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (16/ 526، 534). • مخطوطاته: توجد منه نسخة في مكتبة الأوقاف ببغداد، برقم (17971) • الأعمال التي تمت عليه: شرحه إبراهيم بن مصطفى بن عباس الموصلي الحنبلي (¬1). 2 - مصنف في أصول الفقه ذكره ابن رجب (1/ 106) ولم يفصح عن اسمه، وقال: في مجلدين. 3 - مختصر العبادات ذكره ابن رجب (1/ 106). والظاهر من العنوان أنه مختصر من كتاب ¬

_ (¬1) المدخل المفصل ص 711.

4 - الروايتين والوجهين

آخر له أو لغيره، يقتصر على العبادات الخمس، لكن لا يُعرف من الحنابلة من ألّف في العبادات الخمس قبل أبي الخطاب محفوظ الكلوذاني (ت 510 هـ). 4 - الروايتين والوجهين ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (1/ 17 - ط. هجر) في جملة الكتب التي اعتمد عليها. * * * 55 - أبو الخَطّاب (510 هـ) هو محفوظ بن أحمد بن حسن بن حسن، أبو الخطاب، الكَلوَذَاني (¬1)، أحد أعيان المذهب. ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 258) وابن رجب (1/ 116 - 127). له: 1 - الإنتصار في المسائل الكبار = الخلاف الكبير 2 - رؤوس المسائل = الخلاف الصغير 3 - الهداية 4 - التمهيد في أصول الفقه 5 - العبادات الخمس 6 - المفردات 7 - مناسك الحج 8 - التهذيب في الفرائض 9 - الفتاوى الرحبية. ونعرف بكل كتاب من الكتب المذكورة بما توفر: ¬

_ (¬1) نسبة إلى كلواذى، وهي قرية من قرى بغداد، والنسبة إليها كلوذاني وكلواذاني. الأنساب 10/ 461.

1 - الإنتصار في المسائل الكبار

1 - الإنتصار في المسائل الكبار ويقال له: الخلاف الكبير. والإسم الأول هو اسمه العَلَمي، كما هو مرقوم على ظهور المخطوطات والصفحات الأولى من أجزائه. ذكر هذا الكتاب كثير ممن ترجم لأبي الخطاب، مثل: ابن رجب في "الذيل" (1/ 116) والعليمي في "المنهج" (3/ 58) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 130) و"الهدية" (2/ 6) والزركلي في "الأعلام" (5/ 291) وكحالة في "المعجم" (3/ 23). كما ورد ذكره في المصنفات الحنبلية في الفقه والقواعد، كما في "الفروع" (1/ 230) لإبن مفلح و"مجموع الفتاوى" (20/ 227) لإبن تيمية. واستكثر الحافظ ابن رجب وتلميذه ابن اللحام من الإحالة على هذا الكتاب في قواعديهما. واعتمد عليه المرداوي في "الإنصاف" كما أثبت ذلك في المقدمة (ص 16) وقال: أجزاء منه. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، محفوظة برقم (2743) عدد أوراقها (343) ورقة في حجم (24) سطرًا، بخط معتاد، من دون معرفة الناسخ ولا تاريخ النسخ، ولدي نسخة مصورة عنها. تبدأ من أول الكتاب، وتنتهي بمسألة بكتاب الزكاة عند مسألة: إذا ملك نصابًا جاز تعجيل زكاته. ويبدو أن هذه النسخة من الكتاب كانت ملكًا للشيخ يوسف ابن عبد الهادي الدمشقي الصالحي (ت 909 هـ)، وكانت موقوفة في المدرسة الشيخية العمرية قبل انتقالها إلى الظاهرية. ومن هذه النسخة صورة في جامعة أم القرى رقم (2)، وأخرى في الجامعة الإسلامية رقم (4243/ 5).

• طباعة الكتاب: حُقِّق الكتاب على المخطوطة الوحيدة المذكورة في ثلاثة أجزاء: الطهارة، الصلاة، الزكاة. وفي مقدمة كل جزء دراسة وافية عن المؤلّف، تَوزَّع ذلك ثلاثة من الأساتذة الأفاضل في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (¬1). وصدر عن مكتبة العبيكان بالرياض سنة (1413 هـ / 1993 م). • وصف الكتاب: يصنف "الإنتصار" في قسم "الخلاف" أو: "الفقه المقارن" كما في لغة العصر، فإن المصنف يبيّن الخلاف بين الفقهاء، ثم ينتصر لمذهب الإمام أحمد بالحجج النقلية والعقلية على طريقة الجدل التي سادت في ذلك العصر. وهو بهذا يرتب بعد كتاب "التعليق الكبير" لشيخه القاضي أبي يعلى زمانًا وموضوعًا. لكن أبا الخطاب اقتصر على أشهر المسائل الخلافية التي سماها "المسائل الكبار" كما أبان عن ذلك في المقدمة. ويمتاز أبو الخطاب بذكر غير الأئمة الأربعة في الخلاف على الغالب، كداود الظاهري والأوزاعي والثوري والليث، كما يذكر أحيانًا جماعة الصحابة والتابعين القائلين بذلك القول (¬2). وطريقة المؤلف في هذا الكتاب: أن يورد المسألة تحت عنوان "مسألة" ثم يذكر الخلاف فيها مصدِّرًا برأي الإمام أحمد مفصِّلا في ذلك عند اختلاف الرواية، كما يذكر وجوه الأصحاب عند عدم النص من الإمام، ويحرص دائمًا على تقديم الرواية المعتمدة في المذهب في نظره. ثم يذكر من وافقه ومن خالفه من الفقهاء. وبعد الفراغ من تصوير المسألة وعرض الأقوال يأخذ أبو الخطاب في الحجاج والإنتصار لمذهب أحمد ¬

_ (¬1) حقق قسم الطهارة الدكتور سليمان بن عبد الله العمير، وقسم الصلاة الدكتور عوض بن رجاء بن فريح، والزكاة الدكتور عبد العزيز بن سليمان بن إبراهيم البعيمي. (¬2) مقدمة تحقيق كتاب الصلاة من "الإنتصار" ص 77.

بقوله: لنا: كذا، أو: دليلنا: كذا، أو: نصرة اختيار أصحابنا: كذا. وعند اختلاف الرواية يقول: وجه الأولى: كذا، ووجه الثانية: كذا، ثم يسرد الأدلة مرتبة، وهي: الكتاب، ثم السُّنة، ثم القياس والمعقول. ويمتاز أبو الخطاب بإطالة النفس في إيراد اعتراضات الخصوم، بقوله: فإن قيل: كذا، ثم يرد عليها بقوله: قلنا: كذا. يعرض ذلك كله في دقة وتمحيص ووضوح في الأسلوب، فكان مصداقًا لقول ابن رجب فيه: "كان أبو الخطاب - رضي الله عنه - فقيهًا عظيمًا، كثير التحقيق، وله من التحقيق والتدقيق الحسن في مسائل الفقه وأصوله شيء كثير جدا" (¬1). وتبرز أهمية كتاب "الإنتصار" في النواحي التالية: 1 - أنه يُعدُّ مصدرًا من مصادر معرفة خلافيات أبي الخطاب واختياراته داخل المذهب الحنبلي. 2 - أنه معتمد كثير من فقهاء الحنابلة في صرفة الخلاف في المسائل الفقهية بين الأئمة، ومعرفة دليل الحنابلة، وقد عوّل عدد كبير من العلماء في تصانيفهم على كتاب "الإنتصار" وخاصة ابن رجب في "القواعد". 3 - أنه مصدر من مصادر معرفة الراجح من الخلاف في المذهب. وقد ألمح إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه (¬2). وبالجملة: فإن هذا الكتاب يُعدُّ ذخيرة علمية، لولا أنه ناقص، فهو قد حوى خلاصة لآراء الأئمة الأربعة وغيرهم في أمهات المسائل الخلافية، كما أنه تضمن نصوصًا من كتب تعتبر حاليًا في حكم المفقودات، مثل "سنن هبة الله الطبري" و"علل الحديث" للساجي وغيرها (¬3). ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 120. (¬2) مجموع الفتاوى 20/ 227. (¬3) مقدمة تحقيق كتاب الطهارة من "الإنتصار" ص 72.

2 - رؤوس المسائل

2 - رؤوس المسائل ويقال له: الخلاف الصغير. ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 116) والذهبي في "السير" (19/ 349) والبعلي في "المطلع" (ص 453) والعليمي في "المنهج" (3/ 58) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 547) و"الهدية" (2/ 6) والزركلي في "الأعلام" (5/ 291) وكحالة في "المعجم" (3/ 23) وابن بدران في "المدخل" (ص 421). وجعله المرداوي من جملة كتبه المعتمدة في "الإنصاف" كما ألمح في المقدمة (ص 16). وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الكتاب وأَثَر عن جدّه أبي البركات أنه كان يقول لمن يسأله عن ظاهر مذهب أحمد: إنه ما رجَّحه أبو الخطاب في رؤوس مسائله (¬1). • مخطوطات الكتاب: لدي صورة عن نسخة خطية من الجزء الثاني فقط، تقع في (200) ورقة، ويبدو أن الجزء الأول منه مفقود. 3 - الهداية ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 116) والذهبي في "السير" (19/ 349) والبعلي في "المطلع" (ص 453) والعليمي في "المنهج" (3/ 58) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 2031) والبغدادي في "الهدية" (2/ 6) وقال: في الفقه والخلاف، وابن بدران في "المدخل" (ص: 421، 434). واعتمده المرداوي في جملة مصادر "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 16) كما يعدّ من المتون التي ضمَّنها السامُرّي كتابه "المستوعب" (¬2). ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى 20/ 228، ذيل الطبقات 1/ 116. (¬2) المستوعب 1/ 78.

• مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، محفوظة برقم (2769)، عدد أوراقها (265) ورقة، نُسخت سنة (561 هـ) دون معرفة الناسخ. ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (254). وتوجد منه نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد رقم (3926) تقع في (255) ورقة، نسخها محمد بن عمر الحراني سنة (717 هـ). ولدي نسخة منه مصورة من مكتبة عنيزة بالقصيم، نسخت سنة (703 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع في مجلدين في مطابع القصيم عام (1390 هـ / 1970 م) بتحقيق الشيخين: إسماعيل الأنصاري وصالح السليمان العمري. وراجعه أخوه الأستاذ ناصر العمري. • وصف الكتاب: يعدّ كتاب "الهداية" من أمهات متون المذهب المعتمدة المتداولة. وهو عبارة عن كتاب مختصر في المذهب وشامل لمسائل أبواب الفقه، يذكر فيه المؤلف المسائل الفقهية والروايات عن الإمام أحمد فيها، فتارة يجعلها مرسلة وتارة يبين اختياره، وإذا قال فيه: قال شيخنا، أو: عند شيخنا، فمراده به القاضي أبو يعلى. حذا فيه حذو المجتهدين في المذهب المصححين لروايات الإمام (¬1). • شروح الهداية: للهداية عدة شروح وعليها تعليقات، منها: 1 - شرح الهداية، لأبي حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني الرزاز (ت 556 هـ). 2 - النهاية في شرح الهداية، لأبي المعالي أسعد بن المنجّا التنوخي (ت 606). ¬

_ (¬1) المدخل لإبن بدران ص 434 - 435.

4 - التمهيد في أصول الفقه

3 - شرح الهداية، لأبي البقاء محب الدين عبد الله بن الحسين العكبري الضرير (ت 616 هـ). 4 - شرح الهداية، لأبي عبد الله فخر الدين محمد بن الخضر ابن تيمية الحراني (ت 622 هـ). 5 - منتهى الغاية لشرح الهداية، لأبي البركات مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن الخضر ابن تيمية الحرّاني (ت 652 هـ). وغالب هذه الشروح غير تامة، كما سيأتي توضيحها في مواضعها. * مختصرات الهداية: وقد اختُصرت الهداية على أيدي عدد من العلماء، فمن مختصراتها: 1 - مختصر الهداية، لأبي محمد موفق الدين عبد الله ابن قدامة المقدسي (ت 620 هـ) ويسمى هذا المختصر"عمدة الحازم". 2 - مختصر الهداية، لكمال الدين سليمان بن عمر الحراني المعروف بـ"ابن المشبك" (ت بعد 620 هـ). 3 - النهاية، لعبد الرحمن بن رزين بن أبي الجيش الغساني (ت 656 هـ). 4 - إدراك الغاية في اختصار الهداية، لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي البغدادي (ت 739 هـ). ويعتبر كتاب "الخلاصة" لأبي المعالي ابن المنجّا ذا صلة بـ"الهداية"، فقد قال عنه المرداوي: قد هذب فيها كلام أبي الخطاب في "الهداية" (¬1). 4 - التمهيد في أصول الفقه ذكره ابن رجب في"الذيل" (1/ 116) والذهبي في "السير" (19/ 349) وسماه: كتاب أصول الفقه، والعليمي في"المنهج" (3/ 58) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 321) و"الهدية" (2/ 6) والزركلي (5/ 291). ¬

_ (¬1) الإنصاف 1/ 24.

وأفاد منه ابن اللحام في موضع من "القواعد" (ص 12) مصرحاً باسمه، كما أفاد منه ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" في عدة مواضع. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة كاملة في ظاهرية دمشق برقم (2801) تقع في (221) ورقة وتتراوح مسطرتها بين (27 - 39) سطراً، وهي منقولة عن نسخة بخط ابن قدامة المقدسي صاحب المغني، ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (56). ونسخة ثانية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نسخت سنة (1353 هـ) ولدي صورة منها. ونسخة ثالثة موجودة في مكتبة رباط مظهر في المدينة المنورة نسخت سنة (601 هـ). ونسخة رابعة في مكتبة الشيخ محمد مظهر الفاروقي بالمدينة المنورة برقم (31) وهي في (300) ورقة، نسخت سنة (601 هـ)، ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (170). • طباعة الكتاب: حقّق الكتاب الدكتوران الفاضلان: مفيد محمد أبو عمشة، ومحمد بن علي بن إبراهيم، ونشره مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، في أربعة مجلدات، سنة (1406 هـ/ 1985 م). • وصف الكتاب: هو كتاب شامل لأبواب مسائل أصول الفقه، وهو أشبه بكتاب "العُدة" لشيخه أبي يعلى، وطريقته في عرض مسائله أشبه بطريقته في كتابه "الإنتصار"؛ حيث يذكر في رأس المسألة رأيه ورأي مخالفيه، ويستدل لكل ويناقش ويرجح، وقال عنه ابن بدران: "سلك فيه مسالك المتقدمين وأكثر من ذكر الدليل والتعليل" (¬1). ¬

_ (¬1) المدخل ص 464.

5 - العبادات الخمس

وهو معدود من الكتب المشهورة في مكتبة الأصول الحنبلية، وقد تبع الكلوذاني في كثير منه شيخه القاضي أبا يعلى في إيراد الأقوال، والإستدلال والمناقشة، إلا أنه قد يختار خلاف رأي شيخه أحياناً، وقد يتوسع في المسألة حينما يذكر الإعتراضات والردود عليها، ومناقشة الأدلة. وهو كتاب له قيمته العلمية أيضاً بالنسبة لكتب الأصول المؤلفة من غير الحنابلة. وبالنسبة للحنابلة الذين كتبوا بعده حيث ينقلون منه، ويشيرون إلى ما فيه من آراء واختيارات. 5 - العبادات الخمس ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 116) والعليمي في "المنهج" (3/ 58) والبغدادي في "الهدية" (2/ 6) وسماه: كتاب العبادات. وأحال عليه ابن مفلح في "الفروع" (1/ 297) واعتمده المرداوي في مصادره كما في مقدمة "الإنصاف" (ص 16). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية، برقم (271/ 1) تقع في (21) ورقة في حجم (13) سطراً، أوله: كتاب الطهارة الأصل في وجوب الطهارة الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب ... وآخره: آخر الخمس عبادات والحمد لله كما هو أهله وصلى الله على الخيرة والصفوة من خلقه محمد .... رب اختم بخير، نمقه الفقير ياقوت الشهير بأبي عافية. وقد كُتبت هذه النسخة بخط نسخي مشكول عتيق جميل، نسخها الخطاط الشهير ياقوت المذكور، وذلك في سنة (678 هـ). وعلى طرة هذه النسخة ما يلي: "الحمد لله تعالى، ويعد هذا الكتاب من مخلفات المرحوم المغفور له والدي الشيخ أحمد، إمام مدرسة شيخ الإسلام ولي الله أبي عمر بالصالحية -رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى- آمين. كتبه الفقير الحقير عبد السلام الإمام والخطيب بجامع التوبة سنة (1038 هـ) ".

ولكن مع الأسف وقع سقط في هذه النسخة، وذلك في آخر كتاب الصلاة وأول الزكاة مما أذهب قدراً كبيراً من قيمتها. وذكر محققا كتاب "التمهيد" (ص 64 من المقدمة) أن لكتاب "العبادات" نسخة مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، صُورت من أصل محفوظ في مكتبة محمد الزامل. وهذا وهم؛ فإن الموجود هو شرحه لبهاء الدين أبي عبد الله محمد بن أبي المكارم البعقوبي الحنبلي (ت 617 هـ). وذكر الدكتور عبد الرحمن العثيمين في هامش "المقصد الأرشد" (2/ 505) أن لهذا الكتاب نسخة في مكتبة الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز السليم الخاصة بمدينة عنيزة. وصُوّر غير مرة. • موضوع الكتاب: هوكتاب مختصر جدا على مذهب الإمام أحمد، يبحث في أحكام العبادات الخمس، وهي: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج. وقد صنف في العبادات الخمس عدا أبا الخطاب: - الوزير يحيى بن محمد بن هبيرة (ت 560 هـ). - أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي (ت 597 هـ). - سليمان بن عمر ابن المشبّك الحرّاني (ت بعد 620 هـ). - أبو عبد الله أحمد بن حمدان الحرَّاني (ت 695 هـ). وسبق لأبي الفتح الحلواني (ت 505 هـ) كتاب باسم "مختصر العبادات". • الأعمال التي تمت على الكتاب: شرحه بهاء الدين أبو عبد الله محمد بن أبي المكارم الفضل بن بختيار ابن أبي نصر البعقوبي الحُجّة (ت 617 هـ) (¬1). ¬

_ (¬1) سيأتي في الصفحة 211.

6 - المفردات

6 - المفردات ذكره الشيخ بكر أبو زيد (ص 910) وأظنه هو نفس كتاب "الإنتصار" السالف الذكر، فقد قال ابن بدران لدى تسميته الكتب المصنفة في المفردات: "والمفردات لأبي الخطاب محفوظ الكلوذاني، وقد سمى كتابه بالانتصار في المسائل الكبار ... إلخ" (¬1). 7 - مناسك الحح ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 116) والعليمي في "المنهج" (3/ 58). 8 - التهذيب في الفرائض ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 116) والبعلي في "المطلع" (ص 453) والعليمي في "المنهج" (3/ 58) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 341) و"الهدية" (2/ 6). وأفاد منه ابن اللحام في"القواعد" (ص 248)، وابن مفلح في "الفروع" (5/ 51) والمرداوي في "الإنصاف" (7/ 351 - ط. السنة المحمدية). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة فى شستربتي، برقم (3778). وتحتوي هذه النسخة على (192) ورقة، بخط نسخ ممتاز، كتبها عفيف بن المبارك الوراق سنة (561 هـ) وتوجد صورة منها في جامعة أم القرى برقم (39). وله نسخة أخرى في مكتبة الدولة والبلاط الملكي بميونيخ في ألمانيا، عدد أوراقها (194) ورقة، وهي ناقصة من آخرها تنتهي عند كتاب الوصايا. وأفاد محقق قسم الطهارة من كتاب "الإنتصار" (ص 55) أنه توجد منه صورة لدى الشيخ فهد بن عبد الرحمن العبيكان. ¬

_ (¬1) المدخل ص 455.

9 - الفتاوى الرحبية

• طباعة الكتاب: حقَّق الكتاب الدكتور راشد بن محمد بن راشد الهزاع، في رسالة قدّمها للمعهد العالي للقضاء لنيل درجة الدكتوراه. حققه على النسختين المذكورتين. ونشرته دار الخزّاز بالرياض سنة (1416 هـ). • وصف الكتاب: خرَّج المؤلف في هذا الكتاب مواضع الإتفاق والإختلاف في المواريث مفصلة، بذكر مذاهب الصحابة والتابعين، ومن تبعهم من أئمة المذاهب المشهورين وأصحابهم، حتى إنه من الصعب جدا أن يتبين القارئُ أن مؤلِّفَه حنبلي أو منتسب إلى مذهب بعينه. بالإضافة إلى تناول أبحاث المواريث التبعية، كأصول المسائل وتصحيحها وكيفية ذلك، والأمثلة التطبيقية، والمناسخات، وقسمة التركة، وبعض المسائل العويصة، وخَتَم الكتاب بمباحث الوصايا. • الأعمال التي تمت على هذا الكتاب: صنف الوزير أبو المظفر عُبيد الله بن يونس الأزجي البغدادي (ت 593 هـ)، كتاباً في بيان أوهام أبي الخطاب في هذا الكتاب. قال ابن رجب: "صنف بعض أصحابنا -وهو الوزير ابن يونس- مصنفاً في أوهام أبي الخطاب في الفرائض، ومتعلقاتها من الوصايا والمسائل الحسابية. ولم أقف عليه كله، بل على بعضه" (¬1). 9 - الفتاوى الرحبية ويقال له: الفتاوى الرحبيات، نسبة إلى الرحبة (¬2)، وهي البلدة التي أُرسلت منها الأسئلة. ووقع في بعض المصادر "الرجبيات" وهو تصحيف. ذكر ابن رجب هذا الكتاب في "الذيل" فقال: "وقفت على فتاوى أُرسلت إلى أبي الخطاب -رَحِمَهُ اللهُ- من الرحبة، فأفتى فيها في الشهر الذي ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 126. (¬2) وتقع بين الرقة ويغداد. معجم البلدان 3/ 34.

56 - ابن عقيل (513 هـ)

توفي فيه في جمادى الآخرة سنة (510 هـ)، وأفتى فيها ابن عقيل وابن الزاغوني أيضاً. ثم ذكر بعضها مبيناً ما اتفقوا عليه وما اختلفوا فيه (¬1). وذكرها ابن رجب أيضًا في "القواعد" (ص 37) وتلميذه ابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص 44) والمرداوي في "الإنصاف" (16/ 71). * * * 56 - ابن عَقِيل (513 هـ) هو علي بن عقيل بن محمد بن عقيل، أبو الوفاء، البغدادي، الظَّفَري. ترجمه ابن أبي يعلى (2/ 259) وابن رجب (1/ 142 - 165). له: 1 - الفنون. 2 - الفصول = كفاية المفتي. 3 - عُمَد الأدلة. 4 - الإشارة. 5 - الإرشاد. 6 - الواضح في أصول الفقه. 7 - المفردات. 8 - المجالس النظريات. 9 - التذكرة. 10 - المنثور. 11 - الفتاوى الرحبية. 12 - الفتاوى. ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 123 - 126.

1 - الفنون

13 - شرح مختصر الخرقي. 14 - رؤوس المسائل. 15 - الروايتين 16 - الجدل في الفقه. 17 - فصول في الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة. 18 - الصداق. 19 - جزء في الأصول. 20 - جزء في بيع الوقف. ونعرف بالكتب المذكورة بقدر ما يتوفر: 1 - الفنون ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 155، 185) والعليمي في "المنهج" (3/ 90) والذهبي في "السير" (19/ 445) وعامة من ترجم له. واستكثر ابن مفلح من النقل عنه في كتابه "الآداب الشرعية"، كما أفاد منه ابن رجب في عدة مواضع من "القواعد" وكذا تلميذه ابن اللحام في قواعده الأصولية. • طباعة الكتاب: طُبع منه مجلدان في بيروت، وصدر عن دارالمشرق سنة (1388 هـ / 1969 م)، بعناية جورج المقدسي. وقد وقع له أخطاء فاحشة، فعسى أن يعثر له على مخطوطات، فينشر نشرة علمية تليق به ويصاحبه الذي وصفه ابن تيمية بأنه كان من أذكياء العالم (¬1). ¬

_ (¬1) درء تعارض العقل والنقل 8/ 60 وكلامه على الفنون في ص: 61 - 68) وانظر مقدمة تحقيق الآداب الشرعية ص 17.

2 - الفصول = كفاية المفتي

• وصف الكتاب اختلفت المصادر حول حجم هذا الكتاب. فقال ابن الجوزي: يقع في (200) مجلد، وقع له منها (150) مجلدًا، وقال أبو حكيم النهرواني: وقفت على السفر الرابع بعد الثلاث مئة من كتاب"الفنون"، وقال الذهبي: لم يصنف في الدنيا أكبر من هذا الكتاب؛ حدثني من رأى منه المجلد الفلاني بعد الأربع مئة. ونقل ابن رجب عن بعض شيوخ بغداد أنه يقع في (800) مجلد (¬1). وعنوانه اسم على مسمى، فإنه يحتوي على عدة فنون، منها الفقه والأصول اللَّذَين هما سبب إدخاله في هذا الكتاب. قال الحافظ ابن رجب: "هو كتاب كبير جدا فيه فوائد كثيرة جليلة، في الوعظ، والتفسير، والفقه، والأصلين، والنحو، واللغة، والشعر، والتاريخ، والحكايات، وفيه مناظراته ومجالسه التي وقعت له، وخواطره ونتائج فكره قيدها فيه" (¬2). فهو كتاب سجل فيه صاحبه مسيرة حياته على طريقة المذكرات الخاصة. • مختصرات الكتاب: اختصره أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي البغدادي (ت 597 هـ) في بضعة عشو مجلدًا، واختصره أيضًا يحيى بن أبي منصور الحبيشي المعروف بابن الصيرفي (ت 678 هـ). 2 - الفصول = كفاية المفتي ذكره ابن رجب في"الذيل" (1/ 156) وقال: في عشر مجلدات، وكرر ذكره فيه (1/ 185). والعليمي في"المنهج" (3/ 91)، وابن مفلح في"المقصد الأرشد" (2/ 63 و 3/ 114) والبغدادي في "الهدية" (1/ 695). وهو من جملة مصادر المرداوي في "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 16). ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 156. (¬2) الذيل 1/ 155 - 156.

ومن مصادر زيادات السامري في كتابه"المستوعب" على الأصول التي ضمّنها كتابه المذكور (¬1). واستكثر ابن رجب وتلميذه ابن اللحام من ذكر هذا الكتاب في قواعديهما. كما استكثر ابن مفلح من الرجوع إليه في "الآداب الشرعية". • مخطوطات الكتاب: توجد أجزاء من هذا الكتاب، من ذلك: 1 - نسخة في دارالكتب المصرية، رقم (13/ 3104 - فقه حنبلي)، عدد أوراقها (229) ورقة في (27) سطرًا بخط نسخ معتاد. وهذه النسخة تحتوي على الجزء الثالث، كُتبت في القرن السابع، وفيها خرم من الوسط، تبتدئ بفصول الخراج بالضمان، وتنتهي بفصل: ونقل الأثرم في رجل كان له على رجل دراهم ... ويلاحظ أن الجزء غير مرتب في أوراقه (¬2). ومن هذه النسخة صورة في جامعة أم القرى، برقم (34) وأخرى برقم (110). 2 - نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، رقم (2752)، عدد أوراقها (149) ورقة في (13) سطرًا، بخط نسخ واضح. وهذا الجزء يبدأ بكتاب السير وينتهي بكتاب الهدنة، وهو ناقص من آخره. ومنها صورة في جامعة أم القرى رقم (264)، وصورة في الجامعة الإسلامية بالمدينة رقم (1277/ 2) ولدي نسخة مصورة منها. 3 - نسخة في مكتبة شستربتي بإيرلندا، محفوظة برقم (5369)، عدد أوراقها (274) ورقة في (20) سطرًا، بخط نسخ واضح، كتبت في القرن الثامن تقريباً. وهي تحتوي على الجزء الثالث من الكتاب، من أول كتاب الحج إلى آخر كتاب القرض. ومنها صورة بجامعة أم القرى رقم (124) ¬

_ (¬1) المستوعب 1/ 79. (¬2) فهرس المخطوطات المصورة لفؤاد السيد 1/ 327.

3 - عمد الأدلة

وأخرى في الجامعة الإسلامية، رقم (8164/ 3). 4 - نسخة في دار الكتب المصرية، رقم (13) فقه حنبلي، عدد أوراقها (300) ورقة في (24) سطراً بخط مشرقي. ومنها صورة في الجامعة الإسلامية برقم (2089). • الأعمال التي تمت عليه: يوجد في مجاميع الظاهرية (3750) كتاب بعنوان: "المنتخب من كفاية المفتي". الجزء الثالث، لم يعرف مؤلفه، ناسخه عبد الغني المقدسي، عدد أوراقه (20) ورقة (من 28 ق إلى 48 ق) في (22) سطراً. ومنه صورة في أم القرى (1278). 3 - عُمَد الأدلة ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 156، 158) والعليمي في "المنهج" (3/ 91) وفيهما: "عُمْدةُ"، والصواب ما ذكرته، فقد تكرر ذكر هذا الكتاب في "القواعد" لإبن رجب كثيراً، فتارة يقول: عُمَد الأدلة، وتارة يقول: ... ابن عقيل في عُمَده. وكذلك ذكره ابن تيمية في "الفتاوى" (20/ 227). كما ذكره ابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص: 43، 228)، والمرداوي في"الإنصاف" (5/ 77). وذكره ابن القيم في " إعلام الموقعين" (2/ 156) ووصفه بأنه في الخلاف وأنه من آخر كتبه. ومما يدل على أنه في الخلاف قول الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 573): أما طريقة القاضي أبي يعلى وأصحابه كأبي الخطاب في "الإنتصار" وابن عقيل في"عُمد الأدلة"، ونحوها، فلا يستفاد منها ذلك، لأنهم لم يجمعوا الأدلة سرداً وترتيباً، بل أوردوا كل دليل وجوابه عقيبه مرتباً ذلك وغير مرتب.

4 - الإشارة

4 - الإشارة ذكره ابن رجب في"الذيل" (1/ 156) وقال: مجلد لطيف، وهو مختصر كتاب "الروايتين والوجهين". والظاهر من كلامه أنه اختصار لكتابه "الروايتين"، ويحتمل أنه اختصار لكتاب شيخه القاضي أبي يعلى. والله أعلم. وذكره المرداوي في "الإنصاف" (2/ 328) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 85) و"الهدية" (1/ 695) وقال فيهما: في الأصول. 5 - الإرشاد ذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 25) على أنه في الفقه أو الأصول، وهو في أصول الدين، كما صرح بذلك ابن رجب. فيكون خارجًا عن الصدد. 6 - الواضح في أصول الفقه ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 156) والعليمي في "المنهج" (3/ 91) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1995) وقال: وهو كتاب جامع لأصول الفقه، ثلاث مجلدات. والبغدادي في "الهدية" (1/ 695). وأحال عليه الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (1/ 132، 169، 194) وابن مفلح في "الآداب" (3/ 158) والمرداوي في"الإنصاف" (2/ 108) وجعله ابن بدران من مصادره في بحث "العقد الخامس" من كتابه "المدخل" كما ذكر ذلك في الخاتمة (¬1). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، وهي تتألف من جزأين: الأول: رقمه (78) ويقع في (314) ورقة في حجم (23) سطرًا. وعلى الصفحة الأولى منه: "ملكه من فضل ربه يوسف بن عبد الهادي من كتب القاضي علاء الدين". ¬

_ (¬1) المدخل ص 403 و 463.

الثاني: رقمه (79) ويقع في (270) ورقة في حجم (19) سطراً. وعلى الصفحة الأولى منه عدة تملكات: لإبن قندس، فابن عبد الهادي، فأحمد ابن عطوة النجدي؛ الذي أوقفه على المدرسة العمرية. وقد أصابت الرطوبة ثلاثين ورقة من أول هذا الجزء فأتلفت الأسطر الثلاثة العليا من تلك الأوراق. - وتوجد منه نسخة في مكتبة جامعة برنستون (أمريكا) محفوظة تحت رقم (1842)، تقع في (223) ورقة في حجم (19 - 21) سطراً. وهذه النسخة تمثل الجزء الثالث من الكتاب ولدي مصورة عن الأجزاء الثلاثة. وبمجموع النُّسَخ المذكورة تتألف نسخةكاملة لكتاب "الواضح". • طباعة الكتاب: وفقني الله لتحقيق هذا الكتاب، على النسخة الخطية الوحيدة السالفة الذكر، وصدر عن مؤسسة الرسالة سنة (1425 هـ/ 1999 م) في (5) مجلدات مع الفهارس. وتبين لي أن دراسة الكتاب وتحقيق جزءٍ منه موضوع رسائل دكتوراه لأصحاب الفضيلة المشايخ: الدكتور موسى بن محمد القرني، والدكتور عطاء الله فيض الله، والدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، في جامعة أم القرى فسُررتُ لذلك، وحمدتُ الله أن اتجه إلى تحقيق الكتاب من لديه القدرة تحت إشراف علمي متخصص لخدمته، وقد كنت أحد المناقشين لصاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس في القسم الذي تولى تحقيقه، واطلعتُ على عمل الأخوين الآخرين. وقد بذل الإخوة جميعاً جهداً موفقاً في الكتاب، وكان حرياً بهم أن ينشروه جميعاً، أو ما كان منه محل دراستهم، أو يقوم كل منهم بنشر الجزء الذي تولى تحقيقه. وقد وصلتني -والكتاب تحت الطبع- نسخة مطبوعة من الجزء الأول من

7 - المفردات

الكتاب أصدرها الدكتور جورج مقدسي، وكان الدكتور فؤاد سزكين قد أطلعني على مسودتها منذ سنوات عديدة، وهي على طريقة المستشرقين التي لا تضيف جديدًا على طبع النَّصِّ كما هو. • وصف الكتاب: يعدّ كتاب "الواضح"من عيون المؤلفات الأصولية الحنبلية، فهو صنو كتاب"العُدة، لشيخه أبي يعلى و"التمهيد" لقرينه أبي الخطاب، في استيعاب مسائل الأصول والإستقصاء في إيراد الأقوال، وذكر الآراء والإعتراضات الواردة عليها ومناقشتها. وقصد المصنف بكتابه هذا أيضًا إيضاح المسائل الأصولية وتجليتها للطلاب، وتخليصها من غوامض أساليب المتكلمين، فقد قال في المقدمة: "فإن كثيرًا من أصحابنا المتفقهة سألوني تأليف كتاب جامع لأصول الفقه، يوازي في الإيضاح والبسط وتسهيل العبارة التي غمضت في كتب المتقدمين، ودفت عن اْفهام المبتدئين، كتابيَّ الكبيرين الجامعين للمذهب والخلاف (¬1)، وأستوفي فيه الحدود والعقود، ثم أشير إلى الأقرب منها إلى الصحة، وأميز المسائل النظريات بدلائل مستوفاة، وأسئلة مستقصاة، ليخرج بهذا الإيضاح عن طريقة أهل الكلام وذوي الإعجام إلى الطريقة الفقهية والأساليب الفروعية" (¬2). 7 - المفردات ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 156) والعليمي في "المنهج" (3/ 91). وأفاد منه ابن اللحام في"القواعد الأصولية" (ص: 119، 129، 207، 232، 271) كما جعله المرداوي من جملة مصادر"الإنصاف"، إذ قال في المقدمة (ص 16): " ... والفصول والتذكرة وبعض المفردات لإبن عقيل". ¬

_ (¬1) لعله يشير بذلك إلى "الفصول" و"عُمَد الأدلة"، فالأول في المذهب والثاني في الخلاف. (¬2) الواضح 1/ 5.

وهو أول كتاب يُصنف للحنابلة في جمع المسائل التي تفرد بها الإمام أحمد عن الشافعي خاصة (¬1)، أو عن الأئمة الثلاثة بعامة، وتقرير أدلتها، ثم تلاه في ذلك من أعيان الحنابلة: 1 - القاضي أبو الحسين بن أبي يعلى (ت 526 هـ). 2 - أبو الحسن علي بن عبيد الله المعروف بابن الزاغوني (ت 527 هـ). 3 - عبد الوهاب بن عبد الواحد الشيرازي ثم الدمشقي المعروف بابن الحنبلي (ت 536 هـ). 4 - محمد بن القاضي أبي خازم المعروف بأبي يعلى الصغير (ت 560 هـ). 5 - أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي (ت 597 هـ). 6 - إسماعيل بن علي الأزجي المعروف بغلام ابن المنِّي (ت 610 هـ). ونظم هذه المفردات كل من: 1 - محمد بن عبد القوي بن بدران المقدسي (ت 699 هـ) صاحب "منظومة الآداب". 2 - محمد بن علي الخطيب عز الدين المقدسي (ت 820 هـ)، وسمى ألفيته"النظم المفيد الأحمد في مفردات الإمام أحمد". وهو مشهور في كتب المذهب بـ"صاحب النظم" و"ناظم المفردات". والسبب في كثْرة التأليف في المفردات في القرن السادس يعود إلى أن أبا الحسين علي بن محمد الطبري الشافعي المعروف بإِلْكِيَا الهرّاسي (ت 504 هـ) ألّف كتابًا في نقض مفردات الإمام أحمد، فانبرى جمْع من الحنابلة المعاصرين له والتالين لهم، لنقد ذلك الكتاب والذب عن الإمام أحمد في تفرداته. وقد أشار العز المقدسي في منظومته إلى ذلك بقوله: ¬

_ (¬1) النظم المفيد الأحمد ص 8، ط. المطبعة السلفية ومكتبتها بالقاهرة. ومفردات مذهب الإمام أحمد في الصلاة، للدكتور عبد المحسن المنيف، ص 10.

8 - المجالس النظريات

واعلم بأن أصحابنا قد صنفوا ... في المفردات جملاً وألفوا لكنهم لم يقصدوا هذا النمط ... (¬1) بل قصدوا الرد على الْكِيا فقط فإنه أعني كيا قد صنفا في ... مفردات أحمد مصنفا وقصدالرد عليه فيها وكان ... فيما قد عنى سفيها ... إلخ. وكان ابن عقيل قد عاصر الهرّاسي في بغداد وكان يناظره كثيرًا، فكان إِلْكيا ينشده: ارفق بعبدك إن فيه فهاهة ... جبلية ولك العراق وماؤها (¬2) ولسنا بسبيل نصرة بعض المذاهب على بعض وحاشا أن نقصد إحياء العصبية المذهبية العمياء، وإنما المقصود هو بيان منشأ علم المفردات عند الحنابلة. وعن مفردات ابن عقيل قال الدكتور المنيف: "وقد زاد ابن عقيل على المفردات التي ذكرها إلْكيا مسائل مشهورة بأدلتها وأوضحها بإقامة البرهان عليها، لكن ابن عقيل قد جارى إِلْكيا في الإنتصار لما قدمه وإن كان غير الأشهر عند الإمام أحمد، وجاراه أيضاً حيث عَد من المفردات ما وافق أحمد فيه مالكاً مع أنه ليس من المفردات كما هو واضح" (¬3). 8 - المجالس النظريات ويسمي"النظريات" على الاختصاركما في بعض المصادر. ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 156) واستكثر من الإحالة عليه في قواعده، وذكره العليمي في "المنهج" (3/ 91). وذكر له ابن اللحام في "القواعد" (ص: 17، 112) كتاباً باسم "المناظرات" فلعله هو. وأفاد منه المرداوي في"الإنصاف" (12/ 395). ¬

_ (¬1) الإشارة إلى جمع مفردات الإمام أحمد التي تفرد بها عن الأئمة الثلاثة واحداً واحداً. (¬2) الذيل 1/ 147. (¬3) المفردات للمنيف ص 10، ومنح الشفاء الشافيات 1/ 123.

9 - التذكرة

وهو كتاب في الفقه حسبما يفيده ترتيما ابن رجب. 9 - التذكرة ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 156) والعليمي في "المنهج" (3/ 91) وقالا: مجلد. وهو من المتون التي ضمنها السامرّي بكاملها في كتابه "المستوعب" كما في مقدمته (ص 78). وذكره المرداوي في جملة مصادره لكتاب "الإنصاف" (1/ 16). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، محفوظة برقم (2776)، عدد أوراقها (245) ورقة في (25) سطراً بخط نسخ قديم معتاد، نسخها أبو العباس أحمد بن أبي نصر محمد بن غالب، سنة (511 هـ) أي: في حياة المؤلف. وكُتب على هذه النسخة: "نسخة كُتبت من نسخة كتبها المصنف فرغ منه مصنفه 474 هـ". ومن هذه النسخة صورة في جامعة أم القرى رقم (109) وصورة أخرى في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود برقم (1946 ف). • ما قيل في هذا الكتاب: يبدو أن ابن بدران اطلع على نسخة الظاهرية التي يُقدّر أنها كانت محفوظة في المدرسة العمرية قبل ذلك، فوصف الكتاب بقوله: "جعلها على قول واحد في المذهب مما صححه واختاره، وهي إن كانت متناً متوسطاً لا تخلو من سر الأدلة في بعض الأحايين كما هي طريقة المتقدمين من أصحابنا" (¬1). 10 - المنثور ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 156) والعليمي في "المنهج" (3/ 91) والبغدادي في "الهدية" (1/ 695). وأفاد منه المرداوي في "الإنصاف" (2/ 324). ¬

_ (¬1) المدخل ص 435.

11 - الفتاوى الرحبية

11 - الفتاوى الرحبية ذكره ابن رجب (¬1) كما سبق بيانه في التعريف بالفتاوى الرحبية لأبي الخطَّاب. 12 - الفتاوى = فتاوى ابن عقيل ذكره المرداوي في"الإنصاف" (16/ 70) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 155) ونقل منها ابن القيم كثيرًا في كتابه "بدائع الفوائد" (المجلد الثاني). 13 - شرح الخرقي وهو من الشروح التي يذكرها الزركشي في كتابه وينقل عنها، كما أفاد محققه في المقدمة (ص 44). 14 - رؤوس المسائل ذكره البعلي في "المطلع" (ص 445). 15 - كتاب الروايتين والوجهين ذكره البغدادي في "الإيضاح" (2/ 299) و"الهدية" (1/ 695) وقال: يقال: في سبعين وأربعمئة جزء. وقال ابن رجب عن كتاب "الإشارة": "وهو مختصر كتاب الروايتين والوجهين". فالظاهر أنه هذا، ويحتمل أن يقصد كتاب القاضي أبي يعلى. وصرح ابن مفلح بنسبة هذا الكتاب لإبن عقيل، فقال في "الآداب": "واختار أبو الوفاء ابن عقيل نسخ تحريم هذه الشحوم، وجزم به في كتاب "الروايتين" له، وفيه نظر" (¬2). 16 - الجدل في الفقه ذكره الزركلي في "الأعلام" (4/ 313) باسم: الجدل على طريقة الفقهاء. ورمز إلى طباعته. ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 123 - 126. (¬2) الأداب الشرعية 1/ 211.

17 - فصول في الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة

• مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة أحمد تيمور باشا بمصر برقم (159 - أصول) تقع في (94) صفحة في حجم (10 × 15 سم). وقد كتبت سنة (564 هـ) (¬1). • طباعة الكتاب: صدر الكتاب في مجلة الدراسات الشرقية للمعهد الفرنسي بدمشق سنة (1967 م) بتحقيق جورج مقدسي، وأصدرت طبعة مصورة منه مكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة، دون ذكر التاريخ. 17 - فصول في الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة توجد منه قطعة في مكتبة لاله لي بتركيا. ذلره أبو زيد في "المدخل" (ص 890). ويحتمل أن يكون قسماً من "الفصول". 18 - الصداق ذكره ابن رجب في "القواعد" (ص 53) في فروع القاعدة (42). 19 - جزء في الأصول توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق رقم 245 "30" حديث، تقع في (22) ورقة بحجم (21 × 15 سم)، كتبت في القرن السادس (نحو سنة 576 هـ) (¬2) ولدي نسخة مصورة عنها. 20 - جزء في بيع الوقف أشار إليه ابن رجب في "الذيل" (1/ 158) لدى ذكر مفاريده في المذهب. هذا، ويمكن أن نسجل في خاتمة مكتبة العلّامة ابن عقيل بعض الملامح عن مكانته العلمية ومسلكه وميزاته: 1 - قال السَّلَفي: ما رأت عيناي مثل الشيخ أبي الوفاء ابن عقيل، ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه وحسن إيراده وبلاغة كلامه وقوة حجته. 2 - وقال ابن رجب: كان -رَحِمَهُ اللهُ- بارعًا في الفقه وأصوله. وله في ذلك ¬

_ (¬1) فهرس المخطوطات المصورة 1/ 244. (¬2) فهرس المخطوطات المصورة 1/ 244.

57 - ابن أبي يعلى * (526 هـ)

استنباطات عظيمة حسنة، وتحريرات كثيرة مستحسنة. وقال: كان يخونه قلة بضاعته في الحديث، فلوكان متضلعاً من الحديث والآثار ومتوسعاً في علومهما لكملت له أدوات الإجتهاد. وقال: وله مسائل كثيرة ينفرد بها ويخالف فيها المذهب. وقد يخالفه في بعض تصانيفه، ويوافق في بعضها، فإن نظره كثيراً يختلف، واجتهاده يتنوع (¬1). اهـ. وذكر جملة من مفاريده. * * * 57 - ابنُ أبي يَعْلَى * (526 هـ) هو محمد بن محمد بن الحسين بن محمد ابن الفَرّاء، القاضي، الشهيد، أبو الحسين، ابن شيخ المذهب القاضي أبي يَعْلى، صاحب "طبقات الحنابلة". ترجمه ابن رجب فى "الذيل" (1/ 176 - 178). له: 1 - المفتاح. 2 - المسائل التي حلف عليها أحمد. 3 - رؤوس المسائل. 4 - المجموع في الفروع. 5 - المفردات في الفقه. 6 - المفردات في أصول الفقه. 7 - التمام لكتاب الروايتين والوجهين. 8 - المقنع في النيات. ونعرف بها واحداً واحداً على قدر الإمكان: ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 152، 157. * وقع في بعض المصادر التباس بين المترجَم وبين أخيه أبي خازم الذي يتفق معه في الإسم ويفترق عنه في: الكنية، وعدم تولي القضاء، وتاريخ الوفاة. ومن جراء هذا الإلتباس نُسبت بعض مصنفات أحد الأخوين الى الآخر.

1 - المفتاح

1 - المفتاح ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 177) والعليمي في "المنهج" (3/ 107). 2 - المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد ذكره الدوسري في هامش "الدر المنضد" (ص 25). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية، ضمن مجموع تقع ما بين (103/ 2) إلى (116/ 2) عدد أوراقها (14) ورقة في (18) سطراً، بخط نسخ جيد، كتبه سلامة بن إبراهيم الحداد، دون معرفة تاريخ النسخ. ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (219). • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب بعنوان "جزء المسائل التي حلف عليها أحمد" بتحقيق الأستاذ محمود الحداد، وصدر عن دار العاصمة بالرياض سنة (407 هـ / 1987 م). وقد سبق (¬1) الكلام على موضوع هذا الكتاب في التعريف بتصانيف الشريف أبي علي بن أبي موسى الهاشمي (ت 428 هـ). 3 - رؤوس المسائل ذكره ابن رجب (1/ 177) والعليمي (3/ 107). 4 - المجموع في الفروع ويقال له "الفروع" اختصاراً، كما في "الإنصاف" (1/ 151)، وكما فعل ابن قندس في حواشيه على"الفروع" لإبن مفلح. ذكره ابن رجب (1/ 177) والعليمي (3/ 107). وظاهر كلام المرداوي أنهما كتابان: "الفروع" و"المجموع"، فقد قال في تقدمة "الإنصاف" (ص: 16 - 17) لدي تسمية مصادر كتابه: وفروع ¬

_ (¬1) في ص: 74، 75.

5 - المفردات في الفقه

القاضي أبي الحسين، ومن مجموعه من الهبة إلى آخره بخطه. ويشتبه هذا الكتاب في الإسم مع مجموع أبي حفص البرمكي (ت 387 هـ)، ولا نعلم عن وصف الكتابين شيئاً فضلاً عن المقارنة يينهما. 5 - المفردات في الفقه ذكره ابن رجب (1/ 177) والعليمي (3/ 107). 6 - المفردات في أصول الفقه ذكره ابن رجب (1/ 177) والعليمي (3/ 107). ونقل ابن رجب من هذا الكتاب مسألة توضح منهج المؤلف فيه، قال فيها: "نقلت من خط القاضي أبي الحسين في "مفرداته في الأصول": اختلفت الرواية عن أحمد: هل يصح الإستثناء في اليمين بالله؟ فقال: مع انقطاع يمينه، على روايتين: إحداهما: يصح، وإن كان منقطعاً، وهي مذهب عبد الله بن عباس. الرواية الثانية: لا يصح الإستثناء، اختارها الخرقي والوالد، وبها قال أكثرهم. وجه الأولى: أن النسخ والتخصيص يجوز أن يتأخرا، فكذلك الإستثناء. ووجه الثانية: أن الإستثناء يجري مجرى الشرط: لأنه إذا انفصل عما قبله لم يفد، ألا ترى أنه إذا قال: اضرب زيداً، أو: أعطه درهماً، ثم قال بعد يوم: إذا قام، أو أكل، لم يفد ذلك، ولم يكن شرطاً؟ كذلك في اليمين" (¬1). 7 - التمام واسمه الكامل: "التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 178.

والمختار من الوجهين عن أصحابه العرانين الكرام". صرح بذلك في المقدمة (¬1). ذكره ابن رجب (1/ 177) والعليمي (3/ 107). وأحال عليه ابن مفلح في "الفروع" (2/ 300) والمرداوي في "الإنصاف" (1/ 159) و (2/ 116، 335 - ط. السنة المحمدية)، وابن مفلح في "الآداب" (1/ 256). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة محفوظة في دار الكتب الظاهرية برقم (2773)، عدد أوراقها (116) ورقة في (27) سطراً، بخط نسخ معتاد، كتب سنة (781 هـ) كما رقمه الناسخ في الخاتمة، ولدي نسخة مصورة عنها. ومن هذه النسخة صورة في جامعة أم القرى رقم (65). وكُتب في الفهارس: اسم المؤلف: القاضي أبو الحسين بن أبي يعلى الصغير محمد بن محمد (ت 560 هـ). وتصويبه بحذف "الصغير" وتبديل تاريخ الوفاة بـ (ت 526 هـ). • طباعة الكتاب: حقَّق الكتاب على النسخة الوحيدة المذكورة مع التمهيد له بدراسة عنه وعن مؤلِّفه، الدكتوران: عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار، وعبد العزيز ابن محمد بن عبد الله المدّالله، وصدر عن دار العاصمة بالرياض سنة (1414 هـ/ 1994 م) في جزأين. • وصف الكتاب: يعتبركتاب "التمام" لأبي الحسين ذيلاً على كتاب أبيه "الروايتين والوجهين" في استقصاء المسائل التي روي عن الإمام أحمد فيها روايتان وثلاث وأربع في الأصول والفروع، وما ذكره أصحابه من الوجهين في ¬

_ (¬1) التمام 1/ 77.

8 - المقنع في النيات

المسائل التي لم يقع لهم فيها نص، ويبيِّن ما اختاره هو من تلك الوجوه. وجعل مادة كتابه هذا كُتب أبيه الأخرى غير "الروايتين" كـ"الخلاف الكبير" و"الجامع" و"الأحكام السلطانية" و"المعتمد في أصول الدين" و"العُدة" في أصول الفقه، وغير ذلك من تصانيفه، مما لم يورده في كتاب "الروايتين" استغناء بما سطره في الكتب المذكورة. قال: "وتتبعت ذلك بجهدي واستقصيته بوسعي، ورتبته على ترتيب الأبواب التي رتبها، وأضفت ذلك إلى كتابه المترجم بـ"الروايتين" ليكون كتابه لجميع الروايات ولا يحتاج الناظر فيه إلى كتاب آخر" (¬1). ولا يذكر المؤلف تراجم الأبواب ولا الفصول، بل يكتفي بذكر تراجم الكتب، ويورد الأبحاث تحت عنوان: "مسألة"، ثم يفتتح المسألة بصيغة الإستفهام عادة، ويمثل للمسألة إذا كانت تحتاج إلى ذلك، ويحرر محل النزاع في بعض المواضع بقوله: "لا تختلف الرواية في كذا" أو: "لا يختلف المذهب في كذا"، ثم يردفه بذكر الخلاف بقوله: "واختلف أصحابنا" ونحو ذلك. ويقدم الرواية أو الوجه المرجّح غالباً، وأحياناً يؤخره، وقد يقرن كل رواية أو وجه بدليله، مرتباً لذلك ومشوشاً في بعض الأحيان. ويرجح ما يراه راجحاً بقوله: "أصحهما" أو: "أصحها" أو نحو ذلك. 8 - المقنع في النيات ذكره ابن رجب (1/ 177) والعليمي (3/ 107). * * * 58 - أبو خازِم ابن أبي يَعْلى (527 هـ) هو محمد بن محمد بن الحسين، أبو خازم، أخو أبي الحسين السابق. يختلف عنه في الكنية فقط، وأنه لم يتول القضاء. ووقع في بعض المصادر: ¬

_ (¬1) التمام 1/ 77.

1 - التبصرة في الخلاف

أبو حازم، بالمهملة، وهو غير صحيح. ترجمه ابن رجب في"الذيل" (1/ 184). له: 1 - التبصرة وفي الخلاف. 2 - رؤوس المسائل. 3 - شرح مختصر الخرقي. 1 - التبصرة في الخلاف ذكره ابن رجب (1/ 184) والعليمي (3/ 112) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 222) و (2/ 280) و"الهدية" (2/ 86) والزركلي في "الأعلام" (7/ 23) وكحالة فى"المعجم" (3/ 639) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 26). 2 - رؤوس المسائل ذكره ابن رجب (1/ 184) والعليمي (3/ 112) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 547) و"الهدية" (2/ 86) والزركلي في "الأعلام" (7/ 23) وكحالة في "المعجم" (3/ 639) وابن حميد في"الدر المنضد" (ص 27). 3 - شرح الخرقي ذكره ابن رجب (1/ 184) والعليمي (3/ 112) والبغدادي في"الإيضاح" (2/ 448 - 449) و"الهدية" (2/ 86) والزركلي في"الأعلام" (7/ 23) وكحالة في "المعجم" (3/ 639) وابن حميد و"الدر المنضد" (ص 27). • تحقيق الكتاب: حقق الباحث عبد العزيز الجوعي قسماً منه -من باب السبق إلى آخر الكتاب- وقدمه لنيل درجة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1414 هـ).

59 - ابن الزاغوني (527 هـ)

59 - ابن الزّاغُوني (527 هـ) هو علي بن عُبيد الله بن نَصْر بن السرِي، أبو الحسن، البغدادي، المعروف بإ ابن الراغوني" (¬1). ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 180 - 184). له: 1 - الخلاف الكبير. 2 - المفردات. 3 - الإقناع. 4 - الواضح. 5 - التلخيص في الفرائض. 6 - غُرر البيان في أصول الفقه. 7 - شرح الخرقي. 8 - شروط أهل الذمة. 9 - مناسك الحج. 10 - مصنف في الدور والوصايا. 11 - الفتاوى الرحبية. 12 - الفتاوى. 13 - الوجوه والنظائر. 14 - الوجيز. ونعرف بالكتب المذكورة على قدر ما يتوفر: 1 - الخلاف الكبير ذكره ابن رجب (1/ 181) وابن مفلح في"المقصد الأرشد" والعليمي (3/ 110) وابن بدران في"المدخل" (ص 417) والزركي في "الأعلام" (4/ 310) وابن تيمية في "الفتاوى" (20/ 227). ¬

_ (¬1) هذه النسبة إلى قرية زاغون من أعمال بغداد (اللباب: 2/ 53).

2 - المفردات

2 - المفردات ذكره ابن رجب (1/ 181) وقال: في مجلدين، وهي مائة مسألة. وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 233) والعليمي (3/ 110) وابن بدران في "المدخل" (ص 417). والزركلي في"الأعلام" (4/ 310). وأفاد منه المرداوي في "الإنصاف" (20/ 18). 3 - الإقناع ذكره ابن رجب (1/ 181) وقال: في مجلد، وابن مفلح في"المقصد" (2/ 233) وابن اللحام في"القواعد الأصولية" (ص: 207، 211) والعليمي (3/ 110) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 113) و"الهدية" (1/ 696). وابن بدران في "المدخل" (ص 417) والزركلي في "الأعلام" (4/ 310). وأفاد منه المرداوي في "الإنصاف" (3/ 78، 336). وهو في الفقه، وخرّج منه ابن رجب عدة مسائل في "الذيل" مما هو من تفرداته وغرائبه. 4 - الواضح ذكره ابن رجب (1/ 181) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 233) والعليمي (3/ 110) والمرداوي في "الإنصاف" (3/ 29) وابن بدران في "المدخل" (ص 417) والزركلي في "الأعلام" (4/ 310). وهو في الفقه. ويتميز بأن المؤلف يذكر فيه اختيارات الأصحاب، فيكون مصدراً من مصادر معرفة الإختيارات، قال العليمي في ترجمة أبي بكر الآجرّي (ت 360 هـ): "وذكر ابن الزاغوني في "الواضح في الفقه" عن أحمد رواية أن الجد كالأب، يحجب الإخوة، وهي اختيار أبي حفص العكبري، وأبي بكر الآجرّي. وعادته في هذا الكتاب أنه لا يذكر إلا اختيارات الأصحاب" (¬1). ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 2/ 271 ووقع فيه: "الزعفراني" بدل (الزاغوني).

5 - التلخيص في الفرانض

والإشارة المذكورة مصروفة إلى كتاب "الواضح" لا إلى كتاب "النصيحة" الذي صنفه الآجري، كما توهم بعض المؤلفين، وقد نبهت على ذلك في موضعه (¬1). والله أعلم. 5 - التلخيص في الفرانض ذكره ابن رجب (1/ 181) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 233) والعليمي (3/ 111) والبغدادي في "الهدية" (1/ 696) وابن بدران في "المدخل" (ص 417) والزركلي في "الأعلام" (4/ 310). وله أيضاً "جزء في عويص المسائل الحسابية"، ذكره ابن رجب وابن مفلح والعليمي. 6 - غُرر البيان ذكره ابن رجب (1/ 181) وقال: مجلدات عدة، وابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص 157) والعليمي (3/ 111) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 145) و"الهدية" (1/ 696) والزركلي في "الأعلام" (4/ 310). وهو في أصول الفقه كما في المصادر المذكورة. 7 - شرح الخرقي قال محقق "شرح الزركشي" في المقدمة (ص 44): "ومن شروحه -أي الخرقي- التي يذكرها الزركشي وينقل عنها: شرح ابن عقيل، وشرح ابن الزاغوني، وشرح التميمي، ولم أقف على ذكر شيء منها". 8 - شروط أهل الذمة ذكره بكر أبو زيد (ص 853) قال: ويقال له: الشروط. وسبق للقاضي أبي يعلى (ت 458 هـ) كتاب بالعنوان المذكور. 9 - مناسك الحج ذكره ابن رجب (1/ 181، 182) وأفاد منه مسألة شاذة في وقت رمي جمرة العقبة، والعليمي (3/ 111). ¬

_ (¬1) تنظر ص 45 من هذا الجزء.

10 - مصنف في الدور والوصايا

وأفاد منه المرداوي في "الإنصاف" (1/ 46). 10 - مصنف في الدور والوصايا ذكره ابن رجب (1/ 181) والعليمي (3/ 111). 11 - الفتاوى الرّحْبية ذكره ابن رجب (1/ 181) ووقع في الطبعة: الرجعية، وكذلك ذكره العليمي (3/ 111) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 156). وسبق ذكره لدى التعريف بمؤلفات أبي الخطاب (ت 510 هـ). وأفاد منه ابن رجب في كتابه "الخواتيم" (ص 87) وكذلك المرداوي في "الإنصاف" (1/ 46) و (15/ 343). 12 - الفتاوي ذكره ابن رجب (1/ 181) والعليمي (3/ 111). وهو غير الفتاوى الرحبية بدليل ذكرهما معاً في موضع واحد. 13 - الوجوه والنظائر ذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 696) وذكر معه كتاباً آخر باسم "مجموعات في المذهب والأصول" ولم أتحققهما من غيره. 14 - الوجيز ذكره المرداوي في "الإنصاف" (1/ 216). * * * 60 - أحمد الدِّينَوَري * (532 هـ) هو أحمد بن محمد بن أحمد، أبو بكر بن أبي الفَتح، الدِّينَوَري، البغدادي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 190 - 191). ¬

_ * هذه النسبة إلى مدينة مشهورة ببلاد فارس يقال لها: الدِّينوَر، وإليها ينسب ابن قتيبة الأديب المشهور. معجم البلدان 2/ 545، والأنساب 5/ 406 واللباب 1/ 526.

التحقيق في مسائل التعليق

له: التحقيق في مسائل التعليق ذكره ابن رجب (1/ 190) وقال: له تصانيف في المذهب. ولم يذكر منها غير "التحقيق". وذكره العليمي (3/ 119) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 170 - 171) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 267) و"الهدية" (1/ 83). وأفاد منه المرداوي في "الإنصاف" (4/ 379). ويبدو من ظاهر العنوان أن لهذا الكتاب علاقة بكتاب "التعليق الكبير" للقاصني أبي يعلى، فإذا صح هذا التقدير فيكون الكتاب من جملة المصنفات في "الخلاف". * * * 61 - ابن أبي الخَطّاب (533 هـ) هو محمد بن محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكَلْوَذاني، أبو جعفر، ابن أبي الخطاب المتقدم ذكره. توجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 191 - 192). له: الفريد ذكره ابن رجب (1/ 192) وحكى عن ابن القطيعي أنه قال: هو عندي بخطه، قال: ثم ساق منه حديثاً وحكايات وشعراً. وذكره البغدادي في "الإيضاح" (2/ 319) و"الهدية" (2/ 88) وقال: في فقه الحنابلة.

62 - عبد الوهاب الشيرازي (536 هـ)

62 - عبد الوهاب الشِّيرازي (536 هـ) هو عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد بن علي، أبو القاسم، شرف الإسلام، الشيرازي، ثم الدمشقي، المعروف بـ"ابن الحنبلي". وسبق ذكر والده صاحب "الإيضاح"و"المبهج". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 198 - 201). له: 1 - المنتخب في الفقه. 2 - المفردات. 1 - المنتخب في الفقه ذكره ابن رجب (1/ 199) وقال: في مجلدين، والعليمي (3/ 126) وابن مفلح في"المقصد" (2/ 147) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 568) و"الهدية" (1/ 638). وابن بدران في "المدخل" (ص 416) والنعيمي في "الدارس" (2/ 66). وأفاد منه ابن مفلح في "الآداب" (1/ 468) والمرداوي في "الإنصاف" (6/ 117). واستكثر ابن اللحام من الإحالة عليه في كتابه "القواعد الأصولية" (¬1). 2 - المفردات ذكره ابن رجب (1/ 199) والعليمي (3/ 126) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 147) والنعيمي في "الدارس" (2/ 66) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 529) و"الهدية" (1/ 638) وابن بدران في "المدخل" (ص 416). * * * ¬

_ (¬1) القواعد الأصولية: 96، 122، 154، 158، 169، 192، 287.

63 - ابن الهمذاني (لم تورخ وفاته)

63 - ابن الهَمَذاني (لم تورخ وفاته) هو الحسين ابن الهَمَذاني، أبو عبد الله، شمس الحفاظ. ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 208) وقال: "له: كتاب المقتدى في الفقه في المذهب، ذكره ابن الصقال الحرّاني في رسالته المسماة بـ"الإنبا عن تحريم الربا". وذكر أنه ذكر في هذا الكتاب "أن العروض المحلى بأحد النقديق لا يجوز بيعه بأحدهما، قولاً واحداً. وهذا موافقة لطريقة ابن أبي موسى وغيره. ولا أعلم من حاله غير هذا". وأحال عليه ابن رجب في "القواعد" (ص 240) في فروع القاعدة (113) والمرداوي في"الإنصاف" (12/ 80). * * * 64 - الجُنَيْد (546 هـ) هو الجُنيد بن يعقوب بن الحسن بن الحجاج بن يوسف، أبو القاسم، الجيلي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 216 - 219). له: كتاب كبير في استقبال القبلة ومعرفة أوقات الصلاة ذكره ابن رجب (1/ 217) نقلاً عن ابن النجار، ولم يفصح عن اسمه. وأورد في الموضع المذكور من "بعض تعاليقه" فتوى تتعلق بالضمان. وهذا يفيد أن له تعليقات على الكتب التي كان ينسخها في الفقه والأصول، فقد ذكر أنه نسخ كثيراً من المصنفات بخطه. وذكره العليمي أيضاً (3/ 145).

65 - الحلواني * (546 هـ)

65 - الحَلْواني * (546 هـ) هو عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد، أبو محمد ابن أبي الفَتح، الحَلواني، العِراقي. وسق ذكر أبيه صاحب "كفاية المبتدي" (¬1). ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 221 - 222). له: 1 - التبصرة في الفقه. 2 - الهداية في أصول الفقه. 3 - تعليقة في مسائل الخلاف. 4 - الروايتين والوجهين. 1 - التبصرة ذكره ابن رجب (1/ 221) والعليمي (3/ 143) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 222) والزركلي في "الأعلام" (3/ 327). وأحال عليه المرداوي فى "الإنصاف" (1/ 385) وابن مفلح فى "الآداب" (1/ 189) وابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص: 13، 25، 60، 73، 96، 210). وهو في الفقه كما صرحت بعض المصادر المذكورة. 2 - الهداية ذكره ابن رجب (1/ 221) والعليمي (3/ 143) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 351) و"الهدية" (1/ 519) والزركلي فى "الأعلام" (3/ 327). وهو في أصول الفقه كما صرحت المصادر السابقة، عدا البغدادي فقد قال: في الفقه. ¬

_ * نقل ابن رجب في"الذيل" (1/ 221) عن الحافظ المنذري: أنه ضبط هذه النسبة بفتح الحاء، وقال: وهذه النسبة الى بيع الحلواء أو عملها. وتعقبه بقوله: المعروف أنه بضم الحاء، وما أظنه منسوباً إلا إلى حُلوان البلد المعروف بالعراق. (¬1) في الصفحة 113.

3 - تعليقة في مسائل الخلاف

3 - تعليقة في مسائل الخلاف قال ابن رجب (1/ 21): "رأيت بخط 5 ما يقتضي أن له تعليقة في مسائل الخلاف كبيرة". وكذا ذكره العليمي (3/ 143) وذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 519). 4 - الروايتين والوجهين ذكره المرداوي في جملة مصادره لكتاب "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 17). وقد سبق التعريف بموضوع مثل هذا التصنيف في الكلام على"كتاب الروايتين" للقاضي أبي يعلى. * * * 66 - ابن بَركة (554 هـ) هو أحمد بن معالي - ويسمى أيضًا: عبد الله ابن بركة الحربي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 232 - 233). له: تعليقة في الفقه قال ابن رجب (1/ 233): له تعليقة في الفقه، وقفت على جزء منها. وذكره العليمي (3/ 157). * * * 67 - أبو حَكيم النَّهْرَواني (556 هـ) هو ابراهيم بن دينار بن أحمد بن الحسين، ابو حكيم، النَّهْرَواني، الرَّزّاز. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 239 - 241). له: 1 - شرح الهداية.

1 - شرح الهداية

2 - الفرائض. 1 - شرح الهداية أي "هداية" أبي الخطاب. ذكره ابن رجب (1/ 240) وقال: "كتب منه تسع مجلدات ومات ولم يكمله". وكذلك ذكره العليمي (3/ 166) وذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 9)، وابن تيمية في "الفتاوى" (20/ 228). وأحال عليه ابن رجب في "الإستخراج" (ص 174)، وأفاد منه المرداوي في "الإنصاف" كما صرح في المقدمة (ص 22) وقال: قطعة منه. 2 - الفرائض ذكره بكر أبو زيد (ص 865). ؤقال ابن رجب (1/ 240): وقد صنف أبو حكيم تصانيف في المذهب والفرائض. اهـ. ولم يسم شيئاً منها غير "شرح الهداية". * * * 68 - ابن عَبْدوس (559 هـ) هو علي بن عمر بن أحمد بن عمار بن أحمد بن علي بن عَبْدوس، أبو الحسن، الحرّاني. ينسب إلى جده الأعلى. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 241 - 244). له: 1 - المُذهب في المذهب. 2 - التذكرة. 3 - التسهيل. 1 - المُذهب في المذهب ذكره ابن رجب (1/ 242، 244) وخرج منه مسألة في استقبال القبلة، والعليمي (3/ 169) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 242) والبغدادي

2 - التذكرة

في "الهدية" (1/ 698) وابن بدران في "المدخل" (ص 417). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (1/ 83). 2 - التذكرة 3 - التسهيل ذكرهما المرداوي في جملة موارد كتابه "الإنصاف"، فقال في المقدمة (ص 19): " .. والتذكرة والتسهيل، لإبن عبدوس المتأخر على ما قيل". وهذا يجعلنا نتوقف في التحقق من نسبة هذين الكتابين إلى ابن عبدوس المترجَم. وذكر ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 47) كتاب "التذكرة" منسوباً إلى ابن عبدوس، ولم يفصح عن اسمه، وبيض لتاريخ وفاته، مما يدل على أنه لم يتحقق شيئاً من ذلك. وقال الدوسري فى هامشه: لم أعثر على ترجمته. ولعله الآتي في "الذيل" برقم (143). اهـ. يعني بذلك علياً هذا. وهناك من علماء الحنابلة ثلاثة كل واحد منهم يقال له ابن عبدوس: اللأول: هذا. والثاني: محمد بن عبدوس بن كامل. وهو من المتقدمين ترجمه ابن أبي يعلى في "الطبقات" (1/ 341) توفي سنة (293 هـ). والثالث: نصر الله بن عبد العزيز بن صالح الحرّاني. ذكره العليمي في "المنهج" (4/ 51) فيمن لم تؤرخ وفاتهم. وترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 447) وقال: قال ابن الحنبلي: مات ابن عبدوس قبل الستمئة بِآمِدَ، -رَحِمَهُ اللهُ-. وذكر في ترجمته أنه تلميذ أبي الحسن علي بن عمر صاحب "المذهب". فلعل هذا المتأخر هو صاحب "التذكرة" و"التسهيل" على ما يرمي إليه كلام المرداوي السابق. وقال المرداوي في وصف "التذكرة": إنه بناها على الصحيح من

69 - أبو يعلى الصغير (560 هـ)

الدليل (¬1). وذكرها بعد ذلك في ذكر منهجه في ترتيب المصادر وبيان طريقته في كتابه "الإنصاف". * * * 69 - أبو يَعْلى الصغير (560 هـ) هو محمد بن محمد بن محمد -ثلاثاً- بن الحسين، عماد الدين، أبو يعلى الصغير، ابن أبي خازم، ابن القاضي أبي يعلى الكبير. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 244 - 250). له: 1 - التعليقة 2 - المفردات. 3 - شرح المذهب. 4 - النكت والإشارات في المسائل المفردات. 1 - التعليقة ذكره ابن رجب (1/ 246) وقال: في مسائل الخلاف، كبيرة. والعليمي (3/ 176) والبغدادي في "الهدية" (2/ 94) والزركلي في "الأعلام" (7/ 24). وأفاد منه ابن رجب بعض المسائل، رأيت إثباتها هنا لما فيها من بيان طريقة المصنف، قال: "ذكر القاضي أبو يعلى الصغير في "تعليقته" -ونقلته من خطه- فيما إذا طرح في الماء طحلباً أو ورقاً أو طينا تعمدًا، فتغير به الماء: فهل يسلبه طهوريته؟ على وجهين. قال: وإن تغير بعود أو كافور أو دهن: ففيه وجهان. قال: ويتوجه على المذهب: أن يصح الوضوء والغسل من غير نية؛ لأن ¬

_ (¬1) الإنصاف 1/ 24.

2 - المفردات

الأثرم نقل عن أحمد: أنه سأله عن رجل اغتسل يوم الجمعة من جنابة، ينوي به غسل الجمعة؟ قال: أرجو أن يجزيه. قال: وظاهر هذا يقتضى الجواز. قال: وقد بنى القاضي هذه المسألة على أن التجديد هل يرفع الحدث أم لا؟ وقال: فأما إخراج البعير عن خمس من الإبل فلا يجوز عندنا في أحد الوجهين، والثاني: يجوز. وإذا قلنا: يُجزئ: فهل البعير كله فرض، أو خُمُسه؟ فيه وجهان. وفائدة الوجهين: أنه إذا كان الفرض قدر خُمُس البعير جاز هذا البعير الواحد عن خمسة وعشرين بعيراً، وهل الأصل الشاة أم البعير؟ فيه وجهان: أحدهما: الأصل كلاهما، أيهما أدى كان أصلاً. والثاني: الإبل أصل، والشاة بدل. وقال فيه: وجوب الحج على التراخي في إحدى الروايتين. ثم نصر هذا القول ورجحه. وقال أيضًا: تثبت الإستطاعة ببذل الإبن الطاعة، على قياس المذهب. والمنصوص: أنها لا تثبت ببذل الابن ماله وبدنه. وأخَذَه من قاعدة أحمد في تصرف الأب في مال ابنه، وبَسْطِه فيه. ونصر فيه أيضًا: أن الإحرام بالحج لا ينعقد في غير أشهر الحج. قال: ورواه هبة الله الطبري في "سننه" عن إمامنا أحمد، قال: والذي نقله جماعة الأصحاب واختاروه: أنه يصح في جميع السنة" (¬1). 2 - المفردات ذكره ابن رجب (1/ 246) والعليمي (3/ 176) والبغدادي في "الهدية" (2/ 94). وأحال عليه المرداوي في موضع من "الإنصاف" (4/ 247). ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 248 - 249.

3 - شرح المذهب

• مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، محفوظة تحت رقم (2718). وهي عبارة عن الجزء الأول من الكتاب، عدد أوراقها (221) ورقة، بخط نسخي مقروء، من دون معرفة الناسخ ولا تاريخ النسخ. 3 - شرح المذهب ذكره ابن رجب (1/ 246) وقال: وهو مما صنفه في شبيبته. وكذلك العليمي (3/ 176) والبغدادي في "الهدية" (2/ 94) والزركلي في "الأعلام" (7/ 24). وسبق لجده القاضي أبي يعلى الكبير (ت 458 هـ) كتاب بنفس الإسم. وخرج منه ابن رجب في "الذيل" (1/ 249 - 250) عدة مسائل، وهي تفيد بمجموعها أن الكتاب مصدر مهم لمعرفة الوجوه والإحتمالات في المذهب، والله أعلم. 4 - النكت والإشارات في المسائل المفردات ذكره ابن رجب (1/ 246) والعليمي (3/ 176) والبغدادي في "الهدية" (2/ 94) والزركلي في"الأعلام" (7/ 24). وهذا الكتاب غير الكتاب السابق"المفردات" بدليل ذكر المصادر السابقة لهما معاً في موضع واحد. * * * 70 - ابن هُبَيرة (560 هـ) هو يحيى بن محمد بن هُبَيرة، أبو الظفر، عون الدين، الشَيباني البغدادي، الوزير، العالم. ترجمه ابن رجب في"الذيل" (1/ 251 - 289).

1 - الإفصاح عن معاني الصحاح

له: 1 - الإفصاح عن معاني الصحاح. 2 - رحمة الأمة في اختلاف الأئمة. 3 - الإشراف على مذاهب الأشراف. 4 - العبادات الخمس. وفيما يلي تعريف بالكتب المذكورة بما توفر: 1 - الإفصاح عن معاني الصحاح ذكره ابن رجب (1/ 252) وقال: في عدة مجلدات. وقال في موضع آخر (ص 254): وهذا الكتاب بمفرده يشتمل على تسعة عشر كتابًا. وذكره الذهبي في "السير" (20/ 430) وقال: في عشر مجلدات. والعليمي (3/ 179)، وكثير من المصادر مما أغنى عن تتبعها، فنسبة هذا الكتاب إلى المؤلف أشهر من نار على علم. وذكره البغدادي في "الإيضاح" (1/ 155) باسم "الإيضاح عن معاني الصحاح" وهو تصحيف. وذكر له في "الهدية" (2/ 521): اختلاف العلماء، الإشراف على مذاهب الأشراف، الإفصاح عن شرح معاني الصحاح، الإيضاح عن معاني الصحاح، كتاب اللإجماع والإختلاف. وهي أسماء مختلفة لمسمى واحد. وهومن جملة مصادر "الإنصاف" للمرداوي كما في المقدمة (ص 17). • مخطوطات الكتاب: توجد مخطوطات الكتاب في كثير من مكتبات العالم، مثل: جامعة القرويين بفاس (506)، ومنها صورتان في الجامعة الإسلامية (4/ 4492) و (8261)، ومكتبة شستربتي بإيرلندا (3266 و 3355)، ودار الكتب الوطنية بتونس من مكتبة حسن حسني عبد الوهاب، ومنها صورة في الجامعة

الإسلامية (4563 و 5757)، ومكتبة الحرم النبوي الشريف (1227)، ومكتبة روضة الحديث بحيدر آباد (الهند) (130) ومكتبة خدابخش ببتنه (الهند)، والمكتبة البلدية بالأسكندرية (1310 ب)، ومكتبة أحمد الثالث بتركيا (1101)، ومكتبة جامعة برنستون (أمريكا) (287 و 2491) ولدي نسخة مصورة من هذه الأخيرة. • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة العلمية بحلب سنة (1347 هـ/ 1928 م)، طبعه مؤرخ حلب الشيخ محمد راغب الطباخ على نفقته، وصدر في مجلد واحد، وهو القسم الفقهي من الكتاب. ووضع له مقدمة في ذكر نسخ الكتاب التي وقعت له بالإضافة إلى ترجمة المؤلف. والنسخ التي اعتمد عليها في طباعة الكتاب تحصل على بعضها من حلب، وبعضها من مصر، وليس منها واحدة مما ذكر أعلاه، كما صرح في المقدمة بأنه اطلع على نسخ أخرى في الظاهرية (دمشق) واللاذقية. وطبعته المؤسسة السعيدية بالرياض سنة (1398 هـ / 1978 م) بإشراف الأساتذة سالم السيد الجلاد، وفتحي غريب، ومحمد شوقي أمين بالإعتماد على نسخة الظاهرية ونسخة المولوية. وطبع الجزء الأول منه في دولة قطر في رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية بتحقيق الأستاذ الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد، وقدم له الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود. وصدر سنة (1406 هـ/ 1986 م). • وصف الكتاب وموضوعه وما قيل فيه: أصل هذا الكتاب شرح لكتاب "الجمع بين الصحيحين": البخاري ومسلم، لأبي عبد الله محمد بن أبي النصر الحُميدي الأندلسي (ت 488 هـ) (¬1)، كما يلمح إليه ظاهر العنوان، ثم إن المؤلف لما بلغ حديث معاوية - رضي الله عنه - في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيراً يفقهه في ¬

_ (¬1) كشف الظنون ص 600.

الدين" (¬1)، استطرد في ذكر المسائل الفقهية الشهيرة وما فيها من الوفاق والخلاف. وفي ذلك يقول: "ولما انتهى تدوين الفقه إلى أربعةٍ كلٌّ منهم عدلٌ، رَضي عدالتهم الأمة، وأخذوا عنهم؛ لأخذهم عن الصحابة والتابعين والعلماء، فكان أخذ الأمة عنهم، وأخذهم هم عن الصحابة والتابعين، واستقر ذلك، وإن كلا منهم مقتدى، ولكل واحد من الأمة اتِّباع من شاء منهم فيما ذكره، وهم: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، - رضي الله عنهم -. رأيت أن أجعل ما أذكره من إجماع، مشيراً به إلى إجماع هؤلاء الأربعة، وما أذكر 5 من خلاف، مشيراً إلى الخلاف بينهم، رضي الله عنهم أجمعين، فمن ذلك: كتاب الطهارة، أجمعوا ... " (¬2). ثم إن الناس اعتنوا بهذا الجزء الفقهي من أصل الكتاب وأفردوه في مجلد، وصار عنوان الأصل: "الإفصاح"، عنواناً على هذا الجزء. وفي ذلك يقول الحافظ ابن رجب: "وقد أفرده الناس من الكتاب، وجعلوه مجلدة مفردة، وسموه بكتاب "الإفصاح" وهو قطعة منه" (¬3). جمع المؤلف في القسم المجتزأ من هذا الكتاب أهم ما اتُّفق عليه وما اختُلف فيه من الفروع بين المذاهب الأربعة التي عول جمهور المسلمين على العمل بها، واستعرض في ذلك جميع أبواب الفقه، مُصدراً المسألة بقوله. أجمعوا على كذا .. أو: اتفقوا على كذا .. ثم يفرِّع إن كان هناك تفريع، فيقول: ثم اختلفوا في كذا ... وتارة يُصدر بقوله: اختلفوا في كذا .. مما يدل على أن المسألة خلافية، وتارة يقول: أجمعوا على كذا إلَّا فلاناً. وينسب الخلاف إلى أصحابه بتفصيل يدل على رسوخ قدمه في الإشراف ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في العلم، الحديث: 71، وكرره في المواضع: 3116، 7312، ومسلم في الزكاة، الحديث: 1037. (¬2) الإفصاح ص 48، ط. راغب الطباخ. (¬3) الذيل 1/ 252.

على مذاهب الفقهاء. إلا أن مصطلح "الإجماع" و"الخلاف" منحصر في كتابه هذا في نطاق الأئمة الأربعة، وبالتالي لا يعتمد على هذا الكتاب في معرفة مواضع الإجماع في الفقه الإسلامي. والكتاب مجرد من الأدلة، فهو يعرض الأقوال من دون توجيه ولا تدليل ولا ترجيح بينها، فأعطى الكتاب طابعاً جمعياً على طريقة كتب ابن المنذر، مما جعل كافة أتباع المذاهب يقتني هذا الكتاب وبستفيد منه لمعرفة مذهب إمامه وغيره. ونظراً لأهمية هذا الكتاب بين صفوف العلماء من كافة المذاهب فقد حظي بالرواج والتقريظ والتنويه. قال الحافظ ابن رجب: "وهذا الكتاب صنفه في ولاية الوزارة، واعتنى به، وجمع عليه أئمة المذاهب، وأوفدهم من البلدان إليه لأجله، بحيث إنه أنفق على ذلك مائة ألف دينار، وثلاثة عشر ألف دينار، وحدث به، واجتمع الخَلق العظيم لسماعه عليه، وكتب به نسخة لخزانة المستنجد، وبعث ملوك الأطراف ووزراؤها وعلماؤها، واستنسخوا لهم به نُسخاً، ونقلوها إليهم، حتى السلطان نور الدين الشهيد. واشتغل به الفقهاء في ذلك الزمان على اختلاف مذاهبهم؛ يدرسون منه في المدارس والمساجد، ويعيده المعيدون، ويحفظ منه الفقهاء" (¬1). وقال حاجي خليفة لدى الكلام على "الجمع بين الصحيحين" للحميدي: "وله شروح، منها: شرح عون الدين أبي المظفر يحيى بن محمد المعروف بـ"ابن هبيرة" الوزير الحنبلي المتوفى سنة (560 هـ)، كشف عما فيه من الحِكَم النبوية. قال ابن قاضي شهبة في تاريخه: وسماه "الإيضاح عن معاني الصحاح" في عدة مجلدات ... وشرح أبي علي الحسن بن الخطير ¬

(¬1) الذيل 1/ 252.

2 - رحمة الأمة في اختلاف الأئمة

النعماني الظهير، وسماه "الحجة" اختصره من كتاب "الإفصاح في تفسير الصحاح" للوزير ابن هبيرة وزاد عليه أشياء" (¬1). وقال الشيخ راغب الطباخ: "أجاد مؤلفه تأليفه وأحسن ترتيبه، جمع فيه أهم ما اتفق عليه وما اختُلف فيه من الفروع بين المذاهب الأربعة التي عول جمهور المسلمين على العمل بها من صدر الإسلام إلى يومنا هذا، بحيث يغنيك في مدة وجيزة عن مطالعة الأسفار الضخمة في كل مذهب للوقوف على ذلك" (¬2). 2 - رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ويترجح أن هذا عنوان آخر للكتاب السابق. وفي دار الكتب المصرية نسخة محفوظة برقم (23198 ب) بالعنوان المذكور، تحتوي على (223) ورقة في (21) سطراً، نسخها إبراهيم على بخط نسخ حديث سنة (1275 هـ). كما توجد منه نسخة في دار الكتب الوطنية بتونس برقم (18064) وهي من مكتبة حسن حسني عبد الوهاب، تحتوي على (241) ورقة في (21) سطراً، نسخها أحمد بن محمد بخط مغربي سنة (41244 هـ). ومن هاتين النسختين صورتان في جامعة أم القوى بالأرقام (233) و (268). 3 - الإشراف على مذاهب الأشراف وهذا اسم ثالث للكتاب، وليس كتاباً جديداً. قال العلامة الحجوي: له -أي ابن هبيرة- كتاب "الإشراف على مذاهب الأشراف" في المذاهب الأربعة ذكره في"كشف الظنون"، وهو في خزانتي والحمد لله، ينقل عنه "فتح الباري" كثيراً (¬3).اهـ. ¬

_ (¬1) كشف الظنون ص 600. (¬2) من مقدمة الطباخ لكتاب "الإفصاح" ص 2. (¬3) الفكر السامي 2/ 359.

4 - العبادات الخمس

وبهذا الإسم تعرف كثير من مخطوطات الكتاب، كنسخة القرويين بفاس، ونسخة شستربتي. ويوجد على نسخة حسن حسني عبد الوهاب في المكتبة التونسية اسم "إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم"، وهذا يوافق ما في "كشف الظنون" (ص 1385) من نسبة كتاب إلى ابن هبيرة باسم "كتاب الإجماع والإختلاف". • الأعمال التي تمت عليه: سبق في كلام حاجي خليفة أنه لخص الكتاب أبو علي الحسن بن خطير النعماني الفارسي المتوفى سنة (598 هـ). والظاهر أن هذا التلخيص إنما هو لأصل الكتاب الذي يتألف من حوالي عشرة مجلدات، ولعله هو الذي كان مصدر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" في النقل عن ابن هبيرة. والله أعلم. ونقل ابن رجب في ترجمة المؤلف عدة فوائد من هذا الكتاب، بعضها من القسم الفقهي وبعضها من غيره. وعادة الحافظ ابن رجب في كتاب "الذيل" أن يخرج الفوائد والإختيارات والمسائل التي أغرب بها الأصحاب في كتبهم، وغالباً ما يبحثها ويناقشها. 4 - العبادات الخمس ذكره ابن رجب (1/ 252) وقال: على مذهب الإمام أحمد، وحدث به بحضرة العلماء من أئمة المذاهب. وذكره الذهبي في "السير" (20/ 430) والعليمي (3/ 180) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (3/ 108) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1437). * * * 71 - الشيخ عبد القادر الجَيْلاني (561 هـ) هو عبد القادر بن موسى بن عبد الله بن جَنْكِي دُوسْت، أبو محمد، محيي الدين، الحسني الجَيْلاني. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 290 - 301).

الغنية لطالبي طريق الحق

له الغنية لطالبي طريق الحق ذكره ابن رجب (1/ 296) والعليمي (3/ 244) وابن بدران في "المدخل" (ص 416). وأفاد منه ابن مفلح في "الآداب" في مواضع عديدة. وأفاد منه المرداوي في "الإنصاف" (1/ 192). وهو وإن كان كتاباً جامعاً لعدة علوم، ذا طابع صوفي، إلا أن فيه كثيراً من الفقه الحنبلي، مما رجح إدخاله في هذا الكتاب، ويؤيد هذا الترجيح اعتماد المرداوي له في جملة مصادر "الإنصاف" كما نص في المقدمة (ص 17). • مخطوطات الكتاب: يوجد له في المكتبة القادرية ببغداد خمس نسخ خطية: الأولى: برقم (1677) نسخت سنة (669 هـ) بقلم يوسف بن محمد بن يوسف. الثانية: برقم (38)، وهي منسوخة من نسخة دار الكتب المصرية برقم (105 تيمور) وتقع في (556) ورقة، نسخت سنة (853 هـ). الثالثة: برقم (436)، تقع في (150) ورقة، نسخها إسماعيل البَصري سنة (1180 هـ). الرابعة: برقم (1203) نسخت سنة (1294 هـ). الخامسة: برقم (37)، تقع في (294) ورقة. • طباعة الكتاب: - طُبع في القاهرة، بتصحيح فاروق إبراهيم عبد الغفار الدسوقي، والتزام محمد با عيسى رئيس تجار الحضارمة، وصدر عن دار الطباعة بالقاهرة سنة (1298 هـ/ 1871 م) في جزأين.

72 - مكي بن هبيرة (567 هـ)

- وطُبع في المطبعة الأميرية ببولاق (القاهرة) سنة (1288 هـ/ 1876 م) وأعيد طبعه بالأوفست في دار المعرفة ببيروت، دون تاريخ. - وطُبع في الهند على نفقة عز الدين المطبع المرتضوي، طبعة حجرية، سنة (1890 م). - وطُبع في مكة المكرمة في الطبعة الميرية سنة (1314 هـ/ 1896 م) في جزئين. - وطُبع في مطبعة مصطفى البالي الحلبي وأولاده بمصر سنة (1375 هـ/ 1956 م) في جزأين، بتصحيح لجنة التصحيح في المطبعة. - وطُبع في مكتبة الشرق الجديد ببغداد سنة (1405 هـ/ 1985 م) بتحقيق فرج توفيق الوليد في ثلاثة مجلدات. • وصف الكتاب: ينقسم كتاب الغنية إلى خمسة أقسام: الأول في الفقه، والثاني في العقائد والفرق، والثالث في المواعظ، والرابع في الفقه أيضًا، والخامس في التصوف. * * * 72 - مَكي بن هُبَيْرة (567 هـ) هو مَكِّي بن محمد بن هُبَيرة، أبو جعفر، البغدادي، الأديب. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 323). له: نظم مختصر الخرقي ذكره ابن رجب (1/ 323) وقال: قُرئ عليه مرات. وذكره العليمي (3/ 263) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (3/ 41) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 29).

73 - أبو العلاء الهمذاني (569 هـ)

73 - أبو العلاء الهَمَذاني (569 هـ) هو الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد، أبو العلاء، المعروف بـ"العَطَّار"، الهَمَذاني. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 324 - 329). له: زاد المسافر ذكره ابن رجب (1/ 326) والذهبي في "السير" (21/ 42) والعليمي (3/ 266) وقالوا: نحو من خمسين مجلدة. وذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 946) والبغدادي في"الإيضاح" (1/ 606) و"الهدية" (1/ 280) وقال: في خمس مجلدات. وذكره الزركلي في "الأعلام" (2/ 181) وسماه: "زاد السير في التفسير" وقال: خمسون جزءاً. وذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 29). وهذا يقتضي عنده أن يكون في الفقه وأصوله، وكذلك الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 813). ولم أجد من كشف عن حقيقة موضوع الكتاب، فليحرر، ولا يكفي ظاهر العنوان في ذلك. ولدي قرينتان تقتضيان استبعاد كون الكتاب في موضوع الفقه وأصوله: الأولى: وصف المترجَم بأنه: مقرئ، محدث، حافظ، أديب، لغوي. ولم يوصف بكونه فقيهاً، مع أن العادة فيمن يصنف كتابًا فقهياً بالحجم المذكور أن يكون مشاركاً في الفقه على الأقل. الثانية: قال ابن رجب: وله التصانيف الكثيرة في أنواع علوم الحديث والزهديات والرقائق وغير ذلك، ومن جملة ما صنف"زاد المسافر" (¬1).اهـ. وهذا يوحي بأن الكتاب يصنف في أحد العلوم المذكورة، ولو كان في الفقه لكان بَدَهياً أن يذكر الفقه في أنواع العلوم التي ذكر أنه صنف فيها. والله أعلم. * * * ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 325.

74 - المجمعي (571 هـ)

74 - المُجَمِّعي (571 هـ) هو محمد بن عبد الباقي بن هبة الله، أبو المحاسن، المُجمِّعي، المُوْصِلي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 335). له: شرح غريب ألفاظ الخرقي ذكره ابن رجب (1/ 335) والعليمي (3/ 272) وابن مفلح في " المقصد الأرشد" (2/ 445). * * * 75 - ابن بَكْروس (576 هـ) هو علي بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بَكْروس، أبو الحسين، الدينَوري ثم البغدادي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 348). له: 1 - رؤوس المسائل ذكره ابن رجب (1/ 348) والعليمي (3/ 285) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 256). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (15/ 204). 2 - الأعلام ذكره ابن رجب والعليمي في المواضع السابقة. ولعله في الفقه، إذ لم يكن مصنفه معروفاً بغير "الفقيه". والله أعلم. * * * 76 - ابن أبي حَرْب (583 هـ) هو عبد المغيث بن زهير بن زهير بن علوي، أبو العز، ابن أبي حرب، الحربي.

الدليل الواضح

ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 354 - 358). له: الدليل الواضح واسمه الكامل: الدليل الواضح في النهي عن ارتكاب الهوى الفاضح. ذكره ابن رجب (1/ 357) وقال: "يشتمل على تحريم الغناء وآلات اللهو. وذكر فيه تحريم الدف بكل حال، في العرس وغيره. وأجاب عن حديث: "أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف" بأن معناه: أعلنوه إعلاناً يبلغ ما يبلغ صوت الدف لو ضُرب به؛ لتمحوا سنة الجاهلية من نكاح البغايا المستتر به. وأجاب عن حديث الجاريتين اللتين كانتا تغنيان في بيت عائشة، بأنهما لم نكونا مكلفتين لصغرهما. قال: وقد أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على تسميته "مزمار الشيطان" وربما أشار إلى أنه منسوخ. وهذا مذهب ضعيف" (¬1). وسبق التنويه (¬2) بمصنفات الحنابلة في الغناء والملاهي لدى التعريف بكتاب "أحكام الملاهي" لإبن المنادي (ت 336 هـ). * * * 77 - ابن المَنِّي (583 هـ) هو نَصْر بن فِتْيان بن مَطر، أبو الفَتح، النَّهْرَواني، المعروف بابن المنِّي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 358 - 365). له: تعليقة في الخلاف ذكرها ابن رجب (1/ 362) وقال: كبيرة معروفة. وذكره العليمي (3/ 297) وابن مفلح في" المقصد الأرشد" (3/ 64). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف " (20/ 163) وابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص 114). ويبدو أنه كان مستظهراً لها، فقد قال ¬

_ (¬1) الذيل 1/ 357 - 358. (¬2) ص 42.

78 - العراقي (588 هـ)

تلميذه الناصح ابن الحنبلي: كانت تعليقة الخلاف على ذهنه (¬1). وقد صرف ابن المنّي همته طول عمره إلى الإهتمام بالفقه أصولًا وفروعًا، مذهبًا وخلافًا، اشتغالًا وإشغالًا، ومناظرة. وتصدر للتدريس والاشتغال والإفادة، وطال عمره، وبَعُد صيته، وكان مثابة للطلاب من مختلف البلاد، وتخرَّج على يديه أئمة كثيرون من أمثال: المقادسة: الموفق صاحب "المغني"، والحافظ عبد الغني، وأخوه العماد، والبهاء عبد الرحمن. والناصح ابن الحنبلي، وغيرهم من الشاميين والحرّانيّين والعراقيين، حتى قال الناصح ابن الحنبلي: وفقهاء الحنابلة اليوم في سائر البلاد يرجعون إليه، وإلى أصحابه. وعلق عليه ابن رجب بالقول: وإلى يومنا هذا الأمر على ذلك: فإن أهل زماننا إنما يرجعون في الفقه من جهة الشيوخ والكتب إلى الشيخين: موفق الدين المقدسي، ومجد الدين ابن تيمية الحرّاني. فأما الشيخ موفق الدين: فهو تلميذ ابن المنّي، وعنه أخذ الفقه. وأما ابن تيمية: فهو تلميذ تلميذه أبي بكر محمد بن الحلاوي (¬2). وإنما سقت هذه التعليقة لبيان مكانة ابن المنِّي في إثراء الفقه الحنبلي بتخريج كثير من أعيان علمائه، على الرغم من عدم شهرته في التأليف. * * * 78 - العِراقي (588 هـ) هو أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد، أبو العباس، البغدادي، المعروف "بالعراقي". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 376 - 377). له: ¬

_ (¬1) المقصد الأرشد 3/ 63، والمنهج الأحمد 3/ 296، ووقع في "ذيل طبقات الحنابلة" (1/ 360): وكان تعليقه الخلاف على ذهنه. (¬2) الذيل 1/ 360.

شرح عبادات الخرقي نظما

شرح عبادات الخرقي نظمًا أي: شرح قسم العبادات من "مختصر الخرقي" بمنظوم الكلام. أشار إليه ابن رجب (1/ 377) والعليمي (3/ 312) وابن مفلح في "المقصد" (1/ 98) * * * 79 - ابن يونُس (593 هـ) هو عُبيد الله بن يونُس بن أحمد، أبو المُظَفَّر، جلال الدين، الأَزَجِي، البغدادي، الوزير. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 392 - 395). له: 1 - أوهام أبي الخطاب الكلوذاني في الفرائض والوصايا وهو نقد لكتاب "التهذيب في الفرائض" لأبي الخطاب. ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 392). وقال في موضع، آخر منه (1/ 126): "صنف بعض أصحابنا -وهو الوزير ابن يونس- مصنفًا في أوهام أبي الخطاب في الفرائض، ومتعلقاتها من الوصايا والمسائل الحسابية، ولم أقف عليه كله، بل على بعضه". وذكره العليمي في "المنهج" (3/ 324) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 75) والزركلي في "الأعلام" (4/ 198). 2 - كتاب في الأصول ذكره ابن رجب (1/ 395) ولم يفصح عن اسمه، وهو غير الكتاب الذي صنفه في أصول الدين والمقالات، الذي ذكره له مترجموه بإزاء "أوهام أبي الخطاب".

80 - ابن الجوزي (597 هـ)

80 - ابن الجَوْزي (597 هـ) هو عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي، أبو الفرج، جمال الدين، البَكْري الصِّدّيقي، البغدادي، الشهير بابن الجَوْزي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 399 - 432). له (¬1): 1 - أحكام النساء. 2 - إحكام الإشعار بأحكام الأشعار. 3 - أسباب الهداية لأرباب البداية. 4 - الإنتصار في المسائل الخلافيات. 5 - الإنصاف في مسائل الخلاف. 6 - إيثار الإنصاف وآثار الخلاف. 7 - البازي الأشهب المنقضّ على من خالف المذهب. 8 - البلغة. 9 - تحريم الدبر = تحريم المحل المكروه. 10 - تحريم المتعة. 11 - التحقيق في أحاديث التعليق = التحقيق في مسائل التعليق. 12 - تعظيم الفتوى. 13 - تقرير القواعد وتحرير الفوائد. 14 - التلخيص. 15 - جُنة النظر. ¬

_ (¬1) تتبع الأستاذ عبد الحميد العلوجي مؤلفاته وأخرجها في كتاب مستقل طُبع سنة (1965 م)، وتعقبته الدكتورة ناجية عبد الله إبراهيم بكتابها "قراءة جديدة في مؤلفات ابن الجوزي" طُبع سنة (1987 م). وذكر بروكلمان (9/ 338) أنه يوجد كتاب جامع لمؤلفاته منه نسخة خطية فى مكتبة محمد الفاتح بإستانبول رقم (5296).

16 - درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم. 17 - الدلائل في منثور المسائل. 18 - الرد على إلكيا الهراسي. 19 - السر المصون. 20 - العبادات الخمس. 21 - العُدّة في أصول الفقه. 22 - فتوى فقيه العرب. 23 - الفرائض للوازم الفقه. 24 - فضائل الفقه. 25 - لغة الفقه. 26 - مثير العزم الساكن لأشرف المساكن. 27 - مختصر الفنون. 28 - مختصر المختصر في أحكام النظر. 29 - المَذهب الأحمد في فقه الإمام أحمد. 30 - المُذهب في المَذهب. 31 - المسائل المفردة. 32 - مسبوك الذهب في المذهب. 33 - المعتمد في الأصول. 34 - المناسك. 35 - المنفعة في المذاهب الأربعة. 36 - منهاج الوصول إلى علم الأصول. 37 - النبذة.

