المختصر في أصول الحديث = رسالة في أصول الحديث

الجرجاني، الشريف

هَذَا مُخْتَصر جَامع لمعْرِفَة علم الحَدِيث مُرَتّب على مُقَدّمَة ومقاصد الْمُقدمَة فِي بَيَان أُصُوله واصطلاحاته الْمَتْن هُوَ أَلْفَاظ الحَدِيث الَّتِي تقوم بهَا الْمَعْنى والْحَدِيث أَعم من أَن يكون قَول الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو الصَّحَابِيّ أَو التَّابِعِيّ وفِعلهم وتقريرهم والسند هُوَ رفع الحَدِيث إِلَى قَائِله وهما متقاربان فِي الْمَعْنى واعتماد الْحفاظ فِي صِحَة الحَدِيث وَضعه عَلَيْهِمَا وَالْخَبَر الْمُتَوَاتر مَا بلغت رُوَاته فِي الْكَثْرَة مبلغا أحالت الْعَادة تواطؤهم على الْكَذِب ويدوم هَذَا فَيكون أَوله كآخره ووسطه كطرفيه كالقرآن والصلوات الْخمس ويدوم هَذَا فَيكون أَوله كآخرهِ ووسطه كطرفيه كالقرآن والصلوات الْخمس قَالَ ابْن الصّلاح من سُئِلَ عَن إبراز مِثَال لذَلِك فِي الْأَحَادِيث أعياه طلبه

وَحَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ لَيْسَ من ذَلِك وَإِن نَقله عدد التَّوَاتُر وَأكْثر لِأَن ذَلِك طَرَأَ عَلَيْهِ فِي وسط إِسْنَاده نعم حَدِيث من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار نَقله من الصَّحَابَة الجم الْغَفِير قل هم أَرْبَعُونَ وَقيل اثْنَان وَسِتُّونَ وَفِيهِمْ الْعشْرَة المبشرة وَلم يزل الْعدَد على التوالي فِي ازدياد

والآحاد مَا لم ينْتَه إِلَى الْمُتَوَاتر وَهُوَ مستفيض وَغَيره قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ حصر الْأَحَادِيث يبعد إِمْكَانه غير أَن جمَاعَة بالغوا فِي تتبعها وحصروها قَالَ الإِمَام أَحْمد صَحَّ سَبْعمِائة ألف وَكسر وَقَالَ قد جمعت فِي الْمسند أَحَادِيث انتخبتها من أَكثر من سَبْعمِائة ألف وَخمسين ألفا فَمَا اختلفتم فِيهِ فَارْجِعُوا إِلَيْهِ وَمَا لم تَجدوا فِيهِ فَلَيْسَ بِحجَّة وَالْمرَاد بِهَذِهِ الْأَعْدَاد الطّرق لَا الْمُتُون

الباب الأول في أقسام الحديث وأنواعه

الْمَقَاصِد اعْلَم أَن متن الحَدِيث نَفسه لَا يدْخل فِي الِاعْتِبَار إِلَّا نَادرا بل يكْتَسب صفة وخلافها وَبَين لَك أَو بِحَسب الْإِسْنَاد من الِاتِّصَال والانقطاع والإرسال وَالِاضْطِرَاب وَنَحْوهَا فَالْحَدِيث على هَذَا يَنْقَسِم إِلَى صَحِيح وَحسن وَضَعِيف هَذَا إِذا نظر إِلَى الْمَتْن وَأما إِذا نظر إِلَى أَوْصَاف الروَاة فَقيل ثِقَة عدل ضَابِط أَو غير ثِقَة أَو مُتَّهم أَو مَجْهُول أَو كذوب أَو نَحْو ذَلِك فَيكون الْبَحْث عَن الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَإِذا نظر إِلَى كَيْفيَّة أَخذهم وطرق تحملهم الحَدِيث كَانَ الْبَحْث عَن أَوْصَاف الطَّالِب وَإِذا بحث عَن أسمائهم ونسبهم كَانَ الْبَحْث عَن تعيينهم وتشخيص ذواتهم فالمقاصد مرتبَة على أَرْبَعَة أَبْوَاب - الْبَاب الأول فِي أَقسَام الحَدِيث وأنواعه وَفِي ثَلَاث فُصُول الْفَصْل الأول فِي الصَّحِيح هُوَ مَا اتَّصل سَنَده بِنَقْل الْعدْل

الضَّابِط عَن مثله وَسلم عَن شذوذ وَعلة ونعني بالمتصل مَا لم يكن مَقْطُوعًا بِأَيّ وجهٍ كَانَ وبالعدل من لم يكن مَسْتُور الْعَدَالَة وَلَا مجروحاً وبالضابط من يكون حَافِظًا متيقظاً وبالشذوذ مَا يرويهِ الثِّقَة مُخَالفا لرِوَايَة النَّاس ونحترز بِالْعِلَّةِ عَمَّا فِيهِ أسبابٌ خُفْيَة غامضة قادحة وتتفاوت دَرَجَات الصَّحِيح بِحَسب قُوَّة شُرُوطه وَأول من صنف فِي الصَّحِيح الْمُجَرّد الإِمَام البُخَارِيّ ثمَّ مُسلم وكتاباهما أصح الْكتب بعد كتاب الله الْعَزِيز