1 - أحكام النساء

1 - أحكام النساء ذكره ابن رجب (1/ 418) باسم: كتاب النساء وما يتعلق بآدابهن. وقال: مجلد. وكلذا العليمي (4/ 25). وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 21) والبغدادي في "الهدية" (1/ 521). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (2/ 58). وذكر له سبطه في "مرآة الزمان" كتابًا باسم "كتاب النساء" وقال: في مجلد، كما ذكره بروكلمان في "تاريخ الأدب العربي" (9/ 355 - ط. المنظمة العربية) ومنه نسخة في مكتبة جامعة ليبزج رقم (603). فيحتمل أن يكون هو، ويحتمل أن يكون هو كتاب "أخبار النساء". وهو كتاب مختصر مرتب على مئة وعشرة أبواب. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة السليمانية، قسم شهيد علي رقم (1435) في (50) ورقة، بخط نسخ جميل. وتوجد منه قطعة في المكتبة الظاهرية بدمشق رقم (4109/ عام) في (16) ورقة بخط معتاد. وقطعة أخرى رقم (9409/ عام) في (10) أوراق بخط نسخ معتاد، ونسخة ثالثة برقم (3303/ عام) في (34) ورقة بخط نسخ. وتوجد منه نسخة بخزانة بغداد لي وهبي أفندي بإستنابول رقم (1103). • طباعة الكتاب: حققه عبد الله القاضي، وصدر عن دار الكتب العلمية ببيروت سنة (1405 هـ/ 1985 م). ثم نشرته دار الجيل في بيروت ومكتبة التراث الإسلامي في القاهرة سنة (1404 هـ/ 1984 م) في (158 هـ). وهو كتاب ذكر فيه المؤلف ما يتعلق بالنساء من أحكام العبادات،

2 - إحكام الإشعار بأحكام الأشعار

والآداب الشرعية المتعلقة باللباس، والزينة، والبر والصلة، والعلاقة الزوجية، وتربية الأولاد، ونحو ذلك. ثم ختم الكتاب بذكر أخبار جملة من فضليات النساء. • الأعمال التي تمت عليه: اختصره أبو بكر الجرّاعي كما في "السحب الوابلة" (ص 308). 2 - إحكام الإشعار بأحكام الأشعار ذكره ابن رجب (1/ 419) وقال: عشرون جزءًا. وكذا العليمي (4/ 26)، وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 17). وذكره أيضًا: سبط ابن الجوزي في "مرآة الزمان" والذهبي في "تاريخ الإسلام" والصفدي في "الوافي بالوفيات" (¬1). • موضوع الكتاب: يدور موضوع الكتاب -بحسب ما يوحي العنوان- حول الأحكام المتعلقة بالشِّعر قرضًا وسماعًا، إلا أن الكتاب أوسع من ذلك فيما يبدو، فقد ذكر حاجي خليفة أن المؤلف رتبه على عشرة أبواب فيما يدل على مدح الشِّعر وكراهته، وما روي عن الأنبياء، وما سمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما تمثل به الصحابة، وما روي عن الخلفاء والعلماء والعشاق والزهاد، ومن حفظه في المنام (¬2). وبهذا الوصف يدخل هذا الكتاب في شرط كتابنا؛ بما يقدم من مادة تمهيدية لبناء حكم شرعي متكامل في موضوع الشِّعر بمختلف أغراضه. والله أعلم. 3 - أسباب الهداية لأرباب البداية ذكره ابن رجب (1/ 418) وقال: مجلد، وكذا العليمي (4/ 25) والذهبي في "السير" (21/ 369) والبغدادي في "الهدية" (1/ 521) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 30). ¬

_ (¬1) مؤلفات ابن الجوزي ص 84. (¬2) كشف الظنون (ص 17).

4 - الإنتصار في المسائل الخلافيات

وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (1/ 291). وهو كتاب في الفقه إذ أَدْرَجه ابن رجب في ثبت مصنفاته الفقهية. والله أعلم بتفصيل محتواه. 4 - الإنتصار في المسائل الخلافيات ذكره الذهبي في "السير" (21/ 368) وقال: مجلدان. ولابن الجوزي كتاب باسم: الإنتصار لإبن بطة، في الرد على الخطيب البغدادي (¬1). وهو في الجرح والتعديل، في تبرئة ابن بطة مما حط عليه به الخطيب في تاريخه. ولعله هو نفس كتاب "السهم المصيب في الرد على الخطيب". وأما "الإنتصار" هذا فهو في الخلاف، أو: الفقه المقارن، على ما يوحي به ظاهر العنوان. 5 - الإنصاف في مسائل الخلاف ذكره ابن رجب (1/ 418) والعليمي (4/ 25) والذهبي في "تذكرة الحفاظ" (4/ 1342) وسبط ابن الجوزي في "مرآة الزمان" (8/ 481) قائلًا: في مجلد. وذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 182) وقال: إن المؤلف لم ير تعليقة في الخلاف غير تعليقة القاضي أبي يعلى، فصنف هذا الكتاب. وكذا ذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 521) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 29). وهو كتاب في الفقه المقارن، ويحتمل أن يكون هو عين "الإنتصار". 6 - إيثار الإنصاف وآثار الخلاف قال العلوجي: "منه نسخة مخطوطة في خزانة أبي اليسر عابدين مفتي دمشق، وذكر التقي الفاسي في "منتخب المختار" كتابًا بعنوان "إيثار الإنصاف ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "الحيل" لإبن بطة، ص 26.

7 - البازي الأشهب المنقض على مخالفي المذهب

في مسائل الخلاف" نسبه إلى سبط ابن الجوزي" (¬1). ويترجح عندي أن هذا الكتاب هو لسبطه المذكور، وهو تُركي الأب حنفي المذهب، ذُكر هذا الكتاب منسوبًا إليه في ترجمته، ويؤيد ذلك أيضًا امتلاك أبي اليسر عابدين له، والذي كان من فقهاء الحنفية في الشام. ويبدو أن هذا الكتاب صنفه سبط ابن الجوزي في الإنتصار لأبي حنيفة والرد على الخطيب البغدادي. وبهذا يخرج عن صدد موضوعنا. والله أعلم. وذكره العلوجى في جملة آثار ابن الجوزي المخطوطة. 7 - البازي الأشهب المنقضّ على مخالفي المذهب ذكره ابن رجب (1/ 420) والعليمي (4/ 26) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 218) والبغدادي في "الهدية" (1/ 521). • مخطوطات الكتاب: قال العلوجي: "منه مخطوطات كثيرة موزعة بين: غوطا برقم (716). والمكتبة الآصفية بحيدرآ باد (2/ 1294) رقم (225). كوبريلي برقم (1202/ 2). وبتنا: مفتاح الكنوز الخفية 1/ 82 رقم (832). وأخبرني الأستاذ الشيخ جلال الحنفي بوجود نسخة مخطوطة منه في مكتبة المدرسة القادرية ببغداد ضمن مجموع برقم 59 - 67، وفي آخرها قصيدة لامية لإبن الجوزي. ومنه أيضًا نسختان مخطوطتان في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد ضمن مجموعتين برقم (3770) و (23165) " (¬2). ¬

_ (¬1) مؤلفات ابن الجوزي ص 97. (¬2) مؤلفات ابن الجوزي ص 99. وبروكلمان (9/ 348).

8 - البلغة

• موضوع الكتاب: نلاحظ تضاربًا بين وصف ابن رجب للكتاب وبين الموجود من نسخه الخطية، فقد قال ابن رجب: هو تعليقة في الفقه، كبير. وقال حاجي خليفة: مختصر، صنف في تأييد مذهبه والرد على المجسمة. وفي "فهرس المخطوطات المصورة" لفؤاد السيد (1/ 118): وهي رسالة في الرد على أصحاب المؤلِّف من الحنابلة المجسمة!!. وبهذا يُقَدَّر أن الموجود من مخطوطات الكتاب إنما هو "دفع شُبه التشبيه" للمؤلف أو اختصار له، وأن "البازي الأشهب" يعتبر في حكم المفقود. والله أعلم. 8 - البلغة ذكره سبطه في "المرآة" (4/ 481) وقال: مجلد. وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 253) والبغدادي في "الهدية" (1/ 521). وهو في الفقه، كما أفاده حاجي خليفة. 9 - تحريم الدبر = تحريم المحل المكروه أي: تحريم إتيان الأزواج أزواجهم في أدبارهن. ذكره ابن رجب (1/ 419) وقال: جزء. وهو كذلك في "فهرست كتب ابن الجوزي" (¬1). 10 - تحريم المتعة أي: تحريم نكاح المتعة. ذكره سبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481) باسم: الرد على القائلين بجواز المتعة. وسبق لإبن بطة العكبري (ت 387 هـ) كتاب بهذا العنوان. ¬

_ (¬1) مؤلفات ابن الجوزي ص 106.

11 - التحقيق في مسائل التعليق

11 - التحقيق في مسائل التعليق وفي بعض المصادر: التحقيق في أحاديث التعليق. ذكره ابن رجب (1/ 417) وقال: مجلدان. وكذا العليمي (4/ 24) والذهبي في "السير" (21/ 368) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 379) ذكره مع مختصره للبرهان إبراهيم بن علي بن عبد الحق (ت 744 هـ). والبغدادي في "الهدية (1/ 521) والزركلي في "الأعلام" (3/ 317) وابن بدران في "المدخل" (ص 452). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية برقم (2 - فقه حنبلي)، عدد أوراقها (277) ورقة، كُتبت بخط أحمد بن عبد الدايم المقدسي سنة (624 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (54). وتوجد منه نسخة أخرى في دار الكتب المصرية رقم (23948) عدد أوراقها (635) ورقة كتبها حسن فهمي بن الخطاب سنة (1368 هـ) بخط نسخ معتاد. ومنها صورة في جامعة أم القرى (67). وتوجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق رقم (300 - حديث) عدد أوراقها (199) ورقة، وهي تمثل الجزء الثالث من الكتاب، وهو تمام الكتاب، ولديَّ نسخة مصورة عنها. وتوجد نسخة أيضًا بالظاهرية رقم (302 - حديث) عدد أوراقها (197) ورقة، وهي قطعة من الجزء الأول. وتوجد قطعة منه في الظاهرية أيضًا رقم (3808) ضمن مجموع رقم (72) تقع في (15) ورقة بخط نسخ قليل الإعجام. وتوجد منه نسخة في الخزانة العامة بالرباط (2702) عدد أوراقها (105) ورقة، بخط مغربي. ومنها صورة في جامعة أم القرى (266).

• طباعة الكتاب: نشر الجزء الأول منه الشيخ محمد حامد الفقي -رَحِمَهُ اللهُ- في القاهرة، وطُبع في مطبعة السنة المحمدية سنة (1373 هـ / 1954 م). وطُبع طبعة ثانية في مطبعة القهوي بالكويت سنة (1402 هـ / 1983 م) عن الطبعة السابقة. وحققه الأستاذان: إبراهيم بن عبد الله اللاحم، وإبراهيم بن حمد السلطان، في رسالتين جامعيتين قدماها لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام (1404 هـ/ 1984 م)؛ الأولى في كلية أصول الدين، والثانية في المعهد العالي للقضاء (¬1). • وصف الكتاب: ألف ابن الجوزي هذا الكتاب في الأصل لنقد بعض الأحاديث التي استدل بها القاضي أبو يعلى في كتابه الكبير في الخلاف المسمى "التعليق". فتعقبه فيها، وهو بذلك يكون متعقبًا لجميع كتب الخلاف التي انبنت على كتاب القاضي أبي يعلى. ثم جره البحث إلى مناقشة الأحكام المبنية على تلك الأحاديث، وسلك مسلك الانتصاف بالوقوف مع الدليل الصحيح، وتجنب الإعتساف بطرح الدليل الضعيف. وقد كشف عن ذلك في المقدمة، فقال: "هذا كتاب نذكر فيه مذهبنا في مسائل الخلاف، ومذهب المخالف، ونكشف عن دليل المذهبين من النقل كشف مناصِفٍ، لا نميل لنا ولا علينا فيما نقول، ولا نجازف، وسيحمدنا المطلع عليه إن كان منصفًا، والواقف، ويعلم أننا أولى بالصحيح من جميع الطوائف". ثم قال: "وكان سبب إثارة العزم لتصنيف هذا الكتاب أن جماعة من إخواني ومشايخي في الفقه كانوا يسألوني في زمن الصِّبا جمعَ أحاديث "التعليق" وما ¬

_ (¬1) وينظر: مؤلفات ابن الجوزي للعلوجي ص 107 - 108.

صح منها وما طُعن فيه. وكنت أَتَوانَى عن هذا لسببين، أحدهما: اشتغالي بالطلب. والثاني: ظني أن ما في التعاليق من ذلك يكفي. فلما نظرت في التعاليق رأيت بضاعة أكثر الفقهاء في الحديث مزجاة، يعوِّل أكثرهم على أحاديث لا تصح، ويُعرض عن الصِّحاح، ويقلِّد بعضهم بعضًا فيما ينقل. ثم قد انقسم المتأخرون ثلاثة أقسام: القسم الأول: قوم غلب عليهم الكسل، ورأوا أن في البحث تعبًا وكلفة، فتعجلوا الراحة، واقتنعوا بما سطره غيرهم. والقسم الثاني: قوم لم يهتدوا إلى أمكنة الأحاديث، وعلموا أنه لابد من سؤال من يعلم هذا، فاستنكفوا عن ذلك. والقسم الثالث: قوم مقصودهم التوسع في الكلام طلبًا للتقدم والرياسة، واشتغالهم بالجدل والقياس، ولا التفات لهم إلى الحديث؛ لا إلى تصحيحه ولا إلى الطعن فيه. وليس هذا شأن من استظهر لدينه، وطلب الوثيقة في أمره ... إلى أن قال: ورأيت جمهور مشايخنا يقولون في تصانيفهم: دليلنا ما روى أبو بكر الخلال بإسناده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. ودليلنا ما روى أبو بكر عبد العزيز بإسناده .. ودليلنا ما روى ابن بطة بإسناده .. وجمهور تلك الأحاديث في الصحاح وفي "المسند" والسنن" (¬1). اهـ. وهذه المقدمة تُبين عن منهاج المصنفين في الخلاف بعامة، وتكشف جوانب الضعف في الإنتصار لمذاهب الأئمة في تلك الكتب، عند التعامل مع السنة أخذًا وردا. ويعتبر كتاب "التحقيق" من أهم المصادر في نقد أحاديث الأحكام وبيان أحوالها، أسانيد ومتونًا، ولهذا اعتمد عليه الزيلعي في "نصب الراية" اعتمادًا كبيرًا. ثم إن ابن الجوزي أخذ في تخريج أحاديث التعليق بإسناده على شرطٍ ذَكَره هو. ومنهجه في ذلك بأن يذكر المسألة، فيقول مثلًا: "مسألة: الطَّهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره" ثم يفيض في بيان الحديث، فيذكره أولًا ¬

_ (¬1) التحقيق: 1/ 22 - 23، ط. دار الكتب العلمية، 1415 هـ، و"المدخل" لإبن بدران ص 452 - 454.

12 - تعظيم الفتوى

بإسناده، ثم يتكلم عليه بكلام كافٍ شافٍ (¬1). • الأعمال التي تمت على الكتاب: اختصره برهان الدين إبراهيم بن علي بن عبد الحق (ت 744 هـ). كما سبق في "كشف الظنون". ونقحه: 1 - الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ). في كتاب سماه: تنقيح كتاب التحقيق. توجد منه نسخة خطية في مكتبة فيض الله أفندي (استانبول) رقم (296) في (187) ورقة كتبت سنة (729 هـ) بخط المؤلف، وعليها توقيعات علي بن عبد الكافي السبكي سنة (749 هـ) وصلاح الدين الصفدي سنة (735 هـ) الذي قرأه في منزل الذهبي (¬2). 2 - ابن عبد الهادي، محمد بن أحمد بن عبد الحميد (ت 744 هـ). في كتاب سماه: التحقيق في أحاديث التعليق. قال ابن بدران في "المدخل" ص (455): نقح "التحقيق" لإبن الجوزي، وحذف أسانيده، ونسب أحاديثه إلى من خرجها من الأئمة الأعلام، وتكلم عليها بما يليق بها. اهـ. وسيأتي في محله. التحقيق في أحاديث التعليق انظر: التحقيق في مسائل التعليق. 12 - تعظيم الفتوى ذكره سبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481) وقال: إنه في جزء. • نسخه الخطية: توجد منه نسخة في مكتبة شسشربتي برقم (3829) عدد أوراقها (9) ¬

_ (¬1) المدخل، لإبن بدران ص 454. (¬2) فهرس المخطوطات المصورة 1/ 70.

13 - تقرير القواعد وتحرير الفوائد

ورقات، كتبها أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن علي الشهروزي (ت 701 هـ) بخط نسخ جيد، ويعود تاريخ نسخها إلى سنة (665 هـ). ومنها نسخة في جامعة أم القرى (261). كما توجد منه نسخة أخرى في مكتبة جامعة ييل (¬1). 13 - تقرير القواعد وتحرير الفوائد ذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 521) وبروكلمان في "تاريخ الأدب العربي" (9/ 348 - ط. المنظمة العربية). • نسخه الخطية: توجد منه نسخة في خزانة أسعد أفندي بإستانبول رقم (305). كما توجد منه نسخة في بتنا (الهند) كما في مفتاح الكنوز الخفية (1/ 82). وهو في أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل. ويشتبه هذا الكتاب في الإسم مع كتاب "القواعد" لإبن رجب الحنبلي. 14 - التلخيص ذكره سبطه في "مرآة الزمان" مرتين. وقال: إنه في علم التفسير. وذكره ابن الفرات بعنوان "تخليص الصحيح من التكسير فى علم التفسير" (¬2). ولم أر من ذكره في الفقه غير الدوسري في هامش "الدر المنضد" (ص 30) وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" (ص 814). 15 - جُنّة النظر وجَنّة المنتظر ذكره ابن رجب (1/ 418) وقال: وهي التعليقة الوسطى. وكذا العليمي (4/ 25) والبغدادي في "الهدية" (1/ 521). وذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 188) باسم: منهاجة النظر وجنة الفطر. ويقابل التعليقة الوسطى (= جنة النظر) التعليقة الكبرى، وهي المسماة ¬

_ (¬1) مؤلفات ابن الجوزي ص 110. (¬2) مؤلفات ابن الجوزي ص 113.

16 - درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم

"البازي الأشهب المنقض على من خالف المذهب"، وقد سبق، والتعليقة الصغرى، وهي المسماة "الدلائل" أو"عُمَد الدلائل" وسيأتي. 16 - درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم ذكره ابن رجب (1/ 418) باسم: كتاب رد اللوم والضيم في صوم يوم الغيم، وقال: جزء. وكذا العليمي (4/ 25) والبغدادي في "الهدية" (1/ 521) وقال: في جزأين. وذكره أيضًا في "الإيضاح" (1/ 443). • مخطوطاته: منه قطعة في دار الكتب الظاهرية بدمشق رقم (2946) في (3) أوراق، بخط معتاد قليل الإعجام، بقلم عبد الرزاق بن رزق الله. وتوجد منه نسخة في الظاهرية أيضارقم (37 - توحيد) تقع في (29) ورقة. ويبدو أن ابن الجوزي انتصر في هذه الرسالة للقول بوجوب الصيام يوم الثلاثين من شعبان، إذا كانت السماء ليلت 5 محجوبة بغمام أو قتر يمنع من رؤية الهلال. وقرينة ذلك: أن المرداوي ذكر هذا الكتاب في "الإنصاف" (7/ 330) وأفاد منه أن ابن الجوزي قال: ظاهر كلام الإمام أحمد، واختيار أكثر مشايخنا المتقدمين أن تُصلَّى التراويح ليلة الإغمام. وقد سبق الكلام على هذا الموضوع لدى التعريف بكتاب "إيجاب الصيام ليلة الإغمام" (¬1) للقاضي أبي يعلى. 17 - الدلائل في منثور المسائل ذكره ابن رجب (1/ 418) باسم: عُمَد الدلائل في مشتهر المسائل. وقال: هي التعليقة الصغرى. وكذا العليمي (4/ 25) والذهبي في "السير" (21/ 368) باسم: مشهور المسائل. وقال: مجلدان. وذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 1172) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 477) وذكر له في "الهدية" (1/ 521 و 522) كتابين: الدلائل في منثور المسائل، وعمدة الدلائل. ¬

_ (¬1) في الصفحة 84.

18 - الرد على إلكيا الهراسي

وورد في "فهرست كتب ابن الجوزي" كتاب باسم "رؤوس المسائل" ولعله هو نفس كتاب "الدلائل" (¬1). وذكره العلوجي في فهرس آثاره المخطوطة. 18 - الرد على إِلْكِيا الهَرَّاسي ويسمى "كشف الظلمة عن الضيا في رد دعوى". كما في "الذيل" لإبن رجب (1/ 418) وواضح أنه سقط منه "إلكيا". وكذا ذكره في "المنهج الأحمد" (4/ 25) والبغدادي في "هدية العارفين" (1/ 522) باسم: كشف الظلمة عن الضيا في رد دعوى كليا. وذكره ابن حميد في "الدر" (ص 30) مختصرًا باسم "كشف الظلمة". وهو في موضوع "المفردات" على غرار "المفردات" لابن عقيل. 19 - السر المصون ذكره ابن رجب (1/ 417) وقال: إنه مجلد. وقال سبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481): إنه جزء. وذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 521). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (7/ 316). وفي "فهرست كتب ابن الجوزي": أنه في علم الأصول (¬2). وتفيد النقول التي أثبتها ابن مفلح من هذا الكتاب في "الآداب الشرعية" أنه في الآداب والمواعظ والتدبير (¬3). فيكون خارجًا عن صدد موضوع كتابنا. 20 - العبادات الخمس ذكره ابن رجب (1/ 418) وقال: جزء. وكذا العليمي (4/ 25) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 30). وهو يتفق في العنوان مع كتاب سبق في مصنفات أبي الخطاب الكلوذاني. ¬

_ (¬1) مؤلفات ابن الجوزي ص 137. (¬2) مؤلفات ابن الجوزي ص 142. (¬3) الآداب الشرعية 1/ 238، 241 و 2/ 184، 221 و 3/ 465

21 - العدة في أصول الفقه

21 - العُدّة في أصول الفقه ذكره سبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481) وقال: إنه جزء. 22 - فتوى فقيه العرب ذكره سبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481) وقال: إنه جزء. 23 - الفرائض للوازم الفقه ذكره سبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481) وقال: إنه جزء. 24 - فضائل الفقه ذكره سبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481) وقال: إنه جزء. 25 - لغة الفقه ذكره ابن رجب (1/ 420) وقال: جزءان (¬1). وكذا العليمي (4/ 27). 26 - مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن ذكره ابن رجب (1/ 418) وقال: مجلد. والذهبي في "السير" (21/ 368) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1589) وقال: ذكره الحصني في الرد على ابن تيمية. وذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 522) باسم: مثير الغرام ... • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة البودلية بأكسفورد رقم (2/ 571، 129). ونسختان في مكتبة برلين: الأولى برقم (4542) والثانية برقم (1452). ونسخة بالمكتبة الظاهرية برقم (53117). ومنه منتخبات مخطوطة في جامعة برنستون برقم (171). ونسخة في جامع الفاتح بإستانبول رقم (4470). ونسخة في دار الكتب المصرية برقم (1432 - تاريخ). ¬

_ (¬1) وعلق عليه بقوله: وقيل: إن له غيره. وهي عبارة غير مفهومة، ولعلها: وقيل: إنه لغيره.

27 - مختصر الفنون

• طباعة الكتاب: طُبع بعنوان "مثير العزم الساكن في فضائل البقاع والأماكن" في بيروت وصدر عن المعهد الألماني للدراسات الشرقية. وهو وإن كان في تاريخ الحرمين الشريفين إلا أن فيه كثيرًا من أحكام الحج وما يتعلق بالمناسك، مما سوغ ذكره في هذا الكتاب. 27 - مختصر الفنون أي مختصر كتاب "الفنون" لإبن عقيل. ذكره ابن رجب (1/ 420 - 421) وقال: في بضعة عشر مجلدًا. وكذا العليمي (4/ 27) والذهبي في "السير" (21/ 369). ونظرًا لاشتمال الأصل على كثير من الفقه الحنبلي، فإن المقدر أن يكون مختصره كذلك. وذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 29). 28 - مختصر المختصر في أحكام النظر كذا سماه ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 35). وذكره ابن رجب (1/ 418) باسم: معتصر المختصر في مسائل النظر. وقال: إنه دون كتاب "جُنة النظر" الذي هو التعليقة الوسطى. وبهذا يستبعد أن يكون في أحكام البصر كما قد يفهم من العنوان المترجم، ويغلب أن يكون في الخلاف أو الجدل. 29 - المذهب الأحمد في فقه الإمام أحمد قال العلوجي: "أشارت نشرة أخبار التراث العربي في عددها الثامن 1983 إلى قيام عبد الرحمن بن محمد العنزي بتحقيقه موضوعًا لرسالة جامعية سجلها في المعهد العالي للقضاء (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض) لنيل الدكتوراة" (¬1). ومعلوم أن هذا الكتاب لولده يوسف (ت 656 هـ) كما سيأتي توثيقه في محله. ¬

_ (¬1) مؤلفات ابن الجوزي ص 209.

30 - المذهب في المذهب

30 - المُذهب في المَذهب ذكره ابن رجب (1/ 418) والعليمي (4/ 25) والذهبي في "السير" (21/ 368) وقال: مجلد. وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1646) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 30). وذكره سبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481) وقال: إنه جزءان. وجعله المرداوي من جملة مصادره في "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 17). • طباعة الكتاب: طُبع في بومباي سنة (1378 هـ 1959/ م). وطُبع في القاهرة بعناية قاسم ابن درويش فخرو. 31 - المسائل المفردة ذكره سبطه في مرآة الزمان (4/ 481) وقال إنه جزء. 32 - مسبوك المذهب في المذهب ذكره ابن رجب (1/ 418) وقال: مجلد. وكذا العليمي (4/ 25) وسبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1671) والبغدادي في "الهدية" (1/ 522) وابن حميد في "الدر المنضد". وجعله المرداوي من جملة مصادره في "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 17). 33 - المعتمد في الأصول ذكره سبطه في "تذكرة الخواص" (¬1). 34 - المناسك ذكره سبطه في "مرآة الزمان" (4/ 481) وقال: إنه جزء. 35 - المنفعة في المذاهب الأربعة ذكره ابن رجب (1/ 420) وقال: مجلدان. وكذا العليمي (4/ 27) والذهبي في "السير" (21/ 370) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 583) ¬

_ (¬1) مؤلفات ابن الجوزي ص 215.

36 - منهاج الوصول إلى علم الأصول

و"الهدية" (1/ 523). 36 - منهاج الوصول إلى علم الأصول تبين بعد البحث والتمحيص أنه في أصول الدين. فذكرته هنا لئلا يُغتر بعنوانه فيعدّ في أصول الفقه. 37 - النبذة ذكره ابن رجب (1/ 418) في جملة مصنفاته في الفقه، وقال: جزء. وكذا العليمي (4/ 25) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 30). وتوجد قطعة في دار الكتب الظاهرية (3783) في ورقتين بخط نسخ لمؤلف مجهول بعنوان: نبذة في الفقه الحنبلي. فلعله هو. * * * 81 - ابن الصَّقَّال (599 هـ) هو إبراهيم بن محمد بن أحمد بن الصَّقّال، أبو إسحاق، موفق الدين، الطِّيبي (¬1)، الأّزَجي البغدادي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (1/ 440 - 42). له: 1 - الترغيب. 2 - الإنبا عن تحريم الربا. 1 - الترغيب ذكره ابن رجب (1/ 441) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 31). 2 - الإنبا عن تحريم الربا نسبه إليه الدوسري في ذيل "الدر المنضد" (ص 31) والشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 856). ¬

_ (¬1) نسبة إلى بلدة قديمة بين واسط والأهواز تسمى الطِّيب. "معجم البلدان" 4/ 52.

82 - يحيى الأزجي (لم تورخ وفاته)

والصواب أنه ليس من تأليفه، بل هو من تأليف محمود بن علي النُّميري الحراني أبو الثناء. ذكره ابن رجب في "الذيل" (1/ 208 و 2/ 38) وقال: تكلم فيه على بيع الفضة المغشوشة بالخالصة. * * * 82 - يَحيى الأَزَجي (لم تورخ وفاته) هو يحيى بن يحيى الأَزَجي. ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 125) وقال: لم أعلم له ترجمة، ولا وجدته مذكورًا في تاريخ. ويغلب على ظني أنه توفي بعد الستمئة بقليل. وأرخ ابن حميد وفاته في "الدر المنضد" (ص 32) بسنة (616 هـ). له: نهاية المطلب في علم المذهب ذكره ابن رجب (2/ 120) ووصفه بقوله: "وهو كتاب كبير جدا، وعبارته جزلة، حذا فيه حذو"نهاية المطلب" لإمام الحرمين الجويني الشافعي، وأكلثر استمداده من ابن عقيل في "الفصول" ومن "المجرد"، وفيه تهافت كثير، حتى في كتاب الطهارة، وباب المياه، حتى إنه ذكر في فروع الآجرّ المجبول (¬1) بالنجاسة كلامًا ساقطًا يدل على أنه لم يتصور هذه الفروع، ولم يفهمها بالكلية. وأظن هذا الرجل كان استمداده من مجرد المطالعة، ولا يرجع إلى تحقيق". اهـ. وذكره ابن مفلح في "المقصد" (3/ 113) والعليمي في "المنهج" (4/ 53) وابن بدران في "المدخل" (ص 422). وعلى الرغم من انتقاد الحافظ ابن رجب لهذا الكتاب إلا أن الحنابلة كثيرًا ما يرجعون إليه: فقد أحال عليه ابن رجب نفسه في "القواعد" (ص: 34، 56، 67، 200، 245، 332) وتلميذه ابن اللحام في ¬

_ (¬1) كذا في المطبوعة، ولعله: المعجون.

83 - الحافظ عبد الغني المقدسي (600 هـ)

"القواعد الأصولية" (ص: 97، 152 - 153) وابن مفلح في "الآداب" (1/ 469 و 3/ 286، 471) والمرداوي في "الإنصاف" (1/ 110). * * * 83 - الحافظ عبد الغَني المَقْدسِي (600 هـ) هو عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن، أبو محمد، تقي الدين، الجمَّاعيلي، المقدسي، ثم الدمشقي الصالحي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 5 - 34) ترجمة حافلة تستحق أن تفرد في جزء. له: 1 - الصِّلات من الأحياء إلى الأموات. 2 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3 - الأقسام التي أقسم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -. 4 - الجامع الصغير لأحكام البشير النذير. 5 - الأحكام على أبواب الففه. 6 - العمدة في الأحكام. 7 - الروضة. وهذه المصنفات كلها في أحاديث الأحكام جوامع وأجزاء. 1 - الصِّلات من الأحياء إلى الأموات ذكره ابن رجب (2/ 18) وقال: جزءان. وكذا العليمي في "المنهج" (4/ 59)، والذهبي فى "السير" (21/ 447)، وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 441)، والبغدادي في "الهدية" (1/ 589) وكحالة في "المعجم" (2/ 179).

2 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وموضوع الكتاب: في الأحاديث والآثار المتعلقة بموضوع انتفاع الأموات بالقُرب المُهدَى ثوابُها إليهم من قِبل الأَحياء. وهو موضوع فقهي مذكور في باب الجنائز، فيكون الكتاب من كتب أحاديث الأحكام في الموضوع المذكور، وبذلك يدخل في شرط هذا الكتاب. ومذهب الحنابلة في حكم الصِّلات من الأحياء إلى الأموات مقرر بما يلي: إن أيَّ قربة يفعلها المسلم ويجعل ثوابها للميت المسلم فإن ذلك ينفعه، كالدعاء والإستغفار والصدقة وقضاء الدَّين وأداء الواجبات، وهذه المذكورات مجمع عليها بين العلماء. وكذلك تجوز الصلاة والصيام والحج ولو تطوعًا، ويجوز إهداء ثواب القراءة أيضًا. وهذا من مفردات المذهب عن بقية الأربعة (¬1). وقد صنف عبد الغني ابن تيمية (ت 639 هـ) الحرّاني في هذا الموضوع أيضًا تصنيفًا مفردًا سماه "إهداء القُرب إلى ساكني التُّرب". 2 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذكره ابن رجب (2/ 18) وقال: في جزء. وكذا العليمي (4/ 59)، والذهبي في "السير" (21/ 447)، وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 441)، والبغدادي في "الهدية" (1/ 589) وكحالة في "المعجم" (2/ 180). وتناول الحنابلة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإبانة عن مكنونها فقهًا وأدبًا، تارة في تصانيف مستقلة، كما سبقت الإشارة لدى مصنفات الخلّال (ت 311 هـ)، وتارة في أواخر كتب العقيدة وأصول الدين، كما فعل القاضي أبو يعلى في "المعتمد" وابن عقيل في "الإرشاد"، وتارة في مثاني المصنفات الجامعة، كما فعل ابن مفلح في "الآداب" وابن حمدان الحرّاني في "نهاية المبتدئين". • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في الظاهرية ضمن مجموع رقم (116) تقع في (21) ¬

_ (¬1) الفروع 2/ 307، والإنصاف مع الشرح الكبير 6/ 257.

3 - الأقسام التي أقسم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -

ورقة: (79 ق - 99 ق) بخطه، ويوجد منه (ميكرو فيلم) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم (1618). • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب بتحقيق وتعليق الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1410 هـ/ 1990 م). • وصف الكتاب: هو مجموعة من الأحاديث والآثار - بلغت 95 حديثًا وأثرًا - تتحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3 - الأقسام التي أقسم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكره ابن رجب (2/ 18) وقال: في جزء، وكذا العليمي (4/ 59) والذهبي في "السير" (21/ 447) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 441) والبغدادي في "الهدية" (1/ 589). 4 - الجامع الصغير لأحكام البشير النذير ذكره ابن رجب (2/ 18) وقال: لم يتمه. وكذا العليمي (4/ 59) والذهبي في "السير" (21/ 447) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 441) والبغدادي في "الهدية" (1/ 589) وكحالة في "المعجم" (2/ 180). • مخطوطات الكتاب: توجد منه أجزاء في دار الكتب الظاهرية، بيانها كالتالي: - الجزء التاسع والعاشر برقم (233 - حديث) يقعان في (41) ورقة. - الجزء السادس برقم (234 - حديث) يقع في (19) ورقة. - الجزء السابع برقم (234 - حديث) يقع في (26) ورقة. - الجزء الأول برقم (234 - حديث) يقع فى (10) ورقات. - الجزء الأول من الصيام (وفيه قطعة من فضائل أبي بكر ومن المناسك) (¬1). ¬

_ (¬1) المنتخب من فهرس مخطوطات الحديث بالظاهرية ص 351.

5 - الأحكام على أبواب الفقه

5 - الأحكام على أبواب الفقه ذكره ابن رجب (2/ 19) وقال: ستة أجزاء. وكذا العليمي (4/ 65) وسماه الذهبي فى "السير" (21/ 447): الأحكام الكبرى، كما سمى "عمدة الأحكام" الآتي: الأحكام الصغرى. وذكره صاحب "القلائد الجوهرية" (ص 441) أيضًا، وسماه ابن بدران في "المدخل" (ص 470): عمدة الأحكام الكبرى. ووصفه فقال: "وهو كتاب في ثلاث مجلدات، عز نظيره، قال في خطبته: حصرت الكلام في خمسة أقسام: الأول: التعريف بمن ذُكر من رواة الحديث إجمالًا -وله أسماء رجالها في مجلد- قال: أفردت هذا بكتاب سميته "العُدّة". الثاني: في أحاديثه. الثالث: بيان ما وقع فيه من المبهمات. الرابع: في ضبط لفظه. الخامس: الإشارة إلى بعض ما يستنبط" (¬1). 6 - العمدة في الأحكام ذكره ابن رجب (2/ 19) وقال: مما اتفق عليه البخاري ومسلم، جزءان. وكذا العليمي (4/ 60) ولعله هو المقصود بـ"الأحكام الصغرى" في "سير الذهبي" (21/ 448)، وجاء في "هدية العارفين" للبغدادي (1/ 589): عدة الحكام في شرح عمدة الأحكام، له. وعطف عليه: العمدة في الأحكام في معالم الحلال والحرام. مما يدل على أنه شرح كتابه المذكور بكتاب سماه "عدة الحكام". وذكره كحالة في "المعجم" (2/ 179) والزركلي في "الأعلام" (4/ 34). وذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 475) بقوله: "وللحافظ المذكور كتاب "عمدة الأحكام" أيضًا، وهي الصغرى. قال في أولها: أما بعد، فإن بعض إخواني سألني اختصار جملة من أحاديث الأحكام مما اتفق عليه الإمامان: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، ومسلم بن الحجاج. فأجبته إلى سؤاله. وقد بلغ هذا الكتاب خمس مئة حديث، وقد اعتنى العلماء بهذا الكتاب، فشرحه أبو عبد الله ... " واستطرد ¬

_ (¬1) كشف الظنون (ص 1164) في كلامه على "العمدة في الأحكام".

متابعًا "لكشف الظنون" في ذكر شراح هذا الكتاب. • مخطوطات الكتاب: منه نسخة خطية في جامعة إستانبول (1687. A.Y) في (92) ورقة، بخط محمد بن عمر الخيري. كتبها سنة (826 هـ). ومنه نسخة أخرى في مكتبة شستربتي (3024). ومنه نسخة أخرى في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (4/ 2629 مجاميع) تقع في (103) ورقات، نسخت سنة (1173 هـ). - ومنه نسخة في مكتبة الكونغرس بواشنطن عدد أوراقها (70) ورقة نسخها عبد الرحمن بن يوسف سنة (804 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع في مطابع الحكومة بالرياض سنة (1389 هـ/ 1969 م) على نفقة الملك فيصل -رَحِمَهُ اللهُ-. وحققه الأستاذ محمود الأرناؤوط، وراجعه الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، ونشرته دار المأمون للتراث بدمشق سنة (1405 هـ/ 1985 م). • شروح الكتاب: له عدة شروح، منها: 1 - شرح أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مرزوق، التلمساني، المالكي (ت 781 هـ): في خمس مجلدات، سماه "تيسير المرام في شرح عمدة الأحكام". 2 - شرح سراج الدين عمر بن علي ابن الملقن، الشافعي (ت 804 هـ) سماه: "الإعلام بشرح عمدة الأحكام". منه نسخة في شستربتي (3249). وطُبع أخيرًا في (5) مجلدات. 3 - شرح أبي طاهر مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي الشيرازي (ت 817 هـ) سماه: "عدة الحكام في شرح عمدة الأحكام". ولعله هو المذكور في "هدية العارفين".

7 - الروضة

4 - شرح ابن دقيق العيد (702 هـ) المسمى: "إحكام الأحكام". وهو مطبوع متداول. وتعتبر كتب الحافظ عبد الغني المقدسي السابقة مصدرًا من مصادر جمع أحاديث الأحكام، وترتيبها على الأبواب، وبيان درجاتها صحة وضعفًا. ولا يكاد يعرف للحنابلة أحد سبق عبد الغني في التصنيف في هذا الفن، باستثناء أبي داود السجستاني (ت 275 هـ) مصنِّف كتاب "السنن" وأبي بكر الأثرم (ت 273 هـ) صاحب "السنن". على أن الحنابلة المتقدمين كانوا يخرجون أحاديث الأحكام من المصنفات الجامعة كـ"ـجامع الخلال" و"زاد المسافر" لتلميذه أبي بكر عبد العزيز. وتتابع الحنابلة على التصنيف في الأحكام بعد الحافظ عبد الغني، وذلك كالضياء المقدسي، والمجد ابن تيمية الحراني، وابن عبيدان، وابن عبد الهادي، وغيرهم. 7 - الروضة ذكره المرداوي في "الإنصاف" (3/ 50) وابن الملقن في مقدمة "الإعلام في شرح عمدة الأحكام" لدى ترجمة الحافظ عبد الغني. * * * 84 - عبد الحليم ابن تَيْميِة (603 هـ) هو عبد الحليم بن محمد بن أبي القاسم بن الخَضِر ابن تَيْمية، أبو محمد شمس الدين، الحَرّاني. ابن الفَخر ابن تَيمية صاحب "التلخيص". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 39). له: الذخيرة ذكره ابن رجب (2/ 40) نقلًا عن كتاب "الترغيب" لوالد المترجم. قال: وذكر عنه فروعًا في دقائق الوصايا وعويص المسائل الدورية، ونحوها.

85 - أسعد بن المنجا (606 هـ)

85 - أسعد بن المُنَجَّا (606 هـ) هو أسعد -ويسمى: محمدًا- بن المُنَجّا بن بَركات بن المُؤَمَّل، أبو المعالي، وجيه الدين، التَّنوخي، المَعَرّي، ثم الدمشقي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 49 - 51). له: 1 - الخلاصة. 2 - النهاية في شرح الهداية. 3 - كتاب العمدة. 1 - الخلاصة ذكره ابن رجب (2/ 49) وقال: في الفقه، مجلد. وكذا العليمي (4/ 82) والذهبي في "السير" (21/ 437)، وأشار إليه ابن العديم في تاريخه "بغية الطلب" (4/ 1583) بقوله: اختصر كتاب الهداية. كما ذكره النعيمي في "الدارس" (2/ 115) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 720) وابن بدران في "منادمة الأطلال" (ص 250) وأحال عليه ابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص 285) وابن مفلح في "الآداب" (3/ 471). وجعله المرداوي من مصادر "الإنصاف" كما نص في المقدمة (ص 18). وذكره بعد ذلك في بيان منهجه في ترتيب المصادر الأساسية. • وصف الكتاب: يبدو أن هذا الكتاب يعتبر عملًا بالاختصار والتلخيص في "الهداية" لأبي الخطاب (ت 510 هـ)، كما أفاد كلام ابن العديم السالف، وكما يشير إليه عنوان الكتاب، وقال المرداوي في وصفه: هذّب فيها كلام أبي الخطاب في "الهداية" (¬1). "فالخلاصة" تهذيب وتنقيح "للهداية"، كما أن "النهاية" شرح لها. ¬

_ (¬1) الإنصاف 1/ 24.

2 - النهاية في شرح الهداية

والتزم ابن المنجّا في هذا الكتاب ببيان الصحيح من الروايات والوجوه في المذهب (¬1). 2 - النهاية في شرح الهداية ذكره ابن رجب (2/ 49) وقال: في بضعة عشر مجلدًا. وكذا العليمي (4/ 82) والذهبي في "السير" (21/ 437) وابن العديم في "بغية الطلب" (4/ 1583) وقال: عشرين مجلدًا. وذكره النعيمي في "الدارس" (2/ 115) باسم "الكفاية ... ". وذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 2031) وابن بدران في "منادمة الأطلال" (ص 250). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (1/ 67 و 119 و 369 وفي ص 370: نهاية أبي يعلى. ولعله سبق قلم أو تطبيع). • ما قيل فى هذا الكتاب: قال ابن رجب: "فيها فروع ومسائل كثيرة غير معروفة في المذهب. والظاهر أنه كان ينقلها من كتب غير الأصحاب، ويخرجها على ما يقتضيه عنده المذهب" (¬2). وهذا يفيد أنه من مصادر غرائب المذهب. وقال ابن العديم: جمع فيه المذاهب وأدلتها (¬3). وهذا يفيد أنه من المصنفات في الخلاف. 3 - كتاب العمدة ذكره ابن رجب (2/ 49) وقال: في الفقه، أصغر من الخلاصة. وكذا العليمي (4/ 82). والنعيمي في "الدارس" (2/ 115) وابن بدران في "منادمة الأطلال" (ص 250). * * * ¬

_ (¬1) الإنصاف 1/ 24. (¬2) الذيل 2/ 50. (¬3) بغية الطلب في تاريخ حلب 4/ 1583.

86 - غلام ابن المني (610 هـ)

86 - غُلام ابن المَنِّي (610 هـ) هو إسماعيل بن علي بن حسين، أبو محمد، فخر الدين، الأَزّجي المأموني، البغدادي، الشهير بـ"غُلام ابن المَنّي"؛ لُقِّب بذلك لكثرة ملازمته له. ويُلقب أيضًا بـ"ابن الوفاء" وبـ"ابن الماشطة". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 66 - 68). له: 1 - التعليقة في الخلاف. 2 - المفردات. 3 - جَنة الناظر وجُنة المناظر. 1 - التعليقة ذكره ابن رجب (2/ 67) وأفاد أنها مشهورة. وكذا العليمي (4/ 97) والذهبي في "السير" (22/ 29) والبغدادي في "الهدية" (1/ 212). وهو كتاب في الخلاف كما صرح بذلك الذهبي وصاحب "الهدية". ويغلب على الظن أن تكون هذه التعليقة مستفادة من تعليقة شيخه أبي الفتح ابن المنّي ومن دروسه. فقد قال ابن رجب: "قرأ الفقه والخلاف على شيخه أبي الفتح ابن المنِّي ولازمه حتى برع، وصار أوحد زمانه في علم الفقه والحلاف والأصلين والنظر والجدل" (¬1). • مخطوطات الكتاب: توجد منه قطعة في الظاهرية: مجاميع (3808) عمرية (72/ 5) في (23) ورقة (38 ق-60 ق) كتبت بخط تعليق، عدد الأسطر: 16 - 21. ومنها نسخة في الجامعة الإسلامية (7073/ 5). 2 - المفردات ذكره ابن رجب (2/ 67) والعليمي (4/ 97). والبهوتي في "منح الشفاء الشافيات" 1/ 123. ¬

_ (¬1) الذيل 2/ 66.

3 - جنة الناظر وجنة المناظر

3 - جَنة الناظر وجُنة المناظر ذكره ابن رجب (2/ 67) والعليمي (4/ 97) والبغدادي في "الهدية" (1/ 212). وأحال عليه الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 570، 683، 726) وكلامه يوهم أنه لشيخه ابن المنِّي. وهو في علم الجدل. * * * 87 - ابن الحَلاوي (611 هـ) هو محمد بن معالي بن غَنيمة، أبو بكر، عماد الدين، ابن الحَلاوي، المأموني، البغدادي. تلميذ أبي الفَتح ابن المنّي وشيخ المجد ابن تَيمية. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 77 - 79). له: المنيرة في الأصول ذكره ابن رجب (2/ 78) والعليمي (4/ 106). * * * 88 - العماد المَقْدسِي (614 هـ) هو إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور، أبو إسحاق، عماد الدين، المقدسي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 93 - 106). له: 1 - الفروق في المسائل الفقهية ذكره ابن رجب (2/ 94) والعليمي (4/ 120) والذهبي في "السير" (22/ 48) وكحالة في "المعجم" (1/ 42).

2 - الأحكام

ومن المصنفات فى الفروق عند الحنابلة: 1 - الفروق، لمحمد بن عبد الله بن الحسين، السامري، المعروف "بابن سنينة". (ت 616 هـ). 2 - إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل، لعبد الرحيم بن عبد الله الزريراني (ت 741 هـ). 3 - القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة، للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت 1376 هـ). 2 - الأحكام أي: أحاديث الأحكام. ذكره ابن رجب (2/ 94) قائلًا: وصنف كتابًا في الأحكام ولم يتمه. وكذا العليمي (4/ 120) والذهبي في "السير" (22/ 48) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 460). * * * 89 - أبو البَقاء العُكْبَري (616 هـ) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين، أبو البقاء، محب الدين، العُكْبَري، البغدادي، الضَّرير. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 109 - 120). له (¬1): 1 - أجوبة مسائل وردت من حلب. 2 - بلغة الرائض في علم الفرائض. 3 - التعليق في مسائل الخلاف. ¬

_ (¬1) صنف الدكتور يحيى مير علم مصنفًا في سيرته ومصنفاته. نشرته دار العروبة بالكويت، ودار ابن العماد ببيروت، كما جرد أسماء مصنفاته ياسين محمد السواس في مقدمة تحقيقه لكتاب "المشوف المعلم".

1 - أجوبة مسائل وردت من حلب

4 - شرح لغة الفقهاء. 5 - شرح الهداية. 6 - مذاهب الفقهاء. 7 - المرام في نهاية الأحكام. 8 - المنقح من الخطل في علم الجدل. 9 - الناهض في علم الفرائض. وكانت طريقة أبي البقاء في التأليف: أن يطلب ما صُنِّف من الكتب في الموضوع، فيقرأها عليه بعض تلاميذه، ثم يملي من آرائه وتمحيصه ما عَلِق في ذهنه. ومن هنا قيل: أبو البقاء تلميذ تلامذته، على معنى أنه تبع لهم فيما يُلقونَه عليه. 1 - أجوبة مسائل وردت من حلب ذكره ابن رجب (2/ 112) وذكر له بإزائه كتابًا آخر باسم "مسائل مفردة"، ولعلها في النحو، وقد سماها السواس في مقدمة تحقيق "المشوف المعلم" (ص 22) باسم "مسائل نحو مفردة". وذكر الكتاب أيضًا: العليمي في "المنهج" (4/ 132) والداودي في "طبقات المفسرين" (1/ 224). 2 - بلغة الرائض فى علم الفرائض وهو أحد كتب ثلاثة صنفها في هذا الفن. ذكره ابن رجب (2/ 111) والعليمي (4/ 132) وأشار إليه الذهبي في "السير" (22/ 93) ولم يسمه. وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 253) والبغدادي في "الهدية" (1/ 459). 3 - التلخيص فى الفرائض ذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 485) والبغدادي في "الهدية" (1/ 459). وقال ابن رجب في "الذيل" (2/ 111) بعد ذكر "الناهض" و"البلغة": وكتاب آخر في الفرائض للخلفاء. اهـ. فلعله هذا.

4 - التعليق في مسائل الخلاف

4 - التعليق في مسائل الخلاف ذكره ابن رجب (2/ 111) وقال: في الفقه. وكذا العليمي (4/ 132) والذهبي في "السير" (22/ 93) وحاجى خليفة في "الكشف" (424). 5 - شرح لغة الفقهاء ذكره ابن رجب (2/ 112) باسم "شرح لغة الفقه"، وقال: أملاه على ابن النجار الحافظ. وذكره العليمي (4/ 135) والداودي في "طبقات المفسرين" (1/ 224) والبغدادي في "الهدية" (1/ 459) وسماه: "المنتخب من كتاب المحتسب" في لغة الفقه. ويحتمل أن يكون هذا الكتاب شرحًا لكتاب ابن الجوزي، الذي ألفه في لغة الفقه، وقد سبق ذكره (¬1). 6 - شرح الهداية أي: هداية أبي الخطاب الكلوذاني. ذكره ابن رجب (2/ 111) وخرّج منه في موضع آخر (2/ 113 - 114) بعض الوجوه والنقول الغريبة في المذهب. كما حكى عن ابن الصيرفي صاحب "نوادر المذهب" -وهو تلميذ أبي البقاء- أنه خرَّج له بعض الإختيارات، كجواز أخذ بني هاشم من الزكاة إذا مُنعوا حقهم من خُمس الغنيمة. وذكر هذا الكتاب أيضًا: العليمي في "المنهج" (4/ 132) والذهبي في "السير" (22/ 93) وابن تيمية في "الفتاوى" (20/ 228) وقال: لكنه لم يكمل ذلك. واعتمد عليه المرداوي في جملة مصادر "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 22)، وقال: قطعة منه. وورد ذكره أيضًا في (1/ 49) من الكتاب المذكور. ¬

_ (¬1) في الصفحة 186.

7 - مذاهب الفقهاء

7 - مذاهب الفقهاء ذكره ابن رجب (2/ 111) والعليمي (4/ 132) والداودي في "طبقات المفسرين" (1/ 224). 8 - المرام في نهاية الأحكام ذكره ابن رجب (2/ 111) وقال: في المذهب. أي: في الفقه الحنبلي الخالص. وكذا ذكره العليمي (4/ 132) والذهبي في "السير" (22/ 93) والبغدادي في "الهدية" (1/ 459). 9 - المنقِّح من الخطل في علم الجدل ذكره ابن رجب (2/ 111) والعليمي (4/ 132) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1820) والبغدادي في "الهدية" (1/ 459)، وقالا: ملقح من الخطل .. 10 - الناهض في علم الفرائض ذكره ابن رجب (2/ 111) والعليمي (4/ 132) وأشار إليه الذهبي في "السير" (22/ 93) مع غيره، وأبهم أسماء الكتب الثلاثة المصنفة في الفرائض. وذكره البغدادي في "الإيضاح" (2/ 617) و"الهدية" (1/ 459). ومع الأسف فإن مصنفات أبي البقاء الفقهية -فيما نعلم- فقدت عن آخرها. * * * 90 - السّامُرِّي (616 هـ) هو محمد بن عبد الله بن الحسين، أبو عبد الله، نَصير الدين، السّامُرِّي (نسبة إلى سامرّاء) المعروف بـ"ابن سُنَينة". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 121 - 122). له: 1 - المستوعب.

1 - المستوعب

2 - الفروق. 3 - البستان في الفرائض. 1 - المستوعِب ذكره ابن رجب (2/ 121، 122) والعليمي (4/ 137) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 424) والذهبي في "السير" (22/ 145). كما ذكر هذا الكتاب عدد كبير من المصنفين في الفقه الحنبلي بعد السامرّي؛ أحصى منهم محقق كتاب "الفروق" (14) عنوانًا، وأحصى محقق "المستوعب" (31) عنوانًا. واستكثر ابن مفلح من الرجوع إليه في كتابه "الآداب الشرعية" وكذلك ابن اللحام في "القواعد الأصولية" والمنقور في "مجموعه" الفقهي. وهو معدود من مصادر "الإنصاف" كما صرح في المقدمة (ص 18). • النسخ الخطية للكتاب: يوجد منه: 1 - نسخة بالمكتبة الظاهرية بدمشق محفوظة برقم (2733) 48 فقه حنبلي، ومنها صورة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم (1901/ ف)، وهي مؤلفة من ثلاثة أجزاء: الأول عدد ورقاته (285) ورقة، والثاني (77) ورقة، والثالث (235) ورقة، وعدد أسطر الورقة الواحدة (17) سطرًا، وهي بخط نسخي جيد، دون معرفة الناسخ أو تاريخ النسخ. ولديَّ صورة عن الجزأين الأول والثالث منها. 2 - نسخة أخرى بالمكتبة الظاهرية بدمشق برقم (85) فقه حنبلي، ومنها صورة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم (1944/ ف) و (1945/ ف)، وتتكون من جزأين: الأول عدد أوراقه (280) ورقة، والثاني (250) ورقة، وعدد الأسطر (23) سطرًا في كل

ورقة، نسخت سنة (716 هـ) بخط نسخي قليل الإعجام، كتبها محمد بن أحمد بن علي العمري. ولديَّ صورة عن الجزء الثاني منها. • طباعة الكتاب: طُبع منه إلى الآن أربعة أجزاء من أول الكتاب إلى آخر العقيقة بدراسة وتحقيق الدكتور مساعد بن قاسم الفالح على النسخ الخطية المذكورة (¬1). ونشرته مكتبة المعارف بالرياض سنة (1413 هـ/ 1993 م) في أربعة أجزاء. • وصف الكتاب: هو متن من المتون الفقهية الجامعة المقتصرة على المذهب الحنبلي. وقد عُني المؤلف فيه بسبك مسائل الأبواب سبكًا حسنًا متتابعًا، خاليًا من إيراد الأدلة، إلا أنه حفل باختلاف الروايات والوجوه، وكثيرًا ما يورد الإختلاف في صيغ استفهامية، ثم يجيب بقوله: على وجهين، أو روايتين، أو قولين، كقوله في الطهارة: "ومن تطهر بماءٍ طهورٍ مغصوب، أو من بئر احتفرت بمال مغصوب، أو في أرض مغصوبة، فهل طهارته صحيحة؟ على روايتين، ذكرهما ابن أبي موسى. ومن تطهر من إناء طاهر لكنه مُحرَّم الإستعمال كالذهب والفضة والمغصوب، فهل طهارته صحيحة؟ على وجهين" (¬2). وقد استوعب السامري في كتابه هذا ثمانية مصنفات لمن سبقه من علماء المذهب، كشف عن أسمائها في المقدمة بقوله: "وضمَّنت كتابي هذا من أصول المذهب (¬3) وفروعه ما استوعب جميع ما تضمنه "مختصر الخرقي"، ¬

_ (¬1) وذكر أن للكتاب نسخة أخرى في رامبور بالهند تعذر الحصول عليها. ولعلها هي نفس النسخة الموجودة في مكتبة السيد حبيب بالمدينة المنورة، وعليها حاشيتان: حاشية الفتوحي، وحاشية ابن نصر الله. وهي من جملة النسخ الي يقوم الشيخ عبد الرحمن بن داود بالإعتماد عليها في تحقيق بقية الكتاب. (¬2) المستوعب 1/ 169 - 170. (¬3) ذكر في آخر مقدمة الكتاب أنه لم يتعرض لشيء من أصول الفقه في هذا الكتاب، ومن هنا يتضح أن هذه العبارة التي كثيرًا ما نصادفها في كلام الأقدمين لا تعني أصول الفقه بالمعنى الإصطلاحي المعروف، بل تعني أمهات المسائل الفقهية الوفاقية والخلافية. والله أعلم.

و"التنبيه" لغلام الخلّال، و"الإرشاد" لإبن أبي موسى، و"الجامع الصغير" و"الخصال" للقاضي أبي يعلى، و"الخصال" لإبن البنا، وكتاب "الهداية" لأبي الخطاب، و"التذكرة" لإبن عقيل". ثم قال: "فمن حصل كتابي هذا أغناه عن جميع هذه الكتب المذكورة، إذ لم أُخلَّ بمسألة منها إلا وقد ضمنته حكمها، أو ما فيها من الروايات، وأقاويل أصحابنا التي تضمّنتها جميع هذه الكتب، اللهم إلا أن يكون في بعض نسخها نقصان، ولقد تحريت أصح ما قدرت عليه منها. ثم زدت على ذلك مسائل وروايات لم تذكر في هذه الكتب نقلتها من "الشافي" للخلال (¬1)، ومن "المجرد"، ومن "كفاية المفتي" ومن غيرها من كتب أصحابنا - رضي الله عنهم -" (¬2). وبهذا يكون السامري قد أبدع لونًا من التأليف لم يُسبق إليه في صفوف الحنابلة، وهو استيعاب عدد من المصنفات الأساسية في المذهب الحنبلي قد يعسر على المتأخرين هضمها والإحاطة بما فيها، وصياغتها في كتاب واحد "مرتبًا ترتيبًا لم يرتبه مَنْ تقدَّم، بجمعِ متفرقٍ، وتسهيلِ صعبٍ، واختصارِ مطوَّل، وتفسيرِ مجملٍ، وإيضاحِ مشكلٍ" (¬3)، مستنكرًا ما شاع بين الناس من قولهم ما تركَ الأول للأخير شيئًا. ومسترشدًا بقول علي عليه رضوان الله: "قيمة كل امرئ ما يحسن". وقوله أيضًا: "الناس أبناء ما يحسنون". ويتميز كتاب "المستوعب" بالإكثار من ذكر الآداب الفقهية، ومن أجل ذلك أفاد منه ابن مفلح في "الآداب الشرعية" كثيرًا. وللسامري ترجيحات واختيارات يذكرها في هذا الكتاب بقوله تارة: "وهو الصحيح عندي" أو: "الصحيح عندي كذا .. " أو: "وعندي .. " أو: "والتحقيق عندي .. ". ¬

_ (¬1) كذا، والصواب: غلام الخلال. (¬2) المستوعب 1/ 76 - 79. (¬3) المستوعب 1/ 80.

2 - الفروق

• ما قيل في هذا الكتاب: قال ابن بدران: "هو كتاب مختصر الألفاظ كثير الفوائد والمعاني ... وهو أحسن متن صُنف في مذهب الإمام أحمد وأجمعه". واعتبره أصلًا لكتاب "الإقناع" للحجاوي في الشكل والمضمون، فقال: "وقد حذا حذوه الشيخ موسى الحجاوي في كتابه "الإقناع لطالب الإنتفاع" وجعله مادة كتابه، وإن لم يذكر ذلك في خطبته، لكنه عند تأمل الكتابين يتبين ذلك، -رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى-" (¬1). ومعلوم أن "الإقناع" مبني على الراجح من الروايات والوجوه. فهو خالٍ تمامًا من ذكر الخلاف. وقال ابن رجب عنه وعن "الفروق": فيهما فوائد جليلة ومسائل غريبة (¬2). • الأعمال التي تمت على الكتاب: وضع عمر بن أسعد بن المنجا (ت 641 هـ) حاشية عليه، وفي ذلك يقول ابن رجب: "رأيت نسخة "المستوعب" وقد قرأها عمر بن المنجا على والده قراءة بحث، وعليها حواشٍ علقها عنه بخطه" (¬3). وساق منها مسألة. 2 - الفروق ذكره ابن رجب (2/ 121، 122) والعليمي (4/ 137) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 424). وابن بدران في "المدخل" (ص 460) وامتدحه بقوله: هو كتاب نافع جدا. وأحال عليه ابن رجب في "القواعد" (ص: 24، 270، 271، 296، 297، 371) والمنقور في "الفواكه العديدة" (1/ 209، 551 و 2/ 298، 491). ¬

_ (¬1) المدخل ص 432، 437. (¬2) الذيل 2/ 122. (¬3) الذيل 2/ 226.

• نسخه الخطية: توجد منه: 1 - نسخة في دار الكتب الظاهرية رقم (2745) عدد أوراقها (63) ورقة في حجم (13) سطرًا، كتبت سنة (856 هـ)، وتوجد صورة عنها في جامعة أم القرى برقم (36). وهي تحتوي على الجزء الأول من الكتاب الذي يتضمن ربع العبادات: الطهارة - الصلاة - الزكاة - الصيام - الإعتكاف - الحج. 2 - نسخة في المكتبة العباسية بالبصرة -وهي مكتبة أهلية خاصة من الصعب جدا الإطلاع على شيء من محتوياتها- عدد أوراقها (90) ورقة في حجم (21) سطرًا، بدون معرفة الناسخ ولا تاريخ النسخ. وحُقق الكتاب على النسختين المذكورتين. ويضاف إلى ذلك: 3 - قطعة من الجزء الأول في الظاهرية رقم (2745) تتألف من (8) ورقات بخط نسخ. • طباعة الكتاب: حَقق قسم العبادات من هذا الكتاب، على النسخ المذكورة، الشيخ محمد بن إبراهيم بن محمد اليحيى، وقدمه رسالة لنيل درجة الماجستير في كلية الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وصدر عن دار الصميعي بالرياض سنة (1418 هـ/ 1997 م) في مجلد. • وصف الكتاب: يعتبر "الفروق" للسامرّي من الكتب الفقهية المختصة بالبيانات الكاشفة عن الإختلاف في الأحكام بين المسائل المتشابهة في الصورة والظاهر، وما يتبع ذلك من تبيين مآخذ أحكامها وأدلتها وعللها، ليتضح للفقيه طرق الأحكام، ويكون قياسه للفروع على الأصول متسق النظام، ولا تلتبس عليه طرق

القياس، فيبني حكمه على غير أساس (¬1). ورتب المؤلف كتابه هذا على التسلسل المعروف في الموضوعات الفقهية. فبدأ بالطهارة، فبقية قسم العبادات، فالمعاملات ... ومع ذلك قد يُلزمه البحث والتمثيل والمقارنة أن يخرج من باب إلى باب، ومن كتاب إلى كتاب، فقد تجد فرعًا خاصًا بالصيام مذكورًا في فصل من كتاب الطهارة، وقد تجد فرعًا من فروع الحج أو الصلاة مذكورًا في فصل من كتاب الصيام، وهكذا. ويعقد المؤلف أبحاث المسائل تحت عنوان "فصل"، ثم يعرض المسألتين المتشابهتين مبينًا ما بينهما من فروق، فتارة يجعل الفرق من الحديث، وتارة من جهة القواعد الأصولية. ونظرًا لطبيعة هذا الفن من التأليف فإن المصنف لم يحفل بذكر الخلاف مع المذاهب، كما لم يتعرض لحكاية الخلاف داخل المذهب الحنبلي، ونادرًا ما يذكر روايتين؛ قد يطلقهما وقد يصحح إحداهما. ولتوضيح منهج المؤلف أكثر نسوق من كتابه المثال التالي: "يجوز صرف الزكاة للغزاة الذين لا حق لهم في الديوان، سواء كانوا أغنياء أو فقراء. ولا يجوز صرفها إلى من يحج إلا مع فقره. والفرق بينهما: أن الحاج يأخذها لحاجة نفسه إليها، فلا يجوز مع الغنى لعدم علة الجواز، كما لو أخذها لنفقته، وليس كذلك الغزاة؛ لأنهم يأخذونها لحاجة غيرهم إليهم، وهي دفع العدوّ عن المسلمين، وهذه العلة موجودة مع غناء الغزاة وفقرهم، فلذلك جاز صرفها إليهم مع الغنى فافترقا" (¬2). • الأعمال التي تمت عليه: اختصره عبد الرحيم بن عبد الله الزريراني (ت 741 هـ) في كتاب سماه "إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل". ¬

_ (¬1) الفروق ص 115. (¬2) الفروق ص 245.

3 - البستان في الفرائض

3 - البستان في الفرائض ذكره ابن رجب (2/ 121) والعليمي (4/ 137) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 424) وابن بدران في "المدخل" (ص 419) والزركلي في "الأعلام" (6/ 231). وقال محقق كتاب "المستوعب": هو كتاب مفقود -حسب علمي- ليس هناك ما يدل على وجوده في أيٍّ من مكتبات العالم التي تعنى بالمخطوطات، لكن المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- أفرد في الجزء الثالث من "المستوعب" كتابًا للفرائض يقع في خمس وثمانين ورقة" (¬1). * * * 91 - ابن بُخْتيِار البَعْقوبي (617 هـ) هو محمد بن الفَضل بن بُختيار بن أبي نَصر، أبو عبد الله، بهاء الدين، البَعْقوبي (¬2). ويعرف بـ "الحُجّة". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 123). له: شرح العبادات الخمس أي: كتاب "العبادات الخمس"، لأبي الخطاب الكلوذاني. ذكره ابن رجب (2/ 123) والعليمي (4/ 138) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 505). • مخطوطات الكتاب وتحقيقه: توجد منه نسخة خطية في مكتبة الشيخ صالح السليم بمدينة عنيزة، وحققه فهد بن عبد الرحمن بن ثنيان العبيكان معتمدًا على هذه النسخة ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "المستوعب" ص 25. وقريب منه في مقدمة تحقيق "الفروق" (ص 88). (¬2) نسبة إلى بعقوبا: قرية كبيرة بينها وبين بغداد عشرة فراسخ، من أعمال طريق خراسان. "معجم البلدان" (1/ 453).

92 - الموفق ابن قدامة المقدسي (620 هـ)

الوحيدة، وطُبع بمكتبة العبيكان سنة (1415 هـ/ 1995 م). • ما قيل عن هذا الكتاب: قال الحافظ ابن رجب: "قرأه -أي المصنف- على أبي الفتح ابن المنيِّ سنة إحدى وثمانين (581 هـ) وكتب له عليه: "قرأه علي مصنفه الشيخ الأجلّ العالم الفقيه بهاء الدين حجة الإسلام، قراءة عالمٍ بما فيه من غرائب الفوائد، وعجائب الفرائد. اهـ. وكتب عليه أيضًا الفخر إسماعيل (¬1) وأثنى على تصنيفه كثيرًا" (¬2). * * * 92 - الموفَّق ابن قُدامة المَقْدسي (620 هـ) هو عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، أبو محمد، موفق الدين، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي، الفقيه، الزاهد، شيخ الإسلام وأحد الأعلام. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 133 - 149). له (¬3): 1 - رسالة في السماع. 2 - الروضة في الفقه. 3 - الروضة في الأصول = روضة الناظر وجُنة المناظر. 4 - شرح المناسك من المقنع. 5 - العمدة. ¬

_ (¬1) هو إسماعيل بن علي بن الحسين المأموني المعروف بغلام ابن المنِّي (ت 610 هـ) وقد تقدم. (¬2) الذيل 2/ 123. (¬3) جرد الأستاذ محب الدين الخطيب -رَحِمَهُ اللهُ- مؤلفات الموفق في تقدمته لكتاب "العدة شرح العمدة" للبهاء المقدسي. وينظر: ابن قدامة وآثاره الأصولية، للدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن السعيد. نشر جامعة الإمام محمد بن سعود. ومقدمة طبعة دار هجر (1406 هـ / 1986 م) للمغني، بتحقيق بالإشتراك مع الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو -رَحِمَهُ اللهُ-.

1 - رسالة في السماع

6 - عمدة الحازم في تلخيص المسائل الخارجة عن مختصر أبي القاسم. 7 - الفتاوى. 8 - قواعد أصول الفقه. 9 - الكافي. 10 - مختصر الهداية. 11 - المغني في شرح الخرقي. 12 - مقدمة في الفرائض. 13 - المقنع. 14 - مناسك الحج. 15 - الهادي. 1 - رسالة في السماع ذكره الزركلي (4/ 67) باسم: "ذم ما عليه مدّعو التصوف" ورمز إلى طباعته. وذكره بروكلمان (4/ 94 - طبعة المنظمة العربية) باسم: "ذم ما عليه معاني التصوف من الغناء والرقص". • نسخه الخطية: منه نسخة في الظاهرية بدمشق رقم (2961) في (5) خمس أوراق، بخط نسخ، بقلم علي بن إبراهيم الحنبلي (752 هـ) تحت عنوان: مسألة فيمن يسمع صوت الدف والشبابة والغناء. • طباعة الكتاب: طُبعت هذه الرسالة في القاهرة سنة (1396 هـ / 1976 م) تحت عنوان: فتيا في ذم الشبابة والرقص والغناء، في (78) صفحة. أشرف على نشرها محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عقيل. كما طبعها الشيخ محمد حامد الفقي سنة (1349 هـ/ 1930 م) ضمن مجموع باسم "دفائن الكنوز".

2 - الروضة في الفقه

وحبذا لو يلحق بهذه الرسالة في طبعة جديدة رسالة أخرى للموفق في الرد على الناصح ابن الحنبلي في نفس الموضوع، وهي رسالة أوردها ابن رجب في "الذيل" (2/ 195 - 199). 2 - الروضة في الفقه نُسب إليه هذا الكتاب، ولا يصح. فقد ذكره ابن رجب في "القواعد" (ص 368) بقوله: صاحب الروضة. ولم يفصح عن اسمه، وذكره ابن اللحام في "القواعد الأصولية" في عدة مواضع، وانتقد المؤلف وبعضها (¬1)، ولكنه لم يسمه أيضًا. وذكره المرداوي في "الإنصاف" (3/ 50 و 4/ 337) مبهمًا اسم المصنف أيضًا. وقال الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع في تقدمته لكتاب "المبدع": "وقرأ أبو الفرج الحرّاني "روضة الأصول" على مؤلفها الموفَّق، وكان يحفظ "الروضة الفقهية" كما ذكره ابن رجب في ترجمته. وقال المرداوي في "الإنصاف": لم يعرف مؤلفها". وقد رأيت نسخة من "شرح الإقناع" بقلم الشارح منصور البهوتي، وقد كتب بقلمه أنها لـ: نصر بن علي. وكذلك رأيت نسخة قُرئت على الشيخ منصور بقلم تلميذه من "شرح المنتقى"، وبهامش الشرح أنها لـ: نصر بن علي. والظاهر -والله أعلم- أن مؤلفها من مشايخ حرّان" (¬2). 3 - روضة الناظر وجُنّة المناظر ذكره ياقوت في "معجم البلدان" (2/ 114) وابن رجب (2/ 139) ¬

_ (¬1) فقال في (ص 30): وأطلق صاحب الروضة صحة إقرار المميز. وفي (ص 42): وقال في الروضة: المكرهة على الوطء يفسد صومها .. إلخ. وفي (ص 109): وقال في الروضة: وهو اللائق بالمذهب. وفي (ص 220): وذكر صاحب الروضة رواية أن يكون وليًا، وهي الأظهر. وفي (ص 256): قال صاحب الروضة -روضة الفقه- من أصحابنا: بناء على أنهما جنس واحد أو جنسان. وما قاله غلط .. إلخ. (¬2) مقدمة كتاب "المبدع" ص: 10 - 11، ط. المكتب الإسلامي، وكذلك قال في مقدمته لكتاب "الكافي" ص (5 ـ). وانظر: "ذيل طبقات الحنابلة" 2/ 203.

وقال: مجلد. وكذا العليمي (4/ 155) والذهبي في "السير" (22/ 168)، والصفدي في "الوافي بالوفيات" (17/ 38) وابن شاكر في "فوات الوفيات" (2/ 159) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 468)، وحاجي خليفة في "الكشف" (ص: 924، 930)، والبغدادي في "الهدية" (1/ 460)، وابن بدران في "المدخل" (ص 464)، والزركلي في "الأعلام" (4/ 67). وذكر له بروكلمان (4/ 93) كتابًا باسم "الميزان في أصول الفقه" وقال: منه نسخة في برلين (4773) وداماد زاده (719). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية محفوظة برقم (327)، تقع في (143) ورقة في حجم (21) سطرًا، مكتوبة بخط سيء، وقد أصابتها الرطوبة، مما تسبب في طمس كثير من الكلمات، وهي من مخطوطات القرن الثامن تقديرًا. وهذا الكتاب ضمن مكتبة الشيخ الدحيان، وهي نسخة المكتبة العمرية بصالحية دمشق، فقد كتب على طرتها: عمرية (¬1). كما توجد منه نسخة في الإسكوريال (إسبانيا). ذكرها بروكلمان (4/ 93). ونسخة أخرى في ظاهرية دمشق. ومنه نسخة في مكتبة جامعة برنستون (مجموعة يهودا) برقم (4097) في (141) ورقة نسخها عمر بن أحمد العذبي. سنة (737 هـ)، ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (168). • طباعة الكتاب: طُبع قديمًا مع شرحه للشيخ عبد القادر ابن بدران المسمى "نزهة الخاطر العاطر" بالمطبعة السلفية لصاحبها محب الدين الخطيب؛ الذي أشرف على الطبعة بأمر الملك عبد العزيز آل سعود -رَحِمَهُ اللهُ-، سنة (1342 هـ/ 1923 م). ثم طُبع بتحقيق الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن السعيد، نشرتها ¬

_ (¬1) نوادر مخطوطات علامة الكويت الدحيان، لمحمد بن ناصر العجمي، ص 39.

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1399 هـ/ 1979 م). وهي تمثل القسم الثاني من رسالته "ابن قدامة وآثاره الأصولية". وطُبع محققًا على عدة نسخ خطية، قام بتحقيقه الدكتور عبد الكريم النملة، ونشرت 5 مكتبة الرشد بالرياض سنة (1414 هـ/ 1994 م). • وصف الكتاب: هو كتاب جامع في أصول الفقه، يقع في مجلد متوسط، رتبه على ثمانية أبواب، عدد أبواب الجنة الثمانية. وقد حذا فيه المصنف حذو الغزالي في "المستصفى" (¬1)، فأثبت في أوائله مقدمة تضمنت مسائل من فن المنطق، وثنَّى ببيان حقيقة الحكم وأقسامه، وثلَّث بذكر أدلة الأحكام الإجمالية، من: الكتاب، والسنة، والإجماع، واستصحاب الحال ودليل العقل. ثم ذكر الأصول المختلف فيها، كشرع من قبلنا، وقول الصحابي، والإستحسان، والإستصلاح. ثم عقد بابًا لتقاسيم الكلام والأسماء، فباب العموم، فباب الفحوى والإشارة، فالقياس. وختم الكتاب ببيان أحكام الإجتهاد والتقليد، وترتيب الأدلة. وقد أفصح في المقدمة عن مقصوده بتصنيف هذا الكتاب، فقال: "أما بعد، فهذا كتاب نذكر فيه أصول الفقه والإختلاف فيه، ودليل كلِّ قول على المختار. ونبين من ذلك ما نرتضيه، ونجيب من خالفنا فيه. بدأنا بمقدمة لطيفة في أوله، ثم أتبعناها ثمانية أبواب .. إلخ". • ما قيل عن هذا الكتاب: قال ابن بدران: "هو أنفع كتاب لمن يريد تعاطي الأصول من أصحابنا، فمقام هذا الكتاب بين كتب الأصول مقام "المقنع" بين كتب الفروع" (¬2). ¬

_ (¬1) شرح مختصر الروضة 1/ 98، المدخل لإبن بدران ص 464، نزهة الخاطر العاطر 1/ 15، ط. المعارف بالرياض. (¬2) المدخل ص 466.

4 - شرح المناسك من المقنع

• الأعمال التي تمت عليه: شُرح كتاب "الروضة" بعدة شروح، كما أن له عدة اختصارات. • فمن شروحه: 1 - حجية المعقول والمنقول في شرح روضة علم الأصول، لحسن بن محمد النابلسي المصري، المعروف بابن المجاور (ت 772 هـ). ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 25). 2 - شرح الشيخ علاء الدين العسقلاني الكناني .. ذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 462). 3 - نزهة الخاطر العاطر بشرح روضة الناظر، للعلامة عبد القادر ابن بدران (ت 1346 هـ) صاحب "المدخل". • ومن مختصراته: 1 - البلبل، لسليمان بن عبد القوي الطوفي (ت 716 هـ). 2 - تلخيص روضة الناظر وجُنة المناظر، لشمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي (ت 709 هـ) صاحب "المطلع". 4 - شرح المناسك من المقنع هذا الكتاب نُسب إليه، ولا يصح. فقد ذكره المرداوي في جملة مصادر "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 21)، قائلًا: وشرح مناسكه -أي: المقنع لإبن قدامة- للقاضي موفق الدين المقدسي، مجلد كبير. وذكره في (8/ 350) قائلًا: شرح مناسك المقنع للقاضي موفق الدين. ومعلوم أن الموفق صاحب الترجمة لم يتولّ القضاء. فيكون المؤلف غيره، غير أنه لم يتبين تعيينه إلى الآن، ولعله عبد الله بن محمد الحجاوي (ت 769 هـ) ترجمته في "المقصد الأرشد" (2/ 58) و"الجوهر المنضد" (ص 74). وذكر ابن حميد في "السحب" (ص 1117) في ترجمة محمود بن محمد الفَومَني، أن عنده نسخة من هذا الكتاب، نسخها المترجَمُ في سنة (900 هـ).

5 - العمدة

5 - العُمدة ذكره ياقوت في "معجم البلدان" (2/ 114) وابن رجب (2/ 139) وقال: مجلد صغير. وكذا العليمي (4/ 155) ونقل عن صاحب "الإنصاف" قوله: ورأيت بخط المصنف على نسخة كتاب "مختصر الفقه": "العمدة" مجلد صغير. وذكره الذهبي في "السير" (22/ 168)، والصفدي في "الوافي بالوفيات" (17/ 38) وابن شاكر في "فوات الوفيات" (2/ 159) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 468)، وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1164) قائلًا: وهو مختصر في العبادات الخمس، أوله: الحمد لله أهل الحمد ومستحقه. اهـ. ومعلوم أن الكتاب شامل لأبواب الفقه. وذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 460) وابن بدران في "المدخل" (ص 414، 433) والزركلي في "الأعلام" (4/ 67). وجعله المرداوي من مصادر "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 18). وهو مشهور معروف. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في الظاهرية بدمشق رقم (2695) تقع في (194) ورقة مكتوبة بخط نسخي، يرجع تاريخ نسخها إلى سنة (743 هـ) ولدي صورة منها. وفي الظاهرية أيضًا نسخة ثانية برقم (9189) تقع في (76) ورقة، بخط محمد بن محمد بن نمير، المعروف بابن السراج، كتبت سنة (742 هـ). كما توجد قطعة منه في الظاهرية أيضًا ضمن مجموع رقم (3759) تتألف من (7) ورقات (من ق 126 إلى ق 132). وتبدأ هذه القطعة من كتاب النكاح إلى باب الحضانة. ومنها صورة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رقم (7048/ 1). ومنه نسختان في المحمودية بالمدينة المنورة:

الأولى: برقم (1423) عدد أوراقها (118) ورقة في (23) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نسخ تركي بن محمد بن قايد بن عبد الرحمن بن راشد. ومنها صورة في أم القرى (159). الثانية: برقم (1461) عدد أوراقها (56) ورقة في (20) سطرًا. بخط نسخ معتاد، نسخ إبراهيم بن حسن بن حمد بن ضبيب، سنة (1227 هـ). ومنها صورة في أم القرى (160). ومنه نسخة في مكتبة المسجد النبوي الشريف، عدد أوراقها (46) ورقة، نسخها عبد القادر بن مسعود بن حريب سنة (1223 هـ). ولدي صورة منها. • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة المنار بالقاهرة، سنة (1352 هـ/ 1934 م) في (176) صفحة. وعليه تعليقات قليلة. وطُبع في مطبعة العلوم بمصر سنة (1357 هـ/ 1938 م). وطُبع في مطبعة الفجالة الجديدة بالقاهرة سنة (1379 هـ / 1960 م) عُنيت بنشره مكتبة النهضة الحديثة، بمكة المكرمة، قابل الأصل وحرره الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، وشرحه وعلق عليه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام، ونسقه وأشرف على طبعه بسطاوي حجازي. كما طُبع عدة طبعات أخرى. • وصف الكتاب: هو عبارة عن متن مختصر شامل للأبواب الفقهية، وضعه المصنف للمبتدئين، وجرى فيه على قول واحد مما اختاره. وهو سهل العبارة. وطريقته فيه: أن يُصَدِّر الأبواب بحديث من الصّحاح، ثم يتلوه بذكر فروع الباب. قال ابن بدران: "إذا دققت النظر وجدتها -أي فروع الباب- مستنبطة من ذلك الحديث، فترتقي همة مطالعه إلى طلب الحديث، ثم يرتقي إلى طلب

مرتبة الإستنباط والإجتهاد في الأحكام" (¬1). وكشف المصنف عن مقصوده ومنهجه في هذا الكتاب، فقال في المقدمة: "أما بعد، هذا كتاب أحكامٍ في الفقه، اختصرته حسب الإمكان، واقتصرتَ فيه على قولٍ واحدٍ ليكون عُمدة لقارئه، ولا يلتبس عليه الصواب باختلاف الوجوه والروايات. سألني بعمق أصحابنا تلخيصه ليقرب على المتعلمين، ويسهل حفظه على الطالبين، فأجبته إلى ذلك، معتمدًا على الله سبحانه في إخلاص القصد لوجهه الكريم، والمعونة على الوصول إلى رضوانه العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وأودعته أحاديث صحيحة، تبركًا بها، واعتمادًا عليها، وجعلتها من الصِّحاح لأستغني عن نسبتها إليها" (¬2). • الأعمال التي تمت عليه: له عدة شروح، وتعاليق. • فمن شروحه: 1 - الُعدّة شرح العمدة، لعبد الرحمن بن إبراهيم، أبي محمد، بهاء الدين المقدسي (ت 624 هـ). وهو تلميذ المصنف تفقه عليه وفهم أغراضه ومراميه وسيأتي في الصفحة 248. 2 - شرح العمدة، لشيخ الإسلام أحمد ابن تيمية (ت 728 هـ). وهو شرح غير كامل ينتهي عند آخر كتاب الحج. 3 - شرح العمدة، لعبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي البغدادي (ت 739 هـ). 4 - شرح العمدة، لعلاء الدين علي بن محمد البغدادي الدمشقي (ت 900 هـ). 5 - شرح العمدة، لمحمد بن علي الحركان. • ومن التعاليق عليه: ¬

_ (¬1) المدخل ص 433. (¬2) العمدة ص 19، تحقيق ثناء الهواري وإيمان زهراء، ط. الدار المتحدة، دمشق.

6 - عمدة الحازم

تعليق الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع (ت 1385 هـ). 6 - عُمدة الحازم ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 18) في جملة مصنفات الموفق التي اعتمدها في كتابه، فقال: .. والكافي، والهادي، ورأيت في نسخة معتمدة أن اسم الهادي: عمدة الحازم في تلخيص المسائل الخارجة عن مختصر أبي القاسم. اهـ. وراجع: الهادي. 7 - الفتاوى قال ابن رجب (2/ 139): و [له] فتاوى ومسائل منثورة، ورسائل شتَّى كثيرة. اهـ. وخرّج في "الذيل" كثيرًا من فتاويه ومسائله التي لا توجد في كتبه المشهورة، منها ما نقله من خط السيف ابن المجد من فتاوى جدِّه الموفَّق (¬1). وفي "القلائد الجوهرية" لإبن طولون (ص 468) و"الإنصاف" (15/ 229) ما يفيد أن هذه الفتاوى مدونة في كتاب واحد. وذكر له صاحب معجم المؤلفين" (2/ 227) كتابًا باسم "الأجوبة" فلعله هو نفس "الفتاوى". 8 - قواعد أصول الفقه ذكره الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 945) قال: طُبع بتعليق جمال الدين القاسمي بدمشق. ولم أقف له على ذكر غير هذا. ولم يُشر إليه الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن السعيد في دراسته التي أعدها بعنوان "ابن قدامة وآثاره الأصولية". 9 - الكافي ذكره ابن رجب (2/ 139) وقال: أربع مجلدات. وكذا العليمي (4/ 155) والذهبي في "السير" (22/ 168)، والصفدي في "الوافي بالوفيات" (17/ 38) والنعيمي في "الدارس" (2/ 119) وابن طولون في ¬

_ (¬1) الذيل 2/ 144 - 149.

"القلائد الجوهرية" (ص: 461، 470، 479)، وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1378) والبغدادي في "الهدية" (1/ 460) والزركلي في "الأعلام" (4/ 67). وذكر له ابن كثير في "البداية" (13/ 100) كتابًا باسم "الشافي" قائلًا: في مجلدين. ولم يذكر "الكافي"، فلعله هو. وعدّه المرداوي في جملة مصادره لكتاب "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 18). وهو مشهور معروف. • مخطوطات الكتاب: منه ثلاث نسخ في دار الكتب الظاهرية: الأولى: برقم (2741) عدد أوراقها (265) ورقة، في (22) سطرًا، بخط نسخ، كتبها أحمد بن محمد بن بكتاش الحنبلي الهمداني سنة (620 هـ). وهي تحتوي على الجزء الأول من الكتاب، ومنها صورة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم (1906/ ف). الثانية: برقم (2740) عدد أوراقها (253) ورقة، بخط معتاد. وهي تحتوي على الجزء الأول من الكتاب أيضًا، ومنها صورة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم (1905/ ف). الثالثة: برقم (2742) عدد أوراقها (138) ورقة، بخط نسخ، كتبها عبد المحسن بن عبد الكريم المحصري سنة (609 هـ). وتوجد منه نسخة في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة رقم (1421) عدد أوراقها (348) ورقة في حجم (31) سطرًا، بخط نسخ قديم معتاد، نسخها أبو بكر بن موسى بن أبي بكر الحنبلي سنة (732 هـ). ومنها صورة في أم القرى برقم (151) وأخرى في الجامعة الإسلامية برقم (6724).

ومنه نسخة في مكتبة شستربتي بدبلن (إيرلندا) رقم (3273) عدد أوراقها (331) ورقة في حجم (21) سطرًا، بخط مشرقي، نسخ عبد الرحمن بن علي بن عبد الواحد المقدسي، سنة (648 هـ) وهي عبارة عن الجزء الأول من الكتاب. وفي الجامعة الإسلامية صورة منها برقم (8627/ 1). وهناك نسخة ثانية في شسشربتي برقم (4418) عدد أوراقها (311) ورقة في حجم (21) سطرًا، بنفس الخط السابق والناسخ والتاريخ. وهي عبارة عن الجزء الثاني من الكتاب. وفي الجامعة الإسلامية صورة منها برقم (8627/ 2). ومنه نسخة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، تقع أرقامها ما بين (1907) إلى (1912)، وعدد أوراقها (139) ورقة، وتضم أجزاء متفرقة من الكتاب. ومنه نسخة في مكتبة برنستون برقم (904/ H)، عدد أوراقها (267) ورقة، تبدأ بباب الفدية، وتنتهي بفصل في العمرى، كتبت بخط نسخي جيد، وليس عليها تاريخ نسخ. ومنه نسخة في المكتبة العامة السعودية بالرياض، برقم (86)، تقع في مجلدين، الأول عدد أوراقه (236) ورقة في حجم (31) سطرًا، والثاني عدد أوراقه (306) ورقات في حجم (28) سطرًا، نسخها سليمان بن أحمد ابن حسين سنة (872) هـ. ومنه نسخة في مكتبة الشيخ عبد الله بن عبد العريز العنقري -رَحِمَهُ اللهُ-، عدد أوراقها (481) ورقة في حجم (23) سطرًا، نسخها حسن بن محمد بن حازم، المقري سنة (787) هـ، ولدي نسخة مصورة عنها. كما يوجد جزء من مخطوط الكتاب في جامع عنيزة، ذكره البسام في "علماء نجد" (3/ 272). ولعلها من جملة النسخ المعتمدة في تحقيق الكتاب

في طبعته الأولى الصادرة عن المكتب الإسلامي. • طباعة الكتاب: طُبع (الكافي) في المكتب الإسلامي بدمشق سنة (1382 هـ/ 1962 م). بتحقيق الأستاذ زهير الشاويش على نفقة الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، وفيه مقدمة تتضمن ترجمة للمؤلف بقلم الشيخ محمد بن عبد العزيز ابن مانع -رَحِمَهُ اللهُ-. وذكر المحقق أنه اعتمد على ست نسخ خطية. وتكرر طبعه عدة مرات. ووفقني الله تعالى لتحقيقه، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر بالقاهرة، وصدر عنها سنة (1419 هـ / 1998 م) في ستة مجلدات مع فهارس فنية. • وصف الكتاب: هو كتاب يتوسط في حجمه بين "المقنع" و"المغني" من مؤلفات الموفق ابن قدامة. وهو أعظم مصنفاته بعد "المغني" إذ عرض فيه المذهب الحنبلي عرضًا وسطًا بين الإطالة والإختصار. ومنهجه فيه: أنه يعرض المسألة، بما فيها من الروايات والوجوه -إن وجدت- مؤلِّفًا بين كل رواية أو وجه، وبين دليله من المنقول والمعقول، كل ذلك في بساطة وشر تجعلانها تستقر في الذهن، وتُعوِّد مُطالعه ودارسه على مجاوزة التقليد إلى معرفة الدليل والمنزع. ثم يسمو به إلى مناقشة هذه الأدلة، وهي من أبرز ما يتميز به المذهب الحنبلي على غيره. وكشف المصنف عن مقصوده ومنهجه في أول الكتاب، فقال: "هذا كتاب استخرت الله تعالى في تأليفه على مذهب إمام الأئمة، وربَّاني الأمة، أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، - رضي الله عنه -، في الفقه، توسطت فيه بين الإطالة والإختصار، وأومأت إلى مسائله مع

الإقتصار، وعزيت (¬1) أحاديثه إلى كتب أئمة الأمصار، ليكون الكتاب كافيًا في فنه عما سواه، مُقنعًا لقارئه بما حواه، وافيًا بالغرض من غير تطويل، جامعًا بين بيان الحكم والدليل" (¬2). • ما قيل في هذا الكتاب: ورد ذكر "الكافي" في لامية الشيخ يحيى الصرصري المعروف بـ"حسان السُّنة" (ت 656 هـ)، في سياقة مدح الموفق ابن قدامة، وكتبه، فقال: وفي عصرنا كان الموفق حُجّة ... على فقهه ثَبتَ الأصول مُعوَّلي (¬3) كفى الخلق بـ"ـالكافي" وأقنع طالبًا ... بـ"ــمقنع" فقه عن كتابٍ مطوَّلِ وأغنى بـ"ـمغني" الفقه من كان باحثًا ... و"عمدته" من يعتمدْها يحصِّل و"روضته" ذات الأصول كروضة ... أماست بها الأذهان أنفاس شمأَلِ تدل على المنطوق أو في دلالةٍ ... وتحمل في المفهوم أحسن محمَلِ ولما نظم حسان السُّنة المذكور متن "الخرقي"، أعقب ذلك بمنظومة دالية أسماها "واسطة العقد الثمين وعمدة الحافظ الأمين" جاء في خاتمتها: تخيرتها مما حوى ابن قدامة الـ ... موفق في"الكافي" تخيَّر مقتد هُمَا لَقَبا صدق له ولجمعه ... بتوثيقه تُكْفَى الضَّلالَ وتهتدي وقال الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع -رَحِمَهُ اللهُ-: "ومن أنفع مؤلفاته -أي ابن قدامة- وأكثرها فائدة بعد "المغني"كتابه "الكافي" الذي نقدمه للقراء؛ لسهولة لفظه ووضوح معناه وكثرة مسائله" (¬4). • الأعمال التي تمت عليه: تمت على "الكافي" أعمال متنوعة، منها: نظمه، وتخريج أحاديثه، واختصاره. ¬

_ (¬1) يقال: عزيت، وعزوت. أي: نسبت. (¬2) الكافي 1/ 4، ط. دار هجر. (¬3) وقع في "الذيل" (2/ 141): على فقهه بثبت الأصول محولي. والتصحيح من "المنهج الأحمد". (¬4) مقدمة طبعة المكتب الإسلامي "للكافي" ص (و).

10 - مختصر الهداية

فقد نظمه: 1 - يحيى الصرصري الملقب بـ"ـحسّان السُّنة) (ت 656 هـ) في كتاب سماه "واسطة العقد الثمين"، كما مرّ قريبًا. وهي منظومة دالية تشتمل على ألفي بيت. 2 - صالح بن حسن البهوتي (ت 1131 هـ) في قصيدة تشتمل على ثلاثة آلاف بيت. وخرّج أحاديثه: الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (ت 643 هـ)، في كتاب سماه "الشافي على الكافي في السنن". واختصره: 1 - أحمد بن إبراهيم الواسطي، المعروف بـ (ابن شيخ الحزاميين" (ت 711 هـ) في كتاب سماه "البلغة". 2 - محمد بن أحمد بن سعيد ابن العز، النابلسي (ت 855 هـ) في كتاب سماه "المنتخب الشافي من كتاب الكافي". 10 - مختصر الهداية أي "هداية" أبي الخطاب الكوذاني. ذكره ابن رجب (2/ 139) وقال: مجلد. وكذا العليمي (4/ 155)، والذهبي في"السير" (22/ 168) وقال: مجيليد، والصفدي في "الوافي بالوفيات" (17/ 38) وابن شاكر في "فوات الوفيات" (2/ 159). وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 468). وراجع: الهادي. 11 - المغني في شرح الخرقي ذكره ابن رجب (2/ 139) وقال: عشر مجلدات. وكذا العليمي (4/ 155) وقال: ذكر فيه المذاهب الأربعة وغيرها من كتب الدنيا. وياقوت في "معجم البلدان" (2/ 113) والذهبي في "السير" (22/ 168). وابن

طولون في "القلائد الجوهرية" (ص: 466، 468، 469، 564) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص: 1415، 1416، 1755، 1751) والبغدادي في "الهدية" (1/ 460) والزركلي في "الأعلام" (4/ 67) وسزكين في "تاريخ التراث العرب" (1/ 3/ 236). وهو من مصادر "الإنصاف" للمرداوي كما في المقدمة (ص 21). وهو أشهر من نار على عَلم، ونسبته إلى ابن قدامة كالشمس، حتى إنه يعرّف به، فيقال: ابن قدامة صاحب "المغني". • مخطوطات الكتاب: توجد منه عدة نسخ خطية، من ذلك: 1 - في دار الكتب الظاهرية بدمشق: - رقم (548) جزء (2) في (561) ورقة، بخط نسخ، نسخ إبراهيم بن محمد. - رقم (549) جزء في (240) ورقة، بخط نسخ، نسخ إبراهيم بن محمد. - رقم (554) جزء في (239) ورقة، بخط نسخ مختلف، نسخ إبراهيم ابن محمد. - رقم (591) جزء (1) في (279) ورقة، بخط معتاد مقروء. - رقم (2697) جزء (5) في (316) ورقة، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن عبيد بن حسن الحنبلي، سنة (825 هـ). - رقم (2701) جزء (4) في (268) ورقة، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن أبي الحسن الحارثي، سنة (702 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (256). - رقم (2722) جزء (4) في (199) ورقة، بخط نسخ معتاد، نسخ أحمد بن عبد الله، سنة (820 هـ).

- رقم (2727) جزء (10) في (195) ورقة، بخط نسخ مشكول، سنة (671 هـ). - رقم (2728) جزء (12) في (266) ورقة، بخط نسخ معتاد، نسخ أحمد بن عبد الله. - رقم (2777) جزء (7) في (188) ورقة، بخط نسخ معتاد، نسخ أحمد بن حاتم بن علي، سنة (629 هـ). - رقم (2778) جزء (1) في (278) ورقة، بخط نسخ جيد، نسخ إسماعيل بن محمد الحراني، سنة (690 هـ). - رقم (2779) جزء (2) في (262) ورقة، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن عثمان بن محمد، سنة (735 هـ). - رقم (2780) جزء (3) في (254) ورقة، بخط نسخ، نسخ محمد بن أبي الحسن الحارثي. - رقم (2781) جزء (11) في (281) ورقة، بخط نسخ جيد، نسخ محمد بن أبي الحسن الحارثي، سنة (704 هـ). - رقم (2782) جزء (5) في (185) ورقة، بخط نسخ معتاد. 2 - وفي دار الكتب المصرية: - رقم (17 - فقه حنبلي) (الجزء (5) في (295) ورقة، في (22) سطرًا، بخط نسخ قديم. ومنه صورة في جامعة أم القرى (211). - رقم (17 - فقه حنبلي) جزء في (214) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ واضح، نُسخ سنة (736 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (71). - رقم (17 - فقه حنبلي) (الجزء (3) في (206) ورقة، في (29) سطرًا، بخط نسخ قديم، نسخ علي بن عبد الرحمن بن شبيب الحراني، سنة: (713 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (212). - رقم (17 - فقه حنبلي) الجزء (7) في (259) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ حسن، نُسخ سنة (724 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (215).

- رقم (17 - فقه حنبلي) الجزء (8) في (251) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ حسن. ومنه صورة في جامعة أم القرى (208). - رقم (17 - فقه حنبلي) الجزء (10) في (210) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ حسن، نُسخ سنة (725 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (216). 3 - وفي مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة: - رقم (1425) الجزء (4) في (150) ورقة، في (29) سطرًا، بخط نسخ معتاد. ومنه صورة في جامعة أم القرى (181). - رقم (1427) الجزء (6) في (150) ورقة، في (29) سطرًا، بخط نسخ حسن. ومنه صورة في جامعة أم القرى (184). - رقم (1430) الجزء (5) في (200) ورقة، في (25) سطرًا، بخط نسخ حسن، نسخ عبد الحميد بن السيد الحنبلي، سنة (683 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (183). 4 - وفي المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة: - رقم (1424) الجزء (3) في (160) ورقة، في (21) سطرًا، بخط نسخ معتاد. ومنه صورة في جامعة أم القرى (180)، وأخرى في الجامعة الإسلامية (5301). - رقم (1425) في الجزء (4) في (150) ورقة، في (29) سطرًا، بخط مشرقي. ومنه صورة في الجامعة الإسلامية (5302). - رقم (1426) الجزء (5) في (336) ورقة، بخط نسخ حسن، كُتبت سنة (673 هـ) ومنه صورة في جامعة أم القرى (182)، وأخرى بالجامعة الإسلامية (5300). - رقم (1427) الجزء (6) في (150) ورقة، في (30) سطرًا، بخط مشرقي. ومنه صورة في الجامعة الإسلامية (5304).

- رقم (1428) الجزء (9) في (371) ورقة، فيَ (19) سطرًا، بخط نسخ حسن. ومنه صورة في جامعة أم القرى (185) وأخرى في الجامعة الإسلامية (5306). - رقم (1429) الجزء (9) في (153) ورقة، في (25) سطرًا، بخط نسخ معتاد. ومنه صورة في جامعة أم القرى (186)، وأخرى في الجامعة الإسلامية (5305). - رقم (1430) الجزء (5) في (255) ورقة، في (32) سطرًا، بخط مشرقي، نسخ عبد المجيد بن عبد السيد اليوسفي، سنة (663 هـ). ومنه صورة في الجامعة الإسلامية (5103). • طباعة الكتاب: 1 - طُبع أولًا مع "الشرح الكبير" لإبن أخيه الشمس محمد بن أبي عمر، في مطبعة المنار بالقاهرة، في السنوات (1341 هـ - 1348 هـ/ 1922 م - 1929 م)، بأمر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، وأشرف على الطباعة والتصحيح، وعلق عليه الشيخ محمد رشيد رضا والشيخ أبو الطاهر، -رَحِمَهُمُ اللهُ- جميعًا وأجزل لهم المثوبة. وصدر في (12) مجلدًا، وفي مقدمته ترجمة للمؤلفَيْنِ مع بيان مزايا الكتابين، كتبها الشيخ عبد القادر ابن بدران الشامي الدوماني. 2 - ثم طُبع "المغني" مستقلا بمطبعة المنار، أيضًا، في (9) أجزاء، وصدر مصورًا بعد ذلك. 3 - وطُبع في مطابع سجل العرب بالقاهرة في السنوات (1388 هـ - 1390 هـ 1968/ م -1970 م)، بتحقيق الدكتور طه محمد الزيني، ومحمود عبد الوهاب فايد، وعبد القادر أحمد عطا، ونشرته مكتبة القاهرة بمصر. 4 - وطُبع بالأوفست في دار الكتاب العربي ببيروت سنة (1392 هـ/ 1972 م) عن السابقة.