وَأما قَوْله الشافي مَا أعلم شَيْئا بعد كتاب الله تَعَالَى أصح من موطأ مَالك رَحمَه الله فَقبل وجود الْكِتَابَيْنِ وَأَعْلَى أَقسَام الصَّحِيح مَا اتفقَا عَلَيْهِ ثمَّ مَا انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ ثمَّ مَا انْفَرد بِهِ مُسلم ثمَّ مَا كَانَ على شَرطهمَا وَإِن لم يخرجَاهُ ثمَّ على شَرط البُخَارِيّ ثمَّ على شَرط مُسلم ثمَّ مَا صَححهُ غَيرهمَا من الْأَئِمَّة فَهَذِهِ سَبْعَة أَقسَام وَمَا حذف سَنَده فيهمَا وَهُوَ كثير فِي تراجم البُخَارِيّ قَلِيل جدا فِي كتاب مُسلم فَمَا كَانَ بِصِيغَة الْجَزْم نَحْو قَالَ فلَان وَفعل وَأمر وروى وَذكر مَعْرُوفا فَهُوَ حكم بِصِحَّتِهِ وَمَا رُوِيَ من ذَلِك مَجْهُولا فَلَيْسَ

حكما بِصِحَّتِهِ وَلَكِن إِيرَاده فِي كتاب الصَّحِيح مشْعر بِصِحَّة أَصله وَأما قَول الْحَاكِم اخْتَار البُخَارِيّ وَمُسلم أَن لَا يذكرَا فِي كِتَابَيْهِمَا إِلَّا مَا روى الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَله راويان ثقتان فَأكْثر ثمَّ يرويهِ عَنهُ تَابِعِيّ مَشْهُور وَله أَيْضا راويان ثقتان فَأكْثر ثمَّ كَذَلِك فِي كل دَرَجَة فَفِيهِ بحث قَالَ الشَّيْخ مُحي الدّين النَّوَوِيّ لَيْسَ ذَلِك من شَرطهمَا لإخراجهما أَحَادِيث لَيْسَ لَهَا إِلَّا إِسْنَاد وَاحِد مِنْهَا حَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال ... ونظائره فِي الصَّحِيحَيْنِ كَثِيرَة وَقَالَ ابْن حبَان تفرد بِحَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال أهل الْمَدِينَة وَلَيْسَ هُوَ عِنْد

أهل الْعرَاق وَلَا عِنْد أهل مَكَّة وَلَا الشَّام ومصر وَرَاوِيه وَهُوَ يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ هَكَذَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه مَعَ اخْتِلَاف فِي

الفصل الثاني في الحسن

الروَاة بعد يحيى يعرف بِالرُّجُوعِ إِلَى هَذِه الصِّحَاح الْفَصْل الثَّانِي فِي الْحسن قَالَ التِّرْمِذِيّ هُوَ مَا لَا يكون فِي إِسْنَاده مُتَّهم وَلَا يكون شاذاً ويروى من غير وَجه نَحوه وَالْخطاب هُوَ مَا

عرف مخرجه واشتهر رِجَاله وَعَلِيهِ مدَار أَكثر الحَدِيث فالمنقطع وَنَحْوه مِمَّا لم يعرف مخرجه وَكَذَا المدلس إِذا لم يتَبَيَّن وَبَعض الْمُتَأَخِّرين هُوَ الَّذِي فِي هـ ضعف قريب مُحْتَمل وَيصْلح للْعَمَل بِهِ وَقَالَ ابْن الصّلاح هُوَ قِسْمَانِ أَحدهمَا مَا لم يخل رجال إِسْنَاده عَن مستورٍ غير مُغفل فِي رِوَايَته وَقد روى مِثله أَو نَحوه من وَجه آخر الثَّانِي مَا اشْتهر راويته بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة وَقصر عَن دَرَجَة رجال الصِّحَاح حِفظاً وإتقاناً بحي فَلَا يعد مَا انْفَرد بِهِ مُنْكرا وَلَا بُد فِي الْقسمَيْنِ من سلامتهما عَن الشذوذ وَالتَّعْلِيل قيل مَا ذكره بعض الْمُتَأَخِّرين مبنيٌ على أَن معرفَة الْحسن مَوْقُوفَة على معرفَة الصَّحِيح والضعيف لِأَنَّهُ وسط بَينهمَا فَقَوله قريب أَي قريب مخرجه إِلَى الصَّحِيح والضعيف مُحْتَمل كذبه لكَون رِجَاله مستورين وَالْفرق بَين حدي الصَّحِيح وَالْحسن أَن شَرَائِط الصَّحِيح مُعْتَبرَة فِي حد الْحسن أَن شَرَائِط الصَّحِيح مُعْتَبرَة فِي حد الْحسن لَكِن الْعَدَالَة فِي الصَّحِيح يَنْبَغِي أَن تكون ظَاهِرَة والإتقان كَامِلا وَلَيْسَ ذَلِك شرطا فِي الْحسن وَمن ثمَّ احْتَاجَ إِلَى قيد قَوْلنَا أَن يرْوى من غير وجهٍ مثله أَو نَحوه لينجبر بِهِ فَاعْلَم أَن الضَّعِيف هُوَ الَّذِي بعد عَن