5 - ووفقني الله تعالى لتحقيقه بالإشتراك مع الدكتور عبد الفتاح الحلو -رَحِمَهُ اللهُ-، وصدر عن دار هجر بالقاهرة سنة (1456 هـ / 1986 م) في (15) مجلدًا مع الفهارس. وتم التحقيق على النسخ المحفوظة بدار الكتب المصرية بالأرقام (17، 18، 19، 20، 21، 23، 25، 39، 40 - فقه حنبلي) والنسختين (ب 20535) و (بـ 20558) والنسخة (365 - أصول فقه). بالإضافة إلى نسخة أزهرية ([21]، 5696). والنسخ الظاهرية ذات الأرقام (27272،272، 2728، 2779، 2780، 2781، 2782) ونسخ أخرى. • وصف الكتاب ومنهج المؤلف فيه وبيان قيمته: • يعتبر "المغني" من أوسع الكتب المصنفة في المذهب، وأكبرها حجمًا. ويعتبره كثير من العلماء أحسن شروح "الخرقي"؛ من حيث التوسع وكثرة الفوائد، وغير ذلك. فهو إذن شرح وُضع في الأصل على "مختصر الخرقي". لكن الذي يبدو من منهج الموفق -رَحِمَهُ اللهُ- وقصده في هذا الكتاب، هو تكوين موسوعة للفقه الحنبلي، وليس شرحَ مختصرِ الخرقي بالذات، وإنما بناه على المختصر، وجعل مسائله كتراجم لأبحاث كتاب "المغني". وهذا ما نلمسه واضحًا في مقدمته الوجيزة للكتاب، إذ جاء فيها: "وقد أحببت أن أشرح مذهبه -أي الإمام أحمد- واختياره، ليعلم ذلك من اقتفى آثاره. وأُبيِّن في كثير من المسائل ما اختُلف فيه مما أجمع عليه، وأذكر لكل إمام ما ذهب إليه، تبركًا بهم، وتعريفًا لمذاهبهم، وأشير إلى دليل بعض أقوالهم على سبيل الإختصار، والإقتصار من ذلك على المختار، وأعزو ما أمكنني عزوه من الأخبار، إلى كتب الأئمة من علماء الأمصار، لتحصل الثقة بمدلولها، والتمييز بين صحيحها ومعلولها، فيُعتمد على معروفها ويُعرض عن مجهولها. ثم بنيت ذلك على شرح "مختصر الخرقي"؛ أبي القاسم عمر بن الحسين

ابن عبد الله الخرقي -رَحِمَهُ اللهُ- لكونه كتابًا مباركًا نافعًا، ومختصرًا موجزًا جامعًا، ومؤلفه إمام كبير صالح، ذو دين، أخو ورع، جمع العلم والعمل، فنتبرك بكتابه، ونجعل الشرح مرتبًا على مسائله وأبوابه" (¬1). • ويتمثل منهج ابن قدامة في"المغني" في: أنه يذكر المسألة من "مختصر الخرقي"، ويجعلها كالترجمة للبحث، ثم يأتي عليها شرحًا وتبيينًا، ويورد ما دلت عليه بمنطوقها ومفهومها ومضمونها، ثم يُتبع ذلك ما يشابهها مما ليس بمذكور في الكتاب، فتحصل المسائل كتراجم للأبواب (¬2). ويلتزم ابن قدامة في عناوين الكتاب وتراجمه ما في"مختصر الخرقي"، بحيث يقسم الكتاب كلَّه إلى مجموعة كتب، ككتاب الطهارة، وكتاب الصلاة .. ويقسم الكتاب الواحد إلى عدة أبواب، كباب الآنية وباب الحيض ... ويقسم الباب إلى عدة مسائل، كل مسألة يجعلها كالترجمة للبحث، كما مضى. ثم إنه يورد المباحث والأحكام التي لم ينص عليها الخرقي تحت فصول غير مترجمة. فيقول مثلًا: فصل: وحكم المستحاضة حكم التيمم ... إلخ. فصل: يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع رأسه ... • ويُعنى المؤلف بذكر الخلاف والأدلة في هذا الكتاب، وهو قبل أن يكون مصدرًا لمعرفة الخلاف، فهو مصدر لمعرفة الإجماع، إذ أخذ على نفسه -كما صرح في المقدمة- أن يبين في كثير من المسائل ما اختُلف فيه مما أجمع عليه. قال الشيخ رشيد رضا -رَحِمَهُ اللهُ-، كما نقل عنه ابن بدران في تقدمته لطبعة كتاب "المغني" معا الشرح الكبير": "الفائدة الخامسة: إن الذي يقرأ الكتابين، أو يراجع المسائل فيهما، يقف على مسائل الإجماع، وهي الواجبة قطعًا على جميع المسلمين، فلا يسع أحدًا منهم ترك شيء منها إلا بعذر شرعي" (¬3). ¬

_ (¬1) المغني 1/ 4 - 5 ط. دار هجر، وقوله: فنتبرك بكتابه، مبالغة منه -رَحِمَهُ اللهُ- وسبق التعليق عليها وعلى مثلها من التبرك بالعلماء والصالحين في الجزء الأول ص 450 - 451، فليراجع. (¬2) المغني 1/ 5 - 6. (¬3) مقدمة: "المغني" مع (الشرح الكبير) ص 18، ط. دار الكتاب العربي.

ونلاحظه تارة يحيل في حكاية الإجماع على ابن المنذر، وتارة يتكفل ذلك بنفسه، فيقول مثلًا: لا نعلم في ذلك خلافًا. أو نحو هذه العبارة. • وأما الخلاف والأدلة: فإن ابن قدامة يذكر في "المغني" الخلاف في حكاية المذهب على روايتين أو أكثر متى وجد، وينسب كل رواية لصاحبها، ويوجهها بوجوه من النظر والدليل، كما يعنى بذكر الخلاف بين الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم من الأئمة الأربعة، وغيرهم. ويستدل لكل مذهب بدليل مقتضب، وقد صرح بذلك في المقدمة، ويرجح في الأخير ما يراه راجحًا على طريقة الخلاف والجدل، ويتوسع في فروع المسألة. وبعد هذا، يمكن القول بأن هذا الكتاب العظيم يعدُّ ديوانًا للفقه الإسلامي، وليس كتابًا للحنابلة فحسب، وليس أدلَّ على ذلك من مسارعة علماء عصرنا في الاقتناء له على اختلاف مذاهبهم، فهو في الفقه الإسلامي بمنزلة "تفسير الطبري" في علوم التفسير، وبمنزلة "تفسير القرطبي" في جمع أحكامه، ويمنزلة "السنن الكبرى" للبيهقي في جمع أحاديث الأحكام. • ما قيل في هذا الكتاب: قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام: "ما رأيت في كتُب الإسلام والعلم مثل "المحلَّى والمجلَّى" (¬1) وكتاب "المغني" للشيخ موفق الدين ابن قدامة، في جودتهما وتحقيق ما فيهما". ونُقل عنه أيضًا قوله: "لم تطب نفسي بالفتيا حتى صار عندي نسخة من المغني" (¬2). وقال الناصح ابن الحنبلي -وهو رفيق الموفَّق وخليفته في رئاسة المذهب بعده-: ¬

_ (¬1) يعني كتاب ابن حزم الشهير بـ"المحلّى". واسمه الكامل: "المحلّى بالآثار في شرح المجلّى بالأخبار". (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 140. ونقله الذهبي في "السير" (18/ 193) وعلق عليه بالقول: وثالثهما "السنن الكبرى" للبيهقي، ورابعها: "التمهيد" لإبن عبد البر. فمن حصّل هذه الدواوين، وكان من أذكياء المفتين، وأدْمَنَ المطالعة فيها، فهو العالم حقا. اهـ. أقول: ولو يضاف إلى هذه الأربعة "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني، لكان أجمل وأكمل.

"بلغ الأمل في إتمامه، وهو كتاب بليغ في المذهب، عشر مجلدات، تعب عليه، وأجاد فيه، وجمَّل به المذهب" (¬1). وقال ابن بدران: " ... فأصبح كتابه -يعني المغني- مفيدًا للعلماء كافة؛ على اختلاف مذاهبهم، وأضحى المطلع عليه ذا معرفة بالإجماع والوفاق والخلاف، والمذاهب المتروكة؛ بحيث تتضح له مسالك الإجتهاد، فيرتفع من حضيض التقليد إلى ذروة الحق المبين، ويمرح في روض التحقيق" (¬2). • الأعمال التي تمت على المغني: وضعت على "المغني" عدة مختصرات، وعدة حواشٍ. • فمن مختصراته: 1 - "التهذيب في اختصار المغني" لأبي الفرج زين الدين عبد الرحمن بن رزين الغساني (ت 656 هـ)، ويعرف باسمه، فيقال: مختصر ابن رزين. ونظمه يوسف بن محمد السُّرَّمَري (ت 776 هـ) كما سيأتي. 2 - "التقريب في اختصار المغني" لأبي عبد الله نجم الدين أحمد بن حمدان الحرّاني (ت 695 هـ). ولكنه ينتهي عند كتاب الجمعة فقط. 3 - "مختصر المغني" لأبي الفرج زين الدين عبد الرحمن بن محمود بن عُبيدان البعلي (ت 734 هـ). 4 - "مختصر المغني" لشمس الدين بن رمضان المرتّب، المتوفى ظنا سنة (740 هـ). 5 - "الخلاصة في اختصار المغني" لأبي البركات عز الدين عبد العزيز المقدسي (ت 846 هـ). • ومن الحواشي عليه: 1 - حواشي الزريراني: أبي بكر تقي الدين عبد الله بن محمد البغدادي (ت 729 هـ). ¬

_ (¬1) الذيل 2/ 134. (¬2) المدخل ص 428.

12 - مقدمة في الفرائض

2 - حاشية المغني، لأحمد بن نصر الله الكرماني (ت 744 هـ). 12 - مقدمة في الفرائض ذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 460). 13 - المقنع ذكره ياقوت في "معجم البلدان" (2/ 114) وابن رجب (2/ 139) والعليمي (4/ 155) والذهبي في "السير" (22/ 168) وابن شاكر في "فوات الوفيات" (2/ 159) والنعيمي في "الدارس" (1/ 318، 2/ 36، 37، 42، 110) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص: 265، 397، 468، 494، 495) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1809) والبغدادي في "الهدية" (1/ 460) وابن بدران في "المدخل" (ص 436) والزركلي في "الأعلام" (4/ 67). وبنى المرداوي عليه، وعلى شرحه "الشافي"، كتابه "الإنصاف". وهو من أشهر كُتب ابن قدامة خاصةً وكتب المذهب عامةً. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسختان في المكتبة الظاهرية: الأولى: برقم (2767) في (186) ورقة، بخط نسخ معتاد. الثانية: برقم (2704) في (211) ورقة، بخط نسخي. - ومنه نسخة في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، رقم (1462) عدد أوراقها (138) ورقة، بخط نسخ معتاد، كُتبت سنة (920 هـ). وعنها صورة في جامعة أم القرى (140). - ونسخة في المكتبة الأزهرية، عدد أوراقها (165) ورقة، بخط مشرقي. ومنها صورة في الجامعة الإسلامية (7173). - ونسخة في دار الكتب المصرية رقم (20358 ب) عدد أوراقها (363) ورقة، في حجم (15) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نسخ موسى بن سليمان بن

أحمد بن موسى بن علي الحنبلي، سنة (964 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع مع حاشية للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، في مطبعة المنار بالقاهرة سنة (1322 هـ/ 1903 م) بعناية الشيخ محمد رشيد رضا، وصدر في جزأين. ثم طُبع بالمطبعة السلفية بالقاهرة أيضًا. ومعه الحاشية المذكورة، إلا أن هناك اختلافًا بين الحاشيتين اختلافًا بيّنًا بالزيادة والنقص. وطُبع طبعة ثالثة مع الحاشية المذكورة بمطابع الدجوي بالقاهرة سنة (1400 هـ/ 1980 م) في أربعة أجزاء، ونشرته المؤسسة السعيدية بالرياض. هذا بالإضافة إلى طباعته مع شرحيه: "الشرح الكبير" و"المبدع". ووفقني الله تعالى لتحقيقه وطُبعه مع"الشرح الكبير" و"الإنصاف" وصدر عن دار هجر سنة (1414 هـ/ 1993 م). • وصف الكتاب: هو متن يأتي بعد "العمدة" في الترتيب المنهجي لكُتب المؤلف. وهو متن جامع لمسائل المذهب، وافٍ بالفروع الفقهية الحنبلية، ألفه لمن تجاوز مرحلة الابتداء من الطلاب ولم يبلغ درجة النظر في الأدلة، فجرده عن ذكر الأدلة والتعليلات. وقد كشف المصنف عن مقصوده بقوله في خطبة الكتاب: "اجتهدت في جمعه وترتيبه، وإيجازه وتقريبه، وسطًا بين القصير والطويل، وجامعًا لأكثر الأحكام، عريّة عن الدليل والتعليل، ليكثر علمه، ويقلّ حجمه، ويسهل حفظه وفهمه، ويكون مقنعًا لحافظيه، نافعًا للناظر فيه" (¬1). وطريقة المصنف في هذا المتن: أن يورد الأحكام متتابعة عارية عن الدليل والتعليل، كما نبه على ذلك في الخطبة، ثم إنه يحكي المذهب على ما هو عليه من اختلاف الروايات عن الإمام، والوجوه عن أصحابه باختصار ¬

_ (¬1) المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/ 4، طبعة دار هجر.

شديد، فيقول: على روايتين، أو: وجهين، أو: فيها روايتان، أو: وجهان، وتارة يقول: وعنه ... إلخ. ويعني بذلك: رواية أخرى عن أحمد غير التي قدمها. ولا يرجح بين الروايات في الغالب، بل يُطلقها، وكذلك في بعض الوجوه، وهذه من أهم ميزات "المقنع". وأحيانًا نجده يرجح بين وجوه الأصحاب، فيقول: والأول أصح، أو: في أصح الوجهين. ويشير إلى تفردات بعض مجتهدي المذهب؛ كالقاضي أبي يعلى وأبي الخطاب. ونظرًا لوجود الخلاف مطلقًا في "المقنع"، فقد وُضعت عليه عدة طُرر وحواشٍ في تحرير الرواية، وتصحيح المذهب، فأصبح "المقنع" لا يُقرأ إلا مع تلك التنقيحات، وخصوصًا تنقيح محقق المذهب، العلامة علاء الدين المرداوي (ت 885 هـ)، -رَحِمَهُ اللهُ-. وتظهر قيمة "المقنع" بين كتب المذهب في انتداب ابن أخي المصنف إلى القيام بشرحه شرحًا عظيمًا، ورفده بالأدلة في كتابه "الشافي" والمشهور بـ"الشرح الكبير"، والذي يكاد يسامي "المغني" في الأهمية. كما تظهر أيضًا في جعله عمدة الحنابلة من زمنه إلى يومنا هذا، فكسب شهرة تداني شهرة "مختصر الخرقي" قبله. فلهذا أفاضوا في شرحه، وتحشيته، وبيان غريبه، وتصحيحه، وتنقيحه وتوضيحه. وتظهر من جهة ثالثة في أن المشايخ درجوا على إقرائه لمن ارتقى عن درجة المبتدئين بعد إقراء"العمدة" له. • ما قيل في هذا الكتاب: قال محقق المذهب ومنقحه في عصره علاء الدين المرداوي: "أما بعدُ، فإن كتاب"المقنع" في الفقه، تأليف شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، قدس الله روحه، ونوّر ضريحه، من أعظم الكتب نفعًا وأكثرها جمعًا، وأوضحها إشارة، وأسلسها عبارة، وأوسطها حجمًا، وأغزرها علمًا، وأحسنها تفصيلاً وتفريعًا، وأجمعها

تقسيمًا وتنويعًا، وأكملها ترتيبًا، وألطفها تبويبًا؛ فقد حوى غالب أمهات مسائل المذهب، فمن حصَّلها فقد ظفر بالكنز والمطلب" (¬1). وقال ابن بدران: "واعلم أن لأصحابنا ثلاثة متون حازت اشتهارًا؛ أيَّما اشتهار: أولها: "مختصر الخرقي"، فإن شهرته عند المتقدمين سارت مشرقًا ومغربًا، إلى أن ألّف الموفّق كتابه "المقنع"، فاشتهر عند علماء المذهب قريبًا من اشتهار الخرقي إلى عصر التسعمئة" (¬2). • الأعمال التي تمت على الكتاب: تنوعت الأعمال العلمية الموضوعة على كتاب"المقنع" من شروح، إلى حواشٍ، إلى بيان غريبه، إلى وضع أدلته، إلى غير ذلك. • فممن شرحه: 1 - أبو محمد بهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي (ت 624 هـ). وهو تلميذ الموفَّق. 2 - أبو محمد شمس الدين عبد الرحمن بن محمد المقدسي (ت 682 هـ). وهو تلميذ الموفَّق ايضًا وابن أخيه. وشرحه يسمى: "الشافي" و"الشرح الكبير". 3 - أبو البركات زين الدين المنجّا بن عثمان التنوخي الدمشقي (ت 695 هـ). وشرحه يسمى: "الممتع في شرح المقنع". 4 - أبو عبد الله شمس الدين محمد بن عبد القوي المقدسي صاحب "منظومة الآداب" (ت 699 هـ) وشرحه يسمى: "مجمع البحرين". 5 - أبو محمد سعد الدين مسعود بن أحمد الحارثي (ت 711 هـ). 6 - أبو الفرج زين الدين عبد الرحمن بن محمود بن عُبيدان البغدادي (ت 734 هـ). 7 - أبو عبد الله شمس الدين محمد بن مفلح الراميني المقدسي، صاحب ¬

_ (¬1) الإنصاف 1/ 5، طبعة دار هجر. (¬2) المدخل ص 436.

"الفروع" (ت 763 هـ). له "حاشية على المقنع" وله "شرح على المقنع" على ما يقال. 8 - أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح الراميني (ت 803 هـ). 9 - أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد، حفيد الشمس ابن مفلح (ت 884 هـ). وشرحه يسمى"المبدع في شرح المقنع". وسبق أن القاضي موفق الدين المقدسي شرح قسم المناسك من"المقنع"، وهو من مصادر "الإنصاف". • وممن حشّاه وعلّق عليه: 1 - أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن محمد المرداوي المقدسي (ت 769 هـ). 2 - برهان الدين إبراهيم بن إسماعيل النابلسي المعروف بـ"ابن النقيب" (ت 803 هـ). له: تعليقة على"المقنع". 3 - سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت 1233 هـ). له: حاشية على "المقنع" طُبعت مع الأصل في أوَّل طَبْعة صَدَرت له. • وممن ألّف في بيان غريبه وكشف مصطلحاته: أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبو الفتح البعلي (ت 709 هـ). وكتابه يسمى: "المطلع على أبواب المقنع". • وممن نقّح "المقنع" أو جمعه مع غيره: 1 - أبو عبد الله شممس الدين محمد بن عبد القادر الجعفري النابلسي المعروف بـ"الجَنّة" (ت 797 هـ). له: "تصحيح الخلاف المطلق في المقنع"، ومختصره. 2 - أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد النابلسي (ت 805 هـ). له: "تصحيح المقنع". 3 - أبو البركات عز الدين أحمد بن إبراهيم بن نصر الله الكناني (ت 876 هـ). له: "تصحيح المقنع".

4 - أبو الحسن علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (ت 885 هـ). في كتابه الشهير "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف"، ومختصره "التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع". 5 - أبو اليُمن مجير الدين عبد الرحمن بن محمد العُليمي (ت 928 هـ). له: "تصحيح الخلاف المطلق في المقنع". 6 - أبو العباس شهاب الدين أحمد بن عبد الله العسكري (ت 910 هـ). له: "الجمع بين المقنع والتنقيح". 7 - أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن محمد الشويكي (ت 939 هـ). له: "التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح". 8 - تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الشهير بـ"ابن النجار" (ت 972 هـ). في كتابه الشهير"منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات". • وممن اختصر"المقنع": 1 - ابن أبي الفتح البعلي السابق صاحب"المطلع". 2 - أبو النجا شرف الدين موسى بن أحمد الحجّاوي (ت 968 هـ). في كتابه الشهير: "زاد المستقنع في اختصار المقنع". • وممن ألّف في أدلة "المقنع": 1 - عبد الرحمن ابن عُبيدان (ت 734 هـ) السابق (¬1). له: "المطلع في الأحكام على أبواب المقنع". وهو معروف باسم المصنف، فيقال: مطلع ابن عبيدان. 2 - يوسف المرداوي (ت 769 هـ) السابق (¬2). له: "الإنتصار في الحديث على أبواب المقنع و"كفاية المستقنع لأدلة المقنع". وسيأتي الكلام عن تلك المصنفات عند ذكر مصنفيها إن شاء الله تعالى. ¬

_ (¬1) في الصفحة 238. (¬2) في الصفحة 239.

14 - مناسك الحج

14 - مناسك الحج ذكره ابن رجب (2/ 139) وقال: جزء. وكذا العليمي (4/ 155) وابن طولون في "الفلائد الجوهرية" (ص 468). 15 - الهادي ذكره ابن رجب (2/ 139) والعليمي (4/ 155) والذهبي في "السير" (22/ 168) والصفدي في "الوافي" (17/ 38) وابن شاكر في "فوات الوفيات" (2/ 159). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (1/ 50). ويُذكر أيضًا باسم"عمدة الحازم" و"مختصر الهداية". وقال المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 18): ورأيت في نسخة معتمدة أن اسم "الهادي": عمدة الحازم في تلخيص المسائل الخارجة عن مختصر أبي القاسم. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، برقم (1422) بعنوان: "كتاب الهادي". عدد أوراقها (155) ورقة في (15) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نُسخت سنة (838 هـ). وعنها صورة في جامعة أم القرى (130). • طباعة الكتاب: طُبع على نفقة الشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني حاكم قطر الأسبق، في بيروت، مطابع دار العباد، ولم يؤرخ الطبع، وقدم له الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع -رَحِمَهُ اللهُ- مقدمة بليغة، وقال في وصف الكتاب: "وبعد، فإن كتاب الهادي ... كتاب عظيم الفائدة، كثير النفع، مشهور بين الأصحاب، معتمد فيما يذكر فيه من المسائل العلمية. وهو من جملة المصادر التي اعتمد عليها ونقل عنها علّامة المذهب الحنبلي ومحرره؛ الإمام الشيخ علي بن سليمان المرداوي في كتابه "الإنصاف" المشهور ... إلخ".

93 - ابن المشبك (لم تؤرخ وفاته)

• موضوع الكتاب: هو اختصار لهداية أبي الخطاب الكلوذاني، اختصارًا مشى فيه على ترتيب "مختصر الخرقي" متتبعًا زوائد "الهداية" على "المختصر". وفي الخاتمة نسجل كتابين آخرين، ذكرهما بروكلمان (4/ 94 - 95) إضافة إلى ما سبق: الأول: رسالة من ستة فصول عن شروط الطهارة والإغتسال والصلاة. منه نسخة في الجزائر (221349). الثاني: تحفة الأحباب في بيان حكم الأذناب. منه نسخة في باريس (4697). * * * 93 - ابن المُشَبِّك (لم تؤرخ وفاته) هو سليمان بن عمر بن سالم بن المُشَبِّك (¬1)، أبو الرَّبيع، كمال الدين، الحَرّاني، توفي بعد العشرين وستمئة. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 178). له: 1 - العبادات الخمس 2 - مختصر الهداية. 3 - الوفاق والخلاف بين الأئمة الأربعة. 4 - مسائل الخلاف. 5 - الراجح في أصول الفقه. 1 - العبادات الخمس ذكره ابن رجب (2/ 178) نقلاً عن ابن حمدان. وكذا العليمي (4/ 194). ¬

_ (¬1) وقع في "المقصد الأرشد" (1/ 429): المسبّك، بالسين المهملة.

2 - مختصر الهداية

2 - مختصر الهداية ذكره ابن رجب (2/ 178) نقلًا عن ابن حمدان. وكذا العليمي (4/ 194) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 429). 3 - الوفاق والخلاف بين الأئمة الأربعة ذكره ابن رجب (2/ 178) نقلًا عن ابن حمدان. وكذا العليمي (4/ 194) وابن مفلح في "المقصد" (1/ 429). وقد سبق كتاب "الإفصاح" لإبن هبيرة (ت 560 هـ) في هذا الموضوع. 4 - مسائل الخلاف ذكره ابن رجب (2/ 178) والعليمي (4/ 194) ووقع فيه: مسائل خلاف في أصول فقه. والصواب: مسائلُ خلافٍ، وأصولُ فقهٍ. 5 - الراجح في أصول الفقه ذكره ابن رجب (2/ 178) عن ابن حمدان بقوله: وأصولُ فقهٍ. ثم سماه، فقال: رأيت له كتاب "الراجح" في أصول الفقه. وكذا ذكره العليمي (4/ 194) وابن مفلح في "المقصد" (1/ 429). ولابن المشبّك تصانيف كثيرة في: أصول الفقه، وفقه المذهب، وفقه الخلاف. لم نعرف منها إلا ما ذكر. * * * 94 - الفخر ابن تَيمية (622 هـ) هو محمد بن الخَضِر بن محمد بن الخَضِر بن علي بن عبد الله ابن تيمية، أبو عبد الله، فخر الدين، النُّميري، الحَرّاني. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 151 - 162). وهي ترجمة حافلة. له: 1 - تخليص المطلب في تلخيص المذهب. 2 - ترغيب القاصد في تقريب المقاصد.

1 - تخليص المطلب في تلخيص المذهب

3 - بلغة الساغب وبغية الراغب. 4 - الموضح في الفرائض. 5 - شرح الهداية. 6 - كتاب في المناسك. 1 - تخليص المطلب في تلخيص المذهب ويسمى اختصارًا "التلخيص" بتقديم اللام على الخاء، وهو الإسم المتداول في كتب الفقه الحنبلي. ذكره المؤلف في مقدمة "بلغة الساغب" (ص 31) وابن رجب (2/ 153) وقال بأنه سلك فيه مسلك الغزالي في كتابه "البسيط". وذكره العليمي في "المنهج" (4/ 169) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 408) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 270) و"الهدية" (2/ 111) والزركلي في "الأعلام" (6/ 113). واستكثر شيوخ المذهب من الإحالة عليه، وعلى الخصوص الزركشي في شرحه على الخرقي (¬1)، وابن رجب وتلميذه ابن اللحام في قواعديهما. وعدّه المرداوي في جملة مصادر كتابه "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 18) قال: إلى الوصايا. 2 - ترغيب القاصد في تقريب المقاصد وذكره المؤلف في مقدمة "بلغة الساغب" (ص 31) وابن رجب (2/ 153) وقال بأنه سلك فيه مسلك الغزالي في كتابه "الوسيط". وذكره العليمي في "المنهج" (4/ 169) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 408) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 272) و"الهدية" (2/ 111) والزركلي في "الأعلام" (6/ 113). واستكثر من الإحالة عليه كلُّ من ابن رجب وتلميذه ابن اللحام في قواعديهما. كما أحال عليه ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 279 و 3/ 60، ¬

_ (¬1) هامش شرح الزركشي 1/ 125.

3 - بلغة الساغب وبغية الراغب

157، 162، 184، 355، 415). 3 - بلغة الساغب وبغية الراغب ذكره ابن رجب (2/ 153) وقال بأنه سلك فيه مسلك الغزالي في كتابه "الوجيز". وذكره العليمي في "المنهج" (4/ 169) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 408) والبغدادي في (الإيضاح) (1/ 193) و"الهدية " (2/ 111) والزركلي في "الأعلام" (6/ 113). واعتمده المرداوي في جملة مصادره لكتاب "الإنصاف"كما في المقدمة (ص 18). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية، وهي في الأصل من مكتبة الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان، محفوظة برقم (48) عدد أوراقها (163) ورقة في حجم (19) سطرًا. كُتبت بخط نسخي متقن ومشكول، نسخها الحسين بن بدران بن داود البابَصْري الحنبلي (¬1)، وكان ذلك في يوم الثلاثاء في (25) شعبان سنة (741 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع في مجمع الفقه الإسلامي بجدة، بدراسة وتحقيق الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، على النسخة الخطية الوحيدة المذكورة، ونشرته دار العاصمة بالرياض سنة (1417 هـ/ 1997 م) في مجلد واحد. • وصف الكتاب وبيان قيمته: ذكر محققه أنه لم يعثر على نسخة لأيِّ من كتبه الثلاثة السالفة الذكر سوى كلتاب "البلغة" هذا. ولكن يمكن التوسم لمنهج المؤلف في كتابيه المفقودين من خلال وصف "البلغة" لكونه بمثابة الإختصار لكلًّ من "التلخيص و "الترغيب"، اللذين اعتبرهما المؤلف كالشرحين له، وقد كشف المصنف عن مكنون ذلك في المقدمة، فقال: "أنشأته تبصرة للمبتدي، وتذكرة ¬

_ (¬1) ترجمه تلميذه ابن رجب في "الذيل" 2/ 443. وقال: كتب بخطّه الكثير.

للمنتهي، مشتملاً على جُلِّ ما ألَّفته، وعقود ما هذَّبته، من كتابيَّ الموسوم أوسطهما "تخليص" المطلب في تلخيص المذهب" والآخر بـ "ترغيب القاصد بتقريب المقاصد"، بحيث سنشرح منهما إشاراته، ونستكشف بهما مشكلاته، مؤمِّلًا من الله سبحانه جزيل الثواب، وجميل المآب، وهو حسبي ونعم الوكيل" (¬1). وهو متن جامع لأبواب الفقه، سار فيه على منهج بديع لم يعرف في مصنفات الحنابلة قبله، وذلك أنه قسم الكتاب إلى مجموعة كتب، وقسم الكتب إلى مجموعة أبواب، وفصّل الأبواب في فصول. فتميز بحسن التقسيم وكثرة الفصول والفروع، وما يندرج في ذلك من الضوابط الفقهية في الكتاب، أو الباب، بمعلومات فقهية سلسة متتابعة. وهو على صغر حجمه وخلوّه من الأدلة والتعليلات والتوجيهات، يعتني بذكر اختلاف الروايات والوجوه، فيطلق تارة وهو الغالب، ويصحح أخرى وهو النادر. وينسب تخريجات الأصحاب وتفرداتهم في بعض الأحيان، كأبي بكر عبد العريز، والقاضي أبي يعلى، وأبي الخطاب. وأما تخريجاته وتصحيحاته التي يعتمدها لنفسه فهي نادرة جدًا في هذا الكتاب، وذلك كقوله في باب الربا: "فأما اختلاف النوع فذهب بعض أصحابنا إلى أنه كاختلاف الجنس، وذهب أبو بكر إلى جوازه، وهو الصحيح عندي" (¬2). وقوله في كتاب الفرائض: "ولا يُستحق بالولاء فرضٌ إلاّ في حق الأب والجد، فإن المنصوص عنه أن لهما مع الإبن وابن الإبن السدس، وللجدّ مع الإخوة الثلث، وذهب ابن شاقلا إلى إسقاطهما بالإبن وابنه، وهو الأقيس" (¬3). وبالجملة فهو متن يشبه "الإرشاد" في نفاسته وأهميته، فصار بذلك عمدة لكثير من المصنفات، قال محققه: "من نظر في كتاب "الإنصاف" لمحقق ¬

_ (¬1) بلغة الساغب ص 31. (¬2) البلغة ص 179. (¬3) البلغة ص 337.

4 - الموضح في الفرائض

المذهب علاء الدين المرداوي، قطع بنسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه الفخر ابن تيمية؛ لأنه من مصادره التي فرغها منه، ومن له خبرة بكتب المذهب رأى كثرة اعتماد فقهاء الحنابلة له في مؤلفاتهم الفقهية من عصره، فما بعده" (¬1). ومع الأسف فهو الآن بين أيدينا في نسخته الخطية الوحيدة التي طُبع عليها، يعروه نقص وسقط، وقد بذل المحقق جهدًا كبيرًا في استدراك نقصه، جزاه الله خيرًا. 4 - الموضح في الفرائض ذكره ابن رجب (2/ 153) والعليمي (4/ 169) والبغدادي في "الهدية" (2/ 111). 5 - شرح الهداية أي: هداية أبي الخطاب. ذكره ابن رجب (2/ 153) وقال: لم يتمه. وكذا العليمي (4/ 169) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 408). وقد عُني الحرّانيون كالفخر والمجد من بني تيْمية، وغيرهم، بالهداية عناية فائقة حفظًا وشرحًا وتدريسًا، لما عُلم من انتشارها في صفوف تلامذة مؤلفها في بغداد، وهم كانوا في جُلّهم شيوخًا للحرَّانيين. 6 - كتاب في المناسك ذكره المنقور في "الفواكه العديدة" (1/ 173) نقلًا عن يوسف ابن عبد الهادي (ت 909 هـ) في كتابه "جمع الجوامع" قائلًا: "وفي منسك أبي عبد الله الحراني من متأخري أصحابنا ... إلخ". ولم نتحقق أنه يعنيه هو إلّا بقرينة الكنية. والله أعلم. * * * ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "البلغة" ص 26.

95 - البهاء المقدسي (624 هـ)

95 - البَهاء المَقْدسِي (624 هـ) هو عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن، أبو محمد، بهاء الدين، السَّعْدي، المقدسي ثم الدمشقي الصالحي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 170). له: 1 - العُدّة في شرح العمدة. 2 - شرح المقنع. و"العمدة" و"المقنع" كلاهما للموفق ابن قدامة المقدسي. 1 - العُدّة شرح العمدة ذكره ابن رجب (2/ 170) وقال: في مجلد، وهو شرح مختصر. ونص في أوله أن الماء لا ينجس حتى يتغير مطلقًا، وكذا ذكره العليمي (4/ 186) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 78) والذهبي في "السير" (22/ 271) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 475) والبغدادي في "الهدية" (1/ 523). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة البلدية بالإسكندرية، محفوظة برقم (1128 ب) عدد أوراقها (197) ورقة في حجم (25) سطرًا، كُتبت سنة (768 هـ) بخط الناسخ محمد بن علي بن أحمد البعلي الحنبلي. ولديَّ نسخة مصورة عنها. ومنها صورة في معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية (فلم رقم (269) - فهرس معهد إحياء المخطوطات 1/ 326). ومنها أيضًا صورة في الجامعة الإسلامية رقم (7216) وصورة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات برقم (507). ومنه نسخة أخرى محفوظة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم (8861) عدد أوراقها (289) ورقة، في حجم (24) سطرًا،

2 - شرح المقنع

كتبها سعيد السويدي دون ذكر تاريخ النسخ. ولدي نسخة مصورة عنها. • طباعة الكتاب: طُبع في القاهرة دون تاريخ، ونشر في المكتبة السلفية لصاحبها محب الدين الخطيب الذي عني بالتقديم له والتعليق عليه. واعتمد على نسخة الإسكندرية ونسخة أخرى قطرية. ووفقنى الله تعالى، بمنَّه وكرمه، إلى تحقيقه، وصدر عن مؤسسة الرسالة في بيروت سنة (421 هـ/ 2000 م) في مجلدين. • وصف الكتاب وما قيل فيه: يعتبر هذا الكتاب شرحًا موجزًا للعمدة، وهو على وجازته يعتمد كثيرًا على الأدلة النقلية والعقلية، ويحفل بذكر الخلاف في المذهب، ولكنه لا يتعرض لتفصيله، كما لا يتعرض للخلاف مع الأئمة من غير الحنابلة. وقد قرظه الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود بقوله: "وقد سطع الحق على سطور مبانيه، والكتاب والسنة يضيئان على صحة معانيه، فهو الشرح الشامل للمستزيد، والفقه المدموج بالأصول للمستفيد، يعرفك الحكم بالدليل، مقرونًا بدقة التحرير، يأتي إلى الحق من أقرب طريق، إلا أنه لم يتوسع فيما عدا المذهب من أقوال المخالفين والأصحاب المتأخرين، وإنما يقتصر على سياق مذهب الأصحاب، ويحفّه بما يؤيد من دلائل السّنة والكتاب، حتى صلح مرجعًا لمعرفة السنن والآثار، وأحكام الحلال والحرام" (¬1). 2 - شرح المقنع ذكره الذهبي في "السير" (22/ 271) نقلًا عن الضياء المقدسي. وكذا ابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 475). ولم يتحقق ابن رجب ذلك فقال في "الذيل" (2/ 170): ويقال: إنه شرح "المقنع" أيضًا. وكذا قال العليمي (4/ 186). ¬

_ (¬1) مقدمة الطبعة الأولى لكتاب "العُدّة" ص 4.

96 - سلامة بن صدقة (627 هـ)

وقد حقّق الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع وجودَه لدى تقدمته لكتاب "المبدع"، فقال: "وقال ابن رجب -وكذلك العليمي-: ويقال: إنه شرح "المقنع" أيضًا. قال العلامة شيخ الإسلام أحمد بن نصر البغدادي ثم المصري (¬1): وشرحه للمقنع محقق!! وهو عندي في ثلاث مجلدات كبار. ذكر ذلك في مختصره لطبقات شيخه ابن رجب، وهو موجود بخطه في دار الكتب المصرية" (¬2). اهـ. * * * 96 - سَلامَة بن صدَقة (627 هـ) هو سلامة بن صدقة بن سلامة بن الصَّولي (¬3)، أبو الخير، موفّق الدين، الحرّاني. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 174). له: كتاب في الفرائض ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 174) قائلًا: "ورأيت على مقدمة الفرائض من تصنيفه: ابن الصّوليه، ولم تُضبط الصاد بشيء. وفي هذه المقدمة فوائد، منها: أنه قال: تنزّل العمة أبًا وعمته عمَّا، فيحتمل عمًّا لأبوين، ويحتمل كل واحدة بمنزلة أخيها، وهذا غريب. ويلزم من تنزيل العمّة للأم عمَّا لأم، إسقاطها". اهـ. وهذا يحتمل أن يكون الكتاب مسمّى باسم "الفرائض" وباسم "مقدمة في الفرائض". وذكره العليمي في "المنهج" (4/ 191) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 418). * * * ¬

_ (¬1) هو أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر البغدادي ثم المصري قاضي القضاة بها. ترجمه ابن فهد في معجمه (ص 96) والسخاوي في "الضوء اللامع" (2/ 233) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 202). (¬2) مقدمة "المبدع" ص 10. وكتابه "مختصر طبقات الحنابلة" المذكور عرفّ به الدكتور عبد الرحمن العثيمين في مقدمة تحقيق "الجوهر المنضد"، لإبن عبد الهادي، ص 59. (¬3) الصَّولي -بفتح الصاد-: الإسكاف.

97 - الحسين بن المبارك (631 هـ)

97 - الحُسين بن المُبارَك (631 هـ) هو الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى بن مُسلم، أبو عبد الله، سِراج الدين، الزبيدي، البغدادي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 188). له: البلغة في الفقه ذكره ابن رجب (2/ 188) والعليمي (4/ 205) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 348) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 430). * * * 98 - نَصْر بن عبد الرَّزاق الجيِلي (633 هـ) هو نصر بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن أبي صالح بن جَنْكي دُوسْت، أبو صالح، عماد الدين، الجيلي الأصل، البغدادي الموطن رالنشأة. قاضي القضاة لدى الخليفة الظاهر. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 189 - 193). له: إرشاد المبتدئين ذكره ابن رجب (2/ 191) وقال: في الفقه. وكذا العليمي (4/ 208) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 63) و"الهدية" (2/ 491) وكحالة في "المعجم" (4/ 23). * * * 99 - ابن الحَنْبلي (634 هـ) هو عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن عبد الواحد، أبو الفَرَج، ناصح الدين، الشِّيرازي ثم الدمشقي، المعروف بـ"ابن الحنبلي".

1 - الإنجاد في الجهاد

ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 193 - 201). وأورد في ترجمته ردًا للموفّق ابن قدامة على فتيا في الغناء، ذهب فيها الناصح مذهب الترخيص والتساهل. له: 1 - الإنجاد في الجهاد. 2 - أقيسة المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم -. 1 - الإنجاد في الجهاد ذكره ابن رجب (2/ 199) وقال: صنفه بحلب. وذكره العليمي (4/ 215) والبغدادي في "الهدية" (1/ 524) والزركلي في "الأعلام" (3/ 340). 2 - أقيسة المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - ذكره الشوكاني في "إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" (ص 178) بقوله: وقد صنف الناصح الحنبلي جزءًا في أقيسته - صلى الله عليه وسلم -. • مخطوطات الكتاب: منه نسخة ضمن مجموع في مكتبة الجامع الأزهر برقم خاص (3821) ورقم عام (53089) نسخها محمد بن أحمد بن إبراهيم القرشي الشافعي سنة (716 هـ)، عدد أوراقها (18) ورقة. ونسخة أخرى حديثة نسخها الشيخ محمد قناوي محمد عن النسخة السابقة سنة (1366 هـ) وهي في مكتبة الأزهر برقم خاص (3913) ورقم عام (54807). • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة السعادة بالقاهرة سنة (1393 هـ / 1973 م) ونشرته دار الكتب الحديثة بتحقيق أحمد حسن جابر وعلي أحمد الخطيب. وأعادت نشره الدار العربية للكتاب سنة (1403 هـ/ 1983 م) وكذلك المكتبة العصرية (صيدا - بيروت) سنة (1415 هـ/ 1994 م).

100 - ابن أبي الفهم الحراني (634 هـ)

100 - ابن أبي الفَهم الحَرّاني (634 هـ) هو عبد القادر بن عبد القاهر بن عبد المنعم بن محمد بن أبي الفَهْم، أبو الفَرَج، ناصح الدين الحرّاني. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 202). له: 1 - المُذهب المنضَّد في مَذهب أحمد. 2 - كتاب في المناسك. 1 - المُذهب المنضد في مذهب أحمد ذكره ابن رجب (2/ 203) نقلًا عن ابن حمدان. وقال: ضاع منه في طريق مكة. وذكره العليمي (4/ 219) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 160). والبغدادي في "الهدية" (1/ 596). وعلى الرغم من ضياع هذا الكتاب، فإن محمد بن تميم الحرّاني المتوفّى في حدود سنة (675 هـ) صاحب "المختصر" الشهير باسمه، قد نقل عنه في مختصره المذكور فوائد عديدة، ويذكره عادة بقوله: قال شيخنا أبو الفرج (¬1). 2 - كتاب فى المناسك ذكره ابن رجب (2/ 203) قائلًا: وصنف منسكًا وسطًا جيّدًا. اهـ. وكذا العليمي (4/ 219) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 160) والبغدادي في "الهدية" (1/ 596). * * * 101 - عبد الغَني ابن تَيمية (639 هـ) هو عبد الغني بن محمد بن الخّضِر ابن تيمية، أبو محمد، سيف الدين، الحرّاني. ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 204.

إهداء القرب إلى ساكني الترب

ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 222). له: إهداء القُرَب إلى ساكني التُّرب ذكره ابن رجب (2/ 222) نقلًا عن ابن حمدان. والعليمي (4/ 238) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 151) و"الهدية" (1/ 589). وموضوع الكتاب يتَالف مع موضوع كتاب"الصِّلات من الأحياء إلى الأموات" للحافظ عبد الغني المقدسي (ت 600 هـ)، وقد سبق. * * * 102 - عُمَر بن المُنَجَّا (641 هـ) هو عمر بن أسعد بن المُنَجَّا، أبو الفُتوح وأبو الخطاب، شمس الدين، التَّنوخي، الدمشقي القاضي (¬1). ترجمه ابن رجب (2/ 225). له: 1 - المعتمد والمعوّل. 2 - حاشية على المستوعب. 1 - المعتمد والمعوّل ذكره ابن رجب (2/ 226) والعليمي (4/ 242). ¬

_ (¬1) يوجد في عالم المطبوعات كتاب باسم"كتاب وقف القاضي عثمان بن أسعد بن المنجّا". حققه الدكتور صلاح الدين المنجد، وطُبع في المطبعة الكاثوليكية، ونشره المعهد الفرنسي للدراسات العرية بدمشق سنة (1368 هـ/ 1949). وهذا الكتاب يقع في (46) صفحة، أخذت المقدمة منه (10) صفحات، والفهارس (9) صفحات. وهو يحتوي على: الأماكن، والدور، والأملاك، والأرضين، والبساتين، والجنائن، والحواكير، والحقول، والمزارع، والجبال، والأودية، والبحيرات، والعيون، والأشجار. وغير ذلك من أسماء الأموال التي أوقفها عثمان ابن المنجا المذكور. والملاحظ أن عثمان بن أسعد -وهو شقيق المترجم وقد توفيا كلاهما في سنة واحدة- لم يكن قاضيًا، بل كان تاجرًا ذا مال وثروة. ذكره ابن رجب بأثر ترجمة أخيه.

2 - حاشية على المستوعب

2 - حاشية على المستوعب ذكره ابن رجب (2/ 226) بقوله: "ورأيت نسخة "المستوعب" وقد قرأها عمر بن المنجّا على والده قراءة بحث، وعليها حواش علّقها عنه بخطه. اهـ. وبهذا يصح نسبة هذه الحاشية للإبن عمر، كما يصح نسبتها للأب أسعد. وذكره العليمي (4/ 242) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 296). * * * 103 - عبد الرحمن المَقْدسي (643 هـ) هو عبد الرحمن بن عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور، أبو سليمان، المقدسي، الصالحي، ابن الحافظ أبي محمد، وتلميذ الشيخ الموفق أبي محمد. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 231). له: تذكرة مختصرة في أصول الفقه لم أقف على ذكرها عند من ترجم له، ولديَّ نسخة خطية منها، قال في أولها: " ... وبعد، فهذه تذكرة مختصرة في أصول الفقه على مذهب الإمام المبجل أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وأصحابه وبعض من وافقهم من الأئمة، على وجهٍ مختصر، يقرر فهم المبتدئ وينقحه". عدد ورقات هذه النسخة (28) ورقة ومسطرتها (19) سطرًا، وهي مكتوبة بخط نسخ جيد، وبهامشها بعض التصحيحات، ولكن الأَرضة أتت على بعض الكلمات من السطر الأخير في الورقات السبع الأولى، وفي آخرها: "تمت مقابلة في مجالس آخرها خامس عشر ذي الحجة سنة ... " وقد أتت الورقة على تاريخ المقابلة. والنسخة كتبت بيد علي بن محمد بن

104 - الضياء المقدسي (643 هـ)

عباس البعلي الحنبلي، دون ذكر تاريخ النسخ. والنسخة من محفوظات المكتبة الظاهرية بدمشق ضمن مجموع برقم (3828) وهي على الورقات (16 إلى 43) منه. * * * 104 - الضياء المقدسي (643 هـ) هو محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن، أبو عبد الله، ضياء الدين، المقدسي ثم الدمشقي الصالحي، الحافظ الكبير، جامع سيرة المقادسة، وصاحب "الأحاديث المختارة". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 236 - 240). له: 1 - كتاب الأحكام. 2 - الشافي على الكافي في السنن. 3 - أحكام الصِّبا. 1 - كتاب الأحكام أي الأحاديث المحتج بها على الأحكام الفقهية (¬1). ذكره ابن رجب (2/ 238) وقال: يعوز قليلًا، في نحو عشرين جزءًا، في ثلاث مجلدات. وكذا العليمي (4/ 253) والذهبي في "السير" (23/ 128) قال: لم يتم. وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص: 131، 132) والنعيمي في "الدارس" (1/ 50، 2/ 92، 94، 97) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 35). والزركلي في "الأعلام" (6/ 255). ¬

_ (¬1) قال الشيخ عبد القادر بدران في تعريف فن "الأحكام" في تصانيف الحنابلة: "ثم عمدوا إلى جمع الأحاديث التي يصح الإستدلال بها، فجمعوها، ورتبوها على أبواب كتب فقههم، وسموا ذلك فن الأحكام". المدخل ص 451.

2 - الشافي على الكافي في السنن

وذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 22) باسم: الإحكام في الفقه، وقال: ثمان مجلدات. والبغدادي في "الهدية" (2/ 123) باسم: الأحكام في الفقه. • مخطوطات الكتاب: لدي نسخة خطية من الكتاب تقع في (120) ورقة، في حجم (15) سطرًا. وهي نسخة كاملة واضحة الخط، نسخها لنفسه مظفر بن الأمير حاج بن المؤيد سنة (720 هـ). ويعتبر كتاب "الأحكام" للضياء المقدسي ثاني كتاب في جمع أحاديث الأحكام وتحريرها، يصدر للحنابلة بعد تصانيف الحافظ عبد الغني السالفة الذكر. وقد حاذى الضياءَ في كتابه هذا الحافظ محمد بن أحمد المعروف بابن عبد الهادي (ت 744 هـ) صاحب"تنقيح التحقيق"، فصنف كتابًا سماه "الأحكام الكبرى المرتبة على أحكام ضياء الدين المقدسي". 2 - الشافي على الكافي في السنن ذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 433). • مخطوطات الكتاب: توجد أجزاء منه في المكتبة الظاهرية ضمن مجموع (3758). كُتبت بخط المؤلف. - الجزء الاْول: يحتوي على (16) ورقة: (1 - 15) ق. والورقة (16) مستقلة، لعلها من الجزء الثاني، أو جزء آخر، وفيها أحاديث في الزكاة. - الجزء الثاني: يحتوي على (16) ورقة: (19 - 34) ق. - الجزء الثالث: يحتوي على (16) ورقة: (35 - 50) ق. ويوجد الجزء الثاني من نسخة أخرى في خمس أوراق (51 - 55) ق. ورتب هذا الجزء ترتيبًا مختلفًا، ولا شَبَه بينه وبين الجزء الثاني من النسخة الأولى.

3 - أحكام الصبا

وهو أيضًا بخط المؤلف (¬1). وتوجد منه صورة في جامعة أم القرى (199) وذكر اسم المؤلف في الفهرس خطأ: موفق الدين عبد الله عبد الواحد المقدسي (620 هـ). • وصف الكتاب: يعدّ هذا الكتاب عملًا في تخريج الأحاديث التي احتج بها الموفق ابن قدامة في كتابه"الكافي ". خرجها الضياء لكن بغير إسناد. قال في المقدمة: "أما بعد، فإن أصحابنا وفقهم الله تعالى سألوني غير مرة أن أقف على الأحاديث التي في "كتاب الكافي " تأليف خالي الإمام الأوحد موفق الدين، أحسن الله جزاءه، وبارك في عمره، فإن فيه أحاديث لم يعزها إلى كتاب، وفيه أحاديث ربما عزاها إلى بعض الكتب التي تحتاج إلى معاودة الكتب، وإنما وقع فيها الوهم -والله أعلم- من الكتب والمواضيع التي نقلت منه، فإني قد وقفت على غير كتاب من الكتب التي قد صنفت، وعزيت أحاديثه إلى الكتب، فرأيت في ذلك وهمًا كثيرًا. والله أعلم". وقد اطلع عبد القادر ابن بدران على هذا الكتاب، ووصفه بقوله: لكن هذا التخريج مختصر جدا لم يشف غليلًا (¬2). 3 - أحكام الصِّبا أي: الأحكام المتعلقة بالصغار. ذكره بروكلمان (2/ 97). وأحال على مخطوطاته في فهارس دار الكتب المصرية. وذكر فؤاد السيد في "فهرس المخطوطات المصورة" (1/ 55) الجزء الثاني منه في جملة مخطوطات دار الكتب المصرية رقم (906 - حديث)، ويقع هذا الجزء في (389) ورقة في حجم (19 × 27 سم)، كتب في القرن الثامن. * * * ¬

_ (¬1) فهرس مجاميع المدرسة العمرية في دار الكتب الظاهرية، صنع ياسين محمد السواس، ص 99. (¬2) المدخل ص 467.

105 - أحمد بن عيسى بن قدامة (643 هـ)

105 - أحمد بن عيسى بن قُدامة (643 هـ) هو أحمد بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن محمد، أبو العباس، سيف الدين، المقدسي الدمشقي الصالحي، حفيد الموفّق. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 241). له: الرد على محمد بن طاهر القيسراني ذكره ابن رجب (2/ 241) وقال: مجلد كبير، ونقل عن الذهبي أنه اختصره إلى نحو الربع. والعليمي (4/ 256) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 151) والذهبي في "السير" (23/ 119) وكحالة في "المعجم" (1/ 222). وسبب تأليف هذا الكتاب: هو أن الحافظ المؤرخ أبا الفضل محمد بن طاهر المقدسي المعروف بـ"ابن القيسراني" (ت 507 هـ)، ألّف كتابًا باسم "صفوة التصوف" -وهو مطبوع- ذهب فيه مذهب إباحة السماع؛ أي الغناء، وكان ظاهري المذهب. فألف ابن قدامة هذا الكتاب في الرد عليه في هذا الموضوع، ورد عليه أيضًا في أشياء أخرى وردت في كتابه المذكور. وبهذا يعتبر الكتاب في جملة المؤلفات التي صُنّفت في بيان أحكام المعازف والغناء وما يتعلق باللهو عمومًا. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مجاميع الظاهرية بدمشق رقم (3828) باسم "مسودة الرد على ابن طاهر". وتحتوي هذه النسخة على (29) ورقة (197 - 225) ق. وهي نسخة سيئة، خطها رديء، تصعب قراءته، أوراقها غير مرتبة، كتبت بخط متصل الحروف، غير معجم، عليها قيد وقف بالضيائية من جبل قاسيون (¬1). * * * ¬

_ (¬1) فهرس مجاميع المدرسة العمرية في دار الكتب الظاهرية، صنع ياسين السواس، ص 482.

106 - المجد ابن تيمية (652 هـ)

106 - المجد ابن تَيمية (652 هـ) هو عبد السلام بن عبد الله بن الخَضِر بن محمد، أبو البَرَكات، مجد الدين، الحرّاني، جدّ شيخ الإسلام. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 249 - 254). له: 1 - المحرر في الفقه. 2 - منتهى الغاية في شرح الهداية. 3 - المسودة في الأصول. 4 - الأحكام الكبرى. 5 - المنتقى من الأحكام الكبرى. 6 - اللإلمام في أحاديث الأحكام. 7 - المذهب الصحيح الواضح في مسألة وضع الجوائح. 1 - المحرر في الفقه ذكره ابن رجب (2/ 252) والعليمي (4/ 268) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 163) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1612) والبغدادي في "الهدية" (1/ 570) وقال: في الأصول. واستكثر ابن رجب وتلميذه ابن اللحام من الإحالة عليه في قواعديهما. واعتمده المرداوي في جملة مصادره لـ"اللإنصاف" كما أثبت ذلك في المقدمة (ص 18). وهو كتاب مشهور ونسبته إلى المجد كالشمس. وذكر له ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 35) بإزاء "المحرر" كتابًا آخر باسم "المجرد". ولم نر من ذكر هذا الكتاب في مصنفاته، فلعله هو"المحرر" وتصحف في بعض المصادر، فظنه كتابًا آخر. والله أعلم.

• مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسختان في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة: الأولى: برقم (1465) عدد أوراقها (90) ورقة، في حجم (35) سطرًا، بخط نسخ معتاد، كُتبت سنة (878 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (158) وأخرى في الجامعة الإسلامية (7698). الثانية: برقم (1403) عدد أوراقها (240) ورقة، عدد الأسطر مختلف، بخط نسخ جيد، دون معرفة الناسخ ولا تاريخ النسخ. وهي ناقصة من آخرها. ومنها صورة في جامعة أم القرى (157)، وأخرى في الجامعة الإسلامية (7714). - ومنه نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق رقم (2750) عدد أوراقها (301) ورقة، بخط نسخ. - ومنه نسختان في دار الكتب المصرية: الأولى: رقم (28 - فقه حنبلي) عدد أوراقها (192) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ واضح، نسخ محمد بن علي الحرّاني، دون معرفة التاريخ. ومنها صورة في جامعة أم القرى (6) وأخرى في الجامعة الإسلامية (7574). الثانية: رقم (4241 - فقه حنبلي) عدد أوراقها (181) ورقة، في (24) سطرًا، بخط مشرقي. وهي نسخة ناقصة من آخرها. ومنها صورة في الجامعة الإسلامية (7180/ 2). - ومنه نسخة في مكتبة الإفتاء بالرياض برقم (19/ 86) عدد ورقاتها (180) ورقة، في حجم (26) سطرًا، وهي كاملة وبخط واضح، وتخلو من اسم الناسخ وتاريخ النسخ، ولدي نسخة مصورة عنها.

• طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، سنة (1360 هـ/ 1950 م) بعناية الشيخ محمد حامد الفقي -رَحِمَهُ اللهُ- اعتمد في طبعه على نسخة واحدة محفوظة في دار الكتب المصرية. وبهامشه حواش ونكت للشمس ابن مفلح (ت 763 هـ) صاحب "الفروع"، وصدر في جزأين. ثم أعادت طبعه مكتبة المعارف بالرياض سنة (1404 هـ/ 1984 م). والحق أن هذا الكتاب يحتاج إلى تحقيق، وخدمة، ومقابلة بين نسخه الخطية، ليخرج في حُلّة قشيبة لتكمل الإستفادة منه. • وصف الكتاب: يعتبر "المحرر" متنًا شبيهًا بـ "المقنع" للموفق ابن قدامة، ولكنه قليل الحجم في جانبه؛ بحيث يقع في ثلثيه تقريبًا. فهو متن جامع لأبواب الفقه، خالِ من الأدلة والتعليلات، وجيز الألفاظ والعبارات. قال صاحبه في خطبته: "هذبته مختصرًا، ورتبته محرّرًا، حاويًا لأكثر أصول المسائل، خاليًا من العلل والدلائل، واجتهدت في إيجاز لفظه، تيسيرًا على طُلَّاب حفظه" (¬1). ونلاحظ أن هذه المقدمة تحاذي مقدمة "المقنع" مما يدل على أن المجد سلك مسلك الموفق وحذا حذوه. وقال ابن بدران: "حذا فيه حذو"الهداية" لأبي الخطاب، يذكر الروايات، فتارة يرسلها، وتارة يبيّن اختياره فيها" (¬2). وهذا يفيد أنه مبني على الكتاب المذكور أيضًا، ولعله اختصره من الشرح الذي وضعه المجد على "الهداية"، وهو شرح جليل طفحت كتب الحنابلة من بعده بالرجوع إليه والنقل منه، على أنه لم يبيض منه إلّا بعضه إلى صفة الحج. وبقي الباقي مسودة. وللهداية مكانة جليلة في كتب المذهب، من حيث إنه متن جامع معتمد في ¬

_ (¬1) المحرر 1/ 1، طبعة دار المعارف، الرياض. (¬2) المدخل: 435.

طبقة المؤلف وتلامذته -وهي طبقة المتوسطين- حذا فيه حذو المجتهدين في المذهب، المصححين لروايات الإمام، وكان للهداية الحظوة الكبيرة، والسير الحثيث بين صفوف حنابلة حرّان على وجه الخصوص. فالمحرر إذن مصدر من المصادر التي قررت بالروايات والوجوه المطلقة، فإننا كثيرًا ما نجده يقول: فيه روايتان، أو: وجهان، أو: على روايتين، أو: وجهين. ونحو ذلك. وتارة ينسب الإختيارات إلى أصحابها، فيقول: قال أبو الخطاب: كذا، أو: قال القاضي: كذا، قال ابن أبي موسى: كذا. ونجده يتصرف بالترجيح والإختيار أحيانًا، فيقول: وهو أصح عندي، أو: هو المذهب، أو: على الأصح، أو: ويتخرج كذا، أو: يحتمل كذا. ومن أجل هذه التصرفات بالنقل والترجيح، والحكاية للروايات والوجوه، كان "المحرر" من أهم الكتب التي عول عليها المرداوي في "إنصافه"، فصوَّب فيها الخطأ، وصحح الخلاف، وقيَّد المطلق، وغير ذلك. ونظرًا لكون "المحرر" صنوَ "المقنع" في الجمع والتحرير، والتقديم والتأخير، والترجيح والتقرير، وهي طريقة جديدة عرفها المذهب في القرن السابع، فإن هذين الكتابين كصاحبيهما عُدَّا حاكمين على اختلاف الترجيح، فعليهما المعوّل والإعتماد، وإليهما المنزع والإرتياد. وفي ذلك يقول العلّامة المرداوي: "فإن أطلق -أي صاحب"الفروع"- الخلاف، أو كان غير المعظم الذي قدّمه، فالمذهب ما اتفق عليه الشيخان، أعني المصنف (الموفق) والمجد، أو وافق أحدهما الآخر في أحد اختياريه" (¬1). وقال الحافظ ابن رجب في ترجمة أبي الفتح ابن المني البغدادي (ت 583 هـ): وأهل زماننا، ومن قبلهم إنما يرجعون من جهة الشيوخ والكتب إلى الشيخين: الموفق والمجد (¬2). ¬

_ (¬1) الإنصاف المطبوع مع "المقنع" و"الشرح الكبير" 1/ 25. وقريب منه قاله في "تصحيح الفروع" 1/ 50. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 360.

• الأعمال التي تمت على الكتاب: وُضعت على المحرر عدة شروح، وتعاليق، واختُصر، ونُظم. • فمن شرح المحرر: 1 - شيخ الإسلام حفيد المصنف: أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (ت 728 هـ). وشرحه يُسمّى "التعليق المقرر على المحرر". 2 - تقي الدين أبو بكر عبد الله بن محمد، الزريراني (ت 729 هـ). شرح قطعة من أوله. 3 - صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي البغدادي (ت 739 هـ). وشرحه يسمى "تحرير المقرر في شرح المحرر". 4 - شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي (ت 772 هـ). شرح قطعة منه. 5 - جمال الدين يوسف بن ماجد المقدسي المرداوي (ت 783 هـ). وشرحه يسمى "المقرر على المحرر". 6 - زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد، المشهور بابن رجب (ت 795 هـ). 7 - شهاب الدين أبو حامد أحمد بن علي الشيشيني، ثم القاهري الميداني (ت 919 هـ). وشرحه -إذا صحت نسبته إليه- يسمى المقرر على المحرر". • وممن علق على المحرر: 1 - تقي الدين أحمد بن محمد الأدمي، بقصر الهمزة، المتوفى بعد سنة (700 هـ). وتعليقه يسمى "المنوَّر في راجح المحرر". 2 - شمس الدين محمد بن مفلح الراميني المقدسي صاحب: "الفروع" (ت 763 هـ). وتعليقه يسمى "النكت والفوائد السنية على المحرر". 3 - حمزة بن موسى المعروف بابن شيخ السلامية (ت 769 هـ). وتعليقه يسمى "النكت على المحرر".

2 - منتهى الغاية لشرح الهداية

4 - يوسف بن أحمد بن إبراهيم حفيد الشيخ أبي عمر (ت 798 هـ). له "تعاليق على المحرر". 5 - القاضي علي بن محمد العسقلاني المتوفى في آخر القرن الثامن. له "تعاليق على المحرر". 6 - أبو بكر ابن إبراهيم البعلي، المعروف بـ "ابن قندس" (861 هـ). له "حاشية على المحرر". 7 - أبو البركات عز الدين أحمد بن إبراهيم بن نصر الله الكناني (ت 876 هـ). له "تصحيح المحرر". وسبق له "تصحيح المقنع". 8 - عمر بن علي بن عادل الدمشقي (ت 880 هـ). قيل: له حاشية على المحرر. • ونظم المحرر واختصره: أحمد بن نصر الله الكناني السابق ذكره. 2 - منتهى الغاية لشرح الهداية ذكره ابن رجب (2/ 252) وقال: بيض منه أربع مجلدات كبار إلى أوائل الحج (¬1)، والباقي لم يبيضه. وكذا ذكره العليمي (4/ 268) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 163) والبغدادي في "الهدية" (1/ 570). وابن بدران في: المدخل، (ص 220) وقال: وكثيرًا ما رأينا الأصحاب ينقلون عن تلك المسودة، ورأيت منها فصولًا على هوامش بعمق الكتب. اهـ. واستكثر ابن رجب من الإحالة عليها في "قواعده" وكذلك تلميذه ابن اللحام، وابن مفلح في "الآداب الشرعية" (¬2). وذكره المرداوي في جملة مصادره لكتاب "الإنصاف" كما صرح في المقدمة (ص 22). ¬

_ (¬1) ذكر المرداوي في "الإنصاف" (8/ 73) الموضع الذي انتهى إليه من كتاب الحج، وهو مسألة من وجب عليه الحج فتوفي قبله فإنه يخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة ... إلخ. (¬2) 1/ 107، 297، 350، 358، 390، 397، 398، 401.

3 - المسودة في الأصول

وذكره شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (20/ 228) مع "المغني" في جملة المصادر التي يمكن معرفة الصحيح في المذهب من خلالها. ونظرًا لضخامة حجم هذا الكتاب كما أوضح ابن رجب، بالإضافة إلى علو كعب مصنفه في المذهب الحنبلي، فإننا نقدّر أن يكون المجد قد بسط المذهب فيه تحريرًا وشرحًا وتوجيهًا وتعليلًا، بسطًا لا يقل أهمية عن "المغني" أو"الشرح الكبير على المقنع" وغيرهما من الدواوين الكبرى للفقه الحنبلي، لولا أن المؤلف لم يقدّر له أن يبيضه بالكامل. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة جامع عنيزة، كُتبت بخط أبي بكر موسى بن أبي بكر بن الحاج عمر الحنبلي (¬1). ويلاحظ من بعض نقول المنقور في "مجموعه" أنه كان عنده نسخة من الكتاب، فإنه ينقل عنه أحيانًا بالحرف من غير واسطة (¬2). 3 - المسودة في الأصول ذكره ابن رجب (2/ 252) قال: مجلد، وزار فيها ولده، ثم حفيده أبو العباس. وكذا ذكره العليمي (4/ 268) وكذا ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 163) وابن بدران في "المدخل" ص (241). وهو من مصادر ابن اللحام في كتاب "القواعد الأصولية" وابن النجار في "شرح الكوكب المنير". • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق برقم (3827) باسم "مسودة في التوحيد والفقه". عدد أوراقها (35) ورقة، بخط معتاد قليل الإعجام، عسير القراءة. نسخ ابن تيمية. - ونسخة في دار الكتب المصرية برقم (150 - أصول فقه) عدد أوراقها (230) ورقة. ¬

_ (¬1) علماء نجد خلال ثمانية قرون، للبسام، 3/ 269. (¬2) الفواكه العديدة 1/ 78، 162، 278.

4 - الأحكام الكبرى

• طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة المدني بالقاهرة، بتحقيق وتصحيح محمد محيي الدين عبد الحميد، سنة (1384 هـ/ 1964 م). • وصف الكتاب: وهو كتاب في أصول الفقه، تعاقب على تأليفه: المجد عبد السلام (ت 652 هـ)، والشهاب عبد الحليم (ت 682 هـ) وهو الإبن، والتقي أحمد (ت 728 هـ) وهو الحفيد. فصار الكتاب منسوبًا في النهاية إلى "آل تيمية". وقد قام بجمعه وتبييضه وترتيبه أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني الحرّاني الدمشقي الحنبلي (¬1) (ت 745 هـ). وهو الذي بيض من "شرح الهداية" أيضًا. وتعتبر "المسودة" مجموعة نقول عن القاضي أبي يعلى، وتلميذيه أبي الخطاب وابن عقيل، وغيرهم ممن سبق آل تيمية، مع بعض الإختيارات والتعقيبات منهم. وينقصها الإستيعاب والتبويب والترتيب والتنسيق والفهرسة. وهي من الكتب التي قد اعتنت بجمع الروايات في مذهب أحمد، وأقوال الأصوليين من أصحابه. 4 - الأحكام الكبرى ذكره ابن رجب (2/ 252) وقال: في عدة مجلدات. وكذا العليمي (4/ 268) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 163). والظاهر أنه هو أصل كتاب "المنتقى" الآتي، بل صرّح بذلك ابن رجب. 5 - المنتقى من الأحكام الكبرى ذكره ابن رجب (2/ 252) باسم: "المنتقى من أحاديث الأحكام". قال: وهو الكتاب المشهور، انتقاه من "الأحكام الكبرى". وكذا ذكره العليمي (4/ 268) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 163). وحاجي ¬

_ (¬1) ترجمه ابن حجر في "الدرر الكامنة" 2/ 439، وابن طولون في "القلائد الجوهرية" 2/ 286.

خليفة في: الكشف، (ص 1851) وقال: شرحه السراج عمر بن علي ابن الملقن الشافعي (ت 804 هـ) ولم يكمله، بل كتب منه قطعة. وذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 570). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسختان في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة: الأولى: برقم (1466) عدد أوراقها (222) ورقة، في حجم (22) سطرًا، بخط نسخ معتاد. ومنها صورة في جامعة أم القرى (139). الثانية: برقم (1404) عدد أوراقها (257) ورقة، في حجم مختلف، بخط نسخ معتاد غير واضح. ومنه صورة في جامعة أم القرى (138). • طباعة الكتاب: طُبع أولًا في المطبعة الفاروقية في دهلي بالهند سنة (1296 هـ) في مجلد. مع مقدمة للشيخ أبي الفتح عبد الرشيد بن محمود الإبراهيمي المحمدي. وطُبع في المطبعة الرحمانية في دهلي سنة (1332 هـ / 1914 م) في مجلد. وطُبع في القاهرة، في المكتبة التجارية الكبرى، سنة (1350 هـ/ 1931 م) بتصحيح وتعليق محمد حامد الفقي، وصدر في جزأين بعنوان "المنتقى من أخبار المصطفى". وطُبع في مطبعة مصطفى البابي الحلبي سنة (1351 هـ / 1933 م). وفي المطبعة السلفية سنة (1380 هـ / 1960 م). بالإضافة إلى طبعاته مع شرحه "نيل الأوطار" للشوكاني. • وصف الكتاب وما قيل فيه: يحتوي كتاب "المنتقى" على (5029) حديث، منتقاة من الصحيحين والسنن الأربعة والمسند، موزعة على أبواب الفقه، أكثرها مما احتج به

الجمهور، وبعضها مما تفرد الحنابلة بالإحتجاج به، ووضع لها تراجم مستفادة مما استنبطه المصنف من الأحاديث المدرجة تحت تلك التراجم، مع بعض التعاليق القليلة التي يذيِّل بها المصنف. فهو مرجع من المراجع الأساسية في أحاديث الأحكام التي اعتمد عليها الأئمة على وجه العموم، وفقهاء الحنابلة على وجه الخصوص، فإننا نجد تلك الأحاديث التي نزلت درجتها إلى حد الضعف الخفيف، وعمل بها الحنابلة، وتركوا القياس لأجلها على أصولهم، نجدها مذكورة في كتابه هذا، وربما أخلى الحافظ ابن حجر كتاب "بلوغ المرام" من كثير منها. كما نجده يعلِّق في بعض الأحيان على الأحاديث تعليقًا خفيفًا أو طويلًا. فعلى سبيل المثال علَّق على حديث أنس - رضي الله عنه - في نبع الماء من بين أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: "وفيه تنبيه على أنه لا بأس برفع الحدث من ماء زمزم، لأن قصاراه أنه ماء شريف مستشفى، متبرك به، والماء الذي وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده فيه بهذه المثابة" (¬1). وقال في عقيب حديث آخر لأنس في "باب الدخول في الماء بدون إزار": "وقد نص أحمد على كراهة دخول الماء بغير إزار. وقال إسحاق: هو بالإزار أفضل، لقول الحسن والحسين - رضي الله عنهما -وقد قيل لهما وقد دخلا الماء وعليهما بُرْدان- فقالا: إن للماء سكَّانًا" (¬2). وقال ابن بدران في وصف كتاب "المنتقى": "وأما كتب الأحكام، فأجلّها وأوسعها وأنفعها كتاب "منتقى الأحكام" للإمام مجد الدين عبد السلام ابن تيمية، فإنه جمع فيه الأحاديث التي يعتمد عليها علماء الإسلام في الأحكام، انتقاها من الكتب السبعة: صحيحي البخاري ومسلم، ومسند الإمام أحمد بن حنبل، وجامع الترمذي، وسنن النسائي، ¬

_ (¬1) المنتقى 1/ 6، المكتبة التجارية، 1931 م. (¬2) المصدر السابق 1/ 158.

6 - الإلمام في أحاديث الأحكام

وسنن أبي داود، وسنن ابن ماجه. وتارة يذكر أحاديث من سنن الدارقطني وغيره. ورتب أحاديثه على ترتيب أبواب كتب الفقه، ورتب له أبواباً ببعض ما دلت عليه أحاديثه من الفوائد. ويالجملة فهو كتاب كافٍ للمجتهد. وقد اعتنى المحدثون بهذا الكتاب اعتناءاً تاماً، واشتهر عندهم اشتهاراً وأي اشتهار" (¬1). • الأعمال التي تمت على هذا الكتاب: وضعت عليه شروح، وعلقت عليه تعليقات. • فمن شروحه: 1 - قطر الغمام في شرح أحاديث الأحكام، لأبي العباس أحمد بن الحسن المعروف بـ "ابن قاضي الجَبل" الحنبلي (ت 771 هـ). وهو شرح غير كامل. 2 - شرح المنتقى في الأحكام، لسراج الدين أبي حفص عمر بن علي المعروف بـ "ابن الملقن" الشافعي (ت 804 هـ). وهو شرح غير كامل أيضاً. 3 - نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار، للعلامة محمد بن علي الشوكاني (ت 1250 هـ). وهو شرح كامل مطبوع ومتداول. • وعلّق عليه: 1 - محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي (ت 744 هـ). 2 - سراج الدين ابن الملقن السالف الذكر، ذكر ذلك في مقدمة "الكوكب المنير". في تخريج أحاديث شرح الرافعي. وذكر له ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (2/ 64) حاشية لم يسم مؤلفها، فليحقق. 6 - الإلمام في أحاديث الأحكام • نسخه الخطية: منه نسخة في مكتبة أحمد الثالث باستانبول رقم (466) عدد أوراقها ¬

_ (¬1) المدخل ص 468.

7 - المذهب الصحيح الواضح في مسألة وضع الجوائح

(214) ورقة، كُتبت سنة (838 هـ) بخط نسخ جميل مشكول بالحركات، كتبها عمر بن إبراهيم بن يحيى الصوفي الشافعي. وقويلت هذه النسخة على نسخة صحيحة روجعت على نسخة عليها خط المؤلف (¬1). 7 - المذهب الصحيح الواضح في مسألة وضع الجوائح • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة المنار بالقاهرة سنة (1341 هـ/ 1922 م). وطُبع طبعة ثانية سنة (1349 هـ/ 1931 م)، وصدر في مجلدين. ولشيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (30/ 263 - 302) بحث مستفيض في موضوع وضع الجوائح في البيوع والإجارات، ويمكن أن يكون مختصراً من "المذهب الصحيح"، أو يكون هذا الكتاب هو نفسه نسب إلى جده غلطاً. والله أعلم. * * * 107 - شُعْلَة (656 هـ) هو محمد بن أحمد بن الحسين، أبو عبد الله، شمس الدين، الموصلي، الملقب بـ "شعلة" لفرط ذكائه. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 256 - 258). له: نظم العبادات من الخرقي ذكره ابن رجب (2/ 256) والعليمي (4/ 271) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 36). * * * 108 - ابن رَزِين (656 هـ) هو عبد الرحمن بن رَزِين بن عبد العزيز بن نَصر بن أبي الجَيْش، أبو الفَرَج، ¬

_ (¬1) فهرس المخطوطات المصورة، لفؤاد سيد، 1/ 61.

1 - النهاية مختصر الهداية

سيف الدين، الغساني، الحُواري، الحَوراني، ثم الدمشقي. توفي شهيداً بسيف التتار في آخرين من الحنابلة وغيرهم. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 264). له: 1 - النهاية مختصر الهداية. 2 - مختصر المختصر. 3 - التهذيب واختصار المغني. 4 - تعليقة في الخلاف. 5 - شرح الخرقي. وانتقد ابن رجب تصانيفه عموماً بكونها غير محررة. 1 - النهاية مختصر الهداية أي: هداية أبي الخطاب محفوظ الكلوذاني. ذكره ابن رجب (2/ 264) والعليمي (4/ 280) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 36) وكلهم ذكروه باسم "اختصار الهداية"، وذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 1989) باسم "النهاية في اختصار الهداية". وكذا ورد اسمه في جملة مصادر "الإنصاف" للمرداوي (1/ 19) وفي مواضع أخرى منه (1/ 58، 155). وذكره بهذا الإسم صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي في مقدمة كتابه "إدراك الغاية" وهو مخطوط محفوظ بالكويت كما سيأتي. • الأعمال التي تمت على هذا الكتاب: اختُصرت "النهاية"، وحُررّت، ونُظمت. • فاختصرها المصنف في: 2 - مختصر المختصر ذكره ابن رجب (2/ 264) والعليمي (4/ 280).

3 - التهذيب في اختصار المغني

• وحرّرها علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد البعلي، المعروف بـ "ابن اللحام" في كتاب سماه "تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية". قال يوسف ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" في ترجمته: "له تصانيف مفيدة، منها: "تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية"، وهو كتاب جليل بيّض فيه كفاية (¬1) ابن رزين حين مات ولم يحررها، وقد كان بيَّضها قبله الشيخ عبد المؤمن، ولم يطلع على ذلك، فلما رآه واطلع عليها قال: لو رأينا هذا ما تعبنا. وأخبرت أنه لمّا صنفه أراه ابنَ رجب فرمى به، وقال: لقد قرطمت (¬2) العلم" (¬3). • ونظمها مجهول ذكره المرداوي في "الإنصاف" (2/ 386) ولم يسمه. 3 - التهذيب في اختصار المغني ويسمى "اختصار المغني" كما يسمى "مختصر ابن رزين" وقد يسمى "ابن رزين" كما في بعض المواضع من "الإنصاف". وهذه التسمية الأخيرة تدل على شهرة هذا الكتاب من بين كتبه الأخرى، حتى كأنه لم يصنف غيره. ذكره ابن رجب (2/ 264) وقال: في مجلدين، وسمى فيه الشيخ موفّق الدين "شيخنا"، ولعله اشتغل عليه. وكذا ذكره العليمي (4/ 280) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 88) وابن بدران في "المدخل" (ص: 415، 428) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 36). 4 - تعليقة في الخلاف ذكره ابن رجب (2/ 264) قائلاً: وله تعليقة في الخلاف مختصرة. وكذا العليمي (4/ 280) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 36). 5 - شرح الخرقي ذكره المرداوي في "الإنصاف" (1/ 21) في جملة مصادره التي اعتمد ¬

_ (¬1) كذا، وصوابه: نهاية. (¬2) قرطم الشيء: قطعه، واما القُوطم فهو حب العُصفر. "لسان العرب" قرطم. (¬3) الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد ص 83.

109 - يوسف ابن الجوزي (656 هـ)

عليها. وكذلك ذكره ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (3/ 240). * * * 109 - يوسف ابن الجَوْزي (656 هـ) هو يوسف بن عبد الرحمن بن علي، أبو محمد وأبو المحاسن، محيي الدين، البغدادي، توفي شهيداً هو وأولاده بسيف التتار. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 258). له: 1 - المذهب الأحمد في مذهب أحمد. 2 - الطريق الأقرب. 3 - الإيضاح في الجدل. 1 - المذهب الأحمد في مذهب أحمد ذكره ابن رجب (2/ 260) والعليمي (4/ 276) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (3/ 138) والنعيمي في "الدارس" (2/ 63) والبغدادي في "الهدية" (2/ 555) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 37) والزركلي في "الأعلام" (8/ 236) وكحالة في "المعجم" (4/ 165). واعتمده المرداوي في جملة مصادره لـ "الإنصاف" كما أثبته في المقدمة (ص 17). • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة الكيلاني بالقاهرة سنة (1401 هـ/ 1981 م). وأعادت طبعه المؤسسة السعيدية بالرياض. 2 - الطريق الأقرب ذكره العليمي (4/ 276) وأغفله ابن رجب، ولعله سقط من النسخة المطبوعة، فإن عادة العليمي أن ينقل عنه. وأحال عليه ابن مفلح في "الفروع" (4/ 126) والمنقور في "مجموعه" (1/ 25).

3 - الإيضاح في الجدل

وذكره المرداوي في جملة مصادره لـ "الإنصاف" كما أثبته في المقدمة (ص 17). 3 - الإيضاح في الجدل ذكره ابن رجب (2/ 265) والعليمي (4/ 276) والبغدادي في "الهدية" (2/ 555) والزركلي في "الأعلام" (8/ 237) وكحالة في "المعجم" (4/ 165) وسماه: الإيضاح لقوانين الإصطلاح. وهو من مصادر المرداوي في كتابه "التحرير" كما في مقدمته (ص 33) واقتطف المنقور في "مجموعه" بعضاً من مقدمة هذا الكتاب، رأيت من تمام الفائدة إثباتها هنا، قال: "قال ابن الجوزي في "الإيضاح": هذا العلم لا يستغني عنه ناظر، ولا يتمشى بدونه كلام مناظر؛ لأن به تبيين صحة الدليل من فساده، تحريراً وتقريراً، وتتضح الأسئلة الواردة من المردودة إجمالاً وتفصيلاً، ولولاه لاشتبه التحقيق في المناظرة بالمكابرة، ولو خُلِّي كلُّ مدع ومدَّعًى [و] ما يرومه على الوجه الذي يختار، ولو مُكِّن كل مانع من ممانعة ما يسمعه متى شاء، لأدى إلى الخبط وعدم الضبط. وإنما المراسم الجدلية تفصل بين الحق والباطل، وتبين المستقيم من السقيم، فمن لم يحط بها علماً، كان في مناظراته كلحاطب ليل. ويدل عليه الإشتقاق؛ فإن الجدل من قولك جدلت الحبل أَجْدُلُه جَدلاً، إذا فتلته فتلاً محكماً. وأول ما تجب البداءة به حسن القصد في إظهار الحق، طلباً لا عند الله. قال الله تعالى: {وجاد لهم بالتي هي أحسن} [النحل: 126]. وقال أيضاً: رقل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [البقرة: 112]. وفعله الصحابة - رضي الله عنهم -، كإبن عباس لا جادل الخوارج والحرورية، ورجع منهم خلق كثير. وفعله السلف أيضاً، كعمر بن عبد العريز - رضي الله عنه -؛ فإنه جادل الخوارج أيضاً. فأما إذا كان الجدل على وجه الغلبة والخصومة

110 - يحيى الصرصري (656 هـ)

والغضب، ووجه المراء -وهو، أي: المراء، استخراج غضب المجادل- فمزيل عن طريق الحق، وإليه انصرف النهي عن قيل وقال. وفيه -أي: المراء- غلق باب الفائدة، وفي المجارلة للمناصحة فتحه؛ أي فتح باب الفائدة. فأما اجتماع جمعِ متجادلين، مع أن كُلا منهم لا يُطمع أن يرجع إن ظهرت حجة، ولا فيه مؤانسة ومورة وتوطئة القلوب لوعي حق، بل هي على الضد (¬1). قال ابن عقيل (¬2): وكل جدل لم يكن الغرض منه نصرة الحق؛ فإنه وبال على صاحبه، والمضرة فيه أكثر من المنفعة؛ لأن المخالفة توحش. ولولا ما يلزم من إنكار الباطل واستنقاذ الهالك بالإجتهاد في رده عن ضلالته، لما حسنت المجادلة، للإيحاش منها غالباً، ولكن فيها أعظم المنفعة إذا قصد بها نصرة الحق والتقوِّي على الإجتهاد، لا المغالبة، وبيان الفراهة، نعوذ بالله منها. فإن طلب الرياسة وطلب التقدم بالعلم يُهلك، فلو بأن له سوء قصد خصمه، توجه تحريم مجادلته" (¬3). * * * 110 - يَحيى الصَّرصَري (656 هـ) هو يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور، أبو زكريا، جمال الدين، الأنصاري الصرصَري الزَّرِيراني، الضرير، الملقب بـ"حسان السّنة" لما عُرف من أنه ألَّف ديواناً شعر في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - يقارب العشرين مجلداً (¬4). توفي شهيداً على أيدي التتار. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 262). له: ¬

_ (¬1) نلاحظ نقصاً في الكلام، وهو جواب "أما" يمكن تقديره بنحو: فإن ذلك ممقوت ومذموم. (¬2) له كتاب في هذا الموضوع اسمه "الجدل في الفقه". وقد سبق ذكره في جملة مصنفاته. (¬3) الفواكة العديدة، للمنقور 2/ 357 - 358. (¬4) لدي نسختان خطيتان منه، وذكر الزركلي لدى ترجمته في "الأعلام" (8/ 177) من عجيب الإبداع الذي بلغه الصرصري في الشعر أنه ألف قصيدة في كل بيت منها حروف الهجاء كلها؛ أولها: * أبت غير ثج الدمع مقلة ذي حزن *

1 - نظم الخرقي = الدرة اليتيمة والمحجة المستقيمة

1 - نظم الخرقي= الدّرّة اليتيمة والمحجة المستقيمة. 2 - نظم زوائد الكافي على الخرقي = واسطة العقد الثمين وعمدة الحافظ الأمين. 1 - نظم الخرقي = الدرة اليتيمة والمحجة المستقيمة ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 263) والعليمي في "المنهج" (4/ 278) وابن مفلح في "المقصد" (3/ 114) والبغدادي في "الهدية" (2/ 523) وابن حميد فى "الدر المنضد" والزركلي في "الأعلام" (8/ 177) وكحالة في "المعجم" (4/ 120) وجعل "الدرة اليتيمة" غير "نظم الخرقي". وهما كتاب واحد، صرّح بذلك ابن بدران. وأشار إليه المصنف في "نظم زوائد الكافي " بقوله: فهذي وما ألّفتُ من قبلها إذا ... حفظتهما حفظ اللبيب المجودِ وطارحتَ أهل البحث من فقهائنا ... بما حوت الثنتان تَرشد وتُرشدِ (¬1) • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق رقم (2739) عدد أوراقها (85) ورقة، في حجم (15) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ أحمد ابن سالم بن سلامة النقيعي، سنة (774 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (20). - ومنه نسخة أخرى في دار الكتب الظاهرية رقم (2749) عدد أوراقها (84) ورقة، بخط نسخ، نسخ إبراهيم الصرصري، سنة (652 هـ). - ومنه نسخة في برلين رقم (4511) تقع في (98) ورقة، كتبت سنة (823 هـ) (¬2). - ونسخة أخرى بمكتبة برلين بألمانيا رقم (1514) عدد أوراقها (98) ¬

_ (¬1) المدخل لإبن بدران ص 429 - 431. (¬2) تاريخ التراث العلابي، لفؤاد سزكين، 1/ 3/ 236.

ورقة، في حجم (15) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن علي بن محمدالحنبلي، سنة (853 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (76). - ونسخة ثالثة في شسشربتي بإيرلندا رقم (4798). • وصف الكتاب: قال الزركلي: هي قصيدة دالية في الفقه الحنبلي (2774) بيتاً، شرحها محمد بن أيوب التاذفي في مجلدين. وقال ابن بدران في "المدخل". "نظم الخرقي -أي الصرصري- نظماً صدره بخطبة نثراً، قال فيها: جعلت أكثر تعويلي في نظمي هذا على مختصر الخرقي، فيما نقلته، إذ كان في نفسي أوثق من تابعته. وسمّى نظمه "الدرة اليتيمة والمحجة المستقيمة". ثم ذكر أنه كان قد عزم على نظم ربع العبادات، ثم شرح الله صدره لإكمال الكتاب، ففعل، ونظمه من بكر الطويل، وحرف الروي الدال، قال في أوائل النظم: يا طالباً للعلم والعمل استمع ... لما قلتُ مخصوصاً بمذهب أحمدِ إن من اختار الإمام ابن حنبل ... إماماً له في واضح الشرح يهتدي فأشرع في ذكر الطهارة أولاً ... وهل عالم إلّا بذلك يبتدي وقال في آخر النظم: ألفين فاعددها وسبعاً مئاتها ... وسبعين بيتاً ثم أربعةً زدِ بعد المئين الست والأربع التي ... تلتها الثلاثون استتمت فقيدِ بصرصر في أيام أشرف مالكٍ ... أمور الورى المستنصر بن محمدِ وناظمها يحيى بن يوسف أفقر الـ ... أنام إلى غفران رب ممجدِ" (¬1). ¬

_ (¬1) المدخل ص 430.

2 - نظم زوائد الكافي على الخرقى = واسطة العقد الثمين وعمدة الحافظ الأمين

• اختصار الكتاب: اختصر"الدرة اليتيمة" الحسن بن محمد بن صالح النابلسي ثم المصري (ت 772 هـ) في تصنيف سماه "شمعة الأبرار ونزهة الأبصار". 2 - نظم زوائد الكافي على الخرقى = واسطة العقد الثمين وعمدة الحافظ الأمين ذكره ابن رجب (2/ 263) والعليمي (4/ 278) وابن مفلح في "المقصد" (3/ 114) وابن حميد في "الدر النضد" (ص 37) وكحالة في "المعجم" (4/ 120). • مخطوطات الكتاب: توجد نسخة فى دار الكتب الظاهرية بدمشق رقم (2749) بعنوان "منظومة في الفقه الحنبلي" عدد أوراقها (87) ورقة، بخط نسخ، كُتبت بقلم إبراهيم بن يحيى الصرصري، سنة (652 هـ). لكن لم أتحقق أنها هي "واسطة العقد الثمين" وقد تكون نسخة ثانية من "الدرة". • وصف الكتاب: اطلع ابن بدران على نسخة من الكتاب، فوصفه بقوله: "ثم إن الصرصري نظم زوائد "الكافي " على "الخرقي" في كتاب مستقل. والنسخة التي رأيتها وجدت أولها مخروماً إلى باب المسح على الخفين، فلم أدْرِ شرطه فيها. والنظم من بكر الطويل على روي الدال أيضاً، وقال في آخرها: فخذها هداك الله أخذ موفق ... لغُرِّ المعاني حافظ متسددِ مسائل فقه واضحات لنا شدٍ ... بأبيات شعر رائقات لمنشدِ وعِدَّتها ألفان كن خير آلف ... لها تحمد الآثار منها وتحمدِ تخيرتها مما حوى ابن قدامة الـ ... موفّق في "الكافي " تخير مقتدِ

111 - الرسعني (661 هـ)

هما لقبا صدق له ولجمعه ... بتوفيقه تكفى الضّلال وتهتدي" (¬1) * * * 111 - الرَّسْعَني (661 هـ) هو عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر بن أبي الهيجاء، أبو محمد، عز الدين، الرَّسْعني. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 274). له: المنتصر في شرح المختصر أي: مختصر الخرقي. ذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 416) وقال: لم أر له ذكراً في كتب الفقهاء على أني وجدت بخط محمد بن كنان الصالحي أنه رأى له شرحاً على الخرقي مزجاً في مجلدين. اهـ. وأرّخ وفاته سنة (660 هـ). وذكر أن كتابه في التفسير يحتوي على ذكر فروع الفقه على الخلاف بدون دليل. * * * 112 - ابن تَميم (675 هـ) هو محمد بن تميم، أبو عبد الله، الحراني. توفي شاباً ولم تؤرخ وفاته، وقال ابن مُفلح: هو قريب من سنة (675 هـ). ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 290). له: المختصر وهو مشهور باسمه، فيقال: "مختصر ابن تميم" ويقال: "ابن تميم". ذكره ابن رجب (2/ 290) وقال: وصل فيه إلى أثناء الزكاة. وهو يدل ¬

_ (¬1) المدخل ص 431. ومقدمة ابن مانع لكتاب "الكافي".

على علم صاحبه، وفقه نفسه وجودة فهمه. وكذا ذكره العليمي (4/ 306) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 386). وأفاد منه ابن مفلح في "الآداب" (2/ 278، 3/ 384، 415، 481، 497) وابن اللحام في "القواعد" في مواضع كئيرة. واعتمده المرداوي في جملة مصادره لكتاب "الإنصاف" كما نص في المقدمة (ص 18). • مخطوطات الكتاب: منه ثلاث نسخ في دار الكتب الظاهرية بدمشق: الأولى: رقم (2761) عدد أوراقها (152) ورقة، في حجم (22) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ فرح بن العجمي. ومنه سورة في جامعة أم القرى (257) ولديَّ نسخة مصورة عنها. الثانية: رقم (2760) عدد أوراقها (305) ورقة، في حجم (15) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ أبو بكر بن خليل العجمي، سنة (820 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (258). الثالثة: رقم (10840) عدد أوراقها (259) ورقة، في حجم (25) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ محمد بن أبي الحسن الحراثي، سنة (704 هـ) ومنه سورة في جامعة أم القرى (25). • تحقيق الكتاب: حُقق الكتاب في رسالة جامعية تقدم بها الطالب علي بن إبراهيم القصير إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لنيل درجة الدكتوراه سنة (1414 هـ). • وصف الكتاب وقيمته: اطلع ابن بدران على هذا الكتاب، ووصفه بقوله: "يذكر فيه الروايات عن الإمام أحمد وخلاف الأصحاب، ويذهب فيه

113 - يحيى ابن الصيرفي (678 هـ)

تارة مذهب التفريع، وآونة إلى الترجيح. وهو كتاب نافع جدا لمن يريد الإطلاع على اختيارات الأصحاب، لكنه لم يكمل، بل وصل فيه مؤلفه إلى أثناء كتاب الزكاة، إلى قوله: فصل: ومن غَرِم لإصلاح ذات البين ... أي: فإنه يُعطى من الزكاة. وطريقته فيه: أنه إذا قال: شيخنا، يكون المراد به ناصح الدين أبو الفرج ابن أبي الفهم، وظن بعضهم أنه يريد أبا الفرج الشيرازي، وهو غلط" (¬1). 113 - يَحيى ابن الصَّيْرَفي (678 هـ) هو يحيى بن أبي منصور بن أبي الفَتح بن رافع أبو زكريا، جمال الدين، الحرّاني، ابن الصّيرفي، ويعرف بـ "ابن الحُبَيْشي". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 295). له: 1 - نوادر المذهب. 2 - مختصر الفنون. 3 - كتاب في عقوبات الجرائم. 4 - انتهاز الفرص في من أفتى بالرخص. 1 - نوادر المذهب ذكره ابن رجب (2/ 297) وقال: فيها فوائد غريبة. والعليمي (4/ 312). وأفاد منه بعصق النقول كل من ابن رجب (1/ 83) والعليمي (3/ 19) وابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 308، 473) والمرداوي في "الإنصاف" (15/ 134). ويبدو أن موضوع هذا الكتاب يتمثل بتدوين الأقوال والتخريجات ¬

_ (¬1) المدخل ص 434، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 204.

2 - مختصر الفنون

والحكايات الشاذة الغريبة الخرجة في كتب المذهب. وقد كان مصنفه معروفاً بالميل إلى جمع الفوائد والنكت، ومولعاً بتعليق الغرائب. 2 - مختصر الفنون أي "فنون" ابن عقيل. ذكره ابن مفلح في "الفروع" (2/ 639). 3 - كتاب في عقوبات الجرائم ذكره ابن رجب (2/ 297) وقال: جزء، كتبه للإفتخار الحرّاني والي دمشق، وكان له به اختصاص، وكان صالحاً عادلاً. وكذا ذكره العليمي (4/ 312). وهو من الكتب المعدودة في السياسة الشرعية. 4 - انتهاز الفرص في من أفتى بالرخص ذكره ابن رجب (2/ 297) وقال: جزء. وكذا العليمي (4/ 312). * * * 114 - ابن رَفيعا (679 هـ) هو عبد الله بن إبراهيم بن محمود بن رَفيعا، أبو محمد، ضياء الدين، الجَزَري. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 298). له: منظومة في الفرائض ذكرها ابن رجب (2/ 296) وقال: قصيدة لامية معروفة. وكذا ذكره العليمي (4/ 313) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 24).

115 - الجلال العكبري (681 هـ)

115 - الجَلال العَكْبَري (681 هـ) هو عبد الجبار بن عبد الخالق بن محمد بن عَكْبَر، أبو محمد، جلال الدين، العَكْبري، البغدادي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 300). له: 1 - مسائل الخلاف. 2 - مقدمة في أصول الفقه. 1 - مسائل الخلاف ذكره ابن رجب (2/ 300) والعليمي (4/ 315). 2 - مقدمة في أصول الفقه ذكره ابن رجب (2/ 300). * * * 116 - كُتَيْلَة (681 هـ) هو عبد الله بن أبي بكر بن أبي البَدْر محمد، الحربي، البغدادي، المعروف بـ "كُتَيلة". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 301). له: 1 - المهم في شرح الخرقي. 2 - مصنف في السماع. 3 - كتاب العُدَّة. 1 - المهم في شرح الخرقي ذكره ابن رجب (2/ 301) والعليمي (4/ 316) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 26) وابن بدران في "المدخل" (ص 414) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 38).

2 - مصنف في السماع

وذكره ابن رجب والعليمي عرضاً في ترجمة مَحَاسن بن عبد الملك بن علي بن نجا، التنوخي، الحموي (ت 643 هـ) شيخ المؤلف. وأفاد منه ابن رجب في "القواعد" (ص 332) مرتين. والمرداوي في "الإنصاف" (1/ 57). 2 - مصنف في السماع ذكره ابن رجب (2/ 301) والعليمي (4/ 316). وقال الصفدي في "الوافي " (17/ 87): جمع مجلداً في ما في السماع من الخلاف. 3 - كتاب العُدة ذكره المرداوي في "تصحيح الفروع" (4/ 658). * * * 117 - الشمس ابنُ أبي عُمَر (682 هـ) هو عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة، أبو محمد، شمس الدين، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 304 - 310). له: 1 - الشرح الكبير = الشافي في شرح المقنع. 2 - تسهيل المطلب في تحصيل المذهب. وخرج له ابن رجب بعض الفتاوى في آخر ترجمته. 1 - الشرح الكبير - الشافي في شرح المقنع أي "مقنع" عمه الموفّق عبد الله ابن قدامة. وتسميته الشرح الكبير يقتضي وجود شرح صغير له، ولم نجد من ذكر ذلك. وتسميته "الشافي ... " هي التسمية الموجودة على ظهر النسخة الخطية الظاهرية ونسخة شستربتي.

ذكره ابن رجب (2/ 304) وقال: في عشر مجلدات، واستمدّ فيه من "المغني" لعمه. وكذا ذكره العليمي (4/ 318) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 108) واليونيني في "ذيل مرآة الزمان" (4/ 186) والبغدادي في "الهدية" (1/ 525) وابن بدران في "المدخل" (ص: 415، 437). وغيرهم كثير، وهو مشهور جدا، شهرة تغني عن تتبع مصادر ذكره، حتى صار معروفاً به، فيقال: الشارح، وصاحب الشرح، ويقال لكتابه: الشرح، هكذا على الإطلاق، استعمله المرداوي في "الإنصاف" وتصحيح "الفروع"، والبهوتي في "شرح المنتهى" و"كشاف القناع"، وعليه جرى مؤلف "نيل المآرب فى تهذيب شرح دليل الطالب" وصاحب زوائد الزاد (¬1). • النسخ الخطية للكتاب: • توجد منه نسخة كاملة في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، وتفصيلها: - الجزء الأول: رقم (1412) عدد أوراقه (228) ورقة، في (21) سطراً، بخط نسخ حسن. ومنه صورة في أم القرى (187). - الجزء الثاني: رقم (1413) عدد أوراقه (253) ورقة، بخط نسخ معتاد. ومنه صورة في أم القرى (171). - الجزء الثالث: رقم (1414) عدد أوراقه (254) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخْ حسن، نسخ علي بن عمر بن علي، الصوفي، الحنبلي، سنة (780 هـ). ومنه صورة في أم القرى (172). - الجزء الرابع: رقم (1415) عدد أوراقه (285) ورقة، بخط نسخ معتاد. ¬

_ (¬1) المدخل المفصل ص 199.

ومنه سورة في أم القرى (173). - الجزء الخامس: رقم (1416) عدد أوراقه (255) ورقة، في (21) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن عمر بن أبو بكر الدربي، سنة (831 هـ). ومنه سورة في أم القرى (174). - الجزء السادس: رقم (1463) عدد أوراقه (172) ورقة، في (23) سطراً، بخط نسخ معتاد. ومنه صورة في أم القرى (175). - الجزء السادس (أيضاً): رقم (1467) عدد أوراقه (226)، في (21) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ علي بن عمر بن علي، الحنبلي، المعروف بالصوفي، سنة (781 هـ). ومنه سورة في أم القرى (176). - الجزء السادس (أيضاً): رقم (1628) عدد أوراقه (297) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخ حسن. ومنه سورة في أم القرى (179). - الجزء الثامن: رقم (1418) عدد أوراقه (219) ورقة، في (15) سطراً، بخط تعليق، نسخ إبراهيم بن أحمد بن يعقوب. ومنه صورة في أم القرى (195). - الجزء التاسع: رقم (1419) عدد أوراقه (127) ورقة، في (21) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ محمد أبو بكر الدربي، سنة (833 هـ). ومنه صورة في أم القرى (177). - الجزء العاشر: رقم (1420) عدد أوراقه (199)، في (21) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ أبي بكر، الحنبلي، سنة (833 هـ). ومنه صورة في أم القرى (178).

وتوجد منه أجزاء في دار الكتب المصرية: الأول: رقم (44) عدد أوراقه (212) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخ واضح. ومنه صورة في أم القرى (116). الثا في: رقم (44) عدد أوراقه (237) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخ واضح، كُتب سنة (752 هـ). ومنه صورة في أم القرى (111). الثالث: رقم (44) عدد أوراقه (228) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخ واضح. ومنه صورة في أم القرى (112). الرابع: رقم (44) عدد أوراقه (219) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخ واضح. ومنه صورة في أم القرى (113). الخامس: رقم (44) عدد أوراقه (149) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخ واضح. ومنه صورة في أم القرى (114). السادس: رقم (44) عدد أوراقه (149) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخ واضح. ومنه صورة في أم القرى (115). وعلى هذه النسخة عنوان "تسهيل المطلب في تحصيل المذهب"، وهو أحد أسماء الكتاب، ووضع عليها اسم المؤلف: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي. وهو اسم مصنف الأصل، الذي هو "المقنع". • وتوجد منه أجزاء في الظاهرية بدمشق:

- جزء برقم (2708) عدد أوراقه (283) ورقة، في (21) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن إسماعيل بن محمد (¬1). ومنه صورة في أم القرى (17). - الجزء الأول: رقم (828) عدد أوراقه (275) ورقة، في (21) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن إسماعيل، الحنبلي (ت 830 هـ)، سنة (774 هـ). ومنه صورة في أم القرى (221). - الجزء الخامس: رقم (826) عدد أوراقه (307) ورقة، في (20) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ محمد بن عبيد بن حسن، الحنبلي، سنة (830 هـ). ومنه صورة في أم القرى (223). • وتوجد منه أجزاء في مكتبة شستربتي بإيرلندا الشمالية: - الجزء الأول: رقم (3269) عدد أوراقه (117) ورقة، في (25) سطراً، بخط مشرقي، نسخ أحمد بن محمد بن أحمد. ومنه صورة في الجامعة الإسلامية (1/ 7595). - الجزء الثاني: رقم (3269) عدد أوراقه (169) ورقة، في (25) سطراً، بخط مشرقي. ومنه صورة في الجامعة الإسلامية (2/ 7595). - الجزء السابع: رقم (3539) عدد أوراقه (275) ورقة، في (21) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ محمد بن إسماعيل بن محمد البعلي، الحنبلي (ت 830 هـ)، سنة (775 هـ). ومنه صورة في أم القرى (78) وأخرى في الجامعة الإسلامية (7596). • ويوجد منه الجزء التاسع في جامعة برنستون بأمريكا الشمالية رقم ¬

_ (¬1) وهو معدود من علماء الحنابلة. ترجمه ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (132). وقال محققه الدكتور عبد الرحمن العثيمين: خطه جميل جداً؛ رأبت منه الجزء الأول من "الشافي شرح المقنع" نسخة الظاهرية.