الصَّحِيح مخرجه وَاحْتمل الصدْق وَالْكذب أَو لَا يحْتَمل الصدْق أصلا كالموضوع وَإِنَّمَا سمي حسنا لحسن الظَّن برواتهِ وَلَو قيل الْحسن هُوَ مُسْند من قرب من دَرَجَة الثِّقَة أَو مُرْسل ثِقَة وَرُوِيَ كِلَاهُمَا من وجهٍ وسلِم من شذوذٍ وَعلة لَكَانَ أجمع الْحُدُود أضبطها وأبعدها عَن التعقيد ونعني بالمسند مَا اتَّصل إِسْنَاده إِلَى منتهاه وبالثقة من جمع بَين الْعَدَالَة والضبط والتنكير فِي ثِقَة للشيوع كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه فِي نوع الْمُرْسل وَالْحسن حجَّة كَالصَّحِيحِ وَلذَلِك أدرج فِي الصَّحِيح قَالَ ابْن الصّلاح تَسْمِيَة محيي السنةِ فِي المصابيح السّنَن بالِسان تساهلٌ لِأَن فيهمَا الصِحاح والحِسان والضِعافوقول التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسنٌ صحيحٌ يُرِيد أَنه رُوِيَ بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا يَقْتَضِي الصِّحَّة وَالْآخر الْحسن أَو المُرَاد اللّغَوِيّ

وَهُوَ مَا تميل إِلَيْهِ النَّفس وتستحسنه فالحسن إِذا رُوِيَ من وَجه آخر ترقى من الْحسن إِلَى الصَّحِيح لقُوته من الْجِهَتَيْنِ فيعتضد أَحدهمَا بِالْآخرِ ونعني بالترقي أَنه مُلْحق فِي الْقُوَّة بِالصَّحِيحِ لَا أَنه عينه وَأما الضَّعِيف فلِكذب رَاوِيه وفسقهِ لَا ينجبر بِتَعَدُّد طرفه كَمَا فِي حَدِيث طلب العِلم فَرِيضَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا حَدِيث مَشْهُور بَين النَّاس وَإِسْنَاده ضَعِيف وَقد رُوِيَ من أوجه كثيرةٍ كلهَا ضَعِيفَة

الفصل الثالث في الضعيف

الْفَصْل الثَّالِث فِي الضَّعِيف هُوَ مَا لَا يجْتَمع فِيهِ شُرُوط الصَّحِيح وَالْحسن وتتفاوت درجاته فِي الضعْف بِحَسب بعده من شُرُوط الصِّحَّة وَيجوز عِنْد الْعلمَاء التساهل فِي إِسْنَاد الضَّعِيف دون الْمَوْضُوع وَرِوَايَته من غير بَيَان ضعِفه فِي المواعظ والقصص وفضائل الْأَعْمَال لَا فِي صِفَات الله وَأَحْكَام الْحَلَال وَالْحرَام قيل كَانَ من مَذْهَب النَّسَائِيّ أَن يخرج من كل من لم يجمع على تَركه وَأَبُو دَاوُد على رَأْي الرِّجَال وَعَن الشّعبِيّ مَا حَدثَك هَؤُلَاءِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخذ بِهِ وَمَا قَالُوهُ برأيهم فألقه فِي الحش وَقَالَ الرَّأْي بِمَنْزِلَة الْميتَة إِذا اضطررت إِلَيْهَا أكلتهاوعن الشَّافِعِي رَحمَه الله مهما قلت من قَول أَو أصلت من اصل فِيهِ عَن رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام خلاف مَا قلت فَالْقَوْل مَا قَالَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ قولي وَجعل يردده

وهههنا عدَّة عِبَارَات مِنْهَا مَا تشترك فِيهِ الْأَقْسَام الثَّلَاثَة أَعنِي الصَّحِيح وَالْحسن والضعيف وَمِنْهَا مَا يخْتَص بالضعيف فَمن الأول الْمسند هُوَ مَا اتَّصل سَنَده مَرْفُوعا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمتصل هُوَ مَا اتَّصل سَنَده سَوَاء كَانَ مَرْفُوعا إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مَوْقُوفا وَالْمَرْفُوع هُوَ مَا أضيف إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام خَاصَّة من قَول أَو فعل أَو تَقْرِير سَوَاء كَانَ مُتَّصِلا أَو مُنْفَصِلا فالمتصل قد يكون مَرْفُوعا وَغير مَرْفُوع وَالْمَرْفُوع قد يكون مُتَّصِلا وَغير مُتَّصِل والمسند مُتَّصِل مَرْفُوع والمعنعن هُوَ مَا يُقَال فِي سندهِ فلَان عَن فلَان وَالصَّحِيح أَنه متصلٌ إِذا أمكن اللِّقَاء مَعَ الْبَرَاءَة عَن التَّدْلِيس وَقد أودع فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ ابْن الصّلاح كثر فِي عصرنا وَمَا قاربه اسْتِعْمَال عَن فِي الْإِجَازَة وَإِذا قيل فلَان عَن رجلٍ عَن فلَان فَالْأَقْرَب أَنه منقطعٌ وَلَيْسَ بمرسل

وَالْمُعَلّق مَا حذِف من مبدأ إِسْنَاده واحدٌ فَأكْثر مَأْخُوذ من تَعْلِيق الْجِدَار وَالطَّلَاق لاشْتِرَاكهمَا فِي قطع الِاتِّصَال فالحذف إِمَّا أَن يكون فِي أول الْإِسْنَاد وَهُوَ الْمُعَلق أَو فِي وَسطه وَهُوَ الْمُنْقَطع أَو فِي آخِره وَهُوَ الْمُرْسل وَالْبُخَارِيّ أَكثر من هَذَا النَّوْع فِي صَحِيحه وَلَيْسَ بخارجٍ من الصَّحِيح لكَون الحَدِيث مَعْرُوفا من جِهَة الثِقات الَّذين علِق عَنْهُم أَو لكَونه ذكره مُتَّصِلا فِي موضعٍ آخر من كِتَابه والأفراد إِمَّا فرِد عَن جَمِيع الرواةِ أَو من جهةٍ نَحْو تفرد بِهِ أهل مَكَّة فَلَا يضعف إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ تفرد واحدٍ مِنْهُم

والمدرج هُوَ مَا أدرج فِي الحَدِيث من كَلَام بعض الروَاة فيظن أَنه من الحَدِيث أَو أدرج متنان بِإِسْنَادَيْنِ كَرِوَايَة سعيد بن أبي مَرْيَم لَا تباغضوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تدابروا وَلَا تنافسوا أدرج ابْن أبي مَرْيَم فِيهِ

وَلَا تتنافسوا من متنٍ آخر أَو عِنْد الرَّاوِي طرفٌ من متنٍ واحدٍ بِسَنَد شيخ غير سَنَد الْمَتْن فيرويهما عَنهُ بسندٍ واحدٍ فَيصير الإسنادان فتدرج روايتهم على الِاتِّفَاق وَلَا يذكر الِاخْتِلَاف وتعمل كل واحدٍ من الثَّلَاثَة حرَام وَالْمَشْهُور مَا شاعه عِنْد أهل الحَدِيث خَاصَّة بِأَن نَقله رواةٌ كَثِيرُونَ نَحْو إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت شهرا يَدْعُو على جمَاعَة أَو اشْتهر عِنْدهم وَعند غَيرهم نَحْو إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ أَو عِنْد غَيرهم خَاصَّة قَالَ الإِمَام أَحْمد قَوْله للسَّائِل حقٌ وَإِن جَاءَ على فرسٍ وَيَوْم نحركم يَوْم صومكم يدوران فِي الْأَسْوَاق وَلَا اصل لَهما فِي الِاعْتِبَار

والغريب والعزيز قيل الْغَرِيب كَحَدِيث الزُّهْرِيّ وأشباهه مِمَّن يجمع حَدِيث لعدالته وَضَبطه إِذا انْفَرد عَنْهُم بِالْحَدِيثِ رجلٌ سمِي غَرِيبا فَإِن رَوَاهُ عَنْهُم اثْنَان أَو ثَلَاثَة سمي عَزِيزًا وَإِن رَوَاهُ جمَاعَة سمي مَشْهُورا والإفراد المضافة إِلَى الْبلدَانِ لَيْسَ بغريب والغريب إِمَّا صَحِيح كالأفراد المخرجة فِي الصَّحِيح أَو غير صَحِيح وَهُوَ الْأَغْلَب والغريب أَيْضا إِمَّا غَرِيب إِسْنَادًا ومتناً وَهُوَ مَا يتفرد بِرِوَايَة مَتنه وَاحِد وإسناداً لَا متْنا كَحَدِيث يعرف مَتنه عَن جمَاعَة الصَّحَابَة إِذا انْفَرد بروايته وَاحِد عَن صَحَابِيّ آخر وَمِنْه قَول التِّرْمِذِيّ غَرِيب من هَذَا الْوَجْه وَلَا يُوجد مَا هُوَ غَرِيب متْنا لَا إِسْنَادًا إِلَّا إِذا

اشْتهر الحَدِيث الْفَرد فَرَوَاهُ عَمَّن تفرد بِهِ جمَاعَة كَثِيرَة فَإِنَّهُ يصير غَرِيبا مَشْهُورا وَأما حَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ فَإِن إِسْنَاده متصِفٌ بالغرابة فِي طرفِه الأول ومتصفٌ بالشهرة فِي طرفه الآخر والمصف قد يكون فِي الرَّاوِي حَدِيث شُعْبَة عَن الْعَوام بن مراجم بالراء وَالْجِيم صحفه يحيى بن معِين فَقَالَ مُزَاحم بالزاي والحاء مُهْملَة وَقد يكون فِي الحَدِيث كَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّالِم من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ سِتا من شَوَّال صحفه بَعضهم

فَقَالَ شَيْئا بالشين الْمُعْجَمَة والمسلسل مَا تتَابع فِيهِ رجال الْإِسْنَاد إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد رِوَايَته على حالةٍ وَاحِدَة إِمَّا فِي الرَّاوِي أَو أخبرنَا فلَان وَالله قَالَ أخبرنَا فلانٌ وَالله. . إِلَى الْمُنْتَهى أَو فعلا كَحَدِيث التشبيك بِالْيَدِ أَو قولا وفعلاً كَمَا فِي الحَدِيث اللَّهُمَّ أعنيِي على ذِكرِك وشكرِك وحسنِ عبادتك وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ قَالَ الرَّاوِي أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي فَقَالَ إِنِّي

لَأحبك فَقل اللَّهُمَّ أعنيِي ... إِلَخ وَإِمَّا على صفةٍ كَحَدِيث الْفُقَهَاء فقيهٍ عَن فَقِيه البيِعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا وَإِمَّا فِي الرِّوَايَة كالمسلسل بِاتِّفَاق أَسمَاء آبَائِهِم أَو كناهم أَو أنسابِهم أَو بلدانهم قَالَ الإِمَام النَّوَوِيّ رحِمه الله وَأَنا أروي ثَلَاثَة أَحَادِيث مسلسلةٍ