(2995) عدد أوراقه (285) ورقة، في حجم (21) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ محمد بن إسماعيل بن نصر بن بردس (ت 830 هـ)، سنة (777 هـ). • ويوجد منه الجزء الأول في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (7440) يقع في (262) ورقة. • طباعة الكتاب: - طُبع الشرح الكبير بهامش "المغني"، ومرتباً على أبوابه، في مطبعة المنار بالقاهرة سنة (1341 هـ/ 1922 م) كما سبق بيانه. - ثم طُبع مفرداً على ترتيب المغني أيضاً، وصُورِّ مراتِ عدة. - ويسِّر الله تعالى في تحقيقه وطبعه، مع إعادة ترتيبه حسب أصوله الخطية، مع أصله "المقنع" ومع "الإنصاف" للمرداوي، بالإشتراك في أجزائه الثلاثة الأولى مع الدكتور عبد الفتاح الحلو -رَحِمَهُ اللهُ-، وصدر عن دار هجر سنة (1414 هـ/ 1993 م) في (32) مجلداً مع الفهارس الفنية. وتم التحقيق على أجزاء من نسخة محفوظة بمكتبة أحمد الثالث بإستانبول (1134 - فقه حنبلي)، وأجزاء من نسخة محفوظة بمكتبة شستربتي (33004) غير التي سبق ذكرها، وأجزاء من المكتبة العامة السعودية بالرياض (86)، وأجزاء من نسخة من مكتبة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، وأجزاء من نسخة من مكتبة محمد بن فيصل آل سعود. • وصف الكتاب وبيان قيمته: يتطابق "الشرح الكبير" في كثير من أوصافه مع "المغني" لعمِّ المصنف، مما أغنى عن الإطالة في وصفه. وقد استأذن الشيخ عبد الرحمن عمّه الموفّق في شرح كتابه "المقنع" بعدما قرأه عليه، وأن يكون "المغني" هو مادة شرحه، فأذن له في ذلك. قال ابن رجب: "عرض عليه كتاب "المقنع" وشَرْحه عليه، وأذن له فى إقرائه، وإصلاح ما يرى أن يحتاج إلى إصلاح فيه. ثم شرحه بعده في عشر مجلدات، واستمد فيه من "المغني" لعمه".

2 - تسهيل المطلب في تحصيل المذهب

قال في خطبته: "هذا كتاب جمعته في شرح "المقنع" تأليف شيخنا الشيخ الإمام العلامة موفق الدين ... اعتمدت في جمعه على كتابه "المغني"، وذكرت فيه من غيره مالم أجده فيه من الفروع والوجوه والروايات، ولم أترك من كتاب "المغني" إلا شيئاً يسيراً من الأدلة، وعزوت من الأحاديث مالم يعْزُ، مما أمكنني عزوه" (¬1). وطريقة الشمس ابن أبي عمر في شرح "المقنع" تشبه طريقة عمه في شرح "الخرقي"، فهو شرح موضوعي لا يقف عند الألفاظ، بل يفيض في شرح المسألة التي يسوق مضمونها من عبارة المتن مساقاً يجعلها تبدو أمام شرحها كالترجمة، متعرضاً لمذاهب العلماء موافقاً ومخالفاً، ويذكر ما لكلٍّ من دليله، ثم يستدل ويعلل للمختار، ويزيف دليل المخالف، فمسلك 5 مسلك الإجتهاد إلا أنه اجتهاد مقيد في مذهب أحمد (¬2). • الأعمال التي تمت عليه: لا أعلم أنه لحق هذا الشرح عمل في اختصاره أو تصحيح نقوله وترجيحاته وغير ذلك، إلّا الإختصار الذفي قام به شيخ الإسلام، الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رَحِمَهُ اللهُ- (ت 1206 هـ)، وهو اختصار له وللإنصاف معاً، وقد طُبع في جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية ضمن أعمال أسبوع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة (1398 هـ). 2 - تسهيل المطلب في تحصيل المذهب هو نفس كتاب "الشرح الكبير" على ما تحقق. ذكره ابن حميد في "الدر المنضد" بإزاء "الشرح الكبير". وكذلك البغدادي في "الهدية" (1/ 525). وحقق ابن مانع -رَحِمَهُ اللهُ- في مقدمته لطبعة "المبدع" (ص 15) أنهما اسمان لمسمى واحد، معتمداً على ما ورد في منظومة ابن عبد القوي -وهو تلميذ الشيخ ابن أبي عمر- وهي قصيدة دالية نظم بها "المقنع"، وفيها: ¬

_ (¬1) الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 1/ 5. (¬2) المدخل، لإبن بدران، ص 437، ومقدمة طبعة المغني مع الشرح الكبير، ص 9.

118 - عبد الرحمن الضرير (684 هـ)

لقد يسر المطلوب في "شرح مقنع" ... وقرّب للطلاب كل مبعَّد وأغنى عن "المغني" بـ "تسهيل مطلب" ... لمن يبتغي تحصيل مذهب أحمد ويؤيد هذا التحقيق أن النسخة الخطية المحفوظة بدار الكتب المصرية، وكذلك نسخة أحمد الثالث بتركيا، كلتاهما تحمل اسم: "تسهيل المطلب"، ويوجد على طرة الجزأين: الثالث والخامس من النسخة المحفوظة في المكتبة العامة السعودية بالرياض، العبارة التالية: " ... شرح المقنع في الفقه وهو تسهيل المطلب في تحصيل المذهب". والله أعلم. * * * 118 - عبد الرحمن الضَّرير (684 هـ) هو عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم بن علي، أبو طالب، نور الدين، البَصْري، الضَّرير، المدرس بالمُستَنْصرية. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 313). له: 1 - الحاوي الكبير. 2 - الحاوي الصغير. 3 - الكافي في شرح الخرقي. 4 - الواضح في شرح الخرقي. 5 - الشافي في المذهب. 6 - مختصر المجرد. 7 - تعليقة في الخلاف. 1 - الحاوي الكبير ذكره ابن رجب (2/ 314) والعليمي (4/ 327) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 102) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 38) والبغدادي في "الهدية" (1/ 525) وابن بدران في "المدخل" (ص 258) والزركلي في "الأعلام"

2 - الحاوي الصغير

(3/ 319). وكلهم أطلقوا في الإسم، فقالوا: "الحاوي" في الفقه. وقال ابن رجب: في مجلدتين. واعتمده المرداوي في "الإنصاف" كما أبان عن ذلك في المقدمة (ص 19) قال: ومن "الحاوي الكبير" إلى الشركة. وكنَّى المصنف بأبي نصر! • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية برقم (2260) عدد أوراقها (303) ورقة، بخط نسخ جيد. 2 - الحاوي الصغير ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 19) في جملة الكتب المعتمدة. وأحال عليه ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (3/ 307، 407). 3 - الكافي في شرح الخرقي ذكره ابن رجب (2/ 314) والعليمي (4/ 327) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 38). 4 - الواضح في شرح الخرقي ذكره ابن رجب (2/ 314) والعليمي (4/ 327) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 38) وسزكين في " تاريخ التراث العربي" (1/ 3/ 236). • مخطوطات الكتاب: - يُوجد الجزء الأول منه في مكتبة شسشربتي رقم (3286) عدد أوراقه (221) ورقة، في (33) سطراً، بخط واضح مشكول، كُتب في حياة المؤلف سنة (682 هـ)، نسخ محمد بن علي بن محمد، الطبري، الجلابي. يبدأ هذا الجزء بالطهارة وينتهي بالولاء. ومنه صورة في جامعة أم القرى (36) وأخرى في الجامعة الإسلامية (7481/ 1). ولدي نسخة مصورة منه.

5 - الشافي في المذهب

- ويوجد منه الجزء الثاني في مكتبة شستربتي (3289) أيضاً، عدد أوراقه (250) ورقة، في (21) سطراً، بخط مشرقي، نسخ إسماعيل بن خليف بن إسماعيل الخولاني، سنة (1285 هـ). ومنه صورة في الجامعة الإسلامية (2/ 7481). - ويُوجد الجزء الثاني في مكتبة الأوقاف الشَّرَفية بحلب رقم (19950). - ويوجد الجزء الثاني في دارالكتب الظاهرية رقم (16893) عدد أوراقه (211) ورقة، بخط نسخ، نسخ محمد بن محمد بن علي الطبراني سنة (683 هـ). • طباعة الكتاب: - طُبع "الواضح" بتحقيق الدكتور عبد الملك بن دهيش، بدار خضر للطباعة بلبنان سنة (1421 هـ/ 2000 م)، بالإعتماد على مخطوطة الجزء الأول المحفوظ في تشسشربتي، والجزء الثاني المحفوظ في مكتبة الأوقاف الشرفية بحلب. - وكانت الباحئة مريم عيسى حامد العيسى قد قدمت جزءاً منه رسالةً لنيل شهادة دكتوراه سنة (1419 هـ/ 1999 م) من كلية الآداب للبنات بالرياض. 5 - الشافي في المذهب أي في فقه المذهب الحنبلي، فهو لا يذكر فيه الخلاف. ذكره ابن رجب (2/ 314) والعليمي (4/ 327) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 38) والزركلي في "الأعلام" (3/ 319). 6 - مختصر المجرد أي "مجرد" القاضي أبي يعلى. ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 19) في جملة مصادره. قال: جزء منه من البيوع. 7 - تعليقة في الخلاف ذكره ابن رجب (2/ 314) قال: طريقة في الخلاف، تحتوي على عشرين

119 - ابن كوشيار (بعد 690 هـ)

مسألة. وكذا ذكره العليمي (4/ 327). * * * 119 - ابن كوشيار (بعد 690 هـ) هو داود بن عبد الله بن كوشيار، أبو محمد، شرف الدين، البغدادي. توفي ظنا بعد (690 هـ)، وذكره ابن العماد في وفيات سنة (699 هـ). ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 344). له: الحاوي ليس أصول الفقه ذكره ابن رجب (2/ 344) والعليمي (4/ 307) وابن مفلح في "القصد" (1/ 383) والبغدادي في "الهدية" (1/ 360). * * * 120 - اين حَمْدان (695 هـ) هو أحمد بن حَمدان بن شَبيب بن حَمدان، أبو عبد الله، نجم الدين، الحرّاني. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 331 - 332). له: 1 - الرعايتان = الكبرى والصغرى. 2 - الغاية القصوى شرح الرعاية الكبرى. 3 - نهاية المبتدئين. 4 - الإفادات بأحكام العبادات. 5 - التقريب في اختصار المغني. 6 - شرح المقنع. 7 - صفة الفتوى والفتي والمستفتي = آداب الفتي. 8 - المقنع في أصول الفقه.

1 - الرعايتان (الكبرى والصغرى)

9 - الوافى في أصول الفقه. 10 - المعتمد في الفقه الحنبلي. 11 - الكفاية من شرح الهداية. 12 - الجامع المتصل في مذهب أحمد. 13 - الإيجاز. 14 - جامع العلوم. وذكر ابن رجب في ترجمة محمد بدر الدين الآمدي (ت 724 هـ) أنه حفظ "المحرر" وشرحه على ابن حمدان، ولازمه مدة من السنين حتى قرأه عليه (¬1). 1 - الرعايتان (الكبرى والصغرى) ذكرهما الصفدي في "الوافي بالوفيات" (6/ 360) وابن رجب (2/ 331) والعليمي (4/ 346) وابن مفلح في "المقصد" (1/ 99) وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 908) وذكر البغدادي في "الهدية" (1/ 102) الرعاية الكبرى فقط. وأفاد منهما ابن اللحام في عدة مواضع من "القواعد الأصولية" (¬2). وذكرهما المرداوي في مقدمة "الإنصاف" في جريدة المصادر التي اعتمدها لكتابه (¬3)، وذكرهما أيضاً في بيان منهجه في تخريج القول الراجح في المذهب (¬4). • مخطوطات الكتابين: - يوجد الجزء الثاني من "الرعاية الكبرى" في مكتبة شستربتي بإيرلندا، رقم (3541) عدد أوراقه (278) ورقة، في حجم (21) سطراً، بخط نسخ ممتاز، نُسخ سنة (706 هـ). ¬

_ (¬1) الذيل 2/ 377. (¬2) ص: 16، 32، 41، 61، 86، 93، 99، 114، 117، 278، 285. (¬3) الإنصاف 1/ 18. (¬4) الإنصاف 1/ 24 - 25.

ومنه نسخة في جامعة أم القرى (40) وأخرى في الجامعة الإسلامية (7475). ويبدأ هذا الجزء بباب الأطعمة المباحة، وينتهي بباب بالمكاتبة. وقد حُقق في رسالة جامعية في الجامعة الإسلامية. • وصف الرعاية الكبرى: لم يتيسر الإطلاع على مخطوطة الكتاب لوصف منهجه المفصل، ومع ذلك فيمكن وصفه وصفاً عاماً يتلخص فيما يلي: أولاً: يحتوي الكتاب على ثمانية أجزاء في مجلد واحد، وربما احتوت بعمق النسخ على مجلدين، كما سبق لإبن رجب. وهو كتاب حافل بكثرة النقول، حتى إنه يشتمل على كثير من الروايات الغريبة التي لا تكاد توجد في الكتب الكثيرة مجتمعة، وذلك لكثرة اطلاعه وتبحره في المذهب، ولكن نقوله غير محررة (¬1)، حتى قال ابن بدران -فيها وفي الرعاية الصغرى- نقلاً عن ابن مفلح: "وإنما يؤخذ منهما -أي من الرعايتين- بما انفرد به بالتصريح، وكذا يقدِّم -يعني ابن حمدان- في موضع الإطلاق، ويطلق في موضع التقديم، وشموي بين شيئين المعروف التفرقة بينهما، وعكسه، فلهذا وأمثاله حصل الخوف من كتابيه وعدم الإعتماد عليهما". ثم قال ابن بدران: ¬

_ * وهناك بعض النقول من هذا الكتاب أوردها المنقور في "مجموعه" بألفاظها، قد تعطينا صورة مصغرة عن أسلوب المؤلف، من ذلك قوله في كتاب الإقرار: "فصل: ولا يصح الإقرار إلا من مكلف، مختار، ملتزم، يصح تبرعه به، مطلق التصرف في ماله، أو ذمته، أو مأذون له، أو بقدر ما أذن له فيه، نصَّ عليه، مع اختلاف الدين واتفاته. ويلزم السفيه والمفلس شرعاً، والمكاتب، والعبد المأذون له وغيره، والسكران، بمجرد ما أقروا به، من: طلاق، وحدّ، وقرد، ومال، وما يوجب 5 من جناية خطأ أو عمد، بلا قود وشبهة، وغصب وأرش، وإتلاف، وغير ذلك بشروطه على ما سبق. ويتبع السفيه به بعد فك حجره، وقيل: لا" الفواكه العديدة 2/ 340 - 341. (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 332، الوافي بالوفيات 6/ 360، كشف الظنون ص 908، المدخل ص 448 - 449.

وبالجملة فهذان الكتابان غير محررين (¬1). ثانيا: أن الرعايتين مصدران من مصادر معرفة الصحيح في المذهب. وخاصة الكبرى، ولذلك إذا اختلف قول ابن حمدان فيهما فالمقدم قوله في الكبرى (¬2). ثالثاً: يحتوي كتاب الرعاية الكبرى في آخره على باب في "الآداب الشرعية" سالكاً في ذلك مسلك السامري في "المستوعب". وهو فن أفرده الحنابلة بكتب مستقلة، وكاد ابن مفلح أن يفرغ هذا الباب في "الآداب الشرعية الكبرى". رابعاً: عقد في خاتمة الكتاب بحوثاً أصولية تتعلق بالإجتهاد والتقليد. كما يشير إليه في "مجموع الفتاوى" (20/ 227). • الأعمال التي تمت على الرعايتين: هناك عدة شروح لكل من الكتابين، من ذلك: 1 - الغاية القصوى في شرح الرعاية الكبرى، للمصنف نفسه. 2 - شرح الرعاية، لأبي عبد الله شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي (ت 709 هـ). 3 - حاشية الرعاية، لمحب الدين أحمد بن نصر الله البغدادي التستري (ت 844 هـ). وذكر حاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 908): مختصر الرعاية للشيخ عز الدين عبد السلام. ولم نهتد إلى معرفته. وفي مقدمة "الإنصاف" (ص 18): " .. والرعاية الكبرى، والرعاية الصغرى، وزبدتها .. ". فالظاهر منه أن ابن حمدان اختصر الرعاية ¬

_ (¬1) المدخل ص 449، الفروع 2/ 423. (¬2) الفروع 1/ 50، الإنصات 1/ 25. وهناك إشكال فى كيفية التوفيق بين النقد الموجه إلى هذين الكتابين واعتماد المرداوي لهما في معرفة الصحيح، ولعل له منهجاً خاصا في ذلك، فإنه من المحققين الراسخين. والله أعلم.

2 - الغاية القصوى شرح الرعاية الكبرى

الصغرى في كتاب سماه "زبدة الرعاية الصغرى"، كما أحال ابن مفلح على "الزبدة" في كتابه "الفروع" (4/ 185) والمرداوي في "الإنصاف" (13/ 369). والله أعلم. 2 - الغاية القصوى شرح الرعاية الكبرى • نسخه الخطية: - توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية برقم (2755) عدد أوراقها (308) ورقات، في حجم (21) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ محمد بن محمد، سنة (994 هـ). وهذه النسخة عبارة عن الجزء الثالث من الكتاب، يبدأ بكتاب النكاح، وينتهي بباب الآداب الشرعية بعد كتاب الإقرار. وهذا يفيد أن الكتاب يتألف من ثلاثة مجلدات كبار. ومنه صورتان في جامعة أم القرى (23 و 196) وأخرى في الجامعة الإسلامية (7474) تحت عنوان: "الرعاية الكبرى". - وتوجد قطعة منه في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد. برقم (1/ 23011) مجاميع، عدد أوراقها (275) ورقة، نسخت سنة (811 هـ). 3 - نهاية المبتدئين ذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية" وأفاد منه في عدة مواضع (¬1). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (6/ 111)، كما أحال عليه ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" كثيراً. وذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 39) باسم "النهاية" - كما ذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 448). ¬

_ (¬1) الآداب الشرعية 1/ 29، 74، 85، 119، 150، 151، 183، 215، 230، 4/ 443.

4 - الإفادات بأحكام العبادات

4 - الإفادات بأحكام العبادات ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 18)، وذكره بعد ذلك (ص 24) قائلاً: وكذلك "الإفادات بأحكام العبادات" لإبن حمدان؛ فإنه قال فيها: أذكر هنا غالباً صحيح المذهب ومشهوره، وصريحه ومشكوره، والمعمول عندنا عليه، والمرجوع غالباً إليه. اهـ. فهو كتاب في فقه العبادات الخمس، ومصدر من مصادر معرفة الصحيح في المذهب. • الأعمال التي تمت عليه: اختصره البلباني: محمد بن بدر الدين بن عبد القادر، شمس الدين، أبو عبد الله، البعلي الدمشقي (ت 1083). 5 - التقريب في اختصار المغني ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 22) في جملة المصادر المعتمدة عنده، وقال: إلى آخر كتاب الجمعة بخطه، وسماه "التقريب"، وهو كتاب عظيم. 6 - شرح المقنع أي "مقنع" الموفّق ابن قدامة المقدسي. ذكره ابن حميد في " الدر المنضد" (ص 39) قال: في أربع مجلدات. 7 - صفة الفتوى والمفتي والمستفتي = آداب المفتي ذكره ابن رجب (2/ 331) والعليمي (4/ 346). وذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 18). ولخص منه ومن "تهذيب الأجوية" لإبن حامد في آخره شيئاً كثيراً، عقده تحت عنوان: "قاعدة نافعة جامعة لصفة الروايات المنقولة عن الإمام أحمد - رضي الله عنه - والأوجه والإحتمالات الواردة عن أصحابه -رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى- وغفر لنا ولهم وللمؤمنين".

8 - المقنع في أصول الفقه

النسخ الخطية للكتاب: - منه نسخة في مكتبة الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ-، وهي في (80) ورقة، في كل ورقة (18) سطراً، كتبت بخط نسخي جميل. • طباعة الكتاب: خرّج أحاديثه و. علق عليه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رَحِمَهُ اللهُ-، وطُبع في المكتب الإسلامي بدمشق سنة (1380 هـ/ 1961 م) بالإعتماد على النسخة الخطية المذكورة آنفاً. وأعيدت طباعته سنة (1397 هـ / 1976 م). • وصف الكتاب: يعتبر كتاب "آداب الفتوى" كتاباً حافلاً جامعاً لبيان آداب الفتوى والأحكام المتعلقة بالمفتي والمستفتي، من: تعريف المفتي، وتقسيم المجتهدين، وغير ذلك. ويتميز هذا الكتاب بأن مصنفه أدخل فيه باباً عقده لبيان معرفة عيوب التآليف، وغير ذلك، ليعلم المفتي كيف يتصرف في المنقول، وما مراد قائله ومؤلّفه، فيصح نقله للمذهب، وعزوه إلى الإمام - رضي الله عنه - وبعض أصحابه. ولنفاسة هذا الباب نقله المرداوي برمته في آخر "الإنصاف". وعقب عليه بالقول: "انتهى كلام ابن حمدان، وفي بعضه شيء وقع هو فيه في تصانيفه، ولعله بعد تصنيف هذا الكتاب". وآداب الفتوى عند الحنابلة أودعها ابن عقيل في "واضحه" (1/ 266 - 296) وابن حمدان في آخر "الرعاية الكبرى" وابن مفلح في "الآداب الشرعية" وابن القيم في "إعلام الموقعين". 8 - المقنع في أصول الفقه ذكره ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (3/ 256، 534) وابن بدران في "المدخل" (ص 466). وذكر أنه اختصره أبو عبد الله محمد بن أحمد الحرّاني، المعروف بـ "ابن الحبال" (ت 749 هـ) ثم إنه شرح هذا المختصر.

9 - الوافي ليس أصول الفقه

9 - الوافي ليس أصول الفقه ذكره ابن رجب (2/ 331) والعليمي (4/ 346) وابن العماد (5/ 428). 10 - المعتمد فى الفقه الحنبلي توجد منه نسخة خطية في دار الكتب الظاهرية تحتوي على ثلاثة أجزاء (1، 2، 3) عدد أوراقها (802) ورقة، بخط نسخ غير معجم، ناسخها المؤلف ابن حمدان. ويوجد الجزء الأول منه منفرداً في الظاهرية -أيضاً- رقم (2694) عدد أوراقه (244) ورقة، مسطرته مختلفة. ومنه صورة في الجامعة الإسلامية برقم (7741). 11 - الكفاية من شرح الهداية أي "هداية" أبي الخطاب الكلوذاني. توجد منه قطعة في دار الكتب الظاهرية رقم (2694) تحتوي على جزأين (1، 2) عدد أوراقها (309) ورقة، بخط نسخي قديم معجم، ناسخها المؤلف. 12 - الجامع المتصل في مذهب أحمد توجد منه قطعة في دار الكتب الظاهرية رقم (2694) عدد أوراقها (19) ورقة، بخط قليل الإعجام. ومنه قطعة أخرى في الظاهرية أيضاً عدد أوراقها (21) ورقة، بخط المؤلف. 13 - الإيجاز منه نسخة في الظاهرية رقم (2694) عدد أوراقها (22) ورقة، بخط نسخ غير معجم، ناسخها المؤلف. 14 - جامع العلوم ذكره حاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 565). وذكره الدكتور

121 - أبو البركات بن المنجا (695 هـ)

عبد الرحمن العثيمين في تعليقه على "المقصد الأرشد" (1/ 99) باسم "جامع الفنون"، وقال: في الأدب، مجموع كبير، رأيت منه نسختين: إحداهما في مكتبة دار الكتب المصرية رقم (163)، والثانية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد رقم (308)، وعلمت أن بباريس نسخة منه رقم (2323). * * * 121 - أبو البَرَكات بن المُنَجَّا (695 هـ) هو المُنَجّا بن عثمان بن أسعد بن المُنَجّا، أبو البَرَكات، زين الدين، التَنوخي، الدمشقي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 332). له: 1 - شرح المقنع = الممتع في شرح المقنع. 2 - شرح المحصول. 3 - مصنف في أصول الفقه. قال ابن رجب: وله تعاليق كثيرة، ومسودات في الفقه والأصول وغير ذلك لم تبيض. 1 - شرح المقنع = الممتع ذكره وه ابن رجب (2/ 332) وقال: في أربع مجلدات. وكذا ذكره العليمي (4/ 348) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (3/ 42) والنعيمي في "الدارس" (2/ 73، 121) والبغدادي في "الهدية" (2/ 472) وابن بدران في "المداخل" (ص 438). وذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 21) في جملة المصادر. • مخطوطات الكتاب: • توجد منه أجزاء في دار الكتب الظاهرية، من نسختين:

النسخة الأولى: الجزء الأول: رقم (2712) عدد أوراقه (234) ورقة، في حجم (17) سطراً، بخط نسخ. الجزء الثاني: رقم (2705) عدد أوراقه (47) ورقة، في حجم (17) سطراً، بخط نسخ واضح، نُسخ سنة (780 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (269). الثالث: رقم (2705) عدد أوراقه (143) ورقة، فى حجم (17) سطراً، بخط نسخ واضح، نُسخ سنة (780 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (245). الرابع: رقم (2705) عدد أوراقه (191) ورقة، في حجم (17) سطراً، بخط نسخ واضح. ومنه صورة في جامعة أم القرى (72). الخامس: رقم (2706) عدد أوراقه (209) ورقات، في حجم (17) سطراً، بخط نسخ واضح. ومنه صورة في جامعة أم القرى (72). السابع: رقم (2707) عدد أوراقه (191) ورقة، في (17) سطراً، بخط نسخ معتاد. ومنه صورة في جامعة أم القرى (74). ولدي نسخ مصورة عن الأجزاء السابقة كللها. النسخة الثانية: الجزء الخامس: رقم (828) عدد أوراقه (209) ورقات، في (18) سطراً، بخط نسخ واضح. ومنه صورة في جامعة أم القرى (225). السابع: رقم (828) عدد أوراقه (192)، في (16) سطراً، بخط نسخ معتاد، ومنه صورة في جامعة أم القرى (252).

• ويوجد منه الجزء الثاني في مكتبة شسشربتي (5128) عدد أوراقه (119) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخ نفيس. ومنه صورة في جامعة أم القرى (29) وأخرى في الجامعة اللإسلامية (7967/ 2). ويوجد من الجزء الثاني نسخة ثانية في المكتبة المذكورة (4662) عدد أوراقه (263) ورقة. • ويوجد الجزء الأول في مكتبة أحمد الثالث بإستانبول (1192) عدد أوراقه (304) ورقات، من نسخة كتبت في القرن الناسع، بخط محمد عبد الوهاب بن محمد، الحنبلي، نقله عن نسخة أبي الفتح البعلي، يبتدئ بأول الكناب وينتهي بآخر باب أحكام أهل الذمة، يتلوه في الثاني كتاب البيع. ويوجد منه جزء في المكتبة المذكورة برقم (2/ 1134) وهو الجزء الرابع من الكتاب، عدد أوراقه (257) ورقة، وهو بخط نسخي نفيس، نسخ في القرن الثامن. • وتوجد نسخة من كتاب في الفقه الحنبلي في دار الكتب المصرية رقم (8 - ففه حنبلي). وجاء في فهارس الدار أنها من "الشرح الكبير" للشمس ابن أبي عمر، ولكن يوجد في الورقة الأولى: "الثاني من شرح المقنع لأبي البركات بن المنجى -رَحِمَهُ اللهُ-". ومضروب عليها بخطوط، ومكتوب تحتها: "كتاب شرح المقنع للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الحنبلي وجد اسم هذا المؤلف بكشف الظنون". وتحته: "شرح المقنع جدنا شيخ الإسلام برهان الدين ابن مفلح الحنبلي المترجم بالمباع في شرح المقنع وهو ... بخط مؤلفه الجد المشار إليه ... " وكلام غير واضح. وفي آخرها: "آخر الجزء الثاني من شرح المقنع والحمد لله ... أنهاه كتابة العبد الفقير إلى فضل ربه القدير محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل ... محمد بن أبي البركات البعلي الحنبلي، عفا الله عنه، في مدة آخرها ليلة الإثنين السادس من محرم سنة سبع وسبعين وستمائة بمدرسة شرف الإسلام بن الحنبلي عفا الله عنه لنفسه".

2 - شرح المحصول

والذي يترجح أن هذا الجزء من "الممتع". • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب بتحقيق الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، بدار خضر للطباعة والنشر بلبنان سنة (1418 هـ/ 1997 م) وصدر في ستة أجزاء، وتم الإعتماد في تحقيقه على ست نسخ خطية. قال محققه في نهاية المقدمة: ولا زال جزء من الكتاب مفقوداً لم نقف عليه حتى الآن، ويشمل الجزء المفقود الكتب التالية: الطلاق، الرجعة، الإيلاء، الظِّهار، اللّعان، العدد، الرضاع، النفقات. وكان الكتاب قد حقق وقُدِّم رسالةً لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قدمها د. عبد الله بن عبد الكريم اللاحم سنة (1415 هـ). • طريقة المؤلف في هذا الكتاب: قال ابن بدران: "ورأيت من شروحه -أي المقنع -أيضاً "الممتع شرح المقنع" لسيف الدين أبي البركات ابن المنجا المتقدم ذكره، قال في خطبته: أحببت أن أشرح المقنع، وأبين مراده، وأوضحه، وأذكر دليل كل حكم، وأصححه. وطريقته: أنه يذكرهر المسألة من "المقنع"، ويبين دليلها، ويحقق المسائل والروايات، ولم يتعرض لغير مذهب الإمام" (¬1). 2 - شرح المحصول أي "محصول" فخر الدين الرازي. ذكره ابن رجب (2/ 332) وقال: شرع فيه ولم يكمله، واختصر نصفه. وبهذا العليمي (4/ 348). ¬

_ (¬1) المدخل ص 438.

3 - مصنف في أصول الفقه

3 - مصنف في أصول الفقه ذكره البرزالي في "المقتفى" (1/ 241) ونقله عنه ابن رجب. ويحتمل أن يكون هو نفس شرح المحصول. * * * 122 - ابن نِعْمَة النَّابُلسي (697 هـ) هو أحمد بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة، أبو العباس، شهاب الدين، المقدسي، النابلسي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 336). له: كتاب في الأحكام أي: أحاديث الأحكام. ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 338) نقلاً عن الذهبي، ووصفه بأنه: مصنف نفيس. وكذا ذكره العليمي (4/ 354). [وينظر: برنامج الوادي آشي 103، والمعجم المختص 27، والوافي بالوفيات 7/ 48 وفوات الوفيات 1/ 86 والشذرات 7/ 764]. * * * 123 - ابن عَبْد القَوي (699 هـ) هو محمد بن عبد القوي بن بَدْران، أبو عبد الله، شمس الدين، المقدسي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 342)، والعليمي في "المنهج" (4/ 357). له: 1 - مجمع البحرين. 2 - عقد الفرائد وكنز الفوائد. 3 - نظم الفروق. 4 - منظومة الآداب. 5 - نظم المفردات.

1 - مجمع البحرين

1 - مجْمَع البحرين ذكره ابن رجب (2/ 342) وقال: لم يتمه. وكذا ذكره العليمي (4/ 358) والنعيمي في "الدارس" (1/ 529) والبغدادي في "الهدية " (2/ 139) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 40). وذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (21) في جملة مصادر كتابه. وقال: قطعة منه إلى أثناء الزكاة. وأفاد في الموضع المذكور أنه شرح على "المقنع" للموفّق ابن قدامة المقدسي. وطريقته فيه، كما قال هو في المقدمة: "أبتدئ بالأصحّ في المذهب نقلاً أو الأقوى دليلاً، وإلا قلت مثلاً: روايتان أو وجهان" (¬1). 2 - عِقد الفَرائد وكَنْز الفوائد وهي قصيدة دالية طويلة. وكلذا جميع أنظامه هي على روي الدال. ذكره ابن رجب (2/ 342) والعليمي (4/ 358) والبغدادي في "الهدية" (2/ 139). وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 40) وابن بدران في "المدخل" (ص: 419، 461). وذكره المرداوي في جريدة مصادر "الإنصاف" (1/ 18). وأفاد منه ابن مفلح في "الآداب الشرعية" كثيراً، يذكره عادة بقوله: صاحب النظم. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة خطية في إحدى المكتبات الخاصة في قطر، وهي النسخة التي اعتمد عليها المكتب الإسلامي في طبعته، نسخها قرناس بن عبد الرحمن بن قرناس سنة (1216 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع على نفقة صاحب السمو الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني أمير قطر السابق، حققه زهير الشاويش، ونشره في المكتب الإسلامي بدمشق سنة (1384 هـ/ 1964 م) في جزأين. ¬

_ (¬1) الإنصاف 1/ 24.

3 - نظم الفروق

• وصف الكتاب: هي منطْومة دالية فقهية جامعة طويلة، قال ابن بدران في "المدخل": تبلغ خمسة آلاف بيت. وهي مشهورة، حتى لُقِّب صاحبها بالناظم (¬1). نظم فيها ابن عبد القوي كتاب "المقنع" لإبن قدامة، وضمّ إليه كتاب شيخه عبد الرحمن بن أبي عمر (ت 682 هـ) المسمى بـ "الشرح الكبير". وضمّ إلى نظمه أيضا زوائد "الكافي " على "المقنع". وضم إليه زوائدا "المحرر" على "المقنع" (¬2). وبهذا يمكن أن يقال: إن ابن عبد القوي نظم الفقه الحنبلي كلله في هذا العِقد ويحتمل أن يكون ابن عبيدان قد استعان بهذه المنظومة في تأليف كتابه "زوائد الكافي والمحرر على المقنع". والتزم ابن عبد القوي في هذا النظم تقديم القول الراجح ما وجد إلى ذلك سبيلاً، كما التزم ذلك في "مجمع البحرين"، وفي ذلك يقول: ومهما تأتى الإبتداء براجح ... فإني به عند الحكاية أبتدي (¬3) ومن هنا يعتبر نظم ابن عبد القوى ومجمع البحرين مصدرين من المصادر المعتبرة في معرفة الصحيح في المذهب، والراجح من الروايات والوجوه فيه. • الأعمال التي تمت على هذا النظم: اختصره عبد العزيز بن حمد بن ناصر بن معمر، النجدي (ت 1244 هـ) في كتاب سماه "المنتقى من عقد الفرائد وكنز الفوائد" وقيل: "فرائد القلائد". 3 - نَظم الفروق أي "فروق" السامري. وكتابه هذا يسمى: "الفروق". ذكره ابن رجب (2/ 343) والعليمي (4/ 458) والبغدادي في "الهدية" (2/ 139) وابن حميد في "الدر المنضد" ¬

_ (¬1) المدخل ص 419. (¬2) وفي ذلك يقول: وسقت زيادات "المحرر" جلها .... وما قد حوى من كل قيد مجوّدِ فما فوق مرقى المجد في العلم مرتقى ... وغايته القصوى على رغم حُسَّدِ (¬3) الإنصاف 1/ 24.

4 - منظومة الآداب

(ص 40)، وهو الوحيد الذي سماه: "نظم الفروق". 4 - منظومة الآداب وهما منظومتان: صغرى وكبرى (¬1). ذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 139) والمرداوي في "الإنصاف" (1/ 156). • مخطوطات النظم: توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق رقم (186) عدد أوراقها (30) ورقة بخط معتاد، كتب سنة (1189 هـ). • طباعة النظم: طُبعت المنظومة الكبرى مع شرحها للسفاريني المسمى "غذاء الألباب" (¬2). • وصف النظم: هو نظم جامع في الآداب الشرعية يوازي نظم الفقه. وذلك أنه لما نظم القصيدة الطويلة المسماة بـ "عقد الفرائد" في الفقه أتبعها بهذه القصيدة في الآداب، مقتدياً في هذه الفكرة ببعض من سلف 5 من الحنابلة كإبن أبي موسى، والقاضي أبي يعلى، وابن حمدان في "رعايته الكبرى"، والسامري في "مستوعبه"، وغيرهم، في ختم كتبهم الفقهية بباب في الآداب. وقد سلك هذا المسلك من المتأخرين أبو بكر بن زيد الجراعي في كتابه "غاية المطلب". وهي قصيدة دالية من بحر الطويل، تتألف من ألف بيت، مطلعها: بحمدك ذي الإكرام ما رمتُ أبتدي ... كثيراً كما ترضى بغير تحددِ وخاتمتها: وقد كلملتْ والحمد لله وحده ... على كل حال دائماً لم يصدِّدِ وهي، وإن كانت في الآداب، فقد احتوت على جملة وافرة من الفقه، ¬

_ (¬1) المدخل ص: 419، 461. (¬2) انظر ما يأتي في الصفحة 541.

5 - نظم المفردات

كأحكام الملاهي والغناء، والشِّعر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واللباس والزينة، والعورات، والسلام، وأحكام النظر، وبعض الأحكام المتعلقة بالمساجد، وغير ذلك. • الأعمال التي تمت على النظم: شرح هذا النظم عدة علماء، منهم: 1 - القاضي علاء الدين المرداوي (ت 885 هـ). 2 - شرف الدين موسى الحجاوي (ت 968 هـ). شرح المنظومة الصغرى. 3 - الشيخ محمد بن أحمد السفاريني (ت 1188 هـ). وكتابه يسمى: "غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب". 5 - نَظم المفردات ذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 419) والشيخ علي بن محمد الهندي في "التحفة السنية في الفوائد والقواعد الفقهية" (ص 158) والدكتور سالم الثقفي في "مفاتيح الفقه الحنبلي" (2/ 134) والدكتور عبد الرحمن العثيمين في تعليقه على "المقصد الأرشد" (2/ 460) وأفاد أن له شرحاً جيداً للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي (¬1). ولم يتحقق في من مصدر قديم صحة وجود هذا التأليف، ولعله التبس بنظم المفردات لعز الدين المقدسي! * * * 124 - الأَدَمي (700 هـ وقيل: 815 هـ) هو أحمد بن محمد الأَدَمي، تقي الدين، البغدادي. ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 72) بمؤلفاته، وقال: لم أطلع له على ترجمة. له: ¬

_ (¬1) مفردات مذهب الإمام أحمد في الصلاة للمنيف ص 12.

1 - المنور في راجح المحرر

1 - المنوّر في راجح المحرر. 2 - المنتخب. 1 - المُنوِّر في راجح المُحَرّر أي "محرر" المجد ابن تيمية. ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 19). والعليمي في "المنهج" (5/ 72) وابن عبد الهادي في "جمع الجوامع" كما نقل عنه المنقور في "مجموعه" (1/ 153). • نسخه الخطية: منه نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية رقم (2/ 293) عدد أوراقها (61) ورقة، في حجم (24) سطراً، بخط نسخ، ناقصة من الآخر مع إصابتها ببعض الرطوبة. أوله: "الحمد لله الذي شرف علم الشريعة وفضله ... ويعد: فهذا مختصر في الفقه على مذهب الإمام ... أحمد بن حنبل وسميته: المنور في راجح ... ". وآخره: "أن يشهدا بنصفها عند حاكم ولاية مخصوصة" (¬1). 2 - المُنْتَخَب ذكره المرداوي بإزاء "المنور" في جملة مصادر "الإنصاف". والعليمي في "المنهج الأحمد" (2/ 72). والملاحظ على المرداوي أنه غالباً ما يقرن "المنتخب" بـ (المنوّر) في الذكر، مما يدل على تقاريهما في المنهج. والله أعلم. * * * 125 - ابن أبي الفَتْح البَعْلي (709 هـ) هو محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل، أبو عبد الله، شمس الدين، البعلي. ¬

_ (¬1) نوادر مخطوطات علامة الكوبت الشيخ الدحيان، لمحمد بن ناصر العجمي، ص 70.

1 - المطلع على أبواب المقنع

ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 356). له: 1 - المطلع على أبواب المقنع. 2 - شرح الرعاية. 3 - مختصر المقنع. 4 - تلخيص روضة الناظر. قال ابن رجب: وله تعاليق كثيرة في الفقه والنحو. 1 - المطلع على أبواب المُقْنِع أي "مقنع" الموفق ابن قدامة. ذكره ابن رجب (2/ 357) والعليمي (4/ 380) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 485) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 39) وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 1810) والبغدادي في "الهدية" (2/ 141) وابن بدران في "المدخل" (ص 420). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في مكتبة شسشربتي بإيرلندا الشمالية رقم (3235) عليها عنوان: "المطلع على ألفاظ المقنع" عدد أوراقها (221) ورقة، وخطها نسخ معتاد، نسخها محمد بن عيسى بن عبد الله، البعلي، الحنبلي في القرن الثامن. - ومنه نسخة في مكتبة برنستون بالولايات المتحدة رقم (537). • طباعة الكتاب: طُبع في المكتب الإسلامي على نسختين خطيتين غير ما ذكرنا، وصدر سنة (1385 هـ/ 1965 م) في مجلد. وعليه تعليقات للشيخ شعيب الأرنؤوط ومحمد محمد شُرّاب. ثم أُعيد طبعه في المكتب الإسلامي أيضا بإضافة نسخة ثالثة، ومعه "معجم ألفاظ الفقه الحنبلي"، وهو عبارة هن فهرس ألفاظ للمطلع صنعه

محمد منير الأدلبي. وصدر سنة (1410 هـ/ 1981 م). وقام الباحثان عبد ريه بن موسى الزهراني ومحمد تركي عمر بتحقيقه وتقديمه لنيل درجة الماجستير من جامعة أم القرى سنة (1413 هـ). • وصف الكتاب: حلَّ البعلي في هذا الكتاب الألفاظ واللغات الغريبة الواقعة في متن "المقنع" لإبن قدامة المقدسي، وتعرّض لإعراب بعض الألفاظ التي قد يقع فيها الغلط. ورتب الكتاب على الأصل؛ فيذكر تراجم الكتب والأبواب والفصول من"المقنع"، ثم يذكر الكلمات الغريبة أو الا صطلاحية: مفردات ومركبات، ويأتي عليها بالشرح والإيضاح. وفي ذلك يقول: " ... فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ في كتاب "المقنع" مشكلة في الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل .. وربما ذكرت فيه إعراب بعمق اللفظات التي قد يُغلط فيها. وهو مرتب على أبوابه -أي المقنع- ولا تُؤخر اللفظة من باب إلى آخر غالباً إلّا أن تكون مضافة إلى بعض الأبواب، فتذكر ثَمَّ، كلفظة الغسل، والصلاة، والزكاة؛ والحج، والجهاد، ونحو ذلك، فتطلب في أول ذلك الباب" (¬1). وأما الأعلام الواردة في المتن فقد عقد لها قسماً مفرداً في آخر الكتاب وترجمها فيه؛ بادئاً باسم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخاتماً بترجمة المصنف صاحب "ألمقنع". ويبدو لمن يطالع هذا الكتاب أن البعلي كان عالي الكعب في المعرفة باللغة ومصادرها، فكتابه غني بالمصادر اللغوية، وكتب غريب الحديث، والقراءات والنحو، وغير ذلك. ولا غرابة في ذلك، فالرجل معدود في جملة النحاة، إذ هو تلميذ ابن مالك، وشارح ألفيته، قال عنه الذهبي في "معجمه" (¬2): كان إِماما في المذهب والعربية والحديث. وقال ابن بدران ين هذا الكتاب: "فسر به الكلمات الغريبة الواقعة في "المقنع" على نمط "المغرب" ¬

_ (¬1) المطلع ص 1. باختصار. (¬2) 2/ 324.

2 - شرح الرعاية

للحنفية و"المصباح" للشافعية، غير أنه رتبه على أبواب الكتاب، لا على حروف المعجم" (¬1). وقال في موضع آخر: "أجاد في مباحث اللغة، ونقل في كتابه فوائد منها دلت على رسوخ قدمه في اللغة والأدب، وكثيراً ما يذكر فيه مقالاً لشيخه الإمام محمد بن مالك المشهور، ورتب كتابه على أبواب "المقنع"، ثم ذيله بتراجم ما ذكر في "المقنع" من الأعلام، فجاء كتابه غاية في الجودة" (¬2). 2 - شرح الرِّعاية ذكره ابن رجب (2/ 357) قال: ابتدأ فيها. يعني ولم يكملها. وكذا ذكره العليمي (4/ 380) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 908) والبغدادي في "الهدية" (2/ 141). 3 - مُختصر المُقْنع • نسخه الخطية: منه نسخة في المكتبة البلدية بالإسكندرية رقم (3831). 4 - تَلخيص رَوْضة الناظر ذكره بروكلمان (2/ 93). وقال الدكتور العثيمين في تعليقه على "المقصد الأرشد" (2/ 486): اختصرها اختصاراً جيداً، رأيته مخطوطاً. وتوجد منه نسخة في المتحف البريطاني رقم (3100/ 7401). ومنها صورة في جامعة أم القرى (66 - أصول الفقه). ملاحظة: وقع في "فهرس الفقه الحنبلي" لمخطوطات أم القرى (ص 32) أن مؤلف "التسهيل في الفقه الحنبلي" هو محمد بن أبي الفتح البعلي (ت 709 هـ). والصواب أن مؤلفه هو محمد بن علي البعلي، المعروف بـ"ابن أسبا سالار" المتوفى سنة (777 هـ). * * * ¬

_ (¬1) المدخل ص 420. (¬2) المدخل ص 439.

126 - الحارثي (711 هـ)

126 - الحارِثي (711 هـ) هو مسعود بن أحمد بن مسعود بن زيد، أبو محمد وأبو عبد الرحمن، سعد الدين، الحارثي، البغدادي، ثم المصري. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 362 - 364). له: شَرح المُقْنع ذكره ابن رجب (2/ 363) قائلاً: شرح قطعة من كتاب "المقنع" في الفقه من العارية إلى آخر الوصايا. وكذا ذكره العليمي (4/ 386) والبغدادي في "الهدية" (2/ 429). وأحال عليه ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (3/ 390، 399). واعتمده المرداوي في جملة مصادر كتابه "الإنصاف"، ذكر ذلك في المقدمة (ص 21). ويرد ذكر هذا الكتاب في المصنفات الفقهية والأصولية باسم صاحبه عادة، فيقال له: الحارثي، كما نجد ذلك في "قواعد ابن اللحام" الذي استكثر من الإحالة على هذا الكتاب. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دارالكتب المصرية رقم (6 - فقه حنبلي). ويبدو من خلال ما نقله ابن اللحام أن الحارثي أبان في هذا الشرح عن قريحة فقهية متينة، فإنه كثيراً ما يزيف ويتعقب ويبحث مع الأصحاب، كما أن له تخريجات وتوجيهات واختيارات يعبر عنها بقوله تارة: "هذا أقيس" وتارة: "هذا هو الحق"، ونحو ذلك. * * * 127 - ابن شَيْخ الحِزامِيِّين (711 هـ) هو أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مسعود بن عمر، أبو العباس، عماد الدين، الواسطي، المعروف بـ "ابن شيخ الحزاميين".

1 - البلغة: مختصر الكافي

ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 356 - 361). له: 1 - البلغة: مختصر الكافي. 2 - البلغة والإقناع في حل شبهة مسألة السماع. 1 - البُلْغَة: مختصر الكافي ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 359) قال: في مجلد، والعليمي (4/ 384) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 73) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 46) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 479) وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 252) بإزاء "البلغة والإقناع". وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 41). 2 - البلْغَة والإقناع في حَل شُبهة مسألة السّماع ذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 252) قال: وهو مختصر أوله: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب .. إلخ. اللهُ في دمشق سنة ثلاث وسبع مئة، وله بلغة أخرى في الفقه الحنبلي. اهـ. وذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 154) وقال كحالة في "معجم المؤلفين" (1/ 89): "واختصر الكافي وسماه البلغة والإقناع ..... ". وهذا خلط بين كتابين مختلفين. * * * 128 - الطُّوفي (716 هـ) هو سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بن سعيد، أبو الربيع، نجم الدين، الطوفي الصَّرْصَري. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 366 - 375) وحط عليه بنسبته إلى الرفض، ولم يثبت ذلك عليه عند التحقيق (¬1). ¬

_ (¬1) ينظر مقدمة تحقيق "شرح مختصر الروضة" ص 33 - 38.

1 - مختصر الروضة = البلبل في أصول الفقه

له (¬1): 1 - مختصر الروضة = البلبل في أصول الفقه. 2 - شرح مختصر الروضة. 3 - شرح الخرقي. 4 - القواعد الكبرى. 5 - القواعد الصغرى. 6 - مقدمة في علم الفرائض. 7 - مختصر الحاصل. 8 - مختصر المحصول. 9 - معراج الوصول إلى علم الأصول. 10 - درء القول القبيح في التحسين والتقبيح. 11 - عَلَم الجَذِل في عِلْمِ الجَدَل. 12 - الآداب الشرعية. 1 - مختصر الروضة = البُلبُل في أصول الفقه ويسمى أيضاً: مختصر الطوفي. ذكره ابن رجب (2/ 367) والعليمي (5/ 6) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 930). لكنه أورده لدى تعداد الشروح والإختصارات الموضوعة على كتاب "روضة الطالبين وعمدة المفتين" للنووي الشافعي (ت 676 هـ). وذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 41) وابن بدران في "المدخل" (ص 462). وأحال عليه ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (3/ 445، 487). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخةٌ في المكتبة السعودية بالرياض رقم (93/ 86) منسوخة بخط ابن حميد صاحب "السحب الوابلة"، نسخها في شهر رمضان سنة ¬

_ (¬1) وتفت على 53 كتاباً من مصنفاته، ينظر المصدر السابق ص 24 - 32.

(1270 هـ) في المسجد الحرام بمكة المشرفة. وذكر له الدكتور مصطفى زيد نسخة على فيلم بمعهد المخطوطات العربية (¬1). ولم يتم الوقوف عليه في فهرس المخطوطات المصورة. وذكر له بروكلمان (2/ 93) نسخة في المكتبة البلدية بالإسكندرية (19 - أصول). وفي جامعة الملك سعود بالرياض نسخة منه برقم (1837) عدد أوراقها (52) ورقة، نسخها سليمان الصنيع في القرن الرابع عشر الهجري عن نسخة منسوخة سنة (754 هـ) نسخها حسن بن محمد بن أحمد، الحنبلي، المقدسي. ولديَّ نسخة مصورة عنها. • طباعة الكتاب: - طُبع مفرداً في مؤسسة النور للطباعة والتجليد بالرياض سنة (1383 هـ / 1963 م) باسم "البلبل" في حجم صغير. ثم أعادت نشره مكتبة الإمام الشافعي بالرياض سنة (1410 هـ/ 1995 م). - وطُبع مع شرحه، كما سيأتي. • وصف الكتاب: هو متن في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، اختصره من "روضة الناظر وجنة المناظر" للموفق ابن قدامة -رَحِمَهُ اللهُ-. وقد وشَّاه بمقدمة لطيفة تشتمل على ثناء على الله -عَزَّ وَجَلَّ- وصلاة على رسوله الأكرم، ثم دعاء وصله ببيان مقصده بهذا التصنيف قائلاً: " ... وأسالك التسديد في تأليف كتاب في الأصول، حَجْمه يقصر، وعِلمه يطول، متضمن ما في الروضة القدامية، الصادرة عن الصناعة المقدسية، غير خال من فوائد زوائد، وشوارد فرائد، في المتن والدليل، والخلاف والتعليل، مع تقريب الإفهام على الأفهام، وإزالة اللبس عنه مع الإبهام. حاوياً لأكثر مِنْ عِلمه، ¬

_ (¬1) المصلحة في التشريع الإسلامي ص: 95، 99،

في دون شطر حجمه، مُقرًّا له غالباً على ما هو عليه من الترتيب، وإن كان ليس إلى قلبي بحبيب ولا قريب" (¬1). ويمكن أن نستخلص من هذه المقدمة مميزات مختصر الروضة فيما يلي: 1 - سلك فيه مسلك الإيجاز، وهو فنّ بلاغي لا ينقاد إلا للنحارير، فحافظ على مضمون الأصل مع وجازة العبارة وقلة الألفاظ. والطوفي معدود من المتفنين المشاركين في علوم اللغة مشاركة واسعة، إلى جانب فني الأصول والجدل. 2 - اشتماله على فوائد قيمة زائدة على ما في "الروضة" لا تقتصر على ناحية معينة، بل هي في كل مجال: في المتن، بإضافة قضايا ومسائل، وفي الإستدلال بإيراد بعض النصوص التي لم يتعرض لها صاحب "الروضة"، وفي نقل الخلاف وتحقيقه بتصويب عزو الآراء إلى أصحابها، وفي تعليل المسائل بذكر ما يمكن أن يكون دليلاً عليها أو علة لها. 3 - سهولة العبارة ووضوح المعنى والتجافي عن الغموض والإبهام في المفردات والتراكيب، وهي ميزة لا توجد في غيره من المتون التي يصل الإيجاز في معظمها إلى حد الإلغاز. 4 - متابعة ترتيب المسائل في المختصر لترتيبها في "الروضة" غالباً. كما أنه أسقط المقدمة المنطقية الموجودة في الأصل؛ معلّلاً هذا التصرف بقوله: "أني أنا لا أحقق ذلك العلم، ولا الشيخ أيضاً كان يحققه، فلو اختصرتها لظهر بيان التكليف عليها من الجهتين، فلا يتحقق الإنتفاع بها للطالب" (¬2). وقال عنه الحافظ ابن حجر: اختصره على طريقة ابن الحاجب، حتى إنه استعمل أكثر ألفاظ المختصر (¬3). • الأعمال التي تمت عليه: له عدة شروح، منها: ¬

_ (¬1) مختصر الروضة مع شرحه 1/ 92 - 96. (¬2) شرح مختصر الروضة 1/ 100 - 101. (¬3) الدرر الكامنة 2/ 154 - 157، المدخل لإبن بدران: ص 462.

2 - شرح مختصر الروضة

1 - شرح المؤلف نفسه، سيأتي. 2 - شرح علاء الدين العسقلاني الكناني (¬1). ذكره ابن بدران وقال: ولم أره، ولكن رأيت علاء الدين المرداوي ذكره (¬2). 3 - شرح القاضي محب الدين أحمد بن نصر الله الكناني المصري (ت 844 هـ). ذكره ابن عبد الهادي في ترجمة حفيده الشيخ عز الدين المصري (ت 876 هـ) (¬3). 4 - شرح العلاء المرداوي (ت 885 هـ). شرح قطعة منه. 2 - شرح مُختصر الرّوْضة أي: شرح البلبل المتقدم ذكره. ذكره ابن رجب (2/ 367) وقال: في ثلاث مجلدات. والعليمي (5/ 6) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 41) وابن بدران في "المدخل" (ص 464). وذكره الذهبي واليافعي وابن حجر والسيوطي وحاجي خليفة والخوانساري وبروكلمان (¬4). • مخطوطات الكتاب: - منه نسخة في دار الكتب الظاهرية رقم (5853) عدد أوراقها (285) ورقة، في حجم (29) سطراً، بخط نستعليق، نسخ أحمد بن عبد الله ¬

_ (¬1) لعله هو علي بن محمد بن علي بن عبد الله قاضي القضاة (ت 776 هـ). ترجمه في "المنهج الأحمد" (5/ 146). وقد ذكر بروكلمان (2/ 93) أنه يوجد مختصر الروضة للطوفي مع شرحِ لعلاء الدين علي بن محمد بن عبد الله الكناني العسقلاني عنوانه: "شقائق الروض النضر" في مكتبة توبنجن رقم (106). وذكر مصطفى زيد في كتابه "المصلحة" (ص 95) أن في مكتبة الأزهر نسخة وحيدة مخطوطة من مختصر الروضة القدامية بشرح لقاضي القضاة الشيخ علاء الدين علي بن محمد ابن عبد الله بن أبي الفتح الكناني العسقلاني، محفوظة برقم (283 - أصول فقه) وهي من مخطوطات القرن التاسع نسخها بخطه عام (833 هـ) سبط الشارح الشيخ أحمد بن إبراهم بن نصرالله الكناني العسقلاني وترجم لجده فيها. وتوجد منه نسخة في أم القرى (72 - أصول فقه). وقد حقق القسم الأول منه إلى نهاية الكلام على الإجماع الدكتور حمزة الفعر في رسالة قدمها إلى جامعة أم القرى سنة (1399 هـ / 1975 م) لنيل الدكتوراه. (¬2) المدخل ص 462. (¬3) الجوهر المنضد ص 7. (¬4) مقدمة تحقيق شرح مختصر الروضة ص 28.

العكري، سنة (870 هـ). - ونسخة أخرى في الظاهرية أيضاً رقم (97)، وهي تقع في جزأين: الأول: عدد أوراقه (245) ورقة. الثاني: عدد أوراقه (222) ورقة. مسطرتها (25) سطراً، بخط نسخي حسن. - ونسخة ثالثة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد رقم (4135). وهي تحتوي على الجزء الأول فقط، عدد أوراقه (106) ورقات، في حجم (17) سطراً، بخط نسخي مقروء، نسخ محمد بن محمد بن محمد، الحنبلي الطرابلسي، نسخها في القرن التاسع. - ونسخة رابعة محفوظة في المغرب في الخزانة العامة بالرباط برقم (632/ 40)، ولها صورة في جامعة أم القرى برقم (215) عدد أوراقها (337) ورقة، في حجم (29) سطراً. - ونسخة خامسة في مكتبة الحرم المكي برقم (46 - أصول فقه) وهي نسخة مخرومة من آخرها، عدد أوراقها (225) ورقة، في (21) سطراً، بخط نسخي جميل، نسخ أحمد بن علي الشجري، الشافعي، سنة (799 هـ). • طباعة الكتاب: يسَّرَ الله لي -بمنِّه وكرمه- تحقيق هذا الكتاب، وتَمّت المقابلة على النسخ الخطية المذكورة، بالإضافة إلى نسخة سادسة تفضل بها الأخ الشيخ علي الصالحي جزاه الله خيراً، وهي من مخطوطات المكتبة العمرية التي كانت في صالحية دمشق. وصدر عن مؤسسة الرسالة سنة (1407 هـ / 1987 م) في ثلاثة مجلدات كبار. وطُبع في مطابع الشرق الأوسط بالرياض سنة (1409 هـ/ 1989 م)

بتحقيق الدكتور الفاضل إبراهيم بن عبد الله بن محمد آل إبراهيم، قدمه رسالة دكتوراه إلى جامعة أم القرى. كما حقق الجزء الثاني منه الدكتور بابا ابن بابا آدو، في رسالة دكتوراه بنفس الجامعة سنة (1408 هـ). • وصف الكتاب: هو شرح لكتابه "مختصر الروضة"، أوضح فيه عبارة المتن، وحلّ مقفلها، وجلّى خفيها، واستكمل الأدلة والتعليلات بطريقة جدلية تؤلف بين الإعتراضات والأجوية، والإيرادات والدفوع، في أعقاب عرض المسائل والدلائل عرضاً واضحاً، مع تحرير محل النزاع، وبيان الآراء معزوة لأصحابها، مع العناية الكبيرة ببيان وجوه الدلالة من النصوص في صياغة منطقية، يسبكها سبكاً خفياً في أسلويه الأدبي الرائع. كلل ذلك في تعمق من التحليل، واستقلالية في التدليل والتعليل، والتصحيح والتزييف (¬1)، والنقد والترتيب، والإختيار والترجيح. فجاء الكتاب واضحاً في العبارة بسيطاً في التركيب، معانيه جلية تامة الوضوح من غير إخلال بدقة التعبير وتوظيف المصطلحات، حتى إنه يتجانف عن الأساليب التي تواضعت عليها كتب الأصول المطولة والمختصرة في عصره، وهذا من بدائع ما في هذا الكتاب. إلى جانب هذا تبرز قيمة الكتاب في غنائه بالأقوال وثرائه بالنقول وأسماء المؤلفين والكتب والنصوص. وقد قرظه ابن بدران بقوله: "وقد شرحه -أي مختصر الروضة- مؤلفه في مجلدين، حقق فيهما فن الأصول، وأبان فيه عن باع واسع في هذا الفن، واطلاع وافر. وبالجملة: فهو أحسن ما صنف في هذا الفن وأجمعه وأنفعه، مع سهولة العبارة، وسبكها في قالب يدخل القلوب بغير استئذان" (¬2). ونظراً لهذه القيمة العلمية المتعددة الفنون التي يحظى بها هذا الشرح، ¬

_ (¬1) وإن من أروع الأمثلة لذلك ذبه -في أثناء مباحث المصالح المرسلة- عن مذهب الإمام مالك وأصحابه في خصوص ما نُسب إليه من القول بجواز قتل ثلث الخلق استصلاحاً للثلثين، حقق نفي ذلك بالرجوع إلى مصادر المالكية: كتباً وشيوخاً معاصرين له. (¬2) المدخل ص 462.

3 - شرح الخرقي

فقد اعتمد عليه كثير من أكابر العلماء في مؤلفاتهم الأصولية، كالعلاء المرداوي في "التحرير" وابن النجار الفتوحي في "شرح الكوكب المنير". 3 - شَرح الخِرَقي ذكره ابن رجب (2/ 367 - 368) وقال: شرح نصفه. وكذا العليمي (5/ 6). وذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 21) في جملة مصادره، قال: قطعة إلى النكاح. 4 - القَواعد الكُبرى ذكره المصنف في كتابها شرح مختصر الروضة" (3/ 330، 426، 661، 705)، وابن رجب (2/ 367) والعليمي (5/ 6) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1359) والبغدادي في "الهدية" (1/ 401) وابن بدران في "المدخل" (ص 459). 5 - القَواعد الصغرى ذكره المصنف في كتابه "شرح مختصر الروضة" (1/ 184، 214، 2/ 47، 507، 3/ 139، 209، 276، 661) وابن رجب (2/ 367) والعليمي (5/ 6) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1359) والبغدادي في "الهدية" (1/ 401)، وابن بدران في "المدخل" (ص 459). 6 - مُقدمة في علم الفَرائض ذكره ابن رجب (2/ 368) والعليمي (5/ 6). 7 - مُختصر الحاصِل أي "حاصل" تاج الدين محمد بن حسين الأرموي (ت 656 هـ) اختصر فيه "محصول" الرازي. ذكره المصنف في كتابه "شرح مختصر الروضة" (1/ 199، 426) وابن رجب (2/ 367) والعليمي (5/ 6) والبغدادي في "الهدية" (1/ 400)

8 - مختصر المحصول

ونسب الحاصل للرازي! وذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 467). 8 - مختصر المحصول أي "محصول" الرازي. ذكره ابن رجب (2/ 367) والعليمي (5/ 6) وابن بدران في "المدخل" (ص 241). 9 - مِعراج الوصول إلى علم الأصول ذكره ابن رجب (2/ 367) وقال: في أصول الفقه. والعليمي (5/ 6) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1738) والبغدادي في "الهدية" (1/ 401). وابن بدران في "المدخل" (ص 467) والزركلي في "الأعلام" (3/ 128). 10 - دَرْء القَول القَبح في التّحسين والتّقبيح ذكره ابن رجب (2/ 367) والعليمي (5/ 6) والبغدادي في "الهدية" (1/ 401) وسماه: رد القول ... وذكره المصنف في كتابه "شرح مختصر الروضة" (1/ 202، 241، 281، 402، 410) باسم: "رد القول ... ". وذكره فيه (1/ 122، 172، 199، 234، 269، 2/ 139، 422، 3/ 476، 615، 661) باسم: "إبطال التحسين والتقبيح". • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة شهيد علي -السليمانية- بإستانبول، ضمن مجموع برقم (2315)، عدد أوراقها (83) ورقة، في حجم (24) سطراً، نسخت سنة (727) هـ، بقلم محمد بن عبد الواحد البغدادي عن نسخة المصنف. وهذا الكتاب تطرق فيه المؤلف إلى مسألة جوهرية في أصول التكليف الشرعي وطرق معرفته، وهي تأثير العقل في الحكم على الأفعال التكليفية بالحسن والقبح. وما يترتب على ذلك من فروع: كشكر المنعم، والعفو عن

11 - علم الجذل في علم الجدل = جدل القرآن

فاعل الكبيرة إذا مات ولم يتب منها، وأحكام الأفعال قبل ورود الشرع، وتكليف ما لا يطاق، ويعض الفروع المتعلقة بذلك في أصول الدين وأصول الفقه، وتكليف المُكره، وبيان الفرق بين فَسَقة الملة اللإسلامية ويين كفرة أهل الملل الأخرى؛ تبعاً لأسباب الفسوق والكفر، ويحث التكليف بالمعدوم، وحكمة التكليف بالكفارات الشرعية، وتحقيق الفرق بين المسائل الإجتهادية والقطعية. وقدّم لذلك ببيان "العقل" لفظاً ومعنى، وتحديد محله من الجسد، وهل يختلف بالقلة والكثرة والكمال والنقص. ثم جاوز إلى صلب الموضوع، وهو خلق أفعال العباد، والرد على المعتزلة في ذهابهم إلى أن العبد يخلق أفعاله الإختيارية. وبهذا الوصف العام الذي تصيدته من كتابه "شرح مختصر الروضة" يبدو أن مباحث الكتاب تأخذ بطرف كبير من أصول الدين، ولكن بما أن الأصوليين أدخلوا هذا البحث في كلامهم على مصدر المعرفة والتلقي لأحكام التكليف، صار من أهم الأبحاث التمهيدية لهذا الفن، وبالتالي فإن هذا الكتاب يعتبر أوسع ما أُلّف في بحث هذه المسألة الخطيرة، وتحقيق الحق فيها. 11 - عَلَم الجَذِل في عِلْم الجَدَل = جَدَل القُرآن قال ابن رجب (2/ 367): له مصنف في الجدل، وآخر صغير. وكذا قال العليمي (5/ 6). ولعله يشير بأحدهما إلى هذا الكتاب، كما قال الطوفي في مقدمته: "أما بعد: فهذا كتاب ألَّفته في الجدل والمناظرة بحسب ما اقتضته القريحة المستخرجة، والقوة الناظرة، ... ومن شاء فليُسمِّه: عَلَم الجَذِل في عِلْم الجَدَل، إذ كان لغرابة وضعه وطريقته يصلح أن يكون عَلماً على انشراح صدر الناظر فيه وسَعته". انتهى الطوفي من تصنيف هذا الكتاب سنة (709) هـ. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة السليمانية بتركيا ضمن مجموع برقم

12 - الآداب الشرعية

(2315)، عدد أوراقها (64) ورقة، نسخها محمد بن عبد الواحد البغدادي سنة (727 هـ) عن نسخة بخط المصنف. ومنه نسخة أخرى في مكتبة داماد زاده - مراد ملاّ - ضمن مجموع برقم (30) عدد أوراقها (56) ورقة نسخها محمد بن محمد الباهي الشيبي سنة (769 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب ضمن النشرات الإسلامية التي تصدرها جمعية المستشرقين الألمان بتحقيق فولفهارت هانيريش سنة (1408 هـ / 1987 م). • وصف الكتاب: بدأ الطوفي كتابه كبقية الكتب التي تتحدث عن الجدل، حيث بين حكمه شرعاً وتعرض لذكر آدابه وأركانه، إلا أنه جعل الباب الخامس لاستقراء أكثر ما في الكتاب العزيز من الوقائع الجدلية وتَخرُّجها على القواعد الاستدلالية على ترتيب السور والآيات، وكذلك ذكر في خاتمة الكتاب جملة من المناظرات الجدلية الواقعة في ماضي الزمان بين الناس. 12 - الآداب الشرعية ذكره المصنف في كتابه "شرح مختصر الروضة" (1/ 80)، وفي كتابه "الانتصارات الإسلامية في رَد شُبَه النصرانية" الورقة (154/ أ). * * * 129 - محمد الجِيْلي (723 هـ) هو محمد بن محمود، أبو عبد الله، شمس الدين، الجِيلي البغداي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 376). له: الكفاية في الفقه ذكره ابن رجب (2/ 376) وقال: لم يتمه. وذكر فيه: أن أحمد نص على أن من وصّى بقضاء الصلاة المفروضة عنه نفذت وصيته. اهـ. وكذا

130 - شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ).

ذكره العليمي (5/ 14) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 111). * * * 130 - شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة (728 هـ). هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله، أبو العباس، تقي الدين، الحرّاني ثم الدمشقي، شيخ الإسلام. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 387) ومن لا يحصى من المؤلفين (¬1). له (¬2): 1 - بيان الدليل على بُطلان التحليل (¬3). 2 - تحرر الكلام في حادثة الأقسام. وسماه بعضهم: "التحرير في مسألة حفير". 3 - رَفع الملام عن الأئمة الأعلام. 4 - السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية (¬4). 5 - تعليقة على "المحرر في الفقه" لجد 5 مجد الدين في عدة مجلدات. ويسمى: "التعليق المقرر على المحرر". ¬

_ (¬1) وينظر "شيخ الإسلام ابن تيمية وجهوده في الحديث وعلومه" للدكتور عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي. فقد حاول أن يستقصي المؤلفات والأبحاث والدراسات المتعلقة بشيخ الإسلام وجهوده العلمية. (¬2) اعتمدت في ذكر مؤلفاته على "العقود الدرية" لمحمد بن عبد الهادي المقدسي الصالحي (ت 744 هـ). (¬3) منه نسخة في شستربتي (5354) في (9) ورقات بخط نسخ واضح كنبت في القرن الثامن تقريباً. ومنها صورة في جامعة أم القرى (37). وطُبع في مطبعة كردستان العلمية بالقاهرة سنة (1328 هـ/ 1910 م) بعنوان: "إقامة الدليل على بطلان التحليل". وقال الطوفي عن هذا الكتاب في "شرح مختصر الروضة" (3/ 214): "وقد صنف شيخنا تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ- كتاباً بناه على بطلان نكاح المحلِّل وأدرج فيه جميع قواعد الحيل، ويين بطلانها بأدلته على وجه لا مزيد عليه". (¬4) طُبع في المطبعة الخيرية بالقاهرة (1332 هـ / 1913 م) وبالمطبعة السلفية سنة (1387 هـ / 1968 م) تحقيق محب الدين الخطيب. وطُبع عدة طبعات أخرى، بالإضافة إلى طباعته ضمن "مجموع الفتاوى" وتوجد منه نسخة خطية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (10/ 13822 مجاميع).

6 - شرح قطعة من كتاب "العمدة" في الفقه للشيخ موفق الدين. قال ابن القيم في "أسماء مؤلفات ابن تيمية" (ص 26): في أربع مجلدات (¬1). 7 - الفتاوى المصرية، وتسمى: "الدُّرَر المضية من فتاوى ابن تيمية" (¬2). وهي تتضمن قطعة كبيرة من فتاويه الفروعية، جمعها بعض أصحابه، وبوبها على أبواب الفقه، تقع في عدة مجلدات. 8 - كتاب في المناسك: في بيان صفة حج النبي، والجمع بين النصوص في ذلك، والكلام في متعة الحج، والعمرة المكية، وما يتعلق بذلك، وطواف الحائض. يقع في أكثر من مجلدين (¬3). 9 - قاعدة في الإجماع وأنه ثلاثة أقسام. 10 - قاعدة كبيرة في أصول الفقه. غالبها نقل أقوال الفقهاء (¬4). 11 - قاعدة فيما يظن من تعارض النص والإجماع. 12 - قواعد فقهية في مسائل من النذور والأيمان ونكاح الشغار وما يستقربه المهر ونحو ذلك. في مجلد. 13 - قواعد في المغالبات، وما يحل من الرهن وهل يفتقر إلى محلل. في مجلد. ¬

_ (¬1) طُبع شرح كتاب الطهارة بتحقيق ودراسة الدكتور سعود بن صالح العطيشان، ونشرته مكتبة العبيكان في الرياض سنة (1412 هـ/ 1992 م) في مجلد واحد. كما طُبع شرح كتاب الصلاة من أوله الى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة بتحقيق الشيخ خالد بن علي بن محمد المشيقح. نشرته دار العاصمة بالرياض (1418 هـ/ 1997 م). وطُبع كتاب الصيام منه بتحقيق الشيخ زايد بن أحمد النشيري، في مجلدين، نشرته دار الأنصاري للنشر والتوزيع سنة (1417 هـ/ 1997 م). وطُبع شرح كتاب الحج بتحقيق الدكتور صالح بن محمد الحسن في مجلدين، نشرته مكتبة الحرمين في الرياض سنة (1409 هـ/ 1989 م). (¬2) يوجد مخطوط من مختصره في مكتبة جامع عنيزة بقلم سليمان بن عبد العزيز بن محمد البسام، وهي عارية من ابن الناسخ محمد في المكتبة (علماء نجد 3/ 271). وطُبع هذا المختصر في مطبعة السنة المحمدية سنة (1368 هـ/ 1949 م) بتصحيح عبد المجيد سليم. (¬3) طُبع في المطبعة الشرقية بالقاهرة سنة (1324 هـ/ 1906 م) على نفقة شركة الكتب العلمية، بتصحيح حسن الفيومي إبراهيم. (¬4) طُبع لإبن تيمية كتاب بعنوان "القواعد النورانية" -وهو موجود ضمن مجموع الفتاوى- بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، في مطبعة السنة المحمدية سنة (1370 هـ/ 1951 م). وظن المحقق أنها هي نفس محتوى كتاب "قاعدة كبيرة ... ". والله أعلم بالحقيقة.

14 - قواعد في المائعات والمياه وأحكامها وفي الميتة إذا وقعت في المائعات والكلام على حديث القلتين وما يتعلق بذلك. 15 - قواعد في الوقف وشروط الواقفين وما يعتبر منها وفي إبداله بأجود منه، وفي بيعه عند تعذر الإنتفاع ونحو ذلك. أكثر من مجلد. 16 - قاعدة كبيرة في تفضيل مذهب الإمام أحمد وذكر محاسنه. نحو مجلد. 17 - قاعدة في تفضيل مذهب أهل المدينة تسمى: "المالكية". 18 - قواعد في الإجتهاد والتقليد وفي الأسماء التي علق الشارع بها الأحكام. مجلد. 19 - قواعد في المجتهد في الشريعة: هل يأثم إذا أخطأ الحق؟ وهل المصيب واحد؟ ونحو ذلك. أكثر من مجلد. 20 - قاعدة في شمول النصوص للأحكام. 21 - قاعدة في تقرير القياس في مسائل عدة والرد على من يقول: هي على خلاف القياس (¬1). 22 - قاعدة في لعب الشطرنج وأنه حرام. 23 - قواعد في السفر وما يتعلق به. 24 - قواعد في الكنائس وأحكامها وما يجوز هدمه منها وإبقاؤه وما يجب هدمه وأجوبة تتعلق بذلك. نحو مجلدين. 25 - قواعد في رجوع المغرور على من غره، وفي استقرار الضمان، وفي بيع الغرر، والشرط في البيع، والنكاح، وغير ذلك. نحو مجلد. 26 - قاعدة في مقدار الكفّارة في اليمين. ¬

_ (¬1) طُبع في المطبعة السلفية بالقاهرة سنة (1346 هـ/ 1928 م) بعنوان: القياس في الشرع الإسلامي في (236 ص). وأعيد طبعه في دار الآفاق الجديدة ببيروت سنة (1395 هـ/ 1975 م). وطُبع في المطبعة الشرقية بالقاهرة سنة (1323 هـ / 1906 م) بتصحيح حسن الفيومي إبراهيم، على نفقة شركة طُبع الكتب العلمية، ضمن "مجموعة الرسائل الكبرى"، وعنوانه: معنى القياس.

27 - قاعدة في طَهارة بول ما يُؤكل لحمه. ذكر فيه نحو ثلاثين حجة على ذلك. 28 - قاعدة في معاهدة الكفار المطلقة والمقيدة. 29 - قاعدة في مُفطرات الصائم. 30 - قاعدة فيما شرعه الله تعالى بوصف العموم والإطلاق: هل يكون مشروعاً بوصف الخصوص والتقييد؟ 31 - قاعدة في أن العامّي هل يجب عليه تقليد مذهب معين أم لا. 32 - قاعدة في تعليق العقود والفسوخ بالشرط. 33 - قاعدة في الأَنبذَة والمسكرات. 34 - قاعدة في الحسْبة. 35 - قاعدة في الأطعمة وما يحل منها وما يحرم، وتحرير الكلام على الطيبات والخبائث. 36 - قاعدة في اشتراط التسمية على الذبائح والصيد. 37 - قاعدة في ضمان البساتين: هل يجوز أم لا؟. 38 - قواعد في النهي: هل يقتضي فساد المنهي عنه. 39 - قاعدة في زكاة مال الصبي. 40 - قاعدة في الأَقْراء هل هي الحيض أو الأطهار؟ واختار أنها الحِيض. 41 - قاعدة في السُّكْر وأسبابه وأحكامه. 42 - قاعدة تتعلق بمسائل من التيمم والجمع بين الصلاتين. تسمى: "تيسير العبادات لأرباب الضرورات". 43 - قاعدة في تحريم الشبّابة (¬1). ¬

_ (¬1) منه نسختان في شستربتي باسم "فتوى في السماع": الأولى: رقم (3292) في (12) ورقة والثانية رقم (3296) في (6) ورقات. ونسخة في الظاهرية (7429) في (19) ورقة.

44 - قاعدة في العقود اللازمة والجائزة (¬1). 45 - قاعدة في ذبائح أهل الكتاب. 46 - قاعدة في الكلام على العِدَد. 47 - قاعدة في الجمعة هل يشترط لها الإستيطان؟ 48 - قاعدة في المسح على الخفين، وهل يجوز على المقطوع؟ 49 - قاعدة في حلق الرأس: هل يجوز في غير النسك لغير عذر؟ 50 - قواعد في الإستجمار، وفي الأرض: هل تطهر بالشمس وبالريح؟ 51 - قواعد في نواقض الوضوء وفي المحرمات في النكاح. 52 - قاعدة في الجَدّ: هل يجبر البكر على النكاح؟ وفي الإستئذان من الأب: هل يجب؟ 53 - المظالم المشتركة وأحكامها (جواب عن سؤال). 54 - قاعدة في القراءة خلف الإمام. 55 - أجوبة في الصلوات المبتدعة كصلاة الرغائب ونصف شعبان، ونحو ذلك. 56 - بيع المسلَم فيه قبل قبضه: هل يجوز؟ 57 - لمحة المُختَطِف في الفرق بين الطلاق والحَلِف (¬2). ومعظم التصانيف السابقة توجد حالياً مطبوعة ضمن "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" من جمع وترتيب الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي (ت 1392 هـ) -رَحِمَهُ اللهُ- وأجزل له المثوبة. فقد عمد هذا الشيخ إلى رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية، وفتاويه، ومختصرات كتبه في العقائد والتوحيد والتفسير والحديث والفقه وعلم السير والسلوك وأصول ¬

_ (¬1) منه نسخة في خزانة الأستاذ عبد القادر المغربي في دمشق (12) باسم "القاعدة في العقو". مجلة معهد المخطوطات 5/ 224. وطُبع في المطبعة العامرة الشرقية بالقاهرة سنة (1323 هـ/ 1905 م). ثم طُبع في مطبعة السنة المحمدية باسم "نظرية العقد عند ابن تيمية" بعناية محمد حامد الفقي. (¬2) توجد منها نسخة خطية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (4/ 13853 مجاميع).

131 - الزريراني (729 هـ)

التفسير وأصول الحديث وأصول الفقه، عمد إلى هذا التراث الكبير الكثير المطبوع منه والمخطوط، فحققه وبوبه ورتبه وفهرسه فهرسة مقربة موضحة حتى صارمنه موسوعة إسلامية كبرى، تقع في سبعة وثلاثين جزءاً، ثم أمر بطبعها وتوزيعها على العلماء في داخل المملكة وخارجها الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-. وقد اعتنى الأستاذ الدكتور محمد رشاد سالم بنشر بعض مؤلفاته، وقد فرغته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لهذا الغرض، فكان مثالاً نادراً للعالِم الجادّ والمحقق المخلص، -رَحِمَهُ اللهُ- رحمة واسعة. * * * 131 - الزَّرِيْراني (729 هـ) هو عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل، أبو بكر، تقي الدين، الزَّرِيرَانِي (¬1)، البغدادي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 410). له: 1 - شرح المحرر. 2 - حواشي المغني. 3 - الفروق. 4 - الوجيز. 1 - شرح المحرر أي "محرر" المجد ابن تيمية. ذكره ابن رجب (2/ 411) قائلاً: شرع في شرح المحرر، فكتب من أوله قطعة. وكذا ذكره العليمي (5/ 46). ¬

_ (¬1) نسبة إلى زريران بفتح الأول وكسر الثاني والياء المثناة التحتية فراء مهملة فألف فنون، بلدة بينها وبين بغداد سبعة فراسخ على جادّة الحاج إذا أراد الكوفة من بغداد. معجم البلدان لياقوت 3/ 40.

2 - حواشي المغني

2 - حواشي المغني ذكره ابن رجب (2/ 411) قائلاً: وذُكر أنه طالع "المغني" للشيخ موفق الدين ثلاثاً وعشرين مرة. وكان يستحضر كثيراً منه أو أكثره، وعلق عليه حواشي وفوائد. وكذا ذكره العليمي (5/ 46) وابن مفلح في "المقصد" (2/ 55) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 157). وأحال عليه المرداوي في "الإنصاف" (20/ 58). 3 - الفروق ذكره العليمي (5/ 46). وقال ابن رجب في ترجمة ولده: الشرف عبد الرحيم الزريراني: وقد اختصر "فروق" السامري، وزاد عليها فوائد واستدراكات من كلام أبيه وغيره (¬1). اهـ. فلعل لأبيه تعاليق على الفروق. وذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 19) ولم يبيِّن من هو الزريراني: الأب أم الإبن؟ وفي جامعة أم القرى رسالة دكتوراه بعنوان: "إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل" قدمها عمر بن محمد السبيل سنة (1412 هـ) ولعلها هي الكتاب المذكور. 4 - الوجيز ذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 414) في ترجمة الزريراني. وقال الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 749): "وأما ما ذكره -أي ابن بدران- من تسمية كتاب، آخر باسم "الوجيز" لشيخ السراج الدجيلي: عبد الله بن محمد الزريراني المتوفى سنة (729 هـ)، فلم أر من ذكره بعد البحث والاستقراء، ولعله لما رأى ذكر "الوجيز" في ترجمة الزريراني ممتدحاً له (¬2) وَهِم في عزوه إليه". اهـ. وذكر محققا "شرح الكوكب المنير" (3/ 307) احتمال كون "الوجيز" للزريراني اعتماداً على ما ذكره ابن بدران. * * * ¬

_ (¬1) الذيل 2/ 436. وانظر ص 348 من هذا الكتاب. (¬2) امتدح الزريراني "وجيز" تلميذه الدجيلي، كما سيأتي في الصفحة 336. وهذا مذكور في ترجمة الدجيلي لا الزربراني.

132 - الدجيلي (732 هـ)

132 - الدُّجَيلي (732 هـ) هو الحسين بن يوسف بن محمد بن أبي السري، أبو عبد الله، سراج الدين، الدُّجيلي، ثم البغدادي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 417). له: 1 - الوجيز. 2 - الكافية في علم الفرائض. 1 - الوجيز ذكره ابن رجب (2/ 417) والعليمي (5/ 55) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 350) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 174) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 43) وابن بدران في "المدخل" (206). وذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص: 18 - 19) في جملة المصادر. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية رقم (ص م 180) عدد أوراقها (55) ورقة، بخط نسخي مشكول. - ونسخة في مكتبة راغب باشا الوطنية بإستانبول رقم (1458) عدد أوراقها (55) ورقة، في حجم (25) سطراً، بخط جميل متقن، نسخ أحمد ابن مسعود، النابلسي، سنة (868 هـ). ومنها صورتان في الجامعة الإسلامية (6904/ 1) و (7606/ 2). وقال الدكتور عبد الرحمن العثيمين في تعليقه على "الجوهر المنضد" (ص 28): "ولعل في الأزهرية نسخة، فقد وقع لي كتاب يظهر أنه هو، والله تعالى أعلم. وهو غير قطعة شرح الوجيز للزركشي الوجودة في المكتبة المذكورة (¬1). ¬

_ (¬1) جاء في فهارس المكتبة (2/ 653) في حرف الواو ما يلي: الوجيز، تأليف العلامة شمس الدين =

فتأمل. والغريب أن نُسخ هذا الكتاب اختفت عن الأنظار أو كادت، ولعل ذلك راجع إلى أن العناية به كانت في القرنين الثامن والتاسع فقط، ثم حلّت مختصرات أخرى محله في الشهرة، مما جعله يكاد يفقد في وقتنا هذا". • ما قيل في هذا الكتاب: ورد في ترجمة الدُّجيلي عند ابن رجب وغيره أنه لما ألّف هذا الكتاب عرضه على شيخه الزريراني، فكتب له عليه تقريظاً جاء فيه: " .. ألْفَيته كتاباً وجيزاً كما وسمه جامعاً لمسائل كثيرة وفوائد غزيرة، قلّ أن يجتمع مثلها في أمثاله، أو يتهيأ لمصنِّفٍ أن ينسج على منواله". وقال المرداوي في "الإنصاف" (1/ 23): "بناه على الراجح من الروايات المنصوصة عنه، وذكر أنه عرضه على الشيخ العلّامة أبي بكر عبد الله ابن الزريراني، فهذبه له، إلّا أن فيه مسائل كثيرة ليست المذهب، وفيه مسائل كثيرة تابع فيها المصنِّف (¬1) على اختياره، وتابع في بعض المسائل صاحب "المحرر" و"الرعاية" وليست المذهب". اهـ. وهذا النقد الموجه من المرداوي لهذا الكتاب يمكن أن يفسر به اختفاء "الوجيز" عن الأنظار من لدن نهاية القرن التاسع إلى اليوم، كما سبق للدكتور العثيمين. • الأعمال التي تمت على هذا الكتاب: شُرح، وحُشيّ، ونُظم. • فممن شرحه: 1 - شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي المصري (ت 772 هـ). ¬

_ = محمد بن الزركش الحنبلي، نسخة في مجلد بقلم معتاد قديم، بخط عبد الجواد بن إدريس الأنباري سنة (774 هـ) وبها أكل أرضة وتلويث، في (130) ورقة (25) سطراً 26 سم. اهـ. (¬1) يعني بذلك الموفّق ابن قدامة في خصوص كتابه "المقنع". وكان الدجيلي يحفظ "المقنع"، ومما يلاحظ في تراجم الحنابلة أن من يحفظ متناً في صغره يهتم به في كبره؛ إما شرحاً أو حاشية أو اختصاراً أو يضع كتاباً على منواله، ويحذو فيه حذوه. وهذا يجعلنا نقدر أن يكون "الوجيز" شبيهاً بالمقنع. والله أعلم.

شرح قطعة منه من العتق إلى الصداق. 2 - محمد بن عبد القادر الجعفري النابلسي، الملقب بـ "الجنة" (ت 797 هـ). وهو شرح ناقص. 3 - حسن بن علي بن ناصر بن فتيان. قال في "الجوهر المنضد" (ص 28): وفي بعض نسخ "الوجيز" أنه شرحه في سبع مجلدات، وأنها كلها احترقت في الفتنة (¬1). 4 - محمد بن أحمد بن سعيد عز الدين، المقدسي، النابلسي (ت 855 هـ). 5 - علاء الدين علي بن البهاء الزريراني البغدادي ثم الدمشقي (ت 890 هـ وقيل: 900 هـ). 6 - علي بن محمد الهيتي، البغدادي (ت 900 هـ). 7 - أحمد بن عبد العزيز الفتوحي، المعروف بـ "ابن النجار" (ت 949 هـ) وهو والد صاحب "منتهى الإرادات" وشرحه. 8 - بدر الدين الحسن بن محمد الموصلي. قال في "الجوهر المنضد" (ص 28): وُجد له قطعة من شرح "الوجيز" من الأيمان إلى آخر الكتاب. 9 - الحسن بن عبد الناصر، المقدسي. ذكره المرداوي في "الإنصاف" (1/ 22) قال: قطعة منه من كتاب الأيمان إلى آخر الكتاب. • وممن حشّى الوجيز: 1 - عبد الرحمن بن سليمان بن قدامة، الملقب بـ "أبو شعر" (ت 844 هـ). تتبع في ذلك المسائل التي ليست في المذهب. وقد سبق قريباً كلام المرداوي في التنبيه على كثرة وقوع ذلك في كتابه. 2 - المحب أحمد بن نصر الله البغدادي المصري (ت 844 هـ). ¬

_ (¬1) يعني بذلك الأعمال التخريبية الهمجية التي قام بها تيمورلنك وجنوده لدى اجتياح دمشق سنة (803 هـ). وكانت سبباً في إتلاف كثير من التراث الإسلامي، ومن أنفس ما أتلف من تلك الكنوز: "شرح جامع الترمذي" للحافظ ابن رجب، وهو يبلغ عشرين مجلداً.

2 - الكافية في علم الفرائض

• ونظم "الوجيز": نصر الله بن أحمد التستري، البغدادي (ت 812 هـ). ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 19) في جملة المصادر. 2 - الكافية في علم الفرائض أشار اليه ابن رجب (2/ 418) وقال: له قصيدة لامية في الفرائض. وكذا العليمي (5/ 56) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 350) وابن بدران في "المدخل" (ص 413). وذكرها بهذا الإسم البغدادي في "الإيضاح" (2/ 258) و"الهدية" (1/ 314) قال: منظومة في الفرائض على المذاهب الأربعة (243) بيتاً. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (39 - فقه حنبلي). * * * [133 - ابن عبيدان (734 هـ)] هو عبد الرحمن بن محمود بن عُبيدان، أبو الفَرج، زَيْن الدين، البَعلي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 423). له: 1 - المطلع. 2 - شرح المقنع 3 - زوائد الكافي والمحرر على المقنع. 4 - مختصر المغني. 1 - المُطْلع واسمه الكامل: "المطلع في الأحكام على أبواب المقنع". ويضاف إليه فيقال: "مطلع ابن عبيدان".

2 - شرح المقنع

ذكره ابن رجب (2/ 424) والعليمي (5/ 62) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 188) والبغدادي في "الهدية" (1/ 526) وسماه "الإحكام في أحاديث الأحكام". • مخطوطات الكتاب: منه نسخة مصححة في الظاهرية رقم (335 - حديث) عدد أوراقها (141) ورقة. • تحقيق الكتاب: قال الدكتور عبد الرحمن العثيمين في هامش "الدر المنضد" (2/ 491): حققه صديقنا الشيخ عبد العزيز الغامدي وبعض زملائه ونالوا عليه درجات علمية، وذلك في جامعة أم القرى. وهو كتاب في أحاديث الأحكام، جمعها المؤلف ورتبها على ترتيب "المقنع" للموفق ابن قدامة المقدسي، وعلى طريقته مشى يوسف المرداوي (ت 769 هـ) في كتابه "الإنتصار في الحديث على أبواب المقنع". فلو طُبع هذا الكتاب بهامش "المقنع" وطُبع معهما "المطلع" للبعلي، في فَسْر مصطلحاته وشرح غريبه، لجاء هذا الجمع مفيداً ميسراً للطلاب والعلماء. 2 - شرح المقنع ذكره ابن رجب (2/ 424) قال: قطعة من أوله. وكذا ذكره العليمي (5/ 62) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 188) والبغدادي في "الهدية" (1/ 526). وذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 21) قال: قطعة منه إلى ستر العورة. 3 - زوائد الكافي والمحرر على المقنع ذكره ابن رجب (2/ 424) والعليمي (5/ 62) وابن العماد في

"الشذرات" (8/ 188) والبغدادي في "الهدية" (1/ 526). لكنهم لم يذكروا إلا "زوائد المحرر على المقنع". • مخطوطات الكتاب: منه نسخة في مكتبة الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع، بقَطَر عدد ورقاتها (160) ورقة، نسخت سنة (764 هـ) أي بعد وفاة المؤلف بـ (30) سنة. • طباعة الكتاب: طُبع في المكتب الإسلامي بدمشق سنة (1379 هـ/ 1960 م) بتحقيق محمد زهير الشاويش، بالإعتماد على النسخة الخطية السابقة. • وصف الكتاب: هو كتاب في الفقه حاول فيه ابن عُبيدان أن يجمع المسائل الفقهية، والتصحيحات المتعلقة بالروايات والوجوه والتخاريج، التي وردت في "المحرر" للمجد ابن تيمية، و"الكافي " لإبن قدامة، زائدة على ما في "المقنع"؛ بحيث إذا جُمع بين هذا الكتاب وبين "المقنع" فإنه يتألف منهما مجموع يغني في المحتوى عن الكتب الثلاثة. وهذه طريقة بديعة في التصنيف يمكن أن يكون الموفّق ابن قدامة حائزاً لقصب السبق فيها بوضع كتابه "عمدة الحازم". ثم إن ابن عبيدان سلك منهجاً اصطلاحياً في كتابه هذا، كشف عنه في المقدمة بقوله: "وكل ما أُطلقه فهو من "الكافي"، وما وافقه عليه صاحب "المحرر" من المسائل على أول المسألة عليه "ق" حمراء، وآخرها نقطة حمراء، وما بينهما مما اتفقا عليه ليس عليه شيء. وإن انفرد صاحب "المحرر" بمسألة علَّمتُ أولها "م" وآخرها بنقطة مثل الأولى، حتّى لو انفرد بتصحيح رواية أو وجه أو تخريج، فكذا العَلاَمة؛ لتبيين ما في كل واحد منهما من الزوائد، لكنه مما قلَّ كذلك، محرراً لا يلتبس عليه شيء" (¬1). ¬

_ (¬1) زوائد الكافي والمحرر على المقنع ص: 2.

4 - مختصر المغني

ويُقدّر أن يكون ابن عُبيدان قام بعمل تمهيدي في تأليف هذا الكتاب، وذلك بجمع زوائد "الكافي" على حدة، وزوائد "المحرر" على حدة، ثم ألف بينهما في قرَن واحد. ويذهب الشيخ ابن مانع إلى القول بصحة هذا التقدير، وفي ذلك يقول: "وذكر العلّامة ابن رجب وصاحب "الشذرات" أن المصنف ألّف زوائد "المحرر" على "المقنع"، ولم يذكرا جمعه لزوائد "الكافي" على "المقنع". وهذا - والله أعلم - لأنه ألّف زوائد "المحرر" واشتهر قبل تأليفه زوائد "الكافي"، أو لغير ذلك من الوجوه، ولا نقول جزماً: إنه خفي عليهما تأليفه زوائد "الكافي"؛ لأن الكتاب مشهور في بلدهما دمشق عند العلماء" (¬1). 4 - مختصر المغني ذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 22) في جملة المصادر، قال: بخطه. * * * 134 - صَفي الدين القَطيِعي (739 هـ) هو عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد الله بن علي بن مسعود، أبو الفضائل، صَفي الدين، القَطيعي، البغدادي. وهو صاحب "مراصد الإطلاع" الذي اختصر فيه "معجم البلدان". ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 428). له: 1 - شرح المحرر. 2 - شرح العمدة. 3 - إدراك الغاية في اختصار الهداية. 4 - شرح إدراك الغاية. ¬

_ (¬1) من مقدمة ابن مانع لزوائد الكافي والمحرر، ص (ز).

1 - شرح المحرر = تحرير المقرر في تقرير المحرر = تحرير المقرر على أبواب المحرر

5 - تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل. 6 - تسهيل الوصول إلى علم الأصول. 7 - قواعد الأصول ومعاقد الفصول. 8 - اللامع المغيث في علم المواريث. 9 - أسرار المواريث. 10 - شرح المسائل الحسابية من "الرعاية الكبرى". قال ابن رجب عنه: "صنف في الفقه والأصلين والجدل والحساب والفرائض والوصايا ... واختصر كتباً كثيرة ... وتفرد في وقته ببغداد في علم الفرائض والحساب، حتى يقال: إن الزَّريراني كان يراجعه في ذلك ويستفيد منه ... وله -رَحِمَهُ اللهُ- أوهام كثيرة في تصانيفه حتى في الفرائض، من حيث توجيه المسائل وتعلبلها، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- وسامحه، فلقد كان من محاسن زمانه في بلده، (¬1). 1 - شرح المحرر = تحرير المقرر في تقرير المحرر = تحرير المقرر على أبواب المحرر ذكره ابن رجب (2/ 429) وقال: نحو ست مجلدات. وكذا العليمي (5/ 67) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 213) وابن حميد في "الدر المنضد" ص 43). والبغدادي في "الهدية" (1/ 631) وسماه: "تحرير المقرر في تقرير المحرر". والزركلي في "الأعلام" (4/ 170). وذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 22) في جملة مصادره، ونقل منه نصاً مطولاً في أول كتاب الطهارة (1/ 30). وهو المراد بقوله في كتابه هذا: قال "شارح المحرر". • مخطوطات الكتاب: يوجد الجزء الأول منه في الظاهرية رقم (2751) عدد أوراقه (247) ¬

_ (¬1) الذيل 2/ 430 - 431.

ورقة، في حجم (31) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ السيفي إسحاق، سنة (765 هـ). يبدأ هذا الجزء من كتاب الطهارة، باب المياه، وينتهي إلى كتاب البيع، باب تصرفات العبد. ويوجد عليه تعليقات. ومنه صورة في جامعة أم القرى (251) وأخرى في الجامعة الإسلامية (8219). • طباعة الكتاب: حقق الطالب دخيل ربه بن سلطان السلمي قسماً من الكتاب من أوله إلى باب ما يكره للمصلي وما لا يكره، وقدمه رسالة لنيل الماجستير من جامعة أم القرى سنة (1418 هـ). وحقق منه الطالب محمد بن إبراهيم سعود النجيدي قسماً من باب الصداق إلى آخر الكتاب، في رسالة ماجستير في نفس الجامعة سنة (1418 هـ). • وصف الكتاب وما قيل فيه: هو شرح مطول (¬1) على "المحرر" للمجد ابن تيمية. اطلع عليه ابن بدران فوصفه بقوله: "شرحه الفقيه التفنن عبد المؤمن بن عبد الحق ... شرحاً سماه "تحرير المقرر في شرح المحرر"، قال في خطبته: لم أذكر فيه سوى ما هو في الكتاب من الروايات والوجوه التي ذكرها؛ لخروج ذلك عن المقصود، إنما أنا بصدد بيان ما أَوْدع من ذلك لا غير. اهـ. وطريقته فيه: أنه يذكر المسألة من الكتاب، ثم يشرع في شرحها ببيان مقاصدها، ويبين منطوقها ومفهومها، وما تنطوي عليه من المباحث، ولا يخلُّ مع ذلك بذكر الدليل والتعليل والتحقيق. فهو من الكتب التي يليق الإعتناء بها" (¬2). ¬

_ (¬1) يقع في ستة مجلدات، كما ذكر ابن رجب وغيره، وذكر الدكتور العثيمين في تعليقه على "المقصد الأرشد" (2/ 168) أنه يقع في عشرة مجلدات. (¬2) المدخل ص 435.

2 - شرح العمدة

وقال ابن رجب: "ولما صنف "شرح المحرر" أرسل إلى الشيخ تقي الدين يسأله عن مسائل فيه، وقد ذكر عنه في شرحه شيئاً من ذلك في مسائل ميراث المعتَق بعضُه، ولم يدرك ما قاله الشيخ على وجهه" (¬1). 2 - شرح العمدة ذكره ابن رجب (2/ 429) وقال: مجلدان. والعليمي (5/ 67) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 213) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 43) والبغدادي في "الهدية" (1/ 631) وسماه: "العُدّة شرح العمدة". 3 - إدراك الغاية في اختصار الهداية ذكره ابن رجب (2/ 429) وقال: مجلد لطيف. وذكره أيضاً (2/ 446) في ترجمة تلميذ المصنف: شمس الدين محمد بن الشيخ أحمد السقّا. وكذا العليمي (5/ 67) وابن العماد فى "الشذرات" (8/ 213) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 43) والبغدادي في "الهدية" (1/ 631). وذكره المرداوي في مقدمة "الإنصاف" (ص 20) في جملة المصادر. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (949) عدد أوراقها (109) ورقات في حجم (17) سطراً، بخط نسخي مشكول في الغالب بقلم المؤلف، وعليها حاشية في الووقة الأولى بخط جمال الدين يوسف بن عبد الهادي المقدسي (ت 909 هـ). وقد كتب العلّامة المؤرخ إبراهيم بن عيسى النجدي على أكثر من موضع منها أن هذه النسخة بخط المؤلف. وكتب لمؤلفها ترجمة مختصرة على طرة الكتاب (¬2). 4 - شرح إدراك الغاية أي شرح الإختصار السابق. ذكره ابن رجب (2/ 429) والعليمي (5/ 67) وابن العماد في ¬

_ (¬1) الذيل 2/ 430. (¬2) نوادر مخطوطات علامة الكويت الشيخ الدحيان، للعجمي، ص 17.

5 - تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل

"الشذرات" (8/ 213) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 43). 5 - تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل ذكره ابن رجب (2/ 429) والعليمي (5/ 67) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 213) والبغدادي في "الهدية" (1/ 631) والزركلي في "الأعلام" (4/ 170). وقد اختصره، كما سيأتي لإبن بدران. وذكر له ابن رجب وغيره كتاباً آخر باسم: "تلخيص المنقح من الجدل". وهو اختصار لكتاب أبي البقاء العكبري (ت 616 هـ) في الجدل المسمى "المنقح من الخطل في علم الجدل". 6 - تسهيل الوصول إلى علم الأصول ذكره ابن رجب (2/ 429) والعليمي (5/ 67) والبغدادي في "الهدية" (1/ 631). 7 - قواعد الأصول ومعاقد الفصول ذكره ابن رجب (2/ 429) والعليمي (5/ 67) والبغدادي في "الهدية" (1/ 631) وابن بدران في "المدخل" (ص 462) وقال عنه: وهذا المختصر في نحو (27) ورقة، اختصره من كتاب له سماه "تحقيق الأمل"، وجرده عن الدلائل. وهو مختصر مفيد في الأصول. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق برقم (2813) عدد أوراقها (28) ورقة، في حجم (15) سطراً، نسخت سنة (809 هـ)، ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (42). • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة السلفية في مصر دون تاريخ. وطُبع في عالم الكتب في بيروت سنة (1406 هـ / 1986 م). وطُبع في جامعة أم القرى بمكة المكرمة - معهد البحوث العلمية وإحياء

8 - اللامع المغيث في علم المواريث

التراث الإسلامي - سنة (1409 هـ / 1989 م) بتحقيق وتعليق الدكتور علي ابن عباس الحكمي. وطُبع ضمن "متون أصولية مهمة في المذاهب الأربعة" (ص: 80 - 145) في دمشق. نشرته المكتبة الهاشمية بتعليق الشيخ جمال الدين القاسمي دون تاريخ. وصورته مكتبة الإمام الشافعي بالرياض عن الطبعة الثانية سنة (1410 هـ/ 1990 م). وله طبعات أخرى. • وصف الكتاب: هو مختصر في الأصول مجرد عن الدلائل من غير إخلال بشيء من المسائل، ألفه تذكرة للطالب المستبين، وتبصرة للراغب المستعين، اختصره من كتابه المسمى "تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل". قال عنه الشيخ جمال الدين القاسمي: "وما وقفنا عليه حتى رأيناه من أنفس الآثار الأصولية وأعجبها سبكاً، وألطفها جمعاً للأقوال وإيجازاً في المقال، ولما تحققنا ماله من الشأن الخطير أسرعنا إلى نقله ثم مقابلته" (¬1). 8 - اللامع المغيث في علم المواريث ذكره ابن رجب (2/ 429) والعليمي (5/ 67) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 213) والبغدادي في "الهدية" (1/ 631) والزركلي في "الأعلام" (4/ 170). وقد سبقت كلمة ابن رجب في صفي الدين أنه تفرد في وقته في بغداد في علم الفرائض والحساب. 9 - أسرار المواريث ذكره ابن رجب (2/ 429) وقال: جزء، تكلم فيه على حِكَم الإرثِ ومصالحه. وكذا ذكره العليمي (5/ 67). ¬

_ (¬1) متون أصولية مهمة ص 145.