بالدمشقيين وَالِاعْتِبَار هُوَ النّظر فِي حالِ الحديثِ هَل تفرد بِهِ رَاوِيه أم لَا وَهل هُوَ معروفٌ أَو لَا وَالضَّرْب الثَّانِي مَا يخْتَص بالضعيف الْمَوْقُوف هُوَ مُطلقًا مَا رُوِيَ عَن الصَّحَابِيّ من قَول أَو فعل مُتَّصِلا كَانَ أَو مُنْقَطِعًا وَهُوَ لَيْسَ بحجةٍ على الْأَصَح وَقد يسْتَعْمل فِي غير الصحابيِ مُقَيّدا نَحْو وَقفه معمر على همام وَوَقفه مَالك على نَافِع وَقَول الصحابيِ كُنَّا نفعله فِي زمن النبيِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرْفُوع لِأَن الظَّاهِر الِاطِّلَاع والتقرير وَكَذَا كَانَ أَصْحَابه عَلَيْهِ السَّلَام يقرعون

بَابه بالأظافير مَرْفُوع فِي المعني وَتَفْسِير الصَّحَابِيّ موقوفٌ وَمَا كَانَ مِنْهُم قبيل سَبَب النُّزُول كَقَوْل جَابر كَانَت الْيَهُود تَقول كَذَا فَانْزِل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَذَا وَنَحْوه مرفوعٌ الْمَقْطُوع مَا جَاءَ عَن التَّابِعين من أَقْوَالهم وأفعالهم مَوْقُوفا عَلَيْهِم وَلَيْسَ بِحجَّة الْمُرْسل قَول التَّابِعِيّ قَالَ رَسُول الله كَذَا وَفعل كَذَا وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي الْفِقْه وأصولهِ وَفِيه خلافٌ وللشافعيِ تفصيلٌ مَذْكُور فِي أصُول الْفِقْه

المنقطِع مَا لم يتَّصل إِسْنَاده بأيِ وجهٍ كَانَ سَوَاء ترِك ذِكر الرَّاوِي من أول الْإِسْنَاد أَو وسطِه أَو آخِره إِلَّا أَن الْغَالِب اسْتِعْمَاله فِيمَن دون التابعيِ عَن الصحابيِ كمالك عَن ابْن عمر المعضل بِفَتْح الضَّاد وَهُوَ مَا سقط من إِسْنَاده اثْنَان فَصَاعِدا كَقَوْل مَالك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَول الشَّافِعِي قَالَ ابْن عمر كَذَا الشاذ وَالْمُنكر الشاذ مَا رَوَاهُ الثِّقَة مُخَالفا لما رَوَاهُ النَّاس قَالَ ابْن الصّلاح فِيهِ تَفْصِيل فَمَا خَالف مفرده أحفظ مِنْهُ وأضبط فشاذٌ مردودٌ وَإِن لم يُخَالف وَهُوَ عدلٌ ضابطٌ فصحيحٌ وَإِن رَوَاهُ غير ضابطٍ لَكِن لَا يبعد عَن درجةِ الضابطِ فحسنٌ وَإِن بعد فمنكرٌ وَيفهم من قولِه احفظ وأضبط على صِيغَة التَّفْضِيل أَن الْمُخَالف إِن كَانَ مِثله لَا يكون مردودا وَقد علِم من هَذَا التَّقْسِيم أَن الْمُنكر مَا هُوَ الْمُعَلل مَا فِيهِ أسبابٌ خفيةٌ غامضةٌ قادحةٌ وَالظَّاهِر السَّلامَة

ويستعان على إِدْرَاكهَا بتفردِ ومخالفةِ غيرهِ لَهُ مَعَ قَرَائِن تنبه الْعَارِف على إرْسَال فِي الْمَوْصُول أَو قفٍ فِي الْمَرْفُوع أَو دخولِ حديثٍ فِي حَدِيث أَو وهمِ واهمٍ بِحَيْثُ يغلب على ظَنّه ذَلِك فَيحكم بِهِ أَو يتَرَدَّد فَيتَوَقَّف وكل ذَلِك مانعٌ عَن الحكمِ بِصِحَّة مَا وجِد ذَلِك فِيهِ وَحَدِيث يعلى بن عبيد عَن الثَّوْريّ عَن عَمْرو بن دِينَار عَن النبيِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البيعان بِالْخِيَارِ إِسْنَاده متصلٌ عَن العدلِ الضَّابِط وَهُوَ معللٌ والمتنن صحيحٌ لِأَن عَمْرو بن دِينَار وضِع مَوضِع أَخِيه عبد الله

ابْن دِينَار هَكَذَا رَوَاهُ الْأَئِمَّة من أَصْحَاب الصُّورِي عَنهُ فَوَهم يعلى وَقد يُطلق اسْم الْعلَّة على الْكَذِب والغفلة وَسُوء الْحِفْظ وَنَحْوهَا وَبَعْضهمْ أطلق على مُخَالفَة لَا تقدح كإرسال مَا وَصله الثِّقَة الضَّابِط حَتَّى قَالَ من الصَّحِيح مَا هُوَ صحيحٌ مُعَلل كَمَا قَالَ آخر من الصَّحِيح مَا هُوَ صَحِيح شاذٌ وَيدخل فِي هَذَا حَدِيث يعلى بن عبيد الله البيعان بِالْخِيَارِ المدلس مَا أُخْفِي عَيبه إِمَّا فِي الْإِسْنَاد وَهُوَ أَن يروي عَمَّن لقِيه أَو عاصره مَا لم يسمعهُ مِنْهُ على سَبِيل يُوهم أَنه سَمعه مِنْهُ مِمَّن حَقه أَن لَا يَقُول حَدثنَا بل يَقُول قَالَ فلَان أَو عَن فلانٍ وَنَحْوه وَرُبمَا لم يسْقط المدلِس شيخ لَكِن يسْقط من بعده رجلا ضَعِيفا أَو صَغِير السنِ يحسن الحَدِيث بذلك كفِعل الْأَعْمَش وَالثَّوْري وَغَيرهمَا وَهُوَ مَكْرُوه جدا وَذمَّة أَكثر الْعلمَاء وَاخْتلف فِي

قبُول رِوَايَته وَالأَصَح التَّفْصِيل فَمَا رَوَاهُ بلفظٍ مُحْتَمل لم يبن فِيهِ السماع فَحكمه حكم المرسلِ وأنواعه وَمَا رَوَاهُ بلفظٍ مُبين للاتصال كسمعت وَأخْبرنَا وَحدثنَا وأشباهها فَهُوَ مُحْتَج بِهِ وَإِمَّا فِي الشُّيُوخ وَهُوَ أَن يروي عَن شيخ حَدِيثا سمِعه فيسميه أَو يكنيه أَو ينْسبهُ أَو يصفه بِمَا لَا يعرف بِهِ كَيْلا يعرف وَأمره أخف لَكِن فِيهِ تَضْييع للمروي عَنهُ وتوعير لطريق معرفَة حَاله وَالْكَرَاهَة بِحَسب الْغَرَض الْحَاصِل نَحْو أَن يكون كثير الرِّوَايَة عَنهُ فَلَا يجب الْإِكْثَار من واحدٍ على صُورَة واحدةٍ وَقد يحملهُ عَلَيْهِ كَون شَيْخه الَّذِي سمِعه غير ثقةٍ أَو اصغر مِنْهُ أَو غير ذَلِك المضطرِب مَا اخْتلفت الرِّوَايَة فِيهِ فَمَا اخْتلفت الرِّوَايَتَانِ

إِن ترجحت إحداهم على الْأُخْرَى بِوَجْه نَحْو أَن يكو راويها أحفظ أَو أَكثر صُحْبَة للمروي عَنهُ فَالْحكم للراجح فَلَا يكون حِينَئِذٍ مضطرباً إِلَّا فمضطر بالمقلوب هُوَ نَحْو حَدِيث مَشْهُور عَن سَالم جعل عَن نَافِع ليصير بذلك غَرِيبا مرغوبا فِيهِ وَحَدِيث البُخَارِيّ حِين قدم بَغْدَاد وامتحان الشُّيُوخ إِيَّاه بقلب الْأَسَانِيد مَشْهُور الْمَوْضُوع الْخَبَر إِمَّا أَن يجب تَصْدِيقه وَهُوَ مَا نَص الْأَئِمَّة على صِحَّته وَإِمَّا أَن يجب تَكْذِيبه وَهُوَ مَا نصوا على وَضعه أَو يتَوَقَّف فِيهِ لاحْتِمَاله الصدْق وَالْكذب كَسَائِر الْأَخْبَار

وَلَا تحل رِوَايَة الْمَوْضُوع للْعَالم بِحَالَة فِي أَي معنى كَانَ إِلَّا مَقْرُونا بِبَيَان الْوَضع وَيعرف بِإِقْرَار وَاضعه أَو بركاكة أَلْفَاظه أَو بِالْوُقُوفِ على غلطه كَمَا وَقع للثابت بن مُوسَى الزَّاهِد فِي حَدِيث من كثرت صلَاته بِاللَّيْلِ حسن وَجهه بِالنَّهَارِ قيل كَانَ شيخ يحدث فِي جمَاعَة فَدخل رجل حسن الْوَجْه فَقَالَ الشَّيْخ فِي أثْنَاء حَدِيثه من كثرت الخ فَوَقع لِثَابِت أَنه من الحَدِيث فَرَوَاهُ

والواضعون للْحَدِيث أَصْنَاف أعظمهم ضَرَرا من انتسب إِلَى الزّهْد فَوضع احتساباً وَوضعت الزَّنَادِقَة أَيْضا جملا ثمَّ نهضت جهابذة الحَدِيث تكشف عوارها ومحو عارها وَالْحَمْد لله تَعَالَى وَقد ذهب الكرامية والطائفة المبتدعة إِلَى جَوَاز وضع الحَدِيث فِي التَّرْغِيب والترهيب وَمِنْه مَا رُوِيَ عَن أبي عصمَة نوح بن أبي مَرْيَم أَنه قيل لَهُ من أَيْن لَك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي

فَضَائِل الْقُرْآن سُورَة سُورَة فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت النَّاس قد أَعرضُوا عَن الْقُرْآن وَاشْتَغلُوا بِفقه أبي حنيفَة رَحمَه الله وَمَغَازِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق فَوضعت هَذِه الْأَحَادِيث حسبَة وَقد أَخطَأ الْمُفَسِّرُونَ فِي إيداعها فِي تفاسيرهم إِلَّا من عصمه الله تَعَالَى وَمِمَّا أودعوه فِيهَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَرَأَ {وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى}

قَالَ تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى وَقد أشبعنا القَوْل فِي إِبْطَاله فِي بَاب سَجْدَة التِّلَاوَة وَكَذَا مَا أوردهُ الأصوليون من قَوْله إِذا رُوِيَ عني حَدِيث فأعرضوه على كتاب الله فَإِن وَافقه فاقبلوه وَإِن خَالفه فَردُّوهُ قَالَ الخطايب وَضعته الزَّنَادِقَة ويدفعه إِنِّي قد أُوتيت الْكِتَابَة وَمَا يعدله وَرُوِيَ أُوتيت الْكتاب ومِثله مَعَه وَقد صنف ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمَوْضُوع مجلدات قَالَ ابْن الصّلاح فِيهَا كثيرا من الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة مِمَّا لَا دَلِيل على وَضعه وحقها أَن تذكر فِي الْأَحَادِيث الضعيفة وللشيخ الْحسن بن مُحَمَّد الصغاني الدّرّ الْمُلْتَقط فِي تَبْيِين الْغَلَط