10 - شرح المسائل الحسابية من "الرعاية الكبرى"

10 - شرح المسائل الحسابية من "الرعاية الكبرى" ذكره ابن رجب (2/ 429) وقال: مجلد لطيف. وكذا ذكره العليمي (5/ 67) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 43). * * * 135 - المُرَتِّبْ (لم تؤرخ وفاته) هو شمس الدين بن رمضان المُرتِّب، دم تؤرخ وفاته. ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 431). وذكر أنه أعاد الدرس بالمدرسة البشيرية ببغداد خلفاً للنضر بن عكبر الذي خلف الصفي عبد المؤمن القطيعي المتقدم (¬1). وذكره ابن حميد في "السحب" (ص 424) وأعار ذكره في (ص 917) في ترجمة من اسمه: محمد بن رمضان، على ظن أنه هو محمد بن رمضان الدمشقي، المتوفى سنة (758 هـ). وهذا لا يصح؛ لأن المرتّب بغدادي، وهذا دمشقي! له: مختصر المغني ذكره ابن رجب (2/ 431) قائلاً: اختصر المذهب من "المغني". أي: خرّج كتاباً مختصراً في فقه المذهب الحنبلي من كلتاب "المغني" لإبن قدامة، ولم يتعرض لذكر الخلاف. * * * ¬

_ (¬1) في الصفحة 341.

136 - الشرف الزريراني (741 هـ)

136 - الشَّرَف الزَّرِيْراني (741 هـ) هو عبد الرحيم بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر، أبو محمد، شرف الدين، الزَّريراني البغدادي. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 435). له: 1 - مختصر الفروق = إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل. 2 - مختصر المطلع. 1 - مختصر الفروق = إيضاح الدلائل اختصر فيه "فروق" السامُرِّي. ذكره ابن رجب (2/ 435) وقال: اختصر فروق السامُرِّي وزاد عليها فوائد واستدراكات من كلام أبيه وغيره. اهـ. وكذا ذكره العليمي (5/ 77). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة جامعة برنستون برقم (4577) عدد أوراقها (92) ورقة، في (21) سطراً، بخط مشرقي. ومنه صورة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (7484). • طباعة الكتاب: طُبع في مجلدين. 2 - مختصر المطلع أي: "مطلع" البعلي. ذكره ابن رجب (2/ 435) والعليمي (5/ 77). * * * 137 - ابن عبد الهادي المقدسي (744 هـ) هو محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد، أبو عبد الله، شمس الدين، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي.

ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 436). له: 1 - المحرر في أحاديث الأحكام. 2 - الأحكام الكبرى. 3 - تعليق على المنتقى للمجد. 4 - تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق. 5 - الرد على إِلكيا الهَرّاسي. 6 - الصارم المنكي في الرد على السبكي، في مسألة شد الرحل لزيارة القبور. وله أجزاء حديثية متعلقة بأحاديث الأحكام، ذكرها ابن رجب وغيره، منها: 7 - الكلام على أحاديث مس الذَّكَر. 8 - الكلام على حديث "البحر هو الطهور ماؤه". 9 - الكلام على حديث "الطواف بالبيت صلاة". 10 - الكلام على حديث القُلَّتين. 11 - الكلام على أحاديث محلل السباق. 12 - الكلام على أحاديث لبس الخفين للمحرم. ومن مؤلفاته في الأجزاء الحديثية الفقهية أيضاً: 13 - جزء في صلاة التراويح. 14 - جزء في مسألة الجد والإخوة. 15 - جزء في تحريم الربا. 16 - جزء في تملك الأب من مال ولده ما شاء. 17 - جزء في الأكل من الثمار التي لا حائط عليها. 18 - جزء في العقيقة.

1 - المحرر في الأحكام

19 - جزء في حجب الأم بالإخوة وأنها تحجب بدون ثلاثة. 20 - إقامة البرهان على عدم وجوب صوم الثلاثين من شعبان (مطبوع). 21 - جزء في مسافة القصر. 1 - المحرر في الأحكام ذكره ابن رجب (2/ 437) وقال: مجلد. وكذا العليمي (5/ 78) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 158) قال: لخص فيه كتاب "الإلمام" لإبن دقيق العيد، وعلى هذا الملخص شرح للقاضي جمال الدين يوسف بن حسن الحموي (ت 809 هـ). وذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 151) وقال: في شرح الإلمام من أحاديث الأحكام. وهذا خطأ. • مخطوطات الكتاب: ذكر محققو الكتاب أن له نسخة خطية وحيدة في مكتبة "باتنا" بالهند، ولم يستطيعوا الحصول على نسخة منها. • طباعة الكتاب: نشره محمد سعيد فدا بمكة المكرمة. وطُبع بمصر بتصحيح الشيخ محمد بن أحمد بن علي المزيني، المالكي. وطُبع في دار المعرفة بلبنان بتحقيق يوسف المرعشلي ومحمد سليم سمارة وجمال حمدي الذهبي سنة (1412 هـ/ 1992 م). 2 - الأحكام الكبرى ذكره ابن رجب (2/ 437) قال: "الأحكام الكبرى" المرتبة على "أحكام الحافظ الضياء" وقال: كمل منها سبع مجلدات. وكذا ذكره العليمي (5/ 78) وابن بدران في "المدخل" (ص 469). 3 - تعليقة على منتقى المجد ابن تيمية ذكره ابن رجب (2/ 439) وقال: لم تكمل. وكذا ذكره العليمي (5/ 80)

4 - تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق

والبغدادي في "الهدية" (2/ 151) وابن بدران في "المدخل" (ص 468). 4 - تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق أي "تحقيق" ابن الجوزي. ذكره ابن رجب (2/ 437) وقال: مجلدان، وكذا العليمي (5/ 78) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 330) و"الهدية" (2/ 151) وابن بدران في "المدخل" (ص 469). وأحال عليه ابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص 244). • مخطوطات الكتاب: يوجد منه الجزء الثاني بدار الكتب الظاهرية رقم (1092) عدد أوراقه (265) ورقة، في (21) سطراً، بخط نسخ حسن. ومنه صورة في جامعة أم القرى (236). ويوجد منه نسخة أخرى في مكتبة أحمد الثالث بطويْقَا بُوسْرَاي بإستانبول برقم (374)، عدد أوراقها (390) ورقة، منها صورة ميكرو فيلمية بدار الكتب القطرية برقم (34). • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب بتحقيق محمد حامد الفقي بمطبعة السنة المحمدية بالقاهرة سنة (1373 هـ/ 1954 م)، ونسبه الدكتور صلاح الدين المنجد في "معجم المخطوطات المطبوعة" (1/ 28) خطأً لإبن عبد الهادي أحمد بن حسن بن أحمد المتوفى سنة (895 هـ) فليحرر. كما قام الأستاذ عامر حسن صبري بتحقيقه وتقديمه لنيل درجة الدكتوراه في جامعة أم القوى بمكة المكرمة سنة (1403 هـ/ 1983 م). 5 - الرد على إلكيا الهَرّاسي ذكره ابن رجب (2/ 438) وقال: جزء كبير. وكذا العليمي (5/ 79). وبقية الأجزاء الحديثية ذكرها أيضاً ابن رجب والعليمي.

6 - الصارم المنكي في الرد على السبكي في مسألة شد الرحل لزيارة القبور.

6 - الصارم المنكي في الرد على السبكي في مسألة شد الرحل لزيارة القبور. ذكره السيوطي في "طبقات الحفاظ" (ص 521)، والبغدادي في "الهدية" (2/ 151)، والزركلي في "الأعلام" (5/ 326). • مخطوطات الكتاب: يوجد منه نسخة خطية في حيدر آباد الدكن (بروكلمان: الذيل 2/ 128). • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب في حيدر آباد الدكن بالهند، وطُبع بدار الكتب العلمية في بيروت سنة (1405 هـ/ 1985 م). وذكر له الزركلي أيضاً: 7 - قواعد أصول الفقه، ورمز إلى أنه مخطوط، ثم طُبع بدمشق ضمن مجموع يحتوي على ثلاثة كتب: 1 - أصول التفسير محرراً عن "النقاية" للسيوطي بتعليق القاسمي. 2 - مسائل أصول الفقه لإبن حزم، بتعليق ابن الأمير الصنعاني. 3 - قواعد أصول الفقه بتعليق القاسمي. 8 - الأحكام في فقه الحنابلة، وذكره الصفدي في "الوافي بالوفيات" (2/ 161) وابن حجر في "الدرر الكامنة" (3/ 332) ولم يكمله، ويقع في (8) مجلدات. * * * 138 - ابن الحَبَّال (749 هـ) هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن أبي الفرج بن أبي الحسن، أبو عبد الله، بدر الدين، الحرّاني، المعروف بـ "ابن الحبّال" (¬1). ¬

_ (¬1) قد يلتبس صاحب الترجمة مع رجل، آخر معروف بـ "ابن الحبال" أيضاً، ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 157) وقال: أظنه توفي في آخر القرن الثامن. قال. صنف كتاباً في الأصول سماه "المختار"، وشرحه في مجلدين في كتاب سماه "الإختيار في شرح المختار" وهو كتاب جيد, =

1 - شرح الخرقي

ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 442). له: 1 - شرح الخرقي. 2 - مختصر المقنع في أصول الفقه لإبن حمدان. 3 - شرح مختصر المقنع. 4 - الفنون. 1 - شرح الخرقي ذكره ابن رجب (2/ 442) وقال: مختصر جدا. وكذا العليمي (5/ 84) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 361) وابن حميد في "الدر المنضد" ص 45) وابن بدران في "المدخل" (ص 466). 2 - مختصر المقنع في أصول الفقه لإبن حمدان ذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 466). 3 - شرح مختصر المقنع ذكره ابن بدران أيضاً (ص 466). وتوجد منه قطعة في الظاهرية (2694) في (12) ورقة، بخط قديم قليل الإعجام. 4 - الفنون ذكره ابن رجب (2/ 242) وابن مفلح (5/ 84). * * * ¬

_ = يدل على كثرة علمه، وغزارة فهمه، وينقل فيه نقلاً جيداً، ينقل فيه عن الشيخ موفق الدّين، والشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، وولده الشيخ نجم الدين، والشيخ تقي الدين، والشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية، وشمس الدين ابن مفلح، وتقي الدين ابن مفلح، وغيرهم. اهـ. فغالب الظن أنهما شخصان مختلفان. وبالتالي فقد يكون تعليق الدكتور عبد الرحمن العثيمين على هامش "المقصد الأرشد" (2/ 361) بما يفيد أنهما شخص واحد من سبق القلم، وقد أثبت في هامش "الجوهر المنضد" أن أخبار "ابن الحبال" الذي ترجمه ابن عبد الهادي غير معروفة.

139 - ابن قيم الجوزية (751 هـ)

139 - ابن قَيِّم الجَوْزِية (751 هـ) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب، أبو عبد الله، شمس الدين، الزُّرْعي، الدمشقي، الشهير بـ "ابن قَيِّم الجوزية"؛ أي: ابن القيم على المدرسة الجوزية بدمشق؛ فقد كان والده قيماً على هذه المدرسة مدة من الزمن. ترجمه ابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة" (2/ 447 - 452)، وبه ختم كتابه المذكور. له (¬1): 1 - زاد المعاد في هدي خير العباد. 2 - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية. 3 - كتاب الصلاة وحكم تاركها. 4 - أحكام أهل الذمة. 5 - الكلام على مسألة السماع. 6 - تحفة المودود بأحكام المولود. 7 - بيان الدليل على استغناء المسابقة عن التحليل. 8 - كتاب نكاح المحرم. 9 - كتاب حكم إغمام هلال رمضان. 10 - التحبير فيما يحل ويحرم من لباس الحرير. 11 - الفروسية الشرعية. 12 - إعلام الموقعين عن رب العالمين. 13 - الإجتهاد والتقليد. ¬

_ (¬1) جرد الشيخ بكر أبو زيد كتب ابن القيم وعرّف بها في تأليف مستقل سماه "ابن قيم الجوزية حياته وآثاره"، وكذلك جردها أحمد عبيد في تقديمه لـ "روضة المحبين" ومحمد حامد الفقي في تقديمه لـ "إغاثة اللهفان" والدكتور بسام علي سلامة في مقدمة تحقيق كتاب "الروح" وعبد الرحمن النحلاوي في كتابه "ابن قيم الجوزية" (ص: 25 - 28)، وعبد العظيم شرف الدين فى كتابه "ابن القيم عصره ومنهجه" (ص 75).

1 - زاد المعاد في هدي خير العباد

14 - إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان. 15 - المسائل الطرابلسية. 16 - بدائع الفوائد. 1 - زاد المعاد في هدي خير العباد ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) وغيره ممن ترجم له. وبعضهم يذكره بالاسم الكامل، ويعضهم يختصره باسم "الهدي" كما في "كشف الظنون" (ص 1471) و"القواعد الأصولية" لإبن اللحام (ص 288، وص 225)، وابن مفلح في "الآداب الشرعية" ويبهم اسم المؤلف في كتابه هذا، فيقول: كتاب "الهدي" لبعض متأخري أصحابنا (¬1). وهو من جملة مصادر المرداوي في كتابه "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 20). قال: وغالب كتبه الأخرى. • مخطوطات الكتاب: - يوجد منه الجزء الثاني والثالث في المكتبة الظاهرية بدمشق برقم (1897) عام، عدد أوراق الثاني (208) ورقات، والثالث (245) ورقة، وهي نسخة جيدة نسخها محمد بن محمد بن أبي شامة الحنبلي سنة (854 هـ). - وتوجد نسخة أخرى في الظاهرية أيضاً, الموجود منها الجزء الرابع فقط، يقع في (268) ورقة. - ويوجد منه الجزء الأول في مكتبة الحرم النبوي الشريف برقم (1651) يقع في (243) ورقة. • طباعة الكتاب: طُبع سنة (1298 هـ) في الهند بالمطبعة النظامية في مجلدين بلا تجزئة، وطُبع سنة (1347 هـ) في مصر بمطبعة أنصار السنة المحمدية، بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي في أربعة مجلدات، وطُبع في مؤسسة الرسالة محققاً تحقيقاً علمياً وفنياً بعناية الشيخ عبد القادر الأرناؤوط والشيخ شعيب ¬

_ (¬1) الآداب الشرعية 1/ 80، 2/ 250، 3/ 220، ط. مؤسسة الرسالة.

الأرناؤوط. وصدر في خمسة مجلدات، وأعيد طبعها مصورة أكثر من عشرين مرة. وقام الأستاذ محمد أديب الجادر بإعداد فهارس تفصيلية لهذه الطبعة، طُبعت في مجلد مستقل، أُلحق بالمجلدات الخمسة. • وصف الكتاب: هو كتاب جامع في فقه السيرة النبوية، والشمائل المحمدية. وقد استوعب ابن القيم -رَحِمَهُ اللهُ- فيه هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في شؤونه العامة والخاصة، واستوفى الكلام عن أطوار حياته، وما صاحبها من أحداث، ومالابسها من أمور يجدر بكل مسلم أن يقف عليها ويتبين أمرها، شأنه -رَحِمَهُ اللهُ- في كل تصانيفه التي تجري على نسق واحد من الجودة والإتقان، والإحاطة بالموضوع من جميع نواحيه، بحيث لا يدع لباحث بعده مجالاً لأن يقول شيئاً. ويعد الكتاب موسوعة عظيمة لعلوم شتى من: السيرة، والفقه، والتوحيد، وعلم الكلام، واللطائف في التفسير والحديث واللغة والنحو، وغير ذلك. ومن المدهش أن هذا الكتاب أملاه صاحبه في حال السفر والنأي عن داره ومكتبته، وقد تحدث عن ذلك في المقدمة، فقال: "وهذه كلمات يسيرة لا يستغني عن معرفتها من له أدنى همة إلى معرفة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وسيرته وهديه، اقتضاها الخاطر المكدود على عُجره وبُجره، مع البضاعة المزجاة التي لا تنفتح لها أبواب السُّدَد، ولا يتنافس فيها المتنافسون، مع تعليقها في حال السفر لا الإقامة، والقلب بكل وادٍ منه شعبة، والهمة قد تفرقت شَذَر مَذَر، والكتاب مفقود، ومن يفتح باب العلم لمذاكرته معدوم غير موجود" (¬1). ونظراً لما فيه من كثرة الأبحاث الفقهية نظمته في سلك موارد الفقه الحنبلي، مع أن الظاهر من عناوين أبحاثه لا يوحي بذلك، ومن خَبَر المزادة عرف ما فيها. ¬

_ (¬1) زاد المعاد 1/ 69 - 70، الطبعة (29) مؤسسة الرسالة.

2 - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

2 - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية نسب هذا الكتاب إلى مؤلفه ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 93) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 290) وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 1111) والبغدادي في "هدية العارفين" (2/ 158). • مخطوطات الكتاب: للكتاب عدة نسخ خطية، منها: 1 - نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، محفوظة برقم (1437)، عدد أوراقها (139)، منسوخة بخط نسخ معتاد، ليس فيها اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ. ومنها صورة في جامعة أم القرى (243). 2 - نسخة مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، محفوظة برقم (13794)، عدد أوراقها (101) ورقة، منسوخة بخط تعليق (فارسي)، كتبت سنة (1308 هـ) من دون معرفة الناسخ. ومنها صورة فى جامعة أم القرى (126). 3 - نسخة توجد عند الشيخ محمد نصيف (ملك خاص) منقولة عن نسخة موجودة بمكتبة الأوقاف العامة ببغداد، يرجع تاريخ نسخها إلى سنة (811 هـ). وعليها اعتمد الأستاذ محمد جميل أحمد في تصحيح الكتاب لدى طباعته إياه. 4 - نسخة توجد في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم (1442) عام, تقع في (267) ورقة نسخها عبد الرحمن بن أحمد التدمري سنة (797 هـ). 5 - منه نسخة في مكتبة الحرم النبوي الشريف برقم (1652) نسخت سنة (1154 هـ)، عدد أوراقها (85) ورقة.

• طباعة الكتاب: طُبع بمطبعة الآداب بمصر سنة (1317 هـ)، ثم أُعيد طبعه بمطبعة السنة المحمدية سنة (1371 هـ/ 1951 م) بعناية الشيخ محمد حامد الفقي، وطُبع في نفس السنة بالمطبعة المنيرية بمصر بعناية محمد عرنوس، وطُبع بدمشق سنة (1381 هـ/ 1961 م) بتقديم وتحقيق محمد جميل أحمد. ولا يزال هذا الكتاب بحاجة إلى من يقوم على تحقيقه، وإصلاح ما وقع في طبعاته من أخطاء. • وصف الكتاب: يبدو أن حقيقة هذا الكتاب ومنشأ تأليفه يعودان إلى مجموعة من الأسئلة وردت عليه من طرابلس (¬1)، فكتب أجوبتها وسماها باسم البلد الذي وردت منه: الطرابلسيات، وكان كتاب "الطرق الحكمية" جواباً عن واحد من تلك الأسئلة، وهو يتعلق في موضوعه بالأقضية والأحكام والسياسة الجزائية في الإسلام، وفحوى هذا السؤال هو: هل يجوز للحاكم أو الوالي أن يحكم في قضيةٍ ما بالإعتماد على الفراسة وقرائن الأحوال، ويستدل بالأمارات على ثبوت الحق المدعَى فيه أم لا؟ وأفاض ابن القيم في الجواب عن هذا السؤال، واستطرد فيما يتعلق به من أبحاث، حتى صيره كتاباً مستقلاً، وانتصر لمذهب من يقول بجواز الحكم بالقرائن والأمارات، وهو مذهب الإمام مالك وأصحابه، كما فصله ابن فرحون في "تبصرة الحكام". • تنبيه: وعلى الرغم من أن الكتاب معروف باسم "الطرق الحكمية" فإني وجدت له في كتابه "إغاثة اللهفان" كتاباً سماه: "الإعلام باتساع طرق الأحكام". والغالب على الظن أنه هو نفس كتاب "الطرق الحكمية"، فقد قال المؤلف في معرض كلامه على الحكم بالقرائن الظاهرة: "وقد أشبعنا الكلام في ذلك في كتاب: الإعلام باتساع طرق ¬

_ (¬1) فقد جاء في مقدمة الكتاب (ص 2، طبعة دمشق): "سئل الشيخ الإمام العالم العلامة عن مسائل عديدة تسمى "الطرابلسيات" وردت من طرابلس الغرب، فمنها ما قاله في جواب السائل ... ".

3 - كتاب الصلاة وحكم تاركها

الأحكام" (¬1). ولم نجد العلامة ابن القيم توسع في بحث القرائن كما توسع في كلتاب "الطرق الحكمية"، فمن هنا غلب على الظن أن الكتابين مسماهما واحد. والله أعلم. وإلى جانب كتاب "الطرق الحكمية" يوجد لإبن القيم كتابان آخران في موضوع مشابه، وهما: 1 - الفراسة. وتوجد منه نسخة في جامعة أم القرى محفوظة برقم (214)، وأصلها في المدرسة القادسية ببغداد برقم (714). 2 - تدبير الرئاسة في القواعد الحكمية بالذكاء والقريحة. ذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 158). 3 - كتاب الصلاة وحكم تاركها ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) وقال: مجلد، والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 93)، وابن العماد في "الشذرات" (6/ 169)، • طباعة الكتاب: طُبع سنة (1342 هـ/ 1923 م) بالطبعة السلفية بمصر، ضمن "مجموعة الحديث النجدية". وطُبع سنة (1347 هـ/ 1926 م) مفرداً بالطبعة السلفية في مصر، وطُبع عام (1401 هـ/ 1981 م) في المكتب الإسلامي بتحقيق جيد لتيسير زعيتر. • وصف الكتاب: هو كتاب يتضمن إجابة ابن القيم على عشرة من الأسئلة تتعلق بالصلاة وجهت إليه ليجيب عنها، فأجاب عنها إجابة علمية بالغة الدقة، تنُم عن استحضار للنصوص من الكتاب والسنة، وفهم عميق لها، وكذلك أقوال الفقهاء وأدلتهم، بحيث إنه لم يدع زيادة لمستزيد. ومنهجه في كتابه هذا أنه يعرض في كل مسألة من هذه المسائل أقوال الأئمة ومذاهبهم، ويحشد لكل واحد منهم من الأدلة العقلية والنقلية مالا يستطيع هو أن يزيد عليها شيئاً، ثم ينقد ما لا يراه صحيحاً من تلك الأدلة واحداً واحداً، ¬

_ (¬1) إغاثة اللهفان 2/ 119، ط. الحلبي سنة (1357 هـ) بتحقيق حامد الفقي، و 2/ 142، ط. الرسالة سنة (1414 هـ).

4 - أحكام أهل الذمة

حتى يخلص إلى ما يراه راجحاً سليماً من كل معارض يمكن أن يدفع في وجهه (¬1). 4 - أحكام أهل الذمة لم يذكر مترجموه هذا الكتاب بهذا الإسم في جملة كتبه، والذي ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 93) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 291)، هو كتاب "الصراط المستقيم في أحكام أهل الجحيم". فهل هو نفس كتاب "أحكام أهل الذمة"؟ هذا ما أرجحه؛ على أن المؤلف سمى هذا الكتاب باسم "أحكام أهل الملل" كما ورد ذلك في كتاب "شفاء العليل" فيما إذا سَلِم الكتاب من التحريف لدى النسخ ومن التطبيع لدى النشر (¬2). فإذا صح ذلك فيكون اسم الكتاب متفقاً في الإسم مع ما صنفه الخلّال (ت 311 هـ) في هذا الموضوع، وهو يقع ضمن كتابه "الجامع لعلوم الإمام أحمد". • طباعة الكتاب: قام بتحقيقه والتعليق عليه والتقديم له بمقدمة وافية الدكتور صبحي الصالح -رَحِمَهُ اللهُ-، وقد اعتمد على نسخة خطية وحيدة من مكتبة الأستاذ أحمد بهاء الدين، مدير المدرسة المحمدية في مدراس بالهند، عدد أوراقها (569) ورقة، نسخت سنة (869 هـ). وصدرت الطبعة الأولى منه سنة (1381 هـ/ 1961 م) بمطبعة جامعة دمشق في مجلدين، مجموع صفحاتها بالفهارس والمقدمات (1070) صفحة. • وصف الكتاب: والكتاب يتناول موضوعاً مهماً في الفقه الإسلامي، وهو: أحكام غير المسلمين الذين يقيمون في بلاد المسلمين بموجب ميثاق يسمى "عقد الذمة"، ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق الكتاب لتيسير زعيتر. (¬2) مقدمة تحقيق "أحكام أهل الذمة" للدكتور صبحي الصالح، ص 53، ط. دار العلم للملايين.

5 - الكلام على مسألة السماع

أو بعبارة أهل العصر: هو كتاب يعالج المسائل المتعلقة بتنظيم الأقليات غير الإسلامية في دار الإسلام. وقد كان سبب تأليف هذا الكتاب، كما ذكر الناسخ في مقدمته، جواباً عن استفتاء يتعلق بالجزية وسبب وضعها، وحدّ الغني والمتوسط والفقير فيها، وتلك كانت عادة ابن القيم في جملة وافرة من كتبه، بل هي عادة كثير من المصنفين، يُستفتون فيفتون ثم ينشئون من أجوبتهم كتباً وتصانيف. وقد اهتم الحنابلة بموضوع الذميين وأحكامهم الدنيوية. فألف في ذلك الخلال (ت 311 هـ) وأبو حفص البرمكي (ت 387 هـ) والقاضي أبو يعلى (ت 458 هـ). ويأتي كتاب ابن القيم هذا دقيقاً وعميقاً في ترتيب الأبحاث وتحقيقها، وشاملاً لما كتب قبله. ثم إن المؤلف ذكر ضمن كتابه هذا كتاب عمر - رضي الله عنه - في شروط أهل الذمة، واستوفى الكلام عليه رواية ودراية، ثم قال في مسألة تجارة الذمي مع المسلم: "وإنما ذكرناها ليتم الكلام على شرح كتاب عمر - رضي الله عنه - لمن أراد أن يفرد 5 من جملة الكتاب. وبالله التوفيق" (¬1). فقام الدكتور صبحي الصالح -محقق الكتاب- بإنجاز هذه الرغبة، وأفرد شرح كتاب عمر - رضي الله عنه - من الأصل، وطبعه بعنوان "شرح الشروط العمرية" فجزاه الله خيراً على ما قدم من جهد. 5 - الكلام على مسألة السماع ويسمى أيضاً "حرمة السماع". ذكره حاجي خليفة في "كشف الظنون" (1/ 650) والبغدادي في "هدية العارفين" (2/ 158) والدوسري في ذيل "الدّر المنضد" (ص 87). والكتاب يبحث في حكم سماع الغناء كما هو الظاهر من عنوانه، وكما ألمح المصنف في كتابه "إغاثة اللهفان" في خاتمة بحث الغناء، إلى هذا الكتاب وموضوعه بقوله: ¬

_ (¬1) أحكام أهل الذمة ص 778.

6 - تحفة المودود بأحكام المولود

"وقد ذكرنا شُبه المغنين والمفتونين بالسماع الشيطاني، ونقضناها نقضاً وإبطالاً في كتابنا الكبير في السماع، وذكرنا الفرق بين ما يحركه سماع الأبيات وما يحركه سماع الآيات. وذكرنا كثيراً من الشُّبه التي دخلت على كثير من العُبَّاد في حضوره حتى عدُّو 5 من القُرَب. فمن أحب الوقوف على ذلك فهو مستوفى في ذلك الكتاب" (¬1). وفي أثناء طباعة كتابنا هذا تبين أن الكتاب مطبوع. حققه راشد بن عبد العزيز الحمد، على نسخة خطية محفوظة بالإسكوريال (مدريد) برقم (1593)، ومنها صورة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم (1461)، وهي نسخة فريدة. وصدر الكتاب في دار العاصمة بالرياض سنة (1409 هـ/ 1989 م). 6 - تحفة المودود بأحكام المولود ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) وقال: مجلد لطيف. والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 93) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 290) وحاجي خليفة في "الكشف" (1/ 375) والبغدادي في "هدية العارفين" (2/ 158)، وذكر له كتاباً آخر باسم: "أحكام المولود" مع أنه هو نفس الكتاب. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة الشيخ عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم (1/ 257) تقع في (83) ورقة. • طباعة الكتاب: طُبع عدة طبعات، منها طبعتان محققتان: إحداهما: طبعة الأستاذ عبد الحكيم شرف الدين الهندي، طُبع في بومباي (الهند) سنة (1380 هـ / 1960 م) وفي لاهور سنة (1382 هـ / 1962 م). وقد اعتنى بتصحيح النص. ¬

_ (¬1) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 1/ 383، تحقيق حسان عبد المنان وعصام فارس الحرستاني ط. مؤسسة الرسالة، 1414 هـ.

7 - بيان الدليل على استغناء المسابقة عن التحليل

والثانية: بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، نشرته دار البيان (بدمشق) سنة (1391 هـ/ 1971 م) وقد اعتنى بتخريج أحاديثه (¬1). • وصف الكتاب: يتناول هذا الكتاب ما يتعلق بالطفل من أحكام منذ ولادته إلى تمام نشأته، وذلك كالعقيقة والتسمية والختان، وما تعم به البلوى من بول الطفل وريقه وحمله. وتحدَّث عن الجانب التربوي من وجوب تأديب الأطفال وتعليمهم والعدل بينهم. وقد كشف المؤلف في المقدمة عن أبحاث الكتاب، فقال: "وهذا كتاب قصدنا فيه ذكر أحكام المولود المتعلقة به بعد ولادته مادام صغيراً، من عقيقته وأحكامها، وحلق رأسه، وتسميته، وختانه وبوله، وثقب أذنه، وأحكام تربيته، وأطواره من حين كونه نطفة إلى مستقره في الجنة أو النار، فجاء كتاباً نافعاً في معناه، مشتملاً من الفوائد على مالا يكاد يوجد بسواه" (¬2). فهو بهذا يجمع للآباء والأمهات والمربين مادة فقهية وتربوية كاملة متناسقة. 7 - بيان الدليل على استغناء المسابقة عن التحليل ذكره بهذا الإسم ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 92). وقد أشار المؤلف إلى هذا الكتاب في "إعلام الموقعين" في ذكر الحيل المباحة وأمثلتها من الفقه، فقال في المثال الحادي والتسعين: "والمشهور من أقوال الأئمة الثلاثة أنه لا يجوز -أي أن يتسابق اثنان- إلا بمحلِّل على تفاصيل لهم في المحلِّل وحكمه، وقد ذكرناها في كتابنا الكبير في الفروسية الشرعية، وذكرنا فيه وفي كتاب "بيان الإستدلال على بطلان ¬

_ (¬1) وقد أعاد نشر الكتاب مع بعض الإستكمالات ووضْع فهرسٍ لأطراف أحاديثه الأستاذ بشير محمد عيون. (¬2) تحفة المودود ص 6، تحقيق بشير عيون، ط. مكتبة دار البيان، دمشق.

8 - كتاب نكاح المحرم

اشتراط محلل السباق والنضال"، بيان بطلانه من أكثر من خمسين وجهاً .... الخ" (¬1). ونلاحظ فرقاً بين التسمية التي سمي بها الكتاب عند ابن رجب والداودي وبين التي سماها المؤلف، مع أن الكتاب واحد، لكن البغدادي عدهما في "هدية العارفين" (2/ 158) كتابين مختلفين: بيان الدليل، وبيان الإستدلال. • وصف الكتاب: وموضوع الكتاب يتعلق ببعض أحكام المسابقة في تعلم الفروسية والتدريب على المهارة فيها، وهذا الحكم هو جواز أو عدم جواز المحلِّل في السباق، وفحوى المسألة بالذات: هل يجوز أن يتسابق اثنان على الخيل ونحوها، على أن يخرجا جُعلاً يعطى لمن سبق من غير أن يُدخلا ثالثاً بينهما، وهو ما يسمى بالمحلِّل أم لا يجوز؟ وانتصر المؤلف للجواز. وقد جرى بين المؤلف ويين التقي السبكي -وكان قاضي القضاة آنذاك- خصومة بسبب تأليف هذا الكتاب، ذكرها الحافظ ابن حجر، فقال. "وجرت له محن مع القضاة منها في ربيع الأول، وطلبه السبكي بسبب فتواه بجواز المسابقة بغير محلِّل، فأنكر عليه، وآل الأمر إلى أنه رجع عما كان يفتي به من ذلك" (¬2). 8 - كتاب نكاح المُحْرِم ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 93) وابن العماد في "شذرات الذهب" (8/ 290). ولا نعلم عنه غير ذلك. 9 - كتاب حكم إغمام هلال رمضان ذكره ابن رجب (2/ 450) والداودي (2/ 93) وابن العماد (8/ 290). ¬

_ (¬1) إعلام الموقعين 4/ 19، ط. دار الحديث، القاهرة. (¬2) الدرر الكامنة 4/ 23، ط. المدني.

10 - التحبير فيما يحل ويحرم من لباس الحرير

وهو كتاب صنف فى مسألة حكم الصيام إذا كانت السماء ليلة الثلاثين من شعبان ملبَّدة بغمام أو قَترَ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في ذكر مصنفات القاضي أبي يعلى (ت 458 هـ) عند الكلام على كتابه "إيجاب الصيام ليلة الإغمام" (¬1). وفي هذه المسألة يضعِّف شيخ الإسلام ابن تيمية الرواية المعتمدة عند الحنابلة؛ والتي مُفادها وجوب الصيام في الحالة المذكورة، ويذهب إلى أن الثابت عن الإمام أحمد باستقراء نصوصه وألفاظه أنه كان يستحب صيام يوم الغيم اتباعاً لعبد الله بن عمر وغيره من الصحابة (¬2). فالظاهر أن العلامة ابن القيم ألف هذا الكتاب لنصرة هذا المذهب، ودعمه بالأدلة. والله أعلم. 10 - التحبير فيما يحل ويحرم من لباس الحرير ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 93) وابن العماد في "الشذرات" (6/ 168) والبغدادي في "هدية العارفين" (2/ 158). وكلهم سموه باسم: "التحرير فيما يحل ويحرم من لباس الحرير". وأما تسميته "التحبير ... " فهي التي ذكرها المؤلف في كتابه "زاد المعاد" (¬3). ولا نعلم عن مخطوطاته شيئاً. وهو في موضوع اللباس في بيان حكم لبس الحرير، كما هو واضح من العنوان، ومن كلامه في الإحالة عليه من "زاد المعاد". 11 - الفروسية الشرعية ويسمى أيضاً "الفروسية المحمدية". ذكره الصفدي في "الوافي بالوفيات" (2/ 271) وابن تَغْري بَرْدِي في "المنهل الصافي " (3/ 62) وأحمد عبيد في مقدمة "روضة المحبين" (ص: ت). وأحال عليه المؤلف في كتابه "إعلام الوقعين" في ذكر الحيل الباحة وأمثلتها ¬

_ (¬1) في الصفحة 84. (¬2) مجموع الفتاوى 25/ 99. (¬3) 3/ 488 و 4/ 78 من طبعة الرسالة، و 2/ 194 و 3/ 88 من طبعة الحلبي (1369 هـ).

في الفقه، وقد سبق نقل كلامه لدى التعريف بكتاب "بيان الدليل ... ". • مخطوطات الكتاب: قال الأستاذ أحمد عبيد: "في المكتبة الظاهرية بدمشق كتاب له ضمن مجموعة "الكواكب الدراري" (¬1) أوله: الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على جميع الأديان، قال فيه: هذا مختصر في الفروسية الشرعية النبوية ... إلخ" (¬2). وهذه المقدمة مثبتة أيضاً في النسخة المطبوعة، مما يدل على أن الكتاب هو نفسه. • طباعة الكتاب: طُبع بمصر سنة (1360 هـ/ 1941 م) بتعريف وتصحيح عزت العطار الحسيني. وقد كتب في صفحة العنوان: "قوبل على نسختين خطيتين خاصتين بكل من العالم السلفي الكبير الشيخ محمد نصيف، وصاحب السعادة الشيخ فوزان السابق وزير المملكة العربية السعودية المفوض بمصر". • وصف الكتاب: يتناول كتاب "الفروسية" أبحاث الرياضة البدنية التي عرفت عند العرب والمسلمين وصفاً وحكماً، وذلك كالسباق بالأقدام، والمسابقة بين الخيل، والمسابقة بين الإبل، والمصارعة، والنضال بالسهام، والرماية، والرهان، والطعن بالرمح، وركوب الخيل مسرجة ومعراة، والسباحة، وغير ذلك. قال مخرج الكتاب في مقدمته: "وبعد مطالعة هذا الكتاب النفيس وجدت أن مؤلفه الفاضل لم يترك ناحية ¬

_ (¬1) اسمه الكامل: الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري. مؤلفه ابن عروة الدمشقي الحنبلي المعروف بـ "ابن زكنون" (758 هـ - 837 هـ). ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (5/ 214) ووصف كتابه هذا وصفاً يستفاد منه أنه أدرج فيه كثيراً من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. (¬2) مقدمة روضة المحبين ص: ت.

12 - إعلام الموقعين عن رب العالمين

من النواحي الخاصة بالفروسية الإسلامية المحمدية التي فعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو أشرف عليها أو أجازها إلا وقتلها بحثاً وتحقيقاً من كل ناحية". والمؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- كما أفرد كتاباً لبيان بطلان اشتراط محلل للسباق، فقد بحث هذا الموضوع في مثاني كتاب "الفروسية" هذا، واستدل لما رآه من عدة وجوه مختصرة، وأفاض في الكلام عن الحديث الذي احتج به المشترطون، وهو حديث: "من أدخل فرساً بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فلا بأس، ومن أدخل فرساً بين فرسين وهو آمِنٌ أن يَسبق فهو قمار" (¬1). 12 - إعلام الموقعين عن رب العالمين هذا الكتاب من أشهر كتب ابن القيم وأكثرها فائدة للباحث في الفقه والأصول ومقررات الشرع الكلية. لذلك تكررت طباعته عدة مرات وانتشر في كل مكان. ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 450)، والصفدي في "الوافي بالوفيات" (2/ 271)، والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 93)، وابن العماد في "الشذرات" (8/ 289)، وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 125) والبغدادي في "الهدية" (2/ 158). وذكروا أن الكتاب يقع في ثلاثة مجلدات. • مخطوطات الكتاب: يُوجد منه الجزء الأول والثاني في مكتبة الحرم النبوي الشريف برقم (1653) و (1654)، عدد أوراقهما (105) و (227) ورقة، وهما بخط نسخي جيد، دون ذكر الناسخ أو تاريخ النسخ. • طباعة الكتاب: طُبع في أربعة مجلدات. طُبع بالمطبعة المنيرية بمصر بدون ذكر التاريخ، وطُبع بمطبعة السعادة بمصر سنة (1374 هـ/ 1955 م) بتحقيق عبد الرحمن الوكيل، وطُبع سنة ¬

_ (¬1) الفروسية ص: 37 - 53، وفيه كلام نفيس عن "المسند" وأحاديثه.

(1389 هـ/ 1969 م) بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. • وصف الكتاب: اختُلف في ضبط كلمة "أعلام" الواردة في عنوان الكتاب: هل هي بالكسر، فتكون كالإخبار وزناً ومعنى، أم بالفتح، وهو جمع عَلَم بمعنى شخص مشهور له أثره، والمقصود بالأعلام هنا الفقهاء المجتهدون. وعلى التقدير الأول يكون معنى العنوان: إخبار الموقِّعين الذين يوقِّعون عن الله -عَزَّ وَجَلَّ- بأحكام أفعال العبيد، وهم القضاة المفتون. وعلى التقدير الثاني يكون المعنى: كبار أهل العلم من القضاة والمفتين الموقعين عن رب العالمين، بما أوتوا من أهلية الإجتهاد المسوغة لهم هذا التوقيع. ونظراً لأن المؤلف ذكر في كتابه هذا أسماء جملة من المفتين من طبقة الصحابة وطبقة التابعين، وسائر من تلاهم من فقهاء الأمصار إلى زمن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-؛ الذي توسع في ذكر أصوله التي بنى عليها فتاويه واجتهاده. ثم ذكر مشروعية القياس وأطال في بحث هذا الموضوع، وتطرق إلى شرح كتاب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - في أصول القضاء. والكتاب في جملته يبحث في أدب الفتوى والعلم، وحكم التقليد، ومصطلحات الأئمة المجتهدين في فتاويهم، وحكم الأخذ بالحيل في الشرع، وغير ذلك من المباحث الأصولية الفقهية المتنوعة. نظراً لهذا كله، فإن من الصعوبة أن يقطع الإنسان بترجيح أحد الاسمين لعنوان الكتاب، فكان يسوغ تسميته بالوجهين لدلالة موضوع الكتاب على كلٍّ منهما، وهذا نظير ما وقع من الإختلاف في ضبط عنوان كتاب"الصحاح" للجوهري، هل هو بكسر الصاد أم بفتحها، وكلاهما سائغ في اللغة. ولعل المؤلف قصد الإحتمالين. والله أعلم. على أن بعض المترجمين ذكر الكتاب باسم "معالم الموقعين عن رب العالمين" كالصلاح الصفدي وابن تغري بردي، وأشار إليه المؤلف باختصار:

13 - الإجتهاد والتقليد

"المعالم"، في كتاب "الفوائد" وكتاب "إغاثة اللهفان" (¬1). فإذا جمعنا بين كلون المؤلف لم يُعلِّم كتابه بعنوان محدد، ولم يذكر أي تسمية في ديباجة الكتاب، وبين إحالته على كتاب "المعالم" في بعض كتبه، فإن الغالب على الظن أن اسمه الحقيقي هو"معالم الموقعين" وأن غيره من النساخ أو الطلاب سماه "إعلام الموقعين". والله أعلم. 13 - الإجتهاد والتقليد ذكره المؤلف في كتابه "مفتاح السعادة" وفي "تهذيب السنن" (¬2). ولا نعلم عنه غير ذلك. 14 - إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ولابن القيم كتاب آخر رسمه بعنوان "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" وهو مشهور ومطبوع متداول، ويسمى "الإغاثة الكبرى"، ولم نثبته هنا؛ لأنه ليس من منهجنا، فهو ليس كتاباً فقهياً ولا أصولياً، على ما فيه من المسائل التي يسوقها المؤلف عرضاً. وأما الكتاب المذكور في الترجمة فهو مشهور بين صفوف أهل العلم بـ "الإغاثة الصغرى". وهو عبارة عن رسالة خصصها ابن القيم لمسألة طلاق الغضبان وطلاق السكران، هل يقع أم لا يقع؟ وانتصر المؤلف إلى عدم الوقوع في الحالتين: حالة الغضب وحالة السكر. والكتاب ذكره ابن العماد في "الشذرات" (8/ 290) وذكر معه الإغاثة الكبرى باسم "إغاثة اللهفان" وذكر كتاباً ثالثاً باسم "مصايد الشيطان"، وهذا وهم -والله أعلم- فإن الكتاب الثالث الذي ذكره هو نفس الإغاثة الكبرى. وذكر ابن القيم كتابه هذا في "مدارج السالكين" في مباحث الغضب، فقال: "وقد أشبعنا الكلام في هذا في كتابنا المسمى: إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان" (¬3). ¬

_ (¬1) ابن القيم حياته وآثاره ص 130. (¬2) ابن القيم حياته وآثاره ص 120، ومقدمة تحقيق كتاب "الروح" ص 43. (¬3) مدارج السالكين 3/ 321، ط. دار الكتب العلمية، 1403 هـ.

15 - المسائل الطرابلسية

• طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة النهضة الحديثة بمصر، بتحقيق الشيخ محمد جمال الدين القاسمي، دون ذكر تاريخ النشر، وذكر على الطرة أنها نقلت من أصل مخطوط سنة (885 هـ) من المكتبة القاسمية بدمشق. 15 - المسائل الطرابلسية ويقال لها: الطرابلسيات. ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 93)، وقالا: في ثلاث مجلدات. وابن العماد في "الشذرات" (8/ 291) وقال مجلدان. وذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 158). وذكر الدكتور العموش في مقدمة تحقيق كتاب "الروح" (ص 55) أن الكتاب مخطوط، ولم يتسير الإطلاع على ذلك إلى الآن، فالله أعلم. • وصف الكتاب: وهذا الكتاب عبارة عن مجموعة فتاوى وردت على ابن القيم من طرابلس، فأجاب عنها بأجوبة ضمنها هذا الكتاب، وأطلق عليها اسم: "الطرابلسيات" على غرار ما كان سائداً في تلك الأزمنة من تسمية الأجوبة عن النوازل والأسئلة باسم البلد الذي وردت منه. وسبق في الكلام على "الطرق الحكمية" أنه كتاب منتزع من جملة هذه المسائل، وقد كتب الناسخ في مقدمته: "سئل الشيخ الإمام العالم العلامة ... عن مسائل عديدة تسمى الطرابلسيات وردت من طرابلس الغرب، فمنها ما قاله في جواب السائل ... إلخ" (¬1). 16 - بدائع الفوائد ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 450) والصفدي في "الوافي" (4/ 271) والداودي في "طبقات المفسرين" (2/ 93)، وغيرهم. وذكر ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 64) مختصر هذا الكتاب للشيخ ¬

_ (¬1) الطرق الحكمية ص 2، طبعة الإتحاد الشرقي بدمشق سنة (1375 هـ).

عبد الله أبا بُطين (ت 1282 هـ)، ولم يذكر الأصل، لأنه لم يتعرض لمؤلفات ابن القيم. • مخطوطات الكتاب: يوجد الجزء الثاني منه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رقم (2079) عدد أوراقه (211) ورقة، في (25) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخه إبراهيم بن شيت العجيري. • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة المنيرية (لصاحبها محمد منير الدمشقي) في القاهرة، بدون تاريخ، وصدر في أربعة أجزاء بمجلدين. وطُبع طبعة ثانية بتحقيق محمد بشير عيون، ونشرته مكتبة دار البيان بدمشق، سنة (1415 هـ/ 1994 م) في مجلدين. • وصف الكتاب: هو كتاب ضمَّن فيه المؤلف كتاب "نتائج الفكر" لأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (ت 581 هـ)، وما اشتمل عليه من مباحث لغوية، وتقريرات نحوية، وبيان لأسرار آيات قرآنية. ومن جملة المعارف التي أخذت حيزاً كبيراً من هذا الكتاب دقائق فقهية، وأبحاث شرعية، نقلها المؤلف عن كبار فقهاء المذهب؛ كالقاضي أبي يعلى، وأبي حفص البرمكي، وابن عقيل، وأبي الخطاب، وابن الزاغوني، وغيرهم. وليس أدل على ذلك من أن أول فائدة عقدها في هذا الكتاب تتعلق بالتفرقة بين حقوق المِلْك وحقوق المالك. وخصص في المجلد الثاني فصولاً في أصول الفقه والجدل وآدابه، كما نجد فيه شرحًا فريداً، واستنباطات نادرة لأحكام فقهية وغير فقهية من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_____ (¬1) مقدمة تحقيق الكتاب لمحمد بشير عيون، ص (د - هـ).

140 - ابن مفلح (763 هـ)

ومن هنا ساغ إدخال هذا الكتاب في جملة مصادر الفقه الحنبلي وأصوله. * * * 140 - ابن مُفْلح (763 هـ) هو محمد بن مُفْلح بن محمد بن مُفَرج، أبو عبد الله، شمس الدين، الراميني، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي. ترجمه الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/ 261) ط. دار الجيل، بيروت. له: 1 - الفروع. 2 - النكت والفوائد السنية = تعليقات علي المحرر. 3 - حاشية على المقنع. 4 - شرح على المقنع. 5 - تعليقة على منتقى الأحكام. 6 - كتاب في أصول الفقه. 7 - الآداب الشرعية: الكبرى، والوسطى، والصغرى. 1 - الفروع ذكره البرهان ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 520) وقال: قد اشتهر في الآفاق، وهو من أجل الكتب وأنفسها وأجمعها للفوائد. اهـ. وذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 113) وقال: جمع فيه غالب المذهب، ويقال: هو مِكْنسة المذهب، سمعت ذلك من شيخنا أبي الفرج. وهو كتاب جليل القدر عظيم النفع، لكنَّه لم يبيضه، فمن ثم كان فيه بعض أماكن. اهـ. وذَكَرته كثير من المصادر، اكتفيت منها بما ذكرت نظراً لشهرة الكتاب، وأن نسبته إلى المؤلف كالشمس.

• مخطوطات الكتاب: - توجد منه بعض نسخ في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، وبيانها كالتالي: • نسخة تتكون من: الجزء الأول: برقم (1439) عدد أوراقه (298) ورقة، في حجم (29) سطراً، بخط نسخ قديم معتاد، نُسخ سنة (789 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (164). • ونسخة تتكون من: الجزء الثاني: برقم (1440) عدد أوراقه (293) ورقة، في حجم (29) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ إبراهيم بن سليمان. ويبدأ هذا الجزء من باب الهدي والأضحية، وينتهي بالإقرار بالمجمل، وهو آخر الكتاب. ومنه صورة في جامعة أم القرى (166). • ونسخة تتكون من: الجزء الثاني: برقم (1469) عدد أوراقه (208) ورقة، في حجم (25) سطراً، بخط نسخ معتاد. ويبدأ هذا الجزء من كتاب الصيام وينتهي بكتاب الوصية. ومنه صورة في جامعة أم القرى (167). • ونسخة تتكون من: الجزء الثاني برقم (1441) عدد أوراقه (254) ورقة، بحجم مختلف، كتبت بخط نسخ قديم قليل الإعجام، وهو مخروم من طرفيه. ويبدأ هذا الجزء من كتاب اللقيط، وينتهي بكتاب القذف. ومنه صورة في جامعة أم القرى (165). - وتوجد منه قطعة في جامعة برنستون برقم (3907) عدد أوراقها (187)

ورقة، في حجم (25) سطراً، بخط دقيق، بخط علاء الدين المقدسي، وكتب على طرة الكتاب: "مِلك محمد بن عبيد الله بن داود، المرداوي، الحنبلي عفا الله عنه بمنه وكرمه. استنسخه لنفسه في شهور سنة ست وستين وسبع مئة". وهي نسخة ناقصة تنتهي عند باب المساقاة والمزارعة. - نسخة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة، عدد أوراقها (206) ورقة، في حجم (45) سطراً، نسخ أحمد بن بركات بن عمارة. ومنها صورة في الجامعة الإسلامية (7181/ 2). - نسخة في شستربتي رقم (3275) كتبها تلميذ المصنف: محمد بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن رزق الله، المقدسي، المرداوي سنة (768 هـ) وقابلها بخط المصنف. - نسخة في جامع عنيزة، وهي تتكون من الجزء الأول، كتبت بخط عبد الله المقدسي، فرغ منه سنة (869 هـ). وعليها تملك لعبد الرحمن بن عبد الله ابن أحمد، الدمشقي، الحنبلي. - ويوجد منه الجزء الثاني في مكتبة الحرم النبوي الشريف برقم (1404)، عدد أوراقه (141) ورقة. • طباعة الكتاب: طُبع بمطبعة المنار بالقاهرة سنة (1341 هـ/ 1922 م)، ومعه "تصحيح الفروع" للمرداوي، بعناية صاحبها الشيخ محمد رشيد رضا، وقدم له الأستاذ الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، وكانت الطبعة على نفقة الشيخ عبد الله بن الشيخ قاسم آل ثاني حاكم قطر سابقاً. وصدر في ثلاثة مجلدات. ثم أُعيد طبعه على نفقة ولده علي، وأشرف على الطبعة الثانية الشيخ أحمد المانع. وطُبع طبعة ثانية بدار مصر للطباعة سنة (1379 هـ/ 1959 م) بإشراف عبد اللطيف السبكي ومراجعة عبد الستار أحمد فراج، وصدر في ستة مجلدات.

وأعيد طبعه عن طريق التصوير بالأوفست سنة (1402 هـ/ 1982 م) وصدر عن عالم الكتب ببيروت. وأسال الله العون لإنهاء تحقيقه وإخراجه في طبعة جديدة مع "تصحيح المرداوي" و"حاشية ابن قُنْدس". • وصف الكتاب: هو عبارة عن متن من المتون المطولة، يقع في مجلد أو مجلدين (¬1). وأوضح المصنف طريقته في المقدمة، نثبتها هنا ببعض التصرف والإختصار، قال: "اجتهدت في اختصاره وتحريره، ليكون نافعاً وكافياً للطالب، وجردته عن دليله وتعليله غالباً، ليسهل حفظه وفهمه على الراغب. وأقدم غالباً الراجحَ في المذهب، فإن اختلف الترجيح أطلقت الخلاف، و: على "الأصح" أي: أصح الروايتين، و: "في الأصح" أي: أصح الوجهين. وإذا قلت: وعنه: كذا، أو: وقيل: كذا، فالمقدَّم خلافه، وإذا قلت: ويتوجه، أو: يقوى، أو: عن قول، أو رواية: وهو، أو: هي أظهر، أو أشهر، أو متجه، أو غريب، أو: بعد حكم مسألة: فدل، أو هذا يدل، أو ظاهره. أو يؤيده، أو المراد كذا فهو من عندي. وإذا قلت: المنصوص، أو: الأصح، أو: الأشهر، أو: المذهب كذا، فثَمَّ قول. وأشير إلى الخلاف والوفاق". اهـ. وذكر رموزاً من الحروف الأبجدية، على طريقة الغزالي في "الوجيز"؛ بعضها يشير إلى الإجماع، وبعضها إلى الوفاق مع بعض بقية الأئمة الثلاثة، وبعضها إلى الخلاف معهم أو مع بعضهم. فالكتاب مجرد من الأدلة حسبما أفادت المقدمة السابقة، لكن الغائص في ¬

_____ (¬1) هذا ليس على الشَّك وإنما لإختلاف النسخ التي وقعت منه لدى بعض العلماء، فقد ذكر ابن بدران أن عنده نسخة من مجلد واحد، وقال ابن حجر في "الدرر الكامنة": في مجلدين.

بحاره سرعان ما يرجع بعكس الصورة، فالكتاب فيه أدلة كثيرة، بل وتعليلات كثيرة، إلا أن المصنف لما لم يقصد إلى الإستدلال، بل قصد إلى جمع الفروع، كانت تلك الأدلة المقتضبة والتعليلات الموجزة، في جانب أمّ مقصوده، من نافلة العمل وكمالياته. • أهمية الكتاب وتقريظه: يعتبر "الفروع" من أعز ما زخرت به المكتبة الفقهية الحنبلية، ومن أتقن ما صُنف في الفقه الحنبلي المجرد، قل أن يوجد له نظير، فقد أجاد فيه إلى الغاية، وأورد فيه من الفروع الغريبة ما بهر به العلماء -كما قال الحافظ ابن حجر- كثرة وتحريراً، واعتنى بالخلاف والوفاق، فصارت فائدته متعدية إلى المستفيدين من أتباع المذاهب الأخرى، كما توجد فيه اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية. يقول محقق المذهب العلامة المرداوي في مدح هذا الكتاب وبيان مزاياه: "أما بعد، فإن كتاب "الفروع" تأليف الشيخ الإمام ... من أعظم ما صنف في فقه الإمام الرباني أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني -قدس الله روحه ونوَّر ضريحه- نفعاً، وأكثرها جمعاً، وأتمها تحريراً، وأحسنها تحبيراً، وأكملها تحقيقاً، وأقربها إلى الصواب طريقًا، وأعدلها تصحيحًا، وأقومها ترجيحًا، وأغزرها علماً، وأوسطها حجماً. وقد اجتهد في تحريره وتصحيحه، وشمر عن ساعده في تهذيبه، وتنقيحه، فحرر نُقُوله، وهذَّب أصوله، وصحح فيه المذهب، ووقع فيه على الكنز والمطلب ... إلى أن قال: إلا أنه -رَحِمَهُ اللهُ- لم يبيضه كله، ولم يُقرأ عليه، فحصل بسبب ذلك بعض خلل في مسائله" (¬1).اهـ. • الأعمال التي تمت على الكتاب: وُضعت على "الفروع" أعمال متنوعة، أكثرها تعليقات وتصحيحات واختصارات، من ذلك: 1 - حاشية لجمال الدين يوسف بن ماجد المرداوي (ت 783 هـ). وتسمى ¬

_____ (¬1) تصحيح الفروع بهامش "الفروع" 1/ 22. وقريب منه في "الإنصاف" 1/ 23.

2 - النكت والفوائد السنية = تعليقات على المحرر

"النهاية في تصحيح الفروع". 2 - حاشية لإسماعيل بن محمد بن بردس، البعلي (ت 786 هـ). 3 - حاشية لعلي بن محمود السَّلماني، المعروف بـ "ابن مغلي" (ت 828 هـ). 4 - حاشية لأحمد بن نصر الله، البغدادي، ثم المصري (ت 844 هـ). 5 - حاشية لأبي بكر بن إبراهيم، البعلي، ثم الدمشقي، الصالحي، المعروف بـ "ابن قندس" (ت 861 هـ). 6 - حاشية لعبد الله أبي بكر ابن زهرة الحمصي (ت 868 هـ). 7 - اختصار الفروع، لجمال الدين يوسف بن محمد بن عمر المرداوي (ت 882 هـ). ويسمى "الحلوى". 8 - اختصار الفروع، لأبي بكر بن زيد بن عمر الجراعي الدمشقي (ت.883 هـ). ويسمى "غاية المطلب في اختصار الفروع". 9 - تصحيح الفروع، للعلاء المرداوي (ت 885 هـ). ويسمى "الدر المنتقى والجوهر المجموع في تصحيح الخلاف المطلق في الفروع". 10 - حاشية لأحمد بن أبي بكر محمد بن العماد الحموي (ت 888 هـ). وتسمى "المقصد المنجح لفروع ابن مفلح". 11 - حاشية لشرف الدين موسى بن أحمد الحجاوي، صاحب "الإقناع" (ت 968 هـ). 2 - النُّكت والفوائد السنية = تعليقات على المحرر أي "محرر" المجد ابن تيمية. ذكره ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 520) وابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 113) والعليمي في "المنهج الأحمد" (5/ 119) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 678) و"الهدية" (2/ 162). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (34 - فقه حنبلي) عدد

3 - حاشية على المقنع

أوراقها (258) ورقة، في (17) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ أحمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن زريق المقدسي، سنة (863 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (12) ولديَّ أيضاً نسخة مصورة عنها. • طباعة الكتاب: طُبع على هامش "المحرر" في مطبعة السنة المحمدية سنة (1369 هـ/ 1950 م). 3 - حاشية على المقنع ذكرها ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 520) وابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 113) قال: في أربع مجلدات. والعليمي في "المنهج" (5/ 119). 4 - شرح المقنع ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" (14/ 294) قال: نحو ثلاثين مجلداً كما أخبرني بذلك قاضي القضاة جمال الدين. وكذا ذكره ابن مفلح (2/ 519) والعليمي (5/ 119) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 548) و"الهدية" (2/ 162). 5 - تعليقة علي منتقي الأحكام أي "منتقى" المجد ابن تيمية. ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" (14/ 294) وقال: في مجلدين. وكذا ذكره العليمي (5/ 119) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 340 - 341). 6 - كتاب في أصول الفقه ذكره ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 520) قائلاً: وهو كتاب جليلٌ، هذا فيه حذو ابن الحاجب في "مختصره"، ولكن فيه من النقول والفوائد ما لا يوجد في غيره، وليس للحنابلة أحسن منه. وكذا ذكره العليمي (5/ 119) وابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد"

7 - الآداب الشرعية: الكبرى - الوسطى - الصغرى

(ص 113) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 341) وابن بدران في "المدخل" (ص 241) ونقل عن العلاء المرداوي أنه قال: وهو أصل كتابنا -يعني تحرير المنقول- فإن غالب استمدادنا منه. اهـ. وأحال عليه ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" في عدة مواضع. • مخطوطات الكتاب وتحقيقه: - توجد منه نسخة في برلين رقم (4399) نُسخت سنة (765 هـ). ونسخة أخرى في المكتبة السعودية بالرياض برقم (596) في (193) ورقة نسخت سنة (1350 هـ) ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (88). - ومنه نسخة أخرى في جامعة أم القرى برقم (96) مصورة من مكتبة الشيخ عبد الله بن حميد، وهي في (254) ورقة ناقصة الأول، نسخت سنة (780 هـ). وحققه الدكتور فهد بن محمد السدحان، وقسمه قسمين: الأول قدمه رسالة ماجستير، والثاني رسالة دكتوراه، تقدم بذلك لجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية. 7 - الآداب الشرعية: الكبرى - الوسطى - الصغرى ذكره ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 520) قائلاً: الكبرى مجلدان، والوسطى مجلد، والصغرى مجلد لطيف. وكذا ذكره العليمي (5/ 119) وابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 113) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 341). • مخطوطات الآداب الكبرى: - منها نسخة في المكتبة المحمودية بالمدينهْ المنورة رقم (1706) عدد أوراقها (276) ورقة، في حجم (21) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ أحمد بن محمد بن ناصر، سنة (1212 هـ). وتتكون هذه النسخة من الجزء الأول. ومنها صورة في جامعة أم القرى (194).

- ونسخة في مكتبة أحمد الثالث بتركيا، تتكون من جزأين: الجزء الأول: رقم (174/ 1) عدد أوراقه (223) ورقة، في حجم (25) سطراً، بخط نسخ حسن. ومنه صورة في جامعة أم القرى (272). الجزء الثاني: رقم (174/ 2) عدد أوراقه (201) ورقة، في حجم (25) سطراً، بخط نسخ حسن. ومنه صورة في جامعة أم القرى (3). - ونسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق تحوي المجلد الأول فقط من الكتاب وعدد أوراقه (225) ورقة. - ومنه نسخة في جامعة أم القرى برقم (1574) وتحوي المجلد الثاني فقط، عدد أوراقه (245) ورقة. - نسخة موجودة في مكتبة الموسوعة الفقهية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت برقم (خ 243) وهي نسخة الشيخ عبد الله بن دحيان الحنبلي (ت 1349)، وهي كاملة تقع في جزأين: الجزء الأول (221) ورقة والثاني (258) ورقة، نسخت سنة (1244 هـ). • طباعة الكتاب (الآداب الكبرى): طُبع في ثلاثة أجزاء في مطبعة المنار بالقاهرة سنة (1348 هـ/ 1929 م)، بعناية الشيخ محمد رشيد رضا، واعتمد على ثلاث نسخ خطية غير ما ذكرنا: نسختان نجديتان، ونسخة مصرية. وأعادت نشره مكتبة الرياض الحديثة سنة (1391 هـ/ 1971 م). ثم حققه تحقيقاً جديداً الشيخ شعيب الأرنؤوط والأستاذ عمر القيام، على أربع نسخ خطية، وصدر عن مؤسسة الرسالة سنة (1416 هـ/ 1996 م) في ثلاثة أجزاء.

141 - يوسف المرداوي (769 هـ)

• وصف الكتاب: هو أجمع كتاب في "الآداب الشرعية"، فيما نعلم، "فقد جمع فيه المؤلف من النقول المتعلقة بالآداب نظير ما جمع في "الفروع"، من الأحكام الفقهية، وقد اشتمل على جملة كبيرة من الآداب الشرعية والمنح المرعية التي يحتاج إلى معرفتها أو معرفة كثير منها كل عالم أو عابد، بل كل مسلم. وقد كاد ابن مفلح أن يستوعب ما صُنف في جوامع الآداب، كتصنيف أبي داود، والخلال، وتلميذه عبد العزيز، وأبي حفص البرمكي، وأبي علي بن أبي موسى، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، وغيرهم. وأضاف إلى ذلك المصنفات الجزئية المتعلقة بموضوع واحد، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعاء، والطب، واللباس، وغير ذلك، كتصانيف الطبراني والآجري، وأبي محمد الخلال، والقاضي أبي يعلى، وابنه، وابن الجوزي، وغيرهم (¬1). وأكثر من النقل عن مثل "الفنون" لإبن عقيل، و"الرعاية الكبرى" لإبن حمدان، و"المستوعب" للسامرّي. ويحتوي هذا الكتاب -فضلاً عن الآداب- على كثير من الفقه الذي يستعرضه ابن مفلح استطراداً وتبعاً، حتى صار مصدراً من المصادر الثانوية في ذلك، ولهذا أدخله المرداوي -إلى جانب "الفروع"- في جملة مصادر كتابه "الإنصاف"، كما نص على ذلك في المقدمة (ص: 19 - 20). * * * 141 - يوسف المَرْدَاوي (769 هـ) هو يوسف بن محمد بن عبد الله بن محمد، أبو المحاسن، جمال الدين، المرداوي، المقدسي. ترجمه الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/ 470). (ط. دار الجيل). ¬

______ (¬1) الآداب الشرعية 1/ 2. نشر مكتبة الرياض الحديثة.

1 - كفاية المستقنع لأدلة المقنع

له: 1 - كفاية المستقنع لأدلة المقنع. 2 - الإنتصار في الحديث على أبواب المقنع. 3 - مختصر المحرر في الأحكام. 4 - حواش على المقنع. 5 - شرح المقنع. 6 - الواضح الجلي في نقض حكم ابن قاضي الجبل الحنبلي. 7 - الكفاية في الفرائض. 1 - كفاية المستقنع لأدلة المقنع أي "مقنع" الموفّق ابن قدامة المقدسي. ذكره البغدادي في "الإيضاح" (2/ 548) باسم "كفاية المستقنع في شرح المقنع"، قال: أوله: الحمد لله المتفضل على خلقه. مجلد. وبهذا الإسم ذكره صاحب "معجم المؤلفين" (4/ 180). وذكره الزركلي في "الأعلام" (8/ 250) بالإسم المترجم أعلاه. • مخطوطات الكتاب وتحقيقه: توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية، بنفس العنوان، رقم (11 - فقه حنبلي)، عدد أوراقها (218) ورقة، في حجم (17) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن أحمد بن عبد الله، المقدسي الصالحي. ومنها صورة في جامعة أم القرى (198) وأخرى في الجامعة الإسلامية (7334/ 2). وحُقق الكتاب في جامعة أم القرى، حققه عبد الله بن عائض الزهراني ومحمد بن عبد الله الغامدي وسمير بن خليل المالكي، وقدم لنيل درجة الماجستير سنة (1415 هـ).

2 - الإنتصار في الحديث على أبواب المقنع

2 - الإنتصار في الحديث على أبواب المقنع وهو نفس "كفاية المستقنع" على ما سيأتي. ذكره الذهبي في "المعجم المختص" قائلاً: جمع كتاباً في أحاديث الأحكام حسنًا يشبه "المحرر" لإبن عبد الهادي. ونقله عنه ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (3/ 147) وقال: وكتابه هذا يسمى"الإنتصار"، وبوب على أبواب "المقنع" في الفقه، وهو محفوظنا. اهـ. وكذا ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 176 - 177) وقال: كتاب جيد نافع. والعليمي في "المنهج" (5/ 129) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 372) وابن حميد في "السحب" (ص 1178) والبغدادي في "الهدية" (2/ 557) وابن بدران في "المدخل" (ص: 476) والزركلي في "الأعلام" (8/ 250). وأحال عليه ابن مفلح في "الآداب" (1/ 107، 209،151، 469). وقال الدكتور عبد الرحمن العثيمين (¬1) عن هذا الكتاب: "كتابه الإنتصار هو المعروف بـ "مختصر أحاديث الأحكام"، وسمي في بعض نسخه "كفاية المستقنع لأدلة المقنع"، هما كتاب واحد يعمل على تحقيقه طالبان فاضلان من طلبة الدراسات العليا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، وهما من طلبتي، وجهتهما إليه، أرجو الله أن ينفعهما وينفع بهما. وكنت أظن أن "كفاية المستقنع" كتاب آخر غير "الإنتصار" أو "مختصر أحاديث الأحكام" وبمقارنتهما تبين أنهما كتاب واحد؛ لذا يصحح ما جاء في هامش "المقصد الأرشد" (¬2). 3 - مختصر المحرر في الأحكام و"المحرر" لإبن عبد الهادي المقدسي. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 177). ¬

_ (¬1) السحب الوابلة 3/ 1179. (¬2) 3/ 147.

4 - حواش على المقنع

4 - حواش على المقنع ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 177). 5 - شرح المقنع ذكره ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/ 470) وابن حميد في "السحب" (ص 1178) نقلا عن ابن حِجِّي، وكذا ابن العماد في "الشذرات" (8/ 372). 6 - الواضح الجلي في نقض حكم ابن قاضي الجبل الحنبلي ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 129) وذكره بعض قصة تأليف هذا الكتاب. وكذا ذكره ابن العماد في "الشذرات" (8/ 372) وابن حميد في "السحب" (ص 1179) وكحالة في "المعجم" (4/ 180). • طباعة الكتاب: طُبع ضمن مجموع في المناقلة والإستبدال بالأوقاف، عني بجمعه وتحقيقه الدكتور محمد سليمان الأشقر. وسبب تأليف هذا الكتاب: أن القاضي شرف الدين أحمد بن الحسن، المقدسي، المعروف بـ "ابن قاضي الجبل" (ت 771 هـ) صاحب "الفائق"، ذهب إلى القول بجواز بيع الوقف والمناقلة به، ولو في حالة عدم خرابه وتعطل منافعه، فيما إذا كان في ذلك مصلحة. وحكم بذلك في قضية وقعت، نيابة عن القاضي المالكي: جمال الدين المسلّاتي، فعارضه القاضي جمال الدين المرداوي في ذلك، وقال: حكمه باطل على قواعد المذهب، وصنف كتابه المذكور في استقصاء موضوع هذه المسألة. ووافقه صاحب "الفروع" على ذلك. ثم إن ابن قاضي الجبل صنف، هو الآخر، تصنيفاً في الموضوع سماه "المناقلة بالأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف" وأجاد فيه. ووافقه على جوازها الشيخ برهان الدين ابن القيّم، والشيخ عز الدين حمزة، المعروف بـ "ابن شيخ السلامية" وصنف فيه مصنفاً سماه "رفع المثاقلة في منع المناقلة" ووافقه أيضًا جماعة في عصره،

7 - الكفاية في الفرائض

وكلهم اتبعوا في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، الذي ذكره وجهاً في المذهب، واختاره (¬1). وحكى ابن رجب في "قواعده" روايتين في هذه المسألة (¬2). 7 - الكفاية في الفرائض توجد منه نسخة خطية في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (911) في (10) ورقات، مسطرتها (19) سطراً، بخط نسخي مقروء، ولم يذكر اسم الناسخ. وقد كُتبت وقوبلت على نسخة المصنف كما ذكر ذلك في آخر الكتاب. وعلي طرة النسخة أنها برسم عبد العزيز بن عبد اللطيف بن محمد الشهير بـ"ابن البغدادي" البعلي الحنبلي (¬3). * * * 142 - ابن شَيخ السلَّامِيَّة (769 هـ) هو حمزة بن موسى بن أحمد بن الحسين، أبو العباس، شرف الإسلام، المعروف بـ"ابن شَيخ السَّلامِيَّة". ترجمه الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (2/ 77) (ط. دار الجيل). له: 1 - الآداب الشرعيّة. 2 - النكت على المحرر. 3 - شرح منتقى الأحكام. ¬

_____ (¬1) البداية والنهاية 14/ 254 (في تفصيل قصة هذه المسألة)، الإنصاف 16/ 523 - 525، السحب الوابلة (ص: 379، 1179). وقد جمع من الرسائل المؤلفة في هذا الموضوع الدكتور محمد سليمان الأشقر -كما سبقت الإشارة - ثلاثاً: 1 - المناقلة والإستبدال، لإبن قاضي الجبل. 2 - الواضح الجلي، ليوسف المرداوي. 3 - رسالة في المناقلة بالأوقاف لإبن زريق الحنبلي. وهو من منشورات مؤسسة الرسالة. (¬2) ينظر الفرع السادس من القاعدة (143). (¬3) نوادر مخطوطات علامة الكويت الدحيان، للعجمي، ص 59.

1 - الآداب الشرعية

4 - مختصر شرح الهداية. 5 - نقص إجماع ابن حزم. 6 - رفع المثاقلة في منع المناقلة. 1 - الآداب الشرعية ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 35) قال: في مجلدين. 2 - النكت على المحرر أي "محرر" المجد ابن تيمية. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 35) وقال: في مجلدين. ونقل منه شذرات مما يُعد من غرائب تعاليقه. وقال: كلامه يدل على فقهه وذكائه وجودة فقهه. 3 - شرح منتقى الأحكام ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 35) نقلاً عن ابن كثير قال: قطعة صالحة. وقال ابن رافع: جمع على المنتقى في الأحكام عدة مجلدات. اهـ. وكذا ذكره صاحب "القلائد الجوهرية" (2/ 423) والنعيمي في "الدارس" (2/ 76) وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 362 - 363) والعليمي في "المنهج" (5/ 132) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 367) وابن حميد في "السحب" (ص 378) وابن بدران في "المدخل" (ص 413). وغالب هذه المصادر كررت ذكر هذا الشرح تبعا لذكر ترجمته مكررة من ذيل ابن كثير، ووفيات ابن رافع. 4 - مختصر شرح الهداية أي شرح المجد ابن تيمية لها. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 35). 5 - نقض إجماع ابن حزم وهو الكتاب المسمي "مراتب الإجماع".

6 - رفع المثاقلة في منع المناقلة

ذكره النعيمي في "الدارس" (2/ 75) باسم: شرح مراتب الإجماع. وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (2/ 423) باسم: استدراكات على ابن حزم. وذكره ابن مفلح في "المقصد" (1/ 362) والعليمي في "المنهج" (5/ 132) وابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 35) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 367) وابن حميد في "السحب" (ص 378). ويوجد في عالم المطبوعات كتاب بعنوان "نقض مراتب الإجماع"، وهو مطبوع بهامش "مراتب الإجماع"، منسوباً إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، ولم أجد له في المصادر التي ذكرت تصانيفه أن له كتاباً بهذا العنوان أو بعنوان مقارب، والذي يبدو في النظر أن هذا الكتاب المطبوع هو نفس كتاب ابن شيخ السلامية، ولكن ظن ناشره أو ناسخه أنه لإبن تيمية من أجل كثرة النقول عنه في هذا الكتاب، ولا غرابة في ذلك، فقد كان ابن شيخ السلامية -كما قال مترجموه- من المعتنين بفتاوى شيخ الإسلام، المنتصرين لآرائه وأقواله. فليحرر. والله أعلم. 6 - رفع المثاقلة في منع المناقلة ذكره المرداوي في "الإنصاف" (16/ 525) والعليمي في "المنهج" (5/ 132) ووقع في المطبوعة "دفع ... ". وابن العماد في "الشذرات" (8/ 367) وابن حميد في "السحب" (ص 378). • ما قيل حول هذا الكتاب وموضوعه: قال العليمي: اختار جواز بيع الوقف للمصلحة، موافقة لإبن قاضي الجبل وغيره، وصنف فيه مصنفاً (¬1). وذكر ابن حميد: أنه تعقب في كتابه هذا كتاب الجمال يوسف المرداوي السالف الذكر، والذي سماه "الواضح الجلي" كما تعقبه العلامة عز الدين أحمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن التقي سليمان بن حمزة، وألّف في المسألة مؤلَّفاً بسط فيه القول، وفصَّل أحكام الوقف، وحقق المسألة، وذكر سبب تصنيف القاضي ¬

_______ (¬1) المنهج الأحمد 5/ 132. ونحوه في الشذرات 8/ 367 والسحب (ص 378).

143 - ابن قاضي الجبل (771 هـ)

جمال الدين المرداوي لكتابه المذكور، ومن وافقه ومن خالفه. * * * 143 - ابن قاضي الجبل (771 هـ) هو أحمد بن الحسن بن عبد الله بن الشيخ أبي عمر، أبو العباس، شرف الدين، المقدسي الصالحي، المعروف بـ"ابن قاضي الجبل". حفيد الشيخ ابن أبي عمر الذي تنسب إليه المدرسة العمرية الكائنة بالصالحية. ترجمه ابن رجب في "الذيل" (2/ 453). له: 1 - الفائق. 2 - كتاب المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف. 3 - القواعد الفقهية. 4 - كتاب في أصول الفقه. 5 - تنقيح الأبحاث في رفع التيمم للأحداث. 6 - الرد على إلكيا الهرّاسي. 7 - قطر الغمام في شرح أحاديث الأحكام. 1 - الفائق ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 453) قال: مجلد كبير. وابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 95) والعليمي في "المنهج الأحمد" (5/ 136) وابن حميد في "السحب" (ص: 133، 135) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 146) وابن بدران في "المدخل" (ص 410). وذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 1217) والبغدادي في "الهدية" (1/ 113). وهو من جملة مصادر "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 20) قال: إلى النكاح.

2 - كتاب المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف

وذكر الشطي في "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 71) أنه اطلع على هذا الكتاب بخط جمال الدين ابن عبد الهادي. 2 - كتاب المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 453) وقال: مجلد صغير. والعليمي في "المنهج" (5/ 137) وابن حميد في "السحب" (ص 135). وذكره المرداوي في "الإنصاف" (16) 525) والرحيباني في "مطالب أولي النهى" (4/ 368). • طباعة الكتاب: طُبع ضمن مجموع ثلاث رسائل في نفس الموضوع، عني بجمعه وتحقيقه الدكتور محمد سليمان الأشقر (¬1). 3 - القواعد الفقهية ذكره العليمي في "المنهج الأحمد" (5/ 136). • نسخه الخطية: توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (2754) عدد أوراقها (157) ورقة بخط معتاد. وتتألف هذه النسخة من الجزء الأول من الكتاب. ومنه صورة في جامعة أم القرى (274). 4 - كتاب في أصول الفقه ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 453) وقال: مجلد كبير لم يتمه وصل فيه إلى أوائل القياس. اهـ. وذكره ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 95) والعليمي في "المنهج" (5/ 136) والنعيمي في "الدارس" (2/ 45) وابن حميد في "السحب" (ص 135). ¬

_____ (¬1) ينظر الصفحة 385 تعليق رقم (1).

5 - تنقيح الأبحاث في رفع التيمم للأحداث

5 - تنقيح الأبحاث في رفع التيمم للأحداث ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 453) وقال: مجلد صغير. وابن حميد في "السحب" (ص 135) والبغدادي في "الهدية" (1/ 113). وموضوع الكتاب -كما يبدو- هو بحث مسألة: هل يُعدّ التيمم مبيحاً فقط لما منعه الحدث من صلاة وغيرها مع قيام المانع، أو هو رافع للحدث حتى يجد الماء ويقدر على استعماله؟ ولعل المصنف رجح القول الثاني، بدليل أنه اختاره في كتابه "الفائق"، في جملة من الأصحاب كأبي محمد ابن الجوزي وابن رزين. وقال المرداوي: وقال الشيخ تقي الدين أيضاً في "الفتاوى المصرية": التيمم لوقت كل صلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى أعدل الأقوال (¬1). 6 - الرد على إِلْكِيا الهَرّاسي ذكره ابن رجب في "الذيل" (2/ 453) قال: كتب فيه مجلدين. وذكره ابن حميد في "السحب" (ص 135) والثقفي في "مفاتيح الفقه الحنبلي" (2/ 161). 7 - قطر الغمام في شرح أحاديث الأحكام قال ابن رجب في "الذيل" (2/ 453): وشرح "المنتقى" للشيخ مجد الدين: قطعة من أوله، سماه "قطر الغمام ... ". وذكره ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 95) والعليمي في "المنهج" (5/ 136) والنعيمي في "الدارس" (2/ 45) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (2/ 492) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1815) والبغدادي في "الهدية" (1/ 113). * * * 144 - الزَّرْكَشي (772 هـ) هو محمد بن عبد الله بن محمد، أبو عبد الله، شمس الدين، الزركشي المصري. ¬

____ (¬1) الإنصاف 2/ 242.

1 - شرح الخرقي

ترجمه ابن تَغْرِي بَرْدي في "النجوم الزاهرة" (11/ 117) (ط. وزارة الثقافة والإرشار القومي). له: 1 - شرح الخرقي. 2 - شرح قطعة من المحرر. 3 - شرح قطعة من الوجيز. 1 - شرح الخرقي ذكره العليمي في "المنهج الأحمد" (5/ 137) وقال: لم يُسبق إلى مثله، وكلامه فيه يدل على فقه نفس، وتصرف في كلام الأصحاب. قال: تُوفي -رَحِمَهُ اللهُ- ... ولم يبيض أكثره، ووُجد في بعض نسخ الشرح أن الذي بيّض بقيته بعده عمر بن عيسى بن محمد الحنبلي، نزيل جامع أحمد بن طولون. وهذا الرجل لم يعرف له ترجمة (¬1). وفرغ هذا الرجل من تبييض بقية الشرح في، آخر يوم الأربعاء سادس عشر جمادى الأولى سنة أربع وسبعين وسبعمئة. اهـ. وذكره ابن العماد في "الشذرات" (8/ 384) وابن حميد في "السحب" (ص 967) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 47) وابن بدران في "المدخل" (ص 211). وهو من مصادر المرداوي في كتابه "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 21) وأكثر من النقل عنه. • نسخه الخطية: - يُوجد منه الجزء الثاني في جامعة أم القرى (265) مصوراً عن نسخة هندية، عدد اوراقه (58) ورقة، في (19) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ عبد الرحمن بن أحمد بن عيسى، سنة 871 هـ. ¬

_____ (¬1) السحب الوابلة ص 238.

- ويوجد منه الجزء الثاني في مكتبة شستربتي رقم (3871) عدد أوراقه (259) ورقة، في (25) سطراً، نسخ محمد بن عمر بن علي، البعلي، الحنبلي، سنة (875 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (33). - ويوجد منه جزءان من نسختين في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة: النسخة الأولى يوجد منها: الجزء الأول: رقم (1435) عدد أوراقه (221) ورقة، في (23) سطراً، بخط نسخ حسن. ومنه صورة في جامعة أم القرى (143). النسخة الثانية يوجد منها: الجزء الثاني: رقم (1436) عدد أوراقه (258) ورقة، في (31) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ حسن بن علي بن إبراهيم، المرداوي، الحنبلي، سنة (902 هـ). ومنه صورة في جامعة أم القرى (144). • طباعة الكتاب: طُبع بدراسة وتحقيق وتخريج الشيخ الفاضل عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، وصدر عن مكتبة العبيكان سنة (1413 هـ/ 1993 م) في سبعة مجلدات. واعتمد علي نسختي المحمودية وشستربتي، بالإضافة إلى خمس نسخ أخرى حصل عليها من بعض المكتبات الخاصة المحلية لبعض مشاهير العلماء. • وصف الكتاب: هو شرح موضوعي موسع لمختصر الخرقي. وطريقته فيه: أن يبدأ بإيراد المتن مصدّراً بلفظة: (قال)، ثم يورد الشرح عقبه مصدّراً بحرف (ش)، فيشرح المتن ويوضحه أتم إيضاح غالباً، ويعضده

بما اطلع عليه من الأقوال والنقول، ويستوفي ذكر الروايات والوجوه إضافة إلى ما ذكره الخرقي، ويرجح منها ما ترجح عنده بما يسرده من الأدلة والحجج، ويحقق المسألة في الغالب تحقيقاً كافياً شافياً. ثم يذكر مفهوم كلام الخرقي وما يشير إليه وما يدخل تحته، فيشرح ذلك كغيره، ثم ينبه على بعض الأقوال التي قيلت أو نُقلت، وفيها خطأ أو لم يُعرف المراد بها، ثم يشرح غالبًا المفردات اللغوية التي تمر في الأحاديث أو في بعض النقول. ويتميز هذا الشرح بالعناية البالغة بإيراد الأحاديث والآثار، واستقصائها غالبا مع ذكر مصادرها وعزوها إلى مخرجيها. ويمتاز عن "المغني" بالتوسع في شرح المسألة التي هي نص المتن، وإيراد الكثير من الأدلة والآثار والتعليلات والتوجيهات، وغير ذلك (¬1). • الأعمال التي تمت عليه: اختُصر، ونُقِّح: 1 - فقد اختصره مؤلفه، ذكر العليمي ذلك في "المنهج" (5/ 137) وقال: لم يكمله، بقي منه قدر الرُّبع، وصل فيه إلى أثناء باب الأضاحي. اهـ. وذكر الشيخ محمد بن مانع في مقدمته لمختصر الخرقي أن غيره من الحنابلة أكمله، كما في "الضوء اللامع" للسخاوي، أن بعض المشايخ سعى في طبعه ونشره (¬2). 2 - ونقّحه المحب أحمد بن نصر الله، الكرماني، البغدادي (ت 844 هـ). ويوجد هذا التنقيح على نسخة الخيال التي هي من جملة النسخ التي اعتمد عليها الشيخ الجبرين في التحقيق. وتوجد قطعة في مخطوطات الظاهرية رقم (3779) بعنوان "حواش على الزركشي" لمؤلف مجهول، وهي تحتوي على (60) ورقة بخط أحمد بن حسن بن عبد الهادي، المقدسي. فلعلها من هذا الكتاب. ¬

_____ (¬1) مقدمة تحقيق شرح الزركشي ص 49. (¬2) مقدمة تحقيق شرح الزركشي ص 89. وقال ابن حميد في "السحب" (ص 238): هذا الرجل الذي أكمل هذا الشرح، واسمه عمر بن عيسى، لا تعرف له ترجمة.

2 - شرح المحرر

2 - شرح المحرر شرح قطعة منه فقط. ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 137) وقال: من النكاح إلى أثناء الصداق، قدر مجلد. وكذا ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 967). وذكر الشيخ الجبرين في مقدمة تحقيق "شرح الزركشي على الخرقي" (ص 90) أن ابن نصر الله البغدادي نقل نقولاً من هذا الكتاب وعزاها للزركشي، في حواشٍ له وُجدت على إحدى نُسخ الشرح المذكور، وهي نسخة الخَيَّال. ونقل من هذا الشرح عبد الوهاب بن فيروز في حاشيته على "الروض المربع". 3 - شرح الوجيز شرح قطعة منه فقط. ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 137) وقال: من العتق إلى الصداق، واستمد فيها من مسودة "شرح المحرر" للشيخ تقي الدين، وزاده محاسن. اهـ. وكذا ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 967). وهو من مصادر "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 22). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (1393) عدد اوراقها (137) ورقة، في حجم (21) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ سليمان بن عبد اللطيف بن سليمان، المقدسي، المرداوي، الحنبلي، سنة (867 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (263) وأخرى في الجامعة الإسلامية (7538). وتبدأ هذه النسخة بكتاب العتق، وتنتهي عند كتاب الصداق، تماماً كما ذكرتْ مصادر ترجمته. - ومنه نسخة في المكتبة الأزهرية رقم (61 - فقه حنبلي) عدد أوراقها

145 - ابن المجاور (772 هـ)

(130) ورقة، في حجم (25) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ عبد الحق بن إدريس، الأنباري، سنة (774 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (11) وصورتان في الجامعة الإسلامية: (7537) و (2655). ــ وهناك نسخة مماثلة للسابقة في الأزهرية أيضاً برقم (61/ 10642) وصورتها في أم القرى (75). وحُققت هذه القطعة في رسالة جامعية في الجامعة الإسلامية. * * * 145 - ابن المُجَاوِر (772 هـ) هو حسن بن محمد بن صالح بن المجاور، أبو علي، بدر الدين، القرشي، النابلسي، ثم المصري. ترجمه الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (2/ 36). له: حجة المعقول المنقول في شرح روضة الأصول ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 25) قال: وهو من أجلّ تآليفه. وكذا ذكره ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 369) نقلاً عن العلامة عبد القادر بن محمد الجزيري. وذكره الزركلي في "الأعلام" (2/ 216). * * * 146 - السُّرَّمَرِّي (776 هـ) هو يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد، أبو المظفر، جمال الدين، العبادي، السُّرَّمَرِّي (¬1). ¬

______ (¬1) نسبة إلى سُرّ من رأى، أو سامراء.

1 - نظم مختصر ابن رزين

ترجمه الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/ 473). له: 1 - نظم مختصر ابن رزين. 2 - إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة. 3 - الأرجوزة الجلية في الفرائض الحنبلية. 4 - صحاح الأحكام وسلاح الحكام. 5 - الإفادات المنظومة في العبادات المختومة. 1 - نظم مختصر ابن رزين أي اختصار ابن رزين لكتاب "المغني" لإبن قدامة. ذكره العليمي (5/ 144) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 429) والزركلي في "الأعلام" (8/ 250). 2 - إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة ذكره الزركلي في "الأعلام" (8/ 250). ومنه نسخة في المكتبة الأزهرية رقم (508) عدد أوراقها (155) ورقة، في حجم (17) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ أحمد بن عبيد الحجاوي الحنبلي، سنة (1173). ومنها صورة في جامعة أم القرى (21). 3 - الأرجوزة الجلية في الفرائض الحنبلية ذكره الزركلي في "الأعلام" (8/ 251) ورمز إلى وجود مخطوطته. وذكره الدوسري في ذيل "الدر المنضد" (ص 89) وقال: منه نسخة بدار الكتب المصرية رقم (91 - فرائض). 4 - صحاح الأحكام وسلاح الحكام ذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 558) وكحالة في "المعجم" (4/ 181).

5 - الإفادات المنظومة في العبادات المختومة

5 - الإفادات المنظومة في العبادات المختومة ذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 558) وكحالة في "المعجم" (4/ 181). * * * 147 - بَدْر الدين البَعْلي (777 هـ) هو محمد بن علي بن محمد بن أسْبَا سَلَار، أبو عبد الله، بدر الدين، البعلي. ترجمه ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/ 84). له: 1 - التسهيل. 2 - مختصر الفتاوى المصرية لإبن تيمية. 1 - التسهيل ذكره العليمي في "المنهج الأحمد" (5/ 146) وقال: وهو من المختصرات النافعة، وعبارته وجيزة مفيدة، وفيه من الفوائد مالم يوجد في غيره من المطوّلات. وذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 145) وقال: وهو قول واحد في مذهب أحمد، لم يذكر فيه خلافاً إلاّ باب صلاة الجماعة، فإنه جمع فيه مسائل وأطلق فيها الخلاف. وذكره ابن العماد في "الشذرات" (8/ 439). وذكر ابن مفلح في "المقصد الأرشد" في ترجمة علاء الدين ابن المغلي (ت 828 هـ) أنه كان يحفظ هذا الكتاب، ويستحضر غالب شرحه لأبي بكر الجُرَاعي. كما ذكر ابن حميد في "السحب" (ص 517) في ترجمة العليمي (ت 928 هـ) أنه لما دخل القاهرة سنة (880 هـ) حفظ هذا الكتاب وحَلَّ ألفاظه على شيخه بدر الدين السعدي. وذكره المرداوي في جملة مصادر "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 21).

• مخطوطات الكتاب وتحقيقه: توجد منه نسخة في الاتحاد السوفييتي (سابقاً) رقم (1654) عدد أوراقها (41) ورقة، في (17) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ خليل بن عبد القادر الحنفي، سنة (897 هـ). ومنه صورة في أم القرى (117) -ونُسب في الفهارس إلى ابن أبي الفتح البعلي (ت 709 هـ) فليصحح- وصورتان في الجامعة الإسلامية: (8299/ 1) و (8694/ 2). • طباعة الكتاب: طُبع بتحقيق الدكتورين: عبد الله بن محمد الطيار، وعبد العزيز بن محمد الحجيلان، وصدر عن دار العاصمة بالرياض سنة (1413 هـ/1993 م) ثم سنة (1418 هـ/1998 م) في مجلد لطيف. • وصف الكتاب: هو متن مختصر من المختصرات الجامعة في المذهب، مع سهولة العبارة وجودة الأسلوب وحسن الصياغة، بناه المؤلف "على القول الصحيح مما اختار 5 معظم الأصحاب، تسهيلاً على الطلاب، وتذكرة لأولي الألباب، مع كثرة علمه، وقلة حجمه" (¬1). وعلي الرغم من صغر حجم هذا المتن، فإن فيه من الفوائد -كما قال العليمي- مالم يوجد في غيره من المطولات، أقبل عليه الطلاب المبتدئون بالحفظ، كما أثنى عليه العلماء، ومنهم الشيخ عبد الله بن حميد صاحب "الدر المنضد"، فقد قال فيه: "مختصر مفيد جداً، فيه من الفوائد ما لا يوجد في غيره من المطولات". • الأعمال التي تمت عليه: شرحه أبو بكر بن زيد الجُراعي، المتوفى سنة (883 هـ) كما سيأتي. ¬

_ (¬1) ما بين الهلالين مقتبس من مقدمة المؤلف ص 40.

2 - مختصر الفتاوى المصرية لإبن تيمية = مختصر "الدرر المضية"

2 - مختصر الفتاوى المصرية لإبن تيمية = مختصر "الدرر المضية" ذكره الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/ 84) وقال: سماه "التسهيل". وهذا يفيد أنه هو نفس الكتاب السابق. والواقع أنهما كتابان مختلفان. والله أعلم. وأحال عليه صاحب "الفواكه العديدة" (1/ 239) دون ذكر مصنفه. • مخطوطاته: توجد منه نسخة في المكتبة الأزهرية برقم (657) عدد أوراقها (202) ورقة، في حجم مختلف، بخط نُسخ معتاد، نُسخ سنة (1322 هـ) دون معرفة الناسخ. ومنها صورة في جامعة أم القرى (7). كما توجد منه نسخة في مكتبة جامع عنيزة، منسوخة بخط سليمان بن عبد العزيز بن محمد البسام، وهي عارية من ابن الناسخ محمد في المكتبة (¬1). • طباعه الكتاب: طُبع على النسخة الأزهرية المذكورة، في مطبعة السنة المحمدية بتقديم صاحبها الشيخ محمد حامد الفقي، وقام بالتصحيح الشيخ عبد المجيد سليم. وصدر سنة (1368 هـ/ 1949 م) في مجلد. ومقدمته مختصره جداً، جاء في طرفها: " ... وقد استخرت الله تعالى في اختصار شيء من "الدرر المضية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" مما أكثره فقهُ المسائل، وما عسر علمه على الأوائل". * * * 148 - يوسف المَرْداوي (783 هـ) هو يوسف بن مساجد بن أبي المجد بن عبد الخالق، أبو المحاسن، جمال الدين، المقدسي، المَرْداوي. ترجمه ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/ 468). ¬

____ (¬1) علماء نجد 3/ 271.

1 - شرح المحرر

له: 1 - شرح المحرر. 2 - النهاية في تصحيح الفروع. 3 - المقرر على أبواب المحرر. وقال ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 180): صنف كتاباً في الفقه، وحكى فيه خلافاً كثيراً، وفيه أوهام كثيرة، وفيه مواضع حسنة، ويذكر في بعض المواضع الخلاف بصيغة "أو". 1 - شرح المحرر ذكره الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/ 468) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 48). وكحالة في "معجم المؤلفين" (4/ 178). 2 - النهاية في تصحيح الفروع ذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 48) بهذا الإسم. وذكره الشيخ ابن مانع في تقديمه لكتاب "الفروع" (ص 8 جـ) باسم: نهاية الحكم المشروع في تصحيح الفروع. وقال: نقل عنه شارح "الإقناع". وأشار إليه ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 180) دون تسمية، فقال: وبيّض "الفروع" وزاد فيها ونقص، وناقش المصنف فيها في أماكن. 3 - المقرر على أبواب المحرر وهو كتاب في أحاديث الأحكام رتبه على أبواب "المحرر" للمجد ابن تيمية، على غرار ما صنع ابن عُبَيدان في كتابه "المطلع"، ويوسف المرداوي (ت 769 هـ) في كتابه "الإنتصار". • نسخه الخطية توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (25922 ب) عدد أوراقها (74) ورقة، في حجم (33) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ محمد أبو المحارم بن عبد الله بن الزين، سنة (831 هـ).

149 - العنبتاوي (784 هـ)

ومنه صورة في جامعة أم القرى (218). * * * 149 - العَنْبَتَاوي (784 هـ) هو عبد الرحمن بن حمدان، زين الدين، العَنبتَاوي (¬1) ترجمه ابن حجر في "إنباء الغمر" (2/ 112) ط. حيدر آباد، تحقيق محمد عبد العيد. له: مختصر الأحكام للمرداوي ذكره ابن حجر في "إنباء الغمر" (2/ 112) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 489) وابن حميد في "السحب" (ص 487). وهو اختصار لكتاب "الإنتصار في الحديث على أبواب المقنع" لأبي المحاسن يوسف بن محمد، المرداوي، المقدسي (ت 769 هـ) صاحب كفاية المستقنع ... " الذي قيل: إنه هو"الإنتصار"، نفسه. * * * 150 - ابن بَرْدَس (786 هـ) هو إسماعيل بن محمد بن بَرْدَس بن رَسْلان، أبو الفداء، عماد الدين، البَعْلي. ترجمه ابن حجر في "الدرر الكامنة" (1/ 378). له: حواش على الفروع ذكرها ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 18) ووصفها بأنها حسنة. * * * ¬

_______ (¬1) في بعض المصادر "العينقاوي" وفي بعضها "العيفناوي" والتصحيح من "السحب الوابلة".

151 - الحافظ ابن رجب (795 هـ)

151 - الحافظ ابن رَجَب (795 هـ) هو عبد الرحمن بن أحمد بن رَجَب، أبو الفرج، زين الدين، البغدادي ثم الدمشقي، الشهير بـ "ابن رجب" وهو لقب جده عبد الرحمن. ترجمه ابن حجر في "الدرر الكامنة" (2/ 321) و"إنباء الغمر" (3/ 175). له: 1 - القواعد. 2 - إزالة الشُّنْعة عن الصلاة بعد النداء يوم الجمعة. 3 - مُشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة. 4 - الإيضاح والبيان في طلاق كلام الغضبان. 5 - شرح المحرر. 6 - قاعدة غم هلال ذي الحجة = رسالة في فتوى هلال ذي الحجة. 7 - الإستخراج لأحكام الخراج. 8 - أحكام الخواتيم = كتاب الخواتم. 9 - الكشف والبيان عن حقيقة النذور والأيمان. 10 - أحكام النساء. 11 - نزهة الأسماع في مسألة السماع. 12 - إخراج الزكاة على الفور. 13 - رسالة في تعليق الطلاق بالولادة. 14 - القول الصواب في تزويج أمهات أولاد الغُيّاب. قال ابن عبد الهادي: "وله تحقيق في المسائل علي نصوص أحمد وكلام الأصحاب، وله مسائل كثيرة غريبة وأشياء حسنة يعجز الإنسان عن حصرها".

1 - القواعد

وأكثر كتبه منسوخة بخط تلميذيه: علاء الدين ابن اللحام، وعز الدين المقدسي. 1 - القواعد واسمه الكامل "تقرير القواعد وتحرير الفوائد" وسمى في بعض المصادر "القواعد الفقهية". ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص: 48، 49) والعليمي في "المنهج" (5/ 170) وابن العماد في "الشذرات" (8/ 579) وابن حميد في "السحب" (ص 475) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 48) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1359) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 315) وفي "الهدية" (1/ 527) باسم "تقرير القواعد" وكرره باسم "القواعد الكبرى في الفروع". وهو من جملة مصادر المرداوي في "الإنصاف"، ذكر ذلك في المقدمة (ص 20). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في مكتبة أسعد أفندي (تركيا) رقم (505) عدد أوراقها (265) ورقة، في حجم (23) سطراً، بخط نسخ واضح، نُسخت في حياة المؤلف سنة (773 هـ) وبعضها بخطه. ومنها صورة في جامعة أم القرى (270). - ومنه نسخة في مكتبة الشيخ سليمان الحمدان رقم (11) عدد أوراقها (212) ورقة، في حجم (28) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان، سنة (1339 هـ). ومنها صورة في أم القرى (69). - ومنها نسختان في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة: الأولى: رقم (1405) عدد أوراقها (262) ورقة، في حجم (21) سطراً، بخط نسخ جيد، نسخ علي بن محمد بن الخفيف، النابلسي، سنة (788 هـ).