الباب الثاني في الجرح والتعديل

الْبَاب الثَّانِي فِي الْجرْح والتعدِيل وجوِز ذَلِك صِيَانة للشريعة وَبِهِمَا يتَمَيَّز صَحِيح الحَدِيث وضعيفه فَيجب على الْمُتَكَلّم التثبت فيهمَا فقد أَخطَأ غير واحدٍ فِي تجريحهم بِمَا لَا يجرح وَفِيه فصلان الأول فِي الْعَدَالَة والضبط الْعَدَالَة أَن يكون الرَّاوِي بَالغا مُسلما عَاقِلا سليما من أَسبَاب الْفسق وخوارم الْمُرُوءَة والضبط أَن يكون متيقظاً حَافِظًا غير مُغفل وَلَا ساهة وَلَا شَاك فِي حالتي التَّحَمُّل وَالْأَدَاء فَإِن حدث من حفظه ف يَنْبَغِي أَن يكون حَافِظًا وَإِن حدث عَن كِتَابه ف يَنْبَغِي أَن يكون ضابطاً لَهُ وَإِن حدث بِالْمَعْنَى ف يَنْبَغِي أَن يكون عَارِفًا بِمَا يخْتل بِهِ الْمَعْنى

وَلَا تشْتَرط الذُّكُورَة وَلَا الْحُرِّيَّة وَلَا الْعلم بفقهه وعربيته وَلَا الْبَصَر وَلَا الْعدَد. وتعرف الْعَدَالَة بتنصيص عَدْلَيْنِ عَلَيْهَا أَو بالاستفاضة وَيعرف الضَّبْط بِأَن يعْتَبر رِوَايَته بروايات الثِّقَات المعروفين بالضبط فَإِن وافقهم غَالِبا وَكَانَت مُخَالفَته نادرة عرف كَونه ضابطاً ثبتاً الثَّانِي فِي الْجرْح لَا تقبل راوية من عرف بالتساهل فِي السماع والإسماع وبالنوم أَو الِاشْتِغَال أَو يحدث لَا من أصل مصحح أَو يكثر سَهْوه إِذْ لم يحدث من أصل مصحح أَو كثرت الشواذ والمناكير فِي حَدِيثه وَمن غلط فِي حَدِيثه فيبين الْغَلَط فأصر وَلم يرجع قيل تسْقط عَدَالَته قَالَ ابْن الصّلاح هَذَا إِذا كَانَ على وَجه العناد وَأما إِذا كَانَ على وَجه التَّقْصِير فِي الْبَحْث فَلَا تذليل. اعْرِض النَّاس فِي هَذِه الْإِعْسَار عَن مَجْمُوع الشُّرُوط الْمَذْكُورَة

الباب الثالث في تحمل الحديث

واكتفوا من عدالةِ الرَّاوِي بِكَوْنِهِ مَسْتُورا وَمن ضَبطه بِوُجُود سَمَاعه مثبتاً بِخَط موثوق بِهِ وراويته من أصل مُوَافق لأصل شَيْخه وَذَلِكَ لِأَن الحَدِيث الصَّحِيح وَالْحسن وَغَيرهمَا قد جمعت فِي كتب أَئِمَّة الحَدِيث فَلَا يذهب شيءٌ مِنْهُ من جمعهم وَالْقَصْد بِالسَّمَاعِ بَقَاء السلسلة فِي الْإِسْنَاد الْمَخْصُوصَة بِهَذِهِ الْأمة الْبَاب الثَّالِث فِي تحمل الحَدِيث يَصح التَّحَمُّل قبل الْإِسْلَام وَكَذَا قبل الْبلُوغ فَإِن الْحسن وَالْحُسَيْن

وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير تحملوا قبل الْبلُوغ لم يزل النَّاس يسمعُونَ الصّبيان وَاخْتلف فِي الزَّمَان الَّذِي يَصح فِيهِ السماع من الصَّبِي قيل خمس سِنِين وَقيل يعْتَبر كل صَغِير بِحَالهِ فَإِذا فهم الْخطاب ورد الْجَواب صححنا سَمَاعه وَإِن كَانَ دون خمس وَإِلَّا لم يَصح. ولتحمل الحَدِيث طرق الأول السماع من لفظ الشَّيْخ الثَّانِي الْقِرَاءَة عَلَيْهِ الثَّالِث الْإِجَازَة وَلها أَنْوَاع إجَازَة معِين لمُعين كأجرتك كتاب البُخَارِيّ أَو أجزت فلَانا جمع مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ فهرستي وإجازة معِين فِي غير معِين كأجرتك مسموعاتي أَو مروياتي وإجازة الْعُمُوم كأجرت للْمُسلمين وَلمن أدْرك زماني وَالصَّحِيح جَوَاز الرِّوَايَة بِهَذِهِ الْأَقْسَام وإجازة الْمَعْدُوم كأجزت لمن يُولد لفُلَان وَالصَّحِيح الْمَنْع وَلَو قَالَ لفلانٍ وَلمن يُولد لَهُ أَو لَك ولعقبك جَازَ كالوقف وَالْإِجَازَة للطفل الَّذِي لم يُمَيّز صَحِيحَة لِأَنَّهَا إِبَاحَة للرواية وَالْإِبَاحَة

تصح للعاقل وَغَيره وإجازة الْمجَاز كأجرت لَك مَا أُجِيز لي وتستحب الْإِجَازَة إِذا كن الْمُجِيز وَالْمجَاز لَهُ من أهل الْعلم لِأَنَّهُ توسع يحْتَاج إِلَيْهِ أهل الْعلم وَيَنْبَغِي للمجيز بِالْكِتَابَةِ أَن يتَلَفَّظ بهَا فَإِن اقْتصر على الْكِتَابَة صحت الرَّابِع المناولة وأعلاها مَا يقرن بِالْإِجَازَةِ وَذَلِكَ بِأَن يدْفع إِلَيْهِ أصل سَمَاعه أَو فرعا مُقَابلا بِهِ وَيَقُول هَذَا سَمَاعي أَو روايتي عَن فلَان أجزت لَك رِوَايَته ثمَّ يبقيه فِي يَده تَمْلِيكًا أَو إِلَى أَن ينسخه وَمِنْهَا أَن يناول الطَّالِب الشَّيْخ سَمَاعه فيتأمله وَهُوَ عَارِف متيقظ ثمَّ يناوله الطَّالِب فَيَقُول هُوَ حَدِيثي أَو سَمَاعي فارو عني وَيُسمى هَذَا عرض المناولة وَلها أَقسَام أخر الْخَامِس الْمُكَاتبَة وَهِي أَن يكْتب مسموعة لغَائِب أَو حَاضر بِخَطِّهِ أَو يَأْذَن بكتبه لَهُ وَهِي مقترنة بِالْإِجَازَةِ كَأَن يكْتب أجزت لَك أَو مُجَرّدَة عَنْهَا وَالصَّحِيح جَوَاز الرِّوَايَة على التَّقْدِيرَيْنِ السَّادِس الْإِعْلَام وَهُوَ أَن يعلم الشَّيْخ الطَّالِب أَن هَذَا

الْكتاب رِوَايَته من غير أَن يَقُول اروه عني وَالأَصَح أَنه لَا يجوز رِوَايَته لاحْتِمَال أَن يكون الشَّيْخ قد عرف فِيهِ خللا فَلَا يَأْذَن لَهُ السَّابِع الوجادة من وجد يجد مولد وَهُوَ أَن يقف على

الباب الرابع في أسماء الرجال

كتاب بِخَط شيخ فِيهِ أَحَادِيث لَيْسَ لَهُ رِوَايَة فِيهَا فَلهُ أَن يَقُول وجدت أَو قَرَأت بِخَط فلَان أَو فِي كتاب فلَان بِخَطِّهِ حَدثنَا فلَان ويسوق بَاقِي الْإِسْنَاد والمتن وَقد اسْتمرّ عَلَيْهِ الْعَمَل قَدِيما وحديثاً وَهُوَ من بَاب الْمُرْسل وَفِيه شوب من الِاتِّصَال وَاعْلَم أَن قوما شَدَّدُوا وَقَالُوا لَا حجَّة إِلَّا فِيمَا رَوَاهُ حفظا وَقيل لَا يجوز من كِتَابه إِلَّا إِذا خرج من يَده وتساهل آخَرُونَ وَقَالُوا تجوز الرِّوَايَة من نسخ غير مُقَابلَة بأصولها وَالْحق أَنه إِذا قَامَ فِي التَّحَمُّل والضبط والمقابلة بِمَا تقدم جَازَت الرِّوَايَة مِنْهُ وَكَذَا إِن غَابَ عَنهُ الْكتاب إِذا كَانَ مِمَّن لَا يخفى عَلَيْهِ تَغْيِيره غَالِبا الْبَاب الرَّابِع فِي أَسمَاء الرِّجَال الصَّحَابِيّ مُسلم رأى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ الأصوليون

من طَالَتْ مُجَالَسَته التَّابِعِيّ كل مُسلم صحِب صحابياً وَقيل من لقِيه وَهُوَ أظهروالبحث عَن تفاصيل الْأَسْمَاء والكنى والألقاب والمراتب فِي الْعلم الْوَرع لهاتين المرتبتين وَمَا بعدهمَا يُفْضِي إِلَى تَطْوِيل توفّي مَالك بِالْمَدِينَةِ سنة تسع وَسبعين وَمِائَة وَولد سنة ثَلَاث أَو إِحْدَى أَو أَربع وَتِسْعين وَأَبُو حنيفَة رَحمَه الله عَلَيْهِ بِبَغْدَاد سنة خمسين وَمِائَة وَكَانَ ابْن سبعين وَالشَّافِعِيّ بِمصْر سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ وَولد سنة خمسين وَمِائَة وَأحمد بن حَنْبَل رَحمَه الله بِبَغْدَاد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَالْبُخَارِيّ ولِد يَوْم الْجُمُعَة لثلاث عشرَة خلت من شَوَّال سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة وَمَات لَيْلَة الْفطر سنة ستٍ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ بقرية خرتنك

من بُخَارى وَمُسلم مَاتَ بنيسابور سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن خمس وَخمسين وَأَبُو دَاوُد بِالْبَصْرَةِ سنة سبع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَالتِّرْمِذِيّ بترمذ سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَالنَّسَائِيّ سنة ثَلَاث وثلاثمائة وَالدَّارَقُطْنِيّ بِبَغْدَاد سنة خمسٍ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وولِد بهَا سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة وَالْبَيْهَقِيّ ولد سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَمَات بنيسابور سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة تمت الرسَالَة الشَّرِيفَة المنسوبة إِلَى مولان السَّيِّد الْفَاضِل رَحمَه الله عَلَيْهِ

§1/1