ومنها صورة في أم القرى (162). ولديَّ أيضاً صورة منها. الثانية: رقم (1407) عدد أوراقها (154) ورقة في حجم (31) سطراً، بخط نسخ دقيق غير واضح. ومنها صورة في أم القرى (163). - ومنها نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، رقم (2/ 3834 - مجاميع) عدد أوراقها (192) ورقة. - ومنها نسخة في مكتبة دار الإفتاء في الرياض، رقم (431/ 86) عدد أوراقها (218) ورقة. - ومنها نسخة في جامعة الرياض المركزية، رقم (40/ 6 س) عدد أوراقها (268) ورقة. • طباعة الكتاب: طُبع بمطبعة الصدق الخيرية بالقاهرة، سنة (1352 هـ/ 1933 م) ونشرته مكتبة الخانجي على نفقة فوزان السابق. وطُبع بمؤسسة نبع الفكر العربي للطباعة بالقاهرة، سنة (1392 هـ/ 1972 م) ونشرته مكتبة الكليات الأزهرية. وقام بتحقيقه علي بن عبد العزيز المطرودي وسعيد بن متعب القحطاني وعبد الرحمن بن دخيل الله، وقُدِّم لنيل درجة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1415). • وصف الكتاب وبيان قيمته: هو كتاب في القواعد الفقهية الحنبلية، اجتهد المصنف أن يصوغ فيه جملة كبيرة من الفقه في قوالب كلية وضوابط عامة. ويشتمل الكتاب على (160) قاعدة ختمه المؤلف بفصل يحتوي على فوائد ملحقة بالقواعد المذكورة. وطريقته في الكتاب: أنه يعرض القاعدة، وقد تكون طويلة العبارة، ثم

يفرع المسائل الفقهية الجزئية التي يمكن أن تنتظمها تلك القاعدة، وربما جمعت القاعدة مسائل متنوعة من أبواب فقهية مختلفة، كالقاعدة الثانية مثلاً؛ حيث ذكر فيها مسائل متعلقة بالطهارة والصلاة والطلاق والعتاق. مثال ذلك قوله في "القاعدة الرابعة": "العبادات كلها، سواء كانت بدنية أو مالية، أو مركبة منهما، لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب، وقبل الوجوب أو قبل شرط الوجوب. ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة". ثم فرع على ذلك تسع مسائل من مختلف العبادات البدنية والمالية. وكشف المصنف في المقدمة عن مقصوده بتأليف هذا الكتاب بقوله: "أما بعد، فهذه قواعد مهمة وفوائد جمّة، تضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد تغيب. وتنظم له منثور المسائل في سلك واحد، تقيد له الشوارد، وتقرب عليه كل متباعد، فليمعن الناظر فيه النظرَ، وليوسع العذر، إن الليببَ مَنْ عذر، فلقد سنح بالبال على غاية من الإعجال، كالارتجال أو قريباً من الارتجال، في أيام يسيرة وليال" (¬1). ويعتبر كتاب "القواعد" هذا نسيج وحده في القواعد الفقهية عند الحنابلة، فهو كتاب المذهب بدون منازع، إذ لم يصنف مثله، حتى أثنى عليه كبار الحنابلة، منهم ابن عبد الهادي الذي قال فيه: "وهو كتاب نافع من عجائب الدهر، حتى إنه استكثر عليه، حتى زعم بعضهم أنه وجد قواعد مبددة لشيخ الإسلام ابن تيمية فجمعها، وليس الأمر كذلك، بل كان -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فوق ذلك" (¬2). وهذا ليس مستغرباً من الحافظ ابن رجب، فإنه -وإن غلب عليه الإهتمام بالحديث وعلومه- قد كان عارفاً معرفة تامة بالمذهب؛ أصوله وفروعه وطبقات رجاله، فإن القارئ لكتابه "الذيل" ولكتابه هذا يلمس ذلك حقيقة واقعة. ¬

______ (¬1) القواعد ص 3، نشر مكتبة الخانجي. (¬2) الجوهر المنضد ص 49.

2 - إزالة الشنعة عن الصلاة بعد نداء الجمعة

• الأعمال التي تمت عليه: عُمل فيه بالإختصار والفهرسة وغير ذلك. فقد اختصره: 1 - الشيخ عبد الرزاق الحنبلي (ت 819 هـ). 2 - والشيخ عز الدين المصري (ت 876 هـ). وحَشَّاه: 3 - المحب ابن نصر الله البغدادي (ت 844 هـ). ورتب مسائله على أبواب الفقه: 4 - جلال الدين نصر الله بن أحمد التستري، البغدادي (ت 812 هـ). وعلي هذا الترتيب اعتمد محمد أمين الخانجي في وضع فهرس فقهي لفروع الكتاب، وعول في ذلك على نسخة خطية نابلسية. ويوجد في مخطوطات الأزهرية رقم (614) كتاب باسم "كشف المسائل من تقرير القواعد وتحرير الفوائد لإبن رجب" في (12) ورقة لم يعرف مؤلفه، ولعله هو نفس ما عمله الجلال التستري. والله أعلم. 5 - كما ذكر البسام في "علماء نجد" (1/ 409) أن الشيخ إبراهيم بن ضويان (ت 1353 هـ) عمل فهرساً دقيقاً لقواعد ابن رجب. 2 - إزالة الشنعة عن الصلاة بعد نداء الجمعة ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 50) وابن حميد في "السحب" (ص 476) باسم "مسألة الصلاة يوم الجمعة بعد الزوال وقبل الصلاة". وهو كتاب مفقود -فيما نعلم- وموضوعه يدور على مسألة واحدة، وهي: التطوع بالصلاة قبل صلاة الجمعة، وهل ثَم سنة راتبة أم لا؟ والصحيح من المذهب، والذي عليه أكثر الأصحاب، أن لا سنةَ للجمعة قبلها راتبةً، كما في "الإنصاف"، وقد ذكر المرداوي كتاب ابن رجب هذا في

3 - مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة

أثناء الكلام على المسألة، وسماه "نفي البدعة عن الصلاة قبل الجمعة" (¬1). 3 - مُشْكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 50)، وفي كتابه "سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث" (ص 27)، ونقل فيه عنه نقولاً كثيرة. وهو جزء أورد فيه ابن رجب الأحاديث التي اعتمد عليها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فيما انتهيا إليه من القول بأن الطلاق الثلاث دفعةً واحدةً يقع طلقةً واحدةً رجعية، وبيَّنَ عللها، وساق الأدلة على أن الطلاق الثلاث دفعة واحدة يقع ثلاثاً. 4 - الإيضاح والبيان في طلاق كلام الغضبان كذا ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 50). ويظهر أن كلمة "كلام" زيادة مقحمة لا معنى لها. وهو جزء في حكم طلاق الغضبان: هل يقع أم لا؟ ولعله حذا فيه حذو العلّامة ابن القيم في كتابه "إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان" الذي أثبت فيه بوجو 5 مختلفة من الأدلة عدم وقوع طلاق الغضبان. وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية، قال العلامة المرداوي: "وقال الشيخ تقي الدين أيضاً: إن غيَّره الغضب ولم يَزُل عقله لم يقع الطلاق؛ لأنه ألجأه وحمله عليه فاوقعه وهو يكرهه، ليستريح منه، فلم يبق له قصد صحيح، فهو كالمكره؛ ولهذا لا يجاب دعاؤه على نفسه وماله، ولا يلزمه نذر الطاعة فيه" (¬2). 5 - شرح المحرر ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 51). وأحال عليه ابن اللحام في "القواعد الأصولية" (ص 126). وتوجد منه قطعة في جامعة الإمام بالرياض رقم (4761/ 5). ¬

____ (¬1) الإنصاف 5/ 267، ط. هجر. (¬2) الإنصاف 22/ 138.

6 - رسالة في فتوى هلال ذي الحجة

6 - رسالة في فتوى هلال ذي الحجة ذكرته أمينة الجابر في كتابها "ابن رجب الحنبلي وآثاره الفقهية" (ص 101). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في مكتبة دار الإفتاء في الرياض رقم (527/ 86) في (6) ورقات. - ومنه نسختان في مكتبة جامعة الرياض المركزية: الأولى: رقم (56/ 16 ق) في (5) ورقات. والثانية: رقم (1817/ 3) في (4) ورقات. 7 - الإستخراج لأحكام الخراج ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 51) والبغدادي في "الهدية" (1/ 527). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في مكتبة جامعة أوبسالا (ألمانيا) رقم (552 - 176) عدد أوراقها (102) ورقة، في (19) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخت سنة (863 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (228). - ومنه نسخة في المكتبة الوطنية بباريس رقم (2454) عدد أوراقها (140) ورقة، في (17) سطراً، بخط نسخ حسن. ومنها صورة في جامعة أم القرى (227). - ومنه نسخة في السليمانية (إستانبول) قسم فاتح، رقم (112) عدد أوراقها (102) ورقة. - ومنه نسخة في السليمانية أيضاً، قسم شهيد علي، رقم (927) عدد أوراقها (99) ورقة. - ومنه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (66 - فقه حنبلي) عدد أوراقها

(140) ورقة. وهي مصورة عن النسخة الباريسية. • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة الإسلامية بالأزهر سنة (1352 هـ/ 1934 م) بتحقيق عبد الله الصديق. ونشرته أيضاً دار المعرفة في بيروت ضمن مجموع يحتوي على الخراج للقاضي أبي يوسف والخراج ليحيى ابن آدم. وطُبع في دار الحداثة ببيروت سنة (1402 هـ/1982 م) بالتصوير عن السابقة. وطُبع طبعة محققة تحقيقاً علمياً في رسالة ماجستير، تقدم بها الطالب جندي بن محمود آل سبهان الهيتي إلى جامعة الأزهر، ونشرته مكتبة الرشد في الرياض سنة (1409 هـ/1989 م). وتم تحقيق الكتاب على النسخ الخطية الثلاث الأخيرة. • وصف الكتاب: هو كتاب يبحث في أحكام الخراج وما يتعلق به على غرار ما صُنّف في هذا الموضوع، كالقاضي أبي يوسف ويحيى بن آدم. تناوله المؤلف في عشرة أبواب، فبين معناه لغة، وما ورد في لسان السنة النبوية من ذلك، ثم تطرق لتاريخ وضعه في الإسلام، وبين ما يوضع عليه الخراج من الأراضي ومالا يوضع، ثم تطرق إلى تكييف حقيقته؛ وهل هو أجرة أم ثمن أم جزية. وذكر الخراج الذي وضعه عمر - رضي الله عنه - في خلافته، كما بيّن مقداره عند العلماء، وما هي الأحكام التي تتعلق بتصرفات أصحاب الأراضي الخراجية تجاه أراضيهم، والأحكام المتعلقة بتصرفات الإمام في الأراضي العَنَوية فيما إذا صارت وقفاً أو فيئاً. وختم الكتاب ببيان مصارف الخراج ووجوه التصرف فيه. ولا ريب، فإن موضوع الخراج معدود من أهم الأحكام السلطانية التي ترجع إلى ما تخرجه الأراضي التي فتحها المسلمون، فملكوها عنوة أو صالحوا عليها أهلها، فبقيت بأيديهم، وما في ذلك من أقسام وأحكام.

8 - أحكام الخواتيم

فتطرق ابن رجب لذلك كله في هذا الكتاب مستعرضاً آراء الفقهاء المختلفة وأدلة كل رأي مع مناقشتها وبيان الراجح في كثير منها. وقد قدم للكتاب بمقدمة وافية، وبين في آخرها مقصوده من تأليف هذا الكتاب، فقال: "وقد استخرت الله تعالى في جمع كتاب يجمع أحكام الخراج، وما يتعلق به من تصوير المسائل وتقرير المذاهب، وتحرير الدلائل والحجاج ... " (¬1). 8 - أحكام الخواتيم ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 51). وأحال. عليه المرداوي في "الإنصاف" (1/ 189) وأفاد منه كثيراً في كتاب الزكاة فيما يباح للرجال التحلي به. وذكره أيضاً في "تصحيح الفروع" (هامش الفروع 2/ 471). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه ثلاث نسخ في دار الكتب المصرية: الأولى: رقم (23178 ب) عدد أوراقها (32) ورقة، في (21) سطراً، بخط نسخ قديم، نسخ أحمد بن أبي بكر بن زريق بن عبد الرحمن العمري المقدسي، الحنبلي، سنة (861 هـ). ومنها صورة في أم القرى (14). الثانية: رقم (23794 ب) عدد أوراقها (39) ورقة، في (19) سطراً، بخط المؤلف، وهي أصل النسخة السابقة، فقد نسخت منها. ومنها صورة في أم القرى (82). الثالثة: رقم (79 - فقه حنبلي) عدد أوراقها (47) ورقة. • طباعة الكتاب: طُبع في دار الكتب العلمية ببيروت سنة (1405 هـ/ 1985 م) بتصحيح ¬

_______ (¬1) الإستخراج ص 153، نشر مكتبة الرشد، 1409 هـ.

9 - الكشف والبيان عن حقيقة النذور والأيمان

وتعليق عبد الله القاضي. واعتمد على النسخة المصرية ذات الرقم (23794 ب) وهي مشحونة بالأخطاء النحوية، وبالجملة فهذه الطبعة سيئة لا ينبغي الإعتماد عليها. وطُبع طبعة جديدة، بالإعتماد على النسخ الخطية الثلاث، بدراسة وتحقيق الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطريقي، ونشرته مكتبة المعارف بالرياض سنة (1412 هـ/ 1992 م). • وصف الكتاب: يبحث هذا الكتاب في موضوع الخاتم وصفاً وحكماً، وقد جمع فيه المؤلف الكثير من الأحكام والفوائد، فبين حكم لبسه في الجملة، ثم بين حكم لبسه بالتفصيل، وذكر حكم زكاة الخاتم، وحكم فصه، وأحكام نقشه، ثم أورد جملة من نقوش الخواتم التي نُقلت عن السلف ... وهو في ذلك كله يشبع كل مسألة يعرضها بحثاً: حديثاً وفقهاً، فيذكر الخلاف ويورد الأدلة، ويرجح ما يراه راجحاً، وفي بعض الأحيان يقتصر على ذكر المذهب الحنبلي مقروناً بدليله. 9 - الكشف والبيان عن حقيقة النذور والأيمان ذكره ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 476). 10 - أحكام النساء توجد منه قطعة في دار الكتب الظاهرية رقم (4909)، عدد أوراقها (10) ورقات، ومسطرتها مختلفة، بخط عادي. ومنها صورة في أم القرى (55). كما توجد قطعة من كتاب في "أحكام النساء" بالظاهرية أيضاً، ضمن مجموع رقم (3797)، عدد أوراقها (10) ورقات (33 ق - 42 ق) في مسطرة مختلفة (15 - 16 سطراً). وهذه القطعة لم يعرف مؤلفها، فلعل لها صلة بالسابقة.

11 - نزهة الأسماع في مسألة السماع

ومنها صورة في الجامعة الإسلامية (7067/ 4). 11 - نزهة الأسماع في مسألة السماع ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 50) وابن حميد في "السحب" (ص 476). منه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (21613) في (10) ورقات. ومنه نسخة أخرى في جامعة الرياض المركزية رقم (53/ 1 ف) في (11) ورقة. وقد طُبع بالرياض بتحقيق أم عبد الله بنت محروس العسيلي. 12 - إخراج الزكاة على الفور وُجد ملحقاً بالنسخة الخطية رقم (79 - فقه حنبلي) من كتاب "الخواتيم"، وهي رسالة تحتوي على ست ورقات. 13 - رسالة في تعليق الطلاق بالولادة ذكرته أمينة الجابر في كتابها "ابن رجب الحنبلي" (ص 101). ومنه نسخة خطية في مكتبة شهيد علي بإستنبول ضمن مجموع برقم (543). 14 - القَول الصواب في تزويج أمّهات أولاد الغُيّاب ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 476). وذكرت أمينة الجابر في "ابن رجب .. " (ص 104) أنه من كتبه المظنون أنها قد فقدت. * * * 152 - الشَّمس الجَعْفَري (797 هـ) هو محمد بن عبد القادر بن عثمان بن سرور، أبو عبد الله، شمس الدين، الجعفري، النابلسي، الملقب بـ"الجنة" لكثرة ما عنده من العلوم. ترجمه ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/ 20).

1 - تصحيح الخلاف المطلق في المقنع

له: 1 - تصحيح الخلاف المطلق في المقنع. 2 - شرح الوجيز. 1 - تصحيح الخلاف المطلق في المقنع ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 173) قال: مطولاً ومختصراً. وكذا ذكره ابن العماد في "الشذرات" (8/ 596) وابن حميد في "السحب" (ص 942). وهو من مصادر المرداوي في كتابه "الإنصاف"، ذكره في المقدمة (ص 23). 2 - شرح الوجيز أي "وجيز" ابن أبي السَّري الدُّجَيلي. ذكرته المصادر السابقة، وقالوا: شرع فيه ولم يكمله. * * * 153 - الجَمَال المَقْدسي (798 هـ) هو يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن الشيخ أبي عمر، أبوالمحاسن، جمال الدين، المقدسي، الصالحي. ترجمه ابن حجر في "إنباء الغمر" (3/ 312). له: 1 - مسودة في الفقه (في مجلدين). 2 - تعاليق على المحرر. 3 - التحفة والفائدة في الأدلة المتزايدة على أن الطلاق الثلاث واحدة. 4 - الرد على المعترضين على ابن تيمية في الطلاق. 5 - مسألة الطلاق بأداة الشرط.

154 - إبراهيم ابن مفلح (803 هـ)

6 - الرد على من قال: إن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع ثلاثاً. 7 - الرسالة إلى ابن رجب في الطلاق الثلاث. ذكرها كلها ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص: 174 - 175). قال: "وقال في مسألة الطلاق الثلاث، والطلاق بأداة الشرط، وغير ذلك مما كان يفتي به: إني لم أقلد في ذلك ابن تيمية. ويذْكر أنه قد نذر على نفسه نذراً: ألف درهم، لمن جاءه بدليل قاطع في ذلك، وأنه متى وجد دليلاً قاطعاً رجع إليه، وجعل ذلك لمن أتاه به". ثم قال: "له الكلام الكثير على مسألة الطلاق، وسمعت والدي يذكر أن له فيه قريباً من سبعين كراسة، فمن ثم قال بعض شيوخنا: كان مجتهدا". اهـ. يعني مجتهداً في هذه المسألة بالذات، وهذا مبني على القول بجواز تجزؤ الإجتهاد، وهو مذهب الجمهور. * * * 154 - إبراهيم ابن مُفْلح (803 هـ) هو إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو إسحاق، برهان الدين وتقي الدين، الرَّاميني، ثم الدمشقي الصالحي. ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (1/ 167). له: 1 - شرح المقنع. 2 - شرح مختصر ابن الحاجب. 1 - شرح المقنع ذكره ابن مفلح في "القصد الأرشد" (1/ 237) والعليمي في "المنهج" (5/ 186) والنعيمي في "الدارس" (2/ 48) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص 244) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 40) والبغدادي في "الهدية" (1/ 19).

2 - شرح مختصر ابن الحاجب

2 - شرح مختصر ابن الحاجب أي: مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه، المسمى"منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل". ذكره ابن مفلح في "المقصد" (1/ 237) والعليمي في "المنهج" (5/ 186) وابن العماد في (الشذرات) (9/ 40) والبغدادي في "الهدية" (1/ 19). وقالوا في هذا الكتاب والذي قبله: عُدم غالبهما في فتنة تيمور لنك عند اجتياحه دمشق. * * * 155 - ابن النَّقيب المقدسي (803 هـ) هو إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم، برهان الدين، المقدسي، النابلسي. ترجمه ابن حجر في "إنباء الغمر" (4/ 245 - 246). له: تعليقة على المقنع ذكره ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 215) قال: بلغني أن له تعليقة على "المقنع"ولم أطلع عليها. وذكره العليمي في "المنهج" (5/ 188) دون جزم. وابن العماد في "الشذرات" (9/ 39) وابن حميد في "السحب" (ص 27). * * * 156 - ابن اللّحّام (803 هـ) هو علي بن محمد بن علي بن فِتْيان، أبوالحسن، علاء الدين، البَعْلي ثم الدمشقي، المعروف بـ"ابن اللحام". ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (5/ 320). له: 1 - تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية.

1 - تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية

2 - القواعد والفوائد الأصولية. 3 - المختصر في أصول الفقه. 4 - الأخبار العلمية من اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية. وأكثر كتب شيخه ابن رجب منسوخة بخطه. 1 - تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية وكتاب "النهاية" هو لإبن رَزين (ت 656 هـ) اختصر فيه "هداية" أبي الخطاب. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 83) والعليمي في "المنهج" (5/ 191) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 52). وهو من مصادر "الإنصاف" كما ذكر ذلك في المقدمة (ص 21). • مخطوطات الكتاب وتحقيقه: - توجد منه نسخة في الأزهرية بالقاهرة رقم (10659/ 325 - مجاميع) عدد أوراقها (100) ورقة، في حجم (15) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ أبو بكر بن زيد الجراعي، الحنبلي، سنة (847 هـ). ومنها صورتان في جامعة أم القرى (38) و (137) وصورة في الجامعة الإسلامية (7179/ 2). - ومنه نسخة في مكتبة الأزهر رقم (15) عدد أوراقها (148) ورقة، في حجم (21) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ موسى بن أحمد بن موسى الكناني، المرداوي، الحنبلي، سنة (882 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (80). وحُقّق بجامعة الإمام سنة (1403 هـ) حققه الباحث عبد الله بن موسى العمار، وتقدم به لنيل درجة الماجستير.

2 - القواعد والفوائد الأصولية

• وصف الكتاب وما قيل فيه: قال ابن عبد الهادي: "وهو كتاب جليل، بيض فيه كفاية (¬1) ابن رزين حين مات ولم يُحررها، وقد كان بيضها قبله الشيخ عبد المؤمن، ولم يطلع على ذلك، فلما رآه واطلع عليها قال: لو رأينا هذا ما تعبنا. وأُخبرت أنه لما صنفُه أراه ابنَ رجب، فرمى به، وقال: لقد قرطمت (¬2) العلم" (¬3). 2 - القواعد والفوائد الأصولية ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 191) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 52) وابن حميد في "السحب" (ص 766) وقال: بنى فيها المسائل الفقهية على القواعد الأصولية، وهي بديعة جدا. وذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 459) والزركلي في "الأعلام" (4/ 297) و (5/ 7) وكحالة في "المعجم" (2/ 510). وهو من مصادر "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 20). وكذلك ابن النجار في "شرح الكوكب المنير". • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في شستربتي رقم (5125) عدد أوراقها (99) ورقة، وهي ناقصة من آخرها، ومنها صورة في أم القرى (153). • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة السُّنة المحمدية بالقاهرة سنة (1375 هـ/ 1956 م) بعناية صاحبها الشيخ محمد حامد الفقي، على أصل مخطوط واحد من دار الكتب المصرية. ويوجد في مقدمة الكتاب ترتيب لمسائل الكتاب على الأبواب الفقهية، وعقيب كل مسألة رمز من حروف الجمل يدل على رقم القاعدة التي تندرج تحتها، يليه فهرسة للقواعد الأصولية المذكورة في الكتاب، وهو عَمَلٌ في ¬

_____ (¬1) كذا، والصواب: نهاية. (¬2) تقدم ص 273. (¬3) الجوهر المنضد ص 83.

فهرسة الكتاب قام به أحد علماء الحنابلة (¬1)، فاستبدل بها المحقق الأرقام العددية الحديثة لتسهيل الإستفادة. وقام الباحثان ناصر الغامدي وعائض بن عبد الله بتحقيقه، وقدماه لنيل درجة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1415 هـ). • وصف الكتاب: يعتبر هذا الكتاب من جملة الكتب التي عُنيت بتخريج الفروع على قواعد الأصول الفقهية، ذكر فيه المؤلف (66) قاعدة أصولية وغذَّاها بما لا يحصى من الفروع الفقهية. وهذا الفن من التأليف لم يعرف فيه إلا القليل من التصنيف، كما في "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني و"التمهيد" للإسنوي الشافعيَّين، و"مفتاح الوص" لمحمد الشريف التلمساني المالكي. ولا نعلم للحنابلة في هذا الفن غير هذا الكتاب. وطريقة المصنف فيه: أن يعرض القاعدة الأصولية عرضاً مفصلاً، شارحاً لمعناها مع ذكر الخلاف فيها. ثم يتكلم على المسائل الفرعية المتعلقة بذلك، ويطيل في إيراد الأمثلة حتى ينقلب الكتاب كتاب فقه، وتُنسى القاعدة التي بنى عليها، ويذكر أحياناً بعمق الفوائد والنكت المتنوعة التي قد تخرج عن نطاق الفقه والأصول. وكلشف المؤلف في المقدمة عن مقصوده من وضع هذا الكتاب، فقال: "أما بعد، فإن أصول الفقه لما كان في علم الشريعة كواسطة النظام؛ متوسطاً بين رتبتي الفروع وعلم الكلام، وهو علم عظيم شأنُه وقدْرُه، وعَلا في العالم شَرَفه ومَخْبَره؛ إذ ثمرته ما تضمنته الشريعة المطهرة من الأحكام، وبه تُحكم الأئمة الفضلاء مباحثهم غاية الإحكام، استخرت الله تعالى في تأليف كتاب أذكر فيه قواعد وفوائد أصولية، وأردف كل قاعدة بمسائل تتعلق بها من الأحكام الفروعية". ¬

________ (¬1) وذكر ابن بدران في "المدخل" (ص 459) هذه المقدمة أيضاً في نسخة رئيت في خزانة الكتب العمومية في دمشق، وأنها تشتمل على تسع ورقات.

3 - المختصر ليس أصول الفقه = إحكام الأحكام الفرعية

• الأعمال التي تمت عليه: شرحه يوسف بن عبد الهادي (ت 909 هـ) كما ذكره ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 1168). 3 - المختصر ليس أصول الفقه = إحكام الأحكام الفرعية ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 83) وسماه "إحكام الأحكام الفرعية". قال: وأظنه تَبِع في ذلك الإسنوي (¬1). وذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 462) وقال: جعله محذوف التعليل والدلائل، وأشار فيه إلى الخلاف والوفاق في غالب المسائل، وهو في نحو خمس وأربعين ورقة. اهـ. وذكره الزركلي في "الأعلام" (4/ 297) مع " القواعد الأصولية" وقال: لعلهما كتاب واحد. • مخطوطات الكتاب: منه نسخة في جامعة أم القرى برقم (8) في (70) ورقة نسخها أحمد عمر المحمصاني الأزهري سنة (1322 هـ)، وهي مصورة عن المكتبة الأزهرية برقم (127) أصول فقه. وفيها نسخة أخرى برقم (9) في (48) ورقة نسخها محمد بن أحمد الحمصي سنة (853 هـ)، وهي مصورة عن الظاهرية برقم (2814). ونسخة ثالثة برقم (10) في (25) ورقة نسخها حسن بن علي ... المرداوي سنة (878 هـ)، وهي مصورة عن المكتبة الأزهرية برقم (10635). ونسخة رابعة برقم (194) في (51) ورقة نسخها إسماعيل بن محمد الشاش سنة (1324 هـ) وهي مصورة عن دار الكتب المصرية برقم (20360/ ب) • طباعة الكتاب: طُبع في المركز العلمي بجامعة أم القرى بتحقيق محمد مظهر بقا، ونشرته دار الفكر بدمشق سنة (1400 هـ/ 1980 م). ¬

______ (¬1) يبدو أن هذا سبق قلم من ابن عبد الهادي، فالذي يشبه كتاب الإسنوي: "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" هو "القواعد والفوائد الأصولية". والله أعلم.

4 - الأخبار العلمية من اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية

• وصف الكتاب: هو متن مختصر كاسمه يمتاز بالإيجاز والإستقصاء لكافة أبواب الأصول خالصًا من التعليلات العقلية والأدلة الشرعية التي لا يحتاج إليها إلا المختصون المتعمقون، كما يمتاز بجدّة الترتيب وحسنه؛ حيث ألّفه على نظام يسهل الإستفادة منه وييسر على الباحث الحصول على المراد منه دون عناء ومشقة (¬1). • الأعمال التي تمت عليه: شرحه تقي الدين أبو بكر بن زيد الجُرَاعي المقدسي (ت 883 هـ) شرحًا ممزوجًا مع المتن. ذكره حاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 111). وقد تم تحقيق هذا الشرح في الجامعة الإسلامية. وسيأتي في الصفحة (445). 4 - الأخبار العلمية من اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية ذكره ابن ناصر الدين في "الرد الوافر" (ص 111) قال: جمع -يعني ابن اللحام- في مصنفٍ اختياراته -يعني ابن تيمية- من مسائل الفروع، ورتبها على أبواب الفقه، مع زيادة من فوائده على المجموع. وذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 83) والعليمي في "المنهج" (5/ 191) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 52) وابن حميد في "السحب" (ص 766) وكحالة في "المعجم" (2/ 510) والزركلي في "الأعلام" (5/ 7). وهو من مصادر المرداوي في "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 20) وقال: لم يستوعبها. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (2763) عدد أوراقها (205) ورقات، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن محمد العجلوني، الحنبلي، سنة (866 هـ). ¬

_ (¬1) من مقدمة المحقق ص 10.

157 - ابن أبي المجد (804 هـ)

- وفيها أيضًا نسخة أخرى بعنوان "ترتيب القواعد الأصولية والأخبار العلمية في اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية" محفوظة برقم (2853) عدد أوراقها (172) ورقة، بخط نسخ معتاد. - ومنه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (1 - فقه حنبلي) عدد أوراقها (247) ورقة، في حجم (15) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نسخ سنة (1321 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (200). - ومنه نسخة في المحمودية بالمدينة المنورة (34 - أصول فقه). - ومنه نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية رقم (708) عدد أوراقها (119) ورقة، في حجم (25) سطرًا، بخط نسخي خال من النقط في الغالب، وفي أول هذه النسخة خرم استكمل بخط مغاير، نسخت سنة (949 هـ). - ومنه نسخة أخرى في الموسوعة أيضًا رقم (1/ 219) في (99) ورقة، نسخ عبد الله بن أحمد بن كثير، سنة (1227 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع بمطبعة كردستان العلمية بالقاهرة سنة (1339 هـ / 1920 م) ضمن الجزء الرابع من "فتاوى شيخ الإسلام" بتحقيق إسماعيل بن السيد إبراهيم الأسعردي. وطُبع في مطبعة السُّنة المحمدية بعناية صاحبها محمد حامد الفقي سنة (1369 هـ/ 1950 م) على نسخة حصل عليها من مكتبة الشيخ عبد الرزاق حمزة. ولا يزال الكتاب بحاجة إلى نشر جديد، محققًا وفق المناهج المتبعة، على الأصول الخطية الموجودة. * * * 157 - ابن أبي المَجْد (804 هـ) هو أبو بكر بن أبي المجد بن ماجد بن أبي المجد بن بدر بن سالم، عماد الدين، السَّعدي، الدمشقي، ثم المصري.

مختصر في الفقه

ترجمه ابن حجر في "إنباء الغمر" (5/ 32). له: مختصر في الفقه ذكره المرداوي في "الإنصاف" (1/ 20) في جملة مصادره، ووصفه بالضخامة. * * * 158 - الشمس النابلسي (805 هـ) هو محمد بن أحمد بن محمود، أبو عبد الله، شمس الدين، النابلسي. ترجمه ابن حجر في "إنباء الغمر" (5/ 116). له: تصحيح المقنع ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 153) على ظن أنه له. * * * 159 - نَصْر الله التُّسْتَري (812 هـ) هو نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر، أبو الفتح، جلال الدين، التُّسْتري البغدادي. ترجمه ابن حجر في "إنباء الغمر" (6/ 196). له: 1 - الكبير في الفقه = نظم الوجيز. 2 - مختصر "منتهى السول والأمل" لإبن الحاجب. 3 - شرح "منتهى السول والأمل" لإبن الحاجب. 4 - حاشية على شرح الزركشي = تنقيح الزركشي. 5 - أرجوزة في الفرائض. 6 - حاشية على الفروع لإبن مفلح.

1 - الكبير في الفقه = نظم الوجيز

1 - الكبير في الفقه = نظم الوجيز ذكره ابن حجر في "إنباء الغمر" (6/ 196) وقال: ستة آلاف بيت. والسخاوي في "الضوء" (10/ 198) وقال: تزيد على سبعة آلاف بيت. وكذا ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 172)، وابن العماد في "الشذرات" (9/ 147) وقال: هو نظم للوجيز. وذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 493). والذي سماه "الكبير في الفقه" هو ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 49). وذكره المرداوي في جملة مصادر كتابه "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 19). 2 - مختصر "منتهى السول والأمل" لإبن الحاجب ذكره ابن حجر في "إنباء الغمر" (6/ 196) والسخاوي في "الضوء" (10/ 198). وابن العماد في "الشذرات" (9/ 147). 3 - شرح منتهى السول والأمل لإبن الحاجب ذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 439)، وكحالة في "معجم المؤلفين" 4/ 26. 4 - حاشية على شرح الزركشي = تنقيح الزركشي ذكرها البغدادي في "الهدية" (2/ 493). ولعلها لولده المحب ابن نصر الله (ت 844 هـ) كما هو موجود بهامش إحدى النسخ الخطية التي اعتمد عليها الشيخ الجبرين في تحقيق الشرح المذكور. 5 - أرجوزة في الفرائض ذكرها ابن حجر في "إنباء الغمر" (6/ 196) وقال: مئة بيت جيدة في بابها. وكذا ذكرها السخاوي في "الضوء اللامع" (10/ 198) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 147) والزركلي في "الأعلام" (8/ 29) ورمز إلى وجود نسخة خطية منها مع شرحها لسبط المارديني، وهي قصيدة لامية. شَرَحها عثمان بن قائد النجدي (ت 1097 هـ)، كما سيأتي في الصفحة (534).

6 - حاشية على الفروع لإبن مفلح

6 - حاشية على الفروع لإبن مفلح ذكرها البغدادي في "الهدية" (2/ 493) والزركلي في "الأعلام" (8/ 29). وقال ابن مانع في مقدمة "الفروع" (ص 8): وشرحه -أي الفروع- العلامة القاضي نصر الله بن أحمد، البغدادي، ثم المصري، الحنبلي، ذكره في مواضع من "شرح الإقناع"، وذكر في "تصحيح الفروع" أنه حاشية. * * * 160 - عبد الرزاق الحَنْبلي (819 هـ) ترجمه ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 69) وذكر أن له: مختصر القواعد لإبن رجب * * * 161 - عِزّ الدين المَقْدسي (820 هـ) هو محمد بن علي بن عبد الرحمن بن محمد، عز الدين، الخطيب، قاضي القضاة، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي. ترجمه ابن حجر في "إنباء الغمر" (7/ 290). له: النطم المفيد الأحمد فى مفردات الإمام أحمد ذكره ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (2/ 480) والسخاوي في "الضوء" (8/ 190) وابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 115) والعليمي في "المنهج الأحمد" (5/ 203) وذكر أنه رأى على بعض نسخه عنوان: "النِّظام المذهَّب في مفردات المذهب". وذكره البغدادي في "الإيضاح" (2/ 661) و"الهدية" (2/ 183) وقال: في الحديث!! وهو من مصادر المرداوي لكتابه "الإنصاف" ذكر ذلك في المقدمة (ص 21). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة سوهاج رقم (49 - فقه) عدد أوراقها (36)

ورقة، كتبت سنة (878 هـ) (¬1). • طباعة الكتاب: طُبع مفردًا بالمطبعة السلفية بالقاهرة، مع تعاليق عليه لصاحبها محب الدين الخطيب، وصدر سنة (1344 هـ/ 1925 م). وطُبع مع شرحه "منح الشفاء الشافيات" للبهوتي، كما سيأتي. • وصف الكتاب: هي ألفية (¬2) من بحر الرجز، نظم فيها المؤلف مفردات المذهب الحنبلي عن بقية الأئمة الثلاثة، وأخذ مادته من جملة المصنفات قبله، إلا أنه تناولها تناول الناقد البصير، فحقّق في كثير منها، وزاد عليها، وبناها على الصحيح الأشهر من الروايات كما قال: بنيتها على الصحيح الأشهر ... عند أكثر الأصحاب أهل النظر ويالجملة يعتبر هذا النظم من أشهر ما جُمع في مفردات المذهب الحنبلي، مع التحرير والترتيب، فصار من بعده مُعتَمَد العلماء ومرجعهم، وفي مقدمتهم العلامة الموداوي، فإنه خرّج المفردات في كتابه "الإنصاف" من هذا النظم. ونظرًا لإشتهار هذا النظم بين صفوف الحنابلة، صار يحفظه الكثير منهم، ويرجعون إليه، فإن صاحبه اكتسب المعرفة به، فلُقِّب بـ "ناظم المفردات" كما لُقب ابن عبد القوي من قبله بـ "الناظم"؛ حيث نظم الفقه الحنبلي في داليته المشهورة. • الأعمال التي تمت عليه: شرحها عدة علماء، منهم: 1 - أبو النجا الشيخ موسى بن أحمد الحجاوي (ت 968 هـ) صاحب "الإقناع" و"الزاد". ¬

_ (¬1) فهرس المخطوطات المصورة لفؤاد السيد 1/ 329. (¬2) عدد أبياتها بالضبط (949) بيتًا كما أحصاها الدكتور عبد المحسن المنيف في كتابه "مفردات مذهب الإمام أحمد في الصلاة".

162 - ابن المغلي (828 هـ)

2 - منصور بن يونس البهوتي (ت 1051 هـ). وكتابه يسمى: "مِنَح الشفاء الشافيات". * * * 162 - ابن المُغْلي (828 هـ) هو علي بن محمود بن أبي بكر، أبو المواهب، علاء الدين، الحموي، المعروف بـ"ابن المغْلي". ترجمه ابن حجر في "إنباء الغمر" (8/ 86). له: تعليقات على الفروع أشار إليها ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص: 91، 92). وذكر ابن حميد في "السحب" (ص 776) أنه رأى هذه التعليقات، وقال عنها: تدل على قوة نفسه في العلم وفقهه، وأكثرها اعتراض عليه في نقله عن الكتب. * * * 163 - ابن زَكْنُون (837 هـ) هو علي بن الحسين بن عروة، أبو الحسن، علاء الدين، الدمشقي، المعروف بـ"ابن زَكنون"، بفتح الزاي. ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (5/ 214). له: الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري ذكره السخاوي في "الضوء" (5/ 214) وقال في ذلك: "رتب المسند على أبواب البخاري وسماه ... وشرحه في مئة وعشرين مجلدًا. طريقته فيه: أنه اذا جاء لحديث الإفك، مثلًا، يأخذ نسخة من

شرحه للقاضي عياض، فيضعها بتمامها، وإذا مرت به مسألة فيها تصنيف مفرد لإبن القيم، أو شيخه ابن تيمية، أو غيرهما، وضعه بتمامه. ويستوفي ذاك الباب من "المغني" لإبن قدامة ونحوه". فهو بهذا الوصف يُعدُّ مصدرًا ثانويًا من مصادر الفقه الحنبلي، شأن كتاب "الفنون" لإبن عقيل، غير أنه يختلف عنه في كونه مستودع كثير من المصنفات المفردة والرسائل والفتاوى، ونحو ذلك، حتى إن كثيرًا من رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية وُجدت في طي ما تبقّى من هذا الديوان العظيم. وذكره ابن حميد في "السحب" (ص 735) وقال: وقد رأيت في رحلتي سنة (1128 هـ) في مدرسة شيخ الإسلام الشيخ أبي عمر، منها -أي مؤلفات ابن زكنون- الكثير الطيب، منها شرحه للمسند في مئة وسبعة وعشرين مجلدًا. وذكره ابن بدران في "المدخل" (ص: 474 - 475) وقال: رأيت منه أربعة وأربعين مجلدًا، قال: وفيه شرح البخاري للحافظ ابن رجب. • النسخ الخطية للكتاب: - توجد منه بعض الأجزاء في الظاهرية بدمشق، من ذلك: 1 - جزء برقم (576) عدد أوراقه (290) ورقة، في حجم (25) سطرًا، وهو ناقص من طرفيه. أوله: من غير تحيل سقطت الشفعة ... وآخره: فلأن يجوز لها الفسخ مع عدم تمكنها أولى .. إذا ظهر الزوج ذا صناعة دَنِيَّةِ لا تشينه. 2 - جزء برقم (1576 عدد أوراقه (43) ورقة، في حجم (25) سطرًا، وهو ناقص من طرفيه أيضًا، وتابع للجزء السابق في الترتيب. أوله: وخيار العيب ثابت على التراضي ... وآخره: فصل في قضائه - صلى الله عليه وسلم - في صحة النكاح الموقوف على الإجازة في السنن.

164 - المخزومي (841 هـ)

3 - جزء آخر عدد أوراقه (257) ورقة، في حجم (14 - 29) سطرًا. وهو المجلد (100). يبدأ من باب: ما يُحذر من الحدود. وينتهي عند باب: محاسبة الإمام عُمّاله. 4 - جزء رقم (560) عدد أوراقه (263) ورقة، في حجم (27) سطرًا. وهو المجلد (23). وفيه من كتاب الحج والنكاح والردة. * * * 164 - المَخْزومي (841 هـ) هو محمد بن عبد الأحد بن عبد الواحد بن عبد الرحمن، أبو الفضائل، شمس الدين، المخزومي، الحرّاني، ثم الحلبي، ثم المصري. ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (7/ 278). له: نظم العمدة لإبن قدامة ذكره السخاوي في "الضوء" (7/ 278) وراغب الطباخ في "إعلام النبلاء" (5/ 189) (ط 2/ تصحيح محمد كمال) وذكر بعض هذه المنظومة. * * * 165 - الجَعْفري (842 هـ) هو عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن عبد القادر، تاج الدين، الجعفري، النابلسي. ترجمه العليمي في "المنهج الأحمد" (5/ 220). له: مناسك الحج ذكره العليمي (5/ 220) ووصفه بالحسن. وذكره ابن العماد في "الشذرات" (9/ 356) وابن حميد في "السحب" (ص 673).

166 - أبو شعر (844 هـ)

166 - أبو شَعر (844 هـ) هو عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الكَرم، أبو الفَرَج، زين الدين، الدمشقي، المعروف بـ"أبو شعر". ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (4/ 82). له: حواشٍ على الوجيز ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 61) قائلًا: له حواشٍ على كُتُبِ من كُتبِ الفقه، منها على كتاب "الوجيز" على المسائل التي ليست في المذهب. * * * 167 - ابن نَصْر الله البغدادي (844 هـ) هو أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد، أبو الفضل، محب الدين، التُّستَري، البغدادي، ثم المصري (¬1). ترجمه ابن حجرفي "إنباء الغمر" (9/ 139). له: 1 - حواشٍ على المحرر. 2 - حواشٍ على الفروع. 3 - حواشٍ على الكافي. 4 - حواشٍ على المغني. 5 - حواشٍ على الرعاية. 6 - حواشٍ على الوجيز. ¬

_ (¬1) التبس المترجَم في بعض المصادر مع أحمد بن نصر الله الكناني المقدسي (ت 876 هـ) فتداخلت من جراء ذلك بعض مصنفات أحدهما ببعض مصنفات الآخر عند بعض المؤلفين.

1 - حواش عها المحرر

7 - حواشٍ على قواعد ابن رجب. 8 - حواشٍ على المنتقى في الحديث. 9 - مختصر الخرقي. وأورد العليمي في ترجمته في "المنهج" (5/ 223) جملة من فتاويه وآرائه، كما توجد له فتوى في المكتبة الظاهرية برقم (2759) تقع في (7) ورقات. 1 - حواش عها المحرر ذكرها تلميذه ابن مفلح في "المقصد الأرشد" (1/ 203) ووصفها بالحسن. وكذا العليمي في "المنهج" (5/ 223) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 364) وابن حميد في "السحب" (ص 269) قال: على المحرر وشَرْحه. ولعله يريد بذلك وتحرير المقرر في شرح المحرر" لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي (ت 739 هـ). وذكره أيضًا ابن بدران في "المدخل" (ص 411 و 435). 2 - حواشٍ على الفروع ذكرها تلميذه ابن مفلح في "المقصد" (1/ 253) وأفاد محققه الدكتور عبد الرحمن العثيمين أن منها نسخة خطية في مكتبة الشيخ عبد الله بن حميد. وذكرها العليمي في "المنهج" (5/ 223) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 364) وابن حميد في "السحب" (ص 269) وابن بدران في "المدخل" (ص: 411 و 440). وهو من مصادر المرداوي في كتابه "الإنصاف"، ذكره في المقدمة (ص 23). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة الرياض السعودية العامة. وقد سقط من أولها ومن

3 - حواش على الكافي

آخرها شيء قليل، والموجود منها يشتمل على خمس وثمانين ومئة صفحة (¬1). 3 - حواشٍ على الكافي 4 - حواشٍ على المغني 5 - حواشٍ على الرعاية 6 - حواشٍ على الوجيز 7 - حواشٍ على قواعد ابن رجب 8 - حواشٍ على المنتقى في الحديث أي "منتقى" المجد ابن تيمية في أحاديث الأحكام. ستَّتُها ذكرها ابن حميد في "السحب" (ص: 269، 272). 9 - مختصر الخرقي يعني: مختصر كتاب الخرقي. فهو اختصار لمختصر الخرقي. ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 6). * * * 168 - عِز الدين المَقْدسي (846 هـ) هو عبد العزيز بن علي بن أبي العز بن عبد العزيز، أبو البركات، عز الدين، البغدادي، ثم المقدسي، قاضي الأقاليم. ترجمه ابن حجر في "إنباء الغمر" (9/ 194). له: 1 - الخلاصة (مختصر المغني). 2 - شرح الخرقي. 3 - مختصر أصول الطوفي. 4 - عمدة الناسك في معرفة المناسك. ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق حاشية ابن قندس على الفروع، لصالح بن عبد الرحمن بن صالح الفوزان، ص 33.

1 - الخلاصة (مختصر المغني)

1 - الخلاصة (مختصر المغني) ذكره السخاوي في "الضوء" (4/ 223) فقال: اختصر "المغني" لإبن قدامة في أربع مجلدات، وضمّ إليه مسائل من "المنتقى" لإبن تيمية، وغيره، وسماه "الخلاصة". اهـ. ومثله في "السحب" لإبن حميد (ص 547). وذكره تلميذه ابن مفلح في "المقصد" (2/ 173) وابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 68) والعليمي في "المنهج" (5/ 232) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 449) و"الهدية" (1/ 583) والزركلي في "الأعلام" (4/ 23). 2 - شرح الخرقي ذكره السخاوي في "الضوء" (4/ 223) وقال: في مجلدين. وابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 68) وقال: في مجلد، وقد ابتعتُه هو واختصار "المغني" من تركة شيخنا الشيخ تقي الدين. اهـ. وذكره ابن العماد في "الشذرات" (9/ 377) وابن حميد في "السحب" (ص 547) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 49) والبغدادي في "الهدية" (1/ 583). 3 - مختصر أصول الطوفي أي: مختصر "شرح مختصر الروضة". ذكره السخاوي في "الضوء" (4/ 223) وابن حميد في "السحب" (ص 547). 4 - عمدة الناسك في معرفة المناسك ذكره السخاوي في "الضوء" (4/ 223) وابن حميد في "السحب" (ص 547) والبغدادي في "الهدية" (1/ 583). * * * 169 - ابن سَعيد المَقْدسي (855 هـ) هو محمد بن أحمد بن سعيد، شمس الدين، المقدسي الأصل، النابلسي، ثم الدمشقي، ثم الحلبي، ثم المكي، قاضيها.

1 - شرح الوجيز

ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (6/ 309). له: 1 - شرح الوجيز. 2 - الشافي والكافي، 3 - كشف الغمة بتيسير الخلع لهذه الأمة. 4 - المسائل المهمّة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمّة. 1 - شرح الوجيز ذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 50) وقال: في خمس مجلدات. 2 - الشافي والكافي ذكره السخاوي في "الضوء" (6/ 309) وقال: مجلد. وبهذا الإسم ذكره أيضًا ابن حميد في "السحب" (ص 847) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 50) والزركلي في "الأعلام" (5/ 332). وذكره باسم "المنتخب الشافي من كتاب الكافي" العليمي في "المنهج" (5/ 239) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 417) وقالا: اختصر فيه الكافي للموفق. 3 - كشف الغمة بتيسير الخلع لهذه الأمة ذكره السخاوي في "الضوء" (6/ 309) وقال: مجلد لطيف. والعليمي في "المنهج" (5/ 239) وابن حميد في "السحب" (ص 848) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 50) والبغدادي في "الهدية" (2/ 199). وموضوع الكتاب -كما يبدو- هو عبارة عن فتوى بصحة مخالعة الزوجة تحيلًا للتخلص من يمين الطلاق، وعدم وقوع الطلاق بفعل المحلوف عليه في زمن البينونة به. وقد أفتى بذلك من قبله المحب ابن نصر الله البغدادي (ت 844 هـ) ونور الدين علي بن أحمد الشِّيْشِيني (ت 870 هـ). وهو خلاف المذهب.

4 - المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمة

4 - المسائل المهمّة فيما يحتاج إليه العاقد عند الخطوب المدلهمّة ذكره السخاوي في "الضوء" (6/ 309) والعليمي في "المنهج" (5/ 238) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 417) وابن حميد في "السحب" (ص 848). ونسبه البغدادي في "الإيضاح" (2/ 476) و"الهدية" (1/ 583) إلى عز الدين المقدسي (ت 846 هـ). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة شسشربتي ضمن مجموع برقم (3292) وهي في (13) ورقة، نسخها أحمد بن محمد، الحرّاني في القرن التاسع تقديرًا، ولدي نسخة مصورة عنها. وموضوع الرسالة مسائل في الفقه الحنبلي فيما بتعلق بأحكام الزواج. * * * 170 - ابن قُنْدُس (861 هـ) هو أبو بكر بن إبراهيم بن يوسف، أبو الصِّدْق، تقي الدين، البَعْلي، المعروف بـ "ابن قُنْدُس" شيخ حنابلة زمانه (¬1). ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (11/ 6) وله معه صحبة. له: 1 - حاشية على الفروع. 2 - حاشية على المحرر. 1 - حاشية على الفروع ذكره السخاوي في "الضوء" (11/ 14) وابن مفلح في "المقصد" (3/ 254) والعليمي في "المنهج" (5/ 248) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 441) وابن حميد في "السحب" (ص 298) وقال: جُرِدت في مجلد ¬

_ (¬1) قال السخاوي في ترجمته: عكف الطلبة عليه واقبلوا بكليتهم له، وانتدب لإقرائهم حتى كثرت تلامذته ونبغ منهم غير واحد، وأحيا الله به هذا المذهب بدمشق.

ضخم. وابن بدران في "المدخل" (ص 423) والبغداي في "الهدية" (1/ 237). وهو من مصادر تلميذه المرداوي في "الإنصاف" كما في المقدمة (ص 23). • مخطوطات الكتاب وتحقيقه: - توجد منه نسخة في الظاهرية بدمشق رقم (2700) عدد أوراقها (309) ورقة، في حجم (28) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نسخ موسى بن أحمد بن موسى الكناني، سنة (900 هـ). وتحتوي هذه النسخة على الجزء الأول فقط، وهو ناقص من أوله. ومنه صورة في الجامعة الإسلامية (7551) وأخرى في جامعة أم القرى (224). - ومنه نسخة في الظاهرية رقم (274) عدد أوراقها (151) ورقة، بخط معتاد. وتحتوي على الجزء الثاني من الكتاب. - ومنه نسخة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة رقم (15641)، عدد أوراقها (234) ورقة، في حجم (27) سطرًا، بخط نسخ حسن. ومنها صورة في الجامعة الإسلامية (7176). - ومنه نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (395) عدد أوراقها (258) ورقة، في حجم (29) سطرًا، بخط نسخ حسن، نسخ أحمد ابن أبي بكر بن عبد الرحمن، الشهير بـ "ابن زريق، القدسي، الدمشقي الصالحي، سنة (865 هـ). وهي منقولة من نسخة أبي بكر بن زيد الجُرَاعي الذي حررها من نسخة المؤلف سنة (862 هـ). وفي آخر هذه النسخة خط الشيخ محمد بن عبد الله بن حُميد، صاحب "السحب الوابلة" مترجمًا لإبن زريق هذا، وأحال إلى بقية ترجمته في كتابه المذكور، وذكر في سياق ترجمته هذه النسخة فقال: "وخطه حسن جدًّا،

عندي منه حاشية شيخه التقي ابن قندس على الفروع بتاريخ (865 هـ) " (¬1). والنسخ المتداولة لهذه الحاشية هي من تجريد أبي بكر الجُرَاعي (ت 883 هـ) -تلميذ المصنف- من أصل المصنف الذي كتبه على هامش "الفروع" (¬2). وحُقِّق قسم من هذه الحاشية من أولها إلى نهاية كتاب الجنائز، حققه -مع دراسة عن ابن مفلح وابن قندس- صالح بن عبد الرحمن بن صالح الفوزان، وقدمه رسالة جامعية لنيل درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية. ووفقني الله تعالى لتحقيقه مع الفروع وتصحيحه للمرداوي، وسيصدر عن مؤسسة الرسالة إن شاء الله، • قيمة هذه الحاشية: تبرز قيمة هذه الحاشية من عدة نواح، يمكن إيجازها فيما يلي: أولًا: غناؤها بالروايات المنقولة عن الإمام أحمد. ولذلك احتوى الكتاب على جملة كلبيرة من أسماء كتب "المسائل" التي تمثل رواية الأصحاب عن إمام المذهب. كما اعتنى بالوجوه والإختيارات والتصحيحات، ونحو ذلك. ثانيًا: عناية المؤلف بالخلاف العالي؛ فيذكر الخلاف مع بقية الأئمة أرباب المذاهب وبعض أصحابهم، وتارة يتطرق إلى مذاهب التابعين وتابعيهم. ثالثًا: إضافة بعض الفوائد والزوائد على ما ورد في الأصل (الفروع). وبالجملة: تعتبر أحسن حاشية وضعت على "الفروع"، فكثر الإنتفاع بها، ونالت حظوة كبيرة وثناء عطرًا لدى من جاء بعد المؤلف من العلماء. واعتمدها المرداوي في "الإنصاف" و"تصحيح الفروع". وقال ابن بدران في ¬

_ (¬1) السحب الوابلة ص 110. (¬2) السحب الوابلة ص 312 (في ترجمة الجراعي).

2 - حاشية على المحرر

وصفها: "وبها من التحقيق والفوائد مالا يوجد في غيرها" (¬1). وقال الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع في مقدمة "الفروع" (ص: 8 - 9): "علق عليه -أي الفروع- الإمام العلّامة أبو بكر ابن قندس حاشية جليلة. اعتمد على نقله وتحقيقه علماء مذهبنا". • الأعمال التي تمت على الكتاب: تعقبه في بعض المواضع أحمد بن أحمد الشويكي. ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 97) بهذه العبارة: "رأيت له بعض تعقبات بخطه على الحواشي القندسية على الفروع تدل على نباهته". 2 - حاشية على المحرر ذكره ابن مفلح في "المقصد" (3/ 78) والعليمي في "المنهج" (5/ 248) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 441) وابن حميد في "السحب" (ص 298) وقال: جُردت في مجلد وسط. وذكره ابن بدران في "المدخل" (ص: 423، 435). وهو من مصادر المرداوي في "الإنصاف" ذكره مع حاشية "الفروع". وقال الفوزان في مقدمة تحقيق حاشية ابن قندس على الفروع (ص 55): "يذكر فيها الروايات والأوجه، ويرجح فيها أحيانًا، وينقل عن مصادر الحنابلة، كمختصر الخرقي وفروع ابن مفلح، ومصنفات أبي يعلى، وأبي الخطاب، وابن عقيل، وموفق الدين ابن قدامة، وابن تيمية، وابن رجب. ويتطرق أحيانًا إلى ذكر بعض المذاهب. والأدلة فيها ليست بالكثيرة. يوجد منها في مكتبة الرياض السعودية العامة نسخة خطية، تبدأ قبل باب مصارف الزكاة بثمانية عشر سطرًا، ويشمل الموجود منها على ثمان وستين ومائتي صفحة، وفيها نقص وطمس قليلًا. * * * ¬

_ (¬1) المدخل ص 440.

171 - ابن زهرة الحمصي (868 هـ)

171 - ابن زَهْرَة الحِمْصي (868 هـ) هو عبد الله بن أبي بكر بن خالد ابن زَهرة، جمال الدين، الحمصي. ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (5/ 15). له: حاشية على الفروع ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 256) قائلًا: قرأ "الفروع" على قاضي القضاة علاء الدين بن المُغلي، وبحثه عليه، وله عليه حاشية لطيفة. اهـ. وكذا ذكره ابن العماد في "الشذرات" (6/ 455) وابن حميد في "السحب" (ص 614). * * * 172 - عِزّ الدين الكِنَاني (876 هـ) هو أحمد بن إبراهيم بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح، أبو البركات، عز الدين، الكناني، العَسْقَلاني، ثم المصري، قاضي القضاة بها، كأبيه وجده. ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (1/ 205). له: 1 - مختصر المحرر. 2 - تصحيح المحرر. 3 - نظم المحرر. 4 - تصحيح المقنع. 5 - مختصر الطوفي في الأصول. 6 - نظم الطوفي. 7 - مختصر الخرقي = تصحيح الخرقي.

1 - مختصر المحرر

8 - مختصر قواعد ابن رجب. 9 - كتاب في الفقه. 10 - مختصر تصحيح الخلاف المطلق الذي في المقنع للشمس النابلسي. قال السخاوي: وأكثرَ من الجمع والتأليف والانتقاء والتصنيف، حتى إنه قلّ فنٌّ إلا وصنف فيه؛ إما نظمًا وإما نثرًا، ولا أعلم الآن من يوازيه في ذلك. 1 - مختصر المحرر ذكرره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 7) والعليمي في "المنهج" (5/ 273) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 480) وابن حميد في "السحب" (92) نقلًا عن معجم السيوطي. وذكره حفيده في "الدر المنضد" (ص 50). 2 - تصحيح المحرر 3 - نظم المحرر ذكرهما العليمي في "المنهج" (5/ 273) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 480) وابن حميد في "السحب" (ص 92) مع "مختصر المحرر". وذكر له ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 7) تصحيح المحرر فقط. ويعتبر "تصحيح المحرر" من مصادر المرداوي في "الإنصاف" نص على ذلك في المقدمة (ص 23). 4 - تصحيح المقنع ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 7) وأشار محققه الدكتور عبد الرحمن العثيمين إلى وجود نسخة خطية منه في مكتبة الشيخ عبد الله بن حميد. 5 - مختصر الطوفي في الأصول أي: مختصر "مختصر الروضة = البلبل"، ويحتمل أن يكون مختصرًا

6 - نظم الطوفي

لـ "شرح مختصر الروضة". ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 7). وذكر له أيضًا: اختصار بعض "شرح الطوفي" لجدّه. وذكر له ابن حميد في "السحب" (ص 92) نقلًا عن "معجم السيوطي" كتابًا باسم "شرح مختصر الطوفي ". ولعله عمل تصحيحًا على "مختصر الروضة" للطوفي فسماه بعضهم اختصارًا وسماه بعضهم شرحًا. والله أعلم. 6 - نظم الطوفي ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 7). وذكر له هو وابن حميد، أيضًا: - نظم المنهاج للبيضاوي. - نظم جمع الجوامع للسبكي. - نظم مختصر ابن الحاجب. - توضيح مختصر ابن الحاجب. 7 - مختصر الخرقي = تصحيح الخرقي ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 7) قائلًا: اختصر الخرقي. وكذا ذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 50) وذكره جدّه في "السحب" (ص 92) - نقلًا عن "معجم السيوطي" - باسم "تصحيح الخرقي". فلعله عمل تصحيحًا لمختصر الخرقي، فسمى بعضهم هذا التصحيح اختصارًا، وهذا ما نلاحظه يتكرر في "الجوهر المنضد" لإبن عبد الهادي، حيث يسمي الشروح المختصرة والتصحيحات: اختصارًا. 8 - مختصر قواعد ابن رجب ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 7).

9 - كتاب في الفقه

9 - كتاب في الفقه ذكره ابن عبد الهادي (ص 7)، وذكر له أيضًا: - نظم التحفة. - شرح بعض المنورة. 10 - مختصر تصحيح الخلاف المطلق الذي في المقنع ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 273). والأصل الذي اختصره ألفه الشمس الجعفري النابلسي (ت 797 هـ). * * * 173 - ابن عَادل (بعد 880 هـ) هو عمر بن علي بن عادل، أبو حفص، سِراج الدين، الدمشقي، صاحب التفسير. توفي بعد (880 هـ) كما في "الأعلام" (5/ 58). ذكره ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 793) وقال: لم أجد له ترجمة في "الدرر الكامنة" ولا في "الضوء اللامع"، وهو من رجال أحدهما بلا شك. اهـ. وقد كتب عنه الشيخ محمد راغب الطباخ مقالًا نشر في مجلة المجمع العلمي بدمشق، وذلك بمناسبة عثوره على نسخة من تفسيره المسمى "اللباب في علوم الكتاب". له: حاشية على المحرر في الفقه ذكرها ابن حميد في "السحب" (ص 793) وقال محققه الدكتور عبد الرحمن العثيمين في الهامش: "وذكر المولف في هامش آخر نسخته من "الذيل على طبقات الحنابلة" بمثل ما ذكر هنا. وزاد هناك: ونَقَل الشيخ عثمان بن أحمد النَّجدي ثم الأزهري [ابن قائد] في حاشيته على "المنتهى" عن ابن عادل (¬1). ¬

_ (¬1) حاشية النجدي (4/ 166، 185، 369 و 5/ 55، 60، 62، 83، 93، 347) الصادرة عن مؤسسة الرسالة مع "منتهى الإرادات".

174 - ابن التنبالي (882 هـ)

ورأيت بخط بعضهم قال: قال ابن عادل في "حاشيته على المحرر". اهـ. وذكرها الزركلي في "الأعلام" (5/ 58) نقلًا عن "الأزهار الطيبة النشر". وتوجد من هذه الحاشية نسخة خطية في مكتبة الموسوعة الكويتية رقم (293/ 2). * * * 174 - ابن التِّنْبالي (882 هـ) هو يوسف بن محمد بن عمر، أبو المحاسن، جمال الدين، المرداوي، المعروف بـ "ابن التِّنْبالي". ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (10/ 332) وابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 182) وكانت بينهما صحبة. له: 1 - مختصر الفروع. 2 - شرح التجريد. 3 - الكفاية في الفرائض. 1 - مختصر الفروع = الحلوى ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 182) قال: اختصر "الفروع" في كتاب سماه "الحلوى". وذكر أن له تصنيفًا آخر على "الفروع". وذكره العليمي في "المنهج" (5/ 285) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 503) وابن حميد في "السحب" (ص 1180) نقلًا عن السخاوي في "الضوء اللامع". ولا يوجد في النسخة المطبوعة منه!. 2 - شرح التجريد ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 182) قال: شرح قطعة من "تجريد الحنابلة". اهـ. ولعله "تجريد العناية" لإبن اللحام، فتصحَّف.

3 - الكفاية في الفرائض

3 - الكفاية في الفرائض ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1180). * * * 175 - الجُرَاعي (883 هـ) هو أبو بكر بن زيد بن عمر بن محمود، تقي الدين، الحسني، الجُرَاعي ثم الدمشقي الصالحي. ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (11/ 32). له: 1 - الترشيح في بيان مسائل الترجيح. 2 - غاية المطلب في معرفة المذهب. 3 - حلية الطراز في حل مسائل الألغاز. 4 - مختصر "أحكام النساء" لإبن الجوزي. 5 - أرجوزة مفيدة في السواك. 6 - تحفة الراكع والساجد في أحكام المساجد. 7 - فتيا في حكم إحداث الكنائس. 8 - شرح مختصر أصول الفقه لإبن اللحام. 9 - شرح التسهيل. 10 - تصحيح الخلاف المطلق. 1 - الترشيح في بيان مسائل الترجيح ذكره السخاوي في "الضوء" (11/ 32) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 281) و"الهدية" (1/ 237) وابن حميد في "الدر المنضد" (ص 51) والزركلي في "الأعلام" (2/ 64) وكحالة في "المعجم" (1/ 438).

2 - غاية المطلب في معرفة المذهب

2 - غاية المطلب في معرفة المذهب ذكره السخاوي في "الضوء" (11/ 32) وقال: اختصره من فروع ابن مفلح، واعتنى فيه بتجريد المسائل الزائدة على الخرقي. وذكره العليمي في "المنهج" (5/ 283) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 505) وابن حميد في "السحب" (ص 307) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 51) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 142) والزركلي في "الأعلام" (2/ 64) وكحالة في "المعجم" (1/ 438). • مخطوطات الكتاب وتحقيقه: - توجد منه نسخة في مكتبة أحمد الثالث بتركيا رقم (1131) عدد أوراقها (222) ورقة، في حجم (21) سطرًا، بخط نسخ جميل. ومنه نسخة في جامعة أم القرى (41). وحُقِّق هذا الكتاب في رسالة جامعية قُدّمت في الجامعة الإسلامية. 3 - حِلْية الطِّراز في حَلّ مسائل الألغاز ذكره السخاوي في "الضوء" (11/ 32) وقال: انتفع فيه بكتاب الجمال الإسنوي في ذلك. اهـ. وكتاب الإسنوي المذكور يسمى: طراز المحافل في ألغاز المسائل. وذكره ابن العماد في "الشذرات" (9/ 505) وابن حميد في "السحب" (ص 307). وتوجد منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية رقم (55 - فقه حنبلي). ومنه نسخة كانت عند الزركلي بخط المؤلف، ذكره في "الأعلام" (2/ 63). ومنه نسخة في ليدن (هولندا).

4 - مختصر أحكام النساء لإبن الجوزي

4 - مختصر أحكام النساء لإبن الجوزي ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 308). 5 - أرجوزة في السواك ذكرها ابن حميد في "السحب" (ص 312). وهي قصيدة مشهورة ضَمَّنها أحكام السواك وآدابه وبيان منافعه. وهي مذكورة بكاملها في حاشية ابن فيروز على "الزاد" وعلى "الروض" وفي مجموع المنقور. 6 - تحفة الراكع والساجد في أحكام المساجد ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 312) وقال: مجلد لطيف، جعله تاريخًا لمكة والمدينة والمسجد الأقصى، ثم ذكر بقية أحكام سائر الساجد. وهوكتاب جليل الفوائد، جمّ العوائد، إلا أن غالبه منقول من "إعلام الساجد بفضيلة الثلاثة المساجدا للبدر الزركشي الشافعي. • مخطوطات الكتاب: - منه نسخة في الوسوعة الكويتية (أصلها من مكتبة الدحيان) رقم (1/ 74) عدد أوراقها (181) ورقة، في حجم مختلف (15 - 21 سطرًا)، بخط نسخ مختلف، تتابع على نسخه ثلاثة: أولهم: عبد الرحمن بن عثمان بن جلال، ثم أحد الفضلاء، ثم الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان، سنة (1333 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع في المكتب الإسلامي سنة (1401 هـ / 1981 م) على النسخة المذكورة أعلاه، وكتب على الغلاف: تحقيق طه الولي. 7 - فتيا في حكم إحداث الكنائس منها نسخة في مجاميع دارالكتب المصرية رقم (228 - فقه حنبلي). وذو العليمي في "المنهج" (5/ 283) ملخص هذه الفتوى. وكذا ابن حميد في "السحب" (ص 312). 8 - شرح مختصر أصول الفقه لإبن اللحام ذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص 111) وابن العماد في "الشذرات"

9 - شرح التسهيل

(9/ 505) وابن حميد في "السحب" (ص 312) وكحالة في "المعجم" (1/ 438). • تحقيق الكتاب: قام بدراسته وتحقيقه الباحث عبد العزيز بن محمد بن عيسى القايدي في رسالة ماجستير قدمها إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة (1408 هـ). 9 - شرح التسهيل أي "تسهيل" محمد بن علي بن محمد البعلي المعروف بـ"ابن أسْبَا سَلَار" (ت 777 هـ). ذكره ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 144) في ترجمة مؤلف "التسهيل". 10 - تصحيح الخلاف المطلق ذكره ابن العماد في "الشذرات" (9/ 505) وقال: مجلد لطيف. ولم يسم الكتاب الذي صححه، فلعله هو نفس "التسهيل" للبعلي. والله أعلم. * * * 176 - البُرْهان ابن مُفْلح (884 هـ) هو إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مُفْلِح، أبو إسحاق، برهان الدين. ترجمه السخاوي في "الضوء" (1/ 152) وعمل الدكتور الفاضل عبد الرحمن العثيمين دراسة حافلة عنه، وعن آل مفلح، أثبتها في مقدمة تحقيق كتابه "المقصد الأرشد". له: 1 - المبدع في شرح المقنع. 2 - مرقاة الوصول إلى علم الأصول.

1 - المبدع في شرح المقنع

1 - المبدع في شرح المقنع ذكره السخاوي في "الضوء" (1/ 152) والنعيمي في "الدارس" (2/ 59) وابن طولون في "القلائد الجوهرية" (ص: 162، 419) والعليمي في "المنهج" (5/ 288) وابن حميد في "السحب" (ص 62)، وغيرهم كثير (¬1). • مخطوطات الكتاب: - منه نسخة في مكتبة أحمد الثالث بتركيا رقم (1134) تحتوي على جزأين (¬2): الأول: في (256) ورقات في حجم (33) سطرًا، بخط نسخ واضح. الثاني: في (241) ورقة في حجم (33) سطرًا، بخط نسخ واضح. - ومنه قطعة في المكتبة المحمودية رقم (1446) عدد أوراقها (201) ورقة، في حجم (31) سطرًا، بخط نسخ معتاد. - ومنه نسخة في الظاهرية بدمشق، تحتوي على جزأين: الجزء الثاني: رقم (2709) عدد أوراقه (265) ورقة، بخط نسخ معتاد مقروء، نسخه موسى بن أحمد بن موسى الكناني، المرداوي، المقدسي، سنة (888 هـ). الجزء الثالث: رقم (2710) عدد أوراقه (265) بنفس صفات السابق. - ومنه قطعة في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت، رقم (361) عدد أوراقها (186) ورقة، في حجم (29) سطرًا، كُتبت بخط نسخ معتاد، سنة (884 هـ) وهي سنة وفاة المؤلف. ويبدأ هذا الجزء من كتاب الجنايات وينتهي بآخر الكتاب. - ويوجد المجلد الأول منه في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (404 هـ)، يقع في (254) ورقة، وهو بخط المصنف، فرغ منه سنة (888 هـ). ¬

_ (¬1) منهم البغدادي في "الهدية" (1/ 21) ونسب له كتبًا أخرى ليست له، مثل: "الأداب الشرعية" وهو لجدّه، و"الدر المنتقى والجوهر المجموع ... " المسمى تصحيح الفروع، وهو للمرداوي. (¬2) فهذه النسخة ناقصة، لأن الكتاب يقع في أربعة مجلدات كما ذكرته مصادر ترجمته.

- ومنه نسخة أخرى بنفس المكتبة برقم (13707)، تقع في (221) ورقة، نسخت سنة (908 هـ)، تبدأ من كتاب الطلاق. - وبها نسخة ثالثة برقم (7467) تقع في (270) ورقة، بخط قديم. وقال الدكتور عبد الرحمن العثيمين في مقدمة "المقصد الأرشد" (1/ 34): "ورأيت في مكتبة جامعة برنستون ومكتبة شسشربتي بعض أجزاء منه. وهو موجود كاملًا بنسخ متعددة لدى كثير من المكتبات الخاصة بنجد اطلعت على بعضها". اهـ. أقول: والذي في شستربتي هو"المبدع في شرح المقنع" لسبط ابن المارديني (ت 912 هـ) وهو في علم الجبر والهندسة وليس في الفقه. وهو ضمن مجموع برقم (3362)، فليُتَنَبَّه. • طباعة الكتاب: طُبع في المكتب الإسلامي بدمشق سنة (1385 هـ - 1388 هـ / 1965 م - 1968 م) بتحقيق الشيخين: عبد القادر الأرنؤوط وشعيب الأرنؤوط، على أربع نسخ خطية غير التي سبق ذكرها. وصدر في تسعة مجلدات. وأعيد طبعه سنة (1400 هـ/ 1980 م) وصدر في عشرة مجلدات. • وصف الكتاب وتقويمه: هو شرح مطول من شروح "المقنع" لإبن قدامة المقدسي -رَحِمَهُ اللهُ-، مزج فيه المؤلف المتن بالشرح! ولم يتعرض فيه لمذاهب المخالفين إلا نادرًا خلافًا لما ادعاه الناشر في المقدمة، ومال فيه إلى التحقيق وضم الفروع بعضها إلى بعمق، فجاء هذا الشرح مبيِّنًا لحقائق المتن، وموضحًا لدقائقه، ومذلِّلًا من ألفاظه صِعابَه! وكاشفًا عن وجه المعاني نقابَه، ونبّه فيه على ترجيح ما أُطلق! وتصحيح ما أُغلق (¬1)، ويختم المساثل عادة ببعض التكميلات التي يُعلِّقها تحت عنوان: "فرع" أو "تنبيه" أو"تذنيب" أو نحو ذلك. ¬

_ (¬1) مقتبس من مقدمة المبدع 1/ 18.

2 - مرقاة الوصول إلى علم الأصول

وبالجملة يعتبر شرحًا مفيدًا جدًّا لمتوسطي طلّاب العلم، قال ابن بدران فيه: "حذا فيه حذو المحلّي الشافعي في شرح "المنهاج" الفرعي، وفيه من الفوائد والنقول ما لا يوجد في غيره" (¬1). ويعتبر "المبدع" -كما قال ابن بدران- مادة الشيخ منصور البهوتي في شرحه لكتاب "الإقناع" للحجاوى، فقد صرّح في المقدمة بأنه اعتمد عليه وعلى شرح "المنتهى" لمؤلفه ابن النجْار الفُتُوحي. 2 - مرقاة الوصول إلى علم الأصول ذكره السخاوي في "الضوء" (1/ 152) والعليمي في "المنهج" (5/ 288) وابن حميد في "السحب" (ص 62) وابن حفيد المؤلف في آخر "المقصد الأرشد" (3/ 167) وابن بدران في "المدخل" (ص 423). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسختان في المكتبة السعودية العامة بالرياض رقم (596). * * * 177 - العَلاء المَرْدَاوي (885 هـ) هو علي بن سُليمان بن أحمد بن محمد، أبو الحسن، علاء الدين، السَّعْدي، المَرْدَاوي، شيخ المذهب ومُنقّحه ومُحرّره. ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (5/ 225). له: 1 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف. 2 - التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع = مختصر الإنصاف. 3 - تصحيح الفروع. 4 - مختصر الفروع مع زيادة عليه. 5 - تحرير المنقول في تهذيب الأصول. ¬

_ (¬1) المدخل ص 423، ومثله في ترجمة المؤلف لإبن حفيده في آخر "المقصد الأرشد" (3/ 167).

1 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف

6 - التحبير في شرح التحرير. 7 - شرح قطعة من مختصر الطوفي. 8 - فهرسة القواعد الأصولية. 9 - شرخ الآداب. وأورد العليمي في ذيل ترجمته جملة من فتاويه وفوائده المنثورة، في نحو سبع صفحات. قال السخاوي: وأعانه على تصانيفه في المذهب ما اجتمع عنده من الكتب، مما لعله انفرد به ملكًا ووقفًا. 1 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ذكره السخاوي في "الضوء" (5/ 226) وابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 10) والعليمي في "المنهج" (5/ 295) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 511) وابن حميد في "السحب" (ص 742) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 134) و"الهدية" (1/ 736) والزركلي في "الأعلام" (4/ 292). وهو كتاب شهير، وهو غُرَّة مصنفات المرداوي، يقع مخطوطه في أربعة مجلدات، كما صرحت بذلك بعض المصادر السابقة. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، توضيحها كالتالي: الجزء الأول: رقم (1392) عدد أوراقه (341)، في حجم مختلف، بخط نسخ معتاد. فيه من كتاب الطهارة إلى صلاة الخوف. الجزء الثاني: رقم (1393) عدد أوراقه (209) ورقات، في حجم (27) سطرًا. وهو ناقص من أوله، فيه من صلاة الجماعة إلى باب المساقاة. الجزء الثالث: رقم (1394) عدد أوراقه (346) ورقة، في حجم (29) سطرًا، بخط نسخ معتاد، فيه من باب الإجارة إلى باب الإستثناء في الطلاق. الجزء الرابع: رقم (1395) عدد أوراقه (269) ورقة، في حجم (27)

سطرًا، بخط نسخ قديم معتاد، نسخ عبد القادر بن محمد بن يوسف الموسكي، سنة (899 هـ). فيه من باب تعليق الطلاق في الماضي والمستقبل إلى آخر الكتاب. - وتوجد بالمحمودية أيضًا قطعة من الجزء الثالث من نسخة أخرى محفوظة برقم (41) عدد أوراقها (61) ورقة، في حجم (29) سطرًا، بخط نسخ معتاد. - وتوجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، توضيحها كالتالي: الجزء الأول: رقم (8708) عدد أوراقه (213) ورقة، بخط نسخ معتاد، نسخ سنة (894 هـ). الجزء الثاني: رقم (8709) عدد أوراقه (246) ورقة، نسخ سنة (902 هـ). الجزء الثالث: رقم (8710) عدد أوراقه (249) ورقة، بخط نسخ معتاد. الجزء الرابع: رقم (8711) عدد أوراقه (237) ورقة، بخط نسخ معتاد، نُسخ سنة (904 هـ). - وتوجد منه أجزاء في مكتبة جامع عنيزة الوطنية، وبيانها كالتالي: الجزء الأول: من نسخة وقفها الأمير طوسون أحمد باشا لمدرسة السلطان، ثم انتقل إلى يد الشيخ محمد بن شبل، ثم إلى يد عبد الله العبد الرحمن البسام، وعلى طرته هذه العبارة: "من كتب أحمد بن أبي الوفاء بن مفلح عفا الله عنه". الجزء الأول: من نسخة أخرى، كانت بيد الشيخ محمد بن شبل، ثم أهداه إلى عبد الله العبد الرحمن البسام. الجزء الثالث: من نسخة أخرى، كان ملكًا للشيخ علي المحمد الراشد، ثم صار ملكًا لصالح الحمد المحمد البسام.

الجزء الثالث: من نسخة أخرى، منسوخ بخط عبد الله الفائز المنصور المحمد أبا الخيل، نقله من خط المؤلف، وفرغ من نسخه في (26) محرم سنة (1241 هـ). وهذا الجزء مقابَل ومصحح على خط المصنف. الجزء الرابع: من نسخة أخرى، منسوخ بخط زين الدين بن محمد الشهير "بابن فريق"، ثم بابن أبي عمر المقدسي الحنبلي، عليه وقفية عبد الرحمن القاضي بيده. • طباعة الكتاب: طُبع بمطبعة السنة المحمدية بالقاهرة سنة (1374 هـ/ 1955 م) صححه الشيخ محمد حامد الفقي، -رَحِمَهُ اللهُ- على نسختين: نسخة مصرية، وأخرى سعودية، وتم الطبع على نفقة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود -رَحِمَهُ اللهُ-، وصدر في (12) مجلدًا. ثم طُبع طبعة جديدة وفق المنهج المتبع في التحقيق، على نسخة محفوظة بدار الكتب المصرية (19 - فقه حنبلي/ مكتبة طلعت) -وهي إحدى نسختي الشيخ محمد حامد الفقي- بالإضافة إلى نسخة مصورة من مكتبة أحمد الثالث بتركيا. مع النسخة المطبوعة التي بدا عليها لدى المقارنة كثير من التصرف والإقحام لبعض التعاليق التي ليست من أصل الكتاب. وقد يسَّرَ اللهُ في تحقيقه بالإشتراك مع الدكتور عبد الفتاح الحلو رحمه الله، في الأجزاء الثلاثة الأولى وطُبع في دار هجر في القاهرة مع المقنع والشرح الكبير، وصدر سنة (1414 هـ/ 1993 م) في (32) مجلدًا مع الفهارس. • وصف الكتاب وبيان قيمته: يُعدّ "الإنصاف" تصحيحًا لكتاب "المقنع" للموفَّق ابن قدامة، فقد انصرف به المؤلِّف إلى بيان الراجح من الخلاف المذكور فيه، وتصحيح ما ليس بصحيح، كما تعقَّب المصنِّفَ في كثير من المواضع، واستدرك عليه بعض ما فاته، ولا يسلم من النقص إلا من عصمه الله. وقد كشف المرراوي نفسُه في المقدمة عن مقاصده من وراء تأليف هذا الكتاب، فقال -بعدما أثنى على المقنع ومصنفه-: " .. فإنَّ من نظر فيه بعين

التَّحقيق والإنصاف، وجد ما قال حقًّا وافيًا بالمراد من غير خلاف، إلا أنه، -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-، أطلق في بعض مسائله الخلافَ من غير ترجيح، فاشتبه على الناظر فيه الضَّعيفُ من الصحيح، فاحببت إن يَسّر الله تعالى، أن أبيِّن الصحيحَ من المذهب والمشهورَ، والمعمولَ عليه والمنصورَ، وما اعتمده أكثر الأصحاب وذهبوا إليه، ولم يعرّجوا على غيره ولم يعوِّلوا عليه". ثم قال: " .. وربما تكون الرواية أو الوجه المسكوت عنه مقيدًا بقيد فأذكره .. ويكون في ذلك أيضًا تفصيل، فنبينه إن شاء الله تعالى". ثم قال: " .. وقد يكون الأصحاب اختلفوا في حكاية الخلاف، فمنهم من حكى وجهين، ومنهم من حكى روايتين، ومنهم من ذو الطريقتين، فأذكر ذلك إن شاء الله تعالى". ثم قال: " ... وأحشِّي على كل مسألة إن كان فيها خلاف واطلعت عليه، وأبيِّن ما يتعلق بمفهومها ومنطوقها، وأبيِّن الصحيح من المذهب من ذلك كله، فإنه المقصود والمطلوب من هذا التصنيف، وغيرُه داخلٌ تبعًا، وهذا هو الذي حداني إلى جمع هذا الكتاب لمسِّ الحاجة إليه، وهو في الحقيقة تصحيح لكل ما في معناه -أي المقنع- من المختصرات". اهـ. ويعتبر الكتاب غنيًا بالمعلومات المتعلقة بالمدخل إلى المذهب، بما بثَّه المؤلف في طرفيه من الكشف عن المصطلحات الدارجة في الكتب والمصنفات، وبيان صفة الروايات المنقولة عن الإمام أحمد رضي الله عنه، والأوجه والإحتمالات الواردة عن أصحابه. بالإضافة إلى تجريد أسماء الرواة للمسائل من الطبقة الأولى الذين ترجم لهم الخلال في كتابه "طبقات أصحاب الإمام أحمد". وطريقة المرداوي في هذا الكتاب: أن يسوق المسألة من "المقنع" ثم يتلوها بتفصيل النقل في المذهب وبيان الإختلاف في حكايته، عازيًا ذلك كلَّه إلى المصادر التي ذوته. ثم يُحقق ما هو الراجح بقوله: "هو المذهب" أو: "عليه جماهير الأصحاب" أو نحو ذلك من عبارات التحقيق. ولا يتكفَّل، بل يؤيد قوله بذكر المصادر التي قرَّرت به. وقد بين في المقدمة أسماء الكتب التي

تميزت بذكر الصحيح والمشهور والراجح، ثم أوضح منهجه في ترتيب تلك الكتب لدى مسألك الترجيح وطرق التصحيح. وبالجملة فإن كتاب "الإنصاف" متعدد الفوائد، وتبرز قيمته في تلك الوجوه المتعددة التي تميزه عن غيره، والتي منها: أولًا: أنه استوعب من الروايات والوجوه في المذهب ما أعجز غيره أن يأتي بمثله. ثانيًا: أنه يعتبر مصدرًا من أجمع المصادر في معرفة الكتب المؤلَّفة في المذهب، بما أثبت فيه من المتون والشروح والحواشي والأنظام والفتاوى والمصنفات المفردة، ذكر كثيرًا منها في المقدمة، وذكر الباقي منها في مواضع متفرقة من الكتاب. ثالثًا: خرّج مفردات المذهب، ومسائل الألغاز، وعدة فوائد وتنبيهات وشَّى بها خواتم كثير من المسائل. رابعًا: يعتبر مصدرًا من مصادر معرفة اختيارات الأصحاب، كغلام الخلال، والقاضي أبي يعلى، وأبي الخطاب، وابن عقيل، وابن أبي موسى، وأضرابهم. ومنذ تصنيف هذا الكتاب أصبح الناس لا يقرؤون "المقنع" إلا مع "الإنصاف"، أو على الأقل مع مختصره "التنقيح"، ثم لم يلبث متأخرة المصنفين أن جمعوا بينهما في قَرَن واحد، كالشويكي والعسكري وابن النجار وغيرهما. ومما قُرِّظ به كتاب "الإنصاف" قول العليمي فيه: "وهو من كتب الإسلام، فإنه سلك فيه مسلكًا لم يسبق إليه؛ بيَّن فيه الصحيح من المذهب، وأطال فيه الكلام، وذو في كل مسألة ما نقل منها من الكتب وكلام الأصحاب، فهو دليل على تبحر مصنفه، وسعة علمه، وقوة فهمه، وكثرة اطلاعه" (¬1). اهـ. ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 5/ 290.

2 - التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع

ثم إن علماء المذهب من بعده عولوا عليه -أي الإنصاف- في إخراج الفقه الحنبلي في ثوب جديد، خاليًا من كثير من الخلاف الذي استمر غير محسوم على مدى عدة قرون، فجاء منْ بعده محرَّرًا منقحًا على قول واحد في معظم المسائل، كما نرى ذلك في "الإقناع" و"المنتهى" و"غاية المنتهى" و"دليل الطالب" وسائر المتون التي صُنِّفت بعد المرداوي. فشكر الله له سعيه وأجزل له المثوبة في دار العقبى، إنه سميع قريب مجيب. • الأعمال التي تمت على الكتاب: وضعت عليه عدة مختصرات، منها: 1 - مختصر المصنف نفسه، والمسمى "التنقيح المشبع"، سيأتي. 2 - مختصر أبي اليُمْن مجير الدين العليمي، صاحبـ"المنهج الأحمد" (ت 928 هـ)، ويسمى كتابه "الإتحاف باختصار الإنصاف". 3 - مختصر شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رَحِمَهُ اللهُ- (ت 1206 هـ)، اختصره مع "الشرح الكبير" في كتاب واحد. 2 - التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع ذكره السخاوي في "الضوء" (5/ 226) وابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 100) وذكر معه "اختصار الإنصاف" مع أنهما كتاب واحد. وذكره العليمي في "المنهج" (5/ 291) وقال: وهو مختصر في مجلد لطيف، سلك فيه مسلكًا لم يُسبق إليه، وقد رأيت في نسخة منه أن مؤلفه فرغ من تأليفه في (16/ 10/ 872 هـ) ثم غَيَّره مرارًا، ولم يزل يحرِّره ويزيد منه وينقص إلى أن توفي. اهـ. وذكره ابن العماد في "الشذرات" (9/ 511) وابن حميد في "السحب" وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1810) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 549) ولكن نسبه إلى ابن مغلي (ت 828 هـ) وذكره في "الهدية" (1/ 736) وذكر معه كتابًا آخر باسم "التنقيح في شرح إنصاف التصحيح في الفروع"!!

مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية رقم (13970) عدد أوراقها (115) ورقة، بخط نسخي، نسخها أحمد المقدسي، سنة (911 هـ). - ومنه نسختان في المكتبة الأزهرية: الأولى: رقم (173) عدد أوراقها (170) ورقة، في (21) سطرًا، بخط نسخ واضح، نسخ موسى بن أحمد الكناني، سنة (883 هـ). الثانية: رقم (15/ 4240) عدد أوراقها (148) ورقة، في (21) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نسخ موسى بن أحمد بن موسى الكناني المرداوي الحنبلي، سنة (882 هـ). - ومنه نسخة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة رقم (2/ 257) عدد أوراقها (251) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ معتاد. - ومنه نسخة في مكتبة جامعة برنستون بأمريكا الشمالية رقم (3810) عدد أوراقها (109) ورقات، في (23) سطرًا، بخط نسخ واضح، وهو خط المؤلف نفسه، نسخها سنة (878 هـ). - ومنه نسخة في مكتبة جامع عنيزة الوطنية بالرياض، ثم انتقلت إلى يد الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع -رَحِمَهُ اللهُ-. • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة السلفية بمصر، بدون تاريخ، بتصحيح لجنة التصحيح بالمطبعة، وتمت كلفة الطباعة على نفقة قاسم بن درويش فخرو. ولا يزال يفتقر، كغيره من الكتب المطبوعة قديمًا، إلي إخراج جديد، محقَّقًا على أصوله الخطية الموجودة، وفق المنهج المتبع في ذلك في العصر الحاضر. • وصف الكتاب: هو اختصار لكتاب "الإنصاف" إلى حدّ الربع، صحَّح فيه ما اطلق في "المقنع" من الروايتين أو الروايات، ومن الوجهين أو الأوجه، وقيَّد ما أخلّ به

3 - تصحيح الفروع

من الشروط، وفسّر ما أبهم فيه من حُكم أو لفظ، واستثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب حتى خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، وقيد ما يحتاج إليه مما فيه إطلاق، وكمل على بعض فروع مسائله ما هو مرتبط بها، وزاد عليه مسائل محرَّرة مصححة، فصار تصحيحًا لغالب كتب المذهب (¬1). وقد كشف المرداوي عن غرضه من تصنيف هذا الكتاب بقوله في المقدمة: "أما بعد، فقد سَنَح بالبال أن أقتضب ما في كتابي "الإنصاف" من تصحيح ما أطلق الشيخ الموفّق في "المقنع" من الخلاف، وما لم يفصح فيه، بتقديم حكم، وأن أتكلم على ما قطع به، أو قدمه أو صححه، وما أخلّ به من قيد أو شرط صحيح في المذهب، وما حصل في عباراته من خلل أو إبهام أو عموم أو إطلاق، ويستثنى منه مسألة أو أكثر؛ حكمها مخالف لذلك العموم أو الإطلاق ... وهو في الحقيقة تصحيح وتنقيح وتهذيب لكل ما في معناه، بل وتصحيح لغالب ما في المطولات، ولا سيما في التتمات" (¬2). • الأعمال التي تمت على الكتاب: وُضعت عليه حواشٍ، منها: 1 - حاشية لأحمد بن عبد العزيز بن علي النّجار الفُتُوحي (ت 949 هـ). 2 - حاشية لأبي النجا موسى بن أحمد الحجاوي (ت 968 هـ). وجمعه بعض العلماء مع أصله "المقنع" كما فعل الشهاب العسكري (910 هـ) والشهاب الشويكي (ت 939 هـ) وابن النجار الفُتُوحي (ت 972 هـ). 3 - تصحيح الفروع وسماه مصنفه "الدُّر المنتقى والجوهر المجموع في تصحيح الخلاف المطلق في الفروع". ¬

_ (¬1) معونة أولي النُّهى في شرح المنتهى لإبن النجار 1/ 154، والمدخل ص 438، ومقدمة طبعة "الفروع" لإبن مانع ص (58). (¬2) التنقيح ص 27.

ذكره السخاوي في "الضوء" (5/ 226) قال: في مجلد ضخم. وابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص 100) والعليمي في "المنهج" (5/ 291) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 511) وابن حميد في "السحب" (ص 742) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 52) والبغدادي في "الهدية" (1/ 736) والزركلي في "الأعلام" (4/ 292). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة شستربتي رقم (3550) عدد أوراقها (251) ورقة، في حجم (23) سطرًا، نسخت في القرن العاشر تقريبًا. ومنه نسخة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم (294 - فقه حنبلي) عدد أوراقها (261) ورقة، في حجم (23) سطرًا، بخط نسخ معتاد، كتُبت سنة (1213 هـ). • طباعة الكتاب: طبع بهامش "الفروع" على نسخة فريدة كانت في ملك الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع -رَحِمَهُ اللهُ-، ولم يتيسر لمصحح "الفروع" في طبعته الثانية السيد عبد الستار أحمد الفراج نسخة خطبة يمكن تصحيح الطبعة السابقة عليها كما تيسر ذلك له في كتاب "الفروع". وقد يسَّرَ الله لي -بِمَنِّه وكرمِه- تحقيقه، وسيصدر مع الفروع وحاشية ابن قُنْدس، عن مؤسسة الرسالة بيروت. • وصف الكتاب: يمكن أن يقال فيه ما قيل في "التنقيح" فكلاهما كتابان موضوعان لتصحيح الخلاف المطلق: أحدهما في "المقنع"، والثاني في "الفروع". ولذلك نجد مقدمته تتشابه مع مقدمة "التنقيح"، حيث أثنى فيها على "الفروع" ثناء علميًا أبرز فيه مزاياه، ثم بيَّن أنه مع نفاسته يحتاج إلى تصحيح بعض المسائل التي قرَّر فيها بالراجح أو الصحيح، بالإضافة إلى العمل الأساسي في الكتاب، وهو تقييد ما أطلق فيه الخلاف ببيان الراجح في ذلك. واعتمد المرداوي في عمله هذا على كتابه "الإنصاف" بالإضافة إلى

4 - مختصر الفروع مع زيادات عليه

حاشيتي تقي الدين ابن قُنْدُس (ت 861 هـ) والمحب ابن نَصر الله البغدادي (ت 844 هـ). وقد كشف عن منهجه في عمله فقال: "فإذا وجدتُ نقلًا في مسألة من هذه المسائل التي أُطلق فيها الخلاف، ذكرتُ من اختار كلّ قول، ومن قدم، وصحح، وضعّف، وأطلق، وأبيِّن الراجح من ذلك بقولي: وهو الصحيح .... إلخ" (¬1). بالإضافة إلى ذلك، فقد قام المرداوي بالتنبيه على الخلل الموجود في بعمق العبارات، أو الأحكام، أو التقديم والتأخير الذي التزمه المصنف في كتابه، أو الإطلاق، ونحو ذلك من التصحيحات التي تعتبر كالمشاركة في تبييض "الفروع" الذي كان إلى ذلك الوقت لا يزال غير مبيض في نصفه الثاني إذ لم يُقرأ على مؤلِّفه. وبالجملة: فإن بانضمام هذا التصحيح إلى "الفروع" أصبح الكتاب في غاية الكمال، لأنه قد حوى غالب مسائل المذهب، وأصوله، ونصوص الإمام، فحصل بذلك تحرير المذهب وتصحيحه، جزى الله مؤلفه ومصححه أحسن الجزاء. 4 - مختصر الفروع مع زيادات عليه ذكره السخاوي في "الضوء" (5/ 226) قال: في مجلد كبير. وكذا ابن حميد في "السحب" (ص 742) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 52) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 450) و"الهدية" (1/ 736). 5 - تحرير المنقول في تهذيب (أو تمهيد) الأصول ذكره السخاوي في "الضوء" (5/ 226) قال: في مجلد لطيف. وابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 100) والعليمي في "المنهج" (5/ 291) وقال: "ذكر فيه المذاهب الأربعة وغيرها، ورأيت بخط المصنف على نسخة أنه فرغ منه في (14/ 10/ 877 هـ). اهـ. وذكره ابن العماد في "الشذرات" (9/ 511) وابن ¬

_ (¬1) تصحيح الفروع بهامش الفروع 1/ 25.

حميد في "السحب" (ص 742) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 357) قال: رُتِّب على مقدمة وأبواب مشتملًا على مذاهب الأئمة الأربعة، وقدم الصحيح من مذهب الإمام أحمد. اهـ، وابن بدران (ص 463). • مخطوطات الكتاب وتحقيقه: توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (302 - أصول فقه)، عدد ورقاتها (79) ورقة، نسخت بخط نسخي نسخها محمد الجعفري المقدسي سنة (886 هـ)، ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (258)، ولدي صورة عنها. ونسخة أخرى في شستربتي برقم (5242)، وهي في (40) ورقة، نسخت سنة (876 هـ)، ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (65). وذكر له بروكلمان (6/ 433) نسخًا أخرى في كل من: مكتبة ليبزج رقم (347) والمكتبة الخالدية بالقدس رقم (15) والمكتبة الوطنية بباريس رقم (6185). وحقّقه الشيخ أبو بكر عبد الله دكوري في رسالة قدمها إلى الجامعة الإسلامية سنة (1403 هـ / 1983 م) لنيل درجة الدكتوراه. • وصف الكتاب: هو متن جامع محرَّر في أصول الفقه الحنبلي وغيره، أستمد مؤلفه في وضعه من الكتب المصنفة قبله، وعلى الخصوص "مختصر" ابن مفلح، فإنه جعله أصلًا له كما نص على ذلك. ولا يتعرض لذكر الأدلة والإعتراضات، ومناقشتها، ويقتصر على ذكر أقوال الأئمة في المسألة، وينص على مذهب أحمد بالذات. قال في مقدمته: "هذا مختصر في أصول الفقه، جامع لمعظم أحكامه، حاوٍ لقواعده، وضوابطه وأقسامه، مشتمل على مذاهب الأئمة الأربعة الأعلام، وأتباعهم، وغيرهم، لكن على سبيل الإعلام، اجتهدت في تحرير نقوله، وتهذيب أصوله" (¬1). اهـ. ¬

_ (¬1) المدخل لإبن بدران ص 463.

6 - التحبير شرح التحرير

• الأعمال التي تمت عليه: اختُصر، وشُرح: 1 - فقد اختصره ابن النجار الفتوحي (ت 972 هـ) في كتاب سماه: "الكوكب المنير في اختصار التحرير". 2 - وشرح 5 مؤلفه في كتابه "التحبير" كما سيأتي. 3 - وشرحه أبو الفضل أحمد بن علي ابن زهرة الحنبلي. وهو شرح ملخص من شرح المؤلف. توجد منه نسخهْ في مكتبة الحرم المكي رقم (147). ومنها صورة في جامعة أم القرى (3). 6 - التحبير شرح التحرير ذكره السخاوى في "الضوء" (5/ 226) وقال: في مجلدين. وابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 100) والعليمي في "المنهج" (5/ 291) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 511) وابن حميد في "السحب" (ص 742) وحفيده و"الدر المنضد" (ص 52) والزركلي في "الأعلام" (4/ 292). • مخطوطات الكتاب وتحقيقه: توجد منه نسخة في مكتبة الحرم المكي الشريف برقم (1474) عام. وذكر له بروكلمان (6/ 433) نسخة في بنكيبور (6). وحُقّق في ثلاث رسائل تقدم بها كل من عوض بن محمد القرني، وعبد الرحمن بن عبد الله الجبرين، وأحمد بن محمد السرّاح إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1414 هـ/ 1994 م) لنيل درجة الدكتوراه. 7 - شرح قطعة من مختصر الطوفي ذكره السخاوي في "الضوء" (5/ 226) وابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 100) وابن حميد في "السحب" (ص 742). 8 - فهرست القواعد الأصولية ذكره السخاوي في "الضوء" (5/ 226) وقال: في كراسة.

9 - شرح الآداب

9 - شرح الآداب ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 295) وابن العماد في "الشذرات" (9/ 511) وابن حميد في "السحب" (ص 743). * * * هذا، ويوجد في مصورات المركز العلمي بجامعة أم القرى رقم (70) كتاب بعنوان "عمدة الطالب ومقنع الراغب" يقع في (130) ورقة، في حجم (23) سطرًا، نُسخ سنة (889 هـ) وهو مصور عنْ أصل محفوظ في مكتبة المتحف الراقي ببغداد (35/ 2644). نُسب هذا الكتاب إلى العلاء المرداوي، فلعله هو نفس "مختصر الفروع" سماه المؤلف بهذا الإسم. والله أعلم. * * * 178 - ابنُ العِماد الحَمَوي (888 هـ) هو أحمد بن أبي بكر بن محمد بن العِماد، شهاب الدين، الحَمَوي. ترجمه السخاوي في "الضوء" (1/ 260) وأرخ وفاته في السنة المذكورة، وأرخها العليمي في سنة (883 هـ). له: المقصد المنجح لفروع ابن مفلح ذكره حاجي خليفة في "الكشف" (ص: 1256، 1806) ونقله عنه ابن حميد في "السحب" (ص 113) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 53). ونقل ابن بدران كلام صاحب "الكشف" في وصف "الفروع" وشَرْحه المذكور، ثم قال: وهو عندي في مجلد واحد ضخم (¬1). وهو يعني بذلك "الفروع"، لا هذا الشرح، وذلك تعليقًا على قول حاجي خليفة: إنه يقع في مجلدين. فظن بعض المؤلفين المعاصرين أنه يعني بذلك شرح ابن العماد، فليتأمل. * * * ¬

_ (¬1) المدخل ص 439.

179 - الشهاب ابن المبرد (95 هـ)

179 - الشهاب ابن المِبْرد (95 هـ) هو أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي، أبو العباس، شهاب الدين، الشهير بـ"ابن المِبْرد" أخو صاحب "الجوهر المنضد". ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 120). له: 1 - شرح الخرقي (بقي منه قليل لم يكمله). 2 - الفحص الغويص في حل مسائل العويص (في ألغاز الفرائض). 3 - كتاب السَّحَر في وجوب صوم يوم الغيم والقَتَر. 4 - مقدمة في الفرائض. أربعتها ذكرها ابن حميد في "السحب" (ص 123) نقلًا عن "سُكُرْ دان الأخبار" لإبن طولون الحنفي. * * * 180 - العلاء البغدادي (900 هـ) هو علي بن محمد بن عبد الحميد بن محمد، أبو الحسن، علاء الدين، البغدادي، ثم الدمشقي. ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (5/ 208). له: 1 - فتح الملك العزيز بشرح الوجيز. 2 - شرح العمدة. 1 - فتح الملك العزيز بشرح الوجيز أي "وجيز" ابن أبي السّري الدّجيلي. ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 315) وقال: في خمس مجلدات. وابن العماد في "الشذرات" (9/ 551) وابن حميد في "السحب" (ص 761). وقال ابن عبد الهادي في "الجوهر" (ص 104): شرح منه قطعة.

2 - شرح العمدة

مخطوطات الكتاب: يوجد منه الجزء الرابع في مصورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رقم (2455 ف) عدد أوراقه (241) ورقة، نُسخ سنة (887 هـ). ويوجد منه المجلد الرابع أيضًا في دار الكتب الظاهرية رقم (173) عدد أوراقه (432) ورقة، في حجم (27) سطرًا. ويبدأ هذا الجزء من الوكالة، وينتهي إلى كتاب النكاح، باب: عشرة النساء. 2 - شرح العمدة ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 761) نقله عن السخاوي في "الضوء" ولا يوجد في النسخة المطبوعة منه. * * * 181 - بدر الدين السَّعْدي (902 هـ) هو محمد بن محمد بن أبي بكر بن خالد، أبو المعالي، بدر الدين، السَّعْدي، المصري. ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (9/ 58). له: مناسك الحج على الصحيح من المذهب ذكره العليمي في "المنهج" (5/ 319) وقال: وهو في غاية الحسن. وذكره ابن العماد في "الشذرات" (9/ 553) وابن حميد في "السحب" (ص 1045) قال: منسك مشهور ليس بمطوَّل. * * * 182 - يوسف ابن عبد الهادي (909 هـ) هو يوسف بن الحسن بن أحمد بن حسن بن عبد الهادي، أبو المحاسن، جمال الدين، المقدسي، ثم الدمشقي الصالحي، المعروف، كأسلافه، بـ"ابن المِبْرد".

ترجمه السخاوي في "الضوء اللامع" (10/ 308). وعمل الدكتور الفاضل عبد الرحمن العثيمين دراسة حافلة عن حياته وآثاره في مقدمة تحقيق كتابه "الجوهر المنضد". له (¬1): 1 - الإختيار في بيع العقار. 2 - آداب الحمّام وأحكامه. 3 - التوعد بالرّجم والسياط لفاعل اللّواط. 4 - زينة العرائس من الطرق النفائس. 5 - شرح منظومة في الفقه الحنبلي. 6 - الفتاوى الأحمدية. 7 - القواعد الكلية والضوابط الفقهية. 8 - مجمع الأصول. 9 - مقبول المنقول من علمي الجدل والأصول. 10 - الإغراب في أحكام الكلاب. 11 - الثغر الباسم في تخريج أحاديث أبي القاسم. 12 - إيضاح طرق السلامة في أحكام الولاية والإمامة. 13 - بيان القول السديد في أحكام تسري العبيد. 14 - تحفة الوصول إلى علم الأصول. 15 - جمع الجوامع. 16 - الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي. ¬

_ (¬1) معظم مؤلفاته ذكرها الأستاذ محمد أسعد طلس في مقدمة تحقيق كتابه "ثمار المقاصد في ذكر المساجد"، وكذلك الأستاذ محمد صلاح الخيي، فقد كتب مقالة للتعريف بمؤلفات ابن عبد الهادي رتبها على حروف العجم، نُشرت في مجلة معهد المخطوطات العربية، الصادرة بالكويت في رمضان سنة (1402 هـ): مج 26، ج 2، ص: 775 - 812.

1 - الإختيار في بيع العقار

17 - الزهور البهية في شرح القواعد الفقهية. 18 - سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث. 19 - مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام. 20 - شرح مغني ذوي الأفهام. 21 - الصوت المسمع في تخريج أحاديث المقنع. 22 - عمدة المبتدي في الفقه الحنبلي. 23 - غاية السول إلى علم الأصول. 24 - قرة العين فيما حصل من الإتفاق والإختلاف بين المذهبين. 25 - شرح تجريد العناية. 1 - الإختيار في بيع العقار توجد منه نسخة بالظاهرية رقم (8/ 3249) مجاميع. وهي رسالة جمع ديها ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث في بيع العقار. 2 - آداب الحمّام وأحكامه توجد منه نسخة بالظاهرية برقم (4549) عدد أوراقها (102) ورقة، بخط المؤلف، تاريخ نسخه سنة (885 هـ). 3 - التوعد بالرجم والسياط لفاعل اللواط توجد منه نسخة في الظاهرية برقم (3215/ 1) مجاميع، يقع في (25) ورقة، انتهى منه مؤلفه سنة (892 هـ). وهو كتاب جمع فيه أحكام اللواط وجزاء اللوطي، وأحوال المُرد والمخنثين. 4 - زينة العرائس من الطرق النفائس توجد منه نسخة في الظاهرية برقم (3209/ 2) مجاميع، يقع في حوالي (72) ورقة. انتهى منه مؤلفه سنة (860 هـ).

5 - شرح منظومة في الفقه الحنبلي

وهو عبارة عن كتاب جمع فيه القواعد الفقهية والشروط، وما يطرأ عليها من التغيير بتغير هيئات ألفاظها ومواقعها من الإعراب، والأسلوب العربي، مثال ذلك قوله: "كيف: للحال، سواء أكانت استفهامية أو خبرية. إذا علمتَ هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال: أنتِ طالقٌ كيف شئتِ، لم تَطْلُق حتى تشاء. جزم به أكثر الأصحاب ... وقيل: يختص بالمجلس .. قاعدة: صيغة "كلّ" عند الإطلاق من ألفاظ العموم الدّالة على التفصيل. إذا تقرر هذا، فمن فروع القاعدة: إذا آجره كلَّ يوم أو كل شهر بعشرة، صحّ، جزم به في "المقنع" و"الفروع". ومنها إذا استأجره كلَّ دلو بتمرة، صحّ، نصّ عليه الإمام أحمد، وجزم به غالب الأصحاب ... " (¬1). 5 - شرح منظومة في الفقه الحنبلي توجد منه قطعة في الظاهرية ضمن مجموع برقم (3783) في (10) ورقات (94 ق-103 ق) في مسطرة مختلفة (18 - 19 سطرًا)، منسوخة بخط المؤلف. 6 - الفتاوى الأحمدية ذكره الغزي في "النعت الأكمل" (ص 70) وقال: مشتملة على مهمات المسائل. قال الأستاذ أسعد طلس: "وهي منثورة في مجاميع شتى، كمجموع (35 - سيرة) وغيره" (¬2). وذكر حبيب الزيات في "خزائن الكتب" (ص 81) أنه يوجد في ضمن محتويات المجموع (41) فتاوى وتعليقات شتى لإبن عبد الهادي. وتوجد فتاوى سنة (952 هـ) بالظاهرية رقم (3212) مجاميع، عدد أوراقها (5) ورقات بخط المؤلف (¬3). وتوجد فتاوى سنة (903 هـ) في فهرس ابن عبد الهادي بالظاهرية (¬4). ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "ثمار المقاصد" ص 30. (¬2) مقدمة تحقيق "ثمار المقاصد" ص 31. (¬3) ذكره الخيمي في مجلة معهد المخطوطات 2/ 797. (¬4) ذكره الخيمي في مجلة معهد المخطوطات 2/ 785.

7 - القواعد الكلية والضوابط الفقهية

وتوجد فتاوى سنة (905 هـ) بالظاهرية رقم (1904/ 2) مجاميع. عدد أوراقها (37) ورقة بخط المؤلف أيضًا (¬1). 7 - القواعد الكلية والضوابط الفقهية توجد منه نسخة في الظاهرية ضمن مجموع رقم (3216) تقع في (14) ورقة بخط نستعليق غير معجم، وهو خط المؤلف. وهو كتاب مهمّ في بابه، تحدّث فيه المؤلف عن القواعد الكلية عند الحنابلة، ورتبها ترتيبًا جميلًا، ولكنه لم يتمها (¬2). 8 - مجمع الأصول ذكره الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 957) قال: رسالة في أصول الفقه، من جمع جمال الدين القاسمي. ومنه نسخة في مكتبة شسشربتي (3548) ولعله هو نفس "الزهور البهية في الحدائق الوردية" الآتي. 9 - مقبول المنقول من علمي الجدل والأصول ذكره الزركلي في "الأعلام" (8/ 226). وتوجد منه نسخة في مكتبة برلين رقم (7708) عدد أوراقها (17) ورقة. وهي مصورة في جامعة أم القرى (4/ 1070 - مجاميع). وذكر بروكلمان (6/ 434) له نسخة أخرى في برلين برقم (4419). 10 - الإغراب في أحكام الكلاب توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (1/ 3186) ضمن المجموع رقم (15). وهي تقع في حدود (59) ورقة، بخط المؤلف، فرغ منه سنة (894 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع في دار الوطن بالرياض، بتحقيق: الدكتور عبد العزيز الحجيلان، والدكتور عبد الله الطيار. ¬

_ (¬1) ذكره الخيمي في مجلة معهد المخطوطات 2/ 797. (¬2) مقدمة تحقيق "ثمار المقاصد" ص 29، وخزائن الكتب، لحبيب الزيات ص 81.

11 - الثغر الباسم في تخريج أحاديث أبي القاسم

• موضوع الكتاب: هو كتاب قسمه المؤلف إلى عدة أبواب، ضمنها جملة من الأحكام المتعلقة بالكلاب، بالإضافة إلى فوائد تتعلق بضرب المثل بالكلب في القرآن، وكلب أهل الكهف، وما قيل فيه من الشعر، وبيان خواصه، وغير ذلك. وطريقته فيه: أن يُسند ما يقول: ويصدر الباب بما جاء فيه من الحديث النبوي، والآي القرآني (¬1). 11 - الثغر الباسم في تخريج أحاديث أبي القاسم أي أحاديث "مختصر الخرقي". ذكره الغزي في "النعت" (ص 75) وابن مانع في مقدمة الطبعة الأولى لمختصر الخرقي، الصادرة عن دار السلام بدمشق سنة (1378 هـ). 12 - إيضاح طرق السلامة في أحكام الولاية والإمامة توجد منه نسخة في الظاهرية ضمن مجموع رقم (3301/ 1). عدد أوراقها (167) ورقة بخط المؤلف، وفي وسطه خرم كبير. وهو كتاب يتناول أحكام الخلافة والإمامة، والولايات الدينية، وما فيها من خير أو شر، وكيفية انعقادها وشروطها وثوابها، وقد جعله في عشرة أبواب (¬2). 13 - بيان القول السديد في أحكام تسري العبيد توجد منه نسخة في الظاهرية ضمن مجموع رقم (3194/ 3). تقع في حدود (7) ورقات، بخط المؤلف. وهي رسالة صغيرة مقتضبة، ذكر فيها الأحكام المتعلقة بالعبيد في خصوص اتخاذهم للسراري من الإماء. 14 - تحفة الوصول إلى علم الأصول ذكره البغدادي في "الهدية" (2/ 561) والزركلي في "الأعلام" (8/ 225). ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "ثمار المقاصد" ص 44. (¬2) مقدمة تحقيق "ثمار المقاصد" ص 43.

15 - جمع الجوامع

وذكر له بروكلمان (6/ 434) نسخة في برلين بخط المؤلف، كتبت سنة (865 هـ). 15 - جمع الجوامع ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1167) وقال في وصفه: "جمع فيه الكتب الكبار الجامعة لأشتات المسائل كـ "المغني" و"الشرح الكبير" و"الفروع" وغيرها، وزاد نقولات غريبة بديعة، ويرمز فيه للخلاف بحمرة على طريقة "الفروع ". ووسّع الكلام فيه؛ بحيث ينقل الرسائل والفتاوى الطويلة بتمامها، ورأبها الجزء الأول منه بخطه بيده بتاريخ سنة (62) وآخر من أثناء البيوع بخطه أيضاً سنة (68) " اهـ. وذكر البسام في "علماء نجد" (1/ 548) أنه رأى الجزء الثالث والستين منه وقد وصل فيه إلى كتاب الإجارة، وهو بخط المؤلف. • مخطوطات الكتاب: يُوجد منه الجزء الأول في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت (من مكتبة الدحيان) رقم (53) عدد أوراقه (186) ورقة، في حجم (18) سطراً، بخط المؤلف، نسخه سنة (876 هـ). أوله: "الحمد لله القديم في الذات والصفات ... وبعد، فهذاكتاب جمع الجوامع على مذهب الإمام أحمد، -رَحِمَهُ اللهُ-، وإنما سميته جمع الجوامع لأني جمعت فيه بين الكتب الجوامع ... " وآخره: "وقد تقدم بعض هذه الأحكام في باب الآنية، وباب ستر العورة" (¬1). ومن خلال مطالعة ما نقله عنه المنقور في "مجموعه" يتبين أن منهج المؤلف في هذا الكتاب: أن يعرض أبحاث الباب الواحد في فروع متتابعة قد تتجاوز المئة فرع، فيكون شبيهاً بكتاب "الفصول" لإبن عقيل. 16 - الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي ذكره الغزي في "النعت الأكمل" (ص 69) وابن بدران في "المدخل" ¬

_ (¬1) نوادر مخطوطات علامة الكويت الشيخ الدحيان، للعجمي، ص 31.

17 - الزهور البهية ليس شرح القواعد الفقهية

(ص: 426، 431، 484) وكحالة في "المعجم" (4/ 153). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (2748) عدد أوراقها (166) ورقة، في حجم مختلف (17 - 25 سطراً)، نُسخت بخط المؤلف، سنة (870 هـ). • طباعة الكتاب: حققه الدكتور رضوان بن غربية على النسخة المذكورة، وقدمه رسالة لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة أم القرى سنة (1459 هـ)، ونشرته دار المجتمع بجدة سنة (1411 هـ/ 1991 م) بثلاثة أجزاء في مجلدين. • وصف الكتاب: يقع هذا الكتاب ضمن الكتب المؤلفة في لغة فقهاء الحنابلة، لكن قصره المؤلف على كتاب واحد، وهو مختصر الخرقي، مع تصحيح الروايات المطلقة فيه، رتبه على أبوابه، وغذاه المؤلف بجملة من فنون اللغة، كالإشتقاق والتصريف والإعراب، بالإضافة إلى ذكر الشواهد من القرآن الكريم والحديث الشريف والأشعار والأمثال، وساق فيه بعض الفروع الفقهية عَرَضاً، بالإضافة إلى العمل الأساسي في الكتاب، وهو بيان غريب الألفاظ الفقهية ومصطلحاتها، مع ترجمة الرجال الذين وردت أسماؤهم في "المختصر"، متبعاً في ذلك طريقة البعلي في "المطلع" والذي يعتبر كتابه هذا مصدراً رئيسًا للدرّ النقي. ومقدمته وجيزة جداً، بحيث لم يبين فيها شرطه في كتابه هذا والمنهج الذي التزمه، وغاية ما جاء فيها قوله: "فهذا كتاب نذكر فيه شرح بعض ألفاظ الخرقي، وأصحح فيه ما أُطلق من الروايات، وهو مرتب على أبوابه". 17 - الزهور البهية ليس شرح القواعد الفقهية ذكره بروكلمان (6/ 434) بعد "مقبول المنقول" فى ضمن كلام مخلوط لا يفهم معناه، فقال: "وهو -أي مقبول المنقول- شرح الزهور البهية فى شرح القواعد الفقهية، مختصر من شرح لمحمد بن عيسى بن كنان الحنفي

18 - سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث

(ت 1153 هـ) ولكنه ربما يكون على عمدة المبتدي كما ذكر في حاجي خليفة 4/ 8350 مخطوط برلين 4420". اهـ. 18 - سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث ذكره الزركلي في "الأعلام" (8/ 226). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (3835) عدد أوراقها (19) ورقة، في حجم (23) سطراً، بخط معتاد غير معجم بقلم المؤلف، كتبت سنة (860 هـ). ولديَّ صورة منها. • طباعة الكتاب: طبعه الشيخ محمد حامد الفقي في مطبعة السُّنة المحمدية بمصر سنة (1372 هـ/ 1953 م). وطُبع في مطبعة المهضة الحديثة بمكة المكرمة سنة (1398 هـ / 1978 م) بعناية الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش. وطُبع أخيراً بتحقيق الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عبد الله الحجيلان، وصدر عن دار ابن الجوزي سنة (1418 هـ/ 1997 م). • وصف الكتاب: هو كتاب يتعلق بمسألة جمع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة أو في مجلس واحد، جعله المؤلف في (12) فصلاً. ذكر فيه اختلاف العلماء مع بيان الحجج التي استند إليها الفريقان، ثم فصل النزاع بتحقيق ما هو الراجح عنده، وهو أنه يقع ثلاثاً في المدخود بها وواحدة في غير المدخول بها، وهو اختيار الحافظ ابن رجب، إلا أنه مصل النزاع أيضاً باختيار آراء أخرى كلها تجتمع في التفريق بين حالتين مختلفتين، ككون الزوجة بكراً أو ثيباً ونحو ذلك. وكان ذلك مصيراً منه إلى الجمع بين الآثار المتعارضة في هذا الباب.

19 - مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام

19 - مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1168). وأكثر المنقور من النقل عنه في "مجموعه". • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (2703) عدد أوراقها (126) ورقة، بخط نسخ صعب القراءة، وهو خط المؤلف، انتهى منه سنة (902 هـ). ومنه نسخة بالموسوعة الفقهية بالكويت (من مكتبة الدحيان) رقم (305) عدد أوراقها (105) ورقات، في حجم (21) سطراً، بخط نسخ مشكول، نُسخت في حياة المؤلف، وقد كتب بآخرها: بلغ مقابلة مع مؤلفه حسب الطاقة. وعلى هذه النسخة تملك للشيخ أحمد بن عبد الله بن عقيل، وتملك آخر للشيخ محمد بن عبد الله الفارس سنة (1275 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة سنة (1391 هـ/ 1971 م) بتحقيق فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ. وطُبع أيضاً بتصحيح وتعليق الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش سنة (1388 هـ / 1968 م) على نفقة دار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية. • وصف الكتاب: هو كتاب مختصر يقع في مجلد لطيف صدّره المؤلف بفن أصول الديانات، ثم بباب معرفة الإعراب، ثم باصول الفقه، ثم بما يستعمل من الأدب، ثم أتبعه ببعض اصطلاحات في المذهب، ثم استرسل في الفقه على نمط وجيز، ثم ختمه بقواعد كنية يترتب عليها مسائل جزئية. لكن ما ذكره من الفنون في صدره لا يفيد إلا فائدة قليلة جدّاً. وسلك في الفقه مسلكاً غريباً، قال في مقدمته: " ... هذا مختصر في الفقه على مذهب الإمام .. أحمد بن حنبل الشيباني، جعلته عمدة للمبتدئ، كافياً للمنتهي، اكتفيت فيه بالقول

20 - شرح مغنى ذوي الأفهام

المختار، وأشير إلى المسألة المجمع عليها بأن أجعل حكمها اسم فاعل أو مفعول، ومع ذلك "ع" وما اتفق عليه الأئمة الأربعة بصيغة المضارع، وريما وقع ذلك لنا فيما اتفق فيه أبو حنيفة والشافعي في بعض مسائل لم نعلم فيها مذهب الإمام مالك، أو لَهُ فيها، أو في مذهبه ثمَّ قول غير المشهور، فإن كان لا خلاف عندنا في المسألة فبالباء، وأيضاً "واوٌ"، وإن كان فيه خلاف عندنا، فبالتاء وأيضاً "ور" ووفاق الشافعي فقط "بالهمز"، وأيضاً "وش" وأبي حنيفة فقط "بالنون" وأيضاً رقم "ح". ولا أكرر فيه مسألة في علم واحد إلا لزيادة فائدة، ولا يمتنع تكرارها في علمين، لأن كل علم تجري فيه على أصله، وربما اختلف حكمها في العلمين، وريما اتفق" (¬1). 20 - شرح مغنى ذوي الأفهام ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1168) وأفاد أنه لخص هذا الشرح من كتابه الحافل "جمع الجوامع". قال: ولو تَمَّ هذا الكتاب لبلغ ثلاثمئة مجلد، عمل منه مئة وعشرين مجلداً. 21 - الصوت المسمع في تخريخ أحاديث المقنع ذكره الغزي في "النعت الأكمل" (ص 70). 22 - عمدة المبتدي في الفقه الحنبلي ذكره حاجي خليفة في "كشف الظنون" (ص 1171). 23 - غاية السّول إلى علم الأصول ذكره الخيمي، هو وشرحه، على أنهما من ضمن فهرس مؤلفات ابن عبد الهادي بالظاهرية (¬2). وتوجد منه نسخة في الموسوعة الكويتية (من مكتبة الدحيان) رقم (7/ 345) عدد أوراقها (58) ورقة، في حجم (22) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ حمد بن محمد الشبل في السادس من شعبان سنة (1273 هـ). ¬

_ (¬1) المدخل لإبن بدران ص 440 - 441. (¬2) مجلة معهد المخطوطات 2/ 785.

24 - قرة العين فيما حصل من الإتفاق والإختلاف بين المذهبين

وكتب عليها الشيخ ابن دحيان أنه قابلها على نسخة مكتوبة سنة (1137 هـ). وذكر له بروكلمان (6/ 434) نسخة في برلين رقم (4418) بخط المصنف سنة (865 هـ). وحُقّق في الجامعة الإسلامية في رسالة جامعية. 24 - قرة العين فيما حصل من الإتفاق والإختلاف بين المذهبين ذكره المؤلف في كتابه "مناقب الإمام أحمد" ونقله عنه المنقور في "مجموعه" (1/ 52). وعزاه الخيمي لفهرس مؤلفات ابن عبد الهادي بالظاهرية (¬1). وتوجد منه نسخة في مكتبة شسشربتي برقم (3504). وهو كتاب فيه المسائل الخلافية بين الإمامين الشافعي وأحمد بن حنبل. 25 - شرح تجريد العناية أي "تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية" لعلاء الدين ابن اللحام البعلي. ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1168). * * * 183 - الشهاب العَسْكَري (910 هـ) هو أحمد بن عبد الله بن أحمد، أبو العباس، شهاب الدين، العَسْكَري، الدمشقي الصالحي. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 180). له: ¬

_ (¬1) مجلة معهد المخطوطات 2/ 785.

التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح

التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح ذكره المحبي في "الكواكب السائرة" (1/ 149) وابن حميد في "السحب" (ص 172) نقلاً عن ابن طولون، وقرّظه بقوله: "وهو كتاب مفيد لكنه اخترمته المنية قبل إتمامه، ويلغني أن الشهاب الشويكاني -تلميذه- شرع في تكملته". وقال في ئرجمة الشويكي المذكور: "وصنف في مجاورته كتاب "التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح" وزاد عليهما أشياء مهمة. قال ابن طولون: وسبقه إلى ذلك شيخه الشهاب العسكري لكنه مات قبل إتمامه، فإنه وصل فيه إلى الوصايا، وعصريُّه أبو الفضل ابن النجار ولكنه عقّد عبارته" (¬1). ونقل منه المنقور في أربعة مواضع من "مجموعه". * * * 184 - الشِّيْشيِني (919 هـ) هو أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن وجيه، أبو حامد، شهاب الدين، الشِّيْشِيني. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 189). له: المقرر على المحرر ذكره ابن حميد في "السحب" على الظن، فقال: وأظنه شارح "المحرر" بالشرح المبسوط، الغريب الفوائد، المسمّى بـ"المقرر". وقد أكثر -أي: ابن حميد- من النقل عنه في حاشيته على "المنتهى". 185 - العُليمي (928 هـ) هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن، أبو اليُمن، مُجير الدين، ¬

_ (¬1) السحب الوابلة ص 216 ء وينظر ما سيأتي في ترجمة الشويكي ص 477.

1 - الإتحاف في اختصار الإنصاف

العُليمي، المقدسي، صاحب "المنهج الأحمد". ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 516). له: 1 - الإتحاف باختصار الإنصاف. 2 - تصحيح الخلاف المطلق في المقنع. 1 - الإتحاف في اختصار الإنصاف ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 518) قال: لم يعمل منه إلا النصف. 2 - تصحيح الخلاف المطلق في المقنع ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 518). * * * 186 - الشُّوَيْكى (939 هـ) هو أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر، أبو الفضل، شهاب الدين، الشُّوَيكي النَّابُلسي. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 215). له (¬1): التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دارالكتب المصرية برقم (41) فقه حنبلي، عدد أوراقها (337) ورقة نسخت بخط نسخ معتاد سنة (940 هـ). ومنه نسخة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة برقم (7/ 4231)، عدد أوراقها (378) ورقة نسخت سنة (962 هـ). ¬

_ (¬1) ذكر ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 54) أنه هو الذي رتب مشد الإمام أحمد على أبواب الفقه وشرحه في مئة مجلد. والصروف أن الذي قام بذلك هو علي بن حسين بن عروة المعروف بابن زكنون (ت 837 هـ).

ونسخة ثالثة في المكتبة الأزهرية أيضاً برقم (392/ 42371)، عدد أوراقها (161) ورقة، نسخت سنة (964 هـ). ونسخة رابعة في مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض برقم (398/ 86) كتبها سعد بن نبهان بن رشيد سنة (1348 هـ). ونسخة خامسة في نفس المكتبة أيضاً برقم (26/ 86) وهي منقولة عن سابقتها، كتبها إبراهيم بن حماد الصايغ سنة (1361 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع الكتاب في مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة سنة (1371 هـ/ 1952 م). وقد قام بتحقيقه مؤخراً الأستاذ ناصر بن عبد الله الميمان، وقدمه لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى، وطُبع في المكتبة المكية بمكة المكرمة سنة (1418 هـ/ 1997 م) صدر في (3) مجلدات. وردَّ محققه على قول بعض من ترجم للشويكي بأن كتابه هذا تكملة لكتاب شيخه أحمد بن عبد الله العسكري (ت 910 هـ)، وساق الأدلة الكثيرة على أن كتاب التوضيح ليس تكملة لكتاب العسكري، بل هو تأليف مستقل (¬1). • وصف الكتاب: جمع الكتاب بين "المقنع" لإبن قدامة، و"التنقيح المشبع" للمرداوي، حيث إن المرداوي -رَحِمَهُ اللهُ- ترك مسائل كثيرة لم يتناولها في التصحيح، وأسقط من كلام الموفّق أشياء كان ينبغي أن تبقى كالشروط والقيود والإستثناءات الصحيحة في المذهب، كما كان يحيل الحكم أحياناً على المقنع ويطلقه من غير تقييد، لذلك انتدب الشويكي للجمع بين الكتابين بكتابه "التوضيح" الذي يُعد من أوائل كتب المذهب التي أرست قواعد التصحيح بمفهومه الشمولي، الذي يتجاوز التصحيح في المسائل فقط إلى الإستدراك والتعديل والتوضيح والتحرير، وربط الفروع والمسائل بمداركها ومآخذها الفقهية. * * * ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق التوضيح 1/ 96 - 101.

187 - ابن عطوة (948 هـ)

187 - ابن عَطْوَة (948 هـ) هو أحمد بن يحيى بن عَطْوَة بن زيد، شهاب الدين، النَّجْدي. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 274)، والبسام في "علماء نجد" 1/ 544. له: 1 - الروضة الأنيقة. 2 - التحفة البديعة. 3 - دُرر الفوائد وعقيان القلائد. 4 - كتاب في المناسك. قال ابن حميد: له تحقيقات نفيسة وتدقيقات لطيفة. وقال البسام: له فتاوى وتحريرات نقل كثيراً منها صاحب "مجموع المنقور"، وهي تدل على غزارة علم وسعة اطلاع. 1 - الروضة الأنيقة ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 275) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 57) والبغدادي في "الهدية" (1/ 142) والبسام في "علماء نجد" (1/ 551). واستكثر المنقور من النقل عنه في "مجموعه الفقهي". 2 - التحفة البديعة ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 275) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 58) والبغدادي في "الهدية" (1/ 142) والبسام في "علماء نجد" (1/ 551). وأحال عليه المنقور في "مجموعه" (1/ 265). 3 - دُرر الفوائد وعقيان القلاند ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 275) والبسام في "علماء نجد" (1/ 551) مع التحفة والروضة. وقال: وهذه الثلاثة كلها في الفقه.

4 - كتاب في المناسك

4 - كتاب في المناسك ذكره البسام (1/ 551) وقال: اطلعت على أوله، فقال في مقدمته: "ويعد: فهذا كتاب وضعته في مناسك الحج وغاية القصد، ورتبته على مقدمة وعشرة أبواب وخاتمة، أما المقدمة فتشتمل على سبعة فصول ... ". * * * 188 - الشهاب ابن النَّجّار (949 هـ) هو أحمد بن عبد العريز بن علي بن رُشيد، شهاب الدين، الفتوحي، المعروف بـ"ابن النجار" وهو والد صاحب "منتهى الإرادات". ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 156). له: 1 - شرح الوجيز. 2 - حاشية على التنقيح. ذكرهما ابن حميد في "السحب" (ص 160) وقال عن الأول: لم يتم. * * * 189 - موسى الحَجَّاوي (968 هـ) هو موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى، أبو النَّجا، شرف الدين، الحَجَّاوي، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 1134). له: 1 - الإقناع لطالب الإنتفاع. 2 - زاد المستقنع في اختصار المقنع. 3 - حاشية التنقيح. 4 - حاشية على الفروع.

1 - الإقناع

5 - شرط المفردات. 6 - شرح منظومة الآداب لإبن عبد القوي. وانفرد في عصره بتحقيق مذهب الإمام أحمد، وصار إليه المرجع، واشتغل عليه جمع من علماء الديار النجدية الأوائل مثل: أحمد بن محمد بن مُشرفَ، وزامل بن سلطان، وأبي النور عثمان بن محمد بن إبراهيم، المعروف بـ"ـأبي جَدّه" وبـ"ابن أبي حميدان"، وغيرهم. وكان ذلك سبباً في انتشار مصنفاته والإشتغال عليها في نجد منذ ذلك الوقت إلى العصر الحاضر. 1 - الإقناع ذكره ابن العماد في "الشذرات" (10/ 472) ووصفه بقوله: "جرّد فيه الصحيح من مذهب الإمام أحمد، لم يُؤلّف مثله في تحرير النقول، وكثرة المسائل". وذكره النجم الغزي في "الكواكب السائرة" (3/ 216) وابن حميد في "السحب" (ص 1135) والبغدادي في "الهدية" (2/ 481) والزركلي في "الأعلام" (7/ 320). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه ثلاث نسخ في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة: الأولى: رقم (1464) عدد أوراقها (323) ورقة، في (29) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ عمر بن يوسف بن أبي يحيى، البعلي، سنة (966 هـ). الثانية: رقم (1459) عدد أوراقها (298) ورقة، في (35) سطراً، بخط نسخ، نسخ عبد الله بن محمد بن حسن بن سلطان، الحنبلي. الثالثة: رقم (1460) عدد أوراقها (367) ورقة، في (31) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ أحمد اليماني، سنة (1025 هـ). - وتوجد منه نسخة في المكتبة الأزهرية رقم (5/ 4229) عدد أوراقها (339) ورقة، في (29) سطراً نسخ شمس الدين التلواني، سنة (962 هـ)،

ونسخة أخرى برقم (403/ 47641) عدد أوراقها (226) ورقة نسخت سنة (1008 هـ). - ومنه نسخة في الظاهرية رقم (2714) عدد أوراقها (134) ورقة، بخط نسخ مختلف. - وفي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نسخة منه برقم (4103/ ح) عدد أوراقها (253) ورقة، وأجزاء منه برقم (1878، 1879/ ف) و (5273/ خ). - وفي إدارة المخطوطات والمكتبات الإسلامية في البحرين نسخة برقم (457/ خ) نسخت سنة (1086 هـ) في (281) ورقة. - ومنه نسخة بدار الكتب المصرية برقم (26039) في (332) ورقة نسخت سنة (988 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة التجارية الكبرى بالقاهرة، بتصحيح وتعليق عبد اللطيف محمد موسى السبكي سنة (1351 هـ/ 1932 م) وصدر في أربعة أجزاء في مجلدين. وأُعيد تصويره في دار المعرفة ببيروت، دون تاريخ. وقد يسَّر الله في تحقيقه بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر بالقاهرة، وصدر سنة (1418 هـ/ 1998 م) في أربعة مجلدات مع الفهارس. • وصف الكتاب: يعتبر "الإقناع" واحداً من الكتب الجامعة، والمتون الحافلة، ذات الفروع الكثيرة والفوائد الغزيرة. سلك فيه مؤلفه طريقة المتون المجردة من كل دليل وتعليل، ولا يتعرض لذكر الخلاف العالي (الخلاف بين المذاهب)، بل ولا الخلاف داخل المذهب الحنبلي، مما يدل على أنه أجهد نفسه غاية الإجهاد في الإقتصار على الصحيح من الروايات، وتقصي الراجح من الأقوال، فهو يفتح الباب بإيراد مسائله متتابعة في سبك عجيب، وعبارة سهلة جزلة يمكن لأي أحد فهمها، كما هو الشأن في غالب كتب الحنابلة ومصنفاتهم. وفي

ذلك يقول: "اجتهدت في تحرير نقوله واختصاره بعدم تطويله، مجرّداً غالباً عن دليله وتعليله، على قول واحد، وهو ما رجّحه أهل الترجيح، منهم العلّامة القاضي علاء الدين؛ المجتهد في التصحيح، في كُتبه: الإنصاف، وتصحيح الفروع، والتنقيح، وربما ذكرتُ بعمق الخلاف لقوتَّه، وعزوت حكماً إلى قائله خروجاً من تبعته، وربما أطلقت الخلاف لعدم مصحح" (¬1). فهو كتاب جليل القدر، عظيم النفع، قد استعاض فيه مؤلفه عن إيراد الأدلة والتعليلات، بالإستكثار من الفروع والفوائد والمسائل، فجاء الكتاب -على اختصاره- جامعاً لأصول المذهب وفروعه. قال ابن بدران في "المدخل": حذا به حذو صاحب "المستوعب"، بل أخذ معظم كتابه منه، ومن "المحرر" و"الفروع" و"المقنع" وجعله على قول واحد (¬2). وبالنظر إلى موقع الحجاوي في سلسلة فقهاء الحنابلة، بالإعتبارين: الزماني والمكاني، نستطيع أن نصل إلى معرفة ما كان يقصد إليه في كتابه هذا، وذلك أنه -رَحِمَهُ اللهُ- عاش في الصالحية التي كانت تجمع في ذلك الوقت، من كتب الفقه الحنبلي وغيره العجب العجاب، ثم إنه وجد بين يديه عمل رجلين جليلين محقِّقين، فاراد أن يجمع بين جهودهما ويستكمل عملهما، وهذان الرجلان هما: الشمس ابن مفلح (ت 763 هـ) والعلاء المرداوي (ت 885 هـ). فأما الشمس ابن مفلح، فقد تمثل عمله بجمع فروع المذهب في كتابه الجليل المسمى بـ"الفروع" الذي وصفه بعض العلماء بأنه مكنسة المذهب. وأما العلاء المرداوي، فقد تمثل عمله في تصحيح المذهب في كتبه الثلاثة الشهيرة السابقة الذكر. ¬

_ (¬1) الإقناع 1/ 3 - 4 ط. هجر. (¬2) المدخل ص 443 - 444، وقريب منه في ص 218. ولا يسلم قوله -رَحِمَهُ اللهُ- من النقد، فالناظر في الكتابين يجد بينهما فروقاً متعددة المناحي، من ذلك: كثرة فروع "الإقناع"، ووجود بعض الفروع في "المستوعب" ليست في "الإقناع"، والإختلاف في الترتيب، والسبك، وغير ذلك من وجوه التفرقة بين الكتابين، والله أعلم.

فيكون ابن مفلح جامعاً لفروع المذهب، والمرداوي مصححاً ومنقحاً لها، لكن بقي اختلاف الروايات والوجو 5 موجوداً في كلا تصنيفي الشيخين، فجاءت الفكرة بتكوين متن يجمع بين محاسن "الفروع" وتصحيحات المرداوي، ومن هنا تحرى الشيخ الحجاوي، -رَحِمَهُ اللهُ-، أن يستقصي في تجريد الفقه الحنبلي من ذكر الحلاف، وإنهائه -قَدْرَ المستطاع- إلى قول واحد، فنجد الكتاب خالياً إلى حدّ بعيد من ذكر الروايات والوجوه والتخريجات والإحتمالات. ثم إنه وضع "الإقناع" بعدما تهيأت له مادت 5 من عمله في اختصار "المقنع" في كتابه المسمى "زاد المستقنع" بالإضافة إلى حواشيه التي علقها على كل من كتابي "التنقيح" و"الفروع". ويهذا يكون "الإقناع" ثالث ثلاثة متون حازت اشتهاراً أيما اشتهار في مكتبة الفقه الحنبلي، وهي: مختصر الخرقي، والمقنع لإبن قدامة، والإقناع (¬1). فالإقناع، بما تميز به من الميزات التي سبق ذكرها -وأهمها التجريد من الخلاف- صارت له عند الحنابلة المنزلة العظيمة، والمقام المنيف، وعلى مسائله تدور الفتيا والقضاء، وعكف عليه العلماء بالتحشية، والإختصار، وحل الغريب، وقد زاد اعتمادَه وقبولَه شرحُه الفرد الفريد لمحقق المذهب في زمانه: الشيخ منصور بن يونس البهوتي (ت 1051 هـ) المسمى "كشاف القناع". وما أحسن ما أنشد الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي في تقريظ "الإقناع" (¬2): ياحبذا الإقناع درٌّ صافِ ... هو جامع للمنتهى والكافِ ولمقنعٍ ومبدعٍ ورعايةٍ ... ومسائل التنقيح والإنصافِ فإنْ الفروع مع الفنون وحاوِيٌ ... لمسائل المغني بغير خلافِ فاظفر بروضٍ فيه نظم فائقٌ ... واظفر ببحر فيه درٌّ صافِ ¬

_ (¬1) المدخل لإبن بدران ص 436 - 437. (¬2) وجد هذا التقريظ بمقدمة نسخة خطية في دار الكتب المصرية رقمها (26039).

2 - زاد المستقنع

الأعمال التي تمت على الكتاب: وُضعت على هذا الكتاب أعمال علمية متنوعة؛ بعضها شرح، وبعضها تحشية، وبعضها اختصار: 1 - فقد شرحه الشيخ منصور البُهُوتي (ت 1051 هـ). وشَرحه يُسمى "كشاف القناع". 2 - وحشّاه الشيخ منصور أيضاً. 3 - وحشّاه الشيخ محمد بن أحمد البُهُوتي الخلوتي، ابن أخت الشيخ منصور (ت 1088 هـ). 4 - وحلّ غريبه مؤلفه، كما سيأتي. 5 - واختصره الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله أبا بُطين (ت 1121 هـ). وكتابه يسمى "المجموع فيما هو كثير الوقوع" (¬1). 2 - زاد المستقنع ذكره ابن العماد في "الشذرات" (10/ 472) وابن حميد في "السحب" (ص 1135) وقال: عمّ النفع به مع وِجَازة لفظه. اهـ. كما ذكره البغدادي في "الإيضاح" (1/ 657) و"الهدية" (2/ 481). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (2713) عدد أوراقها (35) ورقة، بخط معتاد، نسخها عبد الغني بن أحمد الدنجهي. - ومنه نسخة ثانية في الظاهرية رقم (18033) عدد أوراقها (43) ورقة، بخط نسخ مشكول، نسخها محمد بن سليمان النجدي، سنة (1197 هـ). - ومنه نسخة في المكتبة البلدية بالإسكندرية عدد أوراقها (69) ورقة، في حجم (19) سطراً، بخط طاهر بن عبد الله، نسخها سنة (1243 هـ). ومنها صورة في الجامعة الإسلامية رقم (7215/ 3). ¬

_ (¬1) ذكره البسام في "علماء نجد" (3/ 93) قال: وزاد عليه أشياء هامة، وقد فرغ من تأليفه سنة (1113 هـ). وأشار في الهامش إلى وجود مخطوطته، وأن أحد أحفاد المؤلف يقوم بتحقيقه.

- ومنه نسخة في مكتبة الحرم النبوي الشريف برقم (1402) عدد أوراقها (55) ورقة وهي ناقصة من آخرها. • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة السلفية بالقاهرة سنة (1344 هـ/ 1925 م) في آخر "منح الشفاء الشافيات" للشيخ منصور البهوتي باسم "مختصر المقنع في فقه الإمام أحمد". وطُبع في المطبعة السلفية أيضاً طبعة مفردة سنة (1345 هـ/ 1926 م) ثم في السنوات: (1368 هـ) و (1374 هـ) و (1379 هـ) و (1385 هـ). وله عدة طبعات أخرى بمصر والمملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى طبعاته مع شرحه. وتمتاز طبعة النهضة الحديثة بمكة المكرمة (دون تاريخ) بمقدمة مهمة، كتبها مصحح الكتاب ومحققه الشيخ علي بن محمد بن عبد العزيز الهندي، ذكر فيها المسائل التي خالف فيها المؤلفُ الراجحَ في المذهب المعمولَ به عند المتأخرين، وهو ما ذُكر في الإقناع والمنتهى والتنقيح، وعددها اثنتان وثلاثون مسألة. • وصف الكتاب: هو متن اختصر فيه المؤلف كتاب "المقنع" لإبن قدامة المقدسي، فصيره متناً لطيفاً على قول واحد، وهو الراجح في المذهب، فأشبه بذلك جملة من المتون المبسطة الإبتدائية، كلالعمدة والإقناع وكافي المبتدي وأخصر المختصرات، وأمثالها. قال في مقدمته: "أما بعد، فهذا مختصر في الفقه من مقنع الإمام الموفق أبي محمد، على قول واحد، وهو الراجح في مذهب أحمد، وربما حذفت منه مسائل نادرة الوقوع وزدت ما على مثله يعتمد، إذ الهمم قد قصرت، والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت، ومع صغر حجمه حوى ما يغني عن التطويل". وهو متن اكتسب الشهرة الكبيرة والحظوة البالغة بين صفوف الطلاب

3 - حاشية التنقيح

والمتعلمين، قراءة وإقراء وحفظاً وتلقيناً وشرحاً في الحِلق والمعاهد، وانتفع به الناس جيلاً بعد جيل، وتدارسوه قرناً بعد قرن، فهو في الفقه الحنبلي بمنزلة "قطر الندى" من النحو العربي، وبمنزلة "نخبة الفكر" من مصطلح الحديث، وبمنزلة "بلوغ المرام" من أحاديث الأحكام. • الأعمال التي تمت على الكتاب: لم يعرف لمتن "الزاد" إلا شرح واحد شهير، وهو شرح الشيخ منصور البهوتي (ت 1051 هـ) المسمى "الروض المربع شرح زاد المستقنع"، وسيأتي مع حواشيه في موضعه. كما وضعت عليه بعض التعليقات، منها: 1 - حاشية على مختصر المقنع، للشيخ عبد الغني العُتيلي. 2 - وحاشية على زاد المستقنع لعبد العزيز بن عبد الرحمن بن بشر النجدي (ت 1359 هـ). 3 - السلسبيل في معرفة الدليل، للشيخ صالح بن إبراهيم البليهي (ت 1410 هـ). ونظم الزاد: 1 - محمد بن قاسم بن غنيم الخالدي (ت 1335 هـ): في أكثر من أربعة آلاف بيت. 2 - الشيخ سعد بن عتيق (ت 1349 هـ) وهو نظم ناقص أتمه الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن سحمان. 3 - سليمان بن عطية المزيني (ت 1363 هـ): في ثلاثة آلاف بيت. 3 - حاشية التنقيح ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1135) وقال: تعقبه في مواضع كثيرة. كما ذكره السفاريني في جملة مصادر كتابه "غذاء الألباب" (1/ 6).

• مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في الموسوعة الكويتية رقم (1020) عدد أوراقها (38) ورقة، في حجم (21) سطراً، بخط نسخ جيد، نسخ الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين، دون ذكر التاريخ، وقد ذكر الشيخ المؤرخ إبراهيم بن عيسى على طرة الكتاب أن النسخة كتبت بخط الشيخ أبا بطين وعليها تعليقات لتلميذه ابن ابنته الشيخ عبد الله بن محمد المانع. قال الأستاذ محمد بن ناصر العجمي: وله نسخة أخرى في المكتبة من غير ترقيم من أول الكتاب إلى كتاب الديات، أي أن الساقط منها بنحو أربع ورقات، وعليها تملك للشيخ إبراهيم بن عيسى، وتقع في (12) ورقة في (29) سطراً (¬1). • طباعة الكتاب: قام بتحقيق الكتاب الدكتور يحيى بن أحمد بن يحيى الجردي، ونشرته دار المنار في المدينة المنورة، في مجلد واحد، سنة (1412 هـ/ 1992 م). واعتمد على نسختين خطيتين من المكتبة السعودية التابعة لرئاسة إدارة الإفتاء والبحوث العلمية. وحبذا لو ألحقت هذه الحاشية بهامش التنقيح. • وصف الكتاب: هو عبارة عن حواش علقها الحجاوي على متن التنقيح، وهي عصماء قد خلت من المقدمة التي اعتاد المؤلفون أن يضعوها بين يدي كتبهم للتعريف بالمقصود من التأليف، وبيان المنهج الذي يتبعه المؤلف. وتتميز هذه الحاشية عن الحواشي المعتادة بالميزات التالية: 1 - لم يتقيد المؤلف فيها بالتعليق على "التنقيح" بل جاوزه إلى أصله "المقنع" لإبن قدامة. ¬

_ (¬1) نوادر المخطوطات ص 35.

4 - حاشية الفروع

2 - عدم تعليقه على جميع أبواب "التنقيح"، بل اقتصر على أبواب دون أخرى. 3 - التعرض للمسائل الخلافية، مع أن الأصل قاصر على المذهب الحنبلي. 4 - أضاف معلومات كثيرة خارجة عن نهج "التنقيح"؛ حيث عرّف بعض الأبواب لغة اصطلاحاً، واستطرد في ذكر بعض الأماكن وشرح بعض الكلمات. 5 - أضاف تنبيهات وفوائد من عنده، خارجة عن أصول الحاشية. 6 - لم يقتصر على الفقه في الحاشية، بل أضاف إليها معلومات في العقائد وغيرها. 7 - أدخل في الحاشية بعض النصوص والنقول (¬1). 4 - حاشية الفروع ذكره ابن العماد في "الشذرات" (10/ 472) وذهب الدكتور الجردي إلى القول: بأنها هي نفس "حاشية التنقيح" تصحَّفت لدى الطبع أو سَبَق قلمُ ابن العماد بها. وهذا لا يكفي في إنكار وجود الكتاب، خصوصاً وأن له نسخة خطية في المكتبة الوطنية بجامع عنيزة، كما ذكر ذلك البسام في كتابه "علماء نجد" (3/ 271). 5 - شرح المفردات أي شرح "النظم المفيد الأحمد في مفردات الإمام أحمد" لعز الدين المقدسي. ذكره ابن العماد في "الشذرات" (10/ 472) والشيخ علي بن محمد الهندي في ترجمته للحجاوي في مقدمة "زاد المستقنع" (ص 13). 6 - شرح منظومة الآداب لإبن عبد القوي ذكره السفاريني في "غذاء الألباب" (1/ 6) وأفاد أنه اقتصر في هذا الشرح على الأحكام بأوجز عبارة مع حذفه لأكثر أبيات المنظومة، أو كثير منها. ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق الكتاب ص: 40، 47 - 48.

190 - ابن النجار (972 هـ)

واعتمد عليه السفاريني -مع مصادر أخرى- في تأليف كتابه المذكور. وكلام ابن حميد في (السحب) (ص 1135) يوهم أن له منظومة في الآداب تبلغ ألف بيت، وأنه شرحها! كما وقع في "الأعلام" للزركلي: أنه شرح منظومة الآداب الشرعية للمرداوي، وفي "شذرات الذهب" و"معجم المؤلفين": أنه شرح منظومة الآداب لإبن مفلح!! * * * 190 - ابن النَّجّار (972 هـ) هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي، أبو بكر، تقي الدين، الفتوحي، المشهور بـ"ابن النَّجّار". ترجمه ابن حميد في "السحب" (ص 854). له: 1 - منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات. 2 - شرح منتهى الإرادات = معونة أولي النُّهى على المنتهى. 3 - الكوكب المنير في شرح مختصر التحرير. 4 - شرح الكوكب المنير = المختبر المبتكر في شرح المختصر. 1 - منتهى الإرادات ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 855) وحاجي خليفة في "الكشف" (ص 1853) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 575) لكنه نسبه لتقي الدين عثمان بن شهاب الدين أحمد بن النجار، الفتوحي، الحنبلي، القاهري، المتوفى سنة (1064 هـ)!! وذكره في "الهدية" (2/ 255) وقال: توفي المؤلف في حدود سنة (985 هـ)! وشهرة هذا الكتاب تغني عن تقصي مصادر ذكره. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية رقم (13966) عدد أوراقها

(154) ورقة، بخط المؤلف سنة (942 هـ). - ومنه نسخة أخرى في الظاهرية أيضاً برقم (2733) عدد أوراقها (563) ورقة، بخط نسخ معتاد. - ومنه نسخة في المكتبة الأزهرية رقم (19 - فقه حنبلي/ 5452) عدد أوراقها (329) ورقة، في حجم (17) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخت سنة (1005 هـ) دون معرفة الناسخ. - ومنه نسخة أخرى في الأزهرية أيضا، عدد أوراقها (294) ورقة، في حجم (25) سطراً، نسخ مصطفى الدمشقي الحنبلي سنة (1191 هـ). - ومنه نسخة بمكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (213) عدد أوراقها (278) ورقة، في حجم (19) سطراً، بخط نسخ حسن مشكول، نسخ الإمام محمد بن بدر الدين بن بَلبان، الحنبلي، سنة (1048 هـ). - ومنه نسخة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم (9020/ خ)، عدد أوراقها (328) ورقة نسخت سنة (942 هـ) وهي بخط المصنف. - ومنه نسخة أخرى بنفس الجامعة برقم (1897/ ف)، عدد أوراقها (264) ورقة. - ومنه نسخة ثالثة أيضاً برقم (10785/ ف) عدد أوراقها (335) ورقة. - ومنه فيها نسخة رابعة كذلك برقم (8987/ خ) عدد أوراقها (212) • طباعة الكتاب: - طُبع بتحقيق الشيخ عبد الغني عبد الخالق -رَحِمَهُ اللهُ-، في دار الجيل الجديد، ونشرته دار العروبة في مجلدين سنة (1381 هـ/ 1962 م). وقدم للطبعة الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع. وتمت هذه الطبعة على النسخة الأزهرية رقم (19/ 5402) بالإضافة

إلى نسخة خاصة بالشيخ المانع، بالإضافة إلى نسخة "شرح منتهى الإرادات" للشيخ منصور البهوتي. - وقد يسر الله تعالى -بمنه وكرمه- في تحقيقه مع حاشية عثمان بن أحمد النجدي عليه، وصدر عن مؤسسة الرسالة سنة (1419 هـ/ 1999 م) في خمسة مجلدات. • وصف الكتاب: هو من من المتون المجردة، المصححة، المبنية على قول واحد، والخالية من الدليل والتعليل، شأن "الإقناع"، بل هو يشبه "الإقناع" إلى حدّ بعيد، إلا أن "الإقناع" أغزر وأوعب من "المنتهى"، ويتقيد "المنتهى" في مادته بأنه يجمع ما بين "المقنع" و"التنقيح" مع بعض التصرفات العلمية وبعض الإضافات. وفي ذلك يقول المؤلف: "فاستخرت الله تعالى أن أجمع مسائلهما في واحدٍ، مع ضم ما تيسر عَقْله من الفوائد والشوارد. ولا أحذف منهما إلا المستغنى عنه، والمرجوحَ، وما بُني عليه. ولا أذكر قولاً غيرَ ما قدّم أو صحَّح في "التنقيح"، إلَّا إذا كان عليه العمل، أو شُهِر، أو قوي الخلاف، فربَّما أُشير إليه" (¬1). فجاء هذا الكتاب جامعاً بين أصليه، مؤلفا بينهما في مزج عجيب، ناظماً ما نُثر فيهما من فوائد وشوارد، مما لا غنى عنه لطالب العلم، ومريد دقائق المذهب، وبذلك خرج عمله من مجرد الجمع إلى التحقيق والتكميل والتحرير. ولا ريب أن هناك سبباً وهدفاً حدا بابن النجار إلى صرف همته للجمع بين هذين الكتابين، وسبكهما في من واحد، صار فيما بعد عمدة للفتوى ومرجعاً للقضاء. وقد كشف هو بنفسه عن هذا السبب وهذا الهدف في شرحه على هذا المتن فقال (باختصار): "وبعد، فالتنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع في الفقه، كان المذهبُ ¬

_ (¬1) المنتهى مع الحاشية 1/ 6 ط. مؤسسة الرسالة.

محتاجاً إلى مثله، فإنه صحيح ما أطلقه الشيخ الموفّق في "المقنع" ... وأما ما قطع به الشيخ في "المقنع" من الحكم أو قدّمه أو صححه، وذكر أنه المذهب، وكان موافقاً للصّحيح، ومفهومه مخالفاً لمنطوقه، فإنه لم يتعرض إليه غالبا، ولم يذكره في "التنقيح". فاحتاج مَنْ عنده "التنقيح" أن يكون عنده "المقنع". فاستخرت الله تعالى أن أجمع مسائلهما في كتاب واحد، مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد والشوارد" (¬1). وطريقته في هذا الكتاب: أنه رتبه على ترتيب أصْلَيه: "المقنع" و"التنقيح" في الكتب والأبواب والفصول، إلّا أنه أخلاها من العناوين، فتراه يعقد الكتاب أو الباب أو الفصل، عارياً عن الترجمة، إلّا أنه يأتي بالكملة الأولى من النص على أنها تمثل العنوان والمفتاح، ثم ينسقها مع ما يليها، فيقول مثلاً: كتاب: الطهارةُ ارتفاع حدث وما في معناه ... إلخ. باب: المياهُ ثلاثة طهور يرفع الحدث ... إلخ. فصل: سننُ وضوءٍ استقبالُ قبلة وسواك ... إلخ. ثم إنه يورد الفروع في مواضعها بسبك عجيب، وتأليف بارع، في وضوح عبارة، وسهولة أسلوب، كما هو منهج تلميذه موسى الحجاوي في كتابه "الإقناع". ونلاحظ، عند المقارنة مع "المقنع"، أنه زاد عليه زيادات وافرة وتفصيلات مفيدة، حتى كأنه شرح له، فلا شك أنه استوعبه مع "التنقيح" وزاد عليهما، إلا أنه حذف ما رآه مستغنى عنه أو مرجوحاً. وفي الجملة: تبرز أهمية "المنتهى" كنظيره "الإقناع" في كونه استودع خلاصة الفقه الحنبلي منذ منتصف القرن العاشر إلى الآن، في جمع الفروع وترتيبها، وتحريرها، وتصحيحها، وِتخليصها من الخلاف إلى أبعد الحدود. وتظهر أهمية هذا المتن من جهة أخرى في مرآة التقاريظ التي سجلت ¬

_ (¬1) معونة أولي النُّهي في شرح المنتهى 1/ 154.

بشأنه (¬1)، بالإضافة إلى منزلة مصنفه الكبيرة في متأخري فقهاء الحنابلة، ثم بالجهود التي وضعت عليه، ثم في كونه بيضه بنفسه مرتين -على ما ترجح لمحققه الشيخ عبد الغني عبد الخالق (¬2) - وقُرئ على والده مرات عديدة بحضرته. • الأعمال التي تمت على الكتاب: شُرح، وحُشِّي (¬3). فقد شرحه: 1 - المؤلف في كتابه "معونة أولي النُّهى" كما سيأتي. 2 - منصور بن يونس البهوتي (ت 1051 هـ) وشرحه يسمى "دقائق أولي النُّهى في شرح المنتهى". 3 - إبراهيم بن أبي بكر الذنابي العوفي (ت 1094 هـ). وحشّاه: 1 - منصور البهوتي الشارح المذكور. وحاشيته تسمى "إرشاد أولي النُّهى لدقائق المنتهى". 2 - ياسين بن علي اللَّبدي (ت 1058 هـ). له "تحريرات على المنتهى". ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1157) ووصفها بأنها نفيسة. 3 - عثمان بن أحمد، حفيد المؤلف، (ت 1064 هـ). 4 - محمد بن أحمد البهوتي الخلوتي (ت 1088 هـ). ¬

_ (¬1) من ذلك قول ابن حميد في "السحب" (ص 854): "حرر مساثله على الراجح من المذهب، فاشتغل به عامة طلحة الحنابلة في عصره، واقتصروا عليه، وقُرئ على والده مرات بحضرته، فأثنى على المؤلف". وقال ابن بدران في "المدخل" (ص 442): "هو كتاب مشهور عمدة المتأخرين في المذهب وعليه القوى فيما بينهم". وقال العلامة ابن مانع في مقدمة "المنتهى" (ص 4): "وما اعتنى العلماء بهذا الكتاب الا لما ظهر لهم من تحقيق مؤلفه والمبالغة في تحريره وبنائه على الراجح من المذهب المعوّل عليه في القضاء والإفتاء". (¬2) "المنتهى" 2/ 721. (¬3) مقدمة الطبعة الأولى لإبن مانع ص: 3 - 4.

2 - شرح المنتهى = معونة أولي النهى

5 - عثمان بن قائد النجدي (ت 1097 هـ). وهي من أشهر حواشيه. 2 - شرح المنتهى = معونة أولي النّهى ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 855) وقال: في ثلاث مجلدات أحسن فيه ما شاء. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه قطع في جامعة برنستون بأمريكا الشمالية، بيانها كالتالي: 1 - نسخة محفوظة برقم (2606) منها: المجلد الأول: في (336) ورقة، مسطرته (29) سطراً، بخط نسخ جيد، نسخ في القرن الحادي عشر تقريباً. المجلد الثالث: في (359) ورقة، بنفس المواصفات. 2 - نسخة محفوظة برقم (2439) منها: المجلد الثاني: في (300) ورقة، في حجم (25) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ صالح القباني، الشافعي، المدني، سنة (1025 هـ). - ومنه نسخة في المكتبة الأزهرية برقم (574/ 47812)، بيانها كالتالي: المجلد الأول: في (406) ورقة، مسطرته (25) سطراً، بخط عادي، نسخ محمد برعي السقطي، الشافعي، سنة (1284 هـ). المجلد الثاني: في (429) ورقة، مسطرته (205) سطراً، بخط نسخ واضح، نسخ سنة (1284 هـ). المجلد الثالث: في (390) ورقة، مسطرته (25) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ سنة (1284 هـ). المجلد الرابع: في (429) ورقة، مسطرته (25) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ سنة (1284 هـ). - ومنه نسخة أخرى بالأزهرية برقم (3/ 4226) بيانها كالتالي: المجلد الأول: في (315) ورقة، مسطرته (35) سطراً، بخط نسخ معتاد

جلي، نسخ المؤلف. المجلد الثاني: في (326) ورقة، مسطرته (35) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ المؤلف. المجلد الثالث: فى (273) ورقة، مسطرته (35) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ المؤلف. - ويوجد الجزء الأول منه في الظاهرية برقم (2721) يقع في (545) ورقة، بخط معتاد. - وتوجد قطعة من الجزء الثاني منه فيها برقم (2720) تقع في (48) ورقة، بخط معتاد. - ويوجد منه الجزء الأول من بداية الكتاب إلى آخر كتاب الجهاد في الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (65) عدد أوراقه (628) ورقة، في حجم (17) سطراً. • طباعة الكتاب: طُبع بتحقيق الشيخ عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، على نسخة برنستون والنسختين الأزهريتين، وجزء من نسخة محفوظة بالمكتبة المحمودية. وصدر عن دار خضر ببيروت سنة (1416 هـ/ 1995 م) في تسعة مجلدات كبار. • وصف الكتاب: هو شرح مطول لكتاب "المنتهى" اعتمد في مادته الأساسية على "الفروع" (¬1)، وقد أكثر من الأحاديث النبوية الشريفة وأقوال السلف، موثَّقاً بذلك المسائل الفقهية، وقد عزا ذلك إلى مصادره، وألحق بآخره خاتمة في حدود ثماني صفحات أوضح فيها المصطلحات العامة للفقه الحنبلي، على غرار ما صنع المرداوي في إنصافه. ومنهجه الذي سار عليه في شرحه هذا، ¬

_ (¬1) المدخل ص 443.

3 - الكوكب المنير في اختصار التحرير

ونقلها المحقق إلى مقدمة الكتاب (¬1). وقد أبان عن سبب وضع هذا الشرح، فقال: " ... لكنني لما بالغت في اختصار ألفاظه -أي المنتهى- صارت ألفاظه على وجوهِ عرائسِ (¬2) معانيهِ كالنقابِ، فاحتاجت إلى شرح يُبرزها لمن يريد إبرازها من الطلاب والخطّاب، فتصديت لكتاب يشرحه شرحاً يبين حقائقه، ويوضح معانيه ودقائقه" (¬3). وبالجملة: فهو كتاب حافل بالنقول والفوائد، إلا أن الشيخ منصوراً البهوتي انتقد هذا الشرح في مقدمة شرحه، فقال: "وشَرَحه مصنَّفُه شرحاً غير شاف للعليل، فأطال في بعض المواضع وترك أخرى بلا دليل، ولا تعليل" (¬4). 3 - الكوكب المنير في اختصار التحرير أشار إليه وإلى شرحه ابن حميد في "السحب" (ص 855). ووقع في "المدخل" لإبن بدران (ص 462 - 463) أن "الكوكب المنير" شرح لـ "مختصر التحرير". • مخطوطات الكتاب: منه نسخة في شستربتي رقم (5360) عدد أوراقها (20) ورقة، في (23) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخه المؤلف نفسه، سنة (931 هـ). ولدي صورة عن نسخة خطية له عدد أوراقها (38) ورقة، في (20) سطراً، وهي بخط الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رَحِمَهُ اللهُ-، نسخها سنة (1340 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع بعنوان "مختصر التحرير في أصول السادة الحنابلة" في مطبعة ¬

_ (¬1) ص 35 وما بعدها. (¬2) وقع في المطبوعة: غير آيس، ومعناه غير مستبين، والتصويب: من سياق الكلام الذي استعمل فيه المؤلف أسلوب التورية. وقد اقتبس من هذه المقدمة كثير ممن جاءوا بعد ابن النجار. (¬3) المعونة 1/ 151 - 152. (¬4) شرح منتهى الإرارات 1/ 5.

4 - شرح الكوكب المنير

مصطفى البابي الحلبي في مصر سنة (1367 هـ/ 1948 م). وأعادت نشره مكتبة ابن تيمية في القاهرة سنة (1413 هـ/ 1993 م). بالإضافة إلى طبعته مع شرحه. • وصف الكتاب: قال ابن بدران: "ذكر مؤلفه أنه اختصر فيه كتاب "تحرير المنقول من علم الأصول" لعلاء الدين المرداوي، وأنه محتو على مسائل مما قدمه المرداوي، أو كان عليه الأكثر من الأصحاب دون بقيةَ الأقوال، خالٍ من قولِ ثان، إلا لفائدة تريد على معرفة الخلاف من عزو مقال إلى مَنْ إياه قال .. ثم قال: ومتى قلتُ: في وجه، فالمقدَّمُ غيرُه، أو: في قولِ، أو: على قولٍ، كان إذا قوي الخلاف أو اختلف الترجيح مع إطلاق القولين أو الأقوال، إذا لم أطلع على مصرِّحِ بالتصحيح" (¬1). • الأعمال التي تمت عليه: شرحه المؤلف كما سيأتي، كما شرحه الشيخ أحمد بن عبد الله بن أحمد الحلبي البعلي، الحنبلي (ت 1189 هـ) في كتاب سماه "الذخر الحرر شرح مختصر التحرير". 4 - شرح الكوكب المنير سماه "المختبر المبتكر شرح المختصر". • مخطوطات الكتاب: - يوجد منه نسخة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة برقم (387/ 10634)، عدد أوراقها (147) ورقة. ونسخة أخرى في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (1422/ 4087) عدد أوراقها (262) ورقة، نسخت سنة (1137 هـ). - ويوجد منه جزء في المكتبة الأحمدية بحلب برقم (417) عدد أوراقه (189) ورقة في (25) سطراً، بخط نسخ، كتبت سنة (1086 هـ)، ومنه نسخة مصورة في جامعة أم القرى برقم (126). ¬

_ (¬1) المدخل ص 463.

191 - الفارضي (981 هـ)

- وتوجد منه نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (13550) عدد أوراقها (255) ورقة، في حجم (28) سطراً، كُتبت بخط نسخ واضح، نسخها محمد بن بدر الدين الخزرجي، البلباني، الحنبلي سنة (1051 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (176). • طباعة الكتاب: طُبع بعنوان "شرح الكوكب المنير" في مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة سنة (1372 هـ / 1953 م) باعتناء الشيخ محمد حامد الفقي -رَحِمَهُ اللهُ-. وهي طبعة ناقصة، ثم طبَع الشيخ محمد حامد النقصَ بعد العثور على نسخة أخرى. وهي طبعة كثيرة الأخطاء والتصحيفات. ثم طُبع بتحقيق الدكتورين: محمد الزحيلي، ونزيه حماد، في دار الفكر بدمشق سنة (1400 هـ/ 1980 م) في أربعة مجلدات، قام بنشره مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة. • وصف الكتاب: هو شرح لمختصره السابق، أحسن فيه وأجاد بما جمع فيه من النقول، فقد حوى قواعد علم الأصول ومسائله ومعاقد فصوله، بأسلوب سلس رصين، لا تعقيد فيه ولا غموض، جمع المؤلف مادته من مئات المجلدات والأسْفار، وهو كتاب زاخر بالقواعد والفوائد الأصولية، والمسائل والفروع الفقهية واللغوية البلاغية والمنطقية، ومادته العلمية غزيرة جدّاً. * * * 191 - الفَارِضي (981 هـ) هو محمد القاهري، شمس الدين، المعروف بـ"الفَارِضي"، الشاعر المشهور. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 1106). له:

منظومة فى الفرائض = الفارضية

منظومة فى الفرائض = الفارضية ذكرهرها ابن حميد في "السحب" (ص 1112) ونسبها إليه على الظن، فقال: وله -في ظني- منظومة في الفرائض رائية بديعة. وقال الشيخ محمد جميل الشطي في "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 98): "اطلعت لصاحب الترجمة على منظومة في الفرائض على مذهبنا الحنبلي، قد شرحها العلامة الشنشوري في نحو ثلاثة كراريس بشرحٍ سماه "الدرة المضية في شرح الفارضية" بديعة النظام جامعة للأحكام، قابل بها منظومة الرحبي الشافعية". ويقع هذا النظم في (128) بيتاً. طُبع في مطبعة الترقي في دمشق سنة (1346 هـ/1928 م) كما طبعه الشيخ محمد جميل الشطي سنة (1349 هـ/19331 م). قال في مقدمتها: قال الفقير الحنبلي محمدُ ... أحمد ربي فهو مولى يحمدُ ثم الصلاة والسلام أبدا ... على النبي الهاشمي أحمدا وبعدُ فالنظم تميل النفسُ لَهْ ... يستحضر الحافظ منه المسأله وهذه بها أراد الفارضي ... معرفة الأهم في الفرائض وجيزة والحشو فيها يندر ... فاحفظ وحشو الرحبي سكر ويهذا يتبين أنها ليست رائية كما ظن صاحب "السحب". • ولها عدة شروح: منها: 1 - شرح الشيخ عبد الله بن محمد الشنشوري الشافعي (ت 999 هـ). وشرحه يسمى -كما سبق للشطي- "الدرة المضية في شرح الفارضية" - طُبع والمكتب الإسلامي بدمشق، باعتناء الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع، على نفقة قاسم بن درويش فخرو، سنة (1381 هـ / 1962 م).

192 - مرعي الكرمي (1033 هـ)

2 - شرح الشيخ عبد القادر بن بدران (ت 1346 هـ). وشرحه يسمى "البدرانية شرح المنظومة الفارضية". طُبع في دمشق سنة (1342 هـ) في مطبعة المكتبة السلفية، وطُبع في مكة المكرمة بتصحيح وإشراف الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع (ت 1373 هـ). * * * 192 - مَرْعي الكَرْمي (1033 هـ) هو مَرْعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر، زين الدين، المقدسي، الكَرْمي. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 1118). له (¬1): 1 - دليل الطالب لنيل المطالب. 2 - غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى. 3 - مقدمة الخائض في علم الفرائض. 4 - تحقيق الرجحان بصوم يوم الشك من رمضان. 5 - شرح النظم المفيد الأحمد. 6 - المسائل اللطيفة في فسخ الحج إلى العمرة الشريفة. 7 - إيقاف العارفين على حكم أوقاف السلاطين. 8 - رياض الأزهار في حكم السماع والأوتار. 9 - محرك ساكن الغرام إلى بيت الله الحرام. 10 - نزهة الناظرين في الغزاة والمجاهدين. 11 - رسالة في التقليد. 12 - تهذيب الكلام في حكم أرض مصر والشام. ¬

_ (¬1) جرد كتبه نجم عبد الرحمن خلف في تحقيقه لكتاب "الشهادة الزكية" وتقديمه لكتاب "مسبوك المذهب في فضل العرب".

1 - دليل الطالب

13 - السراج المنير في حكم استعمال المذهب والحرير. 14 - تشويق الأنام إلى حج بيت الله الحرام. 1 - دليل الطالب ذكره ابن حميد (ص 1119) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 479) و"الهدية" (2/ 427) وقال ابن بدران في "المدخل" (ص 444): هو أشهر من أن يذكر. ويوجد في بعض نسخه الخطية أنه فرغ من تأليفه سنة (1019 هـ). • مخطوطات الكتاب: - منه نسخة في الظاهرية رقم (2731) في (58) ورقة، بخط عادي، نسخ علي بن منصور، الحنبلي، سنة (1083 هـ). - ومنه نسخة بجامعة أم القرى رقم (66) مصورة عن المكتبة الصديقية بحلب رقم (18) تقع في (108) ورقات، بخط نسخ واضح، نسخت سنة (1214 هـ). - ومنه نسخة في الجامعة الإسلامية رقم (4592/ 6) مصورة عن نسخة محفوظة بالظاهرية، تقع في (109) ورقات، في حجم (19) سطراً. - ومنه نسخة في الأزهرية عدد أوراقها (87) ورقة، في حجم (23) سطراً، نسخت سنة (1118 هـ). - ومنه نسخة في المكتبة البلدية بالإسكندرية رقم (2228) عدد أوراقها (148) ورقة، في (17) سطراً، نسخت سنة (1116 هـ). - ومنه جزء في مكتبة الحرم النبوي الشريف برقم (1650)، عدد أوراقه (56) ورقة نسخ سنة (1017) هـ بخط المؤلف. • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالقاهرة. وطُبع في المكتب الإسلامي بدمشق مع حاشية الشيخ محمد بن عبد العزيز بن

مانع، -رَحِمَهُ اللهُ- ئعالى. وصدرت الطبعة الأولى سنة (1381 هـ/ 1962 م). ثم أعيد طبعه سنة (1389 هـ 1969/ م) وسنة (1400 هـ / 1980 م). واعتُمد في إخراجه على نسخة خطية واحدة منسوخة سنة (1246 هـ). وطُبع بتحقيق الشيخ عبد الله بن عمر البارودي، نشر مؤسسة الكتب الثقافية سنة (1405 هـ/ 1985 م). وطُبع في مؤسسة الرسالة سنة (1417 هـ/ 1997 م) وفي مطبعة العبيكان سنة (1418 هـ/ 1998 م). بالإضافة إلى طباعته مع شرحيه: منار السبيل، ونيل المآرب. • وصف الكتاب: هو عبارة عن متن وجيز شبيه بمتن "الزاد"، محرر منظم، مشى فيه مصنفه على قول واحد، وهو الراجح في مذهب الإمام أحمد، اشترط فيه مؤلفه أنه لم يذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهل التصحيح والعرفان، وعليه الفتوى بين أهل الترجيح والإتقان (¬1)، ولم يشر إلى أي علاقة بينه وبين كتاب سابق، إلا أن الملاحَظ أنه اتبع منهج "الإقناع" و"المنتهى" في ترتيبه، بل صرّح جمع من أهل العلم بأنه مختصر من "منتهى الإرادات"؛ منهم الشيخ صالح البهوتي، وأحمد بن عوض المرداوي، وعثمان بن بشر، وابن مانع (¬2). • الأعمال التي تمت على الكتاب: شُرح، وحُشي، ونُظم، من ذلك: 1 - شرح عبد القادر بن عمر التغلبي الشيباني (ت 1135 هـ). يسمى "نيل المآرب بشرح دليل الطالب". 2 - شرح صالح بن حسن البهوتي (ت 1121 هـ). يسمى "مسلك الراغب شرح دليل الطالب". ¬

_ (¬1) مقتبس من مقدمة المؤلف. (¬2) مقدمة تحقيق الكتاب لسلطان بن عبد الرحمن العيد، ص 26، ط. مؤسسة الرسالة.

3 - شرح محمد بن أحمد النابلسي السفاريني (ت 1189 هـ)، لم يتمه، وصل فيه إلى الحدود. 4 - شرح إسماعيل بن عبد الكريم الجُرَاعي، الدمشقي (ت 1202 هـ). لم يتمه. 5 - شرح إبراهيم بن محمد الرَّسِّي، النجدي، المعروف بـ"ابن ضُوَيّان" (ت 1353 هـ). يسمى "منار السبيل شرح الدليل". 6 - حاشية أحمد بن محمد بن عوض المرداوي (ت بعد 1101 هـ). ذكرها ابن حميد في "السحب" (ص 245) وقال: نحو ثلاثين كراساً، مفيدة جداً. 7 - حاشية مصطفى الدوماني، مفتي رواق الحنابلة بمصر (ت 1200 هـ). ذكرها ابن بدران في "المدخل" (ص 444). وتوجد نسخة خطية في الأزهرية (10641) عليها اسم: حاشية على نيل المآرب، لعلها هي. 8 - حاشية صالح بن عثمان القاضي (ت 1351 هـ). 9 - حاشية عثمان بن صالح بن عثمان القاضي (ت 1366 هـ). 10 - حاشية محمد بن عبد العزيز بن مانع (ت 1385 هـ). طبعت مع متن "الدليل" كما سبق. 11 - نظم محمد بن عريكان، النجدي (ت بعد 1271 هـ). يقع في (3000) بيت. 12 - نظم سليمان بن عطية المزيني (ت 1363 هـ). نَظم قسم البيع منه في (160) بيتاً في منظومة سماها (الحائلية). 13 - نظم عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت 1376 هـ). يقع في (400) بيت. 14 - نظم الشيخ عبد القادر القصاب (ت 1360 هـ). سماه "تيسير المطالب نظم دليل الطالب" في (1476) بيتاً. طُبع في آخر "الفقه الحنبلي الميسر"

2 - غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى

للدكتور وهبة الزحيلي، الذي نشرته دار القلم سنة (1418 هـ/ 1998 م). 15 - نظم الشيخ موسى بن محمد شحادة. سماه "المذهب المنجلي في الفقه الحنبلي". طُبع في دمشق سنة (1401 هـ/ 1981 م). نشر دار الفكر. 2 - غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1119) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 142) وابن بدران في "المدخل" (ص 445). وهو كتاب مشهور كسابقه. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسختان في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة: الأولى: رقم (1438) عدد أوراقها (313) ورقة، في حجم (25) سطراً، بخط نسخ معتاد. الثانية: رقم (1456) عدد أوراقها (220) ورقة، في حجم (35) سطرا، بخط نسخ عادي. نسخ سنة (1026 هـ). - ومنه نسخة في الظاهرية رقم (17252) عدد أوراقها (246) ورقة، بخط نسخ معتاد، نُسخت سنة (1264 هـ). - ومنه نسخة بالموسوعة الفقهية بالكويت رقم (328) عدد أوراقها (472) ورقة، في حجم (18) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ محمد بن ناصر بن عبد الله بن وائل، سنة (1263 هـ). - ومنه نسختان في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد: (8380) و (4052). • طباعة الكتاب: طُبع في دار السلام (المكتب الإسلامي فيما بعد) بدمشق سنة (1378 هـ/ 1959 م) في ثلاثة أجزاء بعناية محمد جميل الشطي وزهير الشاويش. ثم أعادت نشره المؤسسة السعيدية بالرياض.

بالإضافة إلى طباعته مع شرحه "مطالب أولي النُّهى". • وصف الكتاب: هو كتاب جليل، يقع في أربعة أضعاف "الدليل" تقريباً، جمع فيه المؤلف بين "الإقناع" للحجاوي و"المنتهى" لإبن النجار، وسلك فيه مسالك المجتهدين، فأورد فيه اتجاهات له كثيرة، يصدرها بقوله: ويتجه كذا، وقد اعتنى بها الشيخ حسن الشطي (ت 1274 هـ)، فأفردها من أصل الكتاب، وقام بشرحها وتحريرها في كتابٍ سماه "منحة مولي الفتح في تجريد زوائد الغاية والشرح". قال عنه ابن بدران: "فأخذ في مواضع الإتجاه من الغاية والشرح" (¬1)، وانتصر للشيخ مرعي، وبيَّن صواب تلك الإتجاهات، ومن قال بها غيرُه من العلماء، وذكر في غضون ذلك مباحث رائقة، وفوائد لا يُستغنى عنها" (¬2). وقد أثنى المحبي على الكتاب ووصفه بقوله: "قريب من أربعين كراساً، وهو متن جمع فيه من المسائل أقصاها وأدناها، مشى فيه بسَنن المجتهدين في التصحيح والإختيار والترجيح" (¬3). وقال الرحيباني في مقدمة "مطالب أولي النُّهى": اعتنى بتأليفه وتشييده وترصيفه، حتى صار من أجل كتب المذهب قدراً، وأجمعها لمهمات مسائله طرّاً، مشتملاً على فواثد ومساثل لم يسبق إليها، وحاوياً لفرائد تُعقد الخناصر عليها من صحيح النقول، وغرائب المنقول". • الأعمال التي تمت عليه: وضعت عليه عدّة شروح، منها: 1 - شرح أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد العكري، الشهير بـ"ابن العماد" ¬

_ (¬1) يعني بذلك "مطالب أولي النُّهى في شرح غاية المنتهى" للشيخ مصطفى الرحيباني. (¬2) المدخل ص 446. (¬3) خلاصة الأثر 4/ 358 ونقله الغزي في "النعت" (ص 191) والشطي في "المختصر" (ص 109) وابن حميد في "السحب" (ص 1119) وقال: قرظ له على "الغاية" و"الدليل" نظماً ونثراً علماء عصره من جميع المذاهب.

3 - مقدمة الخائض في علم الفرائض

صاحب "شذرات المذهب" (ت 1089 هت). وشرحه يسمى "بغية أولي النُّهى في شرح غاية المنتهى". وهو شرح ناقص وصل فيه إلى باب الوكالة. 2 - شرح إسماعيل بن عبد الكريم، الجُرَاعي (ت 1202 هـ). وهو إكمال لشرح ابن العماد. 3 - شرح مصطفى بن سعد السيوطي، الرحيباني (ت 1240 هـ). وشرحه يسمى "مطالب أولي النُّهى في شرح غاية المنتهى". 4 - شرح محمد بن عبد الرحمن بن عفالق، الأحسائي (ت 1163 هـ). قال ابن حميد في "السحب" (ص 928): "مبتدئاً من كتاب البيع، فوصل فيه إلى الصلح، حقق فيه ودقق". 3 - مقدمة الخائض في علم الفرائض ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1119) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 543) و"الهدية" (2/ 427). 4 - تحقيق الرجحان بصوم يوم الشك من رمضان ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1121) والبغدادي في "الهدية" (2/ 426) ومحقق "الشهادة الزكية" في المقدمة (ص 13). ووعد الدوسري في هامش "الدر المنضد" (ص 56) بالقيام بإصداره. 5 - شرح النظم المفيد الأحمد و"النظم المفيد الأحمد" هو نظم لمفردات المذهب، للشيخ عز الدين المقدسي. نسب هذا الشرح إليه الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 912) وعزاه إلى محقق "المقصد الأرشد" (2/ 460 - هامش". والذي ذكره الدكتور العثيمين في هذا الموضع إنما هو منظومة في "مفردات المذهب" لإبن عبد القوي (ت 699 هـ)، ونسب شرحها لمرعي بن يوسف، ووصفه بالجودة. وسبق التعليق على حقيقة وجود النظم المذكور في مؤلفات ابن عبد القوي.

6 - المسائل اللطيفة في فسخ الحج إلى العمرة الشريفة

6 - المسائل اللطيفة في فسخ الحج إلى العمرة الشريفة ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1121) والبغدادي في "الهدية" (2/ 427) ونسبه في "الإيضاح" (2/ 475) إلى لسان الدين بن الخطيب!! 7 - إيقاف العارفين على حكم أوقاف السلاطين ذكره ابن حميد فى "السحب" (ص 1125) والبغدادي و"الإيضاح" (159/ 1) وسماه في "الهدية" (2/ 426): "إيقاظ العارفين ...... ". 8 - رياض الأزهار في حكم السماع والأوتار ذكره البغدادي في "الإيضاح" (1/ 599). 9 - محرك ساكن الغرام إلى بيت الله الحرام ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1125) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 442) و"الهدية" (2/ 427). 10 - نزهة الناظرين في الغزاة والمجاهدين ذكره البغدادي في "الإيضاح" (2/ 642) و"الهدية" (2/ 427). 11 - رسالة في التقليد توجد منها نسخة في الظاهرية (3673) في أربع ورقات بخط نسخ معتاد. 12 - تهذيب الكلام في حكم أرض مصر والشام ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1125) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 342) و"الهدية" (2/ 427). 13 - السراج المنير في استعمال المذهب والحرير ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1121) والبغدادي في "الهدية" (2/ 427). 14 - تشويق الأنام إلى حح بيت الله الحرام ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1125) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 292).

193 - منصور البهوتي (1051 هـ)

وتوجد منه نسخة في مكتبة جامعة برنستون رقم (3296) عدد أوراقها (38) ورقة، في حجم (23) سطراً، بخط نسخ حسن، نسخ عبد الله بن شحاتة، الحنبلي، سنة (1165 هـ). ومنها صورة في جامعة أم القرى (238). * * * 193 - منصور البُهُوتي (1051 هـ) هو منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن إدريس، أبو السعادات، البُهُوتي، محقّق المذهب. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 1131). له: 1 - شرح الإقناع = كشاف القناع. 2 - حاشية على الإقناع = كشف القناع. 3 - شرح المنتهى = دقائق أولي النُّهى. 4 - حاشية على المنتهى = إرشاد أولي النُّهى. 5 - شرح الزاد = الروض المربع. 6 - شرح المفردات = منح الشفاء الشافيات. 7 - عمدة الطالب. 8 - إعلام الأعلام بقتال من انتهك حرمة بيت الله الحرام. 9 - كتاب في المناسك. 1 - شرح الإقناع = كشّاف القناع ذكره ابن حفيد (ص 1131) وقال: في ثلاثة أجزاء. وقال ابن بدران في "المدخل" (ص 226): في أربع مجلدات. وقال ابن حميد، في "السحب" (ص 812) في ترجمة غنام النجدي (ت 1237 هـ): هوحصل كُتباً نفيسة؛ منها شرح "الإقناع" بخط المؤلف".

وهو أشهر من أن يُذكر. • مخطوطات الكتاب: توجد منه قطع في الظاهرية بالأرقام: (2716) (الجزء الثاني)، (2720) (الجزء الثاني)، (8712) (الجزء الأول)، (8713) (الجزء الثاني)، (8714) (الجزء الثالث)، (8715) (الجزء الثاني)، (8716) (الجزء الخامس)، (8717) (الجزء السادس). وتوجد منه قطع في دار الكتب المصرية بالأرقام: (11 - 12/ فقه حنبلي) (الجزء الثاني والثالث). وتوجد منه قطع في المحمودية بالأرقام: (1411) (الجزء الأول)، (1410) (الجزء الثالث). وتوجد منه نسخة في مكتبة جامع عنيزة الوطنية من كتب آل فيروز الأسرة العلمية المعروفة في الأحساء. ووجدت وزارة العدل في المملكة العربية السعودية نسخة بخط المؤلف بمدينة حائل عند الشيخ علي بن سالم البنيان، فاشترتها منه، وكذلك نسخة في مكتبة الشيخ محمد بن عبد المحسن الخَيَّال، وهي نسخة مصححة ومقابلة على نسخة ابن العماد. • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة الشرفية بمصر سنة (1319 هـ/ 1902 م) بعناية مقبل الذكير. وتقع في أربعة أجزاء، وعلى هامشها "شرح المنتهى" لنفس المؤلف. وطُبع في مطبعة السُّنة المحمدية بعناية صاحبها الشيخ محمد حامد الفقي سنة (1366 هـ/ 1947 م). وتقع هذه الطبعة في ستة مجلدات. وطُبع في سنة (1388 هـ / 1968 م) نشرته مكتبة النصر الحديثة بالرياض، راجعه وعلق عليه هلال مصيلحي ومصطفى هلال. وطُبع في مطبعة الحكومة بمكة المكرمة سنة (1394 هـ/ 1974 م).

ونشرته أيضاً دار الفكر وعالم الكتب في بيروت. ويُعاد تحقيقه حالياً بإشراف وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية، وسيصدر قريباً في (12) مجلداً. • وصف الكتاب: هو الشرح الفريد لمتن "الإقناع" للشيخ موسى الحجّاوي، سلك فيه مسلك ابن النجار في شرحه على "المنتهى"، فمزج المتن بالشرح حتى صارا كالشيء الواحد، لا يُممز بينهما إلا صاحب بصر أو بصيرة، واجتهد رحمه الله في الكشف عن حقائق معانيه بطريق التقصي لأصوله التي اعتمد عليها الحجّاوي في تأليف المتن؛ كالمقنع، والمحرر، والفروع، والمستوعب، بالإضافة إلى شروح تلك الكتب، وعلى وجه الخصوص: الشرح الكبير، والمبدع، بالإضافة إلى "الإنصاف" الذي يعتبر كتاب تصحيح لكتب المذهب. وأخذ المادة الأساسية لهذا الشرح -كما صرح المؤلف- من شرح "المنتهى" لمؤلفه ابن النجار، المسمى "معونة أولي النُّهى" بالإضافة إلى "المبدع في شرح المقنع" للبرهان ابن مفلحِ. واعتنى الشارح بذكر ما أهمله المصنف من القيود، وغالب علل الأحكام وأدلتها على طريق الإختصار غير المردود. كما بيَّن المعتمد من المواضع التي تعارض كلامه فيها، والمواضع التي خالف فيها الحجّاوي؛ ابنَ النجار في كتابه "المنتهى"، متعرضًا لذكر الخلاف فيها؛ ليُعلم مستندُ كل منهما. وقد بلغ البُهُوتي النهاية في هذا الشرح، فقضى ديناً كان على علماء الحنابلة في القيام بشرح "الإقناع"، بحيث لم يترك شيئا من التحقيق لمن يأتي بعده، حتى ان الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن مشرِّف (ت 1079 هـ) قام بشرح هذا الكتاب، فلما حجّ عام (1049 هـ) وجد الشيخ منصوراً حاجاً ذلك العام، فاجتمعا وتباحثا، وأطلعه الشيخ منصور على شرحه هذا، وكان الشيخ منصور لم ينته إذ ذاك من شرحه إلّا ذلك العام، فتأمله الشيخ سليمان

2 - حاشية الإقناع = كشف القناع

ثم قال: وجدته مطابقاً لما عندي إلا مواضع يسيرة، وأتلف شرحه عليه (¬1). وبالجملة يعتبر "كشاف القناع" ذا مكانة عالية بين مؤلفات الفقه الحنبلي؛ بما اشتمل عليه من المسائل والفروع والتحريرات والتحقيقات الدقيقة؛ حيث عُدَّ بحقٍّ الجامعَ لفقه المذهب، ومن ثَمَّ كان أحد المراجع الرئيسة للقضاة في المملكة في أحكامهم وأقضيتهم حسبما تضمّنه قرار الهيئة القضائية المصادر في (7/ 1347/1 هـ). 2 - حاشية الإقناع = كشف القناع ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1132) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 57) والبغدادي في "الهدية" (2/ 476). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة رقم (1408) عدد أوراقها (311) ورقة، في حجم مختلف، مكتوية بخط نسخ معتاد، نسخ سليمان بن موسى بن سليمان، سنة (1118 هـ). ومنه نسخة في مكتبة جامع عنيزة الوطنية، منسوخة بخط عبد الله بن أحمد بن محمد بن عضيب. ومنه نسخة في مكتبة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد بمكة المكرمة. 3 - شرح المنتهي = دقانق أولي النّهى في شرح المنتهى ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1132) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 57) وقال: ثلاث مجلدات: وشهرته كشهرة "كشاف القناع". • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة بمكتبة الحرم المكي الشريف رقم (3)، بيانها كالتالي: الجزء الأول: عدد أوراقه (318) ورقة، في (25) سطراً، بخط معتاد. ¬

_ (¬1) علماء نجد خلال ثمانية قرون 2/ 370.

الجزء الثاني: عدد أوراقه (354) ورقة، في (25) سطراً، بخط معتاد. الجزء الثالث: عدد أوراقه (330) ورقة، في (25) سطراً، بخط معتاد. قام بنسخ هذه النسخة أحمد بن عوض بن محمد المرداوي، سنة (1077 هـ) وعلى ظهور أجزائها عنوان "معونة أولي النُّهى شرح المنتهى". - ويوجد منه الجزء الأول من نسخة محفوظة في المكتبة المحمودية برقم (1445)، نسخه محمد بن صالح بن راشدبن محل، سنة (1100 هـ)، بخط نسخ جيد. - ويوجد الجزء الأول من نسخة أخرى في المحمودية أيضاً رقم (1431)، عدد أوراقه (267) ورقة، في (31) سطراً، بخط نسخ معتاد، نسخ عبد الله ابن محمد بسام، سنة (1039 هـ). - ويوجد الجزء الثالث من نسخة أخرى بالمكتبة المذكورة رقم (1457) عدد أوراقه (196) ورقة، في (32) سطراً، بخط نسخ عادي، نُسخ سنة (1105 هـ). - ويوجد جزء من نسخة أخرى في المكتبة المذكورة رقم (1458) عدد أوراقه (298) ورقة، في حجم مختلف، بخط نسخ، نسخ محمد بن أحمد ابن نصر الله، سنة (1208 هـ). - وتوجد منه نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (3787) تقع في (405) ورقات. - وتوجد منه نسخة كاملة في مكتبة جامع عنيزة الوطنية، بقلم الشيخ عبد الله ابن عائض، وقفها في المكتبة الأستاذ صالح بن صالح وأخوه عبد المحسن (¬1). - ويوجد منه جزء في مكتبة الشيخ عبد الله البسام، يبدأ من أول الكتاب وينتهي عند أحكام أهل الذمة، نسخه عبد الله بن محمد الخريجي سنة (1276 هـ). ¬

_ (¬1) علماء نجد 3/ 271.

• طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة الشرفية بالقاهرة سنة (1319 هـ/ 1902 م) بهامش "كشاف القناع"، اعتنى بها مقبل الذكير. وهي طبعة مشحونة بالخطأ والتصحيف، ومملوءة بالنقص والتحريف، ومضطربة -أشد الإضطراب- في تحديد نصها، وفصله عن شرحها. وطُبع في مطبعة السُّنة المحمدية سنة (1366 هـ/ 1947 م) بتصحيح صاحبها الشيخ محمد حامد الفقي. وهي طبعة مستقلة تقع في ثلاثة أجزاء. وفيها من الأخطاء ما في الطبعة السابقة. وعن هذه الطبعة قامت بتصوير الكتاب كلٌّ من: دار الفكر وعالم الكتب، في بيروت. وقد يسر الله لي تحقيقه، وتمت المقابلة والتصحيح -بالإضافة إلى المطبوعة -على أربع نسخ خطية، منها نسخة المحمودية السابقة ذات الرقم (1457) وصدر -بعون الله-، عن مؤسسة الرسالة في بيروت في سبعة مجلدات سنة (1421 هـ/ 2000 م). • وصف الكتاب: هو شرح لـ"منتهى الإرادات" ألّفه بعد شرح "الإقناع" وسار فيه على منهجه، ولخص 5 منه ومن شرح المؤلف المسمى بـ"معونة أولي النُّهى"، وكان يرمي بشرحه هذا إلى الإختصار والتسهيل، وهو يرى أن المؤلف أطال في شرحه في بعض المواضع في حين أنه ترك أخرى بلا دليل ولا تعليل، فجاء شرحه غير شاف للعليل. وقد دافع الشيخ ابن دهيش عن ابن النجار في هذا المدَّعى في مقدمة تحقيقه للكتاب (¬1). وبالجملة فهو يشبه"كشاف القناع" في كثير من الوجوه، وبالتالي فمكانته من الكتب المعتمدة في المذهب في الفتوى والقضاء تسامي مكانة "الكشاف"، فكان الشرحان من حيث الأهمية كالمتنين، في الرجوع إليهما والإعتماد ¬

_ (¬1) تحقيق معونة أولي النُّهي ص 34.

عليهما، حتى اعتُبرا من المصادر المعتمدة في الفقه في المحاكم الشرعية في المملكة العربية السعودية، كما جاء في قرار هيئة المراقبة القضائية: فما اتفق عليه هذان الشرحان، أو انفرد به أحدهما، فهو المتبع، وما اختلفا فيه فالعمل بما في "المنتهى" (¬1). • تحشية الكتاب: وضعت على هذا الشرح عدة حواشٍ، منها: 1 - حاشية لعبد الوهاب بن فيروز، الأحسائي (ت 1205 هـ). قال ابن مانع: حاشية جليلة حقق فيها ودقق (¬2). 2 - حاشية سليمان بن إبراهيم الفداغي (من علماء القرن 13). تسمى "تذكرة الطالب لكشف المسائل الغرائب" (¬3). 3 - حاشية عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين (ت 1282 هـ) (¬4). 4 - حاشية غنام بن محمد بن غنام النجدي (ت 1240 هـ) (¬5). 5 - حاشية محمد بن عبد الله بن حميد، صاحب "السحب الوابلة" (¬6) (ت 1295 هـ). 6 - حاشية عبد القادر ابن بدران، صاحب "المدخل" (ت 1346 هـ)، وهي في مجلد ضخم، وصل فيها إلى باب السَّلَم (¬7). ¬

_ (¬1) مجموعة النظم الحكومية، قسم القضاء الشرعي 14. (¬2) مقدمة منتهى الإرادات ص 4، ط. دار الجيل الجديد. (¬3) علماء نجد 2/ 264 وقال في الهامش: نقل عنه الشيخ عبد الله بن جاسر في منسكه (2/ 226) وسماه "تحفة الطالب". وتوجد من نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (159) في (126) ورقة، مسطرتها (29) سطراً، وهي ناقصة من آخرها، كُتب على صفحة العنوان: تذكرة الطالب لكشف المسائل الغرائب. (¬4) قال الشيخ البسام في "علماء نجد" (4/ 239): حاشية نفيسة، جردها من نسخته تليذه وسبطه الشيخ عبد الرحمن بن محمد المانع. (¬5) قال الشيخ البسام في "علماء نجد" (5/ 352): لو جردت لجاءت مجلداً ضخماً، فيها تحقيقات نفيسة. (¬6) عرّف بها ودلّ على أماكن وجود نُسخها الدكنور الفاضل عبد الرحمن العثيمين في مقدمة تحقق "السحب الوابلة" ص 58. (¬7) "المدخل" ص 443.

4 - حاشية على المنتهى = إرشاد أولي النهى إلى دقائق المنتهى

4 - حاشية على المنتهى = إرشاد أولي النّهى إلى دقائق المنتهى ذكرها ابن حميد في "السحب" (ص 1132) وحفيده فى "الدر المنضد" (ص 57). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في مكتبة الحرم المكي الشريف رقم (11). كُتبت ونُقلت من نسخة المؤلف في حياته، نسخها أحمد بن يحيى، الحنبلي، الكرمي، المقدسي الأزهري سنة (1042 هـ)، بخط نسخ حسن. وتقع هذه النسخة في (322) ورقة، في حجم (25) سطراً، ونسخة أخرى أيضاً برقم (59) فقه حنبلي، تقع في (358) ورقة، نسخها محمد بن خضير الوليلي، الشافعي سنة (1041 هـ). - وتوجد منه نسخة في مكتبة جامعة برنستون (مجموعة يهودا) رقم (1544). وهي نسخة منقولة عن نسخة المؤلف أيضاً، نسخت في حياته، نسخها أبو سرور الحواوشي، الحنبلي، الأزهري سنة (1037 هـ) بخط معتاد تقع في (314) ورقة، في حجم (23) سطراً. - ومنها نسخة في مكتبة الموسوعة الكويتية رقم (236) عدد أوراقها (289) ورقة، في حجم (24) سطراً، بخط نسخ، نسخ حماد بن محمد بن ناصر بن شبانة، الحنبلي، نسخها سنة (1159 هـ). - ومنه نسخة في الظاهرية رقم (ص 1824). وهي مطابقة في الأوصاف لنسخة الحرم المكي الشريف. - ومنها نسخة في دارالكتب المصرية (59 - فقه حنبلي). - ومنها نسخة في المكتبة البلدية بالإسكندرية برقم (394) في (358) ورقة نسخها ياسين بن علي اللبدي، تلميذ المؤلف سنة (1045 هـ). - ومنها نسخة في مكتبة جامع عنيزة الوطنية، بخط الشيخ عبد الله بن أحمد بن محمد بن عضيب. - ومنها نسخة في مكتبة الشيخ عبد الله بن دهيش، نسخها بخط يده سنة (1376 هـ) عن نسخة الحرم المكي الأولى.

5 - الروض المربع شرح زاد المستقنع

• طباعة الكتاب: طُبع الكتاب بتحقيق الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، وصدر عن مكتبة النهضة الحديثة بمكة المكرمة سنة (1421 هـ/ 2000 م). وكان الباحث عبد الباري عواض قد حقق كتاب الصلاة منه، وقدمه لنيل درجة الماجستير من جامعة أم القرى سنة (1416 هـ). 5 - الروض المربع شرح زاد المستقنع ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1132) وحفيده في "الدرالمنضد" (ص 57). وهو أشهر مؤلفات البهوتي على الإطلاق. • طباعة الكتاب: لم أتعرض لذكر مخطوطاته لكثرتها وشهرتها، وهي موجودة في كثير من المكتبات الخاصة والعامة بالمملكة (¬1) بالإضافة إلى دار الكتب الظاهرية بالشام، ودار الكتب المصرية، ومكتبة الأوقاف العامة ببغداد. - طُبع في دمشق على نفقة مصححه الشيخ محمد توفيق السيوطي الحنبلي، سنة (1305 هـ). - وطُبع في المطبعة الخيرية بالقاهرة سنة (1342 هـ/ 1924 م) على هامش "نيل المآرب" للرحيباني. - وطُبع في المطبعة السلفية سنة (1348 هـ/ 1930 م) بتصحيح صاحب المطبعة: الشيخ كتب الدين الخطيب. - وطُبع في دار المعارف بمصر دون تاريخ: جزءان في مجلد، قام بتصحيحه ومراجعته الشيخان: أحمد بن محمد شاكر، وعلي بن محمد شاكر. وله عدة طبعات أخرى مجردة، وبعضها مع الحواشي. ¬

_ (¬1) من ذلك نسخة خطية في المكتبة الوطنية بعنيزة، وهي نسخة نفيسة جداً، صححها الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رَحِمَهُ اللهُ- على سبع نسخ: نسختين مطبوعتين، وخمس نسخ خطية.

• وصف الكتاب: هو أشهر الشروح الموضوعة على "زاد المستقنع" على الإطلاق، سلك فيه مسلك المزج، شأن منهجه في شرحي "الإقناع" و"المنتهى"، وبين فيه حقائقه، وأوضح معانيه ودقائقه، مع ضمّ بعمق القيود إلى مطلق المتن يتعين التنبيه عليها، وفوائد يحتاج إليها (¬1)، فأتمّ بذلك ما نقص هذا المتنَ من شرطٍ أو استثناء أو تقييد، وزاد عليه مسائل تمس الحاجة إليها، ونبّه على ما خالف فيه المذهبَ، كلُّ ذلك في عبارة مختصرة واضحة، وأسلوب رفيع ممتع. وقد نال هذا الكتاب -كأصله- من الشهرة والمكانة ما جعله يحظى بالإختيار في تقرير تدريسه في كليات الشريعة بالمملكة. • الحواشي الموضوعة عليه: من ذلك: 1 - حاشية عبد الوهاب بن فيروز (ت 1205 هـ). وهي ناقصة بلغ فيها إلى باب الشركة (¬2). نوجد منها نسخة في المكتبة الوطنية بعنيزة، وفي المكتبة العلمية الصالحية بعنيزة، وفي مصورات جامعة أم القرى، وفي مكتبة الموسوعة الكويتية. وهي من مصادر العنقري في حاشيته. 2 - حاشية عبد الله بن عبد الرحمن أبا بُطين (ت 1282 هـ). طُبعت في المطبعة السلفية في مصرسنة (1348 هـ - 1349 هـ/ 1930 م - 1931 م) في جزأين. 3 - حاشية العنقرى: عبد الله بن عبد العزيز (ت 1373 هـ). طبعت في مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة دون تاريخ، وصدرت في ثلاثة مجلدات. وطبعت أيضاً في مطبعة السعادة سنة (1390 هـ/ 1970 م). ¬

_ (¬1) مقتبس من مقدمة الكتاب. (¬2) قال الشيخ البسام في "علماء نجد" (5/ 63): حاشية نفيسة، حين ألفها كان ابن عشربن سنة، وكنا نراجعها أثناء قراءتنا "شرح الزاد" على شيخنا عبد الرحمن السعدي، فنجد فيها فوائد قيمة.

6 - شرح المفردات = منح الشفاء الشافيات

4 - حاشية إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضُوَيّان، صاحب "منار السبيل" (ت 1353 هـ) (¬1). 5 - حاشية فيصل بن عبد العزيز بن فيصل آل مبارك (ت 1376 هـ). وتسمى هذه الحاشية "الروض المربع المشبع من الروض المربع" (¬2)، تقع في أربعة مجلدات، توجد منها نسخة في مكتبة الملك فهد الوطنية. علّق فيها المؤلف على (350) موضعاً من الشرح. 6 - المختارات الجلية من المسائل الفقهية، للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت 1376 هـ). وهذا الكتاب ليس حاشية على "الروض" وإنما هو عبارة عن اختيارات اختارها الشيخ عبد الرحمن لرجاحة دليلها في نظره، مع أن الراجح في المذهب خلافها، وخرّج مسائلها من "الروض المربع" واستدرك عليه في بعضها، ونبّه على ما ذكره البهوتي في هذا الكتاب خصوصاً، وقصْده التنبيه على ما ذكرهُ غيره عموماً (¬3). وهو كتاب مطبوع في مطبعة المدني بمصر سنة (1378 هـ / 1959 م)، وطُبع أيضاً في مطابع الدجوي بالقاهرة، وقامت المؤسسة السعيدية بالرياض بنشره. 7 - حاشية الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي، النجدي (ت 1392 هـ). طبعت في المطابع الأهلية للأوفست بالرياض في سبعة مجلدات سنة (1397 هـ - 1400 هـ/ 1977 م - 1980 م) باعتناء وتصحيح فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين، وابن المحشي: الشيخ سعد ابن عبد الرحمن. 6 - شرح المفردات = مِنَح الشفاء الشافيات ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1132) ونسب مؤلف الأصل: ¬

_ (¬1) مفاتيح الفقه الحنبلي 215. (¬2) وسماه الشيخ البسام في "علماه نجد" (5/ 396): "المرتع المشبع ... ". (¬3) المختارات الجلية ص 6.

7 - عمدة الطالب لنيل المآرب

المفردات، إلى محمد بن عبد الهادي، وصوابه: محمد بن علي بن عبد الرحمن. واسم المنظومة "النظم المفيد الأحمد في مفردات الإمام أحمد". • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخ عديدة في مكتبات متفرقة، من ذلك: في مكتبة برنستون بأمريكا الشمالية (مجموعة يهودا) ثلاث نسخ محفوظة بالأرقام: (3476) و (3150) و (3414). وفي مكتبة شستربتي بإيرلندا الشمالية نسخة برقم (3657). وفي المكتبة الأزهرية ثلاث نسخ محفوظة بالأرقام: (12/ 4237) و (612/ 47850) و (85). وفي المكتبة القادرية ببغداد نسختان محفوظتان بالرقمين: (3891) و (13559). وهذه النسخ كلها مصورة في جامعة أم القرى. وتوجد منه نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (3891)، تقع في (290) ورقة. • طباعة الكتاب: طُبع بالمطبعة السلفية بالقاهرة سنة (1343 هـ/ 1925 م) بعناية صاحبها الشيخ محب الدين الخطيب. وطُبع في مجلدين بتصحيح ومراجعة عبد الرحمن حسن محمود، نشرته المؤسسة السعيدية بالرياض. وطُبع في مجلدين بتحقيق الدكتور عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المطلق، على نفقة إدارة إحياء التراث الإسلامي بقطر. 7 - عمدة الطالب لنيل المآرب ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1133) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 57) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 122) و"الهدية" (2/ 476).

8 - إعلام الأعلام بقتال من انتهك حرمة بيت الله الحرام

وسماه ابن بدران في "المدخل" (ص 446): عمدة الراغب. • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة الأزهرية رقم (8/ 4232) عدد أوراقها (141) ورقة، في حجم (15) سطرًا، بخط معتاد، نسخ أحمد بن محمد بن علي القيطوني، الشافعي، سنة (1142 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع مفردًا بتحقيق أحمد بن صالح بن إبراهيم الطويان، وصدر عن دار طويق بالرياض سنة (1418 هـ / 1998 م) في مجلد لطيف. واعتمد على النسخة المذكورة. بالإضافة إلى طبعاته مع شرحه "هداية الراغب". • وصف الكتاب: هو عبارة عن متن مختصر لطيف، يشبه متن "العمدة" للموفَّق، إلا أن فيه بعض الزيادات وحذف الأدلة، وضعه المؤلف للمبتدئين، وفي ذلك يقول: "وبعد، فهذا مختصر في الفقه على مذهب الإمام الأمثل أحمد بن محمد بن حنبل، تشتد إليه حاجة المبتدئين سألنيه بعض المقصرين والعاجزين" (¬1). • الأعمال التي تمت عليه: شرحه الشيخ عثمان بن أحمد بن قائد، النجدي (ت 1097 هـ) في كتاب سماه "هداية الراغب في شرح عمدة الطالب". ونظمه الشيخ صالح بن حسن البهوتي (ت 1121 هـ) في كتاب سماه "وسيلة الراغب لعمدة الطالب". 8 - إعلام الأعلام بقتال من انتهك حرمة بيت الله الحرام حققه ونشره الشيخ جاسم بن سليمان الفُهيد الدوسري، ضمن سلسلة "المدارج العلية إلى الآثار الحنبلية". ¬

_ (¬1) عمدة الطالب ص 9.

9 - كتاب في المناسك

9 - كتاب في المناسك ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1133) وقال: مختصر. وذكره المؤلف في كتابه "كشاف القناع" (2/ 399. ط. دار الفكر) وسماه: نصيحة الناسك ببيان أحكام المناسك. * * * 194 - سُليمان بن مشُرَّف التَّميمي (1079 هـ) هو سليمان بن علي بن محمد بن مشرَّف التميمي، جدُّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب، -رَحِمَهُمَا اللهُ-. ترجمه البسام في "علماء نجد" (2/ 366)، وابن حميد في "السحب" (ص 413). له: 1 - شرح الإقناع. 2 - كتاب في المناسك = مصباح السالك في أحكام المناسك. قال ابن حميد في "السحب" (ص 414): "وكان سديد الفتاوى والتحريرات، له فتاوى لو جُمعت لجاءت في مجلّد ضخم، ولكنها لا توجد مجموعة، وياليتها جُمعت، فإنها عظيمة النفع غزيرة الجمع". وقال عبد الوهاب بن محمد بن حميدان بن تركي: "وله فتاوى كثيرة جدًّا، تتبعها بعض تلامذته، وذكر أنها بلغت نحوًا من أربعمئة مسألة، بسط القول فيها" (¬1). 1 - شرح الإقناع أتلفه لما رأى "كشاف القناع" للبهوتي. وقد سبق ذكر قصته (¬2). 2 - مصباح السالك في أحكام المناسك ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 414) وقال: عليه اعتماد الحنابلة في ¬

_ (¬1) علماء نجد 2/ 372. (¬2) ص 512.

195 - البلباني (1083 هـ)

المناسك. ونحوه نقل البسام في "علماء نجد" (2/ 369، 370، 372) عن بعض المؤرخين. • مخطوطات الكتاب: - منه نسخة في الأزهرية رقم (63/ 10644) عدد أوراقها (136) ورقة، في حجم (15) سطرًا، بخط عادي مشكول، نسخ عثمان بن سليمان السويقي، الشافعي، سنة (1217 هـ). - ومنه نسخة في المحمودية رقم (1447) عدد أوراقها (38) ورقة، في حجم (21) سطرًا، بخط نسخ عادي، نسخ عثمان بن صالح بن محمد، سنة (1155 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة أم القرى على نفقة الشيخ محمد بن عبد اللطيف. * * * 195 - البَلْباني (1083 هـ) هو محمد بن بدر الدين عبد القادر بن محمد، أبو عبد الله، شمس الدين، البَعْلي، البَلْباني، ثم الدمشقي. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 902). له: 1 - أخصر المختصرات. 2 - كافي المبتدي. 3 - مختصر الإفادات. ووصف ابن حميد مصنفاته بأنها "لم تكن على قدره". 1 - أخصر المختصرات ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 905) وغيره.

• مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في جامعة أم القرى (213) مصورة عن نسخة محفوظة في مكتبة الدكتور محمد ببغداد برقم (54) عدد أوراقها (25) ورقة، في حجم (27) سطرًا، بخط نسخ حسن، نسخ عبد الرحمن بن عبد الله الحنبلي، سنة (1147 هـ). - ومنه نسختان في الظاهرية: الأولى: برقم (17338) عدد أوراقها (34) ورقة، بخط معتاد، نُسخت سنة (1108 هـ). الثانية: برقم (13971) عدد أوراقها (31) ورقة. - ومنه نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (204) عدد أوراقها (43) ورقة، في حجم (17) سطرًا، بخط نسخ حسن، نسخها المؤلف سنة (1054 هـ). • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة الترقي الماجدية بمكة المكرمة سنة (1332 هـ / 1914 م) في (40) صفحة. وطُبع بدمشق سنة (1339 هـ / 1921 م) وبهامشه تعليق للشيخ عبد القادر بن بدران. وطُبع في المطبعة السلفية بمصر سنة (1370 هـ / 1951 م) بعناية صاحبها الشيخ محب الدين الخطيب. وأثبت تعاليق الشيخ ابن بدران، إلا أنه حذف بعضًا منها، رآى أنه يحسن الإستغناء عنه للطلبة الناشئين. وطُبع مع حاشية ابن بدران (1346 هـ) عليه بتحقيق محمد ناصر العجمي، وصدر عن دار البشائر الإسلامية في بيروت سنة (1416 هـ/ 1996 م). وله طبعات أخرى مفردة، بالإضافة إلى طبعته مع شرحه "كشف المخدرات".

2 - كافي المبتدي

• وصف الكتاب: هو متن مختصر جدًّا، اختصر فيه المؤلف كتابه "الكافي" الآتي، في نحو نصفه، قال في مقدمته: "وبعد، فقد سَنَح بخَلَدي أن أختصر كتابي المسمى "بكافي المبتدي" ... ليقرب تناوله على المبتدئين، ويسهل حفظه على الراغبين، ويقلّ حجمه على الطالبين، وسميته "أخصر المختصرات" لأني لم أقف على أخصر منه، جامع لمسائله في فقهنا من المؤلفات" (¬1). • شروح الكتاب: 1 - "كشف المخدَّرات والرياض المزهرات" لعبد الرحمن بن عبد الله البعلي، الحلبي (ت 1192 هـ). ألّفه في الثامنة والعشرين من عمره. قال ابن بدران في "المدخل" (ص 447): وشرحه هذا محرر منقَّح كثير النفع للمبتدئين. 2 - شرح أحمد بن عبد الله بن عقيل (ت 1234 هـ). ذكره البسام في "علماء نجد" (1/ 487) نقلًا عن الشيخ عبد الله الدحيان، وقال: شرح جميل. 3 - "الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات" للشيخ عثمان بن عبد الله ابن جمعة بن جامع، النجدي (ت 1240 هـ). توجد منه نسخة خطية في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (39) عدد أوراقها (375) ورقة، بخط نسخ مقروء، نسخها المولف، سنة (1224 هـ). وهو الآن قيد التحقيق في رسالة جامعية بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. 2 - كافي المبتدي ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 905)، وغيره. وهو أصل "أخصر المختصرات". ¬

_ (¬1) كشف المخدرات 1/ 17، نشر دار النبلاء، 1416 هـ.

3 - مختصر الإفادات

• مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية (61 - فقه حنبلي). • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة السلفية بمصر دون تاريخ، في مجلد (156 صفحة). • شرحه: شرحه الشيخ أحمد بن عبد الله بن أحمد، البعلي (ت 1189 هـ) وهو أخو صاحب "كشف المخدرات". وهذا الشرح يسمى "الروض الندي شرح كافي المبتدي". طُبع في المطبعة السلفية بمصر دون تاريخ، في مجلد. 3 - مختصر الإفادات أي مختصر "الإفادات في أحكام العبادات" لإبن حمدان الحراني (ت 695 هـ). ذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 447 - 448) وسماه ابن حميد في "السحب" (ص 905): "ربع العبادات". • مخطوطاته: توجد منه نسخة في الظاهرية بعنوان "مختصر في ربع العبادات مع الآداب وزيادات"، محفوظة برقم (6908) عدد أوراقها (162) ورقة، بخط نسخ، نسخها أحمد الحنبلي، سنة (1195 هـ). • وصف الكتاب: قال ابن بدران: "صَدَّره أولًا بربع العبادات، فجعل الكلام عليه وسطًا بين الإسهاب والإيجاز، مستمدًا من "الإقناع"، ثم ذكر أحكام البيع والربا، ثم أتبعه بقوله: كتاب الآداب، وفصّله فصولًا، ثم أتبعه بفضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفضل ذكر الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإخلاص، ثم أتبع ذلك بعقيدته التي اختصر بها "نهاية المبتدئين" لإبن حمدان، ثم ختم

196 - محمد الخلوتي (1088 هـ)

الكتاب بوصية نافعة. وبالجملة: هذا الكتاب كافٍ ووافٍ للمتعبدين" (¬1). * * * 196 - محمد الخَلْوتي (1088 هـ) هو محمد بن أحمد بن علي الخَلْوَتي، البُهُوتي، ابن أخت العلامة الشيخ منصور. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 869). له: 1 - حاشية على المنتهى. 2 - حاشية على الإقناع. 3 - بغية الناسك في أحكام المناسك. 1 - حاشية على المنتهى ذكرها المحبي في "الخلاصة" (3/ 390) وابن حميد في "السحب" (ص 869) والغزي في "النعت" (ص 239) والزركلي في "الأعلام" (6/ 12). وقالوا: جُردت بعد موته من نسخته فبلغت أربعين كراسًا. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (6281) عدد أوراقها (307) ورقة، بخط معتاد، نسخ مصطفى بن عمر، سنة (1118 هـ). - ومنه نسخة في المكتبة الأزهرية رقم (47645). 2 - حاشية على الإقناع ذكرته المصادر السابقة. وقالوا: جُردت بعد موته من هوامش نسخته فبلغت اثني عشر كراسًا. ¬

_ (¬1) المدخل ص: 447 - 448.

3 - بغية الناسك فى أحكام المناسك

• مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في الظاهرية رقم (11041) عدد أوراقها (86) ورقة، بخط نسخ، نسخ محمد محمد، الحنبلي، سنة (1118 هـ). 3 - بغية الناسك فى أحكام المناسك ويقال: غنية الناسك. توجد منه نسخة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة رقم (264) عدد أوراقها (17) ورقة، في حجم (23) سطرًا، بخط تعليق. وذكر الدوسري في هامش "الدر المنضد" (ص 59) أن له نسخة أخرى بدار الكتب المصرية. * * * 197 - ابن العِمَاد (1089 هـ) هو عبد الحي بن أحمد بن محمد، أبو الفَلاَح، العُكْري، الدمشقي، الشهير بـ"ابن العِماد" وهو صاحب "شذرات الذهب". ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 460). له: شرح الغاية - بغية أولي النّهى شرح غاية المنتهى وصاحب "الغاية" هو الشيخ مرعي بن يوسف الكَرْمي. ذكره المحبي في "الخلاصة" (2/ 340) ولكن جعله شرحًا على "المنتهى". وتبعه في ذلك ابن حميد في "السحب" (ص 461) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 570) و"الهدية" (1/ 508) والزركلي في "الأعلام" (3/ 290). وذكره الشطي في "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 124) ونقل قول المحبي: "حرره تحريرًا أنيقًا" ثم قال: وصل فيه إلى باب الوكالة فقط، فياللأسف. وقال ابن بدران في "المدخل" (ص 445): "شرحه شرحًا لطيفًا، دل على فقهه، وجودة قلمه، ولكنه لم يتمه، ثم ذيّل على شرحه هذا العلّامة الجراعي، فوصل فيه إلى باب الوكالة".

198 - العوفي (1094 هـ)

• مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب الظاهرية، بيانها كالتالي: المجلد الأول: رقم (8704) عدد أوراقه (437) ورقة. المجلد الثاني: رقم (8703) عدد أوراقه (470) ورقة. * * * 198 - العَوْفي (1094 هـ) هو إبراهيم بن أبي بكر بن إسماعيل، بُرهان الدين، العَوْفي الذِّنَابي (¬1). ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 17). له: 1 - بغية المتتبع من الروض المربع. 2 - شرح منتهى الإرادات. 3 - كتاب في المناسك. 4 - كتاب في الفرائض. 1 - بغية المتتبع من الروض المربع ذكره ابن حميد في "الدر المنضد" (ص 59) باسم "بغية المتتبع في حل ألفاظ الروض المربع" وقال: جِلدٌ واحد. وذكر الدكتور العثيمين في هامش "السحب الوابلة" (ص 18) أنه وقع في هامش بعض مخطوطات "السحب": "قلت: وله بغية المتتبع من الروض المربع ... ". • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في المكتبة البلدية بالإسكندرية رقم (3340) وأخرى بدار الكتب المصرية رقم (1 - فقه حنبلي). ¬

_ (¬1) وقع في الأعلام 1/ 27، ومعجم المؤلفين 1/ 16: الدِّنابي، بالدال المهملة.

2 - شرح المنتهى

2 - شرح المنتهى ذكره المحبي في "الخلاصة" (1/ 9) وقال: في مجلدات. وكذا الغزي في "النعت" (ص 252) وابن حميد في "السحب" (ص 18) والشطي في "المختصر" (ص 126) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 571). 3 - كتاب في المناسك ذكره المحبي في "الخلاصة" (1/ 9) وقال: وشَرَحه في مجلدين. 4 - كتاب في الفرائض منه نسخة في المكتبة الأزهرية برقم (562 بخيت 44622). وذكر المحبي أن له رسائل كثيرة في الفرائض والحساب. ويوجد في فهرس مخطوطات الأزهرية (ج 2 ص 715) كتاب بعنوان "مجمع الطرقات في بيان قسمة التركات" تأليف إبراهيم بن أبي بكر التُّوني الصالحي، كتبه بخطه سنة (1092 هـ)، كذا ذكره الزركلي (1/ 34) وكحالة في "المعجم" (1/ 16 و 17). فلعله هو نفس المترجَم، تحرَّفت فيه كلمة "العوفى" إلى "التوني". والله أعلم. * * * 199 - ابن قائِد (1097 هـ) هو عثمان بن أحمد بن سعيد بن عثمان بن قائد النجدي، ثم الدمشقي ثم القاهري، توفي فيها. ترجمه البسام في "علماء نجد" (5/ 129). له: 1 - هداية الراغب شرح عمدة الطالب. 2 - حاشية على منتهى الإرادات. 3 - شرح أرجوزة التستري في الفرائض. 4 - الإسعاف في إجارة الأوقاف.

1 - هداية الراغب شرح عمدة الطالب

5 - رسألة في الرضاع = قطع النزاع في أحكام الرضاع. 1 - هداية الراغب شرح عمدة الطالب ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 699) وقال: حرّره تحريرًا نفيسًا، فصار من أنفس كتب المذهب. وذكره ابن بدران في "المدخل" (ص 446) وقال: شرح لطيف مفيد مسبوك سبكًا حسنًا. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه ثلاث نسخ بالأزهرية: الأولى: رقم (13/ 24238) عدد أوراقها (281) ورقة، في حجم (23) سطرًا، بخط معتاد، نسخ سالم الحجاوي، الحنبلي، سنة (1133 هـ) • وتوجد بهامشها بعض الحواشي. الثانية: رقم (58/ 10639) عدد أوراقها (198) ورقة، في حجم (21) سطرًا، بخط نسخ معتاد. وهي نسخة ناقصة من آخرها، آخرُها: ذات عرق سُمي به لأن فيه عرقًا وهو الجبل الصغير. الثالثة: رقم (54/ 10607) عدد أوراقها (276) ورقة، في حجم (25) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نُسخت في حياة المؤلف (سنة 1096 هـ). - وتوجد منه نسخة بمكتبة الحرم المكي الشريف رقم (26) عدد أوراقها (186) ورقة، في حجم (25) سطرًا، بخط معتاد، نسخ أحمد بن عوض بن محمد، المرداوي، المقدسي، الحنبلي، سنة (1255 هـ). - ومنه نسخة في المكتبة القادرية ببغداد رقم (2778 - أوقاف بغداد) عدد أوراقها (242) ورقة، في حجم (23) سطرًا، بخط عادي، نسخ سالم الأزهر علي صالح، سنة (1262 هـ). - ومنه نسخة أخرى في المكتبة نفسها برقم (13559)، عدد أوراقها (255) ورقة. - ومنه نسخة في مكتبة المسجد النبوي الشريف برقم (1412) تقع في (279) ورقة.

2 - حاشية على منتهى الإرادات

• طباعة الكتاب: طبعه معالي الشيخ محمد سرور الصبان، الأمين العام الأسبق لرابطة العالم الإسلامي، -رَحِمَهُ اللهُ-. وطُبع في مطبعة المدني بمصر بتحقيق الشيخ حسين بن محمد مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق، -رَحِمَهُ اللهُ-، وقد أثنى على المؤلف بقوله: "أما الشارح -رَحِمَهُ اللهُ-، فيظهر من شرحه أنه فقيه متبحر، وعالم ضليع في مذهب الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -، حسن التأليف، جيّد السبك والتصنيف" (¬1). وقال البسام: "وقد مَنَّ الله علي، فقمت بدمج أصله بشرحه، ودعمته بالأدلة النقلية، وحذفت ما لا تدعو إليه الحاجة من المسائل، وأضفت إليه زيادات هامة فيما علّقت عليه بحاشية لما استجدّ من المسائل، وتحقيق المسائل الخلافية، فجاء -ولله الحمد - قرة عين للمستفيدين، أسأل الله تعالى عملًا خالصًا لوجهه، وقد سميته: "نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب"، أما التعليقات والحاشية فسميتها "الإختيارات الجلية في المسائل الخلافية". وقد جاء مطبوعًا في أربعة أجزاء بمجلدين" (¬2). بالإضافة إلى ذلك توجد حاشية على "هداية الراغب" لتلميذ المؤلف: أحمد بن محمد بن عوض، المرداوي، تسمى "فتح مولي المواهب على هداية الراغب" في عدة مجلدات، منها نسخة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رقم (2237). 2 - حاشية على منتهى الإرادات ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 698) وقال: نفيسة مفيدة جرّدها من هوامش نسخته تلميذه ابن عوض النابلسي، فجاءت في مجلد ضخم. وقال ابن بدران في "المدخل" (ص 443): وهي حاشية نافعة تميل إلى التحقيق والتدقيق. ¬

_ (¬1) علماء نجد 5/ 130. (¬2) علماء نجد 5/ 132 - 133.

وقال البسام في "علماء نجد" (5/ 133): حقّق فيها ودقق، وفصّل فيها وقسّم في مواضع كثيرة، وحلّ فيها كثيرًا من غوامض متن "المنتهى"، فجاءت نفيسة جدا. • مخطوطات الكتاب: 1 - توجد منها نسخة في جامعة برنستون (مجموعة يهودا) رقم (2993) عدد أوراقها (285) ورقة، في (25) سطرًا، بخط معتاد، نسخ حسين بن محمد بن سليمان، النابلسي، الحنبلي سنة (1235 هـ) ولدي صورة منها. 2 - ومنها نسخة في المكتبة الأزهرية رقم (254) عدد أوراقها (247) ورقة، في (27) سطرًا، بخط نسخ واضح، نسخ محمد بن عبد الرحمن السفاريني، الحنبلي، سنة (1231 هـ). 3 - ونسخة أخرى بالأزهرية أيضًا رقم (253) عدد أوراقها (360) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ معتاد، ومنها صورة في جامعة أم القرى برقم (47644)، ولدي أيضًا صورة منها. 4 - ومنها نسخة بدار الكتب المصرية رقم (33) عدد أوراقها (450) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نسخ أحمد بن عوض بن محمد المقدسي، الحنبلي، سنة (1101 هـ) ومنها صورة في جامعة أم القرى، ولدي أيضًا صورة منها. 5 - ومنها نسخة في مكتبة جامع عنيزة الوطنية. 6 - وذكر البسام في هامش "علماء نجد" (5/ 133) أنه اطلع على نسخة منها مكتوبة بخط جميل جدا، نسخها الشيخ عبد الله الفائز أبا الخيل. • طباعة الكتاب: يسَّر اللهُ لي -بمنه وكرمه- تحقيقه مع "المنتهى" وصدر في خمسة مجلدات عن مؤسسة الرسالة في بيروت سنة (1419 هـ/ 1999 م). وحُقق أيضًا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقُدِّم لنيل درجة الماجستير مشاركةً بين علي بن يوسف الزهراني، وخالد بن عبد الله

3 - شرح أرجوزة التستري في الفرائض

الشمراني وليلى بنت ناصر المقبل سنة (1418 هـ). 3 - شرح أرجوزة التَّسْتَري في الفرائض أي الأرجوزة اللامية التي نظمها نصر الله التُّسْتري (ت 812 هـ). توجد منه نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (197) عدد أوراقها (48) ورقة، في (19) سطرًا، بخط نسخ حسن، نسخها صالح بن دخيل آل جار الله آل سابق، سنة (1339 هـ) عن نسخة كتبها سالم الحجاوي الحنبلي سنة (1133 هـ) وجرت مقابلتها على نسخة شيخه الشيخ أحمد المرداوي، وهو عن شيخه المصنف: عثمان النجدي (¬1). 4 - الإسعاف في إجارة الأوقاف ذكره البسام في "علماء نجد" (5/ 134) وقال: رسالة صغيرة (مخطوطة). 5 - رسالة في الرضاع = قطع النزاع في أحكام الرضاع ذكرها ابن حميد في "السحب" (ص 699) والبسام في "علماء نجد" (5/ 134). * * * 200 - صالح البُهُوتي (1121 هـ) هو صالح بن حسن بن أحمد بن علي، البُهُوتي، الأزهري، الفقيه الفرضي. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 425). له: 1 - نظم الكافي. 2 - وسيلة الراغب لعمدة الطالب. 3 - عمدة كلّ فارض. 4 - مسلك الراغب شرح دليل الطالب. ¬

_ (¬1) نوادر المخطوطات للعجمي ص 43.

1 - نظم الكافي

1 - نظم الكافي ذكره ابن حميد الحفيد في "الدر المنضد" (ص 60) وقال: ثلاثة آلاف بيت. ويحتمل أن يكون وَهِم في ذلك، فإن جدَّه ذكر في "السحب" أنه نظم "عمدة الطالب" في هذا العدد من الأبيات، وذكر له -نقلًا عن الجبرتي- "نظم الكافي "، ولعله يعني بذلك: "التلخيص" الشافي لمتن الكافي في العروض والقوافي "، وهي منظومة لخص فيها "الكافي" للخطيب التبريزي (ت 505 هـ). ومنها نسخة بالظاهرية (6028). 2 - وسيلة الراغب لعمدة الطالب وهو نظم لـ"عمدة الطالب" للبهوتي. ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 426) وقال: وهو نظم مطول نحو ثلاثة آلاف بيت، إلا أنه ركيك، فلم يكن نظمه على قدر علمه. وذكره ابن حميد الحفيد في "الدر المنضد" (ص 60) والبغدادي في "الهدية" (1/ 424) وابن بدران في "المدخل" (ص 447). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (37 - فقه حنبلي) عدد أوراقها (151) ورقة، في (13) سطرًا، بخط نسخ واضح، وهو خط المؤلف، نسخه سنة (1113 هـ). 3 - عمدة كل فارض أشار إليها ابن حميد في "السحب" (ص 426) قال: ونظم فيها -أي الفرائض- ألفيته المشهورة الجامعة لمذاهب الأئمة الأربعة، التي شرحها العلّامة فرضي زمانه: الشيخ إبراهيم بن عبد الله الوائلي، الماضي (¬1)، بـ"العذب الفائض" في مجلد حافل، وهو مشهور. اهـ. وذكرها الجبرتي في "عجائب الآثار" (1/ 69) والبغدادي في "الإيضاح" ¬

_ (¬1) إشارة إلى سَبْق ترجمته في الجزء الأول من كتابه "السحب" (ص 40) وذكر في ترجمته كتابه: "العذب الفائض" وأثنى عليه ثناءً جميلًا. وهو مطبوع في مجلد ضخم.

4 - مسلك الراغب شرح دليل الطالب

(2/ 123) و"الهدية" (1/ 424). • مخطوطات الكتاب: ذكر الدكتور عبد الرحمن العثيمين في حاشية "السحب الوابلة" (1/ 41) أنه رأى من الألفية عدة نسخ، ولم يذكر مكانها. • طباعة الكتاب: طُبع في مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة (1372 هـ / 1953 م) مع شرحه المسمى "العذب الفائض" للشيخ إبراهيم بن عبد الله الشَّمَّري (ت 1189 هـ). 4 - مسلك الراغب شرح دليل الطالب منه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (62 - فقه حنبلي) كُتبت سنة (1243 هـ). * * * 201 - أحمد المَنْقُور (1125 هـ) هو أحمد بن محمد بن أحمد المَنْقُور، التَّميمي، النَّجْدي. ترجمه البَسّام في "علماء نجد" (1/ 517). له: 1 - المجموع الفقهي. 2 - كتاب في المناسك. 3 - الحاوي. 1 - المجموع الفقهي وهو المسمى باسمه، فيقال له: "مجموع المنقور". طُبع في المكتب الإسلامي بدمشق سنة (1380 هـ/ 1960 م): جزءان في مجلد واحد، بعنوان "الفواكه العديدة في المسائل المفيدة". وقدم له الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع.

2 - كتاب في المناسك

وهو عبارة عن مسائل ومنثورات فقهية، جمعها المؤلف من تقريرات شيخه عبد الله بن ذهلان، ورتبها على الأبواب، ووثقها بنقول مختلفة متعددة، من كتب ومصنفات المذاهب الأربعة، إلا أنه أكثر من ذكر مصادر الفقه الحنبلي. قال في مقدمته: "وبعد، فهذه مسائل مفيدة، وقواعد عديدة، وأقوال جمّة، وأحكام مهمة، لخصتها من كلام العلماء، ومن كتب السادات القدماء، وأجوبة الجهابذة الفقهاء، غالبًا بعد الإشارة من شيخنا وقدوتنا الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان ... إلخ". وهو كتاب مشهور مفيد جدا، أثنى عليه ابن حميد في "السحب" (1/ 253) فقال: " ... صنف تصانيف حسنة، منها -بل أعظمها- مجموعه الفقهي المشهور بلقبه، الجامع لغرائب الفوائد والنقولات الجليلة (¬1) من الكتب الغريبة". اهـ. وقال البسام: "والمطلع على هذا المجموع يأخذه العجب من كثرة ما اطلع عليه المترجَم من الكتب والمجاميع والرسائل والمسائل". وقد اختصر هذا "المجموع" الشيخ محمد بن علي بن سلوم التميمي (ت 1246 هـ) كما في "السحب" (ص 1010) و"علماء نجد" (6/ 295). 2 - كتاب في المناسك ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 253) والغزي في "النعت" (ص 267) وقال: جمع فيه ثلاثة مناسك. وطُبع له "جامع المناسك الثلاثة الحنبلية" في المكتب الإسلامي في دمشق سنة (1379 هـ / 1959 م). وذكر الشيخ ابن مانع في تقدمته للكتاب أنه هو نفس كتاب "المناسك" الذي ذكره له مترجموه. وجاء في خاتمة الكتاب قول المصنف: "هذا آخر ما أردناه وحاصل ما ¬

_ (¬1) ذكر له الشيخ بكر أبو زيد في "المدخل" (ص 922) كتابا آخر باسم "الجامع لغرائب الفوائد ... ". وهو وصف لنفس كتاب "المجموع الفقهي".

3 - الحاوي

اختصرناه، وهو حاصل المناسك الثلاثة: منسك للشيخ منصور البهوتي، وابن أخته الشيخ محمد الخلوتي، والشيخ محمد بن بَلْبَان الخزرجي، -رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى-، وفيه من غيرهن زيادات ذكرناهن للخروج من تبعتهن". 3 - الحاوي ذكره ابن حميد الحفيد في "الدر المنضد" (ص 61). ولعله اسم لكتابٍ جمعت فيه فتاويه وأجوبته الفقهية. فقد قال ابن حميد الجدّ في "السحب": له جوابات عن مسائل فقهية مسددة. * * * 202 - التَّغْلبِي (1135 هـ) هو عبد القادر بن عمر بن عبد القادر بن أبي تغلِب بن سالم، أبو التُّقى، التغلِبي، الشيباني. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 563). له (¬1): نيل المآرب بشرح دليل الطالب ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 565). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسختان في الظاهرية: الأولى: رقم (17336) عدد أوراقها (244) ورقة، بخط نسخ. والثانية: رقم (2764) عدد أوراقها (290) ورقة، في (21) سطرًا، بخط نسخ حديث، نسخ إبراهيم الناقري، سنة (1340 هـ). ¬

_ (¬1) تفرد ابن حميد في كتابه "الدر المنضد" (ص 61) بنسبة "شرح زوائد الغاية" إليه. والمعروف أن الذي جرد زوائد "الغاية" من أصلها، ثم قام بشرحها هو الشيخ حسن الشطي (ت 1274 هـ) في كتابه المسمى "منحة مولي الفتح في تجريد زوائد الغاية والشرح". والله أعلم.

- ومنه نسخة في المجلس الوطني للثقافة والفنون بالكويت، مصورتها في الجامعة الإسلامية رقم (7497) عدد أوراقها (286) ورقة، في مسطرة مختلفة (22 - 24 سطرًا"، نسخ حمد بن عبد الله، النجدي، سنة (1281 هـ). - وتوجد منه نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (7413) تقع في (161) ورقة. • طباعة الكتاب: - طُبع في المطبعة الأميرية ببولاق بمصر سنة (1288 هـ / 1865 م). - وطُبع بالمطبعة الخيرية في مصر سنة (1324 هـ / 1906 م) وبهامشه "الروض المربع". - وطُبع في مطبعة محمد علي صبيح بالقاهرة سنة (1374 هـ / 1955 م). ثم نشرته مكتبة الفلاح بالكويت سنة (1398 هـ / 1978 م) بتصحيح وإشراف الشيخ رشدي السيد سليمان. - وطُبع في الكويت، نشرته مكتبة الفلاح سنة (1403 هـ / 1983 م) بتحقيق الدكتور محمد سليمان الأشقر في مجلدين. وهي أحسن طبعاته، فقد حققه على ست نسخ خطية أخرى غير التي ذكرناها، بالإضافة إلى الإعتناء بطبعاته السابقة. • وصف الكتاب: هو أحد شروح "دليل الطالب" لمرعي الكرمي، وهو في غالبه مستخلص من "المنتهى" وشرحه: "دقائق أولي النُّهى" للشيخ منصور، غير أنه ينقل قليلًا عن "الفروع" و"الإنصاف" و"المغني" و"المحرر"، و"كشاف القناع"، وغيرها. وقد انتقده ابن بدران في "المدخل" (ص 445) فقال: "غير محرَّر، وليس بوافٍ بمقصود المتن". وقال ابن مانع في مقدمته لكتاب "منار السبيل" (ص: ط): "يعوزه التحقيق، وعلى هذا الشرح حاشية للشيخ عبد الغني اللّبدي، وهي حاشية

203 - السفاريني (1188 هـ)

مفيدة جدًّا تحرَّرَ بها شرح التغلبي". وقد تلافى الدكتور الأشقر النقص الموجود في الكتاب بما بذله من جهد ظاهر في تحقيقه، وتحرير كثير من مسائله، جزاه الله خيرًا. • تحشية الكتاب: وُضعت عليه حاشية للشيخ عبد الغني بن ياسين اللَّبَدي النَّابُلُسي (ت 1319 هـ). وتسمى "تيسير المطالب إلى فهم وتحقيق نيل المآرب"، وهي حاشية مفيدة جدًّا -كما وصف ابن مانع آنفًا- وستأتي في الصفحة (564). * * * 203 - السَّفّاريني (1188 هـ) هو محمد بن أحمد بن سالم بن سُليمان، أبو العَوْن، شَمس الدين، النابُلسي، السَّفّاريني. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 839). له: 1 - شرح عمدة الأحكام = كشف اللثام. 2 - شرح دليل الطالب. 3 - غذاء الألباب شرح منظومة الآداب. 4 - تحفة النُّساك في فضل السواك. 5 - التحقيق في بطلان التلفيق. 6 - الأجوبة النُّجدية عن الأسئلة النَّجدية. 7 - الأجوبة الوهبية عن الأسئلة الزُّعْبية. 8 - الذخائر شرح منظومة الكبائر الواقعة في "الإقناع". 1 - شرح عمدة الأحكام = كشف اللثام ومؤلف "العمدة" هو الحافظ عبد الغني المقدسي (ت 600 هـ).

2 - شرح دليل الطالب

ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 841) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 42) وقال: جلدان. وذكره صاحب "النعت الأكمل" (ص 302) وصاحب "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 141). توجد منه نسخة في الظاهرية. 2 - شرح دليل الطالب ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 842) وقال: وصل فيه إلى الحدود. وكذا ذكره حفيده في "الدر المنضد" (ص 62) والغزي في "النعت" (ص 303) والشطي في "المختصر" (ص 142) والبغدادي في "الهدية" (2/ 340). وقال ابن بدران في "المدخل" (ص 445): لم نره ولم نجد من أخبرنا أنه رآه. اهـ. وهذا منه -رَحِمَهُ اللهُ- يدل على غاية التقصي والبحث. 3 - غذاء الألباب شرح منظومة الآداب أي: منظومة الآداب، لمحمد بن عبد القوي، المقدسي (ت 699 هـ) (¬1). ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 842) وقال: مجلدان، أودع فيه من غرائب الفوائد ما لا يوجد في كتاب. وذكره الغزي في "النعت" (ص 302) والشطي في "المختصر" (ص 141) والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 142). • طباعة الكتاب: - طُبع في مطبعة النجاح بالقاهرة سنة (1324 هـ / 1906 م). ونشرته مكتبة الرياض الحديثة. - وطُبع في دار الإتحاد العربي للطباعة بالقاهرة سنة (1391 هـ/ 1971 م) في مجلدين ضخمين. - وطُبع في مطبعة الحكومة بمكة المكرمة سنة (1393 هـ / 1973 م) بتدقيق وتصحيح الشيخ محمد علي الصابوني. ¬

_ (¬1) تقدمت في الصفحة 310.

4 - تحفة النساك في فضل السواك

4 - تحفة النُساك في فضل السواك ذُكر في "السحب" (ص 842) و"النعت" (303) و"المختصر" (ص 141). 5 - التحقيق في بطلان التلفيق ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 842) والغزي في "النعت" (ص 303) والشطي في "المختصر" (ص 141) والبغدادي في "الهدية" (2/ 340). وتوجد منه نسخة في مكتبة شستربتي رقم (4907). • موضوع الكتاب وما قيل عنه: هو رسالة في "التلفيق" في تقليد أئمة المذاهب، وهذه الرسالة رد بها المؤلف على رسالة أخرى ألفها الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي في الموضوع، وذهب إلى القول بجواز التلفيق. قال الشطي -رَحِمَهُ اللهُ- في "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 141): "هذه الرسالة رد بها صاحب الترجمة على العلامة الشيخ مرعي، الذي أفتى بجواز التلفيق، ثم إنَّ العلامة الجدّ الشيخ حسن الشطي تعقّب الشيخ المترجَم في هذه المسألة وناقشه فيها، فأورد الرسالتين والمناقشة في باب الإمامة من كتابه "تجريد زوائد الغاية والشرح". وأيّد ما ذهب إليه الشيخ مرعي وكثير من العلماء من جواز التلفيق بشرطه، وهو: أن لا يقصد تتبع الرخص. وقد جردتُ هذا البحث برمّته من كتاب الجدّ -رَحِمَهُ اللهُ- وطبعته في رسالة مستقلة سنة (1328 هـ). اهـ. أقول: جمع الشيخ سعيد الباني رسالة حافلة في هذا الموضوع سماها "عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق"، وهي مطبوعة، ونقل فيها عن الشيخين: مرعي الكَرْمي، والسَّفّاريني. كما يوجد في "مجموع المنقور" (2/ 118 - 147) نُقُولٌ حافلة عن علماء الأصول من مختلف المذاهب في هذا الموضوع المهم.

6 - الأجوبة النجدية عن الأسئلة النجدية

6 - الأجوبة النّجدية عن الأسئلة النّجدية ذكره الغزي في "النعت" (ص 303) والشطي في "المختصر" (ص 141) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 29) و"الهدية" (2/ 240). 7 - الأجوبة الوهبية عن الأسئلة الزُّغبِيَّة ذكره الغزي في "النعت" (ص 303) والشطي في "المختصر" (ص 141) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 29) و"الهدية" (2/ 240). 8 - الذخانر لشرح منظومة الكبائر الواقعة في "الإقناع" ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 842) وسماه: "دراري الذخائر شرح منظومة الكبائر". وذكره صاحب "النعت" (ص 302) والشطي في "المختصر" (ص 141). وتوجد منه نسخة في مكتبة الموسوعة الكويتية برقم (330) بعنوان "غرر الذخائر. .". عدد أوراقها (81) ورقة، في (25) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نسخها عبد الله بن محمد أمين الداغستاني، سنة (1226 هـ). و"منظومة الكبائر" المشروحة في هذا الكتاب هي قصيدة نظم فيها الحَجَّاوي -رَحِمَهُ اللهُ- جملة الكبائر التي أوردها في كتابه "الإقناع" في باب الردة. * * * 204 - الشِّهاب الحَلَبي (1189 هـ) هو أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد، أبو العباس، شهاب الدين، الحلبي، البَعْلي، الدمشقي. ترجمه ابن حميد في "السحب" (ص 173). له: 1 - الروض النَّدي شرح كافي المبتدي. 2 - الذُّخر الحرير بشرح مختصر التحرير. 3 - منية الرائض لشرح عمدة كل فارض.

1 - الروض الندي شرح كافي المبتدي

1 - الروض النّديّ شرح كافي المبتدي أي "كافي المبتدي" للبَلْبَاني. ذكره المرادي في "سلك الدرر" (1/ 132) وابن حميد في "السحب" (ص 174) والغزي في "النعت" (ص 310) والشطي في "المختصر" (ص 145) والبغدادي في "الإيضاح" (1/ 590) وابن بدران في "المدخل" (ص 447) وقال: شرح لطيف محرر. • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة السلفية في مصر في مجلد، دون تاريخ، على نفقة حاكم قطر، آنذاك، الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني. 2 - الذُّخر الحرير في شرح مختصر التحرير و"التحرير" للمَرْداوي (ت 885 هـ)، ومختصره لإبن النَّجار الفُتوحي (ت 972 هـ). ذكرته المصادر السابقة. وذكره البغدادي في "الهدية" (1/ 179). ومنه نسخة خطية في المكتبة السعودية بالرياض رقم (341/ 86) بها نقص في مواضع. 3 - منية الرائض لشرح عمدة كل فارض و"عمدة كل فارض" ألفية نظمها الشيخ صالح البُهُوتي (ت 1121 هـ). ذكرته المصادر السابقة، والبغدادي في "الإيضاح" (2/ 595) و"الهدية" (1/ 179). وأفاد الزركلي في "الأعلام" (1/ 162) أن له نسخة في خزانة الجاويش ببيروت. * * * 205 - إبراهيم الشَّمَّري (1189 هـ) هو إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن سيف، الشمَّري، المَجْمَعي النجدي.

العذب الفائض شرح ألفية الفرائض

ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (1/ 40)، والبسام في "علماء نجد" (1/ 372). له: العَذب الفائض شرح ألفية الفرائض ذكره ابن حميد في "السحب" (1/ 43) وكحالة في "معجم المؤلفين" (1/ 50). • مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة في مكتبة الحرم المكي برقم (2251/ عام). ونسخة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. • طباعة الكتاب: طُبع بمطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة (1372 هـ / 1953 م). * * * 206 - عبد الرحمن البَعْلي (1192 هـ) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن محمد، الحلبي، البعلي: أخو الشهاب الحلبي السابق. ترجمه ابن حميد في "السحب" (ص 497). له: 1 - كشف المخدَّرات في شرح أخصر المختصرات. 2 - النور الوامض في علم الفرائض. 3 - بلوغ القاصد جلّ المقاصد. 4 - بداية العابد وكفاية الزاهد. 1 - كشف المخدّرات في شرح أخصر المختصرات ذكره الشطي في "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 146) قائلًا: "اطلعت

على شرح لصاحب الترجمة على كتاب "أخصر المختصرات" للشمس محمد البَلْبَاني، في مجلد، تاريخ تأليفه سنة (1138 هـ) وعلى ظهر الشرح المذكور هذان البيتان منسوبان إلى المؤلف، وهما: عِدَّة كُتْب ذا الكتاب عشره ... مع ثمانٍ كلها مشتهره أبوابه سبع فصوله مائه ... وستة وهي به منتشره وذكره ابن بدران: في "المدخل" (ص 447) وقال: وشرحه هذا محرَّر منقَّح كثير النفع للمبتدئين. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسختان في الظاهرية: الأولى: رقم (13972) عدد أورا قها (218) ورقة، بخط نسخ، نُسخت سنة (1149 هـ). الثانية: رقم (17341) عدد أوراقها (180) ورقة، بخط معتاد، نُسخت بخط المؤلف سنة (1138 هـ). وتوجد منه نسخة هي مسوَّدة المصنف نفسه في المكتبة الصدّيقية بحلب، محررة سنة (1138 هـ)، حرّرها في المدرسة السميساطية بدمشق. ومنه نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية برقم (383)، نسخت سنة (1230 هـ). ومنه نسخة في مكتبة الحرم المكي برقم (2228/ عام). ومنه نسختان في المكتبة الأحمدية بحلب، كما ذكر الطباخ في "إعلام النبلاء" (7/ 98). • طباعة الكتاب: طُبع في المطبعة السلفية في مصر دون تاريخ. وعليه بعض التعليقات للشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني.

2 - النور الوامض في علم الفرائض

2 - النور الوامض في علم الفرائض ذكره الزركلي في "الأعلام" (3/ 314). 3 - بلوغ القاصد جُلّ المقاصد ذكره الطباخ في "إعلام النبلاء" (7/ 97). وهو شرح لـ"بداية العابد وكفاية الزاهد" كما هو مرقوم في عنوان مخطوطته. منه نسخة خطية في الظاهرية رقم (13973) عدد أوراقها (63) ورقة، بخط نسخ، نُسخت سنة (1171 هـ). 4 - بداية العابد وكفاية الزاهد ذكره الطباخ في "إعلام النبلاء" (7/ 97) والزركلي في "الأعلام" (3/ 314). وقد حققه محمد بن ناصر العجمي معتمدًا على نسخة خطية وحيدة تقع في (26) ورقة، نسخها عبد الرحمن آل جلاجل سنة (1341 هـ) عن نسخة المصنف المنسوخة سنة (1159 هـ)، وذكر أنه حصل عليها من إحدى المكتبات الخاصة في نجد. وصدر الكتاب عن دار البشائر الإسلامية في بيروت سنة (1417 هـ / 1997 م). * * * 207 - الدَّمَنْهوري (1192 هـ) هو أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام، الدَّمَنْهوري، شيخ الجامع الأزهر في وقته. ويلقب بـ"المذاهبي" لعلمه بالمذاهب الأربعة. ترجمه المرادي في "سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر" (1/ 117). له: الفتح الرباني بمفردات الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ذكره سليمان بن رصد الحنفي في "كنز الجوهر في تاريخ الأزهر" (ص 131) والزركلي في "الأعلام" (1/ 164).

208 - إسماعيل الجراعي (1202 هـ)

• مخطوطات الكتاب: توجد منه ثلاث نسخ في المكتبة الأزهرية: الأولى: رقم (656/ 4313) عدد أوراقها (22) ورقة، في مسطرة مختلفة، بخط نسخ معتاد، دون تاريخ. الثانية: رقم (329/ 10663) عدد أوراقها (20) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ معتاد، نسخ رضوان بن عبد العزيز البَهْنَسي، سنة (1189 هـ). الثالثة: رقم (661/ 53224) عدد أوراقها (22) ورقة، في (21) سطرًا، بخط نسخ معتاد. • طباعة الكتاب: حَقّقه على النسخ الثلاث المذكورة الدكتوران: عبد الله بن محمد الطيار، وعبد العزيز بن محمد الحجيلان، وصدر عن دار العاصمة في الرياض سنة (1415 هـ/ 1995 م) في مجلدين. وموضوع الكتاب: في مفردات الإمام أحمد الفقهية التي تفرد بها عن الإمام الشافعي، كما صرح بذلك في المقدمة (1/ 52). * * * 208 - إسماعيل الجُرَاعي (1202 هـ) هو إسماعيل بن عبد الكريم بن محيي الدين بن سليمان، الجُرَاعي ثم الدمشقي. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 285). له: 1 - شرح دليل الطالب. 2 - شرح غاية المنتهى.

1 - شرح دليل الطالب

1 - شرح دليل الطالب ذكره الغزي في "النعت" (ص 328) وقال: في مجلدين، قرَّظه له العلماء من أهل المذهب وغيره. وكذلك ذكره الشطي في "المختصر" (ص 148)، وابن بدران في "المدخل" (ص 445)، وكحالة في "المعجم" (1/ 369). 2 - شرح غاية المنتهى ذكرته المصادر السابقة وقالوا: لم يكمله. وذكره ابن حميد في "السحب" (285) قائلًا: ألّف شرحًا بديعًا على "غاية المنتهى" لكنه لم يتم. ينقل عنه كثيرًا الشيخ حسن بن عمر الشطي في كتابه "شرح زوائد الغاية". وهو عبارة عن تكميل لشرح ابن العماد على "الغاية". قال ابن بدران (ص 445): وصل فيه إلى باب الوكالة. ولعله هو المجلد الثاني من النسخة المحفوظة في الظاهرية برقم (8703) من المخطوطة التي سبق ذكرها لكتاب "بغية أولي النُّهى شرح غاية المنتهى" لإبن العماد. * * * 209 - ابن فَيْروز (1205 هـ) هو عبد الوهاب بن محمد بن عبد الله بن فَيْروز، التَّمِيمي، الأَحْسائي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (5/ 60). له: 1 - حاشية على الروض المربع. 2 - حاشية على شرح المنتهى للبهوتي. 3 - القول السديد في جواز التقليد. 1 - حاشية على (الروض المربع = شرح الزاد) ذكرها ابن حميد في "السحب" (ص 683) باسم "حاشية على شرح المقنع" ولا شك أنه سبق قلم منه؛ لأنه قال بعد ذلك: وصل فيها إلى

2 - حاشية على شرح المنتهى للبهوتي

الشركة، وهي مفيدة جدا. وهذا ما ينطبق على حاشيته على "شرح الزاد". وذكرها البسام في "علماء نجد" (5/ 61، 63) قال: "حاشية نفيسة. . وصل فيها إلى الشركة، وحين ألّفها كان ابن عشرين سنة، وقد رأيت منها عدة نسخ، وكنا نراجعها أثناء قراءتنا "شرح الزاد" على شيخنا عبد الرحمن السعدي، فنجد فيها فوائد قيمة". وتوجد منها نسخة في مكتبة جامع عنيزة الوطنية، بخط الشيخ علي المحمد. ومنها نسخة في مكتبة جامعة برنستون رقم (2817) عدد أوراقها (92) ورقة، في مسطرة مختلفة، بخط نسخ معتاد. وهي من المصادر الأساسية لحاشية العنقري على "شرح الزاد". 2 - حاشية على شرح المنتهى للبهوتي ذكرها ابن حميد في "السحب" (ص 682) وقال: "ملأ حواشيه بخطه الضعيف المنوِّر، فلم يدع فيه محلًا فارغًا. بحيث إني جردتها في مجلد، وضممت إليها ما تيسر من غيرها، وفيها فوائد بديعة، لا توجد في كتاب". وقال ابن مانع في مقدمة طبعة "المنتهى" (ص 4): حقق فيها ودقق. 3 - القول السديد في جواز التقليد ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 683) والبسام في "علماء نجد" (5/ 61) نقلًا عن والد المؤلف، وقال: هي من أحسن تآليفه. * * * 210 - الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1206 هـ) هو العلامة المجدد الداعية الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي، الوَهبي، التَّميمي، النَّجدي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (1/ 125). له: 1 - آداب المشي إلى الصلاة. 2 - كتاب الطهارة.

1 - آداب المشي إلى الصلاة

3 - أربع قواعد تدور عليها الأحكام. 4 - إبطال وقف الجَنَف والإثم. 5 - مختصر الإنصاف والشرح الكبير. 1 - آداب المشي إلى الصلاة وهي رسالة لطيفة في نحو (60) صفحة، طبعت في المطبعة السورتية في بومباي سنة (1336 هـ / 1918 م)، وفي مطبعة المنار بالقاهرة سنة (1340 هـ / 1922 م)، وفي المطبعة الماجدية بمكة المكرمة سنة (1367 هـ/ 1948 م)، وفي جامعة الإمام ضمن مؤلفات الشيخ سنة (1400 هـ/ 1980 م). ومنها نسخة خطية في المكتبة السعودية برقم (269/ 86). 2 - كتاب الطهارة منه نسخة خطية في المكتبة السعودية برقم (520/ 86)، وطُبع في جامعة الإمام ضمن مؤلفات الشيخ سنة (1400 هـ). 3 - أربع قواعد تدور الأحكام عليها منه نسخة خطية في مكتبة الشيخ عبد العزيز بن صالح بن مرشد، ونسخة في المكتبة السعودية برقم (86/ 89)، وطُبع في جامعة الإمام ضمن مؤلفات الشيخ (1400 هـ). 4 - إبطال وقف الجَنَف والإثم وهي فتوى لشيخ الإسلام في الوقف طبعت ملحقة مع "مذكرة في قضية المحرومين وإبطال شروط الواقفين" لأحمد محمد شاكر. دار المعارف، القاهرة (1372 هـ / 1953 م). 5 - مختصر الإنصاف والشرح الكبير اختصر فيه "الإنصاف" للمرداوي (ت 885 هـ) و"شرح المقنع" لعبد الرحمن ابن قدامة (ت 682 هـ)، وهو مختصر لطيف الحجم. طريقته فيه أنه يبتدئ كل باب من الأبواب بملخص من كتاب "الشرح الكبير" ثم يتبعه بملخص من كتاب "الإنصاف". - توجد منه نسخة خطية في مكتبة المسجد النبوي الشريف برقم (1410) عدد أوراقها (154) ورقة.

211 - الميقاتي (1223 هـ)

- وتوجد منه نسخة في المكتبة السعودية برقم (465/ 86) تقع في (312) صفحة، ونسخة أخرى برقم (89/ 86). طُبع الكتاب بالمطبعة السلفية بمصر عن نسخة خطية من مكتبة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللطيف، نسخت سنة (1224 هـ). وطُبع في جامعة الإمام ضمن مولفات الشيخ سنة (1405 هـ). * * * 211 - الميِقَاتي (1223 هـ) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد، الحلبي، الميقاتي. ترجمه الطباخ في "إعلام النبلاء" (7/ 178 - ط. حلب 1342 هـ). له: 1 - اللوامع الضيائية في الفرائض. 2 - تحفة المطالع. 1 - اللوا مع الضيائية في الفرائض وهي منظومة في الفرائض، نظم فيها المؤلف متن "السراجية" لسراج الدين أبي طاهر محمد بن محمد بن عبد الرشيد، السَّجاوَنْدي، الحنفي. منها نسخة في دار الكتب الظاهرية رقم (16747) عدد أوراقها (14) ورقة، بخط نسخ. وطبعت في المطبعة العلمية بحلب سنة (1342 هـ / 1924 م). 2 - تحفة المطالع ذكره الطباخ في "إعلام النبلاء" (7/ 178) والغزي في "النعت" (ص 346) والزركلي في "الأعلام" (4/ 97). وقالوا: شرح منظومة له في الفرائض، مخطوط. والغالب على الظن أنه شرح "اللوامع الضيائية". وذكر الشيخ راغب الطباخ في ترجمته أنه شرح "العقود البرهانية" -وهي منظومة في الفرائض على المذهب الشافعي- بكتاب سماه "الفرائد الجمانية"،

212 - عبد الله بن داود الزبيري (1225 هـ)

وأنه مخطوط في المكتبة المولوية بحلب. * * * 212 - عبد الله بن داود الزُّبَيْري (1225 هـ) ترجمه ابن حميد في "السحب" (ص 619). وذكر له (¬1): 1 - رسالة في الربا والصرف. 2 - مناسك الحج (جزء لطيف). وتوجد منه نسخة في جامعة الإمام بالرياض رقم (2220). * * * 213 - سليمان المُشَرَّفي (1233 هـ) هو سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، المُشَرَّفَي، التميمي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (2/ 341). له: 1 - حاشية على المقنع. 2 - تحفة الناسك بأحكام المناسك. 1 - حاشية على المقنع لإبن قدامة ذكرها (¬2) البسام في كتابه "علماء نجد" (2/ 345) وقال: "طُبعت عدة مرات مع "المقنع"، وطبعت لأول مرة مع "المقنع" في مطبعة المنار عام (1322 هـ)، فلم تنسب لأحد، لجهل الناشر بمؤلفها، فإن المترجَم لم يضع اسمه عليها، ثم أُعيد طبعها في مطبعة الفتح (¬3). يقول الناشر: الظاهر أنها للشيخ سليمان بن عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. ودفعًا دبقية هذا اللَّبس أُحرِّر هنا تأكيد نسبتها إلى الشيخ سليمان بلا شك من عدة وجوه". فذكر ثلاثة وجوه، ثم قال: ¬

_ (¬1) علماء نجد 4/ 115. (¬2) وذكرها الغزي في "النعت" (ص 349) وقال: في ثلاثة مجلدات ضخام. (¬3) هي المطبعة السلفية، لصاحبها محب الدين الخطيب -رَحِمَهُ اللهُ-.

2 - تحفة الناسك بأحكام المناسك

"ومما ينبغي معرفته أن الحاشية في طبعة المنار غير الحاشية في الطبعة السلفية، فبينهما اختلاف كثير من حيث الزيادة والنقص، فتجد في واحدة ما لم تجده في الأخرى ... على أن الذي ينبغي أن نقوله: إن هذه الحاشية من أنفس الحواشي، ولولاها لكانت الفائدة من "المقنع" قليلة، ولكنها كملته وأوضحته". 2 - تحفة الناسك بأحكام المناسك ذكرها البسام في "علماء نجد" (2/ 345) وقال: منسك لطيف مفيد. وطُبعت ضمن مجموعة "جامع المسالك في أحكام المناسك" على المذاهب الأربعة، كما طُبعت ضمن مجموع رسائله بتحقيق الدكتور الفاضل الوليد بن عبد الرحمن آل فريان، بدار عالم الفوائد في مكة المكرمة سنة (1420 هـ / 2000 م). * * * 214 - غَنَّام النَّجْدي (127 هـ) هو غَنَّام بن محمد بن غنّام، النَّجدي ثم الزُّبيري ثم الدمشقي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (5/ 350). له: 1 - حاشية على شرح المنتهى للشيخ منصور. 2 - المنتهى في الفقه والفرائض. 1 - حاشية على شرح المنتهى للبهوتي ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 812) وقال: "ملأ حواشيه. -أي شرح المنتهى- بالفوائد والأبحاث، حتى لم يترك فيه موضعًا خاليًا، فكانت هذه النسخة مشهورة بين الطلبة بدمشق يُحضرونها وقت مطالعتهم". وذكره البسام في "علماء نجد" (5/ 351، 353) والغزي في "النعت" (ص 350) والشطي في "المختصر" (ص 178). 2 - المنتهى في الفقه والفرائض والإطلاع على غوامضهما ذكره الدوسري في ذيل "الدر المنضد" (ص 101) وقال: ألفه بالإشتراك

215 - ابن جامع النجدي (1240 هـ)

مع الشيخ مصطفى السيوطي، الرحيباني. وهذا وهم، فقد قال الشطي في ترجمة الشيخ غنام: "وكان له وللشيخ مصطفى السيوطي -الآتية ترجمته- المنتهى في معرفة الفقه والفرائض، والإطلاع على غوامضهما" (¬1). وواضح أن هذا وصف للشيخين، وليس ذكرًا لكتاب بهذا الإسم، والله أعلم. * * * 215 - ابن جامع النَّجْدي (1240 هـ) هو عثمان بن عبد الله بن جُمعة بن جامع، الأنصاري، الخَزْرَجي، النَّجدي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (5/ 109). له: شرح أخصر المختصرات = الفوائد المنتخبات ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 702) وقال: شرح مبسوط، نحو ستين كراسًا، جمع فيه جمعًا غريبًا. وذكره البسام في "علماء نجد" (5/ 110) نقلًا عن الشيخ محمد بن فيروز، ووصفه بقوله: وجمع من الفوائد زيدة كتب المذهب. ثم قال البسام: "وشرحه لأخصر المختصرات كان في مكتبة الشيخ صالح العبد الله البسام، وبِيعَ مع كتبه بعد وفاته، ولا أعلم من آل إليه. ولعله كان في مدينة عنيزة؛ لأن الكتب المذكورة بيعت فيها حوالي عام (1355 هـ)، ولكن توجد نسخة أخرى منه في مكتبة الأوقاف بالكويت. واسم الشرح: "الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات". ¬

_ (¬1) مختصر طبقات الحنابلة ص 178.

216 - مصطفى الرحيباني (1240 هـ)

• مخطوطات الكتاب: توجد منه نسخة بالموسوعة الفقهية بالكويت رقم (39) عدد أوراقها (375) ورقة، في حجم (25) سطرًا، بخط المؤلف، فرغ منها سنة (1224 هـ). (وانظر: شروح أخصر المختصرات). * * * 216 - مُصْطَفى الرُّحَيْباني (1240 هـ) هو مُصطفى بن سَعد بن عَبْدُه، السُّيوطي، الرُّحُيْباني. ترجمه ابن حميد في "السحب الوابلة" (ص 1126). له: شرح الغاية = مطالب أولي النُّهى ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1127) وحفيده في "الدر المنضد" (ص 63) قال: أربع مجلدات. والغزي في "النعت" (ص 353) والشَّطِّي في "المختصر" (ص 179). • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في جامعة برنستون (مجموعة يهودا) رقم (2988) تحتوي على جزأين: الأول: في (380) ورقة، من حجم (25) سطرًا، بخط نسخ معتاد، وهو خط المؤلف، فرغ منه سنة (1210 هـ). الثالث: في (358) ورقة، من حجم (25) سطرًا، بخط المؤلف أيضًا دون ذكر تاريخ الفراغ منه. ومن هذه النسخة صورة في جامعة أم القرى (50، 52). - وذكر البسام في "علماء نجد" (3/ 271) أن له نسخة تقع في أربعة مجلدات، بخط سليمان بن عبد العزيز بن محمد البسام، وهي لإبن

الناسخ: محمد، وضعها عارية في مكتبة جامع عنيزة. - وذكر له الدكتور العثيمين في هامش (السحب) (ص 1127) نسخة أصلية في جمعية التراث بالكويت. • طباعة الكتاب: طُبع في الكتب الإسلامي بدمشق سنة (1381 هـ / 1962 م). وصدر في ستة مجلدات. • ما قيل عن هذا الكتاب: قال ابن حميد: "حقّق فيه ودقّق، وفتح به هذا الكتاب المغلق، ولم يتم شرح -أي للغاية- غير شرح هذا المترجَم، فكانت كرامة له، حيث إنه قد كَتبت عليه عدَّة من العلماء، فلم يُقدِّر الله تمام واحد منهم غيره، فعمّ نفعه، وعظم وقعه، وانتفع به وبمؤلفه أهل المذهب". وقال ابن بدران في "المدخل" (ص 446): "أتمه في خمس مجلدات، لكنه في شرحه هذا يأتي إلى المسألة من "المنتهى"، فينقل عبارة شرحها للشيخ منصور، وإلى المسألة من "الإقناع"، فينقل عبارة شرحه أيضًا، فكأنه جمع بين الشرحين من غير تصرف، فإذا وصل إلى اتجاه (¬1) لم يحققه، بل قصارى أمره أنه يقول: لم أجده لأحد من الأصحاب". ونظرًا لهذا النقص الموجود في الشرح المذكور، فقد انتدب الشيخ حسن ابن عمر الشَّطِّي (ت 1274 هـ) فقام بجرد ما زاد من "الغاية" و"شرحها" على ما في شرحي "الإقناع" و"المنتهى"، وبحث فيها، فأيد منها ما شهدت له النقول والروايات، وردّ منها ما لم يقم عليه دليل، وسمى كتابه هذا "منحة مولي الفتح في تجريد زوائد الغاية والشرح" (¬2). قال ابن بدران: "وذكر في غضون ذلك مباحث رائقة وفوائد لا يُستغنَى عنها، فجاء كتابه هذا فني أربعين ¬

_ (¬1) سبق في الكلام على "الغاية" أن فيها اتجاهات للشيخ مرعي. (¬2) مختصر طبقات الحنابلة ص 180.

217 - عبد الله ابن الشيخ محمد (1242 هـ)

كراسًا، بخطه الدقيق" (¬1). وقال ابن حميد في "السحب" (ص 361): "حقق ودقق، ووسّع العبارة، فجاء في مجلد حافل، وهو يدل على دقّة نظره، وسداد فهمه وفقهه". وقد طُبع هذا الكتاب -أعني المنحة- في هوامش "المطالب" كما كان يتمنى ابن بدران -رَحِمَهُ اللهُ-. * * * 217 - عبد الله ابن الشيخ محمد (1242 هـ) هو عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي، ويُكنى بأبي سليمان. ترجمه عبد الرحمن آل الشيخ في "مشاهير علماء نجده وغيرهم": (48)، والبسَّام في "علماء نجد" (1/ 169). له: 1 - منسك صغير في الحج، كما في "مشاهير علماء نجد": (55). وله الكثير من الفتاوى والرسائل المطبوعة ضمن "مجموعة الرسائل والمسائل النجدية" (1/ 48 - 317). * * * 218 - ابن مُعَمَّر (1244 هـ) هو عبد العزيز بن حَمد بن ناصر بن عثمان، آل مُعَمَّر، النَّجدي. ترجمه البسَّام في "علماء نجد" (3/ 336). له: المنتقى من عقد الفرائد وكنز الفوائد = فرائد القلائد. ذكره عبد الرحمن آل الشيخ في "مشاهير علماء نجد" (220) وذكر له ¬

_ (¬1) المدخل ص 446.

219 - ابن سلوم (1246 هـ)

نسخة خطية في المكتبة السعودية بالرياض وأشار إليه البسام في "علماء نجد" (3/ 337) قائلًا: فمن تآليفه اختصاره لنظم ابن عبد القوي (¬1) في الفقه، والزيادات النفيسة التي ضَمَّنها مختصره من المسائل المفيدة بأبيات عذبة رائعة، فجاء هذا المختصر مغنيًا عن أصله، حاويا لأمهات الأحكام. • طباعة الكتاب: طُبع قديمًا في الكويت (سنة 1383 هـ / 1963 م) ثم أُعيد طبعه بدار البشائر الإسلامية ببيروت سنة (1420 هـ/ 1999 م) اهتم بإخراجه ياسر بن إبراهيم المزروعي. * * * 219 - ابن سَلُّوم (1246 هـ) هو محمد بن علي بن سَلُّوم، التميمي، الزُّبَيري. ترجمه البسام في "علماء نجد" (6/ 292). له: 1 - مختصر النقور. 2 - الشرح الكبير للبرهانية. 3 - الشرح الصغير للبرهانية. 1 - مختصر المنقور أي مختصر "المجموع الفقهي" الذي ألفه الشيخ أحمد المنقور (ت 1125 هـ). ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1010) والبسام في "علماء نجد" (6/ 295). ¬

_ (¬1) ينظر ما تقدم في الصفحة (308).

2 - الشرح الكبير للبرهانية = الفواكه الشهية في حل منظومة القلائد البرهانية في الفرائض

2 - الشرح الكبير للبرهانية = الفواكه الشهية في حل منظومة القلائد البرهانية في الفرائض ذكره ابن حميد في "السحب" (ص 1009) وقال: حقّق فيه ودقّق، وجمع فيه زيدة الفن، وقرّظ له عليه شيخه (¬1) وغيره من العلماء نظمًا ونثرًا. وذكر البسام أنه موجود عنده وعليه تقاريظ العلماء. • مخطوطات الكتاب: - توجد منه نسخة في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت رقم (1/ 216) عدد أوراقها (91) ورقة، في حجم (23) سطرًا، بخط نسخ، قام بنسخها كاظم بن الحاج عبد الله بن طعمة، الشافعي، سنة (1236 هـ). - ومنه نسختان في مكتبة جامع عنيزة الوطنية، نُسِخَتا سنة (1275 هـ) (¬2). ويعتبر هذا الكتاب شرحًا لمنظومة في الفرائض تسمى "العقود البرهانية" تقع في (112) بيتًا من بحر الرجز، للشيخ محمد بن حجازي بن محمد الحلبي، الشافعي، المعروف بـ"ابن برهان" (تط 1205 هـ) (¬3). قال البسام: وهو لم يصنف هذا الشرح إلا بإشارة من شيخه المذكور فقد قال في مقدمته: "ولم يَدُرْ في خَلَدي أن أُقْدم على هذا الأمر، وإنما حرّك ساكنَ العزم الفاترِ ورودُ شيخنا محمد بن فيروز، فحين ورد على هذه الناحية (¬4) قوّى عزمي، ولم أبرزه إلّا بعد عرضه عليه، واستحسانه إياه" (¬5). 3 - الشرح الصغير للبرهانية = وسيلة الراغبين وبغية المستفيدين ذكره ابن حميد والبسام في المصادر السابقة. ¬

_ (¬1) يريد بذلك: الشيخ محمد بن فيروز عالم الأحساء في زمانه. (¬2) هامش "السحب الوابلة" (ص 1010) وعلماء نجد (6/ 294). (¬3) ترجمه الطباخ في كتابه "إعلام النبلاء" (7/ 129)، نشر دار القلم العربي بحلب، 1408 هـ. (¬4) إشارة إلى بلدة الزبير بالبصرة. (¬5) علماء نجد 6/ 299.

220 - حسن الشطي (1274 هـ)

وقال البسام: طبعه أمير بريدة سابقًا: عبد الله بن فيصل بن فرحان، وصدّره الشيخ عمر بن حسن بترجمة المؤلف ... وهذا الشرح عندي بخط جميل جدا، وكان الفراغ من تأليفه في (10/ 6/ 1214 هـ). اهـ. وتوجد منه نسخة بمكتبة الموسوعة الكويتية، رقم (44) عدد أوراقها (38) ورقة، في (23) سطرًا، بخط نسخ، نسخها عثمان بن عبد العزيز الزبيري، سنة (1236 هـ). وطُبع في مطبعة السُّنة المحمدية بتصحيح وتعليق صاحبها الشيخ محمد حامد الفقي، وصدر سنة (1365 هـ) في مجلد لطيف (72 ص). * * * 220 - حَسَن الشَّطِّي (1274 هـ) هو حسن بن عمر بن معروف، الشَّطِّي، الدمشقي. ترجمه حفيده ونقله ابن أخيه في "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 188). له: 1 - منحة مولي الفتح في تجريد زوائد الغابة والشرح. 2 - منسك كبير = السبل السوالك لبيان المناسك. 3 - الفوز بالنجاح في مسألة فسخ النكاح. وقد سبق الكلام على "المنحة" لدى وصف كتاب "مطالب أولي النُّهى". وأما "المنسك الكبير" فقد ذكره محمد جميل الشَّطِّي، وتوجد منه نسخة بمكتب الموسوعة الكويتية باسم "السُّبل السوالك لبيان المناسك"، محفوظة برقم (892) عدد أوراقها (24) ورقة، في (15) سطرًا، بخط نسخ واضح، نسخها عبد الرحمن بن عثمان آل جلال، سنة (1311 هـ). واختصره: محمد بن حسن الشَّطِّي (ت 1307 هـ) ومحمد بن عثمان الرُّحَيْباني (ت 1308 هـ).

221 - أبا بطين (1282 هـ)

وأما "الفوز بالنجاح" فقد طبعه الشيخ محمد جميل الشَّطِّي في دمشق مع "رسالة في البسملة" ورسالة أخرى في "التقليد والتلفيق" جردها من كتاب "منحة مولي الفتح" كما سبق في الكلام على رسالة "التحقيق في بطلان التلفيق" للسفاريني (ت 1188 هـ). * * * 221 - أبا بُطَيْن (1282 هـ) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله، الملقب -كأسلافه- أبا بُطَين، السُّدَيْري، النَّجْدي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (4/ 225). له: 1 - مختصر بدائع الفوائد. 2 - حاشية على شرح المنتهى. 3 - حاشية على شرح الزاد. 4 - مختصر قواعد ابن رجب. قال البسام: وله فتاوى وتحريرات سديدة، بعضها طُبع مع مجاميع رسائل علماء نجد، وبعضها لم يطبع، ولو جُمعت وحدها لجاءت مجلدًا حافلًا بالفوائد وغرائب المسائل. 1 - مختصر بدائع الفوائد ذكره ابن حميد -وهو تلميذ المترجم- في "السحب" (ص 632) وقال: اختصره في نحو نصفه. وذكره حفيده في "الدر المنضد" (ص 64) والزركلي في "الأعلام" (4/ 97) والبسام في "علماء نجد" (4/ 239) وقال: رأيته في مكتبة آل مانع في عنيزة بخط المؤلف. 2 - حاشية على شرح المنتهى أي "دقائق أولي النُّهى" للشيخ منصور البهوتي.

3 - حاشية على شرح الزاد

ذكرها البسام في "علماء نجد" (4/ 239) ووصفها بالنفاسة، وقال: جردها من نسخته تلميذُه وسبطه الشيخ عبد الرحمن بن محمد المانع. وذكر الدكتور العثيمين في هامش "السحب" (ص 632) أن له حاشية على "المنتهى". مع أن ابن حميد صاحب "السحب" قرأ "شرح المنتهى" على المؤلف في جماعة من كبار تلامذته، عدَّة مرات، وهذا يرجح أن الحاشية التي وضعها إنما هي على الشرح وليست على المتن، خصوصًا وأن العنقري نص في مقدمة حاشيته على "الروض" أنه اعتمد في لفظ تعليقاته على: "حاشيةٍ على شرح المنتهى للشيخ العالم الرباني مفتي الديار النجدية عبد الله بن عبد الرحمن أبا بُطَين -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-. نُقلت من هامش نسخة تلميذه الشيخ علي بن عبد الله بن عيسى قاضي شقرا، ويرمز لها بكذا (ح ش منتهى) " (¬1). 3 - حاشية على شرح الزاد أي على "الروض المربع". أشار إليها العنقري في مقدمة حاشيته، على أنها من مصادره. وطبعت في المطبعة السلفية في مصر سنة (1348 هـ - 1349 هـ 1930/ م - 1931 م) في مجلدين، ثم أعيد طبعها في مجلدين أيضًا دون تاريخ. 4 - مختصر قواعد ابن رجب ذكره الدكتور العثيمين في هامش "السحب" (ص 632) وقال: رأيته. * * * 222 - محمد الشَّطِّي (1307 هـ) هو محمد بن حسن بن معروف الشَّطِّي الدمشقي. ترجمه محمد جميل الشَّطِّي في "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 197). له: ¬

_ (¬1) حاشية العنقري 1/ 3. ط. السعادة، 1390 هـ.

223 - عبد الغني بن ياسين اللبدي (1319 هـ)

1 - الفتح المبين في تلخيص كلام الفرضيين (¬1). 2 - صحائف الرائض في علم الفرائض (¬2). 3 - تسهيل الأحكام فيما تحتاج إليه الحكام (¬3). 4 - المطالب الوفية فيما تحتاج إليه النواب الشرعية (¬4) 5 - القواعد الحنبلية في التصرفات الأملاكية (¬5). 6 - مختصر المنسك الكبير لأبيه (¬6). 7 - مختصر الأحكام الشرعية (¬7). * * * 223 - عبد الغَني بن ياسين اللَّبَدي (1319 هـ) ترجمه الشطي في "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 209). له: 1 - حاشية على نيل المآرب شرح دليل الطالب. 2 - دليل الناسك لأداء المناسك. 1 - حاشية على نيل المآرب شرح دليل الطالب وتسمى أيضًا: تيسير المطالب إلى فهم وتحقيق نيل المآرب. وهي حاشية ¬

_ (¬1) ذكره الزركلي في "الأعلام" (6/ 93) وأشار إليه حفيد المؤلف في "المختصر" (ص 198) فقال: رسالة صغيرة في الفرائض، ألفها سنة (1276 هـ) وهي أول مؤلفاته. وطبعت هذه الرسالة سنة (1351 هـ). (¬2) ذكره حفيد المؤلف في "المختصر" (ص 198) وقال: نحو سبعين صحيفة، جعل في كل صحيفة منه بحثًا مخصوصًا. (¬3) المختصر (ص 198) وقال: يحتوي على نيف وألف مادة. والأعلام 6/ 93. (¬4) المختصر (ص 199). (¬5) المختصر (ص 199). والأعلام (6/ 93). ورمز إلى طباعته. (¬6) المختصر (ص 199). (¬7) اختصر فيه كتابه "القواعد الحنبلية" وتوجد منه نسخة في مكتبة الأوقاف العامة لبغداد برقم (7429) في (51) ورقة نسخها بخطه سنة (1301 هـ).

2 - دليل الناسك لأداء المناسك

على "نيل المآرب" لعبد القادر التغلبي (ت 1135 هـ). وقد حققها الدكتور محمد سليمان الأشقر معتمدًا على نسخة لديه في (94) ورقة نسخت سنة (1324 هـ) وهي منسوخة عن نسخة ابن المؤلف مباشرة. ونسخة أخرى من مكتبة الملك فهد الوطنية، مصورة عن نسخة الشيخ محمد بن عبد العريز المانع، نسخها محمد بن سعيد بن غباش سنة (1377 هـ). وصدرت عن دار البشائر الإسلامية في بيروت سنة (1419 هـ/ 1999 م). 2 - دليل الناسك لأداء المناسك ذكره الزركللي في "الأعلام" 4/ 35، ونشره محمد يوسف الباز، الكتبي بمكة المكرمة سنة (1330 هـ) ثم أعيد نشره سنة (1398 هـ) في الكويت. * * * 224 - حُسَين بن حَسَن آل الشَّيْخ (1329 هـ) ترجمه البسام في "علماء نجد" (2/ 59). وذكر له: مختصر في الفقه * * * 225 - محمد بن قاسم آل غُنَيْم الخَالِدي الزُّبَيْري (1335 هـ) ترجمه البسام في "علماء نجد" (6/ 359). وذكر له: نظم زاد المستقنع قال: "وعدد أبياته في هذا النظم (4892) بيتًا، كما قال في آخره: وقد تناهى بالغًا في العدد ... أربعة آلاف بيت فاعْدُدِ من فوقها ثمانيًا مِئينًا ... واثنين بالضم إلى تسعينا إلخ ... وقد تصرف في متن "الزاد" تصرفًا حسنًا بالزيادة والحذف ... وهو رجز عذب سهلٌ، رأيته مخطوطًا، وقابلته على متن "الزاد" في كثير من المواضع،

226 - موسى القدومي (1336 هـ)

فوجدت في النظم زيادات كثيرة هامة، وأغلبها من فوائد شرحه للشيخ منصور البهوتي". * * * 226 - موسى القَدُّومي (1336 هـ) هو موسى بن عيسى بن عبد الله بن صُوفان، القَدُّومي، النّابُلُسي. ترجمه الشَّطِّي في "مختصر طبقات الحنابلة" (ص 215). له: الأجوبة الجلية في الأحكام الحنبلية. طُبع بالقاهرة سنة (1310 هـ) (أي في حياة المؤلف) ثم أُعيد طبعه في الرياض. * * * 227 - محمد البَسْيوني (بعد 1338 هـ) هو محمد بن سُبيع بن يحيى، الذَّهَبي البَسْيوني، شيخ الحنابلة بالأزهر. ترجمه الزركلي في "الأعلام" (6/ 136) ولم يؤرخ وفاته. وذكر له: الأقوال المرضية لنيل المطالب الأخروية في الفقه فرغ من تأليفه سنة (1338 هـ). منه نسخة في المكتبة الأزهرية رقم (95/ 26590) عدد أوراقها (102) ورقة، في (20) سطرًا، بخط نسخ معتاد. ومنها صورة في جامعة أم القرى (15). * * * 228 - ابن بَدْران (1346 هـ) هو عبد القادر بن أحمد بن مُصطفى بن بَدْران، الدِّمشقي، الدُّوْمَاني. أفرده الشيخ محمد بن ناصر العَجمي بترجمة حافلة في كتاب سماه

229 - ابن عتيق النجدي (1349 هـ)

"علّامة الشام عبد القادر بن بدران: حياته وآثاره". ط. دار البشائر الإسلامية، 1416 هـ. له (¬1): 1 - نزهة الخاطر العاطر شرح روضة الناظر (مطبوع). 2 - موارد الأفهام من سلسبيل عمدة الأحكام، مجلدان. 3 - كتاب البدرانية شرح المنظومة الفارضية (مطبوع). 4 - كفاية المرتقي إلى شرح فرائض الخرقي (مطبوع). 5 - حاشية على أخصر المختصرات للبَلْباني (مطبوعة). 6 - العقود الياقوتية في جيد الأسئلة الكويتية. (مطبوع). 7 - العقود المرجانية في جيد الأسئلة القازانية. 8 - حاشية على شرح المنتهى. وصل فيها إلى باب السَّلَم. 9 - حاشية على الروض المربع. 10 - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل. (مطبوع). * * * 229 - ابن عَتيِق النَّجْدي (1349 هـ) هو سعد بن حمد بن علي بن عَتيق، النَّجدي. ترجمه البَسّام في "علماء نجد" (2/ 220). وذكر له: نيل المراد بنظم متن الزاد قال: كاد أن يتمه. وقال: "حرّر الفتاوى والأجوبة على الأسئلة، فيما لو جُمعت كتاباته وفتاويه لجاءت جزءًا حافلًا ... وكتاباته وفتاواه دليل على غزارة علمه، ¬

_ (¬1) اعتمدنا في ذكر مؤلفاته على كتاب "علامة الشام" للشيخ العجمي، الذي جرد مؤلفات ابن بدران جردًا مسقصيًا وعرف بأماكن وجود مخطوطاتها، وبيان ما طُبع منها، فبلغ في تعدادها (46) عنوانًا.

230 - ابن خوقير (1349 هـ)

وسعة اطلاعه، وحسن تصوره، وقد جُمعت وطبعت في كتاب سمي "المجموع المفيد من فتاوى ورسائل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق". وقد أكمل النظمَ الشيخُ عبدُ الرحمن بن عبد العزيز بن سحمان، فبلغ في مجموعه (4870) بيتًا قريبًا من عدّة أبيات مظومة الشيخ محمد بن قاسم الخالدي، الزبيري (ت 1335 هـ). وطُبع في المطابع الأهلية للأوفست بالرياض سنة (1402 هـ / 1982 م) بمراجعة وإشراف: الشيخ إسماعيل بن سعد بن العتيق. * * * 230 - ابن خُوقيِر (1349 هـ) هو أبو بكر بن محمد عارف بن خُوقِير، الكُتبي، المكي. ترجمه الزركلي في "الأعلام" (2/ 70). له: مختصر في فقه الإمام أحمد طُبع في المطبعة المنيرية بالقاهرة في السنة التي توفي فيها المؤلف. ويقع في (40) صفحة. * * * 231 - الدحَيَّان (1349 هـ) هو عبد الله بن خَلَف، الدّحَيّان، الحَرْبي، علّامة الكويت وقاضيها (¬1). ترجمه البسام في "علماء نجد" (4/ 91). وذكر له: 1 - المسائل الفقهية وهي على طريقة السؤال والجواب في المسائل الفقهية، ابتداء بالطهارة، ¬

_ (¬1) جمع ترجمته الشيخ محمد بن ناصر العجمي في كتاب بعنوان: "الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان، حياته ومراسلاته العلمية وآثاره" طُبع في مركز البحوث والدراسات الكويتية سنة (1415 هـ / 1994 م).

2 - منسك = زاد الفج في مناسك الحج

وانتهاء بالحج، وهي رسالة مختصرة مفيدة، تقع في (55) صفحة من القطع الصغير، طبعت أكثر من مرة، منها طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية، بدون تاريخ. 2 - منسك = زاد الفج في مناسك الحج يقع في (21) صفحة من القطع الصغير، طُبع على نفقة عبد الله النوري في مطبعة المعارف بالرياض، بدون تاريخ. * * * 232 - ابن ضُوَيَّان (1353 هـ) هو إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضُوَيّان، النَّجْدي، القَصيمي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (1/ 403). له: 1 - منار السبيل في شرح الدليل طُبع في مؤسسة دار السلام (المكتب الإسلامي فيما بعد) بدمشق سنة (1378 هـ / 1959 م) في مجلدين. وطُبع طبعة ثانية في المكتب الإسلامي سنة (1404 هـ / 1984 م). وطُبع في دمشق سنة (1404 هـ/ 1984 م). نشره مكتب الإحسان، وعليه حاشية: "النكت والفوائد" للشيخ عصام القلعجي. وله عدة طبعات أخرى. • وصف الكتاب: هو شرح على "دليل الطالب" للشيخ مرعي، سلك فيه مسلكًا جيدًا مفيدًا، فذكر عند كل مسألة دليلها أو تعليلها، وربما ذكر بعض الروايات القوية المخالفة لما اختاره الأصحاب، لحاجة الناس إليها، مع أن مسائل "الدليل" هي الراجحة في المذهب، وعليها الفتوى. وقد أسفر عن وجه ذلك

2 - حاشية على شرح الزاد

في المقدمة، فقال: "ذكرت ما حضرني من الدليل والتعليل، ليكون وافيًا بالغرض، من غير تطويل، وزدت في بعض الأبواب مسائل يحتاج إليها النبيل، وربما ذكرت رواية ثانية، أو وجهًا ثانيًا لقوة الدليل، نقلته من كتاب "الكافي" لموفق الدين ... ومن "شرح المقنع" لشمس الدين. . وغالب نقلي من مختصره (¬1)، ومن "فروع" ابن مفلح، و"قواعد" ابن رجب، وغيرها من الكتب". وقد أثنى الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع على الكتاب بقوله: "والحق أنه اسم طابق مسماه، فقد أتى في هذا الكتاب بما يشفي العليل ويروي الغليل، بعبارة سهلة واضحة، مع اعتنائه بذكر الدليل والتعليل". 2 - حاشية على شرح الزاد أي على "الروض". ذكرها تلميذه الشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد في مقدمة "منار السبيل" (ص: و) وقال: رأيتها بخطه. وذكرها البسام في "علماء نجد" (1/ 409) ولكن قال: حاشية على "الزاد". ولعله سهو منه. * * * 233 - ابن بليهِد (1359 هـ) هو عبد الله بن سليمان بن سعود ابن بليهِد، الخالدي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (4/ 138). له: 1 - جامع المسالك في أحكام المناسك (¬2). ¬

_ (¬1) يعني بذلك المختصر الذي عمله الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رَحِمَهُ اللهُ-، اختصر فيه "الشرح الكبير" مع "الإنصاف". (¬2) جمع فيه أربعة مناسك لأربعة مؤلفين على المذاهب الأربعة. وطُبع هذا الكتاب في مطبعة أم القرى سنة (1345 هـ/ 1927 م) بإشراف المؤلف.

2 - مختصر في الفقه

2 - مختصر في الفقه. * * * 234 - عبد العزيز الهاشِمي (1359 هـ) هو عبد العزيز بن عبد الرحمن بن ناصر، آل بِشر، العلوي، الهاشمي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (3/ 421). وذكر له: حاشية على الروض المربع وهى حاشية مختصرة جدا، وفيها فوائد، وقد طبعت هذه الحاشية عدة مرّات مع الشرح، منها الطبعة الثالثة سنة (1347 هـ / 1929 م) في مطبعة المعاهد بمصر. * * * 235 - عبد الله بن عبد الرحمن آل حمود، الزُّبَيْري (1359 هـ) ترجمه البسام في "علماء نجد" (4/ 207) وذكر له: كتاب في المناسك وهو منسك لطيف، ألّفه على المشهور من مذهب الحنابلة. * * * 236 - المزيني (1363 هـ) هو سليمان بن عطية بن سليمان، المزيني. ترجمه البسام في "علماء نجد" (2/ 364). له: 1 - نظم زاد المستقنع = روضة المرتاد في نظم مهمات الزاد (¬1). ¬

_ (¬1) طُبع في مطابع دار الأصفهاني وشركاه بجدة، دون تاريخ، بتحقيق الأستاذ عبد الرحمن بن سليمان الرويشد. وذكر البسام أن عدة أبياته (3000) بيت، بينما ذكر الناظم في المقدمة أنه يقع في (1900) بيت، حيث قال: =

2 - نظم البيوع من "الدليل"

2 - نظم البيوع من "الدليل" = الحائلية (¬1). 3 - منسك. 4 - منظومة في القواعد الفقهية. * * * 237 - عبد الله العَنْقَري (1373 هـ) هو الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن محمد العَنْقَري التميمي، النَّجدي. ترجمه البسّام في "علماء نجد" (4/ 265)، وعبد الرحمن آل الشيخ في "مشاهير علماء نجد": (381). له: 1 - حاشية الروض المربع ذكرها البسام (4/ 272). طبعت الحاشية مع المتن في مطابع السنة المحمدية بالقاهرة، دون تاريخ، وصدرت في ثلاثة مجلدات. وطبعت أيضًا في مطبعة السعادة سنة (1390 هـ/ 1970 م). وهي حاشية نفيسة، وضعهما على "الروض المربع شرح زاد المستقنع" للبهوتي، وذكر في مقدمتها أنه اعتمد في جمعها على حاشية الشيخ عبد الله أبا بطين، وحاشية الشيخ عثمان النجدي، وحاشية الشيخ ابن فيروز، ومجموع الشيخ المنقور أيضًا. ¬

_ = ويعدُ ذي أرجوزة مفيدهْ ... في فنها وجيزة فريدهْ ألفٌ وتسعٌ من مئات وافيهْ ... حافظها حاز العلوم الزاكيهْ (¬1) يقع هذا النظم في (160) بيتًا، قال في أوله: بحمدك يا مولاي أفضل مبتدي ... فحمدًا لك اللهم ما هبَّتِ الصَّبا ويعدُ فخذْيا صاح مختصرًا أتى ... على جلّ أحكام البيوع مع الربا على الأحمد المختار من قول أحمد ... إلخ.

2 - مجموع فتاوى

2 - مجموع فتاوى ويقع في (13) ورقة، كتب في حياته سنة (1354 هـ) بقلم عبد العزيز بن حمد بن مقرن، ومنه نسخة في جامعة الملك سعود برقم (333)، وقد طبعه الدكتور الوليد بن عبد الرحمن آل فريان ضمن كتابه "الشيخ عبد الله العنقري حياته وفقهه وفتاواه". * * * 238 - عبد الرحمن بن ناصر السَّعْدي (1376 هـ) هو الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله، آل سعْدي، التَّميمي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (3/ 218). وهو من تلامذته. له: 1 - المختارات الجلية في المسائل الفقهية. 2 - المناظرات الفقهية. 3 - الإرشاد. 4 - حاشية على الفقه. 5 - الجمع بين الإنصاف ونظم ابن عبد القوي. 6 - منظومة في أحكام الفقه. 7 - القواعد والأصول الجامعة. 1 - المختارات الجلية في المسائل الفقهية فرغ من تأليفه في 3/ 2/ 1355 هـ. وطُبع في مطبعة المدني بمصر سنة (1378 هـ / 1958 م). وهو كالحاشية على "الروض المربع"، ضمَّنها المؤلف ما اختار 5 من الأقوال في المسائل الفقهية المذكورة في "الروض" واستدرك عليه في بعضها، ونبّه على ما ذكره خصوصًا، ليكون تنبيهًا على غيره من كتب الحنابلة عمومًا. وفي ذلك يقول: "أما بعد، فإنه تكرر السؤال من بعض الأصحاب على وضع كتاب في فقه أصحابنا من الحنابلة على وجه يتضح به ما نختاره ونصححه من المسائل الفقهية، ونشير إلى شيء من مأخذها وأدلتها ... فلذلك أحببت تقييد ما تيسر منها، ورأيت شرح مختصر المقنع، للشيخ منصور البهوتي ... فأحببت أن أجعل هذا التعليق كالإستدراك عليه، والتنبيه على ما ذكره خصوصًا، ليكون تنبيهًا على غيره من كتب الأصحاب عمومًا" (¬1). ¬

_ (¬1) المختارات الجلية ص 6، فقه الشيخ ابن سعدي، للدكتورين: الطيار وأبا الخيل، 1/ 90، 96، 130 - 131.

2 - المناظرات الفقهية

2 - المناظرات الفقهية فرغ منه المؤلف في (8/ 6/ 1364 هـ). وهو مطبوع. وهي عبارة عن مسائل فقهية جرى المؤلف في تأليفها على طريقة المناظرة بين شخص سمّى أحدهما: المستعين بالله، والثاني: المتوكل على الله. ضمَّن هذه المناظرات عشرين مثالًا، كل مثال يحتوي على مسألة فقهية يورد فيها على لسان المتناظرَيْن الأدلةَ والمناقشةَ وأقوال أهل العلم، ثم ينتهي إلى الترجيح. وقد سلك هذا المسلك تقريبًا للأذهان وتعويدًا على المناقشة والإستدلال (¬1). وهذا من أساليب ابن القيم في بعض كتبه. 3 - الفتاوى السعدية طُبع في مطبعة المعارف بالرياض سنة (1387 هـ / 1968 م) ثم سنة (1402 هـ / 1982 م). وطُبع في عالم الكتب سنة (1415 هـ / 1995 م) على مخطوطة من خط يد المؤلف حسبما ذُكر في المقدمة. 4 - الإرشاد واسمه الكامل: إرشاد أولي البصائر والألباب لنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب بطريق مرتب على السؤال والجواب. فرغ منه في (17/ 9/ 1358 هـ). وهو مطبوع. وهو عبارة عن مجموعة من الأسئلة المهمة في الفقه، طرحها ثم أجاب عليها، وضمَّن الإجابة شيئًا من القواعد والضوابط التي تُعين طالب العلم، وتجعله يجمع شتات المسائل المتفرقة التي يجمعها ضابط واحد أو قاعدة واحدة (¬2). 5 - حاشية على الفقه وهي استدراكات على كتب أصحاب الإمام أحمد. وقد ذكر هذه ¬

_ (¬1) فقه الشيخ ابن سعدي 1/ 97، 106، 131. (¬2) فقه الشيخ ابن سعدي 1/ 297، 107، 133.

6 - الجمع بين الإنصاف ونظم ابن عبد القوي

الحاشية ابنه عبد الله، وأشار أنها لم تُطبع. وقد يكون هناك خلط بينها وبين "المختارات الجلية" (¬1). 6 - الجمع بين الإنصاف ونظم ابن عبد القوي جمع فيه المؤلف بين الكتابين المذكورين، وقد وصل فيه إلى كتاب الحج، ولم يطبع بعدُ. ويظهر أن الشيخ كان حريصًا على شرح المنظومة، لكن لم يسعفه الوقت، فجمع معها "الإنصاف" للمرداوي بمثابة الشرح لها. ويوجد من هذا الكتاب نسخة في مكتبة جامع عنيزة (¬2). 7 - منظومة في أحكام الفقه فرغ منها في (26/ 10/ 1333 هـ). وهي منظومة طويلة تربو على (400) بيت، تعرّض فيها المؤلف لكثير من الأحكام الفقهية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وقد نظمها وهو في مقتبل عمره، لم يصل الثلاثين، فجاءت قوية في مبناها ومعناها، يقول في مطلعها: الحمد لله الذي قد فقَّها ... في دينه الأبرارَ أصحاب النُّهى وهذ 5 منظومة قصدي بها ... تيسير أحكام قد اعتنوا بها في فقه أحكام تفيد المبتدي ... من كتب أصحاب الإمام أحمد 8 - القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة فرغ منها في (2/ 4/ 1375 هـ). وهو كتاب بديع ذكر فيه المؤلف (60) قاعدة من القواعد التي تُبنى عليها الأحكام، ثم أردفه بفروق وتقاسيم بين المسائل المتشابهة المختلفة. قال في مقدمته: "أما بعدُ، فإن معرفة جوامع الأحكام وفوارقها من أهم العلوم، وأكثرها فائدة، وأعظمها نفعًا، لهذا جمعت في رسالتي هذه ما تيسر من ¬

_ (¬1) فقه الشيخ ابن سعدي 1/ 98، 135. (¬2) فقه الشيخ ابن سعدي 1/ 98، 135.

239 - فيصل بن عبد العزيز بن فيصل آل مبارك (1377 هـ)

جوامع الأحكام وأصولها، ومما تفترق فيه الأحكام لإفتراق حكَمها وعلَلها. ." (¬1). وله رسائل أخرى في الفقه وأصوله وقواعده، وهي في عمومها موجهة إلى الطلاب المبتدئين والمتدرجين، وحافزة للهمم، وجامعة بين الفقه وأصوله وقواعده. ومؤلفاته الفقهية -عدا الفتاوى- مطبوعة في مجلدين. * * * 239 - فيصل بن عبد العزيز بن فيصل آل مُبارك (1377 هـ) ترجمه البسام في "علماء نجد" (5/ 392). له: 1 - خلاصة الكلام شرح "عمدة الأحكام" (¬2). 2 - كلمات السداد على متن "الزاد" (¬3). 3 - الدلائل القاطعة في المواريث الواقعة. 4 - السبيكة الذهبية على متن الرحبية. 5 - المرتع المشبع من الروض المربع (¬4). * * * 240 - محمد بن عبد الله بن حُسين أبا الخَيْل (1381 هـ) ترجمه البسام في "علماء نجد" (6/ 143). وذكر له: ¬

_ (¬1) القواعد والأصول ص 4، وفقه الشيخ ابن سعدي 1/ 101، 137. (¬2) طُبع في مجلد عدة مرات، منها طبعة شركة الشمرلي بالقاهرة سنة (1379 هـ / 1960 م). (¬3) حاشية مختصرة، طُبعت في مطبعة الإمام في مصر سنة (1375 هـ / 1957 م). (¬4) هي حاشية تكلم فيها المؤلف على (350) موضعًا من الروض. تقع في أربعة مجلدات، توجد بخط المؤلف في مكتبة الملك فهد الوطنية.

الزوائد على الزاد

الزوائد على الزاد قال: ألّفه، ثم ألحق تعليقات نفيسة على هذه الزوائد، وعلى متن الزاد، فجاء مع أصله مجلدًا ضخمًا، وقد شرع بطباعته على نفقته قبل وفاته، ووزِّع مجانًا، ثم أُعيد طبعه على نفقة غيره. والطبعة الأولى المشار إليها صدرت قبل وفاته بشهر سنة (1381 هـ / 1962 م) في مجلدين. وأما الطبعة الثانية فقد تمت في دار البيان بمصر دون تاريخ. وطُبع طبعة ثالثة في مطابع الفرزدق التجارية في الرياض سنة (1409 هـ / 1989 م). * * * 241 - ابن مانع (1385 هـ) هو الشيخ محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن مانع، التميمي، النجدي. ترجمه البسام في "علماء نجد" (6/ 100). له: 1 - حاشية على عمدة الفقه للمقدسي (ت 620 هـ). 2 - حاشية على دليل الطالب لنيل الطالب لمرعي الحنبلي (ت 1033 هـ). وقد طبعت مع المتن في المكتب الإسلامي ببيروت سنة (1381 هـ / 1962 م). * * * 242 - محمد بن إبراهيم آل الشيخ (1389 هـ) هو العلامة شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، -رَحِمَهُمُ اللهُ-. ترجمه عبد الرحمن آل الشيخ في "مشاهير علماء نجد وغيرهم" (169). له:

243 - عبد الرحمن بن محمد بن علي بن قاسم (1392 هـ)

1 - فتاوى كثيرة تبلغ مجلدات، جمعها ورتبها الشيخ عبد الرحمن بن قاسم. طبعت سنة (1399 هـ / 1979 م)، وله فتاوى غير ما جمعه ابن قاسم تبلغ عدة مجلدات لا تزال محفوظة في ملفات دار الإفتاء، ولعلها تطبع مرتبة محققة. 2 - تحذير الناسك مما أحدثه ابن محمود في المناسك. طُبع سنة (1376 هـ / 1957 م). * * * 243 - عبد الرحمن بن محمد بن علي بن قاسم (1392 هـ) ترجمه البسام في "علماء نجد" (3/ 202). له: 1 - أصول الأحكام. 2 - حاشية على الروض المربع (¬1). 3 - إحكام الأحكام شرح أصول الأحكام (¬2). 4 - حاشية على الرحبية. 5 - حاشية ثلاثة الأصول. وقد قام المترجَم بجمع تراث شيخ الإسلام ابن تيمية، من فتاوى ورسائل وأبحاث، المطبوع منها والمخطوط، فحققه ورتبه وفهرسه فهارس مقرية موضحة، حتى صار موسوعة إسلامية كبرى تقع في (37) مجلدًا. كما قام بجمع فتاوى علماء نجد ورسائلهم ونصائحهم التي كانت مبعثرة ¬

_ (¬1) طُبعت في المطابع الأهلية للأوفست بالرياض في (7) مجلدات بين سنة (1397 هـ) وسنة (1400 هـ)، باعتناء وتصحيح الشيخ عبد الله الجبرين بالإشتراك مع سعد بن عبد الرحمن: ابن المؤلف. قال عنها البسام: سلك فيها مسلك التحقيق. ونقل عن الأستاذ محمد بن إسماعيل المدني قوله: رأيت من الشيخ عبد الرحمن بن قاسم فقيهًا في حاشيته على "الروض" ومحدثًا في كتابه "إحكام الأحكام" وفرضيًا في شرحه على "الرحبية" وأصوليا في "حاشيته على ثلاثة الأصول" ... إلخ. (¬2) في أربعة أجزاء، وهو شرح لكتابه "أصول الأحكام". وهو مطبوع بدمشق بمطبعة الترقي عام (1375 هـ).

244 - عبد الله بن حميد الخالد (1402 هـ)

مفرقة، فجمعها وحققها ورتبها. -رَحِمَهُ اللهُ- وأجزل له المثوبة. * * * 244 - عبد الله بن حميد الخالد (1402 هـ) هو العلامة شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن حميد الخالد، النجدي. ترجمه ابن دهيش في "المنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة": (544). له: 1 - الإبداع شرح حجة الوداع. 2 - هداية الناسك. * * * 245 - الشيخ عبد العزيز ابن بَاز (1420 هـ) هو العلامة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز. ترجمه ابن دهيش في "المنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة": (550). له: 1 - الفوائد الجلية في المباحث الفرضية. 2 - التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة. 3 - رسالة موجزة في الزكاة. 4 - رسالة موجزة في الصيام. 5 - ثلاث رسائل في كيفية صلاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ووجوب صلاة الجماعة، وأين يضع المصلي يده بعد الركوع. 6 - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، طبعته رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالرياض سنة (1421 هـ). * * * وبهذا يتم الجزء الثاني من المذهب الحنبلي، وبه تم الكتاب، ولله الحمد في البدء والختام، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

§1/1